|
|
|
آليات الفن الجماهيرى
دراسة على
النوع الوحيد من الفنون القادر على
أوسع وأعمق تشكيل ممكن
لوجداننا وربما أيضا عقولنا :
الفن الهابط !
( الجزء الثالث )
Popular Art Mechanisms
A Study on the only Type of Arts That Is Able to
the Widest and Deepest Possible Formation of
Our Senses and, Maybe, Our Minds Also:
The Low Art!
(Part III)
| FIRST | PREVIOUS | PART III | NEXT
| LATEST
|
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Thursday, December 09, 2010].
August
6, 2003: Egyptian movies 2003: Sexual themes
strike back! Plus: A tribute to 1970s’ sex boom in Egyptian cinema.
July
30, 2003: Volkswagen Beetle as a pop icon!
May
19, 2003: Why Nancy Ajram is a great threat to the Arab
culture ‘Establishment?’
…
…
…
In Part II
March
19, 2003: Indian Cinema: It’s raining hits… in Cairo,
Egypt this time! Plus: A brief history of popular cinema
in India, China, Turkey and Australia.
January
24, 2003: ‘Catch Me if You Can,’ ‘Fish’s Tail’ and
‘Yacoubian’s Bldg’: Back to the art of very well told stories, all with some
interesting ideas!
October
6-24, 2002: War of Teens —The Inevitable End: Forget about that boring phony Britney. Aguilera is Latino,
‘Dirrty,’ ‘Stripped’ and never said she’s a virgin!
…
In Part I
February 7, 2002: A HISTORY MADE: Videogame business tops film
industry for the first time. Are we talking about ‘the’ new main form of Human
Culture?
January 14, 2002: Citizen, Detective and Thief, a historical
conciliation between Intellectual, Authority and Religion or just another
troubled movie?
December 13, 2001: Believe it or not? The new Egyptian model of hero:
Hajj Metwally, the husband of four!
June 22, 2001: A STAR IS TORN: The most popular actress in
Egyptian film history died. Not an accident. Not a suicide. Just a plain
vanilla murder.
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء
2 ) :
19 مايو 2003 : ماذا
فعلت نانسى عجرم حتى تتلقى كل جام الغضب هذا من المؤسسة الثقافية للأمة
العربية ؟ وطبعا ، وليس فى هذا كلام جديد ، أنت لا تكاد تميز منذ فترة بين أحد وآخر من هؤلاء
الكتاب . فالمؤسسة باتت كلا واحدا إسلامو‑شيوعو‑قومى ،
انصهر فى مزيج فكرى مدهش الغباء والرجعية معا . الشيوعيون تدينوا ،
والإسلاميون مدوا الجسور مع جلاديهم الناصريين السابقين ، وهكذا
دواليك . وبات الحلف واحدا موحدا ضد شىء واحد اسمه الحداثة . والعداء
لأميركا ولإسرائيل ليس معاداة لأى شىء قدر ما هو رفض للحرية والتحديث فى حد
ذاتهما ، وغالبا لمجرد لأن هذا يزعزع قبضتهم القمعية على الأبناء والبنات
والنساء . وهنا تدخل نانسى عجرم ! عجرم لم تفعل شيئا لم تفعله
سامية جمال أو هدى سلطان أو تحية كاريوكا أو ألف غيرهن فى الأربعينيات .
وقصاصة الڤيديو التى أثارت كل هذا ( أخاصمك آه ) ، كل ما
فعلته أن حاولت تذكيرنا بعشرات الأفلام التى قدمت الحانات الرخيصة ، بالذات
تلك التى تدور حول ميناء الأسكندرية ، كالفيلم الأشهر من نوعه ’ رصيف
نمرة 5 ‘ مثلا . أعلاه
كتبنا عن فيلم اللمبى ، وكان الكلام مطولا نأمل أن تكون قد قرأته بكامله . لكن فحواه
أن الفيلم استفز المؤسسة لأن محتواه كان يضرب فى ’ ثوابتها ‘ الراسخة
( إذا ما استعرنا المصطلح الأثير لبشار الأسد ) . نعم
المحتوى هو ما قصدنا ، وتحديدا عبر عملية تحليل محتوى أكاديمية باردة لا
أكثر . والمحتوى فى اللمبى واضح بدءا من السخرية من تخايل مصر الهزيمة
بإنشاد ’ وقف الخلق ‘ وهى لا تستطيع الوقوف وحتى لا تستطيع تذكر بقية
بيت الشعر ، وانتهاء بالسخرية من الصنم الأكبر للثقافة العروبية المتخلفة السيدة
أم كلثوم وتعرية فنها الهابط . وابتداء من تسمية كل الأبطال بأسماء أجنبية
فى تحد سافر لنظرية المؤسسة حول الغزو الثقافى ، وعلى رأسها اسم الچنرال
الذى فتح القدس والعراق ودحر هوجة سعد زغلول فى مصر ، وانتهاء بوضع قدس
أقداس المؤسسة الحالى كوفية ياسر عرفات وانتفاضته المبروكة فوق رأس أحط شخصيات
الفيلم وأرمزها للدناءة والارتزاق فيه ، والد البطلة .
إذن هم لم يستفزوا لأن الجمهور دفع قرابة الثلاثين
مليونا لممثل شاب من خارج المؤسسة كمحمد سعد ، أو حتى للحقد الهائل ضد
النجاح ‑أى نجاح ، الكامن فى صدورهم دائما أبدا ، إنما لأن اللمبى ضربهم فى صميم عقائدهم ، لأنه هاجم
ولم يدافع ، لم يقف منهم موقف الخجل والمواربة الذى نجحوا فى فرضه على كل
شخوص الثقافة الجماهيرية ، بل داهم فى عقر الدار عش الدبابير والعناكب والصراصير المسمى
العقل العربى . نانسى عجرم تعيد الكرة
بالضبط . هى فى قصاصة الڤيديو ، التى تزيد بثوان قليلة عن الخمس
دقائق ، شغيلة حانة وضيعة تغوى الرجال من روادها ، تتلوى وتتقصع وتطير
بشعرها وتعرى ساقيها …إلخ ( وإن كانت كلمات الأغنية تشير لأنها تحب شخصا
واحدا وتتمسك به ) . وهؤلاء الرجال يلعبون الورق وغيره من محرمات
المؤسسة التى لا يخفى أن كل أعضائها هم دراويش بدرجة أو بأخرى ، والأسوأ
ربما أن واحدا من أولئك الرجال يرتدى ’ بيريها ‘ غربيا فوق
رأسه ، وهى جريمة غزو ثقافى لا تغتفر كما تعلم . أما الأزجال نفسها
فهى ليست شأن كبير ، ولا تبشر بشىء صريح سوى كما قلنا إن البطلة واقعة بشدة
فى غرام شخص ما ، لكن رجال المؤسسة كما قلنا أيضا يجفلون دوما من تحليل
المضمون ويصبون اعتراضاتهم على الشىء ككل ، ودون التورط فى مناقشة أية
تفاصيل . رغم أن المقارنة غير واردة ، الجرأة غير
الجرأة والأفكار غير الأفكار وطبعا الجمهور غير الجمهور تحررا وأفكارا
أيضا ، إلا أن نانسى عجرم تذكرنى بشدة بالجدل الدائر طيلة السنوات الأخيرة
حول مسلسل إتش بى أو ’ الجنس والمدينة ‘ ( أشرنا له من قبل فى
صفحة الجنس [ وللأسف علم بعد قليل
أن هذا هو موسمه السادس هذا هو الأخير ] ) .
المرجعية الموسيقية فى
’ أخاصمك آه ‘ لاتينية ، وليست عربية . وهذا ثبت أنه شىء
حساس للغاية يهز رموز المؤسسة فى الصميم . وكلنا
يعلم حجم الهجوم الكاسح على ما يسمونه موسيقى شبابية ، ولو دققت قليلا
للاحظت أن المرضى عليهم هم فقط من
يقدمون ذات الموسيقى العربية البدائية البليدة القديمة ( على الحجار ،
هانى شاكر ، محمد ثروت ، محمد الحلو ، إلخ ، بتوع السيكا
والنهاوند . واسألوا بوقهم الإعلامى مرتزق الفن المنقرض ، الشخصية
المحنطة القادمة لنا من العصور الوسطى ، لكن المهيمنة على كل شىء بنفس
طريقة أم كلثوم ، العافية والبلطجة والصوت العالى وغسيل المخ وقتل كل
الأصوات المنافسة . من غيره ، حارس القبور الأكبر : حلمى
بكر ! ) ، أما الباقون فهم خبط ورزع
و’ موسيقى شبابية ‘ ، حتى لو كانت نابعة من الفلكلور شديد
المحلية ، مثل الفلكلور الصعيدى كمحمد منير وأنغام أو الفلكلور البدوى
كحميد الشاعرى ومن خرجوا من عباءته ، وليس بالضرورة أصحاب المرجعيات
الغربية الصريحة وعلى رأسهم عمرو دياب إلى آخر الطابور الطويل الذى يحظى بحب
الملايين من كل الأعمار .
شيوخ المؤسسة عندنا لا يفكرون قط فى أن هذا فن
جماهيرى ، أو فى الآليات التى أوصلته للناس ، ولا فى مهارة الموسيقى
أو عذوبة اللحن ، ولا يفكرون حتى فى مداراة حقدهم على النجاح
والناجحين . فقط يهتمون بشيئين : مداراة أنهم هم أنفسهم لا يكفون عن
الفرجة على نانسى عجرم ( وأقول هذا عن صلة شخصية ببعضهم ) ،
ومداراة أن نانسى عجرم لديها ’ محتوى ‘ يزلزل أركان ثوابتهم البشارية
الصدامية الطالبانية . القصاصة تؤيد ضمنا الحرية الجنسية ، لا شك فى
هذا . وتبشر بالاستمتاع بالحياة والحب والقمار وشرب الخمر والتبغ
وشركاه ، ما فى هذا شك أيضا . ما يفعله سادة المؤسسة أنهم
يتخيلون بسرعة زوجاتهم أو بناتهم وقد طالبن بحريتهم ، ويتخيلون أبنائهم وقد
بدأوا يجادلونهم فى أن الأزياء والسلوكيات ونمط الحياة والأفكار الغربية هى
الأفضل وبالذات إذا ما قورنت بأيديولوچياتهم المتخلفة السقيمة المهزومة . فقط بالمناسبة ، أيضا لا يبدو أن السيدات
ملائكة أو فتيات أحلام جدا ، أو حتى مجرد متفتحات ، فى قصة نانسى عجرم
هذه . فمعظم من أعرفهم من هؤلاء العشرة الذين اشتروا نظم ساتيلايت
رقمية ، وراحوا ينغمونها على قنوات
الموسيقى العربية مثل مززيكا أو ميلودى أو MelodyHits.tv وMazzika ، أو أيا ما كانت أسماء القنوات ،
هم يعانون الآن من توترات عائلية . فزوجاتهم تشعرن بأن نانسى عجرم تعطيهم
أكثر كثيرا من الإثارة والدلع وخفة الظل ، مما يملكن هن بنات هذا المجتمع
المكتئب البدين . وأقصد قنوات عربية بمعنى المنشأ والجمهور ، لكن معظم
مادتها أجنبية ، مع بث حى لرسائل حب أو دردشة نصية بالهواتف الخليوية بين
المشاهدين والمشاهدات ‑وطبعا رسائل غرام وغزل لنانسى عجرم نفسها أحيانا
كثيرة ( ! ) . أما الأغانى العربية ساحقة النجاح مثل
’ أخاصمك آه ‘ ، فتكاد تبث مرة كل ساعة . القناتان المذكورتان ظهرتا بالترتيب فى مطلع
العام ،
بس خلاص . وتحية لنانسى عجرم ، ليس لأنها
الأفضل بين أقرانها ، فكلهم رائعون وطالما
قلنا إن المجتمع الغنائى هو أفضل
مجتمع صامد فى كل الثقافة العربية لم يتخل عن قيم التحرر والحداثة يوما ، وعلى الأقل لا يعج بمرتديات الحجاب اليوم خالعاته غدا ،
كما السينما مثلا . صحيح هى كما اللمبى تشن هجوما مضادا على الجروح
المتقيحة فى عقولنا ، والباقون يحصرون غالبا إبداعهم فى تقديم الحب والرقص
والجمال على الشاشة دون استفزاز مباشر ، أو ربما لأنهم سئموا من التفكير فى
الأصنام وعبدتها . مع ذلك لا أجد إغراء كبيرا لتحية نانسى عجرم كشىء متفرد
كلية ، فالكل فى قارب واحد ، قارب الجمال والحرية الذى يكافح طوفان
القبح والغثاء والرجعية و’ ثوابت ‘ المؤسسة . إذن فالأفضل أن
تذهب تحيتنا لها كجزء من كل عظيم ، لم يعد يتردد المرء كثيرا فى امتداحه
بعد سنوات من التماسك المتحدى طالت واستدامت حقا ، بينما فى لحظة ما كنا لا
نستبعد احتمالية أن يتم غزوه بقيم التخلف ، كما كل حقل آخر فى حقول ثقافتنا
المتداعية . على أية حال ، وحتى يحين وقت لتغيير جذرى ما
فى تزمتنا ونفاقنا الاجتماعى ، سيظل الناس يشترون المزيد من نظم الساتيلايت
الرقمية ، وستظل زوجاتهم تشعرن بالغيرة من نانسى عجرم ! اكتب رأيك هنا [ ملحوظة : لم نكد نبرد هذا
المدخل ، حتى فوجئنا من اليوم التالى بقصف هائل غير مسبوق الكثافة عدديا من
محركات البحث المختلفة لموقعنا طلبا لكلمات ’ نانسي عجرم ‘
و’ نانسى عجرم ‘ و'nancy ajram' و'nancy
agram' .
هذا العبارات الأربع أدت لإزاحة كلمات ’ النياكة ‘
و’ النياكه ‘ و’ النيك ‘ ونظائرها بدون الـ التعريف ،
صاحبة الصدارة المطلقة والتى الذى لم يكن لتنازع أبدا فى كافة محركات بحث
الإنترنيت العربية ( حتى فى ذروة أيام مجد محمد سعيد
الصحاف ! ) ، ازاحتها ستة مراكز للوراء ، وكذا إزاحة كلمتى
’ الجنس ‘ و’ جنس ‘ من مركزيهما شبه الثابتين بعد ذلك
( وإن كانت هذه قد لاقت بعض المنافسة مؤخرا من كلمة 'arab sex' التى يبدو أنها تحقق لمن يقوم بها عائدا وفيرا
على محركات بحث الإنترنيت ) ، ومن ثم إزاحة كلمتى ’ السكس ‘
و’ سكس ‘ بدوريهما من مركزيهما لنقل المتممين للعشرة مراكز
الأولى ، إزاحتها جميعا عشرة مراكز للوراء دفعة واحدة . لو أضفنا إجرائيات بحث أخرى أقل
تكرارية نسبيا مثل 'nanci
agram' و'nancy ajram nude' و'nancy ajram sex' و'nancy ajram wallpaper' و’ نانسى ‘ و’ نانسي ‘
و’ نانسى sex ‘ إلى آخره ، نخلص فى تقديرنا أن هذه الفنانة اللبنانية الشابة
قد ضرب اسمها محركات بحث الإنترنيت العربية فى شهر مايو 2003 بما لا يقل عن عشرة
أضعاف ما ضربه البحث عن أية كلمة أخرى بما فيها كلمتى ’ الجنس ‘
و’ جنس ‘ معا ، هذا فى أى شهر آخر منذ تدشين الشبكة وحتى
اليوم . لذا لزم
التنويه . والإهداء موجه لعلماء الاجتماع وعلماء النفس ، بعد أن يئسنا
من مخاطبة النقاد والمثقفين ! ] . [ نفس الكلام لا يزال ساريا
بالضبط ، بل ويميل للتصاعد : يونيو 2003 ] . [ نفس الكلام لا يزال ساريا
بالضبط ، ولا تزال الظاهرة تميل للتصاعد : يوليو 2003 ] . [ الحال على ما هى
عليه ، مع فارق ظهور كثيف لأوامر بحث جديدة مثل nancy
ajram fuck
وnancy ajram site وnancy ajram wallpaper وغيرهما ، والمدلول
واضح : أغسطس 2003 ، والظاهرة مستمرة ، ويتبلور أكثر وأكثر ما
تدور حوله أصلا نانسى عجرم وما أطلقته فى خيالات الأمة العربية ، إن كنت
تستخدم هذه التسمية لشعوبنا الناطقة بالعربية ! ] . [ نفس الكلام لا يزال ساريا
بالضبط : سپتمبر 2003 ] .
