ما هى العلمانية ؟

( الجزء الثانى )

What Secularism?

(Part II)

 

| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT | LATEST |

 

NEW: [Last Minor or Link Updates: Friday, August 23, 2013].

 

رائعة نجيب محفوظ الخالدة ‘ أولاد حارتنا ’

January 24, 2005, 11:01:13 PM التنزيل للتأكد من عدم إفساد الإعلانات أرسل الـ .rtf January 04, 2005, 8:39:26 PM صديق للموقع يفيدنا بوضعه النص الكامل لرواية نجيب محفوظ على موقعه January 09, 2005, 2:37:04 PM على الغشاء على هيئة ملفين .pdf ( يوجد له موقع مرآة هنا لكن الوثيقة مقسمة لثمانية ملفات .pdf . أما الموقع الأصلى الذى أخبرنا به فى البداية فى 9 يناير 2005 فلم يعد يشتغل على ما يبدو ) . الرابعة January 10, 2005, 12:50:22 AM ربما يفسد قليلا المتعة التى لا تقارن للرواية كون هذه النسخة حافلة بأخطاء البصم . من المحتمل ربما أن يكون أحد مشروعاتنا مستقبلا تصحيح هذه الملفات ، التى لا شك تعد الأولى من نوعها على الإنترنيت ، وجهدا مشكورا هائلا فى كل الأحوال .

 

Visit Our Memorial Page hypatia.egypt

This page, written in English and classically designed in April 7, 2000, was originally intended as a separate secular site.

20000407 Hypatia search and first design, 20000523 ‘final’ design; Monday, July 22, 2002 10:34 PM just very minor changes were done (the title hypatia.com, ‘site date’ of 19991202 and the new doc date itself all modified to match the first design date. After September 11, 2001 this might look like a kind of intellectual luxury and page just should be integrated here!

 

King Arthur (2004)

 August 25, 2004: After 9/11, not only the Islam is in trouble, Christianity also! Introducing a wonderfully shocking movie titled ‘King Arthur!’

The Passion of the Christ (2004)

 March 31, 2004: Isn’t it time for a secular, historic and accurate cinematic retelling of Jesus story? Mel Gibson’s is definitely not! Also: The launch of this new page on the concept of religion.

 

 

 

In Part I

 December 24, 2001: The ever-secular Christmas still the same pagan fertility feast of sex. It just took a better taste after September 11!

 September 28, 2000: Should the religious mania end by the year 2005? A stunning theory from a new American book.

 September 11-18, 2000: The FTC report against Hollywood and the solid response from liberal press as The New York Times and Variety.

 

ê Please wait until the rest of page downloads ê

 

‘ … ’

‘Countries are like geological formations, the surface areas may change from time to time but not the underlying character’

Review of Does America Need a Foreign Policy, 2001, Chapter One. Henry Kissinger

(Actually just a deeper inflection of Huntington’s ‘Clash of Civilizations’ thesis or of our earlier theory on genetic characteristics of nations!) è

‘Would the United States be the country that it has been and that it largely remains today if it had been settled in the 17th and 18th centuries not by British Protestants but by French, Spanish, or Portuguese Catholics? The answer is clearly no. It would not be the United States; it would be Quebec, Mexico, or Brazil’

Samuel P. Huntington

(Just another variation on the same theories!) ê

‘Extraordinary claims require extraordinary evidence’

Friedman Forum #15969 20011112 saved and printed Carl Sagan

—on God (and of course on Other Life, Revelation and all such outrageous forever-unprovable assumptions)

‘I want to know, not to believe’

Newsweek 19970331 on Prayers (From Arabic in Secular Encyclopaedia doc) Carl Sagan

—on Religion

 افتتحت هذه الصفحة فى 31 مارس 2004 ، الخميس‏‏ ‏22‏‏ ‏أبريل‏‏ ‏2004‏ ‏39‏:‏11‏ ‏م‏ مع الاكتمال الشديد للمدخل المذكور حيث كنا قد كتبنا فيه تحليلا مطولا لفيلم ‘ حرقة المسيح ’ عبارة عن تفنيد موسع للمسيحية ككل . كان المكان المرشح لهذا هو صفحة الحضارة ، لكن بعد الفراغ منه تبين أن هذا المقال زائد بعض المداخل الأخرى السابقة فيها يخرج عن نطاق هدفها الأصلى ، ألا وهو تحليل ما يسمى بصدام الحضارات ، وتحديدا صراع الحضارة المعاصرة ضد ‘ لا حضارة ’ الإسلام بالذات ، الذى كان وسيظل محور تلك الصفحة . من هنا جاءت فكرة هذه الصفحة الجديدة ‘ العلمانية ’ التى تعنى بالشأن الدينى المحض ، أكثر منه بأبعاده ومتضمناته السياسية .

هذه الصفحة ستفضح بكل ما أوتيت من قوة تلك الفكرة الشيطانية السافلة والمرفوضة علميا وأخلاقيا ، التى تزعم وجود إله خفى فى السماء ، يدعى بعض الدجالين السفلة أنهم على اتصال خاص به دونا عنا جميعا ، يسمون أنفسهم أنبياء ورسل ، ثم يبدأون التحكم فى حيواتنا ومصائرنا وفقا لذلك الوحى الموهوم وما يخترعونه هم وزبانيتهم من شرائع قمعية متخلفة !

الدراسة الرئيسة كانت فى الأصل عطفا على مدخل فى تلك الصفحة حول كتابات ڤى . إس . نايپول ، تدور بالأخص حول نشأة ما سمى بالتوحيد فى مصر ، وهى كانت متبوعة تلقائيا بذلك الجزء الذى اشتهر كثيرا من موقعنا والمعنون ‘ الرب فى نظرية النسبية —حوار مع صديقى المؤمن ’ . أيضا نقلنا من تلك الصفحة ، وكذا من صفحة الجنس ، بعض الأجزاء الأخرى ، منها ما هو أقدم ومنها ما هو أحدث من هذه ، بالطبع مع ترك ما يشير لهذا هناك . تلك الأجزاء عبارة غالبا عن تعليقات منا على آراء بعض المؤرخين أو رجال الدين المسيحيين ، خرجت فى جزء منها عن مجرد التعليق على موقفهم من الإسلام ، إلى إسهامات شبه مستقلة منا عن الظاهرة الدينية ككل فى ذاتها .

من ثم لن يكون الإسلام محور صفحتنا هذه ‘ العلمانية ’ ، كما هو الحال مع صفحة الحضارة ، إنما سيكون محورها الظاهرة الدينية وتهاهفتها فى عمومها أو من جذورها .

هذه الصفحة ستفضح بكل ما أوتيت من قوة تلك الفكرة الشيطانية السافلة والمرفوضة علميا وأخلاقيا ، التى تزعم وجود إله خفى فى السماء ، يدعى بعض الدجالين السفلة أنهم على اتصال خاص به دونا عنا جميعا ، يسمون أنفسهم أنبياء ورسل ، ثم يبدأون التحكم فى حيواتنا ومصائرنا وفقا لذلك الوحى الموهوم وما يخترعونه هم وزبانيتهم من شرائع قمعية متخلفة !

فرويد فى صفى …

داروين فى صفى …

إديسون فى صفى …

آدم سميث فى صفى …

أرسطو فى صفى …

كل أمنا الطبيعة فى صفى

… أنا قوى جدا !

لا أحتاج آلهة أخرى !

20040429 08:09 ص استيقاظ وأول مرة شىء فى صورة شعر أو ما شابه وبعد ، ربما حانت لحظة الإجابة على سؤال كثيرا ما يوجه لموقعنا ، هو لماذا كل هذا الشعور بالقوة فيه .

ربما تجرى الترتيلة على النحو التالى :

فرويد فى صفى …

داروين فى صفى …

إديسون فى صفى …

آدم سميث فى صفى …

أرسطو فى صفى …

كل أمنا الطبيعة فى صفى

أنا قوى جدا !

لا أحتاج آلهة أخرى !

أيضا ستضاف هذه الصفحة لتلك الصفحات التى كان قد تقرر اعتبارا من 4 يونيو 2002 أن لا تتاح إلا خارج الخط ، ذلك لاعتبارات تتعلق بمحتواها الذى قد يعتبره البعض صادما . بالتالى إذا كنت تقرأ الآن على الخط ، فلن تجد أسفل هذا الكلام أى من المحتويات المفترضة للصفحة . إذا أردت تنزيل المحتويات الكاملة لهذه الصفحات عبر مجوعة الملفات التى تضم كامل محتويات الموقع ( docs ، archive ، photos ، photos 2 ، photos 3 ، photos 4 ، …إلخ ) ، والقابلة للتشغيل خارج الخط ، ‘ يتحتم ’ MUST عليك أولا قراءة هذا التنصل disclaimer من جانبنا ، بدقة تامة ، والموافقة المطلقة عليه ، وتحمل كل ما يفرضه عليك من مسئوليات . هناك ستجد أيضا تفاصيل أكثر عن هذه الملفات ومحتوياتها وما قد يستجد عليها من ملفات أخرى .

الجزء الثانى من هذه الصفحة افتتح بالتزامن مع تكوين الجزء الأول فى 31 مارس 2004 ، وذلك لأن المادة لم تكن لتناسب صفحة واحدة من حيث الحجم .

نحن نرحب بكافة المساهمات من تعليقات أو أخبار من زوار الموقع من خلال المساهمة المباشرة فى لوحة الرسائل إضافة أو قراءة أو بالكتابة عبر البريد الإليكترونى .

 

 

الجديد ( تابع جزء 1 ) :

 

Jim Caviezel as Jesus with crown of thorns and scarlet robe to mock him as 'The King of the Jews' in The Passion of the Christ (2004)

The One-of-a-Kind Jesus!

Monica Bellucci

Just Another Glorious Mary Magdalene?

 31 مارس 2004 : لم أحسد أحدا على مقال سينمائى فى السنوات العشر الأخيرة ، أو ربما طيلة عمرى المهنى ، قدر ما حسدت تود ماككارثى ناقد ڤارايتى الرئيس على مقاله المعنون أعظم قصة لم ترو أبدا The Greatest Story Never Told قبل أسبوعين ، ذلك ضمن عموده الثابت ‘ بؤرة عميقة ’ ( العنوان وحده يستحق الحسد . فلست كل يوم تجد عنوانا لشىء يمكن من خلال إضافة حرف هجاء واحد أن يناهض فى محتواه عنوان فيلم شهير جدا كهذا ، ويكون فى نفس الوقت اسما على مسمى فعلا ولدرجة الحرفية ! ) .

PDF File

This entry is available in PDF format for handsome, ready and double-sided printing. Click the above icon to download the file.

For a full list of PDF files click here.

طبعا تغطيات فيلم ‘ حرقة المسيح ’ The Passion of the Christ لا تعد ولا تحصى ، ومنها مراجعة ماككارثى نفسه ، وكثير منها يحاول وضع الفيلم على محك الحقائق التاريخية العلمية المجردة ، ومن هنا لعل أفضلها ملف النيوزوييك الضخم Who Killed Jesus? ، الذى احتل غلاف عدد 16 فبراير ، والذى اشترى الناس عندنا نسختها العربية بنهم بسببه . طبعا أيضا شاهدنا كل ما تناول قصة يسوع سينمائيا بدءا من ‘ بن هير ’ الصامت 1925 ، حتى ‘ يسوع الناصرى ’ زيفيريللى 1977 وتوابعه . ويمكن أيضا القول إنها غالبا ما تبنت رؤية علمانية تاريخية وحاولت كسر الهالة العقيدية بدرجة أو بأخرى ( لا قيامة ولا صعود ولا معجزات ولا عوالم أخرى ولا حيوات ثانية ولا عاشرة ولا أى من كل هذا الهراء فى بن هير ، وزيفيريللى وكاتبه أنتونى بيرجيس يصلان لحد الكتابة صراحة على غلاف الڤيديو أنها رؤية تاريخية ) . لكن رغم كل هذا تأتينا مقالة ماككارثى كالدش البارد وسط كل ذلك اللهيب . بعد أن اعتقدنا أن زيفيريللى وسكورسيزى أو الكندى دينى أركان ، قد وصلوا بنا لقمة العلمانية الممكنة فى رواية قصة يسوع ، يكتشف لنا ماككارثى تمثيلية شاشة screenplay منسية ‑وأقدم بكثير وتحديدا من منتصف الأربعينيات‑ تجب كل هذا . إنها مشروع الموجة الدنمركى العظيم كارل دراير بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لرواية قصة يسوع . والتى أراد بها بعد سقوط النازية ، أن يتناول يسوع من منظور تاريخى محض يلغى به التهاويم الدينية المسيحية الموجهة بالقصور الذاتى نحو العداء لليهود . ولما لم ينفذ ( غالبا لأنه ‑كما سنرى‑ خفيض النبرة منزوع الدراما ولم يكن ليحقق نجاحا جماهيريا ، رغم أن تلك الفترة كانت الذروة التاريخية لازدهار السينما الملحمية ) ، عاد قبيل موته فى 1968 وكتب بحثين معنونين ‘ من قتل يسوع ؟ ’ و‘ جذور معاداة الساموية ’ ، أراد لهما أن يصاحبا تعميم مخطوطة الفيلم ، ويؤصلان للرؤية التى حاول طرحها فيه . وفعلا عمم كل هذا من خلال دايال پرس سنة 1972 .

دراير هذا ( أشهر علم فى تاريخ السينما الدنمركية ، وصاحب حفنة من القطع الأستاذية من شاكلة ‘ أوراق من كتاب الشيطان ’ و‘ أرملة پارسون ’ 1920 و‘ حرقة چون أوڤ آرك ’ 1928 و‘ مصاصة الدماء ’ 1932 و‘ يوم الحنق ’ 1942 و‘ الكلمة ’ 1955 و‘ جيرترود ’ 1964 ) ، ليس يهوديا إنما لوثرى الخلفية . وهدفه من مشروع فيلم عن صلب يسوع كان خلق أرضية لنوع جديد من التسامح بعد كل ما جرى فى أوروپا . بحوثه ، والتى يقول إن ما حركها هو قراءته كتاب للكاتب اليهودى الأميركى سولومون زايتلين ، قادته لأن النقطة المحورية فى تمثل القصة ، هى محاولة فهم شخصية قيافا رئيس كهنة اليهود .

تمثيلية الشاشة تصور يسوع كصديق دائم للفريسيين ، يقضون وقتهم فى تناول الطعام سويا ، ومن ثم فى المناقشات التى لا تنتهى . وخلفية كل هذا هى وجود جماعات سياسية يهودية ثورية تريد الخلاص من حكم الرومان . ماذا يفعل قيافا بين هذين النارين ؟ إن هدفه هو فقط حماية شعبه فى مثل تلك الظروف القاسية . وتصميم يسوع ، أو على الأقل أتباعه المقربين ، على أنه المسيح ، سوف يلهم أولئك الثوريين إلى أفعال ضد الرومان لا تحمد عقباها . لا بأس عنده ، ولا حتى لحد ما عند الرومان ، لو ظل على زعمه أنه ملك اليهود بدلا من هيرودس التافه ، لكن بشرط أن يكون ذلك ملكا أرضيا . أما أن تأتى الثورة من داخل المؤسسة الدينية ، وباسم بدعة الحكم بالحق القدسى Divine Right ( أو بمصطلحات الجماعات الإسلامية الحكم بما أنزل الله ) ، فتلك ثورة مباشرة صريحة على روما ، وسوف تفتح أبواب جهنم على الجميع . هنا يقول بحسرة وهو يفض يده من يسوع ‘ بقلوب مثقلة سنضطر لتسليمك للرومان ’ ( هذا فى الواقع له جذوره الإنجيلية نفسها ، على الأقل فى قول يوحنا 18 إن نظرية قيافا كانت ‘ خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب ’ ) .

تمضى مخطوطة دراير لتجسد بيلاطس على العكس من قيافا ، حاكما رومانيا صارما ( ملف النيوزوييك المذكور أفاض فى إثبات هذا تاريخيا ) . يستمع للمتهم لحظات معدودات ، ثم يأمره بإيجاز ‘ اذهب لصليبك ’ ، هذا دون تردد ودون غسل أيدى ، ودون أى شىء . حتى دون تعذيب . فيلم دارير لم يكن ليحوى أية مشاهد جلد أو تعذيب ، هذه التى مثلت رهان ميل جيبسون الكبير ومئات الملايين التى يجنيها هذه الأيام . فقط كانوا يسخرون منه كملك مزعوم وهو يحمل صليبه ( طبعا المقصود بالصليب أن يحمل العارضة فقط ككل المحكوم عليهم ، فالقائم نفسه مزروع فى الأرض أصلا ولا يخلع ) . فقط صلب عادى دون أى شىء يميزه . بل حتى أقل من العادى ، فطبقا لدراير الشوارع كانت شبه خاوية ، وصلبه لم يحظ بأية جماهيرية ‘ ذلك أن كان اليوم عيد الفصح وكل الناس نائمة وقد أتخمها الطعام ’ !

عنوان الفيلم الذى لم يتم أبدا عنوان بسيط هو ‘ يسوع ’ . وهذه أكثر من أية مرة أخرى يقصد بالاسم الدنيوى ‘ يسوع ’ ( بدون المسيح ) ، كل ما يمكن أن يقصد به . هذا ما قصده تحديدا زيفيريللى بعنوان ‘ يسوع الناصرى ’ ، وعامة هو موقف هولليوود ، الذى علينا أن نسترجعه اليوم . حيث سنتوسع فى المقاطع التالية فى مقارنة الروايات اليسوعية السينمائية المختلفة ، لنعرف كم هو قدر الفاجعة فى صنع ميل جيبسون لفيلم ‘ دينى ’ بكل المعانى الإيمانية للكلمة ، بل ويطيح من أجلها بكل معارف التاريخ وبديهيات المنطق . ولنقول بضمير مستريح ، إن قطعا لم تجرؤ السينما على مثل هذا الجرم أبدا من قبل . وهولليوود بالتحديد لم تصل لهذا الدرك إطلاقا ، وما كان من الممكن إنتاج فيلم مثل حرقة المسيح إلا على نحو مستقل تماما عنها ، بل وعلى نحو مدان منها بشدة !

كل شىء بالطبع فى كفة والسياسة فى الفيلم فى كفة . فالتناول غير المسئول لليهود ، والتحريض المجانى ضدهم بمثل هذا الاستخفاف السياسى والحضارى أو حتى الإنسانى ، فى عصر تواجه فيه الحضارة المعاصرة برمتها منذ 11 سپتمبر 2001 تحدى حياة أو موت على يد الإسلام ، يعتبر جرما غير قابل للغفران ، حتى لو قال يسوع شخصيا فى جيبسون وشركاه ‘ يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون ! ’ . سافاير 200403/01SAFI وبالمناسبة جيبسون الذى لا يزال ينقل ذنب الآباء للأبناء بعد ألفى سنة ، يرفض هو نفسه فى كل أحاديثه الصحفية تحمل ذنب أبيه شخصيا الذى كان يبشر بأن المحرقة اليهودية أكذوبة ! لكننا على أية حال قررنا رغم ذلك ألا نخوض فى السياسة هذه المرة ، وأن ندخل مباشرة للشأن الدينى .

Staff missionaries for Jews for Jesus, a worldwide group based in San Francisco that adheres to an evangelical Christian theology but is made up of believers with Jewish lineage, New York, July 2006.

Born as a Jew, Died as a Jew!

نبدأ بذكر بعض البديهيات المختصرة : يسوع هذا يهودى ولد يهوديا وعاش يهوديا ومات يهوديا ولم يفكر أو يبشر للحظة بأنه يمكن أن يوجد للرب دين آخر غير اليهودية ، وحتى اللحظة لا تزال فصائل يهودية كثيرة معجبة به على هذا الأساس ، ويحتفلون به فى كل كريسماس . لكن ما حدث هو أن هدم الرومان بقيادة تيتوس الهيكل وسووه بالأرض قمعا لعصيان يهودى خطير . ومن ثم بدأ شتات اليهود عالميا ، هذا فى سنة 70 ح . ش . ( للحقبة الشائعة أو CE ، أو للميلاد حسب التسمية الدينية ) . الخرافة الدينية مكون هائل من ثقافة ذلك الشعب . كان لا بد من تفسير هذه النكبة الهائلة ، بجرم أكثر هولا ارتكبوه . وليس هناك ما يمكن أن يفسر هذا أفضل من قتل ذلك النبى الطيب يسوع . هنا فقط بدأت كتابة ‘ الأناجيل ’ ، وكتبت ( الرسمية الأربع منها على الأقل ) بهذه الروح ولهذا الهدف تحديدا : تفسير غضب الرب الهائل على اليهود ، حتى لو كان ذلك النبى الطيب متطرفا دينيا لدرجة أن يقول للحاكم الرومانى فى وجهه أنه بلا سلطان ، وأن السماء وحدها هى التى تعطى السلطان ، وذلك أمر كفيل فى الظروف العادية بإثارة ثائرة الحاكم والأمر بقتله فورا ، وكفيل فى حالة كون هذا الحاكم شديد الحلم ، أن يضيع على المتهم كل فرص تخفيف العقوبة .

ليس غريبا ، والهدف هو هذا الهدف من كتابة الأناجيل ، أن يضع كل كتاب السيرة العطرة على لسان يسوع نبوءة شديدة التفصيل عن هدم أورشليم والهيكل وكأنه يصفها وصف العين . يقول فى لوقا 19 و21 ‘ تأتى أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة . يهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر ( إلا وينقض ) … هذه ( أبنية الهيكل التى ترونها حجارة حسنة وتحف ) ستأتى أيام لا يترك فيها حجر على حجر لا ينقض ’ . ذات الشىء وضعه على لسانه بذات الحروف متى 24 ومرقس 13 ‘ أتنظر هذه الابنية العظيمة . لا يترك حجر على حجر لا ينقض ’ . أما الإنجيل الرابع الذى كتبه يوحنا الملقب بحبيب يسوع فهو الشىء الذى يفوق كل شىء : لقد كتب بعد نهاية القرن الأول للميلاد بكامله ، أى بعد قرابة 70 سنة من واقعة الصلب !

أتباع يسوع الأوائل لم يكونوا دينا ولا عقيدة ولا حتى نصوصا ، فقط طريقة صوفية ، بالمعنين الحرفى والدارج للكلمة . الحرفى لأن ‘ أعمال الرسل ’ تصفهم فعلا بـ ‘ أتباع الطريق ’ ، والدارج لأن تعاليم المسيح بالنسبة لهم لم تكن سوى أسلوب حياة ، أو هكذا كانت وستظل كل الصوفيات عبر التاريخ . إن كلمة مسيحى ، مسيحيون ، أو أى من الاشتقاقات الأخرى المحتملة ، لم ترد فى كل الكتاب ‘ المقدس ’ المعتمد الذى يؤمن به المسيحيون أنفسهم سوى ثلاث مرات . والذى صكها هو أجريپا ملك أنطاكية وليس أى من أتباع يسوع نفسه ( اقرأ أعمال الرسل 26 ) ، الذى من الواضح أنهم لم يستخدموها أبدا . أما كلمة مسيحية فلم ترد فيه بكامل دفتيه ، ولو لمرة واحدة ، على وجه الإطلاق ، بما فى ذلك كتابات يوحنا المتأخرة جدا . الأمر برمته يشبه بالضبط أن يخرج علينا اليوم من يقول إن چورچ واشينجتون أو ناپليون بوناپرت أو الخديوى إسماعيل كان نبيا وعلينا اتباعه !

لم يكن الأمر يحتاج بالضرورة لسقوط الهيكل أو لتنظيرات يوحنا المعقدة ، بل كان هناك من قبل هذا ومنذ البداية تقريبا ، نشطاء آخرون يتحركون ، سرا فى الغالب ، لكن بالتأكيد دون أن يكون لمعتقداتهم اسم دين جديد بعد ، وأعجب دليل أن مجامع الكنيسة الأولى كانت مؤتمرات لكبار رجال الدين اليهود المعروفين ، وهؤلاء الرسل لم يكونوا سوى أعضاء راديكاليين بعض الشىء فيها . أكثر من استهواه الأمر إطلاقا من بين هؤلاء الرواد الأوائل شخص من سوريا ( البلاد التى يحكمها بشار الأسد حاليا ) ، راحت تنتقل المادة الأسطورية على يديه من بلد إلى آخر ، وكل مرة تتضخم وتتضخم وتزداد أسطورية بمرور العقود ، بحيث حين جاءت لحظة الحقيقية الدرامية الكبرى فى تاريخ اليهودية بهدم الهيكل ، ثم بعد أن حلق يوحنا بالأسطورة لآفاق جديدة غير مسبوقة فى كل تاريخ الأديان ، ومذهلة بالكامل ، بأن جعل يسوع هو نفسه الإله ، أصبح كل شىء قد أصبح جاهزا ، وأمكن فى نهاية المطاف ‑وإن ليس قبل مرور قرون كاملة‑ خلق دين جديد كامل من تلك المادة . كما تعلم ، ذلك الشخص الذى وضع اللبنة العقيدية والتنظيمية الأولى كان اسمه شاول الطرسوسى وفى قول آخر پولس الرسول The Apostle Paul ، وهذا الدين اسمه المسيحية Christianity .

أتباع يسوع الأوائل لم يكونوا دينا ولا عقيدة ولا حتى نصوصا ، فقط طريقة صوفية ، بالمعنين الحرفى والدارج للكلمة . الحرفى لأن ‘ أعمال الرسل ’ تصفهم فعلا بـ ‘ أتباع الطريق ’ ، والدارج لأن تعاليم المسيح بالنسبة لهم لم تكن سوى أسلوب حياة ، أو هكذا كانت وستظل كل الصوفيات عبر التاريخ . إن كلمة مسيحى ، مسيحيون ، أو أى من الاشتقاقات الأخرى المحتملة ، لم ترد فى كل الكتاب ‘ المقدس ’ المعتمد الذى يؤمن به المسيحيون أنفسهم سوى ثلاث مرات . والذى صكها هو أجريپا ملك أنطاكية وليس أى من أتباع يسوع نفسه ( اقرأ أعمال الرسل 26 ) ، الذى من الواضح أنهم لم يستخدموها أبدا . أما كلمة مسيحية فلم ترد فيه بكامل دفتيه ، ولو لمرة واحدة ، على وجه الإطلاق ، بما فى ذلك كتابات يوحنا المتأخرة جدا . الأمر برمته يشبه بالضبط أن يخرج علينا اليوم من يقول إن چورچ واشينجتون أو ناپليون بوناپرت أو الخديوى إسماعيل كان نبيا وعلينا اتباعه !

لم يكن الأمر يحتاج بالضرورة لسقوط الهيكل أو لتنظيرات يوحنا المعقدة ، بل كان هناك من قبل هذا ومنذ البداية تقريبا ، نشطاء آخرون يتحركون ، سرا فى الغالب ، لكن بالتأكيد دون أن يكون لمعتقداتهم اسم دين جديد بعد ، وأعجب دليل أن مجامع الكنيسة الأولى كانت مؤتمرات لكبار رجال الدين اليهود المعروفين ، وهؤلاء الرسل لم يكونوا سوى أعضاء راديكاليين بعض الشىء فيها . أكثر من استهواه الأمر إطلاقا من بين هؤلاء الرواد الأوائل شخص من سوريا ( البلاد التى يحكمها بشار الأسد حاليا ) ، راحت تنتقل المادة الأسطورية على يديه من بلد إلى آخر ، وكل مرة تتضخم وتتضخم وتزداد أسطورية بمرور العقود ، بحيث حين جاءت لحظة الحقيقية الدرامية الكبرى فى تاريخ اليهودية بهدم الهيكل ، ثم بعد أن حلق يوحنا بالأسطورة لآفاق جديدة غير مسبوقة فى كل تاريخ الأديان ، ومذهلة بالكامل ، بأن جعل يسوع هو نفسه الإله ، أصبح كل شىء قد أصبح جاهزا ، وأمكن فى نهاية المطاف ‑وإن ليس قبل مرور قرون كاملة‑ خلق دين جديد كامل من تلك المادة . كما تعلم ، ذلك الشخص الذى وضع اللبنة العقيدية والتنظيمية الأولى كان اسمه شاول الطرسوسى وفى قول آخر پولس الرسول The Apostle Paul ، وهذا الدين اسمه المسيحية Christianity .

الفكرة فى هذا الدين بسيطة لحد الجمال : كل فرد فى كل عقيدة كل قبيلة فى كل ركن دانى أو قاصى من منطقة الشرق الأوسط المنكوبة بچيينات وعقول أهلها التطيرية الخرافاتية ، يستيقظ وينام يحلم بشىء يخلصه من بؤسه ، شىء اسمه المهدى المنتظر . ما فعله پولس ورفاقه أن قدموا الإجابة التى لم تجرؤ عليها كل الأجيال منذ طرح أشعيا الفكرة : هذا اليسوع البار هو ذلك المسيح ، المسيا الموعود ! ( النكتة الفاحشة هنا أن هؤلاء المخترعين الأفذاذ سرعان ما اكتشفوا أن اختراعهم الصغير لم يحل شيئا على أرض الواقع ، وأن اليهود كانوا محقين أن لم يريدوا إلها على الأرض قط ولم يحدث أن تمثلوا المسيا أبدا بأكثر من داود آخر بدرع ورمح . جاء الإله شخصيا ولا زال الناس يعانون ، أو بالأحرى لا يزال ما هو فى الچيينات فى الچيينات ، فأتوا بسرعة باختراع آخر ، مهديا منتظرا جديدا ، اسمه المجىء الثانى للمسيح ! يا للهول ! أقصد : هلليلويا ! ) .

قبل أن أبدا كلامى للمسيحيين ، لدى كلمة جانبية للعلمانيين الغربيين الذين يستعظمون الأمر ويبذلون أضخم الجهد لإثبات أن الغنوصية هى الأصل والمسيحية هى الهرطقة . أقول : نعم أنتم على حق ، ونعم علم التاريخ هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ، لكن ما العويص أو الكارثى فى أن يقول پولس أو يوحنا على لسان يسوع إنه الإله ، بل ما المشكلة لو كان يسوع قد قال هذا عن نفسه فعلا ؟ إنها ليست بدعة كبرى كما قد تبدو للوهلة الأولى . الأمر أبسط من ذلك بكثير ، وقال بمثله الكثيرون من قبل ومن بعد ، من بوذا مرورا بالحلاج وليس انتهاء بشيرلى ماكلين . كلهم تخطوا الحد الفاصل بين أن نكون كلنا أبناء الرب ، وبين أن نكون جزءا من ذات الرب ، أو ‑عند لحظة معينة من النمو الروحى‑ نكون الرب نفسه . طبعا لا غرابة أن الكنيسة اختارت أو اختلقت الكتابات الأحدث لكل شاهد ما شافش حاجة أو شاف وأصابه الألزهايمر وكفرت أناجيل شهود العيان الحقيقيين الأقدم والألصق قائلة إن الغنوصية هرطقة ، لكن لا غرابة أيضا أن الغرب كعادته الغبية المزمنة فى شراء بضائع الشرق المتخلف الفاسدة ، قد قبل المسيحية دون أن يعلم أن يسوعا هذا لا شىء يذكر ، أو بالأكثر شخص بلا تميز كبير ، بل هو مجرد صوفى آخر قال عن نفسه أو قيل عنه ، إنه الإله !

أيضا لدى بالمثل كلمة للمتدينين المسلمين ، أن ما سأقوله لا علاقة له مطلقا ‑إيجابا أو سلبا‑ بترهات الإسلام وتخبطاته المضحكة . إن محمدا أو عمرا أو أيا من كان مخترع الإسلام الحقيقى ، أجهل من دابة بالأديان ( ناهيك عن كيف تصنع الأديان ) ، بل فى الواقع أجهل من دابة بأى شىء ، وبداهة لا مجال لأن نناقشهم مثلا فى الأناجيل الغنوصية أو واقعة صلب المسيح أو أى شىء فى الوجود أيا ما كان . كل الأمر لا يعدو بالنسبة لهم إلا شذرات عمومية جدا مرسلة جدا أخذوها عن ورقة بن نوفل أو بعض ذوى العلم بوجود خلافات مذهبية بين اليسوعية‑اليهودية الأصلية ، وبين المسيحية الكنسية المؤسسية اللاحقة ، فتلقفوها ‑دون أدنى علم أو تدقيق فى حقائق الأشياء‑ وأسموها التحريف ، مناقضين بهذا كل كلامهم المبكر عن ألوهية المسيح ، التى فى أسمى صورها ألوهية غنوصية صوفية أى كلنا آلهة لو فعلنا ما يوجبه علينا ضميرنا الفرعونى ، وفى أدنى صيغها ألوهية آريوسية أى ربوبية مخلوقة ، خولته أن يخلق الطير ‘ بإذن الله ’ وأن يكاد يستنكف أن يكون عبدا لله وأن سيعود ديانا عادلا … إلخ .

عامل الزمن ، تطور المسيحية evolution بالمعنى الدارونى الصيرورى للكلمة ، الغنوصية Gnosticism المصرية‑اليونانية ، والآريوسية Arianism شبه اليهودية وغيرهما من النسخ المبكرة من المسيحية ، الموقف من اليهود ، الموقف من الرومان . هذه كلها أمور حساسة للغاية فى العقيدة المسيحية ، ولو مسستها كأنك تمس عصبا مكشوفا !

… وهذا ما قد تفعله السطور التالية .

20100606 04:03 ص أثناء إعادة مشاهدة برامج تليڤزيونية ليوسف زيدان إستعدادا لكتاب المصريون والعرب ، رحت أراجع كلامى السابق عنه فى العلمانية 3 لتنفيحة أو تسهيبه ، إذا بى أجد صياغة تضع كل صيغ المسيحية اليهودية المبكرة فى سلة واحدة ومنها الغنوصية ، دققتها هناك وهنا . انظر تفاصيل أخرى هناك . المساء التالى 20100606 07:48 م الدقائق الأولى من Channel 4 - Christianity —A History, Pt 1 - Jesus the Jew عن تصوريا المسيا فى الفكر اليهودى وأن المسيحية حرفته تحريفا هائلا الفكرة فى هذا الدين بسيطة لحد الجمال : كل فرد فى كل عقيدة كل قبيلة فى كل ركن دانى أو قاصى من منطقة الشرق الأوسط المنكوبة بچيينات وعقول أهلها التطيرية الخرافاتية ، يستيقظ وينام يحلم بشىء يخلصه من بؤسه ، شىء اسمه المهدى المنتظر . ما فعله پولس ورفاقه أن قدموا الإجابة التى لم تجرؤ عليها كل الأجيال منذ طرح أشعيا الفكرة : هذا اليسوع البار هو ذلك المسيح ، المسيا الموعود ! ( النكتة الفاحشة هنا أن هؤلاء المخترعين الأفذاذ سرعان ما اكتشفوا أن اختراعهم الصغير لم يحل شيئا على أرض الواقع ، وأن اليهود كانوا محقين أن لم يريدوا إلها على الأرض قط ولم يحدث أن تمثلوا المسيا أبدا بأكثر من داود آخر بدرع ورمح . جاء الإله شخصيا ولا زال الناس يعانون ، أو بالأحرى لا يزال ما هو فى الچيينات فى الچيينات ، فأتوا بسرعة باختراع آخر ، مهديا منتظرا جديدا ، اسمه المجىء الثانى للمسيح ! يا للهول ! أقصد : هلليلويا ! ) .

