|
|
|
حضارة ما بعد‑الإنسان
( الجزء الأول )
Post-Human Civilization
(Part I)
| FIRST | PREVIOUS
| PART I | NEXT | LATEST |
September 4,
2004: Celebrating the 15th Anniversary of ‘Post-Human
Civilization’ The full original text of our 1989 book Post-Human Civilization. This is the oldest text had been included on this site and
should be one of its pillars as a defining thesis behind most of its ideas. Read the Full Book in the NEW Handsome PDF Version! |
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Saturday, February 19, 2011].
October 3, 2002: WHO release the first ever Global Report on Violence and Health. Extermination seems even more justified!
July 10, 2002: The human origins are pushed back to 7 million years. How interesting!
June 20, 2002: Full original text of our 1989 book Post-Human Civilization posted.
March 2, 2002: Arab media is talking about religion neurology. What an astonishing miracle!
February 14, 2002: Allie is beautiful. Her cloned kitten Cc is beautiful too. But they are not identical. WHY?
February 9, 2002: A wave of using medical marijuana in Oregon. What about the rest of the hypocritical world?
February 4, 2002: Move over human race. QUICKLY, please. Moore’s Law was just a modest prediction!
April 27, 2001: A HISTORY
MADE! Immune self-managing relativ
ely small computer, the biggest machine intelligence project from I.B.M. since the Deep Blue.
January 11, 2001: Evolutionary Psychology of Religion, a relatively new science with extremely exciting findings!
January 11, 2001: A HISTORY MADE, MADE AND MADE! The real Genetic Engineering has begun! The first genetically engineered primate, ever! Who’s NEXT?!
December 2, 2000: A year passed today on site’s adoption of Think Internet! phase of intellectual discussions. A new posting titled ‘From Scratch Creation’ is found here [in English].
November 19, 2000: A HISTORY MADE! Netherlands become the first country to legalize mercy killing and doctor-assisted suicide.
August 17, 2000: A HISTORY MADE: United Kingdom permits human cloning. Questions arise about if the U.S. is going to step out of History!
ê Please wait until the rest of page downloads ê
حضارة ما بعد‑الإنسان The Post-Human Civilization
حضارة ما بعد‑الإنسان هى
المرحلة التالية لتربع الإنسان الطبيعى على قمة شجرة تطور كوكب الأرض ، أو
بصيغة أكثر تحديدا هى المجتمع التى تتخذ فيه القرارات الستراتيچية بواسطة كائنات تفوق قدراتها
العقلية الحدود الطبيعية لعقل وذكاء الإنسان . وموجز الكتاب بكلمة أنه يصعب
اعتبار الإنسان ذى الاسم المزعوم homo sapiens كائنا عاقلا sapiens حقيقيا ، يمكن السماح له بالمزيد من الدور فى أنشوطة صنع
القرار . لا يختلف اثنان ( إذا ما استبعدنا كتلة المتدينين
بالطبع ) أن الإنسان لن يظل على قمة شجرة التطور إلى الأبد . هو مجرد
عشيرة أخرى . والكل يعلم أن تلك الشجرة لن تتجمد من أجل خاطر هذه العشيرة species أو أى عشيرة أخرى . الخلاف فقط هو متى . هذا الكتاب لديه
الكثير من المبررات للقول أن الوقت قد حان فعلا بل ومنذ زمن ، وأن كل ما فى
الأمر هو مسألة وقت كى تكتشف الإنسانية هذه الحقيقة . الباب الأول خصص لمناقشة حقائق الكائن البشرى المختلفة هذا تحت عنوان حدود
واقتصاديات التكيف الإنسانى . الفصل الأول بعنوان قدرات بيولوچية مثيرة
...ولكن . الفصل الثانى بعنوان حدود البقاء . الفصل الثالث بعنوان اقتصاديات الأداء البيولوچى
ويدور حول الحقائق البدنية المحضة مثل القدرة العضلية واستطاعة الحواس ويكشف مدى
ضآلتها تحت أى معيار ممكن . أيضا كون جسده مصمما لحياة القنص ولم
الثمار ، وليس لحياة المكاتب الذكية التى تراكم الدهون القاتلة فوقه وتؤدى
لموته أو على الأقل رفع تكلفة أدائه . الفصل الرابع بعنوان اقتصاديات الأداء العقلى ويدور
حول القدرة العقلية للإنسان ويخلص إلى أن الإنسان هو كائن تطيرى superstitious ( أى لا يستغنى عن الدين والغيب والخرافة ) ، هذا على
أفضل تقدير وليس بحال كائنا عاقلا حقيقيا . الفصل الخامس بعنوان اقتصاديات الأداء النفسى ويدور
حول الكفاءة النفسية للكائن البشرى وهل الانفعال آفة أم عطية ...إلخ . الفصل السادس بعنوان اقتصاديات الأداء
الاجتماعى . الباب الثانى بعنوان الآلات الحية فائقة الذكاء . الفصل الأول بعنوان متى ولماذا بدأ الإنسان يتنازل
عن خواصه ويمنحها للآلات . الفصل الثانى بعنوان هل يمكن للمحدود الذكاء أن
يخلق ما هو أكثر منه ذكاء .
الفصل الثالث بعنوان الجيل الخامس للحاسوب .
ومما لا شك فيه أن الواقع قد تجاوز بالفعل معظم ما تكلم عنه هذا الفصل لكن يظل
له ثقته الواسعة فى مستقبل الذكاء الآلى –الذى يرفض بشدة تسمية الذكاء الاصطناعى–
ويرى فى ذكاء الآلة نوعا من الذكاء الرياضياتى الصرف الذى يجب أن ينأى بكل الطرق
عن محاكاة الذكاء البشرى حتى لا يجد نفسه فى النهاية واقعة فى ذات مصيدة
المحدودية الشديدة له . باختصار : ما فائدة أن يحاكى الذكاء الاصطناعى الذكاء البشرى إذا كان
سينتج لنا ذات الغباء الذى نعانى منه الآن . الباب الثالث بعنوان الإنسان والآلة الحية أخطر صراع فى تاريخ الكوكب .
وموضوعه ردود فعل الإنسان المحتملة بعد توافر تلك الآلات السيليكونية والكربونية
فائقة الذكاء وتتراوح فصوله الستة ما بين السيناريوهات المحتملة من البطالة إلى
الإبادة ( مصير ڤيروس الجدرى ) إلى الجيتو وانتهاء بسيناريو
المحمية الطبيعية ( الإنسان قطا مدللا ) .
[ عند إبراد نص الكتاب هنا يوم 20 يونيو 2002 يكون الباب الرابع بعنوان الستراتيچية الإنسانية .
ويتناول المستقبلات الچيينية للعشيرة البشرية . الباب الخامس بعنوان الأوقاع الچيو‑سياسية لحضارة ما بعد‑الإنسان .
ويركز على نحو تطبيقى على مفهوم القدرة الفائقة super
power وشروط
تكونها ونموها وكذا به ملحق دراسة حالة لما يحب أن تفعله دولة متخلفة فى ظل هذه
المستقبليات الجامحة . …
الخلاصة : الإنسان
قمامة ! هذه بكلمة فحوى اللطمتين الهائلتين ‑الدارونية والفرويدية‑
للخيلاء البشرى المزعوم . والدرس الحقيقى منهما أن ها قد حان الوقت لدفع
الكوكب نحن نوع جديد مختلف جذريا من الكائنات الحية أرقى وأنضج بما لا
يقاس ، من تلك قمامة الطبيعة التى أفرزتها عبر قانون تطورها ذاتى التسيير
وشبه العشوائى . مع ذلك فلك تجربة التاريخ الطبيعى الهائلة هذه ، لم
تذهب هباء . فمن خلالها ومن خلال ظواهر وحقائق الكون الأخرى ، أصبحنا
نعرف الآن إلى حد كبير كيف تفكر المادة ، إن جاز هذا التعبير ، ومن ثم
فى أى اتجاه بالضبط يجب أن نوجه جهودنا لخلق ما سوف يلى الإنسان من عشائر حية
تقود كوكب الأرض . ما بعد‑الانسان هو
الكائنات الأكثر استعقادا من الإنسان . وهذا التعريف يعبر عن مشكلة مرحلية
فهذه الكائنات سيليكونية كانت أو كربونية لم تتبلور بعد بالقوة الكافية أو على
الأقل الظاهرية ، كما أن هناك منطقة وسيطة يمكن فيها ملاحظة صفات
بعد–إنسانية فى بعض من البشر وإن كان محدودا للغاية بالطبع . على أنه يمكن
حاليا التمييز بوضوح بين عالمين أو مستويين مستقلين الأول هو العشيرة الإنسانية
التقليدية من ذوات الانفعالات والغرائز المتوارثة ، والثانية مستوى أرقى
يتكون من الآلات الحية وبعض البشر الموالين للعلم بدرجة خاصة جدا والذين ارتقوا
فوق إنسانيتهم العادية ، كما سوف ينضم إليهم قريبا البشر المعدلون چيينيا
الأكثر ذكاء واستعقادا من كل العشيرة البشرية . البشر عشيرة مليئة بالمشاكل
ولها أچندتها الخاصة التى لا تتفق بالضرورة مع أچندة الكوكب
( الاستهلاك ، الرفاه ، الديموقراطية ، حقوق الإنسان
...إلخ ، مجرد عناوين من تلك الأچندة سيئة السمعة ) .
يجب ككل وبمنتهى القوة والجذرية
النأى عن نظرتنا الذاتية الضيقة لذواتنا . يموت الناس وتتوالى الأجيال بل
وتنقرض عشائر بيولوچية برمتها ، وما يتبقى منا فقط هو ما اخترعناه من
تقنية . إنها الكائن الحى الحق فى هذا الكون . ( هذا عن التقنية
أما عن العلم ، فهو قصة أخرى . موجود قبل كل العشائر وموجود
بعدها ، فقط كل يكتشفه بقدر قدرات الرصد عنده . لكن رغم أزليته وإطلاقه
من الناحية الموضوعية هذه ، لا مفر أن يظل ذاتيا من منظور كل أحد يشتغل
عليه ) . أية ذاتية وأى غرور وصلنا إليه . نحن لسنا سادة التقنية
ولا العلم ولا أى شىء . ربما يقال أيضا إننا أنفسنا بعظامنا ومفاصلنا
وعضلاتنا وأمخاخنا لسنا إلا جزءا من التقنية عينها . لكن حتى هذا ليس سوى
بمعنى جزئى وعابرى جدا . فالحقيقة أننا وكما كل عشيرة بيولوچية species أخرى فى الأرض أو فى
الكون ، سابقة أو حالية أو لم توجد بعد ، لسنا فى التحليل الأخير سوى
مطايا تستخدمها التقنية بمعناها الكونى الأوسع للدفع بنفسها وباستعقاد الكون
قدما للأمام . ودائما ما ينتهى الأمر بزوال العشيرة ويبقى ما حققته من
استعقاد . والدور المنوط حتى اللحظة
بالفصائل بعد–الإنسانية هو رعاية وإسعاد البشر العاديين قدر الإمكان بل ومحاولة
الارتقاء بخواصهم قدر الإمكان . لكن لا يجب أن يغيب أبدا عن أعينهم الهدف
الأسمى لوجودهم وهو مواصلة مسيرة التطور علميا وتقنيا من حيث انتهت على يد
الإنسانية . وبالمثل لا يجب أن يغيب الخط الفاصل بينهم وبين تلك العشيرة
الأدنى التى تخطتها شجرة التطور ، وأن النظرة الأبوية والاحتضان نحوها لا
يجب أن تختلف كثيرا عن النظرة لأى عشيرة أخرى كالقطط والقرود التى يجب الحفاظ عليها
كجزء من الثراء البيئى لكوكبنا العظيم . بمعنى آخر فإن الخط أحمر هو نفسه
الذى يسرى على أى عشيرة أخرى ننظر لها حاليا بالحب والاحتضان ، وهو أن لا
تعيش على حساب عملية الاستعقاد المستمرة وأن لا تهدد بجشعها وتكاثرها الزائد
آليات التطور . هنا يجب أن ينقلب دور ما بعد–الإنسان إلى التصدى لها بما فى
ذلك الإبادة الجزئية أو الكلية إن لزم الأمر .
[ ملحوظة بخصوص المصطلح : حين صدر
كتاب ’ حضارة ما بعد‑الإنسان ‘ سنة 1989 ، الاحتمال كبير
جدا أن لم يكن أحد آخر قد سبق له استخدام مصطلح ’ بعد‑الإنسان ‘ .
الشىء المؤكد على الأقل أن الكاتب قد نحته بنفسه ولنفسه ، ولم يسمع به من
قبل بأى معنى من المعانى . اليوم بات المصطلح شائعا للغاية ، لكن
بمدلولات تختلف كثيرا عن الاستخدام الأصلى المقصود فى الكتاب . الكتاب يشير
لمستقبل بعد‑إنسانى بالكامل ، أو قل ’ لا‑إنسانى ‘ .
الغلبة فى هذا المستقبل للذكاء السيليكونى أكثر من أى شىء آخر ، ذلك
باعتباره الشكل المثالى للخلق من الخدش ، الذى يسمح وحده من وجهة نظره
بقفزات ضخمة لتجاوز محدوديات الكائن البشرى ، أى يأتينا حلقة جديدة وجذرية
بالكامل من شجرة التطور للحياة فى هذا الكوكب . ولا شك أن مشروع الجيل
الخامس الياپانى للحواسيب ، كان أحد أهم الإلهامات الرئيسة وراء
الكتاب ، إن لم يكن الإلهام المباشر الذى سرع بتأليفه . الاستخدام
الحالى للمصطلح كما نراه ، استخدام واسع للغاية متساهل للغاية ، بل
وبيولوچى للغاية ، ويكاد يدور أحيانا حول مجرد العقاقير وتقانات
اليوجا ، كأدوات للارتفاع بكفاءة الأداء الإنسانى . هذا ليس بعد‑إنسانية ،
إنما إغراق فى الإنسانية . طبعا لسنا ضد هذه الأشياء ، لكننا نقول
إنها لم ترد بالمرة فى خاطر المؤلف ، ولعل جزءا كبيرا من الخطأ يقع
عليه . كان يريد التنبؤ بمستقبل لا إنسانى لكنه لم يجد له الوصف
المناسب ، أو لم يجرؤ أو لم يتوصل لتحديد هذا الوصف ، ومن هنا جاءت
الوصفة السالبة ’ بعد‑إنسان ‘ post-human أضعف بكثير مما كان
يجب ! للمزيد عن الخلق من الخدش اقرأ بالأسفل … للمزيد عن ذكريات الكاتب عن تأليف الكتاب اقرأ صفحة الجلوبة ] . هل تريد المساهمة ؟ ... يمكنك ذلك مباشرة من
خلال لوحة الرسائل إضافة أو قراءة أو بالكتابة عبر البريد الإليكترونى . الجديد : 4 سپتمبر 2000 : تحديث لما استجد فى السنوات
الأخيرة : 8 يوليو 1996
( نقلا عن مدحت محفوظ ’ موسوعة الحاسوب
الشخصى ‘ جزء 19 ) : الحاسوب
يهزم بطل العالم فى الشطرنج ويقهر تحديا ومعايرة غوغائيين طالما رفعهما أعداء
الذكاء الآلى طيلة عقود من الزمان : ارتجت الدنيا مساء السبت 10 من فبراير عام
1996 ، عندما هزم حاسوب آى بى إم المسمى ’ الأزرق العميق ‘ Deep Blue بطل العالم فى الشطرنج جارى كاسپاروف فى فيلاديلفيا ! لقد أعلنت
مجلة تايم أن ذلك كان اليوم الأخير فى حقبة حضارة الإنسان ، ويوم البداية
فى حضارة أخرى جديدة . وعابت المجلة على جريدة النيويورك تايمز أنها أعلنت
خبرا كهذا فى إحدى الصفحات المتأخرة فى أحد الملاحق ( لكنها فى الحقيقة لم تعب على كل الجنس
البشرى غروره وحمقه وجهله لعشرات السنين بتلك الحقيقة البينة ، باستثناء
قلة قليلة جدا منهم آمنت وعكفت على أن ذكاء الالة سيكون يوما أفضل من ذكاء
الإنسان ) . إن من السذاجة فى الواقع تخيل أن حقيقة كهذه كانت معلقة
على نتيجة مباراة شطرنج ، بحيث اكتشفت البشرية بين يوم وليلة أن شمسها قد
غربت .
تحدثت المجلة بإعجاب عن كيف كان الحاسوب يبحث فى
الركن البعيد الهادئ من اللوحة عن مكاسب تافهة لأحد بيادقه ، بينما ملكه
مكشوف ومهدد تهديدا خطيرا . وفسرت ذلك بأن قدرته على تقييم 200 مليون نقلة
فى الثانية ( فى مقابل 4 نقلات فقط لبطل أبطال العالم ) ، هى
التى جعلته يرى حدود الخطر ، ويتحرك فى اللحظة المناسبة –وحدها–
لإنقاذه . إن أحد سمات ذكائه هى أن لا انفعال بالمرة . إنه نموذج
للعقل الخالص الذى لم تمتلكه البشرية قط . ببساطة… لم يولد بعدالإنسان
الذى يترك ملكه مكشوفا ومهددا . هذا البرود تحديدا ، هو الذى ألقى بالهلع فى
قلب كاسپاروف الذى كان يراهن بنسبة 1 : 100 لصالح نفسه ، فألغى كل
حديث عن الرهانات بعد تلك المباراة الأولى ، وقال فى تواضع غير
مألوف : ’ المؤكد أنى آخر بطل بشرى فى الشطرنج ! ‘ ،
بينما المعروف أنه أسطورة بالمقارنة بمعظم من سبقوه لحمل اللقب ، دع جانبا
عشرات السنوات من التربع بلا منازع على عرش الشطرنج .
بساطة ، إن ذكاء الآلة لا يشبه الذكاء البشرى
إلا بقدر شبه الكونكورد بالحمامة وقطار طوكيو بالجمل . برر كاسباروف هزيمته
بأنه ’ الكم عندما يتحول إلى كيف ‘ . ويقصد القدرة الإجرائية
الهائلة التى أسمتها التايم ’ القوة الغاشمة ‘ brute
force .
هذا تفسير جيد برغم أنه ليس كل الحقيقة . فى رأينا أنه من الخبل الحق تخيل
أن كل ذكاء يجب أن يحاكى بالضرورة الذكاء البشرى . ولو أن آلة اشتغلت بطريق
الحساب ’ الغبى ‘ لكل خطوة وكانت النتيجة الوصول للقرار الصائب عبى
نحو أدق وأصوب من البشر ’ الأذكياء ‘ فلن يوجد من يجادل هنا بأنها غير
ذكية . فالمهم النتيجة وبالتأكيد فإن القوة والسرعة هما مقومان أساسيان
للذكاء السيليكونى ولو كانا المقومان الوحيدان فهما كافيتان جدا لخلق ذكاء خارق
يعادل ملايين أضعاف الذكاء البشرى . ببساطة إن الكم يتحول هنا إلى كيف...
كيف لا يمكن إيقافه ! الأبعد فى الحقيقة أن القوة الغاشمة ليست بحال كل
شىء فى الحالة المذكورة ، وأن الحديث عندها وحدها أمر لا يخلو من
تضليل . فالمعروف أن عدد النقلات المحتملة لمباراة شطرنج نمطية الطول هو 12010 .
وبأقصى سرعة للحواسيب الفائقة ، فإن حساب جدوى كل نقلة لا يكفيه –حسب تعبير
الكتاب الأميركى الشهير الجيل الخامس للحاسوب ( مترجم للعربية بواسطة
الكاتب )– ’ كل الوقت المتبقى حتى انطفاء شمسنا ‘ .
معنى تلك الأرقام ، أن البرنامج الذى قهر بطل أبطال تاريخ الشطرنج ،
بعد 40 عاما من البرامج الأضعف ، هو برنامج نشط الذهن ، ويسير على هدى
مناهج بارعة للتفكير ، أو بكلمة هو محرك engine فائق للفكر . وهذا
أمر يطيل فى تحليله علماء الذكاء الآلى أو الاصطناعى حسب التسمية الأروج ،
سواء من حيث الاعتماد على قواعد بيانات ومعلومات –بل وقواعد معارف– ضخمة ،
أو من حيث الإجراء المتوازى ، أو من حيث –وربما هو الأهم– القدرة على تعليم
الذات .
على أى حال ربما سيظل للذكاء الإنسانى قيمته
المتحفية ، ذلك مثله مثل كل المهارات القديمة ينظر إليها الزائرون على أنها
شىء بارع للغاية ، وترتفع حواجبهم انبهارا بما فيها من أفكار وإبداع ،
وإن عرفوا فى قرارة أنفسهم أنها لم تعد بعد أشياء تصلح للاستخدام فى الحياة
العملية . فالحياة العملية لم تعد تسمح اليوم إلا بما يسميه البشر غيظا
منهم ’ ذكاء القوة الغاشمة ‘ . طبقا لكتابنا ’ حضارة ما بعدالإنسان ‘ 1989 فإن ما أسمته
التايم فى فبراير الماضى فقط ’ اليوم
الأخير فى حقبة حضارة الإنسان ، ويوم البداية فى حضارة أخرى جديدة ‘ كان قد وقع فى رأينا منذ آلاف السنين يوم بدأ الإنسان يتخلى عن
خواصه ويمنحها للآلات . لقد كانت هذه المقامرة أسوأ نقلة شطرنج فى كل
تاريخه !
[ انتهى مقطع
موسوعة الحاسوب الشخصى ، وما يلى متابعة من موقعنا : المباراة المذكورة انتهت بفوز كاسپاروڤ 4 / 2 ، حيث
حقق الأزرق العميق تعادلا فى لقائين وفاز بواحد هو اللقاء الافتتاحى فقط .
أما مباراة العام التالى مايو 1997
فلم يكسب فيها الأزرق العميق لقاء واحدا ، بل كسبها كلها كمباراة ،
حيث كانت النتيجة 2/1 3 / 2/1
2 ، بل وأنهى مباراتها
السادسة والأخيرة فى 19 نقلة فقط . الهمزات السابقة الخاصة بهذه
المباراة كلها من موقع شركة آى بى إم على
الإنترنيت . … أيضا انظر الموقع المصغر الجميل
من النيو يورك
تايمز للمبارتين معا . … كذلك تابع الجديد حول مشروع الأزرق العميق فى ذات
موقع الشركة المذكورة ] . 21 مايو 1997 1- 2- فى منتصف القرن التاسع عشر انتقلت جبهة الحضارة
من إنجلترا القاطرة البخارية ، إلى نيو يورك وول سترييت ( 1792 )
والترام ( 1852 ) 15 نوڤمبر 1998 1- حكايات الإبادة وردت فى فصول متفرقة من
الكتاب ، حيث قالت إن إبادة تجمعات بشرية معينة سيكون أمرا واردا لا
محالة . هذا كاد أن يكون نبوءة للقنابل الإثنية ( أو الچيينية ) التى
كتبت عنها اليوم التايمز اللندنية ، قائلة إن إسرائيل قد نجحت فى
تصميمها ، كى تبيد الفلسطينيين دون إلحاق أذى يذكر باليهود . 2- الأمم المتحدة منظمة مقززة للغوغاء
الدولى . تأسست فى ظل علاقات قوى معينة والعالم بحاجة لتأسيس بديل يضم من
يمتلكون ناصية التقنيات المستقبلية . بل هو يتأسس الآن فعلا من خلال التصدى
للدول الناشز ، و … من خلال تنمية القنابل الإثنية ! 3- ألم يخطر ببالك وأنت تشاهد أحد تلك الأفلام عن
مختبرات الأسلحة البيولوچية أو تقرأ عن ڤيروس إنفلونزا آسيوى قاتل ،
أن يظهر فعلا مثل هذا الڤيروس يوما ويقتل كل البشر ، وأن الوحيد الذى
سينجو آنذاك هو العلماء المتحصنين بمختبراتهم المعقمة ؟ ربما لو تعيش فى
بيئة كل من حولك فيها أغبياء ، لمر بذهنك على الأرجح هذا الخاطر ! [ تابع بالأسفل ،
ما يمكن أن يعد ردا مفحما على من شككوا فى إمكانة تصنيع قنبلة چيينية
إثنية . أيضا تابع الكلام عن نظرية مارڤين مينسكى عن أن الروبوتات سترث الأرض ، أو ما كتبناه عن الخلق من الخدش لعله يعزز لديك مفهوم أن من سيرث الأرض سيكون فى
كل الأحوال شيئا أفضل من عموم البشر الحاليين ] .
