|
|
|
على
السياسة
( الجزء الثانى )
On Politics
(Part II)
| FIRST | PREVIOUS |
PART II | NEXT | LATEST |
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Thursday, August 08, 2013].
July 12, 2004: Egypt:
Somebody on the steering at last… Gamal Mubarak!
…
…
…
In Part I
January 29, 2003: Floating of the Egyptian Pound, a very good
step indicates a very bad economical situation!
February 24, 2002: A train inferno kills 400 Egyptians.
Unfortunately, the largely condemned Minister of Transportation is not the real
killer!
February 6, 2002: Egypt receives an astonishing $10.3
billion of grants and aid virtually nobody asked for! Again, the man behind the
mystery should be, who else, Saddam Hussein!
January 14, 2002: The ailing Egyptian economy enters the age of
free Internet!
October
10, 2000: Intel to build a $500 million microchip
plant in Egypt. Egyptian students vow to boycott American products. What an
interesting country!
January 3, 2000: Whatever Happened to Baby Egypt (and lead her to
strangle her best Prime Minister and ride a one-way ticket, well, to HUNGER)?
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ) :
18 مارس 2004 :
جمال مبارك : لا خطوط حمراء فى مناقشة قضايا الوطن . هذا ما جاء فى الصفحة الأولى للأهرام اليوم . تصريح مستفز يمس أكثر الأوتار حساسية على الإطلاق
فى مصير بلدنا ، من المغرى معه ‑بل مما يكاد يستحيل مقاومته‑
أن أضيف بكل التهور : ‘ أشك ! ’ ، أو ‘ لا
أعتقد ! ’ .
لنوجز أولا كل شىء ، م
الآخر كما يقولون ، ثم نعود للتفاصيل : السبب فى تشككنا فى مدى جدية
تصريح أمين لجنة سياسات الحزب الوطنى ، أن الإصلاح الحقيقى المودى لنهضة
حقيقية كله خطوط حمراء . خطوط حمراء تخص البعد الاجتماعى
المزعوم ، تشطبه بالكامل من قاموسنا . خطوط حمراء تتعلق بإلغاء
التعليم العمومى بالكامل ، فهو ، وكذلك الصحة العمومية ، ترف لا
تقوى عليه دولة جائعة مثلنا ، وقد نفكر فيه من جديد بعد عشر سنوات أو عشرين
سنة مثلا . خطوط حمراء تتعلق بالهوية والدين تمحوهما الدولة محوا وتجند
الإعلام والتعليم بقوة القانون لذلك . خطوط حمراء أن تصبح الضرائب صفرا
والجمارك صفرا وسعر الفائدة صفرا وما يسمى بلطجة بحقوق الشغيلة صفرا وميزانية
الدولة صفرا وحقوق تملك الأجنبى 100 بالمائة وحقوق تحويل الربح للخارج 100 بالمائة .
خطوط حمراء تتعلق بتسريح 95 بالمائة من موظفى الطابونة الخيرية المسماة
الدولة . خطوط حمراء تخص تحديد النسل بتجريم الزواج الإنجابى ، وتبنى
الدولة للحرية الجنسية فى المدارس والنوادى وكل مكان ، وقتل من يتم إنجابهم
وإيداع أبائهم السجون ، أو ربما تتضح الحاجة لقتل بعض من أنجبوا فعلا فى
السنوات الأخيرة ، مثلا ما لم يكن ذووهم قادرين على دفع 100 ألف دولار
لخرينة الدولة الجديدة التى لن تعرف شيئا اسمه الضرائب ، فكل الأعراق يناقص
عددها ، البيض الپروتستانت الأنجلى والساكسون ، الصفر سواء بالاقتصاد
الحر المتقدم كالياپان أو بقوة القانون كالصين ، حتى كاثوليك جنوب أميركا
وأرثوذوكس شرق أوروپا يتناقصون ، ولا يتبقى للتكاثر سوى العرب والمسلمين
والسود . خطوط حمراء تلغى الجيش وما ينفق عليه فيما عدا هو ضرورى للأمن
الداخلى فقط ، وتحيل مسئولية أمننا الخارجى للولايات المتحدة أو إسرائيل
( هذا لم يكن يسمونه احتلالا فى أيام الليبرالية المصرية القديمة العظيمة
وكانوا يسمونه حماية ، وكان يتبناه كل زعيم مصرى مخلص حقيقى ‑للبلد
وللشعب وليس لزعامته الشخصية‑ ممن ويا للعجب لا تزال شوارع وسط القاهرة
تحمل أسماء بعضهم ) . خطوط حمراء تتعلق بفرض ديكتاتورية عسكرية تكون
حارسة للاقتصاد الحر وللحريات الشخصية ، تبطش بالنقابات والمتدينين
والأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان وكل أحد ، وتحمى المستثمر الأجنبى ( أو
المستعمر الأجنبى كما سيسمونه ساعتها ) ، كل ذلك إلى أن يقف اقتصاد
سوق حقيقى على قدميه . وكل هذا ليس اختراعات ولا نظريات من خيالنا بل
المشروع الوحيد الذى طبقته فعلا وعلى أرض الواقع جميع البلاد الفقيرة التى
نهضت . … قبل أن نعود للتفاصيل ، نبدأ بتكرار مجموعة
كلام مختصر آخر كنا ذكرناه فى الدراسة الأصلية
لصفحة الثقافة التى برمتها تتحدث تقريبا عن الموضوع عينه . ذلك الكلام
كان يقول ما يلى : ‘ الأمر
ليس إلا امتدادا سلسا لأسطورة إيزيس وأوزوريس ! وكما أن ثم كسل للأبدان
فرضته دورة الفيضان ، ثم كسل للعقول فرضته دورة الفيضان وكسل الأبدان
معا . كسل لا يختلف بالمرة عن كسل انتظار الفيضان وانتظار رحيله ، إذ
كما أن الشغل البدنى يؤلم العضلات غير المجبولة چيينيا عليه فتشغيل العقل يؤلم
بالمثل الدماغ غير المجبولة چيينيا عليه . وليس غريبا قط بعد ذلك أن يظهر
ما سمى بالتوحيد فى مثل هذه التربة ، حيث إله كلى القدرة يملك جميع المصائر ،
يعطى الأمان العقلى والنفسى من كل نواكب الزمن ، ومن ثم يمنح إحساسا عظيما
بالاتكالية والاستلقاء الآمن ، أو بالاستسلام لغدر الطبيعة القادم .
إنها قاعدة عامة أن ينمو الإيمان بالخرافة فى البيئة العرضة ، فما بالك إذا
كانت هذه عبارة عن فيضان درامى إما شحيح مشظف وإما هائل مدمر ، وإن لم يكن
هذا أو ذاك فهو هاجس يأكل الروح طوال السنة وطوال العمر وطوال الأجيال .
إذن لا غرابة بالمرة أن كل حضارتنا المعاصرة مبنية على اليونان لا على
مصر . اليونان أعطت العالم العلم والتقنية أو على الأقل الأساس الفلسفى
المادى لإنطلاقتها التالية فى روما وبريطانيا وأميركا ، فماذا أعطتنا
مصر ؟ الإجابة أعطتنا الدين ، أعطتنا دوامة من الخرافة والتعصب
والظلمات الأبدية لا تنتهى أبدا . بعبارة أخرى الحضارة هى السيطرة على
الطبيعة ، على الدنيا ، وللأسف السيطرة على الدنيا شىء والسيطرة على الآخرة
شىء آخر . هذه الأخيرة لا تصنع حضارة ، بل بالتحديد تهدم ما هو قائم
من حضارات ’ . أو باختصارات أخرى أشد اختصارا من ذات
الصفحة : ‘ الفارق بين
الفهلوة المصرية والقرصنة العربية ، ليس فارقا نوعيا ، بل فقط فارق فى
الدرجة . ونصوص الإسلام هى الصيغة المثلى فى كل التاريخ الإنسانى لتبرير
كسل الأبدان ، وهى التكيف الچيينى الأمثل مع خصائصنا البيولوچية ’ . و ‘ لا
يبدو إن تركيبتنا الچيينية كساميين ( أو لنقل عن المصريين متطبعين بالسامية
حتى لا نقع فى محظور علمى ) تسمح لنا أبدا بسقف غير مجتمع الرعى
العشائرى ، ويكاد يكون من المستحيل أن ننتقل أبدا لعصر الإقطاع ناهيك عن
عصر الصناعة ! ’ . أو حتى : ‘ للأسف نحن مصممون چيينيا كقطاع طرق وليس كبنائين ’ . أو إجمالا طبقا لخلاصة تلك الدراسة المطولة ،
أن القماشة المصرية ، وكذا
بالأحرى العربية ( التى تطبعنا بها فيما هو من ظاهر الأمور على
الأقل ) ، هى جزء من قماشة stuff العرق
السامى الرخيصة ، التى لم ينج من لعنتها سوى اليهود الأشكيناز ممن تطهروا
لألفيات كاملة فيما أسميناه محارق بلاد الصقيع . تلك العقلية الرعوية
القنفذية التى تربت على التوجس من كل الآخرين حتى زراع الأرض ،
وپارانوياتها وأساطيرها لا تسأم من تكرار هذا . وطبعا تمنحه صبغة الوحى
الإلهى المقدس ، هذا بدءا من قصة هابيل وقايين ، ويعقوب وعيسو ،
ويوسف والملكة ، وموسى وفرعون حتى طوفان نظريات المؤامرة المعاصرة .
والنتيجة عقلية بدوية ترى أن الأرض أرض الله والمال مال الله ، وأنهما ذهبا
للغير عن طريق الخطأ ، وأن واجبنا هو الجهاد المقدس من أجل الاستيلاء عليها
واسترقاق كل هؤلاء ، فالآلهة لا بد وأنها تريد تقسيم ‘ الرزق ’
على عبادها المخلصين وليس لمن يكفرون بها . أما لو شئت الإفاضة فى وصف
تركيبة أو عقلية أو طبائع البرابرة والعبيد ، وعلى رأسهم أسوأهم جميعا
العرق السامى ، فلم يحدث يوما وأن بز أحد الوصف المفصل والمبدع وأيضا
الأقدم لها ، وصف ‘ الأستاذ ’ ، وصف أرسطو ! بعد ذلك وتحديدا فى صفحة الإبادة فى ديسيمبر 2000 ،
وبمناسبة تقرير للاستخبارات المركزية عن شكل العالم سنة 2015 ، كان فحوى
تعليقنا أن الأمور أسوأ بكثير من خيال الاستخبارات الأميركية المتواضع ،
ناهيك عن السيناريو الكارثى لما يسمى بالأمم الفاشلة سيقع أسرع بكثير من
2015 . ولعل ما حدث بعد تسعة شهور فقط فى 11 سپتمبر كان برهانا أصعق من كل
خيال خطر ببالهم يوما ، وقد اعتبره بعض قرائنا نبوءة حرفية بـ 11
سپتمبر ، بينما هو ‑وبلا فخر ، رأى أقدم وأعمق بكثير من مجرد
التنبؤ بمثل هذا الحادث البسيط نسبيا . فى ذلك المدخل كانت إشارتنا لمصر
التى فقدت ما تبقى لها من تمايز نسبى فى الهوية ( أو ‘ العمق الچيينى
للشعوب ’ ) ، عن الأجلاف العرب المحيطين بها ، كانت ملحوطة
عابرة نسبيا وقالت ما يلى : ‘ إن مليونا أو حتى 800 ألف فقط يشتغلون بالطريقة الصحيحة
سيحققون ذات الناتج الداجن الإجمالى GDP المصرى الحالى ، بينما بقية السبعين مليونا لا فائدة على
الإطلاق من استمرارهم أصلا فى الوجود . بعبارة أخرى : إن شعبا يحفظ كل
أفراده كافة الصلوات عن ظهر قلب ، بينما عدد من يستطيعون ضبط الساعة فى
جهاز الڤيديو يحصى على الأصابع ، لهو شعب بلا حاضر ، ومن الجائز
أن بلا ماض أيضا ، لكن من شبه المؤكد أنه بلا مستقبل ! ’ . … هذه حفنة من الاقتباسات المختصرة ، بينما
تقريبا معظم موقعنا يدور حول مثل ذات الأفكار . وهدفنا من تكرارها هنا قبل
الخوض فى مناقشة أطروحة جمال مبارك المثيرة التى تتخيل أننا مهيأون لإصلاح
إقتصادى بلا خطوط حمراء ، هو وضعك فى خلفيتها لو كنت من غير قدامى قراء
الموقع ، ممن اعتادوا ربما لحد السأم من مثل هذه التحليلات .
الآن ، وبعد أن بات الاستقطاب واضحا كثيرا ، ما بين حلم خيالى بإصلاح
يتوهم أنه يجتاز جميع الخطوط الحمراء بينما هو فى الواقع لا يجتاز حتى الخطوط
البمبى ، لا يجتاز أى شىء ، وما بين واقع مرير جاثم لألفيات كاملة من
السنوات تسرى لعناته فى چييناتنا وربما للأبد ، ويمثل الخط الأحمر الحقيقى
الذى لا يمكن لأحد كسره إلا بمعايير قصوى تفوق كل الخيالات الحالية أو المرئية
فى أى مستقبل منظور ، الآن لنبدأ بإضافة بعض
التفاصيل للصورة . خذ مثالا واحدا : فى سائر البدان المتخلفة ‑إلا نحن فى مصر التى تأبدت
فيها السياسات الاشتراكية‑ يزداد الوعى بأن مشروعية الضرائب تأتى من
مشروعية إنفاقها ، أما عندنا فمفهموها أنها ضريبة تفرض على الغنى ضريبة عن
غناه . لو أنت تأخذ من الغنى لتعطى الفقير هذه سرقة لا تحتمل
التأويل . أنت تأخذ منه مقابل خدمة كأن تمد مصانعه بشغيلة مدربين لم ينفق
هو شيئا على تدريبهم مباشرة . وحتى يكون جبى الضرائب من أجل تعليم عمومى
مشروعا يجب أن يكون هذا تعليما صفوويا يخدم البيزنسات ، لا يخدم طوابير
البطالة . سنجافورة مثلا فعلت هذا وكان مفتاح نهضتها ، أنفق حكامها
العسكر مال الشعب العمومى على تعليم حفنة من الشباب النابه فى الغرب بتكاليف
باهظة ، بينما الكل يطالب بأن من الأولى توجيه هذه الأموال لتعليم جيوش
الفقراء . بالمناسبة ، نسف نظامنا التعليمى من جذوره ، ليس شطحة
غير مسئولة من عندياتنا ، بل فكرة د . زكى نجيب محمود من السبعينيات
( فى حوار تليڤزيونى مع فاروق شوشة وغيره كثير ) . حيث
طالب بإنشاء كليات بالمواصفات العالمية المتعارف عليها تسمى مجازا كليات
الدراسات العليا ، هذا لو أصر البعض على الإبقاء على التسميات الحالية
لكلياتنا وجامعاتنا ، بينما الصواب معاملتها كجزء من التعليم
الثانوى ، أو ‑وهو الأفضل‑ يتوجب النظر إليها وكأنها غير
موجودة حسب تعبيره ! هكذا ، لعقود إن لم يكن لكل
التاريخ ، كان مفهومنا المنحرف والمتفرد جدا للوطنية : الوطنية ليست
أن نطهر بلادنا من الفقراء بل أن نطهرها من الأغنياء ! لو ظهر شخص ، مثل أحمد
عز أو محمد أبو العينين أو فريد خميس أو غيرهم من حفنة
البنائين الذين حظينا بمثلهم مؤخرا ، لو ظهر فى أى مكان فى العالم لاعتبروه
بطلا قوميا . حين تبنى مؤسسة صناعية عملاقة تنتج سلعة ما بأعلى المستويات
التقنية ، وبأسعار منافسة تغزو الأسواق المجاورة والبعيدة سواء
بسواء ، وتكون النتيجة أن يسقط كل منافسيه تحت أقدامه كأوراق الخريف ،
لصفق له الجميع ورفعوا القبعات ، ولما شعروا بأى أسف تجاه ضحاياه
الفاشلين . لكن عندنا كل ما نفعله هو إلقاء الحجارة وتهم الفساد واستغلال
السلطة والسعى للاحتكار . أى احتكار هذا فى عالم مفتوح برمته على بعضه
البعض ؟ حتى فى الأسماء المذكورة نفسها ، افتتح أحدهم مصنعا لسيراميك
الأرضيات لكنه فشل فى منافسة اسم مذكور آخر ، هذا بينما كلاهما ذو سلطة
ونفوذ وعضو پرلمان وعضو لجنة سياسات وصديق لجمال مبارك ، ناهيك عن كون الذى
فشل هو الأكبر ثراء وسعة موارد بكثير من الآخر الأنجح ! حتى تهمة رفع
الأسعار التى عادة ما تلقى ضد هؤلاء ، هى وحدها التى تطيل فى عمر مصانع
القطاع العمومى أو شركات القطاع الخصوصى الصغيرة ، ولو خفضوا أسعارهم لعام
واحد لأغلق كل أولئك أبوابهم . لكن ماذا تقول فى عشوائيتنا وفى كلامنا السهل الذى لا عقوبة عليه إلا الحبس ستة
شهور . وماذا تقول فى قاموسنا المندثر من
الأصل ، أو فى عقليتنا التى تجعل كلمة النجاح مرادفة لكلمة السرقة .
ولم لا والقاموس نفسه لا يعرف أصلا كلمة البناء … ولا غرابة !
إن أدق وصف لما يجرى الآن فى مصر
من خصخصة تسمى زورا إصلاحا اقتصاديا ، أنها خصخصة ماركسية‑لينينية .
الخصخصة الحقيقية لا تعنى فقط تخلى الحكومة عن مسامير جحا فيما باعته أو الأدق
أجرته من شركات ، إنما تعنى الخصخصة الكاملة والمطلقة لكل شىء . خصخصة
نهر النيل وقناة السويس . خصخصة الهرم الأكبر والسد العالى . خصخصة
الشرطة والقوات المسلحة . خصخصة حقل الپترول ومنجم الحديد . خصخصة
المدرسة والمستشفى . خصخصة التأمينات الاجتماعية والسجل المدنى .
خصخصة القضاء وإصدار العملة . خصخصة كل شىء وأى شىء . وخصخصته الخصخصة
الحقيقة المؤدية لرفع كفاءة تلك المؤسسات ولتنمية حقيقية لأرض مصر وشعب
مصر ، التى تعنى ، وتعنى فقط ، بيعها لأكبر الشركات العالمية
( أو طبعا إعادة ما اغتصب منها إليها ، وطبعا طبعا إغلاق ما لا ترضى
الشركات العالمية بشرائه وبيعه كأراضى ، فما فائدة أن تؤخذ هذه المؤسسات من
مصريين لا يفمون فى الصناعة ولا البيزنس كى تعطى لمصريين هم أيضا لا يفمون فى
الصناعة ولا البيزنس ؟ ) . تعريف الخصخصة أن لا تملك الحكومة
شيئا ولا تدير شيئا ؛ حتى فى خاتمة المطاف تبيع الصحراء نفسها فلا يبقى لها
شىء تفعله ، وترحل . والفكرة ببساطة أن كل شىء وأى شىء قامت أو ستقوم
به الحكومة يقوم به القطاع الخصوصى على نحو أفضل ، بالذات لو استجلبناه من
وول سترييت أو بورصة لندن .
ذلك هو الإصلاح الحقيقى ،
إصلاح الخطوط الحمراء الحقيقية . وما عدا ذلك هو مشى حالك ، إللى ييجى
بعدنا يشوف حاله ، وتكريس لمبدأ التدرج الذى علمتنا العقود أنه لن يفضى لأى
شىء ، إلا مزيد من التخلف . وكل شىء سيحل بالطريقة التى حلت بها
المشكلة السكانية ، الكل ينتقدها ، لكن أحدا لا يملك القدرة على مجرد
التفوه بالحلول ! أنا أعرف هذه الحجة : نحن
لسنا أثرياء بعد بما يكفى للإقلاع عن الاشتراكية . خطأ ! دائرة
مفرغة ! هذه الحجة لم تؤد لنهضة حقيقية فى أى مكان قط . فقط دعم
الفقراء شجعهم على إنجاب مزيد من الفقراء ، أى أدى لزيادة الفقر .
الثراء لن يأتى أصلا دون اقتصاد حر ، وفى حالات الدول المتخلفة لا يمكن أن
يأتى هذا الأخير إلا على فوهات المدافع ، وراجعوا كل تجارب النهضة . هذا ناهيك عن ضغط عامل
الزمن ، والسباق العالمى المرعب الذى لا يسمح لأحد بترف التدرج . التفاصيل فيما
قاله جمال مبارك كلام جميل ، لكن مشكلته أنه يعتمد على نفس منطق التدرج الذى علمتنا العقود أنه لن يفضى لأى شىء ، إلا مزيد
من التخلف ، فالدنيا حولنا تجرى بسرعات صاروخية فى هذه الأمور
تحديدا . إن لم يكن كل ما قلناه قابلا لأن يصبح على الأرض خطة سنوات خمس
على الأكثر ، وبمصارحة مسبقة للناس لكل ما تعنيه كلمة حرية الاقتصاد ،
ولأن قد انتهى للأبد عصر ‘ فى مصر ما حدش بيموت من الجوع ’ أو
‘ إزاى ؟ هو إحنا خلفناهم ونسيناهم ؟ ’ ، مصارحة مسبقة
للناس بأن بحورا من الدماء لا بد وتتدفق قبل أن تقام الرأسمالية الحقة ويصبح
لأبنائنا مستقبلا حقيقيا ، ما لم يتم هذا فإن أى حل بديل لن يغير شيئا مما
نحن عليه ، وسنواصل بذات القوة مسيرتنا المظفرة نحو الموت البطئ
للجميع ، أو لعله لم يعد بطيئا بعد ! التدرج فقط هو التدرج
العكسى ، التدرج الانسحابى . أن تطبق كل هذا أولا بكامله تماما ،
وبقدر ما يتحقق من نتائج يمكنك التفكير فى ترف كالتعليم الحكومى وبرامج الرفاه
( تشيلى لم تحتج لهما ثانية أبدا
فكل شىء أصبح قطاعا خصوصيا ) ، ويمكنك التفكير فى ترف الديموقراطية
وحقوق الإنسان وحقوق البيئة وحقوق الحيوان وحقوق الصراصير ( إلى آخر كل هذا
الذى ربما نكون قد أصبحنا أكثر علمية من أن نحتاج له ثانية ) . لقد جربتم كل شىء إلا شىء واحد
فقط ، هو ما نطرحه هنا ، وهو بالضبط تقريبا ما فعلته كل تجارب النهضة المعروفة فى العالم الثالث فى
القرن العشرين ، فى وقت كانت فرص النهوض أسهل كثيرا مما هى عليه
الآن . …
لا نعرف إلى متى سنظل نكرر أن الحكومة الجيدة مجرد جسم body صغير لكن كفء
ويقظ ، وظيفته ، ووظيفته فقط ، ولهذا فقط يمكن أن تفرض
الضرائب ، وظيفة أمنية واحدة ومحددة : السهر على حراسة القوانين
التنافسية لأمنا الطبيعة وعلى ألا يصادر أحد حرية اقتصاد السوق أو ديناميات
الحراك الاجتماعى أو حريات الأفراد الشخصية ، أيها باسم الاشتراكية أو
الإنسانية أو الدين أو أية أيديولوچية أخرى كانت ، بما فى ذلك
الديموقراطية . أى وظيفته ‑لو شئت عبارة أقل حدة‑ وسيط تنشيط catalyst للتفاعلات الاقتصادية دون
أن ينغمس هو نفسه فيها . هذا ما تفعله حكومة أميركا أو الياپان .
ولهذا أميركا هى أميركا والياپان هى الياپان ، كما تنبأت لنفسها وتنبأوا
لها ( اقرأ
كلام دو توكڤيل عن أميركا قبل
قرنين ، نعم قبل قرنين ، أو اقرأ عن تجربة حكومة الياپان فى تبنى
مشروع جيل خامس للحاسوب مثلا ،
أو عن الواقعة التى هزت مشاعر كاتب هذه السطور قبل سنوات ، وقد كان يعتقد فى نفسه
أنه واسع الخيال لأبعد مدى إلى أن رأى الشباب الياپانى يتظاهر مطالبا بإطلاق
المنافسة السوقية وتسريع معدلات البطالة ) ، أو حتى لهذا تشيلى هى تشيلى دون أن يتنبأ لها أحد إلا
شخص اسمه پينوتشيت ( اقرأ هنا عن
تجربته ) ، وطبعا لهذا مصر هى مصر ، صفر تاريخى كبير ومؤبد يتوسط
الخريطة ( اقرأ هنا أو هنا عن تاريخها ) !
لماذا يصعب تطبيق مثل هذه
الحكومة فى مصر ؟ الإجابة بسيطة : الشعب سيرفض هذا . فقط تذكروا
ما فعله مع كل رئيس وزراء إصلاحى ، بدءا من رؤساء وزارات السادات ،
حتى كمال الجنزورى . أو بأمثلة محددة ، بدءا من مظاهرات 18 و19 يناير
1977 حتى المظاهرات الممتدة لداخل مجلس الشعب نفسه ضد مجرد تمديد العام الدراسى
أسبوعين أيام حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم فى حكومة الجنزورى . هذا
هو الفرق الحقيقى بين معادن الشعوب ، أو چييناتها . بين شعوب ترى فى
نجاحات رجال البيزنس مثلا عليا تدرسها فى مدارسها الابتدائية ، وشعوب تسمى
كفاءاتها بالحرامية . بين شعوب لا تريد شيئا من الحكومة ، تنشئ هى
مؤسساتها ومشاريعها واقتصادياتها بنفسها ، ولا تكاد تحتاج فى شىء لشىء اسمه
الحكومة ، بل لو حدث وأحست بوجودها تتمنى أن تستيقظ فلا تجدها أصلا ،
وبين شعوب كلما وقعت كارثة لا يقول فيها أحد أين كان هذا وأين كان ذاك ،
ناهيك عن أين كنت أنا ، وفقط يقول الكل بصوت واحد : أين كانت
الحكومة ؟ فى كل العالم تقوم مؤسسات
المجتمع المدنى كى ترفع عن كاهل الحكومات دورها الاجتماعى ، وبالتالى بعضا
من دورها الاقتصادى . عندنا تقام مؤسسات المجتمع المدنى ‑وتقام فقط‑
كى تحارب الحكومة . تقام كأذرع للأحزاب السياسية أو بالأحرى للجماعات
المحظورة أو السرية ، وعدا ذلك لا يهتم أحد بإقامة أى شىء . خذ مثلا
طوفان جمعيات حقوق الإنسان أو مراكز البحوث الذى ظهر مؤخرا ، وتأمل الأسماء
المشرفة عليها . أو خذ مثلا طوفان الجمعيات الخيرية التى قامت لتمويل
الجماعات ‘ الجهادية ’ وأسر أفرادها محليا وخارجيا فى الخفاء ،
وهلم جرا . ستكتشف ببساطة أن بعضها ما هو إلا أذرع لحزب التجمع ،
وبعضها ما هو إلا أذرع للحزب الناصرى ، والبقية ليست سوى أذرع لجماعة
الأخوان المسلمين . هذا بينما المفروض أن المجتمع المدنى شىء والنشاط
السياسى شىء آخر تماما ، شىء يوجد له مكان مخصص لممارسته اسمه
الأحزاب . لكن الحقيقة هى أن أغلب ما يسمى مجتمعا مدنيا فى مصر ما هو إلا
مجرد تحايلات وضيعة على قانون الأحزاب ، من ناحية لخداع الحكومة ، ومن
ناحية أخرى للنصب على جهات التمويل الأجنبية . باختصار ، سيدى جمال
مبارك ، الشعب المصرى الذى تربى لسبعة آلاف سنة على الكسل ، على
انتظار قدوم الفيضان ، ثم على انتظار رحيله ، لا يمكن أن تحلم معه
بالكثير من الإصلاحات القائمة على الاقتصاد التنافسى . وطبعا أقول تربى ليس
بمعنى أن أحدا قد رباه على هذا ، السلطة مثلا ، حواديت جدتى
مثلا ، إنما تربى بمعنى أن چييناته هى التى جبلته على هذا . أجسادنا
تستمتع بالراحة ، أجساد الآخرين تستمتع بالنشاط . ربما لا ذنب لنا
فى هذا ، هذا هو حظ كل سكان المناطق الحارة . لكن أيا من كان المذنب ،
فالمهم أن تلك الحقيقة واقع جسيم جاثم ، ولا يمكن لشخص مثلك يقول إنه صاحب
مشروع جسور أن يتجاهله ، وإلا بات يوتوپيا غرا مصيره ليس بأفضل من مصير أى
من أسلافه الإصلاحيين ، بدءا من الخديوى إسماعيل حتى كمال الجنزورى . … أنا لا أدعى الكثير من
الخبرة بالتاريخ المصرى القديم ، ولا أريد أن أظلم شعبا بنى ما يراه
الكثيرون أمجادا مذهلة ، وربما أعد بأن يكون مشروعى القادم هو الخوض فى
مكونات تلك الهوية ، على الأقل من منظور ‘ اعرف عدوك ’ ،
للسؤال هل كان البناء يحتاج فقط لفرعون شاب ماضى الإرادة ، أم إلى شعب عظيم
المعدن أيضا ، وهل كان هذا المعدن موجودا بنا أم لم يوجد وكنا مجرد دراويش
دين وخرافة ، وهل لو كان موجودا قد انزوى بالاختلاط بالغزاة الهمج من هكسوس
وفرس وعرب ، أم لا يزال موجودا فينا إلى اليوم . حتى اللحظة لا نملك
إجابة قاطعة ، لكن نملك فقط هذه النصيحة المتواضعة لجمال مبارك ولكل إصلاحى
طار فوق عش مصر ، وطبعا بعد ‑وربما قبل‑ أن طار وقع ؛
نصيحة : ‘ اعرف عدوك ’ ! إذا كان جمال مبارك الذى
طالما استبشرنا به خيرا بعيد
عودته وقبل أن يمتصوه فى الطاحونة الجهنمية للعقلية المصرية ، الشيوعية
ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، التطجينية منذ فجر التاريخ وحتى نهاية
الدهر ، إذا كان جمال مبارك يبحث فعلا عن خطوط حمراء ، إليه وبكل الحب
وبكل الاحترام نهدى موقعنا هذا ! لكن فى اللحظة
الراهنة ‑وبناء على المعطيات الچيينية على الأقل‑ لا يسعنا سوى
القول : ‘ أشك ! ’ و‘ لا أعتقد ! ’ . … ارجع
لتحليلنا القاعدى حول مصر كشيوعية منذ
فجر التاريخ وحتى آخر الزمان … ارجع لمدخلنا
الرئيس حول إزاحة الدكتور الجنزورى ، وقبله لمقارنة المدخل الرئيس لصفحة الثقافة بينه وبين الخديوى
إسماعيل … ارجع للمتابعة أعلاه
حول تعويم الجنيه بطريقة ماركسية‑لينينية تؤمم دولارات السياحة وتضع كل
السلع على بطاقات التموين معتقدة أن بطاقة التموين جزء
من الحل وليست جزءا من المشكلة ( ! ! ) . … [ لاحقا ، لم أعد أقول مثل هذا الكلام المخجل عن
مصر القديمة ، وهى قصة يطول شرحها . منها أن كان لدى نفور تلقائى من
الحديث برمته . كان كلما ‘ غرفت ’ منه طلع لك أخناتون أو توحيد أو
تسامح أو طيبة زائدة أو تعككية ثآفية أو مهلبية عرقية … إلخ . فقط ظلت
ترن فى أذنى وتؤرقنى طوال الوقت لمدة تقارب العقدين ، عبارة لم أنسها قط لصديقى
أحمد صليحة من هيئة الكتاب ، حين قلت له ذات مرة إن مكانا بهذا التدين لهو
شىء كئيب ، أن رد بسرعة حاسمة الغضب : إن مصر القديمة كانت مكانا
بهيجا للغاية بلا أدنى شك . بدأت ‑أو
قل اضطررت‑ للبحث الجدى مع كتابة رواية سهم كيوپيد ( 2007 ) ،
لاكتشف أن كل ما أعرف ليس سوى اجتزاء عربانجى للصورة ، أسوأه قاطبة ما كان
يكتبه المدلس العربى كلى اللزاجة والإجرام المدعو جمال حمدان . بل ‑وهذه
كانت المفاجأة الصاعقة لى رغم أنها طيبت قليلا من إحساسى بالتقصير والجهل‑
أن هذا الجزء المجتزأ نفسه ، لم يكن إلا كذبا خالصا هو أيضا ، وأن ثمة
مكتشفات أركيولوچية جديدة فى العقد الأخير لأسماء مثل زاهى حواس ويان آسمان وچانين
بوورياو وغيرهم ، قد قلبت تلك الصورة التوراتو‑عربية عن مصر من
النقيض إلى النقيض تقريبا . وبالفعل ، سجلت كل هذا فى بحث جديد مستقل ،
هو القسم الثانى من كتاب المسيحية هى الهرطقة ( 2009 ) . … على
أن ما أريد إضافته هنا بالذات ، أن تجربة جمال مبارك فى حد ذاتها ، وما
أنجزه من معجزة اقتصادية بنفس هذا الشعب ، كانت أيضا زلزالا دفعنى لإعادة
النظر فى معدن هذا الشعب ‘ الكسول ’ ، بل وأرى الوجة الآخر الحضارى
العميق لهذا الكسل الظاهرى المزعوم . وحتى لا أبخس حق أمى وأبى وبقية أسرتى ،
فقد كنت أسمع منهم جميعا منذ نعومة أظافرى ، كل تلك القصص التى تفرق بشدة
بين المصريين والعرب كعرقين مختلفين ‑بل نقيضين‑ تماما ، لكن
غرور المثقف الصغير جعلنى طوال الوقت لا أعطيها أذنا صاغية ، وأقول ، لا
سيما وأن تلك كانت الستينيات اللعينة : ولكنى لا أرى واقعيا فارقا يذكر . … شكرا
جمال مبارك ! ] .