قبل أن أبدا كلامى للمسيحيين ، لدى كلمة جانبية للعلمانيين الغربيين الذين يستعظمون الأمر ويبذلون أضخم الجهد لإثبات أن الغنوصية هى الأصل والمسيحية هى الهرطقة . أقول : نعم أنتم على حق ، ونعم علم التاريخ هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ، لكن ما العويص أو الكارثى فى أن يقول پولس أو يوحنا على لسان يسوع إنه الإله ، بل ما المشكلة لو كان يسوع قد قال هذا عن نفسه فعلا ؟ إنها ليست بدعة كبرى كما قد تبدو للوهلة الأولى . الأمر أبسط من ذلك بكثير ، وقال بمثله الكثيرون من قبل ومن بعد ، من بوذا مرورا بالحلاج وليس انتهاء بشيرلى ماكلين . كلهم تخطوا الحد الفاصل بين أن نكون كلنا أبناء الرب ، وبين أن نكون جزءا من ذات الرب ، أو ‑عند لحظة معينة من النمو الروحى‑ نكون الرب نفسه . طبعا لا غرابة أن الكنيسة اختارت أو اختلقت الكتابات الأحدث لكل شاهد ما شافش حاجة أو شاف وأصابه الألزهايمر وكفرت أناجيل شهود العيان الحقيقيين الأقدم والألصق قائلة إن الغنوصية هرطقة ، لكن لا غرابة أيضا أن الغرب كعادته الغبية المزمنة فى شراء بضائع الشرق المتخلف الفاسدة ، قد قبل المسيحية دون أن يعلم أن يسوعا هذا لا شىء يذكر ، أو بالأكثر شخص بلا تميز كبير ، بل هو مجرد صوفى آخر قال عن نفسه أو قيل عنه ، إنه الإله !

أيضا لدى بالمثل كلمة للمتدينين المسلمين ، أن ما سأقوله لا علاقة له مطلقا ‑إيجابا أو سلبا‑ بترهات الإسلام وتخبطاته المضحكة . إن محمدا أو عمرا أو أيا من كان مخترع الإسلام الحقيقى ، أجهل من دابة بالأديان ( ناهيك عن كيف تصنع الأديان ) ، بل فى الواقع أجهل من دابة بأى شىء ، وبداهة لا مجال لأن نناقشهم مثلا فى الأناجيل الغنوصية أو واقعة صلب المسيح أو أى شىء فى الوجود أيا ما كان . كل الأمر لا يعدو بالنسبة لهم إلا شذرات عمومية جدا مرسلة جدا أخذوها عن ورقة بن نوفل أو بعض ذوى العلم بوجود خلافات مذهبية بين اليسوعية‑اليهودية الأصلية ، وبين المسيحية الكنسية المؤسسية اللاحقة ، فتلقفوها ‑دون أدنى علم أو تدقيق فى حقائق الأشياء‑ وأسموها التحريف ، مناقضين بهذا كل كلامهم المبكر عن ألوهية المسيح ، التى فى أسمى صورها ألوهية غنوصية صوفية أى كلنا آلهة لو فعلنا ما يوجبه علينا ضميرنا الفرعونى ، وفى أدنى صيغها ألوهية آريوسية أى ربوبية مخلوقة ، خولته أن يخلق الطير ‘ بإذن الله ’ وأن يكاد يستنكف أن يكون عبدا لله وأن سيعود ديانا عادلا … إلخ .

عامل الزمن ، تطور المسيحية evolution بالمعنى الدارونى الصيرورى للكلمة ، الغنوصية Gnosticism المصرية‑اليونانية ، والآريوسية Arianism شبه اليهودية وغيرهما من النسخ المبكرة من المسيحية ، الموقف من اليهود ، الموقف من الرومان . هذه كلها أمور حساسة للغاية فى العقيدة المسيحية ، ولو مسستها كأنك تمس عصبا مكشوفا !

… وهذا ما قد تفعله السطور التالية .

مقولات التاريخ البسيطة جدا تقول إن أحدا لا يصلب إلا وهو عار تماما من ملابسه ؛ الصلب هو العار الأعظم ولا يمكن أن يكون بملابس ( اقرأ أى كتاب وليس بالضرورة Spectrum - Religion تسلسل حتى تصل لتاريخ المسيحية ستجده مفصلا وكل المقالات ذات الصلة مجمعة أو يمكنك الذهاب مباشرة لمادة Crucifixion أما الأيقونة فبإيحاء من 200403/26kimm_slide2.jpg الموسوعة البريطانية ! ) . الصور والأفلام تجسد يسوع بمئزر . هذا ليس من قبيل الحياء . هذا الشرط لم يكن حيويا أو حاسما حين بدأوا فى رسم الصور فى الفن البيزنطى . السبب الحقيقى أن ذلك كان سيضطرهم لرسمه مختونا . أو تخيل أنت كيف ستقتحم صور المسيح ابن الإله مخلص البشرية أعيننا فى كل لحظة بحقيقة كونه مجرد شاب يهودى عادى لا أكثر . من هنا كان لمئزر صغير أن يحل كل شىء ، وينقذ مقومات الدين الجديد من الانهيار الزؤام ( للأمانة ، الأيقونات الأولى لم تكن لتتجرأ على مثل هذا الكذب الصريح ، وكانت تكتفى برسم نصف الجسد العلوى فقط ! ) . فيلم دينى أركان ‘ يسوع مونتريال ’ 1989 فيلم آخر لا تستخدم فيه كلمة المسيح قط . فيلم آخر ينتهى ، مثلا كما رواية أولاد حارتنا عندنا ، بالانتصار للعلم على حساب الخرافة وللدنيا على حساب الدين ، بأن تستخدم أعضاء من يمثل يسوع فى المسرحية موضوع الفيلم حين يقتل بسقوط الصليب فوقه ، تستخدم فى علاج بشر آخرين . فيلم آخر يقول إن يسوع ليس إلا يهوديا وسيظل يهوديا وإن المستشفى الذى ستستخدم فيه أعضاؤه مستقبلا مستشفى يهودى . نعم ، هذه كلها ثيمات سينمائية متكررة ومعتادة فى أفلام كثيرة ، لذا الأهم من كل شىء أن يظل هذا هو الفيلم الوحيد الذى تجرأ على التجسيد البصرى لحقيقة الصلب العارى !

لكن ماذا عن العنف الرومانى الهائل فى فيلم جيبسون ؟ ككاثوليكى أراد جيبسون أن يضع فى بيلاطس وزوجته نواة إيمان روما بالمسيحية . أما الجنود فلا بأس أن يكونوا مجرد جهلة دهماء بلا حس يتلذذون بالعنف السادى . كما قلنا ‑أو قالت النيوزوييك أو قال التاريخ‑ بيلاطس لم يكن أبدا طيبا . هو ليس بأكثر ولا بأقل شراسة من أى والى رومانى زميل آخر . فقط يريد للأمور أن تنضبط ، وإن كان يكاد يشعر بالغبن لأن دفعته العاصمة لحكم هذه البلاد التى يظهر فيها نبى كل أسبوع .

من هنا ربما سيظل الأكثر رسوخا فى الأذهان بيلاطس زيفيريللى ( رود ستايجر ) ، الوثنى الأقرب للعلمانية والذى يمكن تلخيص موقفه من كل الشأن اليهودى بكلمة واحدة : القرف ! ( هنا أصبح لغسل اليدين معنى مختلفا ! ) .

أما من ستنساه بسرعة فهو بيلاطس سكورسيزى ( المغنى ديڤيد بووى ) الذى لم يكن جوهريا أو مؤثرا فى شىء فالسياق أكبر منه . أما بيلاطس أركان فهو مثقف جدا ، ويحاول من خلال العقائد الإغريقية أن يقنع يسوع بأن العذاب الذى سيمر به فرصة نادرة للوصول للحقيقة ، وإن كان ممكنا أن لا توجد هناك حقيقة إطلاقا ( يوجد لهذا ظل باهت مفتعل وطبعا معكوس المعنى فى حوار بيلاطس جيبسون مع زوجته ) . لذا لعل بيلاطس الأكثر واقعية ومنطقية هو على الأرجح بيلاطس دراير الذى لم نره ، هذا الذى لا يمكن أن يعطى لهذا اليهودى الرث من وقته أكثر من ثوان معدودات ، ثم يأمر بصلبه بكلمة واحدة ، ومن ثم ينصرف لأشغاله الأخرى !

دعنا من اللغو المطول حول هل عذب يسوع أم أنه أهين فقط . إذ ماذا عن عنف الرومان اللاحق ضد المسيحيين ؟ ألم يكونوا يلقون بهم للأسود ويشعلون فيهم النيران ، بينما الحشود تصفق بجنون فى ستاد روما الكبير ؟ أليست هذه همجية ووحشية لا تليق بإمپراطورية تدعى لنفسها قيادة حضارة العالم ؟ الإجابة هى لا كبيرة . الإجابة هى العكس بالضبط . تحديدا كان كل ذلك يتم باسم الحضارة ولحماية الحضارة . مبدئيا روما ومن قبلها اليونان ومن بعدها أميركا وكل العالم ، شعوب تستمتع بالرياضات فائقة العنف . هذا لا علاقة له بالحضارة ولا بالهمجية ، إنما بغريزة العنف التى يجب إشباعها فى الطبيعة البشرية بأقل الخسائر الاجتماعية الممكنة . لكن بالذات إلقاء المسيحيين للأسود كان قصة أخرى . روما ومن قبلها اليونان ومن بعدها أميركا وكل العالم شعوب تؤمن بمئات الآلهة . لم يكن يضيرها أبدا أن تضيف المسيحية إلها جديدا يزيد التنوع الثقافى لمدنها ، تنشأ له المعابد يعبده من شاء ويتركه من شاء ويدرسه من شاء ولا يؤمن بأى آلهة على الإطلاق من شاء . لكن المسيحية جاءت بمشكلة لم تعهدها البشرية من قبل : التكفير ، أن قالت إن إلهها إله واحد فقط ، ومن ثم هو بالضرورة الإله الوحيد الصحيح ، بل خالق كل البشر بمن فيهم عبدة الآلهة الأخرى . يا لها من وقاحة ! لقد ذهب هؤلاء العبيد بعيدا ، والتسامح الرومانى الشامخ ما كان ليسمح بمثل هذا الفحش على وجه الإطلاق ، وكان التصرف الحضارى الوحيد لتلك الأمة العظيمة هو إلقاء هؤلاء المهوسين دينيا للأسود والنيران ، إبادتهم عبرة لكل متعصب تسول له نفسه التبشير بتلك البدعة الجديدة السافلة المسماة التوحيد . ( للمزيد اقرأ مثلا كتاب ميرى ليفكوويتز الجديد Greek Gods, Human Lives —What We Can Learn from Myths ، أو كتاب أليكساندر كراڤيتشوك عن آخر سنوات الدورات الأوليمپية ‘ الوثنية والمسيحية ’ وهو مترجم للعربية . وقد سبق لنا الحديث عنهما وعن الموضوع ككل من زوايا متعددة أخرى ، هذا فى سبيل دحض أكثر قاعدية لفكرة الدين نفسها ، ذلك فى المدخل المسمى الرب فى نظرية النسبية —حوار مع صديقى المؤمن ) .

أديان ما يسمى بالتوحيد ليست فقط أعظم وسيلة للقمع فى كل التاريخ الإنسانى ، إنما وصلت بآفاق القمع لحدود أن لم تعد تراها أعين البشر : إله كلى الجبروت ، والأهم منه أن لا تمثال له حتى يحطم ، بل هو شخص خفى هناك فى السماء ! طبعا مع حفظ حقوق النويات الأولى لهذه الفكرة الجهنمية باختراع صنم غير مرئى ودعوة الناس لعبادته ، التلفيقة الأعظم فى كامل التاريخ الإنسانى ، حفظ حقوقها للسيدين أخناتون العامر وتلميذه النجيب موسى العابر ، وحفظ حقوق تفجيرها لحدودها القصوى فيما بعد للسيد محمد العاهر !

هنا قد تسأل : لكن روما نفسها تبنت المسيحية بعد ذلك . نجيبك هذا لا يزيد فى الواقع عن تبنى جعفر النميرى للشريعة الإسلامية . نعم هكذا بدأت عصور الظلام أو تبدأ أية عصور ظلام . حضارة أفلست من رسالتها الحضارية ، وحكم يتداعى اقتصاديا وسياسيا ( وأيضا نفسيا حسب يونج ، انظر الاقتباس أعلى صفحة الحضارة ) ، تتداعى على كل تلك الأصعدة لسبب واحد رئيس هو قصف هجرة العبيد لمركزه ، ومن ثم يبحث عن وسيلة جديدة للقمع . كيف يمكن له والحال كذلك ‑ودون أن يدرى أنه يستسلم هكذا لهؤلاء العبيد‑ أن يغفل عن أعظم وسيلة للقمع فى كل التاريخ الإنسانى : الدين . هذا بالذات لو كان دينا مبتكرا للغاية ، وصلت بآفاق القمع لحدود أن لم تعد تراها أعين البشر : إله كلى الجبروت ، والأهم منه أن لا تمثال له حتى يحطم ، بل هو شخص خفى هناك فى السماء ! طبعا مع حفظ حقوق النويات الأولى لهذه الفكرة الجهنمية باختراع صنم غير مرئى ودعوة الناس لعبادته ، التلفيقة الأعظم فى كامل التاريخ الإنسانى ، حفظ حقوقها للسيدين أخناتون العامر وتلميذه النجيب موسى العابر ، وحفظ حقوق تفجيرها لحدودها القصوى فيما بعد للسيد محمد العاهر ، كلها كما أشرنا كثيرا من قبل ، أو كما سنعود لأكذوبة اللهو الخفى بعد قليل .

طبيعى أن يكون موقف الكنيسة الكاثوليكية من أفلام حياة يسوع موقفا مضطربا وانتقائيا . بينما هاجموا بشراسة فيلم سكورسيزى ‘ الإغراء الأخير للمسيح ’ 1988 ، رغم أنه يقول إن قوة يسوع فى رسالته التى مات من أجلها ، نرى اللجنة الكاثوليكية بمهرجان كان 1989 وقد منحت جائزتها لفيلم ‘ يسوع مونتريال ’ ، الذى يقول ذات الأفكار الاجتماعية تقريبا ، لكن يضيف عليها كما رأينا أنه لا يعترف بوجود المسيحية أصلا . اجتماعيا يركز على أن ليس المهم العقائد ، إنما وظيفتها فى إسعاد الناس ، ومثلا ينتهى فى لقطة النهاية بإدانة الحياة الاستهلاكية من خلال رنين هائل لقطعة نقود معدنية تلقى لمنشدتين دينيتين صغيرتين فى محطة القطار التى مات فيها البطل . وكلها معان لم يخرج عنها فيلم سكورسيزى المأخوذ عن رواية نيكوس كازانتزاكيس مدوية الصيت ، وهو يجيب عن سؤاله الافتراضى المركزى : ماذا لو أن يسوع قرر أن يستمر فى حياته شخصا عاديا ، يموت يهوديا كهلا مجهولا ، متزوجا من امرأة مجهولة أخرى اسمها مريم المجدلية ، من دليل الأفلام الذى من المدهش أن كان مصدر لمعظم المقالة . مقال مونتريال مصفوف فعلا حاليا فى DataEntry.doc عن نشرة نادى السينما . مجدى الطيب قال مؤخرا فى روز اليوسف مريم أخت لعازر طبعا خطأ وتأكدت من IMDb . بالنسبة ليهوذا المصدر كتاب ڤارايتى زائد الذاكرة ومنجبا لحفنة مجهولة بدورها من الأبناء والبنات ؟ الإجابة فى النهاية واضحة لا تحتمل لبسا : هذا هو أسوأ خيار ممكن ، الخلود أفضل ، ثم أن البشر فى حاجة إلى مخلص وإلى ‘ مسيح ’ ( الكلمة كما لاحظت مستخدمة حتى فى العنوان نفسه ، ذلك على العكس من كل الأفلام العلمانية الشبيهة ، ولسبب وجيه كما ترى ) ! شخصيا حين شاهدت هذا الفيلم فى حينه ، ومع كل التقدير لما سنقوله عن رؤى علمانية وتاريخية باهرة أتى بها وكانت كلها حرية به ومتوقعة ، كان الانطباع الأولى والأقرب للمفاجأة عندى ، هو العكس بالضبط : أنه فيلم مسيحى أكثر مما يجب ، ولا يقدم بديلا علمانيا من أى نوع للمسيحية !

إذن ، تاريخيا فيلم سكورسيزى لا يخلو من بعض التحليلات الجيدة ، وإن كان الفضل كله تقريبا ، يرجع فى تقديرنا لكاتب المخطوطة پول شريدر ، سليل التعليم اللاهوتى الپروتستانتى الكالڤينى الصارم . تقول الأسطورة إنه لم ير فيلما قط فى حياته قبل أن يبلغ الثامنة عشر ويهرب تاركا منزل الأسرة قاسية التدين ! يعد شريدر هذا حجة سينمائية قائمة بذاتها وربما لا تبز ، فى النكرانية ( الإلحاد بالمصطلح الدينى العربى ) على نحو عام ، وبالأخص منها فى تشريح العقلية الدينية للمسيحية ، بالذات عبر كل أفلامه ككاتب وموجه معا ، التى ليس منها بحال ما هو ذو موضوع دينى أو تاريخى مباشر . نذكرك مثلا منها بـ ‘ صلد اللباب ’ Hardcore 1979 شبه سيرة ذاتية لحياة أبيه مع جعل نفسه ابنة تشتغل ممثلة پورنو . ومثل ‘ الناس القطط ’ 1982 الذى ربما كان أعظم تجسيد نقدى لمنظور المسيحية عن الخير والشر من خلال فيلم رعب . وكذا ‘ راحة الغرباء ’ 1990 الذى يحلل الدمار الشامل الذى يسببه الدين لسيكولوچية الإنسان فى معادلة قد نبسطها فى الآتى : الدين = الشهوة الجنسية + شهوة القتل ، أو فى أنه يستخدم كلمتى الدين والجنون بمعنى تبادلى تقريبا ، وهو بلا شك أعمق أفلامه فلسفيا .

ككاتب ، يقدم فى فيلمه لسكورسيزى ( وهو بالمناسبة ليس الأول له معه فهناك قبله ‘ سائق التاكسى ’ و‘ الثور الهائج ’ ) ، يقدم پولس رسولا يبشر بالمسيح بعد أن كان هذا قد مات فعلا ونسى الجميع أمره . وهو يعرف جيدا ماذا يقول ونوع البضاعة التى يبيعها . يلتقيان معا فى المشهد التخيلى وتقع بينهما مواجهة ، حيث يرى پولس فى يسوع شخصا غير ذى صلة irrelevant ، ذلك أن شيئا جديدا يتجاوزه بالكامل يولد الآن على يدى هذا الداهية الدينى الجديد ، أسطورة كاملة لم يكن ليحلم بمثلها هذا اليسوع ضيق الأفق : دين ليس لليهود فقط ، إنما لكل العالم !

أما يسوع نفسه ( ويلليم دافوى ذو التاريخ الحافل فى تجسيد حفنة من أحط شخصيات الشاشة وأكثرها إجراما ودناءة ) فهو مقاتل يتملكه عنف شبه مرضى ، بعد أن كان فى البداية مترددا هل سيبشر بالحب أم الغضب ، ذلك إلى أن حسم مصرع يوحنا المعمدان تردده لصالح الخيار الثانى ( الشيطان لا يسكن إلا قلوب أبناء الرب ثيمة ثابتة لا يكاد يخلو منها أى فيلم لشريدر . ذلك أمر طبيعى جدا بالمناسبة ولا يجب أن يثير أدنى استغراب ، فهؤلاء هم الذين اخترعوا الشيطان ! ) .

أيضا ، ولأن الشىء بالشىء يذكر ، فيسوع حسب شريدر لم يكن نجارا مخترعا فنانا رومانسى النزعة كما فى الهراء الجيبسونى يصنع بدعة تقنية جديدة ناعمة ودقيقة جميلة وفنية هى المناضد العالية التى يجلس إليها الناس بشىء اسمه كراسى ، إنما كان نجارا يرتزق من شىء آخر تماما : نحت جذوع الأشجار الضخمة الخشنة لصنع الصلبان لحساب الحكومة من أجل إعدام بنى جلدته من اليهود !

( وأيضا بما أن الشىء بالشىء يذكر ، وبما أن إحنا فاضيين ع الآخر النهارده لدرجة الكلام فى الدين ، فإليك هذا السؤال لشحذ الذاكرة : ما الشىء المشترك بين يسوع المسيح وهاريسون فورد ؟ الإجابة : كلاهما بدأ نجارا قبل أن يصبح مشهورا ! ) .

والآن ، ماذا عن أسطورة القيامة التى تنهار العقيدة المسيحية بدونها . طبعا العلم لا يعترف بخزعبلات كهذه طالما الشخص قد مات . ويسوع مات فعلا وطعن بحربة بعد موته ، نزل بسببها الماء من جسده المتورم طبقا لفرضيات الأناجيل . المرجع السينمائى الأفضل هنا هو ‘ بن هير —حدوتة المسيح ’ 1925 . فى الواقع هو ثانى معالجة صامتة ( بعد نسخة 1907 وحيدة البكرة ! ) لقصة هذا الأمير اليهودى التخيلى المعاصر ليسوع والذى يدعى چوداه بن هير ، كما روتها رواية الچنرال ليو والاس ذات العنوان المضلل ‘ … حدوتة المسيح ’ . بينما هى لا شأن لها بالمرة بالخلاص المسيحى ، ومعنية ببساطة بشىء واحد فقط هو الخلاص اليهودى ( كما تعلم ، هناك حاليا بعض الطوائف اليهودية تحتفل بالكريسماس ، وتؤمن أن يسوع هو أحد أعظم اليهود أو أعظمهم جميعا ) !

بالطبع لا توجد قيامة ليسوع فى نهاية هذا الفيلم ، فقط القول بأنه لن يموت فى قلوب الناس . رغم أنه لم يتم تصوير وجه يسوع قط ، إلا أن ظهوره كان أوسع بما لا يقاس من فيلم 1959 الأشهر بذات العنوان ، والأكثر علمانية صهيونية ، ويسوع أكثر ثانوية فيه بمراحل ، بحيث لا وجود له تقريبا ، كما حذف أصلا من العنوان . فى فيلم 1925 المهم فقط فى المسيح أنه المحرر المنتظر لليهود من طغيان الإمبراطورية الرومانية . أما المسيحية فهى كينونة تخرج عن أى نقاش أو ذكر هنا . بعبارة أصرح هو فيلم يسير على الخيط الرفيع للحديث عن مسألة اليهودية والشعب اليهودى عبر قصة تبدو مسيحية جدا للوهلة الأولى . أو بصياغة أخرى هو قصة يسوع من منظور أسخريوطى سياسى تاريخى علمانى ( لاحظ اسم البطل چوداه وهى يهوذا بالإنجليزية ، وأن الصهيونية حركة علمنة بالأساس ، لعلنا نحلم أن نرى يوما مثلها صهيونية مسيحية وصهيونية إسلامية لها نفس نجاحها وصفاء بصيرتها ) .

آه ! الأسخريوطى ! هذا يقودنا لمشكلة أخرى كبيرة عند جيبسون . بديهى أنك لا تلقى الأموال فى وجه من وضعت مصيرك فى يده كى يسلمك الكنز الثمين ، ثم تتركه فى مهانة يجمعها من الأرض . هذا واحد من أسوأ مشاهد الفيلم . فاحتقار الخونة لا يكون سافرا هكذا فى الحياة الواقعية ، ولو كان سافرا فعلا فهو بالتأكيد لا يبدو مقنعا على شاشة السينما . لكن المشكلة الحقيقية أن المصادر التى يمكن أن ترسم ملامح يهوذا هذا باستثناء الكلام العنيف عن الخيانة فى الأناجيل ، ليست كافية هذه فقط قد تكون مشجعة ‑وليس أكثر‑ على استنتاج أنه أكثر أتباع يسوع ( الرعاع ككل ) حصولا على قدر من التعليم ، إن لم يكن بالتالى الأكثر ‘ تسيسا ’ ، وأن هذا هو سر توجس يسوع الدائم منه ، حيث يصر معه أحيانا على أنه صاحب رسالة دينية وليست زعامة أرضية . ( نحن لا نناقش هنا أن قصة الإنجيل نفسها تنفى الخيانة سلفا ، وتجعل يسوع يخبر التلاميذ بأن أحدهم سيسلمه ، فإذا بيهوذا يبادر لإعلان ذاته ويغمس يده فى الصحفة ، فلا يهب الباقون عليه ويقتلونه مثلا أو يسجنونه ، ذلك أن الأمر برمته مدبر بينهما : نعلم أن تدبير يهوذا سياسى دنيوى ، ولا نعرف بالضبط تدبير يسوع ، هل تدبير دراويشى يحاكى فيه خطة شكرى أحمد مصطفى إن سيذهب للصلب فتأتى مركبات النار وتنقذه أو ‑وهى تنويعة دراويشية أخرى‑ سيوفى بموته النبوءات عن المسيا المنتظر مراهنا على أن موته سيحمل الناس على الإيمان بأفكاره ، أم أنه اقتنع فعلا بخطة يهوذا العقلانية العلمانية ؟ ! الأرجح أنه ربما كان مقتنعا بهذه الأخيرة فى البداية ، ثم حمله سياق الأحداث العنيف ‑وهو الريفى البسيط عديم الخبرة فى التعامل مع رؤساء الكهنة أو قادة الرومان أو حتى أبناء المدن الكبرى ككل‑ على الانقلاب للبدائل الخرافية ) .

البذرة الأولى لتقديم الأسخريوطى كمثقف وسياسى وليس كشخص حقير كوفىء بثلاثين قطعة فضية هو فيلم ‘ ملك الملوك ’ ( 1961 ) ، لكن هذا يتواضع تماما أمام ملحمة زيفيريللى بعد 16 سنة . مرة أخرى نعود لخبرة أنتونى بيرجيس ( مؤلف رواية ‘ برتقالة آلية الدقة ’ التى ‘ تكبركت ’ سينمائيا ، وكاتب لغة الفيلم ما قبل‑التاريخى الفريد من نوعه ‘ السعى إلى النار ’ لچان‑چاك آنوه ) ، خبرته الخاصة فى البحوث الأنثروپولوچية المتعلقة بالمجتمعات القديمة والتى وظفها بوضوح فى ‘ يسوع الناصرى ’ . تلك الدراسة وذاك الإثراء العميقين لشخصية يهوذا ( أيان ماكشين ) هما درة هذا الفيلم .

الإنجاز الأكبر ‑والعلمى الحقيقى‑ هو شخصية يهوذا ( أو لعلها بطبيعة الأمور هى طريقة الأفلام شبه العلمانية ، أن تخترق العقيدة المسيحية اختراقا واحدا كبيرا ، تاركة معظم الأشياء على ما عليها ) . هنا هو بالمرة ليس خائنا مقابل مجرد حفنة من المال ، بل مثقف رفيع يرسم ليسوع نفسه دورا فى ريادة اليهود روحيا وسياسيا ، ويناور زعماءهم ليحقق هذا ، والنهاية أن حققوا هم ما يريدون ولم يجد هو إلا الانتحار النبيل عقابا للذات لفشله وانخداعه . وطبعا فى مقابل هذا ، لا تهتم المسيحية أبدا بالتناقض الذى يطرحه سؤال لماذا ينتحر شخص بمثل ما تصوره عليه من دناءة . إن الأسخريوطى لم يكن لينتحر لو لم يكن رجلا محترما وشريفا بكل معنى الكلمة ، وقد كره الاستمرار فى الحياة لأن الخطة التى تفتق عنها عقله قد أتت بنيران عكسية ، وأسفرت عن قتل أحب شخص إطلاقا إليه ، وإجهاض أمله الكبير فى خلاص اليهود مم يزعمونه اضطهادا رومانيا ، وهذه قصة أخرى ليس مجالها هنا .

المشكلة الفعلية قد جاءت بعد قليل حين وقف يسوع هذا أمام مجلس الكهنة الأعلى ومن ثم أمام بيلاطس ، كما ‘ البجم ’ فيما نقول بالعامية المصرية ، ولم ينطق شيئا ، أو بعبارة أصرح كان يسوع هو الخائن ويهوذا هو الضحية ! هذا من قراءتنا للأناجيل لا سيما الثلاث الأقل لاهوتية منها التى لا تعنى كلمة ابن الإله فيها أكثر من المعنى المجازى الذى يسرى على كل البشر ، ولا سيما أيضا فهمنا لكلمة ‘ أنت قلت ’ لتعنى ‘ أنا لم أقل شيئا ’ ( أو على الأقل هكذا فهمتها شخصيا فى طفولتى ، ولم استطع إقناع أحد بها إلى أن اكتشفت أن پولس نفسه قد فهمها على ذات النحو وقال لضحاياه فى كورينثوس إن إخفاء الألوهية ‑أو ما أسماه ‘ الحكمة المكتومة ’‑ كان شرطا لاتمام الصلب ومن ثم فعل الفداء ، هذا حتى لا يخر ‘ عظماء هذا الدهر ’ ساجدين أمامه بدلا من أن يقتلوه ‑صدق أو لا تصدق أن التدجيل العلنى فى المسيحية قد وصل لهذه الدرجة ! ) .

والفيلم يذهلنا بأننا أصلا لم نكن فى حاجة إلا لقراءة بسيطة مباشرة وسهلة لما ذكرته الأناجيل المعتمدة . هذه كلها أمور واضحة تماما ولا لبس فيها فى الرواية الرسمية لإنجيل المسيحية المؤسسية الذى بين أيدى الكل ، والتى لا نفهم أبدا كيف أخذها المسيحيون ومفسرو مسيحيتهم على أنها فعل خيانة ، ولا نفهم حتى أين أو كيف أو لماذا تتعارض مع نظريتهم شديدة التلاليف عن خطة الخلاص الإلهى المرسومة منذ تكوين العالم ؟ ! طبقا لهذه الأناجيل لم يفعل يهوذا شيئا من وراء ظهر أحد ، بل بكل علانية وجرأة وتباهى مد يده للصحفة معلنا للجميع ما معناه أن بلى هناك خطة متفق عليها بين يسوع وبينى . فى الفيلم ، ما أبلغ هذه اللحظات . كل ما عليك أن تتابع تعبيرات وجه يهوذا : لحظة اندهاش من أن يسوع قرر أن يجعل الأمر علنيا ، ثم تعبيرات اللا مبالاة الساخرة المتباهية حين غمس يده فى الصحفة أنه هو ‘ الخائن ’ المصطفى الذى يفوقهم فى ثقة سيده به وأنه دونهم يعلم ما لا يعلمون . تدريجيا تتحول تعبيرات الوجه للابتسام ، ثم إلى الفرح والنهوض بحماس لحظة أن قال له يسوع افعل ما ستفعله بسرعة ، ذلك أن السيد قد وافقه أخيرا على خطة عمره . بعد ذلك يعلم كلنا أن المشكلة الفعلية قد جاءت بعد قليل حين وقف يسوع هذا أمام مجلس الكهنة الأعلى ومن ثم أمام بيلاطس ، كما ‘ البجم ’ فيما نقول بالعامية المصرية ، ولم ينطق شيئا ، أو بعبارة أصرح كان يسوع هو الخائن ويهوذا هو الضحية ! هذا من قراءتنا للأناجيل لا سيما الثلاث الأقل لاهوتية منها التى لا تعنى كلمة ابن الإله فيها أكثر من المعنى المجازى الذى يسرى على كل البشر ، ولا سيما أيضا فهمنا لكلمة ‘ أنت قلت ’ لتعنى ‘ أنا لم أقل شيئا ’ ( أو على الأقل هكذا فهمتها شخصيا فى طفولتى ، ولم استطع إقناع أحد بها إلى أن اكتشفت أن پولس نفسه قد فهمها على ذات النحو وقال لضحاياه فى كورينثوس إن إخفاء الألوهية ‑أو ما أسماه ‘ الحكمة المكتومة ’‑ كان شرطا لاتمام الصلب ومن ثم فعل الفداء ، هذا حتى لا يخر ‘ عظماء هذا الدهر ’ ساجدين أمامه بدلا من أن يقتلوه ‑صدق أو لا تصدق أن التدجيل العلنى فى المسيحية قد وصل لهذه الدرجة ! ) . أما الفيلم فيقدم يسوع فى الحالة الصدامية وأنه مؤمن أو وصل للإيمان بأنه المسيا ، ولتؤجل تأويل هذه حتى ترى مجمل الوقع العام للفيلم ، ثم فى كل الأحوال تلك الكلمات لا تعنى شيئا كثيرا يعتد به ، فكل إنسان يمكن أن يقول عن نفسه ما يشاء ، فما بالك إذا كان فى ذات الحالة العقلية ليسوع الناصرى فى أسبوعه الأخير ، القصة التى سيطول شرحها جدا بعد قليل . [ تقريبا اكتشاف النص الكامل لإنجيل يهوذا بعد سنتين من كتابة هذا لم يأت بشىء واحد جديد يمكن أن يضاف لنظرية فيلم زيفيريللى ، أو حتى لقراءتنا البسيطة المحايدة للأناجيل ، فغنى عن القول إننا لم نكن فى حاجة لأى إنجيل عدا الأناجيل المعروفة لنعرف أن ثمة اتفاقا مسبقا بين الرجلين ، وأن الانتحار دليل نبالة لا خيانة … إلخ ، بل إن بلاغة وذكاء مشاهد ‘ يسوع الناصرى ’ الوجيزة حول الأمر تكاد تعادل إن لم تفق كل فيلم الناشيونال چيوجرافى متوسط الصنعة –انظر التحديث بالأسفل ] .

إذن ، بلا منازع يهوذا هو أكثر الأشياء صدمة للمتدينين فى فيلم زيفيريللى . لكن مما يجدر القول به هنا ، إن مثل هذه الرؤية العلمانية فائقة الجرأة لم تقف عند حد التحليل السياسى لظاهرة يسوع ، بل تشعبت على امتداد كل المخطوطة الهائلة التى تشارك عليها كل من أنتونى بيرجيس وكاتبة تمثيليات الشاشة المخضرمة سوسو سيتشى دا أمايكو وكذلك فرانكو زيفيريللى . المؤكد قبل كل شىء أن الإنجيل الذى كنت تقرأه قبل مشاهدة ‘ يسوع الناصرى ’ ، لن يعود هو عينه الإنجيل الذى ستقرأه من الآن فصاعدا . كل شىء سيختلف بدءا من الإحساس بأتربة تلك الأماكن التى ستزكم أنفك ( مما لا شك فيه أن هذا الفيلم أحد أفضل وأهم إنتاجات طارق بن عمار ) ، حتى التحطم -الجزئى على الأقل- لأسطورة المسيح ، حتى الصليب نفسه لا وجود له ، إنما مجرد عارضة ترفع إلى حائط كبير شبكى مكون من قوائم وعوارض خشبية دائمة مثبتة لبعضها البعض بالحبال ! لو أن كل إسهامات الفيلم توقفت عند رسم شخصية يهوذا لكفلت وحدها اعتباره فيلما أقل ما يوصف به أنه عظيم ، لكن الواقع كل الشخصيات إنجازات ، من مريم الطفلة-الأم مرورا بالمعمدان المهوس- الأشعث حتى البنطى الضجر-السأم ( وأطنان النجوم الذين ينوء بهم ‘ يسوع الناصرى ’ هم متعة فى حد ذاتها لا تطاق لأى إنسان ، بغض النظر عن موضوع الفيلم أو أى شىء آخر ) .

