|
|
|
الإبادة : هل لا يمكن تفاديها ? !
( الجزء العاشر )
Extermination,
Is It Inevitable?!
(Part X)
| FIRST | PREVIOUS | PART
X | NEXT
| LATEST
|
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Thursday, June 30, 2011].
July 12, 2006: The Seventh War: War Against the Hezbollah Gang!
In Part IX
September
11, 2005: A
HISTORY MADE, AND STILL TO BE MADE: U.S. envisions pre-emption atomic strikes
against terrorist and rogue nations?
…
In Part VIII
February 15, 2005: What’s the difference between the Killer Putin and the Killer Bashar?
In Part VII
April
30, 2004: Torture? What torture?
Our Arab primary schools have much tougher measures!
In Part VI
March
22, 2004: They say the
killed Hamas leader Ahmad Yassin was moving only his tongue. Isn’t it enough?
In Part V
November 16, 2003: In Iraq’s Sunni Triangle, nobody is innocent. What should Civilization do?
In Part IV
August 19, 2003: How to solve the American dilemma in Iraq? The answer is measures that might escalate up to mass extermination! Plus: A proposition of the World Declaration for Protecting the Future!
March
9, 2003: The Nuclear
Promise —Day 365: War against Iraq is anytime this week but still waiting for
the big event [A symbolic entry in English].
June 25, 2002: George W. Bush orders: No More Arafat! This time it seems final.
June 4, 2002: Palestinians accept all Sharon peace conditions. The only problem is they’re too old and it’s a too late surrender!
June 2, 2002: Would the nuclear inferno begin in Kashmir?
May 12, 2002: The dream of a Palestinian state vanished today… officially!
April
30, 2002: First signs of what
would be the ‘New Arab Order’!
April 20, 2002: War trials for the victorious. Our World Order biggest joke, ever!
April
18, 2002: E.T. Goes Intifada. Our Arab
media biggest joke, ever!
April 17, 2002: A HISTORY MADE: The first articulate and direct intimidation ever from an American President to what so called moderate Arab states!
In Part III
April 10, 2002: PALESTINE LIBERATED!
April 4, 2002: LEBANON LIBERATED!
March 29, 2002: Full Israeli invasion. Is it at last a real war against Intifada and its lords? We just hope!
In Part II
March 14, 2002: Nuking Mecca. What an idea, but …!
In Part I
February 21, 2002: Sharon surrenders to Palestinian terrorism!
February 19, 2002: A generous initiative from Saudi
Crown Prince Abdullah. But could the Arab rejectionist front appreciate it!
December 20, 2001: A HISTORY MADE: Syria isolated absolutely alone in the Arab League!
December 12, 2001: Arafat days have been numbered.
November 20, 2001: The first evidence of the all-original 21st Century’s systemized extermination: Donald Rumsfeld orders ‘No Prisoners!’
September, October 2001: New Page to cover the tragic events which put world at
war, or almost!
April 18, 2001: Arab Analysts say Colin Powell forced Israel out of Gaza. We say the good general is just an outsider who knows nothing about the new U.S. strategy.
February 26, 2001: If you know a way other than the Neutron Bomb
that can stop Taliban from destroying Buddhas, please contact us. It’s URGENT!
February 16, 2001: Some good news: Egypt’s Foreign Affairs Mininster Amr Moussa dismissed... AT LAST!
December 28, 2000: Add the new year’s tune to your favorites: Middle East War Drums!
December 18, 2000: This separate page was launched to answer this: What’s best for reading the future: reading the present, reading the past or reading the future?!
December 4, 2000: Israel’s Mr. Deep Blue, aka Benjamin Netanyahu, to be or not to be [back]?
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء 2 ، جزء 3 ، جزء 4 ، جزء
5 ، جزء 6 ، جزء 7 ، جزء 8 ، جزء 9 ) :
الحرب السابعة : اليوم الأول : 12 يوليو
2006 : هل هى الحرب
الإسرائيلية‑العربية السابعة ؟ لا نعرف بعد ، لن نستبق
الأحكام ، وقد نعدل عن العنوان فى الساعات القادمة . مبدئيا هذه بالأصل حرب أهلية لبنانية ، وها
هى إسرائيل أقحمت فيها ، لحظة أن وصل ما يسمى بالحوار الوطنى لنقطة الجوهر ،
سلاح منظمة حزب الله الإجرامية . مبدئيا أيضا ، لكن فى المقابل ،
هى حرب أوسع مجالا من أن تكون إسرائيلية‑حزب اللاوية . هى حرب بين
معسكر الحضارة بمجمله بقيادة الولايات المتحدة ، وبين معسكر المروق وقطع
الطريق بمجمله بقيادة إيران . كل ما هنالك أن معسكر القرصنة والهزيمة
الحضارية قد اختار الزمان والمكان لهذه المواجهة الموشكة على الانفجار . مع
وضع كل هذه الأمور فى خلفية البال ، نقول تقانيا تعريف الحرب الإسرائيلية‑العربية ،
هو الصدامات التى يتم فيها استدعاء الاحتياطى فى إسرائيل . ثمة 6 حروب
سابقة واضحة : 1948 ، 1956 ، 1967 ، 1973 ،
1982 ، وأخيرا 2002 ، الحرب على الانتفاضة التى غطاها موقعنا يوما
بيوم فى حينه فى ذات هذه الصفحة .
( تلك إذا ما تحقق ذلك ستكون الحرب الثالثة فى عمر موقعنا التى سنقدم لها
متابعة تحليلية ساعة بساعة ، إن أضفنا بالطبع الحرب على عراق صدام حسين سنة
2003 ) . ما حدث حتى اللحظة هو استدعاء
لوائين فقط من ألوية الاحتياط . السبب الأهم الذى يدعونا للتريث فى إعلانها
حربا سابعة ، هو وجود ذلك المدعو إيهود ’ الخيخة ‘ أولميرت على
رأس السلطة فى إسرائيل . لا هو ( ولا طبعا وزير دفاعه عمير پيريتس
السفرديم من حزب الكدح وكبير بلطجية الهستدروت سابقا ) ، يجيدون
الحرب ، أو يجيدون أى شىء . ربما فقط ما يجيده أمثال هؤلاء اليساريين
دعاة ما يسمى بالسلام ، هو الإنسحابات الذليلة . أيضا لن نستبق
الأحكام ، وسننتظر لنرى ! من نافلة لقول أن نذكر أن كل ما
يحدث منذ أسبوعين قد سبق وتنبأنا به حرفيا . فى نفس هذه الصفحة تعجبنا من
فكرة الجدار الأمنى ، وقلنا
إن هناك شىء اسمه صواريخ وشىء اسمه أنفاق ، وهذا ما حدث حرفيا باختطاف حماس
وشركاها لجندى إسرائيلى من خلال حفر نفق عبر أسوار غزة قبل أسبوعين . أيضا
سخرنا من فكرة الإنسحاب
أحادى الجانب ، وهذا أيضا ما حدث حرفيا ، سواء من خلال صواريخ
وأنفاق غزة ، أو من خلال صواريخ واختراقات عصابة حزب الله ، التى
اختطفت جنديين إسرائيليين اليوم ، بما ينذر ببشائر حربا سابعة . أيضا
قلنا إن حتى معاهدات السلام نفسها لا جدوى منها قبل أداء الواجبات المنزلية
أولا ، والمثال واضح ممثلا فى أوسلو وعرفات ومن بعدهما حماس فى مقابل تخاذل
شارون وسعيه الأخرق للقب رجل السلام ، والنتيجة ارتداد كل الأسلحة لصدور
الإسرائيليين . بعبارة أخرى أقدم ، لن تستطيع إسرائيل ، ولا
الحكومات والشعوب العربية الحداثية التنموية ، أن تنام هادئة قبل القضاء
على كل قوى الظلام والماضوية والديماجوجية ، أيا ما كان اسمها ، الجمهوربة الإسلامية ، حماس ، الأخوان المسلمون ،
القذافى ، البشير ، الجرذ الدمشقى … إلخ
… إلخ . كل ما يمكن أن نقوله حتى اللحظة
أن لو توافرت لدى إسرائيل الإرادة السياسية ، فإن حزب الله يكون قد وضع
المسمار الأخير فى نعشه اليوم . من ناحية قرار الاختطاف قرار مجنون ،
لسبب بسيط أنه يأتى فى ذروة مواجهة مع الفلسطينيين الذين اختطفوا جنديا
إسرائيليا قبل أسبوعين ، وكأن حزب الله يهتف بابتهاج داعيا الجميع
’ يا للا يا شباب خطف يهود ! ‘ ، وهذا مما لا يمكن أن تسكت
عليه قطعا . ولو كان الاختطاف قد تم بعيدا عن هذا التوقيت لربما كان الرد
الإسرائيلى أهون كثيرا . من الناحية الأخرى هو يعلم أن الخناق يضيق عليه
شيئا فشيئا . يفقد جماهيريته داخل لبنان ، ما يسمى بالحوار الوطنى وصل
لقدس الأقداس ، لنزع سلاحه ، ولا وسيلة إلا هدم المعبد على
الجميع . كذا هو يتدهور فى منظور البلدان العربية والإسلامية ، بالذات
بعد الحرب الأهلية المذهبية الصريحة فى العراق . كذا يعلم أن ثمة قرارات
دولية بنزع سلاحه ، وإجماعا دوليا بتصنيفه كمنظمة إرهابية ، وأن الأمر
سيفضى إن آجلا أو عاجلا بقرار لبنانى يجهض بلطجته واختطافه لإرادة الشعب
اللبنانى ، لحساب أچندته المقدسة ، ولحساب أسياده أو حلفائه سمهم ما
شئت ، فى دمشق وطهران ممن أفلتت أعصابهم اليوم لقرار
مجموعة الثمانية بإحالة ملفهم النووى لمجلس الأمن ، فأصدروا على عجل
الأوامر بالعملية تذكيرا للعالم بما يسمونه قدرتهم على زعزعة استقرار العالم
كله ، وأخيرا تعلم العصابة الإرهابية اللبنانية أن أحدا لن يسمح بأن تزهق
آلاف الأرواح وتدمر بلايين الدولارات من اقتصاد شعوب تعانى ، لا لشىء إلا
ليضمن الضفدع الأخنف حسن نصر الله ، مكانا له فى الجنة ( لو تزور
موقعنا للمرة الأولى ، نحيلك هنا وهنا وهنا للأماكن التى ظهرت فيها
للمرة الأولى على موقعنا تسميات مثل الجرذ الألثغ أو الضفدع الأخنف أو نقيب
العربجية ! ) . لكل هذه الأسباب ، قرر
الضفدع أن يقوم بدور شمشون لمرة أخيرة فى حياته . لينزع السلاح وليقتل كل
أعضاء العصابة الإجرامية ، لكن لنأخذ معنا آلاف الأبرياء من
اللبنانيين ، ولتأخذ موسم اصطياف سياحى كامل يقتات عليه الشعب عاما
طويلا . ففى النهاية هؤلاء الـ 14 آذاريون وكل بتوع البيزنس والتنمية
والكلام الفارغ الكافر ده كله ، إما مسيحيون صرحاء وإما عملاء لأميركا
المسيحية وإسرائيل اليهودية ، ويحق أن يشن عليهم الجهاد ! فقط نذكر أن نظرية انتحار الضفدع
هذه لا نطرحها هنا للمرة الأولى ، بل فى الواقع ما حدث اليوم هى تصعيد
لإجرائية انتحار بدأت بالفعل حسب
نظريتنا يوم أعلن موقفه المعادى لـ 14 آذار ، أو للدقة موقفه الذى أدى
إلى 14 آذار . حيث أخرج قبل 14 آذار بعدة أيام مظاهرته التعيسة لاستعراض
القوة ولدعم بشار وبأوامره ، فإذا بالشعب اللبنانى يرد عليه بمظاهرة
الملايين فى يوم 14 آذار الشهير . فى ذلك اليوم الذى أعلن فيه عن مظاهرته
تلك ، كتبنا نقول إنه كتب شهادة انتحاره بنفسه ، وإنه لم يعد له
مستقبل سياسى أو غير سياسى . حتى تسمية الضفدع الأخنف ولدت فى ذلك
اليوم ، حيث كنا قبل ذلك
نسميه صرصور الله أو صرصور الليل أى الجدجد ، فقط لصريره المزعج . أما
منذ تلك اللحظة ، لم يعد نصر الله مجرد شخص جعجاع منفوج الأوداج ، بل
شخص جعجاع منفوج الأوداج قرر الانتحار . صار ضفدعا ينعق بصوت مزعج عالى
وأحنف نعم ، لكن فى نفس الوقت تغلى المياه تحته دون أن يشعر ودون أن
يقفز ، ذلك حتى يموت سلقا . ما حدث اليوم هو فقط أنه بحركة رعناء
تماما جعل الموقد تحته أقوى استعالا ألف مرة من كل لحظة سابقة . النكتة فى كل هذا أن هؤلاء
اللبنانيون جميعا يعلمون أن لا علاقة للأمر بالمرة بما يسمى بالمعتقلين
اللبنانيين فى سجون إسرائيل . ويقولون إن لطالما كان بوسع السيد نصر الله
أن يسترجعهم جميعا منذ سنوات لو قبل تسليم رفات الطيار رون آراد لإسرائيل .
الأدهى أن إسرائيل لا تعترف سوى باثنين وليس حتى أربعة كما تزعم عصابة حزب
الله ، وواحد من الاثنين سيفرج عنه بعد شهور ، ومن ثم يسمى اللبنانيون
هذه الحرب بحرب الإفراج عن سمير القنطار ، أو حرب أرواح كل اللبنانيين ثمنا
لسمير القنطار ، أو إلى أين سيذهب سمير القنطار إذا هدمت كل لبنان
… إلى آخر هذه المفارقات التى يتندرون بها . لكن قطعا ذلك السلام
والهدوء وغلق ملفات الصراع هو آخر شىء يريده . هو ‑وسادته فى دمشق
وقم‑ متخصصون فقط فى فتح الملفات ، مع دعوة الجميع لدفع الثمن نيابة
عنهم !
إن سر الغضبة الإسرائيلية
والعربية والعالمية المفاجئة الهائلة على فعلة حزب الله ، هى ردة فعل
سيكولوچية على الأقل ، أو ما يمكن تسميته غضبة الخديعة على طريقة
’ سكتنا له دخل بحماره ‘ . بعد ماراثون طويل من ’ الحوار
الوطنى ‘ اللبنانى الداخلى ، ومن إمهال المجتمع الدولى للسلطة
اللبنانية للدخول فى حوار معه لنزعه سلاحه ، كانوا يتخيلون أنه يريد حفظ
ماء وجهه لا أكثر مع قبول قرارات الأمم المتحدة أو قرارات الطائف هذه . فإذا
بهم يكتشفون فجأة أن الأچندات لا تزال على ما هى عليه ، بل أسوأ من كل
سيناريوهات أو طموحات سابقة . ولا غرابة ولا جديد فى تقتية تفجير كل شىء من
خلف الظهر حين يضيق خناق خيار التنمية والبناء على رقبة الإجرام والدمار .
قبل أربعة أعوام وفى إطار الحرب الأهلية المزمنة بين فتح وحماس ، قررت هذه
تفجير مبادرة الملك عبد الله للسلام الإسرائيلى‑العربى الشامل ،
وببساطة تسببت بعملية انتحارية استعراضية كبرى داخل إسرائيل فى كل الحرب السادسة
على عرفات والانتفاضة . مرة أخرى ، وفى إطار ذات الحرب الأهلية ،
تقرر حماس قبل أسبوعين تفجير ما سمى بوثيقة الأسرى واعترافها فيها
بإسرائيل ، تلك التى توصل لها معها محمود عباس . فتختطف الجندى جلعاد
شليط ، وينفجر فى لحظة كل أفق للتسوية الداخلية والخارجية . الآن كل
ما فعله حزب الله حين ضاق عليه خناق ’ الحوار الوطنى ‘ فى إطار حربه
الأهلية المؤبدة مع بقية الشعب اللبنانى ، أن اختار السير على الأسوة
الحسنة لأهل السنة والجماعة ! اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم الثانى : 13
يوليو 2006 : ما يستحق وقفة اليوم شيئان على
الأقل : صاروخان متوسطا المدى سقطا على حيفا وأعلن حزب الله تبرأه
منهما ، والموقف السعودى الذى يحمل إدانة لا لبس فيها لحزب الله . هل تعرف لماذا يتبرأ حزب الله من الصاروخين ؟ القصة
بدأت بتهديد منه بقصف حيفا لو تم استهداف مركزه أى ما يسمى بالضاحية الجنوبية فى
بيروت . ثم بعد ذلك استشعر أن إسرائيل قد لا تأخذ كلامه على محمل
الجد ، فأرسل الصاروخين ، لكن مع التبرؤ منهما . إذن الصاروخان
ليسا رسالة تصعيد ، بل رسالة استسلام أو على الأقل تهدئة . هذا لا
يعنى أن الهدف الرئيس للمحور الإيرانى‑السورى‑البيروتى‑الغزاوى
ليس تدمير لبنان واقتصاد لبنان ، عقابا له على التمرد على الهيمنة
السورية . بالعكس أول ما ضرب اليوم كان مطار رفيق الحريرى الدولى ،
وكأن حزب الله لم يكتف باغتيال الحريرى مرة ، بل مائة مرة ، ممثلا فى
تدمير كل منشأة بناها على أرض لبنان فى حياته . فقط ما حدث هو أن أخوك
الضفدع ’ المشهور بحساباته الدقيقة ‘ ، قد اكتشف أن الغضبة
الإسرائيلية أكبر بكثير مما توقع ، أو أن إيران قد غررت به وأوهمته برد فعل
إسرائيلى مختلف ، أو بعبارة أخرى أن شمشون ربما ضعف وقرر التراجع عن
الانتحار فى اللحظة الأخيرة . على فكرة أنا لست مع من يقولون إن عملية حزب
الله ستلفت الأنظار بعيدا عن ملف إيران النووى . ربما بالفعل يكون هذا هو
تفكير إيران أو ’ حساباتهم الدقيقة جدا ‘ كما يحبون أن يقولوا عن
أنفسهم ، لكن المؤكد أن ما سيحدث هو العكس بالضبط ، وأن سينكشف تطرفهم
ومروقهم فى عيون العالم بأسره ، وستنفتح أبواب جهنم عليهم أكثر
وأكثر . الفكرة أن الضفدع البيروتى يعتقد أنه كما أن أفراصه
ترتعد فى مخبإه القذر فى بيروت ، فإن إخبار إسرائيل بأن لديه صواريخ
إيرانية تطال حيفا ، سيجعل إسرائيل ترتعد أفراصها أيضا . إن كل ما
يفعله لا جديد فيه ، لعبة يسميها ’ توازن الرعب ‘ ، عن أى
رعب يتحدث ، حقا لا أعرف ! إنها نفس اللعبة التى اخترعها عبد
الناصر ، أو عفوا ، اللعبة التى تعلمها عبد الناصر من شارل
ديجول ، ومن كل تراث القراصنة وقطاع الطرق فى التاريخ ، وعلى رأسهم
العرب والمسلمين . لعبة التنغيص ( أو كيد النسا كما أسميناها مؤخرا ) ، واللعب على الحبال
وتناقضات الأطراف الأخرى . لعبة نجحت مع ناصر مرة فى 1956 ليس لفضل له فى
ذلك إنما لأنها كانت لحظة تسليم وتسلم قيادة العالم من بريطانيا لأميركا .
ثم جربها ثانية فى 1967 متخيلا أن إسرائيل ستجثو راكعة تتوسل منه إعادة فتح
المضايق حتى لا تموت جوعا . إنها لعبة التهديد الأجوف واللعب على أن لدى
الطرف الآخر بعض الأخلاقيات والقيم لن يتخلى عنها ، ومراهنات سافلة لا
نهائية من هذا النوع . أيضا ثمة وجه شبه آخر مع ناصر ، هو اعتقاد حزب
الله أن صواريخ القاهر والظافر التى يملكها ، أو حتى الأطول مدى التى
تملكها طهران وأعطتها له ، ستجعل إسرائيل ترتعد فى سراويلها . إنها
مجرد لعب عيال يفرقع فى الإعلام أكثر مما يفرقع على الأرض ، مجرد عيدان
كبريت أجزم أن لدينا فى شوارع القاهرة مطبات أكبر حجما بكثير مما يفعله أى صاروخ
منها مما كتب عليه صنع فى إيران . هل تعرف كم كيلو كان يستخدمها الراحل الزرقاوى فى
السيارة الواحدة من قوافل السيارات التى يفجر بها كل مسجد شيعى : 1000 كيلو
جراما ، وفى قول آخر 2500 كيلوجراما ! هل تعرف وزن القنبلة الواحدة
التى تلقى بها الطائرات الإسرائيلية المحملة كل منها بالعشرات منها : 1000
كيلو جراما ، وفى قول آخر 2500 كيلوجراما ! هل تعرف ما هو وزن الرأس
المتفجر فى تلك صواريخ الكاتيوشا تلك : 25 كيلو جراما ، وفى قول آخر
20 كيلوجراما . هل ترانا نبالغ أو نسخر حين نقول عيدان كبريت . فقط لو
أنت من الجيل الجديد أو لست مصريا ، نذكرك بقصة صواريخ القاهر والظافر الناصرية تلك . كانت صواريخ خشبية ظلت تظهر لسنوات فى الاستعراضات
العسكرية ، بينما الصواريخ الحقيقية فكما تقول الأسطورة انفجرت تسعة منها
فى منصاتها أمام عينى عبد الناصر شخصيا ، والعاشر الذى انطلق ضل طريقة حتى
سقط فوق مدينة المنصورة ! أما لو سألتنى عن الفارق بين القاهر
والظافر ، سأجيبك بما تقوله الأسطورة : كانوا يحشون أحد الطرازين
بنشارة خشب ناعمة ، والآخر بنشارة خشنة ! طبعا ستبدأ آلة الإعلام العربى الجنهمية فى الولولة
من القصف الإسرائيلى الوحشى إلى آخر تلك القصة المملة . نود فقط أن نستبق
ذلك بتذكيرهم أن صواريخ الكاتيوشا هى فى حد ذاتها جريمة حرب . لو أنت
أطلقتها مثلا على مظار عسكرى داخل مدينة ما ، بل وحتى لو أصابت ذلك المطار
فعلا ، فأنت قد ارتكبت جريمة حرب . السبب أنها ليست صواريخ
أصلا ، بل ما يسمى قذائف صاروخية . ومن المحظور تماما إطلاقها على
المدن ، لأنها غير دقيقة بالمرة . والمسوح به فقط استخدامها فى ميادين
القتال المكشوفة ، كحرب دبابات مثلا ، وطبعا لم يعد أحد يستخدمها فى
حالات كهذه .
نعم القذائف الصاروخية تشتغل بمحرك صاروخى يعتمد
على نظرية الدفع الصاروخى ، لكن الصواريخ شىء آخر . هى تستلزم
بالضرورة التوجيه بعد الانطلاق ، بينما القذائف الصاروخية تتحول بمجرد
مغادرتها لمنصة الإطلاق ، لقذيفة تتقاذفها الرياح ذات اليمين وذات اليسار
كأى قذيفة مدفعية عادية . أما الصواريخ فتحتاج على الأقل رادارت لمتابعة
موقع الصاروخ وتوجيهه لحظة بلحظة ، والآن يستلزم الرصد والتابعة عبر
الساتيلايت ، إن لم يكن تثبيت كاميرا فى مقدمة الصاروخ نفسه ، إن لم
يكن به هو نفسه نظام توجيه ذاتى نابه smart . كلنا يعلم أن حتى
أدنى تلك الوسائل وهو الرادارت قد تم قصفها ، وبالتالى ما يمكن اعتباره
صواريخا بمعنى الكلمة فى ترسانة حزب الله المستوردة من إيران ، قد بات جثثا
هامدة على الأرض من قبل أن يبدأ أى شىء . باختصار عن أية حسابات دقيقة يتحدث هذا المسكين ، وهو يلاعب ذيل نمر نووى
يعتبره العالمان الحضارى والمتحضر معا ، درة التاج فى جبين
الإنسانية ؟ إسرائيل التى بهرت الكل لأنها نجحت فيما فشل فيه الجميع :
زرع بذرة مستدامة للحضارة فى الأرض الخراب ، بلاد العرق السامى المسماة
الشرق الأوسط . قبل أن تصل إسرائيل لنقطة الهزيمة أو ’ إزالتها من
الوجود ‘ التى يحلم بها ، وهى مستحيلة فى كل الأحوال ، فهى سوف
تستخدم أسلحتها النووية . ولها كل الحق أخلاقيا وقانونيا فى هذا ، ضد
فريق ليس له معسكرات ولا زى ولا سلاح ظاهر ولا أى شىء مما تتحدث عنه اتفاقيات
چينيڤ فيما يسمى بمقاومة الاحتلال ( الذى هو حتى غير موجود أصلا فى
الحالة اللبنانية ) . الأرجح من ذلك ، أنه قبل أن تضطر إسرائيل
لاستخدام ترسانتها النووية ، ستهب كل جيوش بلاد الحضارة والتحضر
لنجدتها . فعلى أية ’ حسابات دقيقة ‘ يعتمد ضفدعنا . هل
يعتمد ربما على الشارع العربى ؟ …
القضية الثانية هى الموقف السعودى ، الذى صدر اليوم .
هو تكرار أقل خجلا للموقف المصرى أمس ، حيث نقل عن الرئيس مبارك
قوله ، إنه كان يحرز تقدما فى أزمة المختطف لدى حماس وفك حصار غزة
’ لولا أن دخل طرف آخر على الخط ‘ . الموقف السعودى
( المأخوذ حرفيا تقريبا من مقال قبل
أيام للكاتب السعودى الشجاع عبد الرحمن الراشد رئيس قناة العربية حول هل
استشار الفلسطينيون العرب الذين يستنجدون بهم قبل اختطافهم للجندى
الإسرائيلى ) ، ذلك الموقف السعودى الرسمى يدين ’ المغامرات غير
المحسوبة ‘ التى قام بها ’ طرف من داخل لبنان ‘ ، وأن هذا
الطرف ’ الذى لم يستشر حكومته ولم يستشر بقية العرب ‘ ، عليه
وحده ’ عبء إنهاء الأزمة التى أوجدتها ‘ ، أو حسب السياق الأكمل :
’ الوقت قد حان لأن تتحمل هذه
العناصر وحدها المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات غير المسئولة وأن يقع عليها
وحدها عبء إنهاء الأزمة التى أوجدتها ‘ . لا أشكك أن سيكون لهذا الكلام رغم أنه جاء فى وقت
متأخر ليلا ولم تتح له فرصة التفجر الكامل اليوم ( ولعله أمر
مقصود ) ، لا أشكك أنه سيكون زلزالا سيهز الكثير من الثوابت العربية ،
وعلى رأسها الحكمة القبلية البدوية العربية الأكبر ، أنا وأخويا على ابن عمى ، وأنا وابن عمى ع
الغريب . هذه هى المرة الأولى التى يدخل فيها
العرب حربا مع إسرائيل دون تأييد كلامى كاسح من الجميع ، على الأقل
بالطريقة القديمة الأشهر ’ سنحارب
إسرائيل حتى آخر جندى مصرى ‘ ( الآن أصبح
الشعار ’ سنحاربها حتى آخر ليرة
فى جيب آخر لبنانى ! ‘ ) . مبدئيا
نشدد على أن البيان لا يميز بين حزب الله الشيعى وبين حماس السنية ، ويتحدث
عن كليهما ويدينهما سواء بسواء وسطرا بسطر . هذا مهم ولا بد من تقريره
وتحيته ، لأنه ينحى بوضوح الكثير من اللبس والجدل والماء العكر الذى يمكن
أن يصطاد فيه البعض ، أو ينفذ منه للتهوين من أهمية هذا الموقف
الشجاع . أيضا نضيف أن هذا الموقف ليس جديدا من حيث
فحواه . بمعنى أن الكل يعلم أنه
لو حدث وألقت إسرائيل قنبلة نووية على غزة أو على دمشق أو على الجنوب اللبنانى ،
سيستيقظ الرئيس مبارك أو الملك عبد الله الثانى أو الملك عبد الله موش الثانى أو
فؤاد السنيورة أو محمود عباس ، وقد شعروا بارتياح عميق . مع ذلك نقول
إننا لم يحدث أن حصلنا علنيا أبدا على مثل هذا الموقف السعودى الجاد بل شبه
المفاجئ المعادى لحماس وحزب الله ، والذى قطعا ’ سيشق الصف
العربى ! ‘ . ولأن هذا البيان السعودى على كل ما فيه من إيجاز
و’ توازنات ‘ أو حتى غموض ، قد يصبح كرة ثلج متدحرجة قابلة
للنمو ، بل ‑ومن يدرى‑ قد يصبح علامة فارقة بين مرحلتين فى التاريخ العربى المعاصر ، فإننا نقدم هنا نصه الكامل على سبيل الوثيقة : ’ إن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال تؤمن بحق الشعوب
الواقعة تحت الاحتلال فى مقاومة هذا الاحتلال بجميع أشكاله ورفض ِإجراءاته غير
الشرعية الرامية ِإلى طمس الهوية وتغيير الوقائع على الأرض . ومن هذا
المنطلق كانت المملكة تقف دوماً وبكل إمكاناتها مع المقاومة الفلسطينية المشروعة
التى تستهدف مقاومة الاحتلال العسكرى وتجنب إيذاء الأبرياء . ومن المنطلق
نفسه وقفت المملكة بحزم مع المقاومة فى لبنان حتى انتهى الاحتلال الإسرائيلى
للجنوب اللبنانى . والمملكة إذ تستعرض بقلق بالغ الأحداث المؤلمة الدامية
التى تدور الآن فى فلسطين ولبنان تود أن تعلن بوضوح أنه لا بد من التفرقة بين
المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة التى تقوم بها عناصر داخل الدولة
ومن وراءها ، دون رجوع إلى السلطة الشرعية فى دولتها ودون تشاور أو تنسيق
مع الدول العربية ، فتوجد بذلك وضعاً بالغ الخطورة يعرض جميع الدول العربية
ومنجزاتها للدمار دون أن يكون لهذه الدول أى رأى أو قول . إن المملكة ترى
أن الوقت قد حان لأن تتحمل هذه العناصر وحدها المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات
غير المسئولة وأن يقع عليها وحدها عبء إنهاء الأزمة التى أوجدتها ‘ . … لكن هل
الموقف السعودى قوى حقا ؟ الحقيقة ببساطة هى لا . جرئ نعم ، قوى
لا . لا يزال يتحدث عن شىء اسمه المقاومة المشروعة .