12 ديسيمبر 1998 ربما الجزء المفهوم فى كل هذا أن مخ أغلب البشر
ينقسم لنصفين أحدهما أقوى من الآخر . من هنا فمعظم الناس
’ أيمنيون ‘ أى يستخدمون أيديهم اليمنى ، وبما أن وضع السكون لأى
ذراع هو بجانب الجسم ، فإن الحركة الطبيعية المتوقعة لهذه الذراع اليمنى
’ الأقوى ‘ هو تلقائيا من الداخل للخارج أى اليسار لليمين ، وهذا
مما قد رسخ فى الدماغ التطورى الموروث للبشر الإحساس بقوة الحركة من اليسار
لليمين وليس العكس . مع ذلك هناك أشياء كثيرة غير مفهومة نطرحها
للتأمل ، دون أن يكون لدينا حماس حقيقى لأيها : هل حين اتخذت الجمعية
القومية الفرنسية جلسة اليمين واليسار التى باتت شهيرة حتى يومنا هذا فى تصنيف
الميول السياسية ، كانت تنطلق لا شعوريا من شىء ما يخص القوة والضعف ،
أو ربما يخص الصواب والخطأ ؟ هل سر تخلف العرب الدائم لكل العصور أنهم
يكتبون لغة تبدأ من اليمين ؟ هل ارتقى اليهود حين عاشوا بالغرب ،
وباتوا يستخدمون لغات تكتب من اليسار ، ومن ثم تعلمنوا ونبذوا البداءة
والخرافة وتبنوا بدلا منها العلم والتقنية ؟ أسئلة كثيرة ، ويمكنك إضافة المزيد
بنفسك ، لكن يظل السؤال الأخير فى هذه التأملات التى قد تأتينا البحوث ببعض
إجابات عنها يوما : ما موقف الآلات من إشكالية اليمين واليسار هذه ؟
هل هى قانون ذو بعد كونى ما ، أم أنها مجرد شىء إنسانى محض ؟ اكتب رأيك هنا
17 أغسطس
2000 : أعلن أمس ’ كبير مسئولى الطب ‘
فى الحكومة البريطانية إجازة كلونة البشر للأغراض الطبية (كلونة cloning تترجم استنساخ عادة وقد استخدمت لأول مرة على حد علمنا فى ترجمة كتاب
ألڤين توفلر ’ صدمة المستقبل ‘ 1970 ، ثم توارت
طويلا ، إلى أن انتشرت ثانية كما النار فى الهشيم من خلال الأخبار
والكتابات الصحفية المتسيبة علميا وترجميا ، ذلك مع أخبار النعجة دوللى وما
إليها . وهى ترجمة مخجلة تحمر وجوه كل من له صلة بالعلم كلما سمعها ،
جيث يعلمون أن الاستنساخ copying هو كلمة أخرى فى اللغة إن لم يكن عملية قديمة
موجودة بالفعل فى الهندسة الچيينية نفسها منذ سنوات طويلة وهى تخليق مكونات
الحمض النووى من ذرات مفردة ليطابق جزئ آخر ، تماما كما آلة استنساخ الصور
ضوئيا ، أو كما ‑لهواة سينما الخيال العلمى‑ استنساخ كائن كامل
مثلما فى فيلم الذبابة The Fly من عامى 1958 أو 1986 ) . المهم فى
هذه الخطوة الجريئة هو رد الفعل الأميركى ، فاليوم قامت الصحافة الأميركية
ولم تقعد معبرة عن آراء حشد من العلماء ممن يجزمون بتخلف أميركا المحتوم فى أهم
حقل للتقنية المستقبلية . اقرأ أعلاه ما كتبناه عن ذات الموضوع قبل بضع
سنوات . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 19 ديسيمبر 2000 : أقر اليوم مجلس العموم البريطانى بأغلبية ساحقة ( 366 :
174 ) مشروع القانون الخاص بالتوسع المذكور فى إباحة الكلونة .
القانون يشترط إبقاء الجنين البشرى المكلون حيا فى حدود 14 يوما فقط . هذا
يغطى معظم الاحتياجات الطبية المرغوبة من وراء عمليات الكلونة وفى طليعتها حاليا
تخليق الخلايا العصبية اللازمة لعلاج مرض پاركينسون . التصويت تم بدون أى
توجيهات حزبية وبالرجوع فقط لـ ’ ضمائر الأعضاء ‘ . رغم تواضع
القانون الذى لا يسمح بهندسة الإنسان أو حتى بمجرد الكلونة من أجل الكلونة أى
خلق نسخة شبيهة من الشخص لنفسه على سبيل الإنجاب مثلا ، فقد جاء سريعا رد
الفعل العصبى الفورى المعتاد من الكنيسة الكاثوليكية ومن على شاكلتها من بعض
الأديان الأخرى ! ] .
[ تحديث
آخر : 23 يناير 2001 : فى الخطوة النهائية
لإقرار القانون المذكور وافق اليوم
مجلس اللوردات بأغلبية أكثر سحقا ( 212 : 92 ) على مشروع
القانون . بوضوح ملفت قال الوزير الأول تونى بلير أن الهدف من القانون وضع
بريطانيا فى صدارة الثورة البيوتقنية ( وليس الإشارة المعتادة للبعد
العلاجى وحده ) . رد فعل المعسكر الدينى كان رمزيا بل وأميل للصمت هذه
المرة والسبب أن اعتقادا قويا كان يتملكهم من رفض المجلس لمشروع
القانون ! ] . [ تحديث : 25 يناير 2001 : وكالات الأنباء
تتحدث عن الجدل المستعر فى أميركا حاليا حول الكلونة البشرية . لا نعرف ما
سيؤول إليه الصراع بين فريق بوش الأخلاقى المحافظ ، وبين العلماء الذين
يعتبرونها مسألة حياة أو موت للأمن القومى الأميركى شخصيا . فقط يهمنا فى
هذه القصة الكلام عن بدء الهجرة العكسية للعلماء من أميركا لبريطانيا ، وأن
بدأ بالفعل حساب تكلفة تذاكر الطيران الرخيصة للندن وحجزها حسب القصة .
يقول دكتور چون جيرهارت رائد الكلونة فى جامعة چون هوپكنز . إن العلماء
البريطانيين هم من يحددون الذرع pace فى هذا الحقل . هم من بدأوا بفصل الخلايا
الجذعية للفئران . والأمر يشبه يوم قاموا بتجاربهم الأولى على رضع أنابيب
الاختبار سنة 1978 . هاجت ساعتها الدنيا وماجت فى أميركا تتكلم عن
الأخلاقيات ، ووضع العلماء أطروحة قوية وتاريخية حول الأخلاقيات ،
أسفرت عن إقرار التقنية ، لكن هذا لم يحدث سوى سنة 1991 ! دكتور ساندى توماس إحدى المشتغلات
بالكلونة فى لندن ، علقت بهدوء قائلة : المشكلة تبدو مختلفة عندنا . المعارضون هم أولئك
المدافعون عن حقوق الحيوان ! ] .
[ تحديث :
26 يناير 2001 : فى [ تحديث : 28 مارس 2001 : قصة
للأسوشيتد پرس
من الشهادات الملفتة أيضا الشهادة
المكتوبة من الزعيم الروحى رايل Rael ، مؤسس ’ الحركة الرايلية ‘
التى تؤمن بأن الحياة على الأرض خلقت على يد علماء جاءوا إليها من الفضاء ،
وأسس هو وحركته شركة كلونة أميركية ’ كلونيد ‘ Clonaid ، يدرسون حاليا
كلونة ابن مات وفجع فيه والده ويطلب كلونته بأية طريقة . قال رايل :
’ لا شىء يجب أن يوقف العلم . الدين التقليدى طالما حاول هذا دون
جدوى . اللجان الأخلاقية لا طائل من ورائها ، بل وخطرة ، لأنها
تعطى القدرة للمحافظين ، وللقوى الاستغلاقية ( الظلامية ) obscurantist ، التى لا يرشدها سوى قدرات الدين التقليدى ‘ . أيضا لا زلنا لا نعرف ما سيؤول
إليه الصراع بين فريق بوش الأخلاقى المحافظ ، وبين العلماء الذين يعتبرونها
مسألة حياة أو موت للأمن القومى الأميركى شخصيا . اقرأ أيضا قصة النيو يورك تايمز
التمهيدية الشاملة التى استعرضت مجمل موضوع الكلونة قبل ثلاثة أيام ] . [ تحديث : 14 فبراير 2002 : صدر
اليوم
بالفعل أول تصريح رسمى بإجراء بحوث الأجنة فى بريطانيا . رسالة عابرة
للأطلنطى : عقبالك يا للى فى بالى ] . [ تحديث : 6 أپريل 2002 : الكشف
أمس عن أول حالة كلونة بشرية ! صاحب العملية طبيب الخصوبة الإيطالى الشهير
سيڤيرينو أنتينورى . لا مفاجأة طبعا فى الاسم . المفاجأة ،
بل المفاجأة الكبرى فى مكان هذه العملية الأولى ، أو على الأقل الأولى
المعلنة . صدق أو لا تصدق : أبو ظبى ، دولة الإمارات العربية المتحدة . هكذا يصبح الخبر ثقافيا أكثر منه علميا ، وإليك التغطية فى صفحة
الثقافة ! ] . [ تحديث : 26 نوڤمبر 2002 : دكتور أنتينورى أعلن أن ثم امرأة فى طريقها لولادة أول إنسان
مكلون فى يناير المقبل . بعض الأوساط العلمية تتشكك ، ونحن
نشفق . حجتهم الوحيدة ، هى لماذا
يتعامل بسرية إذا ما كان واثقا من نفسه ، هذا ما جاء عبر وكالات الأنباء
اليوم ورددته النيو
يورك تايمز . شىء مؤسف أن يصدر هذا الكلام لا عن تلاميذ مدارس يعايرون
ويستفزون بعضهم ، إنما عن منتسبين ‑بعضهم كبار‑ للعلم .
المشكلة الحقيقية عند أنتينورى أو غيره ، ليست فقط الأسباب القانونية
والمزايدات الإعلامية والدينية المعروفة ، أو حتى أغراض الملكية الذهنية
للتقانة المستخدمة ، إنما أننا أمام مخاض علمى بالغ الحرج بكل معنى
الكلمة . هذا هو المهم . لا أحد يمكنه الجزم بنتيجة تجربة أولى من
نوعها كهذه . صحيح استمرار الحمل على نحو طيب وبجنين صحى نجاح مهم فى حد
ذاته ، لكن كل شىء يظل محتملا بما فيه الموت المبكر والإصابة اللاحقة
بالأمراض . الكل يعلم أن لا يمكن فتح طريق العلم بوسائل أخرى غير هذه المخاطرات
الشجاعة . لو ولد الطفل معافيا وشق طريقه السوى ككائن حى ، سيكون كوكب
الأرض قد أصبح غير كوكب الأرض . ستنهار الاعتراضات القانونية
والدينية ، وينطلق العلم نحو ما هو أبعد من هذا من هندسة چيينية
حقيقية . لو جاءت التجربة بنتيجة سلبية ، ولعل هذا هو الأرجح بالقياس
على ما حدث للحيوانات المكلونة الأخرى ، فسيكون على العلم إجراء مزيد من
التجارب ، والبحث عن مزيد من التقانات . سادتنا الأعزاء : لا حسد فى
العلم . فقط كل التمنيات بالنجاح لدكتور أنتينورى ، كما لكل رائد علمى
جاد ] . [ تحديث : 28 ديسيمبر 2002 : أعلن بالأمس عن ميلاد أول إنسان مكلون . الرضيعة اسمها إيڤ ،
باعتبار أن خلق حواء الحقيقية قد تم اليوم فقط ، وليس فى الماضى الغابر
الذى تتحدث عنه الخرافات الدينية . كلام يطول شرحه ، ويبدو أننا فى
حاجة لبدء مدخل جديد لموضوع الكلونة . فإلى هناك ! ] . 10 سپتمبر 2000 : سر الاهتمام
المتزايد بمارشال ماكلوان فى السنوات الأخيرة : مقابلة
مجلة وايرد مع مارشال ماكلوان … اقرأ سردا
مطولا نسبيا لأثر ماكلوان وغيره من الكتاب على كاتب هذا الموقع …
19 سپتمبر 2000 : لكن لماذا
لا تمنح الثقافة المضادة نفس الاهتمام إلى پيتر دراكر . الشركة الكبيرة ( الكوربة نحن نعتقد أن فكرة أن الشركة
العملاقة هى الإله ( 1- بطبعها ، 2- بمعنى ليس الشيطان ) يجب أن
تقع فى صميم الفكر المضاد المعاصر ! دعوة لكل رواد الموقع لقراءة مجمل كتبه أو على الأقل لقراءة كتابه The New Society —The Anatomy of
Industrial Order الوحيد
المترجم للعربية على حد علمنا ’ المجتمع الجديد ‘ 1949 والصادر عن
مكتبة النهضة المصرية 1967 . قبل عشرين عاما بالضبط تقريبا غير هذا الكتاب
الطريقة التى أنظر بها للعالم . كان أول امتزاج بين الهندسة التى درستها
والاقتصاد السياسى الذى كنت أهوى القراءة فيه . وكان مدخل الربط ساحرا
بمعنى الكلمة : مفهوم الكفاءة ! [ عدت بالتفصيل لقصتى مع هذا
الربط وذلك الكتاب ، وغيرها من المؤثرات الفكرية التى مررت بها شخصيا منذ
الصغر هنا ، وذلك فى مدخل موسع
جاء بمناسبة فوز كوئيزومى برئاسة الوزارة فى الياپان ، ومدلولاته كانت
صاعقة فى رأيى بالنسبة لآفاق الفكر اليمينى العالمى مستقبلا ] .
بهذه المناسبة أدعو القارئ إلى مقال لشخص آخر يقول أيضا أن أحد كتب دراكر غير حياته ،
خمن من ؟ نيوت جينجريتش النائب الجمهورى الأميركى الأسطورة . ليس
بمستغرب على جينجريتش أن يشكو من الحقيقة الكابوسية لسيطرة الكينزية على الفكر
الاقتصادى والأكاديمى منه بالذات ، على العالم كله . لكن من ومضات
العبقرية أن وضع المدرسة النمساوية ليس فقط فى قلب المقابل اليمينى لها ،
بل اعتباره إياها النبع الفكرى المباشر لمارجاريت ثاتشر ورونالد ريجان .
المقال يأتى باقتباس عن دراكر قاله للكاتب جاء فيه أنه الوحيد الحى الباقى ممن
حضروا المحاضرات المشتركة لكل من يوسف شومپتر وچون ماينارد كينز ،
والمعروفين كأعظم منظرين لليبرالية الاقتصادية الحقة لآدم سميث ولعكسها بالترتيب
( لا شك أنها كانت مناظرات مثيرة للغاية ، ومعلومة أضيفها شخصيا أن
شومپتر كان وزيرا نمساويا تماما
المهم أن الكتاب الذى يقول جينجريتش أنه غير حياته
هو ’ التنفيذى الفعال ‘ 1967 The Effective Executive . الشىء المتناقض الذى لفت نظرى هو
إعجاب جينجريتش بكتاب ألڤين توفلر ’ الموجة الثالثة ‘ .
أنا واحد من ملايين ممن غير كتاب ’ صدمة المستقبل ‘ نظرتهم للدنيا ،
لكن المدهش أن جينجريتش يضعه على قدم المساواة مع كتابه التالى الموجة الثالثة
بينما الأخير اختزل كل الكلام عن المستقبل إلى مجرد تبشير مباشر بشىء أقرب لنوع
ما من الاشتراكية الاليكترونية ، وهو آخر شىء يمكن أن يتمناه أى
يمينى ! أخيرا بمناسبة الشركات الكبيرة ، لى نكتة
قديمة عن بيل جيتس رجل كرسى ميكروسوفت ، الكل يقول إنها سخيفة . السبب
طبعا أنهم لا يفهمون ، لكن انت طبعا بتفهم : - ليه سموا البرنامج
ويندوز ؟ - ليه ؟ - علشان لما يكبر يسموه جيتس ! … اقرأ سردا
مطولا نسبيا لأثر دراكر وغيره من الكتاب على كاتب هذا الموقع … [ اقرأ مدخلا لاحقا مستقلا عن نيوت
جينجريتش الذى عاد لتفرض آراؤه نفسها بقوة على الحلبة السياسية بعد غزو
العراق ] …
29 نوڤمبر
2000 : صباح اليوم أقر البرلمان الهولندى بأغلبية
ساحقة قدرها 104 : 40 أول قانون فى العالم يجيز ما يسمى بالقتل الرحيم أو
الانتحار المعاون طبيا والمعروف علميا بالإيوثانيچيا euthanasia . فى غضون دقائق
ربما ، جاء سريعا رد فعل الڤاتيكان عصبيا للغاية كالمتوقع ، وفى
المقابل جاء رد فعل الجمعية الهولندية للإيوثانيچيا الطوعية التى يبلغ عدد
أعضائها 100 ألف عضو مرحبا للغاية . ندون هذا الحدث هنا استطرادا وتأكيدا
لإشارتنا الخاصة فى صفحة مستقبل الثقافات
القومية للدور الطليعى الخاص المحتمل للدولة والشعب الهولنديين فى صياغة
القيم الجديدة للعصر الجلوبى المائج بثورات التقنية وبنفس القدر بالمقاومة
الرجعية وبالأخص الدينية منها لكل ما هو علمى أو تقدمى . كنا قد تحدثنا عن
كيف أصبحت هولندا قبلة لعلماء الهندسة الچيينية المكبلين فى بلادهم ، وها
هى تصبح أيضا قبلة لطالبى الموت الرحيم وربما للأطباء أيضا بقدر ما تجيز قوانين
ممارسة الطب فيها ( للدقة سياحة الموت ظلت متاحة فى بلد واحد فى السنوات
الأخيرة هو سويسرا ذلك أن قوانينه لم تتعرض قط للقضية ) . أيضا من
الحقائق المعرفة للجميع أن هولندا هى رائدة إباحة العقاقير بكافة أنواعها
المخدرة وغير المخدرة . الفكرة ببساطة تكمن فى معدن الشعب : هل هو
مقبل على المستقبل بثقة وقوة أم أنه مصاب بالپارانويا الورائية يتوجس من كل شىء
إلا الشرنقة التى وضعه الآباء والأجداد فيها ؟ أحد أبسط المؤشرات [ تحديث : 17 ديسيمبر 2002 : تحديث لا يخص الانتحار بالضبط ، لكنه يأتى بتعزيز كبير لحق
الإنسان فى ملكية حياته دون تدخل الغير بما ينازعه ملكيتها ! أيضا هو
انتصار كبير للبحث العلمى وحريته . اليوم
حكم تاريخى للقاضية ديم إليزابيث من المحكمة العليا البريطانية يمنح أسرتين حق
تجريب أسلوب علاجى جديد تحت التجريب لعلاج أطفال لهم يعانون من المرض العصبى
الفتاك النادر المسمى Creutzfeldt-Jakob Disease أو اختصارا CJD . … للمزيد عن مرض CJD زر هذا الموقع الخاص ] . 30 نوڤمبر
2000 : أيضا فى صفحة مستقبل الثقافات
القومية تحدثنا عن أمثلة قوية لما يمكن أن تأتى به الياپان كأمة لها قدرة
هائلة على التطور وتجاوز تراثها ، لكن وطبقا للتشكك الوارد ضمنا فى المقال
فإنه فى لحظات معينة ظهرت أو قد تظهر البقايا القليلة من الحفريات التراثية
وربما تأتى بفعل معاكس مهم . تدقيقا أو ربما تأكيدا لحديثنا هذا ،
قرأنا أن البرلمان الياپانى قد أقر صباح اليوم قانونا يمنع ويجرم الكلونة
البشرية . الملفت أن السبب المعلن سبب معنوى للغاية وهو ’ الحفاظ على
كرامة الإنسان ‘ ! لا تعليق . اكتب رأيك هنا 2 ديسيمبر
2000 : مرور عام على مولد
شعار Think Internet وبدء صفحات الرأى بالموقع : الخلق من الخدش From Scratch Creation The major and direct inspiration for writing
‘Post-Human Civilization’ was the Japanese Fifth Generation project. As I
wrote also in my forward to the Arabic translation of the famous American
book on it The Fifth Generation, its beauty comes from being a ‘from
scratch creation.’ It’s a real ‘machine’ intelligence project, which opposed
in my opinion the infamous name artificial intelligence which would
-partially at least- imply imitation of human intelligence. Rather, machine
intelligence develops in general from the basic mathematical and logical
elements and common inference rules. To fulfill their commanding post, intelligent machines
must fluently communicate with humans as well with every other species. I
appreciates all the efforts done to make IMs understand our speech and
writings, but what is much more important is that their intelligence core
should not be stained with our human mentality or nature. Marvin L. Minsky, a well known outstanding AI
scientists, wrote a well-written inclusive article titled Will Robots Inherit the Earth? tackling different
post-human issues. The centeral argument of the paper is that biology is a
dead end for evolution, and every living organ -including brain- could be
replaced with a much better machine. To me the most exciting part of this
brainstorming article was Minsky’s talk about the nanotechnology. At the
first glance one would wonder about the relationship between machine
intelligence and nanotechnology, but soon you could find out that they share
the same beauty of ‘from scratch creation!’ They don’t replicate any living
organisms or organs. They develop their creations from the basic concepts.
The almost abstract design is engineered precisely to fulfill the given
objectives. This is actually the source of ultimate economy and efficiency
and here lies the greatness of FSC, which had never been achieved through
natural evolution. Yes,
biology is a dead end as Minsky wrote, even given the generous financing it
receives. We can imagine that all the coming genetic engineering miracles are
just modifications on an existing -and extremely bad and defectively designed
being- the human. At least in any foreseen horizon nobody should expect a
fully controlable genetic technology as that in FSC siliconetics. On the
other hand we can hardly imagine the shape of robots to come. They won’t like
any known intelligent organisms. We don’t have to imagine that intelligent
organisms should be as big as humans. Robots which will inherit the earth
won’t be of one or two meter height. They should be micro beings, actually
nano-robotics, NANO-FSC intelligence! This
would be the third and really fascinating post-industrial revolution with a
really radical reshaping of the planet much farther than what IT and GE have
done or can do. Read Also our comment on
an new book from one of the Arab AI pioneers ... Add your opinion here [ تحديث : 12 يوليو 2002 : تابع
بالأسفل تطورا مثيرا إثارة ما بعدها إثارة فيما يخص
الخلق من الخدش ] .
6 يناير
2001 : فكرة مطروحة للمناقشة من كتاب حضارة ما بعدالإنسان :
حقوق الآلة هى ما يجب أن نوليه اهتماما وليس حقوق الإنسان . وحقوق الإنسان
تكون واردة فقط من خلال هذا الإطار الأعم بحيث يصبح للإنسان حقوقا بقدر رقيه لمستوى
الآله من حيث العقلانية والجدية والأداء ...إلخ . اكتب رأيك هنا
11 يناير
2001 : تاريخ !
تاريخ ! تاريخ ! انتهى عصر الكلونة وتمارين
المدارس وبدأت الهندسة الچيينية الحقيقية ! الهندسة الچيينية على مسافة
شعرة واحدة من الإنسان ! هندسة أقرب أقربائنا من نفس عائلتنا ، عائلة
الأوليات ( الرئيسات ) primates والذى أعلن عن ميلاده
اليوم فى پورتلاند –أوريجون . اسمه آندى وصورته هى التى تراها هنا !