نعم ، الفيلم يقدم هراء المعجزات ، لكن المذهل أنه قرب النهاية يسكب عليها فجأة دلو ماء بارد يكاد يطفئها جميعا . إنه قصة الأعمى المزيف الذى شفاه يسوع فى الهيكل فأصبح لحظة بداية جنونه وصب جامات غضبه وأيضا أول ذريعة بنيت فوقها عريضة الدعوى التى أفضت لإعدامه ( بعد قليل سنخوض فى أن أحد أسباب سوء الطالع والمتاعب الكثيرة التى حدثت ليسوع فى أسبوعه الأخير الأورشليمى أن ‘ شغل الأونطة ’ الذى كان يخيل على سكان الريف لا يصلح بالضرورة لسكان المدن ، ولا نقصد بالأونطة المعجزات فقط بل تعاليمه التسامحية الساذجة ككل ) . نقول إن مشهدا واحدا بذر من الشكوك ما يكفى لأن تعيد النظر فى كل قصص المعجزات ( أو على الأقل أن فى المرة القادمة سوف تجد نفسك مضطرا لأن تقرأ مرتين عبارة الإنجيل أن يسوعا المطرود لم يجر معجزة فى إحدى القرى لأنهم كانوا قليلى الإيمان ! فالإيمان ‑أو بكلمة أصرح العمى‑ هو اسم اللعبة وراء كل ما يسمى بالمعجزات عبر التاريخ ! ) . بلى ، مشهد واحد بذر من الشكوك ما يكفى لأن تخرج بعد الفيلم وكلك ثقة أن لأمنا الطبيعة قوانينها وأنها لا تسمح بوجود قوانين أيا ما كانت فوقها ، وما يكفى لتنمية لأول خطوة فى رؤية علمانية لفهم مشوار المعجزات الأسطورى المزعوم ليسوع الملقب بالمسيح ! حتى القيامة يقدمها كفلاش باك لموقف يفهم أنه كان الوداع الأخير قبل الصلب ، حيث لا أثر للمسامير فى راحتى يسوع فيه ! حتى علاقة المجدلية الجسدية بيسوع وأنها حسب تعبيره ‘ جزء من العائلة ’ ، وبأنها المهندس الأول والمؤسسة الحقيقية لليسوعية الأولى قبل أن يحرفها الباقون لتصبح ‘ مسيحية ’ ‑وكلها أمور سنفيض فيها أيما إفاضة بعد قليل ، وبأنها ‑بصفتها هذه وبصفتها القائدة القوية لأولئك التلاميذ الرعاع الرعديدين‑ من أخذت الجثمان ، فقد ترك الفيلم الباب مفتوحا أمامها جميعا ، ولم يذكر شيئا واحدا يمكن أن ينفيها بل بالأحرى هو يحيل كل لبيب لمثل هذه الاحتمالات . [ ليس أخذ الجثمان سرقة بالضرورة ، وليس بهدف الترويج لألوهية المسيح بالضرورة ، فالمجدلية الرائعة ليست بحال من صناع هذه الأكذوبة ، ذلك أن فيلم ‘ القبر المفقود ليسوع ’ قد أسقط الكثير من الأضواء هنا بعد ثلاث سنوات من كتابة هذا ، منها أنه مجرد واجب الزوجة المعتاد جدا تجاه جثمان زوجها –انظر التحديث بالأسفل ] .

عامة ، ‘ يسوع الناصرى ’ لا يبذل جهدا خاصا فى طرح نظريات محددة ، فقط هو الحرص على جعل الأمور تبدو منطقية وواقعية يدمر فى عمق وصمت فكرة الإيمان والتسليم الدينية المشينة . هو فقط يضعك فى قلب الصورة ويسهل عليك استيعاب كيف جرت القصة ودقائقها على أرض الواقع ، بعدها يترك لك الطريق رحبة كيف تفسرها بمعرفتك تفسيرا علمانيا خالصا لا خرافة ولا ميتافيزياء فيه . أخيرا فإن موقف الكنائس هنا لا يعنى شيئا . هم يعرضون هذا الفيلم الذى يقوض على نحو حثيث جذور المسيحية ويبيعونه داخل أسوارهم ، بينما يخرجون فيلم الإغراء الأخير لخارج الأسوار ويرجمونه ، لكن ماذا تقول فى غباء أصحاب الأديان الأزلى الأبدى ؟ يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ‑لا أشك أن سكورسيزى ظل يصلى هكذا !

يجدر الذكر أن كثيرا من جذور هذه الرؤية ‘ التاريخية ’ لقصة يسوع ، والاهتمام بالواقع الخشن والخلفيات السياسية والاجتماعية …إلخ ، كانت قد وجدت بوادرها قبل عام واحد فى فيلم روبيرتو روسيللينى بعنوان ‘ المسيا ’ ( المسيح ) 1976 ، الذى كان خاليا من المعجزات وكل ما قد يناقض العقل ، ولكن للأسف كان آخر أفلام هذا الموجه الإيطالى الكبير . يجدر بالذكر كذلك أن الزمن الأصلى لفيلم زيفيريللى البريطانى‑الإيطالى فى التليڤزيون كان حوالى 200 دقيقة ، ثم مد من ليلتين إلى أربع وأصبح 383 دقيقة ، وبالطبع انتشرت عدة نسخ وسيطة بعد ذلك . وأشهر ما يحذف رقصة سالومى ( إيزابيل ميستريز ) التى لا تحبها عادة الأوساط الدينية ( وطبعا أحبتها أفلام سيسيل بى . دو ميل ونيكولاس راى المعنونة ‘ ملك الملوك ’ 1927 و1961 بالترتيب . والأخير بالتحديد هو أول فيلم إطلاقا شاهدته فى طفولتى أنا شخصيا ، وما بقى فى ذاكرتى هو فقط تلك الرقصة ! ) .

أما عند سكورسيزى وكاتبه شريدر ، فبالمثل كان كل أتباع يسوع ، عدا الأسخريوطى ، رعاعا فعلا ( بطرس ، الذراع الأيمن لنبى التسامح ، وحتى مع وجود سند ما يشجع على هذا فى لوقا 7 ، كان أحد راجمى المجدلية —تصور ! ) . لكن الأبعد أن كانت ‘ الخيانة ’ مدفوعة من يسوع نفسه . كانت جزءا من الخطة ، خطة إعلان نفسه مسيحا ، ومواجهة زعماء الكهنة بالزعامة الروحية الجديدة ، ومن ثم مواجهة مصير ‘ الاستشهاد ’ الاختيارى باعتباره قدرا أتته به النبوءات . الفيلم يجعل الذهاب لأورشليم أشبه بعملية انتحارية غير محسوبة سلفا ، يدفعها مجرد إحساسه بنبوءة فحواها أنه لا بد وأن يقتل . هذه واحدة من الحالات السينمائية القليلة التى تتماس مع ما نعرفه من تهديدات يسوع ( الرمز الأكبر للتسامح فى التاريخ ) ، تهديداته الرهيبة ، والغريبة لحد ما ، فى متى 24 ، بالويل والثبور لكل البشرية ، هذا إذا ما أقدمت على قتله فى الأيام التالية ( لوقا 23 يعطى ملامح أخرى ‑لا تقل قوة ولا دموية وإن مختصرة‑ للوثته العقلية الفجائية هذه ، فى القصة الرمزية التى ينهيها يسوع بقوله إن أتباعه سيأتون بكل العالم تحت قدميه ويذبحونهم قدامه ) .

هول الصدمة كان هائلا على هذا الكاهن الريفى الصوفى البسيط ، وتسارع الأحداث أصبح يفوق أفقه الفكرى البسيط وقدراته المتواضعة على الاستيعاب وفهم العالم . تخيل واعظا ريفيا يأتى لأول مرة للعاصمة ، معتقدا أنه سيرى القداسة التى لم يرها فى حياته ، ذلك أنه سيدخل هيكل الله شخصيا ، فإذا به يكتشف أنه ليس إلا ‘ مغارة لصوص ’ . تخيل واعظا ريفيا لم يفعل فى حياته سوى التبشير بالتسامح ، يرى فجأة ‑بعينيه وليس بمجرد سماع القصص‑ روما بجبروتها الهائل مجسدة بما يقتحم الأبصار ، ويرى الدم كحقيقة رخيصة للغاية على الأرض ، ويرى الحركات المسلحة اليهودية واقعا فعليا ، وليست مجرد فكرة كان يحاول يهوذا دسها فى أذنه ويلفظها هو بعباراته الساذجة عن الخد الأيمن والأيسر .

تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق الذى حقق جماهيرية هائلة بين سكان الهوامش ، وهو يسأل نفسه ، هل لا تزال هذه الجماهيرية الفائقة سارية المفعول فى العاصمة الدينية ، أم أن هناك مؤسسة دينية عتيدة لن تشترى كلامه بسهولة وخبرت من أمثاله الكثيرين ، وسوف تفتك به فتكا مبرما . تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق وقد تصاعدت عليه فجأة ضغوط تابعه المثقف الذى استدرجه لأورشليم أو ضغوط الناشطين المسلحين أمثال باراباس أو ربما ضغوط بقية تلاميذه أنفسهم ، كلها كى يترجم جماهيريته الهائلة تلك لفعل سياسى يخدم أمته ( التى طبعا لا تفهم أنها قمامة بشرية إذا ما قورنت بروما بإمپراطوريتها وحضارتها وثورتها التقنية العتيدة التليدة ، إنما تعتقد أنها شعب الرب المختار ) . تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق حين تطلب منه أن يهجر للأبد شيوعيته الصوفية اليوتوپية الساذجة ، الشىء الوحيد بنى عليه كل مجده ونجاحاته ، ويصبح ملكا يعين الوزراء ويدير مملكة من قلب عاصمة لا تعرف الدين ولا تعرف ألاعيب السحرة ، فيتدبر طعام شعب كامل تدبرا حقيقيا وليس بألعاب الحواة البريئة التى طالما مارسه هو وأتباعه تحت اسم المعجزات لمجرد إقناع البسطاء فى تلك الأرياف بأفكاره .

لم يجد مفرا أمامه إلا توزيع أقسى النبوءات عن الخراب المطلق لأورشليم والهلاك الكامل لأمة اليهود ، هؤلاء وتلك التى فاق فسقهم كل خيالاته كريفى بسيط . لا نلومه إن تخيل أنها كلها سوف تذبح يوما تحت قدميه الإلهيتين . وحقا ، إذا كان ذلك هو واقع البشر والحياة ، فلا نلومه حتى إن اعتقد فى نفسه البريئة إلها . من كل هذا وذاك أتته لوثة الجنون ، ترك وظيفة المصلح الاجتماعى التى دأب عليها ، وتحول نبيا يكيل النبوءات المرعبة ذات اليمين وذات اليسار مجانا وبلا روية أو هوادة . لا شك أن الرجل فقد أعصابه هنا ، ‘ سخنت المسائل ’ فى دماغه ، فنسى كل ما بشر به ، لحظة أن أدرك أن الأمور هنا فى أورشليم يمكن أن تكلف فما كبيرا مثله حياته ، وطبعا لا نلومه . أخيرا ، بعد كل هذا الطوفان الصاعق من الأحداث ، كان رد فعله الوحيد عندما سيق للمحاكمة هو —صدق أو لا تصدق : الصمت المطبق ! وأيضا : لا نلومه !

هول الصدمة كان هائلا على هذا الكاهن الريفى الصوفى البسيط ، وتسارع الأحداث أصبح يفوق أفقه الفكرى البسيط وقدراته المتواضعة على الاستيعاب وفهم العالم . تخيل واعظا ريفيا يأتى لأول مرة للعاصمة ، معتقدا أنه سيرى القداسة التى لم يرها فى حياته ، ذلك أنه سيدخل هيكل الله شخصيا ، فإذا به يكتشف أنه ليس إلا ‘ مغارة لصوص ’ . تخيل واعظا ريفيا لم يفعل فى حياته سوى التبشير بالتسامح ، يرى فجأة ‑بعينيه وليس بمجرد سماع القصص‑ روما بجبروتها الهائل مجسدة بما يقتحم الأبصار ، ويرى الدم كحقيقة رخيصة للغاية على الأرض ، ويرى الحركات المسلحة اليهودية واقعا فعليا ، وليست مجرد فكرة كان يحاول يهوذا دسها فى أذنه ويلفظها هو بعباراته الساذجة عن الخد الأيمن والأيسر .

تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق الذى حقق جماهيرية هائلة بين سكان الهوامش ، وهو يسأل نفسه ، هل لا تزال هذه الجماهيرية الفائقة سارية المفعول فى العاصمة الدينية ، أم أن هناك مؤسسة دينية عتيدة لن تشترى كلامه بسهولة وخبرت من أمثاله الكثيرين ، وسوف تفتك به فتكا مبرما . تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق وقد تصاعدت عليه فجأة ضغوط تابعه المثقف الذى استدرجه لأورشليم أو ضغوط الناشطين المسلحين أمثال باراباس أو ربما ضغوط بقية تلاميذه أنفسهم ، كلها كى يترجم جماهيريته الهائلة تلك لفعل سياسى يخدم أمته ( التى طبعا لا تفهم أنها قمامة بشرية إذا ما قورنت بروما بإمپراطوريتها وحضارتها وثورتها التقنية العتيدة التليدة ، إنما تعتقد أنها شعب الرب المختار ) . تخيل حجم الضغوط النفسية الواقعة على هذا الريفى محدود الأفق حين تطلب منه أن يهجر للأبد شيوعيته الصوفية اليوتوپية الساذجة ، الشىء الوحيد بنى عليه كل مجده ونجاحاته ، ويصبح ملكا يعين الوزراء ويدير مملكة من قلب عاصمة لا تعرف الدين ولا تعرف ألاعيب السحرة ، فيتدبر طعام شعب كامل تدبرا حقيقيا وليس بألعاب الحواة البريئة التى طالما مارسه هو وأتباعه تحت اسم المعجزات لمجرد إقناع البسطاء فى تلك الأرياف بأفكاره .

لم يجد مفرا أمامه إلا توزيع أقسى النبوءات عن الخراب المطلق لأورشليم والهلاك الكامل لأمة اليهود ، هؤلاء وتلك التى فاق فسقهم كل خيالاته كريفى بسيط . لا نلومه إن تخيل أنها كلها سوف تذبح يوما تحت قدميه الإلهيتين . وحقا ، إذا كان ذلك هو واقع البشر والحياة ، فلا نلومه حتى إن اعتقد فى نفسه البريئة إلها . من كل هذا وذاك أتته لوثة الجنون ، ترك وظيفة المصلح الاجتماعى التى دأب عليها ، وتحول نبيا يكيل النبوءات المرعبة ذات اليمين وذات اليسار مجانا وبلا روية أو هوادة . لا شك أن الرجل فقد أعصابه هنا ، ‘ سخنت المسائل ’ فى دماغه ، فنسى كل ما بشر به ، لحظة أن أدرك أن الأمور هنا فى أورشليم يمكن أن تكلف فما كبيرا مثله حياته ، وطبعا لا نلومه . أخيرا ، بعد كل هذا الطوفان الصاعق من الأحداث ، كان رد فعله الوحيد عندما سيق للمحاكمة هو —صدق أو لا تصدق : الصمت المطبق ! وأيضا : لا نلومه ! ( المدهش بالمناسبة أن الغرب نفسه يحب هذا الوجه للمسيح أكثر بكثير من وجهه المتسامح . آخرها [ اقرأ هنا ] كتاب Glorious Appearing تأليف Tim LaHaye and Jerry B. Jenkins ، والذى تزامن ظهوره بالصدفة مع كتابتنا لهذه الكلمات ، والذى يكاد يوحى أن سفر الرؤيا هو كل المسيحية ! ) .

 

أما شريدر فلم يبتعد كثيرا ، ولعله رأى أن متى 24 هو كل المسيحية . ورغم أنه يصعب لنا شراء هذه الفكرة ، ونرى أن متى 24 هو فقط متى 24 ، ونقول إن الحالة الذهنية ليسوع فى الأسبوع الأخير ليست بالضرورة هى عينها حالته طيلة عمره السابق ، ونذهب لأنه لا يوجد قبل ذلك دلائل ملموسة على ذلك ‘ التبشير بالغضب ’ أو حتى على ذلك التنازع بين الاثنين ، بل كان بشيرا للروحانية والتسامح فعلا . أو نسأل كم مرة ذهب للهيكل من قبل لكن لم يحطم موائد الناس فيه سوى هذه المرة ، رغم كل ذلك نستطيع فى نفس الوقت الزعم بأن ‘ الإغراء الأخير للمسيح ’ يقدم من خلال رصد الحالة الذهنية المضطربة ليسوع فى أيامه الأخيرة ، الرؤية الوحيدة التى تنسجم فيها كل أحداث ذلك الأسبوع معا ، وطبقا لمنطق متسق موحد ، وبأن ما عدا ذلك فأى إصرار على صواب المسيحية ، سوف يقدم لنا دينا مليئا بالثقوب ، كما كل دين آخر ، وربما أسوأ .

وغنى عن القول بالطبع إن تلك الازدواجية بين الاستضعاف والتجبر موجودة فى معظم الأديان المسماة بالديانات المتجلاة revealed أو ديانات التوحيد monotheism ، ولعل أشهرها ذلك الفارق الفادح ومصدر كل العنف الدامى الذى يشهده عالمنا المعاصر فى العقد الأخير ، ما بين إسلام مكة وإسلام المدينة ، إسلام العبيد وإسلام السلطة ، إسلام لكم دينكم ولى دين وإسلام ما لن يقبل سواه يوم القيامة ، إسلام لم يكتمل بعد أو انتقص من جديد وإسلام أكملت لكم دينكم باحتلال مكة وتأسيس الدولة البطاشة ‑للمزيد انظر صفحة سپتمبر . الفارق أن لم تقدر الأيام ليسوع أن يعيش بنفسه الطور السعيد الثانى هذا ، طور الانتصار والتنكيل والبطش بجميع الناس ، واستمتع به فقط تلاميذه الذين بنوا الدين بمهارة مشهودة من بعده ، بادئين كالمعتاد بدين للعبيد ، عكفوا بدأب على تنميته وتوسيعه ، إلى أن يصبح سلطة وقهرا وقمعا وانتقاما من كل من ناهضه أو يناهضه . أما ما استمتع به هو فهو فقط تلك الحفنة الصغيرة من كلمات النقمة والوعيد هذه ، التى فرج بها عن نفسه المكبوتة المهزومة حين أدرك أن الموت قادم لا محالة خلال أيام .

إن كلمات الصليب هى الإفصاح الكبير ، عما كان يعتمل فى الذهن المضطرب للرجل فى الأيام السابقة . بهذا المنطق وحده يمكن مثلا تفسير عبارة الصليب ‘ إلهى إلهى لماذا تركتنى ’ ، وربما حرفيا قبل أن تلوى المسيحية معناها كانت ‘ إيليا إيليا لماذا تركتنى ’ . ذلك الذهن المضطرب وحده ، هو أيضا ما يفسر كلمة الصليب الأخرى ‘ قد أنجز ’ أو حسب الترجمة العربية ‘ قد أكمل ’ . والسؤال إذا كان هذا لم يزل قبل دقائق قليلة يبشر بيلاطس بنظرية الحق القدسى وأن السلطان يأتى من فوق فقط ، وإذا كان لا يزال إلى الآن بعد إلها يوزع صكوك الغفران ذات اليمين وذات اليسار على مجرمى الصلبان المجاورة ، فأين المشكلة أصلا ؟ وإذا كان كل هؤلاء المتجمهرين فى الموقع ‘ لا يدرون ماذا يفعلون ’ ، فما هو ذلك الشىء الغائب عن ذهنهم ؟ ثم ببساطة أى شىء بالضبط ذاك الذى أنجز ، إذا كان الكل قد تركوه لمصير النهاية البائسة هذا ؟

لا غرو إذن أن المسيحية نفسها احتارت فى كلمات الصليب ( السبع لا أكثر ! ) لقرون . وأقيمت المجامع المسكونية الواحد تلو الآخر ، إلى أن اهتدت ، وبعد صعوبات جسيمة وانشقاقات مرعبة ليس ضد الغنوصية فالآريوسية فقط ( المسيحيات الأولى الخام الأقل تلفيقا ) ، بل بين المؤمنين بألوهية يسوع أنفسهم ، اهتدت لحلها بطريقة مصطنعة جدا وبالغة التعقيد ومن ثم مطلقة الهشاشة ، تقول بأن كانت ليسوع المسيح طبيعتان ومن ثم مشيئتان ، واحدة إنسانية وأخرى إلهية ، تلتقيان أحيانا وتفترقان أحيانا أخرى ، لتظهر هذه مرة وتلك مرة أخرى . أضف طبعا تلك الفكرة الفذة التى قسمت مرة أخرى الإله نفسه لثلاثة آلهة ، كنوع من دكتور چيكيل ومستر هايد ، يتناسخ كل منها الواحد إلى الآخر ، مرة هنا ومرة هناك ، ليسد هذه الوظيفة أو تلك الفجوة فى النص ، هذا الذى تتطاحن أجزاؤه بعضها البعض ( كما أى نص دينى سابق أو لاحق فى تاريخ الإنسانية ) . فى النهاية ستكتشف أن ترزية المسيحية الأوائل قد نجحوا فعلا فى جعل النصوص المقدسة برمتها ، وكى تظل مقدسة ، نوعا بالغ الطموح من الألعاب الأكروباتية !

لا يقول مثل تلك الكلمات المتضاربة على الصليب ، إلا دجال مهوس دينيا ، ممزق ما بين لحظة الهزيمة المرة ، وبين تمثله لوهلة كونه إلها يغفر ذات اليمين وذات اليسار ، أو أن ظل حتى اللحظة الأخيرة يتخيل أن يأتيه مثلا إيليا قائدا لجيش من العربات النارية يبيد ويبطش بكل من ناهضوه وناهضهم ويحرره هو من الصليب ، ثم أخيرا حين لم يأت أحد قنع بأن رسالة ما قد أنجزت على أية حال . هذه حالة هلاوس تقمصى أو ‘ ذهان ’ psychosis كلاسية للغاية يعرفها جيدا الطب العقلى ( وطبعا يعرف كيف يعالجها ) .

للوهلة الأولى تبدو عبارات الصليب تلك كفيلة وحدها بنفى الألوهية والخلاص ، ومن ثم هدم المسيحية من جذورها ، لكن الحقيقة المدهشة أنها تلك التى انبنى عليها تحديدا الدين الپولسى . فالرجل الذى عاش يهوديا وظل مخلصا ليهوديته حتى آخر أيامه ، كان اختلاله العقلى الذى تفاقم بقسوة فى الأسبوع الأخير ، وروح الانتقام الجهنمية المفاجئة التى تقمصته فيه ، هى الدليل الوحيد للغاية فى كل حياته ، على أنه ربما تخيل لتلك الفترة الوجيزة جدا من عمره ، أنه المسيح !

الحقيقة ، ولنقلها صريحة بعيدا عن كل النصوص كل الكتب وكل الأفلام ، أن لا يقول مثل تلك الكلمات المتضاربة على الصليب ، إلا دجال impostor مهوس دينيا ، ممزق ما بين لحظة الهزيمة المرة ، وبين تمثله لوهلة كونه إلها يغفر ذات اليمين وذات اليسار ، أو أن ظل حتى اللحظة الأخيرة يتخيل أن يأتيه مثلا إيليا قائدا لجيش من العربات النارية يبيد ويبطش بكل من ناهضوه وناهضهم ويحرره هو من الصليب ، ثم أخيرا حين لم يأت أحد قنع بأن رسالة ما قد أنجزت على أية حال .

هذه حالة هلاوس تقمصى أو ‘ ذهان ’ psychosis كلاسية للغاية يعرفها جيدا الطب العقلى ( وطبعا يعرف كيف يعالجها . هى عينها ما يسميه عموم الناس من المتدينين والسذج والمتطيرين بالمس الشيطانى أو مراودة ‑أو ‘ مخاواة ’ بالعامية المصرية‑ روح أخرى للجسد . وهى تشيع عندما تأخذ الخرافة بالمجتمع ، كما هو حالنا الآن ، أو لدرجة أن شكلت مثلا أغلب المنطقة التى كانت تلعب فيها ما تسمى ‘ بمعجزات ’ يسوع ) .

للوهلة الأولى تبدو عبارات الصليب تلك كفيلة وحدها بنفى الألوهية والخلاص ، ومن ثم هدم المسيحية من جذورها ، لكن الحقيقة المدهشة أنها تلك التى انبنى عليها تحديدا الدين الپولسى . فالرجل الذى عاش يهوديا وظل مخلصا ليهوديته حتى آخر أيامه ، كان اختلاله العقلى الذى تفاقم بقسوة فى الأسبوع الأخير ، وروح الانتقام الجهنمية المفاجئة التى تقمصته فيه ، هى الدليل الوحيد للغاية فى كل حياته ، على أنه ربما تخيل لتلك الفترة الوجيزة جدا من عمره ، أنه المسيح !

المرجح أن هذا التفسير للساعات الأخيرة من حياة يسوع ، قد لا يعجب ميل جيبسون كثيرا !

Jim Caviezel as Jesus on the cross in The Passion of the Christ (2004)

Only the Last Week, Why?

السؤال الكبير فى ‘ حرقة المسيح ’ ، أو حتى فى ‘ الإغراء الأخير للمسيح ’ ، لماذا كل هذا التركيز على الأسبوع الأخير ناهيك عن الساعات الأخيرة ، وبتحديد أكثر لماذا عول سكورسيزى كثيرا على التبشير بالدم ، فجعل منه حياة كاملة ليسوع ؟ الحقيقة أننا لا نملك إجابة شافية ، لكننا مضطرون للخوض فيها طالما السؤال الرئيس لمقال اليوم ‑والذى فرضه على أچندتنا فرضا ميل جيبسون‑ هو كيف يجب أن تصنع الأفلام عن الدين .

فى رأينا المتواضع نقول إن تهافت المسيحية الحقيقى لا يأتى من جنون صاحبها فى أسبوعه الأخير أو تخيله أنه المسيح المنتقم أو ما إلى هذا القبيل ، إنما يكمن فى شىء آخر أكثر عمقا وتجذرا وامتدادا : تبشيره بالروحانية . إننا هنا بصدد صراع بين مفهمومين كاملين للدين . دين شرقى استبصارى استبطانى insightful لا يكل البحث عن الحقيقة ، ودين شرق‑أوسطى عقائدى شريعى توحيدى نصوصى قاطع وجازم ونهائى .

عن هذه المنطقة حدث ولا حرج عما يسمى بالأناجيل الغنوصية Gnostic Gospels . التى كانت هى الضحية الكبرى على مذبح ترزية المسيحية ومقصاتهم الضخمة . عامة تترجم كلمة الغنوصيين إلى المعرفيين أو شديدى الحكمة ، وربما السبب أن نفيها agnostic يترجم بدوره إلى اللا أدرية . لكن لو شئنا الدقة كلمة استبصار insight ، وربما معناها الأضيق استبطان self-insight ، هى الترجمة الدقيقة ، لأنها ‑أى الغنوصية‑ لا تعتمد على منهج ‘ معرفى ’ أى علمى وموضوعى ، إنما تدور أساسا حول محاولة الوصول إلى الحقيقة المطلقة ( الإله ) ، عبر استقراء الإنسان لداخل نفسه . إذن هى العكس من اللا أدرية ليس لأنها أكثر منها معرفية ، إنما لأنها أكثر ‘ سعيا ’ فى الوصول للمعرفة ، وتقول إن هذا ممكن ، وقد يحدث ، كما يعلمون هم أكثر من غيرهم ، فى حالات نادرة ، لعل أشهرها تلك التى تسمى فى ميثولوچيات الشرق بالنيرڤانا .

على نحو عام الغنوصيون كانوا بالأساس فلاسفة يونانيين وجدوا فى يسوع شخصا كاريزميا جديدا وأصيلا ، ومن ثم تمثلوا تعاليمه كفلسفة ، وحاولوا إعادة صياغة عقائد اليونان وككل أيضا مع ما عرف من عقائد فى الشرق ، ودمجها أو تطويرها جميعها معا فى ظل تلك التعاليم الجديدة ، التى رأوها قوية جدا بحيث يمكن اعتبار يسوع الناصرى هذا ، إمامهم كبيرهم وكبيرا للفلسفة ‑أو لو شئت‑ للديانة الغنوصية .

Muhammad Ali A-Samman

A fragment from the Gospel of Philip, part of the 1945 find at Nag Hammadi, Egypt, Institute for Antiquity and Christianity, Claremont, California.

Keep Your Doubt in Faith:

Direct to You from the Upper Egypt!

جزار ، ولا نقول ترزى لأن الكلمة ضعيفة جدا فى الواقع ، جزار المسيحية الأكبر والأول ، الذى سفك تلك النصوص على مذبح الدين الجديد هو من يسمى بالقديس إيريناوس Saint Irenaeus . فى النصف الثانى للقرن الثانى للحقبة الشائعة ، شطب هذا الأسقف ابن آسيا الصغرى ، شطب من الوجود حفنة من الأناجيل ، مثل إنجيل توما Gospel of Thomas وإنجيل فيليپس Gospel of Philip وعشرات غيرها من الأناجيل والرسائل لمشاهير تلاميذ المسيح ، على رأسها جميعا من جعله عدوا أكبر له ما كان يسمى بإنجيل الحقيقة Gospel of Truth . نعتها كلها بالهرطقة ، وتبنى على نطاق واسع ، وبنجاح بدا أنه مطلق ، حرقها من كل المعمورة . وفعلا تم القضاء نهائيا على ‘ الهرطقات ’ كما عنونها فى كتابه الرئيس ‘ ضد الهرطقات ’ نحو سنة 180 ح . ش . قال إيريناوس كلمته وأنفذها فعلا 18 قرنا كاملة ، إلى أن كان لرجل صعيدى داكن البشرة اسمه محمد على السمان رأى آخر . محمد مثل إيريناوس رجل ذو شخصية عنيدة . فى ديسيمبر 1945 ، وكان بعد قد تجاوز ريعان الشباب بقليل ، كان بصدد الأخذ بالثأر لمقتل أبيه . كان يخرج كثيرا من قريته ويقضى معظم الوقت فى الجبل . فى ذلك اليوم كان يحفر بحثا عن سماد للأرض ، فعثر على إناء فخارى ضخم مغلق بإحكام . خشى فى البداية أن يكون به أحد الجان ، لكن إغراء الذهب كان أقوى . وجد به كما هائلا من المخطوطات القديمة ، اضطر لدفنها فى حطب البيت ، وحرقت منها زوجته ما حرقت . ولم يكن لديه هو نفسه من الوقت ما يكفى للتركيز فيما يمكنه الاستفاده به منها . فى إحدى الفترات ما بين هربه شبه الدائم من البلدة ، دعاه الفضول لأخذ عينة منها لكاهن البلدة القمص باسيليوس عبد المسيح ، وسرعان ما علمت السلطات بالأمر وصادرتها ووضعتها فى المتحف القبطى فى القاهرة . وكذلك تم تهريب البعض الكثير منها للخارج لبيعه ، حيث أثارت على الفور فضول الباحثين فتقاطروا إلى القاهرة ، وبقية القصة المسماة مكتبة نجع حمادى معروفة للجميع ، وإن لم تحظ بشهرة قصة موازية فى تلك السنوات سميت بملفوفات ( مخطوطات ) البحر الميت ، التى حوصرت بالسرية حتى مطلع التسعينيات ، حيث اتضح أنها أقل أهمية بكثير من كنز عم أبو أحمد ، الذى انتهت قصته أيضا على خير ، نهاية سعيدة بالانتقام من قاتل أبيه وأكل قلبه نيئا .

هذه المخطوطات أثبتت مبدئيا أن إيريناوس كان على حق . لم يكن يحارب طواحين هواء ، بل هى فعلا تشكيلة ضخمة كاملة متكاملة من الأناجيل والنصوص الأخرى يهودية ومسيحية مبكرة ، عددها على الأقل فيما لم تحرقه أم أحمد هو 52 كتابا . لكن الأنباء السيئة لإيريناوس أن الناس عرفت أنه لم يقل كل شىء ، كان يجتزئ الأمور ، وأن لتلك النصوص منطقها المتكامل وحجيتها المذهلة ، ناهيك عن حقيقة أن معظمها أقدم من أناجيل المسيحية الأربعة المعتمدة . ذلك التكامل وهذا الإدهاش ينبع من أنها أكثر تماسكا فى روحانيتها بكثير مما نعرفه عن يسوع الرسمى . هنا يكتسب كلام يسوع الروحانى الذى مررته المسيحية لنا ، معنى أقوى بكثير ، لا سيما وأن ما سمحت به المسيحية لنا منه ، هو فقط بعض العبارات التى تميل للإنشائية ويسهل تأويلها بأكثر من معنى ، أو بكلمات على بن أبى طالب ‘ حمالة أوجه ’ . مثال لها عبارة يسوع الشهيرة جدا ‘ ماذا لو ربح الإنسان العالم كله وخسر نفسه ’ ، أو الكلام عن ‘ ليكن جسدك كله منيرا ’ ، أو حتى ذلك الدور الثانوى الغامض لما أسمته المسيحية بالروح القدس .

على العكس من ديانات ما يسمى بالتوحيد ، تقع معابد البوذية وما شابهها فى أعالى الجبال الشاهقة ، عليك أنت أن تكافح للوصول إليها للتعبد ، ولا تفرض هى دعاتها ومبشريها عليك يلاحقونك كما مندوبى المبيعات . بل ربما الدين الراقى هو الدين عكس‑الدعوى ، أى الطارد للبشر ، أى أن اذهبوا لتكونوا علمانيين صالحين كل ما نريده لكم ألا ترجعوا لنا أبدا ، وهى الصيغة التى صكت وحرصت عليها مصر القديمة على نحو أو آخر ، أساسا من خلال رفض الفرعون منح جزء من مجده للكهنة ، ورفضه تلك الملوثات الصحراوية التى تقوم على تصميم الدين من أجل سلطة وطعام الكهنة .

كل ذلك التقديس للصمت هو بالطبع العكس 180 درجة من خصائص إله التوحيد اللزج غاوى الشهرة وصنع الجلبة حول نفسه ، والذى يصمم كلما عن له المزاج على تجلية reveal نفسه للبشر من خلال ما يسمى بالوحى ، ويقصف هؤلاء البؤساء طوال الوقت بأنبيائه الذين يقوضون حيواتهم وينغصون عليهم سلامهم الداخلى . وفى الفترات التى يعطى فيها أنبياءه عطلة فإنه يكتفى عوضا عنهم بمتعة ملاحقة هؤلاء البشر بميكروفوناته فائقة الزعيق فى كل شارع وزقاق بينما هؤلاء يحاولون الهرب منه ومن هراوات جلاديه كالجرذان المذعورة ! … فى الواقع لأن كلنا آلهة فى الفكر المصرى الغنوصى ، فلا تمثل الخطيئة أى شاغل لنا من أى نوع . الخطيئة هاجس المجرمين ‑وللصدارة منهم قطاع الطرق الصحراويين بالذات بعد أن بدأت تتسلل لهم فكرة احتمال وجود حياة ثانية بعد الموت ، فاخترعوا تمثيلية الخطيئة الأصلية والفداء العبيطة التى لا تنطلى على عقل طفل فما بالك بعقل إله . نعم ، لأننا آلهة فنحن لا نعرف شيئا اسمه الخطيئة . ربما نعرف شيئا اسمه التجربة والخطأ ، وهو لا يزعجنا ، بل بالعكس نفرح له ، لأننا نتعلم منه ننضج نرتفع ونمتلىء !

هذه لا تقارن بما هو فى الأناجيل الغنوصية . مثلا نحن نعرف أن يسوع غفر ‘ للزانية ’ قائلا ‘ من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر ’ ، ونرى فى هذه العبارة ذائعة الصيت اهتماما روحانيا بالجوهر ونقاء القلب …إلخ . الحقيقة أنها ليست على تلك الدرجة التى تبدو عليها من روحانية ، فيسوع تلك الأناجيل لم يعرف أصلا ثنائية الخطيئة والتوبة sin and repentance هذه ، بل كان كل كلامه دائما أبدا عن ثنائية أخرى هى الوهم والتنوير illusion and enlightenment ! ( البريطانية Gnosticism جوهر الغنوصية أن العالم الدنيوى شرير بطبعه ، لأنه من صنع إله شرير هو يهوه ، إله اليهودية ، أو بمصطلحاتهم عالم وهم illusion أو إجهاض abortion . أما الإله الحقيقى فهو ليس بشخص ولا له باسم . هو كيان بعيد لا يكاد يدرك ، ينتمى لمملكة النور التى لا تطال أو الـ pleroma ، وهو صمت منيع نائى ، ومن هذه وتلك فإن أحدا لا يستطيع أن يراه ولا يسمعه أحد إلا بإصغاء مذهل . هذا يفسر لماذا ، وعلى العكس من ديانات ما يسمى بالتوحيد ، تقع معابد البوذية وما شابهها فى أعالى الجبال الشاهقة ، عليك أنت أن تكافح للوصول إليها للتعبد ، ولا تفرض هى دعاتها ومبشريها عليك يلاحقونك كما مندوبى المبيعات . الفكرة التالية 20110518 07:47 م : تفريغ كيس بن فى البرطمان بينما الحاسوب VStudio عادت له شبكة الإيثرنيت لأول مرة منذ أيام واشتغلت مع الإكسپلورر صفحة تليڤزيون سيف الكلمة ، وتذكرت حال المسيحيين المعتصمين الآن فى ماسپيرو وكيف قد قتل الشنكوتى تماما طبقة العلمانيين ، وهو ما كتبته أكثر من مرة على الفيسبووك لكثيرين منذ حادثة إمبابة بالذات مثلا لواحدة تدعى نيڤين وغضبت ومسحت كل شىء ، وستجده مدرجا فى صفحة يناير حين اقوم بإدراجه . بل ربما الدين الراقى هو الدين عكس‑الدعوى ، أى الطارد للبشر ، أى أن اذهبوا لتكونوا علمانيين صالحين كل ما نريده لكم ألا ترجعوا لنا أبدا ، وهى الصيغة التى صكت وحرصت عليها مصر القديمة على نحو أو آخر ، أساسا من خلال رفض الفرعون منح جزء من مجده للكهنة ، ورفضه تلك الملوثات الصحراوية التى تقوم على تصميم الدين من أجل سلطة وطعام الكهنة .