موقفنا فى هذا معروف . لا شىء
اسمه مقاومة مشروعة . وتعريفنا نحن للإرهاب كما
ورد فى ترويسة صفحة سپتمبر ، يحل كل
الإشكاليات أصلا . كل فعل غير
ودى من المتخلف تجاه المتقدم هو إرهاب ، ولا علاقة للأمر بالسلاح
أصلا ، وجاندى لم يحمل قطعة سلاح واحدة فى كل حياته ، لكنه كان أعظم
إرهابى عرفه التاريخ . لن نستطرد كثيرا . دعك
من تعريفاتنا المختلة عقليا أو قوانيننا نحن الخاصة ، ولنتحدث بلغة القانون
كما يعرفه الجميع . 1- قانونا سبق وأقدمنا فى موقعنا هذا على مغامرة غير مسبوقة فى التاريخ
الإنسانى ، هى أن قررنا قراءة ما تقوله اتفاقيات چينيڤ التى تتحدث
عنها كل الألسنة وتلوكها قناة الجعيرة طوال
الوقت ، كل ذلك دون أن يقرأها أحد . وكانت النتائج مفاجئة ، حتى لنا
نحن أنفسنا .
2- قانونا أيضا وكلامنا هذا مستهلك وقديم ، إسرائيل نفذت كل التزاماتها تجاه ’ الاتفاقات
الموقعة ‘ . أوسلو قالت يحصل الفلسطينيون على حكم ذاتى لغزة وأريحا
مقابل إلقاء السلاح للأبد ، ولو أرادوا شيئا آخر فهو يخضع بالكامل لأريحية
إسرائيل عبر طريق واحد اسمه المفاوضات . بما يعنى أنه يمكن أن لا يحصلوا
على أى شىء ، وينتهى الأمر عند غزة وأريحا . الحقيقة المذهلة أن إيهود
باراك عرض عليهم كل شىء فعلا ، لكنهم رفضوه ! بالمثل حتى 242
نفذته . هو يقول فى مقدمة المبادئ عدم جواز احتلال الأراضى بالقوة ،
لكن فى البنود الملزمة يقول الانسحاب من ’ أراض ‘ ، بما يضمن
لإسرائيل ’ حدودا آمنة ومعترفا بها ‘ . كيف يتم هذا ،
الإجابة فى القرار نفسه : ’ التفاوض ‘ . بالتفاوض وحده
سيتحدد المقصود بكلمة ’ أراض ‘ تلك . هى حسب نص القرار تحتمل
إعادة ما بين صفر إلى 99 0/0 من الأراضى من أجل أن تكون
الحدود الجديدة ’ آمنة ومعترفا بها ‘ . فى حالة مصر ، وهى
حالة فريدة للغاية ولن تتكرر ، وصلت النسبة إلى 100 0/0 ،
من ناحية بسبب الثقة الكبيرة المتبادلة بين البلدين ، زائد بعض الإجراءات
والضمانات الأمنية على الأرض . إسرائيل لم ترفض التفاوض يوما ، ومن
أراد السلام الصادق الجاد صافى النوايا ( كمصر والأردن ) منحته
إياه ، ومن أراد الحرب ( كعرفات
وحزب الله ) منحته إياها ، ومن أراد المناورة أو التفاوض حتى يوم
القيامة ( كجرذى دمشق الأب والابن ) ،
لم تمنحه شيئا ! رسميا وقانونيا طالما لم ترفض التفاوض فهى قد نفذت
القرار ، حتى لو كانت هى المتعنتة فى طلباتها وليس العرب . ورسميا
وقانونيا يكون 242 قد نفذ ، ويبقى الوضع بعد ذلك على ما هو عليه : لا
سلم ولا حرب ! 3- قانونا ثالثا ، إسرائيل نفذت كل المطلوب منها فى خارطة الطريق . ما أوقف الأمور أن وصل التنفيذ للسطر الذى يقول نزع سلاح
المنظمات الفلسطينية ، وفشلت السلطة الفلسطينية فى تنفيذه ، وانتهى كل
شىء ، وتجمد المشروع للأبد .
4-
قانونا رابعا إسرائيل انسحبت رسميا
من كل التراب اللبنانى ، ونفذت قرارا اعتقد أنه من
سنة 1978 ورقمه 425 أو شىء كهذا . من يعرقل عودة مزارع شبعا ليس إسرائيل ، إنما سوريا وحزب
الله . سوريا تتكلم علنا عن أنها أرض لبنانية ، لكنها ترفض توقيع ورقة
واحدة بهذا المعنى ، بل رسميا الورقة الوحيدة الرسمية الموقعة باسمها
والمودعة بالأمم المتحدة بعد حرب 1967 تقول مزارع شبعا سورية ، أكرر :
سورية . هل تعرف لماذا ؟ لأنهم ليس فقط لا يعترفون بلبنانية
المزارع ، بل لأنهم لا يعترفون أصلا بدولة اسمها لبنان . المشكلة فى
التوقيع على ورقة تقول إن شبعا ملك لبنان ليست أنها ستعيد شبعا للبنان ،
إنما المشكلة أتها ستضطر لذكر كلمة لبنان أصلا . كل دول العالم بما فيها
إسرائيل ، 200 دولة ، تعترف بلبنان وحكومته . دولة واحدة فقط
ترفض الاعتراف بلبنان ولا إرسال سفراء إليها ، هى سوريا . إنها تراه
مجرد كيان انفصالى مسيحى تمرد على حكم خلافة الشام ، على سلطة الأقلية
العلوية الشيعية الحاكمة فى دمشق . أخيرا قبل كل هذا وبعده ، نحن
جميعا ، من أسذج إنسان فى العالم حتى أرفع سياسى فيه ، يعلم تمام
العلم ، أنه يوم تسلم إسرائيل مزارع شبعا للبنان ، سيجتاحها الجيش
السورى فى الصباح التالى ! 5- قانونا خامسا ، وحتى نفكك حجة ما يسمى بالأسرى أو المعتقلين ، لبنانيين أو فلسطينيين أو أى شىء . حتى لو هم أسرى قانونيون
جدا طبقا لاتفاقيات چينيڤ ، فأنت لا تستطيع استرداهم إلا باتفاقية
سلام أو على الأقل بإعلان إنهاء حالة الحرب . والحقيقة أنهم ليسوا كذلك
طبعا ، لم يصنفوا يوما كأسرى حرب ( أى حرب وأين الجيش ؟ فى حدود
علمى لم تعلن أية دولة الحرب رسميا منذ 1973 حتى يكون لديها عندها أسرى .
إسرائيل ليس لديها أسرى من حيث المبدأ . ليس لديها ولو أسير واحد من أية
جهة كانت . الأسرى أنت تمسكهم بزيهم وسلاحهم ، تضعهم فى معسكر ،
تقدم لهم الطعام ، لا تجبرهم على الشغل ، وحتى لا تستجوبهم ،
ناهيك طبعا عن أن تحاكمهم أو تعاقبهم ! ) . ما لدى إسرائيل هم ‑وهم فقط‑ مجرمون
جنائيون قدموا لمحاكمة جنائية ( تحديدا اثنان وسيفرج عن أحدهما فى
2007 ، والآخر المدعو سمير القنطار قتل أسرة يهودية مسالمة بدم بارد فى
بيتها ) . كل هؤلاء وغيرهم أيا كانت جنسيتهم ، وقفوا أمام قاض
يرتدى عباءة سوداء ، ووقف إلى جانبهم محام يرتدى عباءة سوداء ، وثبت
أنهم خرقوا مادة معينة فى القانون الإسرائيلى ، والآن يقضون فترات
عقوبة ، لا أكثر ولا أقل . ومن ثم أنت لا تستطيع استردادهم إلا
بمعاهدة لتبادل المجرمين ، أو ربما على أقل تقدير ببند خاص فى اتفاقية سلام
نهائية . أما ما تريده حماس وحزب الله ، وهو استرداد هؤلاء القتلة من
أجل إعادة تسليحهم وإرسالهم للقتل من جديد ، فهذا مما لا يقبل به عاقل واحد
فى العالم . 6- وقانونا سادسا وحتى نفكك أيضا حجج ما يسمى بخرائط الألغام أو كذا الاختراقات
الجوية . أنت تنمى منظمة تعلن جهارا نهارا أنها
تنوى إزالة إسرائيل من الوجود . هذه ليست حالة سلام . من حق إسرائيل
متابعة ما يجرى ضدها من الجو . كذا طالما هى معرضة فى أية لحظة ،
لدخول أراضى لبنان مرة أخرى من أجل عمليات عسكرية ، ومن ثم فهى ستستفيد من
وجود تلك الألغام حتما . لماذا لا ينهى لبنان حالة الحرب ( ولا نقول
يقيم سلاما ) ، فينتهى كل شىء ! 7- وقانونا سابعا حماس وحزب الله بإجماع العالم منظمات إرهابية ، توجد قرارات من ’ الشرعية الدولية ‘ حبيبة قلب
العرب ، بنزع سلاحهم سواء فى قرار يالتوى عن لبنان ( ربما فى حدود
ذاكرتى يحمل رقم 1559 ، أو بالأحرى لا تطالبنى بتذكر رقمه أو رقم أى قرار
آخر لمنظمة شرعية الأصفار اليالتية ) ،
أو فى اتفاقيات تبنتها تلك ’ الشرعية ‘ من قبيل اتفاقية أوسلو وخارطة
الطريق ، إلى آخر هذا الهراء الذى لا يساوى ثمن الحبر الذى كتب به .
8-
وأخيرا قانونا ثامنا ، أو بالأحرى أولا ، فى جميع الحروب السبعة لم تكن إسرائيل هى الطرف المعتدى أو
البادئ بالحرب . إنما نحن من نبدأ ، ونحن ينتهى بنا الأمر فى كل مرة
بهزيمة جديدة أشد إذلالا من سابقتها التى نريد أن نمحو عارها ، أو كنا
نتوهم كذلك . حتى حين قتل مجند مصرى يدعى سليمان خاطر ، أو مجند أردنى
لا أذكر اسمه ، عشرات من الإسرائيليين الأبرياء ، لم تضرب إسرائيل
مطار عمان ولا السد العالى ، بل حتى التعويض المالى لأسر الضحايا دفعته من
خزانتها هى . سجنا لها ولسنوات طويلة ما ارتأت فيه محاكمنا جاسوسا وكان
اسمه عزام عزام ، لم تجتح سيناء لأخذ رهائن ، ولم تعتقل سفيرنا فى تل
أبيب ، أو تأسر عمر سليمان رئيس استخباراتنا الذى يزورها كل أسبوع .
فقط حاولت إقناعنا ببراءة الرجل أو بالأكثر طلبت وساطة أميركا ، ثم لم يحدث
أى شىء من أى طرف فى أى وقت . بصراحة منذ عقدنا السلام معها ’ ما
شفناش منها حاجة وحشة ‘ ، إنما كل خير وصداقة وتعاون ومساعدة تقنية
واقتصادية وكل شىء جميل ومخلص . والمدهش بعد كل هذه القصص أن من يتنافخون
الآن بحنجورية مرعبة حول ضرب كامل لبنان فقط بسبب اختطاف جنديين ، قد
تناسوا أهم سؤال اشتهرت به تاريخيا ديماجوچيتهم : سؤال المعايير
المزدوجة !
نعم هراء لا يساوى ثمن الحبر !
’ قانونا ‘ هذه بكل مناقشاتها ، هى كما نعلم جميعا ، ليست
الشىء المهم ، بقدر ما هى الأبعاد السياسية للأشياء ، وبقدر ما هو
الأهم من الكل بالطبع علاقات القدرة بين الأطراف . حزب الله ضرب اللبنانيين ‑واللبنانيين فقط‑
عمدا ومع سبق الإصرار . هو يعلم تماما أن إسرائيل لن تضار كثيرا .
كذلك يخطط لأنه هو نفسه لن يضار كثيرا ، حين تحدق الحادقة سيلقون بالأسلحة
ويختفون بين المدنيين . أو بالأحرى أن ليس لديه أصلا ما يخسره . حتى
لو فشلت إسرائيل فى القضاء عليه جوا أو برا ، واستخدمت القصف النووى ،
يكون قد حقق هدفه الأسمى فى الانتقام من خصومه اللبنانيين . ذهب بهم للجحيم
وذهب هو للجنة . أو كما قلنا بالأمس هى وقفة اليأس الأخيرة بالشعار
الشمشونى ’ على وعلى أعدائى ‘ . إذن المستهدف حقا هو ‑وهو
تحديدا‑ حكومة لبنان وأحزاب لبنان ورأسماليى لبنان وشعب لبنان ‑أو
على الأقل قطاعه التنموى البناء الكادح . الأمر سيان ، سواء كان
المستهدف تدمير لبنان ، أو ضرب السياحة فى مصر أو الأردن ، أو ضرب
أبراج نيو يورك وقطارات لندن . الكل عبر العالم يتحدث عن الدمار الذى جرى
فى لبنان ، وكم يكلف . لكن أحدا لم يسأل كم تكلفت القنبلة التى سببت
هذا الدمار ، وكم تكلفت الطائرة التى ألقتها ، وكم تكلف تدريب الطيار
الذى قادها ، وهلم جرا ( ولا نريد أن نتفرع فنذكر مقارنة قديمة جارحة بين كم
يتكلف الطفل الفلسطينى منذ مولده ، وكم يتكلف حذاء الجندى
الإسرائيلى ) . هذه ليست المرة الأولى التى لا تجد جبهة الرفض العربى‑الإيرانية
سوى الاقتصاد ولقمة العيش حتى تستهدفه . هذا ما يفعلونه طوال الوقت ،
وفى الواقع لم يعودوا يفعلون سواه فى الشهور والأعوام الأخيرة بعد أن أفلست كل
أسلحتهم الأخرى . حماس فجرت منتجع دهب مصر بأوامر
صدرت من دمشق من خالد مشعل شخصيا ( انظر صفحة السياسة ) ، وقبلها
حطموا أسوار معبر رفح وانطلقوا يقتلون الجنود المصريين ذات اليمين وذات اليسار
( هذا أيضا وردنا عليه أعلاه
فى حينه ) . الأخوان المسلمون ‑وأذنابهم من الشيوعيين
والعربجيين‑ لا يكفون يوما واحدا عن إطلاق الشائعات ضد المؤسسات
الاقتصادية المصرية وضد رموزها وضد بورصتها ، سواء من منبر مجلس الشعب أو
من منابر الصحافة أو من أى منبر ( أيضا انظر صفحة السياسة ) . باختصار المعسكران يتبلوران بوضوح أكبر وأكبر يوما
بعد يوم . و’ شق الصف العربى ‘ ، الذى قامت به السعودية
اليوم ، هو إنجاز تنويرى كبير تاريخى ولحد ما غير مسبوق .
’ الشارع العربى ‘ الذى سيستيقظ صباح الغد مصابا بارتباك كبير بسبب
الكلام السعودى ، قد يبدأ تدريجيا فى فهم من معه ومن ضده ، من يريد له
التنمية والانخراط فى الاقتصاد العالمى ، ومن يريد له ’ العزة
والكرامة ‘ ويطعمه بالكلام التخين من نوع ’ هنحارب هنحارب إسرائيل
الأرانب ‘ ، و’ يا نصر الله يا حديد بكره هندخل تل أبيب ! ‘ . قانونيا أو سياسيا ، ومع كل الاحترام والتقدير
للموقف الشجاع للملك عبد الله ، إجابتنا لا جديد فيها ، وقلناها قبل سنوات وحتى عقود : سلام تنجو منه جبهة الرفض العربية‑الإيرانية ، هو
سلام أسوأ من كل حرب ، وأننا لا نفهم سببا واحد يمنع الطائرات المصرية
والسعودية من بدء قصف غزة ودمشق . وكنا قبل ذلك
نضيف أيضا بغداد وسرت والخرطوم وصنعاء وحتى طهران ، حين كان هؤلاء الزعماء
مارقين ، وحدث أن سقط أحدهم واسمه صدام حسين وذهب لسجن أميركى ، وسقط الباقون فى كراسيهم ( إن
جاز تعبير كهذا ( ! ! ) ، والحقيقة أنه لا يجوز
لأنه ليس تعبيرا طريفا آخر يخترعه موقعنا ، بل هو نكتة مضحكة مبكية
بكل المقاييس ، لا تحدث إلا فى عربستان ، ومسخرة لا يقوى على مثلها
إلا بهلوانات من طراز القذافى
والبشير وصالح ممن كان أجدى بهم الانتحار ، لا
التلون كالحرباء ، حتى وإن اعترفنا تأكيدا أنهم لم يغيروا ما فى الصدور من
أچندات ! ) ، ولم يتبق مارقا صريحا سوى البؤر الثلاث ، أو البؤرة ونصف وربع ، طهران ودمشق
وغزة ! السؤال بسيط وسيظل بسيطا : إلى متى
ستظل القوات المسلحة لمصر والسعودية تقف متفرجة ، بينما حفنة من العصابات
الإجرامية فى غزة ولبنان وغيرهما ، تختطف مصائر مئات الملايين من الشعوب
العربية ، تختطف أرواحها واقتصاداتها ولقمة عيشها ، لحساب أچندة حفنة
من الملالى السفلة فى قم وطهران ، أو حساب عميلهم جرذ دمشق القمئ وحوارييه
وأبواقه الأعلى زعيقا ونعيقا من أمثال خالد مشعل والضفدع الأخنف .
إلى قناة الجعيرة التى طالما
اشتكت من الصمت العربى ، إلى كل من لف لفها ، إلى كل المحرضين فى كل
مكان وتحت أية راية ، نهدى هذا الواقع الجديد : بعد الموقف السعودى
والمصرى والأردنى ضد حزب الله ، لم يعد الصمت صمتا . انشق جدار
الصمت ، وبدأت صحوة الوعى ، واقترب اليوم الذى ستستجدون فيه الزعماء
العرب الصمت لا الكلام ! أيضا إلى قناة الجعيرة وإلى أيضا قناة
العربية ، نقول كفانا سفالة . هل مطار بيروت هدف مدنى ؟ هل موانئ
لبنان هدف مدنى ؟ هل تسمون جسرا جويا أو بحريا من الصواريخ الإيرانية هدفا
مدنيا ؟ قس على هذا كل ما تقولون عنه أنى مدنى ! ( لعلك تدهش من
ضم قناة العربية لقناة الجعيرة ، وهى التى طالما أشدنا بها . للوهلة
الأولى على الأقل ، يبدو قناة العربية لم تستعد جيدا لهذه الحرب ،
وتركت الحبل على الغارب لمراسليها يتكلمون عن ’ الشهداء ‘ وعن
’ العدوان ‘ ’ وقتل الأبرياء ‘ … إلخ . قد يقول
قائل إنه يعلمون سلفا أن هذه هى حرب القضاء الأخير على حزب الله ، وأنهم
يقومون بواجب العزاء فيه لا أكثر . ولا ضرر كبير من إظهار بعض التعاطف معه
وهو على فراش الموت ، على الأقل عملا بمبدأ اذكروا محاسن مواتكم . أو
قد يقول قائل ، ما الضير فى أن يشارك الإعلام العربى ‑بما فيه هذا
الممول من السعودية ذات الموقف الواضح ‑والآن العلنى‑ من حزب الله
ومن حماس ومن حروبهما الهمجية‑ فى تشييع الجنازة ، عملا بأخلاق الكرم
العربى التقليدية المعروفة أو شيئا كهذا . ردا على هؤلاء نود أن نذكر قادة
القناة إن هذا هو ما حدث بالضبط مع قناة الجزيرة فى الحرب السابقة ، الحرب على
الانتفاضة سنة 2002 . قال المسئولون هذه حرب ، ومشاعر الناس
مشتعلة ، ولنترك الحبل على الغارب للمضيفين للمراسلين ليعبروا عن أفكارهم
ومشاعرهم الشخصية . هنا انطلق من جندهم التنظيم الدولى للأخوان المسلمين
داخلها ، ليتصدروا الصفوف ، ويهدرون كل مهنية سابقة لها ،
وحولوها لصوت عرب جديدة ، بلكنة إسلامية هذه المرة . ما حدث بعد ذلك
هو أن لم تعد قناة الجزيرة مرة أخرى أبدا لسابق عهدها ونزعت آخر ورقة توت مهنية
لها ، وتحولت لقناة من الجعير الخالص . حتى اللحظة أعتقد أن وضع قناة
العربية مختلف . هى لم تتعرض لغزو قرضاوى ولا نصراوى . كل ما قد أقوله
أن الحرب فاجأتها ولم تكن جاهزة لها ، فلم ترسم سياسة واضحة لمضيفيها
ولمراسليها . وطبعا نتمنى عليها أن تعود سريعا لما عهدناها عليه من مهنية
معقولة . لكن حتى يتم هذا ، أقول إن الأفضل حتى اللحظة هو قناة
الحرة ، زائد القنوات اللبنانية كالإل بى سى والمستقبل ، ذات الرصيد
المعروف فى عدم التطبيل المجانى ’ للمقاومة ‘ . هذه القنوات
الثلاث هى الأكثر موضوعية و’ حيادا ‘ حتى اللحظة ، رغم أنها أضعف
من حيث الإمكانات من القناتين الخبريتين العربيتين المتخصصتين الأكبر ،
الجعيرة والعربية ) .
نسينا أن نقول أمس ‑وإن قلناه ألف مرة من قبل‑ أننا فى كل الحروب
الست السابقة ‑بما فيها حرب أكتوبر‑ هزمنا هزائم نكراء ( طبعا
دون التهوين من شأن البطولات ولا التضحيات ، ولا حتى معارضة الهدف النبيل
للسادات من وراء حرب ’ التحريك ‘ التى شنها ) . أيضا قلنا قديما مايلى : الشعبان الوحيدان اللذان يهزمان ولا يستسلمان أبدا
هما العرب والهنود الحمر . العرب هم الشعب الوحيد الذى هزم ست مرات ولم
يستسلم ، وعما قريب سيصبح العدد 7 ( إهداء لموسوعة
جينيس ! ) . الاستسلام هو القرار الوحيد المحترم . السادات
استسلم وإن بكثير من حفظ ماء الوجه . الملك حسين استسلم بقدر معقول من حفظ
ماء الوجه . أما أنتم فقد أرقتم كل فرصة لحفظ ماء الوجه . لكن يظل لا
بأس أبدا بأن تستسلموا بدون ماء وجه . الياپان وألمانيا استسلمتا بدون قطرة
ماء واحدة على الوجه ، لكن من ساعتها وهما الاقتصادان رقم 2 و3 فى
العالم . بعبارة أصرح أقول لنشامى جبهة الصمود والتصدى إننا لا نملك حناجر
جبارة مثلكم . وقطعا لا نستطيع أن ندعى العزة والكرامة والإباء والشمم
مثلكم . ما اخترناه هو بصراحة تامة طريق الهوان والتبعية . الطريق
الممل الذليل الصامت ، طريق الصغار بلغة سورة
التوبة ، طريق أن نبنى اقتصادا فى بلادنا ، نحلم بأن يقول أحد
فينا كلمة احترام صغيرة بعد عشرين سنة ، أو ربما حتى لا نحظى بها أبدا على
أية حال . إن أسوتنا الحسنة ليست هى أسوتكم الحسنة الضخمة المعروفة
الشهيرة . أسوتنا الحسنة شىء آخر ، شىء أصغر وأكثر تواضعا
بكثير : الياپان وألمانيا ! … أخيرا ثمة تعليق على عبارة يلوكها الجميع فى
الإعلام العربى وجهابذه محلليه وبالأحرى محرضيه فى تحليل أصلا فى أى شىء
يقال . العبارة هى أن الغزو كان
مبيتا ، انتوته إسرائيل سلفا ، ولا علاقة
لاختطاف الجنديين به . طبعا هو كلام مكرر شبعنا منه من ألسنة الناطقين بلسان
حماس مع كل اعتداء أو هجوم انتحارى ينجم عنه رد إسرائيل هائل ، حيث يقولون
ببساطة لسنا السبب إنما أن إسرائيل لا تحتاج لذرائع . الرد ببساطة على
لماذا كانت الخطط الإسرائيلية جاهزة ووضعت موضع التنفيذ فى أقل من 24
ساعة ، هو أن ثمة فرق بين أن تنتوى إسرائيل مهاجمة بلد ما ، وبين أن
تضع كل الخطط اللازمة لكل الاحتمالات الممكنة . إسرائيل كبلد حداثى متحضر يتبنى العلم لا الحنجورية ،
لدية خطط للرد على أية مشكلة تنشب فى أى مكان وزمان . ليس فقط مع غزة أو
لبنان أو سوريا أو إيران ، إنما مع بلد كالسودان مثلا ، ورأينا كيف ضربتها
بالفعل يوما . بل ومن السذاجة منا تخيل أن ليس لديها خططا للحرب مع مصر
والأردن والسعودية وقطر ، وربما حتى مع روسيا وفرنسا … إلخ ، ومن
الغباء منها ‑أى إسرائيل‑ ألا تكون هذه الخطط موجودة محدثة طبقا
لأحدث المعطيات وجاهزة للتنفيذ الفورى . عم يتقاضون مرتباتهم إذن ،
إذا لم يعكفوا فى فترات اللا عمليات على وضع مثل هذه الخطط ؟ هذا لا يعنى
أنها تنتوى فعلا محاربة أى من هؤلاء الذين تربطهم بهم علاقات ودية لمدى
بعيد ، وتسعى لتنميتها بإخلاص طوال الوقت . إطلاقا ، إنما يعنى
فقط أن الخطط موجودة على الرف ، تسحب ويبدأ تنفيذها فى دقائق ، وطبعا
يعنى أن إسرائيل بلد متحضر يخطط لكل الاحتمالات سلفا ، ويقيم العلم قائدا
ونبراسا له فى كل خططه وخطواته . بس خلاص : الضفدع يرد على
نظرية المغامرة بنظرية المؤامرة ، أو هل كنت تتوقع شيئا آخر ! … قضية أخرى عابرة ، لكن ربما لا بد من التعليق عليها
اليوم ، هى صحوة الرأى العمومى الإسرائيلى مطالبة بحكومة بما يسمى بحكومة
طوارئ . كل ما نقوله إن هذا ما نأمل أن نراه فعلا ، أو على نحو أكثر
تحديدا حكومة حرب يرأسها بنيامين
نيتانياهو وتضم وزير دفاع ذو خبرة وإرادة من الجيل الإسرائيلى الجديد . …
أما القصة الأهم ربما من كل تلك القصص ، فهى
السؤال عن أى السيناريوهات بات أكثر
احتمالية الآن . حتى بوجود إيهود
’ الخيخة ‘ أولميرت على رأس إسرائيل ، فإن الأمور تجاوزت فيما
يبدو نقطة اللا عودة . إحساسى الشخصى أنه بعد مرحلة ماراثونية من القصف الجوى لبيروت ولمعظم
لبنان ، السيناريو العسكرى الأمثل هو إنزال بحرى مدرع . نعم ،
بحرى ! المدرعات ستفاجئ قلب بيروت الجنوبية ، وتقضى على مركز قيادة
العصابة الإجرامية . ثم سيتواصل ضغط هذه المطرقة من الشمال للجنوب ،
فى مقابل سندان برى يتقدم من هذا الجنوب ، ذلك إلى أن تعلن الدپلوماسية
الدولية أو العربية ، نزع الحكومة اللبنانية لسلاح عصابة حزب الله ،
تعلنه منظمة إجرامية محظورة وتضع وزرائها ونوابها وكل أعضائها فى السجون أو
تقتلهم ، أو ‑إن لم يحدث هذا‑ تتواصل الحرب بريا حتى القضاء
على كل عناصره الإجرامية ، وتصفيتهم جسديا من خلال تلك الكماشة . هذه الفكرة ليست خيالا بالكامل من عندياتنا ،
بل هى تنويعة على خطة نفذت بالفعل فى الحرب السادسة فى نابلس وجنين
وغيرهما ، حيث الغزو من الداخل للخارج . تدخل القوات للمركز ثم تبدأ
فى التوسع للخارج ، وطبعا كانت إبداعا عسكريا جديدا أصيلا وخلاقا حقا فى
حينه ، لكن ليس كذلك الآن ( انظر ما سبق وكتبناه فى شأن هذا التكتيك
الحربى ‑المعقد على عكس ما قد يبدو للوهلة الأولى‑ ذلك فى صفحة الجلوبة ) . إسرائيل
حاصرت بالفعل كل السواحل اللبنانية ، وعسكريا بيروت أضعف من جبهة
الجنوب ، والإمداد أو كذلك الإنسحاب من طريق البحر سيظل سهلا وميسورا بل
وحتى أكثر أمنا من أى شىء آخر . هذا هو تخيلنا ونترك للأيام إثبات مدى
صحته .
هذا عسكريا ، أما سياسيا فالصورة ليست بهذه النهاية السعيدة بالضبط .
التقييم فى حدود تصورنا الآن هو ما يلى : نكاد نجزم أن ضرب سوريا قد بات
الآن مسألة وقت . ووقت معناها أيام إن لم يكن ساعات . لطالما أرادت
أميركا ، أو حتى إسرائيل ، من بشار أن ’ يسقط فى كرسيه ‘
كما الباقين القذافى والبشير … إلخ ( ذلك حسب تعبيرنا الجديد
اليوم ) . لكن ما حدث أنه رفض وآثر العصيان ، والآن فات زمن
التراجع ، وعليه أن يدفع الثمن من دمه . السبب أن إسرائيل بداهة بعد
كل هذا الذى أقدمت عليه ، لن تتراجع عن أهدافها فى سلام أبدى شامل ودائم
على حدودها الشمالية ( وحبذا لو كان الأمر تطبيقا كاملا لقرار مجلس الأمن
ونزع سلاح حزب الله ، وإن كان هذا لا يعنيها مباشرة ) . العالم
بما فيه العرب أنفسهم ، وبما فيه لبنان نفسها يؤيدها . المشكلة هنا أن
حزب الله قرر وقفة انتحار أخيرة . لن يقبل بأية حلول ، ولن يقبل بأقل
من إبادة كل لبنانى قبل أن يباد هو . إذن الأمل الوحيد فى إنهاء هذا
الاستعصاء فى نظر الغرب وإسرائيل وربما أيضا بعض القادة العرب ، هو ضرب
سوريا . ذلك لو استلزم الأمر استخدام إسرائيل لمنظومة الپيتريوت لصد بعض
عيدان الكبريت القادمة من إيران أيضا ، هذه التى لحسن حظها يعلم الجميع
وتعلم هى يوم أوعزت لحزب الله بعمليته ، أن أحدا لن يسقطها قبل نوڤمبر .