[ تحديث : 12
يوليو 2004 : وأخيرا رحل
إللى ما يتسماش وتشكلت حكومة جديدة أعلنت اليوم رسميا ! أسبوعان والدنيا كلها فى حيص بيص
منذ الإعلان عن نية التغيير والتنحية الجزئية لصفوت الشريف . وزاد اللغط
ولم ينقص منذ إعلان اسم رئيس الوزراء الجديد قبل أربعة أيام ،
والحقيقة أن اللغط
الحقيقى أعمق بكثير من الاهتمامات التافهة لصحافتنا الغراء ، وذلك ما
سنحاول استجلاءه هنا . المشكلة أن الكلام المعلن أو
الرسمى لا يغنى ولا يسمن من جوع ، وما أدراك ما الجوع هذه الأيام !
خطاب تكليف الرئيس للحكومة تكلم عن شيئين ، الإصلاح مع مراعاة البعد
الاجتماعى وحل المشكلة السكانية حتى لا تلتهم ثمار التنمية . طريف حقا أن
يذكر هذين الشيئين بالذات ، وهما تحديدا ما لم يخل له منهما خطاب واحد منذ
توليه السلطة ، وبالتالى المقصود أنك لا يمكنك أن تعلم ماذا انتووا فعلا
هناك فى قمة السلطة ( إن كانوا قد انتووا شيئا فعلا ) ، فالخطاب
هذا ليس به شىء يدل على شىء ومن ثم لا شىء فيه يؤخذ على محمل الجد ، بل فى
الواقع خطاب التكليف الذى تحدث عن زيادة السكان والبعد الاجتماعى هو قطعة من السخرية
من جانب الرئيس من مثقفى وجهابذة البلد لا أكثر ، ولو كان جادا فى الكلام
عن كنه التغيير لقال أى شىء آخر غير هذين الأمرين بالذات . إذن لن تجد
مفتاح اللغز فى خطاب الرئيس أو غيره من التصريحات ، ونصيحتنا أن لا تضيع
وقتك مع أى شىء رسمى قيل من أى أحد . وتعال نشغل أمخاخنا قليلا فيما هو غير
رسمى . طبعا حال البلد وصل لحضيض الحضيض
مع إللى ما يتسماش ، توقعنا هذا منذ لحظة إقصاء الجنزورى ، لكننا فى الحقيقة وكما قلنا للتو ، لم نتوقعه مبدعا حقا لهذه
الدرجة فى استجداء الانهيار بإجراءات ماركسية‑لينينية يفترض أن قرأ عنها
فى العام الأول لدراسته الجامعية ونسيها كأى أحد آخر فى الأرض . بعد الخصخصة الماركسية‑اللينينية وبعد التعويم الماركسى‑اللينينى ، تفتق إذن مصر الآن على شفا انهيار
مرعب ، حتى البيزنسات المدللة
والتى قتلت كل شىء باسم حمايتها كصناعة ‘ وطنية ’ مثال أحمد
‘ إللى فتح صدره للصين ’ بهجت ، انهارت . أميركا يقلقها شىء كهذا ، لكنها لن تهب لنجدة أحد بالطريقة
القديمة ، المعونات وبعض المقويات فى الوريد والعضل . أميركا اليمينية
لا تعرف الآن إلا أن تعتمد على
نفسك ، تقيم اقتصادا حرا ، يعيش فيه من يستحق العيش ويموت
الباقون ، هذا ما تطبقه هى نفسها على شعبها ، وهى عدالة الطبيعة فى
أسمى معانيها ، وأعدل كثيرا من عدالة ماركس وكلينتون . لكن فى مصر
لدينا مشكلة : أنها شيوعية منذ فجر التاريخ ولا يسهل أن تغير جلدها .
مع ذلك ثمة أمل واه ، هو وجود البعض ممن يريدون تجربة الاقتصاد الحر
حقا ، ربما لمرة أخيرة ، أو ربما كفرصة انقاذ فى الوقت بدل
الضائع . فعلها الجنزورى يوما على استحياء وطار متبخرا إثر انفجار نووى
قدرة بليون درجة مئوية . كل السياسيين والأكاديميين وأى أحد لا يتخيرون
كثيرا عن إللى ما يتسماش إللى مسك الحكومة الخمس سنين إللى فاتوا . يبقى اسم واحد
ربما يكون فيه الرمق الأخير : جمال مبارك ! وفعلا ،
وها هو الجزء المدهش : هذه الوزارة هى وزارة جمال مبارك ! هذا شىء جيد لأكثر من سبب .
السبب الأول أننا وجدنا أخيرا من يدير مصر . لا أقصد وجدنا رئيسا قادما
للجمهورية . هذه إشكالية شكلية وثانوية وتتحل فى قعدة ما بين تل أبيب
وواشينجتون ، زى ما بيحلوا موضوع وزرا الپترول والسياحة كل مرة ،
المهم بس نعرف أولا إحنا عاوزين إيه أصلا . نعم ، بعد حقبة فسر فيها
الجميع لا مركزية السلطة على أنها إشاعة للمسئولية بحيث لا يتحملها أحد ، وأنها
سياسة السداح مداح ، ترك الأمور تسير على بركات الله ، وما أكثر هذه
البركات على ‘ شعبى مصر ’ كما هو واضح ، ها قد وجدنا أخيرا من
يدير مصر ، بمعنى أدق أن ها هو
أخيرا يوجد فى مصر شخص يصدر الأوامر ! منذ تولى الرئيس
مبارك ، وعقد المؤتمر الاقتصادى ، كان واضحا أنه لا يريد إصدار
الأوامر ، وقال هذا بنفسه . هذا كان خطوة
مدهشة لدرجة تفوق الوصف . دولة الفراعين والسلاطين والحاكمين بأمر الله
وطبعا الضباط الأحرار ، الأحرار جدا فى فعل كل ما يعن لهم ، ستنتقل
أخيرا من حكم الفرد الجامع الشامل إلى دولة مؤسسات يصدر فيها الأمر ذوى الاختصاص
والعلم حتى لو كانوا المؤسسات المالية الأجنبية . وها هو رئيسها يتخلى لأول
مرة عن وظيفة الديكتاتور الأكبر والزعيم الأوحد والقائد الملهم ، ويرتضى
بوظيفة شرفية ، أو للدقة ما يسميه الدستور رسميا حكما بين السلطات .
هذا كان حلما تاريخيا كبيرا تحقق ( دع جانبا رأينا أن رأينا بعد قليل أننا كنا أحوج لديكتاتورية عسكرية
يمينية سافرة لردح من الوقت وليس لدولة مؤسسات . نعم فمشكلة حسنى مبارك ليست أنه ديكتاتور كما تقول معارضتنا
صباحا مساء ، بل مشكلته أن يرفض القيام بهذا الدور أصلا ، ولو قام به
لما وصلنا لما نحن عليه الان من خراب ) .
المهم ، سارت الأمور على ما يرام كثيرا ( أيضا دع جانبا رأينا فى أنها كانت بطيئة جدا ، وللسبب
السابق تحديدا ) . عاطف
صدقى قضى سنوات طويلة يبنى البنية الأساسية ،
وكانت إنجازا رائعا ، بل وأيضا كان حلما تاريخيا كبيرا تحقق . نضجت
الأمور نحو بناء اقتصاد رأسمالى حر حقيقى ، وفى أول يناير 1997 جاء كمال الجنزورى وجاء له آل جور بساق موضوعة فى
الجبس لتنصيبه ، وأطيح بالوزير الرزار وفريق جبى الضرائب الشهير ، وجاء
بدلا منهم بمخطط قانونى داهية اسمه طلعت
حماد لصياغة قوانين تحرير الاقتصاد ، وكلها كانت
أيضا حلما تاريخيا كبيرا تحقق ! لكن شيئا من كل هذا لم
يكتمل . فى 5 أكتوبر 1999 انتهى كل شىء سريعا ، لم يطق أحد
الجنزورى ، لا من تحته ولا من فوقه ، وجاء إللى ما يتسماش ببرنامج
محدد هو تركها تموت ميتة ربنا ، والطريقة هى أن تدعها تسير ببركة الله إللى
ما فيش أحسن منها ، تسير بدون أحد يصدر الأوامر . ليستفحل الفساد ما
شاء ، لتندلع المظاهرات لتطرد الاستثمارت الأجنبية ما شاءت ، لتشوه
الصحافة سمعة من تشاء ، المهم هو الاستسلام لإرادة الله فيما يخص
المريض . هنا تقدم جمال
مبارك ، وقال إنه صاحب برنامج ما ، والأهم منه أن لديه الجرأة غير
الموجودة فى أى مصرى : أن يصدر الأوامر ! تشكلت اليوم الوزارة الجديدة بوجوه
كل الجدد منهم فيها يرتبط بجمال مبارك فكريا بدرجة كبيرة . وهذه كانت خطوة
مباركة أميركيا ، أقلها أن نصبت النيوزوييك الشهر الماضى جمال مبارك ‘ مستقبلا لمصر ’ ، وغلاف النيوزوييك
نادرا ما يهدر عبثا كما تعلم ( حتى وإن كان محتوى المقال نفسه ليس بالضرورة
ناضجا ولا محددا ولا حتى مهما ، وأغلبه مبنى على كلام لسيدة عتيقة الطراز
من حزب الوفد ، مائع مما يوصف خطأ عادة بالليبرالية ، ومما شبعنا
كثيرا من مثله ! ) . وطبعا مفهوم لو شئت أن تنحية صفوت الشريف كانت
بهدف إفساح الطريق لجمال مبارك لتولى أمانة الحزب الوطنى ، بعد أن حسم أمره
أن هذا ‑الحزب وليس المناصب الوزارية‑ سيكون طريقه لرئاسة
الجمهورية . ( بمناسبة الحديث عن أغلفة المجلات الأميركية
الأسبوعية ، وعن أننا نسمى كفاءاتنا بالحرامية ، معا ، نهديك
اليوم غلافا كلاسيا جدا للتايم من سنة 1928 عليه يقول روكيفيللر إن جمع أقصى ما
تستطيع من مال هو نوع من الواجب الدينى —تخيل ؟ ! فائدة الذكرى أن عيب
على رأسماليى اليوم أن ينشغلوا بالأشغال الخيرية والمقابلات الصحفية أكثر من
انشغالهم ببيزنساتهم ، وكأنهم يقولون للجميع نحن على رأسنا بطحة ونحاول أن
نداريها ! ) . هذا ‑وجود شخص على المقود‑
هو السبب الأول للاستبشار بالوزارة الجديدة . السبب الثانى سبق وقلناه أن
أحدا لم يعلن برنامجا للوزارة ، هذا معناه أن ثمة شيئا جادا يدبر فى
الخفاء ، وإلا لكانوا كالعادة قد أغرقونا بالرطانة والتصريحات
والوعود . السبب الثالث أن جمال مبارك هذا يؤمن بالاقتصاد الحر ، وبأن
ها قد حان الوقت للتخلى عن 7000 سنة اشتراكية ، وطبعا بالأحرى إزاحة جيل
المسئولين القدامى كله هذا الذى رضع الناصرية فى طفولته وشبابه ، وسمى
أبنائه بأسمائها ، وقدر ما استطاع سممه بسمومها ( ولا نستثنى أحدا حين
نستخدم كلمة ‘ مسئولين ’ ، وافهم أنت ما
شئت ! ) . هنا يأتى ما أردنا قوله ، هو
أننا نستبشر بالوزارة الجديدة ليس لثلاثة أسباب ، إنما لسببين ونصف . فالسؤال ليس ما يريد جمال مبارك ، السؤال
ماذا يستطيع جمال مبارك . نعم هو تعلم الاقتصاد
الحر فى أميركا وبريطانيا ، ونعم هو منهما جاء رئيسا لجمعية لرجال البيزنس
مصرية‑أميركية مشتركة ، ونعم هو يؤمن بتلك الليبرالية الاقتصادية
بدرجة أو بأخرى ( ليس طبعا كما نؤمن بها نحن ، أو يؤمن بها أوجيستو
پينوتشيت ، أو دعنا نقول فرضا إنه يؤمن بها بقدر ما قريب مما آمن به كمال
الجنزورى ) . المشكلة ليست فى شخصه ، المشكلة أنه يحارب شعبا
بليد وغبيا لدرجة لا نظير لها فى كل البشرية ، كل مهنته لسبعة مليون سنة
انتظار قدوم الفيضان وانتظار
رحيله . الأسوأ أنه يحارب معارضة سافلة وداعرة لا تتورع عن استخدام أية
وسيلة لجر البلد 180 درجة فى الاتجاه الخطأ ، هذا لمصالحها الفردية الضيقة
بحروبها وأچنداتها وهزائمها وأيديولوچياتها الماضوية التى عفا عليها الزمن
كلية . وحين يجتمع هذا وذاك تكون النتيجة وبالا لا حل له ، معارضة
تسيطر على القرار القومى بسهولة متناهية من خلال ممارسة التحريض على ذاك الشعب
البليد الجاهل الغبى ( بمناسبة الدعارة أو الغباوة ‑اختر منهما ما
شئت أو اختر الاثنتين‑ موقف حزب التجمع الأسبوعين إللى فاتوا مدهش ولازم
يدخل التاريخ وحد يعمل له تحليل وكتب . النهارده بس اكتشف فجأة أن إللى ما
يتسماش كان ماركسى‑لينينى ومن هنا ابتدأ يبكى عليه . وهو إللى كان
أكثر من هاجمه كل يوم فى أيام مسئوليته ، وكان بيسميه … . برضه موش ها
نقول اسمه ، كان بيسميه إللى ما يتسماشكو . شركة وخصخصة يعنى ،
وموش واخد باله أنه أول من أعاد التأميم
وبطاقات التموين لمصر المحروسة من يوم ما لغاها منها الرئيس
السادات ! ) . …
وبعد ،
ولنتحدث بصراحة أكثر ، فإن الإعلان المنفصل أمس لتعيين
الرئيس مبارك لوزير الخارجية بنفسه بينما تركت بقية الوزارات ليختارها اليوم
[ 12 يوليو 2004 ] رئيس الوزراء على نحو مستقل ، هو ملامح انقلاب
قصر بالغة الوضوح ، تعلنها صراحة وعلى نحو شبه رسمى أن الرئيس الرسمى
للبلاد لم يعين أحدا آخر فى هذه الوزارة . سامحنى لو قلت إنه أسلوب مقصود
الهدف منه الحط من كرامة رجل مهما يكن من أمر حكم مصر لربع قرن تقريبا وقدم لها
الكثير بالفعل . وكان من الممكن العثور على وسيلة أخرى لحفظ ماء الوجه
له ، أقلها أن تعلن الوزارة ببساطة دفعة واحدة كما المعتاد فى كل
مرة ، ومن ثم يترك للمحللين وحدهم أن يستنتجوا من قام بالاختيار أو إلى أين
يسير اتجاه التيار . أيا يكن من أمر
فإن إعلان تشكيل الوزارة على دفعتين على هذا النحو الفريد جدا فى التاريخ
الحكومى المصرى ، هو شهادة الميلاد الرسمية لبدء عهد حكم جمال مبارك .
أيضا أيا يكن من أمر فنحن لا يهمنا كيف تمت الأمور أو تفاصيل كيف جرى انقلاب
القصر أو كيف أعلن عنه للناس ، ويهمنا فقط ‑كما دأبنا‑ شيئا واحدا :
المحتوى ! هل ستستمر الاشتراكية وحكم الرعاع أم ستنكسر بدرجة أو بأخرى
شوكتهما ومسلسل إفقارهما للبلد ؟ من هذه اللحظة أصبحت لدى جمال مبارك
أدواته التنفيذية لأول مرة ، كان يمثل لبلادنا التعيسة دماغا فقط ،
والآن هو دماغ وعضلات ، وما سيقوله من الآن فصاعدا سيكون نافذا ولن يرد .
ورغم قولنا إن السؤال ليس ما يريد جمال مبارك ، إنما ماذا يستطيع جمال
مبارك ، إلا أننا تأكيدا نتمنى له كل التوفيق هو ورئيس وزرائه المختار
الجديد ( هنسميه طبعا ونحط له صور كمان . اسمه أحمد نظيف ،
وإنجازاته ممتازة فى بنية خدمات الاتصالات والإنترنيت ، واستقدام الشركات
العالمية لقطاع البريد وغيره وهى جرأة يخشاها كل الوزراء عندنا ، والأهم من
هذه وتلك بناء قاعدة بيانات حكومية متكاملة وموحدة لأول مرة فى بلد الفوضى
العارمة المدعوك هذا . وكل هذا بشهادة من بيلل جيتس شخصيا ، بأمل منا
أن يكون الجميع أكثر حظا من قصة آل جور والجنزورى ! ) .
لكن مهلا .
فى هذه المقارنة بين جور وجيتس ، الجنزورى مفكر وسياسى ويناظر جمال مبارك
وليس الدكتور نظيف . الدكتور نظيف ليس سياسيا ، ولا يدعى هذا لنفسه
ولا يدعيه له أحد . لكن لا بأس ! هو إحنا لاقيين ! كمان موش دى
المشكلة خالص . يكفينا منه حنكته الإدارية وعقله المنظم ، أما السياسة
والرؤية فهى تنتج هناك فى مكان محدد آخر ، أصحابه يعلنون مسئوليتهم عما
يفعلون ، هو لجنة السياسات بالحزب الوطنى برئاسة جمال مبارك ، على
الأقل لأنه يجب أن يكون فى مكان ما شخص ما يتحمل مسئولية إشكاليات الأمن القومى
المرعبة التى ستترتب على تحرير الاقتصاد ، ويتخذ القرارات المؤلمة التى لا
مفر منها لمواجهتها . ولا بأس أيضا بأن أخذ هذا الأخير ‑جمال مبارك‑
شعار دولة المؤسسات الذى رفعه والده على مجمل الجد ، ربما لأول مرة بهذه
الدرجة والتخصصية و‘ المؤسساتية ’ ، إذا كان ذلك تمهيدا لقرارات
مهمة وتحمل مسئوليات . جمال مبارك هذا هو الشخص الذى سنحاسبه على التجربة
الجديدة ، ونأمل له ومنه أن يكون بالجرأة الكافية لتخطى تلك الخطوط الحمراء
التى لا يتفوه بها أحد أبدا ، ربما إلا بعض سطور هذه الصفحة فى الركن
البعيد الصاخب من فضاء كونى مترامى الأطراف اسمه الفضاء السيپرى . رغم أى شىء نقول
إن جمال مبارك قد يكون أفضل حظا من الجنزورى قليلا . صحيح أن سنوات ثمينة
خمس قد ضاعت هدرا ، فاقمت على نحو مرعب الفجوة بيننا وبين العالم أكثر مما
كانت عليه . إلا أنه على الأقل لن يعانى ما عاناه الأول من توجس رئيس
الجمهورية من خطواته الإصلاحية ، التى قد تؤلب الإرهاب وغير الإرهاب على
الحكم ، وثانيا لأنه لا شك استوعب تجربة الجنزوى وعرف من أين يمكن أن يأتى
الخطر والتخريب ، وثالثا طبعا لأن اليوم كل البدائل ‘ إللى ما
تتسماش ’ قد جربت فعلا ، والنتائج المرعبة ماثلة فى عيون
الجميع ، ليست كمجرد جدليات أكاديمية فرضية تدافع عن الاقتصاد الحر ضد
الاشتراكية ، إنما واقعا جاثما ملموسا مجسدا كجوع يسير فى الشوارع حاملا
منجلا ضخما يحصد الرءوس ! سيدى جمال
مبارك ، كلمة أخيرة فى هذا اليوم الفاصل فى حياتك ( وحياتنا جميعا
فيما نأمل ) : المصارحة هى اسم اللعبة . وهذه ،
والجوع يقرص بطون الجميع ، لحظة تاريخية مواتية جدا لمواجهة الشعب بأن
الاقتصاد الحقيقى الذى يمكن أن يشبه اقتصاد أى أحد آخر فى العالم ، سيؤدى
لجوع الغالبية ولو مؤقتا ، ولتشريد وموت كثيرين وغالبا لمجابهات دامية
محتومة ، لكن ها هو البديل الاشتراكى ماثل أمام أعينكم بالفعل ، الجوع
للجميع وفى الحال ، ناهيك عن الفوضى والجريمة والاقتتال وكل ما يمكن أن
ينجم عن حالة جوع شامل تعم الشوارع . على الأقل سيدى ، الجيش فى
الشوارع أفضل كثيرا من الجوع فى الشوارع ! بدون تلك
المصارحة بأن نهضة مصر سراب مستحيل مع وجود كل هؤلاء الثمانين مليونا عديمى
الجدوى فوق أرضها ولو وضع أينستاين خطة تنميتهم بنفسه ، يؤسفنا القول أن قد
لا تكون الآمال كبيرة بالمرة ! … ملحوظة : الحقيقة هناك سبب ثالث مهم جدا للاستبشار بالوزارة هو أنهم لغوا وزارة البحث العلمى
المخصصة دائما أبدا لتكريم الأقليات والعاهات والستات وبتوع الدقون والشنبات
والحاجات دى ، وأحيانا يستغلوا المنصب فى إرضاء طائفتين معا من خلال مقعد
واحد ، امرأة ومسيحية مثلا ، دقن وإعاقة مثلا ( أنا طبعا
باستثناء بتوع الدقون موش ضد أى حد من دول ، إنما ضد إنشاء وزارة باسم
البحث العلمى لهذا الغرض فقط ) . وعقبال ما يلغوا كل الوزارات
قريبا ، أو بكتيره يفضل 5 أو 6 زى الدول المحترمة . ده معناه أنهم
لأول مرة بدأوا يفكروا بجد شوية . بحث علمى إيه إللى أنت جاى تقول عليه فى
بلد يعلم العالم كله أن حملة الدكتوراة فيه أميين قراءة وكتابة . الواحد
مكسوف من نفسه أنه ألف فى يوم كتاب
عن أهمية البحث العلمى لانطلاقتنا لو شئنا . دى وزارة ترفيهية ترفية ولن
نحتاج لها قطعا قبل 100 سنة إصلاح ، أو لو عاوز الجد هى عنطزة مصرية موش
أكتر ، ووزارة بتضحك علينا العالم . يا ريت بس ننتج رغيف عيش أو ورق
كراريس كويس زى من مية سنة فاتوا من غير بحث علمى ولا يحزنون ، ولو عاوزين
تحسنوا هاتوا شركات أجنبية تنتج لكم الأحسن واتعلموا منها واحدة واحدة .
إنما إنتاج بحوث ، سامحنى ، فهو نكتة لا أكثر ! ملحوظة أخرى : كل ما جاء بهذا المدخل هو تقريبا مما سبق كتابته من قبل فى هذه
الصفحة بالذات ، وقد كتب وجيزا مرسلا بفرض أن القارئ قد سبق له الاطلاع
عليه ، بالذات من بدايتها بالتحليل
الخاص بشرفية منصب رئيس الجمهورية ودور الدكتورين صدقى والجنزورى ، وحتى
تعويم الجنيه على طريقة ماركس ولينين وماو أعلاه .
فنرجو العودة لقراءة كامل الصفحة لو لم يسبق لك ذلك . طبعا پينوتشيت كان
مدخلا مطولا عن تجارب النهضة فى صفحة الليبرالية ،
أما الخلفيات الأقدم لكل شىء ، بالذات فيما يخص الفهلوة واليسارية أو ما
يسمى بعبقرية مصر ، فهى طبعا فى المداخل الرئيسة لصفحتى الثقافة والعلمانية .
أيضا كان ثمة مدخل جاد جدا حاد جدا بصفحة الجلوبة بمناسبة تحرير العراق
عن الحاجة لمستعمر أجنبى من أجل بدء النهضة . أما للمزيد عن الشوارب
والذقون فالتفاصيل فى مدخل صفحة الثقافة
الموسع جدا عن قصة نكبتنا فى 50 عاما على ثورة يوليو المجيدة
جدا ! ] .
[ تحديث : 10
سپتمبر 2004 : قامت الدنيا ولم تقعد لظهور لوحة تحمل
صورة جمال مبارك وكرم جابر فى ميدان التحرير هذا
الأسبوع . طبعا ليس السبب أن كرم جابر يلبس قبعة كبير الأشرار چورچ
دبليو . بوش ، وإن كان سببا يستحق ( اقرأ متابعتنا المسهبة
للأوليمپيات ) . السبب بداهة أنها المرة الأولى
للوحة شوارع إعلانية أو billboard لجمال مبارك ، حتى وإن كانت فى الواقع لا تعدو واحدة من أربع
لوحات لأبطال الالأوليمپيات المصريين ، اثنتان كبيرتان واثنتان
صغيرتان ، واللوحة التى نالت اللعنات ليست حتى من كبيرات الحجم ! أحد الصبيان الجدد فى كلية
الاقتصاد والعلوم السياسية التى طالما خرجت لبلادنا عتاة الماركسيين‑اللينيين
بدءا من بطرس بطرس غالى حتى صاحبك إللى ما يتسماش ، برضه هذا الصبى ما
يستحقش نقول كنت أفهم لو قال مثلا أن توضع
الآلية كذا لاختيار رئيس الجمهورية أو لنعرف أولا رأى الشعب فى جمال
مبارك ، أو أى كلام من هذا القبيل ، لكن صاحبنا استبعد كلية ومن حيث
المبدأ أى دورا للشخص فى الحياة السياسية . …
يوحون أن شرعية
جمال مبارك ليست شرعية شعبية إنما شرعية أميركية‑إسرائيلية . لا بأس
بالمرة ، هى أفضل مليون مرة من شرعية تستمدها من بليون مواطن لكن جهلة
وأغبياء . وإن كنا طبعا نفضل نحن لتلك الشرعية ‘ الأميركية‑الإسرائيلية ’
تسمية مختلفة : شرعية العلم . الشيوعيون والإسلاميون
والعربجيون ، أو كل من يندرجون تحت مسمى معارضة ، يرتعدون من فكرة
قدوم جمال مبارك رئيسا . يتكلمون طوال الوقت عن التوريث ، لكنهم
يعلمون علم اليقين أن جمال مبارك ليس حسنى مبارك ، ولو كان مثله لما
اعترضوا أبدا ! جمال مبارك هو
المعارض رقم 1 فى هذا البلد ( أو رقم 2 لو وضعت أقدميتى المتواضعة فى قول
الأشياء فى الاعتبار ! ) ، بينما حسنى مبارك بالنسبة لهم هو
الجنة نفسها ، الشخص الذى ترعرع فى الحقبة الناصرية ، وترك لهم الحبل
على الغارب كى يستولوا على جميع المناصب من قنوات الإعلام إلى سفارات
الخارجية ، ومن أصغر وظيفة مدرس ملتحى فى مدرسة ابتدائية ريفية حتى كرسى
رئاسة الوزارة شخصيا . تلك ديموقراطية السداح مداح التى تبناها حسنى مبارك
باسم دولة المؤسسات وإطلاق الحريات ، ثبت أنها أعطت المعارضة ليس فقط ثقة
ليست فى محلها ، بل مساحة هائلة للتآمر والفساد وتخريب البلد ، وأنها
سياسة وصلت بنا للجوع المطلق ولا يمكن أن تستمر .