كل ذلك التقديس للصمت هو بالطبع العكس 180 درجة من خصائص إله التوحيد اللزج غاوى الشهرة وصنع الجلبة حول نفسه ، والذى يصمم كلما عن له المزاج على تجلية reveal نفسه للبشر من خلال ما يسمى بالوحى ، ويقصف هؤلاء البؤساء طوال الوقت بأنبيائه الذين يقوضون حيواتهم وينغصون عليهم سلامهم الداخلى . وفى الفترات التى يعطى فيها أنبياءه عطلة فإنه يكتفى عوضا عنهم بمتعة ملاحقة هؤلاء البشر بميكروفوناته فائقة الزعيق فى كل شارع وزقاق بينما هؤلاء يحاولون الهرب منه ومن هراوات جلاديه حرفيا ما يحدث بالسعودية كالجرذان المذعورة ! … فى الواقع لأن كلنا آلهة فى الفكر المصرى الغنوصى ، فلا تمثل الخطيئة أى شاغل لنا من أى نوع . الخطيئة هاجس المجرمين ‑وللصدارة منهم قطاع الطرق الصحراويين بالذات بعد أن بدأت تتسلل لهم فكرة احتمال وجود حياة ثانية بعد الموت ، فاخترعوا تمثيلية الخطيئة الأصلية والفداء العبيطة التى لا تنطلى على عقل طفل فما بالك بعقل إله . نعم ، لأننا آلهة فنحن لا نعرف شيئا اسمه الخطيئة . ربما نعرف شيئا اسمه التجربة والخطأ ، وهو لا يزعجنا ، بل بالعكس نفرح له ، لأننا نتعلم منه ننضج نرتفع ونمتلىء ! ) .

حتى كلمة ‘ طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الرب ’ ( أليس هذا ما يسمى فى أماكن أخرى بالنيرڤانا ؟ أليس ضد فكرة الوحى والرسالات والمرسلين ؟ ) ، تتضاءل أمام إحدى نظيراتها فى الأناجيل الغنوصية ، كقول يسوع فى إنجيل توما مثلا ، بصياغات بعيدة جدا فى حسمها الفلسفى الصوفى ‘ اخرج ما بداخلك ، ما بداخلك سوف يخلصك . لا تخرج ما بداخلك ، ما بداخلك سوف يدمرك ’ ، أو بالإنجليزية :

If you bring forth what is within you, what you bring forth will save you. If you do not bring forth what is within you, what you do not bring forth will destroy you.

لو عاد يسوع للحياة اليوم لرأى المسيحية أو أى من الأديان الثلاث المسماة بالمتجلاة ، هى آخر شىء يمكن أن يعتنقه . يعتنق البوذية ربما ، الهندوسية ربما ، الكونفوشيوسية ربما ، لكن أن يصبح هذا ‘ المسيح ’ مسيحيا ، مستحيل !

يا لها من كلمات صاعقة ، أو كأن بوذا أو كونفوشيوس هو المتحدث . وهى فعلا جعلت الأكاديميين يعيدون قراءة أشياء كثيرة ، منها أن ذهبوا لأن إنجيل توما كان هو الأساس الذى قرأه آباء البوذية الأوائل ، جلبوه معهم من مكتبة الأسكندرية ‑التى من الثابت كثرة ترددهم عليها‑ ومنه صاغوا عقيدتهم . إن هذا الاقتباس المذكور قد يكون عبارة مالوفة جدا فى فيلم لبرووس ليى ، وهو يخرج للجبل ( يصوم 40 يوما و40 ليلة ! ) ، ليطهر نفسه استعدادا للمواجهة . لكنها ليست مألوفة بالمرة فى ديانات التوحيد التى لا تتحمل أبدا مثل هذا النوع من الاستبطانية الباحثة عن حقيقة ليست موجودة إلى الحين على الأقل . وطبعا تطرح بدلا منها وبصرامة لا تحتمل الهذر ، مبدأ الفصل المطلق بين الإله والإنسان . الأول كينونة مستقلة ذاتية الوجود كلية القدرة بل أيضا أزلية أبدية ، وقطعا ليست فى حاجة لهذا الثانى التافه الزائل كى يستبطنها أو يستبصرها أو يضيف لها شيئا من أى نوع من عنده . هذا يفسر لنا لماذا قتلوا الحلاج فى الإسلام ، تماما كما يفسر لماذا اضطرت المسيحية دونا عن بقية ديانات التوحيد أن تتنازل جزئيا عن فكرة الفصل المطلق بين هذين النطاقين ، وجعلت من يسوع منطقة وسيطة إله وإنسان معا . لقد كانت مضطرة لذلك من فرط غلبة التيار الغنوصى على بازار الفكر فى ذلك الوقت ، حيث كان هو القاعدة والأساس وهى التزوير والتفليق والاصطناع تقريبا من العدم . بل السؤال الحقيقى هو كيف انتصرت هى عليه ، فقط من خلال حفنة من التلفيقات اللغوية لا أكثر فى الواقع . نعم ، كيف استطاع هؤلاء شرق الأوسطيين ممن كانوا يعتقدون أن يهودا والسامرة ( ومصر وعدن فى أكثر تقدير ) هى كل أرض الإله ، البدائيون القادمون من الشتات بسبب هدم هيكلهم ، ممن توجهوا شمالا حيث آسيا الصغرى واليونان ، وكل تلك العراقة الفلسفية والنضج الإنسانى والثقافى ، كيف استطاعوا فرض ألاعيبهم الكلامية هكذا على كل الدنيا . لماذا تضمحل وتسقط الحضارات والإمپراطوريات تحت معاول العبيد المتدينين هى قصة يطول شرحها ، تعلم أن كتبت بها أسفار ضخمة . ما نقوله فقط إن التفسير لا يكمن فى الدين نفسه ولو بنسبة واحد بالمائة ، بل فى أسباب موضوعية وبنيوية مستجدة تخص هذه الحضارة أو تلك الإمپراطورية . ساعتها فقط يطل الدين براسه !

باختصار ، المفارقة وصلت لحد ما يلى : لو عاد يسوع للحياة اليوم لرأى المسيحية أو أى من الأديان الثلاث المسماة بالمتجلاة ، هى آخر شىء يمكن أن يعتنقه . يعتنق البوذية ربما ، الهندوسية ربما ، الكونفوشيوسية ربما ، حتى اليهودية ربما ، لكن أن يصبح هذا ‘ المسيح ’ مسيحيا ، مستحيل ، مستحيل ، مستحيل ، يا ولدى !

A detail representing Plato and Aristotle from the center of the picture The School of Athens (1508 - 1511) by Raphael (Raffaello Sanzio), Palazzi Pontifici, Vatican.

Rembrandt Harmenszoon van Rijn's Aristotle Contemplating the Bust of Homer (1653), Metropolitan Museum, New York.

Age of Wisdom!

More for first http://www.wga.hu/html/r/raphael/4stanze/1segnatu/1/athens1.html and for second http://www.tigtail.org/TIG/TVM/X1/f.Baroque/a.low/rembrandt/rembrandt.html Raphael’s Plato and Aristotle and Rembrandt’s Aristotle and Homer!

(Note: Due to the limitations of our page width the above pics are displayed only at part of their original size. Save them then view at full quality using any graphic software).

تداعيات ما جاء فى الأناجيل الغنوصية لا حصر لها . إنها جعلت كل المجتمع الأكاديمى يعيد النظر فى كل شىء تقريبا . يمكنك لو شئت أن تجد النصوص الكاملة لما عثر عليه منها هنا ، منها حتى ما هو باللغة القبطية هنا ، وهو بالمناسبة أمر نادر على الإنترنيت ، وكذا ثم تعريف بمكتبة نجع حمادى وبالغنوصية عامة هنا ، وأيضا يمكنك قراءة تحليل معمق للأمر برمته فى كتاب إيلين پيجيلز الأناجيل الغنوصية The Gnostic Gospels by Elaine Pagels ، والمتاح منه فصل سمين ثمين كثيف على الغشاء هنا . لذا قد نذكر هنا من هذه التداعيات فقط ما هو أقرب للاجتهاد الشخصى منا ، ذلك تمديدا لكل ما كتب فيها وهو هائل .

بلا شك أناجيل الغنوصية كنز كبير لأنها الأصدق تعبيرا عما كانت عليه اليسوعية فى صورتها الحقيقية الأولى . تلك النصوص عبارة عن كتب تعاليم ، ليست بها قصة ولا سيناريو لحياة يسوع التى من الواضح أنها كانت شيئا عاديا جدا ثانويا جدا لم يكن له مغزى فى حد ذاته فى نظرهم ، فقط هناك الحوار ، والحوار المهم الجديد المميز تحديدا . أغلب تلك الأناجيل لم يذكر أنه صلب ، وطبعا أيها لم يتحدث عن القيامة أو يهتم بالسؤال عن كيف ولد وما اسم أمه . كذلك بما أنها أقرب لكتب فلسفة لم تأت مطلقا على خرعبلات كمسيانية يسوع أو تفرد بالألوهية دونا عنا ، إلى آخر دهاليز قانون الإيمان الكنسى المعقد الحساس الذى استغرق عقودا لكتابة أناجيله كتابة أولية ، وقرونا لتظبيطه التظبيطة النهائية ، فالمنطقى تماما أن نستنتج ‑بخلاف كل ما سبق من أدلة‑ أنها الأقدم والأكثر أصالة .

بلا شك أناجيل الغنوصية كنز كبير لأنها الأصدق تعبيرا عما كانت عليه اليسوعية فى صورتها الحقيقية الأولى . تلك النصوص عبارة عن كتب تعاليم ، ليست بها قصة ولا سيناريو لحياة يسوع التى من الواضح أنها كانت شيئا عاديا جدا ثانويا جدا لم يكن له مغزى فى حد ذاته فى نظرهم ، فقط هناك الحوار ، والحوار المهم الجديد المميز تحديدا . أغلب تلك الأناجيل لم يذكر أنه صلب ، وطبعا أيها لم يتحدث عن القيامة أو يهتم بالسؤال عن كيف ولد وما اسم أمه . كذلك بما أنها أقرب لكتب فلسفة لم تأت مطلقا على خرعبلات كمسيانية يسوع أو تفرد بالألوهية دونا عنا ، إلى آخر دهاليز قانون الإيمان الكنسى المعقد الحساس الذى استغرق عقودا لكتابة أناجيله كتابة أولية ، وقرونا لتظبيطه التظبيطة النهائية ، فالمنطقى تماما أن نستنتج ‑بخلاف كل ما سبق من أدلة‑ أنها الأقدم والأكثر أصالة .

مثلا تلك النصوص الغنوصية تضع يدنا على تفسير لماذا لم ترد كلمة الشيطان فى كل الكتاب المقدس إلا فى سفر أيوب ، حيث ‘ فوجئ ’ به الرب ‑‘ فوجئ ’ وهو الذى يفترض فيه أنه خالق كل شىء‑ فوجئ به جالسا وسط المستمعين ( ! ! ) ، هذا بعد لنقل 800 صفحة تعايش فيها النص بدون شياطين ! تلك النصوص الغنوصية تقيم قصة جنة عدن من جديد على قدميها ، بعد ألفيات من سنوات التزوير المفضوح الصارخ جعلتها تقف فيها على رأسها فى سفر التكوين . نعم الروايتان تتفقان على أن الحية هى التى أغوت آدم وحواء بالبحث عن المعرفة ، لكن الفارق أن الحية فى النصوص الغنوصية هى الخير ، الرمز الدائم والأعلى للحكمة الغائية ، كما هى دائما أبدا فى تلك العصور وفى كل ثقافات المنطقة ( يسوع نفسه يقول كونوا حكماء كالحيات ، فهل لم يقرأ التوراة ؟ ) . أما الإله الذى يريد حجب المعرفة عن بنى الإنسان فهو الشر ( تخيل ! لهذا الحد كان صفاء الرؤية عندهم ! ) . ولا نقصد صفاء الرؤية فى جرأة وصم الإله بالشر ، حيث لا غرابة أصلا فى أن يترك اليهود إلهة الخير والحكمة والحرية والمعرفة ، ويجرون وراء إله شرير بلطجى طاغية متسلط ، فقد كان الأمن هو هاجسهم الأكبر ( طبعا دون محاولة منا لأى تشبيه مع دولة إسرائيل الأشكينازية الحداثية المعاصرة ، فشتان بين الاثنتين ! ) . ثم أن آلهة الشر كانوا دوما أكثر عددا وشهرة ( وأيضا فائدة ) من آلهة الخير . لقد فعلها الإغريق والرومان قبل ذلك مرارا وتكرارا ، وحتى بالنسبة لإله التوحيد لسنا حتى فى حاجة لتأملات غنوصية معقدة . ففيما يخبرنا به العهد القديم الرسمى نفسه ، ما أكثر أخطاء هذا الإله و‘ عكه ’ وندمه على كل ما يفعل المرة تلو المرة ، وعلى كل ما يخلق المرة تلو المرة ، بحيث لا يكاد يشك المرء أنه من الغباء بحيث لم يستوعب فى النهاية أن كان من الأفضل له أن يترك مهمة الخلق لشخص آخر أكثر منه حنكة وكفاءة ، ويتفرغ هو للمكائد والدسائس وأچندات الانتقام التى يجيدها ( هل عرفت الآن لماذا لا توجد شياطين فى الـ 800 صفحة الأولى ؟ وهل عرفت لماذا لو هذا العالم فادح النواقص من خلق إله عليه أن يخجل من نفسه كل الخجل ، ولو كان من خلق أمنا الطبيعة فعليها أن تتفاخر كل التفاخر أنها أنجزت كل ما تم إنجازه بآليتها المتواضعة الدءوب محدودة الموارد والكفاءة ، ‘ رجل الحمار ’ المسماة التطور والانتخاب الطبيعى ) . لا نقصد بصفاء الرؤية أى من كل هذا ، إنما قصدنا مدى حب وتبجيل هؤلاء الناس للمعرفة ، ووضعهم إياها فوق أية مقدسات ، ولا غرو أن صنعوا إلههم إلها كله صفاء وهدوء وصداقة وحنو وحب للبشر لا حب استعبادهم وقهرهم .

الإنسان فى كل الأحوال هو خالق الآلهة ، كل الآلهة ، والسؤال فقط هو لأى هدف ؟ مثالنا الشهير آلهة الإغريق والرومان التى خلقت كى ‘ تتلطش ’ و‘ تتهزأ ’ وفى خاتمة المطاف تهزم ، وفى كل الأحوال مجرد ‘ موظفين ’ أدنى درجة ‑قيمة وخلقا وإرادة‑ لدى الإنسان . هذا ما أرادته شعوبها منها لأنها شعوب عظيمة أو كانت كذلك ، وتلك كانت وظيفتها الأنثروپولوچية التكيفية لدى هذه الشعوب . فالآلهة رموز لقوى الطبيعة البطاشة والمفترض فى الإنسان ‑لو كان يحترم نفسه حقا‑ أن يقهرها لا أن يركع لها . أما الشعوب المنحطة فتفضل أن تعيش عمرها ذليلة تحت رحمة أقدار يأتيها بها إله قبيح مشوه نفسيا يسكن سماء موهومة يسمى الواحد الأحد القهار ( أو بالأحرى تحت رحمة الأفاقين المجرمين المسمين أنبياء ورجال دين ممن يأتونها قائلين إنهم يتلقون رسائل صوتية من ذاك الإله ) .

الإنسان فى كل الأحوال هو خالق الآلهة ، كل الآلهة ، والسؤال فقط هو لأى هدف ؟ مثالنا الشهير آلهة الإغريق والرومان التى خلقت كى ‘ تتلطش ’ و‘ تتهزأ ’ وفى خاتمة المطاف تهزم ، وفى كل الأحوال مجرد ‘ موظفين ’ أدنى درجة ‑قيمة وخلقا وإرادة‑ لدى الإنسان . هذا ما أرادته شعوبها منها لأنها شعوب عظيمة أو كانت كذلك ، وتلك كانت وظيفتها الأنثروپولوچية التكيفية لدى هذه الشعوب . فالآلهة رموز لقوى الطبيعة البطاشة والمفترض فى الإنسان ‑لو كان يحترم نفسه حقا‑ أن يقهرها لا أن يركع لها . أما الشعوب المنحطة فتفضل أن تعيش عمرها ذليلة تحت رحمة أقدار يأتيها بها إله قبيح مشوه نفسيا يسكن سماء موهومة يسمى الواحد الأحد القهار ( أو بالأحرى تحت رحمة الأفاقين المجرمين المسمين أنبياء ورجال دين ممن يأتونها قائلين إنهم يتلقون رسائل صوتية من ذاك الإله ) .

ونقول هذا وذاك مع علمنا بالطبع أن أولئك الغنوصيين لم يستطيعوا أبدا الارتقاء بذلك البحث عن الحقيقة لمرتبة العلم او المنهج العلمى . وطبعا دون الحاجة لتكرار بديهية أن ليست كل الخرافات ضارة أو قاتلة كخرافة إله السماء الواحد الأحد ، وليست كلها تستعبدنا وتقتل أرواحنا مثلها ، إنما هناك خرافات تلهب أرواحنا وتعيننا على فهم الحياة وأيضا على مواجهتها . ذكرنا للتو واحدة هى الحية إلهة الحكمة ، والقائمة لا نهائية تبدأ بكل ركن منزوى صغير من أوديسا هومر حتى ‘ لورد الخواتم ’ و‘ حروب النجوم ’ التى تملأ كتبنا وشاشاتنا المعاصرة طولا وعرضا . السؤال فقط هو من الخالق ، أى عرق ، أى چيينات بالضبط ، چيينات الأعراق العظيمة أم چيينات العرق الساموى . وهذه قصة يطول شرحها أفضنا فيها قديما فى صفحة الثقافة ، وقلنا إن الأديان نتاج ثقافى للعرق الذى اخترعها ، وهى لم تهبط من السماء بپاراشووت ، إنما أشياء اخترعها بشر من لحم ودم ، وحسنا : چيينات ! أيضا لعلنا قد أعطينا الإجابة عن لماذا لم تزدهر المسيحية ‑حتى فى صورتها المذرية المعروفة ، فى أرض بيت لحم أو فى محروسة أثناسيوس أو فى بلاد بشار الأسد ، إنما ازدهرت غربا بالتحديد . ولإنعاش ذاكرتك نقول إن الإجابة كانت ‘ چيينية ’ جدا ، وملهمنا فيها كان ‑صدق أو لا تصدق‑ نظرية دكتور دوكينز المسماة الچيين الأنانى !

المهم ، نعود للأناجيل الغنوصية . مما نراه أيضا أن حتى كلمة يوحنا ‘ فى البدء كان الكلمة ’ ، والتى لا شك أن إيريناوس كان شديد الاعتزاز بها ، على الأقل لأنها سلاح به من الغموض ما يجعله قويا جدا ، ومن ثم اعتقد أن بإمكانه به دفع هجوم الفلاسفة الكاسح ذاك ، تلك العبارة لا تبدو مشجعة جدا مسيحيا ، فى ضوء إصرار كافة الأناجيل الغنوصية على استخدام وصف غريب نسبيا ليسوع طوال الوقت هو ‘ يسوع الحى ’ . الحقيقة أن يوحنا منظر المسيحية الأكبر وفيلسوفها الأول ، ربما لم يستطع هو نفسه فى خضم عكاظ الحاشدة هذه التى كان يتحرك فيها ، لم يستطع التغريد بالكامل خارج السرب ، فوافق الغنوصيين على أن يسوع ‘ الحى ’ شىء أقل شأنا من كلامه الخالد حياة وموتا ، لأن هذا الأخير هو الاقتراب للحقيقة العميقة ، أو : ‘ وكان الكلمة الله ’ ! مع ذلك يظل يوحنا لحظة تاريخية نادرة تستحق الوقوف أمامها . إنه الأستاذ الذى أدمج النيرڤانا فى منظومة التوحيد . أخذ لحظات السمو الغنوصى لدى شخص اسمه يسوع ، وجعل منه تناسخا لإله مشخص يسكن السماء ، ومن ثم سد باب النيرڤانا للأبد على أى أحد آخر . وعلى فكرة ، سد الباب على من بعدك ، هو أيضا سمة أساس أخرى فى كل أديان ما يسمى بالتوحيد ، قد تعترف بما قبلها ، لكنها تشدد على أن لا شىء بعدها . دائما الحقيقة باتت مطلقة والمسعى قد أغلق !

صحيح ! لماذا خفى ؟ ( أو بالأحرى : لماذا مختبئ ؟ ) أليس هذا أمرا مثيرا للريبة فعلا ؟ لماذا ليس وثنا بسيطا وديعا بديعا كما الأيام الجميلة الخوالى ؟ ألا يفتح ذلك أبواب جهنم لكل مهوس دينيا يخيل له أنه نبى يتلقى رسائل من السماء ويرى أشياء فى المنام ويخيل له أنه يناجى طوال الوقت ذلك الأب السماوى الأفضل من كل آباء الأرض ، ومن ثم يفرض علينا كل ما يعن لعقله المختل من كلام وأفكار ونواهى وأوامر وشفرة أخلاقية مريضة ، كلها أيا ما كانت دونما مناقشة ؟ ألا يفتح ذلك أبواب جهنم لسفالات هؤلاء البطلجية قطاع الطرق الذين يسمون أنفسهم رسلا كى يحكموا بها سيطرتهم وهيمنتهم على بنى البشر ويشبعون ما بداخلهم من نهم للسلطة والجاه وسلب ما يملك الجميع من أقراب وأغيار سواء بسواء ؟ هذه هى الإجابة على لماذا دوما آلهة التوحيد ‘ لهو خفى ’ لا يراها أحد أبدا إلا مخترعيها ، ولهذا السبب ‑ولألف سبب غيره‑ كم هى قبيحة حقا تلك القمامة الفكرية المسماة أديان التوحيد !

الحقيقة أنه لا يدانينى شخصيا أدنى شك أن ذلك ‘ اللهو الخفى ’ هو أول ما دار بخلد دكتور يوسف جوبلز حين قال كلمته الأشهر : كلما كبرت الكذبة كلما سهل تصديقها !

السؤال الذى يطرح نفسه حقا ولعله الأولى بالإجابة دون سواه هو أية آلية جهنمية تلك التى تمكن بها حفنة تعد على الأصابع من البشر وعلى هذا النحو المذهل ، من فرض تلك تلك المطلقات القاطعة الغائية الجازمة النهائية الكلية ، والتى تشل كل العقل الإنسانى مرة واحدة وللأبد ؟ ذكاء وبصيرة الفيلسوف والمستشرق الفرنسى إرنست رينان جعلته يتوقف ردحا طويلا من عمره وإسهاماته أمام سمة واحدة دون سواها من سمات آلهة التوحيد هؤلاء : لماذا هو خفى hidden god ؟

صحيح ! لماذا خفى ؟ ( أو بالأحرى : لماذا مختبئ ؟ ) بدورنا نسأل : أليس هذا أمرا مثيرا للريبة فعلا ؟ لماذا ليس وثنا بسيطا وديعا بديعا كما الأيام الجميلة الخوالى ؟ ألا يفتح ذلك أبواب جهنم لكل مهوس دينيا يخيل له أنه نبى يتلقى رسائل من السماء ويرى أشياء فى المنام ويخيل له أنه يناجى طوال الوقت ذلك الأب السماوى الأفضل من كل آباء الأرض ، ومن ثم يفرض علينا كل ما يعن لعقله المختل من كلام وأفكار ونواهى وأوامر وشفرة أخلاقية مريضة ، كلها أيا ما كانت دونما مناقشة ؟ ألا يفتح ذلك أبواب جهنم لسفالات هؤلاء البطلجية قطاع الطرق الذين يسمون أنفسهم رسلا كى يحكموا بها سيطرتهم وهيمنتهم على بنى البشر ويشبعون ما بداخلهم من نهم للسلطة والجاه وسلب ما يملك الجميع من أقراب وأغيار سواء بسواء ؟ هذه هى الإجابة على لماذا دوما آلهة التوحيد ‘ لهو خفى ’ لا يراها أحد أبدا إلا مخترعيها ، ولهذا السبب ‑ولألف سبب غيره‑ كم هى قبيحة حقا تلك القمامة الفكرية المسماة أديان التوحيد !

الحقيقة أنه لا يدانينى شخصيا أدنى شك أن ذلك ‘ اللهو الخفى ’ هو أول ما دار بخلد دكتور يوسف جوبلز حين قال كلمته الأشهر : كلما كبرت الكذبة كلما سهل تصديقها !

النصوص الغنوصية قد لا تكون بالضرورة اليسوعية الحقة . كما أن يوحنا وپولس تمثلوا يسوع وكلماته وأفكاره بطريقتهم الخاصة ، ربما يكون توما وفيليپس قد فعلا ذات الشىء ( تماما ربما كما شريدر وسكورسيزى بطريقة ثالثة ، وهكذا ) . بل بالتأكيد النصوص الغنوصية لا تخلو من بعض تناقضات هنا وهناك فيما بينها ، وبديهى أنها متناقضة على نحو أكثر جذرية مع الأناجيل الإيريناوسية الأربعة ، لكن لاحظ أننا لا نتحدث هنا عن فيثاغورث أو أرشميدس ، إنما عن دين . هذه هى النقطة . الشىء الذى نريد قوله بصدد فيلم ‘ الإغراء الأخير للمسيح ’ الذى نعرف مدى أثره الهائل على الوسط الثقافى العلمانى ، هى متناقضة أولا لأننا بصدد دين ، ناهيك عن أننا بصدد دين فى طور التكوين والصيرورة . ثانيا ‑وهو الأهم والذى يستحق التشديد أكثر من هذه‑ أنها متناقضة لأنها لا تزعم لنفسها أو لغيرها ، ولا حتى ليسوع ، الحقيقة المطلقة .

طبعا بعد قرنين ( مجمع نيقية 325 ح . ش . ) ، ظهرت ‘ هرطقة ’ أخرى اسمها الآريوسية ، هى ديانة شديدة التوحيد فى الواقع لدرجة التشديد على أن لا إله إلا من أوجد نفسه ، ومن ثم ليس ليسوع أن يعتبر إلها . هذه قد يروق للبعض اعتبارها مصدرا للإسلام . ربما هى فعلا كذلك ، لكن الحقيقة البسيطة أنها أخناتونية كلاسية لا أكثر ، كل ما فعلته أن رفضت التلفيقات المستحدثة والمستعقدة من ترزية المسيحية . وهذه كان لها بدورها سفاحها الخاص ، من الأسكندرية هذه المرة ، ويدعى القديس أثناسيوس Saint Athanasius أو حتى أحيانا بأثناسيوس الرسولى ( لاحظ أن آريوس أيضا سكندرى ! ) . أثناسيوس هذا هو الجزار البتار الذى زايد على الجميع وقضى بأن يسوع ما هو إلا الإله نفسه ! لحد كبير هيئة الدين كانت قد تبلورت فعلا فى القرن الرابع هذا ، لكن للدقة كان لا يزال بعد ثلاثة قرون أخرى من الصراعات والهرطقات والانشقاقات قبل أن تكتمل صورة الدين ، نقصد الدينين الأرثوذوكسية والكاثوليكية ، وكان الفصل بينهما حكاية الطبيعتين والمشيئتين تلك ( ثمة ‘ بدعة ’ جديدة اسمها النسطورية ، ومجمع جديد اسمه خلقدونية 454 ح . ش . ، وجزار سكندرى آخر اسمه ديسقورس ، لكن المشكلة هذه المرة أشد تعقيدا ودقة ، حيث لم تعد الجزارة هى الأسلوب السهل الناجع ، أن ببساطة تزايد على الكل فيرضخون ، بل احتاج العصر لجراحين وترزية أكثر حذقا فى التعامل مع الشئون ، وما شأن بأهم من هو يسوع . لأول مرة بات الصراع واضحا بين الجزارين والترزية . والسبب فى الواقع أنك كلما توصلت لحل كلما أفرز هذا الحل مشكلة أصعب ، والآن ارتفع كثيرا عدد التباديل الرياضياتية الممكنة ، للتبسيط نلخصها فى ثلاث : أولا صاحب البدعة ، نسطور ، طبيعتان مستقلتان ( المسيحية النسطورية ، ثانوية لكنها لا تزال معروفة ككنيسة حتى اليوم فى إيران والعراق وتركيا وأرمينيا ونواحيها [ أرسل لى أحد قراء الموقع يضم الأب متى المسكين لهذا التيار شبه الصوفى الساعى نحو نيرڤانا ما مسيحية . بناء على هذه الرؤية ربما يزول كلية العجب من أن كان هذا الراهب هو أكثر من حطت عليه نقمة الپاپا الحالى الپاپا الحالى شنكوتى الثالث ( هذه ليست سخرية ، بل هكذا ينطق تقريبا بالقبطية ! ) ] ) . ثانيا الجزار ، ديسقورس ، طبيعة واحدة فقط ، إلهية طبعا ( المونوفيزمية التطرف أو الانشقاق المعاكس ، الأرثوذوكسية الشرقية البيزنطية ككل ، وتحديدا صيغتها الأشد تطرفا الأرثوذوكسية السكندرية ولا تزال معروفة فى مصر وإثيوپيا ونواحيها ، وبالذات صعيد مصر ، وأين غيره ، فهى النسخة صعيدية الدماغ جدا من المسيحية ) . ثالثا الترزى الجراح العبقرى ، ليو الأول پاپا روما ، طبيعتان لكن متحدتان تماما ( كيف ؟ لا تسأل ، هذا دين ، وفى الدين لا أحد يسأل . المهم هذا التيار الرئيس للمسيحية أو ما سمى بالكاثوليكية ، والذى أقره المجمع قاهرا كل من البدعة وجزارها فى آن ، وواصما كليهما بالبدعة سواء بسواء ) . فى كل الأحوال هذا موضع كبير جدا مطول جدا معقد جدا ، لكنه ليس بالكبير بالمرة فى الإجابة على سؤال اليوم ، كيف يجب أن تصنع الأفلام عن الدين ، فأفضل قرن يمكن بل يجب التركيز عليه وعلى ما جرى فيه فى رأينا هو القرن الثانى .

كيف يجب أن تصنع الأفلام عن الدين . نقول إن ما بين أيدينا من نتيجة اليوم ‑كما كانت كل يوم ، وكما هو الحال مع كل دين توحيدى‑ أننا أمام أديان عدوانية ، يسمونها جهادية ، لكن جوهرها هو القهر ، قهر المرأة ، قهر الطفل ، قهر الجهلة ، قهر الفقراء ، قهر الشعوب الأخرى ، قهر أى أحد ، قهر كل البشرية ، الرضوخ المطلق للهو خفى ساكن السماء البعيدة لم يره أحد والأهم منه الرضوخ لوكلائه فى الأرض من الكليروس الذين نراهم كل يوم ويقولون أنهم وحدهم الذين يرونه ويتمشون معه ويتعشون معه ( الإسلام وصل بهذا الفجر لمداه فلم يتورع أو يخجل من أن يجعل اسمه نفسه ‑على طريقة أول القصيدة كفر أو أن الكتاب يعرف من عنوانه‑ جعله يدل صراحة فى حد ذاته على التسليم والعبودية المطلقين . ولا يتورع إلهه عن الكشف عن سيكولوچيته المريضة السيكوپاتية المنحرفة الفريدة تماما من نوعها حين يقول إنه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه ، ولو سألت أى إنسان سوى لقال لك إن هناك مليون شىء أفضل يمكن عمله ، إعمار الأرض مثلا ، حاشا لله ! وطبعا من نافلة القول التذكير بأن على الأقل الإله فى بعض الأديان ومنها المسيحية نفسها هو صديق للمؤمن به ، أو بلغة التقنيات الحديثة تقنية صديقة للمستخدم ، أما فى أديان الشرق كما سبق وأشرنا ، فهو ‘ قرفان ’ من البشر أصلا ، لا يعنونه فى شىء ، ولا يسمح إلا بالصفوة فقط منهم بالاقتراب منه ) . أديان التوحيد تلك ليست كما أديان الشرق أديان حرية وصفاء وخلاص ، أديان أسلوب حياة ، لا شريعة ونص وفروض ودولة ، أديان تقترب بالدين لنوع من ممارسة اليوجا ، أو تطوح الدروايش ، أو حتى تدخين الحشيش . وحتى لو أسموها معرفة ، فهم أحرار فى هذا الخلط والخطل طالما أنه لا يضر أحدا ، لا يصنع دولا ولا منظمات ، إنما ذو طبيعة فردية جدا . ( فى الواقع هذا الوصف للدين بجلسات الحشيش ليس من عندى ، بل سمعته ذات مرة من سمير الأسكندرانى الذى يسمى دائما تلك الجلسات بجلسات روحانية ، وأنارنى يومها لما لم أكن أفهم . رغم أنه تمر علينا كل يوم عبارة ‘ المشروبات الروحية ’ ، إن أن ذلك هذا الربط الذكى والمباغت لحد ما من هذا المغنى المصرى ، أنار عندى فى وقت مبكر بعض الأشياء عن جوهر ديانات الشرق ، حتى وإن لم يكن هذا هو قصد هذا الفنان فى حينه ، أو لعله كان يقصد مجرد أن لا يضع نفسه تحت طائلة القانون ! ) .

لو شئت الدفاع عن الحريات هنا ، وهذا هو الجوهر المفقود فى السينما التى تناولت الأديان حتى اليوم ، فإن هذه أو تلك من الطقوس الروحانية أو الممارسات الغيبوبية أو أساليب الحياة ، هى جميعها متع وحريات إنسانية أصيلة و‘ طبيعية ’ أى منحتها إياه أمنا الطبيعة ، ذلك لأنها ببساطة حريات فردية وشخصية جدا ليس من حق أحد مصادرتها لا هؤلاء التوحيديون بإرهابهم بالمطلقات الفكرية ودول القهر التى ينشئونها باسمها ، ولا حتى نحن العلمانيون ممن نؤمن بأن لا حقيقة ( نسبية بالمناسبة وليست مطلقة ! ) إلا من خلال العلم التجريبى . سمه دينا لو شئت ، سمه أيديولوچية لو شئت ، وهو قطعا لا هذه ولا تلك ، فقط نحن نسميه أسلوب حياة أو منهج تفكير ، لا أكثر !

