|
|
|
الإبادة : هل لا يمكن تفاديها ? !
Extermination,
Is It Inevitable?!
| FIRST | PREVIOUS
| PART I | NEXT | LATEST |
NEW: [Last Minor or Link Updates: Thursday, November 04, 2010].
February 21, 2002: Sharon surrenders to Palestinian terrorism!
February 19, 2002: A
generous initiative from Saudi Crown Prince Abdullah. But could the Arab
rejectionist front appreciate it!
December 20, 2001: A HISTORY MADE: Syria isolated absolutely alone in the Arab League!
December 12, 2001: Arafat days have been numbered.
November 20, 2001: The first evidence of the all-original 21st Century’s systemized extermination: Donald Rumsfeld orders ‘No Prisoners!’
September, October 2001: New Page to cover the tragic events which put world at
war, or almost!
April 18, 2001: Arab Analysts say Colin Powell forced Israel out of Gaza. We say the good general is just an outsider who knows nothing about the new U.S. strategy.
February 26, 2001: If you know a way other than the Neutron Bomb that can stop
Taliban from destroying Buddhas, please contact us. It’s URGENT!
February 16, 2001: Some good news: Egypt’s Foreign Affairs Mininster Amr Moussa dismissed... AT LAST!
December 28, 2000: Add the new year’s tune to your favorites: Middle East War Drums!
December 18, 2000: This separate page was launched to answer this: What’s best for reading the future: reading the present, reading the past or reading the future?!
December 4, 2000: Israel’s Mr. Deep Blue, aka Benjamin Netanyahu, to be or not to be [back]?
ê Please wait until the rest of page downloads ê
ما هو الأفضل لقراءة المستقبل : What’s Best for Reading the Future: عممت اليوم دراسة مستقبلية عن العالم سنة 2015 أعدتها أجهزة الاستخبارات الأميركية وأثارت
على الفور اهتماما وتعليقات واسعة فى الصحافة العالمية والعربية . هذا
العمود مخصص لتحليل نتائج هذه الدراسة ومقارنتها مع مناهج أخرى قد تبدو مختلفة
النتائج كثيرا ناهيك عن درجة فاعلية كل أسلوب فى التنبؤ حقا بالمستقبل قدر
الإمكان . الأسماء وراء دراسة الاستخبارات الأميركية لا تبدو
مقتصرة على موظفى الحكومة الأميركية وحدهم لكنها استعانت بعدد من الأكاديميين من
مختلف بلاد العالم . مع ذلك فالانطباع العام أنها مجرد دراسة أخرى تعبر عن
هموم موظفى الاستخبارات أو مجرد أمالهم وأحيانا تبدو وكأنهم يدفعون بها بعض
الكوابيس التى تؤرقهم فى شغلهم ، وذلك أكثر مما تبدو قراءة حقيقية
للمستقبل . الحقيقة أن هذه الدراسة لا تتكلم عن الماضى إنما عن الحاضر ومعظم
ما تنبأت به قد يحدث فى سنة 2001 أو 2002 أو لا يحدث أبدا ، أما ما سيحدث
سنة 2015 فلا علاقة له بالمرة بكل هذا ! الدراسة تتحدث أكثر من مرة عن المصاعب الاقتصادية
التى تنتظر الياپان والصين والهند وروسيا وحتى أوروپا ولا تفترض فى الاقتصاد
الأميركى سوى السير بخطوات مضطردة نحو المستقبل . أيضا من نتائجها القاطعة
والعجيبة معا أن الشركات الأميركية لا تهتم إلا بالربح ولن تهتم أبدا بقضايا
السياسة الخارجية . أول ما تتجه له المقارنة هو كتابات هنرى كيسينچر
صاحب التاريخ الطويل الرصين والناجع فى تصور المستقبل . والنتيجة الفورية
أن النتائج تبدو متعارضة فى أغلب الأحيان مع دراسة موظفى الاستخبارات .
مثلا هو أول من تنبأ بين كل المحللين بمستقبل زاهر للصين ولا يزال عند رأيه حتى
الآن بأن لا يزال ثم المزيد مما ينتظر منه أن يصبح سريعا ثانى أكبر اقتصاد فى
العالم ( لاحظ أن هذه نفسها كانت إحدى نبوءاته ! ) . وفى
كتابة الدپلوماسية أو تحليله بمناسبة الألفية الجديدة A World We Have not Known
فى النيوزوييك فى 27 يناير 1997 ، يضع توقعات إيجابية جدا
عن أوروپا والياپان والهند وروسيا ، وبصراحة منا وليس منه فالبلد الوحيد
الذى لا يتنبأ له بالكثير هو الولايات المتحدة ! وقراءة هنرى كيسينچر تجعل
على الفور ما يكتبه موظفى الاستخبارات كالتقرير المذكور كمجرد نوع من التمنى أو
الدفع على الورق للكوابيس عن أنفسهم ! لدكتور كيسينچر منهج محورى فى كل رؤاه المستقبلية
هو ويا للمفاجأة : قراءة الماضى . والمدهش حقا أن منهجه هذا يتوصل
لنتائج أكثر صحة بما لا يقارن مع الدراسات ’ المستقبلية ‘ الكلاسية
التى تنطلق من تحليل الحاضر ولا تنتهى قط إلا لهذا الحاضر نفسه . مثلا
كيسينچر يتوصل لنتائج جسور وأيضا صحيحة عن أن روسيا لن تكف عن التوسع مستقبلا
وأن الصين أمة وطنية وليست شيوعية ، وسنده الوحيد فى كل هذا أنه كان صحيحا
لمئات السنين ، وأن مثل هذه الرواسخ لن تذوى بسهولة . [ تحديث : فى كتابه التالى
’ هل تحتاج أميركا لسياسة خارجية ‘ ( يونيو
2001 ) يستخدم دكتور كيسينچر تشبيه الطبقات الچيولوچية للتعبير عن
عدم تغير طبائع الشعوب بسهولة أو ربما أبدا ! … واو ! أليس هذا هو
عينه ما كتبناه عن ‘ الأعماق
الچيينية ’ فى ترويسة الصفحة هذه ، ثم فى
أول مداخلها إطلاقا الذى تقرأه الآن ، وكان تنبؤيا للغاية وإن برابط غير
ظاهر كثيرا لغير المدققين هو MuslimlessWorld ،
وما كان لنا أن ننبهك له علانية الآن لولا أن جرى ما جرى فى 11 سپتمبر من ذات
العام ؟ ! : نحن
لم ننشئ هذه الصفحة للدعوة لإبادة أحد . العكس هو الصحيح نحن أنشأناها
للدعوة لتحاشى مصير الإبادة . نحن لسنا ممن يكره أو يحقد ، ولسنا
عرقيين ولا دمويين ، إنما على النقيض تماما نفرح من قلوبنا مع كل تجربة
حداثية فى بلاد العرب والمسلمين . لكن حديث القلب هذا شىء ، وحديث
العقل شىء آخر . حديث العقل يقول لا فائدة من كل هذا . حتى تلك
التجارب سرعان ما تجهض فى كل مرة ، لأن ثمة شىء أقوى منها يكمن فى الأعماق
الچيينية لتلك الشعوب . هذه شعوب عاشت غبية متخلفة وقاطعة طريق لألفيات
كاملة من السنين ، ولا تزال غبية متخلفة وقاطعة طريق ، وستظل كذلك
لآلفيات كثيرة لاحقة ، هذا ببساطة لأن شيئا ما لم يتغير يمكن أن يؤشر لغير
ذلك . السؤال الوحيد هو فقط ما قد يخص شعب مصر : هل تم محو الهوية
المصرية وإلحاقها نهائيا بالإجرام العربى البدوى أم ثمة بارقة أمل فى أن الأعماق
الچيينية القديمة الأفضل كثيرا ‑وفى قول البعض أصل كل حضارة العالم‑
لا زالت كامنة هناك فى مكان ما ؟ ] . أما بالنسبة لأميركا فإنه يتحفظ كثيرا على مستقبلها
وفى مقدمة الأسباب التى يكررها دائما أنها بلد شعارات وليس پراجماتيا بما فيه
الكفاية . ويقصد بالشعارات طبعا الديموقراطية وحقوق الإنسان ، ويبدو
أنه وجد أخيرا تلميذة نجيبة له هى كوندولييززا
رايس ناصح الأمن القومى الجديد التى اختارها الرئيس
چورچ بوش قبل أيام ، وكانت قد كتبت مقالا قبل أسابيع فى مجلة فورين أفيرز
يقول أن السياسة الخارجية الأميركية لا تحركها ’ المصالح القومية ‘
إنما فى أغلب الأحايين ’ المصالح الإنسانية ‘ أو ’ مصالح الجماعة
الدولية ‘ . هذا ناهيك عن سكرتير الدفاع المقترح دونالد رامسفيلد ،
والذى يبدو أنه رغم كونه اسما مغمورا نسبيا ، رغم كونه شغل المنصب ذاته من
قبل فى ولاية چيرالد فورد ، شخص وضع يده منذ زمن على حقيقة إشكالية دول
التخلف الناشز ، ويميل لوضع حلول جذرية لها ، ربما تفوق قدرة الاحتمال
العصبى لكيسينچر نفسه . وإن كنا نستبق الآن الحكم عليه فى ظل الجدل الكاسح
حول صراع التدين والعلمانية فى التشكيل المرتقب لولاية الرئيس الجديد !
هنرى كيسينچر مفكر رائع ، وأعظم ما فيه أنه يثبت على نحو عملى أن التقدميين
ممن يرسمون للكوكب مستقبله هم الأصحاب الحقيقيون للتاريخ ، وليس الرجعيون
السلفيون ممن يدعون ملكيتهم له . إلا أن القصور الوحيد الملفت فى كتاباته
أنه لا يتحدث قط عن العلم والتقنية . أنت تقرأ كل كتاب الدپلوماسية أو مقال النيوزوييك أو غيرهما مما له علاقة
بالمستقبل فلا تجد تقريبا أى إشارة للتطور العلمى والتقنى المحتمل وقطعا لا
يدخله قط كعامل مؤثر ناهيك إن يكون الفاعل الرئيس فى رسم صورة المستقبل .
على أى حال هذا قصور وحيد وسط سيل من النبوءات البارعة لا تجعل العالم الذى
يتحدث عنه بعيدا جدا عن عالم المستقبل ، كما أنه يتحاشى فى الحقيقة الإفتاء
فى المناطق التى لا يوليها اهتماما يذكر أو قل لو شئت لا يجيدها . أما
بالنسبة لتلك الدراسات أو التقارير التى تفتقد كلية لأى لمسة من التخيل ،
فتبدو فكرة أن كل الأمور ستبقى على ما هى عليه مضحكة أحيانا . لن نتحدث عن عالم 2050 الذى لا يحتاج للعرق البشرى
أصلا لبناء اقتصاد مزدهر ، فهذه قصة أخرى ،
وسنكتفى بالحديث عن عالم 2015 الذى حاول تخيله التقرير . إن العالم الذى
يرسمه تقرير الاستخبارات والأكاديميين المذكور لا علاقة له بالمرة بعالم
2015 . فى عام 2015 سيرتفع متوسط العمر التوقعى للإنسان إلى
120 سنة وربما يطرح العلم رقم 150 أيضا . صحيح أن البشر لن يطيروا بأجنحة
أو يمتلكون حصيلة ذكاء أكبر من 2000 فى 2015 فهذه أچندة الهندسة الچينية لربع أو
نصف قرن ، لكنهم سيكونون بالتأكيد مهندسين چينيا بدرجة أو بأخرى فى بعض
البلاد أو تلك قبل حلول عام 2015 ، وسيكونون –الأغنياء منهم بالطبع– محصنين
جذريا ضد جميع الأمراض . فى 2015 ستكون التقنيات النانوية والذكاء الاصطناعى
محورا للكثير من الاستخدام اليومى للبشر .
فى 2015 ستنشأ صناعات وتندثر صناعات وتزول دول
وتنشأ دول ، بينما يكتفى التقرير بالقول أن الغذاء سيكون وفيرا والطاقة
أوفر وأنه فقط باستثناء ندرة المياه فى الشرق الأوسط لا يوجد أى شىء يمكن أن
ينغص مصير العرق البشرى وأنه سيستمتع بإنجاب 1100 مليون آخرين من هنا حتى سنة
2015 ومن ثم يصل عدده إلى 7.2 بليون سعيدا شبعانا ( للدقة يرى التقرير
المشكلة فى عدم كفاءة نظم الحكم غير الديموقراطية التى لن تكون بالمرونة الكافية
للتعامل مع الزيادة السكانية ، ويا له من كليشيه أخلاقى جميل آخر يحل كل
شىء ويجعل مسئولى الغرب ينامون مرتاحى البال ويحلمون بحل باهر فى الصباح إذا
كانت المشكلة بسيطة حقا هكذا . الكلام فى الحقيقة يطول عن موضوع السياسة
السكانية ، والموقف البليد أو فى أفضل الحالات الكلامى ، لو أخذنا مصر على سبيل المثال وقارناها بمستويات
الناتج والدخل فى العالم المتقدم ، سنجد أن مليونا أو حتى 800 ألف فقط يشتغلون بالطريقة الصحيحة سيحققون
ذات الناتج الداجن الإجمالى GDP المصرى الحالى ، بينما بقية السبعين مليونا لا فائدة على
الإطلاق من استمرارهم أصلا فى الوجود . بعبارة أخرى : إن شعبا يحفظ كل
أفراده كافة الصلوات عن ظهر قلب ، بينما عدد من يستطيعون ضبط الساعة فى
جهاز الڤيديو يحصى على الأصابع ، لهو شعب بلا حاضر ، ومن الجائز
أن بلا ماض أيضا ، لكن من شبه المؤكد أنه بلا مستقبل ! ) .
ظللنا لسنوات نكتب عن الفجوة التقنية بين بلادنا
وبين الغرب . الآن أصبحت فجوة ثقافية مستعصية ، وهذا النوع من الفجوات
لا يعالجه –كما علمتنا كتب التاريخ‑ سوى إبادة أحد الطرفين للطرف
الآخر . مثال بسيط جدا على الفجوة الثقافية التى لن تجسر قط ، أن كل
التنازلات فشلت وستفشل فى إقناع الفلسطينيين بالسلام مع إسرائيل والسبب ليس
طمعهم فى المزيد أو ضعف قيادتهم عن اتخاذ القرارات الحاسمة إنما ببساطة
أنهم لا يفكرون نفس التفكير المعتاد والمتوقع الذى يفهمه العالم الغربى ،
حيث تعتبر من البديهيات قوانين كالمصلحة وخذ وهات وأن اليوم الذى يمر بدون تنمية
هو خسارة قاتلة لسباق مميت . وفى المقابل يؤمنون فقط ويصدر هذا علنا عن
أرفع مسئوليهم بل ومثقفيهم ، بالإنجاب بأكبر عدد داخل حدود دولتهم وداخل
حدود إسرائيل حيث لا زالوا عند الاعتقاد الاقطاعى الريفى القديم أن القوة فى
العدد وأنه لا بد وسيلتهم يوما إسرائيل . بالطبع تفكير الفلسطينيين ليس
بعيدا عن تفكير مئات ملايين أخرى من البشر تملأ المحيط حولهم ( المسألة
ببساطة أن هذه تلك الشعوب الفاشلة تقنيا واقتصاديا هى السبب الحقيقى لأن سلام
الشرق الأوسط سيظل مهمة مستحيلة حتى أبد الدهر أو حتى الإبادة أيهما
أقرب ) .
لطالما قال العرب من ذوى الصوت
العالى … وبعد ، هذا ليس كلاما جديدا كليا ، وصفحة
الثقافة نفسها وأصولها كتبت فى
أوائل العقد الماضى ، كانت برمتها تتحدث عن العرب كالطور الثالث من عشيرة
خاصة جدا من البشر ضمت قبلهم فقط الهنود الحمر والأبوريچين . وخلصت إلى أنه
بعد أكثر من أربعين عاما مما يسمى بالاستقلال تبدو مهمة إعادة تأهيل شعوب العالم
الثالث للحاق بركب الحضارة ، مهمة صعبة للغاية ، فما بالك فى عالمنا
العربى حيث تبدو شبه مستحيلة . لكن بنفس القدر من التأكيد فإن هذا الموقع
لا يتبنى تحريض الغرب على إبادة
المسلمين ، إنما هو مجرد صيحة أخيرة تقول إن العرب والمسلمين لن يلحقوا قط بشعبى الصين والهند
مثلا ، الخيار صومال هو مستقبلهم الوحيد ، ولعل الإبادة هى الخيار
الأكثر رحمة بهم ! ونذهب لما هو أبعد قائلين إن الإبادة أقرب للحتمية منها
للخيار ، ذلك أننا قد اتخذنا قرار أن نسوق الغرب إليها سوقا ، إن من
خلال أن نكون قطاع طريق الحضارة من خلال تحولنا التدريجى لأمة –أو على الأقل نظم
حكم وتنظيمات– ناشز rogue خارجة
على السياق ويصعب ترويضها طبقا لأى عرف معروف ، أو من خلال الهجرة الكثيفة
التى لا رؤية لها إلا نهش ما يمكن نهشه مما أنجزه الغير وكأنه أصبح جاهزا ينتظر
منا القطاف . دع جانبا البعد السياسى للهجرة ، حيث فى أيامنا كان
الشباب يهاجر للغرب ليكون بلا دين . اليوم يهاجر ليكون أكثر تطرفا فى
تدينه !
ملحوظة : أنا شخصيا لا يعجبنى مصطلح الدول الناشز rogue states الذى يستخدمه
المسئولون والأدبيات الأميركية ، وأفضل عليه مصطلح الأمم قاطعة الطريق bandit nations . فالأول مصطلح مضلل لحد ما ، يحصر المشكلة فى أشخاص
الحكام ، وليس فى طبيعة الشعوب نفسها وفشلها الاقتصادى والثقافى
والحضارى . حتى تبزغ من هذه الشعوب قيادات حداثية ماضية العزم ، على
طريقة أتاتورك وپينوتشيت ، يجب أن تظل هى المذنب والعدو والخطر ، على الأقل لأنها
هى ‑وليست النظم ، رغم أن هذه إفراز لها فى التحليل الأخير‑
التى تفرز جماعات الإرهاب وتحتضنها وتصب فيها آمالها . وتصفية صدام وبشار لن تنهى
بالضرورة ، كما يهيأ للأميركيين ، الخطر دائم التوالد ، خاصة مع
الرؤية الغربية بإحلال نظم ’ ديموقراطية ‘ محلهم ، وبالتسامح
المفرط تجاه الهجرة والتبشير الدينى .
إذن ، هذا هو ما نراه فى السنوات الأخيرة
–ونكرر : نحن نرصد واقعا ولا نضع نظرية– من أن العالم قد استقطب بسرعة فى السنوات الخمس الأخيرة إلى دين
وعلمانية ، إلى ماضوية وحداثة ، أو ببساطة إلى : مسلمين وغير
مسلمين . تحت الفئة الثانية يندرج كل بقية العالم حيث تقاربت مفاهيمه
وأعرافه بل وأهدافه وعلى رأسها العلمانية والتفكير العملى العلمى ، والرخاء
والتطلع إلى المستقبل ومنافساته وتطوره السريع ومحاولة إنساء شعوبها ما لديها من
هويات بالية . الشىء الوحيد الذى لا تلتقى به هو الإسلام والمسلمون ممن
اختاروا سيناريو القنفد والسمك المكهرب ضد كل ما يمت لكلمات المستقبل والتحضر
بصلة . هذا تقسيم جلى فى كل يوم وكل واقعة وتقريبا فى كل
شخص ، ومن غير الصحيح أو حتى المفيد التعامى عنه بأى حجة كانت . وليس ما نراه فى مؤتمرات
الأمم المتحدة ذات الطابع الاجتماعى سوى دليل بسيط على هذا حيث تستقطب المؤتمرات
من اللحظة الأولى ما بين جبهتين واحدة عالمية علمانية والثانية إسلامية محضة .
أما عن الاستقطاب السياسى والإرهاب والحروب فحدث ولا حرج بعد ذلك ( الفئة
الأخرى التى ينظر لها كقطاع طريق الحضارة هى الدول المصدرة للعقاقير ، لكن
هذه قد تصبح فى لحظة جزءا من الحضارة نفسها إذا ما أدرك العالم الغربى –ولا شك
أنه سيدرك هذا إن عاجلا أو آجلا– عبثية منع العقاقير ، وأن هذا المنع لا
يفيد إلا المنتجين والمهربين من خلال رفع أسعار هذه السلعة ) . [ تحديث : بعد أحداث 11 سپتمبر
2001 بحوالى شهر ،
أيضا من دلائل وهن التقرير أنه لا يلقى بالا لما
يحدث فى الغرب نفسه ، ونقصد بالأخص نتائج الهجرة الكثيفة من الجنوب وتحديدا
من الإسلاميين عاليى التدين . الفتاة
المسلمة المتدينة يمكن أن تذهب للجامعة فى أوروپا وأميركا مرتدية الحجاب ، بينما
تركيا تمنع هذا ! هل يمكن أن يكون الغرب على صواب وتركيا على خطأ , وأى عواقب وخيمة تنتظر الحضارة من هذا النوع من
الهجرة ? لقد أصبح الغرب فى حالة مما يسمى Uberfremdung بالمصطلح الألمانى
الشهير
الأكثر سوءا نبرة التقرير
الدفاعية المحضة ، التى تكاد توحى بأنه نوع من التفضل أو الترف محاولة النظر
لما يحدث فى دنيا الفقراء . قد لا نبالغ إن قلنا فى الحقيقة إنها مسألة
حياة أو موت بالنسبة للحضارة . كما رأينا فإن غزو العبيد المتدينين لم
يذكرنا بشىء قدر ما ذكرنا باضمحلال وسقوط الإمپراطورية الرومانية . أيضا
هناك إغفال كامل للأچندة الإسلامية الحقيقة والتى لا يبدو أن هناك فى الغرب من
يريد مناقشتها علنا قبل فوات الأوان . إن المبادئ الأساسية لجميع الحركات
الإسلامية منذ فجر الإسلام وحتى هجمات عمر عبد الرحمن وأسامة بن لادن المسلحة فى
تسعينيات القرن العشرين على أميركا فى الداخل والخارج ، تقوم على عقيدة
محورية للغاية ترى العالم كمجرد ذميين لم يقبلوا هداية الدين الأفضل الحق ،
ومن ثم يجب إرضاخهم بالجزية والتوطين من الدرجة الثانية فى أرحم الحالات ،
وبالتقتيل فى الحالة النمطية أو بالأحرى الغائية . لقد قلنا كل ما قلنا حتى الآن
منطلقين فقط من حقائق الفقر والتخلف والعقيدة الدينية التى تكرسهما ، ولم
نتحدث عن هذه العقيدة فى حد ذاتها . إلى القلب من هذه العقيدة يقع مفهوم
بالغ الخطورة فاعل إيجابى وشرس لأبعد الحدود ، والأهم أنه لا يقبل المساومة
أو التنازلات . هذا المفهوم اسمه الجهاد . بالطبع لن تكون الهجرة ومص
دم الحضارة ماديا ، وتفكيكها روحيا ودحر مكتسباتها العلمانية ببث العقيدة
الدينية الرجعية مرة أخرى فيها ، هى نهاية المطاف ، بل فقط مجرد
البداية . ولن تقف الأمور عن حد ثورة جياع أو أسراب جراد جوال ، بل
سوف تتواصل –أو بالأحرى تتزايد‑ الهجمات المسلحة التى بدأت فى فبراير 1993
فى نيو يورك ثم شملت أهدافا أميركية أخرى فى السعودية وأفريقيا …إلخ ، ليس
لأنها مرحلة تطوير طبيعى للصراع أو انتقال لمرحلة جديدة فيه ، وليس حتى
لكونها ستراتيچية صحيحة ( فالتغلغل الصامت الحالى أنجع كثيرا ، ويمكن
للإسلاميين فى خلال عقود قليلة الوصول للسلطة بالانتخابات فى جميع البلاد
الغربية بما فيها أميركا وإسرائيل ) ، إنما ببساطة لأنها جزء من عقيدة
الجهاد أمرتهم به السماء ولا يستطيعون حياله شيئا . لن نكون مبالغين إن
قلنا إن مشاهد القنابل النووية المحمولة على ظهر مقاتل بلقانى فى قلب نيو يورك
من فيلم مثل ’ صانع السلام ‘ ، أو المهربة من العراق لداخل
أميركا فى شحنة آثار من فيلم ’ أكاذيب صادقة ‘ ، سوف تبدو كمجرد
لعب عيال أو كخيال متواضع عبيط ، أمام الأهوال التى تنتظر الحضارة فعليا من
الأچندة الإسلامية الآن ، ذلك إذا ما استمرت فى تسامحها الجاهل مع قوى
الظلام المتحشدة حاليا عبر نصف الكرة المتخلف ، بل وداخل نصف الكرة المتقدم
نفسه .