هذه المعارضة
قصة أخرى قائمة بذاتها وتحتاج وقفة . لو استبعدنا من رموزها وقادتها من هم
أولا تنفيذيون حكوميون كبار أو تنفيذيو قطاع عمومى أكبر
( كغيرهم ! ) ، فالبقية إما ثانيا صحفيون فاسدون مبتزون
( كغيرهم ! ) ، ومن هنا جاء ما يسمى الأحزاب‑الصحف فى
القول الدارج الشهير ، وإما ثالثا رأسماليون طفيليون
( كغيرهم ! ) ، أصحاب شركات لا تبيع شيئا للناس ،
وزبونها الوحيد هو الحكومة والقطاع العمومى التى تشترى كل شىء بالرشاوى
وبالرشاوى فقط . هم ( كغيرهم ! ) ، جزء أصيل أساس
وعضوى فى هذا النظام المجتمعى الفاسد غير المنتج وغير الخلاق ، لا يقومون
إلا به ولا يقوم إلا بهم . ويرعبهم أيما رعب
( كغيرهم ! ) ، أن يظهر أحد أيا من كان ليبشر باقتصاد سوق
حقيقى ، ويطرح الحل الغائى والبسيط والوحيد للفساد : لا حكومة …
لا فساد ! أما مطالبة هذه
المعارضة الآن بما تسميه ديموقراطية وإصلاحات سياسية وكأن كل ما يشغلها بينما
الناس جوعى إعادة التفاوض على تقسيم كعكة الفساد المتكامشة ، فهو ‑ومع
كل الاحترام الأصيل منا للعاهرات‑
هو العهر بعينه ! يا سادة :
الفساد جزء أصيل من الاشتراكية وليس من الرأسمالية . حتى لو حكمنا ملائكة
من السماء وليس الأخوان المسلمين سيكون الفساد هو الكلمة العليا ، لأن
‘ السيستم ’ يخلقه خلقا . بحكم التعريف تقريبا ، الاشتراكية
هى الفساد . وكل من يطالبون بها فاسدون ، ولا يوجد فى مصر من يفكر
بسواها ، فكل المصريين فاسدون ولا يعرفون أسلوبا مختلفا للحياة . فى
مصر لا يوجد يمين ولا ليبرالية . الجميع ضد اقتصاد السوق . هم يعلمون
أن جمال مبارك ليس فقط معارضا للريچيم الذين هم ‑كما بالضبط حكومتنا
الرشيدة الاشتراكية بالوراثة والمتأسلمة المتعربجة بالتلون‑ ضلع أساس فيه
يرتزقون منه تحت السطح كأفضل ما يكون الارتزاق ويبتزونه كأفضل ما يكون
الابتزاز ، بل هو ‑وأيا كانت ضآلة ما يطرحه من تغيير‑ ثورى
بكافة المعايير الممكنة للكلمة . نعم ، ‘ ثورى ’ لمجرد أنه
سيقلب لأول مرة التربة المصرية العطنة منذ عقود . وتلك الديدان ،
الحكومية والمعارضة سواء بسواء ، تموت إذا ما رأت أو استنشقت نور أو
أوكسچين الاقتصاد الحر المنفتح على بقية العالم ! ببساطة وصراحة :
- أولا الأسلوب العلمى والدراسة الجدية
المنظمة للأمور ، ترعب خفافيش الظلام هؤلاء ، وأقصد بهم الحكومة
والمعارضة سواء بسواء ، فهذا مجرد تقسيم للأدوار إحكاما للعبة الفساد
والارتزاق وتقاسم فتات الثروة ، حيث لا ثروة أصلا ولا تنمية إلا بالسالب مع
أيديولوچياتهم العقيمة منذ رفعوا جميعا معا شعار الاستقلال أو الموت الزؤام إلى
أن أتوا بشعار ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، وهى شعارات لا تموت ولا
يتخطاها الزمن أبدا . هؤلاء اعتادوا بل واستمرأوا أن يتم كل شىء فى بر مصر
بالبركة ، والبركة وحدها . العلم والنظام سوف ينتزع منهم لقمة الفساد
أقصد لقمة البركة فى المناصب التى وصلوا إليها والابتزاز للمناصب التى لم يصلوا
إليها . - ثانيا يرعبهم
أن يقدم جمال مبارك على القرارات الصعبة ، وقد تعودوا عقودا أن لا يتخذ أى
أحد فى مصر أى قرار من الأصل . ولو حاول أحد أن يطل برأسه ‑كالجنزورى
مثلا‑ تقطع رقبته على الفور ، ففقط القرارات الوحيدة المسموح بأن تجد
طريقها للتنفيذ هى تلك التى يفرضها رؤساء توضيب الصحف الأسبوعية
‘ المعارضة ’ و‘ المستقلة ’ ، أو من يحاولون محاكاتهم
فى الابتزار من الصحفيين ‘ القوميين ’ . هذا ناهيك إن كانت تلك
القرارات التى يتصدى لها هو ورئيس وزرائه أحمد نظيف تنطوى على إضفاء بعض الجدية
على التعليم المجانى ، أو بعض الخصخصة الحقيقية ، أو إدخال للشركات
الأجنبية ، وإن كانت كلها إصلاحات جزئية للغاية ، ولا يرون فيها بارقة
أمل للنهوض بالاقتصاد أو خبرات يكتسبها الشباب أو شفافية أو منافسة حرة
عادلة ، إنما فقط إغلاقا لأوكار التربح ‘ من تحت لتحت ’ المسماة
القطاع العمومى والجمعية الخيرية سباعية المليون منتفع الأكبر فى سائر مجرة درب
التبانة ، تلك المسماة الحكومة المصرية . وهم يعلمون إن بدأ جمال
مبارك وأحمد نظيف بمثل هذه القرارات فسيأتى الدور قريبا على عش الدبابير المسمى
الأحزاب والصحف والفساد الحكومى ، الفساد المقنع والسافر منه . نعم ‑أيها
الصحافة والأحزاب‑ ربما لستم وحدكم الفاسدين . نعم ، الحزب
الوطنى فاسد ، وحكومة مصر فاسدة ، وكل مصر فاسدة . إلا الكلام
ليس على عواهنه أو مائعا جدا لهذه الدرجة . من هم فاسدون وما هو فاسد فى
الحزب الوطنى والحكومة ، هم تحديدا ورثة الاتحاد الاشتراكى وأفكار الاتحاد
الاشتراكى . أما نواة الجيل الجديد فى ذاك الحزب وتلك الحكومة ،
الداعون للتغيير وشفافية السوق الحرة ، هم وحدهم من ليسوا بالفاسدين فى هذا
البلد . السبب فى هذا بسيط أن طموحهم للثراء أكبر من أن يجعلهم يشاركونكم
لعبة الفساد ، يتهافتون على فتات ثروة مجتمع اشتراكى مدقع ، لا يعرف
سواه شعبنا وسياسيونا ومثقفونا العائشون فى قوقعة دائما أبدا . بينما أولئك
فى المقابل رأوا وعرفوا ما تعنيه كلمة ثروة فى بلاد العالم الأخرى . أما
عند اليسار أو ربما عند كل المصريين ، كلمة ثراء مرادف بالضبط لكلمة
فساد ، بينما فى الحقيقة 1- لا يعرفون أن الفساد الحق هو ما يدعون هم إليه ‑صراحة
حينا واللف والدوران حينا‑ من قطاع عمومى ومركزية للسلطة
الاقتصادية ، 2- لا يعرفون أصلا معنى كلمة ثروة ! - ثالثا ترعبهم العلاقات
القوية التى تربط جمال مبارك بمن يتوسم فيهم رجال بيزنس شبابا اكتسبوا خبراتهم
من تلقى التعليم فى الخارج و / أو معاينة تجارب البلاد المتقدمة عن
قرب ، ويمكن أن يشاركوا فى بناء مصر الجديدة ( على غرار حى البارون
إمپان لو شئت أو على غرار العراق الجديد لو شئت ) . لا يرون فى
الليبرالية نورا يكشف الكسالى والانتهازيين والوصوليين ، فالليبرالية الذين
تفننوا فى قتلها منذ هوجة 1919 المباركة هى المشكلة لا الحل . هم فقط
يرونها خطرا هائلا جسيما وكاسحا على البيروقراطية ‑البيروقراطية الحكومية
والبيروقراطية المعارضاتية‑ وما حققته لنفسها من ‘ مكاسب
اشتراكية ’ أهمها إطلاقا قبض مرتب شهرى دون تقديم أى شغل على وجه
الإطلاق ، وطبعا الڤياجرا المصرية التى تنجب من الأطفال مئات أضعاف
مثيلتها العالمية : رغيف العيش أبو شلن ، وطبعا طبعا قدس الأقداس
جميعا : بطاقة التموين ! - رابعا ،
وهو أخطر كل الأشياء ، ترعبهم علاقة جمال مبارك مع العالم الغربى المتقدم
وراء الأطلنطى ، أشخاصا وأيديولوچية سواء بسواء . هم يريدون رئيسا من
نوعية صدام حسين أو بشار الأسد أو الملا عمر ، يقودهم لحروب يتوهمون أنهم
سيغسلون فيها عار هزائمهم . لكن أما وإذا كان وصول مثل هذا الرئيس للسلطة
الآن أمرا صعبا ‘ طبقا لمقتضيات المرحلة ’ و‘ للظروف الدولية
والإقليمية ’ ( مصطلحات يلقنونها لهم غالبا فى كلية الاقتصاد والعلوم
السياسية تلك ) ، فلا بأس بحسنى مبارك آخر ، ديموقراطى مؤسساتى ،
سداحى مداحى ، وهذا أضعف الإيمان ! نعم هكذا هم يفكرون ، وهكذا
لن يسمح لهم أحد مرة أخرى ، فقد فاض الكيل إلى مداه .
ستظل ديدان
المعارضة على نغمة الديموقراطية ورفض التوريث وبالروح بالدم نفديك يا فساد
… إلخ . وستكون النتيجة كما ترى هو وضع أشبه بوضع الملك فهد والأمير
عبد الله فى السعودية . سيتم التجديد للرئيس مبارك لما لا نهاية ،
بينما جمال مبارك هو الحاكم الفعلى . ربما يقوم الأول باختيار وزير
الخارجية كما فعل هذه المرة أو ربما حتى لا يختاره . الشرط الوحيد أن لن
يهاجم هذا الوزير نبوءتنا :
ما حدث مع ملصق جمال مبارك هو إرهاصات أولى جدا لمواجهة كبرى قادمة لا
محالة . ربما حتى لا ينتظرون حتى يحين موعد تولى جمال مبارك رسميا ،
فبمجرد أن تحسوا أن البساط بدأ يسحب بالفعل من مرتع الفساد الذى تتعيشون منه
ستتحولون للمواجهة الصريحة . فقط أنصحكم ألا تحاولوا إجبار الجيش الأميركى
على أن يكون طرفا فيها ! ] . [ تحديث : 22 سپتمبر 2004 : ارتجت
الدنيا فى مصر لكلمة الدكتور نظيف اليوم أمام
المؤتمر السنوى الثانى للحزب الوطنى الديموقراطى ، والذى سينهى أشغاله
غدا . أقول ارتجت من منظور شخصى للغاية حتى اللحظة . فقد انهالت على
مكالمات الأصدقاء تقول انظر ما حدث : تخفيض الضرائب لدون العشرين بالمائة ، تخفيض هائل فى
الجمارك ، إنشاء الشركات لن يستغرق سوى دقائق كما بقية العالم ، وأنه
قال كل هذا بالحرف وذكر حتى كم يستغرق إنشاء الشركات فى هذه الدولة أو
تلك ! أقول أكثر من هذا وما لم يقله أحد
غيرنا بعد ، أن فعلا سترتج الدنيا . تلك القرارات وإن لم تمثل سوى عشر
ما نراه ضروريا للإصلاح وبناء اقتصاد حقيقى ينتج شيئا يباع ، فإن تنفيذ عشر
هذا العشر سوف يتطلب مواجهات دامية لا محالة . ولننتظر ونرى ، كل
التمنيات ، جميعها دون أدنى شك منا فى النوايا الصادقة لجمال مبارك وأحمد
نظيف وفريقهما ، لكن كل الشك فى أنهم سينجحون فى نهاية المطاف . حيث
يتسارع بحدة مؤخرا تألب الدنيا عليهم يوما بعد يوم ، وبصراحة نشهد أنها
تتألب بجرأة تفوق بكثير جرأتهم السابقة فى تحدى الجنزورى . ستتراجع قوى
الإصلاح ما لم تكن قد قررت سلفا ‑وأفهمت أولى الشأن الباقين داخليا
وخارجيا بهذا‑ قررت المضى فى طريق الإصلاح whatever
it takes كما يقال بالإنجليزية ، والمقصود به تلك
المواجهات الدامية التى لا مفر منها مع قوى الفشل والفساد والهزيمة
والتخلف ] . [ تحديث : 30 سپتمبر 2004 : أسبوع
فقط من خطاب نظيف وارتفع سعر الدولار عشرة قروش ( وصل 640 قرشا فى السوق
الحرة و625 قرشا فى البنوك ‑غير الحرة ! ) ، ولا يزال
يرتفع بسرعة ، ذلك بعد ثبات أو بالأحرى هبوط بطئ للسعر لعدة شهور
متواصلة . للوهلة الأولى يبدو الأمر مستغربا . إذا كان ثمة بوادر تحريك للاقتصاد ، فإن
العملة يجب أن ترتفع لا أن تهبط ، لكن إن عرف السبب بطل العجب ! ما شهدناه فى الشهور الأخيرة من
ارتفاع لسعر الجنيه المصرى شىء فريد تماما من نوعه . اقتصاد ينهار وعملة ترتفع ، ولهذا الوضع
الشاذ جدا أغرب تفسير من نوعه لارتفاع سعر عملة فى التاريخ . السبب كان ببساطة أن المستوردين كفوا عن الاستيراد بعد أن وصلوا
لمرحلة أن لا شىء يباع فى الأسواق ، فلم يعد أحد يطلب الدولار ، ولا
تقل لى إن رواج السياحة النسبى مؤخرا كان كافيا لتفسير مثل هذه الظاهرة ،
أو طبعا لا تقل لى إن الناس انقلبت فجأة بين يوم وليلة من يأسها العميق لتصبح
متفائلة بالمستقبل تملؤها الثقة بالقيادات الجديدة . بعبارة أخرى كان
الاقتصاد المصرى كان قد عاد إلى ما يشبه اقتصاد قرية قديمة معزولة على
نفسها ، تعيش عيشة الكفاف ولا ترسل أحدا للمدن الكبيرة للشراء أو المقايضة . وعجبى على الطريقة التى تكتب بها
مصر دوما اسمها فى سجلات التاريخ ! ] .
[ تحديث : 2
أكتوبر 2004 : عودة لديدان المعارضة : سعار ما بعده سعار يملأ مانشيتات صحفها ضد جمال
مبارك ودكتور نظيف . هذا شىء يبهج القلب فعلا . دائما ما كانوا يعقدون
هدنة مع كل رئيس وزراء جديد انتظارا لمعرفة ما سوف يعرضه عليهم من حصة فى كعكة
الفساد . هذه المرة الأمر مختلف ، هجوم مرعب الشراسة من اليوم
الأول . هذه المرة بات واضحا أن الصراع صراع وجود لا صراع حدود
( ترسم فوق كعكة ) . هذه المرة تخلوا عن غبائهم
المعتاد ، وفهموا ما سوف يأتى به الرجل ، أو الرجلان ، أو فى قول
آخر نقلا عن جريدة الأهالى 29 سپتمبر : عصابة الأربعة جمال مبارك ود .
محمود محيى الدين وزير الاستثمار فى حكومة نظيف ود . محمد كمال عضو لجنة
السياسات والمتحدث الإعلامى للحزب الوطنى وأحمد عز أمين العضوية بتاع
الحديد . فهموا تصريحات
أن لا يوجد شىء اسمه شركة ستراتيچية وأنها تعنى أن قناة السويس ومصر للطيران
والصناعات الحربية وكل شىء سوف يخصخص وخصخصة حقيقية وللأجانب لو أمكن .
فهموا أن التعليم لن يستمر مجانيا ، ولن يستمر دعم السلع كى تثرى المخابز
بالملايين من وراء إعادة نخل الدقيق وبيعه فى السوق السوداء . النقابات
أيضا فهمت كل شىء وأشعلت المظاهرات حتى قبل أن تتخذ أية قرارات . أحدهم وصل
لحد أن كتب صباح اليوم فى صحيفة اسمها التجمع أن جمال مبارك هو الخطر الأكبر على
حسنى مبارك . فهموا الكثير والكثير ، حتى ما لم يقله نظيف ولا جمال
مبارك ولا أى أحد . أغلب هذه الأشياء تنبأ بها أو حاول مدها على استقامتها
مكان واحد فقط هو هذه الصفحة من موقعنا . ربما قرأوها وبدقتهم العلمية
المعهودة اعتبروا أن ما فيها هو تصريحات أو قرارات صدرت فعلا على لسان
هؤلاء ! … واو ! ] . 18 أكتوبر 2004 : ديدان المعارضة تملأ الدنيا صخبا وضجيجا ضد
قرار بيع أراضى مشروع المحطة النووية
بالضبعة بالساحل الشمالى لتحويلها لمنتجع سياحى .
هذه المرة أنا أويدهم . يجب أن تنشئ مصر محطات نووية لتوليد الطاقة ،
فهى المستقبل الوحيد بعد نفاذ الپترول والغاز من العالم . فقط هناك مشكلة واحدة : ذاكرتى ! أذكر أن نفس الديدان وبنفس الأسماء وفى ذات الصحف وبندوات فى ذات
الأماكن ، نقابة المهندسين بالذات ، هم من أجهضوا مشروع محطة
الضبعة . كانت الحكومة ماضية فيه ، وهم الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها
لشهور إن لم يكن لسنوات ، بكلام طويل مرعب عن مخاطر المحطات النووية وعن
حماية البيئة والذى منه ، إن لم يكن بعضهم قد حدد أيضا أن أمثل استغلال
للمنطقة هو السياحة ! حكومتنا كما تعلم طيبة ، وبتسمع كلام
المعارضة ، عملا بمبدأ أن الديدان هى صاحبة الأرض ، وبالتالى نفذت
كلامهم حرفيا . يعنى نفس قصة انتخابات القائمة ، وألف قصة زيها .
فاكر ! نظام القائمة إللى رفضته المعارضة موش لأى سبب إلا أن رؤساء أحزابها
خافوا يفقدوا مقاعدهم ، فقالوا مقعد واحد فى اليد أحسن من عشرة على
الشجرة . والحكومة سمعت الكلام ونفذت لهم إللى هم عاوزينه ، ودلوقت
بيبوسوا الأيادى والأرجل علشان يرجع النظام تانى . الموقف مغرى نقول لك
تانى تعريفنا للتخلف ، أنك موش لازم تكون بتعمل حاجة غلط علشان نقول عليك
متخلف ، إنما الحقيقة كل إللى بتعمله صح ، بس متأخر . الديدان بتاعتنا
عندها lag time ( مصطلح
هندسى من علم التحكم الأوتوماتى ، بس علشان يمشى مع جو الكلام فى هندسة
القوى النهارده ! ) ، lag time مقداره 20 سنة ،
أشهد أنه مظبوط لا بيزيد ولا بيقل . ديداننا بتفهم الحاجة بعد فوات الأوان
بعشرين سنة ! سيبك من الديدان . مشكلة المحطة النووية موش
فى الديدان ، ولا حتى فى أنهم غيرانين من القدافى وخاتمى ، وعلشان كده
فجأة ما بقاش النووى خطر ولا بيهدد
البيئة ، وطبعا أكيد كمان بيفكروا ياخدوا السلطة
بعد شوية ويحولوا المحطة لإنتاج أسلحة يمحو بيها إسرائيل من الوجود . مشكلة
المحطة النووية أبسط من كده بكثير . مشكلتها أن مفيش فلوس علشانها .
ببساطة انسى ! كان زمان ! دلوقت أنت متبهدل ع الآخر بحيث ما حدش هييجى
يبنى بنفسه ولا هيسلفك تبنى أنت . علشان كده أنا عاوز أقول حل تانى . جمال مبارك ( جريدة
الأهالى 29 سپتمبر ) جمال مبارك ، سامعنى ! لو أنت بتعنى إللى
بتقوله فعلا ، عاوزين نشوف شوية نتايج ! اكتب رأيك هنا
20 أكتوبر 2004 : كلام رفعت السعيد المبروز بالألوان فى قلب
الصفحة الأولى للأهالى اليوم ، كلام مهم لأنه يكشف الكيفية التى تفكر بها
المعارضة الآن ، وقد دهمتها ( أو جايز هتدهمها ) القارعة إللى
بجد المرة دى ، الاقتصاد الحر موش بالكلام إنما على الأرض .
مقدمة طويلة يدعو فيها قدامى الحزب الوطنى للثورة
على الانقلابيين الشبان بقيادة جمال مبارك الذين استولوا على السلطة منهم فى
غفلة من الزمان ودون أساس شرعى . مقدمة تكشف أن اليسار أدرك متأخرا أن هؤلاء الكهول المحيطين بحسنى مبارك
والذين تربوا فى مدرسة جمال عبد الناصر ونهلوا من جامعاته وتعاليمه الماركسية
اللينينية ذات التلون العربجى الجميل والإسلامى الأجمل ، كانوا رحمة
ونور ، ولا نعرف بفائدتهم وبأنهم اشتراكيين مخلصين إلا حين يقصون عن
الحكم . مع ذلك نقول إن مثل هذه النغمة قد تلقى بعض الصدى فعلا . فجمال
مبارك أصبح يسخر الآن من مصطلحات هى من صميم الاختراع الشخصى لوالده ، لا
سيما لفظة ‘ البعد الاجتماعى ’ ( التى طالما أغاظتنا منذ فجر هذا الموقع ) ، والتى اتضح
أنها كانت وبالا على الشعب والاقتصاد . وبالتالى فأمثال رفعت السعيد يأملون
فى انتفاضة مباركية شبيهة بانتفاضته ضد الجنزورى ، لكن للإطاحة هذه المرة
بابنه وفلذة كبده ذى ‘ الأفكار المستوردة ’ ! يأتى ببعض الأرقام نقلا عن تقرير التنمية البشرية
الصادر عن منظمة الأمم المعدمة اليالتية الاشتراكية
المتحدة : يقول انخفض نصيب الفرد من الناتج الإجمالى 22.25
بالمائة ما بين 2000 و2002 ، وارتفعت نسبة الفقراء فى صعيد مصر من 53.4
بالمائة إلى 65.2 بالمائة منذ 1997 إلى 2002 ، وكذا زادت نسبة من لا
يلتحقون بالتعليم . فى 1999 كان ترتيب مصر فى التنمية البشرية 105 وفى 2002
أصبح 120 . الدين المحلى زاد 41 بليونا فى عام واحد . العطالة زادت
ربع مليون فى عام واحد لتصبح 10.6 بالمائة و37 بالمائة من سكان المدن أصبحوا
يعيشون فى العشوائيات ، 3.235 مليونا يعيشون فى مسكن بلا مطبخ و10.275
مليونا فى مسكن بلا دورة مياه مستقلة . نقول : هذا الكلام يدن من ؟ لا يدين الجنزورى
ولا يدين جمال مبارك وأحمد نظيف ، يدين من كان بينهما ، إللى ما
يتسماش ، وسياساته الماركسية اللينينية بتاع بطاقة التموين والعيش أبو شلن
إللى نعمه مغرقانا بإنجاب 2 مليون معدم جديد كل سنة . المدهش أن الدكتور كان أحيانا صريح جدا فى إدانة
الماركسية اللينينية دون أن يدرى ، بل وبما يستوجب مساءلته حزبيا أمام لجنة
الأيديولوچية أو أيا ما كان اسمها ويقدم نقد ذاتى علنى أمام أعضاء الحزب فيما
نفهم من تقاليد الأحزاب الشيوعية . يقول ما تبقى بعد مرتبات موظفى الدولة
والديون ( إللى هى برضه علشان مرتبات موظفى الحكومة ) فقط 20 بليون
جنيه للتعليم والصحة كل حاجة . ده كلامنا طول عمرنا عن الجمعية الخيرية
إللى بتديك تمن العيش أبو شلن بما يكفى لأن تنجب لنا عشرة فقراء جدد قبل ما
تموت ، وإللى بنقوله عن الباب الأول من الميزانية إللى يتصرف على داير مليم
للمرتبات بينما الأبواب الأخرى إللى هى فيها الشغل نفسه خاوية ، أى الناس
بتحصل على مرتبات من أجل إنجاز لا شىء ، لأن الميزانية هى فقط
مرتبات ، من أجل عمل ماذا ، لا أحد يعرف . المغالطة الوحيدة فيما
قال أنه تعمد عدم ذكر الدعم ( إللى هو برضه جزء من مرتبات موظفى الجمعية
الخيرية ) كأحد البنود التى تلتهم ميزانية الدولة ، طبعا لأنه موش ضد
الدعم وإدينى حب أكتر على رأى مغنية جديدة موش فاكر اسمها دلوقت . منين تيجى الفلوس لكل ده ؟ هو ما قالش
حل ، لكن إحنا عارفين الحل ، الضرايب على الأغنياء السفاحين إللى
بيمصوا دم الشعب هى الحل . لكن هل الشعب عنده دم يتمص ؟ ما قالش
برضه ، لكن قال إن الخمس الأغنى فى مصر بيحصل على 5 أضعاف خمس السكان
الأفقر . طبعا هو فاكرنا هنشهق أو هنترعب أو حتى هنمص شفايفنا بعد هذا
التهديد المروع : 5 أضعاف . 5 تشكرات يا دكتور ، بل مليون شكر يا
دكتور . ببساطة إحنا موش عاوزين إثبات أكتر من كده على أن مصر كانت ولا
تزال وستظل أم الشيوعية فى العالم ، 7 آلاف سنة وحتى اليوم ، رغم أنف
جمال مبارك وچورچ بوش وآرييل شارون وطبعا آدم سميث . عارف النسبة كام فى
أميركا ( والمصدر برضه التقرير
اليالتوى نفسه إللى اتطوروا وما عادوش بيحبوا الشيوعيين بس إنما كمان بيحبوا
الأخوان المسلمين بتوع مصر بالذات وعامل قصايد مدح فى ‘ اعتدالهم ’ وبالعربى
كمان لو عاوز ) ، النسبة : 9 . هنروح ليه
لأميركا ، الشر بره وبعيد . ما تخلينا فى الدول الشيوعية أحسن .
عارف النسبة كام فى الصين : 8 ! عارف النسبة كام عند الرفيق شاڤيز :
18 ! ( موش علامة تعجب واحدة ، مليون علامة نهديها
للدكتور ، وسلم لى ع الماوية والماركسية سوا ! ! ! ) .
يا دكتور أنت فاكرنا بهايم ولا إيه ، حتى البهايم بيحترموا أمخاخها أحسن من
كده ، رقم 5 إيه ده إللى عاوز
تخضنا بيه ؟ ده من أقل النسب إطلاقا فى العالم ، ومعناه أننا وصلنا
فعلا وبنجاح مذهل منقطع النظير تحسدنا عليه كل الدنيا ولينين وستالين ذات
أنفسهم ، وصلنا بجدارة تامة لمرحلة الفقر للجميع . ما يخفيه عنا الدكتور أن من الطبيعى أن تكون النسبة
أكبر فى البلاد الأشد فقرا ( فوق الخمسين فى سييرا ليون وناميبيا
وليسوتو ) . والسبب ببساطة أن السياسات الاشتراكية المستسلمة للفقر القائمة
على الدعم وجباية الضرائب أو ما يسمى مكافحة الفقر هى التى تشجع على إنجاب مزيد
من الفقراء ، أما فى البلاد الرأسمالية المتقدمة عالية التنافسية ،
الفقراء لا يجدون الفرصة المواتية لإنجاب فقراء كثيرين هذا من ناحية ،
وطبعا من ناحية أخرى الأغنياء ( بالذات لو لم يقصم أمثالك وأمثال إللى ما
يتسماش وسطهم بالضرائب ) يبنون مصانع وشركات تعود بالخير على عموم
السكان . اكتب رأيك هنا
27 أكتوبر 2004 : اليوم وافقت لجنة
الأحزاب فى مصر على حزب باسم حزب
الغد . استضافت قنوات الساتيلايت الإخبارية أيمن
نور رئيس الحزب الجديد ، وكان السؤال التقليدى من مذيعات الجزيرة والعربية
وربما غيرهما : ما الذى تقصده
بحزب ليبرالى ؟ تخيل ماذا كانت الإجابة ؟ آدم سميث ؟ مدرسة
شيكاجو ؟ پينوتشيت ؟ بتحلم !