[ نفس الكلام لا يزال ساريا . لا تزال الآنسة عجرم على
قمة الجماهيرية بلا منازع فى الإنترنيت العربية ، وإن بقدر طفيف من
الانحسار . لكن ، هذا هو
أكتوبر يا سادة ! بصراحة ، الأمر بات أقرب للغز . إنها ليست
ظاهرة صيفية تنتهى ببدء المدارس ، مثل ’ لولاكى ‘ أو
’ ماكارينا ‘ أو ’ كاتشپ سونج ‘ ، أو حتى اللمبى . إن نانسى عجرم ،
أو قل لو شئت ‑وهو الأدق فى رأينا والحل الوحيد الممكن للغز‑ الحرية
الجنسية ، قد أصبحت ظاهرة اجتماعية ، بل قومية ، بل عالمية .
وكل ما فعلته نانسى عجرم أن فقط جاءت فى اللحظة المناسبة ! ( تابع المزيد بالأسفل ) ] . [ يناير 2004 : ربما ليس
بذات القدر السابق على الإنترنيت ، لكنها تتفاعل فى غيرها . اقرأ مثلا
هذه الصفحة الكاملة
من جريدة الحياة التى تتحدث عمليات التجميل لدى نجمات الغناء ، وتتذكر
( ربما متأخرا قليلا ! ) ظاهرة الرجال الذين يصلون من أجل أن
’ يعجرم ‘ الرب لهم زوجاتهم ! بهذه المناسبة نهديك فى صندوق
جانبى من مسلسل ’ موسيقى ترى ‘ مجموعة صور للبنانية هيفاء وهبى ،
ولعلها من خلال موقعها المثير على
الغشاء ، تعد النجمة العربية الأجدر التى تسعى ربما من أجل لقب أكثر امرأة
عربية تنزيلا على الإنترنيت ! نقصد طبعا على غرار لقب موسوعة جينيس العالمى
الشهير الذى تحدثنا عنه فى صفحة الجنس .
[ ذهبت هيفاء وهبى للحج وعادت تروى ما شاهدت :
’ لبسنا دريسّ أبيض ع اللحم ، وأخدنا حمام صن فوق الجبل ، وعملنا
باربكيو الخروف ، وشربنا درينك م البير ، ولفينا التراك 7 مرات ،
وحضرنا الپارتى إللى بيدوسوا فيها على بعض لغاية ما يموتوا ، وفى الآخر
رمينا ستونز على هيك إللى عامل مشاكل مع الله ! ‘ . هذه النكتة الجريئة عن بلاهة فكرة الحج الإسلامى وطقوسه المضحكة
اشتهرت كثيرا إبان موسم الحج فى أوائل يناير 2006 . النكتة الأصلية كما
سمعناها ربما كانت تخلو من كثير من هذه التفاصيل والإضافات ، وكذا لم تكن
تحدد اسما للفتاة ، لكنها كانت تحمل نفس المحتوى ، وكانت على نحو قطعى
باللهجة اللبنانية ! ] . طبعا نحن هنا نتكلم عنها كموديل
مثيرة ، أما إجادتها للغناء أو التمثيل أو حتى التقيبل وأداء الجنس ،
فهى قصة أخرى . الهوة بينها وبين نانسى عجرم مثلا لا توصف . عجرم رغم
جمالها المتوسط وعظمتى وجنتيها الموجودتين فى المكان الخطأ وبالحجم الخطأ ،
تعرف كيف تمثل الجنس ، تعرف كيف فعلت نجمات العصر الذهبى للسينما المصرية
هذا . لكن هيفاء إن جاز القول ’ تبوس رجل ورا ورجل
قدام ! ‘ ، أو بالأحرى ’ شفة ورا وشفة قدام ! ‘ .
[ هذا هو الوصف الحرفى لقبلتها الشهيرة اليتيمة مع شاجى لاحقا فى حفل مدينة
الإنتاج الإعلامى بمصر فى يوليو 2004 . كنت تتوقع أن تقفز فى حضنه تتعلق
بوسطة وتلف ساقيها حول خاصرته ، ثم تغوص ذائبة فى قبلة عميقة معه .
لكن ما فعلت هو أنها مدت رقبتها له عن بعد شديد ، هذا كى يطبع مجرد قبلة
باهتة وسريعة جدا على الخد ( لاحظ ليست حتى فى الفم ) ، كل هذا
للمفارقة فى أغنية تسمى Sexy Lady ، وإن
دون إنكار أن رقصها كان مثيرا فى هذه النمرة المسرحية ] . باختصار من
الأفضل ‑وحتى إشعار آخر‑ تقويم هيفاء لا على أنها مغنية ولا
ممثلة ، إنما كموديل باهرة ، لا أكثر ولا أقل ! …
أما فى مصر عندنا فقد مضى وقت طويل
منذ أن كان لدينا ظواهر جنسية بمثل هذه المكانة والتأثير فى المشهد الثقافى
للشعب عامة أو إلهاب مخيلته الجنسية خاصة ، والفضل طبعا كما تعلم للشيخ
الشعراوى وخلفه الراشد !
لكن مهلا ، ملحوظة : ليس جديدا جدا فى
الواقع ، فقد تكلمنا من قبل عن دورها الرمزى شبه التاريخى فى فيلم ثقافى ( 2000 ) . ملحوظة أخرى : هى وموجهها شريف صبرى ، من
البراعة بحيث أن لم يظهر ذلك العاشق الذى تتحدث عنه فى ’ أنت عارف ليه ‘
أبدا . لقد فهمت النجمة الشابة الجديدة سر ظاهرة نانسى عجرم ، ألا وهو
أن الجنس هو كل ما يدور حوله الفن . ببساطة إن ذلك العاشق الذى تتلوى روبى
بالشهوة من أجله طوال الوقت ، هو كل واحد منا . أيضا ننوه بفهمهن
العميق أو ربما الفطرى ، لكيفية تمثيل الجنس على الشاشة . هن مثلا ‑وهذا
أضعف الإيمان‑ مشغولات بشهوتهن الداخلية العارمة بحيث لا وقت ولا تركيز
لديهن للنظر للكاميرا ، كما تفعل إليسا على سبيل المثال طوال الوقت .
البعض يعتبر إليسا ثورية جدا لأنها أدخلت القبلة لقصاصات الڤيديو العربية من
خلال ’ أجمل إحساس ‘ . نعم ، ربما تكون هذه القبلة السريعة الباردة
صنعت تاريخا ، لكن هذا لا يتعارض مع ما نقوله هنا ، وبالمناسبة أيضا
لا يقلل من تميز الموديل الرائع الذى يمثل أمامها ولعله غير عربى أصلا !
أيضا بالمثل تحدثنا قبل قليل عن لبنانية أخرى
جميلة جدا لكن لا تجيد أى شىء على الإطلاق يخص الجنس ، بالذات فيما نعرف
منه : حسنا ! ، القبلات ! إنها من مثلت أمام عادل إمام أحدث
أفلامه . المؤكد أن لدى
اللبنانيات مشكلة ما فى تمثيل الجنس . نانسى عجرم مذاكرة سينما مصرية
كويس ، علشان كده اختلفت .
ربما النقطة
الغائبة ككل أن الانتصابية eroticism
مفهوم concept ، حالة
عقلية state of mind ، قبل أن تكون
صورة وصوت أو حتى تلامس ( هذه ليست المرة الأولى التى نتحدث فيها عن پورنو العقل ، ونذكرك ثانية أو ثالثا
بتعاكس ساقى شارون ستون فى غريزة أساسية ، أو طبعا قفاز ريتا هايوورث فى
جيلدا ، والأمثلة لا نهاية لها ، وأحيانا مجرد نظرة شبق عابرة أو خلجة
ارتباك لا تكاد تلحظ من ناهد شريف أو شمس
البارودى .
[ ملحوظة جديدة وعلى العكس محبطة جدا : اليوم 30 يونيو 2004 بدأ عرض فيلم روبى الأول ’ 7 ورقات كوتشينة ‘ .
للأسف لا تمثيل ولا قصة ولا مناظر ولا فيلم ولا حاجة خالص . ’ قصة
وسيناريو وحوار وإنتاج وإخراج ‘ أول لها جميعا لشريف صبرى . ليس لديه
أدنى فكرة عن بناء الشخصيات ولا دوافعها ولا مصداقية الأحداث ولا إحساس الواقع
ولا توجيه الممثلين ولا حاجة خالص . حتى ليس لديه فكرة عن السينما ،
فراح يستخدم اللقطات المقربة طوال الوقت ، وكأننا أمام فيلم طبى عن حب
الشباب . أفضل شىء خلفيات مدينة سياحية ما فى البحر الأحمر ، فشل حتى
فى توظيفها باعتبارها مكانا للحرية الجنسية المحرومة منها بقية مصر . أما
أسوأ شىء فهو ذلك المشهد الذى تنام فيه روبى بملابسها بجانب مدير الفندق
( الممثل الوحيد الجيد نسبيا فى الفيلم ) . هذا يكرس أسوأ
العادات المنتشرة بين شباب الجيل الجديد ، محاكاة الجنس دون ممارسته .
وهو مشهد لم يفكر فيه أصحابه جيدا ، إذ يختزل بشدة الصورة التى رسمها الجمهور
لروبى فى خيالاته الجنسية وينحط بها لمجرد فتاة مصرية عادية سخيفة ، بل
ونقول إنه يمكن أن يقضى سريعا على كامل مستقبلها المهنى . ستظل
فى رأينا أول قصاصة ڤيديو ’ أنت عارف ليه ‘ هى أفضل ما فعلت
روبى وشريف صبرى . ونأمل حتى ألا نكون قد بالغنا كثيرا فى مدحها . … يا
خسارة ! ] .
ربما الشىء ’ المفهومى ‘
الوحيد فى أغنية إليسا أن من السهل أو المغرى تغيير بعض كلماتها ثم تترك خيالك
يسرح بباقى المهمة . مثلا : ’ أجمل إحساس فى الكون … أنك تتـ… مظبوط … ودا حالى
أنا ! ‘ ، أو ما إلى ذلك ! أخيرا عن روبى أيضا ملحوظة
ثالثة : أخيرا وبعد عقود من الجفاف المطلق ، يمكن القول لقد أصبح لدينا من جديد الآن فى مصر مغنيات ! لتبقى بعد كل
هذا ملحوظة عامة بل بالأحرى تساؤل : الثورة الجنسية الأخيرة التى شهدتها
بلادنا العربية فى سبعينيات القرن الماضى ، كانت السينما نجمتها التى لا
تنازع . هل الثورة الجنسية الثانية فى صفريات القرن الجديد هى ثورة يقودها
الغناء ؟ ] . [ فبراير 2004 : المقصود طبعا قصاصة الڤيديو
’ بيدارى كده ‘ ، التى لعلها جاءت أسرع مما يجب ( أقل من شهرين أو
ربما شهر ونصف ، ما بين نحو منتصف ديسيمبر والنصف الأول من
فبراير ) ، ومن ثم أهدرت فرص القصاصة الأولى ’ أنت عارف
ليه ‘ ، لا سيما وأن الجديدة أجرأ جنسيا من سابقتها بدرجة
ملحوظة . النتائج كانت كما يلى : 42.6 0/0
واووو Wow ، و22.8 0/0 عيب Eib ،
و34.6 0/0 إخص Ikhsssss ! المهم ، ومع كل التحيات للعقل العربى : المجموع 100 0/0
إدمان لمشاهدتها ! … انظر نتائج الاستفتاء بالعربية وبالإنجليزية
( ربما من الجيد أن يستمر الاثنان كما لو كانا استفتائين مستقلين ،
لكن يا ليت الموقع يعدل تقنيته بحيث يتيح لنا أيضا نتيجة مجموع الاستفتائين
معا ) ] . [ أغسطس 2004 : يمكن
القول الآن إن ظاهرة عودة الجنس قد عادت من جديد لساحتها أو بالأحرى شاشتها
التقليدية القديمة : السينما . عالميا هى انتفاضة كبرى معادية للدين
بعد ما ضبط متلبسا وهو عار يوم 11 سپتمبر 2001 ، ومصريا من خلال طفرة مثيرة
فى أفلام هذا الصيف . هذا مدخل كبير مستقل
بالأسفل ، وملحق به مدخل آخر عن تاريخ
الجنس على شاشة السينما المصرية ، فتابع القصة هناك ] . …
(Non-Official Group)
2 يوليو 2003 : بماذا يصنف ملائكة شارلى 2 Charlie's
Angels —Full Throttle ، الذى بدأ عرضه القاهرى اليوم ، بعد خمسة أيام فقط
من افتتاحه الأميركى ؟ نعم نطرح السؤال بلا مقدمات . فالمقدمات
موجودة بالفعل فى هذه الصفحة منذ تكلمنا فى الدراسة الرئيسة عن ألعاب الڤيديو كالوسيط الرئيس الجديد
للثقافة الإنسانية متفوقة على الكتب والصحف والتليڤزيون والغناء وكل
شىء ، وحين نتحدث عن استلهام روح القصص الشرائطية
( الكوميكس ) لتذوب فى الأفلام ، وحتى حين نتكلم عن قصاصات الڤيديو
بدءا من مايكل باى حتى نانسى عجرم .
كل ما قلناه ، وبدا أنه إغراق فى الخيال
والافتراضات المستقبلية ، أصبح اليوم بلا معنى ، وأنت ترى سليل قصاصات
الڤيديو ماكچى ، وهو يصنع فيلما يقزم كل الخيالات وأحلام
اليقظة ، لدرجة أن يصعب أصلا تصنيفه كفيلم . نحن محقون فى المفاجأة بل
الصدمة ، فحتى الجزء الأول نفسه ، وهو لنفس ماكچى ، ومع كل
الإعجاب والترحيب بالجرأة والخيال الفنيين له ولكل جيل قناة الإم تى ڤى
الذى احتل السينما وثورها إحدى أعظم ثوراتها ، يبدو اليوم فيلما سينمائيا
’ عاديا ‘ لدرجة تثير الغثيان ، لدى المقارنة ! هل نحن أمام فيلم سينمائى ؟
نحن نحن أمام فيلم استحراك حاسوبى أو حتى استحراك تقليدى ؟ هل نحن أمام
كوميكس ؟ هل نحن أمام أول قصاصة ڤيديو غنائية طويلة ؟ هل نحن
أمام لعبة ڤيديو ؟ هل نحن أمام لوحة فنية انطباعية أو كاريكاتورية أو
أيا ما كانت ؟ هل نحن أمام كل هذه مجتمعة ؟ أم هل نحن أمام شىء جديد
بالكامل ، فن جديد مقدام لا يمت لكل ما سبق للفنون بصلة ؟ … الفيلم ككل أشبه بقصاصة ڤيديو طويلة .