الخلاصة أن تشخيصنا لحالة العالم اليوم أنه يعيش حالة حرب عبارة عن غزو
متبادل ، الحضارة والتخلف كل منهما يريد غزو الآخر . الغزو الأول يسمى
الجلوبة والتحديث وهو خجول مستحى ومهذب ، والثانى يسمى الهجرة وموجات
الجراد ، وهو شرس وفتاك وعنيد . ويكفى أن تهزم الحضارة فى إحدى
الحربين حتى يعود العالم للعصور الوسطى أو حتى قبلها . لقد فرضت المسيحية
عصور ظلامها لعشرة قرون . الإسلام عمره الآن 14 قرنا ، وحان الوقت لأن
يقول له أحد : كفى ! إن التقاعس أمام الجياع –ناهيك عن المجاهدين‑
تحت أى مسمى هو ترف لا يمكن أن يحتمله التاريخ وسيدين هؤلاء المتقاعسين ،
والإبادة ما هى إلا إحدى الوسائل التى تبدو فاعلة ومحتومة معا . ما أردنا
قوله أن التقرير قد أجاد وصف عشوائيات الكرة العشوائيات
العربية–الإسلامية–الأفريقية واستخدم فى هذا معلومات ضافية وأوصاف قوية ،
وذهب لما هو أبعد بأن كاد يفترض أن المشوار الجهيد الطويل لمحاولات تنميتها
ودمجها فى المجتمع الجلوبى فى طريقها للفشل أو فشلت فعلا . لكنه أحجم عندما
تعلق الأمر بالفعل ، والسياق المنطقى يقول أنه عندما تفشل محاولات تطوير
وتنمية العشوائيات لا يبقى سوى حل الإزالة . وهو لم يطور النقاش بطرح أى
شىء يتعلق بالفعل سواء بالإزالة أو غيرها . بصيغة أخرى يمكن الزعم أن التقرير
لم يقترب من قضية المواجهة الثقافية بأكثر مما نراه قائما الآن بالفعل من مواجهات ، ويترك الانطباع
بأنها ليست سوى مشكلة أخرى سوف تحل كما حلت كل المشاكل حتى الآن . ونبوءته
التى تخص الصراع العربى الإسرائيلى نبوءة آنية جدا وليس بها أى حس
مستقبلى ، وهى ما يسمى بالسلام البارد . الحقيقة أن كل الاحتمالات
قائمة للمستقبل إلا ذلك السلام البارد . ربما تنشب حروب جديدة وهذا هو
الأرجح حتى اللحظة ، لكن إن حدث سلام فالمنطق يقول أنه لن يوجد وقتها ما
يمنع من تدافع العرب نحو إسرائيل ، ذلك أن أصعب شىء سيكون قد انكسر فعلا
ألا وهو الحاجز النفسى طبقا للتعبير الشهير للرئيس السادات . ربما يطرح
المنطق أنه سيتولد حول إسرائيل حزام من الناجين يمثلهم حاليا مصر والأردن ،
لكن هذا لن يحدث من تلقاء نفسه إنما من وعى عميق بأهل هذين البلدين بما تعنيه
الجلوبة من كوارث للبلهاء ، وأن مثل الشعارات الخطابية الحالية لن تؤدى إلا
إلى الموت وفى سنوات قليلة للغاية . المشكلة الأساسية أن هذين البلدين
ومعهم لبنان بل وربما كل دول الخليج وغيرها ممن يعرفون معنى كلمة تنمية آثرت أن
تبقى رهينة لضعف القرار الفلسطينى ولتطرف الريچيم السورى بدلا من البحث بشجاعة
عن مصالحها ومنفعتها الحقيقية ، وأن تعلن صراحة أنها اختارت التنمية ولفظت
الشعارات وأن الريچيم السورى وأمثاله يجب أن يعلنوا كأعداء استراتيچيين لها ولكل
الشعوب العربية ، وأنها من الآن فصاعدا لن تساند إلا من يساند
التنمية . إن مصر اختارت الشعارات ثلاثين عاما ولم تلق إلا الهزائم ثم اختارت
التنمية لكن شعبها لا يريد لها الاستمرار فيما
يبدو ، وقس ذات الوضع بدرجة أو بأخرى على الكثيرين . ما أردنا
قوله أن كل هذه كما هو واضح قضايا ثقافية وسيكولوچية وليست قضايا مصالح
مادية ، والتقرير غير جيد بالمرة عند الوصول لهذه المنطقة ، وسيجلب
أفدح الأضرار للحضارة ولنا معا !
الأبعد من هذا أننا لا نريد مجرد القول أن المشكلة
هى مجرد الشعوب العربية والإسلامية ، ولو تمت إبادتها أو إبادة ما تيقن
فشله منها ، تكون المشكلة قد انحلت ، وأصبح لدينا كوكب بلا
مشاكل . الحقيقة أن النشاط
الاقتصادى للكوكب ، هو صيرورة مستمرة من الهضم والتمثيل الغذائى ، لا
بد بالتالى وأن تفرز فضلات طوال الوقت . ومن هذا ما نراه مثلا طوال الوقت
فى أميركا نفسها من جموع من المشريدين الذيم لفظوا من وظائفهم ، وينتهى بهم
الحال موتا من صقيع الشتاء فى العادة . وإذا كان العرب والمسلمون هم فضلات
عالم اليوم ، فغدا سوف نجد الفضلات شعوبا أخرى وأخرى . لا أحد يتخيل أن بلايين السكان فى الصين والهند مثلا ، سوف
تحتاجهم كلهم التنمية ، مهما بدت لنا هذه الشعوب ناجحة ومجتهدة
اليوم . بل علينا أن نستعد دوما لما هو العكس . فتطور التقنية يلفظ
إلى البطالة بلا انقطاع بشرا وشعوب ، بدت أو تبدو لنا مطلوبة وناجحة
بالمقاييس الآنية . باختصار يجب أن تتهيأ الأجهزة الأمنية لتبعات المستقبل
الذى هو بعد‑إنسانى تأكيدا ، وتعرف
بالتالى من أين سوف تأتى التهديدات . البشر كلهم قد يصبحون تهديدا يوما ! باختصار وبصراحة ، نحن
نعتقد أن من المستحيل أن يأتى عام 2015 دون أن يبدا العالم فى طرح مفهوم الإبادة
المنظمة بنحو أو آخر على جدول مؤسساته الدولية ، وربما يبدأ هذا من خلال
فرض العقوبات فشن الحروب على الدول التى ترفض أداء التزاماتها الموقع عليها فى
اتفاقيات التجارة الحرة العالمية التى كانت فى جوهرها تقنينا لمفهوم أن الأرض
ملك لمن يستعمرها ، وذلك فى صورة جديدة دولية الإجماع لا تحتمل مماحكات
المتخلفين ضد ما أسموه قديما استعمارا ونهبا لثرواتهم ( وكأنهم كانوا
يستغلونها أو سيستغلونها أبدا ! ) . على أن كل هذا ليس فى الواقع
إلا مرحلة أولى جدا ، بمعنى أن الإبادة ستكون قسرية فى بدايتها بطبيعة
الحال ، وذلك بإنهاء وجود الشعوب المتخلفة والفاشلة المقاومة صراحة للتقدم
أو الاندماج فيه . ومن الأفكار الجذابة والرحيمة فى نفس الوقت ، أن
يتم مثلا
وحتى لا يصل العالم لخيار الإبادة المؤلم ( وهو
سيصل إليه فى جميع الأحوال فى اعتقادنا ، على الأقل بمعايير نادى روما ،
والتكلفة العالية لإعاشة كل هذا الحشد من الفقراء ، دع جانبا أن ثبت قطعيا
أن المعونات الغربية لا تحل المشكلة بل تزيدها تفاقما ، فالفقراء عندما
تأتيهم لا يستخدمونها فى رفع نوعية حيواتهم ، بل تمنحهم وهما زائفا بإمكان
مواصلة العيش ، وتترجم لشىء واحد لا غير هو فى إنجاب مزيد من
الفقراء ) ، فإن الخيار الأفضل هو تحذير كلا الطرفين مبكرا وهذا ما لم
يفعله التقرير . الطرف الأول أن لا يفرط فى مكتسباته الحضارية بأى ثمن ولو
تحت مسميات مثل حقوق الإنسان أو غيرها وأن يجيد اختيار العبيد الذين يستجلبهم
بأن لا يكرر أخطاء الحضارات السابقة ويستوعب على الأقل شيئا من دروس
الامپراطورية الرومانية أو غيرها وهو أن أدنى أدنى شرط واجب فى العبد هو أن لا
يكون متدينا ، وخطورة هذا معروفة وأفاض فيها جميع المؤرخين والفلاسفة ،
وهى ليست حتى مجرد نهش مادى لمكتسبات الحضارة بل قتل معنوى لها هدفه الضرب فى
الجذور التى جعلت منها حضارة من الأصل . وبالنسبة للطرف الثانى أى العالم المتخلف عليه أن يدرك أنه يقود الطرف الأول
لخيار حتمى واحد تجاهه لا مناص منه ، ألا وهو الإبادة . وعليه والمسألة
كذلك أن يجرى بأى ثمن عملية تطهير سريعة للذات حتى يشارك فى عجلة التقنية
والبيزنس بنفس قواعدها وبما يناسب مؤهلاته المتواضعة دونما صراخ أو خطابة ،
ويثق أنه سينال كل ما يستحقه سواء إن ارتقى بمستواه تدريجيا أو إن فشل وتمرد
وبدأ الصراخ من جديد . ما لم يحدث ذلك التحديث سريعا وبمعدلات مدهشة
( كما تفعل الصين والهند مثلا وقبلهما كثيرون ) ، لا يسعنا سوى
القول إن التخلف شر ، وهو لا ينبئ بأى ميل للاستجابة للتنمية وجهود
التحسين ، بل بالإرهاب والقرصنة والهجرة المدمرة . والشر شىء لا يعالج
بالعطف والاستصلاح ، إنما بالاستئصال . والإبادة ستصبح خيار الحياة
والموت الذى لا ربما يراه أحد اليوم لكن لن يأت عام 2015 دون أن يراه
الجميع ، ولأنه خيار حياة وموت فإننا نزعم بأننا يجب أن نعيره بعض
الاهتمام .
إن تقنين الإبادة لا بد وأن يكون
المحور ونقطة المركز فى أول إعادة كتابة منتظرة لقانون يالتا الذى بلى وعفا عليه
الزمن ، حيث عالمنا أبعد ما يكون عن عالم 1945 الذى كتب هذا القانون المسمى
أحيانا بالقانون الدولى ليعبر عن توازن القدرة Balance of Power
فيه ، والمختلف تماما عن واقع اليوم ومن ثم لم يعد يعطى
كل ذى حق حقه حاليا وأصبحت الدول الميكروسكوپية جغرافيا واقتصاديا هى المتحكمة
الأولى فى مصائر الكوكب . إن التقرير لا يرى حتى ذلك التطور المدهش فى موقف
ما يسمى العالم الثانى أو الاشتراكى سابقا . قديما كان هناك عالم أول
رأسمالى ، وعالم ثانى اشتراكى ، وكانت وظيفة العالم الثالث أن يلعب
على الحبال بينهما حتى يحصل على بعض الفتات من هنا وهناك . الآن لأن الحرب
الحقيقية بين العالم الأول والعالم الثالث ( وهذا مما لم يره
التقرير ) ، فإن العالم الثانى المتمسك بأهداب الاشتراكية هو الذى بات
يلعب على الحبال ، ولا يدهشنا بالمرة أن نرى فرنسا والصين وروسيا وسائر دول
الاتحاد السوڤييتى السابق تتسابق على بيع السلاح بل وحتى والمحطات النووية
للدول قاطعة الطريق مثل إيران والعراق وليبيا والسودان ، بمجرد أن تعلن
أميركا وبريطانيا فرض حظر عليها . إن صدام التقدم والتخلف محتوم ، وأفضل جزء فى
التقرير هو القائل بأن الجلوبة لن
تطفو بكل القوارب ، لكنه لا يحاول كثيرا تخيل ما
ستكون عليه نتائج هذا . نعم كما يحدد التقرير سيغرق العرب والأفارقة أو
المسلمون على نحو عام ، وسيتولى المتطرفون الدينيون الحكم فى كل مكان
والتقرير محق فعلا فقد فات الوقت فعلا لتدارك أى شىء والعقليات المخولة بوقف هذا
من المستحيل تعديلها سريعا . لكن السؤال الذى لم يتطرق له التقرير ترى هل ستغوص هذه القوارب إلى سكينة القاع المظلم فى
هدوء وسلام ، أم ستحاول أن تغرق معها القوارب الطافية أيضا ؟ ماذا سيفعل ركاب القوارب الناجية فى هذه الحالة إذا لم يكن من مفر
سوى خيار واحد هو قتل أصحاب القوارب الغارقة الذين يرفضون الموت فى سلام ويريدون
قتلهم هم أيضا ؟
حتى من زاوية استخباراتية بحتة كان يجب على التقرير
أن يتعمق فى أن جموع الفاشلين ستتحول لدول إرهابية ناشز وأن مثل هؤلاء سيستحيل
اقناعهم بشىء ، والسؤال العملى هو ماذا سيحدث عندما ينفذ صبر العالم
المتقدم ؟ هل سيرضخ للابتزاز إلى ما لا نهاية ونتيجته دائما ليس إزالة
الفقر بل التشجيع على إنجاب المزيد من الفقراء ، وهى النتيجة المختبرة
فعليا كما قلنا لكل دولار دفع أو يدفع كمعونات للدول المتخلفة حاليا ، أم
أنه سيبدأ بالتفكير فى طرق أخرى ؟ ببساطة ، الحل ليس فى تعليم
الفقراء ، وليس فى عدم تعليمهم أيضا ، إنما فى عدم إنجابهم من
الأصل . قديما كان استعمار الأرض يقابل بمقاومة شديدة من
السكان الأصليين وينتهى عادة بخروج المستعمر ، لكن اليوم مع تقدم تقنيات
الإبادة الكتلية لن يضطر الاستعمار للخروج بل سيلجأ لحلول أكثر جذرية وراديكالية
من أجل تحقيق هدف إعمار الكوكب . ونردد هنا قول تشيكوڤ الشهير أنه لا يستطيع
بدء مسرحية بمسدس على المنضدة وينهيها دون استخدامه ، ومن السخف تخيل أن
منجزات تقنية الدمار الكتلى الحربية رائعة الابتكار والتى صنعتها أفضل العقول
التى أنجبها القرن العشرون إطلاقا ، يمكن أن تذهب كلها سدى بهذه
البساطة .
تأكيدا سينام مديرو الاستخبارات نوما هانئا الليلة
فقد حلت كل المشاكل على أوراق التقرير ، والتقرير الآن على الإنترنيت
يقرأه الجميع وقد وصلتهم رسالة البهجة والتفاؤل كاملة وغير منقوصة . لكن كم
ساعة يمكن أن تمر قبل أن توقظهم سلسلة من الكوابيس مروعة . لكن لأن قراءة
الحاضر هى أسخف وسيلة لقراءة المستقبل لا نعتقد أن الإجابة ستتأخر كثيرا ! [ تحديث : 7 فبراير 2001 : فى نوع أقرب للاستطراد لتقرير العالم سنة 2015 الذى أعدته أجهزة الاستخبارات الأميركية
وكان عرضنا وتعليقنا عليه نواة لهذه
الصفحة ، ألقى اليوم مدير الاستخبارات بيانا أمام لجنة خاصة لمجلس
السيناتورات عنوانه التهديد العالمى 2001 —الأمن القومى فى عالم متغير .
البيان الجديد يبدو أكثر تلمسا إن لم يكن ودقة فى رسم الأخطار المستقبلية التى
تواجه العالم المتقدم من قبل والدول الفاشلة الناشز وصنيعتها الارهاب
العالمى . طبقا للفقرة الأولى من البيان مباشرة يتضح أن الغرب يتعلم بسرعة
فبدا البيان فى نظرى أقرب لتصحيح العموميات الساذجة فى ذلك التقرير ، أو
كأن مدير الاستخبارات أراد إعادة كتابته فى ضوء حادث الهجوم الخطير على المدمرة
الأميركية فى ميناء عدن . لقد بات واضحا أن دول الإنجاب غير المسئول
وإرهابييها لن يسعوا لضرب قاعدة نوراد بصواريخ عابرة للقارات إنما سيهاجمون ما
أسماه چورچ تينيت فى بيانه ’ الأهداف الأطرى ‘ . البيان يتحدث
بالتفاصيل المطولة عن كل شىء فى العالم الإسلامى بدءا من صواريخ شاهين
الپاكستانية حتى مظاهرات الطلبة ضد أميركا وإسرائيل فى شوارع القاهرة المزدحمة
بالبشر العاطلين عن الشغل . والانطباع الأساسى بالذات لدى المقارنة بذلك
التقرير البائس قبل شهرين أن الغرب بدأ ولو أوليا يضع يده على لب التحديات التى
تواجهه كعالم متحضر ، وأن الوقت سيحين قريبا بالضرورة عندما يواجهنا بمواقف
صارمة لا سيما بعد صعود اليمين للحكم فى الولايات المتحدة فإسرائيل ومن يدرى على
من الدور قريبا .
قريبا جدا وربما أسرع مما يتخيل
أحد سوف نسمع آراء من مفكرين اجتماعيين يقولون فيها أن لا أسرى فى الحرب ضد
المهاجرين بل إطلاق فورى للنار ، أو مفكرين استراتيچيين يقولون إن
الأمل معدوم فى ضم تلك الدول لمسيرة الكوكب ، فلماذا لا نعطى الإبادة
فرصة ؟ صحيح أننا لا نعرف اليوم كيف ستسير بالضبط تقنيات الإبادة أو مدى
كفاءتها فى درء خطر الإرهاب وتطهير تلك المساحات الشاسعة من الكوكب من سكانها
الأصليين العصيين على التطور ، لكننا تعلمنا من التاريخ أن القوة هى حل
ناجح دائما أبدا ، طالما هى بالقدر اللازم وليست أقل منه . لقد طال
تدليل الغرب لنا نحن العرب والمسلمين من البوسنة وكوسوڤو حتى العراق فى
أيام اليسار الكلينتونى ، لكن من الآن فصاعدا نحن أمام يمين يقوده الرباعى
بوش‑تشينى‑رامسفيلد‑رايس ، لا يؤمن بالضرورة بحق كل
الشعوب فى الحياة ، بالذات لو كان هذا على حساب الحضارة . نكتب هذا
الكلام مرة أخرى لأن كل ما نقرأه فى حياتنا السياسية والثقافية يشير لحقيقة
واحدة : نحن غير جادين فى تحاشى
الإبادة . وعذرا لأن بدأت بالفعل أفقد أهم
مقوم للكاتب وهو حسن انتقاء الكلمات ذلك أننى انتويت قول ما يلى : إن رش المبيدات سوف يبدأ قريبا ! نعم ، كل شىء يعيدنا للمربع
رقم واحد حيث بحروف ضخمة كتبت كلمة إبادة ، وبالنسبة لأممنا الفاشلة الفارق
لا يكاد يذكر بين المربع واحد والمربع مائة ، حيث كتبت ذات الكلمة بحروف
لها ذات الضخامة ، لكن بهجاء مختلف : بعد‑الإنسان !
… اقرأ نص البيان ] . اقرأ نص التقرير … هل تريد المساهمة ؟ … يمكنك ذلك
مباشرة من خلال لوحة الرسائل إضافة أو قراءة أو بالكتابة عبر البريد الإليكترونى . الجديد : 21 أكتوبر 2000 : انعقدت بالفعل
القمة العربية اليوم وجاءت أكبر مفاجآتها فى الجلسة الافتتاحية عندما اتخذ رئيس
تلك الدولة الرابعة هيئة الأساتذة
والمعلمين وراح يلقن شيوخ زعماء العرب الذين يبلغون أضعاف سنه عمرا ،
يلقنهم درسا ’ أكاديميا ‘ خارقا للبروتوكول إن لم يكن للذوق من حيث
طوله على الأقل ، فى كيف يقهرون إسرائيل . التحفظ الوحيد أن بلده لن
يشارك فى أى حروب إذ اكتشفوا فجأة أن هناك شيئا اسمه اتفاقية فصل القوات الثانية
وأنه سيحميهم من أى هجوم إسرائيلى ، والحقيقة أن هذه مفاجأة أخرى فطوال ربع
قرن كنا نفهم أن هذه الاتفاقية مؤامرة إمپريالية صهيونية هدفها حماية إسرائيل
منهم وليس العكس ( الحقيقة الأبعد أن الكلمة السائدة فى الغرب منذ سنوات أن
ريچيم الأسد أبا وابنا ريچيم هش للغاية ولا يحميه من التهاوى أو من بطش إسرائيل
سوى تشفع شخص واحد له عندهم هو الأمير عبد الله ولى عهد السعودية ! ) .
من الأرجح أن زعماء العرب كما قالت وجوه معظمهم خرجوا بنتيجة واحدة هى أن لا أمل
يرجى فى صلاح هذا البلد وأنه اتضح بأسرع من المتوقع أن الابن أكثر تطرفا من أبيه
وأنه غير المأمول تحاشى مصير الدولة الرابعة ! … تابع المزيد عن رأينا فى
سوريا كالخطر الحقيقى رقم 1 الذى يتهدد الشعوب العربية حاضرها ومستقبلها هنا وهنا
وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا ، ذلك بالترتيب
الزمنى للمداخل . [ تحديث : 1 ديسيمبر 2000 : يبدو
أن لحظة الحقيقة سوف تأتى لسوريا بأسرع مما توقع أحد ، فاليوم صدرت
صحيفة النيو يورك تايمز وبها عمود رأى توماس إل . فرييدمان أحد أشهر
كتاب الأعمدة ومن أكثرهم تأثيرا ( خاصة خارج أميركا ، ومع العلم وعكسا
مما يفهم من مشاهير كتاب الصحافة المصرية ، ومستوى معلوماتهم أنت تعلمه
جيدا ، هو كاتب تحسبه صحيفته وقراؤها على العرب ، كصديق لهم أو كمؤسس
لأسطورة صابرا وشاتيلا فى الإعلام الغربى أو كناقد عنيف للاستيطان الإسرائيلى
مثلا ) ، عبارة عن تقريع وتهديد شديدين للغاية للرئيس السورى الجديد ،
ولعبه بالنار فى مزارع شبعا ، وإصراره على مخالفة لبنان للقرار 425 ولمختلف
قرارات الأمم المتحدة بعد تنفيذ إسرائيل الكامل لها ، ويصفه بأنه ليس بأكثر
من دمية فى يد دمى أبيه ، ويذكره بأمثلة جديدة لمدى جبروت ودقة السلاح
الإسرائيلى ( وليس حتى بذلك المثال الكلاسى لإبادة سلاح الجو السورى حتى
آخر طائرة فيه دون أن يمس الطيران الإسرائيلى بطلقة واحدة فى تلك الحرب ذات
النتيجة المعبرة للغاية سنة 1982 : 79 / صفر ) ، ويحذره أنه
قد يدفع حياته ثمنا للمراهنة على شخصية باراك الطرية ، إلى آخره من كلام
مخيف هائل العنف نترك لك قراءته واستخلاص ما بين السطور منه بنفسك . … أفضل سطر : ’ إنها حرب فى الشرق الأوسط . وداعا
لسوريا ، وداعا للناسداك ، أهلا بأزمة الپترول ‘ ! … اقرأ
نص المقال ] .
4 ديسيمبر 2000 : بالطبع الدراسة
الأصلية فى صفحة الثقافة كتبت على امتداد الأعوام من 1992 حتى 1996 ومن ثم بها جزء عن يتحدث عن الحكم فى
إسرائيل كتب لدى صعود رئيس الوزراء بنيامين
نيتنياهو إلى السلطة وتوقع أن اليمين سوف يبقى طويلا
بأخذ المؤشر العام لازدياد قوة إسرائيل الاقتصادية والتقنية بمعدلات هائلة بحيث
لم تعد تلك الدولة اليسارية الصغيرة التى لا يوجد بها حزب يمينى أصلا . ما
حدث أن سقطت حكومة نيتنياهو بعد 3 سنوات ونصف لكن هذا فيما يبدو لم يكن أكثر من
كبوة عابرة إذ سقطت سريعا حكومة إيهود باراك التى جاءت بأچندة للسلام رفضها
الفلسطينيون وردوا عليها بثورة عنيفة . توقعات كاسحة ملأت الساحة فى الشهور
الأخيرة بنجاح أكيد لبنيامين نيتنياهو فى الانتخابات الجديدة وهو الذى وصفناه
أعلاه لأسباب أخرى بأنه ربما يدخل التاريخ الإسرائيلى كأعظم رئيس وزراء لها منذ
بن جوريون . لكن التساؤل الذى أصبح ملحا فى الأسابيع الأخيرة كان عن لماذا
لم يعلن نيتنياهو حتى الآن عن عودته للحلبة السياسية ويبدأ التجهيز للانتخابات
قبلها بوقت كاف . هذا التساؤل وجد أخيرا إجابته اليوم من خلال تقرير لوكالة
رويتر لا ينتمى إلى قسم العالم أو السياسة إنما إلى قسم التقنية فى
الوكالة ! يتحدث التقرير عن خريج أعلى معهدين للتقنية على وجه الأرض MIT وهارڤارد ، الذى يلقى المحاضرات عبر العالم مقابل 60 ألف
دولار للمحاضرة والذى يشتغل مستشارا لإحدى شركات التقنية الإسرائيلية بمقابل
هائل وإن لم يحدده التقرير . فى المقابل رغم أن الموقف الرسمى لنيتانياهو
حتى اللحظة هو اعتزاله السياسة ، إلا أن التقرير لم يدع مجالا للشك أن
نيتنياهو سوف يترك كل هذا وإن كان فى آخر لحطة ممكنة كى يرشح نفسه ، ويقول أن
السبب هو ما لديه من اعتقاد جارف بأنه خلق من أجل قهر اليسار بل وبأنه الوحيد
القادر على هذا ! الحقيقة أن تقرير رويتر نفسه ريما كان المنشور الأول
لحملته الإنتخابية إذ اتضح فى نفس الوقت أن مساء اليوم هو الموعد الذى قرره
نيتانياهو للعودة من أحدث جولاته التقنية المربحة فى الولايات المتحدة إلى
إسرائيل ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 9 ديسيمبر 2000 : سريعا
جاء رد إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الحالى على عودة بنيامين نيتانياهو ،
فأعلن استقالته من منصبه دون حل الكنيسيت الأمر الذى يفترض أن يؤدى لعدم قدرة
نيتانياهو على الترشح باعتبار ليس عضوا بالكنيسيت كما يشترط القانون .
الاحتمالات المطروحة حاليا هى تعديل القانون أو حل الكنيسيت لنفسه والأول هو
الأرجح . فكرة باراك هى أنه فرصة الفوز على زعيم الليكود الحالى آرييل
شارون أسهل رغم أن استطلاعات الرأى تميل للعكس وإن بفارق ضئيل . أما العرب
والفلسطينيون فكما تعلم لا حول لهم ولا قوة كما الأيتام على موائد اللئام .