إجابته كانت ثلاثة أزهريين هم الطهطاوى والعطار وسعد زغلول ، وحتى لا يلتبس
الأمر عند أحد ممن تعودوا الأخير بالطربوش لا بالعمامة ، أسماه وبوضوح تام
‘ الشيخ ’ سعد زغلول ! … جديدة ، فعلا جديدة :
موش أن الأفاق الهجام البربرى الواطى سعد زغلول شيخ عربانجى وصاحب هوجة 1919
العربانجية الإسلامية الوسخة ؛ الجديد هو أن الليبرالية ليست إلا مشيخة
عربية مسلمة ! حتى حين أراد أن يبدو معاصرا قال
الليبرالية هى الطريق الثالث ، بينما ببساطة الليبرالية تحت أى تعريف هى الطريق الأول ، اقتصاد السوق الرأسمالى
الحر المطلق . لا غرابة إذن أن يكون أحمد لطفى السيد وعدلى يكن أسماءا
خارجة أصلا من ذاكرة ‘ الليبرالية ’ المصرية المعاصرة ، حتى
‘ الشيخ ’ طه حسين يعتبر أكثر خطرا من أن تتبناه هذه 26 فبراير 2005 : اليوم أعلن الرئيس مبارك أنه يطلب تغيير الدستور
كى يتيح الاختيار بين أكثر من مرشح للرئاسة مباشرة بواسطة الشعب . لن نكرر
كلاما قلناه ألف مرة عن أن المطلوب إخراج الدهماء
من أنشوطة اتخاذ القرار لا المزيد من إدخالهم فيها . ولن نتكلم عن الضغوط
الخارجية التى لا شك أنها ‑وحدها !‑ وراء الخطوة ، ولن
نعيد ونزيد فيما إذا كان أصحاب هذه الضغوط من أصحاب الفهم الكافى لما يضغطون من
أجله ، فالمؤكد أنهم تائهون لا يعرفون هل الصواب هو المزيد من الديكتاتورية
أم المزيد من الديموقراطية ، لا يعرفون الفرق بين الحرية والديموقراطية أو
حتى هل هما صنوان أم نقيضان ، بل لا يعرفون حتى أيضا إذا ما كان مبارك أكثر
ديكتاتورية أم ديموقراطية مما يجب . تماما كما جروا وراء الانتخابات فى
العراق وكما رأينا للتو
انتخابات غير مسئولة أقامتها أميركا فى العراق ، خرقت أبسط قواعد العقل
والمنطق والحصافة السياسية بأن لا تجرى انتخابات لا تعرف نتيجتها سلفا ،
فجاءت بالإسلاميين للسلطة ( فى الواقع هذا أول درس يلقنونه لطلبة
المحاماة : لا تسأل سؤالا لا تعرف إجابته ! ) . يا أبتاه
اغفر لهم لأنهم لا يعرفون فيم يضغطون ، ثم أن ما حدش فى الدنيا فاهم أى
حاجة فى أى حاجة ، سواء الحكومة الأميركية أو الإعلام الأميركى العبيط إللى
فرحان بصور الستات المحجبات رافعين صوابعهم المصبوغة أزرق فاكرينهم بيحتفلوا
بممارسة الديموقراطية بينما هم بيتحدوهم أنهم أدوا بالظبط الواجب الدينى إللى أمرهم
به السيستانى علشان يدخلهم الجنة !
بالنسبة لحالة مصر بالذات ،
الموضوع مختلف ، كل المطلوب هو إصلاح اقتصادى . لا وجود مطلقا لضغوط
أميركية من أجل ما يسمى بالإصلاح السياسى . دول فندق كاليفورنيا لا تتعرض
لأية ضغوط . كيف ترسل لهم الإرهابيين بالمئات كى تعذبهم ، ثم تضغط
عليهم ؟ وتضغط من أجل ماذا ؟ من أجل ترك هؤلاء الإرهابيين يفوزون
بالانتخابات ؟ [ هل تذكر كلامنا السابق بمناسبة خلية هامبورج عن
هذا المصطلح الشفرى الدارج بين رجال الاستخبارات الأميركية ، ويقصد به
بالأخص مصر والپاكستان ، وربما اليمن أيضا . على أية حال القضية تفجرت
إعلاميا بشدة بعد قليل .
والرئيس مبارك نفسه حسم الأمر لاحقا فى حديثه
المشهور لعماد الدين أديب ، قائلا إن أحدا لم يرسل له قط خطابا أو أيا ما
كان ليطالبه بإصلاح سياسى ] . هى ضغوط إعلامية وكلامية لا أكثر ، على طريقة
اضرب السايب يخاف المربوط . وعامة سواء أنت تدير فندقا كاليفورنيا أم
لا ، لو ما يجرى عندك على الأرض هو ديكتاتورية تمارس أبشع أشكال التنكيل
بالمعارضة من أجل الحداثة والاقتصاد الحر وإفعال الجلوبة ، لما مسستك
أميركا أبدا ، إنما اعتبرتك قوة إقليمية ومنحتك دورا أكبر فى المحيط
المجاور . المشكلة فى حكامنا الذين لا يميزون بين الضغوط الكلامية والضغوط
الحقيقية . هل حين ترفع أميركا فزاعة حقوق الإنسان للصين تقصد ذات الشىء
حين ترفعها لإيران ، أو هل حين ترفع فزاعة الديموقراطية فى وجه بغداد أو
دمشق تقصد ذات الشىء حين ترفعها مع القاهرة أو الرياض . بالطبع لا ،
وما أردت قوله قبل الخوض فى أى شىء آخر ، إن خطوة الرئيس مبارك اليوم لم
تكن ضرورية ولا مبررة . المهم ما حدث قد حدث ، لن نرجع لكل هذا ،
وسنكتفى بالكلام فى السيناريوهات المختلفة المحتملة لما قد يحدث لاحقا . مبدئيا نعلم أن حسنى مبارك حقق بلا شك الكثير مما لا
ينكره سوى جاحد أو متعامى . انطلق بالبنية التحتية ثم بعدها بخطوات فى
الإصلاح الاقتصادى . فى هذه الخطوات التى ارتعشت أحيانا تكمن الغلطة أو
الخطيئة الكبرى الوحيدة التى تحسب عليه ، ألا وهى إقالته الجنزورى بدلا من الوقوف خلفه ، ولو باستخدام
الجيش ضد معارضى الإصلاح لو لزم الأمر . هو بالأساس تربى سياسيا على يد
سلفه العظيم أنور السادات ، لكن سياساته تتميز عامة بالحرص والتحفظ
الزائدين ، كما أنها لا تخلو من رواسب ناصرية واشتراكية متفرقة ، ربما
على الأقل بحكم النشأة المبكرة . وأيضا ربما لا يصح من زاوية إنسانية محضة
أن نطالبه بأكثر مما فعل ، وهو الذى شاهد سلفه يذبح أمام عينيه بسبب جرأته
وقراراته الصعبة عالية المواجهة . بمعنى أو بآخر نحن أميل للقول إن عمليا
الإرهاب هو الذى قهر مبارك وليس العكس ، وإن كان ذلك قد حدث على الأرجح على
نحو غير مباشر أو مجرد من خلال العقل الباطن للرئيس إن صح القول !
مبدئيا ثانيا نقول إن ما يسمى بتداول السلطة ما هو
إلا تغيير فى الأشخاص دون تغيير النظام نفسه ، أى تغيير الأسس التى تقوم
عليها الأيديولوچية السياسية المصرية إن جاز التعبير ، وهذا سوف يأتينا بلا
شك بذات النظام الفاسد الذى تقتات المعارضة على الهجوم عليه . إن الأصل فى الفساد ليس أسماء الأشخاص إنما طبيعة
النظام . ولو نجحت المعارضة
فى الوصول للحكم فكل ما سيحدث هو تغيير أنصبة كعكة الفساد بإحلال أسماء جديدة
تختص بنصيب الأسد ، وتحرم أصحابها الحاليين من هذا النصيب ، وطبعا فى
كل الأحوال ترك بقية الثمانين مليون فاسدا كل يسعى فى ملعبه بقدر ما يستطيع من
جهاد مع فتات الكعكة . فى المعارضة الرسمية وغير الرسمية سواء بسواء ،
وحتى فى معظم الفكر الحكومى التقليدى الراسخ ، بل وحتى ممن يسمون أنفسهم
بالليبراليين ( انظر أعلاه مباشرة ) ،
لا يقال سوى ذات الكلام حول طبيعة النظام الذى هو أصل كل الفساد والفشل
الحاليين : 1- الكثير من
الاشتراكية ، فالكل متوجس
من الاقتصاد الحر ومن إدخال الشركات العالمية الكبرى لقيادة الاقتصاد المصرى
يقاومون بالروح والدم حقيقة أن هذا هو التعريف الوحيد للتنمية المعروف الآن فى
كل العالم . 2- الكثير من القومجية
العربجية ، فالكل لا يريد
أن يجيش الجيوش للقضاء على فلول جبهة الرفض وإسقاط ريچيمات طهران ودمشق وطرابلس
والخرطوم ، هذه المفروض أنها الأولية الأولى فى أية أچندة حقيقية لتحديث
المنطقة ، وهذا الكل فى المقابل يريد العكس بالضبط أى شن ذات الحروب
القديمة ضد العالم المتقدم ، الأمر الذى لن يأتينا إلا بذات الهزائم
المنكرة وشظف العيش الأبدى ، إن لم يكن بالإبادة
الغائية . 3- الكثير من الإسلام ، فالكل مرتعد من المواجهة الإجبارية يوما مع قوى
الظلام التى تريد العودة بنا للعصور الوسطى ، وحتى من لا ينتمون للتيارات
الظلامية ولم يؤمنوا بالإسلام يوما ، يتسابقون جميعا على تمويه برامجهم
بصبغها بإشارات دينية قوية واختراع مرجعيات لها من الإسلام اختراعا ، ذاك
استجداء انتهازيا للجماهيرية والتواجد . باختصار لا يوجد فى كل مصر أى
خلاف حقيقى على السياسات ، الخلاف فقط على الأسماء . … هنا يدخل جمال مبارك
للصورة ! هكذا أخيرا ، ومبدئيا أيضا ، نحن نعلم ونجزم دون جدال أن أنسب شخص لقيادة مصر الآن هو هذا الجمال مبارك . هذا هو الأمل الجدى الوحيد فى مغادرة حقيقية لحياة الفشل
والفساد التى نحياها معظم تاريخنا . شاب مقدام يؤمن بالاقتصاد الحر ،
تعلمه فى الخارج ، لا يزال على عهده به ، يجاهر بهذا ، وكلها
جرأة نادرة للغاية من نوعها فى التاريخ المصرى
المعاصر . ولا يبدى ‑حتى اللحظة على الأقل‑ خشية من مواجهة
الناس بالخيارات الصعبة ، بما فى ذلك مواجهة والده الذى بات ينتقده علنا ، بالأخص سياسته
المسماة البعد الاجتماعى ، وبما فيها أيضا بعض
الجرأة فى الشأن الدينى والرقابى بما يوحى ببصيص أمل أن تعود للناس بعض من
حرياتهم الشخصية التى اكتسبوها فى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات . إنه
باختصار أحد أكثر المصريين علما واطلاعا وانفتاحا على ما يجرى فى العالم
الخارجى ، والأهم منها أنه من أندرهم شجاعة ، وقائد حقيقى كامل
الأوصاف ، كلها بما يجعل الخيار الصائب لقيادة مصر محصورا فيه على نحو شبه
مطلق . ومن ثم يسهل الافتراض أنه بفتحه الأسواق للمنافسة محلية وأجنبية
وتقليصه لنفوذ الحكومة ، سيقضى قضاء مبرما ومن الجذور على الفساد ،
وبإيمانه بأن إسرائيل هى بوابتنا الوحيدة الجدية ومعبرنا الحقيقى الذى سيجسر
الهوة بين تخلفنا وبين تقدم العالم المتقدم ( اتفاقية الكويز أول
الغيث ) ، سيفتح طريق التنمية الحقيقية والتحديث على مصراعيه ،
لا تعوقها إلا على المجرى الطويل سوى طبعا المواصفات الملتبسة للچيينات المصرية . السؤال اليوم من سيصل للحكم فى
ظل الوضع الجديد ؟ أولا ، فرصة المعارضة الرسمية محدودة جدا بل
معدومة . ليس لديها مرشح سمع به أحد أصلا ،
وأقصاهم ذوو جماهيرية فى دوائرهم الانتخابية لا أكثر . بما فى ذلك أيمن نور الذى تحدثنا عنه
قبل قليل ، الطفل المعجزة الذى يضرب اسمه
العناوين عبر العالم حاليا ، بعد أن اتضح أنه زور توقيعات من أجل إنشاء
حزبه ، وكأن الحصول على توقيعات حقيقية أمر صعبا جدا على أى أحد . أما
تلك العناوين فطبعا لا تعنى كثيرا بهذا ، وتعتبره مجرد معارض ( من فئة
‘ كفاية ! ’ ) طالب برحيل مبارك . وإن كنا فى الواقع
نعتقد بصحة الأمرين معا : أنه مزور ، وأنه يحاكم بسبب تطاوله على
مبارك لا بسبب التزوير ، فما نعلمه أن كل ديدان المعارضة بلا استثناء
( بما فى ذلك جميع أقطاب الأخوان المسلمين ) ، لهم ملفات جنائية
سوداء مسكوت عنها حكوميا بحكم توازنات كعكة الفساد التى نعرفها أنا وأنت سواء
بسواء .
السؤال الثانى هل سيصل الأخوان
للحكم عبر كرسى الرئاسة . الإجابة : لا أيضا ! ستجد من يقول لك
إنهم قوة ، لكن الحقيقة أنهم لم يصبحوا قوة إلا بسكوت كل القوى
عليهم ، بدءا من حكومتنا الرشيدة التى تركت لهم كل المراكز الحساسة إعلاما
وتعليما وكل شىء ، حتى أميركا المخترقة من الداخل المؤمنة بخزعبلات
السماء ، حتى السلاح النووى الإسرائيلى المكدس هباء حتى نقطة الصدأ فى
المخازن . منذ أخرجهم السادات من السجون لمهمة محددة أنهاها يوم قال إن لا
دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين ، ويبدو أن أحدا ما قد نسى الأمر ،
لم يتذكر ذلك المختص إعادتهم لتلك السجون . الأسوأ ربما أن ليس لدى أحد
الشجاعة ولا الإرادة ليجمعهم ويذهب بهم لصحراء الواحات ويقتلهم هناك .
الجميع تركهم يسرحون ويمرحون ويستميلون الشعب بدغدغة حواسه الدينية ، وما
أسهلها ، والآن يمط أولئك لك شفاههم ويقولون ماذا نفعل ، هم
قوة ! أو هم كما يقول المثل المصرى الدارج بإن سألوا الفرعون ما الذى جعله
فرعونا فرد أن أحدا لم يحاول منعه . ببساطة أولئك ‘ القوة ’
سينتهون من الوجود لو ضربتهم الحكومة ضربة واحدة حقيقية . لكن مع ذلك يظل
كل هذا شىء وحسابات الوصول للرئاسة شىء آخر . ربما لا يريدون هم أنفسهم ذلك
الآن . وحتى لو أرادوا فهيهات لهم ما أرادوا . لا أقول هذا عن معلومات عن صيغة القانون القادم ، فهى لم تتوفر
بعد ، إنما بمجرد المنطق البسيط . كيف يمكنك الوصول لمنصب الرئاسة وقد
فشلت أصلا فى الحصول على مقاعد پرلمانية ؟ إذن ، لن يمنح حق الترشيح
إلا للأحزاب الرسمية بحد أدنى ما من عدد مقاعد الپرلمان ، خمسة مثلا ،
أو ربما فى نوبة كرم حكومية فجائية تظهر فى آخر لحظة لإرضاء الجميع ،
يجعلونها ‘ مقعد واحد يكفى ’ ! ذلك شىء بديهى ، لكن دستوريا
لا يجب فى نفس الوقت إقصاء المستقلين ، بمن فيهم الأخوان . هنا أتخيل ‑وآمل
ألا أكون مخطئا وإلا فالكارثة‑ أن الحكومة أذكى من أن تترك لهم الحبل على
الغارب ، وستضع أمامهم شروطا تعجيزية كالإتيان ببليون توقيع جماهيري من
الصين ومصر ، أو بمليون توقيع عضو پرلمان من مجلس الشعب أو الكونجرس أو أى
حتة . هذا أو ذاك كاف جدا لسد الطريق أمام الأخوان ، وهو جيد
جدا ، وسيحيد لحد كبير المزايدة باسم الإسلام فى الشارع الانتخابى
( الغبى الجاهل ، وأنت سيد العارفين ) . إذن السؤال
الحقيقى اليوم هو ما يلى : حسنى مبارك أم جمال مبارك ؟ هنا أقف مترددا قليلا أمام صواب الخطوة ، أو كيف حسبها
أصحابها . لو نزل جمال مبارك مدعوما من كبير البلد
( مبارك ) ، ومن كبير المنطقة ( إسرائيل ) ، ومن
كبير العالم ( أميركا ) ، ربما لا ينجح بالسهولة التى
تتخيلها . الجميع سيرفع فزاعة اسمها التوريث ، وستصبح ذات المعركة
المألوفة فى منطقتنا ، العقل ضد التحريض ، وطبقا لچيينات شعوبنا ‑أو
على الأقل چيينات أصحاب الصوت العالى من الأعراب أو أيا ما كان وصفهم ناصريون
وإخوان‑ التى نعرفها معرفة لعينة بكل أسف ، يسهل توقع من سيفوز عادة
فى مثل هذه المعركة . إذن الأرجح
أن سيعيد مبارك ترشيح نفسه . لا مشكلة بالمرة فى إعادة انتخاب مبارك ،
ولن يجد أية صعوبة فى النجاح نجاحا ساحقا . تاريخه
وراءه ، زائد أن افتتاح عدة كبارى فى أسبوع الانتخابات جدير بأن ينسى الناس
تماما كل ما شنف آذانهم من زعيق المعارضة فى الشهور السابقة عن الفقر والبطالة
والفساد واحتكار السلطة وقانون الطوارئ وكل شىء ، ومن ثم سيعتصمون بالنظرية
المصرية الأكثر أمنا دائما أبدا : إللى نعرفه أحسن م إللى ما
نعرفهوش .
هذا يقودنا أخيرا للسؤال الأكثر
حقيقية من كل ما عداه : وماذا بعد ؟ مبارك لن
يدوم للأبد ، وغيابه الفجائى سيضيف للطامعين من ديدان المعارضة الطامعين من
ديدان الحزب الوطنى . إذن نتمنى أن تكون لدى مؤسسة الرئاسة ولدى جمال مبارك
نفسه ، خطة لإيصال نفسه للكرسى خلال السنوات الست القادمة . الخط العريض للوصول لمقعد الرئاسة أن يعزز مبارك
الابن سلطاته بنفسه . هذا فى الواقع يجرى فعلا على قدم وساق ، أساسا
بتوزيع أعضاء لجنة السياسات ، أى أولئك الشبان ذوى الأيديولوچية التحديثية
الواضحة ، على مختلف المواقع الرئيسة فى البلد ، والبداية كانت
الوزارة كما سبق وتابعنا . خطة لا بأس
بها ، ربما لم تكن فى بالنا حين هونا وسخرنا يوما من شأن التحاق جمال مبارك
بالحزب وفضلنا له عليه وزارة الاقتصاد فرئاسة الوزارة . فدائما أبدا كانت
الأحزاب شيئا كاريكاتوريا فى مصر ، وهذا كان وراء رأينا القديم هذا ،
لكن جمال مبارك أفلح فعلا فى أن يحيل الحزب الوطنى لسلطة حقيقية فى البلاد .
وكانت حيلته فى هذا بسيطة جدا وغريبة جدا معا : أن يعطيه مهمة لا تعطى
للأحزاب عادة فى البلاد المتقدمة ، لكنها فى ذات الوقت مهمة مفقودة كلية فى
مصر : مهمة مركز الأبحاث . لقد جعل جمال مبارك من لجنة سياسات
الحزب الوطنى عقلا لبلد بلا عقل ، وهذا قطعا مما سيحسب له أبد
الدهر ! الفكرة التى تخطر ببالنا حاليا
لتسريع طريق جمال للرئاسة هى تعيينه نائبا لرئيس الدولة ( أو ما يسمى
بالجمهورية ) ، ومن ثم خفض سقف طمع الطامعين . تلك وظيفة مطلوبة
شاغرة ، وذلك شىء يسهل أن يطالب به الحزب أو الپرلمان مع أول وعكة صحية
قادمة لمبارك . على أنه إذا لم يتم هذا فالطريق الآخر
‘ الطبيعى ’ جدا المضمون جدا والمطابق لما يحدث نمطيا فى أية دولة
‘ ديموقراطية جدا ’ ، طريق ماض بالفعل فى سبيله منذ سنوات دونما
مشاكل أو جدل ، ولا يحتاج حتى لموافقة الرئيس نفسه : تولى جمال مبارك
رئاسة الحزب الوطنى ، ومن ثم يصبح مرشحه لمقعد الرئاسة حال خلوه ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 27 مارس 2005 :
الأخوان فى مصر أخذتهم الحماسة . النهارده حاولوا تقليد چورچيا وأوكرينيا
وقيرجيزستان ولبنان . ثورة من الثورات إللى سميها لو تحب ثورات اليوم
الواحد ، زى جراحات اليوم الواحد كده . مظاهرة واحدة لا تصد ولا ترد
تقتحم الپرلمان وتشيل الحكومة قبل حلول المساء ، قصدى قبل صلاة
المغرب ، الفرق بس أنها لا بمبى ولا فوشيا ، إنما ثورة سودة بعيد
عنك ، مكتوب عليها الإسلام هو الحل . لكن النتيجة كانت أن جعلوا
أنفسهم أضحوكة على كل لسان . يا ترى ليه ، بالذات وأن الثورات دى
مالية الدنيا وناجحة زى الفل ؟ تسلى بهذه القصة الطريفة فى صفحة الإبادة . أيضا
يتواصل هناك معرض الصور الخاص بظاهرة الثورات الشعبية المطالبة
بالحداثة ] . [ النكتة الأكبر بعد 24 ساعة
ما فيش غيرهم ، أعلنوا تأييدهم لحسنى مبارك أو جمال مبارك فى
الانتخابات ، بشرط يهلك م الضحك : الإفراج عن الـ 250 إللى اعتقلوا فى
ثورة إمبارح العبيطة . حاجة ببلاش كده يعنى ، أوكازيون يا حكومة .
برضة تابع العرض الكوميدى فى الإبادة ] . [ تحديث : 12 يونيو 2005 : الصنداى
تايمز وضعت الصورة اليوم
على النحو التالى : قصة التايمز تمضى لتشير للتعليم
الرفيع لجمال مبارك ، ولنجاحه كرجل بيزنس ليس على الصعيد المحلى فقط ،
بل عبر مكتبه فى نايتسبريدچ فى لندن . وتمضى للقول إن المرشح المفضل لمبارك
هو رئيس الاستخبارات عمر سليمان الذى قالت إن مبارك يدين له بحياته . هذا
لتخلص فى النهاية أنه أيا كان رأى الرئيس مبارك وعلى أهميته ، إلا أن
الكلمة الفصل فى شأن خلافته هى كما يعلم الجميع لأميركا ، التى كما يقول
المقال يعتمد عليها فى ‘ إطعام السبعة وسبعين مليون مصرى ’ ( هذا
الجزء الأخير ربما لا نوافق عليه ، نعم أميركا هى التى ستعين رئيس مصر
القادم ، لكن ليس لأنها التى تطعم المصريين ، إنما لأنها
أميركا ) . هذا يشبه السيناريو الذى توقعناه
فى ختام هذا المدخل مباشرة أعلاه ، بأن خطوة ما لا بد وأن تتخذ بعد إجراء
الانتخابات الرئاسية الخريف القادم ، واقترحنا تعيين جمال نائبا للرئيس أو
رئيسا للحزب الوطنى . الجزء المهم فى تحقيق التايمز الذى كتبه عوزى
ماحنايمى ، ليس أى من كل هذا ، إنما إلقاء الضوء علنا للمرة الأولى
ربما ، على الأصول البريطانية لسوزان مبارك من جهة أمها الممرضة الويلزية
هذه التى أنجبتها من خلال زواجها بأبيها الطبيب المصرى البارز . مع ذلك لا
يوجد عامة فى هذا ما يثير استغرابنا ، فإن إيمان شخص ما بالاقتصاد الحر ، إما يعنى أن چييناته
تعرضت لتطفر غير معتاد لسبب ما ، وإما أنها چيينات أنجلو‑يهودية صحيحة رسمية
ومطابقة للمواصفات . اسألنى أنا ،
[ تحديث : 5 أغسطس 2005 : اليوم أعلنت
قائمة مرشحى الرئاسة ، ثلاثون مرشحا بالتمام والكمال ، وعين الحسود
فيها عود صورهم منورة الصفحة الأولى فى كل جرايد بكرة إللى طلعت بدرى الليلة دى
تزف البشرى العظيمة . الصورة الآن تتبلور شيئا
فشيئا ، بحيث نقول إن المشهد
الحالى فى مصر الانتخاباتية 2005 هو ما يلى : 1- ديدان
المعارضة زائد رئيس مصر الشرفى حسنى مبارك يقيمون سيركا انتخابيا يزايدون فيه
على بعضهم البعض بتوسعات ديموقراطية وتعديلات دستورية وإصلاحات سياسية إلى آخر
هذا الهراء ، ولا يذكرون كلمة واحدة عن الاقتصاد ذلك أنهم جميعا متفقون على
أن الاشتراكية من ثوابت مصر التاريخية التى لا يمكن أن تمس . أما لو حدث
وتحدثوا فيما لا يفقهون ‑أى الاقتصاد‑ ستكتشف ساعتها أن كل ديدان
المعارضة يشدوننا فى الاتجاه الخطأ ، كلهم على يسار الحكومة ، ناهيك
عن أن الحكومة نفسها على يسار النقطة الصحيحة بألف ميل على الأقل ! 2- حكام مصر
الحقيقيون جمال مبارك وأحمد نظيف … إلخ ينظرون بسخرية للفريق الأول برمته
ولسيركه الكاريكاتورى وماضون بكل قوة وصمت وقدر الاستطاعة فى تطبيق الرأسمالية
والسوق الحرة والاصلاحات الاقتصادية والانفتاح على العالم وتقليص تدخل الدولة فى
القرار الاقتصادى ، ومن ثم اجتثاث ربيب الاشتراكية الأكبر ،
الفساد ، ذلك الذى لا يمكن أن يتحقق كاملا إلا خلال اجتثاث الحكومة
نفسها . 3- الشعب لا
يبالى بهؤلاء ولا أولئك ومشغول فقط بشىء واحد : الجنس ، وانفجار أعداد
العاهرات وقنوات التليڤزيون ! … فقط ، إحقاقا للحق نقول إن
السيرك قد لفت اهتمام البعض وأخذوه على محمل الجد . النيو يورك تايمز معجبة
جدا بالطريقة التى أعلن بها الرئيس مبارك الأسبوع
الماضى ترشيح نفسه ، كأى سياسى غربى كيه چى وان ( التعبير الذى
استخدمته Politics 101 ) ، يذهب لمدرسته الثانوية ،
ويلقى خطبة كتبها مخطط ستراتيچى محترف ، ويطلب دعم الناخبين . وترى فى
الأمر طفرة كبيرة فى تاريخ مصر المعاصر . حلو ! بس الشىء الذى لم تلحظه
التايمز هو الشىء الذى لا يمكن أن يكون له نظير فى العالم الغربى : كيف تمول الانتخابات ؟ مبارك راجل محترم راح للناس وطلب تأييدهم بطريقة محترمة . شىء
جميل وممتاز ! لكن هل طلب منهم فلوس ؟ كل ساسة الغرب يذهبون للشركات
وللأفراد طلبا للأموال قبل التصويتات ، ولو ما فيش فلوس ما فيش ترشيح
أصلا . عيب ! تف من بقك ! ده كلام ؟ عندنا إحنا الوساخة
دى ؟ فلوس إيه يا راجل ، إحنا برضه بتوع حاجات زى دى ! لا مبارك ولا الـ 29 الباقيين
هيعمل كده ، لسبب بسيط أن انتخاباتنا
اشتراكية قلبا وقالبا . قلبا وفهمناها م البرامج ( بالأمريكانى المنصات ) ، قالبا
هى أن كل السيرك من أوله لآخره منصوب من جيبوبنا إحنا ، بفلوسنا
إحنا ، يعنى ما حدش دافع حاجة من جيبه . كل واحد من الثلاثين هياخد نص
مليون جنيه من فلوس الضرايب ، وأراهنك إن ما كان 90 فى المية منهم هيسحب
ترشيحه من تانى يوم ما يقبض ، ويضرب النص مليون فى جيبه ، ويضرب
الفواتير لو طلبوا منه فواتير أصلا . العشرة فى الميه إللى فاضلة ،
منهم واحد اسمه حسنى مبارك هينجح ما فيش كلام ، بتزكية ‘ شرفية ’
من أميركا وإسرائيل وجمال مبارك ومن كل الدنيا ( طبعا عدا سوريا وإيران
وإللى زيهم ) . والباقيين إما هيحاربوا بالنص مليون جنيه . دعاية
يعنى ، ونزلت لهم م السما ، ضد إسرائيل إللى لازم راح نرميها فى البحر
تانى ( زى أولانى بالظبط ! ) . أو إما حتى لو ما فيش الحزب
الناصرى ( الحقيقة أنا ما شفتش صورة صاحبك بتاعه منورة فى التلاتين
صورة ) ، هيكون عندك ما تعدش كل الأخوان وبقية الناصريين ، كلهم
متنكرين فى أحزاب تانى وأسماء تانى . وأكيد فيه واحد على الأقل هيقول أحسن
م الشرف ما فيش ، نص مليون إيه يا جدع ؟ بس وصلونا الحكم وإحنا هنأمم
بالبلايين . أما لو موش كده ولا كده ، أكيد هيكون عندك واحد بيفكر
بطريقة أحسن شوية ، يعنى هايستثمر النص مليون بحيث يجيبوا له عشرة مليون
بعدين فى كحكة الفساد . واوعى تقول لى أن فيه واحد مصر كلها متخيل أن أيمن
نور إللى شغلته الوحيدة طول عمره يلف على مخابز باب الشعرية يخوفهم بطلعته
البهية ( علشان إيه ، الله أعلم ؟ ) ، أنه بيفكر بجد
يبقى رئيس جمهورية ويقعد مع كبارة العالم أو أنه يروح يستقبلوه فى البيت الأبيض
أو فى مزرعة تكساس أو مزرعة ماشى يا ست تايمز . إللى ما
يعرفش يقول عدس ، والأمريكان طول عمرهم بيموتوا فى حاجة اسمها أبو
جبة . خلينا معاكى ، نعيش كام يوم الحلم الجميل ، ونقول مصر شعب
مثقف جدا ، واعى جدا ، عاوز ديموقراطية ، وإن كل إللى ناقصه
صناديق انتخاب بلاستيك بيضا بفتحة . ودى هى إللى هتحل له كل مشاكله ،
موش لا سمح الله دبابات فى الشوارع تفرض ببحور من الدم الإصلاح الاقتصادى والتنمية
إللى بجد ، زى ما الموقع المجنون بتاعنا
ده ما بيقول . خلينا كمان نحلم زى بعض الناس ، أن الفوضى إللى
إحنا شايفينها ، مليون جرنال يومى بيقول كل حاجة وعكسها حتى فى نفس
المقال ، هى ‘ فوضى خلاقة ’ ، موش سيحان وبوظان وتمييع بحيث
بقت كل الأفكار سايلة ما تعرفش تمسك أى حاجة من أى حاجة . إحنا برضه رأينا
أن ده موش وحش . السبب بس مختلف شوية عن آه ! بمناسبة الموقع ،
جايز تسأل إحنا بنأيد مين ؟ سؤال فى محله ! نجاوبك : نحن منقسمون
على أمرنا : صفحة الصناعة [ حاليا
السياسة ] العتيقة هذه تؤيد جمال مبارك ، وقسم التليڤزيون الجديد زائد صفحات الجنس والذى منه يؤيدون عموم
الشعب ، أما صفحة الليبرالية الناشز فهى من
يومها وتؤيد أوجيستو پينوتشيت ! …
كمان على فكرة ، وبمناسبة الفوضى الخلاقة ،
أنا فهمى لحكاية الفوضى الخلاقة دى ، أنها امتداد لسياسة بدأها ريجان
والسادات ، أو حتى بدأها ملوك مصر بضربهم الوفد بالأخوان . ودلوقت
رايس بتشجع الحروب الأهلية ، على أمل أن مثلا الشيعة يقتلوا السنة ،
الليبراليين يقتلوا الإسلاميين ، الشيوعيين يقتلوا الإسلاميين ،
الفتحاويين يقتلوا الإسلاميين ، الإسلاميين يقتلوا الإسلاميين ، أو ما
شابه ، أى حد يقتل أى حد ، وكله مكسب ، وكلها طول عمرها حروب
أهلية ، لبنان طول عمره حرب أهلية ، العراق طول عمره حرب أهلية ،
فلسطين طول عمره حرب أهلية ، السودان طول عمره حرب أهلية ، الصومال
طول عمره حرب أهلية ، وأى حته تانية حرب أهلية وإن مقموعة سواء بواسطة كمال
الشاذلى أو بشار الأسد . أنا أصلا كنت فاهم الخطة فى الثمانينيات وما بعدها كما يلى : الشيوعية غول
جبار وهائل استولى بالفعل على معظم مساحة اليابسة ويملك الكثير من الأدوات بما
فيها ترسانة نووية … إلخ ، وأنكم ستقضون عليه بسهولة نسبية بأولئك
الصبية اللزجين ممن يسمون أنفسهم بالمجاهدين ، ثم بعد ذلك تجتثون الإسلام
نفسه بسهولة أكبر من خلال إغراءات الجنس والمال . الواضح أن الخطة لم تسر
على ما يرام . صنعتم قناة
الحرة تضخ أحلام الثروة والحياة الرغدة ، وصنعنا نحن قنوات الموسيقى التى تبث الحرية الجنسية فى
أجرأ صورها ، لكن الإسلام لا يزال هناك حيا ويركل . السبب الذى غفلتم
عنه ، هو أن الإسلام موجود فى حياتنا لأنه موجود أصلا فى چييناتنا .