الفكرة تقول إنه إذا ما دمر الريچيم السورى بما فيه الكفاية ، من الجائز أن
يغير حزب الله موقفه فى منتصف الطريق ، وينسحب جبرا بعيدا عن الحدود .
أو هكذا يعتقدون ! هنا تكمن المشكلة :
ستحقق إسرائيل أهدافها وستعيش فى سلام وازدهار ، وتتركنا نحن فريسة لفلول
جبهة الرفض وسطنا ، يختطفون مستقبلنا ويفرضون علينا تخلفهم من جديد وجديد
إلى الأبد ! لو جاءت أميركا وإسرائيل بقوات النيتو سيعلن حزب الله الحرب
عليها . لو أعادوه بعيدا عن الحدود ، فسيعلن الحرب على كل اللبنانيين .
حتى لو نزعوا سلاحه بالكامل فسيبدأ فى تفجير الفنادق ويجهض 20 موسم سياحى مقبل
ويدمر كل جهد للبناء ولازدهار للأبد . لا حل لمشكلتنا سوى حرب عربية مسلحة
لا هوادة فيها ضد الريچيم السورى ، وضد حزب الله ، وضد حماس ،
حرب تنتهى باجتثاث كل هؤلاء من الجذور حتى آخر فرد وآخر متعاطف . الحلول الصحيحة
هى دائما أبسط الحلول . عدا ذلك لا حل ، إنما فقط ترحيل
للمشكلة . لو استدرجنا أحد لمتاهة أن المشاكل المعقدة تستوجب حلولا
معقدة ، ستكون النتيجة أن يظل كل شىء على ما هو عليه ، وسنظل فى دوامة
المزايدة والابتزاز ، وسنبوء بالهزيمة والخسران بينما العالم كله يجرى
بسرعة حولنا . تلك الحرب لو حدثت ستكون أول حرب حضارية بمعنى الكلمة يدخلها
العرب فى كل تاريخهم ، منذ محمد حتى الكولونيل لورانس ( ومع كل
الاحترام لهذا الأخير ولحربه النبيلة التى ، رغم ذلك ‑أو بسبب ذلك‑
لم يفهمها أحد ممن ساروا خلفه فيها ) … وقطعا ستكون ثمارها ‑ثمار
حربنا المزمعة اليوم على جبهة الرفض‑ أكثر من مذهلة ! اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم الثالث : 14
يوليو 2006 : يبدو أن نصر يستلهم من ناصر أكثر بكثير مما كنا قد
اعتقدنا ! تمثيلية تليڤزيونية عبيطة قام بها
اليوم على الهواء ، بالضبط فى موعد نشرة التاسعة مساء ، حيث قالوا له
أن هذا سيضمن له أن سيرى كل العالم طلعته البهية ويشجى آذانه بأنفه
هذا يؤكد بقوة نظريتنا أن الضفدع الجعجاع الذى لا
تتوقع منه كأى ضفدع أكثر من نعيق مزعج متقطع ، قد قرر وقفة أخيرة سيموت
فيها . هذا المسكين ، أولا ، يحدثنا عن انتصارات وهمية وهو لم
يجلب قط إلا الهزيمة والفاقة لشعوبنا . ومن به رأس للذاكرة عليه كما قلنا ذات يوم أن يقارن بين وضع الشمال
الإسرائيلى سنة 1982 وبين وضعه يوم انسحبت إسرائيل منه سنة 2000 . المقارنة
بين آلاف الصواريخ التى تأتى مجانا من الاتحاد السوڤييتى والصين وكوبا كى
تنهمر يوميا على سكان الشمال ، وكان عشرات الآلاف من إرهابيى منظمة التحرير
يمرحون فى كل لبنان ، كما شاءوا وأينما شاءوا وبما شاءوا من أسلحة ،
المقارنة بين كل هذا وبين الصمت الرهيب بعد الإنسحاب المهين المهزوم كما يحلو له
أن يسميه . إسرائيل لم يكن لها يوما أطماع توسعية فى لبنان ، وانسحبت
فقط بعد أن حققت حتى آخر قطرة كل أهدافها ، أو كما نقول بالمصرية
’ على داير مليم ‘ ، اللهجة المصرية التى لعل ضفدع بيروت بات
يفهمها جيدا من كثرة مشاهدته الأفلام عن جمال عبد الناصر . هؤلاء ‑حزب
الله ولا أسلافه ولا أسياده‑ لم يحرروا شيئا يوما . هم فقط يأتوننا
بالاحتلال . هذا ما فعلوه فى كل الحروب الستة السابقة . إنهم لا
يستطيعون أصلا تحرير شىء ، ونحن ‑شعوب العرب البؤساء‑ من ندفع
ثمن غباواتهم وحقدهم دوما . هذا المسكين ، ثانيا ، لا يعرف ، لا
هو ولا سيده فى دمشق ، ولا سيد سيده فى طهران ، ولا سيد سيد سيده فى
قم ، ماذا ينتظرهم أصلا . هذا المسكين المستأسد بسذاجة بائسة ببعض
الضباط الإيرانيين حوله ممن يثق فيهم ثقة عبد الناصر بعبد الحكيم عامر ،
يعتقد أنه سوف يطلق بعض البمب هنا وهناك ( أو حتى لو حقق فعلا بعض الخسائر
هنا أو هناك ، أو خدش بالفعل طلاء إحدى البوارج ) ، يعتقد أنه
سيركع الحضارة الإنسانية . هو ، وكذا رؤساؤه ، فاكرين أنهم زى
عبد الناصر بشوية صواريخ قاهر وظافر سوف يفعلون أى شىء ، ناسين حتى أبسط
المعطيات والحقائق ، إنهم يعبثون بذيل نمر نووى . ونحن نجرم أنه لولا
انتخابات الكونجرس الأميركى فى نوڤمبر القادم ، لرأينا ضربة نووية
إسرائيلية شاملة على الأقل للعاصمة وللمدن النووية الإيرانية ( فدمشق أو
ضاحية بيروت أو غزة ليستا فى حاجة أصلا لضربة ولا ربع نووية ولا حتى نووية B-61 ، ويكفيهما البيزنس المعتاد ،
ثم أن إسرائيل لا تزال عند خلقها اليهودى القديم باعتبارهم
جيرانا ! ) .
نعقات السيد الضفدع حسن نصر الله
وعدتنا هذه الليلة بمفاجآت هائلة فى هذه الحرب . وأقول إن لا مفاجآت عنده
بالمرة . قدراته وقدرات إيران الصاروخية وغير الصاروخية غير خافية على
أحد . نعم موجودة ، لكن معروفة ، والأهم أنها تافهة ، عيدان
كبريت ، بأى وجه للمقارنة مع ما يملكه معسكر الحضارة من أسلحة سواء دفاعية
وهجومية . وفقط ‑فقط جدا‑ المفاجأة الوحيدة التى يحق للمرء
توقعها ، هى نظام صاروخى مضاد للصواريخ جديد بالكامل ( ليزرى
مثلا ، من تلك التى نسمع كثيرا عنها ونتصور أنها موجودة وفائقة
التطور ) . نظام ستدفع به فى اللحظة المناسبة إحدى أو كلتا الترسانتين
التقنيتين العسكريتين الفائقتين الإسرائيلية أو الأميركية ، إلى ساحة هذه
المعركة . ولو لم يحدث هذا ، فاعتقادى أن التفسير الوحيد سيكون أنهم
يدخرون مثل هذه النظم للمعركة الوشيكة الفاصلة مع ريچيم الملالى ، وليس أى
سبب آخر . أما لماذا نسمى ظهور شىء مضاد للكاتيوشا وللقاهر وللظافر
مفاجأة ، فهو فقط أنها كما قلنا ، مجرد عيدان كبريت ، وغالبا لن
يهتم أحد بصنع نظام دفاعى ضدها . فقط أقول لشعوبنا العربية
المطحونة التى تنجرف وراء التحريض انجراف الوحل ، تذكروا سلوككم اليوم من
حديث انتصار وفخار وزغاريد ، ومن كلام عن ’ المأزق الإسرائيلى ‘
وعن ’ الحسابات الدقيقة ‘ وعن ’ مفاجآت المقاومة ‘ وعن
’ إذلال إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل ‘ ، ذلك حين تقلبون
’ الأسطوانة ‘ على وجهها الآخر غدا أو بعد غد على الأكثر .
ساعتها لن يقول أحد إن إسرائيل لم تكن فى مأزق ، وأن الحسابات لم تكن
دقيقة ، وأن عيدان الكبريت لا تعتبر مفاجأة ( أو لعلها كذلك فعلا من
فرط تفاهتها ) ، وأن لماذا تضع إسرائيل ‑وليس نحن‑ أميركا
فى جيبها وهل هو أبعد من مجرد أن يكون مصادفة تعيسة ، إنما سيصبح الحديث
كله شيئا آخر تماما . إجهاش ببكاء مجنون ولزعيق لا يقل عصبية ، عن
المجازر والمذابح والوحشية ، وعن الاستكبار والاستجبار الاستعلاء ،
وعن الصمت العربى والتآمر الأميركى والعجز العالمى . هذا وذاك إلى آخر
الوجهين المحفوظين لحد الملل للقرص الصوتى الأشهر لأمة العرب المصابة
بالألزهايمر كقناة الجعيرة ، هذه التى تسوقها سياقة الإبل إلى الهاوية ( القرص الأشهر من أقراص نانسى عجرم وهيفاء وهبى ، ممن
تأكيدا نتمنى لهما السلامة فى ظل ما يجرى لو كانتا حاليا فى بيروت ، بالذات
وأنا خايف يكون بسلامته يقصد بقصف
حيفا قصف هيفا ، جايز يكون فاهم أنهم طالما نطقهم
واحد بالإنجلش ، ممكن لو ما عرفش يضرب واحدة يضرب التانية ، ويقول هو
ده كان قصدى ! ) . أما بمناسبة الاستكبار
والاستجبار الاستعلاء ، أقول إن القوى لا يستكبر ولا يستجبر ولا
يستعلى . القوى كبير وجبار وعال بقوته وبحضارته ويتقنياته واقتصاده .
القوى لا يتعجرف ولا يتغطرس . فقط أنتم أقزام التخلف ، أقزام الكلام ×
كلام ، هم المتعجرفون المتغطرسون الأجوفون ، عجرفة وغطرسة وجواف ما
يسميا بالعروبة والإسلام . …
يقولون إن عمليتى الاختطاف
المسمتين الوهم المتبدد والوعد الصادق ، قد حطمتا أسطورة الجيش الإسرائيلى
الذى لا يقهر . هذه تجلية أخرى لألزهايمر قناة الجعيرة . أنا لا أعرف
متى عاد الجيش الإسرائيلى جيشا لا يقهر من جديد . ألم نعلن ألف مرة من قبل
أننا قهرناه ، بدءا من خضة يوم العيد فى أكتوبر 1973 حتى كل عملية انتحارية
فى قلب إسرائيل أو جرح جندى إسرائيلى خلال حملة تظهير داخل أحد الخيمات .
أم أننا وحدنا ننصبه من جديد جيشا لا يقهر حتى نعاود الإعلان أننا قد
قهرناه ؟ ! الأدهى ‑وفى حدود ألزهايمر دماغى أنا الشخصى ،
أن إسرائيل لم تقل أصلا يوما عن جيشها عبارة الجيش الذى لا يقهر !
الحقيقة البسيطة جدا أن هذه مجرد
أمراض نفسية تقليدية ومعروفة فى أمتنا العظيمة ، أمة الهزيمة ، وأنه
فعلا جيش لا يقهر ، على الأقل على أيدى أناس مثلنا . وأن كل ما فعلناه
مع هذه الدولة العظمى العظيمة ، منذ أيام عبد الناصر وتنظريات السياسة
الديجولية‑الحسنين‑هيكلية ( أسميناها مؤخرا ستراتيچية كيد
النسا ! ) ، هو أننا نحاول أن ننغص بعض الشىء على إسرائيل حياتها
اليومية ، ولا شىء أكثر . يا ’ سيد ‘ حسن نصر الله ، كما يحب
أن يسميك مضيفو قناة الجعيرة ، أو لعلك أنت الذى تصر على ذلك معهم .
ما فعلته فى خطابك هو سفالة لا أكثر . طالما أنت جعجاع على هذا النحو
ونعيقك أعلى من نعيق كل ضفادع الدنيا ، وطالما أنت تقتحم الحدود وتخطف
الجنود ، فنحن نتوقع منك أن تردع وتؤدب إسرائيل لو فكرت فى الرد
عليك . نعم نحن نفهم أن الوعد
الصادق بجد معناه أن تقطع يد إسرائيل . الوعد الصادق معناه أن تسقط
الطائرات قبل أن تقوم بتدمير المطار أو محطات الكهرباء . الوعد الصادق
معناه أن أن تسكت المدافع فى مواقعها . الوعد الصادق معناه أن تغرق
البوارج ، لا أن تخربشها ، تغرق كل البوارج ، لا أن تخربش
واحدة . الوعد الصادق معناه أن أن تدك العمق الإسرائيلى وتسويه
بالأرض ، لا أن تفرقع فوقه بعض عيدان كبريت ، وتعتبر هذا ’ توازن
رعب ‘ و’ ردا نوعيا ‘ على تدمير كامل لكل لبنان . الوعد
الصادق أن تحمى مدنييك قبل أن تمتد لهم أى يد ، لا أن تفر ، وتترك
لكاميرات التليڤزيون مهمة الندب والنحيب عليهم . هذا كله ليس إلا قلة
أدب ، وأضمن لك أنك أسطورتك فى أعين دهماء العرب الشهيرين باسم الشارع
العربى ، قد انتهت . باختصار كان كل لبنانى وعلى عربى ومسلم ساذج
يتوقع منك أن تحمى لبنان لا أن تدمره ، بخطبك وبخراقتك غير المسبوقة حتى من
ذاك المدعو جمال عبد الناصر . أنت يا صاحب الوعود الصادقة ، بالنسبة
لهم لست إلا ، واستعد للكلمة : أنت لست إلا مجرد كذاب ! أما بمناسبة عيدان الكبريت ، وكمان بمناسبة
أنك لا تصدق الكداب مرتين ، لا بد أن أذكر هنا بقول قديم للفيلسوف الكبير
يوسف وهبى يقول ’ شرف الضفدعة
زى عود الكبريت ، ما يولعش غير مرة واحدة ! ‘ . بصراحة كده ، أقصى مفاجآت
تقدر عليها أنك تبعت لنا شوية من بتوع حماس يفجروا كام فندق فى القاهرة والرياض
وعمان ، عدا ذلك فإسرائيل ستفعل بك ما فعلته عمارة يعقوبيان فى طه الشاذلى
( أقصد الشيئين معا ! ) . على فكرة أخيرا ، لا أدرى أصلا كيف سمحت مصر
لقناة مثل المنار الإرهابية بالتواجد على النايل سات . أتصور أننا سنرى
خطوة ما فى الساعات القادمة لتصحيح هذا . … موضوع تافه نسبيا إذا ما قورن بأفلام حسن نصر
الله ، المثيرة أكتر من إثارة توم كروز فى ’ المهمة المستحيلة
3 ‘ ، لكن المفروض ‑أى الموضوع‑ أنه يؤكد كل ما قلناه
لشعوبنا عن اعرف عدوك . الحدود
المصرية تعرضت مساء اليوم لثانى غزو مسلح من الحدود الشرقية . قوات حماس اقتحمت بالقوة الأراضى المصرية ، وكالعادة راحت مرة
أخرى تقتل وتصيب الضباط والجنود المصريين ذات اليمين وذات اليسار ، ثم
تفتح معبر رفح على الغارب لدخول وخروج الإرهابيين فى الاتجاهين كيفما
شاءت . لا ندرى كيف حدث هذا ، لكن على الأقل يقال إن السلطات المصرية ستتخذ
من الآن فصاعدا إجراءات أمنية حاسمة
على الحدود مع العدو الفلسطينى . من جهة أخرى أصدر الرئيس مبارك بيانا مشتركا مع الملك عبد الله الثانى ، بعد اجتماعهما اليوم فى القاهرة ، بيانا أدانا فيه
’ عبث أطراف خارجية بمصالح الشعوب العربية ‘ ، فى إشارة مباشرة
لإيران وضمنية لسوريا وحزب الله . موقف ليس أقوى ولا أضعف من الموقف
السعودى بل مكمل له من زاوية أخرى لا بأس بها . لكن المثير أنه لعل الكل
سيكون أكبر من حاصل جمع الأجزاء . ففى الساعات اللاحقة توالت مواقف مشابهة
من البحرين ومن الكويت وربما من غيرهما ، بما يقلب كل حسابات نقيب العربجية عمرو موسى ،
الذى دعا وزراء الخارجية للاجتماع عنده غدا كى يخرجوا بقرار يدين إسرائيل ،
فإذا به سيحصل فيما يبدو على قرار يدين حماس وحزب الله ، أو على الأقل
سيبرز عزلة الجرذ الألثغ القاتلة وسط العرب ! البعض ‑وفى مقدمته بيانات الزعماء العرب
المتوالية‑ يتحدثون كثيرا عن عدم
احترام حزب الله للحكومة اللبنانية الشرعية . رأيى الشخصى ، وخبرتى
الشخصية ، فى تفسير هذا ، هو أن الإسلاميين ليس لديهم اهتمام أصلا
بفكرة الدولة ، وأن الاستعمار ‑أو الكولونيل
لورانس تحديدا كرائد للفكرة‑ أخطأ حين تصور أنه يمكن أن يستجلب مفهوم
الدولة القومية من إقطاعيات أوروپا الصناعية البازغة لصحارى عربستان البدوية
الرعوية . كتبت هذا مثلا عن الأخوان المسلمين وقلت
أنهم مثلا يعتمدون على الزكاة وحسنات الناس التى لا تساوى عشر معشار الميزانيات
الحالية للحكومات ، ومع ذلك يجعجعون طوال الوقت بالعدالة الاجتماعية .
ثم لاحظناه مؤخرا ‑أو بالأحرى فهمناه لأول مرة‑ بعد إستيلاء حماس على الحكم ،
واعتمادها مثلا على الفتوات للأمن والصدقات للاقتصاد ( لا بأس أن يحملوها
فى حقائب ويهربونها من المنافذ كتجار الشنطة كما كانوا يسمون أيام عبد
الناصر ! ) ، ناسين أن تقريبا بين أيديهم آلة دولة عصرية كاملة
متكاملة ، ذات قدرات أوسع من كل هذا بكثير . من طالبوا الأخوان أو
حماس ببرنامج اقتصادى واضح أو ببرنامج لإدارة الدولة واضح ، يخطئون أصل
المشكلة : الإسلام ليس به تلك البرامج أصلا ، وما فعله الريان والسعد ، أو ما
فعلته حماس ،
هو أقصى ما يمكن فعله باسم شريعة الإسلام . باختصار أقصى فكرة يمكن أن يصل لها خيال البدوى عن
الدولة ، هو فكرة جابى الضرائب القريب الذى لا يرى مبررا لوظيفته ،
والخليفة البعيد الذى بالفعل لا وظيفة له . وكل ما يفعله البدوى أن يصلى كى
يكونا طيبين ’ عادلين ‘ كرماء ، لكن تأكيدا لا شىء من مفهوم
الدولة أكثر من هذا . اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم الرابع : 15
يوليو 2006 : ضربة أستاذية : قصف سوريا بالضبط لحظة التئام اجتماع
مجلس وزراء الخارجية العرب فى القاهرة . الأمر ليس
فقط فى توسيع ساحة الحرب وهو المتوقع ، إنما تخيل أن كل جدول الأعمال الذى
وضعه نقيب العربجية للوزراء قد مزقه هؤلاء ، وبدأوا فى مناقشة جدول الأعمال
الذى وضعه جيش الدفاع الإسرائيلى ! كما قلنا ضربة معلم ، أهم ما فيها
موضوعيا أنها جاءت لحسم ’ الصف العربى ‘ فى صالح الأخذ على محمل الجد الموقف
الحداثى المتحضر الذى بدر فى اليومين الماضيين عن كثير من الدول وفى طليعتها
السعودية ومصر والأردن . الشق الطريف فى الأمر ليس أنى أكاد أتخيل الآن
الوجه الممتقع لوزير خارجية سوريا وسط زملائه ، فهذا سهل وبديهى .
الأصعب أن تتخيل أى كلام بالضبط كان يقوله وهو منتفخ الأوداج قبل أن يأتيه
الخبر . أو ربما كان ثمة وزير عربى آخر يسأل هذا لنشامى عن لماذا لا يترك
نصيبه من المجد والفخار ، وتدخل القوات السورية الباسلة لتحتل الجولان
وتلقى إسرائيل فى البحر ، بدلا من الاكتفاء بتأييد الجرذ للضفدع من تحت لتحت !
[ اتضح بعد دقائق أن القصف كان على نقاط الحدود اللبنانية‑السورية
المختلفة ، وليس داخلها . لكن كل ما قلناه هنا عن أثر ومفعول ،
قد أتى ولا شك مفعوله بالكامل ، أو باختصار : الرسالة وصلت !
موضوعيا نحن نعلم أن تصفية حزب الله حربيا تستدعى تصفية كل لبنان تقريبا ،
بسبب تستره بكل اللبنانيين كدرع بشرى . وكذا نعلم أن ثمة إنذارات جدية وجهت
لسوريا من خلال أطراف عربية وغير عربية ، بالتدخل لتفكيك حزب الله ،
وإلا نالت سوريا نفسها العقاب الحقيقى . هذا هو السيناريو الأكثر
احتمالا ، أما إيران فهى كما قلنا منذ شهور وسنوات فقصة تختلف قليلا ،
فهى أمر لن يحل إلا بضربة نووى ، وهذا كما قلنا فى الأيام السابقة غير وارد
حتى انتهاء انتخابات الكونجرس على الأقل ] . … الموقف العربى الرسمى ممثلا فى اجتماع وزراء
الخارجية جاء ليعرف الماء بالماء ، ولا أكثر . فقرة يعتبرونها جريئة
جدا و’ نوعية ‘ جدا ، تقول إن كل ما يخص النزاع العربى‑الإسرائيلى ،
يجب أن يتم من خلال الجامعة العربية . والمقصود طبعا أن لا تفعل حماس أو
حزب الله ولا حتى سوريا شيئا من تلقاء نفسها . كلام جميل ، لكن به
مشكلة واحدة ، أن حسن نصر الله قال صراحة أنه ’ لا يراهن
عليكم ‘ . تعريف الماء بالماء ، هو الركوع واستجداء حماس وحزب
الله وسوريا ’ ألا تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين ‘ . لو كان
هذا ممكنا لما كانت هناك مشكلة أصلا . إنهم يتصرفون تحديدا ، كى
يفجروا أية محاولة للسلام والتقارب . الأمثلة لا نهاية لها ، لكن
بمناسبة المؤتمر الصحفى الذى كثر الكلام فيه حول المبادرة العربية الميتة ،
وقول الجميع ( نقلا عن قناة الجعيرة طبعا ) إن إسرائيل هى التى ترفضها
وهى التى أجهضتها ، نقول إنه لكون ذاكرتنا ضعيفة ، ننسى أن ما بين
إعلان المبادرة فى أواخر مارس 2002 ، وبين نشوب الحرب السادسة بعد أيام ،
كانت هناك عملية انتحارية هائلة لحماس هى التى فجرت المبادرة العربية فى
مهدها ، ولم تكن إسرائيل . ذات الشىء حرفيا هو ما تفعله سوريا طوال
الوقت من خلال حماس وحزب الله ، وآخره هذه الحرب السابعة . يا سادة أنتم تعلمون أن المشكلة
هى أن لا سلطة لكم على لا على حماس ولا على حزب الله ولا على سوريا . والحل
الوحيد هو القضاء عليهم ماديا . نعم ، بروز مواقف عربية خجول ضد ما
يسمى بالمقاومة شىء جيد ، وبداية ممتازة ، لكن لن تفعل أى شىء
وحدها . لقد قلنا ألف مرة
آخرها كلام عن الأخوان
المسلمين فى الانتخابات الأخيرة فى مصر ، ما يطابق فى المعنى المثل
المصرى القائل ’ - من فرعنك يا فرعون ؟ - ما لقيتش حد
يلمنى ! ‘ ( حتى قناة الجعيرة عادت لشىء من الموضوعية الأصلية
القديمة لها ، ذكاء منها ‑لا يتمتع بمثله الصفدع البيروتى‑ أو
استشعارا لأين يذهب مؤشر المستقبل . وربما أعود للحديث عنها مرة
أخرى ) . وقبل ذلك بعقود موقفنا يقول ما
فائدة أن تحارب الحكومات الإسلاميين ثم تتأسلم هى .
إن إقراراكم من الأصل بوجود شىء
اسمه المقاومة المشروعة ، معناه ببساطة أنكم تخليتم عن كل الأوراق
ووضعتموها فى يد تلك العصابات ، التى راحت هى نفسها بعد قليل تشكك فى
شرعيتكم أنتم أنفسكم . وما تفعلونه الآن أنكم بعد فوات الأوان وبعد
’ خراب مالطة ‘ ، تريدون سحب تلك الأوراق منها مرة أخرى .
نعم ، انهيار جدار الصمت العربى من خلال المواقف السعودية والمصرية
والأردنية وغيرها الأخيرة على ضرب إسرائيل للبنان ، بداية جيدة . لكن
لا قيمة لهذا ولا لغيره إن لم نجيش الجيوش العربية للقضاء بالقوة على تلك
’ المقاومة ‘ ، التى هى مقاومة لنا ولشعوبنا ولمشروعاتنا
التنموية والتحديثية ، قبل أن تكون معارضة لأى أحد آخر . ولا قيمة
لهذا ولا لغيره إن لم نفتح الجبهة الأردنية للجيوش العربية من أجل إسقاط ريچيم
بشار الأسد ( وبالطبع أن نسقطه نحن بأيدينا سيعطينا مكاسب تختلف كثيرا عما
لو أسقطته لنا أميركا أو إسرائيل ) . تماما كما أن على إسرائيل أن
تفتح جبهة غزة حتى نخلص الشعب الفلسطينى المغلوب على أمره ، ونخلص
أنفسنا ، من الورم السرطانى المسمى المقاومة الفلسطينية .
صحيح لم ترد كلمة المقاومة ولو
لمرة واحدة لا فى القرارات العربية ، ولا فى المؤتمر الصحفى لفؤاد السنيورة ،
ولا حتى على لسان نقيب العربجية عمرو موسى ، لكن هذا لا يكفى . وصحيح
أن فؤاد السنيورة وافق فى مؤتمر روما اليوم على كل شروط أولميرت ، لكنى لا
أعرف ما هى قيمة هذا . إنه حتى طالب بوقف إطلاق نار ’ تحت إشراف الأمم
المتحدة ‘ ، ويقصد أنه يدعو قوات أممية لتطبق قرارها المرقوم 1559
وتجرد بنفسها حزب الله من سلاحه بالقوة . لا أعرف كيف سينفذ كل كذلك ،
كيف سينشر الجيش اللبنانى ، كيف سيمنع هو أو القوات الدولية من ’ سماع
أى صوت إلا صوت الدولة ‘ ؟ لا أعرف ! بصراحة ، ما فهمته أنه
‑كسائر الزعماء العرب وغير العرب‑ يدعو إسرائيل لمواصلة
الحرب . وبصراحة أكبر قلناها مليون مرة :
أى سلام تنجو منه جبهة الرفض العربية‑الإيرانية هو سلام أسوأ من أية
حرب . أو ’ على بلاطة ‘ خالص ، هذه ليست حربا نظامية ،
حتى تنهيها إسرائيل أو أميركا فى أسبوع . هى حرب ضد تنظيم إرهابى يشتغل من
تحت الأرض ، وسيفعل كل ما يفعله الآن من هجمات وإجرام حتى لو كان هناك
مليون جندى لبنانى على الأرض . بالعكس هو الآن يريد الجيش كدرع بشرى له
ولأشباحه ، ولكى يورطه فى حرب لا يريدها مع إسرائيل ، ولكى يورط
إسرائيل فى حسابات أكثر تعقيدا إن جعلت الحكومة اللبنانية عدوا لها وليس حليفا
كما هى الآن . الحل الوحيد هو فقط الحل الصعب : تصفيهم جسديا فردا
فردا . إنها بالضبط ذات الحرب التى خاضت مصر مثلها ضد الإسلام المسلح من
قبل ، واستغرق النصر فيها 6 سنوات . ربما لو إسرائيل تخوض الآن حربا
ضد الجيش المصرى لقضت عليه فى 6 ساعات ، ولو تخوض حربا ضد الجيش السورى
لقضت عليه فى 6 دقائق ، لكن القضاء على عصابة قطاع طرق إجرامية خفية شىء
مختلف تماما ويحتاج طول نفس هائل ( إلا بالطبع لو قررت إسرائيل حسمها نوويا
أو كيميائيا ، وهو الأفضل بالطبع والأقل تكلفة للجميع ! ) .
أما أى حل سياسى يعتمد على النوايا والثقة والمراوغات الكلامية وموائد
الحوار ، فلن يأتى بأية نتيجة ولو بعد مليون سنة ، إنما هو الهزيمة
عينها !