هذا للوهلة الأولى التى لا تخطئها عين . الغناء لا يكاد ينقطع من شريط
الصوت . هذا ليس جديدا ، لكن الجديد أن كل شىء فى الصورة يبدو وكأنه
يسير على إيقاع الموسيقى ، ويصل هذا أحيانا لتقديم تتابعات تبدو كقصاصة ڤيديو
تقليدية ، مثل مشهد وصول زعماء العصابات للمزايدة على خاتمى التيتينيام
اللذين يحملان داخلهما قاعدة بيانات برنامج حماية الشهود ، ذلكما اللذين
يدور كل الفيلم حول فقدانهما . كل مجموعة هيئتها ومشيتها وإيقاعها الحركى
الخاص ، والاقتران بالموسيقى يضيف بسمة لوجه المشاهد . ويكفى ان تعلم
أن الأمر أخذ شهورا من الدراسة والتدريب من چاستين ثيروه ، ليظهر فى الهيئة
مقوسة الظهر والكتفين والساقين ، وتلك المشية الإيقاعية والوشم المتعدد
وتسريحة الشعر الغريبة لشخصية القاتل شيموس . والنتجة متعة بصرية
تكوينية ، كارتوونية وموسيقية معا ! أيضا بالمناسبة لا تنس أن بعضا من
أخلد العلامات التاريخية من قصاصات الڤيديو كان بالاستحراك ( هل تذكر
مثلا أغنيات پيتر جيبرييل مثل Big Time وSledgehammer ؟ ) . فى ذات الوقت ، الفيلم كله أشبه بلعبة ڤيديو ،
بها تلك الروح الباردة المميزة جدا للمطاردة والانفجارات وكل شىء ، التى
تحس على الفور بمذاقها المختلف عن نظائرها السينمائية التقليدية . ثالثا التصوير بالكاميرات بسرعة الطلقات ( من المصفوفة ) ، والطيران والقفز
وإطلاق النيران من أوضاع هوائية ، أشياء لا يمكن أن تحدث إلا فى أفلام
الاستحراك .
ولا أقول تحدث فى قصص الشرائط strips فى الصحف أو مجلات الكوميكس . لأن ‑وهذا هو رابعا‑
الكوميكس فى الواقع مفهوم كامل للحياة ، أهم من مجرد هذه المفردة أو
تلك . إنها رؤية فنية شاملة تستمتع بسادية مخيفة بالاستهزاء فى كل لحظة مما
يسمى الواقعية . الشخصيات غير واقعية والأحداث غير واقعية ، والفواصل
بين ما هو ممكن واقعيا وبين ما هو مستحيل بقوانين الطبيعة تذوب عمدا فى كل
لحظة . الكوميكس بحكم كونها فنا بصريا ( تشكيليا فى
كلمتنا العربية الدارجة التى لا أعرف مدى دقتها ) أى رسما ، نجحت طوال
الوقت فى استلهام التيارات الفنية المختلفة من الانطباعية حتى التجريد ،
ومن السيريالية حتى الكاريكاتير . هنا ‑خامسا‑ ملائكة تشارلى
2 ، يتحرك فى نفس هذا المستوى من التعبيرية اللصيق بالفنون البصرية .
إنه ليس تصويرا فوتوجرافيا بالمرة للبطلات أو الشخصيات ، إنما هو إعادة
صياغة . وإعادة صياغة ليس للمظهر فقط بل للتصرفات والأحداث . يلغى بعض
التفاصيل كما مونيه أو رينوار ، ويغرب بعضها كما دالى أو پيكاسو ،
ويبالغ فى بعضها كما رسامى المانجا الياپانيين ، وأحيانا يصبحون مجرد بقع
لونية متحركة وليس إلا ، كما لوحات ڤاسيلى كاندينسكى . هذا أو
ذاك دوما كى يعطيها عمقا تعبيريا يعد معادلا دراميا أو سينمائيا أو سمه ما شئت
لتلك المدارس الفنية . أو كأنك طوال الوقت تعيد رسم صورهم الفوتوجرافية
بواسطة فنان انطباعى تارة وفنان تجريدى تارة أخرى وفنان كاريكاتير تارة
ثالثة ، وهكذا . كل هذا بينما الدراما والغموض والحبكة والتشويق
والكوميديا أو حتى لحظات الحزن ( ينتهى الفيلم بباريمور وهى بعد عزباء لم
تمارس الجنس بعد ! ) ، لا تقل عن أى فيلم سينمائى تقليدى ،
وهذا سادسا ! الأثر الكبير والمذهل لهذا
التراكم أو التوازى بين الفنون طوال الوقت ، أنه أفضى إلى بناء فريد تماما
من نوعه ، وبالغ الكثافة لأبعد حد يمكن تخيله ، وشىء جديد كلية لا
يمكن تشبيهه بأى فن سابق . …
بصراحة ‑وحتى بغض النظر عن توازى الفنون هذا‑
أنا لم أشاهد فيلما بهذه الكثافة فى البناء منذ ’ الطائرة ‘
1980 . فى الطائرة كانت النكتة عبارة عن ثلاث نكت مركبة فوق بعضها
البعض ، والثانية الواحدة تحتاج لثلاث ثوان تفسيرية لها . هنا الأمر
لا يتعلق بالكوميديا فقط ، بل بكل ذلك الحشد من الإحالات والتحيات لدنيا
السينما والموسيقى وغيرهما من الفنون والتى لا تتوقف أبدا طوال الفيلم . هى
شىء لا يمكن حصره ، بل حتى لا يمكنك إدراكه كله ، لأن الأمر يعتمد على
مدى علمك بهذا الشىء أو ذاك ، لكن على الأقل كثرتها الفاحشة تلعب دورا جما
فى تشكيل البناء الكثيف للغاية للفيلم . ومهما كان قدر ثقافتك كبيرا أو
متوسطا فستخرج شبعانا ‑بل متخما‑ فى جميع الأحوال : أحيانا تكون الإحالة لمحة عابرة للغاية . مثل
لقطة حمام الرجال المصاحبة للعناوين والبطلات متنكرات ، والتى يفترض أنه
نفس الحمام الأحمر من فيلم كيوبريك ’ الإشراق ‘ . وطبعا تحية
هيتشكوك وبرنارد هيرمان محفوظة بموسيقى ’ الدوامة ‘ ، وتحية چون
وو محفوظة مرتين مرة لفيلم وFace/Off بمسدسى ديمى موور الذهبيين المخبأين خلف
ساقيها ، ومرة لفيلم MI-2 حيث أحد شخصيات الفيلم صديق لوسى ليو هو نوع
من توم كرووز وتتابع النهاية يدور أثناء حفل افتتاح ذلك الفيلم فى أحد مسارح
هولليوود ، ولا شك أن وو ستسعده التحية جدا فهو سيفهم أن المقصود بـ Maximum Extreme ليس فيلم Mission: Impossible ، إنما چون وو
شخصيا ! … وهلم جرا من هذه التحيات الخاطفة . أو بالتأكيد تظل هناك سلسلة التذكير والتحيات
المتكررة لملائكة تشارلى التليڤزيونيات الأصليات . كظهورهن فى ثلاث
صور معلقة فى مكتب تشارلى خلف ديمى موور ( الملاك الساقط ) قبيل
إطلاقها النار على السماعة ، أو مثل ظهور چاكلين سميث بنفسها فى مشهد
المكسيك ، أو حتى بشىء من التهكم مثل وضع تسريحة فرح فاوست على رأس كاميرون
دياز فى مشهد تقمصهن دور المحققات الجنائيات فى أحد المشاهد المبكرة ،
والتى جعلتها تبدو أقرب لصبى وجردها تماما من الأنوثة ، تلك التى كانت ترمز
لها فاوسيت .
لكن المثال الذى قد أفضله هو لقطة قفز البطلات
عاريات من داخل صندوق آثار ليتخذن وضع الاستعداد للجرى المعروف حيث الأيدى على
الأرض والرأس للأمام . هذا بالضبط ما فعله آرنولد شوارزينيجر عندما جاء من
المستقبل بلا ملابس فى ’ المدمر 2 ‘ . هذا يبهرك جنسيا ،
هذا واحد . هذا يضحكك لأنه وضع غريب ليس للقتال إنما للجرى ، هذا
ثانيا . ومقارنته بالمدمر 2 ككل ، هذا ثالثا ورابعا وعاشرا .
فالفاتنات يقارن هنا بالخشن جدا شوارزينيجر ، والربط يعطيك رسالة أنهن قد
قدمن من عالم أو زمن آخر ، ثم أضف أنت ما شئت فيما تبقى لك وقت من تلك
الثانية التى ظهرت فيها اللقطة على الشاشة . ثم بعد كل ذلك يفترض منك أن
تعطى ربطا جديدا أن صندوق الآثار الخشبى الذى يستخدم للتهريب مأخوذ من فيلم چيمس
كاميرون التالى ’ أكاذيب صادقة ‘ ، وكأن التحية تذهب لأيام كان
مرحا صافى المزاج يصنع أفلاما بها خيال أكثر من مجرد إغراق سفينة ! … الأمثلة من هذا النوع أو ذاك لا
تنتهى . الحوار المزدوج يضيف كثيرا لتلك الكثافة . بعد
أن عرف چون كلييس بحقيقة ابنته لوسى ليو ، تتحدث هى ببراءة كعادتها بينما
يفهم هو الكلام على محمل جنسى صارخ مثل كلامها عن الأوساخ التى تغطيها أو كيف
تصرفت ثلاثتهن مع اثنى عشر رجلا ، وإلى ما لا نهاية . مثال آخر للكلام
المزدوج حوار كاميرون دياز مع راكب الأمواج على الشاطى ، وكله مزدوج المعنى
من أول كلمة حين تبادره بالسؤال ’ قاتل ؟ ‘ وحتى تتركه قائلة
’ هذا سيجعلنى مبتلة لساعات ‘ . ( دياز حصلت عن 20 مليونا
عن دورها ، لتصبح الثانية فى النادى بعد چوليا روبرتس ، الذى دخلته
بفضل الكوميديات الجنسية ، دياز تضيف النشاط أيضا ! ) . أما الأسلوب الكبير فى التحية فهو النمر
الغنائية . أحيانا يكون بمجرد جزء صغير من الأغنية مربوطا بدلالاتها
الماضية فى الثقافة الجماهيرية مثل أغنية ’ العيش على صلاة ‘ لبون چوڤى ،
حيث وصفها بموسيقى ’ مجنونة ‘ ، بينما أثرها المرئى أمامنا أنها
ضاعفت دور باريمور شبقا على شبقها . فلاش دانس ( 1983 ) ، يأتى هنا
بفقرة طويلة بأغنية What a Feeling . وهذه ليست مجرد أغنية حائزة على
الأوسكار ، أو تعبيرا لواحدة من أنضج وأرقى‑وللأسف آخر‑ لحظات
عصر الديسكو ، بل تأتى فى الفيلم وقد ارتدت البطلات ملابس لحام المعادن
بالكهرباء ورحن يمارسنه على الشاشة بالفعل ، كما چينيفر بيلز بطلة الفيلم
الأصلى . ثم فى المشهد التالى مباشرة تقودهن الأحداث لصالة رقص ، ولا
تتوقف أغنية إيرين كارا إلا وقد سلمت البطلات للرقص على إيقاع أغنية جديدة تبدأ
بضربتى الإيقاع الشهيرتين من نمرة راقصة أخرى من ذات الفيلم هى He's a Dream . والأدهى أن لا ينتهى هذا المشهد بدوره إلا بالبطلات
الراقصات وقد اتخذن هيئة چون تراڤولتا الشهيرة من ’ حمى ليلة
السبت ‘ الفيلم الذى أطلق عصر الديسكو . لكن فلاش دانس ليس مجرد فيلم أو حتى مجرد خبطة
جماهيرية قلبت الدنيا فى حينها . إنه تحديدا أول أفلام الثنائى الإنتاجى
الجديد چيرى بروكهايمر ودون سيمپسون ، والذى قفز باسميهما من فوره إلى
الصدارة . من بطن هذين الاثنين ولد جيل الإم تى ڤى ، حين عهدا
لأول مرة لموجه أغانى هو مايكل باى بفيلم ’ الصبية الأشرار ‘
1995 ، ثم عهدا له من بعده بجميع أفلامه حتى الآن ، وكلها خبطات لا
تهدأ ولا تتوقف مثل ’ الصخرة ‘ و’ أرماجيدون ‘ و’ پيرل
هاربور ‘ ( ثم لمزيد من الترابطات حول ثورة الإم تى ڤى ،
فإن مقطورة trailer الجزء الثانى من ’ الصبية الأشرار ‘
خامس أفلام مايكل باى أيضا ، تعرض كجزء من فيلم ملائكة تشارلى الجديد
هذا ) . أيضا الثنائى سيمپسون‑بروكهايمر هما من دشنا الحياة
المهنية السينمائية للإم تى ڤيئى الآخر سايمون ويست بـ Con Air ،
والذى راح من بعده يستكشف العلاقة بين ألعاب الڤيديو وبين فن السينما فى
سلسلة لارا كروفت . طبعا دون سيمپسون رحل منذ 1996 ، وبروكهايمر
لم ينتج أى من فيلمى ماكچى حتى الآن وهما ’ ملائكة تشارلى ‘
بجزئيه ، لكن التحية واجبة واجبة واجبة . فلولاهما لما كان يتمتع
اليوم بهذه الحرية الفنية المخيفة فى ملائكة تشارلى 2 ، فى صناعة باهظة
التكاليف للغاية اسنها السينما ، بينما كل تاريخه المهنى بخلاف جزئى هذا
الفيلم ، هو مجرد عمل بعض قصاصات الڤيديو الغنائية .
أغنية طويلة أخرى هى Last
Dance .
وللحق أما موتسارت فله معنى مختلف كثيرا . إنه
التحدى الكبير لصناع الفيلم فى هضم كل التراث الموسيقى معا بدءا من الكلاسيات
إلى الديسكو . وعلى ذكر الكلاسيات والديسكو تحديدا ، لى شخصيا رأى
عادة ما أستخدمه من قبيل السخرية ( فكل كلامى سخرية ، لو
ستصدقنى ! ) مما يسمع الناس . حيث أقول الموسيقى هى فقط
الكلاسيات والديسكو ، الأولى لو أردت التركيز معها ، والثانية
للاستماع السهل أو الرقص . أما ما عداهما ‑ومع احترامى الأكيد للروك
مثلا‑ فيشبه الرقص على السلم ، تضطرك للتركيز معها ، ولا تعطيك
الكثير فى المقابل ! الحقيقة أنى أحب تقريبا كل أنواع الموسيقى ، فقط
باستثناء واحدة هى تلك البدائية التى تستخدم العود والرق المسماة بالموسيقى
العربية . ويبدو أن ماكچى يحب كل أنواع الموسيقى مثلى ( ومنها مغنية
الروك پينك التى قدمت الأغنية الجديدة الرئيسة فى الفيلم ، كما ظهرت بدور
عابر لكن خشن ومناسب جدا لها هو منظمة مسابقة الدراجات النارية ) ،
لكنى لست واثقا من شيئين : لماذا وضع خطا تحت الكلاسيات والديسكو
بالذات ، ورأيه فى الموسيقى العربية ! …
التوجيه يستحق وقفة ، ومن يتابع ما نكتب لعله
دهش كيف نتكلم دون تعليق عن موجه الفيلم كأنه مبدع وفنان وصاحب رؤية ، وهذا
شىء لا تسمح به إلا السينمات القومية المتداعية ولا وجود له فى السينما
الأميركية . ماكچى كان له اقترابيات متعددة لهذه الإشكالية . منذ
فيلمه الأول الذى أدخله قائمة الأرقام القياسية كصاحب أعلى افتتاح لفيلم أول
لموجه ( 40 مليونا فى أول ثلاثة أيام 3-5 نوڤمبر 2001 ) .