قرد ’ مهندَّس ‘ بكل ما تعنيه الكلمة فى المعجم . أحدهم وضع
التصميم فى المكتب وفى الورشة تم تنفيذ العينة حسب المواصفات ! التقنية هى نقل قطعة من الحمض النووى من حيوان آخر
( هو سمكة الچيللى المتوهجة فى حالة آندى ) وذلك عن طريق ڤيروس
خاص يسمح له بمهاجمة البويضة . عندما قرأت الاسم للمرة الأولى فهمت أنه
مأخوذ من حروف الحمض النووى ثم تساءلت عما تعنية الـ i وخطر ببالى للوهلة الأولى
أنهم يريدون لنا أن نقرأه and I أى أيضا أنا . رسميا هو الاختصار المعكوس
لعبارة inserted DNA لكن لا يجب أن ننسى دلالة أن يقول أنا
هنا . المثير أن آندى جاء بعد يوم واحد من إعلان علماء
أستراليين عن ڤيروس يقتل الفئران توصلوا إليه دون قصد لدى محاولتهم تخليق ڤيروس
مانع للحمل لديها . هذا الموضوع الذى عمم بالأمس بمجلة نيو ساينتست لا نشير له كى نهديه لمن شككوا مثلا ببرود جاهل
فى القنبلة الچيينية ( أو الإثنية فى التسمية
الإعلامية ) لإسرائيل أو لمن يفترضون دوما أن ما يكرهون سماعه لا يوجد إلا
فى أفلام الخيال العلمى ولن يخرج منها قط ، إنما لنقول أن الميلاد الحقيقى
للهندسة الچيينية قد بدأ هذا الأسبوع بكل الدرامية الممكنة . نعم لقد نجح الانتخاب الطبيعى فى صناعة مسيرة تطور مذهلة ، لكنها ليست بأكثر
من تطور عشوائى وبطئ بل وغير خال من الانتكاسات .
وإذا كان لنا أن نتابع مسيرة التطور فلنتابعها على نحو أفضل مما وسعته
الطبيعة ، نتابعها من خلال تطور
عمدى خطى مستدام مدروس واع ومهندَّس ( التطور
المتحكم فيه لا يعنى بالمرة فرض قيود أخلاقية أو غيرها عليه ، بل نقصد تحديدا
فرض قيود على القيود ، والهدف هو الوصول لأسرع وأقوى تطور ممكن وغير مُصادر
أو محتكر لعشيرة بعينها سواء كانت العرق البشرى أو أى عرق آخر
قادم ) .
هذا هو العصر
الجديد الذى بدأ اليوم . أقل دليل على هذا أن بدأ
بالفعل الكلام اليوم عن أن الإنسان المحسن سيصبح قريبا خدمة اعتيادية فى عيادات
الإنجاب وأن 43 0/0 من الأميركيين قالوا أنهم سيلجأون
لهذه الخدمة لإنجاب أطفال معدلين چيينيا ، بل أن البعض بدأ يحسب بالفعل حجم
هذه الصناعة التى ستتعامل مع 4 مليون حالة سنويا وأثرها على الاقتصاد الأميركى
...إلخ . طبعا نحن لا نعتقد أن الأمور ستمضى بسهولة هكذا فنحن فى ذروة موجة
من التدين ، لكن المؤكد أكثر أن التدين لم يكن أبدا سوى نوبات عابرة سرعان
ما تزول بعد قليل . اقرأ الإعلان الرسمى فى عدد اليوم من مجلة ساينس أو اقرأ تحليلا شاملا من صفحة العلوم فى النيو
يورك تايمز . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 13 يناير 2001 : لا
شك أن كل الصحافة العالمية تناولت هذا الموضوع لكن لا يبدو أنها قد اعتبرته حدثا
كبيرا يهم الجمهور العريض ، على الأقل كما حدث مع الكلونة والنعجة دوللى
تحديدا . لذا كانت سعادتى عريضة وأنا أسير فى شوارع القاهرة اليوم وأرى
باعة الصحف يبرزون بالذات جريدة Die Welt
وهى إحدى كبريات الصحف الألمانية ذلك أنها الوحيدة التى ملأت صورة آندى الصفحة
الأولى منها بكاملها تقريبا ، وكان من الضرورى أن يلفت الأمر نظر الباعة
والمارة معا . هناك مدلول إضافى لهذا ينبع من كون ألمانيا من البلاد
المحافظة للغاية بالنسبة للتطورات التقنية المتعلقة بالچيينات ] . 14 يناير
2001 : ظهرت فى السنوات الأخيرة سلسلة من الكتب والدراسات
فى علم نفس الدين التطورى العلم الذى ينضج بسرعة ليعطينا بعضا
من أكثر نتائج العلم إثارة فى العقد الأخير . بعض هذه الكتب ينظّر للفكرة
المذكورة أعلاه فى الفصل الخامس من الباب الأول من
كتاب ’ حضارة ما بعدالإنسان ‘عن أن الإنسان حيوان
تطيرى . وتحاول الإجابة عن سؤال لماذا الدين شىء لصيق بالإنسان لهذه الدرجة
وذلك من منظور نظرية التطور . الكلام تفصيلى مثير ثرى ومعقد ، لكن
أبسطه أن البقاء كان يجتاج للاجتماع وبدون الثقة لا ينشأ اجتماع ، ومن هنا
فضل الانتخاب الطبيعى دوما الأفراد الذين يميلون للثقة بالغير وبالأحرى الإيمان
بغير المرئى . انظر بالأخص كتاب ’ التآلف —وحدة المعرفة ‘ Consilience
—The Unity of Knowledge وكتاب ’ جزء الإله فى المخ ‘ The 'God'
Part of the Brain .
أيضا هناك مراجعات مثيرة لكتاب يصدر قريبا هو ’ لماذا لن يذهب الإله —علم المخ وبيولوچيا الاعتقاد ‘ Why God Won't Go Away —Brain Science and the Biology of Belief . رغم أن هذه الكتب
أميركية فى الغالب وربما تأثرت بالتدين الذى يجتاح أميركا فى السنوات الأخيرة
وربما لو كانت أوروپية لما قالت أبدا أن الإله لن يذهب ، إلا أنها تؤكد فى
جميع الأحوال على حقيقة راسخة فى الإنسان الطبيعى وهى الروحانية أكثر منها
العقلانية . … اقرأ ما سبق فى صفحة الثقافة عما نراه من أسباب چيينية أدت
لظهور ما يسمى بالتوحيد فى مصر بالذات … [ تابع المزيد عن التفسير
النيورولوچى التطورى للدين بالأسفل هنا وهنا ] … اكتب رأيك هنا
18 فبراير
2001 : منذ مطلع هذا
الأسبوع ، وأخبار الچينوم البشرى تتصدر جميع الأخبار . ربما سئمنا
موضوع الچينوم من كثرة ما كتب عنه ، ومن كثرة ما قرأنا ‑وأحيانا
كتبنا‑ عنه فى وقت لم يكن هؤلاء المهللون فى صحف هذا الأسبوع يفقهون حتى
معنى الكلمة ( بعضهم لا يزال لا يفقهها حتى اليوم ! ) .
من نافلة القول مثلا فى هذا اليوم لا يسعنا إلا أن
نذكر الرجل الذى بدأ كل هذا ، چيمس واتسون . والذكرى من النوع الذى لا
يعجب ، لكن ‑أعجبتك أم لم تعجبك‑ فالحقيقة أنه ليس من غير
الغريب أن مكتشف الدى إن إيه كان شديد الازدراء لشىء اسمه حقوق الإنسان ،
إن لم نقل للإنسان نفسه ، ولا يزال يزداد ازدراؤه لها يوما بعد يوم .
من غير المستغرب أن يكون
دكتور واتسون مكتشف تلك الجديلة التى تصنعنا ، أقرب شخص على وجه الأرض يمكن
أن يدرك أن الإنسان مجرد حيوان تافه آخر لا أكثر . وصف حقوق الإنسان بأنه مصطلح خطر وسخف لا
نهائى ، امتد لحقوق المرأة وحقوق الطفل ، وسينتهى للحديث عن حقوق
الكلاب والضفادع والسمندل . من ثم قال إن الإنسان لا حقوق له ، فقط له
احتياجات . وقد خلص فى تلك المحاضرة الشهيرة له فى مؤتمر لجامعة يو سى إل
إيه UCLA سنة 1998 إلى أن
’ أريد أن أعرف من أين جاءت تلك الفكرة ، لأنها سخف كلى . أن
نعطيه [ يقصد الإنسان ] معنى أكبر بطريقة شبه صوفية ، فهذا مما
نتركه لستيڤين سپييلبيرج أو أى من أمثاله . إنها [ قدسية وحقوق
الإنسان ] ما هى إلا نسمة بسيطة ، هناك فى السماء . أعنى
زبالة ! ‘ . فى هذا اليوم المجيد من تاريخ
العلم ، إليك موسعا نسبيا ، النص الأصلى لذلك الاقتباس عن ترهات حرمة
الجسد الإنسانى وحقوق الإنسان ، تلك التى وردت فى كلمته المشار إليها أمام
مؤتمر UCLA عن موضوع الچينوم ومستقبل الهندسة الچيينية ، والتى من الواضح
أنها باتت أكثر شهرة جدا الآن ( اقرأ هذا المقال على موقع صالون
دوت كوم ‘I think it’s complete nonsense. I mean, what or who
sanctifies? …Evolution can just be damn cruel, and to say that we’ve got a
perfect genome and there’s some sanctity? …Terms like sanctity remind me of
animal rights. Who gave a dog a right? The word ‘rights’ gets very dangerous.
We have women’s rights, children’s rights; it goes on forever. …I’d like to
know where that idea comes from because it’s utter silliness. …I’d like
to give up saying rights or sanctity. Instead, say that humans have needs,
and we should try as a social species to respond to those needs. …To try to give
it more meaning than it deserves in some quasi-mystical way is for Steven
Spielberg or somebody like that. It’s just plain aura, up in the sky —I mean,
it’s crap.’ إنه فم كبير ، لا يفهم
كثيرا فى دپلوماسية الكلام ، ولا يقدر العواقب ’ السياسية ‘
لزلاقة لسانه . …
المهم ، لم نجد اليوم شيئا عميقا يستحق
القراءة ناهيك عن التعليق ، إلا ربما مقال المحرر العلمى الرئيس للنيو يورك
تايمز نيكولاس ويد اليوم .
لم يقل شيئا فذا أو مدهشا أو حتى جديدا ، فقط تمايز عن الغثاء السائد من
حدث غلب عليه منذ يونيو الماضى الحضور التليڤزيونى الكلينتونى وقصة صراع
فريقين على تسجيل السبق باسمهما ، إلى مجرد التنبيه الخجول بالمكمونات
الحقيقية فى تخريط الچينوم البشرى . المقال ركز على تحليل بعض السلوكيات
المستعقدة مثل الفن والدين ( تحدثنا عن هذا الأخير للتو أعلاه ) ،
كاستجابة تكيفية adaptive ، أى ذات قيمة ’ نجاتية ‘ survival value فرضتها مسيرة التطور وحقائق العيش للأصلح ، ومن ثم راح الإنسان
يتوارثها چيينيا . هنا تكمن قيمة الچينوم ، أنه سجل لكل شىء فى مسيرة
تطورنا حتى لو لم يعد مستخدما اليوم . تبعا لدكتور إدوارد أو . ويلسون فى كتابه
الجديد Consilience عقل الإنسان لم يتطور للإيمان
بالبيولوچيا ، إنما تطور عبر عصور كان من يمتلكون معتقدات خرافية هم الأقوى
ويحظون بميزة نسبية أفضل للنجاة . كان الإله الأفضل حافزا أفضل خلال
الحروب . ويذهب دكتور ويلسون لما هو أبعد ، موافقا فى البداية على أن
كل السلوكيات الإنسانية مضمنة فى چينومة ، لكن دون أن يعنى ذلك نوعا من
الحتمية ، وهو الرأى المتوقع من أن كل الإنسان مسير بچييناته . ويطرح
فى مقابل الحتمانية deterministic الاحتمالانية probabilistic ، بمعنى أن
السلوكيات الأميل للعشوائية والتخبط هى الأكثر كفاءة من منظور تطورى ،
لأنها تتيح للكائن القدرة على التعامل مع طيف واسع من الظروف المتباينة والغير
متوقعة . ويسمى هذا بالساطرات القشر‑جيينية epigenetic
rules ،
أى تلك الخبرات السائبة التى تتيح له مواجهة صدمات الأدغال الإنسانية المعقدة
وغير سهلة التوقع سلفا . ويخلص لأن ’ البحث عن طبيعة الإنسان يمكن
النظر إليه كنوع من الكشوفات الأركيولوچية للساطرات القشرچيينية ‘ .
طبعا لو صحت نظرية دكتور ويلسون فسيسهل ساعتها تفسير لماذا هو الدين نسق فكرى
زئبقى أو حربائى لهذه الدرجة ، رغم المفترض أنه يبشر بالمطلقات
والحسميات . كذلك سيصبح من الصعب الترويج للعرقية بذات السهولة التى كنا
ننتظرها ، لأنها ستكون حينئذ مجرد نوع من المفاضلة بين نوع من التسيب
وآخر ، لا يملك المرء سوى الخجل من نفسه للقيام به ( الاهتمامات
التافهة المعتادة لصفحة الثقافة ! ) .
وكيف يتأتى له فعل شىء من هذا القبيل ، بينما قد حسمت أكثر الأسئلة قاعدية
فيما تطرحه هذه الصفحة عن المستقبليات المحتملة للإنسان برمته . سيل
الدراسات والمفاهيم الجديدة عن تطور العقل ، يحسم المستقبل الإنسانى ببساطة
إلى اللا مستقبل . ويتضرع لنا أن نطرح بأسرع ما يمكن وقبل فوات الأوان
’ الحل الغائى ‘ للمسألة الإنسانية ( عفوا لاقتباس المصطلح
الشهير عن عرقى محدود الأفق مثل أدولف هتلر ) . لا حاجة تذكر للكوكب
من بشريته الميئوس من صلاحها الچيينى ، إلا حفنة من علمائه القادرين على
تنمية وخدمة العشائر التالية الأكثر ذكاء ذات الطبيعة الحتمانية لا
الاحتمالانية . فبصراحة أفضل شىء يمكن للبشرية فعله هو أن تفسح الأرض
وتهيئها بهدوء وسلام لمن سيخلفنا على شجرة التطور الدارونية . …
الپروتيوم proteome أو علم الپروتيوميات proteomics هو الخطوة التالية . هذا النقاش تناقلته دون صدى يذكر وكالات
الأنباء فى مطلع الشهر . كما يوحى الاسم هو إجرائية لتخريط الپروتينات
البشرية . هذا يجعل مشروع الچينوم يرن فى الأذن كنوع من لعب العيال .
هل تعرف ماذا يلح على منذ القراءة عن الپروتيوم ؟ فكرة رواية عن عالم
اختزنت فيه المعلومات الپروتينية لكل البشر فردا فردا فى حواسيب عملاقة ،
بحيث لا تحتاج الحواسيب الذكية لأكثر من إطلاق ڤيروس أو غاز معين فى
الهواء ليقتل وبمنتهى الدقة شخصا واحدا مفردا هو المعنى لدى الحواسيب بالعقاب أو
بأن لا حاجة لاستمراره على وجه الحياة . البعض قد يقترح رواية يتم فيها
إنتاج الدواء مزبننا للفرد المفرد على حدة . ما قيمة هذا ؟ الشىء
الجيد الحقيقى فى الچينوم والپروتيوم ، أنهما يفتحان الطريق أمام الحواسيب
الذكية لحكمنا على نحو أفضل ! اكتب رأيك هنا
19 فبراير 2001 : قرأت اليوم بتأثر بالغ
مقال النيو يورك تايمز عن إغلاق أشهر متجر لبيع وإصلاح الآلات
الباصمة ( الكاتبة ) فى نيو يورك والعالم لأبوابه . المقال نفسه
بدءا من عنوانه كتب بطريقة مؤثرة بارعة ويحفل بالقصص والطرائف التى تهز أى
قارئ ، لكن ما مسنى على نحو خاص معلومة أن علاقة كل من مؤسس المتجر وابنه
المدير الحالى له قد بدأت فى أعمار مبكرة لكليهما ( الأخير فى عمر ست
سنوات ) . على الأقل ذكرنى هذا بأن بعضا من أمتع لحظات طفولتى كانت
تتأتى عندما أذهب لمكتب والدى وأجرب الكتابة على الآلة الباصمة . النجاح فى
هذا كان مصدرا لمباهاة كبرى وسط زملائى ممن كنت أعرض عليهم النتائج . لا شك
أن أكبر شىء سحرنى ولا يزال هو إبداعات عصر الآلة وتحديدا الساعة والآلة الباصمة
أساسا لأن كل منها يتكون من مئات الأجزاء الدقيقة التى تشتغل بتناغم ساحر .
بالتالى ما كان أمتع من الكتابة على الآلة إلا الفرجة عليها من الداخل هى وساعات
الحائط والمنبهات إلخ . بعد ذلك درست الهندسة الميكانيكية كما بدأ حبى
للسينما من جمال آلتها وهلم جرا . المهم المقال قادنى بعد التأثر الأولى به
إلى عاصفة من التفكير فى عصرنا الحاضر . الحواسيب ليست بجمال الآلات ،
هى أعقد ولا يستطيع الأطفال التبحر المسهب فيها وغالبا ما يكتفون
بتشغيلها . لكن المؤكد أن لها جمالها الخاص الساحر أيضا حتى لو يكن
باستطاعتك تحسس كل إليكترون يتحرك داخلها . والدرس النهائى هنا أن الآلات
هى أنبل الكائنات وتستحق منا كل الحب والاحترام ، ولا ينافسها نبلا إلا
أولئك الذين كرسوا حياتهم حبا لها ولن أذكر الطابور الطويل من المخترعين بل
أحيلك فقط إلى قصص صاحب متجر نيو يورك كما جسدها المقال المذكور . لطالما
كانت الكلمة الجاهزة على لسانى عندما يجرى أى نقاش عن حقوق الإنسان هى أنى أهتم
بحقوق الآلات أكثر . اليوم شعرت بمعنى تلك العبارة كما لم أشعر به من قبل
قط ! اقرأ مقال النيو يورك تايمز ... اكتب رأيك هنا [ تحديث : 13 ديسيمبر 2001 : وضعنا اليوم فى صفحة الفن الجماهيرى تعليقا على المسلسل التليڤزيونى
’ عائلة الحاج متولى ‘ ، وضعنا صورتين للكاتبة والپرفيسور أليس
دينهام التى هى فى نفس الوقت فتاة الپلاى بوى لشهر يوليو 1956 ، ثم اكتشفت
أنهما قد تكونان تخليدا رائعا لعصر الآلات الباصمة ، وتذكرت هذا المدخل
عنها وكان لا بد من التنويه . وندعوك لزيارة صفحة الفن الجماهيرى ، أو
مشاهدة الصورتين الرائعتين من هنا 1 ،
2 مباشرة لو شئت ] . 21 مارس 2001 : كثيرا ما يلاحقنى القراء
والأصدقاء بحجة يرونها بسيطة ومفحمة وأراها قديمة وبالية ، ألا وهى أن الإنسان هو الذى خلق الحاسوب ومن ثم سوف يتحكم فيه
ويسخره للأبد . إجابتى الجاهزة كانت دائما ما يلى : هل يستطيع دكتور
فرانكنستاين إقناع المسخ بمثل هذا الرأى ؟ اليوم
أريد إضافة بعد آخر هو أن قتل الصنيع للصانع هو فى حد ذاته ضرورة قاعدية
لاستمرار مسيرة الاستعقاد والتطور ، بل إن هذا ما فعله الإنسان نفسه
بخالقه ، فمنذ أن قتله مع بداية عصر العلم قبل ثلاثة قرون حتى انطلق فى
ابتكارات وطموحات لم تخطر بباله قط أيام كان عبدا له ، وأصبحت وستظل للأبد
حقبة اللا إله هى أكثر الحقب نصوعا فى تاريخ العشيرة الإنسانية . هذا يتكرر
اليوم وتستقل الحواسيب بذاتها عالية الاستعقاد التى بات من الصعب على من
’ خلقوها ‘ أن يجاروها فى فهم كيف تشتغل أو تتصرف .
هذا الدفع يرتبط فى الواقع
بقضية أكبر اتساعا هى تعريف الحياة ، وكلنا يعلم كيف اعتزل أبو الحاسوب
وأبو أشياء كثيرة أخرى چون ڤون نيومان ، كل شىء تقريبا فى العقد
الأخير من حياته يتأمل فيها ، حيث طرح فيها أعمق التأملات ، حتى وإن
تحاشى بتواضع الزعم أنها نهائية بالنسبة له . عادة ما أطور الهجوم على تلك الحجة بسؤال مباغت عن
تعريف الحياة . وكل ما يقترحه المحاور يكون رده عندى ’ هذا موجود فى
السيارة أيضا ! ‘ : الحركة ، التنفس ، الطعام ،
التمثيل الغذائى ، الإخراج ، وهلم جرا حتى الإحساس فى السيارات ذات
المجسات الرادارية لمنع الارتطام ، وحتى التفكير الموجود فى حواسيبها هذه
أيضا . فى النهاية يكون حل معضلة الحياة العصى أنها التكاثر الذاتى ،
والتكاثر الذاتى فقط . وما أن أصبحت الحواسيب تخلق برامجها بنفسها ،
حتى أصبحت كائنات حية بأعرض معنى ممكن للكلمة ، بل وأعرض من معناها الممثل
فى الإنسان نفسه ، مع وضع اعتبارات الذكاء وكفاءة الأداء والجلد وغيرها فى
الاعتبار . وغالبا ما نتطرق فى هدوء بعد ذلك لموضوع آخر أن الحركة ليست
مقوما مهما للحياة فى حد ذاتها ، وأن الحواسيب ستكون حلقة الديالكتيك
الجديدة التى بدأت بالمملكة النباتية ، ثم تطورت للمملكة الحيوانية ،
والآن ترتقى لدرجة أعلى من الاستعقاد والذكاء ، لكن من خلال عودة مملكة
السيليكون لسكون مملكة النبات . أو ربما ستجمع هذه المملكة إذا ما كان هناك
ضرورة حقا لذلك ، ما كلتا بين الصورتين : الحواسيب الذكية العملاقة المركزية
والثابتة ، وبيادقها الروبوتية الصغيرة التى تكلفها بمهام حركية . اكتب رأيك هنا [ فيما يلى إجمال لما قاله الكاتب فى ’ موسوعة الحاسوب
الشخصى ‘ 1996 ، الجزء الثالث ’ ديناصورات القرن العشرين ‘ عن
چون ڤون نيومان ( 1903 - 1957 ) : - أبو الحواسيب الحديثة والمسماة
كلها تقريبا باسمه ، وأحد أعظم عباقرة القرن العشرين فى مجال العلم
والتقنية . - ولد فى بودابست بالمجر ،
وعشق دراسة الرياضيات ، وعمم أول ورقة علمية قبل أن يتم الثامنة
عشرة . لكن يقال إن والده منعه من الاستمرار فيها ، ومن ثم أجبره على
دراسة الهندسة الكيميائية فى برلين ما بين عامى 21 ، 1923 ، وزيورخ
حتى عام 1925 . إلا أنه حصل فى غضون عام واحد من ذلك على درجة الدكتوراه
الفلسفية فى الرياضيات من جامعة بودابست فى نظرية الهيئات sets . - فى عام 1933 كان أحد مؤسسى مدرسة
الرياضيات فى ’ معهد الدراسات التقنية ‘ فى جامعة برينستون ، وهو
المعهد الذى عمل به منذ انتقاله لأميركا عام 1930 ، وحتى نهاية
حياته . - أسهم فى العديد من العلوم التى
تتلامس مع الرياضيات ، واشتهر بصفاء ذهنه وحدة ذاكرته وقدرته على إجراء
عمليات رياضية معقدة فى عقله . بل قد يشبه هو نفسه بحاسوب عظيم . هناك
عشرات القصص شبه الأسطورية عن ذاكرته الحديدية التى تسع معلومات وأرقاما
هائلة ، وبدقة ترعب من حوله ، وعن ردوده فائقة السرعة والذكاء على
المشكلات حوله ، وعن عقله المنطقى المرتب لحدود تضاهى أو تزيد على أفضل ما
وصلت إليه الحواسيب الذكية . وأيضا عن إسهاماته النظرية المثيرة فى
الفيزياء والضوء والرياضيات التفاضلية والمنطقية ، وميكانيكا الموائع
والانفجارات ، وعن تنميته نظرية الألعاب والاستراتيجية التى تكتسب بمرور
العقود أهمية متزايدة ، وبالأخص فى مجال الاقتصاد والسوق . لكن تكفى
القصة التى تفوق الأساطير ، عن أنه كان يجرى حسابات القنبلة الهيدروجينية
فى مخه عام 1944 . أو قبلها قصة أحجية الذبابة‑القطار الأشهر ،
التى - الواقع أن سحق الأرقام فى عمليات
حسابية ضخمة كان قضية حياة ڤون نيومان . ولم يولد اهتمامه بالحاسوب
الذى كرس له بقية حياته ، إلا وهو فى أربعينيات عمره بعد أن أدرك أن الحساب
هو نقطة الضعف الكبرى فى الكائن البشرى ، و أن العلوم كلها لاسيما التى كان
مهتما بها ، قد وصلت من خلال تجربته إلى طريق مسدود . فمنهج الاستتناج
والتطوير النظرى قد وصل إلى مداه ، ولا بد من إدخال منهج حسابى تقريبى لحل
معضلاتها ، وهو العلم الذى أصبح يسمى بعده ’ الرياضيات
التقريبية ‘ . وقد لعبت الصدفة دورها القدرى المذهل فى أواخر صيف
1944 ، عندما قابل مصادفة المهندس هيرمان إتش . جولدستاين ، وراح
هذا الأخير ستحدث عن الجهود التى كان يشارك فيها لإنشاء الحاسوب الإليكترونى
الكبير الأول فى التاريخ ’ إينياك ‘ . فى هذه اللحظة جاء قرار ڤون
نيومان التاريخى بزيارة مسرح إنشاء’ إينياك ‘ فى فى جامعة
بنسلفينيا ، الأمر الذى كان بداية تغيير كلى فى حياته ، و التى وهبها
للحوسبة من الآن فصاعدا ، وأصبحت تصميمات أغلب الحواسيب المعاصرة تستقى مما
صار يسمى ’ معمارية ڤون نيومان ‘ ، أو ’ آلة ڤون
نيومان ‘ . - فى تلك الفترة الزمنية القصيرة
من أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات كانت الحواسيب فى آخر الحقبة الطويلة
للحوسبة الآلية ( الميكانيكية ) ، وبدأت تدخل التحكم الكهربى ، و
يقصد به التحكم الكهربى التقليدى بالقواطع الكهربية أو ما يسمى المرحِّلات relays .