المبادرة الحضارية العظمى والتضحيات
بالمال والدماء الزكية من جانب جيش الدفاع الإسرائيلى ، هى التى شجعتكم على
إخراج مكنونات الصدور ، وهى وحدها التى يمكن أن تحول الموقف الدولى لشىء
ملموس على الأرض . لكن هذا لا يكفى ، وحان الوقت كى تقول الجيوش
العربية قولتها . الشعوب ستقف إلى جانبكم إن حدثتموها بحزم ووضوح
وصراحة ، لا كمن يتصرف وكأن ’ على رأسه بطحة ‘ ( أنتم لم
تخاطبوها أصلا ، وتركتم لقناة الجعيرة ولمنابر الجوامع الانفراد بكل
شىء . من أدراكم أنها لن تثق بكم لو واجهتموها
بالحقيقة ؟ ) . عدا هذا سيراوح كل شىء مكانه ، وستفعل سوريا
وحزب الله وحماس ، ومن ورائهم من يحرك الخيوط فى طهران وقم ، سيفعلون
كل ما يريدون أينما شاءوا ووقتما شاءوا . شىء آخر لا بد من قوله إن لا وقوف
فى منتصف الطريق . الآن حزب الله عار بلا أى غطاء ، العالم ضده ،
والعرب ضده ، واللبنانيون ضده ، الشعوب العربية لا ترى سوى خطل
حساباته وفشله العسكرى الأكثر من ذريع . اللحظة مناسبة للقضاء النهائى
عليه . لو تركتم بعض بقايا أو ذيول لتلك العصابات ، أو لو اعتمدتم على
أريحيتها أو ترويضها أو ’ اندماجها فى اللعبة السياسية ‘ ،
ستخسرون كل شىء من جديد بعد قليل . الحل فقط هو الاستئصال التام وحتى أعماق
الجذور ، قتلهم حتى آخر عضو وحتى آخر متعاطف . … الوجه الثانى للقرص الصوتى العربى جاء بأسرع مما
توقعنا . الكل نسى الزغاريد والنصر والظفار و’ توازن الرعب ‘
و’ الضربات النوعية ‘ إلى آخر كل تلك المصطلحات المضحكة
المبكية ، وجاء حديث المذابح والمجازر والوحشية الإسرائيلية . هذا بدأ
منذ الصباح نتيجة حدث فى بلدة اسمها مروحين فى أقصى الجنوب ، والتى طلب
الإسرائيليون إخلاءها بالكامل منذ الصباح ، لكن بعض السكان ‑نحو 25‑
راحوا يتسكعون لدى مواقع قوارت الطوارئ وعلى الطرقات المحظورة ، فقصفتهم
إسرائيل وقتلوا . لا أدرى هل كان هؤلاء مجرد بسطاء سيئى الحظ لم يفهموا ما
قيل لهم ، أم أنهم ريفيون متخابثون ’ استعبطوا ‘ معتقدين أن
التسكع بجوار قوات الطوارئ سيعطيهم حصانة من القتل ، أم أنهم ‑وهذا
هو الأكثر منطقية‑ راحوا ضحية لخدعة مارستها عليهم عناصر حزب الله ،
فقدمتهم ذبيحة من أجل غطاء أهداف عسكرية جبانة ، هربهم هم مثلا . بصراحة ، أنا مذهول فعلا من
مرونتكم وسرعتكم الفائقة فى الانتقال من وجه للقرص إلى الوجه الآخر ، أسرع
من أى سواقة ياپانى حديثة جدا . فى لحظة نسمع ’ انتصرنا يا
رجالة ‘ ، وبعد ثانية واحدة ’ إلحقونا يا خلق يا هوو انضربنا ! ‘ .
اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم الخامس : 16
يوليو 2006 : يوم ممل على نحو ما ، لدرجة أن
وجدت بعض الوقت لمشاهدة قناة المنار الإرهابية . البدائية الإعلامية
المتناهية لم تفاجئنى كثيرا ، وإن كنت سأكون أقل مفاجأة لو كان ما شاهدته
أفضل من هذا بعض الشىء . بيانات على طريقة أحمد سعيد ، وأناشيد دراويش
الجهاد القبيحة المنفرة ، كل شىء مقزز ولن أفيض ، ولا أنصحك
بالتجربة . لم أفاجأ لسبب أهم هو أنى من قديم ، وعلى عكس تصورات
الأغلبية حول سطوة الإعلام الغربى ، أعتقد أن الإعلام مثله مثل الإرهاب بات
سلاح الضعفاء ، وأضحى حرفة كبرى للعالم الثالث ، بالذات منه العرب
والمسلمين .
فى الدقائق المتفرقة التى شاهدتها ، لفت نظرى
فرحتهم الطفولية المضحكة بأن لديهم خريطة لحيفا ، هذه التى قصفوها بصواريخهم
اليوم . هى خريطة أتوا بها من على الإنترنيت ، ولدى أنا أفضل
منها . قد تقول لى لا ، وأنهم أتوا بها من إيران . ربما ،
لكن المشكلة أن إيران نفسها أتت بها من على الإنترنيت . المهم ،
الانطباع العام أنهم أناس بؤساء فعلا ، جاءوا من القرون الوسطى داخل كبسولة
زمنية ، ويوهمون أنفسهم أنهم يسايرون العصر ، وهم أبعد ما يكون عنه
ليس روحا فقط بالطبع ، إنما ماديا أيضا . وقد كانت لنا يوما صولة طويلة ومبكرة جدا فى عمر هذا
الموقع ، عن حزب الله بالذات والطريقة التى يتعامل بها مع التقنيات الحديثة
كالحاسوب والإنترنيت . هم بؤساء حقا . يتكلمون عن إسرائيل باسم
فلسطين ، ويتكلمون عن الفلسطينيين باسم المستوطنين . مرض نفسى
واضح ، أوتيستيك بس على وسخ ، أيضا لن نفيض فستوجد وقفة أخرى مع علم
النفس اليوم . لا غرابة فى أن تسمى تل أبيب فلسطين ، وتسمى أصحاب أكبر
اقتصاد فى المنطقة مستوطنين ، هذا إن كنت تعرف حقا ما هو الإسلام
الصحيح ، إسلام سورة التوبة الذى أفضنا فيه لحد الغثيان ذات مرة من قبل . وطبعا لا غرابة إن
كنا نتحدث عن أناس جاءت بهم كبسولة زمنية عمرها 14 قرنا ، ترى فلسطين
وإسپانيا وكل الدنيا ، فسطاطا للإسلام ، ذهب مؤقتا للآخرين فسطاطا
للكفر ، لكن سيعود حتما لجند الله ، فقط إن هم تمسكوا بمسيرة السلف
الصالح أو بالفريضة الغائبة ، كما يسميها رواد التنظير للإرهاب
المعاصرون . لكن المثير هذه المرة شىء آخر تماما . أن التليڤزيون الإسرائيلى يبث خطب الضفدع
البيروتى على الهواء . شىء مذهل ! ما الجدوى
من وراء بث سيل من التهديدات المرعبة لشعب إسرائيل . يزول العجب إن علمت
أنهم يأتون بخبير نفسى يشرح للمشاهد الإسرائيلى مكنونات هذه الشخصية ،
وأهمها قدر الذعر ورغبة التهادن الداخلية فيه . على فكرة ، نقول فقط
إن من يجرى حسابات دقيقة حقا ، لا يقول أبدا عن نفسه أنه يجرى حسابات
دقيقة ، بل الواقع أنه يتملكه دوما هاجس أن هناك ما هو أكثر دقة
منها ! مرة أخرى كان لنا السبق . الكل يشبه نصر الله
بكثيرين ، وآخرهم كان شاءول موفاز الذى شبهه بأسامة بن لادن ( موفاز
هو رئيس أركان الحرب السادسة والآن هو وزير للنقل ، وجاءت تصريحاته وهو
يعاين ورشة القطارات التى سقطت عليها بعض عيدان الكبريت اليوم فى حيفا ،
وجعلها إعلامنا بقدرة قادر محطة للقطارات ) . أما نحن فقد شبهنا ما
فعله الضفدع وشبهنا أسلوبه ، بعبد الناصر تحديدا . على الأقل أسامة بن
لادن ليس ظاهرة صوتية ، كما حال ناصر ونصر ، وطبعا الضفادع .
الخبراء الإسرائيليون هم أول من لاحظ هذا مثلنا . هم يشبهون تقاناته
بتقانات أحمد سعيد فى الستينيات . ويا لها من ضربة معلم ، لم تخطر ببال أحد ، أن يأتى
الإسرائيليون بصورة نصر الله على الهواء ، كى يحيلوها مصدرا للثقة وللقوة
لدى الجمهور الإسرائيلى . لقد فككوا أحد أهم
أسلحته ، لدرجة أشك معها أنه سيتحول لظاهرة إسهالية إعلامية على طريقة عصام
العريان لفترة ما
عندنا فى مصر . ذلك التهادن
فى شخصية نصر الله الحالى ، الذى كنا أول من استنتجه وأثبته حين حللنا قبل
أيام قصة صاروخ حيفا التائه غير معروف الراسل ، تأكد اليوم على نحو باهر
جدا . نصر الله تكلم مساء ، ومرة أخرى يقدم
الرسالة المزدوجة . التحدى والتهديدات المجانية الجوفاء على السطح مخاطبا
’ الشارع العربى ‘ آملا تهييجه أو على الأقل حفظ معنوياته ،
المهادنة فى الجوهر متوسلا الصفح الإسرائيلى . مرة أخرى الورقة هى عينها
حيفا . يقول إن بها منشآت كيماوية وپترولية ، وأنه لم يشأ قصفها حتى
الآن . المفروض أن ’ ركب إسرائيل تسيب ‘ ، لكنك لو حولت
القناة لأية محطة أجنبية أو حتى عربية ، لعلمت ببساطة أن تلك المنشآت باتت
خالية من كل ما هو كيميائى أو پترولى ! ملحوظة أخيرة ، أو لنجعلها مسابقة أو سؤال
اليوم : لماذا أصبحت ذقن سماحة الشيخ شياء بين يوم وليلة . هل الأهوال
التى رآها خلال الأيام الثلاثة السابقة ، أم أنه نسى وهو يفر للسراديب على
عجل أن يأخذ معه صبغة الشعر . كمان لاحظ حاجة تانى عمل فيها الرعب عمله
اليومين إللى فاتوا : الحنجرة . تصور ضفدع أخنف بحنجرة مبحوحة ! فقط شىء إيجابى واحد نود أن نذكره فى صالح سماحة
الشيخ ، الذى اتهمناه بالكذب على طول الخط . اليوم كان صادقا فى شىء
واحد على الأقل ، هو أن ليس لديه جنودا إيرانيين . هذا صحيح ، هو
لا يعوزه تجنيد الجنود من أبناء الجنوب اللبنانى البائس المغلوب على أمره .
طبعا هو ليس لديه جنودا من الحرس
الثورى الإيرانى ، ولم يكن لديه يوما . هو لديه فقط ضباط ! أيضا ثمة وجه مشرق آخر فى حديث السيد الضفدع .
يعزى اللبنانيين فى الخسائر المادية ، ويقول إن لدينا أصدقاؤنا ممن سيعيدون
بناء تلك المنشآت ، وكمان بدون شروط . إذن أبشروا أيها
اللبنانيون ، قريبا سيكون لديكم مطار الإمام الخومينى الدولى ، وميناء
على خامنئى البحرى ، وأوتوستراد أحمد نجاد الأكبر . هذا طبعا إن كان
لا يزال أحدكم ساعتها على قيد الحياة ! اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم السادس : 17
يوليو 2006 : يوم أكثر مللا ، إلا لو اعتبرت
حديث الـ shit
بينما الميكروفون مفتوح أمام بوش فى قمة الثمانية اليوم
شيئا مثيرا ، أو ينبئ الجرذ الدمشقى بكم هو جرذ فعلا بحيث يتكلم عنه الناس
بمثل هذا الاستخفاف المرعب !
هنا يوجد شىء لا أفهمه ، هو
لماذا نصب جام غضبنا على أميركا وغيرها لأنها تعارض وقف إطلاق النار . أين
ذهب كلام ’ توازن الرعب ‘ و’ الضربات النوعية ‘
و’ الحسابات الدقيقة ‘ ’ المفاجات المذهلة ‘ و’ الردود
المزلزلة ‘ و’ المأزق الإسرائيلى ‘ و’ المستنقع اللبنانى ‘
و’ الشارع العربى ‘ و’ معركة عض الأصابع ‘ ؟ أليس من
الواجب أن نشكر چورچ دبليو . بوش على وقوفه فى صفنا واتاحته الفرصة كاملة
لنا لإثبات تفوقنا العسكرى الكاسح ، وجبروت وبسالة أبطال مقاومتنا
الصناديد ، وقدرتهم على سحق ’ الكيان الصهيونى ‘ بأصابع أرجلهم
فى ساعات قليلة ؟ المؤكد أن هذه هى المرة الأولى
فى تاريخ الحروب التى يتلهف فيها المنتصر على وقف إطلاق النار ! … يبدو أن علينا أن نهيئ أنفسنا على هذا لأسبوع أو
أكثر ، فقط قصف جوى إسرائيلى متواصل ، وبعض عيدان الكبريت فى الاتجاه
المضاد ، كلها تمهيدا لشىء مثير على البر . ليس هناك ما يذكر اليوم
سوى ذلك المشهد المضحك‑المبكى لسقوط طائرة إف-16 إسرائيلية بصواريخ حزب
الله ، ومشاهد التصوير البطئ لها ثم للصاروخ يقترب ويفجرها . ثم نذهب
إلى الأرض فنرينا الكاميرا حريقا يفوق حرائق خزانات الوقود فى مطار بيروت ،
ونسمع أن الطيار قد احترق ، وفى قول آخر قد أسر وسوف نبادله بمليون أسير .
باختصار : لقد انتصرنا يا رجالة ، وهنطرد أميركا من مجلس الأمن !
بقية القصة أنت تعلمه ، بالوون مراقبة أو ما
يسمى ذكر نحل drone قماشى يحمل كاميرا ، تجره طائرة للمكان
المقصود للتجسس ، يبث الصور ثم لا يعاد أبدا ، بل يترك كى يسقط بعد
انتهاء مهمته . إنه حتى ليس پريديتور أى بالوون أو منضاد مسلح
بصواريخ . فقط نرجو حين يشكو اللبنانيون قريبا من أزمة بنزين أن يسألوا حزب
الله عن كمية الوقود التى صبها على البالوون قبل تصويره حتى يعطينا كل تلك
النيران . إلى اللقاء فى المرة القادمة حين نسقط الطائرة الورقية
التى يقال إن أحد أطفال بيروت يخطط حاليا لإطلاقها للسماء ! … تحديث بعد ساعات قليلة :
الحرب السابعة : اليوم السابع : 18
يوليو 2006 : الشىء المهم للغاية فى هذا اليوم السابع للحرب
السابعة ، ( والذى يبدو أن لم يسترح فيه الرب كعادته ! ) ،
هو إعلان إسرائيل لأول مرة عن ستراتيچيتها . الكلام جاء على لسان شيمون
پيريس : لم ولن نسعى لفتح ملف أحد ، لكن لو قرر أحد فتح ملفه ،
فسنغلقه له للأبد ! إذن تبلورت ملامح الحرب ، واختارت إسرائيل الطريق
الوعر جدا . طريق تصفية حزب الله فردا فردا حتى آخر فرد وعود كبريت عود
كبريت حتى آخر عود كبريت . تلك مهمة لن تكفيها أيام ولا حتى أسابيع ،
وهذه إذن حرب لن تنهيها الدپلوماسية قريبا . إسرائيل لن تهاجم سوريا ،
وفكرة بوش التى جاءت فى كلماته الزلقة أمس هى أن على أحد ما أن يضغط على سوريا
كى تضغط على حزب الله ، لم يعد لها محل من الإعراب الآن . الآن حان
وقت إغلاق الملفات للأبد ، وإن ليس بالضرورة كلها دفعة واحدة ! نحن إذن أمام ستراتيچيتين
مختلفتين . ما يجمعهما أنهما يعرفان جيدا سيكولوچية بشار كجرذ وسيكولوچية
نصر الله كضفدع . لكن ما يفرقهما هو الهدف المرحلى . بوش ومعظم العالم ،
يرى أن علينا أن نوجه بعض النقرات لجحر الجرذ الجبان ، حتى يكف عن إرسال
الإشارات تحت الصوتية التى تجعل الضفدع ينعق . إسرائيل تفكر بطريقة
مختلفة . الآن الضفدع فى أيدينا ، فلنقتله ولنتخلص من نعيقه
للأبد . إذا حدث واحتج الجرذ وأطل برأسه فسوف نقطعها له . ثم أننا
بقتل الضفدع نكون قد نزعنا منه أداته الرئيسة فى أذى الغير . والأرجح
بالتالى أنه سيصمت للأبد ( أو سيسقط فى كرسيه حسب تعبيرنا المستحدث
نحن ، ذلك كما حدث مع القذافى وآخرين من جبهة الرفض ) .
نعم ، هذه حرب لن تستغرق أياما ولا أسابيع ، إنما شهورا وربما سنوات ،
وربما حتى لن تقف عند حدود الأسلحة التقليدية ، لكن سقوط ضفدع بيروت لن
يكون أقل جائزة للعالمين الحضارى والمتحضر من سقوط صدام أو الزرقاوى . بل
حتى ستعيد حماس والأخوان المسلمون وغيرهما حساباتها ، وسيهوى سقف طموحاتها
على نحو درامى . وحتى إذا لم يحدث هذا ، فيكفى أن إسرائيل الآن وقد
ذاقت طعم النصر ، قد عرفت الطريق الوحيد الناجح للتعامل مع العصابات
المسلحة ، طريق الدك الكامل من الجو أولا ، ثم الاجتياح البرى بهدف
محدد ودقيق للغاية ، الاجتثاث الجذرى حتى آخر عضو . ومن ثم لن تتهيب
مثلا فى دخول غزة قريبا حتى أعمق نقطة فيها !
أين ستتوقف حرب كهذه ؟
تتوقف باستسلام فورى ، تتوقف بقصف جوى ، تتوقف باجتياح
كيلومترين ، تتوقف بعد 10 كيلومترات ، تتوقف بعد الليطانى ،
تتوقف بعد بيروت ، تتوقف بعد دمشق ، تتوقف بعد طهران ، تتوقف بعد
المريخ ؟ لا أحد يعرف ! تتوقف بعد يومين ، بعد شهرين ، بعد
عامين ، بعد عقدين ؟ أيضا لا أحد يعرف ( مصر حين دخلت معركتها ضد
تنظيمات الإرهاب الإسلامى السرية احتاجت لست سنوات ) . ما نعرفه حسب
كلام پيريز اليوم هو شىء واحد : أنها لن تتوقف قبل إنهاء آخر تهديد محتمل
لإسرائيل من جانب لبنان ، مرة واحدة وإلى الأبد !
حين كتبنا قبل أيام تصورنا
المبكر لمسار هذه الحرب ، وتحدثنا عن مسارين عسكرى مثالى وآخر سياسى بديل
يمسك العصى من منتصفها ، أو حين قلنا إن ضرب سوريا بات مسألة ساعات ، لم
يكن فى حسباننا كثيرا أن إسرائيل أولميرت سوف تقدم على قرار بمثل تلك الجرأة
الهائلة أبدا ، أن تنهى كل الملف عسكريا وبلا دپلوماسية أو ضغوط سياسية
مطلقا تقريبا . لا شك أنه قرار صعب للغاية ، لا شك أنه يحتاج لسنوات
من أجل تصفية جماعة إرهابية خفية حتى آخر فرد ، ولا شك أن إسرائيل تستحق فى
خاتمة المطاف رفع القبعة لها من كل العالمين الحضارى والمتحضر غربا وشرقا .
لكن كلنا ثقة أن الشعب اليهودى البطل ، الذى عانى لنصف قرن من المجازر
العربية فيما كان يسمى بفلسطين ، ثم لنصف قرن آخر من حروب الحكام العرب المجرمين
الشوفينيين المهوسين أمثال ناصر والأسد عليه ، لهو شعب عظيم . نعم
سيقدم تضحياته ودماءه الزكية من جديد فى هذه الحرب ، لكنه 1- سيخرج منها
منتصرا بلا أدنى شك ، 2- أنه نصر مستحق بكل المقاييس ، 3- أن جوائز
هذا النصر ستكون هائلة لأبعد مدى . بالذات فيما يخص إنجازات مسيرته الحضارية
التقنية والاقتصادية المظفرة التى تعتز بها منطقتنا أيما اعتزاز ،
الإنجازات التى لم تتوقف لحظة منذ أنشأ ذلك الشعب أول مدرسة للزراعة فى نصف
الجلوب الشرقى قبل قرن ونصف وحتى اليوم . ونعتبرها ‑أى إسرائيل
والإنجازات معا‑ أجمل شىء حدث فى القرن الأخير ‑أو على الأقل منذ
خروج الاستعمار‑ لمنطقتنا المنكوبة بچيينات سكانها .
… لليوم الثالث على التوالى ،
لا نزال نتعرض لقصف وحشى وهمجى من مبادرات السلام الغربية . أوروپا سولانا ، حكومة إيطاليا الشيوعية الجديدة ، كوفى
عنان ، مجموعة الثمانية ، حتى تونى بلير ، حتى چورچ دبليو .
بوش نفسه طالب حزب الله بتسليم المختطفين كبادرة حسن نية . نعم ، لم
يجرؤ أحد منهم على طلب وقف إطلاق نار فورى ، وأغلبهم يؤيد يمنح إسرائيل
فرصة أطول للقضاء على حزب الله أو تقليم أظافره على الأقل ، والشىء الجيد
أن الوعى العالمى بات نسبيا أكثر نضجا بأنه من المستبعد قهر قوى الظلام بوسيلة
غير القوة . لكن المؤكد فى مقابل ذلك أن أيا منها لا يفهم شيئا فى كيف
يشتغل العقل العربى المسلم ، وإلا ما كان وعيهم النسبى قد ترجم على نحو
مبادرات سلام ، إنما كان يجب أن يترجم فى مبادرات حرب صريحة . ألا يحس هؤلاء بالخجل من جهلهم المدقع ، وهم
يطرحون فحوى مبادراتهم علنا ، معتقدين أنها حلولا وسطية ، والمفروض أن
يقبل بها الطرفان لأن بها الكثير من المكاسب لكليهما . ألا يخجلون من أنهم
لم يسألوا أحدا عن سيكولوچية الضفدع أو عن معتقداته الدينية ، وكيف من ثم
يمكن أن يستجيب لمبادراتهم . ألا يخجلون حين يخرج علينا بطلعته البهية
وخنفته الشجية اليوم أو غدا ليعلن رفضه الصارم لها جميعا . أيها السادة
افهموها بقى : حزب الله بلا سلاح لا يساوى شيئا . هل أنتم من السذاجة
لدرجة أن تتخيلوه حزبا سياسيا أو جماعة دعوية بلا سلاح . أى حزب سياسى وأى
برنامج ؟ هل سيقبل بدخول الانتخابات ببرنامج يدعو فيه لتسليح الشعب كله
للقضاء على إسرائيل . إن لديه السلاح بالفعل الآن ، فما حاجته للبدء
من الصفر من جديد . أيها السادة ومع كل الاحترام : أنتم أسذج من أن تفهموا
أن الأچندة الإسلامية شىء لا يقبل التفاوض . نصيحتى الفرية لكم ، أن
تقرأوا القليل من القرآن ، قبل أن تتحفونا بمزيد من قصف المبادرات . سادتى الأوروپيون ، لو أنتم
إنسانيون حقا ، يجب أن تتفهموا قدر الألم المبرح الذى يعيشه يوميا أصحاب
المشروع الإسلامى ، وهم لا يقوون على تنفيذ شىء مما أمرتهم به السماء من
تكليفات إلهية . لو أنتم إنسانيون حقا ، عليكم أن تسارعوا لرحمتهم من
ذلك العذاب المقيم ، وأن تقتلوهم ! … الرئيس مبارك سخر اليوم ممن يطالبون بتفعيل اتفاقية
الدفاع العربى المشترك ، وقال إنهم لم يقرأوها ولا يعرفون شروط
تفعيلها . ربما نحن سبقناه لمثل هذه السخرية قبل عقود حين قلنا إن اتفاقية الدفاع
العربى المشترك هى اتفاقية الدفاع الوحيدة فى التاريخ التى يتقاتل أعضاؤها دون
أن يفكروا أبدا فى الانسحاب منها . لكننا اليوم نميل إلى معارضته
الرأى . بلى ، يجب أن نفعل
اتفاقية الدفاع العربى المشترك حتى نقضى بها على أعدى أعدائنا : سوريا
وإيران وحزب الله وحماس ! اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم الثامن : 19
يوليو 2006 : لا نريد حديث طويلا عن ميشيل عون ، فقط
تكفينا المقارنة مع وليد جنبلاط . جنبلاط عربجى شيوعى صريح أبا عن جد ، ولا يزال ،
ولا يخفى أبدا عداءه لإسرائيل وإيمانه بالاشتراكية . لكن الرجل على الأقل
ربما بسبب مجرد الحس الوطنى البسيط ، لا تنقصه الشجاعة أن يفتح أقصى
النيران على حسن نصر الله وبشار الأسد وأحمدى نجاد ، كما فى حديثه الرائع
والصادم جدا للكثيرين بالنسبة لبلد فى حالة حرب مع إسرائيل ، الليلة مع
برنامج ’ كلام الناس ‘ على الإل بى سى ( أكثر ما أغاظه على ما
يبدو عبارة الضفدع ’ شاء اللبنانيون أم أبوا ‘ . وغدا له مقابلة
تليڤزيونية أخرى ستكون على شاشة العربية مع چيزيل خورى ، وطبعا ننصح
بشدة بمشاهدتها ) . ميشيل عون يفترض أنه يمينى ، وأنه ينتمى
طبقيا وأيديولوچيا لمعسكر الحضارة بقيادة أميركا . لكن منذ عاد
للبنان ، وهمه الأوحد الوصول إلى مقعد الرئاسة ، ولو أدى ذلك لمغازلة
أعدى أعدائه الطبقيين والأيديولوچيين . أنا أفهم لجوء اليمين للشعبوية .
البرنامج الاقتصادى القائم على السوق الحرة ، برنامج لا يلقى جماهيرية لدى
القاعدة الجماهيرية العريضة ، فيلجأ الساسة اليمينيون لتبنى قضايا ذات صدى
جماهيرى ، كالدفاع عن الأخلاق أو محاربة المهاجرين . هذا كله مفهوم
ولحد ما مشروع ، لكن أن تدافع عن حسن نصر الله وعن حلفاء سوريا ، هذا
ليس شعبوية ، هذا انتحار ! نكتب عن ميشيل عون لأنه وردت عبارة مثيرة للغاية فى
حديثه مع قناة العربية ، هو أن قصف الرادارات الساحلية يقصد به البدء فى
تهريب الأسلحة للطوائف اللبنانية المختلفة . بالطبع أنا لست فى موقع من
يقترح على المسيحيين أو السنة إلى آخر فرق 14 آذار إعادة تسليح أنفسهم . كل
فريق أدرى بظروفه وحساباته ، ومن حقه وحده تحديد اختياراته قبل الإقدام على
التسلح للمشاركة فى الحرب على حزب الله . فقط أنا أعلم شيئا واحدا ،
هو أن القضاء على حزب الله لن يتم أبدا عبر ’ حوار وطنى ‘ أو غير
وطنى ، ذلك ببساطة تامة لأن المشروع الإسلامى شىء لا يقبل التفاوض ! ليلا أعلنت إسرائيل قصف موقع تعتقد أنه حصن لقادة
حزب الله ، بمن فيهم الصفدع حسن نصر الله . هل إسرائيل بلهاء لهذا
الحد . هل مصداقيتها الإعلامية رخيصة جدا كى تقدم على شىء لا يكاد يشبهه
سوى إعلان الريچيم الناصرى أنه أسقط مليون طائرة إسرائيلية صبيحة 5 يونيو
1967 . الإجابة بالتأكيد هى لا . تفسيرى الوحيد هو أن هذه مناورة من
أجل المزيد من رصد نظام الاتصالات الذى يشتغل به عصابة حزب الله . هذا
يحيلنى مرة أخرى لمعركة سلاح الجو الإسرائيلى ضد سلاح الجو السورى فوق لبنان سنة
1982 ، والتى انتهت كما نعلم جميعا للنتيجة 79 / صفر . هذا النصر الهائل كان يرجع لشىء واحد
وحيد ومحدد ، هو السيطرة على الجو ، أقصد ترددات الجو . كل نظام
الاتصال السورى كان تحت السيطرة ، فانتهت المعارك بسهولة تامة بنصر
باهر ، طبقا لنظرية عصر المعلومات أن المعرفة قدرة ، أو ما كان يسمى
من قبل الحرب الإليكترونية . بالتأكيد حزب الله لا
يستخدم الهواتف الأرضية ولا الهواتف الخليوية ، ناهيك أن هذه كانت طوال
الوقت تحت السيطرة والمرافبة الإسرائيلية ( تماما مثل هواتف الساتيلايت
التى لا أشك للحظة أن صبية تفصيص hacking الإنترنيت الإسرائيليين
ممن اخترقوا شبكة الپنتاجون يوما ، يستمتعون بالاستمتاع لكل مكالمة لبنانية
فيها منذ سنوات ! ) . بديهى يستخدم حزب الله شبكة اتصالات
ميدانية لاسلكية احترافية أعطتها له إيران . وفك شفرة مثل هذه الشبكة ‑بفرض
أنه لم يتم حتى الآن‑ يحتاج لبعض المحاولات والمناورات ، وأرجح أن
الإعلان الإسرائيلى اليوم كان واحدا منها . فقط أذكر الإعلام العربى بالوجه
الآخر للقرص . إن قررتم الإقدام
اليوم على الحديث عن ’ الفشل ‘ الإسرائيلى الذريع فى النيل من زعيم
الأمة الجديد ، تذكروا هذا عندما تشرعون غدا فى الحديث عن الوحشية والمجازر
الإسرائيلية ، حين يعرضون صورة جثة حسن نصر الله على الشاشات ، كما
فعلت أميركا مؤخرا مع الزرقاوى . فقط ستكون الجثة منتفخة أكثر من أية نفخة
حاولها سابقا الضفدع فى كل حياته ! … الخبراء العسكريون المصريون الذين يظهرون على شاشات
الساتيلايت أو على إذاعة البى بى سى ، لا بأس بهم على نحو عام ، وإن
كان واحد أو اثنين منهم حنجوريا أكثر منه خبيرا ، بالذات
الحرب السابعة : اليوم التاسع : 20
يوليو 2006 : بدء الحرب البرية ، أو قل
إرهاصاتها . حملات استكشافية صغيرة صباح
اليوم ، أو ما يسمى مناوشات حدودية ، وقد كان موقعها بالذات بلدة
تدعى مارون الرأس . القوات الخاصة هى المنوطة عادة بمثل هذه الطلعات ، لكن
مع ذلك تم رصد بعض الآليات الحربية لتى توغلت لبعض النقاط . بالطبع وقعت بعض
الخسائر فى صفوف جيش الدفاع . هذا طبيعى فى مثل تلك الحملات الاستطلاعية
شبه الانتحارية . لكن حسب النائب مجلى وهبى وبعثة من زملائه بالكنيسيت
الإسرائيلى زارت تلك المواقع اليوم وتحدث عنها العضو المذكور لقناة الحرة ،
فخسائر حزب الله كانت جسيمة جدا بما لا يتناسب حتى مع طبيعة جس النبض المقصودة
من مثل تلك الحملات . هذا هو اليوم
الثانى والأخير لإجلاء الرعايا الأجانب ، والذى
يفسر الهدوى النسبى للقصف على بيروت . الإعلام العربى لم يخف رعبه من
هذا ، ويركز على كون هذه العملية هى الأكبر والأعقد منذ الحرب العالمية
الثانية [ أنا شخصيا لم أكن أصدق هذا رغم وروده فى الإعلام الغربى
أيضا ، ذلك إلى أن قالت به دكتور رايس نفسها بعد يومين ] ، بأنها
تنذر بحرب طويلة للغاية . طبعا كنا قد قلنا هذا نحن قبلهم بكثير . أنا
لا أحب الخوض من جديد فى مسألة الهجرة ، وأن معظم هؤلاء الذين يسمون بالرعايا
هم مسلمون من أصل لبنانى ، وأن الواجب على الغرب أن يعيد كل ذوى الأصول
العربية والمسلمة من حاملى الجنسيات الغربية إلى من حيث أتوا أو أتى آباؤهم
وأجدادهم . هذا كلام خضنا فيه مرارا وتكرارا عن كيف تنهار الحضارات بسبب قصف هجرة العبيد
لمركزها . لكنى هنا أود وقفة عما يقال عن معاناة اللبنانيين الأبرياء مما
يحدث . نعم هم ربما أبرياء بالكامل ، أو ربما إن لم يكونوا أبرياء فهم
قد غرر بهم من قبل . لكن هذه هى طبائع الأمور . أتحدث عن نفسى
كمصرى . لو حدث مثلا واستولى الأخوان المسلمون أو أية عصابة ظلامية أخرى
على مقدرات الحكم فى بلدى ، ثم حدث وقررت أميركا أو إسرائيل أن لا سبيل
للقضاء عليها إلا بضرب القاهرة بقنبلة نووية . هل سأصرخ ساعتها قائلا إنى
برئ وإنى صديق لأميركا ولإسرائيل ولكل الدنيا وكل البشرية ، أم سأعترف
وألوم نفسى لفشلى وهزيمتى فى أنى لم أحم أرضى وبلدى من اغتصاب العصابات
لها . بالتأكيد أن تدمير بشار وريچيم الملالى وكذا حزب الله وحماس ،
سينعكس يوما بالإيجاب على اقتصاد بلدى ، ومن ثم على حياتى أنا شخصيا .