والمستبعد حتى أن يعملوا على الحفاظ على باراك فى السلطة باعتباره على الأقل
الشخص الذى يحب التجادل معهم ، بينما يتبنى نيتانياهو فى المقابل نظرية
أبسط كثيرا هى أن العرب هم أصحاب المصلحة فى السلام ودعهم هم الذين يسعون
إليه . بكلمات أخرى هناك احتمالات ثلاثة : رئيس الوزراء الذى يحب
الكلام حتى آخر العمر بغض النظر عن الوصول لنتائج ، ورئيس الوزراء الآخر
الذى يدع العرب يضربون أدمغتهم فى الحائط ، وأخيرا هناك المرشح الثالث الذى
يتبنى استراتيچية مستقلة بدورها هى أن يضرب لهم رؤوسهم
بنفسه ! ] . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 14 ديسيمبر 2000 : ’ نقلة ‘ معلم هى أقل وصف ممكن فى لعبة الشطرنج
الإسرائيلية لرد بنيامين نيتانياهو اليوم على خطوة باراك بالاستقالة وحتى على
خطى مؤيديه داخل الليكود والأحزاب الأخرى . الرد يكسر كل حواجز التفكير
السياسى التقليدى بل وحتى حدود الخيال ولا يذكرنا سوى بنقلات ’ الأزرق العميق ‘ يوم هزم كاسپاروف وهى
طريقة تفكير ليست مستبعدة بالتالى على خريج الـ MIT القريب جدا من تقنيات
الذكاء الآلى . فى خطوة أذهلت الجميع سحب اليوم نيتانياهو ترشيحه لرئاسة
الوزراء ووضع شرطا لتراجعه عن قراره هو ضرورة حل الكنيسيت وإجراء انتخابات
برلمانية . جاء هذا فى وقت يفهم فيه الجميع أن نيتانياهو لا يفكر سوى فى
القتال من أجل استعادة مقعده وبدأ الكنيسيت يتخذ بالفعل الخطوات اللازمة للسماح
له بالترشيح ، وللوهلة الأولى تبدو الحكمة من وراء هذه المفاجأة هى أنه إذا
كانت رئاسة الوزراء تعنى برلمانا بدون أغلبية فهو لا يريدها . إنه تأكيدا
من القادة النوابغ ونؤمن أن فرصته فى ترك بصمته على لا على تاريخ إسرائيل
والمنطقة وحدها بل العالم كله لم تأت بعد . فهو شخص يسعى لإنجازات كبرى
تحتاج لسلطات واسعة وشبه مطلقة والأكرم له أن يبقى فى منزله أو يتجول جامعا ثروة
لأسرته . أو كما هو معلوم لا تشكل المشكلة الفلسطينية أو السورية هاجسا
يذكر من مشاغله كما كل الآخرين ، ويريد فقط ما هو أهم وأصعب وهو مواصلة
طموحه القديم بالوصول للناتج القومى لإسرائيل إلى ما يفوق الناتج الداجن
الإجمالى لكل العرب بحلول عام 2007 وهو مجرد مؤشر رمزى لمكانة راسخة لبلاده فى
مصاف القوى العظمى . رغم أن مثل هذه الحسابات فاجأت الجميع لكنها قد لا
تكون فى تحليلنا العاجل هذا هى كل شىء . فهذا تفكير بسيط نسبيا هو الآخر
ولا نعتقد أن الأزرق العميق بمن يرضى
البقاء فى بيته إذا لم يكن هناك ما لن ينجزه ، بل هو وكما يجب أن يكون عليه
معدن القادة الحقيقيين لا يمتلك الرؤية فقط بل الإصرار والوسائل الكفيلة
بتحقيقها بل وهو التحدى الحقيقى دون أى تنازلات كما يتباهى عادة الساسة ’ البارعين ‘
مفلطحى الملامح عديمى اللون والطعم والرائحة من أمثال إيهود باراك أو مرشحى
الرئاسة الأميركية أو حكام أوروپا اليساريين . الحسبة التى يمكن أن تخطر
ببال الأزرق العميق وحده دون سواه ربما
تقول أنه حتى لو لم يحل الكنيسيت وبقى هو فى بيته وجاء باراك أو شارون
للسلطة ، فإن لا شىء سوف يحل الأزمة وأن الكنيسيت سوف يحل فى جميع الأحوال
وتأتى له رئاسة الوزراء ومعها أغلبية الكنيسيت والسلطات المطلقة على طبق من فضة
إن آجلا أو عاجلا ، والأرجح عاجلا جدا ! أخيرا إليك هذا الاقتباس الدال على
قماشة الزعماء الحقة ندر أن سمعنا مثله فى النصف الثانى للقرن العشرين
كله ، ذلك هو ما قاله نيتانياهو للواشينجتون پوست فى
أوائل سنة 1998 ، مترفعا به فوق كل بلاهات فسيفساء الحياة السياسية فى
إسرائيل حيث لا يفوق عدد أعضاء مجلس الوزراء الهائل سوى عدد الأحزاب نفسها
( ! ) ، بل مترفعا بكونه قائدا فوق مبدأ المؤسسات أصلا : الائتلاف قضية لا تشغلنى ،
28 ديسيمبر 2000 : يا لغبائى غير المعهود وغير المنقوص . لم أفهم سوى اليوم فقط معنى
عبارة السلام كخيار ستراتيچى للعرب . إنها تعنى أن السلام هو الوسيلة
الجديدة لإلقاء إسرائيل فى البحر ، وأنه بالمفاوضات سوف تتحق كل أحلام عبد
الناصر التى فشل فى تحقيقها بالحرب . لقد أخرج العرب سلاحهم السرى فى
اللحظة الأخيرة : قرار 194 الذى سيسمح بإقامة دولتين واحدة فلسطينية
والأخرى فلسطينية أيضا . بات مؤكدا اليوم رفض الفلسطينيين لمبادرة السلام
الجديدة والأخيرة من الرئيس كلينتون والمقبولة ( أو المخترعة ) تقريبا
من إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل . لأول مرة يتحدث الفلسطينيون علنا بمثل
هذا الجفاء تجاه الرئيس كلينتون وكأنهم يتخيلون مثلا أن علاقة شخصية بين الأمير
بندر بن سلطان وآل بوش مع احترامنا لكليهما بالطبع ، كفيلة بإعادة رسم
خريطة العالم لصالحهم ( الأرجح هو العكس وأن يستغل آل بوش العلاقات الوطيدة
لمنع تورط دول الخليج فى القضية الفلسطينية وإبقاء التعاون عن حدود المصالح
المتبادلة الاقتصادية المحضة ) . طبعا لا يستغرب ممن رفضوا كامپ ديڤيد
1978 أن يرفضوا أى شىء اليوم وكل يوم ، وليس أكثر من غبائى سوى غباء ياسر
عرفات الذى نسى أن مجرد قبول إيهود باراك لترك عرب 1948 المتكاثرون بنسبة 7 0/0
سنويا بها ، هو كفيل بالقضاء عليها يوما . لكن كل ما نخشاه الآن أن
تكون مقالة توماس إل . فرييدمان أعلاه رغم ريادتها
فى التنبؤ بطبول الحرب الوشيكة فى الشرق الأوسط قد تجاوزها الزمن هى
نفسها ، أو على الأقل فاتتها بعض الأشياء من قبيل : أهلا بآرييل شارون ، وداعا للعرب . إن السيناريو القادم لن يكون ببساطة تكرارا لأى
سيناريو سابق مثل وداعا غزة ،
أهلا تونس . أو حتى بتكرار ذلك البلسم التقليدى
والوحيد الذى يساعد العرب بقوة دوما على نسيان ما احتل من قبل من أراضيهم كما
حدث مع الأراضى التى تم احتلالها سنة 1948 ، حيث نسوها فعلا كى يركزوا
الآلام حاليا فى الأراضى التى تم احتلالها سنة 1967 . وبالطبع نقصد بالبلسم
الذى سينسيهم هذه الأخيرة : الأراضى التى تم احتلالها سنة 2001 .
فى الجنون القادم قد تكون السيناريوهات على العكس
مرعبة لدرجة الجمال : قد يبدأ الأمر بنسف المسجد الأقصى ليلا بواسطة جماعة
يهودية متطرفة ، ولن يقبل العرب اعتذار شارون وسيعتبرونه هو المسئول ،
وليس الغطرسة الفلسطينية التى تكرر كالعلكة كلمات الثوابت الوطنية والشرعية
الدولية دونما أى تفكير فيما يمكن أن يصل إليه صبر العالم ، وسيجيشون
الجيوش على طريقتهم ، طريقة 1948 . ولأن العرب هم الشعب الوحيد بين كل
أمم الأرض الذى لا يعترف بالهزيمة قط ، فسوف تأتى إسرائيل التى عودتنا منذ
لوط وشايلوك على كل ما هو مبتكر وأصيل ، تأتى بمصطلح جديد للقاموس الكوكبى
ستشجبه أولا بقية العالم المتقدمة وغير المتقدمة ثم سرعان ما تستوعبه بل تستمرئه
وتتبناه كالعادة مع كل المخترعات اليهودية على مدى التاريخ . والمبتكر
الجديد اسمه لا أكثر ولا أقل : الإبادة . بينما يحدث كل ذلك تكون أعمدة المعبد القديم قد
بدأت تدريجيا فى البزوغ من تحت الأرض ، لتقول وداعا لشىء يانع آخر ،
الوردة التى طالما استكثر العرب وجودها فى صحرائهم القاحلة : وداعا لإسرائيل الصهيونية العلمانية
الجميلة ، وأهلا بإسرائيل اليهودية المتدينة الكئيبة . وعفوا لصراحتنا الجارحة : هذا هو الجزء السئ
من القصة ! ارجع لبداية القصة ... أعد
قراءة عمود فرييدمان ... على سبيل الذكرى اقرأ وثائق
سلام الشرق الأوسط … أو اقرأ ما كتبناه يوما فى مراجعة فيلم قائمة
شندلر فى كتاب دليل الأفلام ،
وساعتها قامت الصحافة المصرية والعربية ولم تقعدا لأننا قلنا من بين ما
قلنا ، وكله كفر وإجرام ولا أساس له من الحقيقة فى نظرهم ، إن
الصهيونية أكبر وأنجح حركة علمنة لدين فى التاريخ … اكتب رأيك هنا [ تحديث : 31 ديسيمبر 2000 : فى تصريح واضح وجرئ قال الأمير عبد الله ولى العهد السعودى أمام الجلسة الختامية لمؤتمر دول مجلس التعاون الخليجى اليوم فى
المنامة ، أنه باستثناء المسجد الأقصى فإن كل شىء قابل للتفاوض . كنا
قبل هذا نتصور أن العرب جميعهم يتهربون من اتخاذ القرارات الجريئة اللازمة
لإقرار السلام مع إسرائيل ، ويلقون بأعباء القرارات الصعبة على عاتق
القيادة الفلسطينية وحدها ، لكن بعد هذا لا يبدو الأمر أكثر من استمراء من
الفلسطينيين أنفسهم للصراع ، ومن عميق الدلالة أن رد الفعل العفوى الأولى
للقادة الفلسطينيين على مقترحات الرئيس الأميركى قبل أسبوع قد التفت لعبارة
واحدة فقط وليس 28 تحفظا كما هو الحال الآن ، ألا وهى تلك المتعلقة بإنهاء
الصراع ! كما قلنا من قبل فى صفحة الثقافة
أنه بإقرار السلام سيفقد الكثيرون أدوارهم ووظائفهم ( قلنا ’ بدءا من
رئيس سوريا حتى رئيس جريدة القدس العربى ‘ والآن لك أنت أن تتخيل من يقعون
فى المنتصف ! ) . الكلام الفلسطينى انصب فى الفترة
الأخيرة على ما يسمى بحق العودة . أو بعبارة أخرى أنه عندما وافق باراك للفلسطينيين على أراضى 1967
طالبوه بأراضى 1948 ! لذا أيضا نضطر لتكرار كلام
آخر سابق فى صفحة الثقافة أيضا عما يسمى
بالشرعية الدولية ، وتحديدا القرار
194 الذى تكلمنا عنه آنذاك كمجرد نموذج لتناقض قرارات الشرعية الدولية ، ولم نتخيل أنه سيصبح سلاحا فعليا يشهر يوما فى وجه كلينتون
أو باراك أو أى أحد . إن قرار 194 الخاص بالعودة يؤسس فى الواقع لدولتين
عربيتين فى فلسطين وليس دولة يهودية وأخرى عربية أى أنه يناقض بوضوح كل قرارات
عصبة الأمم والأمم المتحدة السابقة واللاحقة عن الصراع . إن الشرعية
الدولية ليست بالشىء الذى يمكن أن يؤخذ دوما على محمل الجد والقرار المذكور ما
هو إلا تهريج محض ( دع جانبا بالطبع أن عدد هؤلاء اللاجئين المحدود نسبيا
ربما كان يعطيه شيئا ولو ثانويا من المعقولية فى حينه ، والعقبة الوحيدة
آنذاك كانت الرفض العربى ، أما تنفيذه اليوم فهو عبث سيريالى
مطلق ) . للأسف الشديد هنا أن الجرى وراء
تلك المسماة الشرعية الدولية لا يكون أحيانا أكثر من مجرد عملية انتحار
صريحة . بالمناسبة نقول أن المشكلة اليوم لم تعد مجرد دولة يهودية وأخرى
عربية أو أن الستين ألفا أو نحوهم قد تناسلوا أو استضافوا بحيث أصبحوا أربعة أو
خمسة ملايين ، إنما ببساطة هى مشكلة أكثر قاعدية بكثير : دولة فائقة
الثراء يزيد ناتج الفرد السنوى فيها عن عشرين ألف دولار يراد إدخال ملايين من
الجياع فيها . لو أن أى شرعية دولية أقرت هذا فهذا سيكون خيالا محضا أو
ببساطة دليل أصلا على عدم شرعيتها . إن المغزى الحقيقى لتصريح الأمير عبد
الله أنه يفرق بين المقدسات المعنوية ولا شك أنه من بين من يولونها أكبر
اهتمام ، وبين ما يمكن أن تعيد النقود والشغل بناءه وتعويضه ، والفارق
شاسع بين أن تطابق بين قدسية مسجد يعتقد المسلمون فى مكانته فى حياة نبيهم نفسه
وبين أى أرض أخرى ، بمعنى آخر أن حتى للقداسة حدودا وإذا كان المسجد
الأقصى مقدسا فإن بقية الأرض مجرد خسارة مادية ] . [ تحديث : تابع بالأسفل بعد نحو 14 شهرا مبادرة جديدة للأمير
عبد الله ] . نكرر أيضا من صفحة الثقافة إن السلام العادل والدائم ليس السلام
المنبنى على قرارات صدرت من منظمة ما فى لحظة تاريخية ما، بل السلام الذى يترجم
بصدق علاقات القوة الحقيقية الآنية . هنا فقط يكون ’ عادلا ‘
زائد مرشحا بدرجة ما لأن يكون ’ دائما ‘ . جزء أساسى من دوامية
السلام بل أن يكون له محتوى أصلا هو أنه يجب أن يبدأ ’ باحتواء ‘
الريچيمات المتطرفة واحتواء هى الكلمة التى يستخدمها الدپلوماسيون عادة والمقصود
بها هو الإسقاط . بدون ذلك يكون سلاما هشا غير تقدمى بل وحتى ظالما ،
نعم ظالما وهذا تحديدا ما يجمع عليه الإسرائيليون اليوم من أن رئيس وزرائهم الغر
الذى لا يجيد التعامل مع العرب قد سار فى التنازلات أكثر مما يجب وبدون ضرورة
حقيقية وذلك لمجرد التشبث الأنانى بمقعد السلطة ( الحقيقة لا يفهم أحد فى
العالم كله كيف يفكر رئيس وزراء عديم الكفاءة لهذه الدرجة ، وخطته الوحيدة
للسلام هى أن تقدم إسرائيل كل التنازلات ولا يقدم الفلسطينيون شيئا ، كيف
يفكر فى إعادة ترشيح نفسه ؟ ! ) .
إسرائيل لم تكن مجبرة على تقديم أى شىء فى هذه
المفاوضات ، ناهيك عن دولة للفلسطينيين . نعم هذا ما تقوله اتفاقيات
أوسلو التى وقع عليها عرفات بخط يده . أوسلو لم تقل إن للفلسطينيين حقا فى
دولة . أوسلو قالت الدولة تأتى بالمفاوضات ، ولو أنك وقعت فى حياتك أى
عقد لتأجير شقة أو تأليف كتاب أو أى عقد من أى نوع ، فإنك تعرف أن العقود
لا تلزم أحدا بغير ما نص عليه فيها صراحة . لا توجد مفاوضات لا توجد
دولة . توجد مفاوضات ولا توجد موافقة إسرائيلية لا توجد دولة ، بل لا
يوجد شىء . أم سنضطر لتكرار كلام فى البديهيات : اتفاقية أوسلو واضحة وضوحا جميلا لا يقبل
اللبس : إلقاء الفلسطينيين للسلاح مرة واحدة وللأبد مقابل الحصول على حكم
ذاتى لغزة وأريحا ، ولا شىء غير هذا على وجه الإطلاق ، لا دولة ،
لا شبر واحد آخر من الأرض ، لا شىء ، فقط باستثناء حالة واحدة :
الأريحية الإسرائيلية الكاملة فى المنح سواء من تلقاء نفسها أو عبر مفاوضات بين
الطرفين . نعم ، هناك فى أوسلو حديث عن اتفاقية إطار وعن خطوط عريضة
[ ولاحقا خريطة طريق ]
… إلخ ، لكن كل هذا برمته كلام مرسل ، والالتزام القانونى الوحيد
والملزم هو فقط : غزة وأريحا مقابل إلقاء السلاح للأبد . المشكلة أن
غيرنا يعرف جيدا ما قد وقع عليه ، بينما نوقع نحن متوهمين ومفترضين أشياء
والتزامات لا وجود لها إلا فى تمنياتنا وأحلام يقظتنا ، ثم نخرج لنملأ
الدنيا زعيقا وضجيجا نطالب ’ بحقوق ‘ لا وجود لها أصلا .
اقتحام الجيش الإسرائيلى للأرض الفلسطينية حق شرعته
لهم أوسلو تحت مسمى الملاحقة الساخنة ، ومع ذلك ينشب حريق فى الإعلام
العربى كلما حدث ، ناهيك عن أن الواجب أن نشكرهم على تخليصهم لنا من
الإسلاميين ، ونعرض عليهم سداد فاتورة التكاليف المادية للعمليات
العسكرية . هذه وتلك جميعا تندرج تحت مسمى عقلية الشحاذ ( التى تحدثنا
عنها قبل سنوات فى صفحة الثقافة ) ،
حيث منطق خذ‑ثم‑طالب وليس آخذ‑و‑أعطى المتعارف
عليه . وبصدق لم يكن الفلسطينيون فى ذهننا آنذاك ، وكنا نتخيل أنهم
أكثر عملية من الجميع فى المضى قدما فى السلام ، والاستفادة من الرخاء
الاقتصادى لإسرائيل . عدا غزة
وأريحا ، كل شىء خاضع للتفاوض ، بمعنى أن الرفض الإسرائيلى
وارد ، بل هو ما يجب توقعه ، وكل الأمر أصبح عائدا فقط لتقدير إسرائيل
المحض ، أو طبعا من الناحية العملية على منطق خذ‑و‑هات ،
وليس على أية مرجعية حقوقية . وبالمناسبة أوسلو تعنى طرد خيار المقاومة
للأبد ‑يستوى فى هذا مقاومة العسكريين مع مقاومة المدنيين‑ وتسليم
السلاح بكل صوره وأشكاله سلفا ودون قيد أو شرط ، سواء أعطتنا إسرائيل كل
فلسطين أو لم تعطنا شيئا على الإطلاق . هذا ما وقع عليه عرفات وشهد عليه
زعماء بقية العالم . لكن على الأقل كان ثمة واحد من الموقعين لم
يفهمه ، أو لم يفهمه ثم فهمه بعد قليل ، أو فهمه وبيت النية على فعل
غوغائى بعد ذلك . الاتفاقية واضحة لدرجة أن فهمها السوريون
( تخيل ! ) وحاربوها بشدة . وحتى من فاته فهمها ، كان
الدكتور مصطفى خليل مهندس السلام الإسرائيلى‑المصرى لا يكف باعتباره مؤيدا
لها ، عن شرحها فى كل المقابلات التليڤزيونية التى ظهر فيها .
وكان يشرح بوضوح ما بعده وضوح ما يعنيه كل بند فيها ، فإذا بالمضيفة التليڤزيونية
يصيبها الهلع عادة وتسأله بسرعة : ’ يعنى ما فيش دولة فلسطينية يا
دكتور ؟ ‘ ، فيرد ’ أنا ما قلتش كده ، قلت فيه دولة
بالتفاوض ! ‘ . بالمثل حتى 242 نفذته . هو
يقول فى مقدمة المبادئ عدم جواز احتلال الأراضى بالقوة ، لكن فى البنود
الملزمة يقول الانسحاب من ’ أراض ‘ ، بما يضمن لإسرائيل
’ حدودا آمنة ومعترفا بها ‘ . كيف يتم هذا ، الإجابة فى
القرار نفسه : ’ التفاوض ‘ . بالتفاوض وحده سيتحدد المقصود
بكلمة ’ أراض ‘ تلك . هى حسب نص القرار تحتمل إعادة ما بين صفر
إلى 99 0/0 من الأراضى من أجل أن تكون الحدود الجديدة
’ آمنة ومعترفا بها ‘ . فى حالة مصر ، وهى حالة فريدة
للغاية ولن تتكرر ، وصلت النسبة إلى 100 0/0 ،
من ناحية بسبب الثقة الكبيرة المتبادلة بين البلدين ، زائد بعض الإجراءات
والضمانات الأمنية على الأرض . إسرائيل لم ترفض التفاوض يوما ، ومن
أراد السلام الصادق الجاد صافى النوايا ( كمصر والأردن ) منحته
إياه ، ومن أراد الحرب ( كعرفات
وحزب الله ) منحته إياها ، ومن أراد المناورة أو التفاوض حتى يوم
القيامة [ كجرذى دمشق الأب والابن ] ،
لم تمنحه شيئا ! رسميا وقانونيا طالما لم ترفض التفاوض فهى قد نفذت القرار ،
حتى لو كانت هى المتعنتة فى طلباتها وليس العرب . ورسميا وقانونيا يكون 242
قد نفذ ، ويبقى الوضع بعد ذلك على ما هو عليه : لا سلم ولا حرب ! نعم ما قاله السوريون ( بتوع
الجولان ! ) صحيح . هى اتفاقية غزة وأريحا أولا وأخيرا ، أو
فقط للدقة وأمانة التعبير عن واقع الحال نعدل هذه الصياغة الشهيرة لتصبح غزة وأريحا أولا وربما أخيرا . قبول بالاحتلال . لا مقاومة مسلحة أو غير مسلحة .
كل شىء عدا غزة وأريحا يعتمد فقط على الأريحية الإسرائيلية . هذا ما وقع
عليه عرفات التونسى على مرأى ومسمع من كل العالم ، ولا نريد فتح مناقشات
مطولة عمن لا يلتزم بالاتفاقات الموقعة ، أم هو مجرد تكرار لسيناريو لعبة
المكسب المزدوج ، بيع الأرض وقبض ثمنها ، ثم تأمل أن تأتى الجيوش
العربية لتعيدها إليهم . بصراحة أنا شخصيا يوم قرأت نص الاتفاقية فى جريدة
الأهرام فى اليوم التالى لتوقيعها ، فهمتها على أنها تسمح بعودة منظمة
التحرير من المنفى إلى غزة وأريحا فى مقابل التنازل عن أى مطالب أخرى .
وأنهم ‑أى الفلسطينيين‑ لا يريدون أكثر من هذا زائد استمرار تدفق
الشغيلة منهم على إسرائيل ، بأمل المزيد من الاندماج ‑لا
الاستقلال !‑ مستقبلا ( وفيما أذكر أيضا أن الشعب المصرى على الأقل الذى فشل على نحو ذريع فى
اختراق سوق الشغل الإسرائيلية ، كان يحسدهم بشدة على كونهم جزءا من مجتمع
نصيب الفرد فيه من الناتج الداجن الإجمالى أكثر من عشرين ألف دولار ) . وأيضا فهمت أن بقية النصوص ‑وكلها غير ملزم
بشىء‑ أضيفت لمجرد تسويق الاتفاقية عربيا ، وأن الفلسطينيين انتووا
نسيانها بعد قليل . لكن أحيانا يكون من الغباء أن تصدق كل ما يعمم فى
الصحف . وقبل وبعد كل هذا لا يجب أن ننسى أنه بمجرد التوقيع
على أوسلو لم يعد للفلسطينيين الحق فى ذكر قرارات مجلس الأمن أو غير مجلس
الأمن ، فقد طوتها صفحة الاتفاقية ، ناهيك عن أنها أصلا لم تكن قرارات
ذكر فيها اسم فلسطين أو دولة فلسطينية ، إنما فقط أراض تابعة لمصر
والأردن . وحتى بفرض أن أوسلو أوردت إشارات لبعض المرجعيات ، إلا أنها
فى المقابل قالت إن كل شىء يرجع للتفاوض ، وهذا ما تقوله أيضا القرارات الدولية
نفسها . الحقيقة الأبعد من كل هذا أن
الشىء الوحيد المدهش حقا أن لا تطالب إسرائيل بترحيل سكانها العرب الحاليين إلى
الدولة الفلسطينية الجديدة ، لا سيما وأن هذه فرصتها الأخيرة للتخلص من هذه
القنبلة السكانية الكافية فى حد ذاتها ، وبدون أى قادمين جدد ، لابتلاعها
خلال عقود قليلة ، وما كان من المفترض أن تدور حوله المفاوضات التى
اقترحتها اتفاقية أوسلو . الدولة مقابل رحيل عرب 48 لها هو بالمناسبة رأيى
الشخصى ‑كمواطن مصرى‑ منذ
قديم لتسكين مؤقت لقضية الصراع العربى الإسرائيلى ، يضع صالح الحضارة
الكوكبية فى اعتباره ، وفى نفس الوقت يعطينا نحن العرب مهلة أخيرة للانضمام
لمسيرتها . ( بالنسبة لسوريا التى فقدت
الجولان نهائيا بضم إسرائيل له فى 14 ديسيمبر 1981 بأغلبية ساحقة من بينها دروز
الكنيسيت
على أى حال لن نكرر كلاما آخر من ذات الصفحة المذكورة عن الفرص الضائعة .