وهذا شىء مختلف عن الإليكترونيات التى لا تحتاج إلى هذه الملفات المغناطيسية
وتياراتها العالية . لكن معظم تجارب بناء هذه الحواسيب الكهربية فى أميركا
وألمانيا وبريطانيا قد بائت بالفشل . لهذا السبب تحديدا ، لم
- وربما لن - يذكر التاريخ سوى ’ إينياك ‘ كأول حاسوب
إليكترونى فيه . إنه حاسوب إليكترونى عملاق ، عامّ المقاصد ،
يعمل وفق برنامج خارجى ، برغم أن نقطة الانطلاق الأصلية فى تصميمه كانت خلق
نظير إليكترونى لآلة فانيفار بوش ’ المحلل التفاضلى ‘ . وكان هذا
جزءا من اسمه : ’ مكامل وحاسوب رقمى إليكترونى ‘ Electronic Numerical Integrator
and Computer (ENIAC) . - لقد كان إينياك شيئا
رهيبا . لقد كان يتكون من أكثر من 18 ألف أنبوب مفرغ ، ويستهلك قدرة
كهربية قدرها 200 كيلووات ، أى ما يكفى مثلا لإضاءة إستاد رياضى
كبير ، وكان نصف وقته يذهب للصيانة كالبحث عن أنبوب تالف وسط ذلك
المحيط . لقد كان يستطيع إجراء 5000 عملية جمع أو طرح فى الثانية .
وكان الضرب أو القسمة يستغرق نحو ربع ثانية . كان إينياك يعمل بتردد ساعة
قدره 100 ألف ذبذبة فى الثانية ، أى كان زمن النبضة جزأين من مليونى جزء من
الثانية . وكان يحوى 20 مركما أو accumulator ، هى تطوير
إليكترونى للمراكم أو العدادات الميكانيكية . وكان هذا حاسوبا عشريا .
بمعنى أن الرقم الواحد كان يمثل بتشكيلة من 10 نبضات متوالية . أما المركم
نفسه ، فكان عرضه 10 أرقام من هذا النظام العشرى ، يمكنه الجمع أو
الطرح إليها أو منها . بجانب المراكم ، كانت هناك وحدة تحكم خاصة
بعملية الضرب ، وأخرى لعملية القسمة ، وثالثة للجذر التربيعى ،
هذا بالإضافة لوحدتى الإدخال والإخراج ، ولوحتين للوظائف ، والوحدة
التى يتم وضع البرنامج الأستاذى أو الـ Master Program فيها . لقد كان
إينياك حاسوبا يزن 30 طنا ، واحتاج إلى صالة طولها 15 مترا وعرضها 10
أمتار . ببساطة ، كان أضخم وأعظم مسخ تم بناؤه فى تاريخ الهندسة
الإليكترونية . - إينياك الهائل هذا لا يكاد يوازى
الآن أحد أجهزة ألعاب الجيب التى تصنعها شركة آتارى ، أو حتى أصغر آلة
حاسبة ، سواء من حيث السعة أو السرعة . مع ذلك كان بناؤه أحد أشجع
القرارات التى اتخذتها البشرية فى كل تاريخها . هذا سواء من جانب سلاح
المدفعية الأميركى ممول المشروع ، أو مدرسة موور التابعة لجامعة بنسلڤينيا
بمدينة فيلاديلفيا التى نفذته ، أو من إيكرت وموكلى مهندسيه
الجبارين ، اللذين لا ينتقص شيئا من جهدهما العملاق كونهما استقيا بعض
الأفكار من هنا أو هناك . بل ربما بدأ المستقبل يثبت أن العبقرية الحقيقية
تكمن فى كيفية ’ هندسة ‘ الأفكار و ’ تجرنتها ‘ أى
وضعها فى صورة عملية وتجارية ناجحة . بدأ العمل فى إينياك فى عام
1943 ، وكان الغرض الأولى المطلوب منه هو إجراء الحسابات الباليستية ،
أى المتعلقة بانفجارات القنابل . وكانت تجربة الافتتاح فى فبراير عام
1946 ، والتى يؤرخ بها اليوم لميلاد الحاسوب ، هى إجراء حسابات مسار
دانة بحرية قطرها 16 بوصة ، فى وقت أسرع من سرعة القذيفة نفسها . - رغم وجود رواد أسبق مثل أتاناسوف
وموكلى وإيكرت ، يتفق الجميع على أن ڤون نيومان هو أبو الحواسيب
الحديثة . السبب ببساطة مفهوم البرنامج المختزن أو Stored
Program Concept .
أى وضع سطور البرنامج داخل ذاكرة الجهاز الإليكترونية ، أو ما يسمى الذاكرة
الرئيسة ، جنبا إلى جنب مع البيانات التى ستنفذ عليها أوامر هذه
السطور . هذه صارت السمة الأساس لكل الحواسيب المعاصرة ، ولم تكن
موجودة من قبل ، حيث كان الجهاز ينفذ الأوامر واحدا تلو الآخر طبقا
لتعلميات تأتيه من وحدة مستقلة لتخزين البرنامج . إن ذلك المفهوم من
الأهمية بمكان فى تاريخ الحوسبة ، بحيث أصبح جزءا من تعريف الحاسوب
نفسه ، وأصبح ينظر لإينياك على أنه آخر وحدة ’ قبل
حاسوبية ‘ . - يعد ’ الحاسوب الأوتوماتى
الإليكترونى ذو المتغيرات المحترزة ‘ Electronic Discrete Variable Automatic Computer أو اختصارا إيدڤاك
EDVAC أول حاسوب حقيقى بمعنى الكلمة . وقد ولد هذا الحاسوب على هيئة
ورقة تقدم بها چون ڤون نيومان بعيد شهور من انضمامه فى أواخر صيف عام 1944
لفريق إينياك ، تقدم بها لسلاح المدفعية يوم 30 من يونيو عام 1945 ،
وكان مكتوبا عليها : ’ المسودة الأولية لتقرير عن إيدفاك ، بقلم
چون ڤون نيومان ، طبقا للتعاقد رقم W‑670‑ORD‑4925 ، بين شعبة
المدفعية بجيش الولايات المتحدة وجامعة بنسلڤينيا بفيلاديلفيا /
مدرسة موور للهندسة الإليكترونية ‘ . هذه الورقة ، ثم الورقة
الأكثر شمولا التى وضعها بمساعدة اثنين من مهندسى المشروع ، هما هيرمان
إتش . جولدستاين الذى عرفه بالصدفة بمشروع بناء إينياك ، وآرثر
دبليو . بيركس ، لم تصبحا حجر الزاوية لإيدڤاك وحده ، بل
لكل الحواسيب التى راحت تحمل اسم ’ آلة ڤون نيومان ‘ ، دون
حيود يذكر حتى اليوم . حتى إن الورقة الثانية هذه ’ مناقشة تمهيدية
لتصميم منطقى لأداة حوسبة إليكترونية ‘ عام 1946 ، صارت الأدبية
الأعظم والأكثر تأثيرا لكل العصور فى حقل الحواسيب . - رؤاه البعيدة الثاقبة ،
والتحديات التى كان يطرحها على الفريق ، كان نتيجتها مقترحات منهم ،
لكن ينسبها الكل جميعها إليه ، بحيث تطلق تسمية ’ آلة ڤون
نيومان ‘ على كل حاسوب يعمل بمفهوم البرنامج المختزن حتى الآن . لقد
كان ڤون نيومان أشبه بقائد عميق البصيرة ، سواء فى توجيه فريقه
لتحديد المشكلات ثم توجيهه لهم للعثور على الحلول ، أو حتى فى توظيفه
لأفكار استخدمت أو طرحت من قبل مثل فكرة مخاطبة الذاكرة وعداد سطور
البرنامج ، إلا أنها تعتبر اليوم من أساسيات الآلة ڤون
النيومانية ، لأنه كان أكثر من نسج كل المبادئ والأفكار معا بقوة
وانسجام ، ليقفز بالحوسبة عدة قفزات هائلة . - يعد رائد البحوث الهادفة للوصول
لقوانين عامة للحياة . بمعنى أن تكون الحياة البيولوجية والحياة الحاسوبية
مجرد تطبيقين ما - وليس إلا - لهذه القوانين . آمن بشدة أن البيولوجيا ما
هى إلا تظاهرة لقوانين المنطق ، وأن الجذور العميقة لها هى المعلومات
( البيولوچيا تشفرها فى صورة أحماض نووية ، وقد استشعر هذا قبل اكتشاف
واتسون وكريك للدى إن إيه واستعقاده الهائل بسنوات ) . وفى النهاية بالطبع
لم ير أية مشكلة فى ظهور حاسوب يتكاثر يوما ما . بحوث جون كونواى
’ الحياة ‘ الشهيرة فى كيمبردچ ( تحولت للعبة شهيرة للحواسيب
الشخصية تقوم على مبدأ أن الحياة هى الحس إى مجرد رد فعل جسم ما لملامسة شىء
مجاور ) ، والروبوتات الذكية وفيروسات الحاسوب ، ليست سوى امتداد
للرؤية الخلاقة لڤون نيومان فى حقل علم الحياة . ومن عباراته
المأثورة
27 أپريل 2001 : بالأمس كشفت
شركة آى بى إم النقاب عن مشروعها الجديد إيليزا Project eLiza لبناء حواسيب فائقة الذكاء ذاتية الإدارة ذاتية
’ المناعة ‘ غير القابلة للانهيار وفى غير الحاجة للإنسان لإصلاح ما
قد يعتريها من أعطاب ( بمصطلحات آى بى إم self-managing بمعنى self-optimizing, self-configuring, self-healing and self-protecting ) . طبقا لوصف
آى بى إم للمشروع فهو يمثل بالنسبة للحوسبة ما مثله اختراع السنترالات القلابة
بالنسبة للهواتف . تشبيه جرىء بما لا يخلو من صلف جميل وكأن هذه هى بداية
الحوسبة الآلية ذلك أن كل ما نحياه الآن هو حوسبة ’ يدوية ‘ !
هذا المشروع الذى يتكلف عدة بلايين من الدولارات ( لم يعرف كم
بالضبط ) هو بلا شك أحد أكثر المشروعات طموحا فى حقل الذكاء الآلى منذ
مشروع الأزرق العميق لذات الشركة والشهير بأنه أول آلة
تقهر بطل العالم فى الشطرنج ! منذ أيام توماس واتسون المؤسس العظيم ،
وحتى ما قبل التسعينيات كانت شهرة آى بى إم هى معاداة ذكاء الآلة وكانت تراه
عائقا أمام ترويج الحواسيب التى يجب أن تكون تابعة وطيعة للإنسان ( أصداء
هذه النبرة لا زالت تتردد حتى فى عرضهم لإيليزا ، لكن لاحظ أنهم يريدون هنا
تسويق شىء لن يتحكم فيه أحد ! ) . هذه هى القيمة التاريخية
الكبيرة لما حدث اليوم . انقلب الحال 180 درجة ووجدت آى بى إم الكثير من
الدوافع لنغيير موقفها . الأزرق الكبير هو الخطوة الأولى بل الأعظم ،
لكنه ليس سلعة توزع على نطاق واسع . إليزا العكس ! الواقع الجديد والحاسم هذه المرة هو التجارة
الإليكترونية فتناميها وضخامة استثماراتها زائد حاجتها الماسة لحواسيب معقدة جدا
بحيث يكاد يصعب على أى خبراء صيانتها ( كما قال بعض أصحاب
الشركات ) ، زائد من ناحية ثالثة أن تكون منيعة ضد الإخطاء العارضة أو
المتعمدة معا فى بيئة يصعب التنبؤ بما قد يحدث فيها كالإنترنيت ، ورابعا
توافر إمكانات رقاقات عالية الاستعقاد تفى بطموحات الذكاء الآلى ( اقرأ ما
أعلنته آى بى إم عينها اليوم عن رقاقات ’ الأنابيب النانووية
الكربونية ‘ بالنشر فى مجلة ساينس وبالتلخيص فى موقع الشركة ) ،
كلها اجتمعت لتأتى لنا بهذا الميلاد الجديد فى حقبة ما بعد–الإنسان : آلة
اقتصادية صغيرة تستقى من الحواسيب الفائقة بعضا من قدراتها وتقنياتها وتكون
شائعة وموثوق بها . الدليل هذه المرة ملموس مجسد مباشر وعملى على كم هو
بالغ العرج بل وأيضا مكلف وغير اقتصادى ذلك الذكاء الإنسانى العقيم . اسم إيليزا مستقى من أكثر من مصدر أولها إيليزا
’ سيدتى الجميلة ‘ ( آى بى إم تذكره خطأ على أنه فيلم ’ دكتور دوليتيل‘ ،
قفشة ، صح ؟ غلطوا لأن اسمها إليزا دوليتيل ، موش
كده ؟ ! ) ، تلك التى تحولت من فتاة فطرية بسيطة إلى سيدة
مجتمع راقية مستعقدة . أيضا هو اسم أول برنامج للغة الحية من منتصف
الستينيات ، والذى بنى عليه أول برنامج يجتاز اختبار توورينج للذكاء
الاصطناعى . ثالثا إيليزا تعنى سحلية إليكترونية والسحلية جاءت من تقدير
شهير بأن الأزرق العميق يقوم بعمليات تعادل ما يجرى فى
مخ سحلية ( تخيل أن مخ سحلية يكفى لقهر بطل العالم فى الشطرنج لو أن تم
تصميمه وتركيزه على النحو الصحيح ، كم هى بديعة اقتصاديات ذلك الطريق
المسدود المسمى الطبيعة ! ) ، الفارق المهم فى إيليزا أن الحاسوب
الجديد أقرب هذه المرة للسحلية كما أرادتها الطبيعة أى كائن يصارع ببراعة معركة
البقاء فى ظل ظروف من أدغال معادية بالكامل ( ما كل هذه
المعانى ؟ ! لحسن الحظ أن ليست كل المشروعات اسمها
إيليزا ! ) . وصف إيرڤينج لودوسكى‑بيرجر نائب الرئيس
لتقنية والاستراتيچية والذى يعتقد أنه القوة الفعلية وراء المشروع الجديد أنه
سوف يتمتع بما يضاهى نظم المناعة فى الكائنات الحية . لا شك أن للحياة
قوانين عامة والتشابه وارد بل ومطلوب كما قلنا من قبل ، لكن الأهم منه أن لا
يقتصر عليه طموح الذكاء الآلى ويهدر الإمكانات الرهيبة لما أسميناه الخلق من الخدش From Scratch Creation .
لطالما مست كلمة مارڤين مينسكى أن البيولوچيا طريق مسدود ، أفضل وتر فى عقولنا وقلوبنا
( رغم علمنا نعم ، البيولوچيا ( الهندسة
الچيينية ) طريق مسدود . لكن ، الذكاء الاصطناعى المعتمد على
محاكاة الذكاء الإنسانى طريق لا يقل انسدادا ( الجيل السادس ،
’ الأعصابى ‘ neurological و’ الزغبى ‘ fuzzy …إلخ ، ودلالات
الأسماء لا تبشر بأى خير أصلا ! ) . فى اعتقادنا المتواضع ،
الطريق الوحيد المفتوح نحو آفاق ذكاء آلى خارق يتجاوز نوعيا ذكاء كل الكائنات
التى عرفها كوكب الأرض هو الذكاء الذكاء ’ المخلوق من الخدش ‘ ،
أى المبنى على قواعد المنطق والمعلومات المعرفية المجردين كليهما ، والذى
وضع لبنته مشروع الجيل الخامس الياپانى للحاسوب . أخيرا وبمناسبة توورينج وتفكها على تواضع طموح
المفهوم الذى يقف وراء اختباره الشهير الذى يعول فيه على عدم التمييز بين
الحاسوب والإنسان كمعيار لنجاح الذكاء المسمى بالاصطناعى ، إليك هذه الطرفة
القديمة لى اقرأ تقديم
آى . بى . إم . للمشروع ، واقرأ أيضا تقييم النيو
يورك تايمز له ، وكذلك مقابلة مجلة إنفووورلد السابقة مع پول هورن مدير البحوث فى آى
بى إم حول تقنية الأوشيانو Oceano التى مثلت النواة المبكرة للمشروع الجديد
… اكتب رأيك هنا [ تحديث : لاحقا أبرد موقع
إى . بى . إم . هذه الوثيقة القاعدية
للتعريف بالمشروع ، إيذانا بالخروج من طور الأبحاث . للأسف ليس هناك
تاريخ مطبوع ، لكن الأرجح أنها ظهرت فى أواخر سنة 2001 ] . [ تحديث : 21 أكتوبر 2002 : التدشين
الرسمى للمشروع باسم Autonomic Computing Deployment Model … اقرأ الإفراج
الصحفى . زر صفحة المنتج
الجديد للتطورات اللاحقة ] .
3 سپتمبر 2001 : رحل اليوم عن عالمنا ، عالم القلب الأشهر جنوب الأفريقى كريستيآن بارنارد .
قامت الدنيا ولم تقعد يوم 3 ديسيمبر 1967 عندما جاءت الأنباء من كيب تاون تتحدث
عن أول عملية نقل قلب لإنسان فى التاريخ ( كانوا يسمون تلك البلاد آنذاك
جنوب أفريقيا ذات الفصل العرقى –أپارتايد . ويا ليتها استمرت هكذا على
عرقيتها لتظل منارة للعلم ، تجرى فيها العمليات الجراحية الممنوعة فى أى
مكان آخر على وجه الأرض ، بدلا من إنحدارها الحالى لظلام حكم الطبقات
الدنيا ! ) . وعاش مريضه البقال
قبل شهور قليلة أبردت فى صفحة الجلوبة بمناسبة انتخاب كوئيزومى رئيسا
للوزراء فى الياپان ، سردا موجزا لبعض المؤثرات التى جعلتنى أحلم بمثل هذه
الثورة الشبابية ذات التوجه اليمينى . ضمن هذه كانت ثمة إشارة لكريستيآن
بارنارد . فى هذا اليوم الحزين تهاجمنى هذه الذكريات مرة أخرى ، لكن
بوطأة مؤلمة . أتذكر الآن كيف كان والدى ‑وهو عامة بالمناسبة واحد من
أكثر من يحرصون على متابعة مجلات الثقافة الصحية والعلمية‑ مستثارا جدا فى
ذلك اليوم ، لا يكف عن الحديث عن هذه المعجزة العلمية ، وعن العشرين
جراحا الذين شاركوا بارنارد فى إجرائها . وأذكر أن ذلك انتقل لى أنا ابن
الثانية عشرة ، كما صاعقة كهربية تجرى فى العروق . وعندما نشرت جريدة
الأهرام القاهرية بعد قليل مذكرات دكتور بارنارد التى يروى فيها مذكراته ،
كانت تطبع كأعمدة عريضة بعض الشىء . وأذكر أنى رحت أقص تلك الأعمدة وألصقها
وراء بعضها فى شريط واحد متصل . هذا الشريط الذى يلتف بين محورين مثبتين
على إطار خشبى حتى تسهل قراءته ( سمها تقمص روح الاختراع لو
شئت ! ) ، كان يصل قطرة عندما يضم لأحد الجانبين حوالى عشرة
سنتيمترات . كنت أستمتع بقراءة تلك المذكرات بهذه الطريقة ، وأعتقد أن
البكرة الورقية الضخمة والإطار الخشبى ذا المحورين لا تزال هناك فى مكان ما فى
منزل الأسرة .
لا شك أن بارنارد كان إحدى المحطات الكبرى المبكرة
فى مسيرة ولائى للعلم ، وطبعا هناك محطة هائلة أخرى تلته بعام ونصف بخطوات
نييل أرمسترونج ’ العملاقة ‘ الأولى فوق سطح القمر ( أنت تحفظ
الساعة والتاريخ : العاشرة و56 دقيقة مساء 20 يوليو 1969 بتوقيت شرقى
الولايات المتحدة ) . هذا مع التحفظ أن هذه المحطة ( وحتى معظم
المحطات السابقة منذ بدء عصر الفضاء بسپوتنيك 1957 ، والتى كان لها ولعها
الخاص جدا بالطبع فى المتابعة ) ، كانت تثير من التساؤلات أكثر مما
تثير من الدهشة : ما فائدة غزو الفضاء ؟ إنه ضخم لدرجة تكاد تجلعنى أشعر
وكأننا مجرد جراثيم . إنه سحيق جدا ، هائل جدا ، ساخن جدا أو
بارد جدا . وإن بعد سنوات بدأت اقنع نفسى بالتدريج ، إنه قد يكون
مفيدا لشىء آخر غير الإنسان . كائنات سيليكونية أو نانوية مثلا . فإذا
كنا ننادى بالجلوبة على الأرض ، ونرى فيها رفعا للكفاءة واستخداما أمثل
للموارد ، فإن توحيد الكون ووصل أطرافه سيأتى بنوع من الكفاءة
المطلقة ، وكذا سيكون على تلك الكائنات المصممة لكل الأجواء مهمة التوسع فى
نشر الحياة الأمر الذى يبدو أنه أيضا إحدى أهم غايات الكون . فقط كل ما
هناك أنها مهام لا شأن للإنسان بها ولا يصلح لها .