أنا لم أسهم فى هذا بأكثر من الجلوس والكلام ، لكن من قدموا الدم والمال من
أجل هذا ، هم بالدرجة الأولى جيش الدفاع الإسرائيلى وسكان إسرائيل ،
وبدرجة لا تقل عنها أنتم فى لبنان ( هذا عن الحاضر ، لكن طبعا من مصر
كان هناك من قدموا دمهم يوما بدءا من كبار ضباط الشرطة حتى الطفلة شيماء فى حربنا
المسهبة على الإسلام السياسى ) . ربما عمليا الفارق بينكم وبين جيش
إسرائيل ، أنكم لم تسهموا فى نجاح هذه الحرب بأكثر من التعبير بالكلام أو
ربما بالهمس ، لكنه يظل كلاما وهمسا ممزوجا بالدم وبالخسائر المادية
وبالتضحيات الهائلة ، وليس كلاما مجانيا ككلام أمثالنا . هذه كما قلت طبائع الأمور . وكلى ثقة أن الشعب
اللبنانى شعب رائع ، وسوف يجنى الكثير جزاء لتضحياته الحالية . سوف
يبرأ من الورم السرطانى المسمى الإسلام السياسى والتحريض بمختلف أشكاله ،
وسيواصل التنمية والنماء بأفضل ما يكون الحال . وبالمناسبة أذكره بكثير من
التواضع أو حتى الخجل ، برأيى
القديم أن مصر الفراعنة لم تكن حضارة أبدا لأنها لم تخترع تقنية جديدة تخص
حياة الناس اليومية ، وكانت كلها تقنيات تخص الموت . أما الفنيقيون
بناة السفن ومخترعو التجارة العابرة للبحار ، فهم صناع تقنيات للحياة رائعة
وخالدة ، أو بعبارة أخرى حضارة ’ بامتياز ‘ كما يقول
اللبنانيون . ولطالما ظل اللبنانيون شعلة الحداثة فى المنطقة ،
بالتوازى مع تجربة الليبرالية المصرية التعيسة منذ أيام مهدها ، ذلك على
الأقل إلى أن تعرض لبنان للغزو العربى المسلم الهمجى ، الممثل فى السوريين
والفلسطينيين ، والذى ألقى بحداثتهم فى دوامة حرب أهلية طاحنة ، ولا
يريد لهم بعد أن يبرأوا منها أبدا . … ردا على بوادر الاجتياح البرى ، لحود ووزير
حربيته المر ، رفعا شعار القتال حتى آخر جندى من الجيش . بصراحة أنا
الذى لم أنزعج لثانية واحدة من جعجعات الضفدع الأخنف وتهديداته ومفاجآته وكل
عبطه ، بل الذى استمتعت فى الواقع بكل يوم فيها باستثناء يوم ممل
واحد ، انزعجت جدا ولأول مرة منذ بدء الحرب من هذا الكلام . إيران
وسوريا وحزب الله ، جروا لبنان للحرب والدمار ، والآن يريدون أن يضمنوا
له الخراب المؤبد حتى بعد هزيمتهم . دخول الجيش الحرب ضد إسرائيل شىء خطير للغاية . المنطقى
أن يدخل الحرب نعم ، لكن ضد حزب الله . لكن إذا لم يحدث فليس أقل من
الوقوف على الحياد . دخوله الحرب ضد إسرائيل يعنى ببساطة دماره ،
إسرائيل لن تخسر فى حربها معه شيئا يذكر ، لكن لبنان هو الذى سيخسر كل
شىء . وهذا يعنى أن لن تقوم قائمة للأمن مرة أخرى فى لبنان بعد أن يتحول
حزب الله لشيع وفرق إرهابية عنقودية تفجر الفنادق لألف سنة قادمة . الجيش
هو أملكم أيها اللبنانيون فى وطن مستقر مزدهر آمن . من ناحيتكم عليكم أن
توقفوا هذه الجريمة التى يدبرها عميل دمشق المجرم إميل لحود وأتباعه . ومن
ناحية أخرى على ميس رايس أن ترسل رسالة عنيفة جدا لفؤاد السنيورة كى يوقف
الجريمة بأى ثمن ، وإلا فلن يحظى هو ولا جيشه ولا بلدة بأى دعم أو معونات
بعد أن تضع الحرب أوزارها . قد يسألنى البعض كيف ’ استمتع ‘ بحرب يموت
ويعانى فيها الأبرياء كل يوم . طبعا أنا لا استمتع بموت أو معاناة
الأبرياء . ما استمتع به هو شىء أشبه بمشاهدة كرة القدم التى انتهت بطولتها
العالمية للتو . ميمى الشربينى يحدثك طوال الوقت عن خطط وتقتيات على الأرض
يراها مثيرة ويستمتع بها جدا ، بينما غالبية مشاهدينا يرون العكس .
وما أفعله أنا هو أنى أحاول أن أفهم ما يقوله الشربينى من أشياء معقدة وأحاول
الاستمتاع بها قدر الإمكان . بالنسبة لهذه الحرب ، أنا أرى تلك
الخطط ، حتى ربما قبل أن يراها غيرى . وارجع لما كتبنا عن الحصار الذى
تم فى ساعات ، أو عن تقطيع الطرق ، أو عن جس النبض البرى ، أو عن
الحرب الإليكترونية … إلخ … إلخ ، هو مصدر لمتعة كبيرة فى حد
ذاته . هذا ناهيك بالطبع عن متعة أن ترى شيئا فشيئا إحدى قوى الظلام تندحر
للإبد عن منطقتنا . إن مشاهدة جثث الأبرياء ليس متعة بالمرة ، بل كذلك
مشاهدة الجثث عامة ، لكن مشاهدة وجه جثة أحمد ياسين أو صدام أو الزرقاوى أو
نصر الله أصلعا بلا عمامة منتفخا مغمض العينين أمر آخر ! … قصف الناصرة اليوم ،
وسقوط ثلاثة عرب قتلى من بينهم طفلان . حزب الله يعتذر ، ويقول إن
الصواريخ انحرفت عن الهدف . أى هدف هذا فى بلدة عربية كالناصرة ؟
العالم رد كله بسرعة وفى صوت واحد أنه لا يعرف بها سوى هدف واحد : كنيسة البشارة ! ترى ما هو رأى العماد عون فى هذا الوجه الجديد‑القديم
من أچندة ’ المقاومة ‘ ؟ حاجة تانى : ترى هل قصف الناصرة يعتبر واحدا
من ’ المفاجآت المذهلة ‘ إللى وعدنا بيها صاحبك الجعجاع ؟
( الكلام لك أنت موش للعماد عون ، وإن كان صاحبه
برضه ! ) . حاجة تالتة ، هى مجرد نقطة توضيحية للقراء
العرب . العرب فى حيفا والناصرة وغيرهما يشتكون من أن الملاجئ العمومية غير مكيفة ،
وينسون أن هذه بنيت من أموال الضرائب لأجلهم ، أما الملاجئ المكيفة التى
يبنيها اليهود لأنفسهم فهى من حر مالهم ولا علاقة للدولة بها ! اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم العاشر : 21
يوليو 2006 : عسكريا صعدت اليوم
إسرائيل الهجوم البرى نسبيا . قالت إنها قتلت مائة من عناصر عصابة حزب
الله . ومن جهة أخرى تسارع استدعاء الاحتياط بأرقام أكبر من كل ما سبق
الإعلان عنه ( 5000 مبدئيا فى بعض التقديرات ) . وكذا تم توجيه
الإنذار الأخير عبر المنشورات لكل سكان الجنوب حتى نهر الليطانى بالرحيل .
الهجوم الكاسح بات أقرب من أى وقت مضى ، ربما خلال 48 ساعة . …
الجبهة السياسية لم تكن أقل
سخونة . دكتور رايس كانت حاسمة اليوم
أكثر من أى وقت مضى ، وهى تعلن دعمها المطلق للعملية العسكرية للقضاء على
حزب الله ، وقالت : سنحقق الشرق الأوسط الجديد ، ولن نعود
أبدا للشرق الأوسط القديم . أيضا فى معارضة ربما غير متوقعة لجهابذة
التحليل السياسى عندنا ، نقول : مرة أخرى ، أميركا تتعلم من
إسرائيل . إسرائيل هى العقل ، وأميركا هى الأبطأ فهما . هذا ليس
عيبا فيها ، إنما ببساطة لأن إسرائيل هى صاحبة الخبرة ، هى التى تعرف
البشر ، وتعرف كل الأچندات وكل الأيديولوچيات ، تعرف القرآن ،
قرأته حتى آخره ، حتى سورة التوبة ، ولم تتوقف كما أميركا عند سورة
البقرة ! نعم ، أنا أعارض بشدة ما
يبدو حتى اللحظة إجماعا من كل المحللين ، سواء فى صف حزب الله أو ضده أو
حتى بين كثير من الإسرائيليين ، أن قرار القضاء على الحزب قرار صدر من
البيت الأبيض . إطلاقا ! خطأ كامل ! حديث الـ shit قبل أربعة أيام فقط ، كان خفيضا
جدا ، ضعيفا جدا ، متواضعا جدا ، إن لم أقل خانعا مستسلما عديم
الحيلة . كل ما أراده بوش فيه ، أن يهاتف أحدهم سوريا كى تأمر حزب
الله بتسليم الجنديين ، وانتهى الأمر . الموقف الأميركى هو الذى
تغير ، هذا لأن إسرائيل هى التى رفعت سقف الطموحات . هى التى قالت
لأميركا إن القضاء على حزب الله من جذوره 1- ممكن 2- قد آن أوانه . ومن هنا
انقلبت الدفة وتغيرت كل المعادلات . وكما رأيت أعدنا نحن كل حساباتنا ،
وسحبنا كل تصوراتنا المبكرة ، ببساطة لأن عاملا جديدا دخل للمعادلة ،
عاملا علمنا التاريخ أنه أكثر الأشياء ندرة فيه كله : العزيمة
الحضارية !
من نافلة القول إننا بمنتهى
القوة عارضنا وسخرنا بشدة من بيلل كلينتون وماديلين
أولبرايت ، وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من كولين پاول ، وإننا بمنتهى القوة
عارضنا وسخرنا بشدة من آرييل
شارون رجل السلام ، وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من خارطة الطريق ، وإننا بمنتهى
القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الجدار
الفاشل ، وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الانسحابات أحادية
الجانب ، وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من عفو أميركا عن القذافى ،
وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الشرق الأوسط
الأعظم ، وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الديموقراطية فى العراق ،
وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الديموقراطية فى مصر ،
وإننا بمنتهى القوة عارضنا وسخرنا بشدة من الديموقراطية فى الأراضى
الفلسطينية . بكل تواضع أو غرور ‑اعتبرها
ما شئت ، لكن قطعا بكل فخر ، ما أكتبه أنا هنا منذ عشر سنوات ولا يزال يعتبره الكثيرون
خيالا مستحيل التطبيق ، أو بالأحرى ما أومن به قبل 15 سنة أخرى منذ كنت
شابا عاش كيف رجم هؤلاء الأقزام السفلة صرحا للتحضر كأنور السادات حتى
الموت ، هو الذى بدأت تنفذه إسرائيل وبدأت تفهمه وتعيه أميركا صباح اليوم
فقط . لو أن ما طرحته اليوم دكتور رايس عن الشرق الأوسط الجديد هو فعلا كما
فهمته أنا وفهمه العالم ، تقسيم العرب التقسيم الصحيح لأول مرة ، جبهة الصمود والتصدى
والآخرون ، ومن ثم عزل واجتثاث كل فلول جبهة الرفض تلك ، فستكون هذه
أول مرة أؤيد فيها أميركا بطيئة الفهم فى شىء تفعله فى منطقتنا . حتى حرب
إسقاط صدام كانت تقدم ساقا فيها وتؤخر ساقين ، بدليل أنها بعد أن حررته
تركته فريسة للديموقراطية ، وكأنها أسقطت عدوا للحرية كى تترك البلد لألف
عدو لها يرتعون ما شاءوا فيه .
مرة أخرى الحلول البسيطة هى الحلول الوحيدة ،
وكل ما عداها هو تأجيل للمشكلة ليس إلا . لا تصدق ما يقوله لك بعضهم إن لبنان أو العراق أو المريخ
فسيفساء معقدة تستلزم حلولا حساسة ، أو أن يغرروا بك ويدعونك إلى
’ حوار ‘ انتووا سلفا جعله يستمر حتى يوم القيامة . الحلول واحدة دوما ، هى ما تعلمناه من
أمنا الطبيعة من بلايين السنين : الخارج من التاريخ ، يجب أن يخرج
أيضا من الجغرافيا ، على من لم يستطع التأقلم مع ثورة تقنية جديدة ومع ما
تفرضه من روح للعصر بالغة الاختلاف ومن قوانين عالمية شاملة جديدة ، أن
ينقرض من تلقاء نفسه ، أو أن يأتى طرف آخر أكثر تقدما ويبيده . باختصار : ما استجد اليوم ليس الشرق الأوسط الجديد
كما أطلقت اسمه ميس رايس . ما استجد هو الولايات المتحدة الجديدة !
وما تبقى مما يتعين على أميركا الجديدة قبوله من كلامنا هو خطوة واحدة
أخيرة : إن بعض بؤر القرصنة فى العالم هى بؤر مستعصية ، ولا حل لها
سوى القصف النووى ، أو على الأقل لأنه الأقل كلفة للجميع من أى خيار
آخر ! أملنا ألا تهدر أميركا
خمس سنوات أخرى قبل أن تتوصل لصحة كلامنا مرة أخرى !
أرجوك اسألنى أنا عن كيف يفكر
الإسلاميون . لا تسأل الشيخ طنطاوى ولا تسأل وحيد حامد . أنا
شاهدت وعاينت عن قرب فى مطلع السبعينيات كل لحظة فى مخاض ميلاد الرعيل الأول جدا
من المعاصرين منهم ، يوم كانت كل الدنيا قد اعتقدت أنهم اندثروا
للأبد . أنا أعرف عن قرب شديد من أصبح أمثال أيمن الظواهرى وغيره من
المشاهير عالميا تلاميذهم لاحقا . هؤلاء ’ الأساتذة ‘ كانوا
أصدقائى ، وكانوا أصلا مستنيرين منفتحين لكل الأفكار ( كذا لا فقر
لديهم ولا مشاكل مادية ولا أى من تلك الأساطير نهائيا ، وقطعا لم يكن قد
داس لهم أحد على طرف ، لا اعتقلهم ولا عذبهم ولا ’ هتك
عرضهم ‘ ) ، ثم فجأة ودون مقدمات تقريبا قرروا الإقدام على قفزة
كبرى للمجهول ، مغامرة لم تكن مألوفة كثيرة فى تلك الأيام : قراءة
القرآن ! بعد مجرد أسابيع ، وبمجرد أن وصلوا لسورة التوبة ،
عادوا إلينا بالجلابيب والجنازير والسيوف ، ثم بعد قليل بالرشاشات والقنابل
والمتفجرات ( وأيضا لم يدس لهم أحد على طرف ، لا اعتقلهم ولا عذبهم
ولا ’ هتك عرضهم ‘ ، بالعكس صاروا الصبية المدللين لمحافظ أسيوط
رئيس مخابرات حرب أكتوبر السابق ، وتفاصيل القصة موجودة لمن
يريد ) . المشكلة ببساطة شىء آخر تماما . المشكلة أن هؤلاء
يستحيل التفاهم معهم بأية طريقة أيا كانت . والسبب أيضا غاية فى
البساطة ، أنهم يتلقون تعليماتهم من السماء ، وما يأتى من السماء لا
يحتمل التفاوض ولا يعرف الحلول الوسط . لا مجال لحلول معقدة معهم :
أما أن نستسلم بالكامل وحرفيا لهم ، وإما أن نقتلهم حماية لأنفسنا ولحضارة
الكوكب ، وربما أيضا رحمة بهم من عذابهم المقيم لفشلهم فى تنفيذ تلك
التكليفات الإلهية . ألا تخجلون من أنفسكم أيها
الأوروپيين وأنتم تطرحون على حزب الله وما شابهه الحل الوسط تلو الآخر معتقدين
أنها حلول ’ متوازنة ‘ وسترضى جميع الأطراف . وتمر عليكم السنوات
ولا تلحظون أبدا أن الأچندة الإسلامية لا تعترف بشىء اسمه الحلول الوسط ، بل
لا تعرفه أصلا . من يقول إن حزب الله ينفذ أچندة سورية أو إيرانية ،
إنما يغمطه حقه يبخسه قدره ويجحفه حقيقته ، والأسوأ ‑والكلام
للبنانيين وللعرب كما هو للأميركيين والأوروپيين‑ أنه لا يفهمه ومن ثم
يخطئ فى تحليله وسيفشل فى توقع خطواته . أچندة حزب الله ‑لو أردتم
الفهم‑ هى ببساطة تامة أچندة إلهية ! ( نعم ، هو بالطبع
يتلقى الأوامر من قم ودمشق طوال الوقت ، وينفذها بحذافيرها ، لكن
علينا ألا ننسى شرط أن هذه الأوامر دائما ما تكون متسقة مع أچندته
السماوية ، ويوم تختلف سترون شيئا مختلفا ، ستصبح يد الله فوق
الجميع ! ) . نفس الكلام ونفس الحل يسرى على
كافة أيديولوچيات الكراهية ، الكراهية الشوفينية الناصرية العربجية ،
والكراهية الطبقية الحقدية الشيوعية ، وكراهية كل من تأكل الهزيمة والعداء
للمتقدم روحه . لذا عن من سقطوا فى كراسيهم من رموز جبهة الرفض ،
القذافى والبشير وصالح ، فلا زلت عند رأيى : لأسباب چيينية
محضة ، القرصان قاطع الطريق لا ينقلب بانيا صالحا بين يوم وليلة . لا
يزال المطلوب إسقاطهم ’ خارج ‘ كراسيهم ، محاكمتهم وتصفيتهم
جسديا ، وتنصيب حكام حداثيين عصريين جادين وحقيقيين بدلا منهم . …
هامش بمناسبة ميس رايس : اليوم اكتشفت أنى أحب هذه المرأة . أنا أوافق فيلم ’ ليلة سقوط بغداد ‘
أنها أنثى مثيرة جنسيا . لأول مرة منذ هنرى كيسينچر نسمع مثل هذه الآراء
التى سمعناها اليوم من سكرتير للدولة وليس من سكرتير الدفاع . وطبعا أول
مرة نرى ’ صقرة ‘ أميركية وليس صقرا . فى رأيى أن هذه العزباء
التى من طبيعتها بمناسبة مسز ثاتشر ، يبدو أن بعضا من كلماتها عن الحلول الوسط وعن العرب
والمسلمين ، قد يكون أفضل نبراس لنا فى هذه الأزمة : - ’ الإجماع هو نقيض القيادة ! ‘ - ’ إنهم يكرهوننا . قواتنا المسلحة ستتولى حل هذه
المشكلة ! ‘ . … سفير سوريا فى الأمم المتحدة قال فى حديث لقناة
الجعيرة اليوم أشياء كثيرة ، كلها مألوف ومتوقع ، هذا باستثناء شىء
واحد ، شىء لفت نظرى بشدة . الرجل يستغرب من لماذا سيقام الممر الإنسانى الآمن لغوث المدنيين
اللبنانيين ، عبر البحر من قبرص ، وليس عبر البر من دمشق . تصور لأى مدى وصلت رهافة القلب السورية تجاه لبنان !
باختصار هؤلاء الناس يدورون الآن كالنحلة الدائخة ، لا يعرفون كيف يمررون
بعض عيدان الكبريت المسماة بالصواريخ لحزب الله ، فراحوا يلعبون بورقة
إنسانيتهم المفرطة . لا لشىء إلا أن تتاح لهم فرصة تمرير الأسلحة فى شاحنات
الإغاثة ، بعد أن قطعت عليهم إسرائيل كل ما عداها . يا للهول ،
هؤلاء الناس لا ييأسون أبدا ، وفعلا لا نعرف أية وسيلة للتفاهم معهم سوى
القتل وتخليصهم من شقائهم اليومى المقيم . باختصار أكثر ، أنت يا أيها الضفدع الأخنف طالما تذكرنى بكل
الضفادع ، التى يقال عنها أنها لا تقفز أبدا من مرجل يغلى تدريجيا ،
إلى أن تموت . أنت بائس لا تشعر أبدا بأنك ستسحل قريبا فى الشوارع وعلى
شاشات التلفاز ، تعميك كاريزميتك المشئومة المزعومة وسط شعوب غبية جاهلة
تنساق وراء المجرمين المحرضين من أمثالك . صديق لى سمعنى أقول هذا الكلام ، فراح يروى لى
أنه جلس بالصدفة ذات مرة خلال سفر ليلى له ، مع غفير من بلدة أدهم
الشرقاوى . عرف منه أن أدهم
الشرقاوى هذا ليس بطلا قوميا وليس حتى شرقاويا ، وأنه فقط مجرد لص قاطع
طريق تافه . كذا مؤخرا ذكرنا هيكل بما كنا نخشى أن نكون قد نسيناه ،
بأن كل ’ البطولات ‘ ضد الإنجليز فى منطقة قناة السويس كانت بطولات
وهمية ومزعومة . أنت أحدث وأسوأ الأمثلة جميعا ، حررت ما هو محرر
أصلا ، ثم تطلق صيحاتك الضفدعية الخنفاء بأعلى من كل هؤلاء الذين
ذكرناهم . النقطة هنا أن المجرمون هم أبطال الفقراء . لا تفخر
كثيرا أيها الضفدع أن لك بعض الجماهيرية بين الدهماء هنا وهناك . الدهماء
ليسوا معيارا . الفقير يجد فى كل مجرم تنفيسا له عن حقده أو على الأقل
وضعيته الضعيفة إزاء الغنى . الفقراء لا يخرجون عادة أبطالا من نوع
آخر . باستثناء بعض الشعوب الحضارية التى يتوسم فقراؤها فى قصص النجاح
والثراء والعلم مثلا عليا لهم ، فإن كل أبطال الفقراء ‑بالذات فى
عربستان‑ هم قطاع طرق ، من أدهم الشرقاوى حتى جمال عبد الناصر ،
حتى آخرهم وأبشعهم جميعا : أنت ! … سفير تانى عمل حاجة ظريفة جدا برضه . سفير
لبنان فى قطر . عمل مؤتمر سياسى فى الدوحة ، وفى الآخر رفع شعار
’ الصمود والتبرع ‘ . فى حدود ذاكرتى كان زمان اسمه ’ الصمود والتصدى ‘ .
بس يا ريت نقارن شوية بين أبواب جهنم إللى حصلت للسادات م العرب لما زار
إسرائيل ، وبين إللى بيحصل اليومين دول . ده علشان نعرف قد إيه حسن
نصر الله وأمثاله حرروا الجنوب ورجعوا لنا كرامتنا ورفعوا رأسنا ، بدليل أن
مستوى شعاراتنا بيرتفع يوم بعد يوم ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الحادى عشر : 22
يوليو 2006 : الحرب البرية ، أو بالأحرى مجرد
تلك المناوشات الاستكشافية البسيطة
ظهرت صباح اليوم آثارها الباهرة ، ربما أكثر مما
توقع أحد . انتهى قصف حيفا وما إليها من عمق إسرائيلى بالكاتيوشا .
هذا معناه أنها كانت تطلق من المنطقة الحدودية بالضبط ، حتى تسافر تلك
الثلاثين كيلومترا . اليوم سقطت فقط بعض عيدان الكبريت على كيريات
شمونة . هذه تقع تقريبا على الحدود ، ولو صح تحليلنا فمعناه أن القصف
يأتى من مكان أعمق مما يتخيل أحد فى الداخل اللبنانى ، وأن الجنوب القريب
للحدود لم تعد به استحكامات تذكر للعصابة . [ بعد قليل من كتابتنا
لهذا الاستنتاج أعلنت إسرائيل فعلا عثورها على مخرن هائل لصواريخ الكاتيوشا فى
أحد مساجد قرية مارون الرأس ] . … الخبر الأهم اليوم ،
وهو استطراد منطقى لقرار مجلس النواب
الأميركى شبه الإجماعى ( 410 : 8 ) أمس الأول بدعم
إسرائيل بلا حدود أو تحفظات ، هو قرار أميركا اليوم
بدء الشحن فورا لقنابل نابهة موجهة ليزريا وساتيلايتيا وذاتيا لإسرائيل ،
منها على الأرجح القنابل الاختراقية الطحانة فائقة الثقل والتدمير التى استخدمت
فى تورا بورا ( سأتاكد وأوافيك
لاحقا ) . هذا هو الشىء المتوقع فعله من معسكر الحضارة ، فى وقت
يقف من يدعون الانتماء له بالاسم فى أوروپا مثلا ، موقف المتفرج ، أو
حتى لا يريدون أن يكفوا عن قصفنا بمبادرات السلام المتواطئة الخائنة لكل ما يمكن
أن يوصف بالحضارى . اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الثانى عشر : 23
يوليو 2006 : سوريا حست أن الأمور خربت ،
وتريد أن تدخل ع الخط ، جايز تفلت بحاجة . تلمح لفروض الولاء
والطاعة ، وتريد أن تدعى كطرف فى المفاوضات ، وتلوح بأشياء بعيدة منها
خيانة حزب الله وحتى إيران خيانة كاملة . الجرذ يريد انقاذ رقبته
الطويلة ، لكن ‑وهذا ما نقوله نحن‑ دون التخلى عن أية أچندات
خفية . العب غيرها يا أخ . ستذل نفسك ، ولن تحظى أبدا بلقب زعيم
الأمة رقم 5 ( بعد زغلول وناصر وصدام والضفدع ) . فقط أخشى أن
يغريها كما القذافى بأن تسقطه فى كرسيه ، وفكرة تدجين بشار بعيدا عن إيران جاءت
بالفعل فى تقرير للنيو يورك تايمز اليوم .