موجود لأنه صيغة تكيفية رائعة ، رخصة أو تفويض سماوى يتيح لنا استرقاق
واستحلال عرق وأرواح كل البشر ، دون بذل الجهد العضلى والعقلى اللازم الذى
لم تتعود عليه ولم تصمم إليه تركيبتنا الچيينية . ولذا الآن تأتوننا بنظرية
الفوضى الخلاقة . ما أفهمه أن القائد الحق لا يسمح أصلا بوجود أى نوع من
الفوضى ، خلاقة أو غير خلاقة ، ومفيش أصلا حاجة اسمها فوضى
خلاقة . بل يصيغ رؤيته هو أولا كاملة وعلى نحو مستقل ، يحسب كل
أركانها ، ويزن أنها تقف على أرضية مادية وتقدمية وتقنية صلبة ، لا
أيديولوچية ولا يوتوپيا ولا رومانسية فيها ، ثم وبعد أن ينتهى من هذا
تماما ، يفرضها على كل الباقين ، سواء بالإقناع أو بالقوة .
وعالم بلا قيادة هو مكان خطر للغاية ، مكان سنعيث فيه نحن العرب والمسلمون
فسادا حتى أركانه الأربع . بل سوف نغرى كل الأعراق الفاشلة بالإنضمام إلينا
فى مروقنا وتحويل الكوكب برمته لصومال كبير . وتلك الأعراق ربما لا تقارن بنا
فى خصائصنا الچيينية ولا فى فشلنا ولا مروقنا ولا خطرنا ولا فى خبرتنا التاريخية
فى القرصنة وقطع الطرق ، لكنها على أية موجودة جاهزة ومتحفزة عبر ذات
الأركان الأربع ، وتحمل اسماء من شاكلة إيل وشاڤيز وشيراك
وموجابى . ثم ماذا تتخيل لو مددنا نظرية
الفوضى الخلاقة على امتداها . اعتقادى أنها ستقوض الغرب نفسه من
الداخل . بعد سنوات أو ربما شهور ، ستكتشفون ‑كعادتكم فى
واشينجتون فى فهم كل الأشياء متأخرا‑ أن الجنس والثروة ليست بكافية للقضاء
على الإسلام . وبذات المنوال ستبحثون عن طرف ثالث للقضاء على عدوكم .
ساعتها الأرجح أن ستطرح المسيحية نفسها كطرف جاهز عنيف وقوى حازم أمره بما
يكفى . سيتخلى الغرب عن علمانيته ، ولم لا ، فطبعا يمكن للمسيحية
لو استولت على السلطة فى الغرب أن تقضى على الإسلام ، لديها النووى ولديها
كل حاجة . لكن تخيل حجم الكارثة التى تكون قد حلت بالعالم ساعتها .
بإيقاظكم ماردا شريرا كنا قد اعتقدنا أنه قد مات للأبد . طبعا نحن نلقى دائما باللوم على غباء اليسار
وبرنامجه المستحيل لعالم اشتراكى معدوم التنافسية معادى لقوانين الطبيعة ،
بدءا من حزب الوفد فى عشريات القرن مرورا بالحركات الطلابية المصرية فى
السبعينيات حتى توسع الاتحاد السوڤييتى جنوبا فى أفجانستان فى أواخر ذات
العقد ، الأمور التى جعلت قادة خلاقين لا يشك فى زعامتهم وكاريزميتهم
وإبداعهم كالسادات وريجان ، أن يلجأوا للإسلام للقضاء عليها . لكن السؤال : هل فعلا كانت الشيوعية أكبر خطرا من
الإسلام ، ثم هل سيكون الإسلام أكبر خطرا من المسيحية أو أيا من كان
ستلجأون له لتحاشى قيامكم بواجباتكم المنزلية ( قد يقصد بها أيضا الإبادة ) ؟ أم أنكم فى كل مرة تدخلون
طرفا ثالثا فى الصراع ، يتضح أنه أسوأ وأشرس من العدو الأصلى ؟ الحقيقة السؤال موجه لميس رايس ، التى كانت حتى اللحظة أقل
سكرتير دولة أميركى وجه له موقعنا
انتقادا ، بما فى ذلك ربما هنرى كيسينچر
نفسه !
حتى يوم تأتينا فيه إجابة ، كل ما نستطيع قوله لكم ، إننا ‑يا ست
الكل ، حتى اللحظة فخورون بحكامنا الديكتاتوريين طالما هم ملتزمون بالحد
الأدنى من الحداثة وحرية الاقتصاد . يا ست الكل ، الديموقراطية معناها
كل قرية هتقتل التانية فى مصر وغير مصر ، وبعد ما يخلصوا كل قرية هيدبحوا
بعضهم البعض ، ويا ريت تشرفينا بزيارة فى الصعيد أو حتى فى أى حتة .
الديموقراطية بالأحرى معناها أن المسلمين يقتلوا المسيحيين والعكس ، والسنة
يقتلوا الشيعة والعكس ، وغيره وغيره ، وأنتى شايفة لبنان والعراق
وغيرهم وغيرهم . إنما المشكلة إللى بجد بجد ، هى أنكم فاهمينا
بشر ، بينما الحقيقة أننا بدو . كل ما عليكم ‑يا ست الكل‑
أن تكفوا عن الكلام وتسقطوا حكام المروق بيننا ، على أن تضعوا بدلا منهم
پول بريمر أو بالحد الأدنى إياد علاوى ، وليس إلا الغباء بعينه ، أن ‑كما
فعلتم‑ وضعتم دستورا وديموقراطية وانتخابات ، تحيل بلادنا لأرض
عصابات ، لفوضى لا خلق فيها ، فقط دمار ورجوع للقرون الوسطى ! حتى ذلك لطالما نظرنا له على أنه
ليس الحل الأمثل جدا . للأسف أنتم ترون الدم الأميركى رخيصا تهدرونه من أجل
سراب اسمه عراق ديموقراطى وإيران ديموقراطى … إلخ ، والمفارقة أننا
نثمن هذا الدم أكثر منكم . رحبنا بغزو العراق متخيلين أنه سيفضى لحكم عسكرى
أميركى . ثم أتيتم بالمدنى پول بريمر بمشروع تحضر تحديثى جبار وينفذ بقبضة
حديدية وقلنا لا بأس . ثم أتيتم بالعراقى إياد علاوى بذات المشروع تقريبا
لكن بمذاق محلى وقبضة أخرى وقلنا لا بأس . لكن أبعد من هذا ، دستور
وانتخابات وديموقراطية ، هذا ببساطة هو الغباء عينه ، والانتحار
عينه . بالتحديد قلنا
إن بالأحرى لتكن الساطرة هى ما يلى : من يستحق الاحتلال هو فقط الأماكن
التى توجد بها 1- قيادات تؤمن بالحداثة 2- شعوب تلتف حولها . مثلا كردستان
ودارفور منطقتان مثاليتان للاحتلال ، غزة ووزيرستان وقم مناطق مثالية للقصف
النووى ، وما بين هذه وتلك يتراوح الأمر ما بين القصف الكيميائى أو
التقليدى حسبما كان من الممكن عزل السكان عن حكامهم أو عن المسلحين من
عدمه . المناطق التى تستأهل الاحتلال المذكورة هى التى تأكيدا سيحارب كل
شعبها جنبا إلى جنب معكم . هم أيضا مقاتلون أشداء ومسلحون بالأصل وسينتصرون
ويتحررون بأقل دعم منكم . خلصوا أمثال هؤلاء من طغيان العاصمة أو عدوانية
الجيران ، بغداد ، طهران ، دمشق ، أنقرة ،
الخرطوم ، أو أيا ما كانت . وأقيموا فى تلك الأماكن القواعد العسكرية
والمطارات التى تنطلقون منها للهدف الأبعد . لكن لا تحتلوا هذا الأبعد من
البداية . بالنسبة للعواصم المجرمة ، لا بديل إلا القصف من
الجو ، بالأسلحة التقليدية أو غير التقليدية ، اختاروا ما يحلو لكم .
وتستمرون فى هذا القصف حتى توجد مثل تلك القيادة ومثل ذلك الالتفاف . عدا
ذلك لا تفعلوا سوى مواصلة القصف . أو ربما لا بأس أيضا بإضافة بعض الخبرات
الإسرائيلية المستلهمة أصلا من تجربة الحضارة فى تخليص العالم الجديد من الهنود
الحمر ، كالحصار والأسوار والمعسكرات المغلقة والأشرطة الأمنية العازلة
( فقط عيبها الواضح أنها أساليب عتيقة سابقة على اختراع الحضارة لأسلحة
الدمار الكتلى الحديثة الأكثر فعالية كفاءة ) . المهم ، أن
فى كل هذا الهدف محدد ، والوسائل محددة ، وكافة الاحتمالات
محسوبة ، ولا مجال للفوضى خلاقة كانت أو خرابة ! … تذييل خاص بنظرية
الفوضى :
علاقتى بنظرية الفوضى بدأت يوم
سمعت ذات مرة أحد أساتذتى فى الهندسة يحاول إغراء أحد المعيدين بالتخصص
فيها ، وكان ذلك فى آخر السبعينيات . أنا اليوم لست أكاديميا بالقدر
الكافى لدراسة ما سأقترحه هنا ، لكنى سأقترحه على أية حال ، لعل أحدا
يأخذه على محمل الجد ويعطينا نتائج موثقة : الفوضى موجودة فى دنيا السياسة ،
ربما أكثر من أى حقل آخر . هى أصلا سمة لصيقة بالذات لكل شىء إنسانى .
لذلك كل الكوارث الكبرى تبدأ بخطوة صغيرة ، خطوة لا رجوعية ولا يمكن
إصلاحها . خذ مثلا مطالبة سعد زغلول باستقلال مصر . أخرج الرعاع من
القمقم ، ولم يعد ممكنا إعادتهم ، ودارت كرة
الجليد بحيث وصلت الأمور لمرحلة بات معها الإصلاح مستحيلا ، ومجرد المطالبة
به قد تصمك بالخيانة والعمالة للاستعمار . ذات الشىء بالنسبة للاستعمار نفسه ، أنت تستطيع طرده من
بلادك بسهولة نسبية ، لكن بعدها حين تكتشف قدر حماقتك لا تستطيع كرامتك أن
تجعلك تقول له لقد أخطأت وفشلت وجعت وأرجو منك العودة . هناك قصة أشهر ، هى المرأة السوقية التى لا يعرف اسمها أحد التى فجرت بكلمة الثورة الفرنسية ، وطبعا غيرت العالم ، ولا زلنا حتى اليوم ‑كل واحد
منا فى كل صقع من أصقاع الأرض‑ نعانى بقسوة من جرائر فعلتها ( اسمها
مدام ديڤارچ فى قصة مدينتين ، لكن هذا على عهدة تشارلز ديكينز
وحده ! ) . هناك أشياء كثيرة أصغر ولا يمكن إصلاحها . محافظ پورسعيد أصدر يوما قرارا بمنع الخمور . ربما كانت هناك لديه مشكلة ، فقرر اكتساب بعض
الجماهيرية للتغطية عليها ففعل هذا . فقدت پورسعيد كمونها السياحى الذى
يقدر بالبلايين ربما ، ولا أحد اليوم يجرؤ على المطالبة بإلغاء
القرار . إذ نظرية الفوضى تنشط
حين تكون الأشياء الأتفه هى الأشياء الأخطر . وأن
تقول إنك متدين أسهل مليون مرة من أن توقع قرارا اليوم بعودة الخمور . خذ
هذا المثال بمحافظ آخر لكن الجرائر أضخم بكثير : دردشة عابرة بين السادات ورئيس استخباراته محمد عثمان إسماعيل ، عرض عليها بعدها أن يصبح محافظا لأسيوط وأن يستخدم
الإسلاميين فى ضرب الشيوعيين . كبرت الفكرة وأودت بحياة السادات
نفسه ، ثم لا حقا تبناها ريجان فى ضرب السوڤييت فى أفجانستان ، وانتهى الأمر بـ 11 سپتمبر وألف 11 سپتمبر . دردشة تافهة ربما جرت على الغداء فى ميت أبو الكوم وليس حتى
فى اجتماع شغل رسمى ، أسفرت عن شىء قد يستدعى إعادته لأصله إبادة مئات
الملايين من البشر ، واستخدام القنابل النووية لأول مرة بعد نسيان دام أكثر
من ستين عاما . وأستطيع ضرب ألف
مثال ومثال كهذه ، لكن ما نريده فى الحقيقة ليس أمثلة ، إنما معادلة
حسابية موثوقة من علم موثوق اسمه نظرية الفوضى ، ذلك لعلها تفتح أبوابا
للفهم لدى من لا يريدون الفهم . فالفوضى فى تقديرى شىء أساس يومى جوهرى
وفعال للغاية فى حياة الشعوب الانفعالية المتخلفة كشعوبنا . فهل نبدأ فى
دراستها أم نستورد لها باحثين من الخارج ؟ أعتقد أن علماء الفوضى ممن أتخيل
أنه يبحثون عن الأمثلة بصعوبة ، قد يجدون فردوسا رائعا لو فكروا فى دراسة
عالمنا شرق الأوسطى ، اجتماعيا بالطبع ، لكن بالذات سياسيا . بل
ربما حتى ، قد نجد حينئذ فى نظرية الفوضى تفسيرا لكل تخلفنا . قد
تعطينا المعادلة التى تربط بين الانفعال والتخلف . الانفعال يقود لأشياء
غير محسوبة كثير ، والأشياء غير المحسوبة كثير منها لا رجوعى ،
والطاقة اللازمة للإعادة الصخرة لقمة الجبل ، تساوى بلايين الأضعاف الطاقة
التى بذلها الإصبع أو هبة الريح التى دفعتها . ربما أيضا تدخل الديناميات
الحرارية على الخط ، أو أعتقد أنها موجودة طوال الوقت ، حيث كلمة لا
رجوعى بالذات لها مصطلح شهير عندهم يقيسها اسمه الأنتروپى . أعتقد أن
فتوحات علمية كبيرة قد تتأتى من دراسة شعوب التخلف ، بشرط أن تتم بتجرد من
الأيديولوچية المسبقة ، إنسانية كانت أو يسارية أو سمها ما شئت . لو حدث أى من كل هذا ، فربما
يكون لما بشرت به ميس رايس ، فائدة إيجابية ما ! ] . [ تحديث : 19 أغسطس 2005 : قدامك برامج كتير كلها حلو وزى
العسل . علشان كده هنقدم لك إحنا خدمة عبقرية ، فشر معاها أى إعانة
بطالة . هنقترح عليك برنامج انتخابى تعتبره إسطمپة تقارن عليه كل البرامج
إللى فى السوق . البرنامج ده هو برنامج الإصلاح إللى بجد بجد والتنمية إللى
بجد بجد . البرنامج إللى ولا واحد قاله ( ولا
هيقوله ! ) . جاهز ! جبت معاك حاجة تاخد فيها ؟ :
1- إصدار دستور
جديد للبلاد مكون من مادة واحدة : ‘ دولة مصر جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمى ، لغتها
الرسمية الإنجليزية ، وأمنا الطبيعة هى المصدر الوحيد للتشريع . تسعى
مصر لأن تكون بلدا للحريات الاقتصادية المطلقة والحريات الشخصية المطلقة وحريات
الحراك الاجتماعى والطبقى المطلقة ، تسمو فيه حقوق الاقتصاد وحقوق الآلة
فوق أية حقوق بما فيها حقوق الإنسان ، وتصادر فيه فقط حرية الانتقاص من تلك
الحريات أو محاولة تقييد المنافسة على أى نحو من المناحى . يحكم البلاد
رئيس منتخب من قبل مجلس تشريعى مكون من ممثلين للشركات العشرين الكبرى الرئيسة
الشغالة فيها كل بحسب قيمتها السوقية ، وتتولى هذه الشركات تمويل ميزانية
الدولة التى لا يجب قاعديا أن تتخطى مهمة تنظيم وتعزيز فعاليات المجتمع ككل فى
حقلى الأمن والدفاع . وظيفة الرئيس ‑هو ومن يختارهم لمعاونته من هيئة
تنفيذية‑ هى بالأساس السهر على الحريات المذكورة وقمع كل ما قد ينتقص منها
بكافة الوسائل التى تتراءى لهم . حمل الجنسية المصرية لا يعتبر شرطا لشغل
أية وظيفة بما فى ذلك المناصب الدستورية . وينظم القانون الدرجة المناسبة
لاستقلال الهيئة القضائية ‘ ( انظر الليبرالية و الحضارة
والموقع عامة ) . 2- بما أن كل الحريات ستصبح
مكفولة فى مصر إلا الحريات السياسية ، فإن على رأس
جدول الإصلاحات حل جميع الأحزاب المخالفة للدستور ، والسماح فقط بالأحزاب
التى يقر المجلس التشريعى بأهمية مشورتها بعد أن يرى فيها الحد الأدنى الكافى من
العلمية والأكاديمية والتخصص . فى جميع الأحوال تعتبر جريمة عظمى توجيه
الأحزاب خطابها للجمهور العمومى لا سيما إن كان هذا بالتحريض واستثارة
العواطف ، ذلك حتى وإن كانت تلك بطبيعتها أحزاب تعبر عن مصالح فئات معينة
من هذا الجمهور نفسه ( انظر الليبرالية ) . 3- الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقى
ومنظمة المؤتمر الإسلامى ومعاهدات حقوق الإنسان ، وجميع ما إلى هذه من
منظمات قائمة على أيديولوچيات غير الحرية الاقتصادية ( أى منظمات وظيفتها
بيع الكلام ) ، والإبقاء فقط على عضوية منظمة التداول العالمية وعلى
اتفاقيات التداول الحر مع البلدان المؤمنة حقا بحرية الاقتصاد والتداول ،
ومن ثم الاشتغال على تعزيزها ( انظر الثقافة والجلوبة ) . 4- إلغاء كافة الضرائب والجمارك والرسوم التى تحصل لصالح الدولة ،
إلا ما سينص عليه صراحة فى هذا البرنامج ( انظر الاقتصاد ) .
5- منح الحرية
المطلقة للاستثمار الأجنبى ، بالأخص للشركات الأميركية والبريطانية
والياپانية والإسرائيلية ، بحكم ما ثبت لها من تفوق وريادة تقنية ،
ولعدم لجوئها للرشوة والفساد ، كالشركات الفرنسية والروسية وما شابهها من
شركات هى فى نفس الوقت ذات مستويات ركيكة تقنيا ( انظر الجلوبة ) . 6- إعادة قناة السويس وكل الممتلكات الزراعية وغير الزراعية المنهوبة فى
الفترة الناصرية لأصحابها ، أو تعويضهم هم أو ورثتهم عنها ، اتساقا
وإثباتا لأن مصر تقصد حقا ما ترفع من شعارات ، وتدشينا لمرحلة جديدة من
التعامل المتبادل الراقى المحترم داخليا وخارجيا ( انظر الثقافة ) . 7- إلغاء كافة أشكال الدعم الحكومى لأى شىء ( بالذات جدا رغيف
الخبز ! ) . يستثنى فقط تشجيع الاستثمار فى التقنيات المستقبلية ‑إن
وجدت ، وإن وجد أن لا سبيل إلا الدعم‑ والمقصود تحديدا تلك التقنيات
التى لم يسبق لأحد محليا أو عالميا اختراعها من قبل ، على أن يكون ذلك
الدعم لمدة محددة يتم بعدها خصخصة الشركات أو بيع الحصص الحكومية فيها
( انظر السياسة ) . 8- إلغاء التعليم العمومى والمستشفيات العمومية . إخلاء المبانى
المؤجرة منها وإعادتها لأصحابها . هدم المملوك منها للدولة وبيعه
كأراضى ، إلا بالطبع لو ثبت أن خصخصتها بمبانيها أو خصخصتها بوضعيتها
الشغالة سيأتى بعائد أفضل ( انظر السياسة ) . 9- خصخصة كل ما تبقى بعد ذلك من شركات ومؤسسات ، بما فى ذلك نهر
النيل وحقول الپترول ، بما فى ذلك الأهرامات وآثار الأقصر ، بما فى
ذلك الجيش والشرطة ، بما فى ذلك التأمينات الاجتماعية والسجل المدنى ،
كل شىء ، مع إعطاء الأولوية فى التملك لشركات البلاد الأربعة
المذكورة ، ثم للمصريين من بعدهم . هذا يشمل تشجيع ما تم خصخته بالفعل
على التشارك مع شركات كبيرة من إحدى البلاد المذكورة ، وفى كل الأحوال تشمل
الخصخصة حق فصل أى أعداد من الموظفين دون تعويض ( انظر الصناعة ) . 10- إصدار قانون للشغل من مادة واحدة ينص على أن لا حق للموظف إلا آخر
أجر أبلغه به صاحب الشغل . أو حتى لا حاجة لأية مواد ، فقط ببساطة
يلغى قانون الشغل ويفهم الجميع ضمنا أن علاقة التوظيف تخضع لسائر أحكام القانون
المدنى . لا حاجة لتعاقدات جماعية لا لنقابات ولا لتحديد ساعات شغل ولا
لشروط أمن صناعى ولا لرعاية صحية ولا لأى شىء ، فقط ‑ومن قبيل الذوق
والأدب ليس إلا ، إنذار من أحد الطرفين للآخر بترك الشغل خلال 15
يوما ، ومن لم يشأ فعلى سمعتها جنت براقش ( انظر الليبرالية ) .
11- إلغاء كافة
القيود المفروضة على العقاقير ( المخدرات ) والمسكرات وما إليها ،
يسمح بتصنيعها واستيرادها والدعاية لها فى كافة وسائط الإعلام ، ويحظر فقط
محاولة تصديرها للبلاد التى لم تسمح بعد بتداولها . فى حالة إساءة مستخدم
هذه المواد للغير ، يعاقب ( كما حال جميع الجرائم
الأخرى ) ، بالسجن على نفقته الخاصة أو دونه الإعدام ( انظر بعد‑الإنسان ) . 12- إطلاق وتشجيع الحرية الجنسية ، سواء منها هو بالتراضى بين
الأفراد أو ما هو نظير أجر ، ذلك بكافة الطرق والوسائل الممكنة ،
واعتبار هذا هو البرنامج القومى الرئيس للبلاد ، ويشمل ذلك بالطبع إلغاء
أشكال الرقابة على المواد الجنسية فى وسائط الإعلام أو المدارس أو السينما أو
المطبوعات ( الرقابة تفرض فقط للاعتبارات الأمنية والسياسية ) .
فى حالة الاستغلال أو الجبر الجنسى ، يعاقب المرتكب ( كما حال جميع
الجرائم الأخرى ) ، بالسجن على نفقته الخاصة أو دونه الإعدام ( انظر
الجنس ) . 13- لن يتم تجريم الزواج ( المدنى أو حتى الدينى منه ) ،
لكن سيتم تجريم الإنجاب . لا إنجاب دون ترخيص مسبق . ولا ترخيص دون
سداد نصف مليون جنيه لخرينة الدولة . تعدم كل امرأة حامل دون ترخيص ولم تسع
من تلقاء نفسها للإجهاض (
14- يعدم
العاطلون لأكثر من عام متصل فشلوا فيه أن يكون لهم مورد أو كفيل آخر ،
ويعدم الأطفال الذين لا يكفل لهم عائلوهم حدا أدنى مناسبا للمعيشة ( انظر
حولك ، أو انظر تجربة البرازيل يوما ) . 15- لا تدخل للدولة فى التعليم أو الإعلام ، إلا فى حال تهديدها
للأمن ، أو ترويجها لما يناهض مبادئ الحربة المطلقة للاقتصاد والفرد
والمنافسة وحراك المجتمع ، أو لما يخرج عن إطار العلم التجريبى المختبرى
العلمانى الموثوق ( انظر الرقابة ) . 16- السماح بممارسة الأديان ( على الأقل باعتبارها نوعا من العقاقير
المخدرة ) ، ذلك بما لا يتعارض منها مع الحريات الأساس المنصوص عليها
هنا . بمعنى أن اعتناق الأديان ليس جريمة ، والجريمة هى التبشير
بها ، هذا باعتبارها كونها فكرا سالبا للحرية . وتشدد العقوبة فى حالة
التبشير بين الأطفال ، فى إطار الأسرة مثلا . المسموح به هو فقط أن
يذهب الشخص البالغ لدار العبادة بإرادته الحرة ومن تلقاء نفسه كى يتلقى فقط
أجوبة على ما يريد من أسئلة دون زيادة أو نقصان . أما العقائد التى تناهض
بوضوح واحدة أو أكثر من الحريات العامة والشخصية وفى نفس الوقت تمارس نشاطا
دعويا ، فتجرم وتغلق دور العبادة القائمة بالفعل منها ( انظر العلمانية ) . 17- على نحو أعم يعدم بموجب قرارات إدارية ودون الحاجة لمحاكمة كل من
يروج لأفكار دينية أو قومية أو وطنية أو اشتراكية ، أو كل ما يشتم منه
مصادرة الحريات المطلقة الاقتصادية والشخصية والحراكية سالفة الذكر ( انظر الإبادة ) . 18- إعادة تأهيل الجيش والشرطة ، بالطبع بالاتفاق مع ملاكها
الجدد ، وبالأخص بالاستعانة بخبرات الدول الصديقة المذكورة ، ذلك
لأداء دورهما الجديد والوحيد ، الذى هو قمع كل معارضة قد تنشأ لدى تطبيق
هذا البرنامج ( انظر پينوتشيت ) . … خلصت الإسطمپة . … أنا معاك ! ما فيش
جديد ! كلها كلام قلناه قبل كده بدل المرة ألف ، موش فى الصفحات
المشار لها بس إنما وباختصار فى كل ركن فى الموقع . ما فيش جديد غير أننا
صغناها فى 18 نقطة مختصرة وحلوة زى العسل . جايز برنامج زى ده يتغير طبعا
بعد كام سنة م التطبيق ، جايز يتخفف شوية ، لكن المهم لازم البداية
تكون كده لو عاوزين نعوض إللى فاتنا والفجوة الرهيبة بينا وبين كل الدنيا .
لو عاوزين تنمية بجد ، وعاوزين خروج من دايرة الفقر والتخلف بجد ،
يبقى برنامج الرئيس لازم يكون حاجة زى كده ، وما عدا ذلك فهو كلام
هزار ، ناس بتتسلى موش أكتر ، أو بيضحكوا علينا أو على بعضهم أو جايز
حتى على نفسهم ، كله كلام × كلام ، كله بيستهبل على كله ، والمهم
عندهم السيستم يفضل هو هو ، وبالتالى الفساد يفضل هو هو ، هم يسترزقوا
شوية فلوس ، والجوع يستنى هو هو . أقصاها جدا فى إللى بيسموه
‘ الحركة من أجل التغيير ’ و‘ كفاية ’ و‘ زهقنا ’
أن أسماء ووجوه الفاسدين هتتغير . بينى وبينك حاجة تزهق صحيح . إحنا
عندنا باسم الله ما شاء الله 80 مليون فاسد ، لكن الصور والجرايد عاملة
نجوم من بس حفنة معينة محظوظة ، هاتك يا صور وقصص ومغامرات ، لكن
الفاسدين الغلابة أو الفاسدين بتوع المعارضة أو حتى فاسدين صحافة المعارضة نفسهم
إللى بيكتبوا ، مغمورين يا عينى ! وعلى فكرة البرنامج بتاعى
ده ، موش خالى م الديموقراطية مية فى المية . تمثيل الشركات فى المجلس التشريعى تبعا لقيمتها
السوقية ، بيدى فرصه للشعب يشترى الأسهم إللى
عاوزها ويقول رأيه ، بس يقوله ويدفع تمنه من جيبه موش ‘ فنجرة
بق ’ وخلاص . وإن كنت بينى وبينك أنا قصدى فى الحقيقة من حكاية القيمة
السوقية حاجة تانى خالص غير حكاية الديموقراطية والعياذ بالله .