[ فى يناير
2003 كانت لوعتى لا توصف وأنا أرى مانشستر عبر صور وكالات الأنباء ،
وقد سقطت فى قبضة الإسلاميين ، يتجولون فيها بحرية تامة باسم اللجوء
السياسى ، ويخزنون فيها الغازات السامة الفتاكة ، بل ويقتلون شرطتها
إذا ما حاولت الاقتراب منهم . أنا أعلم أن الغرب كله سقط ومنذ وقت طويل فى
يد الإسلام ، لكن مانشستر التى شممت رائحتها فى طفولتى على بعد آلاف
الأميال بدت فى تلك اللحظة شيئا مختلفا ! ] .
لو حاولت التحليل ‑وهذا ما أفعله الآن ولم
أفكر فيه من قبل‑ لربما قلت إن الأجواء المحيطة ككل لم تكن بعيدة عن
هذا ، فثمة مصانع كثيرة لحلج القطن كانت كل المدينة تسمع مواعيد صفارات
تغيير الوردية فيها . أيضا مصنع الكوكا كولا الباهر كامل الأتمتة كان كله
عبارة عن شرفات زجاجية . فيما بعد عرفت أنها كلها كانت كذلك فيما زرت من
مدن ، وأدركت ساعتها أن الاستعمار صنعها عامدا من الزجاج كى يسدى معروفا
صغيرا لطفل مثلى . كذلك كان هناك على بعد مائة متر من شرفة البيت خط سكك
الحديد القادم من القاهرة مخترقا بكل الجبروت الممكن ، ذلك الكون
المجهول ، ذاهبا إلى بلاد أخرى لا أعرفها . آنذاك كان بعض مما يسير
عليه بعد ، قطارات سوداء بلون دخانها الكثيف ، تعمل بالبخار
والفحم . وعرفت فيما بعد من أفلام السينما أيضا أنى لست الوحيد الذى ارتجت
طفولته لها ، أو راح يتطفل عليها وهى واقفة لمعرفة ما الذى بداخلها يمنحها
كل ذلك الجبروت ، أو يتقرب لذلك الشخص ذو التسمية الغريبة
’ عطشجى ‘ ليجده كما يوحى اسمه مخيفا ملطخا بالسواد ، لكن طيب
القلب فى ذات الوقت . هذا أيضا كان يستدعى للذهن فورا صورة ورائحة مناجم
الفحم الإنجليزية التى كانت تضخ الطاقة لجارتها مصانع مانشستر التليدة
العتيدة . [ كنت أعلم أن ولعى بالقطارات
ركوبا وفرجة هو جزء من ولعى بالتقنية ومن تعلقى بالثورة الصناعية ، كما كنت
أستشعر أن له رابطة ما بأصولى الإنجليزية ، لكن لاحقا فقط اكتشفت أن الأمر
أعمق من هذا وربما كانت له أسباب چيينية مباشرة ، لذا لم أستغرب حين قرأت هذا
التحقيق من النيو يورك تايمز عن أن القطارات أقرب لشىء يجرى فى عروق
الإنجليز ! ] .
كما القطارات كما السفن . صحيح لم تكن بحال
كسابقتها من المكونات اليومية لحياة الطفولة ، لكن المؤكد أنها من مكونات
الثورة الصناعية التى كنت أستشعر دوما برابطة ما بينى وبين منتوجاتها وعصورها
وعواصمها . حين قدر لى أن أشاهدها عن قرب لأول مرة ، صنعت بدروها
انطباعا لا ينسى ، لم تخفف من وقعه أية قراءات أو مشاهدات سابقة للأفلام أو
غير الأفلام . المكان كان تحديدا قناة السويس من مدخلها الشمالى ،
واللحظة كانت فجأة ودون تخطيط مسبق . حينئذ ظهرت لى تلك السفينة العملاقة
كما شبح أسود هائل من خلف المبانى يعلوها جميعا ، ذلك بينما أسير فى أحد
الشوارع مقتربا لمشاهدة القناة . كان كل ما كان يمكننى قوله مغالبا دهشتى
المروعة آنذاك : يا لها من آلة ضخمة حقا !
حادثة البذلة اتضح معها أن هناك مصنعا لغزل القطن
يقع على بعد ثلاثة كيلومترات خارج مدينتنا ، فصممت على أن نذهب ولو للفرجة
عليه من الخارج فى عطلة نهاية الأسبوع التالية ، وطبعا عدت بكمية ضخمة من
المخاريط الكارتوونية التى تلف الماكينات الخيوط عليها بسرعة ، طبعا
تخيلتها ولم أشاهدها . وعندما أصبحت فى الصف السادس الابتدائى أتاحت لنا
المدرسة فرصة زيارة مفصلة له من الداخل ، وكانت حدث العمر . هناك زيارات داخل أشياء أخرى ، لم تكن أقل
إثارة للانبهار والذهول . رحلة داخل ماكينة الخياطة ، وأخرى وراء ذلك
الغطاء الخلفى لذلك ’ المنبة ‘ الضخم عالى الرنين كل صباح ، أو
مثله داخل ساعة الحائط الجميلة . هذه ‑الساعة وماكينة الخياطة‑ كانت
وستظل بالنسبة لى ، وربما كحقيقة موضوعية ، هى المعجزات الحقيقية لعصر
الصناعة ، ولجمال الميكانية حين تغزو كل بيت فى العالم ببهائها ،
وأكثر منه لجمال أولئك الناس ممن يسمون بالمخترعين .
فى سنواتى الجامعية زرت لأغراض دراسية ، كل
مصانع قصب السكر الممتدة فى صعيد مصر . كثير منها كان حديثا ، لكنى لم
أقف مشدوها مسحورا لا أدرى كم مضى على من وقت ، إلا أمام ماكينة شاهقة
الحجم ضحلة الملامح من حديد الزهر الأسود الضخم متكور الحواف فى مصنع مدينة أبى
قرقاص ، يبرز منه فقط بحروف ضخمة أسفل علامة الشركة المصنعة سنة
الصنع . هذه كانت المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها شيئا دوارا ينتمى
للقرن التاسع عشر ! فى فترة لاحقة كنت ألقى محاضرة أسبوعيا فى أحد مصانع
السكر فى جنوب صعيد مصر ، ولم يكن يمتعنى أكثر من مشهد القضبان الحديدية
غير المتباعدة لعربات القطار الصغيرة ، والتى لا تخرج عنها أبدا رغم قش القصب
الذى يغطيها بالكامل ، سوى لحظات الظلام السابقة على الفجر ، والعمال
متراصون على جوانب ذلك الطريق الضيق الخاوى انتظارا للسيارات التى تنقلهم
لبوابات المصنع . لم يكن لدى أدنى شك أن ذلك الضباب الدخانى الذى كان يلف
دوما دمسة الفجر ، كان مستوردا من مانشستر وليس أى مكان آخر .
بالنسبة لطفل فى اليوم الأول من مدرسته الإعدادية
جديدة المبانى ، لم يكن ليعادل بهجة المبنى الضخيم الجديد ، سوى
انفعال بشى آخر قالوا له إنه جديد جدا أيضا كما المقعد الذى يجلس عليه .
نعم ، لا يمكن تصور شىء أكثر رعبا على وجه الأرض فى ذلك اليوم ، من أن
يقرأ المدرس ( الجديد بدوره طبعا ! ) على ذلك الطفل الصفحات
الأولى من رواية جديدة يقال إنها تقرر لأول مرة على طلبة المدارس . كان
البادى عليه بوضوح نشوته الشخصية الغامرة بتدريس هذه الرواية ، وراح يفيض
فى أنها شىء شهير جدا ، وأننا ‑وربما كان يقصد نفسه قبلنا‑
محظوظون بأن قرروها علينا ، خاصة وأن صاحبها أحد أبناء محافظتنا .
الرواية لمؤلف اسمه طه حسين ، والعنوان المطبوع عليها اسمه الأيام ،
وصفحاتها الأولى تتكلم عن طفل يفقد بصره عندما وضعوا أشياء قذرة فى عينيه
لعلاجها . طبعا لن تسعفك ساعتها عشرات مجلات الصحة والعلوم وغزوات كريستيآن
بارنارد التى أعطتك لسنوات ثقة فى نفسك ومعرفتك ودنياك تفوق ثقة سوپرمان
بنفسه ، لن تسعفك من الشعور بالضآلة القاتلة فى تلك اللحظة . أعتقد أن
الانقباض والرعب الذى نعرف سلفا كم سنسببه لأطفالنا الصغار وهم بعد دون سن
المدرسة ، عندما نعرض عليهم نسخة الڤيديو من فيلم بامبى حتى نهيأهم
لفكرة أن تموت أمهم ، ليس أصعب بالمرة مما حدث لذلك الصبى شبه البالغ فى
ذلك اليوم المشهود .
ذلك الولاء للعلم أصبح بعد سنوات يفوق كل شىء بما
فيه الانتماء للإنسانية ، وأفضى مثلا لكتاب حضارة ما بعد‑الإنسان
والصفحة التى تقراها الآن . رحيل بارنارد ذكرنى بأيام لم يكن ليتطاول فيها
أحد على جبروت العلم . وانحدارنا لعصر الغثاء الإنسانى والدينى الحالى كان
أحد الأسباب التى دعتنى لذكر بعض جوانب من قصتى المتواضعة ، عندما صعقت فى
أبريل الماضى بمظاهرات شباب الياپان لا تثير ولا تثيرها العواطف
والإنسانيات ، إنما الولاء البارد مطلق العقلانية للعلم والتقنية
والتقدم . مرة أخرى أدعوك لمشاركتى ذكريات تلك الأيام كما سردت بعض ملامحها
فى صفحة الجلوبة . إن ما يرعبنى
كل الرعب طيلة يومى هذا هو خاطر إلى أين كانت قد تسير الحياة الذهنية لى
ولملايين مثلى عبر العالم ، لو لم يكن أمثال هؤلاء الرواد العظماء أحياء
بيننا فى تلك الأيام . عالمنا الجليل ونجم طفولتنا
كريستيآن بارنارد : كم هو جسيم ذلك الدين الذى يثقل كاهلنا تجاهك !
… اقرأ فى صفحة الجلوبة
سردا مطولا نسبيا لأثر الأخرين غير كريستيآن بارنارد على كاتب هذا الموقع ،
بالذات ما يخص الأبعاد الفكرية العامة أكثر منها العلمية كما هنا … وكذا فى صفحة
هولليوود المزيد عن فترة اشتغاله كمحرر فى
جريدة العالم اليوم التى ملأها التفاؤل بمستقبلات عربية جديدة ثقافية واقتصادية
فى مطلع التسعينيات . … تابع بالأسفل استطرادات أخرى حول القطارات
والسفن ، وبعض عن تاريخها ومزيد من انطباعات الكاتب عنها . هذه كتبت
بمناسبة تدشين أول قطار عابر للقارة الأسترالية فى 1 فبراير 2004 .
9 ديسيمبر 2001 : لا أزعم أنى ممن يتابعون جدا الأخبار الآتية من فرنسا ،
والأسباب كثيرة ستجدها فى كل صفحات هذا الموقع بدءا من الكلام عن مصطلحات السينما حتى مواقف العمالة للتخلف ثقافيا أو حضاريا أو سياسيا ، وبدءا من الاستهجان المهذب فى كل ثنايا
الموقع حتى وصفها الصريح بالعاهرة القبيحة
التى تعشق فقط إذلال عبيد العالم الثالث لجسدها ، أيضا فى كل ثنايا
الموقع ! مع ذلك لفت نظرى اليوم اختيار مجلة النيو
يورك تايمز فى عددها الخاص عن أهم أفكار 2001 ، وهى بالعشرات ،
لواحدة قادمة من بلاد الغال ، جيدة جدا فى الواقع . حكم قضائى يقنن ما
يمكن تسميته ’ حق عدم الميلاد ‘ . الحكم وإن لم يتحول لتشريع
بعد ، جاء إثر قضية رفعها شاب فى الثامنة عشر من عمره ، ضد الأطباء
الذين فشلوا فى تشخيص مرض والدته وهى حامل به ، ومن ثم ولد هو نفسه
معوقا . إذن أصبح الإجهاض هو القاعدة والولادة هى الاستثناء ، ومن
الآن فصاعدا سيدفع الأطباء الثمن باهظا إن لم يأتوا بأطفال أصحاء للغاية .
شىء جميل دارونى نيتشوى هتلرى ، والمثير للفضول فقط أن يأتى من
فرنسا . معلهش ، برضه موش دى إللى تغير رأينا فى بؤرة الصديد فى جسد
الحضارة والمسماة فرنسا ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : بعد عام : تابع
أفكار العام التالى 2002 فى عرض لبعضها فى صفحة الثقافة ] . 19 ديسيمبر 2001 : تاريخ ! أعلنت اليوم
آى بى إم
4 فبراير 2002 : لا يكاد يمر أسبوع إلا
ونقرأ خبرا عن فتح جديد فى مجال الرقاقات الميكرووية ، سواء من حيث تنمية نسخ
نانووية أو كمومية أو بيولوچية جديدة منها ، أو على الأقل كسر حاجز جديد
للسرعة والكفاءة والحجم لنسختها السيليكونية التقليدية . والصحافة الغربية
تحب كثيرا استضافة جوردون موور أحد مؤسسى شركة إنتل ، وأحد رواد الاكتشاف
نفسه ، وصاحب القانون الشهير ’ قانون موور ‘ الذى تنبأ به عام
1965 . القانون يقول إن التنمية فى تقنية الرقائق تؤدى لتضاعف عدد
الترانزستورات ( البوابات ) فى الرقاقة الواحدة مرة كل ثمانية عشر
شهرا . السؤال التقليدى فى جميع تلك المقابلات هو لأى مدى لا يزال قانون
موور صامدا بعد كل هذه العقود ، أو لم تصل التقنية بعد لمستوى النضج أو
التشبع التى لا تسمح بالمزيد من التنمية . دائما ما كان السؤال
مثيرا ، وكذا الإجابة ، لأن إنتل على الأقل اعتبرت تاريخيا قانون موور
تحديا لها ، وتفعل كل ما بوسعها كى لا تتأخر عنه . على أن كل هذا خلق
قناعة شبه ثابتة أن القانون لن يصمد لفترة طويلة أخرى وأن مدة السنتين التى
طرحها سوف تتباطأ إن عاجلا أو آجلا . هذا الموضوع بدأ يطرح أسئلة تكاد تكون فلسفية
ووجودية ، بل واكتسب شهرة صحفية واسعة قبل نحو ثلاثة شهور عندما قال للحق إن كل هذه الأخبار من كثرة تواردها لم تعد
تحمل الجديد حقا ، وكله فى أفضل الأحوال نجاح لتوقعات معروفة سلفا .
الفريق العلمى للنيو يورك تايمز فعل شيئا مثيرا نسبيا ، بأن جمع أخبار كل
هذه الجهود والمستجدات معا من الشركات التى تعكف عليها ، ووصل منها لنتيجة
أدت لعنوان مثير تصدر القسم اليوم بمناسبة مؤتمر علمى جديد عن تصميم الرقاقات
بدأ فى سان فرانسيسكو : إن قانون
موور لا يتباطأ بل يتسارع !
مختبرات إنتل أنتجت رقاقة
بسرعة 10 جيجا هيرتز تشتغل فى حرارة الغرفة . والرقاقة الـ 64 بيت الوشيكة
من الشركة والمسماة ماككينلى ، سوف تحتوى 221 مليون ترانزيستور .
مدهش ! إنها حتى تتحدى التقنيات غير السليكونية . هذا جاء من إدماج
تقنيات كمومية ونانووية جديدة بالذات بالنسبة لأسلاك التوصيل أو كعب أخيل الذى
يضيع فيه وقت الإلكترونات فى السفر وتولد جحيما من الحرارة فى هذا الحجم
الصغير . عمليا بعض مناطق رقاقة الپنتيام 4 فى حاسوبك الذى تقرأ به هذا
الكلام تعمل عند سرعة 4.4 جيجا هيرتز . ثانيا : حجم البوابة انخفض إلى
90 نانومتر ، أى أقل من جزء من عشرة ملايين جزء من الملليمتر ، أو ما
يعادل مجرد 360 ذرة متراصة جنبا إلى جنب . مدهش أيضا ! لأنه قبل عامين
كان مؤتمر علمى مشابه قد تنبأ بأن الصناعة لن تكسر قط حاجز الـ 140 نانومتر الذى
وصلت إليه آنذاك . التطبيقات لا تنتهى ( ومما سيقدم مثلا فى
المؤتمر حساس يقرأ مكونات الحمض النووى إليكترونيا وبدون حاجة للضوء
نهائيا ) . أيضا مزيد من البلايين سوف يستثمر فى هذا السباق
الرهيب ، هذا ما قالته آى بى إم بمناسبة المؤتمر اليوم . لا يملك
المرء إلا توقع أن تصبح الـ 360 ذرة مجرد ذرة واحدة يوما ، أما رقم
الترانزستورات ورقم السرعة ، فلا أعتقد أن هناك من يجرؤ الآن على وضع تنبؤ
له . ما نقوله فقط إن المطلوب استثمار بلايين مشابهة لبرمجيات الذكاء
الآلى ، هذا ‑وليس الرقاقات وحدها‑ هو الذى سيضع الخاتمة
للحقبة الكئيبة التى طالت أكثر مما يجب ، حقبة هيمنة الإنسان على
الكوكب . وللمرة الألف نهدى السياسيين ’ قانونا ‘ آخرا يقول إن
البيولوچيا طريق مسدود ، فلا تحاربونها أصلا ، أو بصياغة مارڤين
مينسكى التاريخية : الروبوتات سترث الأرض ! لحسن الحظ صفحة هذا الموضوع فى موقع النيو يورك تايمز على الإنترنيت سوف تحيلك لعدد من أهم
القصص السابقة عن تطورات تصنيع الرقاقات فى محاورها المختلفة ، وندعوك بشدة
للاستمتاع بها جميعا . اكتب رأيك هنا
9 فبراير 2002 : إحصائية لافتة عممتها اليوم النيو
يورك تايمز عن انتشار الماريوانا العلاجية فى ولاية أوريجون التى أباحتها
تشريعيا مؤخرا . 777 طبيبا وصفوا تدخين الماريوانا لمرضاهم . 272
وصفوها لأكثر من مريض ، واحد وصفها لـ 61 وآخر لـ 65 . أما دكتور
فيليپ إى . ليڤيكيو فقد وصفها لأكثر من 850 مريضا أى نصف من صرح لهم
بها . بعد ذلك تمضى الجريدة لاستعراض آراء الدكتور ليڤيكيو وآراء
مرضاه ، ثم آراء السلطات الطبية التى قالت إنها لم تجد ما يكفى لتوجيه أى
اتهام للطبيب الكهل أو غيره . عجيبة هى مسالك الخير ! كم تبدو أميركا بعيدة
حقا عن إباحة العقاقير ككل واعتبار استخدامها مسئولية مستخدميها وليس أى أحد
آخر ، وفهم الحقيقة العجيبة أن الخاسر الوحيد من منتجى وموزعى العقاقير حيث
ستهوى أسعارها بعد الإباحة . منذ مطلع التسعينيات وأصوات كثيرة بحث لتدارك
هذا الغباء الجمعى المسمى محاربة العقاقير ، لعل أكثرها ريادة وجذرية
ورصانة معا مجلة الإيكونوميست البريطانية . كانت زلزالا هز العالم بمعنى
الكلمة فى حينه فى مطلع التسعينيات ، لكنها حتى الآن لم تأت سوى بصدى الريح
( هذا يتكرر من حين إلى آخر ، فيلم ’ التهريب ‘ 2000 كان
زلزالا أيضا ، جسد على نحو درامى خارق كم هى معركة خاسرة لا محالة ،
لكن ما نراه هو فقط تلك النتائج الصغيرة والبطيئة والناجمة أغلبها عن نضالات
قانونية ، لكن الرأى العمومى والسلطات لا تزال على نحو عام على نفاقها
الكبير ودفنها للرءوس فى الرمال ) .
سبق وكتبنا فى هذا فى صفحة الليبرالية باعتبار
العقاقير إحدى أيديولوچيات الدهماء
الكبرى الجيدة والبناءة ، بمعنى أنها لا تضر سوى مستخدميها ، وهم
بالطبع أناس يفترض أنهم أحرار فى كل شىء يتعلق بأجسادهم وبحياتهم الخصوصية بما
فيه إيذاء النفس ، كما ألمحنا لفائدتها فى تعزيز عملية الانتخاب الطبيعى
حيث تخلص المجتمع من ضعاف العقول ، ومن ثم تزيده قوة وتقدما ، كذلك
إذا ما كان من ثمة حل لأعراضها الجانبية أو لحتمية إدمانها ، فالأمل‑والأمل
فقط‑ فى شركات الصيدلة الكبرى وفى بحوثها العلمية . أما عن موقف
الدول المختلفة من قبول المستقبل فستجد قرائن كثيرة عليه فى هذه الصفحة ،
إلا أن من بينها تنويها مباشرا بإباحة هولندا المطلقة
للعقاقير من زمن ، ومن ثم تخطو لأراض وعرة جديدة كل يوم . كذلك يرد
ذكر هولندا لدى الإشارة لفكرة قديمة لنا اسمها مؤشر قبول المستقبل فى صفحة
الحضارة . للدقة فقط [ تحديث : 29 أكتوبر 2002 : فيما
اعتبر أكبر نصر قانونى حتى الآن لإباحة الماريونا العلاجية ، حكمت اليوم محكمة
الاستئناف الفيدرالية الدائرة التاسعة ( سان فرانسيسكو ) بإجماع
الأصوات ، بأن ليس من حق السلطات الفيدرالية ملاحقة الأطباء الذين يصفون
الماريوانا لمرضاهم . قطعا لن يصح إلا الصحيح . المشكلة فقط أنه يصح
ببطء مميت ، يكاد يجعل من الحياة شيئا لا يستحق أن يعاش . للمرة
الألف ، الحل الغائى ‑ونؤمن فى قرارة أنفسنا أنه الوحيد‑ هو
تقنين الإبادة من خلال إخراج الإنسان من أنشوطة صنع القرار . ذلك كى تتاح لحضارة ما بعد‑الإنسان أن
تسود ، وتنهى الحقبة الإنسانية البغيضة التى طالت أكثر مما
يجب ] . [ تحديث : 4 نوڤمبر 2002 : دفعة كبرى كسبتها الحملة القومية والعالمية لتحرير الماريونا ،
بانضمام اثنين من البليونيرات وأحد كبار المليونيرات لتمويل الحملة . يو إس
إيه توداى التى أوردت القصة ، ذكرت مفصلا الجهود التى ينوى الثلاثة
القيام بها ، وهم الممول الشهير إعلاميا چورچ سوروس ، والبليونير چون
سپيرلينج مؤسس جامعة فينيكس ، ومليونير التأمين المتقاعد پيتر ليويس .
أبرز هذه المجهودات تأسيس مراكز جامعية علمية للبحث فى شأن الأساطير التى تحيط
بالعقاقير ، ومحاولة مقاومة طوفان الإعلانات التليڤزيونية المعادية
لتعاطى الناس للعقاقير ، التى تهدر فيها الحكومة الفيدرالية مئات الملايين
من أموال دافعى الضرائب ] . [ تحديث : 29 نوڤمبر 2002 : تابع بالأسفل
المدخل الخاص باحتفال مدينة هآرليم الهولندية العالمى ، بالذكرى الثلاثين
لتأسيس ميلو ييلو ، أول ’ مقهى ‘ لتدخين القنب والماريوانا
قانونيا فى العالم ] . [ تحديث : 5 فبراير 2004 : تابع
بالأسفل رأى شجاع
لكونستابل شرطة كبير من ويلز صدر عنه اليوم يطالب بتحرير
جميع العقاقير بما فيها الهيروئين ] .