فسلام إيهود باراك ( الذى من سوء حظه أنه شخصية باهتة للغاية جاءت بعد شخصية جبارة للغاية ) ليس فرصة ضائعة ذلك أنه لم يكن
ليعيش أصلا لمخالفته الصارخة لأوضاع القوة الفعلية لأطرافه ، لكن ما نكرره
أن موازين القوى كانت وستظل شيئا ديناميا ولو وقع الفلسطينيون بعد قليل سلاما مع
آرييل شارون مثلا ويعبر عن القوى الفعلية القائمة ، فهذا نفسه ليس فى حد
ذاته ضمانا مؤبدا لما نفضل نحن العرب تسميته بالحقوق . فليس هناك شىء مخلد
اسمه حقوق والأرض هى دوما ومنذ أيام البكتيريا الأولى هى ملك لمن يستعمرها ويجيد
هذا أكثر من غيره . وليس قديما جدا أن قيل إن الغرب هم الملاك الحقيقيون لبترول الشرق الأوسط ، ولم يتم تجاوز هذا إلا من خلال سلسلة من السياسات الناضجة
الحكيمة والمتطورة ’ للسكان الأصليين ‘ ممن يقع الپترول فى أراضيهم
بحيث جعلوا من أنفسهم جزءا لا يتجزأ من مسيرة الاقتصاد العالمى وقوانينه دونما
أى شعارات أو حماقات . نفس الكلام يسرى على السلام المصرى أو الأردنى أو
الفلسطينى فكل الأرض مهددة بالضياع مرة أخرى إن لم تحمها القوة . ربما تكون
القوة هى السلاح النووى وربما تكون الجلوس الوقور على نفس مائدة التقنية
المتقدمة والاقتصاد القوى ، لكنها تأكيدا ليست إلقاء الحجارة المثير للضحك
أكثر منه حتى للشفقة . للتاريخ نقول إن تصريح الأمير
عبد الله كان أقرب لحظة فى كل التاريخ العربى لإنهاء الصراع مع إسرائيل ،
ذلك أنه من الآن فصاعدا السلام مستحيل مستحيل مستحيل ( بل وليس مطلوبا حسب رأينا منذ سنوات ) ، وقد فات الأوان كليا وللأبد ولم يعد
متبقيا كحل وحيد لا بدائل له إطلاقا بعد فشل كل المحاولات لإصلاح العقلية
العربية إلا خيار واحد هو المحق والسحق أو حسب عنوان هذه الصفحة :
الإبادة ! وبالمناسبة هذه الصفحة عندما تستخدم كلمة إبادة ، لا
تستخدمها كما يستخدمها الفلسطينيون الذى يسمون قتل خمسة منهم إبادة ، وهم
ينجنبون خمسة مثلهم كل دقيقة أو دقيقتين . ما نقصده هو إبادة حقيقية لمئات
الملايين من البشر من الدول والشعوب الفاشلة ، ذلك لأنهم ببساطة باتوا
يشكلون خطرا أمنيا جسيما على حضارتنا المعاصرة . مفهوم ولا نقول
كمان ، أيها الأغبياء ! ( لا أخاطبكم أنتم . أخاطب أميركا
وإسرائيل ! ) . اكتب رأيك هنا [ تحديث آخر : 11 يناير 2001 : مسلسل حرب الشرق الأوسط دخل اليوم فى منطقة جديدة سيريالية بالكامل
وغير مفهومة ولا حتى لحاسوب عميق الزرقة . فجأة أصبح الكل جادون فى التوصل
لاتفاقات وأعلنوا أن لا يعنيهم رحيل بيلل كلينتون بعد تسعة أيام ، وكأنهم
افترضوا سلفا أن الرئيس الجديد سيخرج من حفل التنصيب للغوص فى هراء عمره عقود بلا
حل ، أو تخيلوا أن الصراع يمكن أن يحل فيما بينهم بدون نقود أميركا .
حتى لو كل ذلك ممكن هل تخيلوا أن 17 يوما ( ولا نقول 17 سنة ! )
بعد ذلك كافية لإنجاح باراك وإسقاط شارون ؟ اعتقادنا الشخصى أن مستوى كل
اللاعبين الحاليين لا يسمح لأى منهم بتخيل أى شىء على وجه الإطلاق . نأمل
أن نكون مخطئين ، لا نملك سوى متابعة هذا الفيلم السيريالى على غرار لوى
بونويل ، وكل ما نتمناه أن لا تكون نهايته سيريالية
بالمثل ! ] . [ تحديث لعبارة بلسم الأراضى المحتلة سنة 2001 : اجتاحت إسرائيل الأراضى الفلسطينية فى 29 مارس 2002 ، فيما سمى الحرب السادسة . الاجتياح
كان فعالا لحد كبير لكنه كان مؤقتا ، ومن لم يجدى كثيرا فى وقف العمليات
الانتحارية ، فقررت فى 29
يونيو من نفس السنة قررت إعادة احتلال الأراضى احتلالا دائما ، بل
وبحظر تجول دائم وبالغ القسوة ، وأحكمت هذا فى خلال الشهر التالى باستثناء
غزة مؤقتا ، فكانت النتيجة أفضل كثيرا . بالنسبة لكلمة بلسم الأراضى
المحتلة سنة 2001 ، التى بنينا عليها هذا المدخل ، ربما تحتاج لتصحيح
لتصبح أراضى 2002 ، ذلك بسبب التقاعس الشارونى وتقديم ساق وتأخير آخرى كل
تلك الشهور . على أن الفلسطينيين أعفونا من مثل هذا التصحيح ،
واختاروا بأنفسهم ما يجب قوله . العبارة التى أصبحت أثيرة لديهم
إعلاميا ، هى حدود ما قبل 28 سپتمبر 2000 . ورغم أنه لم يتم احتلال
أية أراضى فى ذلك التاريخ ، لكن يبدو وكأنهم يعرفون أن الكارثة الحقيقية
بدأت بتدشين ما يسمى انتفاضة الأقصى المباركة ! نكتب هذا فى صيف 2002 ، لنثبت
الشق الصحيح من النبوءة وهو أن نسى الجميع الأراضى المحتلة فى يونيو 1967 ،
ولم يعد هناك حديث إلا عن أراضى سپتمبر 2000 ! ] . 8 فبراير 2001 : أسوأ نتيجة فى التاريخ الإسرائيلى تلك التى
انتهت إليها الانتخابات قبل يومين . بنسبة 2 : 1 فاقت الخيال نفسه قرر
الإسرائيليون إعطاء إيهود باراك الركلة الكبرى الأخيرة فى المؤخرة باعتباره أكثر
رئيس وزراء فى تاريخ إسرائيل افتقادا للكفاءة مهرول متخاذل ولا يفهم شيئا عن السيكولوچية
العربية . الحقيقة أننا لم نكن ننتوى متابعة هذا الموضوع بهذه السرعة ونحن
نعتقد أننا تنبأنا فيه بما يكفى ويزيد على احتمال أعصاب القراء ، لكن طوفان
التحليلات من كل أرجاء العالم شىء مغر حقا بالقراءة والمتابعة والبحث عن مزيد من
الاستنتاجات . لا شك أن أهم ما كتب هو عمود ويلليام سافاير فى
النيو يورك تايمز اليوم ذلك أنه الشخص الذى حرص آرييل شارون على الاتصال به من
سيارته فور إعلان فوزه مباشرة . والمقال يستحق القراءة تماما ، فهو لا
يتحدث كثيرا عن قضية السلام المملة للقارئ الأميركى والعالمى . فالأهم بما
لا يقارن فى مكالمة شارون أنه يتحدث أكثر عن خططه من أجل تحرير الاقتصاد وخفض
الضرائب ، مبرهنا من جديد على أن الاقتصاد هو أهم الأشياء إطلاقا فى الفكر
الإسرائيلى وليس الأمن والسلام كما يحلو لنا دائما توهم وجود أهمية زائدة
لأنفسنا فى حساباتهم . اقرأ
مقال ويلليام سافاير . المقال الأكثر إثارة جاء من النيو يورك تايمز أيضا
وفى نفس العدد بل ولكاتب مخضرم آخر وإن ليس بذات اليمينية ( بل وصديق صريح
للعرب ) ، هو توماس إل . فرييدمان . يخلص فرييدمان إلى أن
الإسرائيليين لم يختروا شارون كى يصبح ديجولا آخرا ، ذلك أنهم يعلمون أن
ياسر عرفات إذا أعطيته الجزائر سيطالب أيضا ببوردو ونيس ومارسيلليا ، ولم
يختاروه كى يكون نيكسونا آخرا فليس لدى الفلسطينيين ماو آخر إنما فقط عرفات غير
الذكى ، إنهم ببساطة اختاروه كى يكون پاتون . كلام جميل لكن فقط لا
ندرى مدى صحة هذه الأخيرة بالذات ، فالأرجح منها طبقا لأرجحية الإبادة التى
تحدثنا عنها سابقا أنهم لم ينتخبوا الخيار پاتون
إنما الخيار كاستر ! اقرأ مقال توماس إل . فرييدمان . المهم الآن أن آرييل شارون قد أصبح حقيقة واقعة وأن
الولولة العربية على اللبن المسكوب قد بدأت بالفعل ، لكن دون أن يلوم أحد
المتكلمين ذاته على أن ما حدث هو نتيجة حساباته الخاطئة هو نفسه . وما يمكن
قوله اليوم أن أفضل السيناريوهات إطلاقا أن لا يحدث أى شىء إطلاقا ، أى ان
نعود لحقبة الجمود التام من أيام نيتانياهو . هذا بالفعل أفضل شىء
للجميع : أولا شارون لا يريد إبادة العرب إلا لو طلبوا هم منه هذا وأسعد
شىء عنده أن يتجاهلوه . ثانيا الفلسطينيون هذه فرصتهم الوحيدة لأن لا
يخسروا المزيد فالمعروض اليوم من الأرض صحيح أنه لم يعد الـ 95 0/0
الباراكية المباركة لكنه على الأقل الـ 42 0/0
الحالية . وثالثا أميركا تلك التى قررت رسميا وبكل طرق التأكيد الممكنة
أنها نفضت يدها من الأمر واعتبرته شأنا داخليا بين العرب وشارون . رسميا
أعلن كولين پاول سكرتير الدولة الأميركى شطب كلمة سلام الشرق الأوسط من قاموس
الحكومة الأميركية الجديدة وإحلالها بكلمة الأمن الإقليمى والمقصود به تحديدا
المدد الپترولى أو بتحديد أكثر سحق الخطر العراقى ، وأول ترجمة عملية لهذا
هى إلغائه لوظيفة الموفد الأميركى للشرق الأوسط والتى ظل يشغلها السفير دينيس
روس خلال الولاية الديموقراطية . كذا أكدت أميركا أن كل ما يهمها فى تلك
القضية ’ الثانوية ‘ هو أمن إسرائيل باعتباره جزءا من أمن المنطقة
المذكور ، ذلك تحديدا طبقا للمكالمة المبتهجة جدا التى سارع فيها چورچ
دبليو . بوش لتهنئة رئيس الوزراء الجديد ( وكيف لا تكون مبتهجة فهى
جعلت رئيسا بلا كاريزما بل يمينيا بالكاد يحلم أنه سيكون بداية لتحول العالم
الغربى كله لليمين ، وشارون ليس إلا أول الغيث ! ) . أيضا
لم تنس أميركا أن تجعل من الواضح تماما للفلسطينيين أنها لن تسمح لعرفات بأن
يكرر صفعته المهينة لكلينتون إلى الرئيس الجديد ، وأنك إذا طلبت توسط دولة
عظمى كأميركا فعليك أن تقبل سلفا بحكمها وإلا فعليك أن تحل مشاكلك بنفسك . لكن يظل هذا السيناريو ليس الأفضل من منظور الجهاد
والحماس وحتى البعض فى منظمة فتح نفسها ، ويكفى انفجار قنبلة واحد كى يتبخر
هذا السيناريو للأبد ، فالمتغير هنا أن الطرف الآخر ليس بحال باراك
الرعديد . هنا ستصبح الـ 42 0/0 جزءا من
التاريخ ، وفى أفضل سيناريو تالى سوف تشحن السفن عرفات ورجاله إلى جهة غير
معلومة . بعد هذا ستصبح أوراق اللعبة فى يد بقية البلاد العربية وبقدر
تشنجها بقدر ما سيحل بها من كوارث . للمرة المليون وضد كل ما يقال حاليا عن
خطط عبقرية للحشد الدپلوماسى ، فإن ما لم نستوعبه حتى اليوم أن العالم
يحترم بل ويعجب بالقوة أكثر من أى شىء آخر ، ذلك أننا كما نقول مرارا أن
القوة هى الحق والعدل لأنها ترجمة لاجتهاد الناس ، وليس لشرهم كما يحلو لنا
دائما طمأنة الذات بأن مكاننا الجنة ونعم العاقبة . [ آخر تعقيب فكاهى
سمعته جاء من محلل مصرى كهل كل ما نريد قوله من جديد إنه فى كل سيناريوهات
الكوارث كان وسيكون العرب هم القوة الفاعلة ( هذه فى الواقع هى فرصتهم
الوحيدة لأن يكونوا فاعلين ) ، وصدقونى أن شارون يملك من القدرة
الكثير لإقناع الإعلام العالمى أنه لا يقدم إلا على ردود أفعال . ولو قرأتم
تاريخ 1967 أو بالأحرى تاريخ كل طلقة إسرائيلية من تونس إلى بيروت إلى بجداد
لتعلمتم أن هذه حقيقة صحيحة دائما أبدا ، وإن لا تنفى بالطبع أن رد الفعل
يمكن أن يساوى الفعل طبقا لقانون نيوتون ، ويمكن أن يكون مليون ضعف طبقا
لقانون إسرائيل . إلى اللقاء بعد سطور قليلة للأسفل مع تحليل جديد لا نعرف
عم سوف يدور بالضبط لكن نعرف فقط أنه سيكون أكثر تشاؤما ! قبل هذا نود فقط القول أن شارون قد يستمر فى الحكم فترة أطول مما نتوقع جميعا . فهذا الرجل ضرورة تاريخية ، وإذا أثبت كفاءته فلن يتركه
الإسرائيليون يرحل حتى ينهى للأبد قدرة العرب على أن يكونوا منغصا
لإسرائيل . ساعتها فقط سيأتى الدور التاريخى المؤجل للأزرق العميق بنيامين نيتانياهو . آنذاك سوف تكون طموحاته شيئا
مختلفا بالمرة ، أقله نقل مركز الثقل التقنى للعالم من الطرف الكاليفورنى
البعيد إلى المركز الإسرائيلى كسالف التاريخ ! اكتب رأيك هنا
13 فبراير 2001 : عفوا سيدى رئيس
الوزراء الإسرائيلى الجديد إن كانت السطور السابقة مباشرة لم تقدرك حق
قدرك . عفوا لأن تخيلتك كما كثيرين غيرى مجرد الپلدوزر المرحلى الذى جاء لسحق
التعنت العربى مرة واحدة وإلى الأبد ثم يرحل تاركا مسائل التقدم والحضارة
ومستقبل البشرية للدور القدرى المؤجل للأزرق العميق بنيامين
نيتانياهو . لقد قرأت اليوم كلاما
مذهلا نقلا عنك ينم عن عقلية استراتيچية نادرة بمعنى الكلمة افتقدها العالم
طويلا . إنك تقول مثلا إن لا العراق ولا إيران مشكلة إن تم تحجيم
روسيا . هذا كلام يدخل لصميم الخريطة الاستراتيچية للمستقبل ، وليس
عجبيا جدا عندى أن ما فتئ العرب يتحدثون عن انتفاضة الحجارة حتى تحين
ساعتهم ، لقد أدركت اليوم فقط أنك قد تبيد الفلسطينيين دون أن يجد الخبر
مكانا له فى الصفحات الأولى . وأنا بشخصى المتواضع أعاهدك أنى لن أتحدث عن
هذه القضية التافهة مرة أخرى طالما أوجدت لى كلاما أكثر إثارة للحديث فيه .
مبدئيا كلى أمل الآن أن هناك على وجه الأرض اليوم أناس فى نيتهم أن يمسكوا قلما
ويرسمون خريطة جديدة للعالم تناسب ما طرا عليه من متغيرات . هذا شىء لم
يحدث منذ أمسك بذلك القلم ريتشارد نيكسون وهنرى كيسينجر . اليوم لدينا
ثنائى جديد : كوندولييززا رايس وأنت . إنك أرسلت ثلاثا من كبار
مساعديك الدفاعيين لواشينجتون لمناقشة عظائم الأمور ولن أندهش بعد ما قرأته
اليوم إن وجدت تناغما هائلا بين ما تقوله وبين ساكنى البيت الأبيض الجدد
( دعك بالطبع من كولين پاول فهو مثل عمرو موسى فى مصر دپلوماسى لا وظيفة له
إلا إصدار التصريحات المتخبطة ) . يقال أنكم سوف تتحدثون عن دور
إسرائيلى فى منظومة الدفاع الصاروخى الجديدة وعن اندماج بين منظومة صواريخ أرو
الإسرائيلية وإيچيس الأميركية
إذا أضفنا الموقف الصارم المتوقع من الولاية
الأميركية الجديدة من الصين ، فسنقول أنكم تبنون نحو نوع من الاحتواء
المزدوج لروسيا والصين ( أنا شخصيا أتمنى لو أضفتم فرنسا أيضا لدورها
المخرب ، تماما كزميلتيها الكبيرتين فى معسكر اليسار العالمى فى دعم
الفقراء الارهابيين ، بل الأسوا أنها أقرب لطابور خامس فى معسكر
الحضارة ، يطعنها فى ظهرها بولائه للمتخلفين خارجها ) ، لكن
بصراحة لا أجد أمامى حتى اللحظة مجالات كبيرة للتفاؤل . أولا ليس من مصلحة
أحد إضعاف أحد . بمعنى أن الصرامة فى سياسة ارسم خطا الكيسينچرية لا تهدف
بالمرة لا لاضعاف روسيا ولا غيرها ولا حتى لفصلها فى معسكر متبلور عدو بعد ذلك
الخط الفاصل . إنها تعنى الضغط المتواصل والصارم من أجل أن تتخذ تلك الدول
سياسات أكثر يمينية وتكف عن اللعب بالنار من خلال دعم الدول الفقيرة
الناشز . هذا هو الهدف ، أما التصعيد نحو قطيعة ضدها فلن يكون أمرا
مجديا بالمرة فهى ليست طبعا العراق أو إيران أو ليبيا أو أشياء من هذا
النوع . ما أود استعادته هنا هو ذلك النجاح المظفر للثنائى العظيم نيكسون–كيسينجر
فى ترويض الصين فى وقت كان ينظر لها العالم كله أنها أشد تطرفا من الاتحاد السوڤيتى
نفسه وتصرفاتها أبعد تماما من أن يسهل التنبؤ بها . إنها سياسة الجزرة
والعصا . نعم نريد أن يرى العالم منكم أنتم والأميركان والبريطانيين وكل
قوى التقدم العين الحمراء ، وأن لا تتراخوا فى هذا أبدا لكن بشرط واحد هو
أن تكون لديكم الرؤية الحقيقية لخريطة جديدة للعالم على المجرى البعيد ،
وليس مجرد إثارة حنق الأعداء هنا وهناك . أعتقد أن التحديات ستكون غير
مسبوقة ، واسمح لى أن الكلام عن الصواريخ مثلا يثير السخرية بحق سواء داخل
أميركا أو خارجها ، فالقنبلة الإيرانية لن تطال تل أبيب بصاروخ .
وربما أنصح بحل يبدو ساذجا لكن لا بأس به كبداية فرضتها اهتماماتى
السينمائية ، وهو مشاهدة بعض من الأفلام الهوليوودية التى تنقل فيها
القنابل النووية لقلب نيو يورك داخل قطعة آثار عراقية أو على فى حقيبة على ظهر
دپلوماسى بلقانى . لا نريد أن يمر وقت طويل وخسائر أفدح قبل تفكيك منظومة
الإرهاب العالمى وانقاذ الحضارة . ربما لا أحد بعد يعرف كيف ، لكن
ماذا لو كانت روسيا هى المحقة فى إثنائكم أنتم وأميركا عن برامج الصواريخ
المرفهة . الشق المتفائل فى كلامى أن وجدت أخيرا من تنبه لمشكلة العالم
الذى سيصبح قريبا رهينة فى يد قوى التخلف والإنجاب النشط للأفواه الجائعة ،
الشق المتشائم أنى لم أسمع شيئا تفصيليا عن كيف سيتم هذا ! الديموقراطيون كانوا يحددون الشروط ولا
يضغطون . الآن الجمهوريون يضغطون ولا يحددون الشروط أو يضعون شروطا تعجيزية
أو مهينة بالذات بالنسبة لدول فى حجم روسيا أو الصين . الفجوة هنا أنك
عندما تعامل روسيا أو الصين أو يوجوسلاڤيا أو حتى مصر ، لا يصح أن لا
تكون هناك ضغوط فببساطة لن يأبه لك أحد . لكن فى المقابل لا يصح أن تسعى
لتسليح استفزازى لتايوان غير ماس الحاجة بل وغير مجد عندما يجد الجد ، أو
تسعى لعزلة شاملة لروسيا . إنها مطالب غير معقولة ودعوة سافرة
للمواجهة ، وهى مواجهة إجبارية بحكم أنك لا تقدم الجزرة المناسبة لتفادى
هذا ، بل ربما لا تمتلك أصلا أى جزرات . نعم فى السياسة مطلوب عدم
التهاون أو الرحمة لكن المطلوب بنفس القدر الذكاء أيضا . المطالب يجب أن
تكون محددة جيدة الصياغة ومدروسة والأهم من كل شىء أن تكون ممكنة . إن توقف
روسيا عن بيع السلاح لإيران ممكن بشرط أن يوضع فى صيغة تعويضية مناسبة ،
لكن ما نراه هو مطالب أكثر من هذا بكثير كإجبارها على قبول منظومة صواريخ لا
معنى لها . بالمثل من الممكن توسيع حلف الأطلنطى حتى حدودها لكن فى سياق
عملية متواصلة لضمها نفسها للمعسكر الغربى ، وهكذا . أيضا بالنسبة
للمطالب التى توجه للدول أيا ما كانت هناك مطلب يجب أن يصبح مطلب الأبدا أبدا ،
ألا وهو الكلام عن الديموقراطية وحقوق الإنسان . إن التاريخ يقول لنا إن
أميركا هى آخر من يعلم كيف يجب أن تحكم الشعوب المتخلفة ، وإنها كانت السبب
باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان فى وصول الخمينى وطالبان وغيرهما للسلطة .
يمكن فقط وفى حالات مدروسة بعناية تبنى الدفاع عن بعض الأفراد أو الجماعات إذا
ما كان جليا أن ولاءها وطيد للحضارة والتقدم وليس لمجرد أنها تعارض نظام حكم
بلدها ، فالغالب الأعم أن المعارضة فى العالم الثالث مؤسسة على مقاومة
التحديث والانفتاح على العالم وليس العكس . إن الحضارة فى خطر حقيقى اليوم ومن الخطر أن يترك كل من هب
ودب ليتلاعب بها ، لكن من الخطر الأكبر أن لا تكون هى نفسها تعرف ما
تريد . سيدى رئيس الوزراء : لقد علمتنا السنوات العشر
الأخيرة أن السياسة الخارجية
الأميركية تصبح نابهة وحصيفة عندما ترسم فى معاهد تل أبيب الجادة ( هذه الدراسة العلنية المجانية ومن الإنترنيت نفسها ،
ليست سوى مجرد مثال ) ، وتصبح حمقاء ومتخايلة عندما يرسمها الشباب ذوى
البذلات زائدة التأنق فى أروقة البيت الأبيض . واليوم يلوح أننا على أعتاب
عصر جديد يقوده المحنكون أصحاب الرؤى البعيدة لا أصحاب الوجوه التليڤزيونية .
ولا شك أن المستقبل سيكون مثيرا على الأقل بالمقارنة بالعصر الكلينتونى اللميع
الناعم . ومرة أخرى أكرر اعتذارى لمستر پلدوزر الذى ثبت أنه
لا يمارس سحق الأشياء إلا على سبيل الهواية وبعد أوقات الشغل الرسمية ! اكتب رأيك هنا [ تحديث :
21 مارس 2001 : أتم اليوم رئيس
الوزراء الإسرائيلى آرييل شارون زيارته الأولى لواشينجتون . حفلت الصحف
بالحديث عن الأجواء الودية للقاء شارون مع الرئيس بوش والتفاهم المطلق معه ومع
مساعديه . لم تطرح قضايا السلام التى يفترض أن أميركا قررت أن لا تتدخل
فيها وأن تفوض إسرائيل فى حلها . كالمتوقع كان جوهر المباحثات هو الشراكة
الأميركية الإسرائيلية فى المشروعات الدفاعية العملاقة كبرامج الصواريخ الاستراتيچية
وغيرها . الملحوظة التى نهديها لمن يهمه الأمر ولا يزال يفكر بعقلية 1967
وأن إسرائيل مجرد تابع لأميركا ، أن هذه الزيارة لم تشهد أى طلب من أى نوع
لشراء أو منح إسرائيل لأسلحة أميركية أيا ما كانت ( الواقع العكس هو ما حدث
وطلبت أميركا تعاون إسرائيل معها فى إنشاء نظام دفاع صاروخى إقليمى
للمنطقة ! ) . كل حرب وأنتم بخير وتستمتعون بمفاجأت لم تكن فى
الحسبان ! ] . [ تصحيح بتاريخ 11 مايو 2001 : المطلوب
من إسرائيل ليس نظام دفاع صاروخى للمنطقة أو أى شىء إلا نظام الدفاع الصاروخى الكوكبى
الرهيب عينه الذى أثار كل الجدل منذ أيام حملة چورچ بوش الانتخابية . هذا
ما اتضح اليوم فى زيارة نائب سكرتير الولة لتركيا الذى أطلعها أن مشروع الدرع
الصاروخى سيكون مقره الأراضى التركية التى ستطال إيران وسوريا والقوقاز ،
وأنه سينفذ بتقنيات أميركية إسرائيلية ] . اكتب رأيك هنا [ تحديث آخر : 31 مارس 2001 : ألقت السلطات اليوجوسلاڤية اليوم القبض على الرئيس السابق
سلوبودان ميلوسوڤيتش استجابة لإنذار غايته اليوم من الحكومة الأميركية
بقطع المعونات عنها . إذا أضفنا قبل أسابيع الإنذار المشابه للحكومة
اللبنانية بكبح جماعة حزب الله الإرهابية وإلا توقفت الاستثمارات الأميركية فى
لبنان ، الأمر الذى أدى لمواجهة علنية صارمة من رئيس الوزراء رفيق الحريرى
لمحاولات تلك الجماعة اللعب بالنار على الحدود الإسرائيلية انتهت برضوخها على
نحو مهين لا يتناسب مع جعجعتها الإعلامية التقليدية ، نجد أننا أمام
نموذجين ناجحين لسياسة الجزرة والعصا : التلويح بأقصى عقوبة تملكها اليد
بحسم ودفعة واحدة يعنى أن الجزرة ستكون ضخمة فى حالة تفادى هذا ، فى مقابل
مطالب ’ معقولة ‘ وثمن يمكن دفعه أى عصا غير مؤلمة جدا . عندما
تكون حياتك نفسها هى الجزرة فإن هذا النوع من العروض لا يمكن رفضه عادة
( حقوق ملكية هذا المصطلح ترجع لفيلم الأب الروحى لو تذكر ! ) .
