|
|
|
ما هى العلمانية ؟
What Secularism?
| FIRST | PREVIOUS | PART I | NEXT | LATEST |
NEW: [Last Minor or Link Updates: Monday, June 30, 2014].
رائعة نجيب محفوظ الخالدة ’ أولاد حارتنا ‘
|
Visit Our Memorial Page hypatia.egypt This page, written in English and classically designed in April 7, 2000, was originally intended as a separate secular site.
|
March 31, 2004: Isn’t it time for a secular, historic and accurate cinematic retelling of Jesus story? Mel Gibson’s is definitely not! Also: The launch of this new page on the concept of religion.
December 24, 2001: The ever-secular Christmas still the same pagan fertility feast of sex. It just took a better taste after September 11!
September 28, 2000: Should the religious mania end by the year 2005? A stunning theory from a new American book.
September 11-18, 2000: The FTC report against Hollywood and the solid response from liberal press as The New York Times and Variety.
ê Please wait until the rest of page downloads ê
جذور الدين ! Roots of Religion! من هم
أعظم عقول التاريخ الحديث ؟ داروين وفرويد ، أو ربما بفارق ما يأتى
كرقم 3 ألبرت أينستاين . كثيرون
بدأوا يقولون هذا الكلام مؤخرا ، بالذات كرد فعل على اختيار التايم
لأينستاين رجلا
للقرن ، لكنه بالنسبة لى لعلها فى بعض جوانبها حقيقة عمرها عقود
ولطالما كتبتها . مرجعها أن صحيح كلهم قلب الأرنب ، كلهم كان من
الخيال بحيث تخيل أن الأحشاء قد تكون للخارج والفراء للداخل ، لكن المشكلة
أن خيال أينستاين ينتمى لضرب من الخيال يختلف عن خيال قرينيه . ربما خياله
أعظم أو أرفع أو أبعد ، لكن الرياضيات لا تهم أحدا ولم يشعر أحدا بالدنيا
قد تغيرت حولنا بسبب نظرية النسبية ، هذا بينما داروين وفرويد صنعا زلازل
رجت كل أرجاء الكوكب وكل كائناته ، ولا تزال توابعها اللا نهائية مستمرة
إلى اليوم . داروين وفرويد صاحبا أعظم لطمتين هويتا بالإنسان من خيلائه شبه
الإلهى ، وجعلته سليلا بيولوچيا للصراصير والخنازير والحمير والقرود من
ناحية ، وعبدا لأحط غرائزها الدنيا جميعا من ناحية أخرى ، ومن ثم عبدت
هاتان العقليتان الأرضية الفكرية القاعدية اللازمة لبلوغ حضارة
ما بعد‑الإنسان . ومرجعها ثانيا أنى لم أر قط من يباريهما
علمانية وتقويضا عميق التأصيل للدين ، أكاد أستشعر فيه أن الجسيمات
والمويجات النووية هى التى تتحدث ، وليس استنباطات اجتماعية وأنثروپولوچية
عيانية وسهلة كما لدى ماركس أو فريزر مثلا ، على كل روعتها بالطبع .
أما إذا كان من ثالث وجه لطمة شبيهة ، فهو پاڤلوڤ الذى جعلنا كلابا ، حفنة من الأفعال
المنعكسة الشرطية لا أكثر . أما لو أضفت رأيى
الشخصى ، كما جاء فى الباب الأول من كتاب حضارة ما بعد‑الإنسان ،
فهو أن اللطمة الرابعة الأكبر لم تأت
بعد ، لطمة رابعة لذات الوهم المزعوم المسمى الإرادة الإنسانية ،
لكنها قد تكون الضربة القاضية : الچيينات ، كلنا عبيد
لچييناتنا ، هى قدر كل منا الشامل الجامع المانع الذى ورثه سلفا ، كل
شىء مبرمج مسبقا ، ولا نملك من أمر حيواتنا ولا مصائرنا ولا سلوكياتنا شيئا
بالمرة ، أو نملك فقط أقل القليل ، والذى تسمحه به أيضا بدورها هذه
الچيينات عينها ! هذه المقدمة ليست الموضوع نفسه . الموضوع هو
ذاك المفهوم السائد لدى غالبية فلاسفة الغرب ، المحدثين منهم بالأخص
( بل وبعض القدامى كهيجيل ونيتشه ) ،
فرويد لم يرض بمثل تلك القشور التى تبناها الفلاسفة
بتصالحيتهم حسنة النية ، ورأيناه مثلا فى موسى والتوحيد ، يسعى لأجمح
فرض يحل أحد أكبر الألغاز الجوهرية والحلقات المفقودة فى التاريخ الإنسانى
كله : إن موسى لا بد وأن كان
بالضرورة أحد كهنة أخناتون . ( الواقع هناك
من الباحثين من كانوا أكثر جموحا ‑كالإنجليزى إيليوت سميث‑
اليونان أعطت العالم العلم
والتقنية والفلسفة والأدب والفن وحب الجمال ، ومصر أعطته الدين . الخطأ فى تصالحية فلاسفة
الغرب تلك ، أن المسيحية كواحدة من المنتجات الأخناتونية الثلاث
الكبرى ، لا يمكن أن يولد منها شىء إيجابى قط ، ولو بعد مليون
سنة . وليس مصادفة أو مفارقة إنما إمعان فى التضليل ، أن الأديان
المتجلاة الثلاث التى أظلمت العالم ، نبعت من ديانة اتخذت من الشمس إلها
لها . وليس مصادفة أو مفارقة إنما إمعان فى التضليل ، أن مخترعها
الأصلى كان شبه كسيح مستطيل الرأس بارز الصدر
أيضا هو حل عبقرى لإشكالية أقدم مهنة فى التاريخ ( رجل
الدين ، ليست العاهرة بالمناسبة ، والتى لا تستحق فى الواقع هذا
الشرف ) ابن القبيلة البدين الشره الكسول الذى قرر يوما عدم الخروج للقنص
وجنى الثمار ، وأقنع الآخرين بضرورة بقائه هو بجوار الطوطم احتمالا لوصول
رسالة ما منه ، ومن ثم ولدت أول مهنة : الكليرى cleric .
أيضا فكرة أن يسكن الإله السماء حلت مشكلة تشكيك بعض المتحاذقين أو الحاسدين فى
مصداقية موضوع الوحى هذا أو فى وجوده أصلا . ذلك سوف يصعب مهمة إثبات أو
نفى أى شىء ، ثم أنك لا بد وأن تعلم أنه كلما كبرت الكذبة كلما سهل تصديقها
( قول مأثور للدكتور جوبلز ) ، وأخيرا طبعا لا أحد كان يعلم
آنذاك أن لا مكان أصلا اسمه السماء حاول البعض كما تعلم بناء برج للوصول
إليه ، وأنه مجرد انعكاسات ضوئية فى الغلاف الجوى للأرض نفسها ، وأنه
كمسكن للآلهة ليس فى الواقع أبعد كثيرا من قمم جبال الأوليمپ كما توهم مخترع
الفكرة . فقط ومن باب مراعاة الدقة فى كل
ما سبق ، عادة ما تسمى النسخة المصرية الخاصة والمتفردة من كلمة عبقرية
باسم : الفهلوة . ( جميع التحليلات من
عندى وليست من فرويد ، وإن استلهمت بصيرته تأكيدا ! ) . واجب
منزلى : ابحث بنفسك عن العقد النفسية
الشبيهة ، فى الثلاثة الكبار الذين حملوا بعد ذلك راية تشوهات
أخناتون ، وراية فرضها فرضا على ضحاياهم من البشر ، وآخرها أن انتهى
الأمر بالعصابة الأخناتونية إلى قصف مركز التداول العالمى فى نيو يورك الشهر الماضى . كما تعلم القران وحده هو الذى
أعاد كتابة سيرهم العطرة التى تزكم الأنوف ، بحيث جعل منهم أناسا
منزهة ، لكننا مع ذلك لا نقصد فى هذا الواجب المنزلى قصصهم الأصلية الأكثر
حقيقية ، التى لم تفكر التوراة رغم كل ما أضفته عليهم من قداسة أن
تتجاهلها ، بل نقصد كل شىء بما فيه القصص المزورة لما بعد التوراة ،
وطبعا أنبياء ما بعد التوراة . بمناسبة كلمة أنبياء ، لو وجدت فى بحثك
شيئا لغويا يبرر تسمية أناس لم يتنبأوا بشىء واحد صحيح قط طيلة عمرهم ،
باسم أنبياء ، فأرجوك أخبرنى به فورا هنا . … إرشاد : المراجع تقدر بالمئات من جميع اللغات والملل ، فقط سنذكر لك
آخرها تماما ، وبالذات بسبب الضجة التى لم تهدأ بعد ، وعلمنا أخيرا
أنه نجا بالفعل من المصادرة وسوف يعود للأسواق من جديد : كتاب خليل عبد الكريم الأخير
’ فترة التكوين … ‘ من دار ميريت بالقاهرة ، وهو نظرية جديدة
ومثيرة فى قصة سيد الخلق ، يمكن أن نلخصها لك من جانبنا فى كلمة واحدة ،
هى فتش عن المرأة ، حيث خديجة
هى التى خططت لكل شىء وصنعت ودبرت وأدارت كل شىء ، ومحمد ليس إلا الصنيعة
والربيب . أما للتوسع فى القراءة عند الجهة الأخرى
من السهم ، أى ما قبل الشقيقات الثلاث ، أمهن جميعا سيرة أخناتون
’ العطرة ‘ ( أيضا ! ) ، فهى متاحة جزئيا فى كل
الكتب المعنية ، لكن نشير عليك بالكتاب المكرس له وحده ، ويحمل اسمه
’ أختاتون ‘ . التأليف لمؤرخ المصريات الأشهر سيريل
ألدريد ، والترجمة للهيئة المصرية العامة للكتاب سلسلة الألف كتاب
الثانى . هذا الكتاب المطول يحمل وصفا مرعب الإسهاب ومعزز بالصور ، للحالة
الجسمانية والذهنية والأخلاقية لبطريرك كل البطاركة هذا ! [ كتاب خليل عبد الكريم المذكور
أتيح بكامله منذ 2003 على الغشاء فى ثلاثة ملفات هنا وهنا وهنا . والموقع
الذى يتيحها ، ونشأ على الأقل منذ يوليو 2002 ، لا يذكر الكثير عن
نفسه ، لكن ( وهذا محض تخمين منا حسبما يوحى اسمه ) قد تكون
بدايته أن أغاظه موضوع جريدة النبأ عن الراهب
المسيحى . المهم النتيجة أنه موقع ساخن جدا وثرى بدرجة
كبيرة فيما يخص الإسلام ، ليس به اقتفاءات تذكر للمسيحية على العكس تماما
من الكثير من المواقع المسيحية
المعتادة ، إنما هو موقع علمانى خالص ، متنوع ، وبه أو يحيل
للكثير من نصوص الكتب العلمانية المهمة عن الإسلام بدءا بطه حسين وحتى القمنى
وعبد الكريم . لكن لعل أفضل ما فيه إثارة قراءاته الفضائحية فى كتب التراث
الإسلامية ، عن أفعال النبى محمد الجنسية وما شابه ] . …
إن كل ما حدث بعد هذا أن جاء تجار البندقية يحملون
معهم عن دون قصد يذكر ، مخطوطات أرسطو وأفلاطون . فأعاد الغرب اكتشاف
معدنه أو بعبارة أخرى طبيعته الچيينية الكامنة ، [ طبقا لمصطلحينا نحن القديمين ، أو طبقاته الچيولوچية ، طبقا للمصطلح الجديد الرائع الذى أتانا به لاحقا دكتور كيسينچر فى كتابه
’ هل تحتاج أميركا لسياسة خارجية ‘ ] الحقة التى صنعت قبل 1500
سنة عظمة حضارة وفكر الإغريق العلمية العلمانية العملية ، فلفظ المكون
المصرى الذى كبله فى عصور من الظلام الدامس لأكثر من ألف سنة ، وانطلقت
حضارة التنوير والثورة الصناعية وهلم جرا . دعنا الآن من سيرة السيدين أخناتون العامر وموسى العابر ، والتى تميل لإغراقنا فى
البعد الدينى وحده . البشر أقوام وچيينات وطبقات
چيولوچية شتى ، لكن لو أصر أحد على تقسيمهم لفريقين فقط ، فقد لا نجد أفضل من تقسيم بنى الإنسان لمصريين وغير
مصريين : الغيب والدين والحياة الآخرة فى مقابل دنيوية العلمانية ،
الدوجما وجوامد المطلقات فى مقابل العلم ودينامياته التجريبية ،
التواكل والپارانويا وعقد النقص فى مقابل انطلاق وتفتح وثقة العملية ،
أو إجمالا هاجس الموت فى مقابل الفاعلية الحضارية . بصراحة أكثر ،
أفضل توصيف أراه للعقلية المصرية ، أنها همزة داروين المفقودة ما بين
الإنسان والعشائر البيولوچية السابقة عليه . أو ليس ملفتا بعد كل هذا ‑والكلام موجه
لنظرية الپروفيسور نايپول ( ارجع لها فى صفحة الحضارة )‑ أن كل جهود التنوير
كلما اقتربت من البؤرة الأخناتونية للعالم الإسلامى ، كلما وجدتها قشورا
سطحية أو مؤقتة ، بينما تزدهر بسهولة نسبية هناك فى الأطراف الأندلسية أو
الماليزية أو الإندونيسية ، وهى أطراف مرتدة بالتأكيد ؟ مصر ليست اختيارا انتقائيا وليست بحكم
التخصص ، إنما ببساطة جلية لأنها مخترعة الأديان المتجبرة . مرة أخرى
هى الهمزة المفقودة missing link ،
حيث العقيدة المصرية هى اللحظة التاريخية الفارقة بين هذا وبين عصور الأديان
البدائية والطواطم …إلخ . إن للأمر فى تقديرى علاقة ما بالكسل
الچيينى ، لا سيما إذا كان صاحبه انفعاليا عصبيا بسبب تنغيص الذباب
المتواصل لمهمة الاستلقاء عنده . إن كل الأديان المتجلاة الثلاث التى أفرخت
من العقيدة التوحيدية المصرية ( أو للدقة هى دين واحد راح يتشكل ويغير الأقنعة لا أكثر ولا أقل ) ، تجمع كلها على مقولة جوهرية : إنكم خير أمة أخرجت
للناس . وبالطبع ليس للكسول ‑لا سيما إن كان انفعاليا غير عقلانى‑
من أفيون أعظم من هذا . إن الدين لم يتجذر فى الأوروپيين أو الشرقيين أو
السلاڤيين أو غيرهم ، وتركوه بسرعة ، أو لم ينفذ فيهم أكثر من
نفاذ الماء لداخل صخرة من الصوان ، إن استعرنا التعبير الشهير للكاردينال
الطيب فى فيلم ’ الأب الروحى —جزء 3 ‘ . ( تأمل فقط ما
لديهم من حرية جنسية ، وهى معيار بسيط لكن رائع
للتفتح والنجاح والعملية والعلمانية وقبول المستقبل ، وتقريبا لكل
شىء ) . اليوم ، بقى الدين موجودا
فقط فى الشرق الأوسط ، تماما كما بدأ منه . والسبب فى هذا الارتداد
أنه يرقى فى هذه المنطقة لمستوى الخصيصة الچيينية ، بحكم آلاف السنين التى
فرضت عليها الكسل وزرعته فى چييناتها ببطء وانتخاب طبيعى لا يرحم ، إنما لو
حدث وولد فى مصر المحروسة شاب نشط بدنيا متحرر عقليا يكون منبوذا تلقائيا ،
وليس أمامه إلا أن يموت كمدا أو يهاجر ، والمؤكد فى كلتا الحالتين لن يتزوج
وينجب ويعزز چيين النشاط أبدا . إن التدعيم الچيينى ككرة جليد لا يتراجع
أبدا . صحيح أن تغيير مساره ليس مستحيلا من حيث المبدأ وحدث لكل الشعوب
تقريبا ، لكن هذه قصة أخرى . قصة تتطلب الفرض القسرى من قوة خارجية
لسلوكيات مختلفة بعزم وصرامة لقرون طويلة ، هنا يبدأ التعزيز الچيينى يشتغل
على صفات مختلفة ، وتدريجيا يحدث ببطء شديد الانتخاب ’ الطبيعى ‘
( أو بالأحرى القسرى ) العكسى . المشكلة الأفدح أن هذا لا يسرى
على أهالى الهمزة المفقودة مصر . هنا يأتى دور الوجه الآخر لعبقرية
مصر ، إجهاض كل شىء من محتواه والتحايل عليه بذكاء خاص جدا من نوعه ،
ذلك الذى يسميه المصريون الفهلوة . هذا رأينا من منذ عقود : عبقرية مصر عمله وجهاها
الكسل والفهلوة ! والعبقرية فى اللغة هى التفرد . أولا : نايپول غير تحليله الخاص بالهند عندما
رآها تتقدم مؤخرا . ثانيا : وأعتقد أن پاكستان التى ينتقدها الآن
بشراسة ، مؤهلة لنفس المصير . إن بيشاور وكل ما تولد منها بدءا من
تفجير مركز التداول العالمى WTC بنيو يورك فى فبراير 1993 ، فالسفارة
المصرية إسلام أباد فى نوڤمبر 1995 ، ومن بعدها سلسلة الهجمات الكبرى
عبر العالم ، بيشاور وما أفرخته بعد قليل من إمارة طالبانية الأولى من
نوعها للإسلام الصحيح فى العصر الحديث حسب رأى جمهور الفقهاء عالميا ( فى
حد علمنا لم يعارضهم أحد عقائديا ، بمن فيهم فقهاء الإسلام التكيفى كالأزهر
مثلا ، الذين سافروا ليقولوا لهم عن تحطيم
التماثيل إنه ’ ليس وقته ‘ ) ، هى جميعا ‑أى بيشاور وكل ما تفرع أو تفرخ منها‑ صناعة
مصرية خالصة . حتى أسامة بن لادن الشرس الحالى
تقول التحليلات إنه صنيعة من صنائع أيمن الظواهرى . [ تحديث : الأفضل أن تقرأ الآن
رأى محامى الجماعات المسلحة منتصر الزيات المعمم فى جريدة
الحياة بعد شهر من هذا ، حيث به تفصيلات جيدة وأوسع عن علاقة
الرجلين ] . ثالثا : أيضا لا أعتقد أن نايپول استطاع أن
يقدم من بين المسلمين الهنود نماذجا تبز فى تطرفها ودمويتها سفاحى الإسلام
الأصليين لا المرتدين عن أديانهم إليه . رابعا : ربما الحالة الوحيد لتطرف المرتدين
التى تستحق وقفة ، هى ثورة خومينى الإسلامية فى إيران ، وفى هذه لا
أعتقد أننا بعيدون أبدا اليوم ، عن استعادة
إيران لوجهها العلمانى الأكثر أصالة فى أى بلد اعتنق الإسلام باستثناء
تركيا ، حيث شعبها الوثنى العظيم هو أكثر شعوب العالم هشاشة وقشرية فى
اعتناق الإسلام على وجه الإطلاق تاريخيا ، الأمر الذى لا تزال له ظواهره
وطقوسه الحية حتى فى أحلك لحظات حكم الملالى اليوم .
المشكلة فى اعتقادى ، هى العكس مما يقوله نايپول ،
ليست فى المرتدين ، إنما فى الأصليين . ولا أبالغ حتى لو قلت إن
السعودية نفسها ليست من الأصليين جدا ، وإن لديها من الأمل والفرصة فى
الانضمام لعالم المستقبل ما يفوق بكثير مركز العالم ، أم الدنيا وأم
الدين ، وأشد بؤره تجذرا فيه —مصر ، ذلك على الأقل باعتبار ماضى أهل
الجزيرة التجارى النشط ومترباته الچيينية . البعض يقول إن تحرير شمال غرب
أفريقيا من الاحتلال العربى قد بدأ ، وأن تلك الشعوب ستستعيد إن آجلا أو
عاجلا هويتها الأمازيغية الوثنية الأكثر تحضرا . جائز . لكن من غير
الجائز ذلك ما يحلم به بعض المصريين من أن يتحرروا يوما من هذا الغزو
الدينى . والسبب ببساطة أن ما
أتى به عمرو بن العاص للمصريين هو بضاعتهم وقد ردت لهم . إن المقصود بالتدين هنا وهناك ليس المظاهر فقد تكون معكوسة بين مصر
والسعودية ، إنما فى الإيمان العميق بالقدرية والذى يؤثر بشدة على كل
تفاصيل الحياة اليومية للمصريين ، على نحو لا مثيل له فى أى مكان آخر فى
العالم . هذه القدرية بل
الاعتصام بالماضى ككل كنقيض لقبول المستقبل ناهيك عن اختراعه ، أو ككل أكبر
المكون الثقافى والتيمايوسى العالى لدى شعوب بعينها فى مقابل الحس الدنيوى
لغيرها ، هى جميعا ما اعتدنا من
قدم تسميته بالخصائص الچينية للشعوب ، هى الطبقة العميقة جدا وراء هذا
الدين الذى ضرب مركز التداول العالمى الشهر الماضى ، دعك جانبا من الأسلوبية المصرية الخاصة جدا للحدث . ( هناك تجربة بسيطة جدا قمت بها أنا شخصيا وكانت النتيجة أكثر
من مذهلة ، حاول إحصاء كم مرة يقول فيها الشخص المصرى مقارنا بشخص سعودى
مثلا ، كلمة إنشاء الله خلال مدة من الزمن قدرها ساعة . النسبة ستكون
أكثر إذهالا لو أحصيت بالذات المرات التى يعنى فيها كلاهما الكلمة
فعلا ) . الاتكال عميق جدا ، بل والأخطر أنه ليس موقفا عقليا أو
دينيا ، إنما شىء متغلغل فى اللا شعور . الفرد يذهب لقضاء مصلحة ما أو
لتحصيل نقود من جهة أو شخص ما ، ويحدثك وكأن كل شىء تم بالفعل ، وينسى
عشرات التجارب الأليمة الشخصية له هو نفسه السابقة ، ينساها تماما ،
وطبعا لا يلتفت لأن هذا واحد من أكثر بلاد العالم فوضى وفقرا ، ولا يتمتع
بوفرة إلا فى مفاجآته السيئة ، وطبعا لا يتم فيه شىء كالمخطط أبدا أخيرا يحضرنى هنا ما قاله إدوارد جيبون فى الفصل
الثانى المهيب من ’ إضمحلال
وسقوط الامپراطورية الرومانية ‘ ( متاح من
جديد حاليا فى الهيئة المصرية العامة للكتاب ) . قال إنه بينما كان
الانطباع الذى كان يخلفه السوريون لدى الجنود الرومان أنهم مخنثون رقعاء ،
فإن الذى يخلفه المصريون أنهم كئيبون متخلفون . وإن روما الوثنية ازدرت
المصريين لتخلفهم العقلى والحياتى ، وكانوا آخر من سمح له بدخول السيناتو
وبعد 230 سنة كاملة من دحر كليوپاترا . أما حظ المصريين مع روما المسيحية
فكان أسوا فيما يبدو ، فالواضح مما بين السطور أنهم لم ينسوا ما حدث لأبى
الآباء أخناتون ، فراحوا ينتقمون له بتدمير معابد سيراپيس وإيزيس ! لكن… مرة أخرى كلما كتبنا فى هذا الموضوع ،
تفرض علينا السخرية نفسها فرضا كى تنهى الموضوع . ذلك بالطبع من الأسفار
المسماة ’ شخصية مصر ‘ ، ما تفيض فيه من عبقرية المكان وكأن مكان الصين أو
مدغشقر أو كندا ليس عبقريا من نوعه هو أيضا . الأسوأ ما توحى به تلك
التلفيقة من عبقريات أخرى موهومة ، عبقرية الزمان وعبقرية الشعب وعبقرية
الصراصير ، لا نملك معها إلا تكرار قولنا المعتاد إنها لا تعدو خيالا علميا
science fiction ردئ
القماشة ، وأن ’ محلاها
عيشة الفلاح … متهنى باله مرتاح … يتمرغ على أرض براح … ‘
أكثر إمساكا للحقيقة العلمية منها بكثير ! وبعد ، أنا جاد جدا فى طلب مناقشة هذه
النظرية . اكتب رأيك هنا أو لو تفضل الكتابة المباشرة عبر البريد الإليكترونى . … علم القرن العشرين * حوار واقعى دار فى أحد مكاتب الهيئة المصرية
العامة للكتاب فى مطلع التسعينيات اجتر أفكارا ولدت فى الشباب المبكر قبلها
بعشرين عاما .
س : من يوجد وراء كل هذا
الكون ؟ جـ : لا نعرف !