هذا ليس حلا ، وستندم عليه
أميركا وسنندم نحن ويندم الجميع قريبا . لا زلت آمل أن تكون دكتور رايس قد
قصدت فعلا ما فهمه العالم عنها بأن أميركا بلورت أخيرا وبعد طول انتظار موقفها
بقرار اجتثاث جبهة الرفض . وآمل أن لن تنطلى عليها حيلة جديدة أخرى من
الجرذ . … الإعلام العربى هلل اليوم لتصريح وزير الدفاع
الإسرائيلى اليوم
إن إسرائيل قد تفكر فى قبول قوات
للنيتو فى لبنان ليس فقط لحفظ السلام مع حدود إسرائيل بل لمراقبة كل الحدود
اللبنانية الأخرى أيضا . اعتبروا هذا تسليم مبكر
من إسرائيل بالهزيمة العسكرية . هم فاكرين إسرائيل سواء قضت على حزب الله
فردا فردا أو تركته حزبا سياسيا ( أو حتى مسلحا ) ، هتقبل بحاجة
تانى على الحدود غير كده ؟ أنا موش ها أقول حاجة ، وها أسيبك أنت
تفكر ! بس فى نفسى حاجة واحدة غايظانى وعاوز أقولها ،
حاجة ما فيش أسخف منها ولا أغرب منها : مضيفو قناة الجعيرة غاضبون من مجرد تفكير إسرائيل فى طلب وضع
مراقبين على الحدود مع سوريا أو على السواحل ، وبيقولوا لبنان دولة مستقلة
ذات سيادة ؟ هأ ! من إمتى ؟ هو فيه دولة مستقلة ذات سيادة تسمح
لعصابة مسلحة بالوجود على أرضها ، ناهيك عن أن تتحكم فى كل حاجة
فيها ، وناهيك طبعا عن وجود دولة زى سوريا على أراضيها ؟ أيوه يا سادة
وبصراحة كده ، وما فيش بعد كده : نحن شعوب قاصرة فى حاجة لأن يوضع
علينا حرس طوال الوقت ، جزرا لنا من حماقات قد تخولها لنا أنفسنا ، أو
بعبارة أخرى تخولها لنا چييناتنا غصب عنا ! … هذا يقودنا للوضع العسكرى . التقدم البرى
الحثيث يتقدم ويتقدم اليوم ،
وهو اليوم الرابع على التوالى . بينما بدأت الدنيا تتكلم بالفعل عن بنت جبيل ، التى
يسمونها عاصمة حزب الله ، تفضلت علينا العصابة ببيان رسمى طال انتظاره
( صحيح ، اسمه كده . آدى حال الدنيا ، كلنا لها . عشنا
وشفنا العصابات بتطلع بيانات رسمية ! ) . اعترفوا بعد يومين من
الإنكار أن أسرائيل استولت على مارون الرأس . أضافوا شيئا طريفا لذيذا زى
العسل . قالوا إن احتلال
إسرائيل لقرية واحدة فى 12 يوما هو الهزيمة عينها .
الناس دى هبلة ولا إيه ؟ هم فاكرين أول قرية أخدت 12 يوم ، يبقى 1000
قرية هتاخد 12000 يوم ؟ يا صناديد العروبة والإسلام ، الأمور ما
تتحسبس كده ، إلا إذا كنتم فاكرين إسرائيل غير الشهيرة قوى
’ بحساباتها الدقيقة ‘ هتدخل لكم 20 كيلو فى أول يوم . وبرضه
عزيزى القارئ أنا موش ها أقول حاجة ، وها أسيبك أنت تفكر ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الثالث عشر : 24
يوليو 2006 : وسقطت بنت جبيل ’ عاصمة المقاومة وعرين المواجهة ‘ . ربما من المغرى التعليق أنها لم تحتج إلا إلى 12 ساعة وليس
12 يوما كما قالوا عن مارون الرأس . لكن الحقيقة أننا لا نحسب الأمور
بالساعات ، إنما بالأهداف . هذه كلها لا تزال عسكريا تقع تحت بند
المناوشات ، لكن الهدف باق أيا كانت الوسائل وأيا كان الوقت اللازم :
القضاء على كل جبهة الرفض العربية‑الإيرانية
حتى آخر فرد وحتى آخر متعاطف ، ليس حبا فى الدماء ولا الانتقام ، إنما
لأنه لا يوجد حل آخر مع حزب الكراهية والفشل ! … قيل اليوم إن كوندولييززا رايس قالت لنبيه برى إنها
مستعدة لاصحاب الأسيرين معها على طائرتها فورا ، وقال لها شكرا . هذا
متوقع ، مجرد ذهاب دكتور رايس لبيروت لا بد وأن يفسر بأنه بوادر هزيمة
إسرائيلية . هذه هى دائما أبدا قصة الفرص الضائعة فى تاريخنا العربى .
كلما يمد لك الطرف الآخر يد السلام تفسر هذا على أنه ضعف منه ، وتنجرف نحو
المزيد من الحرب عليه . قبل أيام هللتم لما قيل إنه مهلة أميركية لإسرائيل
مدتها أسبوع ، إنهم لا يفكرون بهذه الطريقة بدليل أن برى ومن ثم الضفدع الذى قبل هذا البرى أن يكون بوقا
له رغم أنه فى الحقيقة كان رئيسه يوما فى حزب أمل الشيعى العلمانى ، قبل أن
ينشق هذا الأخير ويشكل حزب الله ، كلاهما يكرر مرة أخرى قصة الضفدع الذى
يزداد نعيق الابتهاج عنده ، بينما الماء يغلى تدريجيا تحته ! بجد ربما
كانت هذه الفرصة الأخيرة للضفدع للنجاة من الطنجرة التى يطبخها الجميع تحته ،
لكن كما تعلم الضفدع لا يقفز أبدا من الماء الذى يغلى ، ويموت بسعادة
كبيرة ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الرابع عشر : 25
يوليو 2006 : يوم نزول الوحى الإلهى ! كلمة الزعيم الملهم أصبحت حرفية
جدا هذه المرة ، لا ناصر ولا صدام ولا الأسد ولا القذافى ولا أى حد زعيم
ملهم ، حسن نصر الله وبس هو الزعيم الملهم ، والملهم بجد ، لأنه
بيتلقى الإلهام من السماء شخصيا ! حديث متأخر جدا
ليلا ، لا أدرى لماذا اختار له الضفدع موعدا كهذا . لم لم يشأ أن يراه
’ الشارع العربى ‘ على هذا النحو . محور الحديث هو أن استخباراته
الفتية اكتشفت اليوم فقط أن إسرائيل كانت تخطط لشن هذه الحرب بالضبط فى سپتمبر
القادم ، لولا أن إله السماء ألهم المقاومة أن تخطف الجنديين ، فتضطر
إسرائيل لدخول حرب غير ناضجة ، بلا معلومات استخباراتية ، وبلا عنصر
المفاجأة الذى يقصد به ما أسماه ضرب ’ الإدارة ‘ ، أى ضربه هو
نفسه . إذا كانت مصائر شعوبنا معلقة برسائل تأتى من السماء فى المنام
لضفدع ، فنحن فى خطر جسيم . هذه عبارة لا أستطيع مقاومتها
ككاتب ، لكنها فى الحقيقة ليست ذات معنى جدى . لأننا بالفعل فى خطر
عميق منذ عقود وعقود ، وبضفادع وبدون ضفادع ، وبرسائل سماوية وبدون
رسائل سماوية . الجديد فقط هو نكتة الوحى الإلهى التى لم يذهب لها أحد من
قبل ، لا ناصر ولا الأسد ولا صدام ، ولا حتى الخومينى وخامنئى .
صلى الله عليه وسلم لم يقل لنا أين كانت استخباراته من قبل ، ولماذا لم
تكتشف الخطة إلا اليوم ، وكأن أسرار إسرائيل أسهل فى الحصول عليها تحت
الحرب لا فى أيام الاسترخاء . صلى الله عليه وسلم لم يقل لنا كيف حصل على
هذه الأسرار أصلا ، أم أن اللعبة كلها تلفيقة مفضوحة يضحك بها على سذج
’ الشارع العربى ‘ ، يواصل إيهامهم فيها بـ ’ حساباته
الدقيقة ‘ ، الشارع العربى الذى خشى أن يواجهه نهارا ، ففضل أن
يحدثه ’ فى المنام ‘ هو أيضا ، فى الثانية بعد منتصف
الليل . التهديدات الجوفاء لا تزال مستمرة . قال إن مرحلة ما بعد حيفا قد بدأت . لا ها أقول لك القاهر والظافر ، لا ها أقول لك الصواريخ
التقيلة هيصيدها الپيتريوت ، ولا ها أقول لك الظاهر عيدان الكبريت قصيرة
المدى خلصت ، ولا ها أقول لك إنه مرعوب بيتوسل الاستسلام وقال كلمة وقف
إطلاق النار مليون مرة ، وقال إنه مستعد يقبل أى شروط بشرط تكون ’ غير
مذلة ‘ ، ولا ها أقول أنه خسر مباراة عض الأصابع وبيصرخ بأعلى
صوت ، ولا ها أقول أى حاجة . ها أقول أهلا وسهلا ، بكره هندخل تل
أبيب ، وسنرى كيف ستركع إسرائيل ، ويعودون لپولندا وروسيا . أيضا هو يجدد تهديده بما بعد بعد حيفا . لو أنا أفهم
ما يقوله على نحو صحيح ، أو لو لدى قدر من تصديق بعض جعجعاته ، فهو
يقصد مفاعل ديمونة . بعد بكره هنعيش ونشوف ، وأنا مستنى بجد بجد هذا اليوم .
لأن لى أربع سنين واعد قرائى
بأن الألعاب النارية النووية هتشتغل فى المنطقة ، وما فيش حاجة
بتحصل ، وباين صلى الله عليه وسلم هيكون الخلاص على إيديه أخيرا ! أو
زى ما قلنا فى تانى يوم ، سيباد اللبنانيون وهيروحوا النار ، وسيخرج
اثنان فقط منتصران : الضفدع هيروح الجنة وهيتعشى مع الرسول ومع على بن أبى
طالب والحسن والحسين ( إن ما كانوش بيتخانقوا هناك ) ، والمنتصر
التانى أنا ، لأن كل الدنيا هتقول على الكاتب إللى تنبأ بالحرب النووية قبل
وقوعها بأربع سنين ! بصراحة ، عاوز أقول لك سر . لما قالوا قبل ساعتين تقريبا إنه
هيلقى خطبة ، قلت ها أجرى أكتب هنا أنه سيعلن الجهاد على قوات الردع أو حفظ
السلام الدولية التى غالبا هيقرروها فى روما بكره ، وبكده يكون أجهض
المؤتمر من قبل أن يعقد . لكن إللى خلينى ما كتبتش
3 حاجات ، الأولى إنى ما كنتش متخيل أنه هيتأخر لقرب الفجر كده وأن عندى
وقت فعلا للكتابة ، والتانية أنك ما كنتش هتصدق إنى أنا كمان نبى صلى الله
عليه وسلم وبيعرف الغيب قبل وقوعه ، والحاجة التالتة أنى كنت متأكد أنك
نايم . لحسن الحظ هو ما قالش كده ، وما طلعتش أنا نبى ولا حاجة ،
وما زلنا أنا وأنت حبايب . … مضيف الجعيرة غسان بن جدو حصل رسميا على لقب بوق
حسن نصر الله ، اللقب الذى حصل عليه عبد البارى عطوان من قبل بالنسبة لأسامة بن لادن .
كلاهما ودون غيره يمكن له وحده مقابلة زعيم العصابة فى مخبأه ، حيث لا يمكن
حتى للجن الأزرق معرفة هذا المخبأ . الكلام ده حصل إمبارح ، لكن سيبك
من كل ما قاله الضفدع ، كلام مكرر وقدرته على الجعجعة لا تزال فوق المتوسط
حتى اللحظة . الكلام إللى بجد هو إللى قاله البوق النهارده : حزب الله
وأنصاره قضوا الليلة الماضية فى الدعاء ! يا سلام سلم على الحسابات
الدقيقة ! … الآن إلى الجعجاع الأكبر : أحمدى نجاد قال النهارده ’ من يزرع الريح
يحصد العاصفة ‘ . أنا أوافقه تماما .
هذا ما يحدث الآن لحزب الله وسيحدث قلايبا لك وطبعا لربيبك الآخر جرذ
دمشق . …
اعتبارا من اليوم تخلت قناة الجعيرة عن
’ موتو ‘ الحرب ’ مواجهة
مفتوحة ‘ وأصبحت تستخدم موتو ’ الحرب السادسة ‘ .
كما تعلم نحن استخدمنا كلمة الحرب
السادسة لوصف الحرب على الانتفاضة سنة 2002 ، لأننا اعتبرناها حربا
كاملة الأوصاف ، استدعت لها إسرائيل قوات احتياطها العتيدة ، استخدمت
فيها كل الأسلحة ، امتدت لأسابيع وقطعا كانت فائقة الشراسة . هذا كان
معيارنا ، ومنه مثلا أن لم نعتبر اجتياح 1993 أو عناقيد غضب 1996 حربا
مستقلة رغم استدعاء بعض الاحتياط إليها ، لأن الحرب كانت مفتوحة بالفعل منذ
1982 ، وإن كان هذا القرار يحتمل بعض المناقشة . والآن يختلط على
الأمر : أى معيار تعتمده قناة الجعيرة ؟ حقيقة لا أعرف . هل هناك
موقف أيديولوچى ما مثلا يستهين بياسر عرفات أو يفخم من حسن نصر الله ؟ هل
لبنان دولة والسلطة الفلسطينية ليست دولة ؟ هل لبنان دخل الحرب كدولة بمعنى
أعلن رسميا حالة الحرب سواء فى 1982 أو 2006 ؟ هل لبنان قوات نظامية
والسلطة الفلسطينية ليست كذلك ؟ ربما العكس هو الأصح فى كل هذا وذاك ،
فالجيش اللبنانى لم يشارك فى القتال يوما قدر مشاركة قوات ياسر عرفات الرسمية فى
الحرب السادسة . وقطعا الجيوش العربية لم تحارب منذ 1973 ، حيث بعدها
صرفت النظر كلية عن الفكرة . هنا
تكمن المغالطة المتعمدة ، أو بالأحرى الخدعة الحقيرة ، لقناة الجعيرة
حين تسمى هذه بالحرب السادسة وتسقط الحرب على عرفات وانتفاضته . تريد الإيحاء
أن الحروب هى الحروب بين الدول فقط ، وأن هذه ليست حربا على حزب الله إنما
على لبنان . بينما الحقيقة أن ما أسميناه نحن الحرب السابعة ، أى
الحرب الحالية ، لا تختلف عن الحرب السابقة السادسة 2002 ، أو حتى
الخامسة 1982 ، ناهيك عن الثامنة والتاسعة وهلم جرا : ليست حروبا على
دول إنما حروب على عصابات ! نعم ليست هناك معايير فاصلة أو بالغة الوضوح للحروب
بين إسرائيل والعرب ، والأمر برمته ينطوى على اصطلاحية شديدة ، وعلى
قدر توافق الناس على أشياء بعينها . إسرائيل نفسها لم تهتم بتعداد
الحروب ، وهذا هو أهم ما فى الأمر . نحن استخدمنا الاستدعاء الواسع
للاحتياط الإسرائيلى كمعيار . ولو مثلا وصل أحدهم لحد اعتبار كل ما حدث
مجرد حربا واحدة ممتدة منذ 1948 لكان لديه بعض العلمية وبعض المنطق وبعض
الوجاهة . لكن تحديدا استخدام كلمة الحرب السادسة هذه فى وصف الحرب السابعة ،
هو ببساطة استخدام لا علمية ولا منطق ولا وجاهة فيه ، وفقط ينطوى على إهمال
كبير . اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الخامس عشر : 26
يوليو 2006 : لا حديث اليوم إلا عن مقتل 4 من قوات الأمم المتحدة على الحدود . إسرائيل اعتذرت ، لكن لنا ثلاث كلمات : 1- لا يمكن أن يكون مثل هذا القصف بقذائف مدفعية
وصفت بأنها موجهة دقيقة التصويب ، قصفا عشوائيا أو خطأ كما قالت
إسرائيل . لا بد أن هناك سبب تعرفه إسرائيل ، وتعرفه الأمم
المتحدة ، ويعرفه حزب الله ، وبالطبع يعرفه من قتلوا . لا أحد
يعلنه ، لكنه موجود . موجود سواء عرفناه أم لا ، وسواء اعتذرت
إسرائيل أم لا . 2- الأمم
المتحدة ليست كيانا محايدا ، بل هى طرف أصيل فى الحرب على الحضارة ،
هذا بحكم تركيبتها البنيوية ، بحكم طبيعة عضويتها ، بحكم الغالبية
الكاسحة من مقاعد الدول المتخلفة فيها ، وبحكم طبيعة هذه الدول كدول
إرهابية ، وإن بدرجات بالطبع . 3- سوابق قوات الأمم المتحدة فى جنوب لبنان لا
تنتهى ، أشهره ما حدث فى قانا ، وآخره عملية حزب الله نفسها التى فجرت
كل شىء ، والتى تسلل المختطفون خلالها عبر معسكر للأمم المتحدة ،
المفروض فيه نظريا أن يحمى الحضارة لا أعدائها . لكن أحدا لم ولن يتوقع منه
هذا . … انظر راينا القديم فى شرعية الأصفار المسماة
منظمة الأمم اليالتية المعدمة الاشتراكية المتحدة هنا
وهنا ،
وانظر تعريفنا للإرهاب هنا . … مؤتمر روما أسفر عن لا شىء . لم يطالب أحد
بوقف فورى لإطلاق النار . كل المهرجان كان بهدف تهيئة العالم لحرب طويلة .
فقط هناك اتفاقات حول إجراءات إنسانية ، مع العلم بأن إسرائيل نفسها لم تكن
حاضرة . نقول للإعلام العربى لا تهللوا كثيرا للإجراءات الإنسانية .
أنتم أغبياء أصلا فى طلبكم طوال الوقت حل المشكلة الإنسانية . من صالحكم أن
تتفاقم لا أن تحل . حل مؤتمر روما لها هو أيضا جزء من إعداد العالم لحرب
طويلة . هم يريدون حل المشكلة الإنسانية والإغاثة و’ الممرات
الآمنة ‘ … إلخ ، من أجل تهيئة وتوطين مسرح العمليات على حرب
طويلة وربما طويلة جدا . يريدون الحلول الإنسانية ليس لخاطر عيون اللبنانيين ،
إنما لخاطر عيون إسرائيل ، التى تسعى لظروف مريحة وغير ضاغطة لحرب قد تستمر
سنوات ، ما لم يأتى قرار بحسم أسرع ( نووى مثلا ) . … المهم إيه تانى حصل النهارده ؟
إسرائيل اعترفت بمصرع 9 جنود فى كمين فى بنت جبيل . قلنا هذه المناوشات
كانت جس نبض . كذلك قلنا إنا حرب مستطولة قد تدوم لسنوات . وكمان يعلم
الكل إن بريا العصابة الخفية تملك الكثير ، قدرة تخفى وتسلل وسط المبانى
حتى لو مهدمة ، الآر پى چى يمكنها عطب الدبابات ، وهكذا . مع عدو
كهذا ضرب الأماكن السكنية حتى تسويتها بالأرض ثم حتى استخدام أسلحة كيماوية أو
حتى نووية مشروع ، طالما أنها أنذرت هؤلاء المدنيين سلفا بالخروج .
الكلمة الأخيرة لم تكتب بعد ، وأكرر أنى لا أعتقد أن حسما سريعا قابل
للحدوث بالأساليب العسكرية التقليدية . المناخ العالمى مواتى جدا ،
وعلى إسرائيل أن تضرب ضربتها الآن ، كيماوية جزئية لحزب الله ، أو
نووية لحزب الله وحماس وسوريا وإيران فى خبطة شاملة واحدة متزامنة .
قد نفيض فى هل هزمت إسرائيل المناوشات
الحدودية ، أم أن مثل تلك المناوشات ذات الطبيعة الاستكشافية ، هى
منتصرة فى كل الأحوال حتى لو قتل كل الجنود فيها . لكن خلينا ندخل للب
الموضوع أكتر . ما يحضرنى الآن مشهد أم العروسة التقليدى ، تزعرد
وتنتحب فى نفس الوقت ، تضحك وتنهمر دموعها فى نفس الوقت ، ويقولون إن
السبب عادة أنها تتذكر أحبائها الراحلين وتتمنى لهم لو كانوا قد شاهدوا ابنتها
تزف فى عرسها . مع فارق النبل والطيبة والأفراح الصغيرة لأهلنا
البسطاء ، تبدو هذه الازدواجية
المتزامنة فى الانفعال ، التهليل والولولة فى آن ، شيئا أصيلا فى
العقل العربى . الكلام كبير أوى عن
صمود مقاتلى حزب الله . كلام حلو ، بس بنفكركم بوجه القرص
الأول . كان كل الكلام عن صمود إسرائيل . قلتم هم شباب مرفه لا يعرف
سوى التعرى على الشواطئ والرقص فى ملاهى الديسكو ، ولن يطيق النزول
للملاجئ ، وبعد أسبوع سيضج من الحرب ويطالب بوقفها . ثم أنه لن يصمد
فى أية مواجهة مع جنود الإسلام البواسل المزودين بالإيمان والعقيدة . هل
هذا ما حدث فعلا ؟ أليس ما يفعله الإسرائيليون يندرج أيضا تحت بند
الصمود ، ليس فقط صمود هذين الأسبوعين بل صمود عقود سابقة ولاحقة .
وأعدكم أنا شخصيا بأن هذه الحرب الممتدة لشهور إن لم يكن لسنوات ، ستثبت أن
صموده يتعمق ويتصلد جيلا بعد جيل . تقولون هذه لعبة عض أصابع ولا تلحظون
أنكم تصرخون طوال الوقت . ثم لو حدث ووافقت إسرائيل مثلا إذا على وقف إطلاق
النار ، ستخرجون بالصياح قائلين إنها هى التى هزمت وكسرت تحت وطأة ضرباتكم
وبطولاتكم ( ولن نتذكر ساعتها وطأة صراخكم وزعيقكم ! ) . ثانيا ما هو تعريف النصر ،
الوجه الأول للقرص كان ينقل بنشوة تصريحات متناقضة لقادة إسرائيل العسكريين عن
اجتياح كامل ، ثم عن اجتياح حتى الليطانى ، ثم عن اجتياح لسبعة
كيلومترات ثم عن اجتياح لكيلومترين . وتقولون هم يتراجعون تحت وقع بطولاتكم
وانتصاراتكم . هذه حرب ستطول وتطول ، وأعدكم أيضا أنكم لن تعرفوا أبدا
نوايا إسرائيل قبل حدوثها ، وسأذكركم بهذا الكلام يوم تفتش أقبية بيروت
قبوا قبوا بحثا عن الضفادع . ثم أن إسرائيل لم تحدد أصلا نواياها
هذه ، أليس من المحتمل أن تستسلموا غدا ، أو أن يثور عليكم اللبنانيون
الليلة ويقضون عليكم . ثم أن النوايا تحدد بقرارات سياسية ، وكلام
العسكريين ليس بأكثر من نبوءات ، أو ربما بهدف التشتيت أو التضليل وليس
إلا . لو نحينا رطانتكم جانبا وحاولنا الإمساك بشىء خرسانى بين
أيدينا ، فهو أن تعريف النصر واضح عند إسرائيل ولم يتزحزح قيد
أنملة ، أن تحمى شعبها مرة واحدة وللأبد من اعتداءاتكم . حين
تنتهى هذه الحرب وتفشل فى هذا الهدف ، يحق لكم قول ما شئتم . عذا ذلك
فلتخرسوا بالكامل . هى لم تقل سيتم ذلك فى أسبوع أو أسبوعين ولم تقل إنه
سيتم باحتلال بيروت أو طهران ولم تقل إنه سيحمل رقم 1559 أو لن يحمل أية
أرقام . أما النصر المتحرك فهو لديكم
أنتم وحدكم . تارة يتنافخ حتى يصبح إزالة الكيان الصهيونى الغاصب برمته من
الوجود ، وتارة يتقلص حتى يصبح من بين أنقاض بلد دمر بالكامل ، مجرد
ظهور الطلعة البهية والخنفة الشجية للضفدع على شاشات التليڤزيون
( هذه ليست تشنيعة منا عليه ، بل كلامه هو نفسه فى كل أحاديثه ،
وآخرها رده على سؤال مباشر جدا من قناة الجعيرة له أمس عن تعريف النصر .
يقول لو بقى مقاوم واحد فالمقاومة انتصرت . وإن للحق نعترف بأنه لم يقل لنا
أبدا اسم هذا الواحد الذى يقصده ! ) . ذلك النصر يساوى بالضبط أن
تخرج إسرائيل علينا اليوم لتقول إن الحرب انتهت ، وأنها قد انتصرت حيث أن
حزب الله قد فشل فى قتل إيهود أولميرت ؟ ! ولأن شر البلية ما يضحك ، فالموضوع برمته
يذكرنى بنكتة مصرية قديمة من سنة
1967 . تتكلم عن تصريح كان يأتى يوما بعد يوم
لأحمد سعيد فى صوت العرب ، أول يوم قال لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة
إسرائيلية فى غزة . ثانى يوم لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى
العريش . ثم لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى
الإسماعيلية . لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى
الزقازيق . لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى القاهرة .
لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى أسيوط . لقد انتصرنا ، دمرنا دبابة إسرائيلية فى
أسوان . هذا هو عينه تعريف النصر لدى السيد الضفيدع الحرب السابعة : اليوم السادس عشر : 27
يوليو 2006 : مجلس الوزراء اللبنانى ، بالإجماع ، وبحضور نواب
عصابة حزب الله ، أعلن رسميا الاستسلام . قال
صراحة إنه سيسمح ببسط سلطة الدولة وبنزع كل سلاح خارجها ، وإنه سيسمح
بالتعديلات اللازمة على القوة الأممية . إنه حتى لم يطالب بمزارع
شبعا ، إنما فقط بنقلها للقوة الدولية لحين إقرار سوريا رسميا
بلبنانيتها . مبدئيا أنا أعلم أن حديث الضفدع الأخير كان هو نفسه
يحمل ضمنيا عرضا بالاستسلام ، حين قال إنه لن يقبل ’ شروطا
مذلة ‘ ، بمعنى أنه سيقبل شروطا غير مذلة ، أو أيضا قد يقبل
شروطا مذلة ، فقط بشرط ألا يلحظ أحد أنها مذلة . رغم كل ذلك أنا لا أصدق شيئا من كل هذا . لا
أعتقد أن حزب الله يعرض ‑سواء بلسانه أو بلسان حكومة لبنان‑ أكثر من
صلح حديبية معاصر ، حتى يلتقط أنفاسه ويعاود الضرب من جديد ، ضرب
اللبنانيين وضرب الإسرائيليين . لا أصدق أن الضفدع
الذى تقول المعلومات الإسرائيلية إنه مختبئ فى قبو السفارة الإيرانية
[ وبعد أيام قالوا إنه ربما فر بالفعل لسوريا ] ، يقبل جديا بما
أبقته لهذه الصفقة من خيارات ، وهى فى الواقع نزعته كل شىء إلا
شيئين ، حياته والاستمرار كحزب سياسى هامشى قد يحظر أو يجرم لاحقا
( حين يجد نفسه بلا سلاح فى لحظة الحساب العسير ودفع الفواتير ، على
يد الشعب اللبنانى الذى أعاده قرونا للوراء ودمر مستقبله لعقود . يوم تحين
لحظة الحقيقة حين تنصب المشانق لمحاكمة من أجرموا فى حق لبنان وشعبه ، أو
تستدعيهم محاكم جرائم الحرب الدولية للقصاص منهم ) . حتى جثث مقاتليه
التى يقال إنها ملقاة بالمئات أكواما وفرادى فى شوارع بنت جبيل تنهشها الطيور
ويأكلها العفن ، لا أعتقد أنها يمكن أن تقنعه بالاستسلام . منذ متى
كانت الهزيمة تعنى الاستسلام فى العقل العربى المسلم .
وهنا ‑الحرب الأهلية وفكرة الهزيمة
والاستسلام‑ لدى ملحوظتان
قديمتان مصدرهما فجر صفحة الثقافة : الأولى أنى
لا أعترض على أن تكون لبنان أو قطعة فى العالم باستثناء روما ، أقصد مركز
الحضارة ، مكونة من فسيفساء عرقى أو طائفى أو أى شىء . ما يسمى
بالتنوع ليس مشكلة فى حد ذاته طالما لا يتسلل للمركز ويعيق قدرته على القيادة
وصفاء رؤيته . الصومال فسيفساء ، العراق فسيفساء ، لبنان
فسيفساء ، الأسكندرية قبل 1952 فسيفساء ، مصر برمتها ربما
فسيفساء ، أى مكان . لا مشكلة ، هؤلاء يمكن أن توحدهم فى كيان
جميل ويمكن أن تحولهم لآتون حرب أهلية . هناك سبيل واحد لتوحيدهم ،
وألف سبيل لتطاحنهم . سبيل التوحد الوحيد هو الاقتصاد ، لقمة
العيش ، إرادة النماء . كل ما عدا ذلك ‑بما فى ذلك ربما مجرد
الكلام فى الثقافة‑ سيتصاعد غائيا إلى حرب أهلية . المشكلة الحقيقية
أن الشعوب ذات المكون الثقافى العالى ، شعوب سامية ( من السمو ومن
العرق السامى ) ، لا تقيم وزنا كبيرا للقمة العيش ، لا تقيم وزنا
لما يسمى فى الفلسفة بالمادية ! الملحوظة الثانية هى أن العرب
ليس فقط يهزمون ولا يستسلمون ، بل إنهم لا يتخيلون أن للهزيمة ثمن
أصلا . يتصورون بعد كل هزيمة أن من الممكن إعادة الوضع إلى ما هو
عليه . تقول sorry وكل حاجة ترجع زى الأول . الأرض تعود ، حتى المعونات الغربية
تعوض الدمار . ينسون أنهم كبدوا الخصم خسائر اقتصادية وفى الأرواح ،
وكل ما عليه أن ينسى هو أيضا . لهذا السبب لا تكون شروط الخصم هى عينها بعد
كل حرب ، وهذا ما يسمى فى أدبياتنا المصرية عن السلام الفلسطينى ، أنه
تاريخ الفرص الضائعة ! نفس الكلام انطبق مؤخرا على سنة العراق .