ونعتقد أنه لو استمر هذا الأسلوب فإنه يمكن أن يسهم فى إدماج الكثير من الدول
الصغيرة التى تراودها فكرة المراوغة واللعب على الحبال ، إدماجها فى مسيرة
الحضارة . ليس المهم التناسب بين العصا والجزرة ، بل ربما يكون عدم
التناسب مفيدا فى تشجيع الطرف الآخر على اتخاذ القرار . المشكلة تكمن فى التعامل
مع الدول الأكبر ، وأن الكرامة لم تؤخذ بالاعتبار ، والتناسب مقلوب
بين الجزرة والعصا ، والمطالب أكبر مما يجب ، هذا إن لم تكن غير
مدروسة من الأصل ! ما نراه حتى اللحظة أن السياسة الأميركية تجاه الصين
وروسيا تنبئ بنتائج مهينة لأميركا أكثر منه العكس ] . اكتب رأيك هنا 16
فبراير 2001 : أعلن اليوم الرئيس حسنى مبارك عن نيته إبعاد الوزير عمرو
موسى عن حقيبة الخارجية وتكليفه أمينا عاما للجامعة العربية . صحيح أن الكل
يعلم أن السياسة الخارجية لمصر ترسم هناك فى قصر الرئاسة وأن عمرو موسى لم يكن
يوما سوى متحدثا بلسانه الشخصى ، لكن ما من شك أن الوقت لم يعد يحتمل مزيدا
من التهييج الجماهيرى وإلغاء العقل . والأهم أنه لم يعد يحتمل تصريحا شاردا
هنا أو هناك ، فالحرب القادمة لن تحدث إلا بسبب تصريح أهوج أو بسبب شخص
ينسى حقيقة ضعفه ويرفض ابتلاع الإهانة فيذهب بكل مصير الشعب سدى . خطوة طال
انتظارها لكن لا تزال أبعد من أن تحررنا من أن نكون رهينة للتطرف ككل وتحديدا
التطرف القومجى الذى تقوده سوريا والأرجح فى ظل الرضوخ العربى الشامل والمهين
لابتزازاته أنه سيفلح فى جرنا إلى مصائر مخيفة . لا يزال رأينا منذ 1979 أن
سوريا هى الخطر الحقيقى الذى يهدد تقدم الأمة العربية ،
وليس حتى العراق وقطعا ليس إسرائيل ، وهى التى يجب أن تشن الحرب
ضدها ، لكن للأسف ليس بيدنا إلا أن ننتظر ونرى عواقب تطرفها ، أو
بالأحرى ننتظر ولا يمهلنا الوقت كى نرى ! أخيرا ربما لا يكون القرار سيئا
جيدا من وجهة نظر السيد عمرو موسى فوظيفته الجديدة سوف تسمح له تأكيدا بالممارسة
المطلقة وبلا قيود لهواية التصريحات حتى آخر مدى كان يمكن أن يحلم به ! فقط
من الآن فصاعدا هو الرجل المناسب فى المكان المناسب . اكتب رأيك هنا 26 فبراير 2001 : أعلنت اليوم حركة طالبان الإسلامية الأفجانية
عن بدء تدمير الآثار البوذية فى البلاد ، علم أن من بينها تمثلان فريدان
هائلا الحجم فى منطقة باميان هما الأكبر فى العالم ، وذلك طبعا باعتبارها
أصناما . الخبر غير مستغرب على أناس يتلقون أوامرهم رأسا من إله السموات
والأرض وليس من أى أحد آخر ، لكن المشكلة أن يقف العالم لا يملك بيده
شيئا . الحل الوحيد الذى لم يبرح تفكيرى هو القنبلة النيوترونية ذلك
الاختراع الجميل الذى يحافظ على كل شىء فى الكوكب إلا الكائنات الضارة .
ماذا ننتظر ، هل توجد مناسبة أخرى أفضل لتدشين استخدام هذه القنبلة نطيفة
الروعة ، أو هل من وقت أفضل لتوصيل الرسالة التى تأخرت طويلا للشعوب القذرة
الهشة المتخلفة والتى تتصرف بتبجح مذهل طوال الوقت ضد المسيرة الحضارية
للكوكب . لو لديك حل آخر عاجلنا به فالأمر عاجل وخطير ولا يتعلق ببوذا أو
أبى الهول وأبى سنبل فقط بل بكل ذاكرة العالم القديم تقريبا ! هذا هو عنوان
البريد الإليكترونى للموقع ... اكتب رأيك هنا 22
مارس 2001 : هل تعلمون ما هو المطلب رقم 1 للمتمردين الألبان فى
ماسيدونيا ؟ إنه ليس إنشاء مسجد أو تدريس القرآن فى المدارس أو منحهم عددا
من المناصب القيادية أو قناة تليڤزيونية . إنه إجراء تعداد للسكان
( ! ) ، ذلك أنه طبعا ما عدا هذا سوف يأتى فيما بعد ومن تلقاء
نفسه . هذا يبين بوضوح طبيعة المشكلة التى تواجهها الحضارة اليوم فى
تعاملها المضطرب مع المسألة الإسلامية . ومفارقة مذهلة أن يفكر حلف
الأطلنطى فى هذه اللحظة فى ضرب نفس الذين قاتل من أجلهم قبل شهور قليلة .
واللوم بالتخبط لا يقع فقط على اليسار أو على رموزه المتخايلة مثل ماديلين
أولبرايت أو غيرها ، بل يطال الجميع . مثلا أسامة بن لادن هو صنيعة
أحد أعظم الصقور جميعا رونالد ريجان . وآخر الأعاجيب أن تضغط حكومة بوش على
روسيا كى لا تبيع الأسلحة لإيران الإسلامية المتطرفة ، لكن خمن ما هى أول
وسيلة لجأت إليها : دعوة زعماء الإرهاب الإسلامى فى الشيشان لزيارة
واشينجتون !
التناقض الجوهرى الأول هو الموقف
من الدين –ونقصد أى دين وليس الإسلام فقط وإن كان
هو الناشط الأكبر هذه الأيام ، إن لم يكن الدين الوحيد المتبقى على قيد
الحياة . ونقصد بالتحديد تصنيف الدين على أنه قوة رجعية لا يمكن تحت أى ظرف
من الظروف أن تتحالف الحضارة معها بأى منطق مرحلى أو تكتيكى أو أيا ما
كان . إن الدرس الأول للتاريخ
البشرى هو أن الدين أى دين هو -بحكم طبيعته- العدو الأول والأشرس للحضارة أى
حضارة ، وأچندته الخفية والغائية هى القضاء عليها وإحلال شفرته الخرافية
محلها ، ويخطئ –وما أكثر من يرتكبون هذا الخطأ لا
سيما فى مدينة واشينجتون– من يتصور أنه يخضع لنفس منطق خذ وهات أو منطق اللعب
السياسى والتفاوض والتحالف ...إلخ ، أو يجهل أنه لا يعرف سوى مرجعية واحدة
يتلقى منها الأوامر وأن هذه المرجعية ليست على أرض هذا الكوكب أصلا . التناقض الجوهرى الثانى هو مشكلة
الإنجاب ، وموقف الديموقراطية المأخوذ والمذهول
والعاجز منها . العرق الأبيض يتناقص ، العرق الأصفر شبه مجمد ،
العرق اللاتينى الكاثوليكى يتكاثر بدرجة معتدلة ، إما العرق الإسلامى فهو
الوحيد الذى يتكاثر على نحو فاحش . ولا أحد يرى النواتج ككتل لحم فقيرة
مقززة بل إنه طالما ولد فهو إنسان له كل الحقوق والمزايا كالذين لا يتناسلون إلا
فى أضيق الحدود ( يستوى فى تلك النظرة بيلل كلينتون مع إرهابيى ماسيدونيا الجوالين
من أفجانستان فالبوسنة والشيشان وكوسوڤو حتى حطوا أخيرا بأسلحتهم فى قلب
دولة من أشد الأمم طيبة ومسالمة ) . الستراتيچية الإسلامية بسيطة
وثابتة ، وما يقولونه اليوم فى ماسيدجونيا ليس إلا تجليا متواضعا
لها : التكاثر‑ثم‑الهجرة والهجرة‑ثم التكاثر . ما
يتلوهما بعد ذلك يتراوح ما بين حمل السلاح ( ماسيدونيا ليست الأولى ولن
تكون الأخيرة ) ، وما بين الدعوة الدينية . والأخيرة هذه تتراوح
بدورها ما بين إقناع نزلاء سجون هارلم بالارتداد للإسلام أفواجا ، وما بين
محاولة إقناع الأمير تشارلز نفسه بذات الشىء . والجهود على كل الأصعدة لا
تكل ولا تهدأ أبدا كما تعلم ! مرة أخرى نحن فى انتظار حل مبتكر ، وعادة
عندما نسمع كلمة مبتكر نتطلع تلقائيا إلى اليهود . ولحسن الحظ أن لديهم ذات
المشكلة على نحو متفاقم . عرب إسرائيل والمناطق الفلسطينية هم أصحاب أعلى نسبة تكاثر على وجه البسيطة 7 0/0 وهى نسبة لم يعرفها العرق البشرى فى كل
تاريخه وتعرفها فقط بعض الحيوانات الأخرى . فى داخل إسرائيل وصلت نسبة
السكان العرب إلى 20 0/0 ولو استمر الحال على ما هو عليه
فلن تمر عقود قليلة حتى يصبح اليهود أقلية فى إسرائيل . العرب يملأون
الدنيا صراخا عما يتعرضون له من تمييز داخل إسرائيل ولا يعرفون أنهم لو وضعوا فى
أى مجتمع ’ ديموقراطى ‘ آخر فربما لا تكتب لهم أصلا فرصة للعثور على
بقايا طعام فى صناديق القمامة . إن نصيبهم من الثروة لا يزيد عن نصف بالمئة
وهو الشىء الوحيد الذى فى تراجع مستمر فى مؤشراتهم الإحصائية ( المذهل حقا
أن يتعاقر البعض معتبرا هذا نفسه دليلا على الظلم الواقع
عليهم ؟ ! ) . الأكاديميون الإسرائيليون يعكفون حاليا على وضع
حلول للمشكلة ، والأفكار الأولية حتى الآن ليست غير مبتكرة ، منها
مثلا ضرورة ترحيل أعداد منهم لخارج البلاد ومنها فكرة إخراج مناطقهم من حدود
الدولة كمناطق حكم ذاتى ، وغير هذا . لا ندرى إلام سيتوصلون وهم أول
من كتب عليه مواجهة مشكلة التكاثر الإسلامى باعتبار إسرائيل الجبهة المتقدمة
للحضارة حاليا والتى تحاول اختراق مناطق من الكوكب لا يزال يتشبث السكان
الأصليون بها وبقيمهم البدائية معا بكل قوة . إلا إننا قد نقترح أشياء أكثر
جذرية ويمكن أن تصلح لكل المجتمعات ، بل ويمكن اعتبارها ديموقراطية بدرجة
أو بأخرى . لقد حان الوقت لتقنين الإنجاب من خلال ما يمكن أن يسمى بتصاريح
الميلاد . إحدى الصور المبكرة لهذا الحل هو النظام المتبع فى الصين بتحديد
الإنجاب لطفل واحد فى الأسرة . لا ندرى لماذا نقبل طوال الوقت كأمور طبيعية
وبديهية أن الفقير فى أى مجتمع لن يتلقى إلا أدنى تعليم ويحظى بأقل مظاهر
الحياة ، وفى نفس الوقت لا نفكر فى منع المشكلة من الأصل . لماذا لا
تكون هناك ضريبة للإنجاب كأن تدفع كل أسرة تنتوى إنجاب طفل 100 ألف دولار مثلا لخزينة
الدولة ? هذا سيخدم الاقتصاد خدمة مزدوجة إذ سيحل مشكلة البطالة من ناحية
ويقلل من الحاجة للضرائب الأخرى فينعش الدورة الاقتصادية من ناحية ثانية .
لا شك أن لدينا الكثير لنفعله قبل هذا أو بالتوازى معه مثل إقرار الوسائل التى يعتمدها
معظم العالم للصغار والكبار لإشباع رغباتهم الجنسية والتى تحرمها عليهم عندنا
’ ثوابتنا ‘ المنافقة . إن الخلانية
لا سيما بين الصغار وتجارة الجنس لمن لا خل لهم هى مسألة حياة أو موت على الأقل
من منظور اقتصادى محض ، فبدونها لا بديل اليوم إلا
شىء واحد اسمه الزواج ، والزواج يفضى للإنجاب بالضرورة . لقد جربنا كل
الوسائل الطوعية للحد من النسل وفشلت ، فالدين والتقاليد وقفت لها جميعا
بالمرصاد . هذا طبعا ناهيك عن الوهم الأهبل الذى يبشر به علنا الزعماء
والمثقفون الفلسطينيون أن إسرائيل سوف تقف مكتوفة اليدين حتى تبتلعها تلك الزيادة
السكانية العربية ، واختر للرد عليهم أحد الطرحين التاليين : الطرح
المهذب أن المستوى عالى التقنية لعالم اليوم بات أكثر كفاءة واقتصادية من أن
يسمح بتوظيف كل أولئك المواليد مسلمين كانوا أو غير مسلمين ، وأن المهم فى
كل الدنيا هو نوعية البشر لا عددهم ، وأن العرب طردوا من اليهود يوما
ستمائة ألف أى أضعاف إننا نكاد نكون أمام حالة من الغباء الجمعى يستوى
فيها الجميع بدءا من إنسانييى وديموقراطيى الغرب السذج حتى متخلفى الشرق
المقرفين ، والحل يتطلب صرامة من الجميع سواء القيادات الغربية أو
المسئولين المحليين . إن السكان الأصليين كانوا دائما أبدا المشكلة
الحقيقية والأولى أمام انتشار المد الحضارى ، وبدون الصرامة الكافية فى
مواجهة هذه المشكلة فمرة أخرى فإن الحل الغائى الذى لا مفر منه عند تفاقهمها هو
الإبادة الكتلية ، وهو حل سوف يحدق أسرع فأسرع مما يتوقع أى منا وساعتها لن
يكون هناك وقت للندم أو البكاء . على أنه أيا كان الحل القادم فنحن نعرف
فقط على وجه اليقين شيئا واحدا عنه : أن المكان الذى ستسجل فيه براءة
اختراعه ليس تيتوڤو –ماسيدونيا ، إنما تل أبيب –إسرائيل . اكتب رأيك هنا 16 أپريل 2001 : بداية جميلة وكلاسية للحرب الجديدة فى الشرق
الأوسط : أمس الأول هاجمت جماعة حزب الله الإرهابية إسرائيل فى منطقة مزارع
شبعا . العالم كله يدين الهجوم بصرامة باعتباره خرقا لقرارات الأمم
المتحدة ، ذلك أن العرب طالما حرصوا على تذكير ذلك العالم بوجود منظمة تحمل
هذا الاسم ، وأيضا باسم الدلع لها ’ الشرعية الدولية ‘ .
رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى يهاجم تلك الجماعة علنا وبشراسة تصل لحد
اتهامها بالخيانة . إسرائيل تقدر له هذا الموقف وتقرر هذه المرة أن تضرب الحمار
لا البردعة . صباح اليوم تقصف أهم محطة رادار سورية ( والتى كأى شىء
سورى آخر تصادف بحكم الاحتلال أن كانت داخل الأرض اللبنانية ) .
السيناريو توقعناه منذ شهور ، لكن المثير شىء واحد مهم أن من وجعوا أدمغتنا
باسم الكرامة العربية وعلى رأسهم السيد بشار الأسد وزمرة الأشاوس المحيطة به لم
يصدروا تصريحات الشجب والإدانة والتهديد بإلقاء إسرائيل فى البحر حتى مساء
اليوم ! نأمل أن يكون المانع خيرا ، وكل ما نرجوه أن لا تفسدوا علينا
فرصة التمتع بسيناريو 1967 مرة ثانية قبل أن نموت ، بالذات بعد أحبطتنا طويلا
الحقبة الباراكية التى قال فيها أن العرب يريدون تلقى ضربة كبرى كـ 1967 وأنه
يغيظهم بعدم ضربه لهم ! اكتب رأيك هنا 18
أپريل 2001 : قبل ثلاثة أيام احتلت إسرائيل ولأول مرة منذ توقيع اتفاقيات
أوسلو جزءا واقعا تحت سيطرة السلطة الفلسطينية هو أقصى الطرف الشمالى لقطاع غزة
وذلك ردا على هجمات فلسطينية بمدافع المورتر . سارت الأمور سيرا طبيعيا حتى
خرج الچنرال كولين پاول سكرتير الدولة الأميركى فجأة مساء أمس بتصريح عنيف ضد
الموقف الإسرائيلى . فى غضون ساعات إن لم يكن دقائق أعلنت أسرائيل بكل
مظاهر الأدب الجم والطاعة العمياء الإنسحاب مما احتلته رغم تصريح قادتها
العسكريين قبل لحظات أنهم باقون لشهور . طوال اليوم وأنا أتابع التحليلات
العربية العبقرية عن مدى فعالية راعى عملية السلام باتع السر الذى عاد لأداء
دوره التاريخى الذى نطالبه دوما بأدائه ( وبكل المحبة نشجبه عندما
يؤديه ) ، وأن الأمور عادت لنصابها السليم وأن من الآن فصاعدا سوف
يردع مستر پاول سفاحى حكومة إسرائيل ولا شك أن كل الحقوق العربية ستعود قريبا
بإذنه سبحانه وتعالى . المشكلة الوحيدة أننا نريد قطع هذا الفاصل الجميل من
التفاؤل والحبور بقطعة عكننة هى التحليل البسيط التالى : السيد كولين پاول لا علاقة له بالسياسة الخارجية
للولايات المتحدة لسبب بسيط هو أنه لا يفهمها أصلا .
إنه على الأكثر كما قلنا قبل أسابيع أعلاه نسخة من السيد عمرو موسى لا يطلق من
التصريحات إلا ما يناقض السياسة الحقيقية لبلده ، وهو أسلوب اعتاد أولو
الأمر التسامح معه باعتباره مفيدا أحيانا فى تعمية الأبصار عن التعهدات الحقيقية
والأشياء الجدية التى تجرى فى الخفاء . إن الفريق الحقيقى الذى يدير أمور
الإستراتيچية فى البيت الأبيض والپنتاجون فريق عالى التجانس والانسجام وذو رؤية
متماسكة بدرجة معقولة لأول مرة منذ عقود ، وهو المكون من الآنسة
كوندولييززا رايس ناصح الأمن القومى ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع وأندرو مارشال
مستشاره التقنى الكهل القادم من أيام مشروع راند ( يسمى حاليا صاحب مشروع
مارشال 2 ، وهى دعابة يقصد بها مشروع الدرع الصاروخى الذى رغم كونه شيئا
دفاعيا محضا إلا أنه سيجعل ببساطة مدهشة الضربة النووية الأولى هى الضربة
النووية الأخيرة وصلاحيتها مملوكة لبلد واحد اسمه الولايات المتحدة
الأميركية ! ) . هؤلاء وغيرهم زائد طواقم متحركة لكل موضوع على
حدة تعمل بتوجيه لصيق الرئيس بوش نفسه أو نائبه ديك تشينى حيث يجمعها بهما تفاهم
متبادل وتناغم فى الرؤية . لذا هلا قرأتم قليلا عن كيف أدار هذا الفريق الأزمة مع الصين فى الأسبوعين الأخيرين
والتى نجمت عن تصادم طائرة مراقبة أميركية مع مقاتلة صينية وإضطرار الأخيرة
للهبوط فى جزيرة صينية . فى الأيام الأولى ألقى كولين پاول بتصريح متعجل
ومن اجتهاده الشخصى يعتذر فيه للصين . هل تعلمون ماذا فعلوا به ؟
أرسلوه أولا لفلوريدا لمباحثات بين أرمينيا وأزيربايچان ثم لخارج أميركا فى مهمة
للبلقان لم يعد منها إلا عندما انتهوا من صياغة التصريح السليم وجاء ليلقيه
للمرة الثانية بالنسبة له وللمرة الأولى بالصيغة الواجبة ! الأبعد من هذا
ربما أن ما حدث نفسه قد يكون مؤشرا على أن ما بدا من تشدد غير مجد لبعض أعضاء
الولاية ضد الصين وروسيا فى الأسابيع الماضية لا يعدو إلا جسا للنبض أو على
الأكثر تخبطا مؤقتا . الجلى أن حكام أميركا الحاليين
يؤمنون بشىء واحد محورى هو أن التسعينيات كانت عقدا لا يحتسب من عمر
الزمن ، كان يجب إعادة رسم خريطة العالم وإعادة كتابة القانون الدولى
وهيكلة منظماته بما يتماشى مع معطيات المنتصر فى الحرب الباردة ( تماما كما
حدث سنة 1945 وكتب المنتصرون قانون يالتا والترتيب العالمى القائمين
حاليا ، وكما حدث قبلها دائما أبدا فى كل الحروب ) ، لكن
الديموقراطيين بزعامة كلينتون أهدروا كل المكاسب الممكنة لسقوط المعسكر
الاشتراكى . المؤكد أن الوقت قد حان لتدارك الغلطة . من الآن فصاعدا توقعوا أحباءنا الأعزاء تصريحات
كثيرة سوف تسعدكم جدا من الچنرال الأسمر الوسيم طيب القلب ومما لا شك فيه أنه
سيعوضكم كثيرا افتقادكم للأسمر الوسيم الآخر عمرو موسى ( الفارق الوحيد بين
الاثنين هو مفارقة أن پاول هو الحمامة الوحيدة فى الحكومة الأميركية وموسى هو
الصقر الوحيد فى الحكومة المصرية –مع ملاحظة أن دائما مشكلة الحكومة المصرية أن
ليس بها صقور إلا فى الاتجاه الخطأ ! ) . إن مثل تلك التصريحات لا
معنى لها ، لكن المسالمة الإسرائيلية الفجائية وطاعة ماما أميركا بهذه
الدعة واللطف لا يمكن أن تكون شيئا بلا معنى ، ومعناها فقط أن ما يدبر هو
شىء رهيب ومخيف حقا ، ويفوق كل كوابيسكم أيها السادة محللينا العظام ممن لا
يريدون الاعتزال أو الانتحار مهما انهزمت مساعيهم المغوارة ، مثلكم فى هذا
طبعا مثل مثلكم العليا ناصر وصدام والأسد ( لا أحد منهم اسم على
مسمى ، هل لاحظت ؟ ! ) . إن ما لا يجب أن يتوقعه منكم
قراؤكم ومستمعيكم ومشاهديكم هو تلك السذاجة المفرطة التى خدعكم بها الإسرائيليون
من صحفيين وحتى صقور السياسة ممن راحوا بمنتهى الوداعة والاستكانه يقولون بصوت
خفيض أو بالأكثر بغضب مصطنع إنهم ’ رضخوا ‘ ’ للضغوط ‘
الأميركية . يا سلام سلم ، يا لهما من كلمتين رائعتين عندما تجريان
على ألسنة إسرائيلية ، وقابلونى بكره ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 19 أپريل 2001 : هذا
هو ’ بكرة ‘ بمعناه الحرفى وليس المجازى الذى لا ننكر أنه ما كنا
نقصده ! احتلت إسرائيل منطقة أخرى من قطاع غزة إلى أقصى الجنوب منه هذه
المرة ، دون أن يكون لهذا سبب مباشر كقذائف المورتر أو سقوط قتلى
مثلا . لا تعليق ! ] . [ تحديث آخر : 20 أپريل 2001 : هذا هو ’ بكرة ‘ جديد بمعناه الحرفى وليس المجازى مرة
أخرى . تكشف اليوم المزيد من الخفايا حول ما أذيع أول أمس عن نية أميركا
سحب قوات حفظ السلام الخاصة بها من سيناء . علاقة هذا بموضوعنا أنه يثبت
مرة أخرى كيف أن الچنرال پاول ليس صاحب أى مبادرة جدية وأنه عندما يحاول أن يكون
له اجتهاداته تأتى خارج السياق وعكس السياسة الحقيقية . وعلى أى حال هذا
ليس بالأمر الجديد على الولاية الأميركية فى ظل الجمهوريين ، حيث يهمش دور
سكرتير الدولة ( وزير الخارجية ) بالذات مع وجود مستشار قوى للأمن
القومى كحالة هنرى كيسينچر الشهيرة تاريخيا ، فما بالك فى حال وجود مستشارة
حديدية وسكرتير دفاع رهيب كلاهما معا كما هو الحال اليوم . هذا الأخير هو
محور كلامنا اليوم فهو صاحب فكرة سحب قوة حفظ السلام الأميركية من سيناء ،
وأنه فاجأ بها رئيس الوزراء شارون بها لدى زيارته لواشينجتون قبل شهر بالضبط من
اليوم ، وأن شارون أخذ لوهلة بجرأة الفكرة لدرجة أن تمتم أولا بكلمات
معارضة وجيزة ، ثم سرعان ما استحسن الفكرة وأيدها فى ذات الاجتماع .
بعد ذلك بأيام عرضت الفكرة من جديد على الرئيس مبارك خلال زيارته المشابهة ومن
المعروف أنه عارضها بشدة . المهم أن كولين إل . پاول خارج هذه
الحواديت من البداية للنهاية ولم يسع أحد لاستشارته فى الفكرة أصلا رغم خطورتها
التى ترتقى لمستوى منعطف درامى هائل فى هذا المنطقة ! أعتقد أن أى شخص يسمع كلمة قوات
دولية فى سيناء لا يذهب تفكيره لما هو موجود منها حاليا إنما إلى تلك الشهيرة من
عام 1967 ، وأن كلمة سحبها تعنى بالضرورة أن الحرب فى الطريق . لا
يخفى أيضا على أحد يحدث فى الواقع تضييق تدريجى للخناق على مصر التى يعتبرها
الجميع أفلحت دوما فى التملص من التزامات السلام وأنها باتت تحصل على المعونة
بصورة ميكانيكية ودون أن يطالبها أى أحد بأى مقابل . اليوم هناك حكم يمينى
فى إسرائيل لا يقول فقط إنه يحكم بلد قوى فى غنى عن المعونات الأميركية ،
بل يرى إن هذه المعونات تكبل خطط الاقتصاد الحر اليمينية المطلوبة ،
ويريدون السماح بالمعونة فى الحالات التى تدر فيها عائدا سياسيا محددا
ومباشرا ، ويقترحون بشدة توجيهها جميعا بدلا من مصر وإسرائيل إلى الأردن
وتركيا . وفكرة رامسفيلد بسحب قوات السلام تكاد ترقى لمستوى التهديد الصريح
بالحرب من أجل فرض سياسة خذ وهات البسيطة هذه .