هذا ارتقى به منذ الفيلم الأول من مستوى الموجه ( مدير موقع
التصوير ) ، إلى مستوى المنتج صاحب الرؤية الإبداعية الشاملة للفيلم
منذ ما قبل التصوير وحتى نهايته تماما ، وصاحب الرؤية والفهم
للجمهور . لكن لو دعنا هذا جانبا ، فيبدو أن لماكچى أسلوبه الخاص الذى
يعالج به جقيقة التهميش المتزايد لدور الموجه فى السينما . يقال إنه يتعامل
بتحرر شديد مع كل الطاقم . يسمح بقدر كبير من الاجتهاد الشخصى ،
وأحيانا الارتجال . ربما لا يصلح هذا المنهج لكل الأفلام ، لكنه يبدو
متناغما جدا مع هذا ’ النوع الجديد من الفن ‘ . وقائع كثيرة تشير
لتلك الحرية ، أقلها أنه يتصرف كمجرد حافز للإبداع لأعضاء الفريق
الضخم ، أكثر منه صاحب رؤية مسبقة . كل ما يفعله أن يقول هذا
تصورى ، وهو تصور مبدئى ، وسأقبل كل ما هو أفضل منه ، ودائما ما
يكون هناك ما هو أفضل ، ودائما ما يقبله . هذا التنازل عن دور القيادة
المزعوم ( والى دعاهم فى فرنسا أو مصر لتسمية الموجه بالمخرج ) ،
وذلك الخلق لأسلوب من الإبداع الجماعى فى ذلك الفن عالى التقنية
والاستعقاد ، ربما يحتاج منا لوقفة أخرى أكثر تحليلا يوما . هل هو
تنازل مظهرى ؟ هل هناك خطوط حمراء ؟ إذا كان لا يصلح إلا لنوع معين من
الأفلام ، هل هذا هو شرطه الوحيد ؟ ألا يتطلب بالضرورة تدقيق هائل فى
اختيار الطاقم ، بحيث يكون ذا تفاهم وخبرة سابقة معا كبيرين ؟
فقط سنكتفى ببعض الأمثلة للأجواء التى تم فيها
تنفيذ الفيلم .
هذه كانت عملية مرحة وممتعة بالكامل للجميع .
المدهش أن كان بها حتى بعض توابع الفيلم الأول . فالجدليات الفنية العنيفة
بين لوسى ليو وبيلل موراى فى الرؤى الفنية ومدارس التمثيل أو أيا ما كان ،
جعلت هذا الأخير يقسم أن لا يمثل معها ثانية قط . النتيجة أن اكتفوا بوضع
صورته فى خلفية إحدى اللقطات ، لكن مع كثير من السخرية الجارحة منه .
جعلوه مجرد يتيم تبنته أسرة سوداء ، واسمه هو نفس اسم أخيه الأسود الذى حل
محله فى الفيلم بوزلى ( بيرنى ماك ) ، وجعلوا الأسرة فى النهاية
تتبنى صبيا أبيضا آخرا ماكس ( شيا لابووف ) . كتبوا الدور لچون كلييس ليمثل دور أم لوسى
ليو . حين وافق استهوتهم الفكرة فقرروا قلب الدور لرجل ! فى هولليوود
شىء كهذا من محرمات المحرمات .
ساندرا پوللوك لم تستطع وقف المنتج چوول سيلڤر من القهقهة لدقائق
متواصلة حين قالت له بعد الموافقة على تمثيل أحد الأفلام ’ والآن لنتحدث عن
الشخصية ‘ . تعديل المخطوطات بعد إجازتها من قبل الستوديو تابوو
هولليوودى مرعب ، لكن مع ’ مبدع ‘ موثوق فى رؤيته الإنتاجية
وصاحب أرقام قياسية فى الشباك ، كل شىء حلال ، وليست المرة الأولى
فهناك هيتشكوك وكيوبريك وسپييلبيرج ولوكاس ، ممن لا يعاملون قط كموجهين
إنما كمنتجين . أغلب التصوير يتم فى مواقع طبيعية ، ويفترض
إنه لم يسبق أن صورت لوس أنچليس بمثل هذا التنوع والاتساع قط ، أو يقال وبعد ، فقد لفت نظرى شىء
أطرحه على هيئة تساؤل ، لعله ينير بعضا من البقع العمياء الكثيرة عند
نقادنا حين يتعاملون مع السينما لا أعرف كيف ، لكن يهملون كلية أنها جزء من
الثقافة الجماهيرية ، وأيضا لا أعرف كيف يمكن تسمية أو تصنيف هذا الذى يسمى
نقدا . هذا الشىء هو إن التعليم الذى تلقاه كل من چيرى بروكهايمر الأب الروحى
لهذا الجنون كله ، وماكچى أحدث وأعلى ذراه بريقا وتطرفا وإبداعا
وجرأة ، ليس السينما . إنما صدق أو لا تصدق : علم النفس ! سؤال آخر ، لا أدرى هو أهم
أم أقل أهمية : لماذا أمثال هؤلاء ، والقائمة لا تنتهى بدءا من
سپييلبيرج حتى مايكل باى ، هم أناس ترفض معاهد السينما قبولهم فى
العادة ، وتعتبرهم لا يصلحون أبدا لصنع الأفلام ؟ اكتب رأيك هنا
[ تحديث : إذا كان الرجل العنكبوت قد تصدر إيرادات العام الماضى ، فإن
هذا العام 2003 هو عام الكوميكس بحق . فقط فيلم آنج ليى Hulk ،
حالة خاصة قد تجافى ما قلناه أعلاه عن روح كسر الواقع ، ذلك أنه أخذ
الشخصية والبعد العلمى على محمل الجد للغاية . لكن من المفاجئ فى ذات الوقت
( وبمناسبة ألعاب ماكچى السينمائية ) أن أعاد موجه كلاسى كبير مثل
ليى ، تقانة الشاشة المنقسمة للسينما ، تلك التى ظهرت فى مطلع
السبعينيات ، ووصلت ذروتها بفيلم Wicked, Wicked ( 1973 ) ،
المنفذ بها كله . ليى لا يستخدمها كلعبة بصرية ، بقدر ما هى لتعزيز جو
التوتر والتوجس المقبضين التى يعيشها المتفرج متوقعا حدوث شىء سيئ فى أية
لحظة . الجميل أن الألعاب السينمائية هذه الأيام لا تكسر ما يسمى الحائط
الرابع ، بل تجعلك تندمج معها وتستمرئها . كلمة السر التى تجمع الرجل العنكبوت
والرجال إكس والعملاق الأخضر هى مارڤيل كوميكس ، وبالأخص اسمى ستان
ليى وچاك كيربى ] .
30 يوليو 2003 : اليوم أغلق ملف سيارة الخنفساء الأشهر من نوعها ،
بخروج آخر سيارة من الثلاثة آلاف الجديدة المسماة
مشهد كثيرا ما رأيته بنفسى أن السياح فى القاهرة
كانوا يتوقفون طويلا أمام إحدى تلك السيارات يدورون حولها ويتأملون بإعجاب كيف
أنها لا تزال متاحة وشغالة حتى اليوم . الواقع أن انتشارها الحقيقى الأخير
هو المكسيك ، وهى تشكل الكتلة الرئيسة من سيارات التاكسى فيها .
وللحقيقة لم يغلق خط الإنتاج إلا لسبب مباشر بسيط هو صدور تشريع جديد يرغم شركات
التاكسى على استخدام سيارات ذات أربعة أبواب بعد تكاثر شكاوى السياح من تعرضهم
لهجوم اللصوص فيها ، بينما هم محبوسون فى مقعدها الخلفى دونما فرصة
للهرب . السيارة الأخيرة تحمل رقم
هتلر هو الذى أطلق الخنفساء ، ما يعنينا هنا كيف تحولت تلك السيارة لجزء من
الثقافة الجماهيرية . ربما أول ما يخطر بالبال أن ثمة علاقة بين فريق
البييتلز ، Beatles بهجاء معدل ، وبين السيارة . صحيح
أن التسمية ترجع مباشرة لأول قصة شعر طرحوا أنفسهم بها للعالم سنة 1962 ،
لكن لا يملك المرء أن يستبعد أن ذلك كان جزءا من ’ ثقافة خنفسائية ‘
عامة كنت تجتاح العالم آنئذ ! حتى لو كانت تلك الرابطة غير صحيحة ،
فالمؤكد على الأقل أن البييتل ظهرت على غلاف ألبوم ’ آبى رود ‘ لهم
سنة 1969 ، وأن البييتل چون لينون كان نفسه فى الحياة الواقعية يملك ويركب
سيارة بييتل ، هى عينها تلك البيضاء التى ظهرت على ذلك الغلاف . الشىء التالى فى الشهرة عالميا هو ’ العربة
الطائشة ‘ ، وهى التسمية المصرية لسلسلة أفلام السيارة هيربى من
ديزنى . تلك البييتل التى تملك روحها وإرادتها الخاصة ، وأحيانا
العنيدة ، وتنتصر دوما لبطلها لا سيما حين يتعلق الأمر بقصص الحب ،
كان أولها سنة 1969 بعنوان بقة الحب Love Bug ،
بالنسبة للأفلام ظهرت الخنفساء كشخصية قوية ،
إن جاز التعبير ، فى فيلمى وودى ألين ’ النائم ‘ 1973 ،
الخيالى المستقبلى وقامت فيه بمطاردة ممتدة ، وفيلمه حائز الأوسكار
’ آنى هول ‘ 1977 ، ولعله من أفضل النماذج لكيف تصبح سيارة جزءا
من شخصية إنسان . كما شاركت الخنفساء بمطاردة قصيرة حين ركبها چيمس بوند فى
’ أوكتوپوسى ‘ 1983 . لكننا رغم كل تلك القائمة الطويلة من
الأفلام لا نصل لحد القول إنها سيدة مطاردات السيارات الصغيرة فى السينما ،
فلا شىء يمكن أن يفوق الفيلم الوحيد لسيارة المينى الإنجليزية ’ المهمة
الإيطالية ‘ 1969 ( وأعادته مؤخرا ) ، والسبب أنه فيلم
مطاردات سيارات حقيقى جاد ورفيع المستوى من بدايته لنهايته . آندى وارول جعل من السيارة الخنفسائية مادة للوحات
النحاتون كان المجال أمامهم أوسع . موزعو منتجات
مصنع المكسيك المذكور يعرضون 20 سيارة مصنوعة من الحديد المطاوع لفنانين مختلفين
غير معروفين . أيضا صانعو السلال كانوا يستغرقون ستمائة ساعة فى صنع نموذج
بالحجم الطبيعى للبييتل . النحات الإيطالى الشهير ليڤيو دى مارشى صنع
بييتل خشبية . الإيطاليون أيضا صنعوا من هيكل سيارة بييتل طوافة بمحرك دفع
مائى أمكنها العبور من جنوب إيطاليا إلى صقلية . مقال النيو يورك تايمز التذكارى اليوم ،
يضيف أسماء بعض الروايات التى ظهرت فيها البييتل ، مثل رواية
’ برازيل ‘ لچون أپدايك التى وصفت مصنع السيارة فى البرازيل .
ومثل الروائى البريطانى چوف نيكولسون الذى ألف كتابا كاملا عن عشاق البييتل
عنوانه Still Life with Volkswagens . أخيرا هناك واحدة من أشهر ألعاب الإبقاع spotting ،
أى تحديد أنواع المركبات سيارات أو قطارات أو طائرات ، والتى يعشقها هواة
هذه المركبات أو تلك . لعبة البييتل تلك كان يمارسها الأطفال الأميركيون فى
الخمسينيات والستينيات حين يسافرون مع والديهم ، حيث من يلمح أولا سيارة
بييتل قادمة فى الاتجاه العكسى يكتسب حق ضرب خصمه فى كتفه وهو يصيح Slug Bug! أو Punch Buggy . اللعبة نفسها كانت تحمل هذا الاسم أو
ذاك حسبما تعود الأطفال لعبها . السؤال : لماذا كل هذا ؟ ربما الشكل
المميز وغرابة شبهه بإحدى الحشرات . ربما لأن السيارة نفسها كانت رخيصة
وجماهيرية وحققت حلم الكثيرين فى امتلاك سيارة . ربما لا سبب محدد فآليات
الثقافة الجماهيرية تسمح بانطلاق ’ الميم ‘ meme إذا أخذنا تسمية دكتور دوكينز الشهيرة ، من مجرد
لفظة أو واقعة عابرة ، لتتحول كما النار فى الهشيم لكرة جليد تنتهى إلى
ظاهرة ثقافية كاسحة . المهم ما لن يستطيع أحد إنكاره أن تلك السيارة
خنفسائية الشكل ، والتى أنتجت آخر قطعة منها هذا الصباح ، كانت جزءا
رئيسا من الثقافة الإنسانية يوما ! اكتب رأيك هنا
6 أغسطس 2003 : اكتملت اليوم صورة الأفلام المصرية لصيف
2003 ، إن لم يكن كالعادة كل صورة السنة . فيلم عادل إمام
’ التجربة الدنماركية ‘ ، يأتى كذروة موسم بدأ بنجاح مدهش لفيلم
للكبار فقط هو ’ سهر الليالى ‘ ، ثم قدم كل من هانى رمزى ومحمد
سعد ومحمد هنيدى فيلمه المنتظر للعام ، وها هو أخيرا عادل إمام يضع لمسته
التى بدت أكثر وقعا من المعتاد فى ظل هذه المنافسة من جيل مختلف .
محمد سعد حاول الضحك من أجل الضحك فى ’ إللى بالى بالك ‘ ،
ونجح وأصبح أنجح أفلام السنة . ليس فى ’ إللى بالى بالك ‘
الأبعاد السياسية والثقافية لفيلم ’ اللمبى ‘ لكن به ارتقاء من نوع
آخر فى الكتابة . تمثيل محمد سعدد لشخصيتين اللمبى المعدم المسطول ومأمور
السجن الصارم ، وقد نقل جسم الثانى لمخ الأول ، هو استغلال عميق
لقدرات محمد سعد ، فى ثلاث شخصيات مختلفة ، اللمبى رمز العطالة وقاع
المجتمع ، والضابط رمز الحكومة والسلطة ، والثالث هو حين اجتمعا فى
جسد واحد ملئ بالتناقضات والمفارقات . على أن السر الأول لارتقاء الكتابة
هو ذاك المستوى المذهل للكثافة الكوميدية ، والذى يذكرنا بمستويات بدأت
بفيلم فريق ثلاثى أبراهامز‑الأخوان‑زوكر ’ الطائرة ‘
1980 ، [ وعادت حاليا بقوة بالذات مع أفلام ’ فيلم مفزع 3 ‘
بديڤيد زوكر منفردا ] . فى هذه الأفلام النكتة عبارة عن نكتتين
أو ثلاث نكت متزامنة . هذه جميعا تستغرق لحظة ، وما أن تمر اللحظة حتى
تكون قد خبطتك فى اللحظة التالية أخرى مثلثة الأبعاد وهكذا . براعات
المفارقات اللحظية لا تنتهى ، وتشكل طبقة كثيفة من الإضحاك فوق قالب القصة
وفوق الشخصية وفوق الموقف ، المضحكة جميعا فى حد ذاتها ، وعميقة
المغزى أحيانا . قطعا هو أكثف كوميديا صنعتها السينما المصرية حتى
اللحظة ، وواحد من أجمل أفلامها إطلاقا .