س : كيف ، وكل شىء
دقيق مضبوط ولا بد له من خالق دقيق ومبدع . يا سلام شايف الإعجاز ! خذ
مثلا ، الأوكسچين نسبته فى الهواء 20 0/0 وهى النسبة
المثالية بالظبط بالظبط لحياة الإنسان ، أو خذ مثلا طبقة الأوزون المصممة
لحمايتنا من الإشعاعات الضارة وقد نهلك جميعا إذا ما استمر العبث بها ، أو
خذ مثلا … جـ : كفى ! كفى !
أنا أعرف كل تلك الجدليات جيدا ، وردى عليها بسيط : من وجد قبل
من ؟ غلاف الأرض والأوزون أو أية ’ معجزة إلهية ‘ أخرى تخطر
ببالك وجدت قبل ظهور العرق البشرى ، عندما ظهر البشر ظهروا متكيفون جدا
لها ، وإلا ما ظهروا أصلا . بل هم ظهروا وازدهروا وتسيدوا لأنهم ببساطة
بدوا من منظور البيئة المحيطة الأكثر تكيفا إطلاقا من كل من عداهم من
كائنات . قل لو كانت نسبة الأوكسچين 5 0/0 على سبيل
المثال ، لظهروا كديدان تحت التربة أو شىء كهذا ، ولما ظهرت الثدييات
كما نعرفها قط . كواكب كثيرة ليس بها غلاف جوى وليس بها أوزون أو غاز يقوم
بوظيفة مشابهة ، ومن ثم ليس بها نوع الحياة كما نعرفها ، وهكذا ،
وهكذا . صديقى ، كل المعجزات
والحكم الإلهية الجليلة والخارقة تلك ما هى إلا أوهام ، وبقليل من الخيال
ستكتشف أنها آليات طبيعية منطقية وبسيطة ، وتخضع كلية لما يسمى
بالسببية . ومن ثم لا يجدر بالإنسان العاقل إلا الإيمان بما يثبته له العلم
التجريبى ، ثم بما يصححه من نفسه لنفسه ، بحثا عن حقيقة أدق وأدق بلا
نهاية . هو ليس مطلقا ولا رائعا كنظرياتكم الدينية التى حلت كل شىء بخبطة
واحدة اسمها الإله ، لكنه كل ما نملك ، وكل ما لا نملك إلا الوثوق به
كمنهج متواصل لفهم العالم والطبيعة وفهم كل شىء بأفضل فهم ممكن !
س : أنت تؤمن
بداروين ؟ جـ : أنا أومن
بالعلم . ولو أثبت خطأ داروين لرفضت داروين ، لكن هذا لم يحدث حتى
اليوم ، بل بالعكس كل شىء يؤكد هذه النظرية ، بل أنها تتوسع لتشمل حتى
أمورا غير مادية كالأفكار مثلا . التطور يا صديقى يكاد يكون قانونا . س : ألا يمكن ولو على
سبيل الصدفة المحضة ، أو باحتمال واحد فى البليون ، أن تكون نظرية
الأديان عن الإله صحيحة ؟ جـ : مستحيل ! س : طبعا لأنهم كانوا
يرفضون إله العقيدة الجديدة . جـ : خطأ ! الحقيقة
عكس هذا 180 درجة . اقرأ مثلا كتاب [ ميرى ليفكوويتز Greek Gods, Human Lives —What We Can Learn from Myths
أو كتاب ] أليكساندر كراڤيتشوك عن آخر سنوات الدورات الأوليمپية
’ الوثنية والمسيحية ‘ وهو مترجم للعربية ،
[ وغيرهما ] كثير جدا ، وأضمن لك أن يشيب شعر رأسك المنتصب هلعا
كلما سمعت مستقبلا عبارة ’ من لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر ‘
( طبعا أنت أذكى من أن تتصور أن عمرو بن العاص كان وحده السفاح
الأثيم ، وعلى أية حال ’ سماحة ‘ الإسلام قصة أخرى ، وخلينا
فى سماحة المسيحية ! ) . اليونان والرومان كانوا يرحبون بظهور أى
آلهة جديدة ويتعبدون لها فى معابدهم . المسيحيون ’ هم ‘ الذين
كانوا يرفضون الآلهة غير إلههم . وبالنسبة للرومان كانوا بذلك شيئا شاذا
للغاية وبدعة مطلقة لم يعرف عالمهم مثلها من قبل ، ومن ثم كان حرق
المسيحيين أو إطعامهم للأسود هو الموقف الحضارى الوحيد الممكن فى تلك
اللحظة . يا صديقى ، فى تلك العصور لم يوجد قط فى سوق الآلهة والأديان
من هو أكثر تسامحا أو رحابة أفق من الديانات الوثنية ، أما التوحيد فمعناه
أنك ’ وحدك ‘ على صواب وكل من عداك تجديفى ومزور . التوحيد يعنى
تلقائيا التعصب ، يعنى تلقائيا الانغلاق ، يعنى تلقائيا التكفير ،
يعنى تلقائيا الجهاد ، ويعنى تلقائيا الاستشهاد . أديان ما يسمى
بالتوحيد يطرح كل منها نفسه على أنه الوصول الفعلى والنهائى للحقيقة
المطلقة . بما أننا نتحدث عن مطلقات ، فإحتمال أن يكون غيرك على صواب
يعنى تلقائيا وقطعا أنك على خطأ . ربما تعترف أديان التوحيد بما جاء قبلها ،
لكنه اعتراف منقوص بل ملغى أصلا . ربما تعترف بها كحقيقة تاريخية ،
لكن ليس عقائديا . العقيدة الجديدة لا بد وأن تلغى كل العقائد
القديمة . العقيدة عقيدة ، وكلمة عقيدة تعنى أن كل ما سواها
خطأ . هى ليست علما يحتمل الصواب والخطأ والتطوير والتعديل .
الأسوأ ، بل ربما الطبيعى جدا ، أن كل عقيدة دوما ما تقول إنها نهاية
المطاف . على الإنسان أن يقبل بها كوصول غائى للمطلق المفقود ، أنجز
بالفعل مرة واحدة وللأبد . باختصار المسعى قد أغلق . لقد تم الوصول
للحقيقة الكاملة ، وعلى الإنسان أن يلغى عقله يلغى واقعه ويلغى مستجدات هذا
الواقع ، ويتجمد عند تلك ’ الحقيقة ‘ المقدسة إلى الأبد .
أديان الشرق بالمناسبة لا تأتى بحقائق مطلقة ، فقط تستحث الناس السعى إليها
من استطاع إليها سبيلا ، وهؤلاء ليسوا كل البشر بل قلة خاصة جدا روحانية
جدا ذات عزيمة خاصة جدا ، وقبل كل شىء يعنيها الأمر ولم يفرضه عليها أحد
فرضا بالميكروفونات والهراوات . وهنا ردى على سؤالك عن الصدفة فى صواب
الأديان ، وهو رد قديم جدا . من عصور قالوا إن تعارض العقائد يلغيها
جميعا . خذ هذا المثال : تخيل أن كل إله يقول لشعبه أنتم شعبى المختار
أو أنتم أبناء الملكوت أو أنتم خير أمة أخرجت للناس ، وهلم جرا ! أو
خذ مثال أن كل دين يقول إنه آخر دين ، من بعدى الدجالون المزيفون ،
وطبعا من قبلى المحرفون الضالون . ستكتشف إذن أن الهراء هو نفسه ، لا
يتغير من دين إلى دين ، أو من إله لإله ، ذلك أن البشر اخترعوها جميعا
لنفس الأهداف تقريبا . فقط تتغير الأسماء ، وفقط من أجل وضع الأسس
لحروب دينية لا نهاية لها . يا صديقى ، الدين حصد من الأرواح أكثر ما
حصدت أى حروب أو أمراض أو كوارث طبيعية أو أى شىء آخر فى الدنيا .
صدقنى ، التوحيد الذى اخترعه أخناتون وتلميذه موسى وبقية الشلة التى تعرف
أسماءها أحسن منى ، هو أكبر جريمة ضد الإنسانية ارتكبت إطلاقا فى تاريخها
كله !
س : أوه ! هناك
تناقض لم أفهمه . يبدو أنك تذهب فى الطريق الخطأ ، وتريد إثبات عكس ما
قصدت . بدأت بالقول إن تعارض الأديان يلغيها والآن وكأنك تقول إن تشابهها
هو الذى يلغيها ! جـ : فعلا ! أول مرة
آخد بالى . هذا صحيح بالطبع . لكن ما أريد قوله إنه سواء اختلفت أو
تشابهت فمن المستحيل أن يكون أى من تلك الأديان صحيحا ، ليس فقط لأن تلك
النظريات تتناقض مع بعضها البعض ، وليس فقط لأنها جميعا تتناقض مع ما أثبته
ويثبته كل يوم العلم التجريبى ، إنما لأن كل نظرية فى حد ذاتها تتناقض
أجزائها بعضها البعض على نحو مخجل لا ينطلى على طفل عنده 99 0/0
إيمان و1 0/0 عقل ! س : ليكن ! دعنى
أجاريك فى نظرية السببية تلك ، والتى تسمونها المنهج العلمى . لكنك لن
تقنعنى أبدا أن كل ذلك جاء من فراغ . من البديهى و’ العلمى ‘
وبناء على نظرية السببية بتاعتكم فإن لكل شىء خالق ؟ جـ : حلو الكلام !
الإله خلق الإنسان . ماشى ! ممتاز جدا منطق أن لكل شىء خالق ،
فقط قل لى إذن من فضلك من خلق ذلك الإله الذى تتحدث عنه . إنها دوامة لا
نهاية لها ، صدقنى أنت الخاسر فيها ولست أنا . س : الخلاصة أنت ترفض
مفهوم المطلق برمته ؟
جـ : هناك شىء اسمه
النسبية . هذه النظرية ألغت كل ما اعتقدنا أنه مطلقات الكون ، ولم تبق
سوى على مطلق واحد هو سرعة الضوء ، ولن أدهش إن اتضح يوما من منظور فوق‑كونى ،
إن لم يكن من منظور كوننا المعروف نفسه ، أنها هى الأخرى ليست مطلقة .
ربما شديدة الثبات ، لكن ليست مطلقة . صديقى ، هناك فجوة بين
مفهومنا للإشياء وبين حقيقتها . من يتخيل مثلا أن الأرض كلها لو خلصت من
الفراغات بين جسيماتها لأصبحت فى حجم حبة قمح ؟ فى قول آخر لا يوجد شىء
اسمه جسيمات أصلا . الجسيمات نفسها ما هى إلا موجات ، وإحساسنا نحن
بالأجسام الصلبة حولنا ما هو إلا وهم تعودنا عليه . وبالمناسبة ربما لأن كل
شىء ما هو إلا موجات ، ربما تأتينا يوما نظرية تفسر الظواهر الخارقة
كالتخاطر مثلا أو تحريك الأشياء ، والتى تولعون بها جدا أنتم
المتدينون ، بأنها ترجع لتوافقات موجية من نوع ما بالغ الندرة أو بالغ
الضعف أو كلاهما معا ! أو حتى تفسر بعض ألغاز الحياة العادية
المستعصية ، وأذكر أمور كان داروين نفسه من أوائل من تحيروا أمامها ،
وحاول معرفة دورها فى البقاء ، ولم ينجح . س : ربما تلك القوة أقنعت
أباك وأبى . جـ : هل سألتهما ؟
وكمان جايز التفسير موجات برضه ! س : خلينا فى
موضوعنا . وبعدين ؟ جـ : وبعدين لا
نعرف ، وربما لن نعرف أبدا . هل تتصور أن أينستاين المؤمن ده ،
هو أكتر واحد إدانا دليل على استحالة وجود إله ، أو على الأقل استحالة وجود
صلة بينا وبينه ، أو بينه وبيننا . أكيد قريت عن مناظرته الشهيرة جدا
مع نييلز بور . لما عارض بشدة مفهوم اللا يقين ، ورفض فكرة أن
الجسيمات من الممكن أن توجد على أكثر من حالة فى نفس الوقت . س : أيوه لما قال له الرب
لا يلعب النرد مع الكون ؟
جـ : ما هو يعنى إيه لا
يلعب النرد ؟ يعنى أن الحقيقة موجودة ، أى الجسيم موجود ، لكن من
المستحيل نوصل لها ، أى نوصل لرصده . هنا أينستاين بيناقض نفسه ،
وبالتحديد فى نفس السياق إللى قال فيه الجملة ! س : أنت جبار صحيح !
الجملة المشهورة اليتيمة إللى جاب فيها أينستاين سيرة ربنا ، وخلت ناس كتير
فى الغرب متمسكة بالإيمان ، مستكترها علينا ، وبتقول إن هى نفسها إللى
بتثبت أن ما فيش ربنا ؟ جـ : بالظبط ! أليس
ممكنا أنه توجد حياة ذكية بالصدفة على أحد إليكترونات جسمك ؟ س : ممكن ! جـ : هل يمكن لك أن تعرف
بوجود هذه الحياة ؟ س : ممكن ! جـ : لأ ، موش
ممكن . فارق الأحجام يمنعك . هو ده كلام أينستاين . هو بيقول
الحقيقة موجودة ، والمشكلة أننا لا نستطيع الاستدلال عليها . كى ترصد
وجود جسيم أنت تحتاج لأن تضربه على الأقل بفوتون واحد من الضوء . وفى
العالم الصغير جدا ، فوتون ممكن يدمر أكوان كاملة ، موش يغير حالتها
بس . أنت تحتاج لموجات ذات أطوال أقصر بكثير كى لا تدمر تلك
الجسيمات ، لكن ساعتها لن تستطيع أنت رصد هذه الترددات الفائقة جدا .
إذن الشىء القطعى أن هذا الإله المزعوم لا يعلم أى شىء عن وجودنا على وجه
الإطلاق ، ويستحيل عليه ذلك مهما حاول . العكس صحيح برضه . هذه
الحياة الذكية لا تستطيع أن تتوصل لك لأنها تحتاج لمستويات طاقة وأحجام ضخمة
تفوق قدرتها بكثير كى ترصد وجودك . جايز كمان يكونوا بيعبدوك وداخلين فى
حروب أهلية أو عالمية مع بعض بسبب الدين ، وما يعرفوش أنك مجرد شخص فاسق
مثلك عايش على هواه . س : أنا لست فاسقا ! جـ : ذلك معناه أننا أصغر
حجما من أن نمتلك أدوات رصد لرؤية ما وراء هذا الكون . إنها ذات القوانين
أيضا بالنسبة للماكروكوزموس . حين نتحدث عن مسافات شاسعة تحتاج أزمانا
طائلة وسرعات هائلة لوصولها ، فإن الكون ، أو الزمان‑المكان ،
الزمكان ، ينحنى حسب تعبيرات نظرية النسبية ، ولن تستطيع الإفلات من
هذا الكون أبدا ولو انطلقت بسرعة الضوء ، أو كما قيل على نحو أكثر تحديدا
لن ترى فى النهاية إلا قفاك ! المؤكد يقينا أننا لن نعرف أبدا إذا كان يوجد
خالق لذلك الكون الكبير البعيد أم لا ، وبنفس القدر من التأكيد واليقين هذا
الخالق لن يعرف هو نفسه بوجودنا . س : هذا يذكرنى بقوانين نيوتون
التى سميت قوانين لأنه بدا أنها تنطبق على كل الكون ، ثم حين عرفنا الأكوان
الأكبر جدا والأصغر جدا اتضح أنها مجرد حالة خاصة تنطبق فقط على الأحجام
الملموسة بالنسبة لنا . أنت بتلك الطريقة قد تثبت عدم وجود وحى ، لكنك
لا تثبت عدم وجود إله ، هذا أقصى ما يمكن أن تصل إليه .
جـ : وهل أحتاج لأكثر من
هذا ؟ ! لو أن ثمة كائن ما أضخم ، وراء هذا الكون ، فهو فقط
حياة أكبر منا حجما بواحد إلى جانبه مئات الأصفار ، لا أكثر ولا أقل ؛
كينونة قد تكون أفضل ، قد تكون أسوأ ، لا نعرف . هذا الذى ربما
يكون مجرد ذرة فى كون آخر أكبر ، أو ربما رذاز تنفس أو براز كائن ما
ضخم ، كائن مادى ‑أى من نفس مادة كوننا‑ غالبا ، ربما
قبيح أو شرير أو جماد أو أى شىء ، لا نعرف ولا يهمنا أن نعرف . حتى لو
هو كائن ذكى طيب وحكيم جدلا ، فهو لم يرسل لنا شيئا ؛ هو لا يستطيع أن
يرانا ، لا يستطيع أن يسمع صلواتنا ، هو لم يخلقنا ، هو لا يعرف
بوجودنا أصلا ، ناهيك عن أن يتحكم بمصائرنا أو يقيمنا من الموت أو يحاسبنا
( طبعا لا أحد يستطيع إقامتنا من الموت لأننا نعلم أن حيواتنا لا تقوم على
نفخة روح إنما على تفاعلات كيميائية تنتهى للأبد بموتنا ) . س : ألا يقولون إنه فى
الأكوان بالغة الصغر يستحيل التمييز بين الجسيم والموجة ، وفى الأكوان
بالغة الكبر يستحيل التمييز بين الجرم والسديم ، ألا يذكرك هذا بثنائية
أخرى : المادة والروح ؟ ثم ما أدراك أنه لن تظهر يوما نظرية تهدم
نظرية النسبية ( لاحظ أنهم أسموها نظرية ، فلم يعد أحد يجرؤ بعد على
الحديث عن قوانين ) ؛ نظرية جديدة تقول إن التواصل لا يحتاج لفوتون
بالضرورة ؟ الفوتون قد يكون مجرد وسيط ، وهناك جسيم أصغر جدا يعطيه
المعلومة فيفهمها بطريقته ثم يوصلها هو لنا !
جـ : فوتون رسول
يعنى ؟ ! ممكن ! كمان كلامك صحيح : كلمة قانون تسرى فقط على
الأحجام الملموسة لنا ! لأ ! استنانى لحظة واحدة ! لو أن هذا
الإله الذى خلقنا هو وسيط بيننا وبين إله أكبر هو خالق الكون ، فإن لا أحدا
منهما فى هذه الحالة كلى الجبروت ، لأن ببساطة فارق الأحجام قد منعه .
أوه ، يبدو أننا لن نستطيع الاستغناء عن أرسطو حتى أبد الدهر ! جايز
تطلع النظرية إللى بتقول عليها لكن ساعتها ها يكون اسمها نسبية النسبية !