سمها مؤامرة لو
شئت ، لكنى أسميها قطعة أستاذية masterpiece رائعة من التخطيط الاستراتيچى على أعلى مستوى من الذكاء والعمق
الضارب فى استشراف المستقبل وإعادة صياغة الخرائط . إن الطموح فى التصورات
هو السمة التى يجب يجب أن نتوقعها من عصر شارون–رايس–رامسفيلد . والبداهة
المطلوبة منا كمصريين أن نكون جزءا من المؤامرة لا ضحية لها .
بالتوازى علينا
خطوات اقتصادية جريئة ها هى فرصتها تلوح أيضا والمؤكد أنها الأخيرة قبل الموات
الاقتصادى الكامل ، وهى خطوات يعلمها الجميع بمن فيهم حكومتنا اليسارية
الرشيدة لكن يوجلون مند لحظة الحسم فيها . اليوم الأمور أنضج كثيرا من ذلك
الوقت الذى كان فيه الرئيس السادات ذئبا وحيدا يصرخ فى برية معاكسة
بالكامل : الآن يحكم أميركا وإسرائيل يمين سئم كل محاولات الوسطية والتصالح
العقيمة ، اليوم الأردن وتركيا اختارت المستقبل بلا مواربة وأصبحت جزءا فى
تحالف قوى وواضح الأغراض مع أميركا وإسرائيل ، لبنان العظيم سيكون معنا
بمجرد أن نحرره من كابوس الاحتلال السورى وأذنابه المحليين ، الخليج الذى
أصبح بالفعل ركنا إيجابيا فى الاقتصاد الكوكبى بات منفتحا بشدة منذ 1990 لفكرة
محاربة ’ الأشقاء ‘ العرب ، الكل بات مقتنعا بأن القضاء على صدام
وبشار والقذافى واجب حضارى تاريخى على كل البشرية التوحد عليه فى إطار تصفيتها
لآخر مخلفات الحقبة الناصرية البغيضة ، لتبقى فقط مصر الجزء الحاضر‑الغائب
من المعادلة . لا شك أن كل مصرى يذكر ويعتز بيوم أن كان موقف مصر –ربما دون
أن تتوقع هى نفسها– قد قلب الدفة 180 درجة بعد الغزو العراقى للكويت وسمح بتشكيل
أول حلف حضارى دولى إقليمى حقيقى دفع بمنطقتنا بعض خطوات للأمام أو على الأقل
أنقذها من مصير كلى الظلام . لقد حانت اللحظة لتشكيل الحلف الجديد الذى
ستكون سوريا التى دخلت ذلك الحلف الأول على أسس انتهازية محضة للتخلص من غريمتها
على زعامة قوى التخلف العربى ، هى أول الأهداف التى سيوجه الحلف الجديد
نيرانه ضدها . الإسرائيليون بل ومؤخرا الأميركيون لم يعودوا يستخدمون كلمة
الشرق الأوسط Middle East الپيريسية القديمة ، إنما أحلوا محلها كلمة أضيق هى الشام Levant أى [ تحديث أيضا : 2 مايو 2001 : طلب اليوم
كوفى أنان السكرتير العام للأم المتحدة من مجلس الأمن الموافقة على إجراء
تخفيضات جذرية فى حجم قوات حفظ السلام فى جنوب لبنان . قد تكون التعديلات
بعيدة المجرى ، وقد تكون المسألة رمزية ، وقد تكون كل قوات الأمم
المتحدة بلا قيمة . قد يكون هذا جزءا من المؤامرة وقد لا يكون وقد لا تكون
هناك مؤامرة حتى الآن أو لا تكون هناك مؤامرة أصلا ، المهم هو الرسالة
الصارخة : أن أحدا لن يحمى العرب بعد اليوم ، لا بيلل كلينتون ولا
الأمم المتحدة ولا أى أحد ، وطالما هم يرفضون السلام أو سمه الاستسلام لو
شئت والتسمية الدقيقة الاعتراف بقانون توازن القدرة ، فإنهم يجب أن يتحملوا
العواقب . رسالة كوفى أنان هى الأحدث فى سلسلة الرسائل التى توالت
وتابعناها أعلاه ، ومشكلة العرب أنهم لا يفهمون ، ولو فهموا لا
يخافون ، أو يجعجعون حتى ينسوا خوفهم . إنهم كالثيران الهائجة تنطح
الجدار حتى تفجر رءوسها ! لا أكثر ، لا أقل ، لا
تعليق ! ] . [ التحديث الأخير فيما أعتقد : 17 مايو 2001 : أعلنت إسرائيل اليوم أنها قررت أن تبقى قواتها على نحو دائم فى بعض
مناطق السلطة الفلسطينية . مستر پاول ، هل
تسمعنى ؟ ! ] . 20 مايو
2001 : الحرب قادمة لا محالة فى الشرق الأوسط . هذا على الأقل ما أوحت
به تصريحات الرئيس مبارك التى تحدثت اليوم بنوع من التسليم تجاه هذا .
المثير أن بدا حاليا أكثر من أى وقت مضى ، أن الحرب هى الشىء الذى يريده
الجميع . الفلسطينيون لن يستسلموا قط لإسرائيل وسيواصلون التصعيد ،
ولن يفلح عرفات فى وقفه حتى لو أراد . إنها الطريقة الوحيدة لهم كشعب فقير
للغاية وعالى التكاثر لإثبات ذواتهم . إسرائيل سوف تضرب السلطة الفلسطينية
وترسل ياسر عرفات إلى مصر طبقا لأحدث التفضيلات . مصلحتها فى هذا أن سوف
تشتعل بعدها على الفور الحرب الأهلية الفلسطينية بين الإسلاميين والوطنيين
وتستمر نحو ربع قرن إذا أخذنا مقياسا لنا الحرب اللبنانية . فى هذه الفترة
لن تكون هناك انتفاضة ، وهى مدة كافية لإسرائيل كى تحقق أهدافها الاستراتيچية
الحقيقية وهى إسقاط ريچيمات الرفض فى دمشق وبجداد وطهران . أميركا أيضا لن
يسعدها شىء أكثر من هذا ، وربما أوروپا أيضا . أيضا بالنسبة لمصر التى
بدأ يتأخر فيها دفع الرواتب والمعاشات ليس أفضل من دخول الحرب لإيجاد شماعة
لفشلنا الاقتصادى المروع . وبعد... هل تعرف أنت أحدا لن يفيد من هذه
الحرب ؟ ! اكتب رأيك هنا 26 مايو
2001 : أعلنت اليوم حركة طالبان الإسلامية الأفجانية عن بدعة جميلة جديدة
هى أن يعلق الهندوس شارات صفراء . سادتى ’ المراجعون ‘ ،
أليست بهذه الطريقة بالضبط بدأت الهولوكوست ، إن كنتم خبراء فيها
فعلا ؟ اكتب رأيك هنا 11 سپتمبر 2001 : بدأت فى هذا
المكان المتابعة المطولة لأحداث سپتمبر 2001 ، ومن ثم تم إفراد صفحة مستقلة
لها بعد قليل . تابع التطورات فى هذه الصفحة
الجديدة . 7 نوڤمبر
2001 : أخيرا وبعد قرابة شهر من الشد والجذب ، انتهت هذه مناظرة
الخاصة بمدى تعارض أو توافق حرب أفجانستان مع سلام الشرق الأوسط ( مغطاة فى
صفحة سپتمبر ) ، بأن أعلن الرئيس
الأميركى صراحة أن الحرب ضد الإرهاب
ستتواصل بغض النظر عن حل القضية الفلسطينية أم لا .
كذلك قال أنه يرفض مقابلة ياسر عرفات خلال الاجتماع المزمع للجمعية العامة للأمم
المتحدة فى عطلة نهاية الأسبوع . [ بل الواقع أنه صعد بشدة نقده
العلنى لياسر عرفات فى الساعات التالية ] . ترى إلى متى ستظل القيادة الأميركية على سذاجتها
الأثيرة ، تتسرع وتتورط عن جهل فى تصريحات غير عملية ، ولا تعرف أين
تقع مصلحة الحضارة أو حتى المصلحة الأميركية جدا ؟ وإلى متى تضطر قيادة
إسرائيل ومعها أنصار الحضارة فى العالم والكونجرس …إلخ ، يحاولون إفهام
سكان البيت الأبيض بعضا من الحقائق الأولية عن الشرق الأوسط وطبيعة شعوبه
والصراع فيه ، وتنزف قضية الحضارة الكثير إلى أن يتم هذا ؟ إلى متى
سيظل الأمر يحتاج فى كل مرة إلى صفعة علنية مهينة هى عينها تتكرر كل مرة ،
بإلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلى زيارة واشينجتون بعد وضعها بالفعل على أچندة
الرئيس الأميركى ، ذلك حتى يضطر الرئيس الأميركى للتراجع عن مواقفه ،
أيضا بعلنية مهينة كما فعل اليوم . للأسف قلت من قبل ( 12 فبراير 2001
أعلاه ) ، إن السياسة الخارجية الأميركية لكل العالم تأتى جيدة ،
عندما تكتب فى معاهد تل أبيب . لكن الحقيقة أننى عندما كتبت هذا كان
المقصود أيام حكم الشيوعيين أمثال مستر كلينتون ومسز أولبرايت ممن الذين يؤمنون
بحق كل إنسان بدائى فى أن يفرض رأيه على كل مستقبل الكوكب . لكن أن أعيد
كتابة هذا فى أيام اليمين الذى يفترض فيه الدارونية والليبرالية وأن الأرض لمن
يستعمرها ، فهذا كثير حقا . ويا ليت حتى هذه هى المشكلة ، بل هى
أبسط من هذا كثيرا ، وإن الموقف المتهادن لولاية بوش مع قوى التطرف داخل
البلاد العربية بالذات فى سوريا ولبنان والمناطق الفلسطينية ، سيضر حتما
بمسعى القضاء على من هم خارج البلاد العربية ! [ تحديث تحصيل حاصل : 5 ديسيمبر 2001 : أخيرا وضعها چورچ بوش صريحة : يجب [ تحديث درامى مثير : 9 ديسيمبر 2001 : البيان العملى على كونها حربا واحدة
تجسد اليوم 20 نوڤمبر
2001 : موضوع الحرب القذرة الذى فتحناه من يوم 7 أكتوبر
فى صفحة سپتمبر ، دخل اليوم بعدا جديدا ،
من خلال تصريح رامسفيلد لجريدة التايمز
اللندنية الذى يقول إن الولايات
المتحدة لا تأخذ أسرى . قاصدا بالطبع الأفجان
العرب فى قندوز ( تماما مثلما قيل قبل أيام عن أسامة بن لادن نفسه من أن الجديد أنه ليس لمن تحدث عنهم رامسفيلد أى تكييف
قانونى من أى تشريع معروف من القرن العشرين . أولا هم قطعا ليسوا أسرى حرب
يتم تبادلهم بعد قليل ، بل مجرمين آثمين تخضب أيديهم دماء أطفال مصر
وأفجانستان وأميركا وغيرها بلاد كثر . ثانيا هم أيضا ليسوا مرتزقة يمكن
محاكمتهم فإعدامهم ، فهم لم يتلقوا أموالا من أحد . ثالثا هم ليسوا
مجرمى حرب بالمعنى القانونى للكلمة ، فهم ليسوا قادة ، إنما مجرد 10
آلاف جندى عادى ، أما من حيث القيادة فيعلم الجميع أن قائدهم الوحيد هو
الله . إذن لو أصررنا على تكييف لحالتهم طبقا لقانون يالتا
( القانون الدولى للقرن العشرين ، المكتوب سنة 1945 بمنتصرين عفا
عليهم وعليه الزمن اليوم كما تعلم ) ،
فإن التكييف الوحيد الممكن أنه يجب
أسرهم ثم تبادلهم مستقبلا ، مع تقديم الله وحده للمحكمة كمجرم حرب ! وبما أن الفكرة لا تبدو شديدة الواقعية ، فإن قانون رامسفيلد Rumsfeld Law هو الشىء
الوحيد الملموس فى أيدينا حتى اللحظة ، إلى أن يبدأ القانون الدولى للقرن
الحادى والعشرين البدء فى تقنين آليات الإبادة المنظمة . تأكيدا يصعب على
المرء تأييد حكم العالم بقانون رامسفيلد المرتجل الذى فرضه مقتضى الحال ،
لكن من المستحيل أضعافا مضاعفة فى المقابل ، قبول استمرار حكم قوانين چنيڤ
أو غير چنيڤ من مخلفات حروب القرن المنصرم ومنتصريها لنا . المطلوب الشروع فورا فى تفكيك
المنظمات الدولية الحالية التى ورثناها من الحرب
العالمية الثانية ، والبدء فى إعادة كتابة جذرية للقانون الدولى ،
وتدشين المجالس اللازمة المخولة بقرارات إبادة الشعوب الفاشلة ، سواء كليا
أو جزئيا ، تدريجيا أو دفعة واحدة ، سلميا أو بالقوة ، أو أيا ما
كان متوافق الحال . ويجب أن تحكمها ضوابط ومعايير واضحة علنية ومعروفة
مسبقا للجميع . كما يتعين إسناد دور متزايد لمؤسسات ما بعد الحرب الباردة
مثل منظمة التداول العالمية WTO وما يستجد مثلها ، فى مثل قرارات التخطيط الديموجرافى للكوكب
هذه ، مع تحرير مثل هذه المنظمات من العضوية الفاشلة وغير الحضارية .
وبالطبع على أن يسند للحواسيب الذكية والخبيرة ، فى جميع الأحوال ،
الدور النهائى والحاسم فى اتخاذ ومراقبة جميع القرارات المصيرية والحساسة الخاصة
بمستقبل الأرض . هذا فى اعتقادنا هو المعنى الوحيد الحقيقى والتقدمى لمفهوم
الترتيب العالمى الجديد . إلى أن يتم هذا ليس بيد أحد سوى القنوع مؤقتا
بالترتيب الرامسفيلدى الجديد Rumsfeld New Order ! [ اقرأ
معالجتنا السابقة لمسألة الترتيب العالمى
الجديد ] . [ تحديث : 25 نوڤمبر 2001 : تمت بالفعل إبادة كاملة لما قد يصل لسبعمائة للمزيد من تفاصيل وتحليلات مسهبة عن طبيعة الحرب
العالمية الثالثة ضد الأخطار غير الممائلة وغيرها ، ارجع لصفحة سپتمبر . اكتب رأيك هنا 23 نوڤمبر 2001 : شىء مذهل ذلك الذى تفعله
إسرائيل فى الثمانية والأربعين ساعة الأخيرة : أسر 16 من المطلوبين وقتل
ثمانية آخرين من بينهم المدعو محمود
أبو هَنّود كل هذا كلام عادى مستهلك ومعروف ، وربما أيضا
صحيح فى مجمله . لكن الأمر لا علاقة له بزينى أو غيره ، وبالمرة ليست
هذه الأمور هى الأصل فيما يحدث من استعراضات مذهلة للجيش الإسرائيلى .
الحقيقة أن ما حدث لا يزيد ولا ينقص كثيرا من معطيات الصراع الحضارى لتصفية
الإرهاب الجمهورى الفلسطينى بفروعه الإسلامية والماركسية والقومية ، بل
وحتى لا يمت له بصلة . والسر الحقيقى هو أن شارون قد زمع زيارة أميركا بعد
أسبوعين ، وكما يعلم الجميع فقد اعتاد التحدث فى كل شىء فى البيت الأبيض
إلا الشأن الفلسطينى والعربى ، وأنه يلغى زياراته إذا فكرت أميركا فى وضع
مثل هذه الأشياء على أچندة المحادثات . وهذه النجاحات الاستخباراتية
المذهلة ، وضربات الأباتشى وفيرة وثمينة الصيد ، والتى تعاقب مكثفة فى
ساعات قليلة ، ما هى إلا مسوغات تعيين لوظيفة رئيسة أكبر فى الحرب الدولية
ضد الإرهاب . إن السباق الحقيقى
المطروح هنا ليس بين شارون وعرفات أو پيريز وبيرنز ، إنما فقط وتحديدا ما
بين الموساد والسى . آى . إيه . فى إثبات أيهما أكثر خبرة وكفاءة
فى اجتثاث القوى الإسلامية ، أما الحرب الإقليمية
فهى محسومة فى جيب شارون ، ولا يقبل من چورچ بوش أو غيره إبداء الرأى
فيها ، ولو بمجرد كلمات الاستحسان ! اكتب رأيك هنا
25 نوڤمبر
2001 : شىء أكثر من مذهل ذلك الذى تفعله إسرائيل فى الثمانية والأربعين ساعة الأخيرة :
جهاز الأمن العام ( شين بيت ) يعلن القبض على 15 ناشطا فلسطينيا فى
رام الله وجنين ، والتهمة هذه المرة فريدة تماما من نوعها : منظمة
فلسطينية اسمها جيش التحرير الفلسطينى إن كل ما تفعله إسرائيل الآن
مشغول بشىء واحد : الزيارة . والحبل يضيق
ويضيق حول رقبة چورچ بوش . وعليه فى الزيارة القادمة أن يقر لشارون بالدور
القيادى فى إعادة تشكيل كبرى وجذرية لمنطقة الشرق الأوسط ، ليس بنسيان
الفلسطينيين للأبد ( فهذا تحقق تقريبا وانتفاضة إفناء الذات لا تمثل مشكلة
كبرى للاقتصاد أو للأمن أو لأى شىء إسرائيلى أو حتى غير فلسطينى
ككل ) ، إنما بقيادة التحالف العسكرى الواسع لإسقاط ريچيمات جبهة
الرفض العربى‑الإيرانى بكاملها وإراحة المنطقة وشعوبها من تخلفها ورجعيتها
ومنغصاتها . هذا التحالف لن
تقوده تركيا
كما اقترح سافاير ، ولن تقوده حتى أميركا ، فشارون وموفاز [ تحديث : 3 ديسيمبر 2001 : كل
توقعاتنا صحيحة ، ولا نقصد هنا كلامنا أعلاه عن طبول
الحرب قبل عام بالضبط من الآن ! رغم كل الهجمات الإرهابية التى قتلت
أكثر من 25 مدنيا إسرائيليا أمس ، ورغم عودته على عجل لإسرائيل لإنهاء
الحياة المهنية لعرفات فيما يبدو حتى اللحظة ، لم يرد حول المشكلة
الفلسطينية أكثر من الكلمات الودية فى مباحثات شارون وبوش . الحديث كان
معظمه عن أفجانستان وتنظيم القاعدة ، الشىء الوحيد الذى لم يقله شارون فى
مكالمته التقليدية مع سافاير ،
ونكاد نثق ثقة عمياء أنه كان قلب المحادثات ، هو ضرب العراق ، إن لم
يكن أيضا ضرب سوريا ولبنان . الأيام بيننا ! ] . 25 نوڤمبر
2001 : إنه حقا عالم جديد شجاع . والدليل ثلاثة
مشاهد تاريخية بمعنى الكلمة . موسكو صباح الأمس : المشهد الأول برلين مساء الأمس : المشهد الثانى طوكيو صباح اليوم : المشهد الثالث نسى الروس أن النيتو نشأ أصلا
لمحاربتهم ، و نسى الخضر لونهم ، ونسى الياپانيون دستورهم ، كل
هذا من أجل دحر الخطر المشترك : الجنوب الفقير قاطع الطريق . أخيرا بدأ شعار يا صفوة
العالم اتحدوا يتحقق ، وسوف يتخلص العالم تدريجيا من شعوبه الفاشلة
عديمة القيمة إلا من بطونها الجوعى وعقولها المتخلفة ، وليتفرغ بعدها للعلم
والتقنية . يتفرغ للتقدم ، والتقدم وحده ! اكتب رأيك هنا
12 ديسيمبر
2001 : الستراتيچية الإسرائيلية تجاه شلل السلطة
الفلسطينية فى كبح ما يسمى بالانتفاضة باتت أكثر وضوحا الآن . تجريد ياسر
عرفات من كل أدواته ، ووضعه تحت حصار فوهات الدبابات لمنزله المؤقت فى رام
الله . إذن سقوطه أصبح مسألة وقت ، لا أكثر . من سيحل محله سيكون
أحد أمرين : البديل الأول قيادة جديدة لمنظمة التحرير ،
ستكون غالبا حكما عسكريا صارما يقضى على الإسلاميين والشيوعيين وكافة صور
المقاومة . تعلم إسرائيل أنه لن يضيع وقته فى أحاديث صحفية تتهم إسرائيل
بالإرهاب وقتل المدنيين ، بينما يعلم جيدا أنها إن قتلتهم فهذا يحدث أثناء
مهاجمة أهداف عسكرية أو شبه عسكرية كأعضاء حماس والجهاد ومنظمة الحجارة
المتحدة . سيكون حكما تعلم إسرائيل أنه لن يتلاعب بالألفاظ بعد الآن ،
ويقر بأن الكفاح الفلسطينى المسلح انتهى منذ عشرات السنوات ، أو ربما لم
يبدأ أصلا كى ينتهى . حيث لم يجرؤ أحد يوما على مهاجمة جدية للجيش الإسرائيلى .
حتى الإرهاب
الموجه ضد المدنيين المحضين أختزل هو نفسه اليوم ولم يعد حتى اختطافا جيد
التخطيط للطائرات ولاعبى القرى الأوليمپية . أصبح مجرد أحد المنتحرين
التافهين ( ممن لم تكلف كل حياته أكثر من خمسين دولارا لأسرته ،
وأحيانا لا تكلف شيئا قط ، وتتولى الشوارع أو منظمة حماس المهمة ببعض من
فيض ما يأتيها من تبرعات باسم الجهاد ) ، يفجر نفسه وسط مجموعة من
الفتيات الصغيرات عاريات السيقان من رواد الملاهى الراقصة ( ممن تكلف
السهرة الواحدة منهن أكثر من تلك الخمسين دولارا ) . بالطبع لن ينكر أحد الحق فى حفظ براءات الاختراع لكل هذه الأساليب
الإرهابية بعد‑الحداثية لمنظمة التحرير ، وللإسلاميين الفلسطينيين من
بعد اعتزال الأولى لها . القيادة الجديدة المزمعة سوف تحقق السلام مع
إسرائيل ( أو بعبارة أوضح الاستسلام وهو النتيجة الطبيعية لأى شعب
مهزوم ، باستثناء العرب كما تعلم ، وكما
تعلم أيضا أنه بإضافة سوريا السرطان
الخبيث الذى يؤجج الحروب طوال الوقت كى يدخلها الجميع إلا هو ، فلن يتبقى
سوى مصر كالبلد الوحيد الذى حارب إسرائيل يوما بشىء من الإخلاص والشرف والتضحية
الحقة ، بغض النظر طبعا عن كونها محقة فى هذه الحروب أم لا ! ) .
هذا البديل ’ الپراجماتى ‘ هو الذى يأمل
فيه الحمائم
الممسكون حاليا بالسلطة ، وآرييل
شارون ‑الپلدوزر سابقا‑ هو رمزهم الكبير
( اقرأ حديثه أول أمس للواشينجتون
پوست ) . وبالطبع الاسم الذى يتردد منذ فترة لهذا الحكم العسكرى
المزمع هو القيادة الشابة العقيد محمد
دحلان ، وكأن الزمن تخطى حتى القيادات المعتدلة
التقليدية مثل الرجل الثانى فى المنظمة والسلطة ، وربما الأحق من عرفات
بنوبل ، محمود عباس أبو مازن . ( لو حصل واحد على نوبل لكان پيريز الأجدر ، ولو
اثنان پيريز وأبو مازن ، ولو ثلاثة پيريز وأبو مازن ورابين ، أما ما
حدث فهو بلا معنى تقريبا إلا لو منحت للأربعة معا . الإيمان الحق
بالسلام ، رغما عن سذاجته ورفضنا له ، هو مشروع پيريزى محض . أما
ما يسمى بالواقعية العرفاتية ، فهى لم تأت من باب حب السلام أو شىء من هذا
القبيل . فقط جاءت بعد دك العراق فى حرب تحرير الكويت ( وكأن دك
إسرائيل لمفاعله النووى لم يكن يكفى لفهم أن اللعبة منتهية مهما
حدث ! ) ، ذلك العراق الذى أيده صراحة خلال هذه الحرب ،
وطالما راهن قبلها على قوته وتسليحه وراديكاليته فى تحرير فلسطين كل فلسطين
يوما . للأسف عرفات إرهابى بالفطرة أو بحكم الچيينات . وما حدث فى
كامپ ديڤيد قبل عام يجزم بهذا جزما مطلقا ! ) .
[ تابع هنا بعد نحو عام
ونصف قصة تولى أبو مازن للسلطة وتجريد إرهابى فلسطين الأول ياسر عرفات من كافة
سلطاته فيما يمكن وصفه بتظاهرة عالمية تطرد هذا الأخرق وترحب بالقائد الجديد
المرموق ] . السؤال الذى يطرح نفسه كلما طالعت تلك الابتسامات
البلهاء المصاحبة دوما لتصريحات زعماء الفصائل الفلسطينية الواثقة والمتفائلة
دائما أبدا ، والمتمسحون جميعا ‑حتى الإسلاميين منهم‑ فى
الچنرال ديجول ومقاومته التى يعتقدون أنها هى التى أركعت النازية : حتى لو
سلمنا جدلا بأنكم قمتم أو ستقومون بكفاح مسلح فعلا ضد الدبابات والطائرات ،
هل تتوقعون ساعتها أن تصفق لكم إسرائيل أو حتى أى أحد آخر فى العالم ،
وتقول لكم ’ پرافو ، هذا كفاح
مسلح وليس إرهابا ، هل من مزيد ؟ ‘ ،
أم أنها سترد عليكم بكل ما لديها من قوة ؟ ( ملحوظة : اتفاقية
چينيڤ الخاصة بالمقاومة التى تتحدثون عنها
لا يزال ذوو الابتسامات البلهاء يبحثون عن الحلول
اللفظية فى تبرير العمليات الانتحارية ضد فتيات نوادى الديسكو ، ويقولون
إنه لا يوجد فى المجتمع الإسرائيلى من يمكن اعتباره مدنيا . يا
للهول ! إذا كان لا يوجد فى
المجتمع الإسرائيلى من يمكن اعتباره مدنيا ، فماذا يمكن أن يقال عن المجتمع
الفلسطينى . العالم يعرف جيدا جدا جدا جدا
( صدقونى ! ) أن العكس هو الصحيح . وأطروحة استباحة
المدنيين لأنه لا يوجد مدنيون ، هى بالأحرى ترخيص بإبادة كل الشعب
الفلسطينى . ما لا تريدون فهمه يا سادة أن عصر ما يسمى التحرر القومى قد ولى واندثر ، وقد فهم الجميع اللعبة أو ندموا عليها ، حيث لم تفرز كما أفضنا يوما سوى مجتمعات فقيرة متخلفة فاسدة
يحكمها أولئك الذين سعوا لطرد المستعمر فقط كى يستأثروا هم بنهب فتات الثروة
فيها . وآخر الأمثلة تجربة حزب
العمال الكردستانى ، الذى ما أن ألقى القبض على
قائده عبد الله أوچالان حتى ألقى الجميع السلاح . هل هم أغبياء أم خونة أم باعة
للقضية ، أم مجرد أنهم أدركوا أن العالم يتكتل حاليا لا أن يبحث عن مزيد من
التفتت ( دع جانبا أنهم مقاتلون شرفاء يقبلون مبدأ الهزيمة والاستسلام
وليسوا أصحاب بوتيكات أو لوردات حرب مثلكم تقاتلون حتى فناء آخر فرد فى
شعبكم ) . الفكرة باتت مرفوضة من حيث المبدأ ، الحالة الوحيدة
التى رحب بها العالم فى العقود الأخيرة هى استقلال تيمور الشرقية لا لشىء إلا لأنهم
أكثر تحضرا من محتليهم الإندونيسيين ، أما أنتم فلا ترفعون سوى نفس
الشعارات التى يرفعها بن لادن الذى يريد تحرير بلده السعودية من الاحتلال
الأميركى ، بل أنتم أسوأ منه أخلاقيا أنكم ترتزقون من الانتفاضة بينما ينفق
هو ثروته على حربه المقدسة . فقط ما من بديل أمام أمثالكم للاستسلام
والانخراط فى ركاب الحضارة سوى الإبادة ! ( هذا للأسف ما كرسنا صفحة
مطولة اسمها الثقافة
لمناقشته ) .