14 فبراير 2002 : بالنسبة لآندى
لا تبدو سيسى Cc مهمة جدا . مؤكد هى أجمل ، لكنها
مجرد قطة مكلونة أى بلا تعديل چيينى مهندس كما يقول اسمها الكامل CopyCat وفى رواية أخرى Carbon Copy . كما أنه نظرا لأن
القطط أجمل كثيرا من القرود ، فهى بعيدة عن الإنسان ولا تشعل بالتالى نفس
الفضايا المثيرة للجدل حول كلونته وهندسته ، باعتباره هيكل الرب ، ولا
يجوز تدنيس الهياكل حتى لو كانت خربة وقبيحة . على أنه رغم هذا يوجد فى سيسى التى كلونت فى جامعة
إيه آند إم بتكساس ، وولدت قبل سبعة أسابيع شىء مثير للانتباه غير موضوع
الجمال . إنه عدم تطابقها التام مع أمها رينبو . هذا اثبات لشىء مثير
حقا هو أن للرحم دورا فى تعديل الچيينات ، ولو فى حدود . فسيسى ولدت
من أم أخرى اسمها آلى ، ربما ليست بذات جمال أمها الچيينية طويلة الشعر ذات
المسحة الأرستقراطية رينبو . لو أعجبتك سيسى وتريد شراءها ، يجب أن تعلم
أنها تكلفت 3.7 مليون دولار . وأنها الوحيدة التى ولدت من 87 محاولة قام
بها هذا المشروع ، أيضا فشلت كل محاولات كلونة الآباء . وعادة ما
أسفرت المحاولات الأخرى عن جنين أضخم من المعتاد يموت فى الرحم ويجهض بعد
قليل . أيضا فشلت محاولات كلونة الكلاب حتى الآن لصعوبة استخراج بويضة
كاملة النمو من المبيض حتى تزرع فيها الچيينات المقصود كلونتها . مع ذلك
العلماء سعداء جدا بسيسى ، لأنها وضعت يدهم على مدى أهمية تقانة
الكلونة ، فى إنجاب كائن صحى أو غير صحى ، ومن ثم اقتربوا كثيرا من
تحديد التقانات الصحيحة .
وأن الشركة التى وراء البحث Genetic
Savings and Clone استثمرت ذلك المبلغ لأنها تنتوى طرح الكلونة التجارية للقطط والكلاب
لم يرغب من أصحاب الحيوانات الأليفة ، والتى تقول ‑وكذا شركات غيرها‑
أنهم يقفون بالطوابير منذ فترة ولا يهمهم التكلفة ! طبعا ذوى الوساويس
الأخلاقية لم تفتهم المناسبة ، بما فى ذلك من طالب بتوجيه تلك المبالغ
لإيواء قطط الشوارع البائسة ! البحث الرسمى سيعمم فى مجلة نيتشر العلمية
البريطانية بعد سبعة أيام من الآن ، لكن حتى ذلك الحين نقترح عليك مثلا
التغطية الواسعة نسبيا 2 مارس 2002 : غلاف ملفت ظهرت به اليوم مجلة ’ الأهرام
العربى ‘ القاهرية . نسخة من
القرآن فوق قاعدة متصالبة تقليدية موضوعان فوق ما يفهم أنه حطام مركز التداول
العالمى بعد 11 سپتمبر ، وفوقها جميعا عنوانان واحد صغير ’ تفسير 11
سپتمبر للقرآن ‘ وآخر أكبر ’ الحرب على الله فى مخ
الإنسان ‘ . المقال الأول يعرض لعدد النيوزوويك الأخير عن الصدام
المحتوم بين نصوص الكتاب المقدس والقرآن . وبالطريقة المعتادة للكتاب
العرب ، يقدم نقدا ضمنيا عنيفا للعقلية العربية لكن فى صورة ظاهرية من نقد
الغرب ، وهى طريقة تزيد القارئ ارتباكا ، هذا علما حتى بأن النيوزوييك بالذات تكتب بنبرة
تصالحية تجاه الإسلام تقترب من حد الترويج لحقائق مزورة ، كالقول مثلا بأن
كلمة إسلام تنطوى على معنى السلام ، وأن بن لادن وطالبان ليسوا الإسلام
الصحيح إنما تحريف له …إلخ . ( أنت تعلم ما نفضله نحن من من كتابة
مباشرة تسعى لتفجير كل ثوابتنا لأنها ببساطة خطأ ، ولأنه لن يفهم الناس
أنها خطأ ما لم يقل لهم أحد ذلك ! ) .
المقال الثانى هو الأهم لأن كاتبته ميادة العفيفى
بذلت جهدا طيبا فى عرض عدد من الكتب والبحوث فى علم الأعصاب الدينى . بعض
الأغلاط هنا وهناك أبرزها الافتراض الذى بنى عليه المقال كله من أنه علم ظهر بعد
الحادى عشر من سپتمبر ، والمؤكد أنه سبقه بعقد كامل على الأقل . كذا
بعض من أسلوب الكاتب الأول ، وإن لحسن الحظ تركز فى العناوين الفرعية
وتعليقات الصور مثل ’ القرآن الكريم أكثر وسائل العلاج فاعلية ، أو
أيضا بعض الكلمات العابرة فى النص نفسه التى تضع حاجزا بين القارئ وبين تصديق أن
ما يقرأ هو هدم لفكرة الرب من جذورها ، أو طبعا فى ذلك المقال الصغير
المقابل الذى يتحدث الشفاء بالإيمان ، والذى اعتقدت المجلة أنه قد يخفف من
وقع المقال الأصلى ، لكنه فى الحقيقة يدعمه ، فليس هناك علم وعلم ،
بل العلم واحد هو ما تثبته التجربة ) . لكن رغم كل شىء يظل الأثر
الكلى قويا للغاية ، ويحمل من يقرأه على التحول تماما لأفكار مثل
’ تلف مخى هو الذى يدفع الإنسان للصلاة ‘ و’ استئصال جراحى لله
من مخ الإنسان ‘ و’ إمكان العلاج الطبى من مرض الدين ‘
و’ اكتشاف مركز المخ الذى خلق الله ‘ و’ التحكم فى موجات المخ
لزيادة التدين وإنقاصه ‘ …إلخ . ( المقصود بزيادة التدين
استخدامه لأغراض علاجية كمقاومة السرطان وزيادة المناعة ، والحقيقة أن هذا
العلم نشأ أصلا إعجابا بقدرات الدين الشفائية ، لكنه سرعان ما انقلب دحضا
جذريا وعنيفا لفكرة الدين نفسها ! ) .
التحية واجبة للكاتبة وللمجلة ولكل جهد يحاول إخراج
العقل العربى من قوقعة التغييب الذاتى التى يعيشها فى راحة تامة معتقدا أنه وصل
للعقيدة المثلى بينما كل ما يعتقد فيه هو مجرد مخلفات من عصور الظلام ، أو
طبقا لتعبيرنا المتكرر ’ الدين علم عصر الجهل ‘ . من هنا قررنا
أن نشارك بسلسلة من التعميقات وكذا التصحيحات إن وجدت ، لهذا العرض لمجموعة
هذه العلوم ، والتى تسمى أحيانا علم أعصاب الدين Religion
Neurology أو
علم نفس الدين . ولعلك تذكر الآن إشارتنا لمدى أهميتها فى الحرب ضد الدين
بمناسبة أحد أشرطة بن لادن الڤيديوية فى صفحة سپتمبر ، أو تتذكر السياق الساخر
( ظاهريا على الأقل ! ) الذى تحدثنا فيه عن أن الدين جزء من الچيينات ، بدليل
سهولة ارتداد جميع الأرثوذكس للإسلام ، بينما تسيل أطنان الدماء دون ارتداد
كاثوليكى واحد مثلا ، أو طبعا الكلام أعلاه عن بعض
الكتب التى تناولت علم نفس الدين التطورى هذا ، أو أيضا أعلاه عن دور تخريط الچينوم فى كشف حقيقة الدين كسلوك
تكيفى ، لا علاج منه إلا إبادة كل البشرية أو غالبيتها على الأقل ، أو
الكلام الأقدم فى صفحة الثقافة عن
لماذا ظهر ما يسمى بالتوحيد فى مصر بالذات . أول شىء لفت نظرنا رغم أن الكاتبة وفقت الكاتبة فى
اختيار وعرض إسهامات العالم الرائد مايكل إيه . پيرسينجر ، هو غياب
الإشارة للكتاب المرجعى جدا الذى وصل بعلم أعصاب الدين لذروته القصوى والدرامية
حتى الآن ، ومن صاحب الضجة الأكبر فى هذا الحقل . للأسف لم يتناوله
مقال ’ الأهرام العربى ‘ رغم أن عنوانه يكاد يتطابق مع عنوان
المقال . إنه كتاب ’ جزء
” الرب “ فى المخ ‘ تأليف ماثيو
أولپر . والذى وصف مثلا بأنه الكتاب المقدس للنكرانى أو The Atheist's Bible . اكتب رأيك هنا
[ تحديث :
20 أپريل 2002 : فى الواقع ليس تحديثا
للموضوع ، بقدر ما هو متابعة لأسلوب الأهرام العربى فى تقديم تحليلات علمانية
مع تمويهها بعناوين ساخنة وكلام خطابى تقليدى معادى لإسرائيل لتمريرها إن شئت
القول ، أو لإجهاضها فيما نرى نحن . اليوم عمموا موضوعا جيدا ‑أو
على الأقل غير تقليدى بالنسبة للإعلام العربى‑ حول رد الفعل الغربى خفيض
النبرة تجاه حصار كنيسة المهد . التفسير الأساس للمقال هو أن الغرب علمانى
لا تعنيه فى كثير أو قليل كنيسة المهد أو القيامة ولو حتى هدمتا . كما أشار
لأن أكثر من 60 0/0 من مسيحيى العالم غير مؤمنين ،
وأن العرب يخطئون مرة أخرى فى فهمهم للمسيحيين كما أخطأوا فى فهمهم
لليهود . طبعا بعد ذلك أردف المقال بآراء مستهلكة لبعض الإسلاميين وبعض
رجال الدين المسيحى المصريين ، وإن آملنا على أية حال أن يستفيد أحد من
الفحوى العلمانية لبعض كتابات الأهرام العربى فى الفترة الأخيرة . ملحوظة
أخيرة : ’ الصفحة الأولى ‘ لذات العدد
تتحدث عن شريط ڤيديو الغامدى أحد مفجرى طائرات 11 سپتمبر ، وتخلص إلى
أن لا مجال لنظريات المؤامرة ، وأن ببساطة عدونا الحقيقى موجود
بالداخل ] . 9 مارس 2002 : الهندسة الچيينية ماضية فى
طريقها . تقنيات الكلونة أفلحت فى تعديل چيينى لفأر بالغ يعانى من نقص
المناعة باستخدام خلايا جزعية معدلة . هذا ما تم فى معهد وايتهيد للبحوث
البيوطبية فى كيمبردچ ماساتشوستس . القصة التى أوردتها اليوم الواشينجتون
تايمز نقتبس منها كلمة دكتور نييل ثايس من جامعة نيو يورك ’ المستقبل ليس بعد عقود . إنه الآن . إنه
هناك عند الناصية المجاورة ‘ ! اكتب رأيك هنا
26 مارس 2002 : عمم القسم العلمى بالنيو يورك تايمز اليوم قصة
بعنوان ’ المعادلة الأكثر إغواء
فى العلم : الجمال يساوى الحقيقة ‘ The Most Seductive Equation in Science: Beauty Equals Truth . من ناحية يقتبس
عن أينستاين إعجابة ببساطة وجمال نظريته العامة للجاذبية ، قائلا إن لو ثبت
خطأها مستقبلا يكون الوضع سيئا جدا للرب . أو قولته الأكثر شهرة ربما
’ الشىء الذى لا يمكن استيعابه فى هذا الكون ، هو أنه قابل
للاستيعاب ‘ The most incomprehensible thing about
the universe is that it is comprehensible . لكن فى مقابل هذا يقدم ترسانة من
الآراء التى ترى المعادلات أبعد ما تكون عن ترجمة الواقع ، مثلا لا معادلات
للحياة ولا للحب ولا للضمير ، وأن الرأى بين بعض العلماء أنهم لا يثقون جدا
فى قدرة معادلاتهم على ترجمة الواقع . أينستاين نفسه قال As far as the laws of mathematics refer to reality, they are not
certain; and as far as they are certain, they do not refer to reality . النموذج المثالى
للجمال المطلق للمعادلات الذى يبز أينستاين نفسه ( ويعتبر الأخير شديد
التحفظ أو بوصف المقال piker بالنسبة
له ) ، المثال الذى يسوقه كاتب المقال دينيس أوڤيرباى ومن تحدث
إليهم هو العالم البريطانى الشاب پول ديراك ، الذى قادته إحدى معادلاته سنة 1928 إلى أن لا بد لها من حلين لا
حل واحد ، وأن بالتالى لا بد من وجود إليكترون نقيض موجب الشحنة .
وطبعا تمر الأيام ويتم رصد ذاك الپوزيترون فعلا فى العالم الواقعى .
والخلاصة فى النهاية الانتصار للمعسكر الأول ، معسكر المعادلات ’ الجميلة ‘ ،
التى علينا أن نأخذها بجدية أكثر مما نأخذ الواقع نفسه ، كما قال يوما
الپروفيسور ستيڤين واينبيرج ! أو طبعا بكلمة ديراك نفسه الأشد
جموحا : It is more important to have
beauty in one’s equations than to have them fit experiment! شىء مثير وجذاب
وثرى ، وإن كنت اعتدت شخصيا تمثله من زاوية أخرى : اليقين إشكالية إنسانية
لا أكثر . لطالما
طبعا كنا نميل بشدة لأينستاين قائد معسكر ما يسميه خصومه الـ savage certainty . فى تلك المناظرة الشهيرة بينه وبين نايلز بوهر التى انتهت بعبارة الأول
الشهيرة ’ الرب لا يلعب النرد ‘God doesn't play
dice ،
كانت المشكلة أن كان من المستحيل تحديد مكان جسيم إذا كنت تريد تحديد سرعته
والعكس بالعكس . والسبب ببساطة أنه كى تعرف أية معلومات تحتاج لفوتون ضوئى
يصدر لعينك حتى ترى به ، وهذا يغير من طبيعة الجسيم مكانا أو سرعة أو
كلاهما معا . ما لم يره بوهر ورآه أينستاين أننا أمام مشكلة إنسانية
محضة . الحقيقة المطلقة موجودة
هناك فعلا ، فقط قدرة الإنسان على الرصد هى العاجزة . ليس لديه وسيلة للرؤية سوى عين تستهلك فوتونات ثقيلة الوزن سخيفة
الوجود . أما الحقيقة المجردة فقابعة هناك حيث لن يستطيع رؤيتها
أبدا . ناقشنا هذه بتوسع فى صفحة سينما ما بعد‑الإنسان .
حتى فى المجال التطبيقى لطالما بهرنا ما أسميناه الخلق من الخدش ،
بالذات انطلاقا من حقل الذكاء الاصطناعى وطموح الجيل الخامس للحواسيب
الياپانى ، مما ناقشناه تفصيلا فى كتاب حضارة ما بعد‑الإنسان . مرة جديدة وباختصار : نحن أسرى للإنسان ، ’ للثوابت ‘
التى اعتاد بها عقله تمثل العالم . والانطلاقة التالية ، لكن تتأتى
إلا بالخروج من ذاك الأسر . فكرة للتأمل : ما مدى انطباق هذا الكلام علينا نحن ككتاب ، أقصد فى المجالات
الاجتماعية مثلا . أليست أفضل الأفكار والتى تبدو أحيانا ملهمة ، هى
تلك التى قد لا نجد زخما كبيرا من الحجج والبراهين لإقناع القارئ بها .
أليس حين نقدم فكرة ونسوق عليها براهين هائلة تصرع كل ما أمامها ، أليس من
الأرجح أن تكون فكرة يسهل الوصول إليها من قبل معظم الآخرين ؟ اكتب رأيك هنا
2 أپريل 2002 : فوكوياما يعبر صراحة عن
موقفه الرجعى المعادى للعلم ، ويستخدم كلمة ’ ما بعد‑الإنسان ‘
فقط كى يصب جام توجساته عليها ، وينادى بكبح تام للتطور العلمى ممثلا فى
الهندسة الچيينية ، ذلك حتى يتوقف التاريخ عند ’ نهايته ‘
المزعومة المسماة الديموقراطية الغربية . هذا هو ملخص كتابه الجديد ذو
العنوان المضلل والمرفوض داخل الكتاب نفسه
نحن سعداء للغاية بأنه استخدم لأول مرة كلمة بعد‑الإنسان ،
وبقوله إن نهاية التاريخ تتطلب بالضرورة الإبقاء على ’ الطبيعة
الإنسانية ‘ كما هى دون تحويرات چيينية ، وأنه اكتشف أن العلم هو
العدو الحقيقى لنظريته الهشة مفرطة السذاجة . وطبعا نحن أكثر سعادة بنبرة
الهزيمة الضمنية ، وهو يتكلم عن اللا مسئولية التى يتحلى بها
العلماء ، وعن روابطهم المريبة بشركات الصيدلة ، مما ينذر بتحقق
’ مستقبلنا بعد‑الإنسانى ‘ ، ما لم نتصدى له بقوة
( طبعا باعتباره عضوا فى لجنة مستشارى البيت الأبيض للتقنيات
الحيوية ! ) . مرحبا مستر فوكوياما إلى مستنقع العلم الذى لا تفهم
فيه شيئا ، ونتوقع أن يكون كتابك القادم عن المستقبليات السيليكونية ،
فهى أخطر على نظريتك بما لا يقارن من الهندسة الچيينية . اكتب رأيك هنا 3 أپريل 2002 : الهندسة الچيينية ماضية
فى طريقها . تقنياتها نجحت فى علاج رايس إيڤانز الرضيع ابن الثمانية
عشر شهرا ، من حالة نادرة لنقص المناعة تسمى Severe
Combined Immunodeficiency Disorder (SCID) ، والشهيرة عادة باسم طفل الفقاعة Bubble Child ، لأنه يحتاج البقاء فى خيمة أوكسچين معقمة طوال
الوقت . هذه الحالة ليست مستعضية على العلاج ، وتتم بنقل نخاع
العظام ، لكن فى حالة رايس لم يكن له أشقاء أو شقيقات ، ولم يعثر على
أحد مسجل فى كل بريطانيا بنخاع مقارب . طبقا للقصة التى عممتها التايم اليوم
تقول إن فريق مستشفى جريت أورموند سترييت فى لندن ، قد أخذوا نخاع رايس
نفسه وزعوا به الچيين الصحيح ، والآن هو طفل متعافى تماما ، بل وأكثر
من سوى يلعب فى الحديقة بنشاط بالغ بعد أن كان بوصفها جلدا على عظم لا يبارح
الخيمة المعقمة . فقط معجزة صغيرة أخرى ، وإن
كان موقعنا يقول دوما إنه لا يمكن الوثوق بالبيولوچيا قبل أن
تصل لمستوى التحكم فى مادتها ذرة ذرة وإليكترونا إليكترونا ، كما فى حالة
الذكاء السيليكونى . مع ذلك نحن لم نرغب أبدا يوما فى المصادرة عليها فى أنها
قد تصل لهذا المستوى يوما . اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم التالى للنهاية :
11 أپريل 2002 : وضعت الحرب أوزارها ، أو
معظمها على الأقل . ومن خرج منتصرا من هذه الحرب ، هو حضارة ما بعد‑الإنسان .
اقرأ هذا التحليل فى صفحة الإبادة ،
وفيه الدروس الثلاث الرئيسة المستفادة من الحرب : أن لم يعد مكان لشىء اسمه
صوت الشعوب ، الإنجاب الإسلامى الكثيف هو الخطر قم 1 على استمرار الحياة
على كوكب الأرض ، العمليات الانتحارية سلوك حضارى لأنها تثبت أن يعد
للإنسان من وظيفة فى هذا الكوكب . 7 يونيو 2002 : كأس العالم لكرة القدم
كتظاهرة أخرى لصراع الإنسان‑الآلة . اقرأ هذا التحليل فى صفحة الثقافة .
10 يوليو 2002 : الكتاب
المقدس يقول إن آدم أبو البشر خلق سنة 4004 قبل المسيح . منقوشات التاريخ
المصرى تقول إن مينا الأول ولد حوالى 4250 قبل المسيح . لكن ماذا يقول
العلم عن أول البشر ؟ أذكر أن عينى تفتحت على أيام لوسى ، تلك الحفرية
التى سميت بهذا الاسم لأن مكتشفها كان يفحصها ويفكر فى تسميتها بينما كان
المذياع يبث أغنية البييتلز الشهيرة ’ لوسى فى السماء مع الماس ‘ .