أما كاتب ’ اللمبى ‘ فقد ذهب للكتابة
لهنيدى . وهنيدى قماشة لا تنتمى فكريا لمدرسة أحمد عبد الله ، ونقصد
أن الأول ينتمى للشعارات السائدة وطنجية عربجية إسلامجية ، بينما عبد الله
متمرد عليها وعلى كل ثوابت العقل العربى والثقافة العربية العفنة جميعا ،
ذلك كما رأينا فى اللمبى ، أو
حتى منذ مسرحية ألاباندا التى استغل هنيدى فيها فى محاكاة ساخرة قاسية للشيخ
الشعراوى . النتيجة فى ’ عسكر
فى المعسكر ‘ أن أحمد عبد الله لم يقل شيئا ،
إلا لو شئت اعتبار القصة ككل إسقاطا على كيف استطاع جيل الهزيمة توريث أحقاده من
جديد بعد أن كنا قد وصلنا فعليا لمرحلة الصداقة مع جارتنا إسرائيل ، ذلك
كما حدث فى قصة البطلين جنديى الأمن المركزى الصديقين دون أن يعلما أن ثمة ثأر
قديم بينهما . من المثير للفضول هنا تخيل هنيدى يقوم بدور يرمز
لإسرائيل ! هنيدى بطبعه لم فى طليعة المضحكين ، وإن كان لا يزال أكثر
إضحاكا هانى رمزى لم يحقق حتى نصف ما اعتاد تحقيقه ،
مع ذلك فيلم ’ عايز حقى ‘ يستحق وقفة . الفكرة هى أن مواطنا معدما قرر بعد قراءة
الدستور مصادفة ، أنه صاحب نصيب فى المال العمومى ، ومن ثم راح يطالب
ببيع حقه فى هذا المال ، وأن يستلمه نقدا . كل المصريين يقررون مثله
بيع مصر ، والحصول على ثمنها نقدا ، وهو حسب الفيلم قد يصل لمليونى
دولار للفرد . طبعا دعك من أن هذا كلام فارغ ، ولو نفذت الفكرة حقا
لما حصل أى أحد على أى شىء ، فالديون تفوق الأصول بمراحل ، ولبات على
كل مواطن الدفع بدلا من القبض . ربما الحالة الوحيدة التى تساوى مصر فيها
شيئا هو لو تخلصت أولا من كل سكانها ! [ بعد شهر من كتابة هذا ،
محصنا الأمر على نحو أشمل فى صفحة الإبادة ، وحسبنا
بالأرقام ماذا لو بيع العالم الثالث كله فى المزاد ، وبالطبع أهدينا نتيجة
هذا البحث لصناع الفيلم ! ] . كل ذلك لا يهم ، وحتى الرطانة الوطنية فى
النهاية بتراجع البطل عن البيع لمجرد أن حادث متشردا كهلا لا تهم ( ذلك إلا
فى كونها طردت الناس من شباك التذاكر ، كذلك لا تنس عامة أن الثيمة نفسها
مقبضة جدا رغم كل الغلاف الكوميدى ، وأن أحدا لا يمكن أن يضحك معها من القلب ) ،
إنما المهم أن صناع الفيلم مشغولون فعلا بقضية فشلنا الاقتصادى والحضارى .
وفى تتابع النهاية تطالب الجموع بإتمام البيع ’ للى ما يتسموش ‘ ذوى
العلم الأزرق ، والمقصود طبعا إسرائيل التى جاءت تحت لافتة تحالف استثمارى
عالمى . ’ لما أنتم موش عارفين تديروها سيبوا غيركم يديرها ‘
واحدة من تلك الصرخات التى هتفت بها الجماهير ، ولا يقدمها الفيلم
بكاريكاتورية أو ازدراء إنما بمنتهى الجدية ، والأهم منها الشجاعة .
والمطلوب أفلام قادمة تحاول تخليصنا والتمحيص فى طوفان الشعارات والأوهام
والهوية والغزو الذى نحيا فيه ( بما فيه وهم أن مصر تساوى شيئا لو دخلها
الأجانب ) ، وأن نعرف أن كل ذلك جزء من المشكلة [ وليس جزءا من
الحل ، على غير المتوقع من أفلام كوميديا السنوات
السابقة ، يوجد بالفيلم تلميحات جنسية قوية ، بالذات ذلك الحوار
الطويل حول حاجة البطل لمن يساعده فى ليلة الزفاف . أيضا هناك كوميديا ليلة
الدخلة التى لا تتم أبدا . توجد هنا ، وكذلك فى ’ عسكر فى
المعسكر ‘ ، وكأن كليهما تذكر فجأة عادل إمام وسهير رمزى ’ ممنوع
فى ليلة الدخلة ‘ ، وطبعا غيره كثير . هذه وتلك كلها تقودنا إلى الظاهرة المحورية فى أفلام هذا العام :
العودة القوية للثيمات الجنسية . …
بادئ ذى بدء نقول إن عودة الجنس للسينما ربما تكون
ظاهرة عالمية ، قبل ان تكون مصرية ( مع الاتفاق بالطبع على اختلاف ما
نقصده بالجنس حين نتكلم عنه فى هذه وتلك ، أو حين نتكلم عنه فى سينما
التيار الرئيس الهولليوودية مقارنة بأفلام بيوت الفن والمهرجانات التى لا تحدها
قوانين ) . عالميا بدأت الظاهرة أو الموجة ، تتشكل مؤخرا
بالأخص من خلال مهرجانات السينما . لعل أول من رج الدنيا ولفت الأنظار أكثر
من أى فيلم آخر كان فيلم ’ كين
پارك ‘ بالغ القتامة فى تقديم الحياة الجنسية
للعشريين وأسرهم ، على نحو واقعى مخيف لا تستطيع أن تتجاهل مدى
جديته ، أو محتواه الثاقب . فالصورة المحورية تكاد تنطق بلسان كل عشرى
فى العالم : الأسرة جحيم والجنس
ملاذ . والأسوأ أن جحيم الأسرة ليس دائما مجرد
فجوة الأجيال وعدم الفهم ، إنما هى تحرش جنسى أيضا ، وثلاثة من أبطاله
الأربعة يتعرضون لاقترابيات مختلفة من الجيل السابق . اثنان منهم من
الأب ، وواحد من هاتين الضحيتين صبى ! هذا الفيلم أثار ضجة أينما حل
فى مهرجانات السينما ، والواقع أنه حل فى معظمها بدءا من ڤينيسيا
سپتمبر 2002 ، بل ولوحق بالمنع والمصادرة كثيرا فى العروض التجارية ،
أو حتى فى المهرجانات نفسها ‑مثل سيدنى‑ وهى سابقة نادرة .
والسبب مزدوج ، الأول أن مشاهد الجنس بها كل شىء كما يقدم فى
الپورنو ، وأحيانا مما لا يقدم به ( كممارسة الجنس للذات
ذكوريا ، وهى المرة الأولى إطلاقا التى يقدم فيها هذا الشىء فى تاريخ
السينما بمعايير الپورنو البصرية ، بالسوائل وما إليها ) . السبب
الثانى هو طبعا : المحتوى الصاعق ! [ توسعت الظاهرة بسرعة هائلة
وفى ڤينيسيا 2003 فوجئنا بمدير المهرجان الوقور المخضرم موريتز دو هادلين
يمنى جمهوره سلفا بما أسماه وجبة جنسية حافلة . وفى نفس الشهر كان نظيره
ومنافسه على قمة مهرجانات العالم پييرز هاندلينج مدير مهرجان تورونتو ،
يخطو خطوة أبعد بتقديم ذات الوجبة الجنسية لكن مصحوبة بتفسير . فقد تصدى
للتنظير للظاهرة ، بأن قال إنها إحدى نواتج 11 سپتمبر ، قاصدا إن
الأزمة لا تخص الإسلام وحده ، إنما كل الأديان التى ضبطت جميعا متلبسة وهى
عارية فى ذلك اليوم ، وتراجعت بقوة منذ ذلك الحين بعد أن رأى الناس كيف
يؤدى الاعتقاد الدينى لهذه الدرجة من الوحشية ] .
[ فى العام التالى 2004 وفى سپتمبر أيضا وفى تورونتو
أيضا ، كانت الظاهرة أوسع وأوسع ، وكأن الأفلام الصارخة جنسيا ، أصبحت على ما
يبدو شيئا يرتبط على نحو خاص بمهرجان تورونتو . هذا العام مدير تورونتو المشارك
الآخر ، نوح كوان ، لم يكن أقل صراحة من زميله . قال ’ اللحم سيكون فى الهواء ‘ !
النجم چونى ديپ قدم ’ المنحل ‘ The Libertine وهو من موجة الأفلام الملامسة للپورنو من سينما التيار الرئيس ،
وهو من السير الشخصية التى
كانت بطلا هذا العام والمقصود وهو الشاعر چون ويلموت . ليام نييسون ولاورا
لينى قدما فيلما جنسيا صارخا قلبا وقالبا وسيرة شخصية أخرى من السير التى يبدو
أنها ستصبح ظاهرة الآن ، هو ’ كينسى ‘ Kinsey ، والمقصود ألفريد كينزى أول وأشهر عالم بحث فى شأن
العلاقات الجنسية . هناك أيضا الفيلم السويدى ’ فجوة فى قلبى ‘ A
Hole in My Heart عن صانع أفلام پورنو وعلاقته
بابنه المراهق . ’ تشريح الجحيم ‘ Anatomy of Hell هو آخر منتجات الفرنسية كاثرين براياه المتخصصة فى الپورنو ذى
الأفكار الأنوثية feminist ، والبطل هو نجم الپورنو الإيطالى المفضل لديها روكو سيفريدى ،
ويقوم بدور شاب مثلى يكره النساء ويسهب فى شرح مدى كراهيته لهن من خلال تصفح جسد امرأة ترقد عارية
أمامه ، ومن هنا جاء عنوان الفيلم . ’ 9 أغان ‘ 9 Songs فيلم
آخر شبه پورنوجرافى لكن موسيقى ، ربما يريد تذكيرنا أن أيام فيلم ’ الرعب
الراقص ‘ لم تكن سوى لعب عيال . چون ووترز موجه طالما أثار الجدل يقدم
هذه المرة ’ عار قذر ‘
A Dirty Shame
عن أناس تسعى وراء نوع من
المتع الجنسية لم يسبق أن طرقه أحد قط . باختصار هذه الأفلام أصبحت ظاهرة
كبرى . إذن
الپورنو أصبح فنا يعرض فى المهرجانات ، أو فى الواقع هو فن وفن عظيم منذ
طلائع الفجر الأولى له ( ’ وراء الباب الأخضر ‘ 1972 مثلا —انظر قصتنا المطولة ) ، لكن لا بأس أن فهم
النقاد والمهرجانات هذه الحقيقة أخيرا وأنصفوا فنا طال احتقاره . والأهم أن
تلاشت حقا الخطوط الفاصلة بين الپورنو وسينما التيار الرئيس . تعريف
الپورنو نفسه لم يعد عاملا يفصله عن السينما الكبيرة ، وتعريفه هو أداء
الجنس الحقيقى وليس المحاكاة الجنسية simulated sex ، أو حتى لو شئت تعريفا أكثر تقانية هو إظهار الأعضاء
الجنسية أثناء الممارسة ، ذلك بعد أن كانت السينما الكبيرة ونجومها يمثلون
مشاهد تحاكى الجنس فقط ، أو كانت الأفلام تظهر الأعضاء فقط أو تظهر
الممارسة فقط ، ولا تظهر الاثنين معا أبدا فى نفس اللقطة ( طبعا
باستثناء حالات تعد على الأصابع مثل ’ كاليجولا ‘ 1979 للنجم مالكولم
ماكدويلل والذى على الأقل كان السائل المنوى يتدفق فيه أنهارا ) . حتى
الرقابة لم تعد مشكلة . أحد أبطال فيلم ’ كينسى ‘ پيتر سارسجآرد
حين جاءه نبأ إعطاء الرقابة الأميركية تقدير R للفيلم وليس NC-17 ، بمعنى
أنه سيمكن للأطفال مشاهدته لو كانوا بصحبة شخص بالغ ، أبدى انزعاجه الشديد
لجمهور وصحفيى المهرجان ، وقال إن هذه إهانة لجسده ولعضوه الذكرى أنهم لا
يعتبرونهما خطرا . الجمهور نفسه ليس عقبة طبعا ، هو أفضل من يقدر هذه
الأفلام وفنيتها . حتى الصحفيين الذين عصفوا قبل عام ونصف ’ بالأرنب
البنى ‘ فى مهرجان كان ، بدوا أكثر ودا مع فريق ’ كينسى ‘ ،
وكان السؤال الأول فى المؤتمر الصحفى شخصيا جدا ، أنه يريد من كل من
البطلين نييسون ولينى أن يقيما نفسيهما بدرجة من 10 كالتى كان يمنحها ألفريد
كينسى للميل الجنسى ما بين المثلية والثنائية ، فإحدى إثباتاته القاعدية
الشهيرة أننا جميعا مثليون وثنائيون فى ذات الوقت ، والتى تحدث طبعا الرأى
السائد حتى الخمسينيات لدى عموم الناس ان المثلية من أشياء الواحد فى
المليون . طبعا هذا السؤال خلق جوا مرحا وجادا فى نفس الوقت . وإن كنا
لا يجب أن ننسى على أية حال وهذا مما قلناه مرارا ،
إن صحفيى تورونتو ليسوا كصحفيى كان وبرلين وڤينيسيا . هم منطبعون
بجمهور ذلك المهرجان ، ويصعب عليهم تحدى حبه العظيم للسينما .
حتى
النجوم لم يعودوا مشكلة ، ويكفى مثالا أن فتاة سبق لها التمسية للجلوب
والأوسكار هى كلووى
سيڤينى
( عن ’ الصبية لا يبكون ‘ 1999 ) ، قبلت تمثيل الجنس
الحقيقى طيلة فيلم كامل ، نقصد مع ڤينسينيت جاللو مخرج وبطل وكل شىء
’ الأرنب
البنى ‘ .
( عن الفيلم نفسه نقول إنه أقرب للتجريب .
الأحداث بطيئة للغاية بل تكاد تكون معدومة ، وهذا فى حد ذاته يخلق أثرا
سيرياليا قويا . ربما يذكرنا بالزمن الواقعى فى أفلام فاسپندر
الأولى . متسابق دراجات بخارية ، يضع دراجته فى صالون عربته الڤان
ويبدأ رحلة عبر الولايات إلى كاليفورنيا . شاب خجول وسيم يبدو تعيسا لسبب
ما ، أو كأنه يبحث عن شىء ما فى كل فتاة رقيقة أو حزينة ينظر إليها لكنه لا
يجده أبدا . المشهد الجنسى يأتى فقط قرب النهاية وهو مجرد ممارسة
’ حلق عميق ‘ شفوية ، لا تخرج عن إطار الكآبة العام ، وإن
شرحت بعض الأشياء عن إذن
العقبة الوحيدة عقبة تجارية . من حيث شقها الجنسى ينفر منه الموزعون الكبار
لأنه يحتاج لترتيبات خاصة ، ولأسلوب دعاية خاص ، ولمواجهة مشكلات
وهجمات لم تصمم بيزنساتهم عليها . لكن ما نقوله إن هذه فقط مرحلة
مؤقتة ، وإن الظاهرة تتصاعد ، والعالم بعد 11 سپتمبر ليس كالعالم قبل
11 سپتمبر . حتى فى مصر كان يصعب ‑ولو فى أحلامنا‑ أن نشهد
أفلاما تضرب فى الدين نفسه فى العمق مثل ’ بحب السيما ‘ أبدا قبل
سنوات قليلة —أيضا انظر مراجعتنا له .
الشىء
الجديد حقا والمرشحة له الظاهرة من خلال فيلم كينسى بالذات ، أن ستصبح مثار
جدل واسع عبر كل أوساط المجتمع من العلمية حتى الثقافية حتى الجماهيرية .
الرجل صنع صدمة هائلة للمعتقدات السائدة عن الجنس فى أوائل الخمسينيات ،
هذا مثلا رغم أن من الوقائع الشهيرة أنه قدم قصص المسخ الجنسى ريكس كينج الذى
جرب كل شىء بدءا من الجنس مع الرضع بعمر شهرين ، قدمها كتجارب لأكثر من شخص
واحد مخالفا الأمانة العلمية لأسباب تتعلق بتحاشى الجلبة السياسية
والإعلامية . على سبيل المثال أطروحته الهائلة حول أن الانحرافات الجنسية
ثلاثة لا رابع لها : التعفف والتبتل والزواج المتأخر abstinence,
celibacy and delayed marriage ، أو ما روى عنه من تشجيع مساعديه على تبادل
الزوجات ، أو استكشافه هو نفسه للمثلية الجنسية كما قدم الفيلم منذ مشهده
الافتتاحى ، كانت كلها صدمة هائلة فى حينها ( يروى فيلم ليام نييسون بالموجه بيلل
كوندون ، مرشح بكل القوة لإحداث ذات الصدمة من جديد بعد 50 سنة من
الأصل ! وطبعا :
لا تزال الظاهرة مستمرة ! ] .