أنت تقول إننا لا نزداد علما أبدا إنما نزداد جهلا فقط ؛ هذا ينطبق هنا كأدق
ما يكون الانطباق . نسبية النسبية جائز ، إنما العودة تانى للمطلق
مستحيل ؛ فبعد نظرية النسبية قد مات المطلق مرة واحدة وللأبد ،
وبالدليل العلمى الحاسم ، وانتقلنا فى معرفتنا بما وراء الطبيعة من
’ لا ‘ نعرف إلى ’ لن ‘ نعرف ( وللأسف لا يزال البعض
يعيش فى مرحلة شديدة البدائية سابقة على الاثنين ، اسمها الدين يقول فيها
نحن نعرف ) . س : أنا أعرف وجود الرب
بإحساسى ، وليس بأينستاين . جـ : الخلاصة : ها
أنذا أتيتك بدليل علمى تجريبى قاطع وغير قابل للدحض يثبت عدم وجود خالق على أى
نحو أمكن أو سيمكن للبشر التفكير فيه ؛ فقط من الجائز أن تكون هناك كينونة
خارج‑كونية لا نعرف من صفاتها إلا : 1- أنها أضخم حجما بمراحل من
كوننا ، 2- أنها بالحتم غير صاحبة وجود أو أثر أو قدرة على الاتصال إلى ما
داخل الكون ، لأن ببساطة تامة ‑طبقا لنظرية النسبية كما قلت‑
فارق الأحجام يمنعه ! … يا
صديقى ، مع احترامى الكامل لأينستاين : عبارة ’ الرب لا يلعب
النرد مع الكون ‘ صحيحة ، لكن ليس معناها عدم وجود نرد ، إنما
عدم وجود رب ! س : هل أفهم من كده أنك
عاوز تقول إنك أول من أتى بدليل إثبات لعدم وجود الإله ، بينما كل التاريخ
قبلك مجرد الدفع بكونها فرضية من بتوع علم المنطق لا تقوم عليها أدلة
كافية . كل العلمانيين قبلك حاولوا إقصاء أو تنحية dismiss
الإله من الطبيعة قطعة قطعة ، حاولوا النفى negative من
موقف المدافع ، أما أنت فتأتى بالدليل الهجومى الثبوتى affirmative الإيجابى positive على خلو الكون من إله ؟ ! جـ : - ليس فقط أنى تخطيت
الخيط الرفيع بين القول لا أومن بوجود رب إلى القول أؤمن بعدم وجود رب ؛ هم
‑على أقصى تقدير‑ أثبتوا أنه غير موجود فى كوننا المعروف ، لكنهم
لم يغلقوا الباب أمام احتمال وجوده فى كون آخر أو زمان آخر ، وأنا أول من
فعل هذا ! … أنا معك أن العلماء آخر من نسألهم عن المتضمنات
الاجتماعية والفلسفية لاكتشافاتهم ؛ لم يخطر ببال نيوتون أن ثلاثة أسطر
صغيرة كتبها ستفتح لنا طريق السفر للفضاء ، داروين ظل مؤمنا حتى آخر لحظة ،
أينستاين يتحدث عن الرب وكأنه بديهية ، من اكتشفوا أشباه الموصلات لم يخطر
ببالهم أنهم فى الواقع يخلقون كوكبا جديدا بالكامل ، وهكذا وهكذا . مثلا
لولا سپينسر لما وجدت لنظرية داروين أية متضمنات فلسفية ولا اجتماعية ولا دينية
ولا سياسية . س : وطبعا لولاك أنت لما
وجدت لنظرية أينستاين أية متضمنات فلسفية ولا اجتماعية ولا دينية ولا
سياسية ! جـ : الاستثناءات هنا
قليلة جدا ، وشخصيا لا أعرف منها إلا چيمس واتسون ، الذى كان وظل يعلم
ماذا يعنيه الدى إن إيه اجتماعيا وسياسيا وفلسفيا وكل شىء . مع ذلك أقول لك
لا تكذب على نفسك ؛ إحساسك الذى تتكلم عنه يدور فقط فى حدود الملموس ،
والمهم أن كلنا لا يعرف أى شىء . فقط ‑لحسن الحظ‑ نعرف شيئا
واحدا : نعرف أن الأديان تخاريف . نعرف أسماء الذين اخترعوها ،
نعرف خريطتهم السيكولوچية المهترئة ، نعرف أنها أتت من عقلية بدائية محدودة
المعرفة والتصورات لدرجة مفزعة . إنسان العصور القديمة والوسطى ، ذو
الجلابيب والشباشب الذى لا يتجاوز من حيث المعرفة والقدرة العقلية طفلا معاصرا
فى إحدى المدارس الحديثة فى السادسة من عمره ؛ بل فى الواقع هم أسوأ
بكثير : عقليات تطيرية superstitious ترى فى كل صدفة ‑عادية كانت أو
غريبة‑ ترتيبا إلهيا . فى تلك الأيام كانوا يتخيلون الهواء وقد امتلأ
بالعفاريت ( لو شئت تخيل الجو حقا ، فقد لا تجد أفضل من الصفحات
الأولى جدا من ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ ، وستعرف ساعتها ماذا كانت تصارع
الست أمينة بالضبط طوال الليل ) . كان المرض خللا أصاب الجسد بسبب
تجربة إلهية أو عقاب ، لا بسبب ميكروبات أو ڤيروسات . كانوا
يرون فى الكوارث الطبيعية أو حتى كسوف الشمس أو شح المطر ، نذر غضب مشئوم
ونقمات من الآلهة على عصيانهم وخطاياهم . المطر كان إما نعمة إلهية وخير
مطلق ، وإما نقمة غضب لو كان أكثر مما يجب أو لو صاحبته البروق والرعود
والعواصف ، أو حتى أحيانا مجرد إله يبكى ناعيا ما آل إليه حال
الدنيا ، أو لأن قلبه قد رق لتجمع الناس واسترضائهم له بالسجد والتعاويذ كى
يستسقى الأرض العطشى . كانت السماء سقفا أزرق اللون يمكن الوصول له لو أمكن
بناء برج بالارتفاع الكافى ( فقط اختلفوا هل هذا السقف المرصع بالثريات
مسطح أم نصف كروى ، لكن كما تعلم لم يختلفوا قط على أن الأرض نفسها
مسطحة . ثم أن الإله نفسه كان أكثر منهم سذاجة ‑أو عملا بالمبدأ
المصرى ما أهبل من سيدى إلا ستى‑ لم يعرف أنهم كلما صعدوا لن يجدوا إلا
المزيد من الهواء ، بل حتى بعد فترة لن يجدوا الهواء ذاته ، فخاف من
هؤلاء الغزاة وسارع لبلبلة ألسنتهم قبل أن يدقوا أسواره ويحتلوا أراضيه ،
أقصد سماواته ! ) ، والنيازك أحجارا سوداء مقدسة يرسلها لنا
الآلهة كى نسجد لها ، أو بالمثل كان كل المطلوب لمعرفة أين تغرب الشمس
السفر بالقدر الكافى غربا ! س : بدأنا بمشكلة
وانتهينا بمشكلتين . جعلت ذلك الكائن الضخم لا يعلم أننا موجودون ؟ جـ : إذا كنا لا نعرفه
فلا نعرف بالأحرى أى شىء عن طبيعة أجهزة الرصد عنده ! الأرجح أنها أيضا
مسألة أحجام ، وأنه مثلك حين لا تستطيع رصد الحياة الذكية على أحد
إليكتروناتك . ثم أين المشكلة أصلا : فى كلا الحالتين نحن نعرف أننا
لا نعرف ، أليس هذا علما كافيا يستحق الفخر بالنسبة لعشيرة حثالية كالعشيرة
الإنسانية ، لا يختلف مصيرها الأبدى عن مصير أى صرصور يدهس ويموت ،
مما يشاركها السكنى ذرة الغبار الكونى المسماة الأرض ؟ وبعدين ليه كل وجع
دماغ ده . ده أصلا شخص مريض ، بيقول عن نفسه أنه ما خلق الجن والإنس
إلا ليعبدوه . إيه السيكولوچية المنحرفة دى ؟ أنا أعرف مليون حاجة
أفيد وأنفع وأعظم ممكن تعملها غير أنك تحط وشك فى الأرض سجودا للهو خفى لا حد
شافه ولا حد كلمه ، إعمار الأرض مثلا ، تنمية التقنية مثلا ،
مليون حاجة . حتى لو موش مريض ، أو حتى لو صديق للإنسان زى ما بتقول
أديان تانى ، هو ليه واحد عظيم و’ ضخم ‘ زى ده إللى بتقولوا عليه
يهتم بسلوكيات واحد فى قرية استوائية أو فى الصعيد الجوانى ، ويحاسبه
ويعاقبه ، بعد ما يحفظها له فى سجلات حاسوب أو أرشيف فى الدور الأرضى مليون
ولا بليون سنة . بذمتك ده موش عبط . إزاى تعبد واحد أهبل وهايف للدرجة
دى ؟ س : يعنى موش عاوزه يحاسب
الناس ؟ جـ : ويحاسبهم ليه ؟ س : علشان هو إللى
خلقهم . جـ : يا سلام ؟ معنى
كده الإنسان مسير . وبما أنه مسير ، نفسى أعرف يتحاسب ليه وعلى
إيه ؟ س : لأ هو مخير ،
وعلشان كده بيتحاسب على قراراته وتصرفاته ؟ جـ : أنت متأكد من
الإجابة دى وموش هتغيرها ؟ لما هو مخير يتحاسب ليه ؟ منين مخير ومنين
يتحاسب ؟ مين إللى خير الإنسان يبقى مخير ؟ مين إللى خير الإنسان
يتوجد أصلا ؟ يعنى هو برضه مسير فى إنه مخير ، وفى الحالتين من الظلم
إنك تحاسبه ؟ افرض إنه موش عاوز يبقى مخير يا سيدى ، ولا هى كل
الحكاية إن صاحبنا إللى فوق غاوى تجارب وسادية ؟ مريض يعنى ! يا صديقى ،
العملية زى ما قلت لك عبط فى عبط . ولحسن الحظ نحن نعرف على وجه اليقين من
أين أتت الأديان ، وليس فى هذا أى لغز أو أية أسطورة ، بل حقائق
معاشة ، وأسباب ومسببات دونتها لنا بإسهاب كتب التاريخ ، وحتى كتب
العقيدة نفسها . لحسن الحظ نعرف على وجه اليقين وبالاسم الأشخاص الذين
اخترعوا فكرة الإله المشخص الخفى ساكن السماء . نعرف ظروف حياتهم
ومجتمعاتهم وخلفياتهم الثقافية ومستوياتهم التعليمية ، ونعرف خريطتهم
النفسية المشوهة تماما التى أودت بهم لمثل ذلك الاختراع الفاحش الذى أدى لتآكل
وانهيار روح الإنسان تحت نير العبودية المطلقة لذلك اللهو الخفى ولوكلائه
المزعومين على الأرض المنصبين ذاتيا للقوامة والوصاية على كل البشرية بالترغيب
حينا بحرق الكتب وسفك الدماء والرجم وقطع الرءوس أحيانا أغلب . وكما أن
بإمكان البعض تقديس هؤلاء ، من حقنا أيضا أن نطالب بتحويلهم لمحكمة التاريخ
لمحاكمتهم عن إنحرافهم النفسى وعن جرائمهم المدنية والجنائية التى تشمل السرقة
والقتل والكذب ، أو للدقة شملت كل شىء دون استثناء واحد بما فيه پورنو
الأطفال . وعلى رأس كل ذلك طبعا محاكمتهم على أعظم جريمة على وجه الإطلاق
ارتكبت فى حق البشر على امتداد كل التاريخ وهى تزييف وجود هؤلاء الآلهة الخفية
الثلاثة ، ومن ثم ما سفك من دماء بسببهم سواء عنفا ضد أفراد اتهموا
بالزندقة أو بأى شىء ، أو لم يتهموا لكن ملأ الرعب قلوبهم هلعا من عذاب
النار مستقبلا ، وأكل الخوف أرواحهم تحسبا لبطش السماء بهم فى أية لحظة حاليا ،
أو سفكت عنفا وحروب إبادة تجاه شعوب كاملة حيث أن باسم هؤلاء الآلهة شنت حروب
أودت بحياة مئات الملايين من البشر ، ولا يوجد عبر كل التاريخ سبب آخر أدى
لإزهاق مثل هذا العدد من الأرواح مثلما حدث باسم آلهة التوحيد هؤلاء ، بل
أن كل الأسباب الأخرى للحروب مجتمعة لم تقتل مثل هذا العدد أبدا ! إنها ‑أقصد
هذه الأديان‑ لحسن الحظ ذات خصائص معروفة ومميزة : كلها ظهرت فى
منطقة محددة هى الشرق الأوسط ، فى كوكب محدد هو كوكب الأرض ، وبواسطة
عشيرة بيولوچية محددة هى الإنسان ، وتحت ظروف محددة هى الجهل المطلق .
نعم ، هى أتت ، والأهم أنها لم تكن لتأتى إبدا بطريق غير هذا ،
أتت من عقلية بدائية محدودة المعرفة والتصورات لدرجة مفزعة . إنسان العصور
القديمة والوسطى ، ذو الجلابيب والشباشب الذى لا يتجاوز من حيث المعرفة
والقدرة العقلية طفلا معاصرا فى إحدى المدارس الحديثة فى السادسة من عمره .
فى تلك الأيام كانوا يتخيلون الهواء وقد امتلأ بالعفاريت ( لو شئت تخيل
الجو حقا فقد لا تجد أفضل من الصفحات الأولى جدا من ثلاثية القاهرة لنجيب
محفوظ ، وستعرف ساعتها ماذا كانت تصارع الست أمينة بالضبط طوال
الليل ) . كانوا يرون فى الكوارث الطبيعية أو حتى كسوف الشمس أو شح
المطر ، هى نذر غضب مشئوم ونقمات من الآلهة على عصيانهم وخطاياهم .
بالمثل كان المرض خللا أصاب الجسد بسبب تجربة إلهية أو عقاب . المطر كان
أما نعمة إلهية خير مطلق ، وإما نقمة غضب لو صاحبته البروق والرعود
والعواصف ، أو حتى أحيانا مجرد إله يبكى ناعيا ما آل إليه حال
الدنيا . كانت السماء سقفا أزرق اللون يمكن الوصول له لو أمكن بناء برج
بالارتفاع الكافى ( فقط اختلفوا هل هذا السقف المرصع بالثريات مسطح أم نصف
كروى ، لكن كما تعلم لم يختلفوا قط على أن الأرض نفسها
مسطحة ! ) . أو بالمثل كان كل المطلوب لمعرفة أين تغرب الشمس السفر
بالقدر الكافى غربا ، وأحد أبطال قرآن الإسلام مثلا تطوع وقام عنا فعلا
بتلك المهمة الشاقة واكتشف أنها تنام فى عين ماء ملتهبة ( أكيد
ملتهبة ، وده طبعا من الإعجاز الثرمودينامى للقرآن ! ) . س : أشعياء قال بكروية
الأرض ! جـ : هراء ! إنها
عينها الكلمات المبهمة شبه الشعرية التى تتكون منها كل مادة كل الأديان .
أنا متأكد أن لو حدث وثبت أن الأرض مسطحة ، لما وجدتم فى هذه الحالة مجرد
آية مفردة مبهمة شعرية مثل ’ الجالس على كرة الأرض ‘ ، بل المؤكد
أنكم كنتم ستجدون ساعتها مليون آية وآية تقول إن الأرض مسطحة ، ثم تقولون
انظروا ها هو الإعجاز العلمى للنص المقدس . المفاجأة هنا أن كلمة كرة لا
وجود لها أساسا فى اللغة العبرية ، كلمة دائرة فقط الموجودة ، وكل
الأمر خطأ شهير اقتصر على الترجمة العربية ، وانظر الترجمة الإنجليزية أو
أية ترجمة . أرجوك دعنى أولا أكمل كلامى عن العقلية الخطلة لإنسان القرون
القديمة والوسطى . الجهل لم يقتصر على المطر وأجرام السماء وغيرها من ظواهر
الطبيعة ، بل كان جهلا جامعا شاملا . طبعا وإذا كان الحال كذلك ،
فإن الإنجاب والتكائر ناهيك عن الخلق والحياة نفسيهما ، كانت بالنسبة لهم
معجزات مخيفة الجبروت لدرجة لا يمكن أن تتم بها دون نفخة مباشرة من روح الرب
شخصيا . لم تكن هناك فيزياء نووية ولم تكن هناك بيولوچيا جزيئية ، ولم
يكن هناك داروين ولا فرويد ، ولم يكن هناك أنثروپولوچيا طبيعية أو حتى علم
أمراض جيد . فقط كذلك كانوا يفكرون ، وتلك ’ الأديان ‘ هى
علومهم التى كانت تفسر لهم كل شىء ، وبدرجة مرضية جدا من وجهة نظر عقولهم
المسكينة !
س : ليكن . لكن
أتنكر أن الأنبياء أتوا بحكمة عظيمة تستحق التفكير والتأمل ؟ جـ : طبعا لا أنكر !
حكمة عظيمة ، تساوى عقلية طفل معاصر فى الثانية عشرة ! هنروح بعيد
ليه ؟ أنا عندى موقع على الإنترنيت بأتنبأ فيه
مليون مرة أحسن من أى نبى من بتوعك ؟ إللى بيقوله الموقع غالبا
بيحصل . عارف ليه ؟ لأنه بيحاول يتمسك بالعلم والتفكير العلمى .
مفيش حاجة بتجينا م السما ! س : ما هى المرجعية
إذن ؟ لا بد أن ثمة مرجعية ما لهذا الكون . جـ : بالطبع هناك
مرجعية . إنها الكون نفسه . على الأقل بالنسبة لنا هذا هو ما
نعرف ، أو بالأحرى أقصى ما نعرف بقدر ما يعطينا إياه العلم التجريبى .
دورنا وخطوتنا التالية أن نستلهم من هذه المعارف والقوانين ، حقيقة ما تريد
المادة ، أو كيف تفكر المادة . والواضح أنها تسير نحو مزيد من التطور
والتقنية والاستعقاد ، وما إليها . س : وكأنى أسمع أصولية
تريد العودة بنا بلايين السنين للوراء ! جـ : سمها ما شئت ،
لكنها ليست أصولية تتمحور حول تهاويم مريضة لنجار رث أو بدوى جاهل عاشوا فى أحد
الأركان المنزوية لعصور الظلام الغابرة ، ولم يرتدوا قط الكراڤتة أو
البنطلون مثلنا . أصولية أساسها العلم والمنطق وقوة التاريخ الطبيعى وجبروت
التاريخ الكونى . أصولية تستلهم 4 بلايين من السنين من التاريخ البيولوچى
للأرض ، بل قل 14 بليون سنة من تاريخ الكون وصراع القوة الرهيب فيه .
لو لم نفعل هذا لن تكون لدينا البوصلة الصحيحة للمستقبل ، وسنتمحور حتى
نموت حول ذواتنا الإنسانية ندلك فيها غريزة التميز والكبرياء ، بنظريات
إنسانية سواء كانت دينية أو حتى ’ ملحدة ‘ بمصطلحاتكم ! دفع عجلة
المادة ، أقصد التطور والتقنية والاستعقاد للأمام ، سوف يعطينا كائنات
بعد‑إنسانية حاسوبية أو بيولوچية خارقة الذكاء والقدرات ، وهلم
جرا ، بل ومما لا نعرفه الآن بالضرورة . هذه حتمية لا فكاك
منها ، وإلا كانت عجلة التطور قد وقفت يوما عند الصرصار أو الحمار أو
القرد . س : الخلاصة أنت عاوزنا
نسيب الدين . جـ : إطلاقا ! مين
قال كده ؟ تسيبوا الدين تروحوا فين يا عم ؟ ما عندكومش تعليم ؟
ما عندكومش اقتصاد . ما عندكومش أى ميزة تنافسية فى الصراع الرهيب إللى
حوالينا . حتى ما عندكومش فكرة عن أن حكاية المنافسة دى موجودة أصلا .
أنا لو متدين فعلا زيك وشايف كل يوم إسرائيل بتعمل فينا إيه ، لقلت من دون
أى تردد ولو لثانية واحدة إن الله بتاع الإسلام ده إله مزيف والإله الصحيح هو
يهوه القديم العبيط بتاع التوراة . لسوء حظى أنى موش متدين وموش معترف بده
ولا ده . حبيبى ، أقولها لك بصراحة ، لو هتسيبوا الدين كنتوا
سبتوه من زمان ، زى ما عملت بقية شعوب الدنيا . دى مسألة چيينات ،
موش حاجة تانى . انتوا لاقيين تاكلوا ؟ تسيبوا الدين تروحوا فين يا
عم ؟ كده كويس قوى ! بص ، وبصراحة أكتر ، العلمانية موش
نادى مفتوح ، وموش عاوز أتوههك أكتر وأقول لك هى نادى لليهود والپروتستانت
بس ، أو أقول لك لاحظ أن اليهود ( إللى ما عادوش دين طبعا إنما شعب
علمانى بل أول شعب علمانى فى العالم منذ ظهور الأديان ) إنهم تاريخيا ‑وعكس
كل الأديان‑ لم يبشروا بل لم يسمحوا لأحد بالانضمام لعقيدتهم . أو
بالمثل لاحظ أن الاستعمار الإنجليزى ‑وعكس كل الاستعمارات‑ ما كانش
بيحاول يخلى حد من الشعوب المستعمرة يبقى زيه . علشان كده الأنجلو‑يهود ،
أو إللى بأحب أسميهم شايلوك وچيمس وات ، هم حضارة الثورة الصناعية وهم
حضارة النهار ده وهم حضارة العالم مليون سنة لقدام . العلمانية حكاية موش
سهلة زى ما أنت فاهم ، وموش أى چيينات تنفع ليها . أنتم ما لكوش مكان
فى الدنيا . جايز لكم فى الآخرة ، لكن فى الدنيا لأ !
س : يعنى عاوز تقول أنتم
صفوة وإحنا حثالة ؟ جـ : أنتم إيه ما
أعرفش . إحنا صفوة أيوه . الغالبية الكاسحة من أعضاء الجمعيات العلمية
الكبرى فى الغرب ، يعنى إللى أنتجوا العلم والتقنية بجد ، لا يؤمنون
بالأديان . وبعدين يخترعوا إزاى أو يخلقوا إزاى إذا كانوا عبيد لحد ؟
حثالة وصفوة ؟ حلوة ! كل إللى أنا متأكد منه أن فيه فارق واضح جدا فى
مستوى الذكاء بيننا وبينكم ، ونروح للمكن يحكم بيننا . س : أنا فعلا تهت ،
والحوار واضح رايح حته تانية . هذا كان رأيى على أية حال ، كما أن
موعد الصلاة قد حان ! جـ : چيينات ! مسألة
چيينات ! لا أعرف لماذا كلما أجريت حوارا مع أحد ، أتصرف وكأنى أسمع
چييناته وأكلم چييناته ، وكأنه هو غير موجود ؟ س : ماذا قلت ؟ جـ : لا شىء ! وأنا
أيضا ذاهب لكن للاستمتاع بزجاجة من س : لماذا لا تستمع
لنصيحتى يوما وتجرب أن تكون عف اللسان ، ولو على سبيل التغيير ؟ جـ : چيينات ! مسألة
چيينات ! س : ماذا قلت ؟ جـ : لا شىء ! لم
أقل أى شىء على الإطلاق . أنا أيضا لا أقول أى شىء على الإطلاق ! [ للمزيد عن رؤية الموقع
لسيرة يسوع وللمسيحية تابع بالأسفل المدخل
المستفيض كثيرا بمناسبة فيلم ’ حرقة المسيح ‘ ، والذى تحول لاحقا
لكتاب تهافت المسيحية ، ثم توسع بمداخل أخرى من ذات الصفحة ليصبح المسيحية
هى الهرطقة ] . الجديد : 7 أغسطس 2000 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) استجد اليوم ما يؤكد بوادر المواجهة الوشيكة بين هولليوود والساسة
المحافظين ، وهو اختيار آل جور المرشح الديموقراطى للرئاسة الأميركية
للسناتور چوزيف ليبرمان كمرشح له لمنصب نائب الرئيس . والمعروف عن ليبرمان
أنه يهودى متدين ومعاد لهولليوود ، وكأن الحزب الديموقراطى أصبح فى حالة
مزاد علنى مع الحزب الجمهورى لإسترضاء المتدينين حتى لو كان هذا على حساب المبادئ
التاريخية التقليدية للحزب . 11 سپتمبر 2000 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) أعلنت اليوم لحنة التداول الفيدرالية الأميركية FTC اليوم تقريرها المنتظر عن تسويق
صناعة الترفيه للعنف بين الأطفال . اقرأ تعليقنا فى صفحة الرقابة حيث أننا انتهزنا الفرصة لتقديم
لمحة عن تاريخ الرقابة فى أميركا ، ودور المحكمة العليا فى مسيرة التحرر
هذه .
18 سپتمبر 2000 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) منذ سبعة أيام انتهى تعليقنا أعلاه بأن لا محل
كبير للتفاؤل مع سباق الساسة الأميركيين لخنق هولليوود ، وإن كنا أميل
لافتراض أن الآثار قد تكون وخيمة على المجرى الطويل . كالمتوقع كان رد
الصحافة المتحررة اجتماعيا حادا وصارما طيلة الأسبوع وأهمه بالطبع فى نفس اليوم افتتاحية
النيو يورك تايمز التى أدانت بشدة ماوصفته فى عنوانها ’ التفريط بثمن
بخس ‘ من جانب آل جور بالمبادئ الليبرالية ( ونقصد المعنى الاجتماعى
للكلمة ) لحساب حفنة من الأصوات الانتخابية ، وإن أضافت فى نبرة
متفائلة أن كل السياسيين يندفعون إلى مواجهة مع التصليح الأول للدستور وأنها
ستكون مواجهة خاسرة . لكن الرأى الأكثر إثارة إطلاقا جاء إخيرا اليوم من
مجلة لا تقل ليبرالية لكنها تختلف من كونها أكثر ’ داخلية ‘ وعلما
ببواطن الأمور فى هولليوود ألا وهى مجلة بيزنس الترفيه الأعرق والأشهر ڤارايتى .
فى افتتاحية رئيس التوضيب پيتر بارت التى لا تقل حدة يبدأ بعد
العنوان المثير ’ العاصمة تقيد من المشاهدين والوظائف والعقول ‘ بذات
فحوى الكلام عن المبادئ الليبرالية الاجتماعية بما فيه الإشارة لإفتتاحية النيو
يورك تايمز ملفتة القوة ، وأيضا الحقيقة المعروفة عن تراجع العنف بوضوح فى
المحتمع الأميركى وعدم ثبوت أى رابطة فى أى وقت بينه وبين عنف الوسائط .