الغرب يريد المسيحية دينا سلطة ، دينا من التعليمات الصارمة ( ولا نقول قتاليا حتى لا نساوى بينه وبين دموية الإسلام التى لا تنافس كما هو واضح فى حياتنا الواقعية ) ، ولا يريده دين عبيد أو دين تهاويم فلسفية ، أو حتى دين جلسات روحانية . هذه مراحل يفترض أن إيريناوس قد عبر بهم كثيرا بعدها ، وبعد حتى پولس الذى يبدو بالنسبة له مجرد صبى ترزى هاوى . فى مرحلة التشاكل morphing الدينى الطويلة منذ الكاثوليكية إلى الپروتستانتية إلى الآن ، كان للغرب ترزيته الخاصون أيضا . هؤلاء يحذفون ما كان إيريناوس نفسه مضطرا لتمريره من روحانيات وصوفيات وما إليها ، تحت وطأة المرحلة . بمرور الوقت أصبحوا يريدونه أكثر عقيدية وشريعية وسلطوية وإلغاء للفرد . يريدونه ‑شاءوا أم أبوا‑ دينا لا يخلو فى التحليل الأخير من شبه بإسلام أسامة بن لادن ومن قبله محمد بن عبد الوهاب وإيريناوس الإسلام ( عفوا أقصد شيخ الإسلام ) بن تيمية ، يقلصون النصوص فى أضيق حجم ممكن حتى تخلو من التناقضات ، ليصبح هذا هو ‘ الدين الصحيح ’ أو كما يفضل هؤلاء المذكورون تسميته كما أسماه نبى الإسلام بنفسه ‘ الدين الكامل ’ . المشكلة أننا نعتقد دوما أننا أمام إما مسيحية غربية كاثوليكية ( ومعناها جلوبية وجامعة universal ) ، وإما مسيحية شرق‑أوسطية أرثوذوكسية ( عقيدة الصراط المستقيم straight-thinking تماما كما الدماغ الصعيدى لعم محمد السمان ) ، بينما قد تكون المسيحية الحقيقية ، والأهم منه أنها المسيحية الأفضل ، هى المسيحية الهندوسية .

تهافت المسيحية الحقيقى لا يأتى من جنون صاحبها فى أسبوعه الأخير أو تخيله أنه المسيح المنتقم أو ما إلى هذا القبيل ، إنما يكمن فى شىء آخر أكثر عمقا وتجذرا وامتدادا : تبشيره بالروحانية . نعم هو مجنون دموى معتل المزاج وسفاح لسبعة أيام من حياته ، لكنه لكل البقية الباقية من عمره ، صاحب فكر يناقض المسيحية وجميع مطلقات ما يسمى بالتوحيد . لا يعنينا أن نقول إن الأناجيل الغنوصية هى الحقيقة المسيحية ولا أن الصوفية هى الحقيقة الإسلامية . لا حقيقة فى أى دين أصلا . فقط أفضل الأديان هى التى تقر بهذا بنفسها ، لا تسد أبواب المعرفة أمام الإنسان ، ومن ثم قد تكون أكثر منفعة للناس والمجتمع . هذا كما نعرف الحال عن ديانات الشرق ، ولا نعرفه على وجه الإطلاق مع ديانات ما يسمى بالتوحيد أو ‘ المتجلاة ’ .

المسكوت عنه فى تاريخ أديان ما يسمى بالتوحيد أن آلهتها شريرة بطبعها . هكذا قالت اليونان فى اليهودية ، وقالت روما فى المسيحية ، ولا يحتاج أحد للقول فى الإسلام ، الذى يفوقهما أنه ما بدين أصلا ولا اهتم يوما باستكمال أبعاد الدين التقليدية ولا حتى كان يعرفها من الأساس ، إنما هو فقط مجرد غارة قطع طريق هجامية من أجلاف الجزيرة العربية العراة الحفاة الجوعى لنهب ثروات العالم .

هذا المسكوت عنه هو الفيلم الذى نريد !

طبعا لا يعنينا أن نقول إن الأناجيل الغنوصية هى الحقيقة المسيحية ولا أن الصوفية هى الحقيقة الإسلامية . لا حقيقة فى أى دين أصلا . فقط أفضل الأديان هى التى تقر بهذا بنفسها ، لا تسد أبواب المعرفة أمام الإنسان ، ومن ثم قد تكون أكثر منفعة للناس والمجتمع . هذا كما نعرف الحال عن ديانات الشرق ، ولا نعرفه على وجه الإطلاق مع ديانات ما يسمى بالتوحيد أو ‘ المتجلاة ’ .

نعم ، هو مجنون دموى معتل المزاج وسفاح لسبعة أيام من حياته ، لكنه لكل البقية الباقية من عمره ، صاحب فكر يناقض المسيحية وجميع مطلقات ما يسمى بالتوحيد . فأين يكمن التهافت الحقيقى إذن يا عم محمد شريدر ؟ إن وصف المسيحية بأنها قتالية لا يعتبره أحد وصما لها . إنه يسوقها أكثر للناس ، ولا نبالغ إن قلنا إن هذا يحدث حتى لو أتيتم بويلليم دافوى لدور يسوع . الوصم الحقيقى هو تعرية أصولها من أين أتت وكم التلفيقات الذى أجرى عليها . المسكوت عنه فى تاريخ أديان ما يسمى بالتوحيد أن آلهتها شريرة بطبعها . هكذا قالت اليونان فى اليهودية ، وقالت روما فى المسيحية ، ولا يحتاج أحد للقول فى الإسلام ، الذى يفوقهما أنه ما بدين أصلا ولا اهتم يوما باستكمال أبعاد الدين التقليدية ولا حتى كان يعرفها من الأساس ، إنما هو فقط مجرد غارة قطع طريق هجامية من أجلاف الجزيرة العربية العراة الحفاة الجوعى لنهب ثروات العالم .

هذا المسكوت عنه هو الفيلم الذى نريد ، ولو كان عن يسوع فيستحسن جدا أن لا يأتى أصلا على ما حدث فى الأسبوع الأخير !

نهاية المسيحية كما نراها تتداعى منذ قرون ، ليست فى ويل وثبور متى 24 أو سفر الرؤيا ، إنما فى ‘ من لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر ’ ، نهاية المسيحية فى اليسوعية ، وفى تعهداتها الغنوصية الأصلية . هذا يجعلها مجرد مرحلة ما من تاريخ الفلسفة تجاوزناها بألفى سنة .

الإيطالى البدين المرح بد سپنسر حين قام ذات مرة بدور كاهن ، كان يعى هذا تماما . كان يبطش بالجميع بقبضته القوية ، ودائما الحجة جاهزة : لقد لطموا الخد الخطأ !

سينمائيا عرض من فيلم زيفيريللى فى مصر ثلثه الأول فقط ، ثم لف الغموض مصير الأجزاء الباقية فى تلك الأيام العصيبة من أواخر فترة حكم الرئيس السادات ( الكل يكتب بدءا من الأهرام وروز اليوسف حتى ڤارايتى أنه عرض خمسة أيام فقط . ما أستطيع قوله مؤقتا اعتمادا على ذاكرتى وبعض تدويناتى ، وربما آتى ببعض الدلائل الأقوى لاحقا ، أن ذلك غير صحيح والفيلم أخذ فرصته كاملة فى سينما رمسيس خلال موسم أعياد نهاية عام 1979 ، فقط كان مثار التساؤلات هو إجهاض عرض الأجزاء التالية ، والذى كان متوقعا مع أعياد الفصح بعد أربعة شهور ) . المهم ، أنه باستثناء ظهوره المتكرر طوال الوقت بعد ذلك كڤيديو تجارى رسمى ، لم يعرض أى فيلم مسيحى من حينه إلى أن بدأ صباح اليوم عرض فيلم ميل جيبسون تحت عنوان ‘ آلام المسيح ’ ، وفى مواد دعاية أخرى ‘ آلام السيد المسيح ’ ، ( ذلك طبعا تضامنا من الرقابة المصرية العظيمة مع الانتفاضة الفلسطينية الأعظم ، وليس لأى سبب آخر ، كالحرية مثلا ، حاشا للرب ! ) .

يمكنك بسهولة أن ترى منذ الصباح القاعات وقد امتلأت بالصبايا الصغيرات المحجبات وهن لا يكففن عن الانتحاب ، ويدفعن ربما نحو جعله ثانى أنجح فيلم أجنبى فى تاريخ مصر بعد تايتانيك . كما أغمى على بعضهن ، فيما يبدو أنه ظاهرة تحدث بسبب شىء ما يبثه ميل جيبسون فى هواء قاعات العرض المصرية ( لنستبعد موضوع الذهان والهلاوس والطب العقلى والتقمص الدينى حتى لا نوقع أنفسنا فى المشاكل ، ولنقل مثلا غازا غامضا ، كالذى فضلوا أن يفسروا به ما أصابهن من حالات إغماء فى محافظة البحيرة فى أوائل التسعينيات ! ) . فمشهد الفتاة الممددة فى طرقة قاعة العرض بمجرد انتهاء الفيلم وزميلاتها يدفعن بزجاجات العطر بعصبية داخل أنفها ، مشهد لم نعد نره منذ ‘ القلب الشجاع ’ 1995 ! ( بالمناسبة رأيناه فى حينه أسوأ فيلم إطلاقا حاز على لقب أوسكار أحسن فيلم ، ولعل الأيام أثبتت الآن صدق حدسنا فى ميل جيبسون ! ) .

فى الواقع هن لم تبدون لى بالثقافة الكافية للانهيار من السبب الحقيقى الذى يستحق الانهيار ، وليس من مجرد مشاهد الدم . هذا السبب هو اللغة الأرامية . كأن كل شخوص الفيلم يتحدثون العربية طوال الوقت ، وأنت تستطيع تفسير كل الكلمات تقريبا . لربما لو طال العمر بالدكتور لويس عوض ليرى هذا الفيلم لتوارى كثيرا اعتزازه بكتابه الممنوع ‘ مقدمة فى فقه اللغة العربية ’ ، الذى حاول فيه بلأى شديد إثبات أن لغة القران ليست لغة أزلية ولا يحزنون ، لغة اللوح المحفوظ التى كتبها إصبع الرب قبل أن يكتب السطر الأول فى قصة الخليقة ، بل هى خليط هجين ولقيط من مجموعة اللغات الهندية الأقدم المحيطة بنا . أرأيتم فائدة السينما ؟ مجرد صنع أول فيلم رئيس بتلك الأرامية كفيل بإثبات ما ذهب إليه د . عوض دون كل ذلك الجهد الجهيد والتحليل المضنى منه ! طبعا لا داعى لتشتيت تركيزك بإحالتك لموضوع قديم عندنا ، عن جذور أرامية‑سيريانية مباشرة لنصوص القرآن نفسه ، بقلم لويس عوض ألمانى ، اسمه المستعار هو كريستوف لوكسينبيرج !

( سؤال : ألم تلحظ رقابتنا الرشيدة أنها تنتصر لليهود من حيث لم تحتسب هكذا ؟ ) .

Ruben Enaje, 47, was one of 14 people nailed to a cross in Cutud, Philippines, April 18, 2003.

Originally in Civilization 2 This Is Real Nailing!

لكن هل فيلم ميل جيبسون بلا فضائل نهائيا ؟

أشرنا بالفعل لواحدة ، اللغة الأرامية . ومن مزاياها أيضا أنها ربما تزيد فرص الفيلم فى الأوسكار باستخدام حق لم يسبق قط للولايات المتحدة استخدامه ، وهى أن تشفعه لمسابقة الأفلام الناطقة بغير الإنجليزية ، حيث ينافس ‘ سهر الليالى ’ وما إليه !

نعود للقيامة . إنها فضيلته الثانية . هى مشهد جيد عند جيبسون ، لأنه أقل المشاهد عقائدية ( كما تعلم يقولون لطلبة أقسام التاريخ فى الجامعات فى اليوم الأول لدراستهم ، اتركوا الكتب الدينية عند الباب فهى لا تصلح مرجعا يعتد به للتاريخ بأى قدر من المقادير ) . فى ذلك المشهد لم يشأ الالتزام بالمعنى الحرفى للقيامة حتى لا يصدم العقل المعاصر ، فمال إلى الخيال ، فهو أفضل سينمائيا من الدين والتاريخ معا ( هذا ما يقولونه فى اليوم الأول لطلبة معاهد السينما ) . صور الكفن من الخارج ، ثم إذا به يهبط وكأن محتوياته تخرج تدريجيا منه ، لكن دون أن نرى شيئا ماديا يخرج . ثم يقطع على يسوع نفسه عاريا سليم البدن ينهض من شبه جلوس كما تمثال أحد آلهة اليونان القديم ، هذا فى أقصى بهاء ممكن للتصوير ، وكلها بما يوحى بأن ما قام هو المبدأ أو الفكر ، أو ‘ الكلمة ’ بعبارة إنجيل يوحنا الافتتاحية الشهيرة . على أية حال رغم كونها فضيلة إلا أنها ليست بالشىء الجديد بالكامل . أقرب سابقة سينمائية ليست بن هير المشار إليه ، إنما الأقرب كثيرا هو الفيلم الصامت الآخر التالى له بسنة أى ‘ ملك الملوك ’ 1927 لسيسيل بى . دو ميل ، حيث جسد يسوع ما بعد القيامة كشخصية نورانية بيضاء متوهجة ، لينفى عنها صفتها المادية ، ويجعل القيامة المزعومة أقرب لمجرد ‘ رؤية ’ أو ‘ ظهور ’ لمن قالوا أنهم شاهدوه ، وطبعا لا يسد بالتالى الطريق على بقية من تحليل وتفسير قد يأتينا بها علماء النفس ، يشرحون متى وكيف يشاهد بعض البشر أشياء موهومة ولماذا .

بالمثل هذا يقودنا لأجمل مشهد فعلا فى الفيلم ، وفضيلته الأكبر فى تقديرى ، ألا وهو مشهد مسح مريم لدماء ابنها من على الأرض . إذا كانت شخصية يهوذا غامضة نسبيا طبقا لنصوص الأناجيل ، فإن علاقة مريم بابنها تكاد تكون غير مفهومة بالمرة ، هذا من خلال المناطق الإنجيلية القليلة التى يشار إليها فيها خلال حياته بعد البلوغ . هذه مشكلة لصانع أى فيلم ، وهنا بالذات مشكلة مضاعفة لممثلتى الفيلم الممتازتين مايا مورجينستيرن ومونيكا بيللوتشى ( المريمتان الأم والمجدلية ) ، اللتين لم تملكا سوى الفرجة ومحاولة التعبير بوجهيهما الصامتين بأى تعبير يعن لهما ، طالما أنهما محظورتان من الكلام . ماذا تتوقع من امرأة يهودية شرق أوسطية بحر متوسطية يعذب ابنها ويصلب أمام عينيها ؟ لا شك أنها ستثير الأرض صخبا وضجيجا وتندفع تضرب هؤلاء حتى لو كلفها هذا حياتها . كل هذا لم يحدث قط لا فى النصوص ولا فى الفيلم ، وأصبح الانطباع الأكبر هو أنها نوع من مارجاريت ثاتشر . لذا فكما التف الفيلم على القيامة وتحاشى الجزم بشىء فيها ، أتى هنا بمشهد رمزى مبتكر وشديد الذكاء ، حاول به تلخيص القوة والضعف ، الإيمان والانهيار ، الكلام والصمت ، التواصل والجفاء ، كلها معا فى فعل تعبيرى تخيلى من اختراعه ، وهو مسح الدم الثمين من على الأرض حتى لا تدوسه الأقدام . ولا شك أنه مشهد مؤثر حقا ، والسبب أيضا أنه من اللحظات القليلة التى نأى فيها جيبسون عن عقائديته ( والأسوأ منها ‑باستثناء الأرامية‑ ‘ واقعيته ’ ! ) المفرطة . أما عن من هى مريم ، فإجابتنا المفضلة زيفيريللية أيضا كالعادة . إنها الفتاة ذات الـ 13 ربيعا ( أوليڤيا هاسى ) ، الساذجة بما يكفى ضمنا لتفسير أن تصبح حاملا دون أن تدرى ( على طريقة فيلم ‘ أسرار البنات ’ أو حتى ‘ توت توت ’ المصريين . وطبعا هناك روايات أخرى أشد شهوانية من جانبها ، أشهرها فيلم جودارد شبه الپورنو عن مريم مراهقة عصرية اختار له عنوانا تحية الملاك الشهيرة ‘ السلام لك يا مريم ’ 1985 ) . ثم لنقبل بعد ذلك صورتها كامرأة شرقية فى عالم ذكورى لا حول ولا سلطان يذكر لها على أحد ، فما بالك إذا كان الأمر قضية يرتج لها قادة الدين والدنيا معا . عند شريدر‑سكورسيزى الإجابة كانت أسوأ ، لكن لعلها الوحيدة التى تفسر لماذا اختفت مريم من معظم السيرة اليسوعية . لقد كانت دوما محط احتقار ابنها عملا بقوله تعالى فى كون الأسرة عماد المجتمع ‘ لا تجدن قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم ’ ، أو بما لا يقل عن احتقار أى عضو جماعة إسلامية معاصر يتملكه الحنق ضد أبيه وأمه بعد أن صدرت له فتوى الأمير أن يتأسى بالصحابى الجليل أبى عبيدة ويقتلهما . أو مرة أخرى كانت ذات الإجابة الشريدرية المتوقعة : الدين مرض عقلى !

هنا قد نستطرد قليلا : أولا ، بمناسبة التمثيل چيم كاڤيزيل جيد أيضا بفضل تاريخه المحمل معظم الوقت بلمسة صوفية روحانية بل وخوارقية ما ، بدءا من ‘ الخط الأحمر الرفيع ’ ، مرورا ‘ بعيون الملاك ’ و‘ ذبذبة ’ ، وحتى هذا الفيلم .

A painting called Mary Magdalene, which leading art historian Carlo Pedretti of the University of California believes may have been painted by Leonardo da Vinci together with Giampietrino, one of his pupils, is seen in this first ever color photo handout released on September 22, 2005.

Wow!…

Leonardo’s Own Magdalene!

ثانيا ، بمناسبة المجدلية والواقعية والتمييز ضد المرأة ، ثلاثتها معا ، من المدهش أن يتبنى جيبسون شديد التدين فرضية أن المجدلية هى ‘ الزانية ’ التى أنقذها يسوع من الرجم . لو تعمق جيبسون قليلا فى الدراسات الدينية كثير فى مدخل المجدلية فى OnlineBible لعلم أن هذا أمر مرفوض جدا فى العلوم الكنسية ، الراهنة منها على الأقل . التالى شطب لأنه ليس صحيحا غنوصيا وتنفيه فكرة أنها كان يقبلها فى فمها زائد أن الترجيح عند الباحثين فى الغنوصيات يميلون لأنه تزوجها وربما لم يمت أصلا على الصليب ، لشىء وجيز وجامع انظر كتاب اليو إس نيوز Us News - The Da Vinci Code - Secrets of the DaVinci Code الصادر فبراير 2005 ولدى نسخ pdf بها صور هائلة . بالضبط كما فكرة أن يسوع العاقر كان يحبها من طرف واحد لولا منعته عاهته الجنسية . واستقاه فقط على الأرجح من أفكار التراث الشفاهى الدارجة على ألسنة عموم الناس أو ربما من أفلام السينما تحديدا ، وإن كانت له فى الواقع جذور أعمق كثيرا فى النصوص غير المعترف بها . انظر 200401/30FAIT الكاثوليكية التى يؤمن بها جيبسون لا تمجد من النساء سوى واحدة فقط هى مريم العذراء ، والتى تقول إنها هى أيضا جاءت من أمها حنة بذات طريقة التمثل ( الحمل ) بلا دنس Immaculate Conception ، أوكازيون فتح فقط من أجل هذه السلالة ثم أغلق ( على فكرة نسينا أن نقول لك ما هى المفاجأة الكبرى فى الأناجيل الغنوصية . إنه ليس أنها تسخر بشدة ممن قالوا بالميلاد من عذراء أو ممن قالوا بالقيامة الجسدية ، وطبعا تتحدث عن هذا كأنه واقع بسيط معاش عاينوه بأنفسهم ، ولا يجب أن يسمح أحد لنفسه بالتزوير فيه . إنما المفاجأة الكاملة هى أن توسعت قليلا فى ذاك الأوكازيون المزعوم ، وقالت إن ذلك المسمى ‘ التمثل بلا دنس ’ كان لتوأم : يسوع وتوما ! ) . أما الأرثوذوكسية مثلا فهى لا تمجد أية امرأة على وجه الإطلاق .

توضيح : أنا هنا أحيى ميل جيبسون ، ذلك أنى لا أتبنى أبدا لا وجهة النظر الكاثوليكية ولا وجهة النظر العلمانية التقليدية ، اللتين تتفقان على أن المجدلية ليست هى المرأة الزانية وليست هى المرأة الثالثة التى سكبت الطيب على قدمى يسوع وجففته بشعرها . كتاب الإنجيل لم يربطوا بينها وبين المرأتين الخاطئتين لسبب بسيط أنها زوجة السيد التى لا يصح الخوض فى عرضها أو شرفها أو ماضيها ، والعلمانيون يوافقونهم ليثبتوا أن الكنيسة الذكورية المبكرة هى التى قامت بذلك الربط كى تحرم النساء من المناصب القيادية فى الكنيسة ، ثم تراجعت عنه لاحقا بعد أن استقرت للپاپاوات الذكور السلطة الكاملة . رأيى الشخصى أن الأرجح أن كل نساء الإنجيل المجهلات الثلاث هن واحدة ، هى المجدلية زوجة يسوع المبجلة ! بل حتى لا أرى أية غضاضة فى توصيف لوقا ، الوحيد المتفق عليه من الجميع ، أنها تلك المرأة المسكونة بسبعة شياطين . عادى جدا أيها ‘ الطبيب ’ لوقا ! أدوات التحليل لدى المتدينين أمثالك لا تسمح لك بأكثر من تفسير أى فكر حر أو سلوك مخالف إلا بأنه من أثر ركوب الشيطان . بل بعد كل هذا ، لا أستطيع حتى أن أنفى أن المجدلية ربما تكون أيضا المجهلة الرابعة ، المرأة السامرية التى ليست بالضرورة سامرية إنما من سكان السامرة ذهب لها يسوع كى تطلق أزواجها وتتزوجه . أليس غريبا بل مذهلا للغاية أن تروى قصة رحلة يسوع للسامرة على هذا النحو العابر التافه ، بينما المنطقى أن كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها ويفلسفها كتاب الأناجيل فى أسفار ماملة بصفتها نقطة تحول تاريخية فى الدين اليهودى ، وصفعة كبرى لليهود وللعقل اليهودى ، الذى يرى بكفر السامريين لتوقفهم عند توراة موسى ورفضهم لأنبياء اليهود ؟ ! … المهم ، لا غضاضة فى رأيى أن تكون هى الرائعة المجدلية والزانية المجدلية معا ، فهى كامرأة رفيعة الثقافة مطلعة على شعوب العالم وفلسفاتها ، ربما انعكس هذا على ملبسها أو طريقة كلامها أو مخالطتها للرجال أو استضافتهم فى بيتها ، بما يكفى لأن يرى أولئك اليهود المهوسين بالخرافة الدينية الپيوريتانية ، فى ذلك التحرر زندقة وفحشا يساويان الزنا أو يفوقانه ! ) [ رغم أن لاحقا ، تبنى فيلم ‘ القبر المفقود ليسوع ’ ذات الفكرة العلمانية التقليدية أن المجدلية صاحبة ماض محترم شوهته الكنيسة الأولى ، إلا أنه فى ذات الوقت أعطى دعما هائلا لنظريتنا التى اعتمدت على أن سبب التجهيل من جانب كتاب الإنجيل هو تحاشى الإساءة لحرم الريس ، ألا وهو السبب السياسى : الحرص على إخفاء علاقة الزواج ‑وبالأحرى الإنجاب‑ عن الجميع ، ومن ثم مدد ‑وهذه نظريته الجديدة المذهلة‑ مدد ذلك التجهيل حتى لحظة الصليب حيث طرح أنها هى وابنهما يهوذا ‑وليس مريم العذراء والتلميذ يوحنا‑ هما المقصودان بوصية يسوع بالرعاية المتبادلة بين امرأة وابنها ] .

على أنه رغم أن المؤكد أن بخلاف الثقافة السماعية أقصى ما قرأه جيبسون الضحل من أجل الإعداد لهذا الفيلم هو الأناجيل الأربعة ، نقول إن المجدلية هى لغز كبير آخر من ألغاز التاريخ الخفى للمسيحية . كل الأناجيل الممنوعة تتحدث عنها كالتلميذ رقم 1 الذى لا ينازع ليسوع ، وهى كما قلنا كثيرة ومتنوعة المصادر بحيث يستوجب تصديقها فى تقديرنا ، على الأقل لو قورنت بتلك الأربعة المنمقة المعروفة . إنجيل فيليپس قال إن يسوع كان يقبلها فى فمها علنا أمام الجميع ، وكل الباقين يعلمون ويغيرون من أن ليس لهم أية حظوة عنده لدى المقارنة ، وإن نفى هو عن نفسه ذلك التمييز . إنجيل توما يقول إن بطرس لم يكف أبدا عن تحريض يسوع على طردها من الجماعة ، قائلا له إن النساء لا يستحققن العيش أصلا ، وإنه اخترع برنامجا تدريبيا لتحويلهن لذكور حتى تستطيع السماء قبولهن . من تلك الأناجيل الغنوصية المشار إليها إنجيل باسم المجدلية نفسها Gospel of Mary of Magdala ، كتب عنها وليس بواسطتها ، وهو أحدث قليلا من الإنجيلين المذكورين اللذين لا يشك أحد ‑ولا ربما إيريناوس نفسه‑ فى أنها كتبت بواسطة من نسبت إليهم ، مع ذلك هو لا يقل مصداقية عن أى نص مسيحى آخر ظهر قبيل نهاية القرن الأول . إنجيل المجدلية يقول إنها وحدها التى قابلت يسوع بعد القيامة ، وهى التى حملت وصاياه الأخيرة لبقية التلاميذ ، ورغم غرابة قصة القيامة ورغم غرابة كونها امرأة يهوديا ورغم حملة بطرس الرهيبة ضدها ، فإنهم صدقوها ورفضوه هو لأنهم يعلمون أنها حبيبة يسوع الصدوق . الملفت هنا أن هذا الإنجيل المفقود ثم المعثور عليه ، يفيض فى شرح أن رباطة جأشها هى التى صنعت المسيحية ، فالكل كانوا ينتحبون لا أكثر لسماعها ، وهى التى صنعت منهم مبشرين أشداء مناضلين . وقد كان طبيعيا بعد كل هذا أن تعنون آن بروك كتابها الرئيس عنها Mary Magdalene, First Apostle ! ( عاوز الصراحة بجد : كل العصور وكل ‘ الهرطقات ’ والصراعات المذهبية ومعارك المجامع المسكونية تنفع مادة لأفلام مثيرة ثرية ومفيدة ، لكن لو عاوز اقتراح محدد للفيلم الذى يجب أن يكون إللى تكلمنا عنه ، بحيث يكون أول فيلم ننتظره دا الوقت حالا من هولليوود عن تاريخ المسيحية ، نقترح هذا الكتاب : ‘ مريم المجدلية —الرسول الأول ’ ! ) .

A relief depicting King Seti I offering a figure of Goddess Maat to Osiris, Isis, and Horus, the temple of King Seti I, Abydos, early 13th century BCE.

A Full Pantheon!

تلك النصوص الغنوصية لم تكن ترى أية فواصل بين عبادة إيزيس بالذات والعبادة الجديدة ، ووصلت لحد الحديث عن ذلك الإله البعيد الصامت كأنثى ‘ أنا العاهرة - أنا المقدسة …أنا الزوجة - أنا العذراء …أنا الجدباء - أنا كثيرة الأبناء …أنا الصمت الذى لا يمكن استيعابه - أنا التفوه باسمى ’ شطب التالى وأضفت ما بعده حتى آخر الفقرة ، ونقحت السابق بتحديد اسم إيزيس فيه ، كلها بعد ببحث طويل عن من أين أتيت أصلا بالنص 20100126 هو K:\E-Text\Secular\Gnosis.org\www.pbs.org’wgbh’pages’frontline’shows’religion’story’pagels.html ثم وجدت الترنيمة الكاملة لإيزيس شهيرة فى كل مكان على الإنترنيت : وطبعا على الأقل هذا يوجه البوصلة شرقا مرة أخرى نحو عشتار وشيڤا ومن إليهما . لكن وهو الأهم على أرض الواقع ، أن [ الفقرة التالية ] … ( المفهوم أن هذه اقتباسات من صلاة قديمة جدا لإيزيس وضعت فى مخطوطة غنوصية نجع حمادية ذات عنوان غامض هو ‘ الرعد —العقل الكامل ’ ، لكن الربط واضح بالمجدلية ‑من غيرها ؟‑ إن لم يكن ما هو أبعد : تأليهها كما زوجها ، إن لم يكن ما هو أبعد وأبعد : تأليه جميع أولئك الغنوصيين شديدى النقاء ورفعة الخلق ، قائم ومحتمل ! الحقيقة أن الكتاب المسمى ‘ إنجيل المصريين ’ ، رغم أنه من أقل أناجيل نجع حمادى شهرة ‑ربما بسبب اهتمام الدراسين بمبارزة نصوص المسيحية المؤسسية أكثر منه إيجاد رابط للغنوصية مع عقائد مصر القديمة ، إلا أنه أكثرها جميعا صدى لنصوص هذه القصيدة ‑بالذات فكرة صمت الإله ، بما قد يرجح فرضيتنا هذه ) .

تلك الأناجيل ككل تحدثت عن صراع شديد الاحتدام حول وضعية المرأة المجتمعية والدينية ، دام طوال القرن الأول لليسوعية ، أوشكت أن تودى لانعتاق المرأة من مكانتها الدونية القديمة فى ظل اليهودية ، لكن الواضح أن البطريركية ، أى الأبوية القهارة التى هى سمة المجتمعات الذكورية ، هى بدورها جزء أصيل لا يمكن لأى من ديانات الدمار الشامل المسماة بالديانات المتجلاة أو ديانات التوحيد التخلى عنه . وأخيرا وصل كل الشأن المجدلى لذروته بوصفها كعاهرة ذات مرة على لسان الپاپا جريجورى الملقب بالعظيم سنة 591 ح . ش . ، الوصف الذى فيما يبدو التصق بها دارجا وليس عقائديا حتى اليوم . لم يكن ذلك حسما دينيا لوضعية أناجيل ممنوعة بقدر ما هو حسم اجتماعى لجدل طويل حول وضعية المرأة فى الكنيسة ، هذا التى تلخصه التعاليم الإنجيلية فى كلمة واحدة هى السمع والطاعة والصمت المطبق ( پولس الأولى لتيموثاوس 2 مثلا تقول إن لا يجب أن يسمع صوتها خلال الصلوات ‑أو بمصطلحات الإسلام صوتها عورة . فى هذه النقطة ، حتى الپروتستانية ‑باعتبارها نسخة المسيحية الأكثر حداثة‑ ليست استثناء . وكل رموزها المعاصرين الرئيسين لا يزالون ملتصقين كريستوف ينقل عن كتاب پات روبرتسون Bring It on وهى يبدو أنها كلمة يعقوب عن طعام ولديه وطبعا شعار حملة كيرى الرئاسية الحالية بنص هذا السطر حتى اليوم ، وبقيتها أن لا يجب لهن تولى التعليم أى الكهنوت ! ) . لكن كما قال إيجازا لكل هذا نيكولاس دى . كريستوف فى النيو يورك تايمز الشهر الماضى خاتمة لمقال آخر يستحق الحسد : ‘ التاريخ يكتبه المنتصرون… والأناجيل الرسمية الأربعة كانت ستختلف كثيرا لو كان الپاپا الأول لكنيسة روما ليس سمعان بطرس إنما مريم المجدلية ’ !

Leonardo da Vinci's Mona Lisa or La Gioconda (1503-1507), Louvre Museum, Paris, France.

Louvre Museum, Paris, France, c. 2000.

Leonardo da Vinci's The Last Supper (1498), Convent of Sta. Maria delle Grazie, Milan, Italy.

Dante Gabriel Rossetti's The Holy Grail (1860s)

Rossetti’s not necessarily the Magdalene Decoding from the Heart of Art!

(Note: Due to the limitations of our page width the above images are displayed only at part of their original size. Save them then view at full quality using any graphic software).

تحديث : 14 نوڤمپر 2004 : هأ ! يبدو أن هذا يتحقق فعلا ، لكن ليس من خلال هذا الكتاب بالضبط ، إنما من خلال كتاب أحدث يفوقه شهرة بمراحل ، على الأقل لأنه رواية مثيرة وليس بحثا علميا . بمعنى آخر معظم ما قيل هنا سوف نراه على الشاشة ليس من خلال فيلم تاريخى عن مريم المجدلية ، إنما من خلال رواية تشويق تخيلية معاصرة الأحداث محورها هو عينه مريم المجدلية !

Leonardo da Vinci's self-portrait (1512-1515)

Genius Mind at Work!

لا أدرى كيف فاتنى هذا ، لكن المادة المثالية موجودة حقا ، بل وأكثر من مثالية ، إنها العاصفة نفسها !

إنها رواية دان براون هائلة النجاح بالفعل من العام الماضى ‘ شفرة داڤينشى ’ التى أعلن اليوم أنها فى طريقها لأن تكون فيلما من بطولة توم هانكس فى الدور الرئيس ، روبرت لانجدون عالم هارڤارد فى علم الرموز .

فكرة هذا الكتاب الذى منع فى لبنان مؤخرا ، هى هذا الكلام بالضبط ، وأن داڤينشى قد وضع كل تلك الرموز فى لوحة العشاء الأخير ، وأن من بجانب يسوع هى المجدلية تصنع تشكيلا معه هو حرف اسمها الأول M وفوقهما حرف V أو المهبل أو الأنوثة المقدسة ، وبطرس المقتحم ذى السكين المنذر بالشر والذى ‑فى رأينا‑ اقتحامه هو محور الصورة وموضوعها فى الواقع الذى يستقطب أبصار معظم شخوصها ، وربما أيضا هو التفسير المنطقى لعدم رسم الكأس المقدسة أصلا رغم كل أسطوريتها المهولة لاحقا وحتى رغم أنها طالما ربطت باسم المجدلية ، إلى آخر تفاصيل كثيرة معقدة من هذا النوع .

فإلى اللقاء مع حدث 2006 السينمائى الأكبر ! ] .

 

A model of the 375 million-year-old fish, which exhibits changes that anticipate the emergence of land animals, and uncovered in sediments of former stream beds in the Canadian Arctic, 600 miles from the North Pole, and revealed by scientist in April 5, 2006.

‘The First Four-Limb Fish!’

The Gospel of Judas was found in one of these caves, Al-Minya, Egypt, 1970s.

A Cavern in Al-Minya!

تحديث : 6 أپريل 2006 : واو ! هل تتخيل قدر الإثارة التى سيدخل بها تاريخ اليوم التاريخ ؟ فى الصباح صدرت النيو يورك تايمز والقصة الرئيسة على صدر صفحتها الأولى قصة غير معتادة فى مثل هذا المكان ، قصة لا سياسية ولا محلية ، إنما تزف حدثا علميا كبيرا : عثور العلماء فى المنطقة القطبية الكندية على أكبر ‘ رابط مفقود ’ missing link فى التاريخ الطبيعى ، أول حيوان ترك الماء ليستطيع العيش على اليابسة ، أول سمكة بأربعة أطراف ! هذا غنى عن أى وصف وأى تعليق ويكفيك الصورة ، أو لتقرأ مدخل النيو يورك تايمز لو شئت ، أو لتتابعها بالكامل لدى ظهورها فى مجلة نيتشر ، أيها لتعرف حجم الأرض التى كسبتها نظرية التطور بخبطة واحدة ، فى وقت يستميت أعداؤها فى محاولة النيل منها ، ويبذلون جهودا جنونية مؤخرا من أجل مكاسب أو خربشات بالغة التفاهة بينما النظرية نفسها تهرب للأمام بسرعات ضوئية دونما التفات لهم !

The cover of the paperback version of Dan Brown's 'The da Vinci Code,' (originally published in March 18, 2003), that sold more than 500,000 copies in its first week of paperback release, early April 2006, and an initial printing of 5 million has been upped to 6 million.

The Perfect Storm!