نعم الإبادة هى البديل الثانى الذى يفضله صراحة الصقور خارج الحكومة
( لن يبقوا خارجها لوقت طويل فيما يبدو ، بينما نزيف الدماء اليهودية
مستمر بسبب التخاذل الشارونى ، الذى لا يفعل أكثر من انتظار الضربة تلو الضربة ، ليرد
فقط بعدها ببعض إجراءات عسكرية تليڤزيونية لا أكثر ) . على رأس
هؤلاء الصقور برز بالطبع بنيامين
نيتانياهو ، والبديل بسيط لحد الجمال : أن
تتولى حماس السلطة ! نيتانياهو قال اليوم نحن مجبرون للميل للخيار الثانى ، من ناحية
لأن نيتانياهو طالما أثبت أنه أخبر مسئول فى تاريخ إسرائيل بالسيكيولوچية
العربية ، ولأن بن لادن وأمير المؤمنين الملا عمر ، لم ينصبا مستنقعا ڤييتناميا
ولا يحزنون لأميركا فى أفجانستان . التاريخ لا يعيد نفسه . لن يلدغ
أحد من الجحر الڤييتنامى مرتين . قد تستطيعون كسب إحدى المعارك فى
حربكم ضد الحضارة ، لكنكم لن تكسبوا الحرب أبدا . ونعود لتكرار إحدى
مقولاتنا القاعدية دوما : التقنية هى الحل . والأسلحة الجديدة كما تنبأنا حلت مشكلة المستنقعات للأبد . لتبقى
المشكلة الوحيدة فى عالم اليوم أننا لا نعتمد بعد بالكامل على الحواسيب الذكية
فى التخطيط الستراتيچى ، ولذا لا زلنا مضطرين لخوض هذا الجدل
الأزلى : أيهما يفهم العالم
أكثر : شارون أم نيتانياهو ؟ —كل ما نعرفه حاليا ، ومع احترامنا
البالغ لسجل دونالد رامسفيلد المدهش ، أنه ليس شخصا ثالثا ! ] . اكتب رأيك هنا 17 ديسيمبر
2001 : آخر نكتة : صدام حسين يدعو لقمة عربية فى مكة . فى الواقع هى ثلاث نكت فى
بعض ، أعتقد أنك فهمتها جميعا من الوهلة الأولى : 1- السعودية دائما أبدا ترفض عقد القمم على
أراضيها ، فهى تعلم أنها هراء لا يفضى إلا لإضافة ورقة جديدة لملف بيانات
الشجب المتخم أصلا . 2- ماذا سيفعلون فى رئيس لبنان ؟ صحيح أنه
أكثر تطرفا فى الإسلام من حزب الله نفسه ، لكن يظل رسميا غير مسموح له
بدخول مكة . 3- الكل يعلم أن الموضوع ليس فلسطين ، بل مجرد
هيصة وزفة يُنسى بها صدام نفسه مؤقتا أن أيامه فى الحياة باتت معدودة ، وأن
قرار الضربة قد اتخذ ، وأنه يتبنى بالضبط تقريبا سيناريو نيكسون الافتراضى الذى عرضناه هنا ، وأن
السؤال لم يعد من أو لماذا أو كيف ، إنما فقط متى . اكتب رأيك هنا 20 ديسيمبر 2001 : معجزة ! معجزة ! معجزة ! العرب الذين تختطفهم عادة سوريا بابتزازاتها ، ويجرون وراء
مزايداتها دون تفكير تقريبا منذ عقود وعقود ، تركوها اليوم وحيدة تماما فى
العراء ، بل وصل الأمر لحد مشادات حادة بين بعضهم وبينها فى أكثر الأمور
التى طالما اعتبرتها مسلمات تلوى ذراعهم بها بسهولة من قبل ، وفى طليعتها
طبعا ما يسمى بالقضية الفلسطينية . انعقد اليوم مجلس وزراء الخارجية
العرب ، واتخذ قرارا إجماعيا
بتأييد ياسر عرفات فى وقف الانتفاضة . ولم تخرج سوى سوريا ( وطبعا
الريچيم العميل للبنان المحتل ) على الاجماع العربى . بل المدهش ( أو لعله الطبيعى ) أن تملكتها عصبية مجنونة
لأن تجد نفسها لأول مرة إطلاقا فى تاريخها ، معزولة تماما وسط العرب الذين
لم تتعود منهم إلا أن يقابلوا كلماتها المسمومة بالتأييد أو الصمت
المكتوم ، ولا يجرؤ أحد قط على مناقشتها فيما اعتادت تلقينه لهم من
’ ثوابت الأمة ‘ ، ولا يجرؤ أحد قط على سؤالها لماذا تحرض كل
العرب على محاربة إسرائيل حتى آخر فلسطينى ومصرى ولبنانى ، ولا تتبرع هى
ولو بطلقة واحدة احتفالا بالأعياد مثلا ! هذه العصبية أدت بها لأن بها تؤكد هذه العزلة
وتجعلها علنية وعلى رءوس الأشهاد ، بأن تقدمت للاجتماع بمشروع بيان مضاد
يطالب باستمرار الانتفاضة ، فإذا لم يجد تأييدا حتى من النظام العربى
المتطرف الوحيد الآخر : العراق ! أرجو أن يكون چورچ بوش قد فهم الرسالة هذه
المرة ، ولا أدرى إن كان لا يزال بعد كل هذه الأهوال بطئ الفهم كما ديدن كل
الساسة الأميركيين ، أم تحسن بعض الشىء . إن رأس الأفعى ليس بغداد
حسبما يقول غسيل المخ الغربى والعربى معا ، بل هو قابع هناك فى دمشق كما
قال هذا الموقع ألف مرة حتى الآن . آمل أيضا أن لا يطول انتظارنا لرؤية الطائرات
المصرية والسعودية تدك دمشق وبيروت ( دعوة وجهناها فى 14 أكتوبر الماضى من
صفحة سپتمبر ) ، وكفانا ما لحق بنا من
خراب وتخلف منذ 1967 وحتى الآن بسبب تحريضات هذه الأفعى خفيضة الصوت مسمومة
المآرب . وبدون مبادرة ذاتية جدا من العرب لإسقاط هذا الريچيم أعتقد أن
الثمن المطلوب بعد الآن لن يقل عن إبادتنا جميعا . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 22 ديسيمبر 2001 : رد فعل قوى للغاية لأحمد قريع ( أبو العلاء ) رئيس المجلس
التشريعى الفلسطينى على الديماجوچية السورية ’ التى لم تطلق على إسرائيل
ولو طلقة واحدة ‘ ، جاء اليوم من خلال حديث مع إذاعة البى بى سى
العربية . تحدث عن الحاجة لفهم عالم لم يعد به إلا إرادة واحدة هى الإرادة
الأميركية ، وأفاض فى الكلام عما أسماه التضحية بلا نصر ، ولأول مرة
فى حياتى أسمع صوتا فلسطينيا يتحدث عن الخسائر فى مجال التعليم مثلا بسبب
الانتفاضة ، بل ربما أول صوت عربى يعتبر التعليم أهم من الأرض ! هل
تذكر ما كتبناه موجها للفلسطينيين قبل سنوات فى صفحة الثقافة من أن لا مهانة أشد من
الفقر ، وأن سباق التقدم يحسب بالأسابيع والشهور ، بينما يمسك بنا
وسواس الأرض الضائعة لسنوات وعقود ؟ ] . 24 ديسيمبر
2001 : منعت إسرائيل ياسر عرفات الذى باتت تعتبره مواطنا فلسطينيا عاديا من
الذهاب للاحتفال بليلة عيد الميلاد فى مدينة بيت لحم ، باعتباره مواطنا مسلما
ولا حاجة ملحة لديه للاحتفال . رسميا قالت إن لا وقت لديه
للاحتفالات ، والأفضل له أن يتفرغ لمكافحة الإرهاب ، وحددوا له مهمة
رمزية هى القبض على قتلة وزير السياحة رحبعام زئيفى . هنا يكمن السبب
الحقيقى غير المعلن : اعتبر الإسرائيليون طلب عرفات بالسفر من رام الله
لبيت لحم للاحتفال ، طلبا يفتقد للذوق على نحو فاحش ، بينما أسرة
زئيفى وأكثر من خمسين أسرة غيرها لا تزال تعيش الحداد . إعلاميا خسرت إسرائيل بتعاطف العالم مع الكهل
الحبيس المتسامح دينيا الذى لا يريد أكثر من تهنئة أبناء شعبه المسيحيين
بعيدهم . وفى طليعة هؤلاء المتعاطفين پاپا روما ( ومن يشهد للعروس سوى
متدين مثلها ؟ ! ) . وفعلا لعب عرفات على هذا الوتر بنجاح
مستغلا سذاجة العالم الذى لا يعرف المراوغات العربية التقليدية ، ومنها
تحويل الموضوع الأصلى لشىء آخر كما فعل هذه المرة . بينما إسرائيل الصريحة
عادة لا تلجأ لمثل هذه الأساليب الملتوية قط ، ولا تعرف سوى أسلوب واحد
مباشر للتعبير عن نفسها هو القوة الغاشمة ، والذى عادة ما يستفز العالم
العاطفى مرهف القلب ، بالذات لو فى موسم الكريسماس ( رغم أنه والله
العظيم أسلوب يتفق مع نظرية داروين بل وكل نظريات الفيزياء والميكانيكا والتاريخ
الطبيعى بنسبة 100 0/0 على الأقل ! ) . ستراتيچيا استفادت إسرائيل الكثير فى المقابل بهذه
الإهانة المقصودة لعرفات ، بأن أكدت للعالم موقفها أنه بات غير ذى موضوع irrelevant فى نظرها ، وأن دوره قد انتهى تاريخيا . وسربت لصحفها أن أحمد
قريع يتفاوض بالفعل فى روما على القبول بدولة شارون ( 42 0/0
من الأرض مع تأجيل التفاوض على بقية الأمور لاحقا ) . كذلك أقر جميع
الفلسطينيين تقريبا بالبركات الجسيمة التى لم ولن تنتهى للانتفاضة التى جاءت ردا
على دولة باراك ( 99 0/0 من الأرض مع عدم إبقاء أى
شىء من شغل اليوم للغد ) . من أقروا بذلك يشملون حتى فيما يبدو حركتى
حماس والجهاد ، التى لا يمكنك أن تفهم شيئا مما تقولاه حاليا ، سوى
أنهما قررتا دخول حالة من البيان الشتوى ، وسوف تحددان موقفهما عندما يحين
فصل الشمس المشرقة ! هذه طريقتهما المعتادة فى الإفلات من المشانق عندما
تحين لحظة الجد ، وطبعا تعلموها من الأخوان المسلمين ، تماما كما تعلم
العالم كل شىء من مصر . إنهم فقط أصحاب بوتيكات يتاجرون بالجهاد فقط بهدف
أن تملأ تبرعات السذج حساباتهم فى بنوك جزر المحيط الهادى ! الدرس المستفاد : القوة
الغاشمة تنتصر دوما لا محالة ، وإن احتاجت لبعض المجهود فى إقناع البشر
بها ! المهم فقط أن تكون غاشمة بالقدر الكافى . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 25 ديسيمبر 2001 : اعترف الفلسطينيون رسميا لأول مرة اليوم بمباحثات بيريز‑قريع ،
ويقولون ‑والعهدة على نائب قريع فى المجلس التشريعى‑ …ما كان م الأول . علشان كده
اسمح لنا بتذكيرك بأحد مأثوراتنا العظيمة جدا الأثرية جدا من صفحة الثقافة : لو عرف الضعفاء بضعفهم لما نشبت الحروب قط ! لكن مهلا عزيزى القارئ . لا
تتفاءل جدا هكذا . فلو جعلنا التاريخ مرجعنا ، فالفلسطينيون علمونا
منذ 1947 مرورا بمينا هاوس وانتهاء بالعبيط باراك ، أنهم لا يوافقون أبدا
على شىء إلا بعد أن يصبح غير معروض عليهم بعد وللأبد . فلماذا إذن لن
يضيعوا فرصة الـ 42 0/0 أيضا ؟ ! ] . 28 ديسيمبر
2001 : الاتحاد الأوروپى يعلن رسميا حماس والجهاد وقادة
حزب الله الجزء المسلى فى الأمر هو استخدام الفلسطينيين
لكلمة ضغط ، كانوا يصفون استهجان العالم لإرهابهم وتخلفهم بكلمة
الضغط ، ثم أصبحوا يقولون الضغوط ، والآن يستخدمون جمع الجمع
ضغوطات . لم يكن للعرب من مهنة تاريخيا إلا الكلام ، ومن ثم جاءت
اللغة العربية لغة عظيمة نجيبة ومضبوطة معا ، وربما لا يعيبها شىء سوى
الناطقين بها . رغم ذلك لو أصر الفلسطينيون على استنزافها بهذه
المعدلات ، فلا أعتقد أنها سوف تصمد أو تسعفهم لمدة طويلة ! اكتب رأيك هنا 29 ديسيمبر
2001 : غيب يا قط العب يافار . تحجيم الحركات
الإسلامية الفلسطينية أسفر عن فرصة ذهبية لاستقدام مناضلين مستوردين نعم عزيزى القارئ ، أكاد أسمع ما تريد الهمس
به : إذا كان لعب السلطة على
على حبل ابتزاز إسرائيل بالانتفاضة الإسلامية قد جلب عليها كل هذه
الكوارث ، فهل سيكون الابتزاز الجديد أقل وبالا ؟ أصدقاؤنا أنتم تتكلمون كثيرا عن تغير العالم بعد 11
سپتمبر ، لكنكم فى الواقع لا تعرفون ما الذى تغير فعلا . إنه ببساطة
أن الغرب لم يعد جاهلا بالمتخلفين أمثالكم وأچنداتهم المارقة على الحضارة .
وأنه بات أكثر يمينية بكثير ، وأقل تعاطفا بكثير مع الجوعى . وقريبا
ستسمعون منه أنكم تستحقون الإبادة لا أجولة الدقيق . كل الحبال التى تعود
شيوعيو العالم الثالث اللعب عليها أيام الحرب الباردة ، تقطعت بعد سقوط
الاتحاد السوڤييتى ، وها هى أحرقت بالكامل بعد 11 سپتمبر . إنكم
تلعبون فى الوقت الضائع ، وتجربون اللعبة التى هجرها الجميع ، والسبب
طبعا أنكم أفلستم ! فقط أفيقوا يا حكماء فلسطين ، ولا تتركوا
الآخرين يختطفون شعبكم من جديد تحت وهم دعم ’ العالم ‘ هذه
المرة ، وهو ليس إلا حفنة من الشيوعيين المنبوذين . سوف تختطفون
لسنوات أخرى ( المفارقة هذه المرة أن يختطفكم أناس بلا أچندة ، أو
بقول آخر تختطفون أنفسكم طوعا ) . إذا كانت بركات الأقصى وانتفاضته هوت بالأراضى من 99 0/0
إلى 42 0/0 ، فالأرجح أن تكتشفوا هذه المرة أن
إسرائيل لم تعد تعرض 42 0/0 إنما 2 0/0
فقط ! اقرأ تقييمنا
لكيف تغير العالم فى المائة يوم الأولى لسپتمبر 11 … اكتب رأيك هنا 10 يناير
2002 : العالم كله يتحدث منذ ستة
أيام هل تعتقدون أن إسرائيل لم تفوت عشرات الشحنات
المثيلة من قبل ، واحتفظت بهذه للتوقيت المناسب ؟ ثم هل تعتقدون أن
التوقيت المناسب هو زيارة الچنرال زينى وأن العالم أصبح يحاصر إسرائيل مطالبا
بالسلام ، ومن ثم أرادت الإفلات من هذا الحصار ؟ بل هل تعتقدون أن
إسرائيل تبحث أصلا عن ذريعة لإسقاط عرفات أو حتى إبادة الفلسطينيين ؟ لا
شىء من كل هذا صحيح . إن عرفات سيسقط والفلسطينيين سيبادون فى الوقت الذى
تحدده إسرائيل وبالطريقة التى تراها ، وساعتها لن تهتم بالأمر أميركا أو
العالم أو حتى العرب . إنها لا تهتم حتى بإثبات أن البحر الأحمر بحيرة
إسرائيل ، فهذه حقيقة واقعة منذ عقود ، واسألوا اريتريا وأثيوپيا
مثلا . إسرائيل لا تفكر فى الفلسطينيين ولا حتى فى البحر
الأحمر بأى شكل من الأشكال . إنها تفكر فقط فى أعداء أهم وستراتيچيات أوسع
وخرائط أكبر ، كما قلنا كل هذا مرارا أعلاه .
ما لم نكن نعلمه فى الأيام الستة الماضية وطبعا كانت تعلمه الاستخبارات
الإسرائيلية ، وتعلم أن الاستخبارات الأميركية تعلمه ، هو ما يجرى على
الحدود الإيرانية الأفجانية . اليوم فقط أصبحنا نعلم أن هناك محاولات
إيرانية للتذمر من الوجود الأميركى الكثيف والمصدق عليه من الجميع على حدودها
الشرقية . وأنها غاضبة من علمنة أفجانستان كما قال مسئول
دفاعى أميركى ، وأنها راحت مثلا تستضيف فلول تنظيم القاعدة فى مدينة ببساطة المهم
فى المدعوة ’ كارين إيه ‘ هذه ، ليس أنها ذاهبة للإرهابيين
الفلسطينيين ، بل أنها قادمة من إيران . ولو
كان المطلوب ضبط عرفات عاريا لانتظرت إسرائيل حتى وصول السفينة لأبواب
غزة ، وليس هناك بعمق خمسمائة كيلو مترا فى البحر الأحمر . وكلام چورچ
بوش شديد اللهجة اليوم ، وضع الريچيم الإيرانى بوضوح على أچندة التصفية
القادمة ، وضمنت إسرائيل دورا أكبر فى كل الشرق الأوسط الذى طالما اعتبرته
فناء خلفيا لها ، ولا يعجبها حتى التواجد الأميركى فيه . اليوم فقط ، والقاهرة تحت قصف حبيبات الثلج
ربما لأول مرة فيما يذكر من تاريخها ، أصبح بالإمكان الحديث عن السفن
والأحوال الجوية المضطربة معا ، وأصبح ممكنا القول رغم كل الضباب
والعواصف : لقد طفت التايتانيك ! ملحوظة أخيرة
جدا ثانوية جدا وعلى الهامش جدا : ما أكاد أجزم به
الآن أن ملف الدولة الفلسطينية قد
طوى للأبد اعتبارا من هذا الأسبوع ، وأن أصبح
الاستسلام العربى بلا ثمن على الإطلاق اليوم . لن نتحدث عن الماضى ونذكرك بما كنا
سنحصل عليه لو استسلمنا سنة 1947 أو حتى 1967 . سنتحدث فقط عن
المستقبل ، ونقول اعتبارا من
الغد سيصبح الثمن سالبا فقط ، بمعنى أن يكون مقابل الاستسلام تقليل عدد
المستهدفين بالإبادة أو إبطاء جدول إبادتهم . الشىء الوحيد المشترك بين
الماضى والمستقبل أن التأخير لن يزيد الأمور إلا سوءا ! 25 يناير
2002 : من irrelevant على لسان آرييل شارون فى 24 ديسيمبر أعلاه إلى
disappointing
على لسان چورچ بوش اليوم ، ومن كون أيامه باتت معدودة إلى
كون ساعاته باتت معدودة ، هذا هو وضع ياسر عرفات كما تبدى لنا اليوم .
لا ندرى ماذا ستفعل أميركا الغاضبة جدا من موضوع السفينة بالضبط ، وفيما
يقال ستتخذ قرارها مساء اليوم . هذا سيتراوح ما بين قطع العلاقات
الدپلوماسية مع السلطة الفلسطينية ومن ثم عدم إرسال مبعوثين للسلام مرة أخرى
وطردها من مكاتبها فى واشينجتون ، وما بين تصنيفها كمنظمة إرهابية وإعلانها
عدوا لأميركا . لا يهم هذا أو ذاك كثيرا ، فالمهم فى كل الأحوال أنه
تصريح على بياض لآرييل شارون بإنهاء القضية سواء بالإبادة أو بأى ما كانت أعصابة
الهرمة ستستطيع الوصول به إليه . سوف يلتقى شارون من جديد ببوش بعد أيام ، ولا
أعتقد أننا فى حاجة لتكرار ما قلناه عن الزيارة
السابقة ، أن الرجلين لن يتحدثا عن الفلسطينيين ولو بنبت شفة واحد ،
إنما سيتحدثان فقط عن كيفية ضرب سوريا والعراق وإيران ، هذا ما لم تكن هناك
أمور أخرى أهم . اكتب رأيك هنا 4 فبراير
2002 : منذ ثلاثة أيام بعد كل المجهود على مدى عام كامل ، وبالذات
بعد المجهود المظفر والنجاح الإعلامى الباهر فى واقعة السفينة ،
يفاوض ؟ هل فعل شارون كل ما فعل حتى الآن حتى يتفاوض فى آخر المطاف ؟
هل جعل أميركا تقطع تقريبا كل علاقاتها بالفلسطينيين حتى يقيم هو علاقاته ؟
وأى تفاوض ، التفاوض الأول إطلاقا منذ توليه السلطة . ومع من ؟ مع
زعامات عليا من السلطة التى اقترب جدا من نهاية مسعاه بتصنيف كل العالم
( بما فيه العرب ) لها ككيان إرهابى ؟ على الأقل جدا أين ذهب
شرطه الكاريكاتورى الشهير بالتهدئة لمدة سبعة أيام ؟ فقط ما كنت أعرفه أن
من المستحيل أن يكون ما يقوله الجميع شيئا صحيحا ، وظللت أنتظر حتى نسمع ما
سيقوله شارون نفسه . هذا حدث اليوم ، وبالطريقة المعتادة للإدلاء
بالتصريحات الاستثنائية فى أهميتها : مكالمة لويلليام
سافاير ! طبعا لا شىء صحيح فى كل ما قيل أو كتب ، إنما هى
مجرد الخطوة الأولى فى التخلص من عرفات الذى يعلم أنه واسع النفوذ بين
الفلسطينيين ، فتح الاتصالات مع بدلائه ’ الپراجماتيين ‘
المحتملين ، وأراد أن يخبرهم بالشروط التى يمكن أن يتعامل بها معهم لو
أزاحوا عرفات ، وهى القائمة الطويلة المعروفة ، ومنها تفكيك كل المنظمات
بما فيها فتح وحرس عرفات ، وتسليم كل الأسلحة ، وتغيير الإعلام
والمناهج وكافة أشكال التحريض …إلخ . أيضا للأمر علاقة بالخطة الناجحة لضم
إيران لمحور الشر ،
والتمهيد لضربها قريبا . وأخيرا قال بحسم تام أن الأمر لا ينطوى على أى
انفراج بالمرة ، وأن اللقاء نفسه هو ضغط على عرفات ( الصحافة ركزت على
أن لا بد وقد بارك عرفات الاجتماع ! ) . وطبعا أنهى اللقاء بأنه
لا يفكر فى الفلسطينين أكثر من تفكيره فى مشاكل يهود الأرچنتين وفرنسا الحالية . يعنى طبعا طبعا ، هى ذات الخطة بعيدة المجرى
والواسعة جدا التى أخبر سافاير بها قبل عام فى 13 فبراير الماضى أعلاه ،
والتى ستجعل من الشرق الأوسط منصة مسرح مثيرة الأحداث فى الشهور القادمة .
ربما لم يقل كل شىء بعد ، لكن المؤكد وبلا أدنى لبس أن ليس فيه شىء من
المفاوضات ، فقد هجر العالم كل أمثال هذه الأفكار المملة مرة واحدة وللأبد
يوم 11 سپتمبر الفائت . والأهم بالنسبة لى طبعا أن انتهت الأخماس
والأسداس ! … اقرأ عمود ويلليام سافاير
… اكتب رأيك هنا 17 فبراير
2002 : مأزق كبير حقا تمر به إسرائيل حاليا : سلسلة من الهجمات
الفلسطينية الأكثر خطورة ، ومنها مثلا انفجار هائل دمر إحدى
الدبابات ، وإطلاق صواريخ محلية الصنع على داخل إسرائيل …إلخ ، بينما لا
تفعل هى شيئا تقريبا لوقفها . المشكلة والحل فى المدخل المبرد اليوم فى
صفحة سپتمبر .