السر ، بس أوعى تقوله لحد ، هو أن أسهم شركات التقنية عادة بتكون أغلى
من غيرها ، وبكده نضمن الپرلمان يكون ناطق دايما باسم المستقبل والتحديث . أما بالنسبة للبرامج إياها
التانية ، المطروحة ع الساحة برضه ‘ ها أسهلها لك ’ ، هى دى
وظيفتى . ها أغششك ، كده يعنى زى امتحانات المدارس ، وأديها
قياسا على الإسطمپة نمر من 100 ، برضه زى امتحانات المدارس : جمال مبارك 10 أو 15 من 100 ، حسنى مبارك 2
أو 3 من 100 ( ربما أرفع هذه الدرجات قليلا بعد انفضاض السيرك وبدء تطبيق
بعض الإجراءات الاقتصادية المؤلمة من رفع الدعم وخصخصة ما لا يخطر بالبال
وتشريعات لشىء من إطلاق حرية السوق ، هذا طبعا كالعكس 180 درجة من كل ما
تقوله البرامج الانتخابية ، تلك الإجراءات والتشريعات التى قرروا طبعا
تأجيل إعلانها لما بعد الانتخابات ‑رئاسية وپرلمانية‑ بسبب عدم
جماهيريتها . ساعتها ربما يقترب تقدير حسنى مبارك قليلا من تقدير جمال
مبارك ، هذا الشهير باسم الحاكم الفعلى لمصر ( بالمناسبة الكل يقولها
اليوم ، لكننا كنا أول من أطلقها من سنة
وأكتر ، فاكر حكاية الرئيس الشرفى وانقلاب القصر بتاع 12
يوليو ؟ ) . ملحوظة : برنامج مبارك الانتخابى الصادر اليوم
مع جريدة الأهرام يذكر كلمة الدعم مئات المرات ولا يذكر كلمة خصخصة ولو لمرة
واحدة . إنما ‑والاعتراف بالحق فضيلة‑ فيه شوية رطانة ما لهاش
معنى لكن كتر خيره عليها بتتكلم عن ‘ الطبقة الوسطى ’ ، وفيه
نقطة واحدة كويسة وجريئة بجد بجد : أنه هيستمر يحبس
الصحفيين ! ) . هذا عن حسنى
مبارك وجمال مبارك ، أما عن الديدان التسعة وإللى زيهم مستخبيين مارضيوش
يترشحوا أو ممنوعين من الترشيح ، فإن لم تكن درجاتهم بالماينوس لأنهم
يشدوننا فى الاتجاه الخطأ نحو اشتراكية أشد تطرفا وديموقراطية سداح مداح ،
فهم صفر صفر صفر ، جميعهم ومن غير فصال ولا تفرقة ! …
هذا عن المحتوى ، أما
من حيث الصيغة form ، فعلى العكس حملة مبارك تأخذ فى تقديرى درجة عالية جدا . لمسة احترافية واضحة ، ثيمة واضحة المعالم لكل
الإعلانات ومفردات الحملة ، حتى فى حروف الكتابة وصورة جديدة ومميزة للرئيس
خاصة لهذه الحملة ، شعار بسيط من ثلاث كلمات فقط الأولى منها تشير من طرف
خفى لتفاهة الديدان المنافسة ، موقع لا بأس به على الإنترنيت ، ملحق
شامل وافى للبرنامج بطباعة أنيقة وزع مجانا اليوم مع جريدة الأهرام يجعلك ربما
تهتم بالاحتفاظ به ، تدقيق فى التفاصيل بما فيها حتى انفرادهم بالحرص على
العبارة شبه القانونية ‘ إعلان مدفوع … ’ ، التى تذكرنا
بحملة بوش وكيرى الأخيرة حين فرض على المرشح التوقيع على كل إعلان بأنه معتمد
منه ، وهكذا ( ربما أيضا تذكرنا بها كذلك صورة الرئيس بدون چاكيت ،
بقميص وربطة عنق فقط دليلا على الحيوية والنشاط ، أو حتى يذكرنا بها الخط
السميك الذى كتب به اسمه والشرطة المنطلقة لأعلى من تحت الاسم بقوة وانسيابية
معا …إلخ ‑انظر ما كتبناه فى حينه عن حملة بوش‑تشينى 2004 ) . بعبارة مختصرة ، شغل على ميه
بيضا زى ما بيقولوا ، بحيث يمكن الزعم بأن أصبح لدينا فى مصر كارل روڤ صغير كده
على قد الحال . اسمه إيه ؟ ما أعرفش ، جايز مستورد من بره ،
أو جايز محلى وأول حرف فى اسمه جمال ! وده كمان يؤشر لأن رئيسنا التالى
هيتعمل لنا برضه على ميه بيضا ، بنفس الطريقة الاحترافية الأنيقة إللى فيها
شىء من احترام عقل الزبون . اسمه إيه ؟ برضه ما أعرفش ، بس برضه
جايز أول حرف فى اسمه جمال ! ( على فكرة جمال اسم جميل المفروض حتى
ينفع للبنات ، هو بس ما توسخش إلا لما واحد من قرية بنى مر فى أسيوط سمى
ابنه بيه . أما جمال مبارك فهو اسم أحلى وأحلى ، Blessed Beauty ، ب . ب . على وزن بريچيت باردو . موش قلت
لك اسم حليوة وآخر جمال ! ) . خد عندك مين فى المقابل : البلشڤى نعمان إيليتش جمعة ألف شعار وألف صورة وألف شكل ، كل واحد منها بيخبط فى
التانى ، وطبعا كلها شتيمة فى مبارك موش أكتر ، الدعاية بالسلب يعنى
( زهقنا ، شبعنا ، كفرنا ، طهقنا ، اتخنقنا ، أيمن هجايص ( أو جايز أيسر هجايص تكون أدق شوية ! ) ، حاجة
ما فيش بعد كده ، هو بتاع المعسول ده . بيقول كل حاجة فى كل
اتجاه ، وكمان لو تحب فى كل اتجاه عكسه . الأدهى أنه راح الصبح بدرى
يتزاحم قدام اللجنة علشان يسرق الهلال شعار الحزب الوطنى ، ولما لقاه اتاخد
سرق شعار الوفد ( النخلة وساب لهم الشعلة لأول مرة فى تاريخهم البلشڤى
الطويل . بس على فكرة جايز يكون عمل فيهم خدمة كده ، الشعلة كويسة
برضه ، وتاريخها كان ماشى خطوة خطوة مع المطرقة والمنجل ، إنما إيه
النخلة دى ، هو إحنا ع البحر ؟ ) . يعنى ! حاجات
كده ، فاكر أنه لما يسرق الشعار هيسرق معاه شوية أصوات من الجهلة إللى ما
يعرفوش يقروا وبيحطوا العلامة على الصورة ! بالذمة ده راجل محترم ؟ الباقيين ، هو فيه باقيين ؟ دول لهفوا نص المليون وقالوا يا
فكيك ! أنا موش فاهم أصلا سبب محترم لأن
أى حد يرشح نفسه ، ناهيك عن أنه يشتم ويطول لسانه . كل الأسباب غير
محترمة . إذا كان كل أغنيا البلد وفلوسها فى الحزب الوطنى ، وطول
عمرهم ما دخلوا أحزابكم ، أنتم فاكرين ممكن تكسبوا إزاى ؟ أنتم حتى
موش الأخوان تقدروا تودوا الناس الجنة أو النار . بخلاف العشرة مليون إللى
ممكن يقبلها رسمى كتبرعات ، الشوارع مليانة بـ 100 مليون جنيه يفط لمبارك
ما دفعش فيها ولا مليم ، وفى المقابل ما فيش ولا واحدة لكم . ولا
عاوزين تمنعوا الناس دى تقول رأيها كمان ؟ هو الحياد معناه عندكم أن كل
الناس تسكت ؟ معناه ما حدش يروح اللجان إلا أنتم ؟ هو إللى بتجيبهم
الحكومة بالباصات م المصانع والمصالح بتقف على إيدهم وهم بيكتبوا . أو هى
جايبه أعضاء الوطنى بس ومنعت الباقيين . ولو حصل وما جابتش حد هتقولوا هى
موش عاوزة حد يدى صوته . الحياد
معناه ببساطة أن الحزب الوطنى يقف على الحياد وما يرشحش حد ! نسيت أقول إن اتفاق مبارك مع قناة
دريم الخصوصية لنقل وقائع حملته الانتخابية ، كان خبطة معلم ما فيش
كده ، كأنه بيقول للمرشحين عاوزين تليڤزيون الحكومة خدوه ، بلوه
واشربوا ميته ! وأنا كمان بأقول لكم حلال عليكم التليڤزيون يا
أعمامنا . طول عمركم تقولوا لو خلونا نرشح نفسنا هناكله . لو خلونا
نظهر فى التليڤزيون هنمسحه . للأسف ، أنا موش شايف ولا حاجة
حصلت ! … ما علينا ! بكده أفتكر نكون جاوبناك على سؤال الـ 54 بليون
عسل بتوع مسيو هجايص ، وعلى كل واحد يقول لك تنمية ويضحك عليك وهو ما
عندهوش أى فكرة عن أى حاجة ، أو يقول لك حريات سياسية وهو عاوز الكرسى
علشان يسرق موش أكتر ، أو عاوز يطلق من السجون 40 ألف إرهابى ملتحى مسلح
لشوارعنا . صحيح مبارك بيستلف علشان قلة الأدب إللى اسمها التعليم
والدعم ، وموقع حملته على الإنترنيت
جه ينفى الاستلاف فاعترف به ، لكن كل ده كوم وأن واحد ييجى يقول لك 54
بليون علشان بند واحد ، وبند مستحدث بالكامل ، زائد طبعا كل البنود
القديمة مستمرة زى ما هى أو جايز أكتر ، ده كوم تانى . سامحنى ،
كلمة هجايص قليلة ، دى سفالة واستخفاف بعقول الناس ! آسف ! الظاهر أنا كمان ابتديت
أهجص فى الكلام ! خلينا مؤدبين شوية ! مساء الخير يا أستاذ نور .
إيه رأيك يا عم تاخد منى البرنامج ده ، بيع وشرا . خد 18 نقطة كتبتهم
لك زى الفل ، وإدينى الـ 3 بليون جنيه عن كل نقطة ، بدل ما تديهم
للعطلانين الخاليين شغل . وبعدين البرنامج ده حل مشكلة البطالة وتأميناتها
من بابها . إللى عاوز يؤمن على نفسه من البطالة يروح شركة تأمين .
كمان السكان هيبقوا 10 مليون أو عشرين ، دخل الواحد 50-60 ألف دولار فى
السنة وموش محتاجين أصلا لإعانة بطالة . أقول لك : بلاش ! موش ها
أزعلك ، أنا قلبى انفتح لك ! نقسم أنا وأنت بالنص ، أنت 27 بليون
وأنا 27 بليون . قلت إيه ؟ آه ! الظاهر ما حدش عاوز
يدفع . فيه طريقة تانى . هات أنت ودنك ! تفتكر لو رشحت أنا نفسى
بالبرنامج ده آخد كام صوت ، كمان مع ملاحظة أن الشباب هيفرح بحكاية الجنس فى الشوارع وهيفرحوا بإلغاء
التجنيد وبحاجات كتيرة ممكن أفرقع بيها حملة أسخن من حملة صاحبك ؟ بس كمان تفتكر لو نجحت ها أقدر أنفذ بصحيح كام واحدة م الـ
18 ؟ آه تانى ! ( هات ودنك
برضه ) : الكلام كده طلع بره الموضوع خالص ! السؤال ده إجابة على
سؤال تانى تماما ، سؤال اسمه سؤال
الچيينات : هل الإصلاح ممكن من الأصل
لهذه الشعوب أم لا بديل سوى العلاج
النووى ، زى ما بيقولوا بتوع السرطان ؟ ! ] . [ تحديث : 9 سپتمبر 2005 : يقولون
إنها مفاجأة أن يتفوق أيمن هجايص على نعمان إيليتش جمعة ويحقق ثلاثة أضعافه فى النتيجة .
كمان بيقولوا الأخوان مشيوا فى سكة
هجايص من تحت لتحت ، وهم سبب نص المليون صوت . الأخوان دول قصة
لوحدهم . أنا شفت حسام البدراوى بيتحداهم يوم الانتخابات على شاشة ‘ العربية ’ ،
أنهم كان ممكن يؤيدوا أى حد من التسعة لو عاوزين ويوصلوا للحكم فى 24
ساعة ، يقصد أن لو هم بالوزن المزعوم . الحقيقة فيه واحد اسمه الشيخ شلتوت بن الملتحى
كان ينفع جدا وحاول فعلا اللعبة دى . فى البداية قال للمذيعة إنه ممكن يسمح
لأميركا تحتلنا . ولما صدمت وملأ الهلع وجهها قال مهدئا إياها إنه هيقنع
أميركا أولا بالإسلام . المسكينة المذهولة سألت باستنكار برضه ‘ وافرض
ما اقتنعوش ؟ ’ ، قال لها أنه هيقنع الموجودين فى مصر كفاية .
فسألت تانى وبنفس الذهول ‘ افرض ما اقتنعوش ؟ ’ ، قال يبقى
ليس لهم حقوق . للأسف لم أشاهد شخصيا هذه اللحظة التليڤزيونية
النادرة ، التى يقال إنها جاءت على شاشة دريم ، لكن روتها لى سيدة
مسيحية متوسطة الحال ما حدش له حقوق + نشر الإسلام فى
أميركا ، موش هو ده برضه برنامج القرضاوى ، ولا أنا غلطان ؟ مع ذلك
الأخ بن الملتحى ما أخدش ولا صوت تقريبا . برضه موش ها أقول الشعب
ناضج . بالعكس ، لا زلت أقول إن التهييج الغوغائى إللى عمله الشيخ
هجايص أو حاول الأخ شلتوت يلعب عليه ، كان المفروض يجيب أصوات أكتر من كده
بكتير . وفى أى مرة تانى ممكن يجيب أكتر . لا يجب الاستهانة
بالتحريض ، فهو لا يزال وسيظل شيئا فعالا جدا . إن الانسياق وراءه شىء
فى چييناتنا كساميين ( انظر الثقافة ) ،
وكفاية أصلا أن هجايص فاز بنص مليون صوت . هى دى قليلة ؟ تخيل أن
عندنا نص مليون انتحارى مستعدين لأى حاجة ، مستعدين يودوا كل الـ 80 مليون
فى داهية ( اعتقادى الشخصى أن ربما صوت له الأخوان فعلا ، لكن المؤكد
أن غالبية نصف المليون هم شباب عاطل جرى وراء الهيجان إللى حاول هجايص
عمله ، وبالذات لأنه شاب زى ما بيقولوا ولأنهم يكرهون فى مبارك صورة سلطة
الأب ، وطبعا على الأقل جريوا ورا حلم الـ 150 جنيه ! ) . ما أردت قوله إن الشعب رفض الديدان التسعة رفضا سافرا ليس نضجا
منه ، فقط كل ما هناك أنه بس خايف م المجهول إللى كل واحد منهم وعده
بيه . هجايص عاوز يقطع الغاز عن إسرائيل ( بيفكرك بواحد قطع
المضايق ، وإن كان للحق طول عمره ما قال على نفسه أنه
ليبرالى ) ، ودودة تانى بيقول إنه هيعمل سلاح نووى ، وكلهم ضد
الخصخصة ومع عودة القطاع العمومى ولو كانوا يقدروا يقولوا التأميم كانوا
قالوا . وهاتك يا أفكار ، كلها بالهبل حاجة ببلاش كده ، بس لو عند
الواحد وقت يقرأ أو يتفرج على دريم ! أما مبارك الذى
حصل على 12 صوت بالتمام والكمال نظير كل صوت لهجايص ، فلا كلام جديد يقال
( باستثناء التهنئة الواجبة طبعا ) ، سوى أن مستويات البورصة
شهقت لأرقام قياسية أول أمس وأمس على التوالى ، وستأتى قطعا بالمزيد حين
تفتح من جديد يوم الأحد ( ومن الجائز أن نقرر
احتفالا بالمناسبة أن نضع صندوقا صغيرا فى جانب كل صفحة فى الموقع يقدم أحدث
أرقامها وأرقام بعض أهم ما يسمى بالعربية صناديق الاستثمار mutual funds أو بعض الأسهم المهمة ) . المستثمرون الذين تهافتوا
على البورصة منذ صباح الأربعاء لم يفعلوا ذلك حبا فى الديموقراطية ( فهم
حسبما يقول التاريخ يفضلون عليها ألف مرة ديكتاتورية
پينوتشيت وعسكر النمور الآسيوية ) ، ولا طبعا تصديقا منهم لبرنامج
مبارك الاشتراكى المتطرف ، ولا حتى لمجرد أنه أقل تطرفا من التسعة
الباقين ، إنما فقط لأن نتيجة
الانتخابات معناها أن جمال مبارك وفريقه مستمرون فى الحكم ، وأن سياسات الاقتصاد المفتوح ( الموارب جدا فى رأينا نحن ) ، سوف تستمر . وكل سيرك وأنت طيب ، قصدى كل
هجايص وأنت طيب ! ] . 26 سپتمبر 2005 : ‘ لماذا تريدون أن تنفرد مصر دون
غيرها باثنتين من عجائب الدنيا : الأهرامات والقطاع العمومى ؟ ’ ، هذا ما جاء بجريدة الأهرام اليوم على لسان
محمود محيى الدين وزير الاستثمار ، الذى أكد من جديد أن كل شىء فى مصر ستتم
خصخصته . أنا أحب هؤلاء الناس . أحب زلاقة اللسان من هذا النوع .
ليس فقط لأنها دليل ثقة ومعرفة عما يتحدثون ، وليس فقط لأنها دليل عزم
وتحدى ، إنما لأنها أيضا مفيدة من الناحية العملية المحض . حين تكون تخطط لتطبيق الرأسمالية وتجاهر بهذا
سيثور ساعتها عليك الناس لسبب واحد أنها ستؤدى لموت الكسالى والفاسدين .
لكن حين تكون تخطط لتطبيق الرأسمالية وتظل ترفع شعارات اشتراكية أملا فى تسكين
الحال وكسب الوقت ، سيثور ساعتها عليك الناس لسببين : أنها ستؤدى لموت
الكسالى والفاسدين ، ولأنك خدعتهم . ديدان المعارضة يطالعونك كل يوم بقصائد الإشادة
بالقطاع العمومى وبالهجوم على الخصخصة . يقولون لك هذه الشركات تساوى ذهبا لكنها تباع برخص التراب . تقول لهم إنها شركات خاسرة ، لا أحد يشترى شركة إلا
بناء على ربحيتها ، أو لو أن لديه أفقا لتثويرها بالكامل . وشركة
خاسرة ثمنها يساوى صفرا ، ولا يصبح لها ثمن إلا حين تهدم ويسرح شغيلتها
وتباع أرضا خاوية . يقولون لك الميزانيات تظهر أرباحا ، ترد قائلا أنى
كنت نفسى مهندسا فمديرا بإحدى تلك الشركات ، وفعلا كنا نظهر نصف مليونا
ربحا كل سنة . هذا بينما المنتجات يأكلها الصدأ فى المخازن وتكتسح السوق
منتجات أرخص مستوردة أو حتى صنع قطاع خصوصى محلى . والحقيقة أن لم يكن
بوسعنا إلا أن نظهر الخط الأخير فى الميزانية بالأسود ، وتحديدا 500 ألف
جنيه سنويا لا تزيد ولا تنقص . ذلك لأسباب كثيرة أبسطها تماما أن لو اتضح
أن الشركة خاسرة يجب أن تسحب من العمال كل ما أخذوه من حوافز طيلة السنة والتى
تسمى رسميا سلفة ، وهى كما تعلمون تمثل نحو ثلاثة أضعاف راتبهم الأساس أو
ما شابه . تسألنى من أين كنا نأتى بتلك الأموال ، الإجابة البديهية
بالطبع هى من البنوك . ثم ترى ديدان معارضتنا : أولا : يتباجحون
بغباء ووقاحة أن القطاع العمومى يكسب ويقولون هذه هى الأرقام ، بينما هذه
هى حقيقة المكاسب الورقية التى تكتب بقرارات سياسية لتحاشى ما هو أسوأ .
وثانيا : يقيمون الدنيا ويقعدونها عن نهب بعض رجال البيزنس للبنوك ،
بينما الحقيقة أن من نهب البنوك وأركعها حقا ليس القطاع الخصوصى ، إنما
القطاع العمومى . أما هؤلاء الهاربين فلم يكن الفرار بمائة مليون كمعاش
يقضى به بقية حياته ، هو حلمه أو طموحه بالمرة . إنما كان الحلم
الأصلى لكل منهم أن يصبح إمپراطورا صناعيا داخل مصر يحكم وينهى بمصائر آلاف
الناس ويكتب اسمه على كل الشوارع ومحطات التليڤزيون . وما حدث ‑ولا
نقدم أعذارا لأحد‑ أنه أخطأ حسابات الجدوى الاقتصادية ، أو فوجئ
بشراسة المنافسة العالمية ، أو طبعا قصمت ظهره البيروقراطية والضرائب
والرشاوى الإجبارية … إلخ . ثم تروى لهم قصة أخرى سمعتها مؤخرا حين تقول لهم هذا لا يجدون ما يقولونه سوى ذات
القرص المشروخ الفساد هو أس البلاء ، وكأن هؤلاء الفاسدون قد هبطوا على
شعبنا من المريخ ، أو كأن بيننا ملائكة لكننا لا نعرف أسماءهم كان يجب أن
يناط بهم إدارة تلك الشركات . بينما الحقيقة البسيطة التى لا يفهمونها أن
الفساد هو مكون أصيل فى النظام الاشتراكى ، أو نظام البعد الاجتماعى حسب
اسم الدلع ، وأنه نتيجة لأشياء وليس سببا لأى شىء . لا سلطة دون فساد ،
هذه ساطرة عامة . وهنا تروى لهم قصة ثالثة ، عن نفس شركتى حيث كان لنا
سلطة أن نمنع استيراد أى منتج يشبه منتجاتنا . تذهب للجمرك فى الأسكندرية
لتعاين الحاويات ، وتستبعد ما يشبه منتجاتنا . لكن سرعان ما تكتشف أن
العملية ليس بهذه السهولة ، يأتيك المستورد لمنزلك ولا تعرف من أين حصل على
العنوان ، ومن خلفه عشرة من أقاربه أو معاونيه ، وأيضا لا تعرف
لماذا ، هل كى يوسعونك ضربا إن احتاج الأمر ، فإما أن تقبل الرشوة
وإما … . ولا أعرف ما بعد إما هذه ، ففى حدود علمى شيئا لم يحدث لأى
من زملائى . مهما تكون ‘ شريفا ’ النظام system أقوى من كل شىء .
ثم لو دققت فى الأمر ، تكتشف أننا نظلم أنفسنا ، فالمعدات المستوردة
تلك أرخص وأفضل ، ويمكن أن تفتح آفاقا للشغل والإنتاج والتنمية فى
البلد ، نسدها نحن على أبنائنا بمصانعنا البيروقراطية السلطوية
الفاشلة . أما الحكومات غير الفاسدة ، كأميركا والياپان مثلا ،
فهى شىء آخر جذريا . حكومات صغيرة الحجم جدا ، لا تكاد تتدخل فى
الحياة الاقتصادية ، تستقطب أفضل الكفاءات لهذه الوظائف المحدودة وتفصلها
بكلمة لو شاءت . ثم أنها لصغرها ولتحدد مسئولياتها يسهل حتى مراقبتها بفرض
أنها فى حاجة للمراقبة أصلا .
ببساطة أيها السادة ،
الشركات إما أن تدار بالبعد الاجتماعى كجمعية خيرية ، وإما أن تدار على أسس
اقتصادية محض لا ترحم ، تجارى التطور قدر الإمكان ، تسرح العمال كلما
لزم الأمر ، وتغلق المصانع نفسها إن فشلت على المنافسة . فكرة أن
تحافظوا على شركة ما إلى الأبد هو هراء كامل لم يسمع به تاريخ الاقتصاد .
أن تفتح مصنعا وتجبره على النجاح للأبد وهم مطلق لا أكثر ، وأميركا نفسها
لا تستطيع أن تصنع من الإبرة للصاروخ وأغلقت مصانع سياراتها وغير سياراتها
يوما ، وحتى اليوم لم تصنع لا التليڤزيون ولا الڤيديو ولا كل
ما شابه إنما تستوردها من الياپان . التقنية يا سادة ، تزيح الإنسان
إلى خارج أنشوطة العملية الإنتاجية طوال الوقت . السنترالات الكهربية سرحت
الملايين من عاملات توصيل المشتركين ببعضهم البعض ، ماكينات الصرف الآلى
سرحت الملايين من موظفى البنوك ، دع جانبا شغالات الغزل والنسيج
والحياكة ، فمع أى الخيارات يقف قطاعكم العمومى ؟ ببساطة لو أخذنا
أفكاركم الحمائية على محمل الجد ، لما عرف كل التاريخ الطبيعى انقراض عشيرة
بيولوچية أو عرق أو شعب أو طبقة أو حتى مهنة ما . ببساطة أكبر ، القوا
هؤلاء للشوارع ، سيكافحون ويبدعون أو بالتعبير المصرى
‘ هيتصرفوا ’ ، لكن أن تبقوهم خشية أن يتحولوا لإرهابيين ،
فتوزيع الفقر على الجميع سيجعل يوما كل الشعب إرهابيين . هذه كلها ليست إلا
أحد قوانين أمنا الطبيعة التى لا يفهمها اليسار الإنسانى ، ممن ترعبهم فكرة
الانتخاب الطبيعى التى تنحاز طوال الوقت للصفوة وللصفوة فقط . لا يعجبهم أن
تقول لهم إن كل الأعراق تتناقص إلا السود والمسلمين ، ذلك إما طبيعيا وإما
قسرا بحكم القانون كما فى الصين . لا يعجبهم أن تقول لهم إن فى عالم ما بعد‑الإنسان ، التقنية تجعل البشر
كرات دهن عديمة الجدوى مقززة . لا يعجبهم أن تقول لهم إن حفاظنا على البعد
الاجتماعى يعنى تشجيع الفقراء على إنجاب المزيد من الفقراء ، ومن ثم زيادة
الفقر ( ولا أفهم أى هدف لهذا فى كل ما أسمع سوى هدف واحد هو أن يباهى بهم
الرسول يوم القيامة ) . وطبعا لا يعجبهم أن تقول لهم إن أضعف
‘ الإيمان ’ فى كل هذا هو إلقاء القطاع العمومى إلى مزبلة
التاريخ ، ودونه لا أمل مطلقا لأى شعب فى التقدم . هذا يعيدنا لكلام محمود محيى الدين .
بصراحة ، وبغض النظر عن ثقتنا الصغيرة فى نجاح ما يجرى حاليا وثقتنا
الكبيرة فى أن شعبنا العظيم سوف يجهضه فى اللحظة المناسبة ، فإننا نقول
للتاريخ والحق إن محمود محيى الدين بالأخص ، هو أكثر من فى فريق جمال مبارك
ممن يمكن أن يذكرنا بفريق صبية شيكاجو الشهير الذى صنع نهضة تشيلى پينوتشيت الشهيرة العظيمة ،
جرأة ورؤية وعزم . تحية ، ولا نقول أكثر من لننظر لنصف الكأس
المملوء ، وإننا لفى انتظار الجديد والمزيد من الاصلاحات الأكثر
جذرية . اكتب رأيك هنا
14 نوڤمبر 2005 : منذ خروجه من السجن ، وعصام العريان يمثل
ظاهرة إسهالية غير مسبوقة فى الإعلام المصرى والعربى ( لسه
من شويه كاتبين النهارده فى صفحة الثقافة
عن قناة الجعيرة وعن مؤتمر تونس بتاع المعلومات ، والظاهر الأخوان عاملين
إسهال فى كل حتة ، باعتبار سكة أبو زيد كلها مسالك ! ) .
بسلامته العضو الأخوانى البارز يبشر بشىء اسمه الإسلام الحضارى ، شىء
يتسع لكل الأديان والأفكار وهو الحرية المطلقة التى لا توجد حتى فى محلات
سينسبيرى ويست إند لندن نفسه . مبدئيا نحن ليس لدينا مشكلة مع ظهور إسلام
حضارى وإسلام بالصلصة وإسلام بالبشاميل وإسلام بالكريز ( فاكر ؟ ) ، فكلها
أرحم من الإسلام الإرهابى الذى لا نعرف سواه . وسنسير فى السيناريو
لمنتهاه . سنفترض الصدق المطلق للسيد العريان . ما سيحدث هو أن سيفوز
الأخوان بـ80 أو 100 مقعد فى البرلمان الجديد ، ثم يحققون الأغلبية ويمسكون
السلطة فى الانتخابات التالية ، ويبدأون فى تطبيق إسلامهم
‘ الحضارى ’ .