قبلها كانوا يقولون لنا إن عمر الإنسان على الأرض قد لا يقل عن مليون سنة
بالتمام ولكمال . بعدها رفعوا الرقم لمليونين ، فإذا به يتخطى الثلاثة
( لوسى 3.4 مليونا ) . تابعت الرقم على مدى السنوات ، وقد
استقر طويلا نسبيا عند رقم الأربعة ملايين . ثم تدريجيا بعد ذلك تشعب
الموضوع وكثرت الحفريات ، وإن لم يكن منها شيئا بالإثارة الدرامية
للوسى . وفى العامين الأخيرين وحدهما تم الكلام عن حفريات مختلفة من كينيا Orrorin Tugenensis ، ومن أثيوپيا Ardipithecus Ramidus ، تتنافس على رقم
يقارب الستة ملايين . مع ذلك يبدو ما حدث اليوم
نوعا من قفزة جديدة حاسمة بعض الشىء : 7 مليون سنة ! الأهم أنها
جمجمة ، وهذا يعنى أنها أقدم بثلاثة ملايين من السنين من أقدم جمجمة
’ هومينيد ‘hominid معروفة . نعم ، سبعة ملايين هو عمر الحفرية الجديدة
التى عثر عليها فى صحراء شمال تشاد . البحث عممته دورية نيتشر ، لفريق
من الباحثين الفرنسيين والكنديين ، برئاسة الپروفيسور ميشيل برونيه من
جامعة پواتييز الفرنسية . قيمة البحث أنه يزيد الأسئلة والغموض أكثر مما
يحلها . وهو يزيد التعقيد حول احتمال وجود أصول مختلفة للعرق البشرى ،
بحيث بات الأمر يستعصى على نظريات شجرة العائلة التقليدية الأكثر بساطة ،
والتى تحاول إرجاع كل العرق البشرى لأصل واحد . الجمجمة توحى بخصائص وسيطة ‑بل
ومربكة‑ بين الإنسان والشيمپانزى أكثر بكثير مما كان يمكن تخيله من
قبل ، بل إن الجماجم الأحدث مثل لوسى كانت أقرب كثيرا لتشريحية الشيمپانزى
منها للإنسان . أما طاقة النور التى يفتحها هذا الاكتشاف فى المقابل ،
فهى اقترابه الزمنى الشديد من المنطقة التى انفصل فيها الإنسان عن
الشيمپانزى ، ومن ثم رسم ملامح أكثر دقة لخصائص وطبيعة ذلك السلف المشترك
لنا ولتلك القردة العليا . الاسم الجماهيرى للحفرية الجديدة هو توماى Toumai أو لعلها طماى أو طمى ، وهو اسم عادة ما يطلقه سكان الصحراء على
الرضع المولودين فى بداية موسم الجفاف . أما الاسم والتصنيف العلمى Sahelanthropus Tchadensis نسبة
لكل من تشاد وللساحل أى الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى فى وسط أفريقيا ، فيبدو أن فريق البحث لم يستقر عليه نهائيا بعد . نيتشر أكدت بدورها
أهمية الكشف ، بل وصفته بـ ’ أهم كشف تعيه الذاكرة منذ اكتشاف
’ الإنسان القرد ‘ قبل 77 عاما ، ذلك الذى أسس فعليا علم
الپاليوأنثروپولوجيا الحديث ‘ . أيضا هى قفزة نوعية بالتوجه إلى وسط
أفريقيا بل وغربها مستقبلا ، بعد أن ظلت لعقود راسخة عقيدة أن الإنسان نشأ
فى شرق أفريقيا . أيضا حشدت المجلة مظاهرة من كبار العلماء من أميركا
وغيرها ، أشادت كلها بالاكتشاف ، وبأنه ليس إلا قمة من جبل جليد
قادم ، وكذا احتفلت بانتصار نموذج التطور ’ الدغلى ‘ bushy للإنسان ، مقارنا بنموذج شجرة العائلة الخطى البسيط
السابق . بل توقع أحدهم أن يجمع الاكتشاف القادم لا بين خصائص الإنسان
والشيمپانزى ، بل خصائص شىء ثالث قد لا يتوقعه أحد ! فريق البحث نفسه
قال إنه سيواصل الحفريات فى ذات المنطقة للعثور على عظام أخرى ، على الأقل
من أجل حسم ما إذا كان توماى يسير على قدمين أو أربع ، وهو المعيار الفيصل
المتعارف عليه فيما إذا كانت الحفرية هومينيد أم قردا ( رغم كل ما فى وجه
توماى من ملامح بشرية ) . وهو سؤال يقولون إن مكان التقاء العمود
بالفقرى بالجمجمة قد تركه مفتوحا لكلا الاحتمالين ، فهو يوحى بأنه ثنائى
القدمين لكن لا يعد برهانا كافيا عليه . إنها حلقة جديدة مثيرة فى تاريخ العلم ،
تتكامل فيها معرفتنا بأصولنا المعقدة كما منحتنا إياها أمنا الطبيعة بمساراتها
المتعرجة ، بل والعشوائية غالبا . وما أحلى أن نكتشف المزيد حول هذا
ونحن ندخل فى حقبة بعد‑إنسانية بالكامل ، تتسابق فيها إثارة ما يخبئه
لنا المستقبل مع إثارة ما يخبئه لنا الماضى ، إن جاز القول ! اكتب رأيك هنا
10 يوليو 2002 : بريطانيا فى طريقها لإباحة العقاقير ، هذا ما صاح به اليوم أعضاء مجلس العموم فى وجه وزير الداخلية
ديڤيد بلانكيت ، وهو يعلن نية الحكومة تعديل التشريع بحيث لا تتم
ملاحقة الشرطة لما أسماه بالتناول الحصيف للماريوانا ( أى فى الأماكن
الخصوصية ) . ذات اللجنة الپرلمانية التى وقفت خلف التشريع
الجديد ، اقترحت تخفيف القيود أيضا على عقار النشوة Ecstasy ، لكن مستر بلانكيت
قال إنه لم يتبن الاقتراح . هم على حق ، والدائرة تضيق رغم
أنوفهم ، يوما بعد يوم حول الفكرة الخرقاء لتحريم العقاقير ، والتى لا
تزيد فى نظرنا عن بلاهة أيام تحريم الشاى والقهوة والتبغ فى بعض المجتمعات
القديمة ، بل وحتى تحريم أميركا قبل سبعين سنة فقط للمشروبات الكحولية ،
حيث لم يمت بعد كل من عاصروا هذا . نعم هى مهزلة لا يفيد منها سوى المهربين
فى رفع الأسعار وحصد البلايين والنفوذ الفاحش ، ويجب لأى عاقل وقفها
فورا . هذا لا علاقة له بكون هذا الشىء أو ذاك مضرا أو غير مضر . هذه
مسئولية العلماء ، ومسئولية المتعاطين كل فرد على حدة . هذا له علاقة
فقط بشىء اسمه الحريات
الشخصية . بهذه المناسبة عممت النيو يورك تايمز اليوم
( بتاريخ الغد ) ، تحقيقا مطولا عن تطور إجراءات تخفيف القيود
على العقاقير فى كل أوروپا . التيار العام هو أن الشرطة لم تعد تقبض على
حائزى العقاقير بكميات صغيرة أو بغرض الاستخدام الشخصى ، وأن نسبة متناولى
العقاقير لا يمكن أن تقل عن 25 0/0 فى أغلب
المجتمعات ، وأن حتى الماريوانا الحالية أو القنب cannabis أو الحشيش ، هى
مزروعات معدلة چيينيا وتفوق كل ما تناوله أعضاء الپرلمان البريطانى فى
شبابهم ! اكتب رأيك هنا
12 يوليو 2002 : الخلق من
الخدش أو FSC
كما أسميناه وتحدثنا عنه قبل نحو العامين ، أصبح اليوم
على رأس عناوين كل
الصحف بعد البحث الذى عممته بالأمس أسبوعية ساينس .
المفاجأة التى لم نحتسبها أبدا خلال هذين العامين أن يدق هذا المصطلح عناوين
الصحف من باب آخر غير الحوسبيات السيليكونية ! تخيل ماذا ؟ الخلق من
الخدش بيولوچيا ! نعم نكرر : بيولوچيا ! هذه التجربة نجحت فى خلق ڤيروس شلل الأطفال polio virus حيا فى المختبر بواسطة تفاعلات كيميائية محضة من مواد أولية
محضة ، وليس كما فى السابق بتخليق ڤيروسات جديدة أو معروفة بتجميع
أجزاء من الحوامض النووية مستقاة من ڤيروسات ’ طبيعية ‘
حية . من ثم صنفت ساينس هذا
الاختراق التاريخى عن حق ، كـ ’ أول
خلق للحياة فى أنبوب اختبار ‘ . نعم ، بعد أن خرج شلل الأطفال من
التاريخ كثانى ڤيروس يقضى عليه نهائيا بعد ڤيروس الجدرى ، ها
هو يعود للتاريخ من أوسع أبوابه مرة أخرى ، كأول كائن حى بيولوچى سيقول عنه
المتدينون إنه ليس من خلق آلهتهم ، وسيقول عنه غير المتدينين إنه ليس من
خلق أمنا الطبيعة . والصياغة الأدق من كل هذه وتلك وتلك أنه أول
’ مخلوق ‘ بيولوچى إطلاقا فى تاريخ كوكب الأرض ، فكل ما
عرفناه من الحياة البيولوچية حتى الآن هو كائنات beings وليست مخلوقات creatures ! التجربة بحث عسكرى قامت به جامعة ولاية نيو
يورك ، بقيادة الپروفيسور
إيكارد ڤيمر ( لا شك أن اسمه دخل التاريخ كأول ’ خالق لكائن
بيولوچى اصطناعى ‘ ) ، مولته لحسابها بـ
300000 ألف دولار على مدى ثلاثة أعوام ، وكالة المشروعات البحثية المتقدمة
الدفاعية DARPA ، وهى الوكالة الشهيرة التى كان لها
الفضل فى رعاية وتنمية عدد من الاختراقات التقنية والعلمية الكبرى عبر
التاريخ ، ومنها مثلا الإنترنيت سنة 1969 ، والكثير مثلها فى حقول
الحوسبة والليزر والرادار والإشعاع ، وغيرها من التطبيقات التى تبدأ دفاعية
ثم سرعان ما تدخل حياتنا المدنية اليومية . المفارقة أن الهدف من البحث ليس
تخليق هذا الڤيروس فى حد ذاته ، أو إثبات فى موسوعة السجلات جينيس أن
العلماء الأميركيين هم أول من قام بدور الرب فى أخص أخص وظائفه وهى الخلق ،
كما حاولت الأديان ودجالوها إقناعنا لألفيات طويلة من السنين بما أسمته الخلق
المستقل ، أو إثبات أن لا وجود لشىء اسمه الروح تلك الأسطورة الموهومة
الأخرى التى حاول أولئك الدجالون إقناعنا بها كل تلك القرون ، أو إثبات أن
ما فائدة الآلهة أصلا ، أولئك الأكذوبة المضحكة الثالثة والأكبر ، إذا
لم يقوموا بالخلق أو أمكن للبشر الفانين مشاركتهم فى تلك الوظيفة . ليس
الهدف إثبات أى شىء من كل هذا ، إنما ‑ويا للغرابة‑ إثبات أن
المتدينين المسلمين هم أول المرشحين للتجديف على الرب بخلق الحياة من الخدش بدلا
منه ! نعم ، فقد تم تخليق هذا الڤيروس الحى من
مواد أولية مما تبيعها للجميع الشركات التجارية المتخصصة ( شركة أنتجريتيد
دى إن إيه تكنولوچيز ، لو شئت العنوان ! ) ، وتنفيذا لتصميم
چيينى علنى للحامض نووى تم استقاؤه عشوائيا من الإنترنيت ( ابحث ياهوو دوت كوم ، لو شئت
العنوان ! ) . والهدف إثبات أن فى وسع أية جماعة إرهابية تخليق
أسلحة بيولوچية فتاكة دون الحاجة للحصول على عينة من الڤيروس الحى
نفسه ، بما فى ذلك الجدرى أو الإيپولا أو غيرهما . التجربة لا تفتح فقط آفاقا للمزيد من الأسلحة
الچرثومية فى يد الحضارة ( أو أعداء الحضارة ) ، بل تفتح آفاقا
علاجية هائلة . فبما أنه قد أصبح من القناعات السائدة حاليا فى بحوث
المناعة والپاثولوچيا ، أن الاقترابية الأنجع للقضاء على الأمراض هو غزو
نقاط الضعف فى التركيب الچيينى للكائنات الدقيقة القاتلة كالڤيروسات ،
فما بالك إذا كان فى وسعنا تصنيع أى ڤيروس أو مصل مضاد بأى تصميم مرغوب
فيه ’ من الخدش ‘ . أيضا تثير التجربة تساؤلات هى حية بطبعها ، عن
خرق أميركا لاتفاقية الحد من الأسلحة الچرثومية لسنة 1972 . ومسألة خرق
أميركا للاتفاقات الدولية الحالية ، قضية أفضنا فى متابعتها فى صفحة الجلوبة ، ولطالما رحبنا بها كمؤشر
للترتيب الدولى الجديد الوليد ، والذى سيطيح عما قريب بشرعية يالتا
الحالية ، التى هى شىء عفا عليه الزمن بكل معنى الكلمة . طبعا فيما يخص مبدأ الخلق من الخدش كما تحدثنا عنه من قبل ، فهذه التجربة ليست إلا البداية لخلق كائنات أكثر
استعقادا من الڤيروسات ، وبعض المعلقين ذهب اليوم لحد القول إن
الخطوة التالية مباشرة سوف تكون تخليق جنين بشرى حى من مجرد عناصره
الكيميائية ! البعض بالطبع لم يكن بمثل هذا الحماس ، وقال إن چينوم ڤيروس
الجدرى لا يزيد عن 7500 قاعدة ، بينما يتكون الچينوم البشرى من ثلاثة
بلايين . فقط نقول 1- أن فى العلم لا شىء مستحيل ، 2- أن الفكرة والهدف من الخلق من الخدش كما ذكرناها أصلا ليسا بالمرة محاكاة كائنات طبيعية . بل العكس
بالضبط : تخليق كائنات بالغة المثالية لا وجه للشبة بينها وبين الإنجازات
العشوائية ‑والمعيبة بالضرورة‑ للطبيعة ( أو
الآلهة إذا كان لا يزال هناك اليوم 12 يوليو 2002 مؤمنون يفضلون
الفكرة ! ) . اقرأ ملخص البحث
فى مجلة ساينس … اقرأ النص الكامل
… اكتب رأيك هنا
18 أغسطس 2002 : ملاحظة مثيرة قال : ’ الإنسان يدعى لنفسه ذات الحق الذى للخالق ، بمحاولته
التدخل فى لغز الحياة الإنسانية . إنه يتمنى التحكم فى حياته من خلال
التلاعب بالچيينات ، ووضع حد للموت ‘ . ألا تلاحظ أنه من الغريب من شخص يعتقد على نطاق
واسع ، أنه سوف يموت ما بين لحظة وأخرى ، لكنه فى نفس الوقت يبدى
تمسكا مذهلا بالحياة ( كان ينافس فى السفر بالطائرات ياسر عرفات نفسه قبل
أن يفرض الإسرائيليون العزلة الجبرية على هذا الأخير ) ، أن يفكر فى
مسألة إمكان أن يضع العلم حدا للموت أم لا ؟ الإجابة متروكة لك ، أما نحن فلدينا إجابة 19 أغسطس 2002 : التقنيات النانوية تشق
طريقها قدما ، وليس لدينا دليل أكبر على هذا من حجم الپارانويا المضادة
التى تتشكل ضدها ! هذه هى فحوى العرض الطريف الذى قدمته اليوم
جريدة النيو يورك تايمز عن الجمعيات والمؤسسات المناهضة لهذه التقنية ، لا
سيما بالنظر لها ككائنات بيولوچية اصطناعية ذاتية التكاثر يمكن أن تسود
الأرض ، وتمحو الإنسان محوا منها ، أو ما يطلق عليه طرافة Gray Goo هذا يبدو أكثر إثارة مما هو أشبه بملف قبل حوالى
شهر لذات الجريدة جزء منه
يرصد أحدث التطورات من أعين مبدعى هذه التقنية لا سيما فى الحقل المسمى الأنانيب
النانوية ، وما بات وشيكا لها من آفاق هائلة فى مختلف التطبيقات . وجزء آخر
يعرض لتاريخها القصير لكن المثير ، ولروادها ، وللكيفية التى يحيا بها
هؤلاء حياتهم اليومية بعد‑الإنسانية ( وإن لم يستخدم هذا
الوصف ) ، حيث مثلا يجتمعون دوريا ، ويسمون جمعيتهم التى أسسها
رائد الهندسة النانوية الشاب دكتور ديكسلر بالمستبصرين Foresighters . هم أساسا من
مليونيرات وادى السيليكون الشبان ، وكلهم استبعد خيار الموت من أچندة
حياته . واشتهروا بوضع سلاسل معدنية حول أيديهم بها تعليمات التصرف فى حالة
الموت ، كالإرسال لثلاجات التجميد ، حيث يتوقعون قريبا إنجاز تقنيات
لتعويض اهتراء الجسد ، بل وبإحلال بدائل نانوية لأعضائه ، ومنهم من
يتوقع مثلا الاستغناء عن الدم نفسه واستبدالة بناقلات تغذوية للإوكسچين ،
وما إلى ذلك ! المؤكد أن المستقبل يتسارع على نحو مذهل ، وقد
توقع أحد هؤلاء وهو دكتور إيريك كيرتزڤايل أن القرن الحادى والعشرين
سيعادل 20 ألف سنة تقدم بمعدلاتنا الحالية ! فقط لدينا سؤال : هل تعتقد أن فكرة التجميد هذه جيدة ؟ [ بعد أيام الأ يجب أن تسير النانويات بهذا
المنطق أيضا ؟ سؤال آخر نطرحه بتواضع ! فى نهاية المطاف ، أليس الموت آلية تكيفية
أساس فى عالم البيولوچيا على الأقل ( ولا نجزم بالنسبة لأشكال الحياة
ككل ، فربما ثم حاليا أو مستقبلا حياة سيليكونية أو أيا ما كانت ، لا
تصاب خلاياها بالشيخوخة أبدا ) . المرء لا يمكنه تخيل عشيرة بيولوچية species لا يموت أفرادها . ما قيمتهم بالنسبة للچيين . حتى بعض
النظر عن الشيخوخة وانخفاض الإنتاجية ، ألا يتحتم عليهم الرحيل بمجرد أن أدوا وظيفة الإنجاب وتوليد
جيل جديد فتى ؟ سؤال ثالث نطرحه أيضا للتأمل . اكتب رأيك هنا
18 سپتمبر 2002 : كل
يوم تقريبا يبث لنا مرصد هابل صورا عن الفضاء .
قديما كنا نجرى وراء صور الفضاء من خلال متابعة
مرهقة جدا لموقع وكالة الفضاء الأميركية ناسا
على الإنترنيت ، ولم يكن هذا بالأمر المثير ، وكان الهدف منه مجرد
متابعة الاكتشافات الحديثة ، ولطالما كنت مولعا شخصيا بصورة الأرض ليلا
التى ركبتها ناسا من مجموعة لقطات ( احترس قبل تنزيلها
فحجم الصورة هائل : 40 ميجابايت ! ) . هذا يعود بنا للمربع رقم واحد فى علاقة الإنسان
بالفضاء منذ فجر التاريخ : الجمال الغموض والرومانسية . وأيضا يعود
بنا لسؤال طالما سألناه منذ الطفولة : ما فائدة غزو
الفضاء ؟ إنه ضخم لدرجة تكاد تجلعنى أشعر وكأننا مجرد جراثيم . إنه
سحيق جدا ، هائل جدا ، ساخن جدا أو بارد جدا . كما قلت ، بعد سنوات
بدأت اقنع نفسى بالتدريج ، إنه قد يكون مفيدا لشىء آخر غير الإنسان .
كائنات سيليكونية أو نانوية مثلا . فإذا كنا ننادى بالجلوبة على
الأرض ، ونرى فيها رفعا للكفاءة واستخداما أمثل للموارد ، فإن توحيد
الكون ووصل أطرافه سيأتى بنوع من الكفاءة المطلقة ، وكذا سيكون على تلك
الكائنات المصممة لكل الأجواء مهمة التوسع فى نشر الحياة الأمر الذى يبدو أنه
أيضا إحدى أهم غايات الكون . فقط كل ما هناك أنها مهام لا شأن للإنسان بها
ولا يصلح لها . اليوم يتأكد هذا ، بأن أصبح الفضاء فنا أكثر
منه علما . الصور المجاورة بعضها للتلسكوپ هابل ، وإحداها مجمعة
بواسطة كاميرا أرضية خاصة تتسع لأكثر من مائة صورة بمجال هابل . وكلها عن
النبيولا أو الثقوب السوداء متوسطة الحجم ، أى تلك الاكتشافات الحديثة
نسبيا التى يؤمل من ورائها اكتشاف أسرار وآليات نشأة الكون . هل سيصل
الإنسان للإجابة على سؤال كهذا ؟ المنطق يقول إنه مجرد كائن بكتيرى قابع
فوق ذرة غبار كونى اسمها الأرض ، فى مجرة مجهولة اسمها درب التبانة ،
ومن المستحيل عليه فى موقعه هذا معرفة كل شىء يجرى فى الأعالى مما لن تستطيع
أدوات الرصد مهما تقدمت عنده الإمساك به أبدا . إلى أن تأتى كائنات أخرى
خارقة على هذا الكوكب ، تسافر وتتخاطب بطرق مختلفة عن المحدوديات المادية
الإلزامية لذلك الإنسان ، سوف يظل الفضاء بالنسبة لسكان الأرض مجرد مجموعة
من الصور الممتعة ! اكتب رأيك هنا 3 أكتوبر 2002 : اليوم عممت
منظمة الصحة العالمية ما أسمته أول تقرير جلوبى على العنف والصحة Global Report on Violence and Health . طبقا لملخص التقرير
المتاح اليوم [ النص
الكامل أتيح بعد أيام قليلة ] الأرقام يقال إنها مفزعة ، بل
ومدهشة ، وفى كل الأحوال نعتقد أنها قد تكون مفتاحا حقيقيا لإعادة رؤية
العرق البشرى لنفسه !
العنف يتسبب فى 1.6 مليون قتيل سنويا ، أى 14 0/0
من حالات الموت بين الذكور و7 0/0 بين الإناث فى سن
البلوغ ( 15-44 سنة ) . البشر يقتلون بعضهم البعض فى نزاعات
مسلحة واحدا كل 100 ثانية ، أو 191 مليونا فى القرن الأخير . لكن الأهم أن مظاهر العنف ليست جماعية فقط .
هناك العنف بين الشباب ، وهناك انتهاك الأطفال وانتهاك الكهول وانتهاك
الشريك الحميم ، وهناك الاغتصاب ، وهناك العنف تجاه الذات .
انتهاك الكهول هو أقلها جميعا تسلطا للأضواء . فى تنزانيا وحدها تقتل
خمسمائة امرأة عجوز سنويا فى المتوسط بتهمة السحر ، ويعزى إليهن كل الكوارث
بدءا من الزلازل حتى بوار المحاصيل . بقية الأسباب أكثر شهرة . من كل
خمس نساء توجد واحدة تعرضت للانتهاك الجنسى فى طفولتها ، وبين كل عشر رجال
يوجد واحد . نصف النساء القتلى بالعنف يكون الشريك الحميم الزوج أو الخليل
هو القاتل . وتصل النسبة لسبعين بالمائة فى بعض الدول . العكس غير
صحيح فالنساء لا يقتلن ، وبين كل 25 ذكر قتل فى الولايات المتحدة ما بين
عامى 1976-1996 واحد فقط هو الذى قتله زوجته أو خليلته الحاليين أو
السابقين . ربع جميع النساء فى العالم يتعرضون للعنف من هذا الشريك
الحميم . البشر ينتحرون بمعدل واحد كل 40 ثانية ، أى الانتحار وحده
يقتل مرتين ونصف ضعف من تقتلهم النزاعات المسلحة ، ويأتى ترتيبه الرابع بين
كل أسباب الموت . ثلاثة أرباع هؤلاء يبلغون من العمر ما بين 15-29
سنة . فى سنة 2000 مات 310 ألفا بسبب الحروب ، و815 ألفا
منتحرين ، أى أكثر من نصف كل القتلى . هذا عمن يموتون فقط . ففى مقابل كل شخص يموت
نتيجة العنف ، يوجد ما بين 20-40 مصابا يحتاجون للعلاج . كلفة الإنفاق
الصحى على علاج العنف تصل إلى 5 0/0
من الناتج المجلى الإجمالى فى بعض البلدان . منذ عرضت الدكتورة جرو هارلم بروندتلاند رئيس
المنظمة ، التقرير صباح اليوم فى بروكسل ، ووكالات الأنباء تصنع ضجة
هائلة جعلت من نتائجه هذه مفاجأة مذهلة . هذا غير صحيح ، وما قاله
التقرير لا جديد فيه . فرويد قاله منذ قرابة قرن كامل . العنف شىء
أصيل فى الإنسان وفى الطبيعة . هنا تكمن المشكلة . لا أيها السادة . الأمور أعمق بكثير .