فى سينما التيار الرئيس تتفاعل الظاهرة نفسها لكن
طبعا بقوانينها وطريقتها الخاصة . والمؤكد أن بات المكون الجنسى الموجه
للجمهور العريض أقوى كثيرا عما كان عليه قبل عام أو عامين . وحيث أننا لسنا
بصدد مثل هذا التحليل الآن ، نكتفى خاصة وأننا بصدد الحديث عن عودة الأيام
الخوالى ، بالإشارة للنجمة الجديدة كيت هدسون ، والنجاح الكبير
الأخير لفيلمها ’ كيف تفقدين جدعا فى عشرة أيام ‘ ( كل من أعرفهم
ممن شاهدوه ، لم يكتف أى منهم بمشاهدة وحيدة له ! ) ، تلك
كرمز تعيد لنا حلاوة عصر أمها جولدى
هون . فى التليڤزيون أشرنا مرارا فى صفحة الجنس أو هنا أعلاه ،
لمسلسلات كاسحة ذات مكون جنسى مباشر مثل ’ الجنس والمدينة ‘ و’ شاذ
كما الأهل ‘ وغيرهما . [ كذلك جاءت لاحقا بعد كتابة هذا بأيام
إحصائية تقول نفس الشىء عن التليڤزيون
البريطانى ] . وقبل أن نعود لأفلام صيف 2003 المصرى الساخن ،
ربما نود أيضا تذكيرك بنبوءة مبكرة من سنة 2000 ، لإحدى الباحثات دكتورة
رووث كليفورد إينجز ، عرضنا لها فى حينها فى صفحة العلمانية ، تنبأت فيها بأن الموجة
الدينية ستنحسر عن أميركا سنة 2005 ، حيث أنها بها ، وأيضا عالميا
فرضا ، تأخذ صورة الدورات محددة المدة . … فيلم ’ كلم ماما ‘ الذى عرض فى مرحلة
مبكرة من الموسم ، يبدأ بأغنية لفتيات جامعيات يتحدثن عن حقهن فى إقامة
علاقات غرامية كما شئن . لكن للأسف لم يواصل الفيلم التركيز على
الفكرة ، ولم يكن مضحكا جدا ككل ، وأحبط فى الشباك التوقعات الكبيرة
التى صاحبته كحصان أسود لهذا العام ، ربما كان سيحيل عبلة كامل لبند شباك
ساخن .
لو استطلع رأيى أحد لما نصحت قط بعرض ’ سهر الليالى ‘ فى
موسم الصيف ، حيث هذا موسم القطاع العائلى ، الذى يخرج لمشاهدة
الكوميديات المغرقة . لكن النتيجة الساحقة فى شباك التذاكر ( ربما
يصبح ثانى أنجح فيلم للعام ، ما لم يكن لعادل إمام رأى آخر ) ،
تنير عيوننا لقدر تلهف الناس لشىء يناقش الجنس والعلاقات الزوجية وعلاقة الشبان
والفتيات مناقشة جادة . لا أدرى هل كانت نصيحتى ستكون فى محلها أم
لا ، وهل كان الفيلم سيحقق أكثر لو عرض فى موسم آخر ، لكن فى كل
الأحوال كلمة الشباك كانت حاسمة قاطعة ، ولحد كبير مفاجئة ، وأيضا
تقول : نحن ننتظر المزيد . ’ سهر الليالى ‘ فيلم للكبار فقط
بجد . ليس لأن الرقابة التى لا نعترف بوجودها
أصلا قد قررت ذلك ، إنما لأنه فعلا فيلم لا يهم إلا الكبار فقط .
أربعة من الثنائيات ، تجمعهم الصداقة ، وكذا أن كل ثنائى يعانى من
توترات فيما بين بعضه البعض . شىء أقرب ما يكون لحفنة من أفلام إيريك
رومير ، أو أفلام فرانسوا تروفو الأولى ، وقد حشدت مشاكلها معا فى
فيلم واحد .
معظم الائتمان فى هذا الفيلم يرجع لكاتبه الشاب
تامر حبيب . هذا المجتهد الكبير الصغير الذى راح ينقح وينعم هذه الدراما
وشخصياتها ومواقفها لتصل لهذا المستوى من الإقناع . بالدرجة الثانية يأتينا
مخرج الفيلم هانى خليفة بتدقيق فى التفاصيل وإدارة الممثلين ، على نحو يبدو
شديد الاحترافية ولا يوحى قط بأنه عمل أول له . وطبعا هناك ثمانى التمثيل
الشاب أيضا ، فكل شىء شباب فى شباب : أحمد حلمى ، حنان
ترك ، منى زكى ، فتحى عبد الوهاب ، خالد أبو النجا ، علا
غانم ، جيهان فاضل ، شريف منير . الكل فى مستوى النجومية أو قريب
جدا منها ، لكنهم مع ذلك قبلوا التعاون معا فى بطولة جماعية غير مسبوقة فى
الجيل الحالى ، طبعا حبا واحتراما للنص المكتوب على الورق ، ولروح
الشابين الصديقين حبيب وخليفة . حنان ترك هى فرح الابنة الوحيدة لفنانة ثرية ،
تزوجت ممن تحب عمرو ( أحمد حلمى ) ، وأصبح مدير مصنع الملابس
الذى تمتلكه الأسرة . لكن تلك الأم لا تزال تعايرها بمستوى زوجها
الاجتماعى ، رغم أنه هو نفسه لم ولا يعنيه هذا الأمر ، وكل ما فكر فيه
هو الحب والزواج السعيد . هذه الضغوط تترجم لحالة من الاضطراب المتواصل
عندها ( أنت تعرف الحيوية أو قل العصبية التى تتفجر بها عادة حنان
ترك ) ، يفاقم ذلك أن يذكرها ويذكره دوما كونها كانت تحب قبله صديقهما
على ( خالد أبو النجا ) ، ويتحول الفراغ الذى تعيشه إلى رغبة
تملك وما يشبه الندم على ضياع فرصة الزواج من على . على هذا هو القصة الثانية . على شاب خجول رقيق
الطباع سليل أسرة أرستقراطية أجبرته على ترك فرح التى كان يبادلها الحب ،
ذلك بسبب مهنة أمها . وزوجته بالتالى من ابنة خالته مشيرة ( جيهان
فاضل ) التى تشتغل موظفة استقبال فى فندق فخم . المشكلة أن على لا
يجيد ممارسة الجنس ، ومن ثم لا تشبعها ممارساته التى تأتى سريعة ومن طرف
واحد ( سمحت الرقابة بهذا المشهد ، الذى يشبه الكثير قبله فى سينما
السبعينيات لكن اختفى طويلا ) . فى المقابل هناك من يلاحقها .
وائل ( أحمد هارون ) شاب أقرب لموديلات المجلات ، فائق الوسامة
ناعم الكلام ، يجيد قراءة المرأة التى أمامه ، ويداعب جمالها وحرمانها
بأبرع ما يكون العزف على مثل هذه الأوتار . أيضا بالمثل تنفجر علاقتها
بزوجها ، وتكاد تلقى بنفسها فى عالم وائل الساحر ، لولا أن نكصت فى
آخر لحظة ، وهذا لو شئت هو عيب الفيلم الذى تكرر فى القصص الأربع ،
وهو عودة كل ثنائى لبعضه البعض دون مبرر درامى واضح ، بينما نرى أن كل شىء
يشده للعكس .
الثنائى الثالث يجمع ما بين خالد ( فتحى عبد
الوهاب ) صاحب متجر بيع السيارات وزئر النساء من كافة المستويات وغالبا
أدناها ، وزوجته واسمها بيرى ( منى زكى ) تشتغل مدرسة وتبدو أقل
الرباعى جمالا وترتدى الحجاب . هى تعلم من قديم بخيانته لها ، لكن هذا
الثنائى ينفجر كما كل الباقين ، حين تسمع بأذنها عبر هاتف خليوى مفتوح عن
طريق الخطأ الحماس الشديد أثناء ممارسته الجنس مع إحدى علاقاته النسائية ،
وتطلب الطلاق ، وتلجأ فعلا لصديقتها فرح . أما الثنائى الرابع فهو الوحيد الخارج عن مؤسسة
الزوجية . سامح ( شريف منير ) شاب شبه بوهيمى يحيا حياته يوما
بيوم يشتغل مهندسا للصوت فى أحد الستوديوهات وليس له أية طموحات مادية ولا يريد
أكثر من الاستمتاع بحياته وبقصة حبه لإيناس ( علا غانم ) .
الزواج بالنسبة له قيود ربما تفقده حياة الحرية التى يتمتع بها ، إيناس
تسمتع أيضا بحياة الحب والجنس خارج الزواج ، لكن شخصيتها تختلف
قليلا . هى سيدة بيزنس تدير متجرا للعب الأطفال ، وتلتقى طوال الوقت
بعلية القوم وأثريائهم . من هؤلاء المليونير حامد المهدى ( سامى
العدل ) الذى يطلب إقامة علاقة معها مقابل مزايا مادية هائلة لها ،
ويقبل لو كانت هذه حتى مشاركة مع علاقتها بحبيبها الذى يقدم له هو الآخر عروضا
مادية مغرية . هذا يفجر علاقة إيناس بسامح ، وتطلب الزواج ويرفض هو
وينفصلا . انفصال الشبان الأربعة عن رفيقاتهم يتخذ صورة رحلة
للأسكندرية تعيد لهم ذكريات أيام شبابهما وصداقته التى كانت أكثر حميمية
وانطلاقا . من هذه دعوة عاهرة ، لكن هذا يأتى بنيران عكسية ،
فبدلا من أن تعالج على وتعلمه بعض الأشياء فى الجنس ( هذا المشهد حذفته
الرقابة ) ، ينخرط بين يديها فى بكاء طويل ، بحيث تفر هى من هذه
المجموعة غريبة الأطوار . النهاية طبعا أن يعود كل اثنين لبعضهما
البعض : بيرى مستعدة للمغفرة ، سامح يقبل الزواج ، مشيرة تقاوم
الإغواء وترضى بزوجها كما هو ، عمرو يعدل عن الرحيل حين تفاجئه فرح بأنها
حامل . وتوتة توته خلصت الحدوتة . طبعا الواضح أن كان من الأفضل إغلاق الفيلم على
عودة الأبطال بالسيارة يغنون من ذكرياتهم القديمة ’ سهر الليالى ‘
للمغنية فيروز ، ويترك لنا أن نتخيل ما قد يصلح للاستمرار من هذه العلاقات
وما قد لا يصلح . لكن هذا لا يقلل من حقيقة أن شيئا جيدا حقا أن يكون عندنا مثل هذا الفيلم . منطقة لا يريد أحد التناقش فيها ، أو يخشاها لأسباب
رقابية أو تجارية .
بصراحة أكبر ، نجازف أولا للقول بأن حتى أفلام النصف الأول للسبعينيات الأجرأ تماما من
حيث مشاهدها الجنسية ، لم تكن أفلاما تناقش الجنس ، بقدر ما تناقش
الحب ، وهى الصيغة التى أرساها أولها وأكبرها
جميعا ’ أبى فوق الشجرة ‘ 1969 . ’ سهر الليالى ‘ الذى
لم يقدم ولو واحد من الألف مما قدمت تلك الأفلام من حيث المشاهد الجنسية على
الشاشة ، فيلم يناقش الحب طبعا ، وطبعا هو أولا وأخيرا فيلم عن
الزواج ، لكنه أيضا يناقش ، الجنس داخل وخارج الزواج معا ، بما
لا يقل مثلا عن ’ حمام الملاطيلى ‘ أو ’ أنف وثلاث عيون ‘
أو ’ امرأة للحب ‘ أو ’ جنون الشباب ‘ . ثانيا هو فيلم عن الطبقة الوسطى بكل معنى الكلمة ، وتحديدا القطاع الأعلى منها ، شباب يدير شركات أو يدير
بيزنساته الخصوصية ، ومشاغله لا تتمحور حول لقمة العيش ، بقدر ما
تؤرقه اهتمامات ومتاعب أخرى . ولقد افتقدنا هذه النوعية منذ سنوات
طويلة ، بالذات مع غلبة الكوميديا بعادل إمام والجيل التالى له ، حيث
عادة ما كانت شخصيات الطبقات الدنيا هى الغالبية ، والتى تلقى مذاقا لدى
الجمهور الواسع . وبالمناسبة هذه كانت دوما محل هجوم ، تماما كما كانت
أفلام الطبقة الوسطى تهاجم قبلها من ’ مثقفينا ‘
و’ مبدعينا ‘ ، تحت مسميات مثل أفلام النوادى أو أفلام إعلانات
الصابون …إلخ . المهم ، إن التوقعات باتت كبيرة جدا ، والأنظار
معلقة على ما هو العمل التالى لشخص ذى رؤية واضحة مثل تامر حبيب ، استطاع
أن يكسر حاجزا ( نفسيا على الأقل ) ، هو أن شيئا لن يصل للجمهور
العريض إلا الكوميديا المغرقة . فإذا به يصنع فيلما بات من المؤكد أنه أنحج
فيلم غير كوميدى فى تاريخ السينما المصرية . باختصار القيمة الحقيقية لسهر الليالى قد لا تكون
فيه هو نفسه ، بقدر ما تكون فيما سيتبعه من أفلام ! …
’ التجربة الدنماركية ‘
ليس للكبار فقط ، لكنه أصرح جنسيا بكثير ، والسبب معروف أن الرقابة لا
تستطيع أن ترغم عادل إمام على شىء لا يريده . الكلام مباشر للغاية ،
ويضرب فى صميم الموضوع دونما مواربة : أسرة ذكورية للغاية مكونة من أب
سرعان ما يصبح وزيرا للشباب ، وأربعة أبناء رياضيين ضخمى الأبدان ،
بينما الأم ميتة . فتاة دنمركية تأتى لإجراء بحث عن الحياة الجنسية
للمصريين ، وتفاجأ بالواقع أليم التخلف ، وتأخذ فى إقناع الجميع
بأشياء من قبيل تدريس الأوضاع الجنسية فى المدارس ( وفى مجلس الوزراء ! ) ،
وممارسة الخلانية boyfriend-girlfriend ، وتخصيص يوم
للعرى ، وهلم جرا . طبعا كما فيلم هانى رمزى ، النهاية هى الرضا
بالواقع كما هو ، ورفض الفكرة الوافدة دونما سبب مقنع ، لكن كما
نظيره ، يمكن القول إن الرسالة وصلت ، ووصلت بقوة وشكرا . أيضا التلميحات ضد ثقافتنا الدينية موجودة كالمعتاد
فى أفلام عادل إمام ، ليس هذه المرة بالسخرية من العربية الفصحى لأفلام صدر
الإسلام ، أو من الأسماء الإسلامية ، إنما من كلمة ’ سمى ‘
التى يسبق بها الناس تناول الطعام . كان يجلس خلفى شخص متدين ، فوجئت
به يصرخ ’ الله يلعنك يا شيخ ! ‘ ، ويكرر الصرخة كلما تكررت
السخرية . أيضا يا عادل ، الرسالة وصلت وشكرا ! الخلاصة : إللى بالى بالك لم يكسر إيرادات
اللمبى ، والسينما المصرية لن تكرر فيما يبدو إيراد الستين مليونا هذا
العام . لكن النتيجة ليست سيئة بالمرة لا اقتصاديا ، ولا من حيث
المحتوى . سينمانا المصرية هذه تفاجئنا طوال الوقت بأنها تنطوى على عقول
شابة ومتحررة كثيرة ، وأن هؤلاء يطردون العقول المتحجرة طوال الوقت .