لكن ما تمر أمامك فقرات المقال حتى يتسلل لك شعور بالغ العمق بالتشاؤم ،
وليس على المجرى الطويل وحده كما كتبنا ! المقال يبدأ بحديث ساخر عن الإنجازات العظمى لهؤلاء
الساسة فى محاربة أفضل أفلام العقد الأخير بدءا من طابور الأفلام الحائزة على
أوسكار أحسن فيلم وأغلبها من المعيار R
وحتى أحد أفضل أفلام العام الحالى والضحية المباشرة الأولى
للتقرير فيلم Almost Famous ( نحن
نتساءل بدورنا هل ستواصل الأكاديمية منح جوائزها للأفلام الرومانسية عديمة اللون
والطعم والرائحة بعد أن أصبحت الأمور مسألة حياة أو موت وأن بات واضحا أن حتى
هذه نفسها ليس مرضيا عنها جدا لدى الساسة ؟ ) . بعد ذلك يبدا بارت فى سرد عميق لسلسلة من النقاط
يرى أنها الخطر –أو قل الإنجاز– الحقيقى لهؤلاء الساسة : 1- أن هؤلاء الساسة يتدخلون فى صميم حق الآباء فى
اصطحاب أطفالهم للأفلام من معيار R وهى
ظاهرة يريدون وقفها فقط من خلال الترهيب ( يشير أيضا لذات المؤشرات التى
تقول لأن الأمهات هن الأميل للنفور من عنف الوسائط لكن يضع هذا فى إطار انتخابى
صريح ويقول أنهن من بيده مفاتيح المملكة ) . 2- إن هؤلاء الساسة يرهّبون اللجنة المستقلة التى
تمنح المعايير الرقابية والنتيجة ميل متزايد للتشدد لديها ويضرب أكثر من مثال
على هذا ، زائد أن أصبح أكثر من نصف الأفلام يحصل على المعيار R بهدف محاصرته . 3- إن هؤلاء يستحثون الميول الكامنة لدى بعض ملاك
الأستوديوهات مثل يونيڤرسال وسونى المملوكة لأجانب ( كندى وياپانيين
بالترتيب كما نعلم ) أو تملكها أوليجاركية محافظة بطبعها مثل ريوپرت ميردوك
صاحب فوكس أو چاك ويلش رجل كرسى چنرال إليكتريك صاحبة إن بى سى ( إضافة من
عندنا : والباقون ليسوا چاك وارنر بالضرورة ! ) . 4- إن الرابطة التاريخية بين الحزب الديموقراطى
وهولليوود قد تفككت . 5- إن عصر صناع السينما الليبراليين ’ الأصلاد
من شريحة سترايساند–سپييلبيرج ‘ كما يسميه قد ولى وسيحل محله التفكير
الپراجماتى الذى سيتعامل مع الساسة من خلال قاعدة خد وهات وليس بناء على التقاء
المبادئ . ( يقصد بالطبع الليبراليين بالمعنى الاجتماعى للكلمة ،
وإن كانت ڤارايتى من صحافة البيزنس الليبرالية بالمعنى الاقتصادى الأصلى
أيضا ، وللمزيد من مناقشة إشكالية المصطلح الذى قالت الموسوعة البريطانية
عنه إنه عصى على التعريف انظر صفحة الليبرالية
التى أفردناها مؤخرا لهذا الغرض ) . 6- إن أميركا مقدمة على عصر جديد من محاكم التفتيش
الإسپانية . … اقرأ النص الكامل هنا ... اكتب رأيك هنا 21 سپتمبر 2000 : ما يلى كان فى الأصل عرضا
لواحد من ثلاثة أبحاث شكلت الدراسة الرئيسة
لصفحة الجنس ، لا نعتقد أن ثمة ما يمكن أن يكون أكثر مثالية منه للنقل إلى
هنا : صدر مؤخرا كتاب بعنوان ’ حركات الحياة النظيفة
—دورات الإصلاح الصحى الأميركية ‘ أو Clean Living Movements —American Cycles of Health Reform
للمؤلفة دكتورة رووث كليفورد إينجز Dr. Ruth Clifford Engs . وهو كتاب ينطلق أو بالأحرى يضع نظرية مثيرة للغاية عن أن الاهتمام
بالصحة يرتبط بالتدين وأنهما معا يدوران فى دورات تمتد كل منها ثمانين
عاما . المثير هنا أن المفترض أن يرتبط الاهتمام بالصحة
بالنهضة العلمية والطبية وليس بالدين ، والمؤلفة تتبع مائتى سنة من التاريخ
الأميركى فقط لتكتشف العكس ! تكتشف أن هذا يأخذ صورة الدورة التى تتكرر كل
ثمانين عاما تقريبا ومن هنا فقد مرت أميركا بثلاث موجات من الهوس الصحى—الدينى
هى كما يلى : الأولى بدأت من عام 1830 حيث ظهرت طوائف المورمون والأدڤنتست
والتى كان لها دورها الخاص فى الدعوة لصرامة الحياة والإقلاع عن الكحول ذلك
بالتزامن مع ظهور جمعيات أخرى مستقلة كجمعية الاعتدال التى هدفت لمحاربة
للمسكرات ومجتمع محاربة التبغ الأميركى وغيرها . تذكر المؤلفة على نحو خاص حملات أحد القساوسة الكلڤنيين
المشاهير ضد الكحول والشاى والقهوة واللحم ونطريته فى أن الخلاص يأتى من الحياة
الصحية ، كذلك داعية آخر نادى بالتقشف والأكل النباتى والنوم على أسرة صلدة
وتحاشى الدهون والحلويات والمملحات وشرب الماء الصافى فقط . كما ترى أن
إقلاع النساء عن المشدات والملابس المنتفخة يرجع أيضا لتبنى الكثيرين من هؤلاء
لمفهوم أن دور المرأة هو إنجاب أطفال أصحاء . هذه الحقبة استمرت ثلاثين
عاما لتكتمل سنوات الدورة بالحرب الأهلية وميل الناس للتحل من كل القيود
القديمة . الدورة التالية بدأت مع نهايات القرن التاسع عشر
ووصلت لذروتها فى العقد الثانى من القرن العشرين . أكبر علامات هذه الحقبة
تأسيس جمعيات الشبان المسيحية حركة الفكر الجديد ودعواتها المتصلة لترويض النفس
وكبح السلوك الجنسى على الأقل باعتباره مصدرا لانتشار للأمراض . وترصد
المؤلفة فى بعض الطرافة دور بعض زعماء هذه الجمعيات المباشر فى تدشين وتنمية
رياضية بناء الأجسام بل واختراعهم هم أنفسهم للكثير من الأدوات الرياضية
المستخدمة فيها . أما الموجة الثالثة فقد بدأت على استحياء مع نهاية
الستينيات ووصلت لدفعها الكامل فى السبعينيات ومن رموزها النجمة السينمائية چين
فوندا وأشرطتها الڤيديوية للتمارين الرياضية التى باعت بالملايين وجمعية
الأغلبية الأخلاقية التى أسسها چيرى فاليويلل ثم بالطبع فى تصاعد اليمين الدينى
السياسى فى التسعينيات . التفسير الرئيس الذى تقترحه الدكتورة كليفورد إينجز
وهى پروفيسور علم الصحة التطبيقى فى جامعة إنديانا ، هو أن أحد الأجيال يرى
فى التحرر سببا لكافة المثالب الاجتماعية فيلجأ للتدين ويمارس هذا القهر على
أبنائه وعلى الأقليات والمهاجرين وغيرهم ، لكن الجيل التالى سرعان ما يبدأ
فى التمرد إذ يرى أن شيئا من المشاكل الاجتماعية لم ينصلح فيتبنى مفهوم الحرية
من جديد ، ومن هنا جاءت دورة الثمانين عاما التى تكافئ بالتقريب جيلين من
البشر . المفاجأة الحقيقية هى ما تتنبأ به بشىء من الحسم فى نهاية
الكتاب ، وهو أنه بما أن أحدا لن يوقف تلك الدورات فأن كل ما نمر به الآن
هو إلى زوال بل وتغامر بتحديد سنة 2005 موعدا لانتهاء ما يسمى بالصحوة الدينية
وما يرتبط بها من هوس صحى ! مهما يكن من أمر فقيمة الكتاب فى طموح نظريته
جامحة الابتكار والأصالة والتى ربما تدفع للمزيد من البحوث والدراسات أكثر من أن
تكون قولا فصلا . اكتب رأيك هنا [ على أية حال والكلام سنة 2003 يبدو كلامها
صحيحا ، أو موشكا على ذلك ، على الأقل من حيث التحولات فى دنيا
الأفلام السينمائية عالميا وحتى مصريا ، وإن دخل فى تحقيقه عامل خاص هو
انكشاف كل الأديان متلبسة وهى عارية بعد 11 سپتمبر 2001 ] .
9 نوڤمبر 2000 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة
الجنس ) وخلال المعمعة الكبرى لإعادة حصى أصوات
ولاية فلوريدا فى الانتخابات الرئاسية الأميركية وأيا ما كانت النتيجة فإن ما
قاله أعلاه كتاب الصحف الليبرالية الأميركية قد تحقق بالكامل وأضاع آل جور فرصة سهلة للفوز
بالبيت الأبيض . إن نأيه عن بيلل كلينتون لأسباب أخلاقية وتشدقه بالتدين هو
وزوجته ونائبه المختار كانت قبلة الموت له . بمعنى آخر ماذا يتبقى من مبرر
لانتخاب الديموقراطيين إذا أصبحوا محافطين دينيا هم أيضا ؟ ! ملاحظة أخرى هى الانقسام الواضح لأميركا ما بين
ولايات ساحلية متحررة وأخرى تمثل القلب غير الساحلى للبلاد والتى صوتت بالكامل
لبوش بينما صوت الأوليات لجور . وبغض النظر عن البرنامج الاقتصادى
والستراتيچى التقدمى المحترم لليمين الفائز ، تخيل أن الأچندة الأخلاقية للعالم
باتت تمليها اليوم قرى الريف الأميركى ! [ هذا الإنشقاق المزمن بين
الليبرالية الاقتصادية والليبرالية الاجتماعية بات من الضخامة والإلحاح بحيث
قررنا قبل قليل تكريس صفحة كاملة مستقلة لمناقشته ، عنوانها بطبيعة الحال الليبرالية ! ] . تعليق أخير يخص تبجح السيناتور ليبرمان الخطير الذى يعيد
فكرة انقرضت منذ عقود وربما قرون وهى أن لا أخلاق خارج إطار الدين ( الحقيقة
أننا اعتقدنا أن النزاع قد حسم منذ دهور على أن لا أخلاق إلا خارج
الدين ! ) ، ولأن الفكرة قديمة جدا فسنأتى برد قديم جدا بدوره
وتحديدا من سنة 1927 وتحديدا كتاب سيجموند
فرويد ’ مستقبل وهم ‘ ( ترجمة چورچ
طرابيشى ، دار الطليعة ، بيروت ) : ’ فى كل زمن وعصر لاقت اللا أخلاقية فى الدين من
الدعم قدرا يوازى ما لاقته الأخلاقية ‘ ! للدقة لا أعرف نسقا فكريا يفوق الدين مرونة ،
ليس فى مجال الأخلاق بل فى كل شىء . من يمكن أن يتخيل أن التوراة جمّلت وقننت جرائم الشروع فى قتل
الأبناء والقوادة والدعارة بالزوجة عندما كان المجرم هو أبو الآباء ،
ومثلها جريمة سرقة أبى الخروج لذهب لمصريين ليلة فراره عبر البحر الأحمر المنشق
من أجله ، وكذا زنا النبى الملك صاحب النجمة الشهيرة ومنه غيلته لزوج من
اشتهاها بإرساله للحرب ، بالمثل هناك من يعتبر رمزا للحب والتسامح لكنه عندما
أدرك أن مصيره حكما بالإعدام راح يتهدد ويتوعد كل البشرية بالانتقام ، كذلك
كل نبى يبشر بالتسامح وتعايش الأديان وأن لكل دينه ، إذا به دوما يتحول إلى
سفاح ويعلن أن لا دين إلا دينه عندما يفلح فى احتلال المدينة التى طردته ،
دع جانبا النبى الذى يمارس الجنس مع بناته أو حتى مع أبنائه ، وهلم جرا
فالقصص لا نهاية لها ومصادرها معروفة لكل إنسان وبالأخص للسيناتور اليهودى
الحبوب ، وكتبها موجودة فى كل بيت . لكن إما
أن قدرة الإيمان على إعماء البصيرة تجعل من يقرأونها لا يفهمون شيئا ، وإما
أن تلك المزاعم من مقتضيات السياسة المحضة . إن كل هؤلاء الأنبياء سيحصلون
من الجلسة الأولى على أحكام بالإعدام أو نحوها لو حوكموا اليوم طبقا للقوانين
المعاصرة لأى بلد ’ غير أخلاقى ‘ فى معايير السيناتور ليبرمان .
قديما قيل أن تعدد العقائد يلغيها جميعا ، نعم لكن ما حدث أن لم يلغ أى
منها . هل تعرف السبب ؟ هل تعرف نسقا فكريا بالغ التميع كهذا وله
القدرة على البقاء كل هذه الآلاف من السنين ؟ أعتقد أن التميع نفسه هو سر
البقاء ! السؤال : سادتى الأفاضل ، متى نرتاح من تبجحكم الذى لا ينتهى
القائل بأن لا أخلاق خارج الدين ، بينما الحقيقة الصارخة أن لا أخلاق إلا
خارجه ؟ باختصار... نعتقد أن السيناتور ليبرمان رغم كل شىء
يعلم جيدا أن الأخلاق العلمانية تعنى فى كلمة أن لا تكذب وافعل ما شئت ، وأنها سر كل أخلاق الغرب القائمة على الصراحة وقوة
الشخصية . أما فى الدين فإن الكذب ومشتقاته من سرقة ونصب وتضليل واحتيال
وتدليس ورياء وتزوير وخداع وخيانة ( زوجية وغير زوجية ! ) هى
الأساس . لا تكذب ليست حتى فى الوصايا العشر ( ربما يوجد سببان
لهذا : الأول أنه لن تكون هناك حاجة أصلا لأى وصايا أخرى ، والثانى
أنها ستعرقل جذريا شغل الأنبياء ورجال الدين ) . موش كده ولا
إيه ، يا سيناتور ليبرمان ؟ . اكتب رأيك هنا 14 يناير 2001 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) عدد اليوم من النيو يورك تايمز ماجازين
المخصص للحديث عن الرئيس الجديد چورچ دبليو . بوش يحوى مقالا مطولا للكاتبة
ناتالى آنجييه بعنوان ’ اعترافات النكرانى المتوحد ‘ Confessions
of a Lonely Atheist . المقال به حشد من
التحديثات لعشرات الاحصائيات الخاصة بالتدين فى أميركا تدل على النمو الفاحش له
فى الأعوام الأخيرة وأغلب الأرقام أصبحت حاليا تلامس حاجز الـ 100 0/0 ،
بل أن به مثلا إحصائية صاعقة تقول إن نسبة النكرانيين atheists
( الملحدين فى المصطلح الدينى العربى . وملحد تعنى
منحرف ، والحقيقة أن المؤمنين هم المنحرفون أى بالأحرى الملحدون ، ففى
الأصل لم يكن هناك آلهة إلى أن اخترعها من اخترعها ) فى إيران تفوق مثيلتها
فى الولايات المتحدة . فى المقابل بالمقال إحصائية متفردة أيضا عن أن نسبة
المؤمنين بوجود إله مشخص ما بين العلماء أعضاء أكاديمية العلوم القومية لا تزيد عن
7 0/0 فقط . … اقرأ كامل المقال هنا … اقرأ تقييم النيو يورك
تايمز للمغزى الدينى لاختيار چاك آشكروفت سكرتيرا للعدل هذا الأسبوع … انظر
المزيد من المراجع هنا …
اكتب رأيك هنا 29 يناير 2001 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) قبل خمسة أسابيع كتب پيتر بارت افتتاحية لامعة لمجلة ڤارايتى تحدث فيها بعيد ظهور
نتائج الانتخابات الرئاسية عن التفتت الثقافى الذى طرأ على المجتمع الأميركى ويكاد
يحيله إلى إسرائيل أخرى ، وأفاض فى شرح أن فكرة الفيلم أو المسلسل الخبطة
الذى تجتمع حوله الأمة مثل ذهب مع الريح لم تعد قائمة . لكن الانطباع الكلى
فى تلك الافتتاحية كان تشاؤميا جدا وتحدث عما أسماه قدرة الڤيتو للداخل
على السواحل الليبرالية ( بالمعنى الاجتماعى لكلمة ليبرالية ) ،
التى صوتت كلها لآل جور بينما حصل بوش على 79 0/0 من
أصوات البيض ممن يذهبون للكنيسة مرة أو أكثر كل أسبوع . لذا كان من قبيل
المفاجأة الكاملة أن كتب اليوم افتتاحية جديدة تكاد تكون مناقضة المحتوى بالكامل ،
يتحدث بها بثقة مثيرة للدهشة عن مستقبل علاقة چورچ بوش وهولليوود . ولأن
پيتر بارت من أكثر العالمين ببواطن الأمور فى مدينة البهرجة كما تسمى ،
فيجب أن نأخذ ما يقوله باهتمام شديد . ينقل بارت عن بعض المقربين لچورچ بوش
من العاملين فى الحقل السينمائى أنه شخص غير مهتم بالأفلام بالمرة ، ويرى
أن لا مشكلة على الإطلاق معه إلا إذا اعتبر الهولليووديون أن التجاهل
مشكلة . ويختم مقاله بأن كل المشكلات سوف تحل بزيارة من چاك ڤالانتى
يقنع فيها الرئيس بمشاهدة أحدث أفلام چوولى أندروز ’ صوت الموسيقى ‘
بل أنه سيقترح عليه أن تحضر ميس أندروز العرض معه كى تشرح له ما سيصعب عليه فهمه
من أحداث الفيلم . نأمل أن يكون الأمر كذلك ، وربما هو كذلك مع شخص
الرئيس ، لكن غير المقنع أن بارت يتحدث وكأن الرئيس هو كل النظام . إن
چورچ بوش رغم تصريحاته المتفرقة هنا وهناك لم يكن أبدا فى طليعة المتربصين فى
حزبه بهولليوود ، بل أن هناك جيوشا جرارة من أعضاء الكونجرس وزوجاتهم بما
فيهم نائبه هو نفسه وزوجته القديسة لينى تشينى ، ولا نعتقد أن هؤلاء
ستستطيع چوولى أندروز اقناعهم بأى شىء ! على أى حال سننتظر ونرى وكل ما
نأمل أن يكون پيتر بارت على صواب هذه المرة أيضا . … اقرأ النص الكامل هنا ... اقرأ الافتتاحية القديمة هنا ... اكتب رأيك هنا 16 يناير 2001 : ما يلى كان فى الأصل
جزءا من الدراسة الرئيسة لصفحة
الحضارة ، هو الجزء الأقل ارتباطا فيها بما تناقشه من مفاهيم كالحضارة
والأنتروپى أو حتى صدام الحضارات ، وهو الأكثر عمومية من حيث ارتباطه
بالدين ككل ، ومن ثم نقل إلى هنا :
لى مقولة قديمة ربما تعود لربع قرن ، دائما ما
تندرت بها مع الآخرين ، لكنى لم أعممها قط ( ولا حتى فى صفحة الثقافة ) ، حتى لا
يساء فهمها . لكن أظن أنها قد تفهم هنا بمعناها الدقيق من خلال هذا
السياق . البشر ست طبقات :
اليهود على القمة ، ثم الپروتستانت ، الصفر ، الكاثوليك ،
الأرثوذوكس ، وأخيرا المسلمون إلى القاع .
طيف يبدأ بالمخترعين والرواد فى كل فروع العلم والثقافة ممن لا يحدهم أى خيال
( عدد أنت أسماء العباقرة اليهود والأنجلو‑ساكسون ! ) ،
مرورا ’ بالعالم الثالث ‘ ( الياپانيون والصينيون طبقا لهذا
التصنيف ! ) ، وينتهى بالفشل المريع ومقاومة المستقبل والتغيير
عند الشعوب العربية والإسلامية ، وبدرجة أقل بعض الشىء جاراتها أو مواطنيها
الأرثوذوكس ( الذين يبدو أن چييناتهم متطابقة لدرجة أن الكتلة الأساس
لمسلمى العالم هم أرثوذوكس مرتدون ، والتشابه شديد حتى اليوم ، فمثلا
لا يزال المتدينون من الطرفين يطلقون لحاهم بذات الطريقة لدرجة أن القس
الأرثوذوكسى لو خلع قلنسوته لما استطعت تمييزه عن عضو تنظيم الجهاد ، ويقال
من التظاهرات البسيطة لهذه الطبقية أن المسلمين
يعيشون بالسنة القمرية ( 354.3174 يوما وهو رقم المؤكد لن يطول الوقت كثيرا حتى
تكشف لنا خريطة الچينوم لماذا آمن هذا الشعب بدين ما بينما ترفضه شعوب أخرى
والعكس ، أو أين يقع موقع چيين هذا الدين أو ذاك ، وكذا ‑وهو
الجزء المفيد حقا‑ كيفية استئصاله ! يبدو هذا الكلام غريبا بعض
الشىء ، لكنها حقيقة قريبة جدا ووشيكة الإثبات للغاية لدرجة نكاد نستنشقها
معها مع الهواء ، ذلك بفضل نمو معرفتنا بالأسرار الچيينية يوما بعد
يوم : أنت لا تختار دينك . چييناتك هى التى اختارته لك . والسبب
الأولى أنها هى التى تختار لك كل شىء !
العقيدة ‑أية عقيدة‑
تصاغ بحيث تناسب طبيعة والمنطقة والشعوب التى ظهرت فيها . هى ليست فقط نتاج
تلك الثقافة المحلية ، بل هى فى حد ذاتها منتج ثقافى جديد يبحث عن زبائن
ملائمين . بالتالى هى لم تنجح إلا لكونها تناسب طبيعة تلك الشعوب ، أى
خصائصها الچيينية . مما قلناه مرارا
على سبيل المثال ، إن شعوبنا شعوب غبية وجاهلة وسعيدة بغبائها
وجهلها . هذا ليس من قبيل السباب ، بل حقائق إحصائية أكاديمية باردة
تخص ما يسمى بحصيلة الذكاء IQ .
هذا أمر لا حل له لأن له أعماقا چيينية عويصة . لكنه على الأقل يفسر لنا
لماذا دخلت شعوبنا فى دين الإسلام أفواجا ومن أول إشهارة سيف فى العادة .
السبب أنه دين يناسب غباءها وجهلها ، يناسب طبيعتها البيولوچية الانفعالية
التى لا مكان للعقل فيها ، بل الأكثر قاعدية يناسب كسلها ، وإن
وجدت : فهلوتها . هى تريد دينا تسلطيا شريعيا يضع سلفا كل شىء فى صورة
أوامر جاهزة مفصلة ومحددة ، بحيث لا حاجة لأى استخدام ولو هامشى
للعقل . والإسلام يلغى العقل ويلغى الفرد ويلغى المرأة ويلغى كل شىء ،
ويحيله لنص واحد جامد مجمد . ويا له من شىء رائع ! حتى الشغل يلغيه
وهو الذى الذى انبنى من اللحظة الأولى المسماة غزو بدر على قطع طريق القوافل
واستحلال عرق الغير ونهب ثرواتهم . ويا له من شىء أروع ! فى
مقابل هذا على طول الخط ، اخترع الأنجلو‑ساكسون الپروتستانتية ،
وإلى القلب منها كما نعلم مفهوم الكدح . أى أن الخلاص يأتى بأشغال المرء
فقط لا غير . الپروتستانتية
( وحتى لا تعتقد أن كل مشاكلك سوف تنحل لو اعتنقتها ) ليست هى جعلت
الأنجلو‑ساكسون شديدى الكدح يعلون قيمة الشغل اليدوى والتفانى
والعرق ، ومن ثم أصبحوا صناع وقادة حضارتنا المعاصرة ، إنما العكس هو
الصحيح . چيينات مناخ الشمال البارد هى التى زرعت حمية الكدح داخل
أجسادهم ، تماما كما زرعت برود العقل داخل أمخاخهم . تلك الچيينات هى
صاحبة كل شىء ، صاحبة الأعصاب الهادئة والعضلات النشطة ، صاحبة كل شىء
بما فيه الپروتستانتية ! إذن ما كان لأهل الشرق الأوسط
إلا أن يؤمنوا بالأرثوذوكسية ومن ثم وبسهولة عجيبة بالإسلام دين الشريعة المفصلة
المريحة الذى يلغى العقل هذا الذى لا يتوافر عليه بيولوچيا أصلا سكان
المنطقة . وما كان للأوروپيين اللاتين إلا أن يؤمنوا بالكاثوليكية ولا
يتراجعون عنها أبدا . لم يحدث أن ارتد أحد يذكر منهم للإسلام ، هم من
أوقفوا بقيادة شارل مارتيل زحفه الذى كان مزمعا التهام كل أوروپا ، ثم لم
يحدث أن نسوا أبدا رغم القرون أن إسپانيا كاثوليكية ويجب أن تعود من قبضة
الإسلام . هذه هى عزة النفس والكبرياء الچيينين الكاثوليكيين فى مقابل
المهانة الچيينية الأرثوذوكسية . سعة الأفق ( التى بدورها لها عمقها
الچيينى بالطبع ) لعبت دورها أيضا ، فالكاثوليكية ، أى الجامعة universal ، تختلف عن الأرثوذوكسية ، أى ذات التفكير المستقيم straight-thinking . وحين طرح الإسلام نفسه كعقيدة
شريعة صارمة تعنى بأدق التوافه حتى الحيض الشرعى والغواط الشرعى ، وتلغى
تميز الفرد وشخصيته ، كان من الأسهل بمراحل قبوله من الأرثوذوكس ، عنه
من الكاثوليك ذوى الرؤية العالمية الرحبة . بذات القياس ما كان ممكنا لأهل الشرق الأقصى إلا أن يؤمنوا
بالصوفية الروحانية ومن ثم يجدون أنفسهم اليوم فى سلام عميق مع الغزو الثقافى
والحضارى الغربى ( ديانات أقرب لأساليب حياة منها لأديان وعقائد
وشرائع ، وبالمناسبة فعلى الأقل التزمت فيها لا يضر أحدا ، ولم تسفح
دماء مئات الملايين كأديان التوحيد سيئة السمعة ! ) . وأخيرا
طبعا ما كان للأنجلو‑ساكسون بچييناتهم العقلانية الباردة إلا أن يؤمنوا
بالپروتستانتية التى أفضت بالضرورة ‑كما اليهودية‑ إلى
العلمانية . وبداهة لا أفكار هذا المذهب أو ذاك كانت فى عقيدة يسوع الملقب
بالمسيح الأصلية ، بل هذه كانت نصوصا عمومية اجتزئت وتم تأويلها وتفصيلها
بالمقاس على ما يتناسب أو يتطاوع adapt مع هذه البنية الچيينية أو تلك [ هذه قصة أخرى ] . أو باختصار : 1- الأديان
لم تهبط من السماء بپاراشووت ، إنما صنعها أناس من لحم ودم وچيينات .
2- الدين جزء من العرق ، ولا يمكنك تغييره أبدا ، ولو حاولت تغييره
فستعانى معاناة شديدة ! مرة أخرى كما قلنا فى صفحة
الثقافة ونحن نتحدث عن الحضارة
الأنجلو‑يهودية : نحن نرصد من الخارج ، نرى ظواهر يؤيدها
فقط الواقع الإحصائى ، لكننا لن ندهش أبدا يوم يخرج لنا علماء الچيينات
باكتشافات عن چيينات محددة تؤدى لهذا الميل الدينى أو ذاك . بالمناسبة : هذا ربما
يعطينا إجابة أخرى على قصة الملك الشهيرة ، ذلك الذى أراد معرفة الدين
الحق ، فعزل رضيعا عن كل المؤثرات الخارجية لسنوات طويلة . الإجابة
التى أتت بها القصة أنه لم يختر أى دين ، ربما لا تكون دقيقة جدا ، أو
على الأقل ليست الإجابة الكاملة . فالاحتمال الأكبر فى تلك العصور شديدة
التدين أنه بمجرد أن يحتك هذا الشاب بالعالم كان سيختار دين أبويه !