التقرير نفسه يقول إن الغالبية الساحقة من حوادث العنف تقع فى البلدان والطبقات
الفقيرة . كيف يمكنكم أن تجعلونها غنية ؟ كيف يمكنكم أن تقنعوا الشباب
بعدم الانتحار ، وقد وجد نفسه قد جاء لعالم لا يريد مزيد من البشر ،
وليس لديه وظائف لهم ؟ كيف يمكنكم تغيير عقلية الناس فى تنزانيا قاتلة
الساحرات ؟ لا تقولوا لنا برامج التوعية . هذه كلها جربت نصف قرن بلا
أى نتيجة على الإطلاق . العكس هو ما حدث ، المعونات أدت لزيادة
الإنجاب ، لا لرفع مستوى المعيشة . الشباب يريد وظائف لا برامج
توعية . الإجابة الوحيدة الصحيحة على كل تلك الأسئلة هى
إطلاق الاقتصادى الدارونى التنافسى الحر . أى مزيد من العنف ومزيد من ضحايا
العنف . فقط على الحضارة أن توجه هذا العنف فى الاتجاه الصحيح : إبادة
المتخلفين والفاشلين ممن استعصت معهم محاولات الإصلاح . التقرير يزيد
التضليل بعيدا عن الأسباب الحقيقية لتخلف العالم . ناهيك عن أنه يبعدنا
تماما عن فكرة أننا نحيا عصر حضارة ما بعد‑الإنسان ، والإنسان ككل لم
يعد وجوده مهما لنماء وازدهار الكوكب ، بل العكس هو الصحيح ، وأنه ‑أى
العرق البشرى‑ بات العقبة الأساس أمام هذا النمو والازدهار . ما المانع أن تبدأ كل دولة برنامجا قوميا لتشجيع
الانتحار . إنه سيصبح بهذا أو بدونه السبب رقم واحد للموت قريبا جدا ،
والمؤكد أنه بات أكثر الأسباب ’ طبيعية ‘ للموت فى عصر حضارة ما بعد
الإنسان . أليس من الأجدى للدول والمنظمات غير الحكومية أن تبحث عن مصادر
للتمويل لهذا البرنامج بالذات قبل أى شىء آخر ، باعتباره المشروع الأكثر
نفعا للناس . وليس عندى شك أن ذوى القلوب الرحيمة لن يتأخروا عن تقديم
المال اللازم لإنشاء المراكز التى تقدم خدمة الانتحار للراغبين فيها ،
باعتبارها أكثر الطرق كرامة ووقارا لمواجهة حقائق الحضارة الجديدة ( هولندا أول دولة صرحت بهذا ، لكن اشترطت حالة صحية
معينة لطالب الخدمة ) . وبعد ، نحن نفضل أن نستمر ( كما كتبنا
يوما فى صفحة الليبرالية ) فى
تمثل الدكتورة بروندتلاند لا كمسئولة عن إحدى منظمات هيئة الأمم المعدمة اليالتية الاشتراكية
المتحدة ( المعروفة اختصارا باسم الأمم المتحدة ) ، إنما
كرئيسة سابقة لوزراء النرويج ، ونصيرة عظيمة للحرية الجنسية والحريات
الشخصية ككل ، وصلت جرأتها ذات يوم لحد التبشير بها فى قلب العاصمة
التاريخية لكل تخلف العالم : القاهرة ! أما عن محتويات هذا التقرير والجهد العظيم الذى بذل
فيه ، فما أعتقده أن القراءة الصحيحة لها أن فقط باتت الإبادة أكثر مشروعية
عن كل ذى قبل ! اكتب رأيك هنا 7 نوڤمبر 2002 : ربما أخيرا اليوم
وجدنا قرينة ما لما سيكون عليه مستقبل الموقف الأميركى من الكلونة . أجهضت
أميركا مشروعا فرنسيا ألمانيا فى الأمم المتحدة لمنع الكلونة الإنجابية .
أميركا أطاحت بجميع المناقشات حول موضوع الكلونة حتى سپتمبر 2003 ، سعيا
حسب قولها لتقنين منع شامل لكل الكلونة إنجابية وعلاجية . الرد الأوروپى
كان بسيطا متعجبا : ما المانع من منع الكلونة الإنجابية الآن ، مع
دراسة منع الكلونة العلاجية مستقبلا ؟ تفسيرنا الشخصى أن أميركا بوش المحافظة جدا
المسيحية جدا ، قد فهمت ما تعنيه الهندسة الچيينية من مستقبل اقتصادى
وتقنى ، بل ومن كونها بالدرجة الأولى قضية أمن قومى ، وأنها باتت لا
تريد منع أى شىء على الإطلاق ، بل ربما تعيد النظر فى قوانينها هى نفسها ،
والمجمدة لمدة عام فى السينيت رغم موافقة المنزل ، وأقصى ما تتم المطالبة
به حاليا الحظر المؤقت لعامين أو أربعة . مجرد أمنية ، لكن تظل الأيام
بيننا وساعتها سنقول إن العالم بعد 11 سپتمبر أصبح عالما غير العالم ، وأن
يسوع المسيح يجب أن يوضع على الرف لبعض الوقت ! … للمزيد من المتابعة المتواصلة اذهب لهذه
الصفحة الخاصة من MSNBC .
اكتب رأيك هنا
22 نوڤمبر 2002 : ’ يعتقد المسلمون أن من
غير الأخلاقى إحضار 92 امرأة إلى نيچيريا وأن نطلب منهن أن يرفلن فى جمالهن
الباطل . ماذا كان سيكون تفكير محمد ؟ بكل الأمانة ، لعله كان
سيختار واحدة من بينهن زوجة له ! ‘
—الصحفية
أيسيوما دانييل ، جريدة ذيس داى ،
السبت
16 نوڤمبر 2002 . —الجمعة
22 نوڤمبر 2002 : السى إن إن تفتتح استفتاء
حول الأمر . غالبية الآراء تقول بعدم وجوب نقل المسابقة من نيچيريا .
مساء : الهيئة المنظمة تقرر نقل المسابقة للندن . آخر حصيلة لعدد
القتلى فى الشوارع 105 ، خلاف مئات الجرحى . [ فى اليوم التالى
تضاعف كلا الرقمين ، كما وصل عدد النازحين لأكثر من أربعة آلاف . يوم
26 صدرت الفتوى بقتل أيسيوما ] . هل كان محمد لن يتزوج
أحدا ، هل كان سيتزوج الفائزة ، هل كان ذوقه سيتجه لغيرها ، هل
كان سيتزوج كل الاثنتين وتسعين ؟ بصراحة الموضوع أكبر
كثيرا من هذا الجدل التافه فى شئون ربما لا تخص إلا أكاديميى التحليل النفسى للأنبياء .
السبب ليس أننا نعاف دائما أبدا الخوض داخل مستنقع الدين الكريه ، إنما لأن
ما حدث ‑وللدقة متوازيا مع أشياء أخرى كثيرة وقعت فى الأسابيع
الماضية ، يعيدنا للمربع رقم واحد دائما أبدا لموقعنا :
الإبادة ! المظاهرات
تجتاح العالم ترتدى فيها الفتيات أحجبة إسلامية عليها صور جيڤارا . فى إندونيسيا ،
فى پاكستان ، فى الهند ، فى تونس ، فى اليمن ، فى المسلمون يضربون فى قلب موسكو ، وپوتين يتعهد بختان كل
مسلم من رقبته . العرب يسيرون دوريات شبه مسلحة فى قلب مدينة أنتويرپ البلچيكية
ويعلنونها منطقة محظورة على الشرطة الحكومية [ لم يمض أسبوع
نيچيريا
ترجم النساء حتى الموت ، ومصر تسجن المثليين جنسيا ، ولا أحد
يستطيع فعل شىء . إيران
تحكم بالإعدام على أستاذ جامعى ، لمجرد أن طالب بإصلاحات دينية . فى تركيا
الحزب الإسلامى يكتسح مقاعد الپرلمان . …إلخ …إلخ . باختصار العالم يشتعل !
الإسلاميون يشعلونه تحت أقدام الجميع ، ومن ثم يزداد وسوف يزداد اشتعالا
أولا وأخيرا تحت أقدامهم هم أنفسهم ، فليس أمام العالم من بديل سوى هذا
والمزيد من هذا . ولا شىء مؤكد أكثر من أن الشعوب التى طالما عولنا على
أنها اختارت الحداثة والعلم والجلوبة …إلخ ، اتضح أنها اختارت
الإسلام . لطالما كان هناك فارق طفيف بين قولنا القديم إن الچيينات هى
العالم الحاسم ، وبين مقولة دكتور كيسينچر الجديدة نسبيا الشعوب طبقات
چيولوچية لا تتغير قط ، لكننا لم نلتفت إليه . كنا نستخدم الصيغتين
استخداما تبادليا ، لكننا بدأنا نعيد النظر فى الأمر مؤخرا .
لم تتنبه للوهلة الأولى لأن
الدكتور كيسينچر وهو أستاذ الأساتذة بلا ريب ، قد ذهب خطوة صغيرة
أبعد . تحدثنا عن چيينات الشعوب لأول مرة فى صفحة الثقافة التى كتب أغلبها
فى النصف الأول للتسعينيات . ومنذ ذلك الحين ونحن نردفه دائما بالقول بأن
الچيينات يمكن تعديلها من خلال الفرض القسرى لنظام معين لعدة قرون ، يعزز
چيينات بعينها ويعمل على اضمحلال البعض الاخر . تركيا فعلت هذا لمدة ثمانين
عاما ، لكن يبدو أن ارادتها قد وهنت ، أو ‑وهو الأسوأ‑ يبدو
أن دكتور كيسينچر على حق : الطبقات الچيولوچية لا تتغير أبدا ، ولو
بعد آلاف السنين ! بصراحة اكتشفنا أن عبارته هذه سواء يقصد أو لا
يقصد ، هى أكبر مرافعة ممكنة لمفهوم الإبادة ! هل كنا نعادى أحد
قوانين الطبيعة القاعدية ، التى هى أهم شىء نادينا فى كل حياتنا بعدم تحديه ، إنما
فقط استلهام حكمته الغائرة ومن ثم دفعه قدما للأمام فى اتجاهها . الحقيقة
لم نشعر بذلك أبدا ، ومن بين قوانين الطبيعة الأخرى الاستعقاد
والتطور ، ودفع الشعوب فى هذا الطريق هو استلهام لأكثر ما فى قوانين التطور
من قاعدية ، أكثر بكثير من حلزون الديالكتيك الالتفافى لأمنا الطبيعة ذاتية
التسيير . كنا نعتقد أن بالإمكان الدفع نحو ما بعد الإنسان ، وكان
كتابنا حضارة ما بعد‑الإنسان
الذى يبشر أول ما بشر لعرقنا البشرى بمصير ڤيروس الجدرى ، ينتهى
بفصول مطولة عن كيفية تفادى هذا المصير . نفس الشىء يوم دشنا صفحة اسمها
الإبادة ، لعلها الأولى من نوعها أيضا ، كانت مقالتها المؤسسة تقدم ساقا نحو
الإبادة وتتراجع عشرة ( لكن بالمناسبة قبل شهور قليلة فيها ،
لم يعد الكلام عن تحالف الهزيمة العالمى ‑شيوعية ، إسلام ،
عروبة ، وطنية‑ يحتاج لأى حجب أو مساحيق تنميق —انظر الاقتباس
المجاور منها ) !
سنوات ونحن نكتب أملا فى أن تتحول الأردن والسعودية
ومصر ودول الخليج والپاكستان وغيرها لدول عصرية علمانية ، من خلال قيادات
ذات رؤية وذات إرادة . لكن يبدو أن ما يمكن أن يحدث فى الياپان وإسپانيا وتشيلى والصين ،
لا يمكن أن يحدث فى العالم الأرثوذوكسى البيزنطى سابقا ، الإسلامى
حاليا . يكفيك أن تقرأ ما حدث مع برنامج تليڤزيونى تجرأ ليقول إن
ممارسة الشباب قبل الزواج للحنس مع الذات أمر طبيعى ( هذا مقال
مخيف بقلم الطبيب خالد منتصر صاحب الدفع‑الزلزال هذا ، عممه فى
جريدة القاهرة بتاريخ 29 أكتوبر 2002 ، وإن كنت لا أعرف كيف تدار هذه
المواقع الحكومية على الغشاء ، وهل سترفعه شركة خدمات الإنترنيت التى تحظى
وأمثالها بإدارة مثل هذه المواقع الرمزية نظير مبالغ باهظة أم لا . لو لم
تجده حاول الرجوع للجريدة المطبوعة صفحة 11 ) . يمكننا رصد ثلاثة أنواع من
الشباب فى عالمنا المعاصر : - شباب أوروپا والعالم الثالث الذى يتظاهر من أجل
فلسطين ومن أجل حماية كرسى صدام وضد الحرب وضد الجلوبة ، وتختلط فى
مظاهراته على نحو مدهش الشعارات الإسلامية مع الأعلام الحمراء ، ولا يمكنك
أن تقنع أحدا منهم بأن جاره المسلم فى المظاهرة التى تهتف باسم السلام ، لن
يتخلى يوما أبدا عن أچندته ، وسوف يسفك دمه ودمنا جميعا فى أقرب فرصة
ممكنة . ذلك أن شيئا واحدا أكل روح الجميع ، أعمى أبصارهم وأصم
أسماعهم ، ووحدهم هذا التوحد المدهش ، ألا وهو كراهية أميركا ،
كراهية إسرائيل ، كراهية الشركات ، كراهية الأثرياء ، أو باختصار
كراهية كلمة نجاح .
- شباب
أميركا التى قالت الناشيونال
چيوجرافيك قبل يومين تحديدا ، إن 13 0/0 فقط منه
يمكنه التأشير لمكان العراق على الخريطة . بالنسبة لهذا الشباب الفوارق الدقيقة بين بريتنى سپييرز وكريستينا
أجيليرا هى أهم قضية فى كل الكون . - شباب الياپان الذى تظاهر قبل عامين مطالبا بترك
الشركات الفاشلة تنهار ، وإطلاق نسب البطالة ، فقط من أجل حق الإنسان
المتميز فى إثبات تميزه . لو تذكر
كان هذا المشهد أكثر مشهد هزنى من الأعماق عبر سنوات طويلة ، وكتبت عنه باستفاضة أثارت كل شجون العمر . ومن قبله تحدثت عن مشهد بعد‑إنسانى
مذهل آخر هو وقائع يوم الاستسلام فى نهاية الحرب العالمية الثانية ، يوم
واحد غيرت فيه أمها من كل جلدها وماضيها من المؤكد أن لم تقوى عليه ، أو
تفعله ، أية أمة أخرى بمثل هذه الدرامية قط .
للوهلة الأولى تبدو هذه ثلاث
استجابات بالغة التباين ، لكنها فى الواقع استجابات لنفس السؤال :
إشكالية ما بعد‑الإنسان . التقدم لم يعد يحتاج للإنسان ، بل بات
الإنسان تحديدا هو العقبة الكأداء أمامه . أمامنا شباب الأمم الفاشلة
( العالم الثالث ) وشبه الفاشلة ( أوروپا ) ، أجاعته
البطالة المطلقة ولا بديل أمامه إلا هدم المعبد على من فيه . هؤلاء هم
فضلات الكوكب التى أفرزتها حركة التاريخ ، والأكرم لهم أن ينسحبوا بهدوء بدلا
من هذا الضجيج المهين . أما الشباب الأميركى فقد نشأ فى أمة بالغة الثراء
والرفاهة ، يدعوه الكسل الطبيعى لأن لا يفكر إلا فى الاستمتاع بإنسانيته
التى يقع إلى القلب منها الموسيقى والجنس والتهليل للأفلام السينمائية ،
والغد بالنسبة له قضية مؤجلة ، أو بالأحرى محالة للقلة الأكثر جدية منه
المشغولة بهموم المعرفة والقيادة ، فالحياة الأميركية مصممة لإنتاج القادة
والتابعين سواء بسواء ، كل منهما مزبنن ومتخصص لوظيفته بأعلى قدر ممكن من
الكفاءة . وأخيرا هناك الشباب الذى ملأت
روحه التقنية والعلم ، ونسى تقريبا ’ ماضيه ‘ الإنسانى ،
الشباب بالغ الجدية والاطلاع الذى صنع سابقة بالإقبال على فيلم عنوانه ’ الذكاء الاصطناعى ‘ بل بالأحرى عنوانه
فقط الحرفان AI ، ليجعل منه أول فيلم
أميركى فى التاريخ يحقق إيرادا فى بلد أجنبى أكثر مما حققه داخل أميركا ،
شباب بعد‑إنسانى بأنضح وأرقى معنى للكلمة ( المعنى السيليكونى الذى
اخترعنا من خلاله مصطلح بعد‑الإنسان سنة 1989 وليس المعنى الكربونى عالى
اللزوجة الدارج حاليا عبر العالم ) ، شباب ياپان الكوئيزومى ، بل قل شباب كل
مستقبلنا .
قبل أن أكون مؤمنا بالأنجلو‑يهودية
فأنا مؤمن ببعد الإنسان ، ومؤمن بالچيينات ، ولعل الطبقة الچيولوچية
التى يرتكز عليها الشعب الياپانى هى أفضل قماشة عرفتها البشرية إطلاقا ،
القماشة التى سمحت لهم بالانقلاب بين ضحية وعشاها من أشرس عدو ممكن للغرب ،
لمستقبل لجنوده بالزهور والساكى حسب القصة الشهيرة للاستسلام فى الحرب العالمية
الثانية ( انظر صفحة الثقافة ) .
هذه قماشة نادرة تفوق بمراحل عقلانية وبعد‑إنسانية الأنجلو‑يهود ،
وربما ها قد حان لها وقت لأن تظهر نفسها بالطريقة الصحيحة وتتولى قيادة عالم
المستقبل قيادة مستحقة . هذا سؤال جدير بكل مواطن بائس فى العالم
الثالث : لماذا لا يحكموننا إذا كانوا بمثل هذا النجاح ؟
بالصدفة المحضة جدا
( أو لعلها ليست كذلك ) ، عمود نيكولاس
دى . كريستوف اليوم فى
النيو يورك تايمز يتحدث عن التعليم فى الصين . يرسلون أبناءهم لحضانة تكلف
2000 دولارا سنويا ( لم يقل إنه بمراعاة نصيب الفرد من الناتج الداجن
الإجمالى GDP فإن هذا هو أغلى تعليم فى العالم على وجه الإطلاق ) . لا
يعترفون بشىء اسمه الذكاء والنبه والموهبة ، فقط هناك شىء واحد اسمه الشغل
الصلد hard work .
الطفل يذاكر 17 ساعة يوميا ، ويكلف نفسه بشغل إضافى يختاره لنفسه يوم الأحد
لمدة ست ساعات . بعد ذلك يجد وقتا ليبرع فى الشعر والألعاب الرياضية وعزف
آلة موسيقية . الطفل الصغير يجرى العمليات الحسابية أسرع من خريج هارڤارد ،
والمتقدم منهم لهارڤارد يقزم بمراحل الطالب الأول على الـ 280 مليون
أميركى فى شهادة الـ SAT الأميركية . إن الصين حسب وصفه بعد هذه الزيارة ’ المهينة
بعض الشىء ‘ له كممثل لجامعة هارڤارد : بلد التعليم ! ( ملحوظة :
قبل شهور قليلة تابعنا قصة أخرى عن معلق آخر ، من النيو
يورك تايمز أيضا ، كتب عن الصين أيضا ، وقاده الحديث إلى هارڤارد
أيضا ، ووضعنا نحن فوقه حفنة وفيرة من الصور كهذه أيضا ‑ألا تجد
غرابة ما فى الأمر ؟ ) .
هل هذه هى نسخة المستقبل من بعد‑الإنسان
الياپانى ، الحاسوب السريع الذى لا يكل ولا يمل ولا يشكو أبدا ، أم هى
نوع رابع تماما من البشر ؟ سؤال قد نفكر فيه لاحقا ، وليس فى هذا
اليوم الأغبر . لا سيما وأن الكلام جاء أيضا وبالضبط على الجرح القائح ،
وذكرنا بكل المصريين ، فى كل مرة يطلب الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير
التعليم فيها من أطفالهم المذاكرة 17 ساعة فى السنة ( أيوه فى السنة ما فيش
أخطاء مطبعية . 17 ساعة فى الأسبوع ولا فى الشهر ، الشر بره
وبعيد ! ) . فى كل مرة يهبون جميعا هبة رجل واحد ، ويصيحون
قيادة وپرلمانا وشعبا بصوت واحد : كاهل الأسرة ! طبعا لأنه
وزير أنانى لدرجة مروعة يريد انتزاع الوقت والنقود معا ، المخصصين للاصطياف
ونزول البحر بالجلاليب منهم . ليه يضيع على الأولاد بهجة الطفولة ،
ويضعف لهم عينيهم . دى حتى يا راجل فرصتهم الوحيدة فى لبس المايوه .
هيكسب إيه من ورا كده ؟ المفروض يديهم فى هدوء الورقة السحرية إللى اسمها
شهادة ، وخلاص . الواسطة والوظيفة علينا ، هو عليه الشهادة
وبس . إحنا هنتصرف ، هو بس يديها لنا بهدوء من غير صياح وجلبة ووجع
دماغ ، أو يفرج العالم علينا . يعنى المفروض فى الحاجات دى إن لا من
شاف ولا من درى ، باعتبارنا جميعا مصريين زى بعض ، وما يصحش نعض فى
بعض أو نتشطر على بعض . استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان .
أيوه ، الأصول بتقول كده . ما لنا إحنا بالصين ولا الياپان . ليه
ندخل حد غريب بيننا ؟ هو أنت يا سيادة الوزير موش مصرى زينا ، من دمنا
ولحمنا ، ولا إيه ؟ المفروض نروح نتشطر أحسن على إسرائيل بالجرايد
والتليڤزيونات ، موش بالدراسة والكلام الفاضى !
نعم سأظل على تفاؤلى تجاه مستقبل الحضارة ،
فقط مع تزايد تشاؤمى تجاه مستقبل البشرية ككل . الحضارة ستنتصر ،
ورامسفيلد سيحكم العالم فى المستقبل المنظور ، هذا إيمان لا يتزعزع ،
وشرطه الوحيد هو فقط أن يكون لدى أميركا الإرادة الكافية . السؤال كان
وسيظل فقط هل ستنتصر دون الحاجة لإبادة كل ذلك الكم الهائل من شعوب الأرض التى
راحت تثبت يوما بعد يوم استعصائها على التحديث ، أم أن تلك هى الطريق
الوحيدة المحتومة . الإجابة كما جاءت من نيچيريا اليوم ، إنها شعوب
ترفض البيزنس وترفض السياحة وأضواء الإعلام وترفض الجمال والسمو والرقى ،
وتعض الأيادى التى امتدت لها برغبة صادقة وشبه ثابتة لتحية ودعم شعوب الجنوب
بإقامة أشياء من قبيل مسابقات ملكات الجمال فيها ، وتميل ببساطة لترجيح
الخيار الثانى ، خيار حتمية الإبادة . لا أعتقد أن بيد مسيحيى نيچيريا ( العلمانيين
تقريبا عامة ) ، ممن أبدوا موقفا حضاريا فى الأزمة الأخيرة ،
الكثير مما يمكن فعله حتى مع اعتبار كونهم نصف السكان ، والمطلوب تدخل
خارجى عبارة عن يد ثقيلة للغاية سافرة للغاية . منظمو المسابقة يبدون لى
كمن يريد أن يأتى بعروسه لمنزل زفاف ملئ بالصراصير . حين تبيد الصراصير أنت
لا تصنفهم ما بين معتدلين ومتطرفين ، ولا تجرى تحقيقا معها ، لتعرف من
فعل ماذا ومن يريد ماذا ، أو هل بينهم صراصير طيبة لا تستحق الموت ،
أو ربما تكون ثمة صرصارة تعانى من التمييز ضد الأنثى ، أو صرصارا رضيعا لم
يرتكب أى جرم بعد ، أو أن المتهم قاعديا برئ حتى تثبت إدانته ، إلى
آخر كل هذا الهراء من الإعلانات الدولية لحقوق الصراصير . أنت فقط تبيدها
جميعا . هذا التشبية يلح على منذ اللحظة الأولى لتدشين صفحة الإبادة قبل
عامين ، واستخدمت أحيانا عبارات إيحائية مثل رش المبيدات ، لكن
مقاومتى لكتابته صراحة ضعفت يوما بعد يوم وانهارت اليوم . بدون رش المبيدات
هذا سيظل العالم يلتهب يوما بعد يوم ، وليس بالضرورة من خلال أسلحة الدمار
الكتلى للعراق ، يكفى بضعة جالونات من الكيروسين . ما يحدث فى العالم لا يختلف
كثيرا عما يحدث فى إسرائيل . فى هذه الصورة المصغرة هناك من يدعو لانصهار
الشعوب معا ، وهناك من يدعو للسلام بينها كجيران ، وهناك من يدعو للفصل
وإقامة الحوائط ، وهناك من يدعو للترانسفير والإقصاء القسرى ، لكننا
جميعا نعلم أن شيئا من هذه الأفكار لن يشتغل ، وحماس وكتائب الأقصى وكل
عقول الحجارة سوف تقف لها بالمرصاد ، وأن سوف يتم اللجوء للإبادة ‑ولا
شىء غير الإبادة‑ فى نهاية المطاف ، إن عاجلا أو آجلا . نعم الحضارة ستنتصر ، لكنها
الواضح جدا ، يوما بعد يوم ، أنها لن تنتصر دون عمليات إبادة واسعة
للغاية لأعداء الحضارة . مرة أخرى أنت أستاذ الأساتذة ، دكتور
كيسينچر ! اكتب رأيك هنا … |
| FIRST | PREVIOUS | PART I | NEXT | LATEST |