وفى ظل ما نعانيه من تخلف ثقافى شامل ، تعد أفلامنا طليعة رائعة فى
مجملها . …
إلحاقا بهذا
المدخل نقدم لك هذا الحصر بالأفلام
الجريئة جنسيا التى شكلت الظاهرة الكبرى للسينما المصرية فى نصف السبعينيات
الأول . هى ظاهرة متكاملة من حيث تكثفها فى حقبة زمنية محددة ، ومن
حيث ثيماتها وأساليبها ، ومن حيث جاذبيتها الكبيرة فى شباك التذاكر ،
وطبعا من حيث أسماء بطلاتها ، وكلهن ممثلات كاريزميات الحضور مخلصات
الإداء . ويقال إن فى بعض الحالات كان الجنس أحيانا حقيقيا كاملا ، أو
هكذا على الأقل تجرى الأسطورة عن رشدى أباظة وناهد شريف فى فيلم ’ رجل
وامرأة ‘ مثلا ، وأنه جاء بعفو اللحظة وعلى مرأى من كل الحضور فى
ستوديو التصوير . فبعض النجوم الرجال كن عمالقة كاريزميين حقا فى فحولتهم
وشهامتهم وشموخهم وسلوكياتهم وكل شىء ، أو كما يقال بالإنجليزية أفسح من
الحياة larger than life !
أما عن رفيقاتهم فالقصص كثيرة مشابهة
الانفجارة مهد لها التحرر النسبى
للرقابة مع الأفلام الأجنبية فى أواخر الستينيات ، تحديدا فى فترة تولى
المستشار‑الناقد مصطفى درويش لها . والتى كانت فترة من الحرية
تاريخية بكل المقاييس ، ذلك لأنه سمح بعرض أفلام أجنبية كاملة بغض النظر
على محتواها الجنسى وأشهرها فيلم أنتونيونى ’ انفجار ‘ الذى اجتمع من
أجله مجلس الأمة ( الپرلمان ) . أما الانفجارة نفسها التى شهدتها
السينما المصرية فقد افتتحها أبى فوق الشجرة ( 1969 ) ، برقمه
القياسى الهائل فى شباك التذاكر ( وفى عدد القبلات التى تعود أن يحصيها
الجمهور بصوت عال فى دور العرض ! ) . ثم توالت من بعده الأفلام
كما قصف الطلقات ، ولعل الذروة كانت بلا منازع ’ حمام
الملاطيلى ‘ 1973 ، الذى كان عاصفة بكل معنى الكلمة ، أخذت
بالمثقفين أخذ المقتدر الجبار ، قبل أن تأخذ بالرقابة . هذا إلى أن
اختتمت تلك الظاهرة أساسا بالمحاكمة التأديبية التى تعرض لها رقباء فيلم
’ المذنبون ‘ 1976 ، حيث بدأ بعدها الجنس يواجه ردة إجبارية
واضحة على الشاشة . وبالطبع يمكن تجد أفلاما أخرى متفرقة سابقة عليها لا
تقل جرأة مثل مدخل عز الدين ذو الفقار الكبير للجنس ’ امرأة فى
الطريق ‘ 1958 . وبالأخص منه أول جزئين من ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ
التى أحبها هو نفسه لأقصى مدى ، ’ بين القصرين ‘ ( مها صبرى
ونعمت مختار ) و’ قصر الشوق ‘ ( نادية لطفى ) ،
الذين لعلهما حين ظهرا فى عامى 1964 و1967 بالترتيب ، كانا أكبر إرهاصة
مباشرة ، إن لم نقل حافزا ، لإنفجارة الجنس التى ستأتى عما قريب لتعصف
بكامل السينما المصرية ، وأيضا العربية . على نحو عام ، كل الأفلام
التى سيشار لها الآن ، تدور حول ثيمات عاطفية و / أو جنسية .
وكلها تعلى راية التمرد فى مواجهة مجتمع متخلف عنيد متزمت منحاز وغير سوى .
وكلها تذكى أهمية الجنس والحب فى حياة الإنسان واستوائه وصحته النفسية .
وكلها تحتفل بالجنس بقبلات حقيقية ، ومشاهد عرى شبه كامل ، ومشاهد
فراش ساخنة ، وهلم جرا . هذه الأفلام شكلت ثقافة جيل
كامل ، ولو شئت ذكرياتى الشخصية فهى كثيرة . وأستطيع أولا أن أروى
الهوس الذى كانت تفعله فى جيلنا الذى كان مراهقا آنذاك ، حيث لم يكن يتصدر
شىء أحاديث طابور المدرسة الصباحى ، أكثر من تباهى البعض بأنه شاهد الفيلم
الجديد لنجلاء فتحى ومحمود ياسين قبل أى أحد آخر منا ، ناهيك عن استمتاع الجميع
بالتفاصيل التى يتفنن فى سردها . ثم أذكر كيف أن المنتج جمال
الليثى قد دشن بها عصر الڤيديو فى مصر ، بأن جعلها ، بذكاء
بيزنسى خارق ، نواة لمكتبته لحقوق الڤيديو الذى لم يكن أحد حتى يعرف
ما هو فى ذلك الحين . حين كنت أعد بعد ذلك فى منتصف الثمانينيات كتاب
’ دليل أفلام الڤيديو 1987 ‘ ، كنت أشاهد بعينى المجموعات
الكاملة منها ، جاهزة التغليف خلف مكتب وجيه الليثى مدير قسم الڤيديو
بالشركة ، ذلك لأن طلب نوادى الڤيديو عليها كان محددا معروفا وطبعا
لا ينقطع ، ولم يكن يستغرق الأمر من صاحب النادى القادم من الأقاليم سوى
دقائق معدودات ، لا حاجة له فيها للاختيار أو الحذف أو الإضافة أو التذكر
أو المساومة أو حتى التغليف ، فقط كان يدفع و’ يشيل ‘ كى يلحق
بالقطار العائد لبلده . حتى لم تكن ثمة حاجة لعد النقود ، فسعر الشنطة
الپلاستيكية تلك كان سهل التذكر والتعامل ، ألف جنيه ! حتى اليوم لا تزال هذه الأفلام
تعرض سينمائيا ، أسبوعيا وبكامل قائمتها تقريبا فى دور العرض
المتواضعة ، بحيث يستحق كل منها لقب العرض المتواصل لثلاثين سنة أو يزيد
( هل لديك تعريف أفضل لكلمة كلاسيات ؟ ) . والأرجح أنك
تشاهدها أيضا ، لكن فى نسخها المهلهلة فى قنوات الساتيلايت . أما آخر
ذكرياتى ، فهى أنى كنت ألقى محاضرة هذا العام فى شتاء الأسكندرية
الجميل ، وفوجئت بسيدة متعلمة وراقية تعلق بأن الجنس فى فيلم شاهدته مؤخرا
هو مواطن ومخبر وحرامى ’ لم يسبق له مثيل فى السينما المصرية ‘ .
أخذت لوهلة ساعتها ، ولم أعرف من أين أبدأ أو إلى أين أنتهى . لكنى ما
أن لفظت كلمة أفلام مطلع السبعينيات ، حتى وجدت الحضور بأكمله يتسابق ليشرح
لها بنفسه ما فاتها من عمرها . من ساعتها ولدت فكرة هذا المدخل
الذى تقرأه الآن ، وبالطفرة النسبية التى أتتنا بها أفلام صيف 2003 ،
بات تنفيذها فورا ضرورة ملحة ! …
وبعد : على سبيل التحية
لأولئك النجمات ولعصرهن ولكل من وقف ورائهن أو أمامهن ، نجمات عصر التصالح
مع الجسد والذات والجنسوية ( كما سبق
وأسميناه ) ، وقبل أن يعصف الرياء الدينى بكامل حياتنا العقلية ،
إليك هذه القائمة بهن وبأفلامهن التى صنعت عصر ازدهارة الجنس الكبرى على الشاشة
المصرية : ناهد شريف : امرأة ورجل ، نساء الليل ، أشرف خاطئة ، الساعة تدق
العاشرة ( مع ميرڤت أمين ) ، المنحرفون ، عندما يسقط
الجسد . وطبعا هى نجمة الفيلم اللبنانى الوجودى الشهير ’ ذئاب لا تأكل
اللحم ‘ . شمس البارودى : حمام الملاطيلى ( مع نعمت مختار ) ، المتعة والعذاب
( لم ينجح كثيرا لكنه كان تأكيدا جزءا من الظاهرة ، مع سهير
رمزى ) ، امرأة سيئة السمعة ، الجبان والحب ( مع هند رستم
وشويكار ) ، كفانى يا قلب ، دموع بلا خطايا ، رحلة العمر ،
المرأة التى غلبت الشيطان ( مع نعمت مختار ) ، مراهقة من
الأرياف . سهير رمزى : المذنبون ، امرأة للحب ، أين المفر ، ثم تشرق الشمس
( مع نجلاء فتحى ) ، سيقان فى الوحل ، المتعة والعذاب
( مع شمس البارودى ) . زائد بالطبع حشد أفلامها الكوميدية مثل 24
ساعة حب ، حبيبتى شقية جدا ، الكل عاوز يحب ، بنت اسمها
محمود ، ممنوع فى ليلة الدخلة …إلخ . ميرڤت أمين : أبى فوق الشجرة ( مع نادية لطفى ) الساعة تدق العاشرة
( مع ناهد شريف ) ، السكرية ( مع مديحة كامل ) ،
أنف وثلاث عيون ( مع ماجدة ونجلاء فتحى ) ، جنون الشباب ،
الحب تحت المطر ( مع ماجدة الخطيب ) ، الحب قبل الخبز
أحيانا ، السلم الخلفى ، عجايب يا زمن ( مع هند
رستم ) ، غابة من السيقان ، ليل ورغبة ، الفاتنة
والصعلوك . نجلاء فتحى : ثم تشرق الشمس ( مع سهير رمزى ) ، العاطفة
والجسد ، أختى ، أنف وثلاث عيون ( مع ماجدة وميرڤت أمين ) ،
دمى ودموعى وابتسامتى ، حب وكبرياء ( مع مديحة كامل ) .
ماجدة الخطيب : دلال المصرية ، امتثال ، الشوارع الخلفية ،
توحيدة ، الحب تحت المطر ( مع ميرڤت أمين ) ، الأحضان
الدافئة ( مع زبيدة ثروت ) . نعمت مختار : حمام الملاطيلى ( مع شمس البارودى ) ، المرأة التى غلبت
الشيطان ( مع شمس البارودى ) . وأخيرا : نادية
الجندى ، أو بمبة كشر . وطبعا جميع أفلامها
اللاحقة حيث تعد أبرز من رفع بقوة وتواصل راية جرأة المشاهد الجنسية لما بعد عصر
الازدهارة هذا . وقطعا إذا ما قدر لبلادنا أن تخرج من حالة الانحطاط الشامل
الحالية ، لنالت يوما هذه الفنانة تكريما ما يفوقه تكريم ، ليس لأنها
أفضل من أى من الرائعات اللاتى ذكرناهن هنا ، إنما لنضاليتها الفائقة
وإيمانها العميق بسباحتها ضد التيار ، ولتصديها لأمواج لا يمكن تخيلها من
الكراهية والعداء . …
نجمات من جيل أسبق ، وأقصد بهم
من بدأن فى الخمسينيات ، واكبن الموجة ( وطبعا ساهمن فى تقديم الجنس
الجرئ قدر الإمكان قبلها ) : هند رستم : الرغبة والضياع ( مع هياتم ) ، الجبان والحب
( مع شمس البارودى وشويكار ) ، عجايب يا زمن ( مع ميرڤت
أمين ) ، ملكة الليل . نادية لطفى : شادية : أمواج بلا شاطئ ( مع مديحة كامل ) . ماجدة : النداهة ، أنف وثلاث عيون ( مع نجلاء فتحى وميرڤت
أمين ) . زبيدة ثروت : الأحضان الدافئة ( مع ماجدة الخطيب ) ، لا شىء
يهم . شويكار : الجبان والحب ( مع شمس البارودى وهند رستم ) ، وضيفة
فى فيلم مثل النداهة ، حيث كانت ميرڤت أمين ضيفة أيضا ، كلتاهما
أمام ماجدة . … أخيرا التحية كل التحية لاسم النجمة مديحة كامل ، قطة
السينما المصرية ، الشرسة أحيانا الرقيقة غالبا والجميلة دائما .
الفنانة التى قليلا ما وجدت من يطلق موهبتها إلى آخر حدودها ، وانتهى الأمر
بموتها كمدا من التزمت الدينى المحيط بها . نكتفى بذكر أدوارها فى أمواج
بلا شاطئ ( مع شادية ) ، حب وكبرياء ( مع نجلاء
فتحى ) ، السكرية ( مع ميرڤت أمين ) ، وبعض
الكوميديات مثل ’ فى الصيف لازم نحب ‘ و’ أزواج طائشون ‘
و’ الأزواج الشياطين ‘ ، حيث يكاد يرتبط اسمها دونا عن معظم بنات
جيلها بالجناح الكوميدى للسينما عالية المكون الجنسى ( ربما الوحيدة التى
نافستها كانت سهير رمزى ، والوحيدة التى سبقتها كانت شويكار ) .
ونشير أيضا لمواصلتها الجريئة فى سنوات نضجها الفنى فى الثمانينيات تقديم أفلام
مثل ’ الرغبة ‘ و’ امرأة قتلها الحب ‘
و’ الجحيم ‘ و’ عيون لا تنام ‘ و’ شوارع من نار ‘
و’ عندما يبكى الرجال ‘ و’ أصدقاء الشيطان ‘
و’ السلخانة ‘ و’ درب الهوى ‘ ( مع يسرا
وشويكار ) ، و’ المزاج ‘ ( مع فيفى عبده ) ،
كلها ذات محتوى جنسى أعلى بمراحل من المتوسط السائد لوقته . …
أيضا ممن تستحققن التنويه بذات الطريقة نجوى فؤاد ، لكن كما
تعلم لم تعطها السينما المصرية الدور الرئيس فى أفلام كبيرة قط . ذات الشىء
مع راقصة أخرى هى هياتم التى كانت محورية بعض الشىء فى أفلام مثل ’ الرغبة
والضياع ‘ من أفلام فترة الازدهارة تلك ، أو بعدها فى فيلم مثل
’ غريب فى بيتى ‘ . أما فيفى عبده التى قدمت أفلاما جريئة
للغاية بمعايير التسعينيات ، فكما تعلم وصلت لحد كبير ، على العكس
منهما ، لمستوى النجومية والبطولة . نفس الحال مع لوسى ، التى كانت
حتى أفضل من حيث القدرات التمثيلية ، بما يعيد ذكريات تحية كاريوكا وسامية
جمال . على الضفة الأخرى ‑إن جازت مثل هذه التفرقة‑
يستحق التنويه على نحو خاص أيضا الفنانات
ذوات التعليم الأجنبى أو المسيحى . بدءا من سناء
جميل ( بداية ونهاية ، فجر يوم جديد ، الشيطان والخريف ،
الشوارع الخلفية ) ، خريجة المير دو دييه جاردن سيتى القاهرة .
وتحية كاريوكا خريجة الچيزويت ( المدرسة التى أعطتنا نجيب الريحانى وعبد
الفتاح القصرى وحسن الإمام وحسين الإمام …إلخ ) .