بحلول المساء كانت المفاجأة المذهلة الثانية ، نقلة من القطب الشمالى إلى جبال المنيا الملتهبة : الكشف عن أول نسخة كاملة من إنجيل يهوذا ! [ لا تتعجل التفاصيل فهذه ستكون محور هذا التحديث برمته . لكن أولا نضيف أن تباشير الصباح التالى أتت بخبر منعش من لندن يقول بالحكم ببراءة دان براون من تهمة سرقة فكرة روايته الفائقة ‘ شفرة داڤينشى ’ من أحد الكتب غير الروائية . وطبعا ‘ شفرة داڤينشى ’ هى الرواية التى سبق لنا الحديث عنها هذا المدخل ، وتلك القضية قد استغلت كثيرا من قبل المتدينين لتلويث سمعة ما يمكن اعتباره أضخم حدث علمانى فى القرن الحادى والعشرين ، لا سيما وأن أعصابهم أخذت تفلت وتفلت مع اقتراب عرض الفيلم المأخوذ عنها الشهر القادم ، وأيضا مع ظهور الطبعة ذات التجليد الورقى والتى يقال إن ما طبع منها 6 مليون نسخة ] .

مجتمع الجغرافيا القومى National Geographic Society هو واجهة وعنوان مشروع ‘ إنجيل يهوذا ’ والشريك فى تمويله ، وعالم القبطيات السويسرى رودولف كاسر هو المسئول عن الشق العلمى للتحقيق والترجمة وما إليهما . والحدث الذى لم تمض عليه سوى سويعات معدودات منذ إعلانه صباح اليوم ، بدأ بالفعل يهز الأوساط العلمية والدينية سواء بسواء على نحو يفوق كل وصف . ومساء الأحد القادم ( بعد ثلاثة أيام ) ربما يصل الحدث لذروته ( الجماهيرية على الأقل ) ، بعرض تليڤزيون الناشيونال چيوجرافيك فيلمه عن هذا الكشف ( شاهد المقدمة هنا ) .

An image provided by the National Geographic Society, April 2006, shows the last page of the codex in which the final words read 'Gospel of Judas.'

Codex Tchacos:

History, Re-Written!

إنجيل يهوذا ليس كشفا فى حد ذاته ، ولطالما سمعنا عنه من خلال هجوم مهندسى المسيحية الأوائل كإيريناوس عليه باعتباره هرطقة كبرى ، وأدبياتهم موجودة ومعروفة للكافة . أيضا العثور عليه ليس جديدا بمعنى الكلمة . فالكشف تم فى أحد الكهوف فى محافظة المنيا بصعيد مصر قبل نحو 30 سنة ، حاول صاحبها تاجر الآثار المصرى ( التفاصيل والأسماء والتواريخ غير معروفة بعد ، وربما يدلنا الفيلم المذكور على بعضها ) ، حاول بيع المخطوطة مرارا طالبا 3 مليون دولار فى العادة ، لكن الكثير من الهيئات العلمية لم يكن لديها التمويل الكافى . على أن ما حدث أن بيعت النسخة مرة لأحد المقتنين ، وكذا سرقت مرة ، واستقر بها الحال فى خزانة شخصية بأحد بنوك نيو يورك لمدة 16 سنة . هذا إلى أن اشترتها سنة 2000 تاجرة آثار من زيوريخ تدعى فرييدا ناسبيرجر‑تكاكوس ، وهى التى عهدت بها إلى مؤسسة مايسيناس للتحقيق والترجمة ، ومن اسمها أصبحت المخطوطة تحمل كنيتها Codex Tchacos ، وهكذا طفت فى نهاية المطاف إلى السطح . إذن الجديد هو شىء واحد ، الشىء الوحيد الذى لا يستهان به بالمرة : النص الكامل !

An image provided by the National Geographic Society, April 2006, shows the last page of the codex in which the final words read 'Gospel of Judas.'

Gospel of Judas:

Holes Closed!

هذه المخطوطة تقول إن ‘ الخيانة ’ كانت بتنسيق مع يسوع ، بل وبتشجيع من هذا الأخير ، حتى يتم المكتوب ، أى الصلب ، ومن ثم يقع فعل الخلاص . هذا ليس حتى بجديد وقد عرجنا عليه مرارا فى الحديث عن الأفلام لا سيما فيلما زيفيريللى وسكورسيزى . الجديد تحديدا أن واعز يهوذا كان دينيا وخلاصيا وليس سياسيا أو دنيويا كما سبق وتخيلنا .

لا شك لدينا أن هذه النسخة القبطية ، وعلى العكس من كل ما يكتب ويوضع فى العناوين منذ الصباح ذاهبا لأن تاريخ كتابة الإنجيل هو القرن الثالث ، هى ترجمة لنص أصلى أقدم بكثير . نعم ، المخطوطة المكتشفة تعود للقرن الثالث ، لكن المنطقى تخيل أنه مثله مثل كل ما عداه من أناجيل غنوصية يعود نصه تأكيدا للقرن الأول ، إن لم يكن حتى لنصفه الأول ( إيريناوس نفسه الذى أفتى بهرطقته عاش قبل ذلك التاريخ بقرن ونصف ! ) . أيضا وكما قلنا أعلاه النصوص الأقدم ( ’ بعبلها ’ بالتعبير المصرى ) ، هى بلا شك كنز كبير لأنها الأصدق تعبيرا عما كانت عليه الأديان فى صورتها الحقيقية الأولى . ولا غرابة أن تصاعدت بقوة مؤخرا جهود بعض المسلمين لتنقية النصوص الإسلامية مما يسمونه الإسرائيليات ، وربما لو فعلوا هذا لما تبقى من الإسلام شىء ، حتى كل ‘ أركانه الخمسة ’ ذات أصول راسخة من قبل الإسلام ، باستثناء الشق الثانى من الركن الأول ‘ وأشهد أن محمدا رسول الله ’ ! ترزية أو جزارو المسيحية الأوائل أمثال إيريناوس وأثناسيوس وأوجستين ، قاموا بهذا الفعل يوما ، وحذفوا كل الأصول الغنوصية وغير الغنوصية باعتبارها هرطقات ، ذلك بهدف خلق دين متناسق مترابط لا تعض أجزاؤه بعضها البعض ، أو هكذا اعتقدوا ، أو هكذا يعتقد المسلمون المعاصرون ممن يسمون أحيانا بالقرآنيين ( لكن كما قلنا ألف مرة ومرة ، هيهات لهم ما يريدون قبل أن يختزلوا القرآن نفسه إلى سورة التوبة التى تنسخ الكل ولا ينسخها شىء ، ومن ثم يعلنونها حربا شعواء على كل العالم ! ) .

إذن النص الكامل لإنجيل يهوذا زلزال كبير سيرج العالم ، المتدينون منه قبل العلمانيين . وهو الاكتشاف الدينى الأهم إطلاقا منذ كشوفات نجع حمادى الأقدم بثلاثين سنة أخرى ، ويمثل معها منظومة متكاملة ترسم ملامح المسيحية الأولى ( والتى قطعا لم تكن تحمل هذا الاسم ) ، ذلك قبل تزوريرها على يد المزورين المحترفين الذين ذكرنا أسماءهم للتو . وبالنسبة لنا ولمدخلنا الرئيس أعلاه ، هو مهم على الأقل من أجل تدقيق صورة يهوذا ، من مناضل سياسى إلى مهوس دينى آخر مثله مثل سيده ومثل بقية رفاقه . وهو تصحيح مقبول ومعقول ، ليس فقط لأنه مبنى على نص فعلى كبير متكامل وأصلى ، لا على مجرد استنتاجات كما حاولنا نحن أو غيرنا تجميع بعض القطع هنا وهناك ، إنما لأنه يتماشى أكثر وتقليديا ، مع التصور المنطقى لما يمكن أن يكون عليه عقل البشر فى عصور الظلام التى هيمنت عليهم فيها الخرافة ولا شىء آخر تقريبا .

على أن الأمر لا يزال ينطوى على مشكلة ، إنها مصر . حسب النيو يورك تايمز ، مصر تحاول استعادة المخطوطة . صحيح ربما تنجح وربما لا ، فتاريخ الكشف يقع فى منطقة الشفق التى بدأ أو لم يبدأ فيها تطبيق اتفاقية إعادة الآثار لدولها الأصلية ، وهو منتصف السبعينيات . لكن المذهل هنا أن أعلن عن هذا الكشف بعد أيام معدودات من فتوى مدوية لمفتى مصر تفتح الباب بوضوح لا يحتمل اللبس لهدم كل الآثار وحرق كل المتاحف ( نعم مفتى الحكومة الرسمى رمز ‘ الاعتدال ’ الذى يتقاضى مرتبه منها واسمه على جمعة ، وليست فتوى من الخومينى أو بن لادن أو طالبان ، ونعم الأمر ليس مجرد تمثال آخر لبوذا بل ما يقال إنه ثلث تراث العالم القديم دفعة واحدة ! ) .

مع ذلك ، وبغض النظر عن ألاعيب شنكوتى الثالث ، القانونية المحتملة لتدمير الوثيقة بعد وصولها لمصر ، أو بغض النظر عما سيفعله على جمعة أو نواب الأخوان ناهيك عن ريچيم الحكم الطالبانى أو الحمساوى المحتمل فى مصر ، بغض النظر عن كل هذا ، السؤال التقانى المحض لا يزال قائما : منذ متى كان المتحف المصرى أو المتحف القبطى ، أكثر كفاءة فى حفظ تراث الإنسانية من المتحف البريطانى أو متحف المتروپوليتان ؟ كم مصنف سرق أو تلف فى الأولين ، وكم فى الثانيين ؟ هذا السؤال لم يسأله أحد !

المطلوب الآن فعل عالمى محدد وواضح : إلى متى يقف العالم متفرجا أمام جرائم منظمة حماية الظلام المسماة اليونسكو ، ولا يلغى تلك الاتفاقية سيئة السمعة التى تعيد الآثار للبلاد المتخلفة ؟ أو بالأحرى لماذا لا يلغى هذه المنظمة نفسها ، التى ترى أن تراث التخلف مكانه الحياة اليومية وكراسى الحكم ، وليس المتاحف ؟

… شاهد مقدمة فيلم الأحد القادم على تليڤزيون الناشيونال چيوجرافيك هنا

… للمزيد عن الفيلم انظر هنا

… للمزيد عن الكشف انظر هنا

… للنص الكامل للأصل القبطى انظر هنا

… للنص الكامل للترجمة الإنجليزية سابقا هذا انظر هنا

… [ لقراءة تقييم إيلين پيجيلز ( أخصائية الأناجيل الغنوصية المشار إليها ) ، للاكتشاف اقرأ مدخلها اللاحق فى النيو يورك تايمز هنا ، والذى تفصح فيه لأول مرة أنها كانت إحدى مستشارات الكشف ، وتركز على أن الإناجيل الغنوصية كانت نوعا من الدراسات المتقدمة advanced لأتباع العقيدة ، والمبنية على التعاليم السرية الانفرادية ليسوع لبعض أتباعه ، وكان ‑أى النصوص المتقدمة‑ أمرا سائدا ولا يزال فى كل الأديان ] ] .

The ossuary inscribed with 'Jesus son of Joseph,' that contains residue of the remains of Jesus displayed (along with another one of Mary Magdelene), at a news conference promoting the Discovery Channel documentary 'The Lost Tomb of Jesus,' New York Public Library, February 26, 2007.

‘Jesus bin Joseph!’

تحديث : 27 فبراير - 4 مارس 2007 : من قال إن ما سبق كان شيئا مثيرا ، أو أن المعاول التى تقوض أكذوبة المسيحية قد وصلت مداها بعد ؟ !

اليوم إليك الإثارة الحقيقية : العثور على تابوت يسوع ! ليس تابوته فقط بل كل المقبرة العائلية ، والكثير من الأحماض النووية ، بل وإثبات أنه تزوج المجدلية ( وإلا لماذا وضعت فى مقبرة عائلته ) ، وأنهما أنجبا سرا طفلا يدعى يهوذا ( ونحن الذين نشأنا نعتقد يسوع مخنثا أو مثليا جنسيا ، بالذات وأن أحدا لم يدلنا يوما على من أين أتى بالضبط بكروموسومه الذكرى ! ) . البطل هذه المرة القناة التليڤزيونية الأخرى : ديسكڤرى ، وخلف الاكتشاف ‑راعيه ومموله‑ شخص نعرفه جميعا : چيمس كاميرون موجه التايتانيك !

الأدلة كثيرة قوية مترابطة وشديدة الإقناع ، أروع نتائجها فى نظرى إعادة الاعتبار للرائعة المجدلية التى أهالت المسيحية التراب عليها ظلما لألفيتين كاملتين من السنين . إنها ‑حسب الفيلم‑ ‘ الأستاذة مريم ’ أو ‘ مار ماريامنى ’ ، اسمها المكتوب على التابوت ليس المتفرد فقط بيونانية كلماته إنما بغرابته وندرته بحيث لا يحتمل المصادفة ( التابوت الوحيد فى المقبرة ذو الكتابات اليونانية ، هذه التى انفردت بتعلمها بين كل أتباع يسوع بحكم أصلها المجدلى المثقف ) ، والمطابق حرفيا ‑ولنربط الأحزمة هنا‑ لاسمها المستخدم فى إنجيل أخيها فيليپ . هذا هو الجزء الحاسم والمذهل فى الأمر برمته : قد لا يعنى ربط أسماء يسوع وأمه مريم وأبيه يوسف وإخوته الأربع شيئا ، فكلها أسماء يهودية دارجة ، لكن وجود مريم المجدلية ‑باسمها شديد التفرد ذاك‑ فى ذات المقبرة يأتى بالبرهان الحاسم لكل ما كان يمكن سابقا استنتاجه بالمنطق من الأناجيل الغنوصية ، ولا نقصد كونها كبيرة أتباع يسوع والمؤسسة الحقيقية ‘ لطريقته ’ ( وطبعا لا نقول ديانته ) ، فهذا واضح بما يكفى فى تلك الأدبيات ، إنما نقصد فرضية زواجها من يسوع وإنجابهما ابنا ، وهو ما لم يأت أى إنجيل ‑معترف به أو مغضوب عليه‑ صراحة على وجه الإطلاق ، وكان اجتهادا من بعض الأذكياء لا أكثر ، حتى صباح اليوم ! ( المثال المثير الذى جاء على لسان عالم الرياضيات أندرى فيورڤيرجر الذى استخدمه الفيلم والذى أدلى به للنيو يورك تايمز ، هو العثور على ثلاثة توابيت فى قبر بليڤرپوول تحمل أسماء چون وپول وچورج ، هل تعنى شيئا ؟ الإجابة : لا شىء . لكن ماذا لو كان هناك قبر رابع يحمل اسم رينجو ؟ فورا ستقول إنهم قطعا البيتلز ! المفهوم أنه أخبر التايمز أن هذا القول حذف من الفيلم لحساسية المقارنة ، إذ إن چون لينون قال ذات يوم إن البيتلز هم أكثر جماهيرية من يسوع ! ) .

فقط لدى بعض التحفظات الثانوية :

التحفظ الأول على الاكتشاف ‑حسب رأيى‑ هو أن العظام نفسها غير متاحة . هى التى ستأتينا بالدليل المادى على الزواج وإنجاب ذلك الابن السرى . أعيد دفنها سنة 1980 لدى اكتشاف المقبرة بناء على ضغط المتدينين اليهود ، ليس لأمر يخص هذه الشخصيات ، فالفكرة لم تخطر ببال أحد إلا حين تبناها فريق الديسكڤرى الآن بعد أكثر من ربع قرن ( يقيادة صانع الأفلام الكندى الشاب إسرائيلى المولد والمفعم بالحيوية والطموح سيمحا چاكوبوڤيتشى ، متتبعا فرضية طرحها الأثرى الإسرائيلى آموس كلونر فى سنة 1996 منوها بأن هذا الكشف ربما يعنى شيئا ما ، وكادت مقالته بدورها تمر مرور الكرام ) ، إنما للتزمت الدينى الذى يحرم نبش القبور . أنا شخصيا متفائل بالعثور عليها كلها من جديد ، ومن ثم استخراج خريطة چيينية أكثر اكتمالا من هذه المأخوذة من مجرد آثار التحلل الملتصقة على جدران وأرضيات هذه الصناديق الكلسية ؛ محور هذا الاكتشاف ! على أية حال ما فهمناه أنها مدفونة فى مكان محدد ومفهرسة جيدا فى أكياس ، إلا أننا لا نعرف إن كان كاميرون وفريقه حصلوا عليها أم لا ( من أجل جزء ثان للفيلم ربما ؟ ! ) ، وإذا كان لا هل يسعون لذلك الآن أم لا ؟

تحفظ ثانوى آخر ، هو التسييس الشديد لشخصية يسوع ودائرته ، وكأنهم منظمة سياسية سرية تريد الاستيلاء على الحكم من الرومان . أنا شخصيا لا أعتقد أن هذا صحيح ، على الأقل فيما يخص يسوع شخصيا وأغلب أعضاء تلك الدائرة ، وفيض كلام يسوع عن الملك الروحى يضعف جدا مثل هذه الفرضية ، حتى وإن كانت حركته تعنى من زاوية واقعية الثورة على كل شىء . نحن لا نفضل الانسياق وراء تاريخ المسيحية اللاحق شديد التسييس والذى نجح فى الاستيلاء على روما نفسها ، ونسقطه على اليسوعية الأصلية . نعم ، هو شىء حقيقى وكاسح ، لكن لا يجب أن نجاريه فى اكتساحه للحقيقة الأصلية ليسوع والسنوات الأولى اللاحقة عليه . ثم أنها ‑أى تلك الفرضية‑ غير ضرورية جدا لتفسير سرية الإنجاب ، أو الكلام المشفر فى يوحنا 19 عن ‘ التلميذ الذى كان يحبه ’ ، والأسوأ أن نزع صفة الطريقة الصوفية عنهم يهدم السياق العام للأناجيل الغنوصية ، أساس كل نظرياتنا هذه . أنا شخصيا أفضل انتظار دليل أكثر حسما عن إنجاب يهوذا ( لاحظ أن الاسم ربما يدل على مكانة الأسخريوطى عند يسوع ؟ ! ) ، وبأن المجدلية هى أمه وزوجة يسوع ( فوجودها فى المقبرة لا يعنى قطعيا أنها زوجة لهذا الشخص بالذات ، حتى وإن كان عدد النعوش محدودا هو عشرة ، ورغم طبعا فيض الملابسات الأخرى ) ، مكتفيا فى هذا الأمر بحقيقة العلاقة الجسدية بين يسوع والمجدلية الواضحة والراسخة جدا فى الأناجيل الغنوصية ، على أن أنفى الروحانية الغنوصية من أجل إثبات إنجابهما لطفل ! ( بالمناسبة : ربما لا يكون وجود نسل ليسوع شيئا غير مسيحى جدا ، فنبوءة أشعياء الشهيرة ‘ مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل آثامنا ’ و‘ ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح ’ … إلخ ، تمضى بعد سطور قليلة لتتحدث عن ‘ نسل تطول أيامه ’ . لا أدعى أن هذه نظرية فذة جدا منى ، لأن الأرجح ‑أو من المقبول جدا‑ فيما يسمى بالنبوءات هو المجاز ، إلا إنى أطرحها فقط كنوع من اقتراح تعزية ما للمسيحيين فى الفيلم ، الذى نتمنى هذه المرة بصدق أن يكون آخر الأحزان ! ) .

Site of the tomb of Jesus family discovered by archaeologists from the Israel Antiquities Authority in the East Talpiyot neighborhood of Jerusalem in 1980, when the area was being excavated for a building.

The Sign Before Cross:

The Early Symbol of Christianity (if It Was Called so Then)!

فى المقابل هناك شىء ثانوى آخر ، لكن إيجابى هذه المرة : لقد عرفنا شعار المسيحيين الأوائل ! ليس الصليب إنما ضلعا مثلث متساوى الأضلاع أو منفرج قليلا ، مع استبدال القاعدة بدائرة صغيرة تتماس مع ذلك الضلع السفلى المحذوف من أعلاه عند منتصفه ! هذا منطقى جدا : تخيل اليوم فتاة تسير بقلادة ذهبية عبارة عن حبل مشنقة أو مقصلة ، ما ستقوله عن بشاعة شخصيتها ، هو ما كان سيقال فى تلك الأيام عن فتاة تتحلى بأبشع أدوات الإعدام وحشية فى ذلك الوقت . إن تجريد الصليب ليصبح رمزا دينيا وشيئا إيجابيا لم يأت إلا بعد قرون كاملة ، وكان قد انتهى ذكره كأداة إعدام أصلا !

ملحوظة : لاحظت مؤخرا أن بعض القراء المسلمين يأخذون بعض ما كتب هنا ، عن پولس والمجدلية والأناجيل الغنوصية مثلا ، ويحاجون به فى برامج القناة المسيحية ‘ الحياة ’ ( وصل أحدهم لافتراض أن أناجيل نجع حمادى تنكر الصلب ، وهى نكتة ! ) . فقط نود أن نذكرهم بأننا إذا كنا نتحدث عن أكذوبة اسمها المسيحية ، فإن كلامنا عن الإسلام يختلف : فى هذه الحالة لا نتحدث عن دقة تاريخية أو عن صوفية مرهفة راقية أهدرت وتحولت لدين متكلس جامد ، إنما نتحدث ببساطة وبتحديد تام عن أكبر وأبشع جريمة فى التاريخ الإنسانى : مذابح ونهب وسلب غير مسبوقة وغير ملحوقة فى أى زمان أو مكان ، ارتكبها محمد وعصابته . واضح أن لا وجه للمقارنة ، وطلعونا لو سمحتم بره اللعبة دى !

لم يخطر ببالى أنهم سيهللون أيضا للاكتشاف الجديد هذا الخاص بقبر يسوع . بعد أسابيع قليلة شاهدت على أحد المواقع الإسلامية نسخة خفيضة الجودة من الفيلم ملحوقة بكلام القران الشهير عن عدم صلب المسيح ! أى غباء هذا ؟ هل كل نقض للمسيحية هو إضافة للإسلام بالضرورة ؟ ألا يمكن أن يكون هدما لهما معا بل ولكل ممالك الخرافة مجتمعة ؟ الأبعد من هذا أنه إذا كان هذا الاكتشاف يهدم جزئيا ما يعتقد فيه المسيحيون عن يسوع ، فهو يهدم كل قصة القرآن عنه : سواء صلب أو لم يصلب ، ها هو من المؤكد الآن أنه قد مات ودفن ، وها هو قبره موجود تحت أيدينا ، قطعا لم يرفع للسماء ، ولن يعود كالديان العادل ، ولا أى من كل هذا الهراء الذى أجزل فيه القرآن المديح بسخاء غير معتاد ، يفوق المسيحية نفسها ، بأن جعله غير قابل للموت أصلا . يا لكم من بؤساء حقا !

نظرية الصلب فى القرآن : أنا لا أحب الاستغراق فى الكلام الدينى لأنى أتقزز منه وطالنا اعتقدت أنى غسلت يدى منه للأبد فى سن 18 سنة ، لكن لدى نظرية لم أقرأها من أى أحد ، لكتها ألهمتنى ما استشففته كسر وراء تلك الآية القرآنية الشهيرة التى وضعت فى آخر نسخة الفيلم الإنترنيتية المصرية عن عدم صلب يسوع إنما تشبهه لهم . ما ألهمنى بها هو محاولة أحد مشايخ المسلمين المعاصرين الشيخ مازن من الپالتوك أو البالتوك فى مناظرة مع زكريا بطرس 20071105 11:21 م دقيقة 145 فكرة نسلا تطول أيامه و11:42 دقيقة 166 سؤال الكل له هل هو المسيح تأويل قصة الصلب فى الإنجيل كى تطابق القرآن ، وأدين له بلحظة التنوير هذه ، لأنى بصراحة لم أفهم قط يوما لماذا يضفى قرآنه على يسوع صفة الطهر المطلق ويؤيد صعوده بل ودينونته مستقبلا لكل البشر أو ما يعادل تقريبا إضفاء صفات الألوهية عليه ، ثم بعد كل هذا يعارض بشدة واقعة الصلب ، حيث لا شىء يضير فيها بالمرة . السبب الذى اكتشفته أبسط مما تخيلت أبدا ، ألا وهو جهل محمد ‑أو تسرعه حتى لا نكون قليلى الأدب جدا‑ بأبسط مصطلحات وبديهيات التوراة والتاريخ اليهودى ، هذه التى حاول طويلا تعلمها لكن قدراته العقلية أعوزته . أثناء المحاكمة والصلب سئل هذا المتهم مرارا هل هو المسيح فكان يرد دوما أنت تقول ( أى أنتم تفترضون حسب تفسيرى المطول أعلاه أنها تأتى فى سياق أنه لم يدع أبدا أنه مسيح أو إله ، وهو طبعا تفسير مضاد للمسيحية تماما ) ، إلا أن محمدا فهمها دليلا على التشبه ، إى اختلط عليهم شكله فكان سؤالهم . هذه نكتة ، لأن الواقع أن محمدا لا يفهم الفارق بين يسوع والمسيح ، ويعتبرهما اسمان له سواء بسواء . لا يعرف أن هذا مواطن يهودى اسمه يسوع ، والكل يعرفه بهذه الصفة ‑الكهنة وهيرودس … إلخ ، لكن السؤال الكبير بل التاريخى لدى الجميع آنذاك هل هو المسيح المنتظر أم لا ، وقد صلب لأنه ادعى ذلك أو لأن نظريته تقوض ريچيم الحكم اليهودى والرومانى ، أيا ما كانت افتراضات الذين صلبوه . الأدهى أن قرآن محمد استدل على روايته تلك بعدم معرفة الجنود الرومان له . محمد البدوى البدائى الأمى هذا الذى تعود أن يعرف أسماء كل عشيرته يعتقد أن كل البشر على شاكلتهم ، ولا يتصور أن الجنود الرومان لا يعرفون ‑أو بالأحرى لا يصح أن يعرفوا‑ أى أحد من تلك الحثالة البشرية المسماة اليهود . ( هامش لا بد منه لمن لا يملك قدرة الفهم : فإذا كان اليهود حثالة بشرية فما عساكم تكونون يا بعر الجزيرة ؟ ! )

استطراد على النظرية : من الجائز أيضا أن مجرد الحديث عن قتل الأنبياء كان من الأصل شيئا خطرا جدا آنذاك ، أو يوحى للأتباع بأفكار غبية مجنونة ، بصراحة ، لعل محمدا كان يتحسس رقبته وهو يقول ‘ ما قتلوه ’ ، وربما كان هذا تفسيرا قائما بذاته . ( نظريتتا الشخصية عن محمد أنه جبان دمية إمعة تافه وعاجز جنسيا ، لكن هذه قصة أخرى ! ) . [ ربما تم التعبير عن هذا فى رواية سهم كيوپيد التى أنجزناها لاحقا ] .

أخيرا ، بمناسبة الأحماض النووية ، يا ليتكم تفكرون للحظة : رفاتات البيت النبوى كلها موجودة ، وأنا شخصيا أعتقد أن محمدا هذا لم يكن فحلا جبارا إنما كان عقيما أنجب فقط من خيانة زوجاته ، وفوقا منها كان عنينا ، يجوب على دستة منهم كل ليلة دون انتصاب واحد يشبع شهوته ، لديه كل عقد الدراما اليونانية والشيكسپيرية أيضا بل وأسوأ ، تزوج من طفلة هزيلة الجسد لمجرد أنه لم ينل عذراء فى حياته ، وأمه نفسها حملت به سفاحا بعد موت أبيه بسنوات ، وأعتقد ثانيا أنه لم يكن قائدا جبارا إنما مجرد إمعة غبى جاهل أهطل ودمية فى يد أمثال خديجة وعمر وعائشة ، فهلا تفضلتم بتقديم تلك العظام لأحد المختبرات لنعرف حقيقة قائدكم الفحل الهمام ، أشرف خلق الله ؟ !

على أية حال ، الشىء المهم قوله هنا ، هو أننا بصدد فيلم شديد الاتقان . وتكفى المقارنة بينه وبين ‘ إنجيل يهوذا ’ قبل عام . بغض النظر عن المحتوى نفسه ، وأنه ربما يظل من الأوقع فى رأينا النظر ليهوذا على أنه ‘ السياسى الوحيد ’ فى فريق يسوع ، الذى هو نفسه غير مسيس بالمرة إنما درويش پيوريتانى ، وأن كلمة إنجيله أن يسوع كلفه بأن يساعده على ‘ الخروج من جسده ’ ، تثبت الصوفية أكثر مما ثتبت السياسة ، فإنه من الناحية الفيلمية المحضة هو أضعف بكثير من ‘ القبر المفقود ’ ، ولعل هذا شىء طبيعى للغاية إن أدخلنا اسم چيمس كاميرون للمعادلة .

يكفينا هنا المقارنة بين فيلم يسمى مرجعياته العلمية بفريق الأحلام ، ويسمح لأحدهم بأن يقول أن لا أحد يعرف اللغة القبطية خارج هذه الحجرة ( وهو إدعاء مضحك ) ، وبين فيلم يفعل الشىء الصحيح دراميا : العكس بالضبط : داود ضد چوليات ! أبطاله صناع سينما هيپيون فى مظهرهم وسلوكهم ، لا يملكون سوى حماسهم وصدقهم ، يتحدون السلطات الإسرائيلية ‑الرسمية والدينية معا ، من أجل الوصول لحقيقة ، يعاملونها ساعتها بفرحة كما الأطفال . هذه كتابة احترافية بمعنى الكلمة ، وفوقها يأتى المحتوى نفسه : مثلا بينما يسلم فيلم يهوذا بأن نعش يعقوب أخى يسوع مزيف ، يجتهد فريق چيمس كاميرون فى تحرى الأمر ، والشىء غير المتوقع بالمرة ‑حتى للمتخصصين أنفسهم‑ أن أثبتوا بتقنيات التحرى الجنائى أنه نعش أصيل ! ] .

أخيرا ، ولا زلنا مع فضائل فيلم ميل جيبسون ، هناك فضيلة رابعة فى الفيلم . أو هل تعرف ما هو الشىء الإيجابى حقا فى هذا الفيلم الذى سيدخل موسوعة جينيس للسجلات القياسية باعتباره أطول مشهد قتل فى تاريخ السينما ؟ أن نتوقع بعده أن تكف الكنيسة عن وعظنا حول العنف فى الأفلام ، وإلا أصبحت صراحة كما الشيطان يعظ ! ( بينى وبينك أنا بأقول كده بس ، تحريض يعنى ، وموش مقتنع خالص أنه فيلم عنيف . الحياة الواقعية نفسها أعنف بكتير . كفاية أن التسمير لخشبة الصليب طقس حقيقى بيتنفذ كل سنة فى معظم البلاد الكاثوليكية فى نصف الكرة الجنوبى ، بالعشرات وأحيانا بالمئات فى البلد الواحدة . ولو أنت فاكر حطينا صورة من دى ع الموقع العيد إللى فات فى صفحة الحضارة ، ولو موش فاكر حطيناها لك تانى هنا علشان خاطر عيونك ما تشبع منها . أما المشهد إللى عمله جيبسون ، وإللى كلنا قعدنا مستنيينه ، جه ضعيف جدا جدا وبدرجة تكسف ، حتى الكتشاپ كان قليل . لو ما كانش عاوز ( أو عارف ) يعمل لقطة مؤثرات للمسمار وهو بيخترق الجلد فعلا واللحم بيتقطع والدم ينفجر قدام عينينا فى لقطة واحدة متصلة ، كان ممكن يروح يصور إللى بيحصل بجد فى البرازيل أو الفليپين . ده طبعا لو كان هو ‘ مخرج ’ بجد ! ) .

عفوا ! لا تزال ثمة فضيلة خامسة : احتمال وجود ‘ حرقة المسيح 2 ’ لا يبدو كبيرا جدا ، بينما ثمة فيض كامل من الأفلام المعادية للدين ‑جديدة وقديمة ، سينما وڤيديو‑ ستغمر الأسواق قريبا . أول الغيث سيكون إعادة عرض سينمائية عاجلة لقصة الصلب طبقا للمونتى پايتون ‘ حياة برايان ’ 1979 التى كما تعلم لم تترك شيئا إلا وسخرت منه ، فى هذه الكوميديا الرائعة حول كيف كانت تصنع العقلية البدائية لشعوب تلك الفترة الأنبياء صنعا ويوميا من لا شىء أو من مصادفات عبيطة ، ذلك عبر قصة برايان ذلك الشاب التافه المولود فى مزود ببلدة بيت لحم فى السنة صفر ، الذى يعتقدون خطأ أنه المسيح ويساق للصلب رغما عنه بينما ينسل ذاك الحقيقى هاربا ليعدم بدلا منه من أشفق عليه وطلب حمل الصليب عنه ، وطبعا ليغنى الجميع على الصليب فى تتابع النهاية ‘ انظر دائما للجانب المشرق من … الموت ! ’ . المصدر الأصلى للهمزة التالية هو Yahoo! Movies - Tarantino wants a shot at Bond ومنها للجريدة العلمانية The View from Number 80 - Skeptical Reviews - Backward Glances 2004 part 2 أما المصدر الأصلى تماما الذى علمت منه خبر العرض فى حينه فهو صورة ياهوو Inspired by the runaway success لا تعتقد أن الوقت قد فاتهم للسخرية من ميل جيبسون . يقال إن الحملة الإعلانية ستفعل ذلك ! من نافلة القول إن ‘ الإغواء الأخير للمسيح ’ بات عملة ساخنة للغاية هذه اللحظة ، أصبح مطلوبا فى كل مكان ، بما فى ذلك الأماكن التى ظلت تمنعه كالمكسيك ، ثم ها هى تصرح الآن بعرضه . القائمة الأوسع للأفلام ذات الثيمات الدينية باتت الآن جميعا محل فحص . أما مشروعات الإنتاجات الجديدة فالكلام عنها أكثر من أن يصدق معظمه !

معلومة انتفاضية أخرى تستحق لحظة تأمل فيما وصلت إليه أحوال عقلنا العربى : لعل موقف رقابتنا فى مصر يحيلنا لتضامن آخر شبيه ، هو تضامن التونسى طارق بن عمار الذى تصدى لتوزيع الفيلم فى فرنسا ، الأمر الذى بدأ اليوم فقط ، ووسط مقاطعة واسعة من الموزعين وسلاسل دور العرض الرئيسة له باعتباره ، حسب مارين كارميتز رئيس رابطة دور العرض : ‘ پروپاجاندا فاشية ’ . حين كان طارق بن عمار هذا يعيش فى تونس من قبل ، كان هو نفسه وكيل إنتاج الأفلام العلمانية الكبرى عن يسوع التى صورت فيها مثل المسيا مصدر كونه اشتغل فى فيلم روسيللينى جاء على لسانه هو نفسه فى همزة findlaw المذكورة ، ولا يذكر عادة فى المراجع السينمائية التقليدية ويسوع الناصرى وحياة برايان ! 

SpaceShipOne, attached to the belly of a sleek plane called the White Knight, took off shortly after 6:30 a.m., June 21, 2004 on a mission to make the first privately financed manned spaceflight. When the plane reached an altitude of 50,000 feet, it dropped the smaller craft, and its pilot, Michael W. Melvill, 63, started the rocket that took him up to the beginnings of space, reached 328,491 feet - just 400 feet beyond the goal, an altitude of 100 kilometers. He then brought SpaceShipOne back to earth as a glider, touching down at 8:15.

Like It or Not, Religion Always Wins!

أوه ! السياسة مرة أخرى ! على أية حال ، دعنا من الفضائل والرذائل ، ودعنا من التفاصيل والمعلومات ، ودعنا حتى من الرمال المتحركة المسماة الدين ، ولنعد فعلا للكلام الأكثر جدوى ربما ، السياسة !

المسيحية أكذوبة ، والإسلام جريمة ، واليهودية تعلمنت ، وصنع فيلم يروج للخرافة الدينية هو آخر شىء يمكن اعتباره إيجابيا فى أى عصر من العصور ، فما بالك فى عالم ما بعد 11 سپتمبر !

المشكلة ليست فيلما . قوى الظلام لن يهدأ لها بال قبل أن تركع كل حضارتنا من جديد تحت سوط مذابح عمرو بن العاص وخالد بن الوليد .

بلا مواربة : إنها الحرب !