هم كما افترضنا صادقون ، لا تقية ولا كذب ولا
مراوغة ، فقط صدق وحب وإخلاص كما الملائكة . أيضا سننحى جانبا أن من
نسمعه منهم يلفظ بكلمة حضارة وحضارى هو عضو واحد فقط اسمه عصام العريان ،
بينما الـ 750 ألفا الباقون فإما صامتون تماما لا يظهرون للإعلام ، وإما
يجوبون الشوارع شاهرين السيوف فى وجه المصوتين فى الانتخابات وتغتصب ميليشياتهم
المقاعد الانتخابية اغتصابا بالعنف والبلطجة ، وبتواطؤ صريح للغاية من قضاء مصر الشهير بالشامخ
الذى ‑والحمد لله‑ متأسلم بالكامل تقريبا منذ أيام طارق
البشرى ، والذى هو طرف أصيل وصريح فى المعركة ولا يصدق أحد أنه
محايد ، بل ووصل فى هذا لمرحلة متقدمة جدا من اللعب ع المكشوف ، أقلها
الحكم بكل صراحة بالشريعة وليس بقوانين الدولة المصرية الرسمية . المهم ، سيؤسس الأخوان دولة بها كل الحريات
تقريبا ، فنحن لسنا سذج على أية حال ونتوقع أن يسمحوا بالحريات الفردية
كالجنس والخمر والقمار . بما أنهم ‑بالذات العريان‑ بدركون أن
ثمة ظروف دولية اسمها الاستكبار العالمى لن تسمح لهم بفعل أكثر مما فعله فرعهم
فى تركيا ، فإنهم
سيحاولون الانخراط فى الاقتصاد العالمى ، ولن يفرضوا الجزية ولا الحجاب على
المسيحيين ، بل ربما حتى يواصلون توطيد العلاقات مع إسرائيل انتظارا لحلم
أن تحقق الصحوة الإسلامية يوما وعلى نار هادئة ‘ لا تسعى للصدام ’
و‘ لا تستفز أحدا ’ ، تحقق ذلك ‘ التوازن الستراتيچى ’
المفقود مع ‘ الكيان الصهيونى ’ . كما ذكرت لن أقول إنها تقية
وكذب ، إنما صدق وحسن نية ، وأن مخالطة العريان وأخوانه للمسئولين
الحكوميين وللمثقفين العلمانيين وللوفود الأميركية والأوروپية ، سيفتح
عقولهم ويجعلهم ينسون معظم ما تعلموه على يد قادتهم الأشاوس محمد بن عبد الله
وحسن بن البنا وسيد بن قطب ، وسنفترض أن الأخوان المسلمين اقتنعوا فعلا تحت
قيادة عصام العريان بشىء اسمه المواطنة لأهل الذمة ، وبشىء اسمه معاهدة
السلام مع إسرائيل ، وبشىء اسمه تداول السلطة ولعبة الديموقراطية ،
وأنهم لن يقولوا ساعة فوزهم ولا فى أية ساعة إن بما أن الحكم للشعب فها هو الشعب قد اختار أن الحكم لله وليس
له .
هذا كله سيناريو لا بأس به ، ربما أسوأ قليلا
من الوضع الحالى بالذات لعشاق الخمر والنساء والفرفشة من أصدقائى ، لكنه
ككل ليس كارثيا جدا ، مثلا كسيناريوهات طالبان أو الخومينى أو الترابى أو
بتوع الجزائر . فقط هناك مشكلة واحدة فى كل هذا
السيناريو ، مشكلة تناساها الجميع ، مشكلة اسمها القرآن الكريم !
( مبدئيا أو للإيجاز انظر الصندوق المجاور
المستجلب من صفحة الحضارة ،
فقط مع ملاحظة أن الاسم الموجود فى الفقرة الأولى كان أصلا لفضيلة الشيخ
القرضاوى ) . حين يتحقق ذلك السيناريو الوردى
‘ العريانى ’ الذى لم يتحقق للحظة واحدة طيلة 15 قرنا منذ خرج جراد يثرب من يثرب واحتل مكة ومن بعدها معظم
المعمورة ، حين تتحقق يوتوپيا توماس مور الجديد تلك ، ما سيحدث ببساطة
هو ما يلى : سيخرج عضو صغير من الجماعة يشهر المصحف أعلى رأسه ليقول للأخ
عصام : أنا لا أفهم ماذا تفعل
يا أخانا . ما أفهمه أنه لا يوجد إسلام حضارى وإسلام بالبشاميل ، فقط
الإسلام هو الإسلام ، إسلام الناسخ المحدد لا المنسوخات الوفيرة ،
إسلام سورة التوبة وآية السيف لا إسلام أشعار جبريل الرومانسية المطولة أيام
الاستضعاف ، إسلام الحاكمية للخالق لا للمخلوق ، إسلام الجزية والخراج
والذمة ، إسلام ‘ عن يد وهم
صاغرون ’ و‘ سبحان الذى سخر لنا أينستاين وما كنا له
مقرنين ’ ، إسلام إرهاب عدو الله واقتلوهم حيث ثقفتموهم لا إسلام هراء
‘ لكم دينكم ولى دين ’ و‘ جادلهم بالتى هى أحسن ’ ، إسلام
الاسترقاق والاستحلال والتقتيل لا إسلام الاستضعاف و‘ السماحة ’
و‘ الصغار ’ الذى لا يليق بجند الله خير أمة أخرجت للناس ، إسلام هو الإسلام
الصحيح الوحيد مغلق الأضلاف كاملا قد اكتمل ولن
يقبل من كائن من كان سواه يوم القيامة . هل كنت تعتقد أنك يمكن أن تفلت
يوما يا أخ عريان بنظرياتك من شىء اسمه القرآن الذى ما هو بكلام بشر ولا حتى
كلام محمد إنما كلامه سبحانه وتعالى شخصيا ؟ ! المهم الإسلام نفسه ، أو
بالأحرى المهم چيينات العرق الذى اخترعه واخترع معظم الأديان ، وسيخترعها
من جديد لو حدث وحرمته منها . سواء كان الأخوان صادقين أم كذابين ، لا
وجود لشىء اسمه إصلاح دينى . فاقد الشىء لا يعطيه ، لو كان محمد يرى
الإسلام ليس هو تلك السفاسف الشرعية المضحكة لما أسهب بتلذذ فى الكلام
فيها ، لو كان يرى الإسلام روحا لا نصا لكتب القرآن على نحو مختلف كلية ، أما
التكفير والتقتيل والاستحلال والاسترقاق فهى أكثر جوهرية من أن يستطيع حتى هو
نفسه العدول عنها ، هذا بعد ‑ولا غرابة بالمرة‑ أن جعلها غاية
رسالتة وذروتها وعلامة ‘ اكتمالها ’ .
هذا
هو السيناريو غير اليوتوپى بالمرة ، سيناريو معهود جدا لدرجة الملل وتكرر
ألف مرة على مدى 15 قرنا وأكثر من عشر مرات أمامنا نحن أبناء هذا الجيل
وحدنا . ثم يحدثونك عن أننا جربنا الليبرالية وجربنا الاشتراكية وبقى أن
نجرب الإسلام ، والسؤال البرئ ماذا بحق الجحيم كنا نفعل إذن طيلة 1500 سنة .
وطبعا متناسين أن تخريب تجربة الليبرالية الواعدة كان متعمدا وتم على أيديهم هم
تحديدا زائد أيدى شركائهم البلاشفة والعربجية أمثال سعد زغلول وجمال عبد
الناصر . أيها السادة الشىء الواحد الوحيد تحديدا وعلى سبيل الحصر
المطلق ، الذى لم نجربه هو فقط وفقط جدا الديكتاتورية اليمينية .
ولسوء حظكم وحظنا أنه عينه الشىء الواحد الوحيد تحديدا وعلى سبيل الحصر
المطلق ، الذى ، ولو لمرة واحدة فى القرن العشرين ، لم تقم قائمة
لنهضة فى العالم الثالث ‑أو حتى دول الساحل الجنوبى لأوروپا ( أو حتى
يمكنك إضافة ياپان وإيطاليا القرن التاسع عشر وألمانيا القرن الثامن عشر لو
شئت ) ، لم تقم قائمة لأية نهضة من الصفر بأية طريقة غيره أيا ما
كانت ، وأيضا فقط وفقط جدا وعلى سبيل الحصر المطلق . إنه نموذج الحكم
العسكرى العلمانى الذى يقود شعبا من عصر ما قبل الصناعة إلى عالم الحداثة
والتقنية ، يفرض الاقتصاد الحر فرضا ، يلغى الأحزاب والنقابات ،
يعدم أعداء الحرية ، يطلق الحريات الشخصية للأفراد ، ويضع بلاده فى
حلف صريح مع الإمپريالية الأميركية ، والقائمة التى تحمل نحو عشرين اسم
دولة ، متاحة لمن يريد ، آخرها لو كنتم لا
تذكرون ، عسكر نمور آسيا فالچنرال پينوتشيت . من السفالة المطلقة هنا
أن يعول الشيخ العريان على ضعف ذاكرتنا ، بينما مصطلح ‘ الإسلام
الحضارى ’ تحديدا الذى يبشرنا به ، لا يزال يرن فى الآذان ، إن
لم يكن لا يزال يردده حتى اليوم حسن الترابى ، ونتائجه على الأرض أبلغ من
كل كلام . ذلك السيناريو غير اليوتوپى
بالمرة ، يقول إن لا مكان لمستحضرات التجميل فى الإسلام أو فى كل الأديان
عامة ، فميزة أو مشكلة الإسلام بالذات ، أنه دين رائع وشديد
الدقة ، من حيث النصوص هو أكثر تحديدا ووضوح رؤية بمراحل لدى المقارنة بأى
دين آخر سابق عليه ، والوحيد بينها الذى أدخل مبادئ النسخ والانتساخ
والاستنساخ بدلا من ترك الأشياء
المتناقضة تتجاور جنبا إلى جنب وتثير سخرية الناس . يمكنك أن تنساه أو
تتناساه عقودا أو حتى قرونا ، لكن بمجرد أن يعثر شاب صغير على كتاب مهمل
اصفرت أوراقه ويأخذ كلامه على محمل الجد ، حتى ينهار كل شىء ، أو
بالأحرى يستيقظ كل شىء ، ويضئ نور الإسلام الحق الأصولى فى لحظة ليكتسح من
جديد كل طبقات الصلصة والمايونيز والزواق .
غباء الحكومة سيظل السؤال
المحورى . أميركا لن تحمينا من الأخوان ولا من الإسلام . ناهيك عن
آلياتهم الداخلية ‘ الديموقراطية ’ وضخامة الطابور الخامس اليسارى وسط
صفوفهم مما يعرقل كثيرا التدخل الخارجى الحقيقى ضد دول التخلف ، أميركا
فشلت فى أى شىء فى العراق إلا إقامة حكومة إسلامية . إسرائيل ذات
الشىء . حتى هى فشلت فى أى شىء فى فلسطين إلا ترك حماس تقيم إمارة طالبانية
فى غزة وقريبا فى الضفة الغربية . هم فى النهاية پراجماتيون ، يهمهم
فقط أن تمضى عجلات اقتصادهم مع أقل قدر من المنغصات من جانب القراصنة وقطاع
الطرق ، لكن ليس أكثر . هم يئسوا من تحديثنا لسبب بسيط للغاية أن ‑ولأسباب
چيينية‑ تحديثنا أمر مستحيل . أما لو لزم الأمر مستقبلا وأجبرناهم
بقرصنتنا وقطعنا لطريق الاقتصاد العالمى ، على فعل شىء ما ، فإن خياراتهم
باتت محصورة أكثر من أى وقت مضى فى خيار واحد فقط لا غير ، هو القصف النووى
من الجو ، حتى لو كانت النتيجة صومال عاشر أو عشرين ينضم للصومالات الجديدة
فى العراق وغزة وغيرهما ، لا حل لها إلا المزيد من القصف النووى من
الجو . ما لم نحم نحن أنفسنا من أنفسنا لن يحمينا أحد . ما لم نبد نحن
إسلاميينا وقوميينا وشيوعيينا لن يبيدهم لنا أحد . ما لم نتبنى بصراحة
وبمجابهة مبدأ الحرية كل الحرية للحرية والموت كل الموت لأعداء الحرية ،
فالمستقبل أسود ولن ينقذنا منه أحد . البطش والقمع والقتل والتقتيل لأعداء
الحرية هو واجب منزلى لا فكاك لحكوماتنا منه ، كلحظة حقيقة طالما تملصت من
مواجهتها . والبديل الوحيد هو استمراؤها المخجل لذلك الانتحار البطئ على يد
الإسلاميين الذى تمارسه طوال الوقت ، وهذه الإنتخابات مجرد واحدة من
تجلياتها المؤلمة وفاتورة كان لا بد لها من دفعها يوما ثمنا لسياساتها
المتهادنة . لا مفر إذن من إعلانها حربا
علمانية صريحة ومجابهة . حتى لو ناصرت الحكومة أخف صور الإسلام ضررا ،
لنقل مثلا الإسلام الفرنسيسكانى الذى يمثله عمرو خالد ، فهى فى التحليل
الأخير تعطى فى كل الأحوال مصداقية للإسلام وتعزز الأطروحة الأساس لأشد المتطرفين
تطرفا ألا وهى كونه مرجعية أو ‘ الـ ’ مرجعية ، وكلها أمور
ستنقلب يوما لعنف وإرهاب حين يبدأ مثل ذلك الشاب وضع الإسلام الإصلاحى أو أى
إسلام على محك نصوص التكفير المحمدية واستحقاقات سورة التوبة التى نسخت كل
شىء . يا سادة ، الإسلام قنبلة موقوتة حرقت يد كل من عبث بها بدءا من السادات
وآل سعود مرورا بريجان وبلير ، وليس انتهاء بعصام العريان إن افترضنا فيه
فعلا حسن النية ، وهذا احتمال بعيد للغاية لا يتبناه إلا ساذج مثلى . … المشكلة التى قصدناها أن عصام العريان ( هذا
الذى عن له فجأة ‑سواء عن انتهازية أو عن قناعة‑ العودة بمصر
للإسلام الصوفى الدراويشى بتاع الطرق والموالد وتطويح الرءوس والأبدان والزار
وزوار الموتى وركاب المحمل ، أو قل الإسلام الفرعونى القبطى الأصيل لو جاز
التعبير ، الإسلام الذى طالما تعودته شعوبنا لقرون وقرون ، ذلك قبل أن
يطلعها الكواكبى ورشيد رضا والبنا وأمثالهم على الإسلام الجهادى الوهابى النجدى
المستورد ، الذى للحق بالمناسبة أكثر أصولية وأصالة من أى إسلام
آخر ) ، عصام العريان هذا الذى بدأ يزحف الشيب لوجهه لن يجد شيئا يرد
به فى تلك اللحظة على ذاك الشاب . فالإسلام فعلا لا يعرف البشاميل أو الكريمة ، ويعرف قط
الجهاد الدموى فى سبيل الله ، وأن ما النصر إلا من عند الله فقط لو عادت
الفريضة الغائبة واعتصم الجميع بالحبل الذى لا نجاة بسواه . ساعتها لن أستغرب أيضا إن لقى عصام العريان مصرعه على يد أحد أشبال
الجماعة بطعنة سيف ثالم فى الظهر ، ذلك قبل أن يسعفه الوقت ليشرح لهذا
العضو أن كلامه الكافر ذاك المنكر لعشرين ألف شىء مما هو معلوم من العقيدة كان
جزءا من سياسة عليا مرحلية ليس منوطا بمثله من الأعضاء الصغار فهمها ( حماس
‑فرع الأخوان الفلسطينى‑ تقول هذا بالفعل حرفيا الآن ، حيث
تتفاوض سرا على الاعتراف بإسرائيل وحدود 1967 وتظل تدعو علنا لإلقاء اليهود
بالبحر إن رفضوا الجزية والذمة فى ظل دولة الأغلبية ، دولة الإسلام .
والتبرير الذى يطرحونه فى تلك الاجتماعات المغلقة مع السلطة الفلسطينية أو مع
الوسطاء المصريين
أما ‑وطبعا بفرض أن بوسع
أى أحد حقا تحديد ما ينتويه تنظيم شديد السرية والمراوغة كالأخوان‑ لو شئت
الدقة فيما يريد عصام العريان فعلا ، أو ما الجديد فيما يطرح ، فهو
مبدئيا تبنيه للنموذج الإيرانى : ديموقراطية وأحزاب بشرط أن تدور كلها فى حدود
المذاهب الدينية المقبولة ، ومع وجود أهل حل وعقد يرقبون من بعيد ويصدرون
الڤيتو حين يستلزم الأمر . بل لعل الأمر أوسع من هذا بكثير ، هو
مستعد لقبول أى كل شىء تطرحه عليه ، مضيفا بصوت خفيض غامض النبرة عبارة
‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، متحاشيا بمنتهى الحرص الدخول
فى تفاصيل ما هى بالضبط قيم الإسلام تلك ، أهى استرقاق أم استحلال أم تقتيل
أم الثلاثة معا . إنه يقبل الديموقراطية ‘ فى إطار قيم
الإسلام ’ ، يقبل الفن ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، يقبل
المواطنة للمسيحيين ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، يقبل المساواة
للمرأة ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، يقبل حقوق الإنسان ‘ فى
إطار قيم الإسلام ’ ، يقبل الاقتصاد الحر ‘ فى إطار قيم
الإسلام ’ ، يقبل التعاطى مع إسرائيل ‘ فى إطار قيم
الإسلام ’ ، ولو سألته عن أى شىء فى الدنيا ستأتيك على الأرجح نفس
الإجابة : سيقبل الإلحاد ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، سيقبل
السياحة ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، وطبعا طبعا ‑وهذا ما
نعلمه ونلمسه علم اليقين من كل موقع نقابى أو غيره نشبوا فيه مخالبهم‑
ممارسة الفساد والرشوة والسرقة والنصب والمحسوبية جميعا ‘ فى إطار قيم
الإسلام ’ . حتى الحرية الجنسية والدعارة سيسمحون لنا بها ‘ فى
إطار قيم الإسلام ’ ، ونعم لا تعتقد أن هذه شىء صعب أو مبالغ فيه فى
ظل تلك التشكيلة الرائعة من عقود ‘ النكاح ’
المتاحة فى الإسلام التى تقنن أى شىء وكل شىء ، بشرط واحد أن يتم الأمر تحت
رعاية الكهنة وبعد دفع الأتاوة لهم . فقط المؤكد أن آخر شىء يمكن أن يسمح
لنا به ‘ دين الفطرة ’ هو تلك الحرية الجنسية البسيطة النظيفة العلنية
الشفافة والصادقة التى تعرفها وتمارسها كل الدنيا . وهلم جرا من المسموحات
والممنوعات ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ، أو قل بضربة معلم أو بخبطة
واحدة قبل عصام العريان كل شىء ورفض كل شىء فى نفس الوقت ، ليس بطريقة
إيران فقط ، إنما تحديدا بطريقة حليفها بشار الأسد الذى يرى أن الحياة كلها
مجرد تلاعب بالألفاظ أو لعبة كلام . هذا هو باختصار إذن إسلامه
‘ الحضارى ’ : مجرد لعب بالكلمات ، مجرد كذب مفضوح
( أيضا ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ ! ) . لكن
بكل أسف لا يزال بعض مثقفينا يتحدثون عن التغير الكبير الذى طرأ على خطاب
الأخوان ، ولا يعلمون أن المشكلة ليست فى الأخوان إنما فى الإسلام ،
أو بالأحرى فى الچيينات التى اخترعت الإسلام ، چيينات أمة العرق
السامى ، كما قلنا مليون مرة ! المخزى أنهم على الأقل شربوا
أكذوبة أن الأخوان آمنوا بالديموقراطية والأحزاب والتعددية متناسين التذييل خفيض
الصوت المعتاد ‘ فى إطار قيم الإسلام ’ . ولم يحدث أن سأل أحد
هؤلاء المثقفين أبدا كيف يمكن لأعتى غلاة التوحيد أن ينادوا بالتعددية ، أى
منطق أو منهجية أو اتساق يمكن أن يقبل هذا فى الفكر الدينى ، ناهيك عن أن
يجعله ينطلى على مثقفينا ، على نحو أقرب فى الحقيقة لمهزلة مثيرة للسخرية
والإشفاق . ألم يسأل أحد نفسه ، أليس الأولى بأولئك التوحيديين أن
يسمحوا أولا بتعدد الآلهة قبل أن يسمحوا بتعدد الأحزاب ؟ …
الحل ؟ معروف للكافة :
الاستئصال هو الحل ! على جمال مبارك أن يوقف المهزلة فورا . أن
يعلن تعليق العمل بالدستور ، أن يحل المجلس الجديد قبل تشكيله ، أن
يشكل مجلسا استشاريا من خبراء اقتصاديين يفهمون كيف يجب أن تصنع القوانين ،
وطبعا أن يجمع هؤلاء ثلاثة أرباع المليون من أعضاء الأخوان ويعدمهم دون محاكمة
وفقط من واقع كشوف العضوية ، فلا وقت للمحاكمات فى أشياء كلها استحقاقات
قانونية منسية وليس أكثر ، وحان أن يذكرنا بها مشهد ميليشيات الأخوان رجالا
ونساء التى تحاول الآن قلب نظام الحكم بالقوة من خلال صناديق الانتخاب .
أعدك أن سوق المال سيشهق ساعتها بدلا من تخبطه الحالى . وأعدك أن البيت
الأبيض الذى لا أحد فى المجرات السبع المحيطة بنا يفهم بعد كيف يفكر سادته
أصلا ، وهل يتوقعون مثلا أن يمنحنا مهدى عاكف حريات أكثر من حسنى
مبارك ، أعدك أنهم سيتخلون عن العبط الأمريكانى طويل التيلة لهم ،
وسيكبحون النزوع الانتحارى المجنون للحكام المحليين فى العراق ومصر والأراضى
الفلسطينية وغيرها لديموقراطية الملائكة يتفوقون فى محاكاتهم لها على المعايير
الغربية نفسها ، أو على الأقل سيشترطون عليهم أن تكون تلك الديموقراطية
علمانية خالصة ببرامج تناقش العقل لا تحرك الغرائز . ولأن من لديه عينان
للرؤية فسوف يرى ، أعدك أن أميركا ستطبق الكثير من ذلك بعد ما عانت من
جريرة ما بشرت به من حكم الجهلة ( التعبير لأرسطو ) المسمى
الديموقراطية فى تخلفستان وجهلستان وغبائستان ( هذه التى اخترعت لها اسماء
بالكريز والبشاميل أيضا مثل تسمية الشرق الأوسط
الأعظم ) ، رأتها وقد تجسدت على أرض الواقع ككوارث يستحيل حلها
إلا بالإبادة ، وأعدك أنها ستبارك كل تلك
الخطوات العنيفة لكن الضرورية من أجل حماية الحرية من أعداء الحرية ومصادريها
سواء باسم الدين أو القومية أو الاشتراكية . وحتى چيينيا أعدك أن تخليص
الشعب المصرى من أسوأ 750 ألف شخص فيه سيؤدى حتما لتحسين خصائصه الچيينية الكلية
ومن ثم تعظيم حظوظه فى دخول المستقبل على نحو أفضل كثيرا . ثم إن الأمر قد
ينطوى على قدر كبير من الرحمة . فهؤلاء المتدينون أناس مساكين يتلقون فى
الصحو وفى المنام تكليفات إلهية تمنعهم من التفكير فى تجاوز الشريعة أو من عدم
تطبيق حدودها أو من التخلى عن أرض الإسلام لليهود ، ومن مليون قيد وقيد من
هذا النوع وضعها لسوء حظهم إله سيكوپاتى سادى لم يخلق الجن والإنس إلا فقط
ليعبدوه ، ومن ثم علينا أن نريحهم من بؤسهم وعذابهم اليومى المروع
هذا ، بأن نقتلهم .
قد تقول لى إننى أبالغ كثيرا فى
رد الفعل . الأمر برمته لا يزيد عن زوبعة فى فنجال ، سينفض المولد
خلال أسابيع ، سيعود الناس للاهتمام بالأهلى والزمالك ، وسيحكم الحزب
الوطنى بأغلبية مريحة 80 أو ربما 85 0/0 من
الأعضاء ، وسيصدر كل قوانين الإصلاح الاقتصادى التى تتمناها ، وربما
حتى لن يسمح لكلامهم عن أدب العرى وأغانى الڤيديو كليپ أن يترجم لأى شىء
واقعى كما المرات السابقة ،
وسيمضى الأمر تقريبا وكأن الأخوان لا وجود لهم . فالآن الوعى بالمخاطر صار
أكبر لدى الحكومة ، وكذا لدى المعارضة العلمانية التى باتت أنضج وينقصها
فقط طرد صراصير الفشل المطلق المسمى الاشتراكية ( ذلك الهراء المستحيل الذى
طالما جعل الحكومات شرقها وغربها تستجير من رمضائهم بنار الإسلام ) ،
طردها من أدمغتهم وتبنى اقتصاد الدغل كسبيل ثبت أنه
الوحيد للتنمية والتقدم . قد تقول ذات الشىء عن مسيحيى
مصر ، إذ قد تكن هذه السنوات الخمس بداية النهاية لخنوع الذل والهوان منهم
الذى دام 15 قرنا ، سيتخلون عن تسمية الأقباط المذرية الانعزالية الضد‑جلوبية
ويشرعون فى تأسيس جماعة ‘ الأخوان المسيحيون ’ ، التى ستطالب بتأسيس حزب بذات
الاسم ، وتحت مسمى إعلامى وقانونى هو ‘ جماعة
الأخوان المسيحيون المحظورة مع وقف التنفيذ ’ ، تخوض الانتخابات القادمة تحت شعار ‘ المسيحية هى الحل ’
وتحصد عددا لا بأس به من المقاعد بفضل الميليشيات والبلطجة والمسدسات ( لا
السيوف ، لاحظ ! ) . أو قد يفعل العلمانيون ذات الشىء
ويشكلون تنظيم ‘ الأخوان الكافرون ’ ويرفعون شعار ‘ الإسلام هو المشكلة ’ ،
بل لعلك تضيف أن هذه السنوات الخمس سوف تكون فرصة لتصفية أولئك الأخوانجية
المسلمجية الظلامجية إعلاميا بفضح أيديولوچيتهم ، وقضائيا بمحاكمة
فسادهم ، ومن ثم تجريدهم من قواعدهم وتقوية الحزب الحاكم جماهيريا وإظهار
أن سياساته الاقتصادية الحرة قد قضت على الفساد الحالى الذى يتشارك فيه الجميع
إلا حفنة المؤمنين بحرية السوق فى لجنة سياساته
ممن يريدون تحويله من اتحاد اشتراكى لحزب عصرى ، وكذلك تكون تلك السياسات
قد حققت بعض الرخاء للناس ، مما سيجرد ‑هذا وذاك‑ المعارضة
برمتها من أغلب حججها التهييجية .
قد تقول كذلك إن سوف يحل نادى
القضاة لتجاوزه دوره النقابى إلى دور سياسى ( أو لنكن أكثر دقة ونقول إن
دوره الرسمى الأصلى هو دور ترفيهى ، وتحوله للقيام بأنشطة نقابية هو جريمة
كبرى من الأساس ومسكوت عليها من زمن ، ثم فى غفلة أخرى من الزمن أصبح حزبا
سياسيا ، والآن فى تناسخه رقم 4 هو حزب سياسى خارج على القانون اسمه جماعة
الأخوان المسلمين . ثم يقولون لك أن كل ما لديهم هو قضية واحدة اسمها
استقلال القضاء ، وكلنا يعلم الأچندة الخفية وراء هذا الشعار من تسهيل فوز
الإسلاميين بالانتخابات ، والحكم بما أنزل الله من وراء ظهر السلطة
التشريعية ، والحكم بما أنزل الله من وراء ظهر السلطة التشريعية ،
وتأمين شبكة أمان قانونية تحمى الإرهابيين من العقوبة … إلخ . مبدأ استقلال
القضاء ‑مثله مثل الديموقراطية‑ مبدأ خطير جدا إذا ما طبق فى
مجتمعات متخلفة وبلا أى تراث حضارى أو يسهل تحريضها كمجتمعاتنا . فى
أميركا عريقة الممارسة ترفض المحكمة العليا سماع الأغلبية الساحقة مما يعرض
عليها من قضايا ، لأن ذلك يعنى استننان سوابق قانونية ، وهى مهمة
السلطة التشريعية ولا تسمح المحكمة لنفسها بالاجتراء عليها ، أما فى
بريطانيا نفسها ‑وهى أعرق الجميع فى القانون وفى الديموقراطية معا ،
فالسلطة القضائية والتشريعية كيان واحد اسمه مجلس اللوردات ولا يوجد أصلا شىء
اسمه استقلال القضاء ، وهكذا ) . قد تقول بالمثل سوف يصدر قانون
موحد لدور العبادة . ربما لا أحد ضد دور العبادة ولا ضد الدين إذا ما بقى
فى القلوب ولا ينقل قسرا لأحد بما فى هذا الأبناء ، أما أن تكون تلك الدور
مطية للطموحات السياسية ، والأخوان لا يخفون أن تمويلهم الأساس يأتى من
أموال الزكاة ، فهو الشىء الذى لا يقبله أحد . سيصدر قانون يتحرى
أموال الجوامع وما يقال على منابرها ، يصور تليڤزيونيا كل ما يجرى
ويقوم بقبضيات قضائية تحاول مثلا تقديم تبرعات دون إيصالات وترى ما سيحدث ،
ثم طبعا لا يسمح فى كل الأحوال بأن يكون بين كل مسجد ومسجد مسجد . قد تقول
سيصدر قانون جديد للمنظمات الخيرية يضمن ألا تستخدم أموال التبرع لها فى السياسة
فالعالم كله به أعمال خير وبه زيارات منزلية للنساء فى البيوت على طريقة الأخوات
المسلمات ، لكن الفارق أن الكنيسة الكاثوليكية لا ترشح نفسها
للكونجرس . وطبعا لك أخيرا أن تتوقع
للحزب الحاكم أن يفيق من غفلته ‑أو قل غباوته‑ العظمى التى جندت كل
التعليم والإعلام ليصبح بمثابة كيه چى 1 إسلام ثم راح يطالب تلاميذها بعد ذلك
بعدم الانتقال لمدرسة الأخوان أو لجامعة بن لادن ، أو أن يجعلها ‑أى
التعليم والإعلام‑ تهاجم أميركا وإسرائيل ليل نهار ثم يطالب جمهورها
بانتخاب حلفائهما لا أعدائهما .
كل هذا وذاك كلام جميل !