شويكار
خريجة مدرسة راهبات سيدة المعونة الدائمة ، والتى بعد كل هذه العقود لا
تزال تقول بفخر وفى كل مناسبة إنها ممن يتصلن ويزرن أولئك الراهبات منذ ترك
المدرسة وحتى الآن . ومن جيل ما بعد الازدهارة إلهام شاهين تقول نفس الكلام من نظيرات إلهام شاهين فى جيلها يسرا وليلى علوى ،
ومن الجيل السابق الفنانة الكبيرة نبيلة
عبيد متصدرة الثمانينيات والتسعينيات بأفلام متقنة فنيا
وجريئة جنسيا معا . …
بطبيعة الحال ، خرج عن نطاق هذا الحصر أفلام
ذات مكون جنسى لا يستهان به ، لكن لم يكتب لها النجاح ، لعل أشهرها
’ رغبات ممنوعة ‘ لشادية وميرڤت أمين ، الذى من الناحية
التجارية لم يعرض فعليا قط . أيضا هناك أفلام أخرى ناجحة وبها محتوى جنسى
قوى ، لكنها لا تصنف جزءا من الظاهرة لأن ثمة شيئا آخرا غير الجنس يأتى فى
المقدمة : ثرثرة فوق
النيل ، الكرنك ، زائر الفجر . كذلك
عامة يوجد الكثير من أفلام الكوميديا أو أفلام العصابات التى لا يمكن أخذ الجنس
فيها على محمل الجد رغم وجوده . وطبعا تحدثنا فقط عن إسهام هؤلاء النجمات فى
السينما المصرية وحدها ، دون أن ننسى أن السينما اللبنانية كانت الأكثر
جرأة بما لا يقاس آنذاك ، والتى لامست أو ووصلت بالفعل للعرى الكامل
( كما صنعت بعض أفلام الپورنو كفيلم هويدا الشهير ) . ومن
اسهاماتها المميزة على سبيل المثال ذئاب
لا تأكل اللحم ( ناهد شريف ) ، قطط شارع الحمرا
( مديحة كامل ) ، سيدة
الأقمار السوداء ( ناهد يسرى ، ونشير لها من
السينما المصرية بفيلم ’ لا شىء يهم ‘ مع زبيدة ثروت ، وغيره
حفنة مميزة من الأدوار ) ، وغير تلك الأفلام والنجمات كثير .
أيضا فى تواصل متأخر ‑أو ربما عكسى‑ مع الظاهرة قدمت السينما
المغربية سنة 1981 فيلم الهييپية ( أو بالأحرى المعادى للهييپية )
’ أين تخبئون الشمس ‘ ( نادية لطفى ) . … وبعد ، ومن زاوية مختلفة
تماما ، ستظل تلك الازدهارة برهانا حيا على الحياة الجميلة كما يحب أن
يحياها الإنسان ، ذلك فى مقابل غباء القادة السياسيين الذين حاربوها ،
وبدلا منها تبنوا ‑أو على الأقل تسامحوا‑ مع تقديم الدين كأيديولوچية تغييبية بديلة لعموم
الناس . دون أن يقرأوا سلفا قدر مخاطر الدمار والتخريب التى ينطوى عليها
الدين للمجتمع ولكل الحياة البشرية . ما لم يفهموه هو أن الجنس سيظل دائما
أبدا طاقة بناء وإعمار ، والأهم أنه قدرة لا يستطيع أحد تحديها . ربما
يكبتونها لفترة تحت السطح ، لكنهم لا يستطيعون أبدا قتلها ! … ومرة أخرى نتوقع أن أفلام صيف 2003 ، التى
قلبت كل المعايير ، لم تكن سوى أول الغيث . اكتب رأيك هنا
31 مارس 2004 : ’ أحلى الأوقات ‘ الذى ضرب الشاشات
اليوم ، هو تقريبا أول التوابع الكبيرة لسهر
الليالى فى السينما المصرية . هالة خليل وكاتبتها وسام سليمان ،
تغوصان على نحو يستحق الإعجاب فى حياة نساء مصر فى عمر الشباب . بعد موت
أمها تبدأ الفتاة الراقية سلمى ( حنان الترك ) فى تلقى شريط موسيقى لمحمد
منير وخطابات غامضة . تبدأ رحلة البحث بصديقتيها القديمتين من أيام المدرسة
بحى شبرا . ضحى ( منة شلبى ) تحب زميلها الشاب صاحب محل الكتابة
على الكمپيوتر ، لكنها تحلم بالتمثيل للسينما . يسرية ( هند
صبرى ) تزوجت وتحجبت وغارقة فى أسرتها وفى وظيفتها المتواضعة كمدرسة .
عودة سلمى تلك لحياتهما يفجر الكثير فى حيوات ثلاثتهن . إتقان شديد
لتفاصيل ولأحاسيس المرأة . لكن أعظم الأشياء جميعا ، وما لم يحدث أن
وصل إليه أى ربما فيلم مصرى من قبل ، هو تلك القتامة والإقباض والإحباط
التى تسيطر على البطلات ، بحيث تقفز الدمعة من عينيك لأية لحظة سعادة تنفرج
فيها حيواتهن . القاعدة تقول إن الإقباض الحقيقى لا يمكن أن يأتى من
الميلودراميات والبكائيات ، إنما من حيواتنا العادية جدا ، وكل
الأشياء اليومية ’ العادية جدا ‘ لكن لو فكرت فيها للحظة لأصبت بيأس
كبير . بلغة الموسيقى الغربية ، كل أفلامنا المصرية هى أفلام
پوپ ، وهذا على هدوئه الشديد ونعومته هو الفيلم الوحيد الهارد روك ! أحلى
الأوقات التى يتحدث عنها العنوان ، تقريبا هى شىء لا وجود له فى
حيواتنا . حين
تتأزم الأمور بين البطلات فى المشهد الخير ، ويبدو أن علاقتهما وصلت إلى
التفتت لا محالة ، يأتى التليفون الخليوى طالبا يد سلمى لجارها تارك
الهندسة صانع العرائس حر الروح ( عمرو واكد ) . كمصريات نمطيات
من الطبقة الشعبية تنسى الاثنتان الأخريان فى لحظة كل الحواجز والضغائن التى
بنيتاها ضد سلمى ، وتتخانقان سويا لترد كل منهما بالإيجاب الأكيد على ذلك الهاتف .
وكأن السعادة ستكون فى حفل زفاف باذخ الطعام وأمل بحياة سعيدة لصديقتهما ،
حتى لو كانت كأى حياة أخرى قد تنقلب لفتور أو جحيم بعد سنوات قليلة . هذه
فلسفة ضحى ويسرية البسيطة للسعادة ، وعلى سلمى أن تقبل بها ، فالبديل
هو السواد المطلق . بإيجاز هذه فقط هى أحلى الأوقات : أن ننسى واقعنا . هو أسوأ
بمراحل من أن يكون سعيدا أو يجلب السعادة . وعلى الأقل أحلى الأوقات هى
لحظات لا تأتى تلقائيا بل يجب أن نحرص على خلقها ! ربما هناك بعض
الأخطاء الحرفية التى تفسد المشاهدة ، مثل أن المشهد الافتتاحى بالأم مها
أبو عوف ، وتفاصيل حياة الصباح الدقيقة جدا لها ، ثم تموت فى نهاية
المشهد . لا يوجد تبرير سينمائى معروف لشىء كهذا . كان يجب على الأقل
ولو لقطة واحدة تشرح مكانة هذه الأم عند البطلة حنان الترك ، فالفيلم كله
عن هذه الأخيرة . أيضا هناك قلة خبرة فى بعض الأشياء مثل وجود أكثر من
ستوديو تصوير فوتوجرافى فى القاهرة باسم أحلى الأوقات . بينما بداهة فى أية
مدينة أو محافظة فى الدنيا لا تسمح مصلحة السجل التجارى بتكرار الأسماء
أبدا . لكن ككل فيلم رائع
وآسر بالتأكيد من بدايته لنهايته ، لجوه المقبض المميز وشديد التاثير
أولا ، ولشخوصه ولأداء نجماته بالدرجة الثانية ( بالذات حنان الترك
أرقى جميلة عرفتها السينما المصرية ، وتلك التونسية التى لن تصدق أنها
أمسكت بهذه البساطة بتلابيب قاع المجتمع المصرى ) ، ولحبكته الغامضة
المتقنة بالدرجة الثالثة أو ربما حتى العاشرة . … كما قلنا
وتنبأنا منذ سنوات ، طالما هناك
’ صناعة ‘ على أسس اقتصادية سليمة ، فلا تزال وستظل
’ التوابع ‘ مستمرة . اكتب رأيك هنا [ لاحقا فى يونيو 2006 ارتكبت
فنانتنا الجميلة حنان ترك حماقة العمر . بعد أن شاهدت بضعة أفلام
إيرانية ، وسمعت أن هذه الأفلام تلقى احتراما عالميا وتحصد جوائز
المهرجانات ، قررت التشبه بطلاتها وارتداء الحجاب والالتزام دينيا .
لم أر فى حياتى رؤية سطحية تأخذ أظهر ظواهر الأشياء قدر هذه الرؤية . لم
تسأل نفسها ماذا عن أفلام بقية العالم التى ليس بها حجاب ولا التزام دينى ،
لكنها أيضا تلقى الاحترام وتحصد الجوائز ؟ لم تسأل نفسها سؤال
المحتوى ، وأخذت بتسرع مفرط الحمق ، ولا أقول ألفاظا أسوأ ،
المظهر كجوهر للأشياء . ما أعرفه هو شىء واحد ، هو أنى
أعرف أن حنان ترك لا تعرف أن السبب الذى تحديدا تنال من أجله الأفلام الإيرانية
الاحترام العالمى والجوائز : السبب أنها تحديدا ثورة على الحجاب والالتزام
الدينى ! ] .
17 أپريل 2004 : ما كتبه الدكتور وحيد
عبد المجيد فى جريدة الحياة اليوم ،
يغنى عن معظم ما يمكن أن يقال فى ’ ظاهرة ‘ ستار أكاديمى . عبد
المجيد هو أحد أركان مركز الدراسات السياسية والستراتيچية بالأهرام ، وأحد
تلك الأصوات القليلة التى قلنا ذات مرة
أن تتركز جميعا دونا عن كل مصر فى هذا المركز ، وتناقش الأمور بالحد الأدنى
من العلمية والأهم منها المعرفة أصلا بما يجرى فى الدنيا ، تحترمه حتى وإن
لم تتفق معه دوما . فى هذا المقال يلجأ فى مقاله لما يمكن تسميته التفسير
بالنفى . بمعنى أنه يستعرض أربع نظريات قيلت فى تفسير الظاهرة ، يرى
أنها جميعا ’ تفسيرات خرافية ‘ تنأى عن معطيات الواقع وترتكن أو ترتاح
للخرافة فى تفسير هذا الواقع . نسرد فنقول معه باختصار : الخرافة الأولى هى أن الأمر مظاهرة وراء حلم أو
مشروع النجاح لكل من هؤلاء المتنافسين ، ويرد بأن شبابنا لا يعرف الكدح ولا
يريد بذل أى جهد وفقط يحلم بالربح السريع ، وهو كلام جرئ جدا إن لاحظنا أنه
يأتى من مثقف ينضوى على نحو أو آخر تحت ظلال التيار الرئيس أو ’ المؤسسة ‘
إن جاز القول . الخرافة الثانية أنها الرغبة فى إنجاح قمة عربية ما
بعد ما فشلت قمة تونس . ويرد أنه ‑ومن قبله برنامج سوپر ستار حيث ذلك
الصراع الدامى بين الأردنية ديانا
كرزون والسورية رويدا عطية‑ كانت صراعات
وتعصبات قطرية شرسة . ولم تعبر ‑أى تلك البرامج‑ عن أية وحدة
عربية ، بل بالعكس دلالاتها أسوأ بمراحل من دلالات قمة تونس . كما
يرصد أن سبب هزيمة المنافس الكويتى بشار
الشطى أمام نظيره المصرى محمد عطية هى نكاية سببها كراهية عرب
كثيرين للكويت لمواقفها السياسية . كما يرصد أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد
يوم ، ففيما مضى كان يمكن مثلا للمواطن المصرى أن يحب فيروز ولا يستشعر فى
قرارة نفسه أنه خائن لأنه لم يحب أم كلثوم أكثر . الخرافة الثالثة أنها انتخابات غير مزورة استمتع من
خلالها الشباب للمرة الوحيدة فى حياتهم بالتصويت ، وهم يعلمون أن صوتهم
سيذهب فعلا لمن أعطوه لهم . ويرد بأن الواقع لم يؤشر لهذا قط ، وأن
الشكوك فى مصداقيتها كانت جسيمة عند الجميع ، والمصريون شككوا فى حياد قناة
الإل بى سى ، وأصبحت نزيهة فقط بعد أن فاز محمد عطية بتلك المسابقة قبل 15
يوما . وربما يقصد د . عبد المجيد أيضا أن بقية العرب أصبحوا هم من
يشككون الآن فى مصداقيتها . الخرافة الرابعة هى أنها قمة جماهيرية تريد إعلاء
صوت العرب المهدر من جانب حكامهم الرسميين ، والرد هو أنها العكس
تماما . ازدهر سوپر ستار فى ظل نيران حرب العراق ، والآن يزدهر ستار
أكاديمى والأحداث أكثر جسامة . وفى كل الأحوال الحقيقة أنها العكس بالضبط
مما يقوله المغرضون أصحاب تسمية ’ الشارع العربى ‘ ، تصويت يقول
إن كل ما يجرى على الساحة السياسية لا يعنى عموم الناس فى شىء لا بالطيب ولا
بالردئ ! كما قلنا د . عبد المجيد يكتفى بتفنيد تلك
النظريات‑الأساطير . من هنا يتبقى لنا محاولة طرح تفسير بحوافز موجبة
ما لذلك الاندفاع لتلك البرامج ، نضيفه أو نضيف له ما قلناه الشهر
الماضى عن برنامج ’ الأخ الكبير ‘ أو ’ الرئيس ‘ .
إنه الجنس . العقل
الباطن . وسامة الشبان وفتنة الشابات . مجرد اللذة الخفية ‑إن
لم نقل المحرمة‑ أن تشاهد كل ذلك الجو من التحرر والانطلاق أو حتى ‑حسنا !‑
’ الاختلاط ‘ . أشياء كلها حرمنا منها فى حيواتنا اليومية ،
ونسعى لها على الشاشة .
أيضا يمكن أن نضيف تلك الخصوصية
الخاصة جدا لتلك البرامج وهى كونها برامج للغناء . أن للموسيقى مكانة خاصة
جدا فى ذلك العقل الباطن ، لأنها كما قلنا ذات مرة أو مرات
أيضا ، الوحيدة فى كل الثقافة العربية التى ظلت صامدة إلى اليوم ، لم
تسقط أبدا فى مستنقع التدين أو حتى تمالئه ، وظلت المنبر الوحيد عالى الصوت
وغير المتهادن فيما يخص الحرية الجنسية والحب والسعادة وكل تلك المعانى الجميلة
’ البائدة ‘ . وكما أشرنا فى حينه فقنوات
مثل ميلودى ومززيكا تحظى بجماهيرية كاسحة ليست مواسمية كهذه البرامج ، إنما
جماهيرية 24×7 ! على الأقل هناك
’ ظاهرة ‘ أخرى لم يتطرق لها د . عبد المجيد ، رغم أنها لا
تقل اتساعا ولا دويا عن ستار أكاديمى نفسه ، ألا وهى ظاهرة الفتاوى
الإسلامية بتحريمه واعتبار مشاهدته من ’ الكبائر ‘ بلغة أقطاب تلك
الشريعة ! أخيرا ، أو بالأحرى أولا
وقبل كل شىء ، هذه كانت ’ انتخابات ‘ ناجحة لأنك استدعيت الناس
ليدلوا بدلوهم فى شىء يفهمونه ، الموسيقى والغناء والجنس والرقص والوسامة
وحلاوة الشخصية … إلخ ، وليس فى السياسة والاقتصاد والتقنيات الحديثة
كما ينادى أنصار ما يسمى بالديموقراطية والإصلاح السياسى . باختصار إذا كانت إذا كانت برامج سوپر ستار أو الرئيس أو ستار أكاديمى أو قنوات ميلودى ومززيكا استفتاءا على شىء ، فهى استفتاء من الغالبية الساحقة للشباب العربى على الحرية الجنسية ! اكتب رأيك هنا |
| FIRST | PREVIOUS | PART III | NEXT
| LATEST
|