كان العراق مستقرا تحت حكمى بريمر وعلاوى ، رفضوا المشاركة فى
الانتخابات ، وجيروا التفجيرات على الأميركيين والشيعة . الآن هم
يبادون ‑وفى أفضل الحالات يطهرون عرقيا‑ على يد الميليشات الشيعية
المتوحشة التى لم تكن لتوجد أصلا لولا غباوتهم . الآن هم يتمسحون فى القوات
الأميركية لحمايتهم من الذبح ، والفيدرالية واللعبة السياسية التى تمنعوا
عليها والآن هم الوحيدون الذين يطالبون بها ، باتت فى مهب الريح
أصلا ! … فيما يلى نص وثيقة الاستسلام المقدمة من
لبنان ، كما وردت فى خطاب رئيس الوزراء السنيورة أمس فى
مؤتمر روما ، والتى أقرها حزب الله اليوم دون تعديل ، بما فيها البنود الرابع والخامس والسادس ، التى كان زعيمه قد أسماها
مئات المرات من قبل بأنها خطوط حمراء ، وعد من قبل بقطع يد من يتجرأ على
طرحها : 1- إطلاق سراح
الأسرى والمحتجزين اللبنانيين والإسرائيليين تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر . 2- انسحاب الجيش
الإسرائيلى إلى ما وراء الخط الأزرق وعودة النازحين إلى قراهم . 3- التزام مجلس
الأمن بوضع منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت ولاية الأمم المتحدة بانتظار ترسيم
الحدود وإقرار السيادة اللبنانية عليهما بشكل كامل . خلال فترة إشراف الأمم المتحدة على
هاتين المنطقتين يحق للبنانيين أصحاب الأملاك هناك الوصول إلى ممتلكاتهم ،
كما تقدم إسرائيل كل خرائط الالغام في جنوب لبنان إلى الأمم المتحدة . 4- تقوم الحكومة
اللبنانية ببسط سلطتها على أراضيها بقواتها المسلحة الذاتية بشكل لا يعود فيها أسلحة أو
سلطة لغير الدولة اللبنانية حسب ما هو وارد فى اتفاق الطائف . 5- يتم تعزيز
قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان بالعديد والعتاد ، ويتم تعزيز مهمتها ومدى
عملياتها حسب الحاجة لتتمكن من القيام بالأعمال الإنسانية الطارئة وضمان استقرار وأمن
الجنوب لضمان عودة النازحين إلى منازلهم . 6- تقوم الأمم
المتحدة بالتعاون مع الأطراف المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق اتفاقية الهدنة الموقعة
بين لبنان وإسرائيل عام 1949 ، ولضمان تطبيق بنود هذه الاتفاقية واستطلاع إمكانية
تعديل أو تطوير هذه البنود حسب ما تدعو الحاجة . 7- دعوة المجتمع
الدولي لدعم لبنان على كل المستويات فى مجال إعادة الاعمار وإعادة بناء اقتصاده
الوطنى . …
المهم ، أنا أعلم أن قرارات
مجلس الوزراء اللبنانى التى شارك فيها ووافق عليها حزب الله صراحة ، هى
استسلام بلا قيد أو شرط ، هى تطبيق كامل للقرار 1559 ، هى حتى لا
تطالب بمزارع شبعا كجزء من صفقة ’ شبه السلام الدائم ‘ هذه . لكن
ما لا أعلمه هو ماذا يدور فى عقل ضفدع احترف طيلة حياته النعيق والجعجعة وتنغيص
حياة من هم أرقى منه سواء داخل بلده أو خارجها . ماذا نتوقع من شخص لا يفتأ
يقول إن كل يد تمتد لنزع سلاح حزب الله سوف يقطعها ( وهذه كانت الشىء
الوحيد الذى صدقته شخصيا من كل جعجعاته وتهجيصاته طيلة حياته ) ، ماذا
نتوقع أن يفعل الآن ؟ حتى اللحظة لا أعرف ، وحين تتكاثف بعض الخيوط
سأخبرك بتصوراتى . المؤكد فقط هو أنه لن يعتزل النعيق . عدا هذا كل
الاحتمالات مفتوحة حتى اللحظة : قد يرحل بجنوده للجولان . قد ينضم
للجيش اللبنانى ويبدأ فى إثارة المتاعب للجميع . قد يشكل ميليشيا جديدة
تمارس الإرهاب ضد اللبنانيين من تحت الأرض ، أو ربما ضد القوة
الدولية ، أو ربما حتى وراء الخطوط الإسرائيلية ، أو قد يرسلهم لنا فى
القاهرة والرياض وواشينجتون . باختصار ، كل الاحتمالات مفتوحة ،
إلا احتمال واحد : أن يتخلى عما تلقاه من السماء من تكليفات ! الرأى بسيط والأيام بيننا : ما لم نقض على مثل
تلك العصابات فردا فردا ، فستضرب من جديد ، ربما ليس بنفس الطريقة
السابقة ، وربما ليس لنفس الأهداف ( فنادق وشواطئ بيروت وأحياؤها
المسيحية هى الهدف الأرجح قريبا ) ، لكن وبالقطع شيئا واحدا لن تفعله
أبدا : الاستسلام ! العكس هو الصحيح ، القضاء عليهم حتى آخر فرد
هو مهمة بالغة الطول والصعوبة والطموح كما سبق وقلنا ، لذا إحساسى أن
المنطقة تقترب الآن من ضربات نووية أكثر من أية لحظة سابقة . اكتب رأيك هنا
الحرب السابعة : اليوم السابع عشر : 28
يوليو 2006 : بلير يشد الرحال على عجل
لأميركا ! فرقة حسب الله ( أو حزب
الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إنه رضخ للضغوط الداخلية وسيذهب لفك الارتباط البريطانى معها .
وذهب خيال البعض لما هو أبعد بكثير : إنه يهرول طالبا وقف إطلاق النار
إنقاذا لإسرائيل من هزيمة وشيكة ( وكأن إسرائيل فى حاجة لوساطته كى تخبر
بوش بهزيمتها ! ) . تقديرى أن العكس بالضبط هو ما سيحدث . هذه زيارة حرب تشبه التى
سبقت غزو العراق . وأن أميركا وبريطانيا وبقية معسكر الحضارة ، ستكون
من الغباء الشديد لو لم تكن تدرس حاليا ، كيفية توسيع الحرب ، بحيث
يدخلون كل معاركها المؤجلة ، وعلى رأسها معركتا إيران وسوريا . فرقة حسب الله ( أو حزب
الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إن بلير سيطلب وقف مرور الجسر الجوى العسكرى من أميركا لإسرائيل عبر
المطارات البريطانية . نقول أكثر من شىء ، أولا أنتم تحلمون وما سيحدث
هو العكس . ليس فقط استخدام مطارات المملكة ، بل تسريع الجسر كما
ونوعا . الكونجرس متحفز والكل متحفز ، ومن يدرى قد يعنى الجسر أيضا
قنابل بى-61 النووية التقتية ، بفرض أن ليس لدى إسرائيل نظير لها
بعد . ونوعا قد تعنى أيضا تعنى ما هو أهم وأهم : تشكيل حلف حضارى يدخل
هذه المعركة صراحة بقواته هو ، وليس بقوات إسرائيل فقط . فرقة حسب الله ( أو حزب
الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إن الحزب يستخدم تقتيات الڤييتكونج ، لا سيما بالذات
الحركة الدائمة عبر الأنفاق ، وإن النصر من ثم قريب بإذن الله . نقول
إن أشياء مثل عصيان الڤييتكونج على معسكر الحضارة ، أشياء نعم تحدث
أحيانا فى مسيرة الحضارة ، لكنها أبدا لا تحدث هى عينها إلا مرة
واحدة . الحضارة الآن مجهزة لمواجهة كل أساليب القراصنة وقطاع الطرق
القديمة وحتى الجديدة ، والدليل أننا تقريبا لا نكاد نفهم ماذا يفعل جيش
الدفاع الإسرائيلى بالضبط فى لنان وفى جنوبه ، ذلك أنها تقتيات لم نعهدها
من قبل . فرقة حسب الله ( أو حزب
الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إن أميركا ’ فشلت ‘ فى العراق ، وإن جنودها رهائن فى
يد الصواريخ الإيرانية ، لو حدث وأقدمت على ’ خطوة
حمقاء ‘ . لا هراء أكثر من هذا . مبدئيا أنا لا أعرف من الذى هو
رهينة فى يد من . ثانيا أميركا لم تفشل فى العراق ، فقط تخيل لو أن
صدام لا يزال فى الحكم ماذا كان سيحف آذاننا به خلال هذه الحرب ، من خطب
رنانة ومن إطلاق لعيدان الكبريت . أميركا إن كانت قد فشلت فقد أفشلت نفسها
بيدها ، لأنها وثقت فى قدرة شعوبنا المتخلفة على حكم نفسها . مع ذلك
لا بد أنها استوعبت الدرس ، وستفتح ترسانتها النووية لو احتاج الأمر ،
أقصد أيضا ترسانتها النووية الستراتيچية لو احتاج الأمر . فقط نعرف شيئا
واحدا لمعسكر الحضارة هذه المرة : الهزيمة ليست خيارا متاحا ! فرقة حسب الله ( أو حزب
الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إن حزب الله يحقق انتصارات ساحقة على الأرض وعبر إطلاق
الصواريخ . لا أدرى لماذا إذن يتحدثون بنفس الحماس عن الحاجة لوقف إطلاق
النار ! ألستم عينكم من لا يكف عن القول إن هذه لعبة عض أصابع ، ولا
تلحظون أنكم وحدكم الذى يصرخ طوال الوقت ! دعك من أنى أفهم أن الانتصار هو
دخول تل أبيب ، وخلينا فى أسطورة الصمود والتصدى . الواقع يقول إنهم
ليسوا حتى مقاتلين ’ عصابات ‘ مميزين جدا . فى المعركة الواحدة
يسقط منهم 15 على الأقل مقابل صفر أو 1 على الأكثر من الجيش الإسرائيلى .
إنهم يصدرون الوهم للناس البسطاء أنهم شىء مختلف عن حماس أو فتح ، بينما
الحقيقة أنهم لا يزيدون عنهم كثيرا ، مجرد ذباب سهل الاصطياد . أخيرا ، فرقة حسب الله
( أو حزب الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) تقول إن الجبهة الداخلية الإسرائيلية تشهد بوادر إنقسامات وخلافات وتفاوت
فى الآراء ويتحدثون عن نقطة هنا ونقطة هناك فى استطلاعات الرأى ، وينسون أن
لبنان برمته موجود أصلا فى حالة حرب أهلية ، وكلهم يعلم أنها ستستعر علنا
فى الشوارع بمجرد أن تضع الحرب الحالية أوزارها وتحين لحظة تسديد
الفواتير ، وعلى الأقل يعلمون جيدا أن المسيحيين والسنة والدروز أو حزب
البناء يمثلون 80 0/0 من السكان و100 0/0
من الثروة ، وأنهم سيفتكون بسهولة معقولة بحزب الدمار ، حزب الله وكذا
كل الطائفة الشيعية إن قررت التراص معه ! إنهم ببساطة يتخيلون أن كل البشر
انفعاليون بلا عضو الدماغ مثلهم ، لا يصح لهم النقاش أو التفكير أو النقد
الذاتى بينما الحرب دائرة ، بل يجب أن يسخر كل شىء حول تجييش الانفعالات
ونفخ المعنويات ، على طريقة أنا وابن عمى ع الغريب ، ولا صوت يعلو على
صوت المعركة ! ( على فكرة هذا بالضبط هو ما يحاول صلاح منتصر إفهامهم إياه
كل يوم فى عموده بالأهرام . يشرح لهم لماذا تتحدث إسرائيل طوال الوقت عن
خسائرها وعن ضحاياها وعن بؤس حالها ، ولا تتباهى أبدا مثلهم بانتصارات أو
عناصر قوة مزعومة من نوع الصواريخ التافهة مثلا . ذلك أنها ببساطة أذكى من
كل هذا ، ولا تحتاج للعب لعبة لعبة المعنويات مع شعبها ، إنما هى
ببساطة تسعى لدعم عالمى قوى مفيد ومادى على الأرض ! ) .
ما أفهمه هو شىء واحد يفسر كل سلوكيات فرقة حسب الله :
كل اللبنانيين والعرب وحتى
الإسرائيليين ، يعرفون جيدا سيكولوچية الضفدع ، ويعرفون جيدا كم هى
مهمة جدا لديه عبارة ’ الشروط غير المذلة ‘ . إنه ما يسمى عندنا
فى مصر ’ تلبيس العمامة ‘ أو ’ تلبيس الطربوش ‘ . الكل
يجاريه فى حديث الصمود والنصر ، إسرائيليون ، مصريون ،
سعوديون ، آذاريون ، مستقبليون ، مسيحيون ، وعين الجميع على
شىء واحد : نزع سلاحه ، ثم محاكمته وإذلاله بعد ذلك . الوحيد
الذى ربما يشذ ‑عدانا نحن‑ هو وليد جنبلاط الذى يتحدث ساخرا عن
إهداء النصر ، ويقصد نصر تدمير ذلك الضفدع للبنان ! أما آخر ما أتوقعه من فرقة حسب
الله ( أو حزب الله ) لآلات النفخ ( فى المعنويات ) ،
فهو أن تحتفظ بشىء من الحياء ، حين تتنقل بمرونة مذهلة من موسيقى الأفراح
للموسيقى الجنائزية والعكس ! الجزء الحساس فى هذا كله ،
أن تتخيل إسرائيل أو أميركا أو الحكام العرب أو أى أحد ، أنه يمكن إنجاز أى
شىء من خلال ستراتيچية ’ أطبطب وأدلع ‘ ، أن تدلك غرور
الإسلاميين باعتبارهم كسائر العرب ما يهمهم هو العزة والكرامة ، ولو منحتهم
إياها يمكن أن يتخلوا عن أى شىء آخر . وأن مثلا إن أوهمتهم وطبلت لهم أنهم
قهروا إسرائيل أو صاروا بالفعل سادة العالم ، يمكن إقناعهم بأن قد حان وقت
التخلى عن السلاح . الإسلاميون حالة خاصة من الحالة العربية العامة ،
ومشكلتهم أنهم تلقوا تكليفات سماوية تأمرهم باستعادة كل ما سبق وكان أرض الإسلام
وفتح ما لم يكن يوما من أرض الإسلام . وهى لسوء الحظ هذا النوع من
التكليفات لا يحتمل التفاوض ولا الحلول الوسط ، ولا يملك نصر الله ولا
خامنئى ولا بن لادن ، من أمر يده شيئا فيها . لو اتفقنا على توصيف
مشكلتهم على هذا النحو ، فالنتيجة البديهية هى أنها لن تحل إلا بالاستئصال
الجذرى لهم . …
تحديث مساء : ما حدث فعلا هو أن صدقت توقعاتنا ( أو على الأقل صدقت
جوهريا ! ) . زيارة بلير لأميركا هذه ربما كانت بالفعل زيارة حرب
( أو بأقلها زيارة توقيع على معاهدة استسلام العدو ! ) .
انتهى اللقاء إلى اتفاق بإرسال قوات تبعا للفصل السابع . إنهما ( فى
حدود الظاهر ) لم يأبها حتى بموافقة حزب الله من عدمها . وفى حدود ما
فهم من الكلام ( أيضا فى الظاهر ) فهذه القوات ذاهبة كى تقاتل بكل
الشراسة بدلا من إسرائيل إن لزم الأمر ، لا لتكرس سلاما تحقق بالفعل .
أو ربما حتى ( فى الظاهر كذلك ) إسرائيل لديها مهمة أخرى فى مكان
آخر ، سوريا مثلا ، التى لا يكف عمير پيريتس من ذكر اسمها كل يوم
قائلا إنه لا ينوى محاربتها ! الاحتمال الوحيد للخطأ فى هذا
التحليل ، هو أنه يأخذ بظواهر الأمور . ما يحدث تحت السطح ربما يكون
أعمق بكثير . ربما تلقيا ‑أى بوش وبلير‑ من مبعوثى الرئيس
الأميركى ، أيلليوت إل . آبرامز وديڤيد ويلش المقيمين بالمنطقة منذ
أكثر من أسبوعين ( بالأخص الأخير وهو نائب للسكرتيرة رايس ومقره الراهن
بإسرائيل ويعد محور كل الأنشطة الدپلوماسية المؤثرة ) ، تلقيا مؤشرات
على أن عرض الاستسلام من حزب الله حقيقى نهائى وغير مشروط وأن الحرب عمليا قد
انتهت . ولذا راحا يخططان ملامح القوة الدولية على هذا الأساس .
بالتالى يكون لقاء وبلير ليس مؤتمر حرب ، إنما ڤرساى أو يالتا
جديد ، أو سايكس‑بيكو جديدة ، لرسم ملامح عربستان ما بعد حزب‑الله ،
لرسم ملامح القفزة الكبرى الأولى لما أسمته دكتور رايس قبل مجرد ساعات بالشرق
الأوسط الجديد . يضاف لكل هذا ، أن كوفى
أنان تلقى إشارة واضحة من اجتماع بوش‑بلير لعقد اجتماع لمجلس الأمن ،
والموضوع هو القوة الدولية ، وحدد الموع بالفعل الأثنين . مؤشر آخر
على أن الصفقة منتهية بالفعل بين كل الأطراف ، أن ميس رايس التى قالت مازحة
إنها لن تأتى للمنطقة قبل ستة شهور ( مهلة حرب طويلة فيما
فهم ) ، ستعود غدا صباحا . على أية حال ، حتى لو صح هذا ، فهو أيضا
مؤتمر حرب بمعنى ما ، ذلك أنه لا بد وأن ناقش بالتأكيد ما الذى سيجب فعله
مع سوريا وإيران فى المرحلة التالية . حتى لو تكن زيارة حرب ، فعلى الأقل إعلاميا
كانت كذلك . بلير وجه خطابا مطولا شديد اللهجة دفين وصريح الغضب معا ،
بل وأقرب للإنذار الأخير للشارع العربى . نحن نستضيف المسلمين ونعاملهم
أفضل معاملة وأنتم تكرهوننا وتحاربوننا . ثم خلص إلى ما معناه أن الكيل قد
فاض به . … نبيه برى أعطى ظهر اليوم حديثا على الهواء لغسان بن جدو على قناة
الجعيرة . بن جدو كما تعلم هو بوق حسن نصر الله . وبرى كذلك لكن على
نحو رسمى ، حيث يفاوض باسمه ، وإن كنت أشك شخصيا أن بوسعك التفاوض
نيابة عن السماء ، وأكاد أجزم أن الضفدع أرسله فقط كفأر تجارب لاستكشاف
الغازات السامة المحتملة فى الهواء . إذن ماذا تتوقع من حديث بوق
لبوق . زعيق وخبط ورزع ، وواحد هيغنى والتانى هيرد عليه . فعلا
سارت الأمور على ما يرام على هذا النحو حتى الخمس دقائق الأخيرة . هنا خرج
برى من كل ثياب البوق ، وألقى بقنبلة من العيار الثقيل : دعوة سوريا
وإيران لدخول الحرب ’ قبل أن يحل عليهما الدور ‘ . واو !
لقد وصل الإحساس بالخديعة لمستويات لم تكن مسبوقة من قبل . إنها المرة
الأولى فى كل تاريخه التى لا يسجد فيها برى لسادته فى دمشق . وإذا كان بوقا
للضفدع كما يقول عن نفسه ، فهذا الكلام يعنى أن ذات الإحساس يتملك الضفدع
الآن نحو قياداته فى طهران وقم . هل نحن بصدد تصدع هائل فى الصف الحنجورى ؟
الشواهد ربما تقول هذا !
فقط هناك نقطة احترمت فيها بشدة ذكاء وحنكة نبيه
برى . هو يريد وقف إطلاق النار ، ليس للأسباب التافهة التى تتداولها
فرقة حسب الله لآلات النفخ فى المعنويات ، أنما لسبب يبدو عميقا وبعيدا عن
نظر أمثالنا ، ذلك هو ما أسماه عودة
النازحين . هو متعجل جدا لهذا الشىء ، وليس
لأى شىء آخر إطلاقا . يقول إن هؤلاء الآن ضيوف على المسيحيين والسنة ،
لكنه لا يضمن لأى مدى يمكن أن يستمر كرم الضيافة ، ويوحى بأن الانفجار وشيك
فى حدود أيام لا أكثر . طبعا هذا ما سيحدث ، لن يستضيف بيت مسيحى أو
سنى أسرة أو أسرتين شيعيتين للأبد . سوف يطلبون منهم الرحيل بعد
أيام . هؤلاء يعتبرون أنفسهم سلفا القوة الحقيقية فى البلد ، وحزبهم
هو الحزب الوحيد المسلح . سيعتبرون أن ’ احتلال ‘ ممتلكات الغير
حقا مشروعا لهم ، بحكم القوة ، وبحكم ما سيظهر ساعتها من آيات قرآنية
تبيح الاستحلال والاسترقاق لأموال ونساء وممتلكات المشركين وأهل الذمة .
هذا هو الرعب الحقيقى لدى نبيه برى ، وهذا يمثل مسافة كافية محترمة فى رأيى
بينه وبين الضفدع نصر الله الشهير بأستاذ ’ الحسابات الدقيقة جدا ‘
… جدا ! … حربيا نعود اليوم أكثر من أى يوم سابق لقصة مباريات
كرة القدم . التقتيات أصبحت أصعب من أن يجدى معها حتى شرح ميمى
الشربينى . إسرائيل انسحبت من بنت جبيل ، وربما أيضا من مارون
الرأس . يقولون إن حزب الله أجبرها على هذا . قطعا هذا ليس
صحيحا ، لكن تظل الفكرة غير مفهومة . أنت لا تستطيع أن تقول إن جس
النبض كان فاشلا . جس النبض لا يمكن أن يكون فاشلا . هو ناجح أيا ما
كانت نتائجه ، لأنه يمنحك معلومات كنت تفتقدها وتحتاجها لرسم التقتيات
الصحيحة . ربما يكون فعلا بوسع حزب الله إلحاق خسائر بالقوات البرية ،
أو حتى بالقوات المدرعة . إنه لا يحتاج لأكثر من أسلحة من نوع الآر پى چى
أو أفضل قليلا . لذلك علينا أن نتفرج وننتظر الخطوة التالية ، ننتظر
المفاجآت ، المفاجآت بجد ، موش مفاجآت الضفادع : ننتظر استدعاء
الاحتياط ، وما أدراك ما الاحتياط ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الثامن عشر : 29 يوليو
2006 : لا يوجد تقرير أو مقابلة تبثها قناة
الجعيرة وشبيهاتها ، تخلو من قول للمراسل أو المضيف بفم منفوخ حتى الانفجار
لكلمتى ’ فشل ‘ و’ هزيمة ‘ وصفا لإسرائيل ولچورچ دبليو . بوش ، ولا أقصد خلال
أيام هذه الحرب ، إنما أقصد كل الأيام . هذا معتاد وعادى ، وأسهل
شىء فى الدنيا . هذا يسرى أيضا على قدوم كوندولييززا رايس للمنطقة اليوم .
يقولون فى فرقة حسب الله لآلات النفخ فى المعنويات إنها قادمة للمنطقة لإنقاذ
إسرائيل من الهزيمة العسكرية الساحقة التى تعرضت لها فى بنت جبيل ، ومن
الصواريخ الجديدة خيبر 1 التى ضربت لأول مرة أمس بلدا بعمق العفولة . هذا هراء ! ميس رايس قادمة للمنطقة لمعرفة مدى جدية عرض
الاستسلام الذى قدمه مجلس الوزراء اللبنانى ، ولمعرفة لأى مدى يمكن أن يذهب
حزب الله فى استسلامه المفترض . أما عن الهزيمة المنكرة فى بنت جبيل ،
فلا أعرف من أين أتوا بها . أولا هى كما قلنا من البداية كانت جس
نبض . ثانيا إسرائيل تستدعى حاليا أعدادا هائلة من الاحتياط . ثالثا
هم لم ينسحبوا إنما قالوا إنهم يقومون بإحلال للقوات . رابعا إحلال هذه هى
كلمة السر . من يعرف تكوين جيش الدفاع الإسرائيلى لا بد أن يرتعد من كلمة
كهذه ، لا أن يرفع رايات النصر المبين . فى بلادنا وربما فى أغلب بلاد
العالم ، قوات الاحتياط هى أناس استرختهم الحياة المدنية ، بينما
الجيش النظامى هو الجيش المحترف الثابت الدائم . فى إسرائيل العكس .
الجيش النظامى هم أولئك المجندون الصغار عديمو الخبرة القادمين للتو من مدارسهم
وجامعاتهم تعلو وجوههم النظارات الطبية ، هؤلاء الذين نراهم كل يوم على
شاشات التليڤزيون . الاحتياط شىء آخر . إنه أولئك الرجال
والنساء ممن وصل السن ببعضهم إلى الخامسة والأربعين ، لا تتوقف كثيرا عند
عند كلمة الاسترخاء فى الحياة المدنية ولا عند كلمة سن الخامسة والأربعين .
سن الخامسة والأربعين يعنى أنهم ذوى الخبرة ، وأغلبهم خاض بالتالى حربا
واحدة على الأقل . استرخاء الحياة المدنية هو آخر شىء يمكن أن يقال عن
إسرائيل . هؤلاء يستدعون شهرا كل سنة لتجديد حنكتهم القتالية ولياقتهم
الصحية … إلخ . هذه هى ملامح هزيمة بنت جبيل المنكرة ، ومعنى
كلمة استدعاء الاحتياط ، وهى أشياء تفهمها فقط فرقة حزب الله ، ولا
تفهمها فرقة حسب الله ، والدليل أن حزب الله رد على استدعاء إسرائيل
للاحتاطى بالكلام عن أن لديه هو أيضا احتياطى وسوف يستدعيه . … موقع قناة الجعيرة ، أو بالأحرى الكثير من صحف
العالم ، خرجت علينا اليوم بالكثير من التقارير عن طبيعة تشكيلات حزب
الله . مثلا الجارديان رافقت واحد من هؤلاء المقاتلين ، ووصفت قدر
الولاء المطلق ، والتنفيذ الصارم للتعليمات ( قالوا له إجلس
هنا ، وتركوه شهورا فعادوا ليجدوه ما تركوه ، والتفسير بسيط أنهم لو
لم يجدوه لما قبلوه عضوا فى حزب الله أبدا ! ) . الجعيرة نفس
الشىء تقريبا . هذه القصص أنصحك بقراءتها لفائدتين على الأقل : - أولا لتعرف طبيعة التنظيمات الدينية وما يجرى فيها . قصة الجارديان
أفضل بهذا الصدد ، تركز على الولاء المطلق وعلى التقتيات الحربية ،
وعلى أن التجنيد فقط يتم فى الطفولة
المبكرة ‑أى غسيل دماغ هذا ، وأى استغلال
مروع للأطفال هذا ، وأية جريمة ضد الإنسانية أبشع من هذه ، ثم بعد ذلك
يولولون قائلين إن إسرائيل تقتل الأطفال ؟ كذلك تركز على البعد الطبقى حيث تذكر
بيوم لم يسمح فيه لشيعة لبنان بوظيفة غير جامعى القمامة إلى أن قرروا رفع
السلاح وإرهاب بقية الطوائف والأديان ( صديق لى - ثانيا لتسأل نفسك أى قانون إنسانى أو اتفاقيات
چينيڤ يلتزمون بها ، وهم أول من يتشدق بها قصة
الجعيرة ( موجودة أيضا على موقع العربية ،
مع فارق أنه ينسبها لأصحابها وهم وكالة الأنباء الفرنسية ) ، تكشف لنا
مناح أخرى إضافية ، ربما لأنهم لا يعرفون ما تنص عليه معاهدات چينيڤ
وكتبوا ما كتبوا بلا أى حرج . … الخامسة
مساء بتوقيت القاهرة الصيفى : فعلا ( وما لم يغير الضفدع رأيه فى
اللحظة الأخيرة ، ومع كل التحفظات حول أچندته الخفية
للمستقبل ) ، هو الاستسلام بلا قيد أو شرط : كوفى أنان الذى كان قد دعا بالفعل قبل 24 ساعة
لانعقاد مجلس الأمن ، لم ينتظر صدور القرار يوم الاثنين بتشكيل القوة
الدولية ، بل استبقه قبل دقائق بأن دعا كل الدول الراغبة بالمشاركة فيها
للاجتماع فى نفس اليوم . المؤشر الأخطر على أن الاستسلام جدى ونهائى ،
هو موقف العمليات . إسرائيل لم تكتف بالانسحاب الكامل الصريح إلى حدودها
الدولية ، بل أعلنت هذا بوضوح شديد البساطة لا يتناسب مطلقا مع بيانات
عسكرية لدولة فى حالة حرب . أكاد أجزم لك الآن أنه لن تكون هناك أية غارات
أخرى اليوم أو غير اليوم ! ملف حزب الله كما نعرفه قد أغلق . ملف جبهة
الرفض العربية‑الإيرانية ، حماس ، سوريا ، إيران ، لا
تزال به بعض الصفحات لم تطو . أيضا ربما يكون لحزب الله
’ الجديد ‘ بضعة سطور فيه لم تغلق . هذا ما ستخبرنا به
الأيام . المهم فى كل الأحوال أن الشرق الأوسط الجديد قد ولد ! نكتب كل هذا التحليل على مسئوليتنا الكاملة ،
فى وقت لم تلمح فيه أية جهة بعد لمثله . منذ أيام ونحن نكتب عن صفقة
استسلام ، وأيضا لا أحد يلمح لشىء كهذا قط . فقط نحن مدينون بأغلب
الائتمان للبى بى سى ، التى وضعت خبرى كوفى أنان والانسحاب ، فى صدر
أخبارها على رأس هذه الساعة ، الثانية بتوقيت جرينيتش ، بحياد
نعم ، بلا تعليق أو تحليل نعم ، لكن بمغزى لا يقبل الشك أن من وضعهما
سويا على هذا النحو هو شخص يفهم ما يجرى . تحية لأم ‑أو بالأحرى جدة‑
الإعلام العالمى المعاصر ، على الأقل غير المطبوع منه ، التى للأسف
كففنا عن امتداحها فى العقد الأخير .
لكن يكفينا أن نقارنها فى عهدها الجديد منذ تغيير قياداتها مؤخرا ( بعد أن فاض كيل
العالم منها بفضيحة ديڤيد كيللى ) ، نقارنها بقنوات الساتيلايت
الإخبارية ( بالذات لدى مقارنة العربية منها بالعربى من هذه ) .