تسألنا عن تقييمنا لمحصلة كل ما حدث ، نقول إنه حتى لو كسبت العلمانية أرضا كبيرة من خلال هذا النقاش الحافل الذى اكتسح كل العالم بسبب فيلم مستر جيبسون ، ومن خلال إعادة تسليط الضوء على الكثير من الأفكار والكتابات والأفلام المعادية للدين ، فإن مما لا شك فيه فكلامنا فى الدين الآن هو هزيمة فى حد ذاته . مجرد سحبنا إلى أرضية هذه الجدليات ، بدلا من متابعة آخر ما جاءت به تقنيات الهندسة النانوية ، أو مشاهدة أحدث صور التليسكوپ هابل ، هو تضييع للوقت وخسارة قائمة بذاتها . أقل شىء أنه حين تجد نفسك فى بيئة شعوب انفعالية ، الكل يصرخ فى الكل طوال الوقت ، تضطر أنت للصراخ أيضا حتى يسمعك الآخرون ، ومن ثم تجد نفسك تكافح للحفاظ قدر الإمكان على علميتك وأكاديميتك أو حتى على مجرد هدوء تفكيرك وأعصابك ، وكأن هذه كلها معارك قائمة بحد ذاتها . المتدينون يخسرون أرضا ، هذا ما يحدث لهم يوميا منذ خمسة قرون ، لكنهم دائما ما ينجحون فى فرض أچندتهم . فهلا نفوت عليهم ذلك فى المرة القادمة ؟ أو أن لا تكون ثمة مرة قادمة أصلا !

خلاصة كل ما سبق ، فى صيغة سياسية بعض الشىء ، ما يلى :

المسيحية أكذوبة ، والإسلام جريمة ، واليهودية تعلمنت ، وصنع فيلم يروج للخرافة الدينية هو آخر شىء يمكن اعتباره إيجابيا فى أى عصر من العصور ، فما بالك فى عالم ما بعد 11 سپتمبر !

لكن الأمور قد لا تكون بهذه البساطة . يا ليتها تقف عند فيلم سينمائى ينساه الناس بعد قليل . المشكلة ليست فيلما . قوى الظلام لن يهدأ لها بال قبل أن تركع كل حضارتنا من جديد تحت سوط مذابح عمرو بن العاص وخالد بن الوليد .

بلا مواربة : إنها الحرب !

Halie Harrison Meyer, 2, whose uncle, a U.S. soldier, was killed in Iraq in April, was among thousands who attended President Bush's Memorial Day address at Arlington National Cemetery, Washington, May 31, 2004.

Also in politics 4 The Great White Hope:

Could This Child Save the American Civilization from a Whole Bunch of Invasions?

العدد الأخير من مجلة فورين پوليسى ( تصدر أيضا بالعربية ) ، يحمل موضوعا للغلاف عنوانه التحدى الهيسپانى The Hispanic Challenge . الكاتب اسم ليس مجهولا لك ، إنه ساميول پى . هانتينجتون . هذا الذى كان الرائد الغربى الكبير فى التحذير من الخطر الإسلامى ، ودخلت أطروحته عن صدام الحضارات كعلامة فارقة فى تاريخ الوعى الغربى بما يتهدد حضارته من تهديد داهم من جانب دين الإسلام . الآن هو يحذر من الخطر الكاثوليكى . يراه يغزو أميركا من حدودها الجنوبية ، يتهدد فى الصميم حاضرها ومستقبلها وقيمها الحداثية التى صنعت نهضتها الهائلة على مدى القرون الأخيرة . قال ( فيما لم نتردد لحظة فى تتويج هذه الصفحة الجديدة اليوم به ) : لو لم يكن الپروتستانت الإنجليز هم الذين استعمروا أميركا إنما استعمرها الكاثوليك فرنسيون أو إسپان أو پرتجاليون ، لما أصبحت أميركا التى نعرفها ، إنما لكانت نسخة أخرى من الكيبيك أو المكسيك أو البرازيل [ بالترتيب ] ! والرجل محق تماما ، وكلامه يفتح الباب لوفرة من التأملات المسكوت عنها . خذ مثلا أن البرازيل لا تقل مساحة ولا موارد عن الولايات المتحدة ، لكنها لم تصبح أغنى ولا أقوى دولة فى العالم . السبب غاية فى البساطة هو أن الإنجليز اختاروا للاستيطان بقعة أخرى من العالم الجديد !

قبيل النهاية ينقل على لسان رجل بيزنس أميركى من أصل مكسيكى ، السمات اللاتينية شديدة الافتراق عن القيم الأنجلو‑پروتستانتية والتى يراها هذا الأخير السر فى تخلفهم كلاتين : ‘ عدم الثقة بمن هم خارج الأسرة ؛ الافتقاد للمبادرة وللاعتماد على النفس وللطموح ؛ الاستخدام الضئيل للتعليم ؛ وقبول الفقر كفضيلة ضرورية لدخول الجنة ’ .

…mistrust of people outside the family; lack of initiative, self-reliance, and ambition; little use for education; and acceptance of poverty as a virtue necessary for entrance into heaven.

لكن فى النهاية تماما يعلق هانتينجتون على ذات الكاتب وإن باعتراض شديد هذه المرة ، قائلا بصرامة مدهشة تحيى عندنا البصيرة الحازمة لأطروحة صدام الحضارات : ‘ الحلم الأميركى لا يمكن أن يكون لاتينيا ( أميركانو ) . الحلم الأميركى هو فقط الحلم الذى خلقه المجتمع الأنجلو‑پروتستانتى . ويمكن للمكسيكيين التشارك فيه فقط لو حلموا بالإنجليزية ’ .

There is no Americano dream. There is only the American dream created by an Anglo-Protestant society. Mexican Americans will share in that dream and in that society only if they dream in English.

ربما هانتينتجتون يعطى كعادته الدين شأنا أكبر مما يستحق ، يراه فاعلا ونحن نراه دوما نتيجة لا سببا ، أو بكلمات ماركس لو شئت ، بنية فوقية وليس بنية تحتية . مع ذلك لا شىء يمكن أن يقلل من نفاذية رؤى هانتينجتون ووقعها الصاعق .

العرق الأنجلى ‑أكثر منه من الپروتستانتية كدين‑ هو اسم اللعبة . هو الذى يختلف جذريا عن كل الأعراق التى تبنت المسيحية . مع ذلك اختياره لها دينيا لم يكن عبثا فى لحظته التاريخية . فللحق هى تنطوى على الكثير من مضمنات الحداثة التى ناسبت جدا مخاض عصر التنوير وثورة العلم اللاحق . قيمتها الأساس أنها فجرت بشبه قصد منها جوهر تابووه التوحيد ، ذلك الإله كلى الجبروت الذى يقزم شأن الإنسان إذا ما قورن به . وأحلت بدلا منه إلها متواضعا طيبا صديقا للإنسان . هذا لأنها بالضرورة ظهرت فى شعوب محترمة ذات حيثية تأنف العبودية ، وأفرادها أصحاب شخصيات مستقلة وعلم واسع وذوات قوية . لكل هذا كانت الپروتستانتية هى ذروة كل المسلسل الدينى بحيث تلاها مباشرة انكسار المنحنى ليعود من جديد للعلمانية والعلم الخالصين . شاء من شاء وأبى من أبى ، الغالبية الكاسحة من منجزات العلم والتقنية وحتى الفكر فى القرون الخمسة الأخيرة ، جاءت على أيدى يهود وپروتستانت ، حيث من البديهيات المتوقعة أن يأتى كل ذلك على أيدى قادة علمنة هذا العالم تحديدا .

فى اجتهادنا وهو ليس بجديد ، بالمرة ، يظل العرق الأنجلى ‑أكثر منه من الپروتستانتية كدين‑ هو اسم اللعبة . هو الذى يختلف جذريا عن كل الأعراق التى تبنت المسيحية . مع ذلك اختياره لها دينيا لم يكن عبثا فى لحظته التاريخية . فللحق هى تنطوى على الكثير من مضمنات الحداثة التى ناسبت جدا مخاض عصر التنوير وثورة العلم اللاحق . قيمتها الأساس أنها فجرت بشبه قصد منها جوهر تابووه التوحيد ، ذلك الإله كلى الجبروت الذى يقزم شأن الإنسان إذا ما قورن به . وأحلت بدلا منه إلها متواضعا طيبا صديقا للإنسان . هذا لأنها بالضرورة ظهرت فى شعوب محترمة ذات حيثية تأنف العبودية ، وأفرادها أصحاب شخصيات مستقلة وعلم واسع وذوات قوية .

لكل هذا كانت الپروتستانتية هى ذروة كل المسلسل الدينى بحيث تلاها مباشرة انكسار المنحنى ليعود من جديد للعلمانية والعلم الخالصين . شاء من شاء وأبى من أبى ، الغالبية الكاسحة من منجزات العلم والتقنية وحتى الفكر فى القرون الخمسة الأخيرة ، جاءت على أيدى يهود وپروتستانت أو يهود وناطقين بالإنجليزية ( ما أسميناه يوما اتحاد شايلوك وچيمس وات ) ، حيث من البديهيات المتوقعة أن يأتى كل ذلك على أيدى قادة علمنة هذا العالم تحديدا .

قيمة الپروتستانتية ‑المرحلية إن جاز التعبير‑ أن نقلت الدين لأرضية الإنسان والحياة الواقعية مرة أخرى . عظمت قيمة الشغل والكدح وتذكر أتباعها طوال الوقت بيسوع النجار ، فى مقابل كاثوليكية ترى الخلاص هبة من الخالق . قالت إن الجنة ممكنة على الأرض وليست مكافأة فى عالم آخر على بؤس العالم الأول ، والنتيجة أن أوجدت فعلا الجنة ‘ هنا والآن ’ . وقالت إن الثراء والرفاهية لن تمنعك من دخول الجنة بما يجهض فكرة الرهبنة المستقرة فى قاع العقلين الأرثوذوكسى‑الكاثوليكى ، وأن دخول الأغنياء الملكوت أسهل من دخول ثقب الإبرة ( تجاوز صريح لغنوصية يسوع ) . لكن بالتوازى مع ‘ الشغل الپروتستانتى ’ أحيت الپروتستانتية الكثير من روح تلك الغنوصية ، لا سيما البعد الصوفى ( بالذات فى مدارس كالميثودية والمعمدانية والخمسينية ، أو عامة المذاهب الأنجلو‑أميركية التى نشأت فى أوساط طبقة الشغيلة فى المناجم والمصانع ‑سمها صوفية عصر الصناعة لو شئت . وهى المذاهب اللاحقة على الموجة شمال أوروپا الأولى لأمثال لوثر وزڤينجلر وكالڤين ، التى كان سلاحها الرئيس لتجريد الكهنوت الكاثوليكى من سلطاته المكتسبة هو التمسك الصارم بحرفية النص ، ولم تكن بذات الشعبية والشعبوية والعملانية بقدر ما كانت محاججات بين اللاهوتيين المتخصصين ) . ولا سيما أيضا فى التشديد على فردية علاقة الفرد بالإله ( التى يجب أن ترقى لمستوى التلامس اليومى فى تجارب روحية عنيفة ) ، وطبعا دونما مؤسسة دينية ‑كهنوتية شرسة كالكاثوليكية أو الإسلام‑ وأقله عصرنة عمارة الكنائس وزى الكهنة وكذا سلوكهم ، مما يقال إنه ارتد للكاثوليكية نفسها فى هيئة جماعات الرهبان والراهبات كالفرنسيسكان ومن إليهم ، ممن يرون وظيفتهم اجتماعية أكثر منها دينية ، خدمية أكثر منها سلطوية .

ولا يقلل من تلك الحقائق ‑التاريخية على الأقل‑ عن الپروتستانتية كون أن يحاول البعض مؤخرا تحويلها لدين قتالى ، فهذه احتمالية كامنة ولصيقة فى أى دين توحيدى فى الواقع ، فقط تتحين اللحظة المناسبة للانطلاق لا أكثر ! —بالمناسبة واحد من أفلام زيفيريللى وما أندرها عدديا ، كان مكرسا لسيرة الراهب الثائر فرانسيس الأسيسى مؤسس رهبنة الفرنسيسكان وعنوانه كما تعلم ‘ أخى الشمس أختى القمر ’ ، وقد لا نخطئ كثيرا أنه الفيلم الأحب لديه ، وأنه هو الذى يكشف تعهداته الفكرية الچيزويتية الفرنسيسكانية ، حيث الخلاص فى الشغل وفى خدمة المحتاجين ، وليس فى العقائد والطقوس ورضا الخالق ) . لا أريد أن أبدو كمن يزين لعقيدة دينية بعينها ، لكن الفروق واضحة جدا بين الكنيسة ( وطبعا المسجد ) السلطوية ، والكنيسة التى لا يزيد دورها عن دور النادى الاجتماعى أو الطبيب النفسى ، تقدم هذه الخدمات بالمجان تقريبا ، وهى الفكرة .

—للمزيد عن أن أحدا لا يختار دينه ، فالدين خصيصة لصيقة بچيينات الشعوب ولا يمكن اكتسابها ، وعن أن الشعوب عامة نوعان ، نوع يكدح ليعيش ونوع يعيش لينهب كدح الغير ، شعوب بانية وشعوب قاطعة طريق ، وأن الپروتستانت النموذج الكلاسى لبداية الطيف الأول ، والمسلمون النموذج الكلاسى لآخر الطرف الثانى منه ، للمزيد عن هذا وذاك اقرأ للمزيد عن هذا وذاك اقرأ المدخل الرئيس لصفحة الثقافة وكذا صفحة العلمانية . [ للمزيد عن قضية هجرة أخرى ، هى الهجرة السوداء ، أعلنت الأرقام الرسمية لاحقا أن الهجرة الأفريقية ‘ الشرعية ’ وحدها للولايات المتحدة باتت تفوق اليوم ذروتها قبل قرنين فى أوج عصر جلب العبيد ، وطبعا هؤلاء يأتون بثقافة إن لم تكن كاثوليكية فهى سوداء ، وهو أسوأ ، وطبعا لم يعودوا يأتون قسرا ، بل تهافتا منهم على الارتزاق على مائدة أقوى حضارة فى تاريخ العالم ] .

ليس مصادفة أن يطلق هانتينجتون صاحب التحذير الشهير من الخطر الإسلامى صرخته الجديدة لحماية حضارتنا بعد‑الصناعية من الخطر الكاثوليكى ، فى نفس الأسبوع تقريبا الذى أعلنت فيه الكاثوليكية الحرب على تلك الحضارة ، رسميا وبأصرح ما يكون من عدوانية وبمباركة شخصية مباشرة من پاپا روما ، من خلال فيلم سينمائى اسمه ‘ حرقة المسيح ’ !

فى معسكر الحضارة لا يجب أن تلهينا الحرب ضد الإسلام والمسلمين ، عن حربين أخريين لا تقلان خطرا ولا تهديدا ، هما الحرب ضد الأرثوذوكسية والأرثوذوكس ، وضد الكاثوليكية والكاثوليك . ومواقف أوروپا وروسيا بالروح بالدم نفديك يا صدام ويا بن لادن ، أبسط دليل على أن المعسكر الساعى لهدم منجزات الحضارة الأنجلو‑يهودية ، حضارة ثورتى الصناعة وما بعد‑الصناعة ، هو معسكر إجرامى موحد عالميا متكاتف وواضح الهدف !

وبعد ، من المؤكد أن ليس مصادفة أن يطلق هانتينجتون صاحب التحذير الشهير من الخطر الإسلامى صرخته الجديدة لحماية حضارتنا بعد‑الصناعية من الخطر الكاثوليكى ، فى نفس الأسبوع تقريبا الذى أعلنت فيه الكاثوليكية الحرب على تلك الحضارة ، رسميا وبأصرح ما يكون من عدوانية وبمباركة شخصية مباشرة من پاپا روما ، من خلال فيلم سينمائى اسمه ‘ حرقة المسيح ’ !

فى معسكر الحضارة لا يجب أن تلهينا الحرب ضد الإسلام والمسلمين ، عن حربين أخريين لا تقلان خطرا ولا تهديدا ، هما الحرب ضد الأرثوذوكسية والأرثوذوكس ، وضد الكاثوليكية والكاثوليك . ومواقف روسيا وأوروپا الفرنسية بالروح بالدم نفديك يا صدام ويا بن لادن ، أبسط دليل على أن المعسكر الساعى لهدم منجزات الحضارة الأنجلو‑يهودية ، حضارة ثورتى الصناعة وما بعد‑الصناعة ، هو معسكر إجرامى موحد عالميا متكاتف وواضح الهدف !

ربما يغرينا هذا الكلام بإحالتك لنسختنا الخاصة من أطروحة هانتينجتون الجديدة ، وهى نسخة قديمة جدا لدى المقارنة ، تتفق فى الخط العام وتختلف فى بعض التفاصيل ، وربما يلخصها عنوانها ‘ الحضارة الأنجلو‑يهودية ’ ، هذا ناهيك بالطبع عن نظريتنا عن الدين كجزء من الچيينات ، أو أخرى أعم فحواها أن العقبة الحقيقية أمام تقدم أية أمة تكمن فقط فى چييناتها ، أو رابعة تقول إن القائد الحقيقى لقوى الظلام العالمية فى القرنين الماضيين هو رأس الأفعى فرنسا وليس أى أحد آخر على وجه الإطلاق . لكن دون مزيد ومزيد من مثل هذه الاستطرادات وما أكثرها ، نقول إن أوجه الشبه بين الخطر الكاثوليكى ونظيره الإسلامى هائلة لدرجة قد تثير الدهشة لدى البعض . وهى تغطى طيفا واسعا من الخصائص من أهمها الانغلاق والقبلية وكراهية من هم أكثر تقدما ، إلى آخر كل ما هو معروف عن سمات قوى التخلف العالمى ، وإلى القلب منها جميعا بالطبع خصيصة التكاثر الفاحش ، أو ما اسميناه ذات مرة ( يوم 11 سپتمبر 2001 تحديدا ! ) ، التكاثر ثم الهجرة والهجرة ثم التكاثر . ولأنهم يحملون تخلفهم معهم ، أردفنا قائلين هذا ما هو بهجرة إنما هو غزو !

فقط ، وإن كان أيضا من نافلة القول ، المواجهة قادمة لا محالة . هانتينجتون يلمح بنفسه بوضوح لهذا حين يقول فى صندوق ملحق بالدراسة المشار إليها معنون The Threat of White Nativism :

‘ فى سنة 1961 كان عدد سكان البوسنة والهرسك 43 0/0 صرب و26 0/0 مسلمين . فى عام 1991 كانت هذه النسب 31 0/0 صرب و44 0/0 مسلمين . رد الصرب على هذا بالتطهير العرقى . فى عام 1990 كان عدد سكان كاليفورنيا 57 0/0 من البيض غير الهسپانيين و26 0/0 من الهسپانيين . بحلول عام 2040 يتوقع أن تصبح نسبة البيض 31 0/0 والهسپانيين 48 0/0 . فرصة أن يرد بيض كاليفورنيا بالطريقة التى رد بها صرب البوسنة هى صفر الآن . لكن فرصة أن لا يردوا على الإطلاق هى صفر أيضا ’ !

( هل لاحظت أنه يستعمل كلمة البيض بمعنى البيض غير الهسپانيين ؟ أى أنه يقسم المجتمع ‑غير الأسود طبعا‑ لكتلتين كبيرتين متمايزتين طبقا للخلفية الطائفية أكثر منها عرقيا ، يقتطع البيض الكاثوليك ويضمهم مع بقية الكاثوليك أو ذوى الخلفية الكاثوليكية من الأعراق الأخرى ، ويسميهم معا الهسپانيين ، بينما البيض المتمايزين هم من ليسوا لاتينا . حين يحل وقت الحرب غالبا سيتضح أنه كان قد قام بالقسمة الصحيحة ! ) .

Senator Joseph R. McCarthy, R-Wisconsin, takes the witness stand to testify at the Army-McCarthy 36-day hearings, which have been called 'the first great made-for-TV political spectacle,' and helped to turn the tide of public opinion against his brutal and truculent interrogative tactics, Washington, June 9, 1954.

Committee on Un-American Activities:

Here Ended the McCarthyism and Here Should Resume Again!

 معه ، أو لا أدرى ربما ليس كذلك بالضبط ، نقول : إن أميركا يجب أن تحكم العالم . 11 سپتمبر علمنا أن لا بديل آخر أمامها سوى الفناء . لكن حتى تحكم العالم ، يجب أن تحافظ أولا على نقاء مركز الإمپراطورية وصفاءه الذهنى . للمرة الثالثة اليوم نضطر لتكرار أن الحضارات تموت حين يتسلل العبيد للمركز ويركعون الدماغ . أميركا كانت ويجب ان تظل بلدا للبيض الپروتستانت ، أو بالعبارة الأدق للعرق الأنجلو‑يهودى ، بناة الثورة الصناعية وكل ما ترتب عليها من ثورات . عليها أن تعيد كل من عدا هؤلاء ، سود ، مسلمين ، أرثوذوكس ، كاثوليك ، أو أيا من كانوا ، إلى من حيث أتوا . كفى جدا كرم ما استضافتهم إياه حتى الآن . للأسف ، نحن نعلم أن ربما ثمة ثمن دينى يجب أن يدفع . هذه ضريبة ما يسمى بالديموقراطية وضرورة استرضاء دهماء الناس من أجل تمرير المشاريع الحضارية . السيناتور ماككارثى أعاد كلمة الرب للبنكنوت الأميركى ولقسم الولاء . فى حد ذاتها هذه كارثة ، ويجب أن نقاوم شبيهاتها المحتملة بأى ثمن . لكن فى إطار إجرائية كبرى لحماية الحضارة ، قد تبدو مثل هذه الأشياء فى نظر التاريخ ثمنا معقولا .

السيد ميل جيبسون يتضرع إلينا أن نعيد إحياء لجنة النشاط غير الأميركى !

إلى أين يحين مقام كلام جديد ، فقد حان الآن موعد الذهاب لغسيل الأيدى !

قراءات أخرى على الموقع :

… عن موقف سينما هولليوود من الدين عامة ، ومتمثلا بالأخص فى التجسيدات المذرية لإله السماء على الشاشة ، اقرأ هذا العرض التاريخى المشابه لهذا فى صفحة الرقابة ، لكن الخاص بالأفلام التى جسدت الإله بكامل طيفها ، وذلك بمناسبة منع الرقابة المصرية لفيلم ‘ برووس كلى الجبروت ’ .

… عن عودة السينما الجنسية ، إن لم يكن دخول مفردات سينما الپورنو فى سينما التيار الرئيس لأول مرة ، ذلك كجزء من صحوة السينما المعادية للدين ككل ، عالميا وأيضا عندنا ، بعد 11 سپتمبر ، عنها جميعا اقرأ قصة صفحة الفن الجماهيرى بمناسبة أفلام صيف 2003 المصرية ، وبها رصد لهذا التوجه العالمى الكبير ، الذى ربما كان السبب المباشر الذى ألقى الهلع فى روع المتدينين من أمثال ميل جيبسون .

… للمزيد عن آلهة التوحيد الثلاثة ‑يهوه ، الرب ، الله‑ كثلاث شخصيات مختلفة تمام الاختلاف عن بعضها البعض ، لكن يجمعها كونهم جميعا مرضى سيكوپاتيين وإن اختلفت الخريطة النفسية لكل منهم بوضوح عن الآخر ، اقرأ هنا .

… وعن الأنبياء ‑بلا استثناء‑ كمجرمين محترفين ، اقرأ هنا .

المشكلة أنى لم أشا إلا استخدام الأماكن كمصدر لتلك الأنساب ووردود العاقر فى مكان مستقل يعفينى من غير ذلك وكأنها غير مقصودة كجزء من تلك الاشتقاقات تمرين : قم بنفسك بتوزيع ما تبقى من ألقاب كالعاهر والعاثر …إلخ ، على من هم أكثر استحقاقا لها من أنبياء الرب الصالحين الآخرين : إبراهيم ، داود …إلخ . ملحوظة : ربما يكون ممن ذكرناهم حتى الآن فى هذا المدخل من هو أجدر بواحد من هذه الألقاب غير المستخدمة بعد . الباب مفتوح لاجتهاداتك ! ) .

… عن الإسلام ( أو ذات الشىء عن المسيحية ، أو بالأحرى عن العلمانية كإجهاض لها جميعا ) أمامك كل صفحات الثقافة وسپتمبر والإبادة والحضارة ، وطبعا بالأحرى من الكل لا سيما من الناحية الدينية صفحتنا هذه التى رأينا بدءا من اليوم جعلها صفحة قائمة بذاتها ، صفحة العلمانية ، وذلك من بدايتها .

… عن نظريتنا حول هيراكية الأديان الست التى تصنع تراتبية البشر فى ست طبقات يستحيل تخطى الفواصل بينها ، ذلك أن الدين مكتوب أصلا فى چيينات الإنسان ويستحيل تغييره ، انظر الجزء الأول من هذه الصفحة .

… عن الحضارة الأنجلو‑يهودية كالقوة التقدمية ‑وبالبداهة العلمانية فى نفس الوقت‑ التى بمفردها قادت وتقود عالمنا المعاصر ، منذ الثورة الصناعية وحتى الآن ولكل الأفق المرئى من المستقبل ، اقرأ الأطروحة الأصلية لصفحة الثقافة .

اكتب رأيك هنا

تحديث : 29 أپريل 2004 : إيران قررت عرض الفيلم . تخيل ! نسوا أن ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم . ونسوا أن تجسيد الأنبياء من المحرمات ، على الأقل لدى أبناء عمومتهم السنة . ونسوا أن ما يسميه المسيحيون بالثالوث المقدس وبكون يسوع ابن الله هى ‘ شرك ’ بين بالإله الواحد القهار . ونسوا أن لا فيلم لا يمنع بواسطة الرقابة إلا ويخضع لحذوفات هائلة طبقا للشفرة الدينية للجمهورية . تذكروا فقط شىء واحد اليوم ، وبناء عليه قرروا عرض الفيلم كاملا ودون أدنى حذوفات : الفيلم حتى هذا الأسبوع لم يجد من يفكر فى عرضه فى إسرائيل أيضا رويترز بريطانية آمل أن تبقى سوى قاعة واحدة صغيرة مخصصة للأفلام الفنية !

هكذا تسير العقلية العربية والمسلمة فى كل مكان فى الدنيا ! ] .

A protester picketing at Horseblock Road and North Ocean Avenue, Farmingville, New York, one of several Long Island communities that have been beset by tensions over an influx of illegal immigrants, November 2004.

It’s WAR!…

More in 200411/29immigrant.html. The other is 200406 yahoo pic Farmingville Says LET’S GO!

تحديث : يونيو 2004 : طبعا لم تمر أسابيع ولاحظنا تزايد متسارع فى وتيرة موجات الغضب على الغزو غير الأبيض لأميركا . فى عدد 11 مايو 2004 تحدثت النيوزوييك النسخة العربية محفوظة عن عودة صعود الجماعات البيضاء أو جماعات الكراهية كما تسميها صحافة اليسار ، وظهور نجم جديد لها بعد طول اندثار للزعماء فيها ، هو بيلى روبر . وإن كان العيب اللصيق بهذه الجماعات لا يزال غالبا كما هو ، معاداة اليهود ، بمعنى أن وغالبيتها لم ينضج بعد ليرى أن لحضارتنا جناحان لا ثالث لهما هما العلمانية اليهودية أى الصهيونية والعلمانية المسيحية أى الپروتستانتية . إلا أنه مع ذلك رصدت النيوزوييك بضع سمات شخصية تسترعى الانتباه فى شخصية روبر منها هدوءه ودماثته وعقلانيته ( الظاهرية على الأقل ) . نقول هذا دون أن نبرئ اليهود كلية من الذنب ، فالواقع هم الآن أثرى وأقوى من أن يظل غالبيتهم على يساريته القديمة ، وهى شىء يثير الغيظ والاحتقار تأكيدا لدى كل إنسان ينطلق من منطلقات حضارية فى تفكيره .

Protesters hand out flyers on a street corner in Farmingville, New York, one of several Long Island communities that have been beset by tensions over an influx of illegal immigrants, January 7, 2004.

The Worst Invasion of Them All!

أيضا فى 22 يونيو 2004 عرضت قناة پى بى إس فيلم ‘ فارمينجڤيل ’ عن البلدة النيو يوركية التى احتلت بسرعة صاعقة من قبل المهاجرين المكسيكيين . وهى بلدة أثارت اهتمام أميركا منذ بداية العام على الأقل بوقفتها الصلبة ضد الغزو الكاثوليكى ، لدرجة أن صنع عنها هذا الفيلم الوثائقى ، ثم أصبح الفيلم بدوره قاطرة لجدل أوسع وأوسع .

The Census Bureau numbers of U.S. population in January 2006.

Whites, The New Minority!

هذا لو اكتفينا بأمثلة بسيطة لذلك الغضب العارم الدفين الذى يعتمل الآن فى معسكر الحضارة . وما قصدناه أن سيناريو الصرب‑المسلمين الذى تحدث عنه هانتينجتون قبل أسابيع وأشرنا له فى ختام المدخل الرئيس أعلاه عن فيلم جيبسون ، هو ربما سيناريو أقرب كثيرا مما يتخيل أحد .

ما قصدناه أيضا أن نعم لقد فتحت الملفات ولن تغلق قبل استئصال كل القيح وكل القبح من جسد الحضارة ] .

Baheb a-Sima (2004)

The First Outrageously Atheist Egyptian Movie!

تحديث : 9 يونيو 2003 : أخيرا بدأ اليوم عرض فيلم ‘ بحب السيما ’ .

الكتابة عنه فى هذا المكان متابعة لفيلم حرقة المسيح تفرض نفسها فرضا . لم نكتب عنه فى صفحة الرقابة ولا الفن الجماهيرى ، لأنه شىء خاص جدا : أول فيلم مصرى فاحش النكرانية ! والأدهى أن به خيطا مباشرا جدا يرتبط بكل ما كتبناه هنا عن آلهة التوحيد كآلهة أشرار ، وكان محورا لتناولنا لفيلم ميل جيبسون . الفيلم ليس ردا على جيبسون أو غيره ، فهو فى العلب منذ أربع سنوات ، أو بالأحرى ‘ معظمه ’ فى العلب لأنه كان فى حاجة لأربعمائة ألف جنيه لإتمامه ، وهى تعادل 10 0/0 من ميزانيته . ثم حين تم ووجه بعاصفة رقابية هوجاء ، ظاهرتها الكنيسة و‘ النكاد ’ ‘ الأقباط ’ . لكنه اجتاز المحنة كما اجتاز سلامة موسى ولويس عوض كثيرا من المحن : كعلمانى ذو خلفية مسيحية ، لو أردت مهاجمة الإسلام فهاجم المسيحية ، فهى لحد ما : ما لهاش صاحب !

النكرانية Atheism ( أو الإلحاد بالمصطلح الدينى ) ، لا تحتمل اللبس فى الفيلم . الإله قوة قهر ، والبطل شديد التدين الذى أخلص له حياته ونكد على نفسه وعلى أسرته من أجله ، ينتهى به الأمر يصرخ فيه ‘ كان نفسى أحبك زى أبويا ’ ، لكن العلاقة الوحيدة بينهما هى علاقة ترهيب وتهديد ووعيد بجهنم حيث ‘ نار لا تطفأ ودود لا يموت ’ .

الأحداث فى الستينيات . زوج أرثوذوكسى متزمت وزوجة پروتستانتية أكثر استواء بدرجة ملحوظة . هو يمارس القهر السادى باسم الدين على ابنه وابنته ، بينما يغالب نفسه ضد الخطيئة بلأى شديد . هو طيب ( أخصائى اجتماعى بمدرسة يدفع من جيبه للطلبة المعوزين ) ، ومستقيم ( يرفض تخطى دوره لدى الطبيب بينما الكل يفعل من خلال رشوة الممرض ) . ليس فى هذا أو ذاك المشكلة . المشكلة ان الدين تغلغل منه حتى أكل روحه . يصوم 200 يوما فى السنة ، ولا يقرب زوجته إلا لطرد شهوة الجسد بأسرع ما يمكن ، وكأن المتعة ‑أية متعة‑ هى خطيئة لا بد وأن سيدفع ثمنها يوما .

الزوجة تشتغل أيضا بالتعليم . ناظرة مدرسة لكن لديها موهبة فى الرسم ، تنازلت عنها من أجل الارتقاء الوظيفى كناظرة . والآن تقابل مفتش الرسم الذى يعيد إحياء تلك الشهوة الدفينة داخلها من جديد .

أما الطفل ويدعى نعيم ، فهو لا يريد شيئا سوى دخول ‘ السيما ’ التى يحرمها عليه أبوه باعتبارها حراما دينيا . وثلاثة الممثلين محمود حميدة بشكل رشدى أباظة بالضبط هذه المرة دونما خجل ، وليلى علوى ببدانة أربع سنوات مضت ، والشيطان الصغير يوسف عثمان ، كلهم أكثر من رائع ، ولا يمكن تخيل أى من هذه الأدوار الآن بأى أحد آخر غير ثلاثتهم !

المعادل الدرامى والمادى للقهر الدينى هو أمراض الجسد التى تصيب الجميع ، وبالأخص الشخصيات الشائهة . من جدة لا تتحرك إلى أب يمرض بالقلب ، إلى الابن‑الطفل نفسه الذى يصاب بحمى روماتيزمية وسيقضى بقية عمره يدفع برأسه فى حركة جانبية سريعة لا إرادية . أما المعادل السياسى لذلك القهر فهو هزيمة 1967 ، وكأن الپاپا كيرلس السادس الذى لم نر له أية صورة فى الفيلم هو سبب رئيس لتلك الهزيمة . ويا لها من نظرية ، إن وضعنا فى الاعتبار أن مصر‑التوحيد هى أصل كل أديان الدمار الشامل !

معادلة فيلم ‘ بحب السيما ’ جاءت كما يلى : إن أردت مهاجمة الإسلام هاجم المسيحية ، وإن أردت مهاجمة المسيحية ، تكلم فقط فى الپروتستانتية ، وفى كل الحالات اترك الباقى لبطحات الرأس تفعل مفعولها ! المذهل أن هذا لم يفقد الفيلم أيا من عناصر قوته الكامنة ، وفعلا هاج وماج الأرثوذوكس لسبب لعله فى غاية البساطة ، سبب هو المسكوت عليه الأكبر بفضل ذريعة تاريخية مضحكة اسمها الوحدة الوطنية : أن لا تقارنوا أنفسكم وأوضاعكم المعيشية والثقافية والحضارية بالمسلمين بل قارنوها بالپروتستانت !

الفيلم تحاشى استفزاز الأرثوذوكس أكثر مما يجب لأنهم ببساطة كانوا سيفتكون به . كل الأمر اقتصر على وضع سلوك البطل المتزمت فى ضوء شخصية زوجته الانبساطية لدى المقارنة . لم نر صورة للپاپا . لم نذهب قط لكنيسة أرثوذوكسية . لم يتقاذف الناس الأحذية والشتائم فيها . لم يقبل المراهقون بعضهم بعضا فيها . لم يكذب أحد حول شهادته ووظيفته حتى يتزوج بجارته أو قريبته . حتى مع الوضع فى الاعتبار معايير العقلية الحرفية تلك لأصحاب التوازنات الهشة ، إلا أنك قد لا تفهم للوهلة الأولى لماذا غضب الأرثوذوكس حقا ، إذا كل الذى رأيناه ويعتبر مسيئا للدين حدث فقط فى كنيسة إنجيلية ( أى پروتستانتية لكن بالتسميات المصرية الانعزالية المعهودة ) فى حى شبرا الضخم شبه المسيحى شمالى مدينة القاهرة . وأن غضبهم ذاك هو عينه غضب المسلمين أنفسهم والذى لا بد وأن يتفجر فى الأيام القادمة عملا بنظرية إللى على رأسه بطحة .