وأخيرا أيضا وبمناسبة اليهودية ، هى لا تنقض
شيئا من نظريتنا ، وإن احتاجت لوضع بعض النقط على الحروف :
أولا ، أولئك اليهود الذين وضعناهم على قمة الهيراكية الچيينية هم فقط يهود
العصر الحديث ، الذين تشاركوا شاء من شاء وأبى من أبى فى تقديم أغلب
إنجازات البشرية العلمية والتقنية والفكرية والفنية فى القرون الخمسة الأخيرة مع
أقرانهم الأنجلى . أما اليهود القدامى فهم شىء آخر چيينيا وعقليا وكل
شىء ، ساميون حقيقيون ، لا يفضلون عن العرب فى شىء ، أو سمهم
أبناء عم أخناتون استلهاما لفرويد لو شئت ، أو لتحديد أصل الداء أيضا لو
شئت ! هنا يأتى الاستدراكين الثانى الثالث فيما يخص
المعايير التى استخدمناها فى ذلك الترتيب الطبقى ، نقصد الياپانيين
واليهود . عامة لم تكن ثمة مصاعب فى تحديد المراتب من الثالثة
للرابعة ، حيث شعوبها واضحة الخصائص ثابتة والمسافة الحضارية بين إحداها
والأخرى جلية شاسعة والأهم مؤزلة مؤبدة ، لكن يوجد هنا ذلك التحفظ المعتاد
الذى توقفنا عنه طويلا فى الدراسة الرئيسة
لصفحة الثقافة ، وهو أن الياپانيين
كانوا الشعب الوحيد فى التاريخ الذى شرع فى إبادة نظامية لشعب آخر ، وقد
تدور الأقدار لتضع تحت أقدامهم يوما مهمة قيادة العالم واتخاذ القرار المحتوم
بإبادة العرق السامى وجيرانه وأبناء عمومته ، ذلك حين ينكص عنها العرق الأبيض ،
الذى يبدو أنه يبلى بلاء حسنا تماما منذ الملك آرثر فالثورة الصناعية حتى
أميركا ، لكنه يجفل حين يتعلق الأمر بالقرارات الصعبة من هذا النوع ويلوذ
بميل إنسانى عام تأباه وتلفظه قوانين أمنا الطبيعة . إذن ما يخص هل نضع الياپانيين فى مرتبة متفردة خاصة بهم تعلو الجميع
أمر تركناه للمستقبل يبت فيه . فقط ما ترددنا بالفعل فيه طويلا هو تحديد
المرتبتين الأولى والثانية . اليهود
خلاقون مبدعون على نحو خاص ويكفيهم أن من ظهرانيهم جاءت اثنتان من أعظم ثلاث
عقليات فى القرون الأخيرة ( أينشتاين وفرويد ، أما الثالث فهو بالطبع الإنجليزى
تشارلز داروين ) . لكنهم فى المقابل لديهم نفس مشكلة العرق الأنجلى
لكن على نحو أفدح . هم إنسانيون واليمين بمعناه الطبيعى أو حتى السياسى
مستحدث جدا فيهم . فى مقابل هذا الشعوب التى عانقت الپروتستانتية شعوب تؤمن
بالشغل الشاق أكثر من التعويل على ومضات الإلهام والإبداع ( نموذج توماس
إديسون المستعد لإجراء آلاف التجارب قبل الوصول للمصباح الكهربى
الصحيح ! ) ، وأيضا تقبل فكرة التنافس الطبيعية الشرسة على نحو
رحب رغم لا إنسانيتها ، وهذه وتلك هى الخصائص الأهم التى يجب أن تتناغم
فيها الحضارات مع قوانين أمنا الطبيعة ومع الصياغات العظيمة الأولى لها ونظرية
الشعوب من المعلم أرسطو ، لو جازت هذه التسمية الأخيرة . بناء عليه
كان وضع اليهود فى المرتبة الأولى هو على الأرجح مجرد تقدير عاطفى محض لكونهم
شعبا صغيرا مكافحا وطالما عانى من سوء الفهم ، مضافا إليه تحولهم السريع
لاكتساب خصائص الأنجلى بعد‑الإنسانية ،
حيث فى كل الأحوال نحن نؤمن أن حضارتنا المعاصرة هى حضارة أنجلو‑يهودية ،
بها أفضل خصائص هذين العرقين ، أو ما أسميناه اتحاد شايلوك وچيمس وات
( نظرية الحضارة الأنجلو‑يهودية
الواردة فى صفحة الثقافة ) . وكما هو واضح ليس لهذا صبغة دينية محددة
فالأنجلو ليسوا كل الپروتستانت ، وما نقصده باليهود هم اليهود العلمانيين
أى الصهاينة الغربيين بالتحديد . وإذن لأنهم قلة ولأنهم شديدو الصفووية
أصبحنا نميل لرؤيتهم كجوهرة تاج على رأس السلم الطبقى للعرق الإنسانى .
إذن ،
هتلر لم يخطئ إن كره السامية ورأى مستقبل الإنسانية فى إبادة الساميين ،
فقط السؤال هل كان قد بقى فى اليهود بالذات شيئا من تلك الطباع السامية
المتخلفة ؟ الإجابة هى لا . لقد تشتتوا لألفى سنة ، أغلبها فى
بلاد باردة ، وعاشروا شعوبا باردة ، واكتسبوا طباعا باردة فاقوا بها
الجميع . تغيرت چييناتهم تغيرا جذريا بآليات الانتخاب الطبيعى تحت تلك
الظروف المتغيرة شديدة القسوة ، فتحولوا من جهلة مهوسين دينيا إلى علماء
باحثين وعقول خلاقة رائعة بديعة مبدعة . اليهود ، بالذات الأشكيناز
منهم ‑يهود الغرب غالبية الشعب اليهودى الكاسحة وقادة الحركة الصهيونية
وقادة إسرائيل المعاصرة‑ أصبحوا حملة مشعل الحضارة المعاصرة يأتون به لهذه المنطقة من العالم
المنكوبة چيينيا بلعنة السامية طيلة تاريخها . وإليك شايلوك مثالا لأحد
أكثر عقول التاريخ برودا ، وإليك طبعا إبداعات فرويد وأينستاين والقائمة
اللا نهائية المعروفة ، التى كان أرسطو سينحنى لها بلا ريب . اليهود ساميون لكن تعالجوا . اليوم اللعنة تجرى فى
دمائنا نحن . نحن فقط . نحن الألصق شبها بأمراء التخلف والجهالة إبراهيم
وإسحق ويعقوب منه
عن علماء معهد وايزمان أو بنيامين
نيتانياهو خريج الإم آى تى والملايين
ممن يشبهونه . حين نقول الحضارة الأنجلو‑يهودية ،
لا نريد بحال تذويب الفواصل بين العرقين الأنجلى والسامى . التمييز قائم
وسيظل قائما ، لكن اليهود لم يعودوا يحملون لعنة ذاك العرق السامى البغيض
إلا بالتراث وحنين الماضى أو ما إليها . العرق ذاته هو الذى تغير ، يهود مروا بأهوال وظروف
وتجارب هائلة فى شتات عبر كل العالم دام ألفى سنة ، هم ليسوا عينهم يهود
الشرق الأوسط القدامى المتخلفين المتدينين انفعاليى الطباع . چييناتهم لم
تعد نفس الچيينات بعد كل عملية الانتخاب الطبيعى المهلكة مضنية الطول تلك ،
والتى لم يحدث أن مر بمثلها شعب آخر أبدا . هذه كانت المحرقة الحقيقية التى
مروا بها ، وهى ببساطة المحرقة التى استخلصت الذهب من وسط الركام .
شايلوك وأينستاين وفرويد ، عقول مختلفة تماما ، تنتمى لعرق وچيينات
مختلفة تماما ، جمعت أفضل ما فى العرق اليهودى القديم ( إن كان ثمة
شىء جيد فيه ) ، مع أفضل ما فى كل باقى العالم وهو العرق الأنجلى ،
لتخرج لنا سيدة چيينات الأرض التى نراها تقود حضارتنا المعاصرة اليوم .
ولكل يهود اليوم أن يشكروا كل الشكر الچنرال تيتوس الذى هدم الهيكل وكل أورشليم
على رءوس أجدادهم ، فلولاه لما كنت لتميزهم كثيرا فى عصرنا الراهن عن
المسلمين والأرثوذوكس !
أنا شخصيا لا أعرف ما تعنيه كلمة
السامية . بحثت عنها فى الموسوعة البريطانية ولم أجدها . ما أعرفه
فقط ، وأعرفه من الوهلة الأولى حين أراه ، هو تلك الخصائص شديدة
الرداءة التى يتفرد بها بشر هذه المنطقة ، وهى عينها التى تحدث عنها أرسطو
وكوكبة الفلاسفة العظام الآخرين عبر التاريخ ، البربرية ، سيكيولوچية
العبيد ، الانفعالية ، التفكير العشائرى ، قطع الطريق ،
الغيبيات ، وغيرها وغيرها ، مما كتبت فيها مئات الكتب ، وجعلناها
نحن العمود الفقرى أو نقطة الانطلاق لهذا الموقع ممثلا فى الدراسة
الرئيسة المطولة لصفحة الثقافة فيه ، وليس هنا بمجال الإفاضة فيها من
جديد ! مما يزيد الأمر ارتباكا أن كلمة العداء
للسامية ، كلمة حديثة جدا لدى المقارنة ، وقد اخترعها محرض ألمانى
يدعى ڤيلهيلم مار سنة 1879 . لكن التمحيص فى معناها قد يجلى بعض
الأمور ، ففى الواقع العملى هى تعنى العداء لفكرة الجيتو . وهذا بدوره
شىء جذوره أقدم ، بدأ منذ لاحظ اليونانيون أن اليهود دونا عن كل أعراق
الدنيا لا يعبدون سوى إله خاص بهم . بعبارة أعم ، وباتت أكثر وضوحا فى
روما ثم مع انتشار المسيحية وتجلوبها ، السامى Semite هو العكس من
الجامع universal .
مثلا من الملفت أن
لماذا لم تمارس نيو يورك مثلا معاداة السامية ضد اليهود . السبب أن هؤلاء
ورغم سكناهم فى حى معين شرقى المدينة ، كانوا دوما رموزا للمجتمع ،
علماء ورسامين وفنانين ومبدعين وعلماء وصحفيين ونجوم مسرح … إلخ ، أى
كانوا شفافين دوما فى نظر الأغلبية فلم تتوجس منهم أو تنبذهم . دينيا أعلم طبعا أنهم يريدون الإيحاء أن أبناء نوح
هم آباء كل أعراق الأرض ، وسام Shem هو أبو اليهود والعرب ، أى أنها برمتها خرافة خرقاء من
الأصل . مع ذلك هناك بعض الحقائق . على الأقل هناك شىء اسمه اللغات السامية ،
تمتد لكل شمال أفريقيا حتى أثيوپيا حتى العراق . هذه الشعوب تنطق الحروف
بطريقة موحدة مشتركة ، وهذا هو القاسم بينها ، والذى يؤهلها لأن تشكل
عرقا محددا واحدا لحد كبير بالمعنى العلمى للكلمة . أيا ما كانت الدقة
التاريخية لها كمصطلح ، فنحن سنستخدم كلمة السامية بمعنى اللعنة ،
لعنة الشعوب العربية والمسلمة المعاصرة التى ترفض الجلوبة والحداثة ، وتعيش
فى جيتو كبير خاص بها . إذ ربما أدق معنى للسامية المعاصرة هو أنها العكس
من كلمة جلوبة !
إذن
معاداة السامية كما قد ندعو لها ليست عرقية ولا تاريخية ، ولا تخترع عرقا
لتقول إنه أفضل ، بل فى الواقع نحن نضم الأنجلو واليهود ‑وربما الصفر
أيضا‑ فى سلة واحدة ، سلة قبول المستقبل ( كلام قديم ) .
والعرب والمسلمين والسود فى سلة واحدة هى سلة رفض هذه الحداثة ، وبين
الاثنين يتأرجح الكاثوليك والأرثوذوكس . نحن لا يعنينا هذا العرق أو
ذاك . بالمرة ليس شاغلنا هذا النوع من المعارك ، بل نرفض مبدأ الانتماء أصلا ، ولا حتى للعرق الإنسانى . ما يعنينا فقط هو المستقبل التقنى للكوكب ، والنضال ضد
كل من يحاول تجميد مسيرة التطور التى بدأتها أمنا الطبيعة عليه قبل أربعة آلاف
مليون سنة . المشكلة أننا حين نتحدث عن أمور مجردة كهذه لا يصدقنا
أحد ، ولذا نقول هذا هو الفارق بين الإنسان والكائنات الأدنى ، القدرة
على التجريد وتمثل المجردات كالكلام والأفكار والرموز . وللأسف العرب
والمسلمون يعيشون فى مرحلة عقلية دون‑إنسانية بالكامل لا يعرفون إلا
الشخصنة والقبيلية والذات والانغلاق والپارانويا [ أو كما لخصها أيمن
الظاهرى بعبقرية فذة لاحقا ،
الولاء والبراء ] . ما يعنينا هو فقط التمييز بين أسلوبين للحياة
واضحى التمايز بين حزمتين من شعوب الأرض ، لم نخترعه نحن ولا نشجعه ،
وقطعا لا يسعدنا ، وللأسف ليس تجريدات . فقط هو حقيقة واقعة بسيطة
ويرصدها بسهولة كل من فى رأسه عينان . الميزة الوحيدة لاستخدام كلمة مثل
معاداة السامية ، هو مدلولاتها المحملة بتراث تاريخى والتى تؤكد أن
الچيينات هى النعمة وهى اللعنة . وإلى أن نجد كلمة أفضل ربما نقرر مواصلة
استخدامها ، وإن بين قوسين طبعا ، لوقت طويل !
فيما يخص أحوالنا المذرية عربا
ومسلمين ، من جديد يعيدنا هذا الكلام عن التجربة اليهودية مذهلة الدرامية
للأطروحة الأصلية لصفحة الثقافة ، حيث نقول : لا توجد حلول ديموقراطية
للمشاكل الچيينية . هناك فقط حل الاستئصال ، حل أمنا الطبيعة القسرى
وبالغ الوحشية ، هذا المسمى بالانتخاب الطبيعى . مر اليهود بهذه التجربة
الرهيبة بشتاتهم المروع عبر العالم لألفيتين من السنين ، وحان الوقت لبقية
الشعوب السامية ، الشعوب الوحيدة فى هذا الكوكب التى كانت ولا تزال تقاوم
التحديث وتلجأ عوضا عنه للدين ، لخوض لهيبها الذى دونه الإبادة . شعوبنا
ليست منحطة لأنها اختارت الإسلام ، العكس هو الصحيح ، هى اختارت
الإسلام لأنها منحطة . بعبارة أخرى ( انظر خاتمة الدراسة الرئيسة لصفحة الثقافة ) : المشكلة
ليست فى الدين ، المشكلة فى الچيين ! ( انظر خاتمة الدراسة
الرئيسة فى صفحة الثقافة ) . صحيح أن علينا جميعا محاربة الدين
واستئصاله من الكوكب بلا هوادة ، لكننا فى نفس الوقت لا يجب أن نحوله
لشماعة نعلق عليها تخلفنا وتنسينا الجذور الحقيقية لذلك التخلف . هذا سؤال
كثيرا ما يوجه قراء الموقع لنا على نحو مباشر وبسيط : هل الإسلام سبب
تخلفنا ؟ الإجابة هى كلا . الإسلام ليس سبب تخلفنا بل هو نتيجة
له . ولو حدث واستأصلنا الدين دون وعى بعمقه الچيينى ، سيأتى يوم
نفاجأ فيه بارتداد هذه الحرب لصدورنا مرة أخرى ، حيث يبعث الدين فى أية
لحظة وعلى نحو يذهل كل من حسب أنه قد قضى عليه نهائيا ( تركيا أحدث
مثال ) . إذن هى حرب ممتدة طويلة المدى ، بمعنى مئات السنوات من
الإصرار على الاقتصاد الحر ، وكل ما ينطوى عليه من إيمان بالعلم ومن حريات
ومبادئ ليبرالية وعلمانية ، وبوعى بأن جوهرة أنه عملية انتخاب طبيعى ،
تطهير عرقى للچيينات الأقل قبولا للحداثة أو تكيفا مع التقدم المضطرد للعالم
وللمجتمع الحيوى . مرة أخرى : لا توجد حلول ديموقراطية للمشاكل الچيينية . هناك فقط حل
الاستئصال ، حل أمنا الطبيعة القسرى وبالغ الوحشية ، هذا المسمى
بالانتخاب الطبيعى . … عامة ، لكل هذا وذاك وعلى سبيل المثال ،
لم أبد أبدا إلا أقل القليل من الاهتمام بأطروحات هانتينجتون ، بينما كان لا شاغل
للمثقفين العرب سواها ، من ناحية لأنه ليس صدام حضارات بل ثقافات ، أو
بالأحرى صدام الحضارة ضد قطاع الطرق من شعوب الهزيمة والفشل ، إذ لا يوجد
سوى حضارة واحدة بالذات الآن ، كما زهق الجميع من تكرارنا للكلمة ،
وثانيا لأنه طبقا لنظريتى أنا الجميلة جدا والأفخم كام مليون مرة ، سينقسم
العالم ليس إلى West and the Rest ،
إنما بمصطلحات إغاظة الأصدقاء سينقسم لإسلام وغير إسلام ، أو بمصطلحاتى
العلمية الفخيمة أوى أوى : الحضارة ضد الدين . أو بتقدير تقريبى لا
يستند فقط لجمال التماثل الهندسى ، بل للكثير جدا من الشواهد ، ستطفو
ثلاث طبقات وتغرق الثلاث الأخرى . قد تكون ثم بعض الاستثناءات هنا أو
هناك ، العامل الحاسم فيها الإرادة السياسية العلمانية لقيادة شعب
ما ، لكن إجمالا لا يعقل أن نساوى بين الياپان أو الصين التى تمحو هويتها يوميا بكل الهمة ، بمسيرة
الفشل اليائس للعائشين بالتقويم الهجرى ؟ ! [ بعد قليل خصصنا مدخلا خاصا
فى صفحة حضارة ما بعد‑الإنسان ،
لمتابعة تطورات علم أعصاب الدين Religion Neurology . هناك ستجد إشارات متعددة للكتب والبحوث بهذا
الشأن ، لكن للأسف السخرية ربما أقل ! ] .
عادة ما تقف تلك المناقشة عن الچيينات الدينية عند
حد الفكاهة والتندر . لكن فى الحالات التى كانت تنحو فيها منحيا جديا بعد
ذلك ، بالذات مع من لا يصدقون أنى قد أحب المزاح أحيانا من أجل
المزاح ، غالبا ما كنت استطرد قائلا نعم إنها نظرية سوف تثبتها الحقائق
الچيينية يوما ، لكن كل دليلى عليها حاليا هو المؤشرات الإحصائية ،
ولماذا ترحب بل تخترع بعض الشعوب هذا المستقبل اختراعا ، وتقبل بسهولة
أفكارا كالعلمنة والجلوبة والتحرر الجنسى وإباحة
العقاقير ، ودائما أبدا ما تنظر خلفها فى غضب ( وهى حالة الانفعال
الوحيدة عندها ) ، بينما تحب بل وتعبد شعوب أخرى ماضيها وتراثها
و’ ثوابتها ‘ و’ هويتها ‘ …إلخ ، وتراها انفعالية فى
سلوكياتها وأحكامها وردود أفعالها ونظرتها للغير ، وتقاوم كل ما يمكن أن
يأتى به المستقبل من تغيير وتعتبره كما القنفذ غزوا . وأن الطبقات الست
المذكورة تعبر عن تقسيم عرقى وجغرافى لحد كبير ، لكنها أساسا تقسيم ثقافى
إن لم يكن دينينا محضا بالفعل . فمثلا السود فى أفريقيا أو أميركا تفرقهم
الخلفيات الدينية أكثر مما تجمعهم وحدة اللون أو المكان . وعادة ما تختتم
المناقشة بقولى ( وهذا الجزء الوحيد من القصة الذى ذكرته فى صفحة الثقافة ) ، إنى
أحلم يوما بتأسيس مؤشر يعتمد على قياسات علمية محكمة أسميه مؤشر قبول المستقبل Future Acceptance Indicator . وأن على الأرجح
سوف نجد هولاندا أو إسرائيل أو ربما تايلاند ( التى جعلت من تجارة الجنس
صناعتها القومية رقم 1 وتألقت فيها ) ، فى طليعة الشعوب المتنافسة على
المركز رقم 1 على رأس هذه القائمة ! وطبعا الفكرة ككل ليست جديدة على
القارئ ، وتمثل جانبا مهما من صفحة الثقافة بكاملها لا سيما حين تحدثت عن الحضارة الأنجلو‑يهودية ،
والقيادة الثلاثية المزمعة للعالم أميركية‑بريطانية‑إسرائيلية
مشتركة ، كذا وبها إشارة محددة لهولندا كنموذج فذ لقبول المستقبل [ فى الواقع ، ومنذ
تأسيسها وبجانب هدفها الأساس ، تقوم صفحة حضارة ما
بعد‑الإنسان مؤقتا بمهمة تجميع وبناء عناصر المؤشر المذكور ،
والبيانات المطلوبة له ] . ما قلته هنا لا يمت ولا يجب أن يمت للعرقية
( العنصرية ) بصلة ، التى أرفضها بالتأكيد ، بدليل أنها
كادت أن تودى لإبادة أفضل عرق بشرى على وجه الإطلاق على يد الريچيم
النازى . إنه فقط كلام يسعى للحقيقة العلمية أيا ما كانت . لا أحد
يريد تقسيم البشرية لشعوب وأعراق . البشر كتلة واحدة بالذات من منظور شخص
مناصر للجلوبة . لكن لأسباب حضارية وتطورية ، التمييز بينهم 1- مطلوب
2- فردى المعايير . بمعنى أن وحدة الاختيار هى الفرد لا القوم ولا الشعب
ولا اللون …إلخ . إن الكوكب يخسر تأكيدا بإهدار كل عقلية أيا كان لونها أو
عرقها أو خلفيتها الدينية ( تخيل مثلا مصير الپروفيسور أحمد زويل لو استمر
فريسة للخلفية المتخلفة التى نشأ فيها ) . لكن كل هذا شىء والدعوة
للمساواة المطلقة بين الأفراد أو الشعوب شىء آخر . إن معيارنا الوحيد فى
جميع الحالات هو القوانين الفيزيائية التى نعتبرها قاعدية جدا ومطلقة الجبروت
( من مشروعاتنا أيضا تأسيس موقع مستقل لها بعنوان nOusia.com
—انظر مخططا أوليا
له ) . والتى يأتى فى طليعتها قانون الانتخاب الطبيعى التى تتيح
البقاء لأفضل ، ومن ثم كان آلية كوكبنا على الأقل لتوليد التطور وضمان
استدامته . 14 فبراير 2001 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) أقرت اليوم هيئة التعليم The State Board of
Education بولاية كانساس بأغلبية ساحقة 7 : 3 إعادة
تدريس نظرية التطور فى مدارس الولاية . ضربة موجعة أتت فى الوقت المناسب
للقوى الدينية التى حاولت منع تدريس هذه النظرية العلمية فى ست ولايات على الأقل
فى الريف الأميركى ( هى أريزونا وألاباما وتكساس ونبراسكا وإيللينوى ونيو
مكسيكو ) ذلك لتعارضها مع عقيدة الخلق الإلهى ، وهى تقريبا مجموعة الولايات
الزراعية المتدينة التى يطلق عليها تهكما حزام الكتاب المقدس Bible Belt ! ( 16 نوڤمبر
2001 : ما يلى كان فى الأصل استطرادا من قبيل تصحيح كلام بعض المفكرين
المسيحيين فى سياق تحليلهم للإسلام ، وهى التى وردت فى صفحة الحضارة ،
فارجع لها هناك :
أولا : ليس دقيقا أن إله الإسلام هو فقط الذى
يختلف عن إله اليهودية‑المسيحية . بل إله المسيحية المدعو الرب God ، هو أيضا شخص آخر تماما غير يهوه Jehovah
إله اليهودية . بل الخريطة السيكولوچية لآلهة ما يسمى بالتوحيد الثلاثة من
التباين ، وطبعا من التشوه ، بحيث لن يكفوا عن الاقتتال لو حدث
وتقابلوا معا يوما ، وطبعا ليس بمستغرب بالمرة كل ذلك الاقتتال بين أتباعهم
على الأرض . شتان بين قاطع طريق پارانويى شغله الشاغل حماية القبيلة التى
استأجرته ، وهى مهمة كان فيها فاشلا كعادته ، لا يجيد شيئا ،
ويندم على كل قراراته ، تماما كما كان يفعل فى مطلع شبابه بعد كل مرة يخلق
فيها أحدا ، وبين آخر على الأقل فى نسخته الأحدث المسماة الپروتستانتية هو
فى حد ذاته رحمن رحوم عديم اللون والطعم والرائحة لا يهش ولا ينش فيما يجرى
لأتباعه أو لغير أتباعه ، وبين ثالث لا ينافس حقا منتقم مكير جبار ديدنه ومتعته
طوال الوقت الإبادة الجماعية والتطهير العرقى دونما انقطاع !