هذه القنوات لا تزال حتى اللحظة تتحدث عن الانسحاب التقتى ، وعن خطط
الحرب ، وكان لغوها كبيرا حول زيارة بلير لواشينجتون أمس ، ولغوها
أكبر عن قدوم دكتور رايس المفاجئ اليوم ، وقطعا لم يخطر ببال أحدها أن حسن
نصر الله قد استسلم بالفعل ، سينفذ أسوأ كوابيسه المرقوم 1559 ، وربما
يقدم على ما هو أبعد ( ليس فقط أبعد من حيفا ، بل أبعد من الحياة
الدنيا برمتها ! ) . بمناسبة البى بى سى العربية ، تحية كبيرة
واجبة اليوم لضيفتها هالة مصطفى التى كانت تتحدث قبل دقائق ، وأحد أهم الأصوات التى افتقدناها
نسبيا خلال هذه الحرب . هى رائعة كالعادة ، رائعة فى جرأتها وفى ضوحها
وصفاء رؤيتها وأنها آخر من يحاور أو يداور ( كما يفعل الآن كثير من زملائها
فى مركز الأهرام ممن نحترمهم كثيرا ، ولا نزال ، لكنهم فى هذه الحرب
كانوا يلجأون للمداورة و’ التحسيس ‘ الشديدين على الكلام وهم يعبرون
من طرف خفى عن تأييدهم على القضاء على حزب الله ) ، لكن المذهل حقا فى
هذه السيدة هو أسلوبها الخاص جدا الراقى جدا فى طرح أفكارها . دكتور مصطفى كانت صافية التحليل وهى تقول بإيجاز
مروع : هذه حرب من أجل تطبيق القرار 1559 ( ربما
الوحيد الذى سبقها هو سفير إسرائيل فى الأمم المتحدة حين خاطب فى الأيام الأولى
للحرب مندوب لبنان قائلا عليكم أن تشكروننا لأننا نطبق لكم القرار
1559 ) . دكتور مصطفى كانت
صافية التحليل مرة ثانية وهى تقول بإيجاز مروع : الحدث الجوهرى فى هذه
الحرب هو قرار مجلس الوزراء اللبنانى ( الذى
أسميناه نحن وثيقة الاستسلام ) . ربما أنا قلت هذه الأشياء جميعا
وبالضبط تقريبا ، وغالبا قبل أى أحد ، لكنى منبهر كل الانبهار ، باكتشاف أن كل هذه الحرب يمكن
تلخيصها فى سطرين ! أيضا تحية خاصة لمراسلتها فى بيروت ، المخضرمة
ندى عبد الصمد ذات الفهم العميق للواقع اللبنانى ، والتى بفضل هذا الفهم تذهب
مباشرة للب الموضوع دائما ، ولب الموضوع كما نعلم جميعا هو سلاح حزب
الله . ربما لاينافسها عمقا وتحليلا سوى زميلها ومواطنها محلل قناة الحرة هذه هى جوائزنا
الإعلامية خلال هذه الحرب ، التى كان الإعلام
العربى فيها بالغ العفن والوضاعة ، بما فى ذلك للأسف قناة العربية التى
طالما احترمناها وقدرناها ، ولا نزلنا نأمل فى عودتها منبرا للتحرر
والتحضر . أما قناة
الحرة ، فيبدو أن هذه الحرب كانت الميلاد الحقيقى لها . لم أعجب بهم
كثيرا فى الشأن العراقى الذى أنشأوا أصلا من أجله ، ولا حتى بعده بالانفصال
لقناتين . لكن لأن أغلب طاقمها مكون من لبنانيين مسيحيين ، فيبدو أن
ها هى الأقدار قد جاءتهم لأول مرة ليتناولوا شيئا يفهمونه حق الفهم ويخبرونه حق
الخبرة . الكل جيد جدا ، لكن بالأخص المضيف زياد
نجيم شىء جبار جبار جبار ( لو استعرنا كلمات عبد الحليم
حافظ ! ) . وفرة من الضيوف لا يسعنى تذكر أسمائهم ، ربما
فقط كبير الخيال دينامى التفكير محمد سلام ، هم جبال من المعرفة وصفاء
الرؤية معا ، وهم بما يصعب دونه تخيل أن هذا العرق من البشر لا تزال موجودة
بعض آثاره بعد فى عربستان . باختصار ، الحرة هى مفاجأة هذه
الحرب ، وهى أفضل هداياها لنا ! سؤال : ألم يحن الوقت لتدشين قناة إخبارية إسرائيلية ناطقة بالعربية ،
بالذات ونحن نتوقع بعد ملحمة التضامن الرائع الأخيرة بين البلدين ، أن تتيح
مصر نسخة منها على النايل سات تصل بسهولة لكل العرب ؟ … السابعة
مساء بتوقيت القاهرة الصيفى : خطبة التنحى الناصرية فى ثوب من حجة الوداع
النبوية : هأ ! ها ! ها ! بعد أقل من
ساعتين ، جاءت ما فاق كل التوقعات . خرج الضفدع بطلعته البهية وخنفته
الشجية يقرأ من نص مكتوب لأول مرة فى حياته ، مستخدما حرفيا كلمات عبد
الناصر فى خطاب التنحى : لقد فوجئنا بأميركا تقف وراء إسرائيل ! يا
سلام سلم ! أستاذ المفاجآت فوجئ ، وأستاذ الحسابات انقلبت
حساباته . ثم بعد ذلك قال باختصار غامض الكلام المفيد : قرار
الاستسلام : حان وقت السياسة ، الحكومة تمثل كل الشعب ، وستفاوض
باسم الشعب ، وستقرر باسم الشعب . ثم راح فى رطانة مقززة يتمسح فى
وحدة اللبنانيين التى لم يحترمها يوما ، وراح يتمسح ’ بالسيد
المسيح ‘ ، وطبعا كل هذا فى إطار الطنطنة ’ بانتصار
المقاومة ‘ ( عبد الناصر كان أكثر احتراما قليلا ، دلع الهزيمة
بأن أسماها نكسة ، نصر الله يدلع الهزيمة فيسميها
انتصارا ! ) . ثم راح مطولا يوزع وصاياه ذات اليمين وذات
اليسار ، متأسيا بالرسول الكريم فى خطبة الوداع . فى هذه اللحظة لم
أعد استبعد بعد كل هذه المرثية الحزينة للغاية للذات ( التى لا أعرف كيف
تليق ’ بالمنتصرين ‘ ! ) ، وبعد كلمات الوداع الأخير
للجميع ، لم أعد أستبعد أن أسمع هذه الليلة خبر إحدى القنابل الأميركية
الموجهة الجديدة بتاع التورا بورا ، وقد قصفت أحد الملاجئ الحصينة العميقة
فى بيروت ، ثم خبر جنازة كبيرة جدا صباح الغد ! هذه قد تكون الطلقة
الوحيدة الباقية فى الحرب ، ولن تخشى إسرائيل كثيرا بها ، فخلفاء
الضفدع لن يجرؤوا كثيرا على مخالفة وصيته الأخيرة المقدسة :
الاستسلام !
الآن هذا هو الحساب الختامى
لما انتهت إليه هذه الحرب ’ المنتصرة ‘ ’ ذات الحسابات
الدقيقة ‘ : من أجل 4 مجرمين فى سجون إسرائيل ، دفعت أرواح ألف
لبنانى صالح . من أجل مزارع شبعا دفعت كل لبنان ثمنا . هذا هو
الانتصار بمعايير العقل العربى ، ويا ليت حتى حصل على وعد صريح أن يحصل على
المجرمين الأربعة ، ولا على مزارع شبعا المرهونة حتى اللحظة فى أحد محال
الرهونات السورية ! مع ذلك لا زلت أقر بمنتهى الصدق والجدية بالنسبة للضفدع
نصر الله أنه انتصر نصرا كاملا وحقيقيا . لقد حقق ’ على داير
مليم ‘ كل الأهداف التى دخل الحرب من أجلها : تدمير لبنان ، كل
لبنان ، حتى آخر طوبة ! أما عن إيهود أولميرت :
لا أعتقد أنك ‑كما بعضهم !‑ ممن يهتمون كثيرا بإهداء انتصارهم
لأحد ( نحن نفترض ‑فقط نفترض‑ أنك لم تهزم ولم تولول طالبا وقف
إطلاق النار ، إنما نفترض أن أعداءك هم من هزموا واستسلموا ، وأنك
انتصرت وأن أهدافك من الحرب قد تحققت ’ على داير مليم ‘ ) .
لكن لا بد عليك أن تعترف بأصحاب الفضل فى هذا النصر . جيش الدفاع
العظيم . طبعا ! الشعب الإسرائيلى البطل . أكيد ! كل إنسان
حضارى أو متحضر شرقا وغربا عبر الجلوب ، ناصر هذه الحرب الحضارية ،
ولو بخفقات قلبه . نعم أنت مدين لهؤلاء جميعا وفردا فردا منهم . أنت
مدين أيضا لبأس وتحضر وإرادة الملكين عبد الله وعبد الله الثانى . ومدين
لشجاعة الرئيس مبارك ، الذى اختار طريق المواجهة الوعر ، ولم يتوان عن
إطلاق التصريح تلو التصريح على نحو شبه يومى ،
آملا أن تفيق شعوبنا العربية من سبات التحريض والتهريج الذى استمرأته
دهورا . ( سيدى ، لعلك تعلم أو اسمح لى أن أضيف لعلمك أن لدينا
فى مصر عادة صباحية صارمة جدا ، هى أن نستيقظ فنلقى بكل عيوبنا ومتاعبنا
وفشلنا وفسادنا وخطايانا على كاهل الحكومة ، لكن حين يجد الجد يلتف الشعب
فجأة حول الرئيس مبارك ويمنحه ثقة واحتراما كبيرين . ومبارك لم يكن ليحتاج
فى هذه المشكلة أو غيرها لأكثر من تصريح واحد واضح الكلمات حتى يلقى دشا باردا
على كل شىء ! ) . هؤلاء القادة جميعا كان لهم أعظم الأثر فى تثبيط
أو كما نقول بالمصرية ’ تهبيط ‘ جنون ما يسمى بالشارع العربى .
والمقارنة واضحة بين ما فعله هذا الشارع هذه المرة ، وبين ما كان يفعله
أيام الحرب السادسة ، أيام الحرب على الانتفاضة ، قبل 4 سنوات فقط
( فى تلك الحرب لم يكن من صوت ناطق بالعربية يؤيد علنا الحرب على عرفات
وانتفاضته سوى موقعنا EveryScreen.com .
اليوم أصوات عربية لا حصر لها أضحت تؤيد علنا الحرب على عصابة حزب
الله ) . حتى الفتاوى الدينية المذهبية المتعصبة البلهاء ، لا
يمكن لأحد أن ينكر أثرها فى تثبيط وتهبيط ذلك الشارع . على الأقل ‑صدق
أو لا تصدق‑ ما فعلته هو أن طلبت منه لأول مرة فى تاريخه أن يفكر لبضع
ثوانى قبل أن يندفع فى الهياج . هذا وغيره جزء من قائمة طويلة لما ما أنت
مدين به فى هذا النصر . أما عنا ، فأقول :
نحن مدينون لك أنت . مدينون لإقدامك لصلابتك ولحزمك . مدينون لقراراتك
الصعبة فى الأوقات الصعبة . ومتأسفون إن كنا قد أسأنا الظن بك لبرهة .
لك كل التحية ، ولك نتقدم بكل الشكر والعرفان . التاريخ سيذكرك بأنك
جعلت عالمنا ‑ولو بدرجة أو درجتين‑ أقل ظلامية وأكثر أملا ! … الآن أنا ذاهب لإضافة هذا السطر الوردى لصدر الصفحة
الأمامية للموقع :
… التاسعة
مساء بتوقيت القاهرة الصيفى : إم بى سى 2 تعرض فيلم ’ عقل
جميل ‘ : بعد لحظات
سيبدأ عرض ’ عقل جميل ‘ على شاشة
MBC 2 . يا لها من نقلة
سيريالية بمعنى الكلمة ! من قاع قاع قاع قاع التخلف ، إلى قمة
العبقرية والعلم والرقى والذكاء . سنعود لمشاهدة الأفلام على شاشة التليڤزيون ،
بعد أن اعتقدنا لوهلة أننا أقلعنا عن هذه العادة . الآن فقط صدقت أن الحرب
انتهت ! نعم ، هناك قصف إسرائيلى
قد يستمر حتى لحظة توقيع وثيقة الاستسلام . ونعم ، هناك جعجعة من
الطرف الآخر لا أحد يرد عليها لأنهم أكثر پراجماتية من أن يسببوا له إذلالا لا
يمكن السكوت عليه بمعايير العقل العربى . ونعم ، لم أجد بعد من يتحدث
عن استسلام أو حتى عن انتهاء الحرب ( ربما باستثناء أصحاب بورصة بيروت
الذين قرروا إعادة فتحها منتصف أسبوع ! ) . لكنى مع ذلك متأكد
أنى لا أرى أشياء وهمية على طريقة الپروفيسور ناش ! فعلا كل شىء انتهى ،
’ خلصت ولع ‘ على رأى فيلم العصفور فى الحرب الثالثة . وإلى
اللقاء قريبا فى العرض القادم : الحرب الثامنة ! فقط لن أن أنسى طالما حييت
الظروف التى شاهدت فيها ’ عقل جميل ‘
للمرة الثانية ! الحرب السابعة : اليوم التاسع عشر : 30
يوليو 2006 : يبدو أننا سنستمر مع الأفلام لبضعة أيام . فيلم
اليوم : ’ مذبحة قانا —الجزء الثانى ‘ : نبدأ من حيث انتهينا أمس تلخيصا لقصة على موقع الجعيرة الذى لا
أعتقد أن من السهل إتهامه بالعمالة لإسرائيل :
نضيف اليوم : حسن نصر الله
يتحدث عن أن لا إنجازات عسكرية للعدو ، ويسمى ذلك انتصارا للمقاومة .
لا بأس ! المقاومة انتصرت وإسرائيل هزمت . يقول العدو يقصف الضعفاء من
الجو ، ويخشى مواجهة المقاتلين برا ، ويسمى ذلك انتصارا
للمقاومة . لا بأس ! نعم ، المقاومة انتصرت وإسرائيل هزمت .
ما حدث اليوم فى قانا هو مذبحة ومجزرة وبربرية وهمجية وانتقام وضيع من عدو جريح
مهزوم وكل ما شئت . أيضا لا بأس : مذبحة ومجزرة وبربرية وهمجية
وانتقام وضيع من عدو جريح مهزوم ! لكن هل يمكنك أن تعطينى لحظة هدوء واحدة
تجيبنى فيها عما يجب على إسرائيل فعله بخلاف الجلوس والانتظار حتى مقتل آخر
مواطن فيها بواسطة قتلة شبحيين ؟ الإجابة ببساطة عندك هى لا شىء ! إسرائيل داخلة فى حرب ضد مقاتلين
أشباح ، ويباهون بأنهم أشباح ، كما قالوا جميعا فى قصتى الجارديان
والجعيرة أمس . هذه ليست حرب ، هذا إجرام . أنت لا تراهم ،
حتى السكان المحليين لا يعرفونهم ، بائع الأيس كريم ضحك قائلا إنهم ربما
أنت أو ربما أنا . هذه ليست مقاومة ، هذا إجرام . لا زى حربى ،
لا شارات ، لا سلاح ظاهر . هذه ليس جندية ، هذا إجرام . لا
معسكرات ، تخفى وسط المدنيين ، إطلاق صواريخ على المبانى السكنية
للعدو ، بل إطلاقها من وسط المبانى السكنية لشعبك ، أو وسط المستشفيات
أو المساجد أو حتى مواقع القوات الأممية . هذا ليس شرف السلاح ، هذا
إجرام . أنت تخطط الحرب لا تفكر مطلقا فى تهجير سكانك المدنيين ( كما
فعلت مصر مثلا ) ، ولا تضعهم فى ملاجئ آمنة كما تفعل إسرائيل ،
بل حتى تمنعهم من هذا وذاك . هذا ليس استعباط ، هذا إجرام . يقصف
أبناء بلدك ويقتلون ، تختفى أنت أو تهرب . هذا ليس نذالة ، هذا
إجرام . ثم حتى حين تسقط مدنيين العدو أو حتى جنوده وهو لا يستطيع أن
يراك ، هذا ليس جبنا ، هذا أيضا : إجرام . وقبل كل شىء ليس
فى كل هذا أو ذاك ما يمكن أن يسمى نصرا حربيا . إنها كلها :
إجرام !
هذا هو جوهر الحرب : الاحتكام للصراع حين
نختلف من هو الأقوى وللقوة حين نختلف من هو الأحق . هذا كلام قديم لنا . فى الحروب القديمة
كان يصطف الفريقان فى سهل منبسط جدا فسيح للغاية ، ويتقدمان بثبات فى صفوف
مستقيمة أحدهما نحو الآخر ، وكلاهما يطلق السهام على الآخر ، ومن
تبقوا ولم يسقطوا يدخلون فى اشتباك ملتحم بالسيوف . فى حروب العصر الحديث
بعد اختراع البارود ، الحروب البريطانية أو الناپوليونية مثلا ،
يفعلان ذات الشىء ، مع استخدام البنادق بدلا من السهام ، والسونكيات بدلا
من السيوف . الأصل فى الحروب
ليس أن تقضى على عدوك ، بل هى احتكام لمن أحق بالعيش حين تنتفى وسائل
الاحتكام الأخرى . على الصعيد الجماعى هى اصطفاف للجيوش فى سهول
منبسطة . على الصعيد الفردى هى مبارزة حتى الموت لإثبات الشرف أو رد
الإهانة أو حتى لمجرد الفوز بامرأة جميلة . فى كل الحروب ينتحر القائد
العسكرى لدى الهزيمة . هذا ليس غباء ، ولا حتى شرف وعزة نفس ،
ولا حتى لمجرد أنه لا يعتبر نفسه أفضل من جنوده الذين قادهم للموت بحساباته
الخاطئة ، بل إنها فلسفة الحرب القاعدية : الاحتكام للموت حيث تستنفذ
كل وسائل الاحتكام . ( من نافلة القول هنا إن الحروب لا تنشب من أجل
شىء معنوى كالشرف ، إنما تنشأ عادة بسبب الخلاف حول الثروات . الشعوب
تتحارب على الأراضى ، أصلا لأنها تمثل ثروات . أما العرب فهم مستعدون
من أجل شبعا أو القدس أو فلسطين إنفاق ما تساوى قيمته ثروة قارة كاملة ، فقط
من أجل الكراهية أو الانتقام أو الكرامة أو الشرف أو سمها ما شئت . وهى
للأسف مأساة محزنة للغاية خضنا فى مفارقاتها قبل
عقود ! ) .
نعود لإسرائيل ، ونجيب م
الآخر ، والتفاصيل بعد شوية : حزب الله يطلق عيدان الكبريت ولا يصيب
أحدا لكنه يكون قد ارتكب جريمة حرب . إسرائيل تبيد كل سكان الجنوب بالسلاح
الكيميائى أو حتى النووى ، ولا تكون قد خرقت أية اتفاقية إنسانية على وجه
الإطلاق . حين تصبح خفيا أكثر مما يجب ، لا زى حربى ، لا
شارات ، لا سلاح ظاهر ، لا مواقع حربية ، فقط بعض صور لحسن نصر
الله على الحوائط تقول إنك موجود هنا ، فأنت ببساطة تغير كل قواعد
اللعبة ، لعبة الحرب ، لعبة السهول المنبسطة ، لعبة چينيڤ .
حتى الجيوش النظامية لا يجب ‑ولا يحدث‑ أن تبالغ فى السرية
والمفاجأة وما إليها ، لأنك حين تضع العدو فى حالة عمرى استخباراتى ،
لست فقط تخرق الفلسفة والشرف الأصليين للحرب كاحتكام شبه ودى إن جاز
الوصف ، كل الأسلحة فيه ظاهرة ومعروفة ، إنما لأنك تعرض حياة مدنييك
للخطر إذا ما أسرفت فى إخفاء جيوشك أو طائراتك … إلخ . فكرة الحرب
خديعة وأن كل شىء مباح فيها ، هى فكرة لم تكن موجودة بالمرة إلى أن اخترعها
المسلمون ، ومن ساعتها لم يتبنها أحد سواهم أبدا ، أو ربما فقط على
نحو جزئى ناپوليون . وبطبيعة الحال هى لا تزال حتى اليوم قصرا على جيوش
الظلام ، جيوش أمم الهزيمة والتخلف التقنى والحضارى . لكن على أية
حال ، المهم أنه بما أنك اخترت لعب لعبة جديدة ، الاستغماية مثلا بدلا
من الشطرنج ، فالقواعد ستكون جديدة ، ومن غير المسموح به التذمر
والمطالبة بالقواعد القديمة . ببساطة عليك أن تتحمل النتائج ! إسرائيل تفعل أقصى ما تستطيع من إنسانية فى سعيها
لحماية مواطنيها . ألقت المنشورات تدعو للرحيل . هؤلاء الأشباح ينصحون
الناس بالعكس ، يلعبون بعواطفهم ، عواطف أمهاتهم وآبائهم وأبنائهم
وبناتهم ، حول التماسك الأسرى والمصير الواحد وقضاء الله وأن العمر واحد
والرب واحد . أو على الأقل ينصحونهم بالتسكع قرب مواقع القوات
الدولية ، أو باللجوء للمساجد ، أى شىء إلا الرحيل وتركهم هم عرايا فى
مواجهة إسرائيل . تتلقى إسرائيل دفعة من صواريخ الكاتيوشا . الكاتيوشا
جريمة حرب ’ من بابها ‘ كما قلنا فى مكان ما أعلاه فى الأيام الأولى
للحرب . لو أطلقتها على معسكر للجيش فى قلب مدينة ، وأصابت هذا
المعسكر فعلا ، فأنت ارتكبت جريمة حرب ، منذ اللحظة التى وضعت فيها
الصاروخ إلى المنصة . لماذا ؟ لأنها أسلحة غير دقيقة التوجيه ،
ومحرم دوليا إطلاقها على المدن من الأصل . فى حرب دبابات فى الصحراء ،
جائز ، عدا ذلك هى جريمة ضد الإنسانية . المهم ! ترصد إسرائيل من
خلال الرادار أو صور الساتيلايت أو أيا ما كان ، البناية التى انطلقت منها
الصواريخ . تقصف هذه البنانية بصواريخ دقيقة التوجيه
( لاحظ ! ) . بعد 5 دقائق تنفجر شاشات قنوات الساتيلايت
بصور براءة الأطفال يخرجونها وجوها مجثثة من تحت الأنقاض . والعشرات ‑ناهيك
عن مراسلى القنوات‑ يتطوعون بالشهادة للكاميرا : هذا ليس معسكرا
حربيا ، هذه بناية سكنية . طبعا هذا صحيح ، لكن واحدا من كل
هؤلاء لم يكلف نفسه بالسؤال : أو هل رأى ولو لمرة واحدة فى حياته معسكرا
لحزب الله . حتى لو كان هؤلاء السكان المغلوبون على أمرهم قد شاهدوا
المقاتلين أو سمعوا صوت إطلاق الصواريخ ، فإن أحدا منهم لن يجرؤ على
التصريح بهذا قط حتى ولو لزوجته ، لسبب غاية فى البساطة أن استخبارات حزب
الله سوف تعدمه بصفته جاسوسا لإسرائيل . وبعد ، من الجائز أن يكون من
أطلق الصواريخ من سطح البناية أو من فنائها الخلفى هو واحد من تلك الجثث .
لكن الاحتمال الأكبر ، والذى يقارب المائة فى المائة ، أنه يكون قد
هرب بالفعل مبتعدا هو وقاذفته الصاروخية ، تاركا مصائر درعه البشرى لرب
السماء ، أحكم الحاكمين ، أو هل هناك من هو أكبر أو أحكم منه ،
يتولى مصيره !
أنا لم أصدق للحظة أصلا أن حزب
الله قد استسلم هكذا ببساطة ، وقبل بكل بما قبلت به الحكومة
اللبنانية . فقط تخيلت أن سيتحول للإرهاب ضد اللبنانيين أو ضد القوات
الدولية أو يذهب للجولان أو شىء آخر من هذا القبيل . وكان المفروض بتصوراتى
أن تصل لتصور أنه سيفجر وثيقة الاستسلام نفسها فى خلال ساعات ، غير مبال
بالحد الأدنى من احترام كلمته أو احترام حيوات مواطنيه . يفجرها بذات
الطريقة عينها التى استخدمها هو واستخدمتها حماس مليون مرة لتفجير أى شىء فى
لحظة : عملية عسكرية مفاجئة جبانة تقبل الطاولة وكل المعادلات
بالكامل . كان يجب أن أتخيل أن يخرج هذا السفاح من كمه أقذر كارت على وجه
الإطلاق ، أن يتفتق عقله الإجرامى عن أكثر الأفكار جهنمية ووحشية على وجه
الإطلاق : أن يطلق 120 صاروخا من منزل مكدس بالأسر الفقيرة غالبيتهم من
الأطفال ، مستدرجا إسرائيل لما بات يسمى الآن بالمذبحة ، ومن ثم تحويل
كل الاهتمامين اللبنانى والعالمى لشىء آخر غير إلزامه بما وافق عليه من
استسلام ! ( لا أريد أن أذهب بعيدا ،
لكنى لن أفاجأ إذا ما جرى تحقيق ، وثبت مثلا أن البناية قد فجرت بواسطة
شحنات ناسفة وضعها حزب الله والناس نياما ! ) . مرة أخرى قل لى ماذا تفعل
إسرائيل لمحاربة عدوها الشبحى الفخور بشبحيته هذا . حين أتلقى إجابتك
سأتبناها تبنيا كاملا ، وسأدافع عنها بحياتى . لكن حتى اللحظة أنا لا
أعرف شيئا أكثر شرفا ولا إنسانية من إلقاء المنشورات ثم القصف الكيميائى أو
النووى ! حتى الجزء الخاص بالمنشورات ، ليس إلزاميا جدا إذا كان العدو
على هذه الدرجة من الشبحية ، ولا يتحرج زعيم عصابته من القول وهو ينفخ
شدقيه وكأنه اخترع نظرية النسبية ’ نحن مقاتلو حرب عصابات ‘ ( لم
يقل حتى ’ ما يسمى حرب عصابات ‘ . وعلى فكرة وللمقارنة ،
حماس شبحية أيضا لكن على الأقل لا تتباهى كثيرا بها ! ) .
كثيرون يسألون السؤال
العكسى : ماذا يفعل الفلسطينيون أو ماذا يفعل حزب الله ؟ إسرائيل قوة
عسكرية فائقة الحداثة والجبروت ، ولا يمكن قهرها بغير هذه الطريق .
أرد عليك : أولا أنا أشك أنك تستطيع قهر نمر نووى بأية طريقة من الطرق
( إسرائيل بالذات تبدو الأمنع بين كل دول الحضارة التى يمكن أن تهزمها
بالطريقة التقليدية لتركيع الحضارات ، النخر من الداخل بطابور خامس ،
من اليسار أو العبيد المهاجرين أو الانهزاميين أو أنصار السلام
… إلخ . إنها أقوى عزما وأكثر وعيا بالمخاطر من أميركا وبريطانيا
نفسيهما ) . ثانيا لو أردت قهر عدوك هذا ، فالطريق الشريفة طريق
معروفة ، أن تشكل جيشا وتذهب لسهل منبسط وتدخل حربا محترمة معه ،
تنتحر لو هزمت فيها وينتحر هو لو هزمته . وأنا أضمن لك أن يفعل هو
ذلك ، إذ لا أحد سوانا فى كل الدنيا ، يهزم ولا يستسلم . ثالثا
ما هو أفضل من كل شىء ، ولا يقل شرفا مطلقا عن أى خيار آخر ، أن
تستسلم من البداية وفورا . وتتركه ، بأدب وعرفان شديدين منك ،
يقودك بخطوات حثيثة لعالم عصرى الصناعة وما بعد‑الصناعة ، ذلك العالم
الغامض المجهول الذى أنت فاشل فيه ومتهيب منه . هذا هو مفهومى أنا شخصيا
لكلمة الشرف ، أما لو كان للعقل العربى تعريفات أخرى ، فليتحمل
تبعاتها أيضا بشرف ، وليرحم آذاننا ولو قليلا من الولولة :
’ مذبحة ومجزرة وبربرية وهمجية وانتقام وضيع من عدو جريح
مهزوم ‘ . فهذا مما لا شرف فيه بالمرة ! أخيرا نصيحة لقناة الجعيرة وبقية
فرقة حسب الله لآلات النفخ : كلمة مجزرة ومذبحة لا تعنى مقتل عشرين أو
خمسين فردا ، إنما تعنى 500 ألف قتيل فأكثر . لذا نقترح عليكم وبكل
الصدق ، أن توفروا مثل هذه المفردات ليوم يحدث فيه قصف نووى ، بدلا من
أن ’ تحتاسوا ‘ ساعتها ولا تجدون كلمة مناسبة ، وتتعرض اللغة
العربية لمهانة جسيمة لا يرضاها أى منا ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم العشرون : 31
يوليو 2006 : بلغة الأفلام Intermission . زى ما قالوا إمبارح :
استراحة ! وقف إطلاق نار إنسانى لمدة يومين ، طلبت خلاله إسرائيل من
مدنيى الجنوب إخلاءه بالكامل تمهيدا لقصفه أو اجتياحه . باختصار ،
النهارده لا حرب ولا حتى دپلوماسية ولا حتى الاجتماع المقرر لمجلس الأمن . يبدو أن إسرائيل وأميركا ( إللى أعلنت هى قرار المهلة الإنسانية موش
إسرائيل ، ودى كانت غريبة وتستحق الملاحظة ) ، قررتا أن جريمة
نصر الله فى قانا ، التى فجر بها جهود السلام ، بما فيها إعلانه هو
نفسه الاستسلام ، هى جريمة قائمة بذاتها ، وتستحق عقابا قائما
بذاته . تماما كما فعلتا معه فى جريمة خطف الجنديين . حاليا ما فيش غير نروح نشترى فشار ونقعد
ونستنى ! اكتب رأيك هنا الحرب السابعة : اليوم الحادى
والعشرون : 1 أغسطس 2006 : برضه أجازة .
تابع غدا فى الجزء الجديد من الصفحة : الحزء
الحادى عشر … اكتب رأيك هنا … |
| FIRST
| PREVIOUS
| PART X | NEXT | LATEST |