19 فبراير
2002 : قرأت بالطبع عمود توماس فرييدمان
أول أمس ، ولم أكد أتخيل أنه سيثير أى رد فعل يذكر ، لكن إذا به يتصدر
بحماس كل الصحف والإذاعات العربية . حفل عشاء دعا الأمير عبد الله فرييدمان
إليه . وفرييدمان كصديق للعرب ( دعك مما تقوله منذ سنوات الصحافة
المصرية ! ) ، سأل ولى عهد السعودية فيما يبدو كسؤال برئ :
ما المانع أن يعطى العرب كل السلام لإسرائيل ، وتعطى هى كل الأرض ‑أرض
1967‑ للعرب ؟ فكان رد الأمير أن هذا ما كان ينتوى قوله فعلا للقمة
العربية الشهر القادم لو استشعر بعض اللين من آرييل شارون . رأيى أن السؤال برئ فعلا ، ويعبر عن موقف
فرييدمان المتوحد كلية مع الموقف المشترك لليسار الإسرائيلى مع مجمل الزعامات
العربية المعتدلة . وفاته أن يقرأ ، أو قرأ ونسى أن الأمير عبد الله
نفسه ، قد اتخذ ‑بمعايير الأهل والأرض والعرض‑ موقفا أكثر
تقدما من هذا بكثير قبل حوالى 14 شهرا من الآن ، الأمر الذى شد انتباهنا
بشدة فى حينه أعلاه ، واعتبرناه أكبر لحظة
قربت فيها المسافة بين العرب وإسرائيل فى التاريخ كله . فى الساعات الأخيرة لقمة كامپ ديڤيد الثانية
برعاية الرئيس كلينتون وقد بات الفشل وشيكا ، قال الأمير عبد الله آنذاك إن
كل شىء عدا المسجد الأقصى قابل للتفاوض . الرجل لم يطالب بأراضى 1967 أو
حتى بالقدس الشرقية أو بتفكيك المستوطنات أو طبعا بما سمى حق العودة ، وهو
الشىء الذى أفسد كل شىء عندما تذكره ياسر عرفات فى اللحظة الأخيرة ( أو
ربما أرسلت له الأفعى الدمشقية ببريد إليكترونى مسموم تذكر إياه بها ،
فكانت صفعته للجميع بما فيها للأسف المبادرة المذهلة للأمير عبد الله ولرئيس
الولايات المتحدة شخصيا وفى وجهه وبحضوره ) . الأمير اعتبر فقط أن كل
شىء عدا هذا المكان الذى يعتبره المسلمون أحد أكبر مقدساتهم ، يمكن أن يدخل
فى إطار الترضيات المادية ، وهى شىء مما يمكن التوافر عليه من الغرب أو
إسرائيل أو الخليج العربى ، أو منها معا . على أن قيمة التصريح الجديد للأمير عبد الله لا
تكمن فى مساحات الأرض أو فى ترحيل الفلسطينيين من خارج إسرائيل لداخلها أو من
داخلها لخارجها ، بل فى شىء آخر تماما ، لو لم يحدث رد فعل إسرائيلى
فورى عليه ، لما كان الموضوع برمته يستحق أية ضجة ، وهذا ما توقعناه
ولا زلنا . ما فهمته شخصيا من التصريح الجديد أنه رسالة مشفرة قُصد جدا أن
تمر أولا من خلال دهماء العرب الجوعى دون أن يفهموا شيئا منها ، لتصل إلى
من يفهمونها فقط : الأثرياء المحترمون المتبادلة فيما بينهم :
السعودية‑إسرائيل وبالعكس . إنه يعرض ورقة جدية على المنضدة لم تعرض
رسميا من قبل ، وهذا كما تعلم هو أسلوب المحترمين ، خذ وهات وليس زعيق
الميكروفونات وإلقاء الحجارة . هذه الورقة هى انخراط إسرائيل والسعودية فى
علاقات تجارية واقتصادية حقيقية وواسعة النطاق . التطبيع الذى تفهمه سوريا برفع علم فوق إحدى الشقق
فى دمشق ، لن تحصل فى مقابله من أراضى الجولان إلا ما يعادل مساحة هذه
الشقة . لا علاقة لهذا بيمين أو يسار فى إسرائيل ، وله علاقة فقط
بالحس الشائع commom sense ومنطقيات الطبيعة البسيطة . إسرائيل فى سالف العصر والأوان كانت تعرض ترك بعض
أراضى 1967 سياديا ، فى مقابل احتلال كل أراضى العرب اقتصاديا . لكن
هذا العرض نفسه لم يعد قائما ، ولا نريد أن نكرر تحليلات
صفحة الثقافة المطولة قبل سنوات
طويلة ، من أن كل العالم أصبح سوقا لمنتجات إسرائيل عالية التقنية وانكمش
فى المقابل احتمالات نمو السوق العربية ، التى لا تمثل أكثر من الصفر إلا
كسرا صغيرا من الواحد بالمائة من السوق العالمية . هنا تدخل مبادرة الأمير عبد الله المشفرة ،
وإسرائيل المحترمة بدورها لا بد وأن تفهم من مصطلحات الاقتصاد كلمات مثل العلاقة
المفضلة والنظرة الأولى first look واقتصاديات التجاور وتكامل الجوار …إلخ ،
وأن هذا ما يريد الأمير عبد الله عرضه عليهم ، وأن السعودية مستعدة لهذا ‑وطبعا
السعودية وحدها أو بالأكثر مجلس التعاون الخليجى هو ما يقصده بكلمة العرب الذين
سيطبعون العلاقات مع إسرائيل ، فالكل يعلم أن البقية هى جثث بدينة أو نحيلة
لا فرص اقتصادية جدية فيها . بل يمكن أن يفهم أكثر من هذا أن المبادرة قد تكون
تعبيرا على مرحلة جديدة من مسيرة التطوير الذى لم يتوقف أبدا فى السعودية منذ
الثلاثينيات على العكس من بلاد عربية كثيرة ، وأنه قد حان أوان الرغبة فى
الانفتاح على عصر التقنيات المتقدمة ، ودخول مجالات كانت مستبعدة من قبل
كالتقنيات الحاسوبية التى تحاول إمارة صغيرة كدبى الانفراد بها ، إن لم يكن
أيضا اكتساب التقنيات الچيينية نفسها مثلا . أيضا ماذا لو أن السعودية
وليست دبى هى التى قررت أن تصبح مركزا تمويليا هو الأهم بعد نيو يورك ، وأن
إسرائيل قد تلقى بثقلها هنا فى إطار بنائها لامپراطوريتها الإقليمية ؟ هذه
كلها وغيرها إيحاءات مشروعة يجوز استنتاجها من مجرد أن الذى تفوه بكلمة التطبيع
هو الأمير عبد الله ، والمؤكد أنه لم يكن لينطق بها لو كان الأمر مجرد مكتب
ورفع علم به نجمة داود ( فالمقارنة لن تكون واردة حتى أبد الدهر بين أمير
واثق شهم ورصين إلى آخر شيم ونبالة الأمراء الحقيقيين ، وبين أمير دمشق
الأخرق المراهق المهزوم ) . وإسرائيل كدولة حصيفة لا بد وأن تفهم وتقدر أيضا
مضمنات أخرى ثانوية لكن مهمة فى المبادرة المشفرة ، وأن بها من الحواجز
النفسية التى كسرت ، كثير أو قليل مما يتوجب مقارنته بمبادرة السادات
1977 . تقدر أولا أن هذه خطوة جريئة حقا من بلد به أماكن يحظر رسميا دخول
غير المسلمين إليها ، ويعتبر ككل حارسا على ديانة تكن نصوصها كراهية متأصلة
زاخرة الأوجه لليهود . ولا بد وأنها تعلم ثانيا أن السعودية ليست دولة رعشاء
يتجمد التعاون معها بسبب بعض مقالات لسعد الدين
وهبة . وطبعا لا بد وأن تعلم أن ما يمكن أن تقدمه السعودية من تضحية
جديدة معنوية ( إن لم يكن ماديا أيضا بشكل أو بآخر ) ، هو أيضا
مساعدة لإسرائيل فى حل مشكلة لم تكف عن التأزم بسبب تعنت سوريا الأجوف ،
وبسبب نوبة التشدد عند عرفات قبل 14 شهرا ، وما ترتب عليه من ساعتها ،
حيث لم يكف بقية الفلسطنيين و’ الشارع العربى ‘ عن الإغراق فى التطرف
والعنف . لكن ما أفهمه أيضا أن الأمور ساءت جدا للأسف
الشديد ، بحيث تجاوزت الأحداث ما قاله الأمير يوم 31
ديسيمبر 2000 ، أو ما يقوله الآن . لا يمكن لا الآن ولا مستقبلا
لأية قيادة إسرائيلية أن تقتنع أن أية صفقة يمكن أن تجدى مع الموتورين
الفلسطينيين والسوريين ، ناهيك عن كونها فكرة غير مريحة جدا أن يدفع
السعوديون ويقبض الفلسطينيون والسوريون . ( الحقيقة الأمير لم يذكر
سوريا صراحة ، ومؤكد أنه يعلم من خبرته الطويلة حجم العراقيل الهائلة التى
ستضعها أمام أى حل . والشيطان يكمن فى التفاصيل ، وأول صورة للشيطان
فى التاريخ الدينى هى الأفعى ، وبشار الأسد لا يعدم بالمرة أيا من
خصائصها . واعتقادى الشخصى أن كل عقلاء العرب وصلوا أخيرا أو كادوا ، لقناعة أن الأمور يجب أن تمضى
بسوريا أو بدون سوريا ) . كأى أحد آخر ، آمل أن يكون لدى أى زعيم
إسرائيلى حل آخر غير التصفية ، ويرد ردا إيجابيا على ما طرحه الأمير عبد
الله وهو يستحقه بالفعل . لكن لا أعتقد أن منهم من يغامر بالتفكير فى
المفاوضات مرة أخرى بعد كل ما قدمه باراك ورفض ، وأنها لا بد وأن تنتهى
حتما بتشدد فلسطينى يغامر بسياسة حافة الهاوية فى اللحظة الأخيرة . كذا لا
أعتقد أن من الممكن لأى زعيم إسرائيلى أن يتخيل أن المكانة أو النوايا العظيمة
لشخصية كالأمير عبد الله يمكن أن تصنع الكثير مع من والوا بن لادن
وخومينى ، إذا كان عرفات نفسه ‑وهو ليس منهم‑ قد صفع الجميع ذات مرة . الشىء الوحيد المؤكد أنه إذا فهمت إسرائيل أن الأمير عبد الله يعرض بالتطبيع
الواسع مع إسرائيل سداد فواتير كل الرعناء الذين أضاعوا أراضيهم ، فإن
أصحاب الفواتير أنفسهم ( حفدة أمين الحسينى وحافظ الأسد ) هم آخر من
يفهم هذا !
إذن الواضح أنه ليس أمام أى مسئول إسرائيلى سوى
المضى قدما فى سياسة تصعيد استخدام القوة حتى آخر مدى ممكن . فهذه هى
الطريقة الوحيدة لكسر آلة التطرف الفلسطينى الجهنمية . الحل العملى الآن ‑وكما
قلناه قبل سنوات طويلة‑ هو حلف
حضارى ، تتكاتف فيه أميركا وإسرائيل وقوى الاعتدال العربى ،
لإسقاط ريچيمات التطرف العربى ( وطبعا كسر شوكة أذنابها فى
فلسطين ) . أو كما قلنا مؤخرا
على نحو أكثر تحديدا : أن تبدأ الطائرات السعودية والمصرية فى قصف دمشق
وبغداد وطهران فورا . عندما تحل الأمور بهذه الطريقة ، ساعتها فقط
سيكون لأية كلمة تصدر عن الأمير عبد الله وقعها المسموع والفورى من العالم
كله . أما ‑وفى هذا تحديث لكلمة قديمة
أخرى لنا‑ إذا جاء السلام ونجت
منه جبهة الرفض العربى ، فإن الأمير عبد الله نفسه سيكون ( بالتطاول
والتآمر والمزايدة ) أول ضحايا هؤلاء الذين دفع بكرمه الفياض الفاتورة
عنهم ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 4 مارس 2002 : لوردات
الانتفاضة وانتهازيو بوتيكاتها رفضوا المبادرة . الجرذ الألثغ الدمشقى أخرج
سلاحه السحرى سابقا والمستهلك حاليا ، المسمى حق العودة . والسؤال
الوحيد : هو مال ديـ*
أهله ؟ عرفات موافق . وحتى ذنب الجرذ نفسه
والمعنون قصر بعبدا أعلن موافقته هو الآخر ، وهو أكبر مستضيف للفلسطينيين
( فى المرة السابقة استخدم البريد الإليكترونى ، لكن هذه المرة تملكه
الذعر لدرجة أن طار لبيروت فى زيارة يقال طبعا بغداد وطهران فعلوا المتوقع
وزيادة . حتى الأخ بتاع الوحدة مع أفريقيا والذى نحاول إقناع أنفسنا أنه لم
يعد جزءا من جبهة الرفض ، مفترضين أنه مات ودفن من زمان ، استرسل هو
الآخر فى مزايداته الوقحة ، وعرض الإنسحاب من الجامعة العربية
( السؤال بالأحرى هو كيف تستمر السعودية أو مصر أو أية بلد يحترم نفسه فى
منظمة بها مثل هذه الأشكال وتلك ؟ أليس سر فشل الجامعة العربية هو كونها
تضم التنمويين والشعاراتيين معا ، أو لم يحن الوقت لقسمها لمنظمتين على الأقل
أكثر تجانسا وفاعلية ، إلى حين إسقاط ريچيمات الرفض ؟ ) . فى البداية أبدى الإسرائيليون
اهتمامهم البالغ بالمبادرة . لكن بعد كل هذا الذى قيل أعطوا ردهم
الأخير ، فجاء كوميديا مرحا ورياضيا جدا ، ويهزأ فقط من ذكاء بشار
الأسد والعلكات اللصيقة بلسانه . تصوروا ماذا قالوا ؟ قالوا :
الشرعية الدولية أفضل لنا ، لأنها لا تلزمنا برد كل الأراضى ! سمو الأمير الفاضل : صدق شخصى
المتواضع ، لا أحد يريد عودة الجولان ولا غير الجولان . إنهم سيموتون
لو عادت إليهم . أو بصراحة أكثر ، لدينا فى مصر نظرية تتحدث عن ذيل
الكلب وقالب الطوب ، لكن منعنى تأدبى من الحديث أعلاه بكل ما فى داخلى من
تشاؤم تجاه مصير مبادرتكم الكريمة ، إن لم يكن شعورى الأولى قبل هذا هو
أنها ستجهض دون أن يلتفت لها أحد . لكنى أرجو من كرمكم العظيم هذا ،
أن يتسع أيضا للسماح لى الآن بهذه الكلمة : سيدى ، هذا
ليس وقت المبادرات . إنه وقت قصف دمشق وبغداد وطهران ( وطرابلس أيضا
لو كان عند طائراتكم الوقت الكافى ! ) . حتى بفرض موافقة أميركا وإسرائيل
الضمنية أو الجزئية ، فإنى سوف أدهش حقيقة من نضاليتكم وبطولتكم وإخلاصكم
المذهلة نحو هؤلاء المهزومين حضاريا ممن لا يستحقون أى شىء ، ذلك إذا ما
مضيتم قدما فى عرض المبادرة على القمة العربية ] . [ تحديث : 8 أپريل 2002 : ربما
لم نكن مبالغين جدا عندما تحدثنا عن طموحات بيوتقنية للملكة السعودية . هذا
ما تحدثت عنه جريدة
الحياة اليوم فى حديث مع رئيس شركة جديدة متخصصة اسمها ’ مدينة جدة
للتقنية الحيوية ‘ ] . 21 فبراير
2002 : اختار شارون الاستسلام ، أو بوصف أفضل قليلا الاستسلام حتى إشعار آخر . شرحنا من قبل حجم المأزق الذى وجدت
إسرائيل نفسها فيه أمام قرار أميركى يقول ’ العراق أولا ‘ بل ويؤجل
هذا لما بعد الصيف ، بينما الإرهاب الفلسطينى يتصاعد وينضم له عملاء طهران
على نحو مباشر . شارون الذى أبدى لينا متواصلا على مدى الشهور
الماضية ، وصل إلى الحد الأقصى للتخاذل بخطابه اليوم
الذى كسر فيه ولأول مرة أحد أهم
الثوابت فى التاريخ الإسرائيلى ، وهو أنها دولة بلا حدود . قرر تأسيس منطقة مصد buffer zone حول المناطق
الفلسطينية . هذه كارثة ما بعدها كارثة من منظور دولة طالما رأت أنها شعلة
حضارية دائمة التوسع ولا تحدها حدود . إنها تعادل تقريبا الرضوخ لطلب
المراقبين الدوليين الذى طالما رفضته إسرائيل رغم أنه فى الواقع كان سيحميها هى
من اعتداءات الفلسطينيين ، ويجمد قضيتهم للأبد ( ربما ليست بالضبط كما
تتخوف إسرائيل ، لن تمنع المتسللين الانتحاريين ، وتمنع فقط إسرائيل
من الرد عليهم . على الأقل كان عرفات سيفعل المستحيل لوقف حماس
والجهاد ، ممن لم تحد أچندتهم أبدا عن إزالة إسرائيل وتحويل اليهود
لذميين . ولو لم يفعل لطلبت إسرائيل سحب المراقبين ببساطة ) .
لكن الفكرة الأساسية كانت دائما أبدا أن ليس لأحد ‑يهوديا كان أو غير
يهودى‑ الحق فى وضع حدود للدولة العبرية ، أو أن يجمد فرص التوسع
المستقبلى لها . لكن من منظور آخر قد يمرر اليمين الإسرائيلى الفكرة
على أساس أن كل شىء يجب أن يجمد ، إلى حين انتهاء أميركا من إسقاط صدام
حسين ، أو إن أمكن اقناعها بضرب الكل مرة واحدة . أو أن يقول إنه لا
توجد حواجز لا يمكن إزالتها فيما بعد . لكن حتى هذا الخيار نفسه ليس محتملا
جدا ، وفرص نجاحه بالغة الضآلة . فالأنشطة الفلسطينية لن تتوقف ،
بل وستجد فى هذه الراية البيضاء نصرا ما بعده نصر ، ناهيك عن أن محور
الخطاب ككل نبرة دفاعية للغاية حول هل ستتداعى إسرائيل أم لا . ولن يمر وقت
طويل حتى يكتشف اليمين الإسرائيلى أن لا جدوى من المسكنات الشارونية ولا بد من
المواجهة ، وهى شىء لم يفعله شارون منذ وصل للحكم ، وغالبا لن يصلح له
ويستدعى استقدام البديل الذى نعرفه جميعا ، والمسمى بيبى نيتانياهو ذى الأطروحات بالغة الاختلاف . لننتظر ونرى ، والمؤكد فقط أن هناك شيئا سوف
نراه ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 5 مارس 2002 : الانتظار
لم يطل واكتشف آرييل شارون أنه يقود إسرائيل ، إن لم يكن كل الحضارة
المعاصرة ، للانتحار بقراره الغريب بإنشاء حائط مصد مع الفلسطينيين .
فقد فى أسبوع واحد من الدم اليهودى قدر من فقدهم فى شهور . وأمس واليوم فقط
عاد للضرب من جديد ، ولأول مرة ‑منذ 1982‑ بشىء من
الجدية . بدأ بارونات الانتفاضة الكبار يتساقطون ، ومن لا يجده الجيش
الإسرائيلى فى عنوانه يترك له رسالة هى جثث أسرته . وقال آرييل شارون علنا
أنه سيكبد الفلسطينيين من الضحايا من يجعلهم يجثون طالبين وقف إطلاق
النار . هذا فى تذكير واضح بتركيع منظمة التحرير وحزب الله والجميع فى
لبنان 1982 ، بحيث تركته إسرائيل وهو لا يلقى صاروخا ولا حتى طوبة ،
فقط تبجحات حنجورية لحزب الله تتحدث عن تحرير موهوم .
قلنا ألف مرة القوة هى القانون القاعدى الذى انبنى عليه الكون
بدءا من المجرات حتى نواة الذرة ، وقلنا ألف مرة
القوة قادرة على حل كل مشكلة فى الكون فقط إذا ما استخدمت بالقدر الكافى ،
وقلنا ألف مرة يخطئ من يعتقد أنه يستطيع هز ذيل النمر
النووى وينجو بفعلته . اليوم فقط فهمت إسرائيل هذا وصرح مسئول بحكومتها
تعقيبا على الانتصارات الساحقة على لوردات الانتفاضة أن ما استخدم فى اليومين
الأخيرين من قوة ، هو أبعد ما يكون عما لدى إسرائيل من قوة قصوى . يظل اللغز الوحيد المعلق فى كل هذا
هو العراق ؟ أميركا صامتة تماما بل وسعيدة بالتصعيد الشارونى ، ولم
يصبها الجزع المعتاد على مشروعاتها بين النهرين ( لا ينافسها فى صمتها سوى
الصمت العربى السعيد بالخلاص من بارونات الانتفاضة الذين يحاولون اختطاف
المستقبل العربى إلى هوة من المجهول سحيقة لا قرار لها ) . لغز طبعا ،
لكن لدينا قرينة صغيرة نهديها لك لعل بها مفتاحا لهذه الأحجية المعقدة .
إنها مقال ويلليام
سافاير بالأمس . على غير عادة سافاير لا ذكر بالمرة لشارون أو
إسرائيل ، كل الكلام عن حاجة أميركا لضرب العراق فورا وليس الانتظار لما
بعد الصيف . لو صحيح أن سافاير لا يكتب إلا ويده على داخليات القرار
الواشينجتونى ، فإنه لم تعد هناك ألغاز كثيرة بعد ! ] . [ تحديث : 8 مارس 2002 : 53
قتيلا فلسطينيا اليوم وحده . البكاءون لم يفوتوا فرصة تسميته الجمعة الأسود .
لا يهم . المهم هو رد فعل الإعلام العالمى حتى أرقى مستوياته من مبادرة
لآرييل شارون اليوم بقبول التفاوض مع الفلسطسنيين تحت النار . التحليلات
بما فيها فى الصحافة الأميركية الحصيفة ذهبت لأنه تراجع عن شرط التهدئة لسبعة
أيام ، وذهب البعض بالذات عندنا على أنه برهان على فشل سياسة القوة .
وكما تعلم ، عندما تتعرض سياسة القوة للإهانة لا يسعنا السكوت ! سادتنا صحفيو أميركا وغير
أميركا ، ألا تذكرون شيئا اسمه مفاوضات پاريس . ألم تكن تتم تحت النار
هى الأخرى ، وتسعى من خلالها أميركا للحصول على أفضل الشروط مع الڤييتناميين .
شارون كان يريد التهدئة عندما كان يُضرب بضم الياء ، لا يضرب بفتحها .
فى الحالة الأولى يعنى التفاوض القبول بما يطالب به الفلسطينيون ، أما الآن
فالطبيعى أن يدعو بكل الفخر والثقة والسعادة أن يأتيه أى أحد للتفاوض .
سيداتى سادتى ، الآن اليد العليا لآرييل شارون ، والمطروح فقط على
مائدة التفاوض هو الركوع طلبا للرحمة من شلال الدماء المنهمر . فهموتها يا
سادة ؟ ! ] . 28 فبراير
2002 : وقعت اليوم مما يرضى غرورنا بالطبع تلك
الشهرة الهائلة التى هبطت على موقعنا بعد 11 سپتمبر ، حيث يبدو أن الجميع
أصبح يريد القراءة فجأة ، أو كأن كان تحت أيدينا دون أن نعلم جنى علاء
الدين ينتظر فقط من يطلقه . أصبحت ملايين الصفحات تستدعى شهريا من
موقعنا ، وأصبحت محركات البحث تتنافس على وضع محتوياتنا فى الطليعة ،
وأصبح الكثير من زملاء الإنترنيت يشيرون إلينا فى مواقعهم ، أو يناقش روادهم
فى مساحات الدردشة ما نكتب ( بود غالبا وبسخط أحيانا ) …إلخ . بل
لعل أيضا لو لدينا أرقام الزيارة لمواقع غيرنا لربما أخبرتنا إن كنا قد تجاوزنا
أصلا مستوى المقارنة بالإنترنيت العربية بنفس قدر ريادتنا لها قبل أربع
سنوات ، أم ليس بعد . كذلك لا ننكر أننا نكتب بحرية مطلقة أو
يكاد ، أو على الأقل حرية غير مسبوقة بالعربية ، وأننا فرجنا عند
الكثيرين عما يدور فى صدورهم تجاه التخلف والهزيمة والدين . لكن المشكلة
التى أرجو أن يفهمها كل القراء بمن فيهم صاحب الموقع المذكور ، أننا دائما
أبدا جادون للغاية ، ونبحث بألم وإخلاص فى السبل الوعرة لمستقبل عربى
أفضل . ولا يعنينا ولا يمتعنا التطاول على أحد ، حتى من نحتقرهم فى
أعماقنا من أولئك الذين جروا شعوبنا عقودا أو قرونا للوراء بشعاراتهم
الهمجية ، ولا يزالون أبعد من أن يطالهم الردع الواجب بعد . لا مانع عندنا أن يقتبس عنا صاحب هذا الموقع أو
غيره ، لكن مع الإشارة للمصدر ، والأفضل باستئذان مسبق ، وطبعا
فى كل الحالات مع التعامل مع الأمور بالجدية التى تستحقها . عدا هذا فهو
يسئ لنا أكثر منه يعبر عن فرحته بموقعنا . وفى جميع الأحوال : شكرا للجميع . اكتب رأيك هنا 1 مارس 2002 :
الشرائط التى كان ريتشارد نيكسون قد أمر بتسجيلها أصبحت علنية
بالأمس . الزلازل لم تتوقف على مدى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة ،
لكن ليس أضخم من تفكيره فى إلقاء
قنبلة نووية على ڤييتنام ، وقوله بشأنها
’ فكر بكبر ‘ ، الذى وضعناه فورا فى صدر صفحة الإبادة هذه ،
وكانت ما أحوجها إليه بالفعل . رغم ذلك فالقصة ’ أكبر ‘ حتى من
هذا ، وتنطوى على دروس تتعلق بمعدن الزعماء ومقومات القيادة وأمور بالغة
القاعدية كثيرة ، لذلك فمكانها الطبيعى صفحة الليبرالية . اترك كل شىء
الآن واذهب لقراءتها فورا ! 9 مارس 2002 :
تطور نوعى وخطير فى الفكر
الإبادى : دونالد رامسفيلد فى تقرير منه للكونجرس ، يأمر الپنتاجون
بتجهيز خطط لضرب سبع دول من بينها أربع دول عربية وإسلامية هى العراق وإيران
وسوريا وليبيا . واجبنا الآن افتتاح جزء جديد لهذه الصفحة بما يلائم هذه
النقلة المثيرة ، فتابع التفاصيل هناك . |
| FIRST
| PREVIOUS | PART I | NEXT
| LATEST
|