من المثير للفضول أنه رغم كون
هؤلاء السيكوپاتيون الثلاثة ألد أعداء لبعضهم البعض ، فإن التشابه هائل
بينهم ، بالذات لو قورنوا بغيرهم من آلهة ’ اللا توحيد ‘ .
كل منهم إله وآلة للسلب والنهب والدمار وإذلال للشعوب إن آمنت بغيره ولم تؤمن
به ، كل منهم إله حرب وبرنامج للكراهية والانغلاق ، آلهة تشتغل بمبدأ
فرق تسد يسلطون أسوأ البشر على أفضلهم البدو على الزراع الرجال على النساء
الكبار على الصغار رجال الدين على الجميع ، والهدف كبح أى برنامج للتقدم أو
الخلاص ، آلهة طفيلية تدربنا على الفقر والحاجة حتى ندبر قرابين الكهنة
وخراج الخليفة زبانيتها فى الأرض ، آلهة تدعونا للاتكال والكسل لأن ما
يهمها شىء واحد هو الطاعة ، تحل ببركاتها المزعومة الوهمية أصلا على
’ ابن الطاعة ‘ الذى لا يجب أن ينسى للحظة أن هناك ’ المنتقم
الجبار ‘ يراقبه 24 × 7 وقادر على البطش به فى أية لحظة ، آلهة ترهيب
سلاحها يسمى عذاب النار لا يلذها شىء قدر مشاهدة ’ العبد ‘ يركع ويسجد
لها طيلة العمر ثم يتلظى بالجحيم بعد ذلك للأبد ، هم تافهو الاهتمامات
يدسون أنوفهم فى خصوصيات الإنسان الدقيقة جدا ، يسلبون منه إرادته وقراره
وحرياته وشخصيته وإبداعه ، آلهة حاسدة حقود تنكر حق الخلق والإبداع على
الإنسان لأنهم أنفسهم لم يتقنوا مهنة الخلق أبدا قط ، يخشون تميز
العبد حتى لا يزاحمهم المكانة التى اغتصبوها لأنفسهم ، الهة كبت وقهر وقمع
وحرمان ، آلهة دنيئة تقتات وتترعرع
على خوف الإنسان وهلعه و’ وورعه ‘ ، وعلى مخاصمته لجسده
وغريزته وفطرته وروحه ورغباته وتفرده ، مخصامته لبقية الناس وللبيئة
وللطبيعة حوله ، أو بالإجمال هم آلهة دمار شامل للإنسان والإنسانية ،
كل منهم ليس إلا النموذج الأسوأ جدا على طريقته الخاصة لما يمكن أن يكون عليه أب
الأسرة الذكرى المتسلط الجاهل فى مجتمع رعوى شرق أوسطى بدائى متخلف ، ويظل
المكان الوحيد الذى يجب أن يجمعهم يوما هو غرفة الإعدام فى إحدى المصحات العقلية .
طبعا سأجد ألف مليون آية تنهال
على ردا على هذا ، كلها تدفع بأن العيب عيب الإنسان لا عيب النصوص ،
تبدأ بالرب محبة ولا تنتهى بالإسلام دين الفطرة . هذا هراء محض ، لغو
ورطانة ، أديان التوحيد اعتادت أن تقول كل شىء وعكسه . ثم لو العيب
عيب الإنسان فعلا وفشلت فى تقويمه فلتعترف بخطلها ولتذهب للجحيم غير مأسوف
عليها . المهم النتيجة ، هل أدت لتقدم الإنسان والكوكب أم لعبت
ضدها ؟ ما أردنا قوله إنها الثانية لا فكاك من خلال النصوص نفسها ،
فالمهم المحتوى ، طبيعة هؤلاء الآلهة وطبيعة الإنسان الذى يريدونه
عليه ، وهو حسب ما لا يمكن التلاعب به من نصوص محتوى كارثى بكل
المعايير . للأسف آلهة التوحيد هؤلاء هم
الإنجاز الوحيد الذى قدمه الصفر التاريخى المدعو مصر ، البلد الذى يفترض أن
أتشرف بالانتماء له لحد القئ . ما نقوله أن لحسن الحظ أن لم تنكب كل شعوب
الأرض بهذا النوع من آلهة الاستلاب ، آلهة التوحيد ، ممن اغتصبوا كل
شىء يخص الإنسان لأنفسهم وتركوه بلا مستقبل . ولحسن الحظ أن لم نعدم أبدا
من بنى الإنسان من يملكون من العقل وقوة الإرادة ما يكفى لفضح التلفيقة المسماة
آلهة التوحيد ، آلهة الإجرام . ولولا أولئك وتلكم لما عرفنا أبدا
حضارات الصين واليونان وروما حتى حضارة الأنجلى العلمانية المعاصرة ،
ولظللنا نتبع هواجس مصرنا ، مصر العظيمة مصر الهزيمة ، ومناحب أبطال
هزائمها الأولى أوزيريس وأخناتون ، ولظللنا دراويش فى كهوف كتاب الموتى
نرفع السماء ونضع الميزان ، ولما فتحت البشرية أبدا تعليق شخصى من
قراءات الشباب المبكر القديمة : فى رأيى يظل ألذ
وأمتع هؤلاء الآلهة جميعا هو أولهم ، يهوه الجميل . هذا الذى
’ يزربن ‘ لأهون الأسباب ويكسر الألواح ، وحين تسترضيه ببعض
الكلمات يكتب غيرها . كنقصد بغيرها غيرها فعلا ، فوصايا خروج 20 تختلف
تماما عن وصايا خروج 32 ، ولچيمس
فريزر فى ’ الفلكلور فى العهد القديم ‘
( ترجمة الهيئة المصرية العامة للكتاب ) ، صولات وجولات فى شرح
لماذا كانت الوصية العاشرة فى النسخة المنقحة تقول ’ لا تطبخ جديا بلبن
أمه ‘ ! كل أشغله عك فى عك ، ولازم
يندم على كل حاجة عملها ، حتى الإنسان ، الحاجة الوحيدة إللى عملها
على صورته ومثاله ، سابته ومشيت ورا الشيطان ( الشيطان دى بين قوسين
لأنها نكتة تانى هنجيلها كمان شوية ! ) . أو بمناسبة الكتاب
المذكور لفريزر ، من الممتع أيضا فيما يخص يهوه ، أن فى الصفحة الأولى
جدا من التوراة رأى كل شىء خربا فخلق كل شىء ، ثم حين أعجبته خليقته فخلق
آدم . ثم فى الصفحة الثانية وجد آدم وحيدا فخلق له كل شىء . أيهما
نصدق ؟ فريزر كما فى تفسيره لازدواجية الوصايا ، يعطينا المفتاح فى
وجود نسختين كاملتين مستقلتين من اليهودية ، واحدة أقدم بكثير لما قبل عصر
القضاة ، هى تلك شديدة المادية التى بها كل تلك التفاصيل المضحكة التافهة
للشريعة الموسوية التى ملأت أسفارا كاملة خمسة تسمى التوراة ، وواحدة أحدث
بها بعض الروحانيات والعموميات ومهذبات السلوك الاجتماعى . نظرية فريزر هى
أن جامعى ما يسمى بالكتاب المقدس فى القرن الثامن ق . ح .
ش . ، كانوا من البلاهة بحيث وضعوا الاثنتين متجاورتين معا ،
أحيانا فى ذات الصفحة ، دون أن يروا أية تناقضات بينهما !
( النسخة النهائية التى بين أيدينا قام بها عزرا قبيل الخروج من بابل ح 450
ق . ح . ش . وكانت تجميعا لأربعة نسخ مختلفة من التوراة ) . الكلام يجر بعضه وافتكر مقالة ليو ستراوس عن ’ تفسير سفر التكوين ‘ .
بعد كده ستراوس دخل فى خلق
الإنسان ، وأثبت أنه هو برضه من خلق إلهين ، تزاوج بين إله ذكر وإله
أنثى ، ’ ذكرا وأنثى على صورته ومثاله ‘ ، والصفحة التانية
بتقول حاجة تانية ، حواء من ضلع آدم ، وعند ستراوس تفسير معقد آخر
وراقى جدا . يقول هاتين القصتين ترجمة للمراحل الأولى من تكون
الفلسفة ، الفصل الأول يناظر الثيمة الرئيسة الأولى للفلسفة ( سؤال
تكون الأكوان ) ، والفصل الثانى هو سؤال مقصد الفلسفة ( ما فائدة
معرفة الخير من الشر ) . ها أقول إيه ؟ آدى الأساتذة
ولا بلاش ! تطبيق : من التمارين الممتعة فى هذا محاولة تأمل الپروفايل النفسى للإله عند نجيب محفوظ ممثلا فى
شخصية الجبلاوى فى رواية نوبل ’ أولاد
حارتنا ‘ ( الجبلاوى أى الذى يجبل أى
يخلق ، والصفة مستقاة من الترجمة العربية الشائعة لسفر التكوين ، بغض
النظر عن كون الاشتقاق الأصح كما رأينا قد يكون من البرء أو
البارئ ) . تأمل كيف حاول استكشاف القواسم الرديئة المشتركة بين
الآلهة الثلاث ، ليطعم بها إلهه الأساس يهوه اليهودى ، هذا فتوة القبيلة البلطجى المحلى ،
الذى أضيف له الرحمن الرحيم المخنث إله المسيحية ، ثم جاء المنتقم الجبار
كلى الإجرام إله الإسلام ، إلى أن قهرهم جميعا بضربة واحدة ذلك العالم
’ العارف ‘ ، علمنا الحديث . وليجعل
منهم أعضاء أسرة واحدة تمثل رؤيته هو الخاصة وشديدة الهجائية لآلهة الأديان المتجلاة ،
أو ما يسمى الآلهة الأشخاص ، أو أولئك الذين خلقهم الإنسان على صورته
ومثاله ، طبعا بكل ما لها من قبح . وعامة يمكن القول إن عدد الأديان
فى العالم يساوى بالضبط عدد المؤمنين ، وأن لكل شخص من بلايين المتدينين فى
العالم إلهه بل ودينه الكامل الخاص به . [ توجد نسخة على الغشاء من
الرواية هنا ] .
تعريفات : بالمناسبة الأديان المتجلاة Revealed Religions
هى تلك التى يقوم فيها الإله طوال الوقت بقصف البشر برسل
وأنبياء من لدنه ، يحاولون إقناعهم بأن ما يعيشونه من متع ولحظات سعادة هى
وهم زائف ، وأن عليهم أن يعيشوا فى كآبة ، وأن يؤجلوا السعادة لما بعد
الموت . الأديان غير المتجلاة هى العكس ، فيها لا تذهب الآلهة للبشر
قط ، بل يصعد هؤلاء الأخيرين جبال الهيمالايا تقربا وتوحدا معها . واجب
منزلى : أخيرا سنترك لك تمرينا مختلفا هو اكتشاف
مدى التطابق بين الپروفايل النفسى لكل إله من الثلاثة ، مع الپروفايل
النفسى للشخص الذى خلق هذا الإله . ملحوظة : مسموح لك بالعودة للكتب
الثلاثة أو ما شئت غيرها لأداء هذا الواجب . رأى آخر فى
بستان الآلهة العطر ، يجعل منهم أربعة : ’ إذا
نصيحة : كم مثلى وركز الوقت الذى تعطيه لتأملاتك العلمانية ، على نقد
وفضح الآلهة ونفسياتهم وفشلهم ، وفقط عند الضرورة تنازل وقم بتحليل
الأنبياء ، لكن لا تهبط قط لحد الانشغال بما يقوله رجال الكليروس ،
فهم أتفه من أن يهبط إليهم أحد . ذلك هو مستواى أنا شخصيا . [ تحديث : 22 يناير 2002 :
يبدو أننا لسنا وحدنا من يفكر بذات الطريقة . خليل عبد الكريم ‑أشهر وأعظم
من حاول أن يغوص إلى ما بين السطور فى حياة العرب وطبيعة دين العرب‑ انتقل
هو أيضا من الحديث عن الأنبياء إلى الحديث عن الآلهة . بعد ’ فترة التكوين … ‘
حصلت اليوم على كتابه الجديد عن ’ النص المؤسس … ‘ ، من
تعميم دار مصر المحروسة . فى مثل هذا اليوم تقريبا من العام الماضى كنت
سعيد الحظ بأن أكون أول من يحصل على نسخة من كتابه السابق بعد دقائق من خروجه من
المطبعة مباشرة إلى جناح الشركة المعممة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب . اليوم
جاءت زيارتى هذا العام للمعرض ، لكن الشرف لم يتكرر ، حيث كان الكتاب
بالفعل فى أيدى الجميع ، ولا يفوق هذا شهرة سوى دعاوى القتل والمصادرة
والتى كانت هذه المرة أكثر علنية وغزوا للإعلام الواسع كقنوات الساتيلايت
وغيرها . ربما تجد هنا تعليقا فى وقت لاحق على محتوى الكتاب نفسه ،
وإن كانت كما تعلم ، كل القراءة وكل الحديث فى الدين برمتها أشياء غير
حداثية فى نظرى ، وتضييع للوقت ، ولم أفعلها منذ شبابى المبكر ،
لكنها أصبحت الآن للأسف الأچندة التى فرضها علينا المتخلفون ] . [ تحديث : 5 مارس 2002 : من
الملفت حقا تلك النبرة الخفيضة للغاية التى تحدث بها شيوخ المصادرة عن
’ النص المؤسس ‘ فى جريدة اسمها الأنباء الدولية اليوم . قالوا
لسنا متفرغين للتفاهات وقلة الأدب على الله وعلى الرسول وللكتاب الهالكين فى
النار ( وإن لم يقولوا ما هو الأهم فى حياتهم ) . والأكثر إثارة
أن حددوا جهة جديدة جدا للمصادرة : وزارة الثقافة . هذا مدهش من
ناحيتين : أن عقولهم القصيرة كجلابيبهم أوحت لهم إن منع وزارة الثقافة لبعض
الكتب يعنى حقها فى مصادرة كل الكتب ، بينما الكتب التى غطينا قصتها فى
حينها فى صفحة الرقابة هى
كتب من إنتاج الوزارة نفسها وبفلوسها . ثانيا لأن بات مؤكدا جدا الوضع
الجرذانى الذى بات يحياه كل المشايخ منذ انقطاع أخبار أميرهم وأمير كل المؤمنين
الملا عمر ، وأركان حربه شيخ المجاهدين أسامة بن لادن . عزيزى خليل
عبد الكريم : بدلا من كلمة الشكر الغامضة فى مطلع كتابك ، كان واجبك
أن تشكر دونالد رامسفيلد ، فكتبك لم تكن لتنجو لولاه . لكن دى مشكلة
أخرى إنك يسارى ، ونتكلم فيها بعدين ! ] .
ثانيا : كما هو واضح كل النصوص الدينية وليس القرآن وحده حمالة أوجه
( حقوق النسخ لهذا التعبير الذكى محفوظة لعلى بن أبى طالب ) .
ولو كانت محكمة المعانى لا تحتمل المجاز أو التأويل لكانت علما وليست دينا .
تقول لك أنكم فوق بعض درجات وأنكم كأسنان المشط ونحو عشرين ألف مثال آخر على هذه
الشاكلة . التوراة جملت وقننت كل وأبشع أنواع الجرائم . جملت وقننت
الشروع فى قتل الأبناء والقوادة والدعارة بالزوجة مقابل حفنة أغنام من ملك مصر
أو ملك الفلسطينيين ( سيناريو أنت أختى ولست زوجتى ! ) ،
ذلك عندما كان المجرم هو أبو الآباء . وهنا بقليل من التأمل يذهل المرء من
الحجم المروع لهذا الذى يتم تمريره . يذهل من المدى الذى يمكن أن يؤدى له
الذهان أو التقمص الدينى من اختلال نفسى لدرجة قتل فلذات الأكباد بدم
بارد ، أو يذهل من شدة إصرار العرب والمسلمين على الانتساب لهاجر لا لسارة
ما لم يكن التفسير هو أنهم يفضلون أن يقال عليهم أبناء الجارية على أن يقال
عليهم أبناء العاهرة . بالمثل قننت التوراة جريمة سرقة أبى الخروج لذهب
لمصريين ليلة فراره عبر البحر الأحمر المنشق من أجله ، وكذا قننت زنا النبى
الملك صاحب النجمة الشهيرة ومنه غيلته لزوج من زنى بها ، وهلم جرا ،
والتبرير فى كل مرة جاهز هو عينه ما قاله محمد يوم سرق القوافل ويقوله حتى اليوم
حسن البنا يوم يأخذ أموال الإنجليز أو يقوله ناصر يوم يسرق القناة : إنه
وحى يوحى ، وإنها أموالنا ردت لنا . وقبل وبعد ذلك دع جانبا بالطبع
جريمة الكذب باعتبارها الشىء المشترك بين الجميع ، ودع جانبا أن نصوص
المسيحية ’ السمحة ‘ هى التى صنعت محاكم التفتيش ومهلكة اليهود
… إلخ … إلخ . هذه بعض من آلاف آلاف القصص يا نيافة القس
الفضيل ، كان بودنا أن نفيض هنا لولا أن حديث النصوص والسير
’ العطرة ‘ برمته يزكم الأنوف ويثير بكل الأسف الغثيان عندنا . إن قوانيننا
’ الوضعية ‘ التى لا تعجبكم كانت ستضع كل الأنبياء فى السجون أو على
حبال المشانق بتهمة الفساد والإجرام ، أو باعتبارهم جميعا مجرمى حرب .
ومع ذلك تبجحكم لا ينتهى بالقول بأن لا أخلاق خارج الدين ، بينما الحقيقة
الصارخة أن لا أخلاق إلا خارجه —اقرأ معالجتنا لمفهوم الأخلاق العلمانية أعلاه . ولعلمك الشخصى ، سيدى ، لم
يجمل هؤلاء التجميل الحق إلا القرآن الذى لا يعترف إلا بأنبياء منزهين ،
وكان حله لتلك القصص بسيطا جدا جميلا جدا : أن أنكرها كلية . إن تنزيه
القرآن للأنبياء كان قطعا أعظم عملية تزوير للتاريخ فى التاريخ ! ( هل
تعلم يا سيدى متى تيقنت أنا شخصيا من علمانيتى ؟ الإجابة : عندما قرأت
الصفيحات الأولى جدا من هذه النصوص القدسية فى طفولتى . ولم يسعدنى الحظ أن
أعرف ساعتها الإجابة على سؤال من أين أتى الشيطان ، إلى أن قيل لى بعدها
بدهر إنه بدعة لم تظهر إلا فجأة لأيوب فى صفحة 800 التى لم أقرأها ويقال أن الرب
نفسه فزع فيها من هذا الاكتشاف ، ساعتها فقط ذهب تفكيرى إلى لماذا لا يزال
الناس يقولون حتى اليوم على ما يظهر فجأة نبتا شيطانيا . وطبعا لم أصل لحد
التحقيق فى كيفية الحمل مع الاحتفاظ بغشاء البكارة تاركا الأمر لأهل التخصص من
أطباء النساء والتوليد ، لا سيما وأن القصة كما علمت تقع بعد الصفحة رقم
1000 . هذا إلى آخر تلك البدع والأضاحيك الموجهة لعقول السذج ، الذين
اكتشفت ‑أو قل قررت لو يرضيك هذا أكثر‑ أنى لست واحدا
منهم ! ) . عامة جهد مشكور من قداستكم
لكن لا تنسوا أبدا حقيقة أنكم من أصحاب البيوت الزجاجية أيضا !
كل الأديان نصوص أدبية مرنة
للغاية سهلة التأويل تماما ، تقول بالضرورة كل شىء وعكسه ، وهذا هو
المتوقع منها ، وإلا ما افلحت أن تصنع دينا واسع الانتشار . لو أنك
سربت حقيقة علمية مغلوطة لواحد من البارعين فيما يسمى الإعجاز العلمى للقرآن أو
أى كتاب مقدس غيره ، لما وجد صعوبة فى أن يستخرج ما يثبتها . لو قلت
له 1 + 1 = 2 لوجد أن الرب قالها . لو قلت له 2 + 2 = 1 لوجد أن الرب قد
قالها أيضا . هل تعرف سيدى ماذا سيحدث لو أخذ البعض النصوص الدينية على
محمل الجد وحاول تخليصها من مطاطيتها وتناقضاتها ؟ إنه سيختزلها لبرنامج
سياسى يصلح فقط لحفنة صغيرة للبشر ، وأبشع مثال تلك التيارات الجهادية فى
الإسلام التى ترى الإسلام الكامل فى عقيدة الشهور الأخيرة لرسوله تلغى كل ما
قبله وما بعده ، وتحيلها برنامجا للغزو والتقتيل وسلب الأرض والمال والنساء
من كل بقية شعوب البشرية . وأحيلك سيدى لمناقشتنا المسهبة مؤخرا حول أى إسلام هو الإسلام
الصحيح التى اضطرتنا أحداث 11 سپتمبر للخوض فيه . فقط هنا ضحكة مكتومة : هؤلاء الأميركيون العرب
ببساطة لم يعد ممكنا من الآن فصاعدا تجاهل ذلك
النصف الثانى ‑أو حتى فى قول البعض الدين الثانى‑ من فترة ما بعد ما
سمى بفتح مكة ، كالذى وضع جريهام فجأة يده عليه . فقط السؤال :
لماذا تهيج الدنيا متهمة بعض القساوسة الأميركيين أو الكتاب العلمانيين بالعرقية
وبث الكراهية حين يعرضون أفكار الإسلام
الصحيح للجمهور الغربى كما تقوله كل الكتب وكل خطب المساجد بلا تمويه أو
تقية . وهو كله قطعا لا يختلف حرفا واحدا عما يقوله بن لادن ، بما فى
ذلك ما تقوله البرامج الدينية فى التليڤزيون الرسمى المصرى ، إن كنتم
تسمعون . وننسى أن أولئك مجرد أفراد وأن ظرفا معينا هو الذى دعاهم
لهذا ، بينما خطاب الإسلام الرسمى و’ المنزل ‘ نفسه ليس إلا
برنامجا أزليا‑أبديا ثابتا للكراهية صمم لكل العصور وصمم ضد الجميع !
اكتب رأيك هنا أپريل 2001 : ( مدخل كان فى الأصل جزءا من صفحة الجنس ) لا حديث لمصر هذا الشهر إلا الموضوع المسمى إعلاميا ’ تأجير
الأرحام ‘ ، وقد أثارته كالعادة فتوى دينية مضادة . رأينا الثابت
بالطبع هو إخراج الدين كلية من دائرة القرار الاجتماعى ، لكن فى هذا
الموضوع تحديدا لدينا مشكلة إضافية طريفة : أنه يخضع كلية للقانون المدنى
وعلاقات الأفراد بعضهم البعض ، وليس حتى للعلم نفسه شأن به ! اكتب رأيك هنا
24 ديسيمبر 2001 : ( مدخل كان فى
الأصل جزءا من صفحة الجنس ) مرحبا عيد
الكريسماس ، للمرة الأولى بمذاق 11 سپتمبر !
المسيحية كأى دين آخر كان يحاول مقاومة مثل تلك
المناسبات التى تكون فرصة سنوية لأقصى أشكال المجون ينتظرها الجميع من السنة
للسنة ، صغارا وكبارا ، نساء ورجالا . وأفلحت مثلا فى إغلاق
مناسبة احتفالية كبرى للغاية هى الدورات
الأوليمپية ، فى أواخر القرن الرابع بمجرد تمكنها
من السلطة فى روما . لكنها بالنسبة للاحتفالات الأكثر طقسية وذات البعد
الدينى ، لم تستطع تجاهل القوة الرهيبة لتعود ملايين الناس على مثل هذه
الاحتفالات أو ’ الموالد ‘ وترسخهها فى عقائدهم ومشاعرهم
الدينية ، فقررت مثلا قبول 25 ديسيمبر باعتباره عيدا لميلاد يسوع
مسيحها ، أو مهرجان ’ الكريسماس ‘ ( بينما يفترض نظريا أن
يسوع ولد أول يناير للتقويم المستحدث باسمه ، والحقيقة الأبعد أن هذا
التاريخ المقدس برمته به خطأ أربعة سنوات كاملة ، وليس بضعة
أيام ! ) .