أى أن الأدق وبصراحة أن معادلة فيلم ‘ بحب السيما ’ جاءت كما يلى : إن أردت مهاجمة الإسلام هاجم المسيحية ، وإن أردت مهاجمة المسيحية ، تكلم فقط فى الپروتستانتية ، وفى كل الحالات اترك الباقى لبطحات الرأس تفعل مفعولها ! المذهل أن هذا لم يفقد الفيلم أيا من عناصر قوته الكامنة ، وفعلا هاج وماج الأرثوذوكس لسبب لعله فى غاية البساطة ، سبب هو المسكوت عليه الأكبر بفضل ذريعة تاريخية مضحكة اسمها الوحدة الوطنية : أن لا تقارنوا أنفسكم وأوضاعكم المعيشية والثقافية والحضارية بالمسلمين بل قارنوها بالپروتستانت !

الواقعية هائلة فى الفيلم وتفاصيله ، شكرا لكل من الموجه أسامة فوزى ، والكاتب هانى فوزى ( لا رابطة عائلية بينهما ، وهو غير أخيه المنتج هانى فوزى أو هانى جرجس فوزى لو أردنا التذكير بوالدهما المنتج المعروف فى العقود الماضية ) ، وطبعا لأستاذ المناظر صلاح مرعى الذى لم تعطه السينما المصرية الفقيرة نسبيا حلمه بعد فى أن يصبح مصمم إنتاج بالمعنى المتعارف عليه عالميا للكلمة . تفاصيل هائلة واقعية للغاية ، بدءا من وفرة اشتغال المسيحيين بمهنة التعليم فى شبرا ، وانتهاء بكتابة الجدة للتاريخ على بيض الدجاج حيث كانت الطريقة الوحيدة لتحاشى فساده قبل أن تدخل الثلاجات للبيوت . أجواء شبرا وشوارعها وكنائسها وبيوتها وشخوصها وأسرها وعلاقاتها والزيارات الكثيفة للأقارب …إلخ …إلخ ، كلها دقيقة ورائعة ، تنقصها فقط مياه المجارى .

حسنا ، هذه واحدة من تفاصيل قليلة معدودة ربما غير دقيقة ومن ثم تثير الضيق . مثلا لست متأكدا أن تلك المخبوزات كانت موجودة فى أيام عبمعصور القاحلة ، وما أذكره فقط الخبز ‘ الفينو ’ الرسمى النمطى ذو التعريفة ( الخمسة مليمات ) سعرا . جرس الباب كان فقط كهربيا يعطى رنينا عاليا متصلا مزعجا ، وقطعا ليس بعد إليكترونيا يحاكى صوت الكروان أو الپيانو كما يسميه الآن باعة أدوات الكهرباء المنزلية . غلطة أخرى واضحة هى ديكورات سينما ديانا الفخمة نسبيا . فى العبمعصور ية القاحلة كانت كل الأشياء تطلى بالجير ، وكان رديئا بحيث يتحول لقشور فى نفس الأسبوع . لكن هذه الغلطة يمكن أن تغتفر باعتبار أن المشهد كله يأتى من منظور الطفل وكما الحلم ، حيث يصفها بأنها الجنة ، وموظفوها هم ‘ رضوان ’ ، وممثلوها وممثلاتها هم الملائكة …إلخ . فقط الجزء الذى لا يغتفر هو أننا حين ندخل لنشاهد ‘ معبودة الجماهير ’ تعرض علينا نسخة ڤيديو ، وكان على الإنتاج أن يتحاشى هذا الشىء المخجل تماما ، أو على الأقل يبحث عن فيلم آخر تتوافر لديه نسخة سينمائية منه . لكن على الأقل هو كان دقيقا جدا فى ملصقات وعناوين الأفلام ، وما أكثر ما ذكره منها ، والتى كلها كانت بالفعل من إنتاج سنة 1966 . على فكرة ، السيما مصطلح أيديولوچى . هى شىء مختلف عن السينما . السيما هى السينما التى يحبها الناس . هى دنيا الأحلام التى على الأقل يتم كل شىء فيها ‘ قوام قوام زى السيما ’ ، وأعتقد أن على كل الشعوب أن تحسد المصريين على أن ليس لديهم مثل ما يناظره كمصطلح شديد الخصوصية مفعم المدلول !

الدنيا من منظور طفل ليس بالشىء الجديد سينمائيا ، حتى الدنيا من منظور طفل من منظور ولعه بالسينما ليست جديدة أيضا . ربما الإغراء كبير لنقول بحب السيما نسخة مصر من سينما پاراديسو الإيطالى ، لكن ما يجعلنا نقاوم هذا الإغراء هو تلك القتامة الهائلة فيه ، وأجواء الكبت والمرض الجاثومية الهائلة فيه . هو بالنسبة لى أقرب إلى الطبلة الصفيح الألمانى ، أو إلى فانى وأليكساندر البرجمانى . الأسرة هى كل الدنيا ، وهى كابوسية ، باهتماماتها التافهة وبتسلطها وبتقديسها لتفاصيل روتينية لا معنى لها ، بينما الحياة خارجها رحبة للغاية ( مثلا فى فيلم برجمان تنويه بحديث الأسرة الذى لا يمل عن من يخرج أية روائح من بطنه ، وربما هنا محاكاة أو تحية له ! أيضا ألم تلحظ أن جميع هذه الأفلام الثلاثة ، الألمانى والسويدى والإيطالى بترتيبها الزمنى ، حائز على أوسكار أحسن فيلم بلغة أجنبية ، بما يعطيك دلالة على مدى الكمون الهائل فى فكرة تناول الدنيا من منظور طفل ؟ أيضا يجدر أن نضيف بالذكر ، بالذات فى الضفة القاتمة لسينما السينما والطفل ، أفلام فرانسوا تروفو الأولى حيث عادة جزء من الطفولة المنحرفة أذكر المشهد والموجه لكنى لا أجزم أنه 400 ضربة لا سيما وأنى أتذكر أنه غالبا فيلم ملون الولع بسرقة الصور من مداخل دور العرض السينمائية ، أو لعله البديل أو الشق الرومانسى فى ذلك الانحراف ! ) .

بحب السيما فيه من الطبلة الصفيح الأحداث السياسية الجسيمة التى لا يكاد يفهمها الصغير ، وفيه من العلمانى العظيم برجمان كابوس الدين الهائل الدائم . والأهم أن فيه من كليهما نجاحه فى خلق الجو الكابوسى ، وتجسيد تبعاته المروعة على الطفل الصغير ، وما يتركه من ندوب بعضها ربما لا يندمل أبدا . وفى هذه النقطة بالذات لا يقل عن أيهما ، فالبطل هذا ‘ جن مصور ’ كما يقال ، وكان من الصعب أن نتخيل أنه سيكسر أبدا ، وفعلا ينتهى الفيلم دون جزم بإن كان قد كسر أم لا . نحن نعلم أن هذا الطفل هو هانى فوزى وأسامة فوزى اللذين نجحا فى أن يحبا السينما فعلا ويمتهنانها . لكن الندوب والأمراض التى حلت بهذا الطفل كانت مزمنة ولا شفاء منها ، وتحتاج لحقنة پنيسيللين مرة كل أسبوعين مدى العمر . إذن السؤال المؤجل الذى يحيلنا له الفيلم ، ويا له من طموح رائع ، هو أن هذا الطفل قد كسر لو أن فيلم بحب السيما نفسه قد كسر ، وانتصر لو ‘ بحب السيما ’ قد انتصر .

Osama Fawzy

Broken or JUST Not Broken, That’s the Question!

أعرف أسامة فوزى شخصيا ولو على نحو غير متواصل جدا . إنسان متواضع طيب هادئ وحليم . هو ليس اجتماعيا جدا ، أو كثير الصداقات . بالعكس هو محبط بسبب تأجيل فيلمه ، وفى شقته بوسط المدينة يكاد يكتفى من الحياة بمشاهدة أفلام الدى ڤى دى الجديدة على شاشة ضخمة . شخصيا أعجبنى جدا ‘ عفاريت الأسفلت ’ لقدرته فيه على الخلق بالغ القسوة للقتامة فى دنيا الفقراء ، وأنه لا يوجد فى الفقر ما يستحق الاعتزاز أو الإعجاب . ‘ جنة الشياطين ’ لم أفهمه ، لم أحبه ، لم أتذوقه ، وفى رأيى أنه فيلم أى كلام خالص ، لا يحرك أى شىء فى أى أحد ، وفعله ربما لأن أصدقائه من ‘ النكاد ’ أشاروا عليه بهذا الشىء المسمى عندهم سينما فنية . من هنا أعلم تماما مدى أهمية ‘ بحب السينما ’ ثالث أفلامه بالنسبة له . ليس فقط لأنه أنضج أفلامه ، أو أحد أنضج الأفلام فى كل السينما المصرية ، إنما لأنه أعطى فيه ما يعتقد أنه أقصى ما عنده ، فكرا وفنا وكل شىء . المؤشرات تقول أن ثم حدا أدنى من النجاح الجماهيرى سيتحقق ، بالذات بعد كل تلك الضجة المخيفة . لا أريد أن أكون ساذجا أو إنشائيا ، فأقول له إن ‘ نعيم ’ لم يكسر . دنيانا العربية الأرثوذوكسية‑المسلمة دنيا جسيمة الطاغوتية ، تقتل أى أحد وتكسر أى أحد . وأكاد أجزم أن من لم يزل بهم بعض من الروح بعد ، هم ليسوا مناضلين بحال . بل فقط يقضون أيامهم ، بين هزائم كبرى تتخللها نجاحات صغيرة وكلمات ترضية متفرقة أو عابرة تأتى من هنا أو من هناك . هذه تخفف عنه ، وتعينهم على المحاولة اليائسة التالية . هذا ما أعتقد أن أسامة فوزى وأمثاله سيفعلونه ، وأكاد أجزم أنه لن يهاجر كما أعرف أنه يقول دوما عن نواياه ! [ اقرأ لاحقا هذا الحديث معه لجريدة الحياة ] ] .

King Arthur (2004)

What a Discovery!…

The Origins of Greatness of the British Civilization Are Pagan (Not Christian), NATURALLY!

(Note: Due to the limitations of our page width the above pic is displayed only at part of its original size. Save it then view at full quality using any graphic software).

تحديث : 25 أغسطس 2004 : واو ! الأمور تجرى بأسرع وأعمق مما تخيلنا . قصف الأفلام العلمانية من أعلى طراز يتوالى ، وربما على نحو يستعصى على المتابعة . والحكمة هى ذات الحكمة القديمة : بعد 11 سپتمبر ليس الإسلام هو وحده الواقع فى مشكلة . المسيحية أيضا !

Clive Owen as Arthur in King Arthur (2004)

Keira Knightley as Guinevere in King Arthur (2004)

Keira Knightley as Guinevere and Clive Owen as Arthur in King Arthur (2004)

The Knights of the Round Table, including (left to right) Galahad (Hugh Dancy), Gawain (Joel Edgerton, partially obscured), Tristan (Mads Mikkelsen), Bors (Ray Winstone), Dagonet (Ray Stevenson), Arthur (Clive Owen) and Lancelot (Ioan Gruffudd) raise a toast to their freedom in King Arthur (2004).

Revisiting (and Reversing) the Legend!

حقيقة لا بد من الاعتراف بصعوبة لا يمكن ملاحقة كل ما يتحدث عن الدين الآن فى السينما العالمية . لكن سنضرب فقط بعض الأمثلة ، أو بالأحرى أمثلة فقط لإحدى الثيمات التى أشرنا إليها فى الدراسة أعلاه عن ‘ حرقة المسيح ’ ، وبسرعة اتضح أنها بالفعل مادة سينمائية خصبة .

الهانم التى وجدت نفسها حاملا ذات صباح من حيث لا تدرى ، أشرنا لفيلم جودارد عنها ، والآن هى مادة لأكثر من فيلم . بينما يسخر فيلم مهرجان صاندانس ‘ ماريا المملوءة نعمة ’ الأميركى الناطق بالإسپانية ، من الفكرة نفسها ويجعل بطلته مملوءة فى بطنها بالعقاقير تهربها من المكسيك لأميركا ، يذهب ‘ عذراء ’ الذى سيعرض أميركيا 03VIRG.html الشهر القادم ، لما هو أبعد كثيرا . فتاة تستيقظ لتجد نفسها حاملا ( طبعا بسبب تغرير شاب بها بقرص مخدر ) ، تتقمصها عقيدة أنها حامل من الروح القدس وعلى وشك ميلاد يسوع جديد . هذا الفيلم ليس علمانيا ، بقدر ما هو يتحرك فى منطقة روحانية ما من الإيمان .

لكن كل الأفلام العلمانية المملوءة نعمة أو المملوء بأشياء أخرى معادية للدين ، كلها فى كفة و‘ الملك آرثر ’ الذى بدأ عرضه اليوم فى مصر ، فى كفة . فالحقيقة نحن لم نشاهد فيلما علمانيا فى الصميم كهذا منذ سنوات طويلة . وهو ليس علمانيا فقط بل يقلب الكثير من ‘ الحقائق ’ الثابتة رأسا على عقب .

باختصار ، إذا كان كل شىء جميل فى حياتنا هو اختراع بريطانى ( بما فى ذلك أميركا طبعا ) ، فإن بريطانيا هذه لا بد وأن تكون هرطقة مسيحية كبرى . فعلا هذه هى الاكتشافات التاريخية الجديدة حول الملك آرثر . والإضاءة هنا على ‘ جزار ’ آخر كبير من التاريخ المسيحى ، حكم بهرطقة فكرة أخرى ومفكر آخر . هذه المرة الجزار هو منظر الكاثوليكية الأكبر أوجستين ، والفكرة هى حرية الإنسان أو كونه مخيرا لا مسيرا ، والمفكر هو پيلاجيوس ، الذى ارتقى كثيرا متجاوزا ما كان يوصف بالغنوصية من الفكر المصرى‑اليونانى ، وربما كان ذروتها المفكر ماركيون مرقيون فى يوسف زيدان اللاهوت العربى 58 و183 Marcion of Sinope Μαρκίων Σῐνώπην وأحيانا يكتب Markion أما پيلاجيوس فهو Pelagius كاتب الإنجيل ومؤسس المذهب المعروفين باسمه فى نحو منتصف القرن الثانى ، وجوهرة المناقضة التامة بين إله العهد القديم الضاغن المجرم البلطجى وإله اليسوعية النقى الخير الراقى ، الذى لا يتسلط علينا وبتلاعب بأقدارنا إنما يدعونا جميعا للتوحد معه فى ذاته وصفاته .

ربما لا ترتاح لبعض الأشياء فى آخر فيلم رئيس عن آرثر ‘ الفارس الأول ’ 1995 ، كحماس ريتشارد جيير الزائد أو عاطفته المشبوبة فى دور العنوان لانسيلوت ، أو لا ترتاح لأن يعهد بفيلم كهذا لموجه تخصص تقريبا فى الكوميديا مثل چيرى زوكر ، إلا أننا فى الحقيقة ندين بالكثير لآرثر شون كونرى ذاك . ذلك أنه أول فيلم يخلص القصة تماما من كل أبعادها الأسطورية أو الخيالية أو أشغال السحر ، ويعاملها على أنها قصة تاريخية واقعية بالكامل . رغم ذلك تظل نقلة ‘ الملك آرثر ’ 2004 نقلة أخرى كبيرة فى ذات الاتجاه ، أقل ما يقال عنها إنها مذهلة .

الفيلم الجديد ، أو بالأحرى البحوث التى ظهرت مؤخرا :

- أولا تجعل من آرثر شخصية حقيقية وجدت فعلا ، وليست مجرد أسطورة كتبت فى قرون لاحقة . وحسب الفيلم وبحوثه ، أبوه أحد حفنة صغيرة من مقاتلين أشداء من قبيلة تدعى سارميشيا هى تقريبا چورچيا الحالية . حين هزمتهم روما تعاقدت معهم على العفو مقابل الخدمة فى صفوف الجيش الإمپراطورى ، وكالعادة أرسلوهم للطرف القصى للإمپراطورية ، بريطانيا . هناك ولد آرتوريوس الذى اشتهر باسم آرثر ، وفكرة الاستيطان لم تكن مستغربة عند الكثيرين لا سيما إن تزوجوا امرأة محلية .

- ثانيا ترجع بآرثر لعصر بريطانيا الرومانية فى القرن الرابع .

- وثالثا تجعله واحدا من أتباع پيلاجيوس . پيلاجيوس هذا فيما تقوله عنه الموسوعة البريطانية ، ربما يكون من مواليد بريطانيا نفسها ، قبل أن يذهب لروما حوالى سنة 380 ح . ش . ، وهو فى حوالى السادسة والعشرين من عمره . هو ليس كليريكيا ، فقط مفكر حر ، قرأ ‘ اعترافات ’ أوجستين ( سنة 399 أو 400 تقريبا ) ، فاستفز أيما استفزاز من فكرة الإلة الجبار المتحكم الذى يستعبد الناس ومن نفيه للفلسفة القديمة أن الإنسان خير بطبعه ، ومن ثم هو فى حاجة للإيمان المسيحى كى يصبح خيرا . المدهش ( وهذه حكمة نهديها لحكامنا ممن يراوغون الإسلام فى حربهم عليه ) أن تعاليمه وأنشطته ظلت فاعلة لعدة عقود ، لأنها كانت شبه علمانية وفلسفية فى روحانياتها ، ولم تستدرج أبدا لأرضية الرمال المتحركة للخرافة الدينية والدقائق التلاففية لعقائدها وطقوسها . ترك روما وراح ينشر أفكاره فى أفريقيا وفلسطين هو ورفيق دربه سيلستيوس ، تلاحقه فى كل مكان خطابات التكفير الأوجستينية ، إلى أن وصل أعلى نقاط إبداعه الفكرى بكتاب ‘ عن الإرادة الحرة ’ 416 ح . ش . ( العام التالى مباشرة لمصرع هيپاتيا ) ، الذى ربما كان آخر أدبيات عصر النور القديم قبل أن يدرك العالم ظلام المسيحية والإسلام الرهيبين .

هذا تحديدا هو محور ‘ الملك آرثر ’ من اللحظة الأولى حتى صرخه أحد رفاق دربه فى لقطة النهاية ‘ أرتوريوس ’ . شخصيا من فرط إندماجى مع المحتوى الذين يريد الفيلم توصيله ، قفزت وصرخت ، ونادرا ما يحدث لى هذا فى الأفلام ، لدى هذه النهاية غير المتوقعة وربما غير المفهومة لكثير من المشاهدين . لماذا يناديه باسمه الرومانى هكذا ، ولماذا تكون هذه هى نهاية الفيلم ؟ إنه مرة أخرى أخيرة ، بليغة وجيزة جازمة هذه المرة ، ليس آرثر الذى يراه البريطانيون أحد ملوكهم أو أساطيرهم ، بل هو تلك القيم الرومانية العظيمة التى قتلتها المسيحية . روما كانت عظيمة عندما كانت وثنية تأتى للشعوب بالتقنية والقيم والأخلاقيات الحداثية ، وأصبحت منحطة حين راحت تبيعهم المسيحية ، وجعلت من أعظم مدينة عرفتها الدنيا مركزا لترويج خرافة الإله الخفى والقمع .

وهذه هى خلاصة الفيلم : الإمپراطورية البريطانية العظيمة هى سليلة روما الوثنية ذات القيم الرفيعة ، وحين أصبحت روما مسيحية كان يجب أن يكون هناك آرثر الذى سيقدر له بعد أكثر من 1000 أن يصل ما انقطع من مسيرة الحضارة الإنسانية !

إن مسيحية بريطانيا التى يفترض أننا نعرفها جيدا ، ليست كذلك أبدا . هى مسيحية خاصة جدا من نوعها ، مسيحية نبيلة جوهرها الإنسان لا القمع ، مسيحية أقرب ما تكون لفلسفات أثينا وروما القديمة التى تؤله الإنسان ، وتجعله أسمى من الآلهة . بريطانيا ‑والپاپاوات محقون فى هذا كل الحق‑ هى هرطقة على المسيحية اسمها حرية الاختيار ، أو ربما هى ليست مسيحية أصلا ! ومن ثم لا غرو أن منها ‑ومنها وحدها‑ جاء إعلان الحقوق الماجنا كارتا ( الملك چون 1215 ح . ش . ) ، ومنها جاءت الثورة الصناعية ، ومنها جاءت الإمپراطورية البريطانية التى حررت الإنسان والاقتصاد معا عبر الجلوب ( كوجهين لعملة واحدة ) ، هذا إلى بقية مسلسل الإنجازات العلمية والحضارية العظيمة للبشرية حتى يومنا هذا ، بما فيها ذروة حرية الاقتصاد واستقلالية الفرد ، أميركا .

إنها أسطورة‑أكذوبة كبرى من الجبروت بحيث تسير على كل لسان ، لا يعبأ بها الفيلم بل يفندها بكل الاقتدار : أسطورة‑أكذوبة أن حضارتنا نتاج لما يسمى بالقيم اليهودية‑المسيحية ، بل العكس بالضبط هو الصحيح ، هى نقض لها وثورة عليها . إنها تحديدا سليلة فقط لقيم أثينا وروما الوثنية التقدمية النبيلة !

أيضا أسطورة‑أكذوبة الأنجلو‑ساكسون تم تفكيكها هنا . الأنجلو شىء والساكسون شىء . صحيح هو لم يغرق فى جذور الأنجلو ولم يؤشر لتمايزهم الأقوى فيما بعد وملابساته أو أسبابه ، لكن المؤكد حسب الفيلم أن الساكسون ليسوا جزءا من أسطورة الحداثة المعاصرة ، فهم أشرار همج ، لا جدال فى هذا . وطبعا كما تعلم نحن نستشعر ونفضل شيئا أقوى وأكثر منطقية ، من حيث المحتوى الموضوعى على الأقل ، فى الرابطة الأنجلو‑يهودية .

The Devils (1971)

The Savage Christianity!

أسطورة‑أكذوبة أخرى اسمها التسامح المسيحى . المشاهد البشعة لحبس غير المؤمنين فى جب تحت الأرض حتى الموت ، ربما باستثناء فيلم كين راسيلل ‘ الشياطين ’ 1971 ، لم يحدث أن جسدتها الشاشة عن المسيحية قط من قبل . المعنى هنا أن المسيحية حين صارت سلطة وتمكنت من تلابيب رأس الإمپراطورية فى روما ، انقلبت وحشا كاسرا ينكل بكل أحد ، وربما المعنى الأوسع أن هذا هو ديدن كل الأديان سابقا ولاحقا ، سيناريو مكرور أو كما يقال déjà vu !

أسطورة‑أكذوبة عاشرة اسمها الديموقراطية . المدهش أن ثمة إغراءا هائلا للإغراق فى اللغو الديموقراطى الرومانسى ، لا سيما وأن ماركوس أوريليوس مشارك فى صنع بدايات قصة آرثر ، لكن الفيلم لم يجر وراء ذلك . الحضارة هنا ليست شيئا شعوبيا مساواتيا أخرق ، أو تلك الأسطورة الساذجة التى تمثلتها أريحية ماركوس أوريليوس لحظة انتهى من غزو كل الدنيا ، واعتقد أنهم سيصفقون له لو أعلنهم جميعا متساوين ( وليس أن ينقضوا على روما ينهبونها ويركعونها ! ) . إنما هى ‑أى الحضارة‑ فكرة وجذوة تحتاج لأناس أشداء ذوى همة وبأس لتنفيذها على أرض الواقع ، ثم لحمايتها من مخاطر التحلل والسوقية ، وهى مخاطر لا يمكن أن تنتهى أبدا ، ولا بأس بالطبع أن يجلس كل هؤلاء على مائدة مستديرة فكل حماة الحضارة سواسية فى العظمة .

الحضارة رؤية ، الحضارة قيادة ، الحضارة عزم ، الحضارة تضحية ، الحضارة رسالة ، هذه هى الصورة المحورية لهذا الفيلم عظيم النضج !

حاشية : حتى نكون جامعين شاملين هناك أسطورة لم نأت على ذكرها لأنها فى الواقع أعبط من أن يهتم بها أحد وإن أتت كثيرا على لسان المثقفين العرب وأحيانا على لسان بعض أكبر الساسة منهم ، وهى أن الشرق كان متحضرا بينما كانت بريطانيا قبائل متخلفة . فى الفيلم الشرق لا يستحق العودة إليه والسبب واضح نصيغه نيابة عنه بالقول إنه لم يحدث قط فى كل الشرق أو فى أية لحظة معطاة من التاريخ شىء واحد جيد أو يستحق الاحترام ، بل هو برمته تاريخ مقزز من الألف إلى الياء . أما من ناحيتنا فقد طرحنا هذه المقارنة ذات مرة فى خاتمة الأطروحة الأصلية لصفحة الثقافة على النحو التالى : بينما كان عندنا أثناسيوس كان عندهم الملك آرثر ، وبينما كان عندنا القرآن كان عندهم الماجنا كارتا !

إجمالا ، بهذه الحاشية أو بدونها : إنه فيلم يتحدى كل الأساطير‑الأكاذيب الكبرى التى عاشت لقرون . وقطعا مشغولة لا نشاهد مثلها على الشاشة كل يوم ! وبالمناسبة هى جرأة بل شبه تحول من منتج المفرقعات الأشهر چيرى بروكهايمر تبنى هذا الفيلم الدسم عقليا والخالى حتى من أى مدخل أميركى باستثناء نقوده .

للأسف ربما نكون قد أفسدنا عليك الكثير ، أو فى الواقع الفيلم هو الذى فعل هذا . لن تجد مثلث الحب الشهير بين آرثر ولانسيلوت وجينيڤير ( طابور آخره ‘ الفارس الأول ’ ) ، لن تجد سيفا سحريا يستحيل نورا ، ولا أضواء مبهرة لسماء تقعقع حين ينزعه أحدهم من الصخر ( طابور أفضله ‘ إكسكاليبور ’ ) ، ولن تجد مرلين يمارس فضائله وطبخاته السحرية خيرة كانت أو شريرة ( كل طابور الأفلام ) ، لن تجد أى من كل هذا ، وستجد فقط إنسانا يبحث عن الحرية لشعبه . ستجد فقط تاريخا وفلسفة ، وستجد دراسة معمقة لفكرة الحرية كالمفتاح الأول للتقدم . وهنا الوقفة الكبرى : كلمة الحرية !

فى فيلم شون كونرى المذكور اختلط هذا المفهوم بمفاهيم أخرى أضاعت فحواه . هناك حاولوا أن يمزجوا بينه وبين مفهوم الأخوة ، وأن يضعوه نقيضا لمفهوم القيادة ، وكأن القيادة تستبع الاستبداد والاستعباد بالضرورة . تفخيم لانسيلوت تحديدا من خلال التركيز على أصوله الطبقية غير النبيلة ، بل ووضعها كالمستقبل والأمل البديلين ، نوع كبير آخر من خلط الأوراق اليسارى التقليدى . مفهوم القدرة تشوش أيضا وقيل فيه كلام متضارب داخل الفيلم ، هل أنت ضد القوة بلا مبدأ ، أم ضد القوة أصلا ، كلا الشيئين قالهما ‘ الفارس الأول ’ . هكذا باختصار حولوا دولة آرثر وفرسان المائدة المستديرة ليوتوپيا سخيفة ، لنوع من المثالية الهيجلية التى تقدم الأفكار على الواقع . إن حتى معاملتها على أنها نوع من الحلم كان له وقته وانتهى ، هو أكبر إهانة يمكن تخيلها . آرثر لم يكن تجربة بل تاريخ امتد نعيشه جميعا حتى اليوم . أما هنا فى الفيلم الجديد فالحرية ، والحرية فقط ، والحرية كمفهوم نابع من أمنا الطبيعة ، هى مفتاح كل شىء ، لا اشتراكية ولا يوتوپيا ولا ازدراء للقيادة والرؤية ، فقط إما حرية وإما أعداء للحرية وإن اختلفت المسميات . وهذا نضج نادرا ما أتت عليه شاشة السينما !

اقرأ المزيد فى كتيب الفيلم من الموقع الرسمى له ( الجزء الأول قائمة الائتمان ، الجزء الثانى ملحوظات الإنتاج ، وبها بعض مما ذكرناه من خلفيات تاريخية زائد المزيد غيره ) . صورة سابقة لكايرا نايتلى بكامل بهائها وضعناها سالفا بجوار رثاء كاثرين هيپورن هنا ، متوسمين فيها أن قد تصبح رمزا لأحدث جيل من النساء قويات الشخصية على الشاشة ، وقد كان ! ] .

Bryce Dallas Howard and William Hurt in The Village (2004)

The Devils We Create!

تحديث : 29 سپتمبر 2004 : فيلم جميل آخر ضرب الشاشات عندنا اليوم : ‘ قرية الرعب ’ The Village ، نأمل أن تدركه قبل أن يدركك شهر رمضان ، ويصبح من الصعب العثور على الأفلام . الفيلم من إم . نايت شايامالان الموهوب صاحب خبطة ‘ الحاسة السادسة ’ الهائلة ، أيضا كتابة وإنتاجا وإخراجا ، حيث هكذا يكون الـ filmmaker اسما على مسمى بالفعل يصنع أفلامه من الألف إلى الياء نعم ، لكنها أفلام تذهل الملايين وتضرب سجلات الشباك فى كل مكان بالعالم ، وتجعل هذا الشاب المغمور هندى المولد واحدا من أغلى مخرجى الدنيا يضارع أجره أجور نجوم القمة الذين يديرهم ، وليست أفلاما تخص أصدقاءه وأسرته كما يفهمون الكلمة فى أوروپا وعندنا . دائما يأتى بفكرة مدهشة ، ثم بأستاذية غير عادية يعكف على خلق التفاصيل الصغيرة الواحدة تلو الأخرى ، ليتكامل الجو الفريدد لخلفياته التى هى دوما مدن ما يسمى بأميركا القديمة ، فيلاديلفيا ، پنسيلڤينيا . وكما أن الحاسة السادسة ينطوى على مفاجأة نهاية ليس بوسع ناقد ذكرها دون تنبيه مسبق ، فإن ما سنكتبه هنا هو كشف عن مفاجأة أو إنحناءة كبرى ، فلا تواصل القراءة إن كنت تنتوى مشاهدة الفيلم .

قرية أميركية نمطية من پنسلڤينيا القرن التاسع عشر ، تعيش معزولة عن العالم لأن ثمة منطقة فاصلة تفصلها عن ‘ البلدات ’ يقطنها ‘ من لا يجب التفوه بأسمائهم ’ ، مسوخ شياطينة بأردية حمراء ومخالب ضخمة حين تتاح لنا الفرصة لرؤيتها . نوح پيرسى ( أدريين برودى ) شاب متخلف عقليا يطعن لوشيوس هنت ( يواكين فينيكس ) حين يعلن أنه سيتزوج من أيڤى ووكر ( برايس داللاس هاوارد ) الابنة العمياء لرئيس القرية إدوارد ووكر ( ويلليام هيرت ) . يذهب لوشيوس فى غيبوية ، وهنا فقط يكشف الأب السر لابنته : كل هذا كان خدعة مصطنعة . عالم البلدات عنيف وشرس ، ولذا ابتدعنا فكرة الأرض المحرمة والهدنة حتى المسوخ نفسها نقوم نحن أمناء القرية بالقيام بأدوارها ، والهدف طبعا هو تلك الحياة الهادئة الوادعة . وتذهب الفتاة عبر الغابة ، لنعرف أننا لسنا حتى فى القرن التاسع عشر كما تدل التواريخ هناك ، إنما فى أميركا المعاصرة ، وأن تلك القرية ليست إلا جزءا من محمية طبيعية للحيوانات .

Director M. Night Shyamalan during shooting of The Village (2004)

A Truly Gifted Filmmaker!

حياة القرية آميشية الطابع هذه ، لا تجسد سوى زيف ذلك الحلم الدينى الرومانسى بعالم مثالى وأخلاقى فقط لو عزلنا أنفسنا عن مغريات الحياة العصرية ( هم لا يعرفون النقود مثلا ) . الديانة غير محددة ، لا نرى صلبانا مثلا ، وهذا جميل . أما فى الخارج فالفتى الطيب حارس المحمية الذى يأتيها بالأدوية يحمل اسما يهوديا . وسينمائيا اليهودية رمز خاص ومركب جدا ، يرمز للأرضيين بمعنى العلم والحداثة لكن مع اقتران خاص بالمثل النبيلة والمبادئ ، الإنسانية بالذات منها . وفقط فى حالات قليلة يرمز للدين على نحو ضروبى ، أى كجوهر عام أو كإيمان ، لكن ليست هذه الحالة هنا . الصورة المحورية هى أن الدين لا يخلق سوى المسوخية والتخلف العقلى والعمى . الشياطين لا تسكن سوى قلوب أولاد الرب ، لأنهم ببساطة هم الذين اخترعوها . تماما وكأننا بصدد فيلم لپول شريدر ، لكن فى قالب فيلم رعب رمزى غير مباشر . نعم ، هم الذين اخترعوا الشياطين ، وفى المقابل لم يحصدوا سوى الرعب والجبن والمسوخ الداخلية . والحل واضح جلى وبسيط جدا : الحب والعلم ! حب البطلين ، ونكاد نقصد بالكلمة الجنس لأن روحهما وجسديهما متوقدان تماما نحو كليهما الآخر ، هو الذى يخلق فيها قوة الإرادة ، وإبداء الاستعداد لعبور الغابة المرعبة قبل أن تعرف أنها مزيفة . الخرافة لم تأكل روحها ولا روحه . هو نفسه اخترق المحظور لعدة أمتار أكثر من مرة دون أن يعلن لأحد . العلم هو الحداثة التى فى الجانب الآخر ، أدوية طبية ومطهرات ومضادات حيوية تلك التى نعرفها جميعا ، وأيضا بشر لهم مثالبهم لكنهم بالأساس أسوياء طيبون ، وقطعا ليسوا مسوخا من الداخل .

أيضا هذا فيلم لا نرى مثله كل يوم ، ويحيى لدينا ذكريات قصص المجاز الدينى allegory العلمانية العظيمة من نوعية الختم السابع ، من خلال قصة رمزية ذكية مبتكرة ، وأيضا صاعقة !

لكن هل شايامالان كان علمانيا صريحا هكذا من قبل ؟ الإجابة تقودنا لمنطقة ملتبسة أخرى ، هى القوى النفسية الخوارقية ، تخصصه الأثير . أحيانا يبدو الخوض فى هذه المنطقة وكأنه مناصرة للخوارق الدينية على حساب العلم . هذا صحيح أحيانا وخطأ أحيانا أكثر . فهذه القوى تبدو كحقيقة علمية وإن لم يعثر على تفسير قاطع لها بعد ( ناقشنا هذا بطرافة ما فى مدخل الرب فى نظرية النسبية —حوار مع صديقى المؤمن فى مكان مبكر من هذه الصفحة ) . من هنا نقول إن أفلام هذا المخرج تدور فى هذه المنطقة ككل بكل التباساتها المحتملة . مثلا فيلمه ‘ علامات ’ 2002 بميل جيبسون لا بد وأن يعجب المتدينين كثيرا لما فيه من عودة البطل الكاهن لإيمانه المفقود فى النهاية ، بعد أن رأى ذلك الغزو الهائل للكائنات الفضائية ، حتى وإن كان للمتدينين دوما موقف متوجس من سينما الخيال العلمى التقليدية هذه . أفلام أخرى له تبدو محايدة من موقفها من الدين ( أو الأدق يمكن أن يفسرها كل طرف على هواه ) ، ونقصد فيلميه الآخرين ‘ الحاسة السادسة ’ 1999 و‘ غير قابل للكسر ’ 2000 . أما فيلمه الجديد اليوم فهو بلا شك أنضجها جميعا ، لأنه يقترب من لب العقل الغيبى يعريه ويكشف أمراضه الدفينة ، وهو لا يحتمل اللبس فى تفسيره ، بل ويجعلنا فى بالغ التشوق أكثر من أى وقت مضى مما يمكن أن يأتى به شايامالان مستقبلا . ساعتها سيمكننا الحكم على مجموعة الأفلام ككل وعلى مسيرة هذا الفنان والتطور الذى لحق بها ، كلها على نحو أفضل ] .

لكل قطعة فى خلفية ميدان سان پول الذى دارت فيه وقائع الجنازة ] .

 

| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT | LATEST |