من
نافلة القول طبعا ، وفيما يعلم الجميع ، إن كعبة مكة ‑الأسيرة الآن‑ كانت ساحة لعيد آخر حافل
للخصوبة يمارس فيه الجميع الجنس علنا وجماعيا ، وطبعا قلب الإسلام هذا
الاحتفال المرح بالحياة إلى طقس دينى جهيم اسمه الحج ، عادة ما يموت فيه
الناس بسبب الزحام على تنفيذ أحد الطقوس غريبة الأطوار ، وأحال الكعبة من
بازار حرة وشديدة التسامح للأفكار والمعتقدات والطقوس إلى صنم كبير واحد إرهابى
وأصم إلا من فكر سوداوى واحد بعينه . ومن نافلة القول أيضا ، وفيما
يعلم الجميع ، إن كوليسيام روما كان أحد أكثر أماكن اللهو فى التاريخ
مجونا ، وواحدة من أعلى نقاط ذلك المجون هى الأكف ملتهبة بالتصفيق للأسود
وهى تأكل المسيحين أول متعصبين دينيين تعرفهم لا يعترفون بالعبادات
الأخرى ، ومع ذلك هذا الكوليسيام لم تستطع المسيحية هدمه ، وعوضا عن
ذلك باتت تستخدمه مسرحا لصلواتها بالذات صلاة الجمعة الطيبة ، ذلك اعتمادا
بالطبع على جهل الناس بالتاريخ . …
إذن بالنسبة للكريسماس ، المسيحية لم تستحدث
عيدا للمناسبة أصلا ، وهى كأى دين لا يعنيها من أتباعها إلا الطاعة الكئيبة
العمياء ، ولا تريد لهم فرحة الاحتفال بأى عيد أو أيا كانت المناسبة .
وببساطة ميلاد يسوع الحالى من الناحية الاحتفالية هو مجرد امتداد لأعياد ساتيرن
الرومانى وميثرا الفارسى . ومن الناحية الدينية لا دين فيه بالمرة .
كذا فى المقابل أصبح الناس يتحايلون لإقامة الاحتفالات كأن يسبقون بها فروض
الكنيسة كالصوم الكبير السابق على عيد الفصح ، وذلك كمهرجان يوم
’ ثلاثاء الاعتراف ‘ فى إنجلترا ، هذا حتى عهد قريب ، أو فى
ولاية لويزيانا الأميركية حتى الآن . وهكذا يقال دوما إن حتى جميع
المناسبات العلمانية المعاصرة فى بلاد العالم الجديد نفسه ، كالولايات
المتحدة ، يمارسها الناس دون أن يعرفوا جذورها ضاربة القدم ، ومثال
هذا عيد أول مايو ، أو عيد الربيع ، والذى يناظر الكثير من مهرجانات
القرون الوسطى فى أوروپا ، أو حتى عيد شم النسيم الفرعونى ( هل تذكر نظريتنا أن كل شىء ‑سئ بين قوسين‑ يبدأ من أم
الدنيا ؟ ) . المسرح الفلكلورى وجد بذوره الأولى بل ومرتعا
له ، فى مثل هذه الكرنڤالات جميعا وبلا استثناء يذكر ، حتى وإن
تفاوت مستواه فيها ما بين البدائية الواضحة ودرجة ملموسة ما من
الاحترافية . ومنه ما قد نراه حتى الآن فى الدول الكاثوليكية جنوبى أوروپا
وأميركا ، من مسرحيات تروى قصص القديس أو المناسبة التى يقام من أجلها
’ المولد ‘ . نفس الحال فى بلاد الشرق سواء المسيحية وغير
المسيحية . أما أطرف شىء ممكن هنا هو أن مهرجانات المسرح فى صورتها
المعاصرة جدا كمهرجان إدنبرة مثلا ، هى امتداد مباشر وصريح ولا يحتمل اللبس
لكل هذه التقاليد الغابرة جدا للعرق البشرى . اليوم يحتفل الناس بالكريسماس احتفالا علمانيا
وثنيا محضا ، إن لم يكن تحديدا ’ خصوبيا ‘ للغاية . لا يزال
يمتد لقرابة عشرة الأيام القديمة ، وينتهى ببداية العام الجديد . ولا
يزال الناس يعتبرونها أفضل فترة للتمتع بممارسة الجنس فى السنة . ويخطط كل
رجل وصديقته للمناسبة أفضل تخطيط . ومن ليس له صديقة يخطط للحصول على واحدة
قبلها بمدة كافية ، ونفس الشىء هو ما تفكر فيه النساء . والأطفال
يحتفلون به بطريقة وثنية أيضا من خلال شخصية سانتا كلوز . فهذا الكاهن
المسيحى قليل الشأن دينيا وكنسيا واسع الجماهيرىة وسط الناس البسطاء . ولد
نيقولا
مرة أخرى : مرحبا عيد الكريسماس ، للمرة
الأولى بمذاق 11 سپتمبر ! مذاق أكثر علمانية ، سقطت فيه كل أوراق
التوت عن الأديان . نعم هذه موجة متصاعدة من القناعات لا يصعب ملاحظتها حتى
فى شبابنا الصغير الذى بدأ يربط كلمة دين بكلمة حرب وتقتيل وكراهية . ربما
قلة باتت أكثر تمسكا بمسيحيتها كرد فعل لتمسك المسلمين بإسلامهم ، لكنها
تظل قلة وعلى الأرجح مؤقتة . فمسيرة التاريخ والحضارة سوف تنتصر طالما هناك
عيون ساهرة تحرسها ، والمؤكد أن غفلة ما قبل 11 سپتمبر باتت أثرا بعد
عين . وكما قلنا فى تلخيصنا للمائة يوم الأولى لذكرى هذا التاريخ ، أن
الدنيا أصبحت غير الدنيا .
واليوم نضيف : …والكريسماس غير الكريسماس ! [ معظم هذه المادة كتب أصلا
كافتتاحية لحلقة عن مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى فى برنامج ’ مهرجانات وجوائز ‘
بقناة النيل للدراما . ويمكنك لو شئت العثور على مزيد من المعلومات عما
تناولته فى الموسوعة البريطانية ،
أو كثير من المصادر الأنثروپولوچية التقليدية كالتى أشرنا لبعضها مثلا فى صفحة الجلوبة . وللمزيد بالنسبة لموضوع
الدورات الأوليمپية بالأخص ، أو لخلفية عامة عن مدى الجاهلية والجهامة التى
خيمت وقتلت بها المسيحية الحياة والروح الوثنية الحافلة قبلها ، يمكن
الرجوع للكتاب الممتع ’ المسيحية والوثنية ‘ للباحث الپولندى
أليكساندر كراڤتشوك ، ومترجم للعربية سنة 1996 عن دار الحصاد
بدمشق ] .
21 مارس 2002 : ( مدخل كان فى الأصل
جزءا من صفحة الجنس ) عيد جديد يفرض نفسه على
الإعلام العالمى فرضا ربما كما لم يحدث من قط أبدا . إنه عيد رأس السنة
الفارسية أو النيروز ، الذى كان محرما فى عهد حكم الطالبان فى
أفجانستان . لسنا فى حاجة للقول أنه عيد آخر لطقوس الخصوبة ، يحتفل
بقدوم الربيع وإخضرار الشجر وإيناع الأزهار . التسلق الجماعى للأشجار هو
إحدى الصور التى لفتت أنظار كاميرات المصورين العالميين للاحتفالات اليوم . الاحتفالات اتخذت شكلا رسميا وجماهيرىا معا .
وقد قام رئيس الوزراء الموقت حامد كرزائى بزيارة مزار الشريف ، وهى الأولى
له منذ توليه الحكم . البعد الاجتماعى هو المشاركة فى هذه الاحتفالات
’ المحرمة ‘ . والبعد السياسى بعد رمزى ، حيث جسر الفجوة
التاريخية بين عرقيته الباشتونية التى تمثل غالبية الأفجان ، وبقية
القوميات والثقافات التى تمثل أقليات الشمال . احتفل كرزائى بالمناسبة فى
المسجد الأزرق التاريخى الشهير المميز للمدينة ، [ بعد يومين شهدت أفجانستان
فرحة لا تقل ضخامة هى إعادة تدشين واحد من الممنوعات الأخرى : النظام
المدرسى العلمانى . تابع هذا المدخل فى صفحة سپتمبر ] .
25 يناير 2002 : ما يلى كان فى الأصل استطرادا
شبه مستقل لمدخلنا عن آراء الپروفيسور برنارد ليويس فى الإسلام فى صفحة
الحضارة ، فارجع لذاك الجزء من المناقشة هناك : ’ خبرة ‘ شخصية :
بحلول التسعينيات وقدوم الويندوز والتعريب الحقيقى
المدموغ بعبارة صنع فى إسرائيل ، أتحفتنا مايكروسوفت أيضا بالوورد والأكسيس
وهلم جرا ، أو قل بعالم كامل أشبه بروضة من الجنة كما كانت تقول أسمهان فى
الثلاثينيات . الشىء المنغص الوحيد أن لم يعد يشتغل برنامج القرآن
الكريم . كان لا بد من تبويت الجهاز بطريقة خاصة ليشتغل بنظام الدوس القديم
ذلك ، وهذه عملية مملة زائد أنها غير عملية ، لا سيما وأن الهدف
الأصلى هو استخدام برامج المعلومات بالتزامن مع ما تكتب وليس بإغلاق وفتح الجهاز
أكثر من مرة . أيضا لم يكن قمة الحجر laptop قد اخترع ساعتها ، كذلك لم تكن قد تراكمت عندى أجهزة كثيرة
تنتمى لحقب مختلفة ويمكن تخصيص أحدها لأيام الدوس والشاشات المونوكروم
الخوالى . على أية حال بحكم التخصص ، لم أكن استخدم برنامج القرآن
الكريم كثيرا وظللت احتفظ به ، فقط باعتباره هدية ثمينة كما قلت ، أو
على الأقل كقطعة متحفية من تاريخ الحوسبة العربية تزداد قيمة بمرور الزمن .
على أن كل هذا تغير اليوم . أثارنى كتاب ليويس
أن أجرى بحثا عن كلمة الحرية ومشتقاتها فى القرآن ، وفجأة تذكرت الضيف
الجديد جدا ويندوز XP .
والتسمية مشتقة من ألبوم چيمى هيندريكس الشهير Experience الذى
أحبه بيلل جيتس كثيرا فى صباه ، وأدق ترجمة للمعنى هى العبارة العامية
’ المزاج العالى ‘ حيث كان هيندريكس قد اشتهر بتدخين الماريوانا حتى
خلال أداء الأغانى . تذكرت الوعود القديمة أن نظام التعميل الجديد الويندوز
XP ، وغلى غرار
الويندوز الشبكى NT ،
مبنى على تقنيات حواسيب الإطار الرئيس main frame
والتشبيك …إلخ ، وأنها تنشئ آلة فضيلة virtual machine لكل برنامج على
حدة ، ومن ثم تقهر مشكلة البرامج القديمة المصممة لتخاطب عناوين محددة
ثابتة فى الذاكرة ( الحقيقة أن هذا بدأ أصلا فى سابقه المغمور ويندوز
2000 ،
حرر : صفر . حرية : صفر .
الحرية : صفر . تحرر : صفر . التحرر : صفر .
حريات : صفر . الحريات : صفر . حر : صفر .
حرة : صفر . أحرار : صفر . حرات : صفر .
حريرات : صفر . محررات : صفر . متحرر : صفر .
متحررة : صفر . متحررون : صفر . متحررات : صفر .
حرركم : صفر . توقفت عند هذا الحد . الأمور أصبحت
سيريالية . ولا بد أن هناك خللا فى مكان ما . لو ارتكنت إلى نتائج الـ
XP فسأقول إنه لولا التراث الثقافى لعصر ما يسميه الإسلام
بالجاهلية ، لما عرفت اللغة العربية أصلا كلمة الحرية أو بالأحرى جذر ’ حرر ‘ بكافة مشتقاته ، ولكنا قد
احترنا الآن فى تعريب الكلمة الإنجليزية ، ويقترح أحدنا مثلا فردم يفردم
فردمة . حتى لا يغضب أحد ، لا الپرفيسور ليويس ولا الپروفيسور
طنطاوى ، وثقتى أن أى منهما لا يحب الأحكام المتسرعة ، سأقوم –وآمل أن
يساعدنى آخرون‑ بمزيد من التمحيص والتفحيص والتفعيص ، ونستفتى
الفقهاء وأهل العلم ، ذلك قبل أن نقرر قرارا أخيرا إذا ما كانت المشكلة فى
القرآن أم فى چيمى هيندريكس . اكتب رأيك هنا [ للمزيد من
’ الخبرة ‘ انظر هنا !
وعن تسمية هيندريكس لاحقا ’ إله الجيتار ‘ انظر هنا ] . 2 مارس 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة الحضارة ، ونقل
لهذه الصفحة الجديدة ) : موضوع الدراسات الإسلامية فى
الغرب دخل منطقة جديدة بالكامل تتجاوز كل ما ذكرناه عن تصريحات ملتهبة للقس جريهام وأمثاله أو حتى كتب ليويس الأكاديمية الرصينة . هذا ما توحى
به القصة الغريبة التى جرت فى النيو يورك تايمز
اليوم . القصة تتحدث عن صحوة فى الدراسات التاريخية للنص القرآنى بذات
التقانات التى استخدمت قبل قرون فى تمحيص ودحض الكتاب المقدس ( الكاتوب منطلق القصة كتاب ألمانى جديد بعنوان ’ قراءة
سيريانية‑أرامية للقران ‘ ، لمؤلف باسم مستعار هو كريستوف
لوكسينبيرج . ومنه ينطلق المقال الطويل لمقابلة عدد من الباحثين رسموا صورة
عريضة لهذه البحوث مؤخرا ، الواضح أن أغلبها يركز على الجذور الأقدم للنص
القرآنى والعقيدة الإسلامية . انتهى المدخل ولم ينته الملف ! والسؤال الجدى
والعملى : هل يمكن علمنة
الإسلام حقا كما جرى لليهودية والمسيحية ؟ صحيح أن
قارئ الكتاب المقدس يجد العبط جاهزا يقفز فى وجهه من كل سطر ، والتحدى أصعب
بالنسبة لدين اكتسب خبرة كل من سبقوه ، بما فى ذلك التحوط لمدى أهمية
السيطرة على أدق تفاصيل الحياة الدنيوية واليومية لأتباعه ، وشغلهم بنفسه
كل لحظة ( ما يسمى دنيا ودين ) . لكن الأكثر تأكيدا أن لا شىء
بمنجاة من نور العلم الذى يبدد الظلمات حتما مهما طالت ، وما يكتب الآن ليس
إلا البداية فى رحلة ألف ميل ، لا بد فى جميع الأحوال وأن ترويها على
الجانبين جداول وافرة بدماء الاستئصال … طبعا إن لم يكن لصفحة الإبادة رأى آخر أسرع أو أكثر جذرية . ملحوظة : ربما يتململ خليل عبد
الكريم من هذا الكلام عن العبط فى النصوص
الدينية ، وهو الذى ألف للتو كتابا من سبعمائة صفحة ، يراهن فى كل سطر
منه على أن العبط فى ’ النص المؤسس ‘ لا يقل عن عبط النصوص السابقة
عليه . ستراتيچيته جاءت بسيطة لدرجة الجمال ، وهى خلع القداسة عن النص
من خلال ربطه بما يسمى ’ أسباب التنزيل ‘ . هنا تتوالى مئات
القصص المسلية عن أمور مضحكة ، ليس أغربها ولا أتفهها مثلا ، وحى قدسى
هبط فجأة ليأمر بطرد ضيوف حفل الزفاف حتى يتاح للنبى العريس أن يطفئ لهفته
لعروسه الجميلة الجديدة التى ظفر بها بعد لأى ، أو آيات نزلت لفك عوز
الصحابة فيما يخص الأوضاع الجنسية المفضلة لديهم والتى تأنف منها بعض
النسوة ، وهلم جرا إلى ما لا نهاية ! لا نعرف ! خاصة وأن ليس
مستنقع الدين بتخصصنا ولا متعتنا . لكن نفترض حتى إشعار آخر أن كل الجهود
والمساعى بمختلف اهتماماتها مطلوبة ، إن أرادت شعوبنا ومثقفونا إلحاق
الإسلام بذات المكان الذى آلت إليه المسيحية واليهودية الآن : مزبلة
التاريخ . ما نعرفه فقط أمران : أن
المهمة أكثر دموية هذه المرة ، وأن أى تصالح ولو بنسبة واحد بالألف سوف
يجهض المسعى بكامله . [ تحديث : 9 أپريل 2002 : ورحل خليل عبد
الكريم . أعظم تحية علمانية ممكنة لواحد من أعظم
علمانيى العصر . كتبك لن تموت أبدا . قيمتها التاريخية لا تضاهى فى
هلهلتها الملهمة للنصوص المقدسة ، وللدجالين الذين كتبوها . حتى لغتك
العربية ستظل خالدة وتحتاج جهودا وعقودا حتى نفهمها ناهيك عن أن يحاكيها
أحد . لقد كان الكلام بين يديك ، استيعابا لكل مفردة عربية بملء قدمها
التاريخى ، ثم استخدامها بحرية وانطلاق ورشاقة كما اللدغات الصاعقة ،
وكما لم تستخدم من قبل قط . كلا ، بل ليس كتبك وذكاؤك وأسلوبك
وحسب ، بل كل ما فيك هو وديعة الآن فى يد التاريخ ، حيث القيمة أضعافا
مضاعفة ] . 9 مارس 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة الحضارة ، ونقل
لهذه الصفحة الجديدة ) : إبراهيم لم يوجد قط . موسى
شخصية تخيلية . لا شىء اسمه شق البحر الأحمر ، بل ربما كل قصة الخروج
وهمية . نوح قصة مسروقة من جلجامش . داود لم يكن صاحب مملكة عظيمة ولا
يحزنون ، بل لم يكن بطلا مغوارا أصلا . هذا
ليس كلام چيمس فريزر ، ولا حتى
كلام كارل ماركس أو كارل سيجان ولا أى أحد اسمه كارل ، إنما كلام أحدث نسخة
من التوراة أصدرها ما يسمى بالسايناجوج المتحد لليهودية المحافظة The United Synagogue of Conservative Judaism ،
والذين يتبعه فى أميركا وحدها مليونا ونصف . هم ليسوا علمانيين ولا كفرة
سيذهبون للنار مثلنا ، بل متدينين جدا ( مجلسهم ورابياتهم على
الأقل ! ) . لكنهم أناس لا يريدون بعد الآن المزيد من مقاومة
الحقائق التى أتت بها الاكتشافات الأركيولوچية على امتداد العقود ، فصاغوا
هذه الترجمة الجديدة للتوراة ، موشاة بالتعليقات والتنقيحات العلمية ،
تحت اسم ’ إتز حاييم ‘ أو شجرة الحياة . عطفا على موضوع علمنة الإسلام قبل أسبوع واحد أعلاه جاءنا اليوم هذا الموضوع من النيو يورك تايمز ،
ليضيف مزيدا من السخونة والمصداقية على القضية . وإن كنا متأكدين أن السخونة
تعنى عند البعض أن يقول : ألم نقل لكم إن التوراة مزورة ، وإن كتابا
آخرا هو الصحيح ؟ ! لهؤلاء نقول ، فقط اقرأوا من البداية مرة
أخرى ، فالبنط الأحمر صنع من أجلكم ! اكتب رأيك هنا 5 يونيو 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة
الحضارة ، ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : ضجة جديدة حول الإسلام فى
الطريق ، أو : الكذب فى الأديان : إيهود باراك يقول للنيو يورك ريڤيو أوڤ
بووكس ( العدد بتاريخ 13 يونيو ) ، إن الكذب مكون أصيل فى الثقافة العربية والإسلامية . المنطلق سياسى هو كذب عرفات بخصوص ما جرى فى كامب ديڤيد
2000 ، لكن الميل واضح للغاية فى التأصيل الثقافى والدينى للظاهرة .
كل ما قاله صحيح ، لكن تظل دوما حقيقة أن الكذب مكون أصيل فى الدين ،
وليس العروبة أو الإسلام تحديدا . هذا حتى وإن كان من بين ما قال إن ظاهرة
الكذب لا تعانى منها ’ حضارتنا اليهودية‑المسيحية ‘ ، ذلك
أن القراءة الصحيحة للعبارة الدارجة جدا دون أن تنطوى على مؤشر دينى
حقيقى ، هى ’ حضارتنا العلمانية ‘ ، ونعتقد أن أحدا لم ولن
يفهمها إلا بهذا النحو ( على الأقل لا تنس أن باراك علمانى صريح ويحادث
قراء مجلة علمانية صريحة ) . الكذب وارتباطه بالدين ظاهرة
معقدة . ربما هناك تفسير نفسى وراء هذا الارتباط الذى لا يخطئ أبدا ،
وهو أن إنما الدين الهزيمة ، والمهزوم لا يجد أمامه إلا الكذب لتبرير
هزيمته ، أما العلمانيون فهم دائما أبدا منتصرون منفتحون على الحياة واثقون
من أنفسهم ، ولا حاجة للكذب عندهم . أيضا ربما هناك تفسير أنثروپولوچى ،
إذا ما راعينا حاجة الأنبياء ورجال الدين المتواصلة لتأمين لقمة العيش لهم
ولأسرهم بدون شغل جاد . أيضا ثم تفسير عقائدى محتمل ، فالمتدينون
يجدون فى دينهم رخصة سماوية لفعل أى شىء . نعم ، أى شىء ، طالما
الطقوس والفروض قد أديت ، أو ’ أخذها الله ع الجزمة ‘ طبقا
للعبارة العامية . ربما لن تصدق هذا ، لكن أغلب المتدينيين يفكرون
بهذه الطريقة ، وعليك فقط أن تسأل أحدهم عن سبب تصرفاته المشينة بين كل
صلاة والتالية لها . ربما يحاج المسيحيون أو البوذيون أن أديناهم ليست
أديان شريعة ، إنما هى نمط حياة . لكن عمليا قد لا يكون هذا
صحيحا ، والصحيح أن كهنتهم يغرسون فى عقولهم الباطنة باستمرار نوعا ما من
الشريعة وقوائم المحللات والمحرمات ، لضمان إحكام قبضتهم على هؤلاء الأتباع
أيديولوچيا وأداء للذبائح . وما قاله رسولهم پولس عن كون كل الأشياء
تحل ، لكن ليس كلها توافق ، هو أبعد ما يكون عن التطبيق العملى
لمسيحية ما بعد فتح مكة ، أقصد فتح روما ، فترة دين السلطة لا دين
العبيد ، فترة كان لا بد أن يصبح للمسيحية فيها شريعة لا تفضل شيئا عن
شريعة اليهودية أو شريعة الإسلام ، وأن ’ النيرڤانا ‘ ترف
لا تقوى السلطة الدينية على التسامح معه ، تماما كما نرى محاربة الإسلام الحق للتيارات الصوفية .
وفى كل الأحوال من نافلة القول إن اليهودية والإسلام لا فكاك من أى نوع لأيهما
من تهمة الشريعة ، ومن علاقة خذ وهات الفريدة تلك مع الإله ، التى لا
حدود للمساومة والمماطلة واللف والدروان من الطرفين على بعضهما البعض
فيها . لكن أيا ما كان التفسير ، يظل الكذب مكونا
أساسيا فى كل فكر دينى بالذات ’ المتجلى ‘ منه ، وحقيقة لا جدال
فيها تثبتها يوميا قصص سلوكيات الكهنة والمشايخ ، وأكثرية من لف لفهم من
عموم الناس . من هنا الواجب فقط أن نكرر مقولتين ثابتين فى
موقعنا : الأولى أننا لا نود أبدا الانسياق وراء مقولة أن الدين سبب بلوانا ،
فنحن نراه أقل إيجابية من أن يكون سببا لأى شى ، وأنه ‑فى كل مكان
وكل زمان‑ ليس إلا نتيجة مباشرة للهزيمة الحضارية ( التقنية ،
طبقا لتعريف آخر معتمد لدينا ) . باختصار الدين رد فعل ، وهو بطبعه قوة هدم لشىء آخر قائم ،
وهذا هو المسلك الإيجابى الوحيد المعروف فيه ،
والذى غالبا ما يسمى بالجهاد . وثانيا نكرر تعريفنا للأخلاقيات
العلمانية ، أن كل شىء مباح إلا
الكذب . مدده كما شئت لتجده يغطى كل الآثام الحقة
من القتل الغيلة حتى الخيانة الزوجية فى الخفاء ، لكن مع التبرئة التامة
لكل ما عداها من تهمة الإثم وسوء الخلق . اكتب رأيك هنا 26 يونيو 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة الحضارة ،
ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : حكم تاريخى أصدرته اليوم محكمة
الاستئناف الفيدرالية الدائرة التاسعة ( سان فرانسيسكو ) ، يقضى
بحزم كلمة ’ تحت الرب ‘ من قسم الولاء Pledge of Allegiance
الأميركى . قالت إننا لسنا ’ أمة واحدة تحت الرب ، ولا تحت يسوع ،
ولا تحت ڤيشنو ، ولا تحت زيوس ، ولا حتى تحت لا
إله ‘ . القسم يوحى كما قال أحد الآباء رافع
الدعوة من مدينة سكرامنتو ، لابنته التى تستمع له كل يوم ومثلها أطفال ثمان
ولايات أخرى ، حتى وإن لم يلزمهم القانون بترديده ، بأن ثم حقيقة
مستقرة ومتعارف عليها بين الغالبية ، هى وجود إله ، وهذا خرق لمبدأ
الفصل بين الدين والدولة فى الدستور الأميركى . وهذا ما أيدته فيه
المحكمة ، ملاحظة الأثر الفاحش الذى يزرعه ترديد مثل هذا القسم على أسماع
أطفال صغيرى السن . المحكمة استذكرت أن كلمات من قبيل ’ الرب يبارك
أميركا ‘ أو ما يكتب على العملة ’ نحن نثق بالرب ‘ ، أو
الكلمة الدخيلة على القسم ’ تحت الرب ‘ التى أضافها الكونجرس سنة
1954 ، بأنها كلها مستحدثات غير أصيله أقحمت فى تلك الفترة ( تقصد
المكارثية ) ، بهدف التمييز بين الغرب وبين الشيوعية ، ورغم أنه
هدف وقتى لا يبرر خرق الدستور ، إلا أنه حان الوقت تأكيدا لتصحيحه . رافع الدعوى هو النكرانى مايكل إيه .
نيوداو ، وهو شخصية شجاعة لم تتوان عن مواصلة القضية رغم كل تهديدات القتل
التى وصلته . وبينما كان سعيدا وواثقا اليوم بعد الحكم ، فقد كان
الحكم صاعقا لدرجة أن الكثيرين لا يتخيلون إمكانة نجاته فى المحكمة
العليا . والمعروف أن المحكمة العليا تناولت سنة 1984 موضوع العبارة
المكتوبة على العملات ، وقالت إنه بكثرة ترديدها فقدت أى مدلول دينى .
لكن اليوم قد يختلف الوضع ، وما كان ينظر إليه فى مجتمع علمانى كمجرد تراث
أو مخلفات من الماضى لا بأس من الاحتفاء بها ، لا يمكن قبوله اليوم وثمة مد
دينى يأخذ مثل هذه الأمور على محمل الجد ، ويحاول ترسيخها كمكتسبات لا يمكن
المساس بها . هنا تصبح هذه الكلمة ومثيلاتها خرقا صريحا للدستور العلمانى العظيم للولايات المتحدة ،
وتنتظر حكما جديدا وحاسما من المحكمة العليا . هذا هو بالضبط ما يتطلع إليه
اليوم كل التحرريين فى كل أميركا والعالم . أيضا نتطلع عندنا لقضايا ضد
دستورية لا القسم فقط ، بل ضد دستورية تدريس الدين كعقيدة وليس كتاريخ فى
المدارس ، والأقل جدا من هذا ضد دستورية الامتحان فيه مما يعد إرغاما للطفل
على ترديد ما لا قد يعتقد فيه حتى ينجح ، وكل الدول العربية ذات الدساتير
تنص على حرية الاعتقاد ، ونظم وزارات التعليم تعد خرقا صريحا لا يحتمل
اللبس لها . هذه القضايا لا تحتاج فى اعتقادى لأكثر من جلستين أو ثلاثا
أمام المحاكم الدستورية إن لم يكن المحاكم الإدارية فقط ، لكن الأفضل منه
أن تقدم عليها الحكومات من تلقاء نفسها مع تدشين الحملة الإعلامية الكافية لبيان
حضارية هذا التغيير ، هذا الذى لم يعد ثم مفر من الأخذ به إن آجلا أو
عاجلا . اقرأ نص
الحكم التاريخى متحدثا فيه بلسان الأغلبية العادل ألفريد تى . جوودوين
( 79 سنة ) … اكتب رأيك هنا
[ تحديث : 24 مارس 2004 : قدم اليوم مايكل إيه . نيوداو مرافعته أمام المحكمة
العليا ، والتى يبدو أنها كانت لحظة عالية جدا من لحظات العلمانية والنضال
التنويرى ولحظات التاريخ ككل ، حيث أفاض الإعلام فى وصفها بالمبهرة
والأخاذة والجريئة والتى تفوق مرافعات أشد القانونيين احترافية تمكنا . حسب
النيو يورك
تايمز مثلا كانت أقرب لاستعراض . استعراض رجل واحد لم تخذله الكلمات
للحظة . حين واجهه رئيس المحكمة بأن الكونجرس كان قد أقر التعديل
بالإجماع ، وهذا لا يبدو أنه يقسم الأمة حسبما تقول الحجة الرئيسة فى
دعواه ، كان الرد جاهزا مفاجئا بل ولا يخلو من عدوانية بأن سبب هذا بسيط
وأنه لم يتم انتخاب نكرانى واحد لمنصب تمثيلى . هنا انفجرت القاعة
بالتصفيق ، وهذا شىء نادر ندرة شبه مطلقة فى المحكمة العليا . أحس معه
رئيس المحكمة بالحرج واحتاج للحظات ليلملم نفسه قبل أن يهدد بإخلاء القاعة لو
حدث تصفيق آخر . ما أفلح فيه نيوداو هو أن جعل
الجلسة أقرب لمجادلة عائلية بين أصدقاء ، وتكسر كل الرسميات المتبعة فى
مخاطبة المحكمة العليا . كان معظم كلامه عاميا وبضرب الأمثلة والأوضاع التخيلية ،
والأكثر إثارة أن جر القضاة أنفسهم لمجادلته على ذات الأرضية ، يقاطعونه
ويقاطعهم وهلم جرا . مثال هذا دفع أحد القضاة بأن كلمة تحت الرب كلمة
عمومية ولا تعنى تبنى رب معين . رد بسرعة ’ ليس فى إمكانى اعتبارها
تشتمل أيضا على لا رب ‘ . أو مثل الجدل الطويل هل يعد ذكر الله فى قسم
الولاء صلاة أم لا . رد بسرعة كالعادة وكأن كل إجاباته جاهزة سلفا :
چورچ دبليو . بوش يعتبره كذلك . فرد القاضى بسرعة أيضا لكننا لا
نعتبره السلطة العليا فى هذا . ضجت القاعة بالضحك ، لكن بعد أن بات
واضحا أن نيوداو كسب الجولة . حتى وإن طالت المناقشة بعدها ، وراح
يضرب أمثلة بحكم رفع لوحة الوصايا العشر من حائط إحدى المحاكم أو ضرورة تدريس
نظرية التطور ( كلها تحديات خاضت جولات قضائية ناجحة فى الماضى ، كذلك
أشار لقضايا كثيرة أخرى بالاسم فهو رغم اشتغاله كطبيب درس القانون على سبيل
الهواية ) ، بما يعنى أنه الأمر لا يحتاج بالضرورة لصلوات صريحة حتى
يعد مخالفا لمبدأ فصل الدين عن الدولة الدستورى . ذروة البلاغة الدرامية جاءت مع
طريقة دكتور نيوداو فى وصف قدر المعاناة التى تمر بها ابنته حين تضطر لوضع حكومة
بلدها فى كفة وأبيها فى كفة ، وهى قضية حاول الطرف الآخر اللعب عليها ‑ولا
يزال‑ باعتبارها تخص الطفلة أو قد لا تكفى مبررا لنظر القضية . كذلك
حاول جر نيوداو إلى مناقشة حول موقف أمها من الدين ، لكن نيوداو حافظ وبنجاح مذهل طوال الوقت على
بؤرته : حكومة لا تتبنى أى دين . قال إن معنى
ذلك أن ما تقوله ابنته هو ما يلى ’ هيى ! الحكومة تقول إن هناك
رب ، وأبى يقول العكس . هذا يسبب جرحا كبيرا لى ! ‘ .
حتى الحجة التى حاولت بها القاضية ساندرا ديى أوكونور الرد به عليها ، بأن
من حقها ألا تشارك فى القسم ، رد عليه بسرعة أن هذا المطلب ضغط هائل حين
يفرض على طفلة فى التاسعة من عمرها . وأضاف قائلا ( مع ملاحظة
بالطبع أنه فيما يلى يقصد بالسبب المعين الذى أقحم من أجله الكونجرس الكلمة سنة
1954 الحرب ضد الشيوعية ) : And again, I -- I don’t mean to go back, but it seems
to me that is a view that you may choose to take and the majority of
Americans may choose to take, but it doesn’t -- it’s not the view I take, and
when I see the flag and I think of pledging allegiance, I
-- it’s like I’m getting slapped in the face every time, bam, you -- you
know, this is a nation under God, your religious belief system is wrong. And
here, I want to be able to tell my child that I have a very valid religious
belief system. Go to church with your mother,
go see Buddhists, do anything you want, I love that -- the idea that she’s
being exposed to other things, but I want my religious belief system to be
given the same weight as everybody else’s. And the Government comes in here
and says, no, Newdow, your religious belief system is wrong and the mother’s
is right and anyone else who believes in God is right, and this Court -- … Well, first of all, for 62 years this pledge did
serve the purpose of unification and it did do it perfectly. It didn’t
include some religious dogma that separated out some -- ... Again, the Pledge of Allegiance did absolutely fine
and with -- got us through two world wars, got us through the Depression, got
us through everything without God, and Congress stuck God in there for that
particular reason, and the idea that it’s not divisive I think is somewhat,
you know, shown to be questionable at least by what happened in the result of
the Ninth Circuit’s opinion. The country went berserk because people were so
upset that God was going to be taken out of the Pledge of Allegiance. أما عن مرافعة الثلاثين دقيقة
المتصلة التى سمح له بها ، فتقول مراسلة التايمز إنه استغلها فى الكلام
بسرعة عالية جدا ، لكن الأهم ‑وهو ما يفشل فيه أكثر المحامين حنكة
حسب قولها‑ أنه أبطأ الإيقاع قرب النهاية وظهر كالواثق الذى لا يعوزه
الوقت ولا الحجة ، ونجح فى خلق الأثر النهائى المطلوب بأفضل ما يكون . القرار النهائى غير واضح حتى
اللحظة . هناك خمسة مع نقض قرار محكمة الاستئاف وأربعة مؤيدون له .
لكن غياب أنتونين سكاليا أشد القضاة تطرفا ضد القرار عن القضية منذ طلب منه
نيوداو ذلك حيث جعل نفسه المشوار ضد الظلام لا يزال
طويلا ، وهذه ستكون خطوة جبارة على أية حال . … اقرأ مقتطفات موسعة
من الجدل المثير فى الجلسة ] . [ تحديث : 14 يونيو 2004 : للأسف
جدا ، وإن كان أيضا متوقعا جدا ، انتهت القضية اليوم ،
دون أن تترجم لنتيجة ملموسة على أرض الواقع . كانت مسألة النزاع العائلى
حول حضانة نيوداو لابنته ومدى أهليته لتمثيلها قانونا ، هى ما كان على
المحكمة أخذه بالاعتبار ، ومن ثم لم تتطرق للموضوع كموضوع ، فقط أشارت
لأن من حق أى أحد ألا يردد قسم الولاء برمته لو شاء ، وهذا حكم للعليا
نفسها من سنة 1943 سابق على إضافة عبارة ’ تحت الرب ‘ بإحدى عشرة
سنة ، ولا يزال ساريا بالطبع . مسألة الحضانة كانت جوهرية ،
بحيث جاء الحكم بالإجماع 8 من 8 . لا شىء سيحدث على أرض الواقع ، لكن
الشق المشرق فى الأمر أن ثلاثة فقط من هؤلاء الثمانية ( العادل الشيخ
ويلليام إتش . رينكويست ، العادلة ساندرا داى أوكونور ، والعادل
كليرانس توماس ) ، هم الذين طالبوا بالخطوة الأبعد ، حكم موضوعى
يشرع تلك العبارة سيئة السمعة تلك . الخمسة الباقون عارضوا هذا بشدة ،
مع إيحاء قوى منهم ومن كل الإعلام والمراقبين ، أنها ‑أى القضية‑
آتية من جديد لا محالة للمحكمة لحسمها موضوعيا فى يوم ما . هذا اليوم قد
يكون أقرب مما يتخيل أحد . المفارقة أن اليوم بالصدفة هو
’ يوم العلم ‘ Flag Day ، وقد تحول الاحتفال لتذكرة بأن ثمة
مشكلة تخص هذا العلم وأنها لم تحسم بعد ! … اقرأ النص الكامل
للحكم ] . 23 يوليو 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة
الحضارة ، ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : الكنيسة الأنچيلكيانية اختارت الكاهن الويلزى روان
ويلليامز رئيسا ( أسقفا إماميا archbishop ) لها . يقولون إنه يناصر حقوق المثليين جنسيا ،
ويؤمن بدخول المرأة سلك الكهنوت ، وبيقولوا عليه فى كنيسته نفسها إنه صاحب
آراء مستفزة . المفروض أن نفرح ، لكن هناك مشكلة : إنه يرفض بشدة
ضرب العراق ! تخيل كل ذلك ’ التحرر ‘ ’ الثورى ‘
’ المذهل ‘ ، لكن المساس ببلد إسلامى لا ! هو بيقول إنه رجل
سلام . ماشى ! لكن ماذا لو ضرب الإرهابيون المسلمون لندن بسلاح كيماوى
أو بيولوچى ؟ برضه موش دى القضية . خللى علينا . بس سؤال برئ :
هل هو رجل سلام لأن الحملات الصليبية فشلت ويخشى تكرار الفشل ؟ ناس كتير
هتقول جايز ، وإن كنا متأكدين إن إله رامسفيلد هو العلم والتخطيط
والتقنية ، موش ’ الرب ‘ بتاع دراويش الحملات الصليبية ! حاجة واحدة بس إحنا متأكدين منها أكتر من أى حاجة
تانى ، إن الخاسر الأكبر فى الحرب دى هيكون الدين ، إسلام وغير
إسلام . كلهم عصابة واحدة تجمعها سلة واحدة ، ولو خرج الناس من قبضة
الخرافة التى يحيكونها حولهم ، فلن يجدون ما يقتاتون به . ساعتها لن
ينفعهم التشدق باحترام المرأة والمثليين ، فالعلمانيون يحترمون هذا
أكثر ، وبجذرية ممتدة فى عمق الماضى ، أو بكلمة أخرى :
بصدق . أوه يبدو إننا فى الطريق للتورط فى ذات المناقشة القديمة عن الكذب
كمهنة الأنبياء والكهنة . لو عاوز تقرأ شوية انت على مسئوليتك ، إليك الخطاب
أو address بالإنجليزى ! اكتب رأيك هنا 19 ديسيمبر 2002 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة
الحضارة ، ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : فى السلم الطبقى للأديان ، الذى طالما رأيناه
ترجمة للسلم الطبقى لچيينات الشعوب ، لا تحتل الكاثوليكية مكانا
متقدما . فى التراتبية ( أو الهايراكية ) الدينية Religious hierarchy ، حيث لا يختار
المرء دينه ، إنما چييناته هى التى تختاره له . فيما قلناه من قبل بهذر لا يحتمل الهذر ، إن الإسلام
والمسلمين يقع إلى القاع من الطبقات الست ، تعلوه الأرثوذوكسية بدرجة
طفيفة ، ثم تأتى الكاثوليكية فإلى الفوق منها أديان الشرق ، بينما
تتصارع على المرتبتين الأولى والثانية اليهودية والپروتستانتية ، أو
بالإحرى العلمانية بخلفيتيها اليهودية والپروتستانتية . كلامنا اليوم على أهل المنزلة الرابعة ،
والمناسبة هى أرقام الإحصاءات الجديدة من أيرلندا الشمالية ، حيث التكاثر
البدائى الفاحش للكاثوليك حولهم لأول مرة فى التاريخ الأيرلندى من مسمى الأقلية
الكاثوليكية إلى مسمى الأكثرية الكاثوليكية ! نتركك لقراءة القصة فى أكثر
من مصدر ( إيه بى سى
نيوز - أيرلندا
أون لاين - بلفاست
تليجراف ) ، وجميعها حاول بالطبع من مناظير مختلفة ، تخيل
التبعات السياسية المترتبة على إعلان هذه الأرقام . الشىء المشترك أن كلها
توقعات أسوأ مما تتخيل ، وكأن ها هى عصور الظلام تضرب من جديد ، وما
كان يسمى بالإصلاح الدينى ( والمقصود العلمنة ) قد بات فى مهب الريح . من ناحيتنا لا نملك سوى القول لا حول ولا قوة إلا
بالآلهة غير الموجودة أصلا ، وعلى الحضارة وبالذات على الموهومين فى العالم
المتحضر بمبدأى الديموقراطية وحقوق الإنسان ، أن يستيقظوا على حجم الأخطار
الداهمة التى تحاك فى الخفاء ضد حضارتنا المعاصرة باسم هاتين الكلمتين .
أيضا نقول إن ها قد أخيرا قد وجد أطفال الانتفاضة ( اقرأ المدخل الخاص
بالتكاثر الإسلامى الفاحش فى صفحة الإبادة ) ،
من ينتزع منهم ولو لبرهة عناوين الأخبار ، وينافسهم ‑ولو على استحياء
طبعا‑ على صفة الچيينات الأرانبية ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 25 ديسيمبر 2002 : لم يمر أسبوع حتى قدمت النيو يورك هذا التحقيق الموسع اليوم
من إيطاليا . الموضوع يذكرنا بحقيقة قديمة طالما حذرنا منها ، بل
وتعود لأيام نادى روما لو شئت . إنها التزايد السكانى العالمى ، فى
مواجهة خلفية من انهيار معدلات الخصوبة لدى الإنسان الأبيض . فى إيطاليا
استقر معدل الخصوبة fertility rate عند
ما دون 1.5 منذ 1984 ، ويهبط إلى 0.9 فى المقاطعات متوسطة الثراء ،
وإلى ما دون ذلك بكثير فى المقاطعات الأغنى . وطبعا ما دون 2 يعنى انخفاض
مضطرد فى عدد السكان ، فمعدل الخصوبة ، هو عدد ما تنجبه الأنثى من
أطفال . هذا الكلام عن إيطاليا لاحظ ، مع كل التراث الإيطالى الشهير
فى التمسك بفكرة الأسرة ، وطبعا لكونها معقل الكاثوليكية الرومية كما
تعلم . أما فى بقية أوروپا فالمعدلات أشد انخفاضا . هذا يعيدنا للمربع رقم 1 .
العرق الأبيض ينقرض ، لأن التقنية تريد له أن ينقرض ، فهى لم تعد فى
الحاجة للبشر لأنها تقوم بكل وظائفهم اليدوية والعقلية على نحو أفضل وأرخص
كثيرا . هذه حقيقة بعد‑إنسانية لا فكاك
منها . هذا شىء جيد ، ولا مشكلة فيه ، بل وعلينا دفعه قدما حتى
نهايته المنطقية وهى إلغاء الحاجة كلية للبشر . ذلك العرق هو الذى دفع
التقنية لحدودها القصوى ، والآن يدفع الثمن من وجوده هو نفسه . هذا
أيضا شىء جيد ، ولا مشكلة فيه ، بل وعلينا دفعه قدما حتى نهايته
المنطقية وهى إلغاء الحاجة كلية للبشر . المشكلة هى فيمن لم تصلهم تلك التقنية
أصلا . تحديدا فى لماذا يقف العالم ساكتا أمام كل تلك الزيادة السكانية
الهائلة فى بلاد المسلمين بالذات ، وبلاد الفقراء ككل ؟ سيمر العالم
بكوارث وكوارث ( أهونها كارثة 11 سپتمبر 2001 ) ، قبل أن يؤتى
الاقتصاد الحر الدارونى ( هذا لو طبق أصلا ) مفعوله فى تحجيم الكثافة
السكنية لتلك المناطق المنكوبة بسكانها الأصليين . بالبلدى كده ،
نجيبها يمين نجيبها شمال ، لا يمكن مسح الكتوب فى المربع رقم 1 : كلمة
بالبنط العريض تقرأ : إبادة ! باختصار : مشكلة پروتستانت
أيرلندا تبدو تافهة للغاية ، لو قارناها بمشكلة العالم ككل . وهذا
تصحيح واجب ! ] . 7 أپريل 2003 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة
الحضارة ، ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : نصر جديد لحرية الرأى وللعلمانية معا جاء من
المحكمة الدستورية العليا اليوم .
حرق الصليب محمى من التصليح الأول للدستور الأميركى ، ما لم المقصود منه
الترهيب to intimidate ( كجماعات
ترهيب السود أو الجماعات النازية مثلا ، وهى فى العادة جماعات دينية
متطرفة ) . أما حرقه لغير غرض الترهيب ، فهو جزء أصيل من حرية
التعبير . رأينا دائما
أن أميركا علمانية أكثر مما يعتقد أى أحد . … اقرأ النص الكامل للحكم
… اكتب رأيك هنا 17 يونيو 2003 : ( ما يلى كان بالأصل مدخلا فى صفحة
الحضارة ، ونقل لهذه الصفحة الجديدة ) : تحتفل أميركا اليوم بمرور أربعين سنة على الحكم
التاريخى للمحكمة العليا الذى منع الصلوات والقراءات الدينية فى المدارس
العمومية . النكرانية ( الملحدة بمصطلح المتدينيين ) الشهيرة
مادالين موراى ، وهى زوجة منزل من بالتيمور ، وأسرة شيمپ من بنسلڤينيا
كانتا معا بطلتا هذا الحدث العظيم . أناس أميركيون عاديون يريدون لأبنائهم
تعليما نظيفا خاليا من الخرافة الدينية ، وفى عصر رائع من المد التحررى
دخلوا التاريخ بهذا الإنجاز العظيم . اليوم يبدو أن ثمة بعض تراجع ،
والبعض يتحايل ويلتف على العلمنة وحقيقة أن الدين مرحلة يفترض أن تجاوزتها
حضارتها تماما . وليس أكثر الفصول حزنا أن موراى وعائلتها أنفسهم قد
اختطفوا وقتلوا قبل ثمانية سنوات من الآن . فى بلادنا التى تعتبر
’ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع ‘ ، من الممكن على
الأقل منع الدين كمادة امتحان ، فهذا مجافى ليس فقط لحرية الاعتقاد المنصوص
عليها دستوريا ، إنما للمنطق وللحس الشائع ، فمن غير المعقول أن تجعل
طالبا يرسب لأنه لا يؤمن بالله ، ويرفض كتابة غير هذا فى ورقة
الإجابة . لكن ربما هذا لن يحدث قبل أن تأتينا عاصفة عظيمة كغزو العراق ، أو طبعا
كـ : الإبادة ! … تابع الاحتفال بموقع جمعية النكرانيين الأميركيين التى تأسست مع بداية
جهود مادالين موراى لمنع تدريس ما يسمى بالكتاب المقدس فى المدارس ، وذلك
سنة 1959 . أيضا به صفحة خاصة للقضية
التى أفضت لذلك الحكم التاريخى ، وأخرى خاصة
باختطاف ومصرع عائلة موراى‑أوهير . وطبعا به حشد من الدراسات عن الكنيسة وعن الإسلام ، وغيرها . … حتى اليوم تعتبر الجمعية شعارها أو برنامجها
هو الفقرة الأولى من عريضة الدعوى التى قدمتها موراى ، ونصها يجرى كما
يلى : Your petitioners are Atheists, and they define their
lifestyle as follows. An Atheist loves himself and his fellow man instead of
a god. An Atheist accepts that heaven is something for which we should work
now -- here on earth -- for all men together to enjoy. An Atheist accepts
that he can get no help through prayer, but that he must find in himself the
inner conviction and strength to meet life, to grapple with it, to subdue it
and to enjoy it. An Atheist accepts that only in a
knowledge of himself and a knowledge of his fellow man can he find the
understanding that will help to a life of fulfillment. … أخيرا اقرأ النص الكامل لحكم 17 يونيو
1963 التاريخى من المحكمة العليا . أبضا التسجيلات الصوتية للمرافعات متاحة
هنا
فى هذا الموقع المتخصص بالوسائط المتعددة للمحكمة العليا . 12 يوليو 2003 : قد يذكر التاريخ هذا اليوم 12 يوليو 2003 فى صفحاته بحروف كبيرة . ما نقصده حركة يقودها عدد من أعلام الفكر فى بريطانيا وأميركا تسعى لاستيعاب جميع العلمانيين ، أسمت نفسها اللامعين Brights . تابع القصة فى صفحة الليبرالية ، وهى ككل كانت ولا تزال تغطى مساحة كبيرة من الانتصارات العلمانية لا سيما فى حقل الحريات الشخصية ، فإلى هناك . |
| FIRST | PREVIOUS | PART I | NEXT | LATEST |