لكنى سأرد عليك الفرضية بفرضية : إذا كان حجم الاستثمارات الأجنبية
المباشرة فى العام الأخير قد وصل ‑ومع كل ‘ الحزق ’ من جمال
مبارك وأحمد نظيف ومحمود محيى الدين‑ لأربعة بلايين دولار [ آخر كلام 4.7
بليونا ] ، وإذا فرضنا حتى أن نظرة العالم الخارجى لن تتأثر بپرلمان
من بين كل خمسة أعضاء فيه يوجد واحد إرهابى مسلم مجرم ، وفرضنا أن
استثماراته عندنا لن تنقص عن المستوى المذكور ، فإن تعليق الدستور وتفكيك
مهزلة الديموقراطية وإنهاء حكم الدهماء وسطوة التحريض وانتخابات سيوف الإسلام
المشهرة على رقاب الناخبين ، سوف يأتى قطعا بما لا يقل عن 40 بليونا من
دولارات الاستثمارات الخارجية سنويا ، هذه من الجيران العرب من قبل
الأمريكان والإسرائيليين ومن قبل أى رأسمال من أى مكان يتوق لبلد جاد تحكمه قبضة
حديدية تسهر على حرية الفرد وحرية السوق وحرية الحراك الطبقى ، وتجهز على
كل شعارات مصادرة وطغيان تنتعش فى ظل سيرك ديموقراطية السداح مداح الملائكية
المصرية المثيرة للضحك والشفقة ، وليس حتى أصلها الأول ديموقراطية السادات
الأكثر جدية التى وصفها يوما بذات الأنياب والأظافر . تلك الحريات الثلاث
المذكورة هى كما نقول دوما الحرية الحقة ،
الحرية التى تستحق الحياة والنضال من أجلها ، أما الحرية السياسية فما هى
بحرية بل هى قضاء على كل الحريات ، ثبت قطعيا أنها ليست إلا بوابة جهنم لكل
صنوف الديكتاتوريات والقمع والاستلاب والجاهلية ( ’ ثبت ’ هذه
يقصد بها ثبت منذ سقراط وأرسطو وليس منذ عباس مدنى وعصام العريان ! ملحوظة
أخرى أبعد : كلمة الحرية هذه أو أى من جميع مشتقاتها لم ترد فى القرآن كله
ولو لمرة واحدة ‑هل تذكر مبحثنا الطريف
فى هذا الشأن ؟ ) . كفانا خرابا وتخريبا أيها
السادة ، كفانا جوعا وفاقة ، لقد حان الوقت لنغلق بازار الديموقراطية
الكارثى ، الذى لم ولن تعرض فيه سوى سلعة واحدة هى مصادرة الحرية فقط
بتسميات وتغليفات مختلفة ، ولا شىء أكثر . الشيوعيون يريدون أموالك
لينفقوها كما يحلو لهم ، الإسلاميون يريدون الإشراف على كل كبيرة وصغيرة فى
حياتك ، الناصريون يريدون حياتك نفسها ليحاربوا بها أميركا وإسرائيل حروبا
لا تنتهى إلا عصر يوم القيامة .
عند هذه النقطة أريد أيضا أن
أكون واضحا جدا : أولا أريد أن أكون واضحا جدا فى أن الفكرة فيما يخص
الأخوان ليست ما يقوله الدستور المصرى أو القانون المصرى من حظر الأحزاب على أسس
دينية . أنا لا ضير لدى كمواطن أن يكون هناك حزب يرفع شعار ‘ من
لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر ’ . هذا حزب لن يضر سوى أصحابه .
أوروپا بها أحزاب كثيرة تحمل كلمة مسيحى ، لكنها جميعا تؤمن باقتصاد السوق
وبحرية الفرد . ما قد أعارضه هو حزب مسيحى ينادى مثلا بإغلاق الملاهى
الليلية أو تحريم العقاقير أو تجارة الجنس . فى الإسلام مشكلة الحرية
( كلمة لم ترد فى القران هى أو أى من مشتقاتها ولو لمرة واحدة ! صحح
لى لو أنا مخطئ يا شيخ عصام ، يا بشير الحرية الأكبر فى هذا
الزمان ؟ ) ، مشكلة أكثر جذرية لأنه من شبه المستحيل طبقا
لتركيبته البنيوية أن يسمح حزبيا بأقل من المصادرة الكاملة لكل الحريات ،
سواء كان ذلك الحزب فى تركيا أو غزة أو حتى أميركا . ما يجب تجريمة فى لعبة
الديموقراطية ، ليس الدين كدين ، إنما الدين كأيديولوچية
مصادرة . كل برنامج سياسى ‑دينى أو غير دينى‑ يدعو لأن
يتخلى الأفراد عن حرياتهم الاقتصادية والشخصية لحساب فئة حاكمة ، يجب شطبه
أصلا قبل الدخول للمعترك السياسى . المسألة ببساطة : عن أية حرية
نتحدث ، إذا أصبحت الديموقراطية مجرد حاضنة كبرى للاستلاب ؟ ما
نريده باختصار هو ديكتاتورية الحرية ! ثانيا أريد أن أكون واضحا جدا
فى أنى لست ضد الديموقراطية لأنها سوف تأتينا بحكم الأخوان . قد تأتينا
بحكم الأخوان أو الناصريين أو الشيوعيين ، قد تأتينا حتى بحكم الحزب
الوطنى ، أوحتى بحكم جمال مبارك أو أوجيستو پينوتشيت أو كونيتشيرو
كوئيزومى . ليس هذا المهم ، المهم أنها فى كل الأحوال ستأتينا بشىء
واحد : حكم الشعب . وهذا آخر ما نتمناه لبلادنا . ما نتمناه هو
حكم العلم ، العلم المجرد فى كل شىء ، بما فى ذلك القول بحزم كفى لا
نريد إنجاب المزيد من البشر ، قبل أن نرتفع بمستوى البشر الحاليين .
ما نريده باختصار هو ديكتاتورية العلم ، ديكتاتورية
الحداثة ! فهى أحد قوانين أمنا الطبيعة الأزلية ، رأسا برأس ونتيجة
بنتيجة ، مع ديكتاتورية الحرية ! إن ديكتاتورية الحرية وديكتاتورية
الحداثة ، ليستا فى الحقيقة إلا وجهين لعملة واحدة !
للمرة
المليون ما فائدة الديموقراطية إذا كان كل المعروض فى البازار هو
ديكتاتوريات ؟ الحرية لو تركتها حرة سوف تموت . سوف تنقض حفنة مجرمة
وتسلب بقية الناس حرياتها باسم الدين أو الاشتراكية أو أيا ما كان . الحرية
لا تعيش دون فاشية تسهر عليها ( الفاشية لا هى سبة ولا مدح ، الفاشيون
هم فقط حملة الصولجان فى الإمپراطورية الرومانية ) . الحرية لا تزدهر
دون فرسان مائدة مستديرة يزودون عنها بالقوة طوال الوقت . أفيقوا يا سادة ، العالم
يجرى حولنا بسرعة الصاروخ ، ونحن لا نفعل سوى الانشغال بتفاصيل حلم عصام
الكذاب بإنشاء أول يوتوپيا ثيوقراطية فى التاريخ الإنسانى . كفانا هزلا ، وكفى ! [ فى 26 يناير التالى 2006
فازت حماس فوزا ساحقا بالحكم فى المناطق الفلسطينية . كتبنا مدخلا مطولا فى
صفحة الإبادة يمكنك قراءته لو شئت هنا . فقط به بعض
الكلمات تنطبق كثيرا على انتخابات مصر المنصرمة ، وما لم يحدث تغيير جذرى
لسياسة حكومتى مصر وأميركا ستنطبق بالكامل على الانتخابات المصرية
القادمة . هذه الكلمات هى : لن نناقش إن كانت هذه شعوب غبية جاهلة هوجاء تنساق للتحريض أم
واعية ناضجة رزينة لديها عضو اسمه العقل ، فقط نكرر أشياء تعتبرها كل
الدنيا بديهيات : 1- لا ديموقراطية فى الدنيا بها أحزاب مسلحة 2- لا
ديموقراطية فى الدنيا بها دين 3- لا ديموقراطية فى الدنيا لا تعترف بدستور
البلاد 4- لا ديموقراطية فى الدنيا تنقض الاتفاقات مع الغير . ما فعلتموه ‑أيها
الشعب الفلسطينى‑ ليس ديموقراطية إنما قلب لنظام الحكم فى الداخل ،
وإعلان حرب على الخارج ، ولا يغير من محتواه إن جاء عبر صناديق انتخاب أو
إن جاء عبر انقلاب مسلح ] . [ تحديث : 15 نوڤمبر 2006 : كفر ما بعده كفر ، بل قل نكتة ما بعدها نكتة : الأخوان
يدعون فى كل الشوارع والمصانع والجامعات والصحف لتأسيس ‘ اتحاد العمال
الحر ’ ، و‘ اتحاد الطلاب الحر ’ ، بينما كلمة حر ولا
أى من مشتقات جذرها وردت أصلا أو على وجه الإطلاق فى القرآن . ماذا تقول فى
هذا ؟ ‘ لا حول ولا قوة إلا بالله ’ ؟ ‘ حسبى الله
ونعم الوكيل ’ ؟ من جانبنا ، نحن ليس لدينا ما
نقوله ! ] . …
موضوع آخر : أو فى الحقيقة هو موش موضوع
أصلا : أيمن هجايص ( أوعى تكون نسيته ؟ ) :
أخر الأخبار : ذهبت الحصانة
واقتربت بذلة السجن الزرقاء ! [ تحديث : 24 ديسيمبر : فعلا جاءت البذلة
الزرقاء ! والمدة خمس سنوات . الحكم الذى صدر
اليوم
يعد مخففا للغاية بالنسبة لمجمل الطيف الهائل لجرائم المذكور السياسية التحريضية
والتخريبية ، أو كذلك بالنسبة لمجرد لجرائم الجنائية التى يعلم الجميع أن
ما خفى منها كان أعظم . بل هو حتى مخفف بالنسبة لجريمة التزوير المحددة فى
حد ذاتها ، حيث كان المتوقع وهو يحب أن تكون فضائحه بجلاجل أن تصل العقوبة
للحد الأقصى أى عشر سنوات ] . أما الموضوع فهو : أولا متى يفيق الغافلون على
مفارقات مهزلة الديموقراطية المذرية التى تجعلك الفائز رقم 2 فى معركة لرئاسة كل
البلاد بينما يلفظك أبناء دائرتك الصغيرة أنفسهم لأنهم ببساطة يعلمون قدر فسادك
الحقيقى . ثانيا هل يعتبر
المعتبرون من أصحاب المقاعد الپرلمانية الجدد إياهم ويعلمون سلفا مصير تطاولاتهم
الوقحة وهمجيتهم الظلامية ، وأن البلد ( ناهيك عن العالم ) ليست
لعبة ولا سايبة ولا ما لهاش صاحب فى بورصة نيو يورك حتى يحلموا يوما بالوصول
للسلطة ؟ هل تعلم الشىء الذى أتمنى رؤيته فى هذه
اللحظة ؟ إنه وجه كوندولييززا رايس التى ألغت ذات مرة زيارتها لمصر تضامنا
مع مستر هجايص ! كمان صدقونى الكونجرس ليس مشكلة ، وقطعا ليس
بعبعا . ارسلوا أى أحد ، ارسلوا مجرد طفل ، ارسلونى أنا ،
ولن نجد صعوبة فى إفهامهم ، أن هجايص أو سعد الدين أو كل من يسمون أنفسهم
ليبراليين فى مصر ، ليسوا كذلك ولا حتى بنسبة واحد بالمائة . هم إما
يريدون محاربة إسرائيل أو ما يسمونه إعادة النظر فى معاهدة السلام
( قومجيون عربجيون متنكرون ) ، وإما يتحدثون كثيرا عن البعد
الاجتماعى ودور الدولة ( اشتراكيون متنكرون ) ، وإما يدافعون عن
حرية الأخوان أو هم أنفسهم ذوات أطروحات دينية ( إسلاميون
متنكرون ) . سوف نسأل الكونجرس أية حريات بالضبط التى تريدها
لنا ، هل هى حريتى وحريتك وحرية الاقتصاد ، أم حرية أعداء الحرية
الذين يريدون مصادرة كل شىء . ثم سنسأله ما هو موقفكم لو أن حماية الحرية
كان يستدعى بالضرورة التنكيل بأعداء الحرية ، أو ليس هذا ما تفعلونه أنفسكم
من خلال قوانين الإرهاب وما تفرضه من قيود على الحريات المسماة بالعمومية أو ما
يسمى بحقوق الإنسان . صدقونى لا أعتقد أن الكونجرس ولا رايس ولا أى أحد
مشكلة ، فقط ضعوا أمامه الصورة الحقيقية ولو لمرة واحدة . بالمصرى كده
‘ اتدردحوا شوية ’ ولا تتصرفوا كمن على رأسه بطحة . وعلى الأقل
جدا فى كل ما قلنا ، توجد كلمة سر واحدة يمكنكم إلقاؤها عليهم فى واشينجتون
وسترون مدى أثرها السحرى جدا ، وأتعهد لكم أن سيفغر هؤلاء أفواهم أمامكم
قائلين بلهفة لا نظير لها خبرونا عن موقف أولئك الليبراليين منها ، الكلمة
هى : إسرائيل ! باختصار يا سادة : لا حرية دون القضاء على أعداء الحرية . بلاش تسموها بطش
وقمع وتنكيل ، دلعوها وسموها استقرار . المهم المحتوى ، والمهم
أن تؤدوا ‑أيا حكومتنا الرشيدة‑ واجباتكم المنزلية البسيطة فى
تخليصنا من هؤلاء السفلة وجرائمهم اللا نهائية . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 1 ديسيمبر 2005 : بدء
المرحلة الثالثة والأخيرة للانتخابات : بعض الأخبار الجيدة أخيرا : 1- الشرطة تمنع الدهماء ( الشعب فى قول آخر ) من
التصويت ، وتسمح بذلك فقط فى اللجان التى تم بها
قيد جماعى لأعضاء الحزب الوطنى ، وهى التقانة البارعة التى ثبت فعاليتها فى
المرتين السابقتين بالذات منذ استخدمت بنجاح رائع فى دائرة الدقى بالقاهرة سنة
1995 لتأييد وزيرة التأمينات فوكيلة المجلس د . آمال عثمان ضد أعلى قيادى
إطلاقا تقدم للترشيح فى تاريخ الأخوان وكان رجلهم الثانى نفسه مأمون
الهضيبى . بمعنى آخر ها هو أخيرا حبيب العادلى مرة أخرى ‑وكما كل
انتخابات سابقة‑ المنقذ الوحيد للمكتسبات العصرية القليلة الباقية فى
التاريخ المصرى الحديث . العادلى قال أيضا أنا هنا من خلال بيان قوى ،
لكن تأخر كثيرا ، يذكر الناس بأن الأخوان جماعة محظورة ، وأن عضويتها
استخدام اسمها جريمة ، واستخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات جريمة أيضا
فى نظر القانون ، وهى بديهيات كانت مطبقة فى كل الانتخابات السابقة التى
خاضها الأخوان لكن دون تصريح علنى بهذه الأشياء ، وسمح بها الآن لأول مرة
بسبب رومانسية جمال مبارك ورفاقه . ذلك كله بما يذكر بما قلناه أعلاه عن غباوة حكومتنا الرشيدة
ملائكية الديموقراطية ، وبالبقعة العمياء فى رؤية أعضاء لجنة السياسات
الحاكمة زائدى الرومانسية فى التعويل على أريحية الشعب المصرى فى الانحياز
للتنمية والتحديث لا للتحريض الدينى ، أو فى أن فهم دهماء مصر لأسعار
الفائدة أو لأهمية اكتساب تقنية تصنيع الرقائق الميكرووية ، سيكون أكبر من
فهمهم لأشياء من قبيل الجنة والنار وعدد المرات اليومية للركوع والسجود !
كلمة ضرورية أن لا يجب لأحد أن يشعر بالحنق تجاه طوابير الدهماء التى تكالبت
كالكلاب المسعورة على مقار التصويت اليوم . الشعور الصحيح هو الحزن أو
الأسف . هؤلاء بؤساء ، لو فى موقف آخر لوجدتنى أدافع عن حقهم فى فن حر ، فى حياة حرة ،
يسمعون ما يحبون ، يشاهدون ما يحبون ، يأكلون ما يحبون ، يحتسون
ما يحبون ، يمارسون ما يحبون ، أو أدافع عن حقهم فى اقتصاد تنافسى
شفاف لا ظلم فيه … إلخ ، لكن أن تستدعيها لتبدى رأيها فيما لا
تفهم ، فهذا ظلم لها نفسها قبل أن يكون ظلما لأى أحد آخر . جهلهم لن
يقودنا نحن للتهلكة فقط ، بل يقودهم هم أنفسهم لها . من هنا فالديموقراطية
جريمة ، أو بالأحرى هى هكذا دائما أبدا ، من أثينا إلى روما القديمتين
إلى پاريس ما سمى بالثورة الفرنسية وأخيرا إلى قرى كفر الشيخ والدقهلية . 2- بمجرد وصول أنباء سيطرة الأمن على العملية الانتخابية ،
شهقت الأسهم فى البورصة البورصة على نحو مذهل ،
ذلك منذ من اللحظة الأولى للتداول فى الحادية عشرة والنصف صباحا . وصلت
نسبة الزيادة فى سهم إحدى شركات النسيج الرئيسة ( المتعاملة مع إسرائيل كما تعلم ) ، إلى 13 0/0
فى دقائق معدودات وواصلت الارتفاع حتى نهاية النهار ، ومثلها كل الشركات
الرئيسة ، وبما يخالف كل التوقعات بالهبوط بسبب تدفق الأموال لشراء أسهم
الطرح الخاص بالمصرية للاتصالات ، وبما يعنى أن بلايين الجنيهات المصرية
والعربية والغربية ، كانت تنتظر بكل اللهفة اللحظة التى ينطق فيها حبيب
العادلى بما يثبت أنه لا يزال على قيد الحياة . 3- فى مقابل ارتفاع سقف الآمال
بنجاح يساوى الصفر أو نحوه للإسلاميين فى المرحلة الثالثة وبوقوف نزيف المقاعد
عند رقم 76 السابق من المرحلة الثانية ، تلوح بوادر لانخفاض سقف طموحات الهيئة القضائية المصرية ، ويبدو أنهم بصدد التخلى عن المشاركة فى أية انتخابات
قادمة . معنى هذا أنهم سيكتفون بنصيبهم الحالى من كعكة الفساد الممزوجة أو
المغطاه كالعادة بالشعارات دينية ، وأنه لن يعود لهم طموحات سياسية كبيرة
بعد اليوم . كما نقول دوما
أن تحزم أمرك يسهل على الآخرين حزم أمورهم ، وأو كما نقول أيضا الحل هو القوة فإن فشلت القوة فالحل هو
المزيد من القوة . ومرة أخرى شكرا حبيب العادلى الذى يثبت لنا أن الشعوب
الغبية الجاهلة لا يمكن إلا أن تحكم بدولة پوليسية ، بشرط أن تكون راشدة
يمينية تدافع عن الاقتصاد الحر وتسهر على الحريات الشخصية والفردية ،
وتصادر فقط كل من يسعى لمصادرتها ، أى ما يسمى الحرية السياسية
الديماجوچية . 4- رد الفعل الأميركى نفسه يكاد يكون
مذهلا . التصريح المبكر من سكرتارية الدولة بأن على السلطات المصرية السماح
بوصول الناس لصناديق الانتخاب ، يؤكد أنهم كانوا على علم وتفاهم مسبقين بما
سيحدث . التصريح نفسه الذى يعبر عن ‘ القلق ’ ، مخفف للغاية
كما الربت على الأكتاف . الأهم هو أن خرجت من ذات سكرتارية الدولة ‑التى
يفترض فيها عادة المهادنة ومصادقة الجميع‑ تصريحات مناقضة تماما .
هذه هى ما توسطت الصفحة الأولى لجريدة الأهرام اليوم .
المسئولة هى ليز تشينى ‑إبنة ديك‑ والتصريح ينم عن نضج معقول متنام فى فهم
أميركا لاسم اللعبة التى تجرى الآن فى مصر وغيرها ، بحيث نفضل أن ننقله لك
حرفيا وكاملا كما جاء فى الأهرام : ‘ أشارت تشينى ‑فى تصريحات لعدة صحف بينها الأهرام‑
إلى أنه من الصعب الاعتقاد بانتماء عدد من المستقلين من التيارات الدينية ،
الذين فازوا فى الانتخابات ، إلى الديمقراطية ، وتساءلت : كيف
سيستخدمون عضويتهم فى الپرلمان لدعم الديمقراطية والإصلاح . وشككت المسئولة
الأميركية في تأييد هؤلاء المستقلين لحقوق المرأة ، أو حرية العبادة ،
كما شككت فى سماحهم بانتخابات ديمقراطية ، إذا ما تولوا السلطة فى أى بلد
بالمنطقة ’ . نعم ، لا بد وأن تكتشف أميركا مدى غبائها يوما . هم
يعانون الأمرين من بن لادن والظاهرى ، ويعتقدون أن الأخوان هم جنة الإسلام
التى يحلمون بها ، لكنهم لا يتخيلون أن الكل حزب واحد تتعدد الأجنحة لكن مع
تقسيم دقيق للأدوار . حتى لو تخيلوا أن بوسعهم تدجين الأخوان أو حتى حماس
على طريقة حزب العدالة التركى ، فإن هذا لن يحل المشكلة ، لأنه سيظهر
ساعتها من يكفرهم ، ويستولى على ‘ الشارع العربى ’ منهم .
المشكلة فى حاجة لحل جذرى ( تقرأ إبادة ،
أو على الأقل تصعيدا تدريجيا لمستوياتها ) ، ذلك أن المشكلة أعمق حتى
من أن تكون فى نصوص الإسلام التى لا تحتمل التأويل أو النسخ ، إنها أسوأ
بكثير من أن تكون مشكلة فى الدين ، بل هى مشكلة فى الچيين الذى صنع الدين ! … السؤال هنا هل نحن سعداء بما
حدث ؟ الإجابة هى أن بالتأكيد لا . ما فائدة الحرص من الأصل على
تمثيلية سخيفة اسمها الديموقراطية ، كلنا يعرف نهايتها سلفا ولا يريد تكرار
مشاهدتها . طموح لجنة السياسات يجب أن يكون أعلى من هذا بكثير ،
بالذات حين يبدون لى كتافهين حين يريدون تقليد الغرب فى ديموقراطيته الفاشلة
المكلفة ، وليس أساسا فى إنجازه التقنى والاقتصادى وفى الحرية
الفردية ، بينما واقعنا نحن
مختلف بمراحل ، والديكتاتورية مطلوبة لألف شىء وشىء ، مطلوبة لمجرد
القضاء على فوضى إشارات المرور ، وليس بالضرورة لبناء اقتصاد رأسمالى كبير
منظم .
أيضا لا بد أن نحسم بأقصى إيجاز ممكن ذلك الكلام الكثير عن جناحى
الحزب الوطنى ، أو ما بات يسمى بالحرس القديم وبالتيار الجديد . نقول
إيجاز لأن فى الواقع فلسفة الحرس القديم لا بد وفى كل الأحوال أن
تحترم ، لسبب بسيط للغاية هو أنها خلاصة خبرة 7000 سنة حكم . كمال
الشاذلى هو فن الحكم ، فن الحكم فى أروع صوره فى العالم الثالث على
الأقل ! سنوجز بأن لن نفيض فى التاريخ ونكتفى بالقول إن التركيبة
المستقرة فى مصر الپرلمانية منذ فتح السادات بابها هى التى راحت تتبلور شيئا
فشيئا نحو الصيغة التالية : السلطة فى يد حفنة أشخاص لا يزيدون عن عدد
أصابع اليد ، هم النواة الفاعلة فى مجلس الوزراء ، وهم غالبا رئيس
الوزراء زائد المجموعة الاقتصادية من ذوى الخبرة الممتازة . أما مجلس الشعب
فهو كما يقال بالعامية طرابيش ، عمال وفلاحون لا يفقهون شيئا لا فى
الاقتصاد ولا التقنية ولا التنمية ولا السياسة الخارجية ولا شىء . فقط
يفهمون كيف يأتون بالناس لصناديق الاقتراع ، بعدها يتركون للحكومة تفعل ما
تراه . واستقر الحال على تعارف الجميع أن لا دور پرلمانى تشريعى أو رقابى
للعضو الفائز ، وأقصى دور لهم هو دور الخدمات البلدية . ولأن هذا نفسه
محدود لأن البلديات عندنا لا تفرض ضرائب وليس لها ميزانيات ، فأصبح جل دورهم
هو التوسط فى المصالح الشخصية للأفراد ( نظير رشوة بطبيعة
الحال ) . هذه الصيغة التى يفهمها الأخوان أعظم فهم ولا تفهمها أميركا
بالمرة ، الصيغة التى قلنا إنها يجب أن تحترم ، صيغة بها عيب
خطير . صحيح أنها سهلت تنفيذ سياسات إصلاح الاقتصادى كلما تكونت إرادة
سياسية لتنفيذه ، سهلت الصلح مع إسرائيل ، سهلت التحالف مع
أميركا ، سهلت كل شىء ، لكنها فى المقابل كانت بوابة كبرى ، أو
بالأحرى هويسا ، للفساد . كل هؤلاء يبحثون عن الحصانة الپرلمانية من
أجل تسعيرة الخدمات ومن أجل خرق القوانين وكل ما إلى ذلك معروف . يوم يتصدى
جمال مبارك لكمال الشاذلى ويسعى لوضع وجوه جديدة نظيفة بدلا من تلك الوجوه
السقيمة الفاسدة ، فإنه لا يخاطر بفقد 76 مقعدا لصالح لأخوان ، بل فى
الواقع يخاطر بكل المقاعد ! هل هو من السذاجة بحيث يتخيل أنه قادر على حكم مصر أفضل من كمال
الشاذلى ، أو يتوهم أن أصدقاءه الذين يرتدون الپاپيونات وتعلموا جميعهم فى
لندن ، سيغرون دهماء القرى والنجوع والعشائر والضواحى بشىء ؟ ( كما تعلم سبق وامتدحنا
الشاذلى أمين التنظيم بالحزب الحاكم باعتباره الشخصية الرئيسة التى يقوم على
كاهلها وجود مصر دولة موحدة لا مجرد عشائر وقرى متنافرة متحاربة ، باختصار
ليست صومالا آخر ! ) .
رغم ذلك فجمال
مبارك وجيله التصحيحى فى الحزب ، يملكون فى ذات الوقت نصف الحقيقة .
لا بد من القضاء الجذرى على ذلك الاستنزاف المرعب للموارد المسمى بالفساد ،
لا بد من إصلاح اقتصادى حقيقى ، لا بد من بناء رأسمالية تنافسية جادة
وشفافة . هنا ثمة كلمة دارجة لا نجزم إن كنا أول من قلناها أم قالها غيرنا ، هى أن
إذا كان بناء الاشتراكية يحتاج لمشانق ، فإن بناء الرأسمالية يحتاج لمذابح
جماعية . القوى المناهضة للاشتراكية هى طبقة الأقلية الصفووية ، لكن
القوى المناهضة للسوق التنافسية هى كل الشعب تقريبا بالذات لو كان شعبا ساميا من سكان المناطق الحارة
كسولا انفعاليا ينجرف وراء التحريض والتهييج كشعبنا . وطبعا يحتاج الأمر
لعقود أو ربما قرون من الديكتاتورية حتى تقوم آلية الانتخاب الطبيعى
بوظيفتها ، جزئيا بالإبادة والاستئصال المباشرين للعناصر السيئة
المناهضة ، وجزئيا بتعود الناس جيلا بعد جيل على ‘ البديهيات ’
الجديدة . ( أيضا كلام طويل من صفحات الثقافة والحضارة
والليبرالية إن لك يكن من كل
الموقع ) . ما يلى كلام
قلناه بألف طريقة وطريقة على مدى العامين
الأخيرين ، لكن نجدنا مضطرين اليوم وبعد طول تحاش منا ، لأن نضعه
بهذه الصياغة المحددة جدا الصريحة جدا ، ذلك بعد أن وصلت البلاد بالفعل
لحافة الهاوية : نعم ، بين أعضاء لجنة السياسات من يناظر بالفعل صبية شيكاجو
فى تجربة تشيلى العظيمة . المشكلة المخيفة أن ليس لديهم پينوتشيت ! ( كما تعلم تشيلى ومنذ عقود
هى مرجعنا الأكبر والأنجح والأمثل لكل النهضات فى العالم الثالث ، والتى
كانت كلها على امتداد القرن العشرين أو حتى منذ إمبراطورية الميجى فى
الياپان ، كانت جميعا نسخة طبق الأصل من هذه الديكتاتورية العسكرية
اليمينية وإن بدرجات متفاوتة للسرعة فى الوصول للنجاح لدى المقارنة بهذا
الأنموذج المثالى الذى حقق مستوى تاريخى مذهل للكمال فى الأداء والكفاءة وأيضا
فى الطموح نفسه ) . وليكن ! لا توقفوا العمل بالدستور علما بأن
كل مواده سيئة السمعة وليست المادة الثانية فقط بتاع الإسلام ، لا تنزلوا
بالجيش للشوارع ، لا تنصبوا حاكما عسكريا ، أقل شىء يمكن للمرء تخيله
أن تشكلوا مجلسا للأمن القومى على الطريقة التركية أو الپاكستانية أو حتى
الجزائرية ، يعطى إشارة قوية من هذا الجيش ( الذى يعلم الكل أنه أكثر
شىء حرصتم على علمانيته بعد اغتياله للسادات ، وإن للأسف حرصتم أيضا على
إبعاده عن الأمن القومى الداخلى ) ، إشارة للتيارات الإسلامية تقول
لها بوضوح إنهم جماعات محظورة بجد ، وإن مصر ، سواء فى حد ذاتها أو
باعتبارها جزءا من المنطقة أو جزءا من العالم ، ليست طريقا مفتوحة
أمامهم ، ليست لعبة ، ليست سايبة ، ليست من غير صاحب ، ليست
ساحة للتحريض وإثارة الغريزة الدينية ، وقطعا ليست أضحوكة تتقاذفها مناورات
أو مراوغات كلامية يخيل لهم أنه يمكن أن يضحكوا بها على ذقون أحد ! ما نقصده هنا هو
أن نذكر السادة أعضاء لجنة السياسات ( أو للدقة نواتها الفعالة بعد أن
تضخمت وصارت شيئا هلاميا كما مصير كل شىء فى مصر ، أو حسب قصة رواها لى
مؤخرا ضابط كبير فى الجيش أن جاءهم ضابط بريطانى ليلقى محاضرة ففوجئ بكل القاعة
حتى الصفوف الأخيرة برتبة اللواء ، فلم يتمالك نفسه من الدهشة قائلا :
ماذا تفعلون بكل هؤلاء الچنرالات ؟ بريطانيا العظمى خاضت الحرب العالمية
الثانية بثلاثة چنرالات ! ) ، ما نقصده أن نذكركم أن : 1- نذكركم أنكم
ربما تعرفون كيف تصنعون اقتصادا جيدا ، لكنكم بالتأكيد لا تعرفون كيف
تحكمون شعبا متخلفا . 2- نذكركم
الليبرالية تحتاج لجناحين كى تطير ، أنصار يزودون عن الحرية من ناحية
ويستأصلون أعداء الحرية من ناحية أخرى ، لكنكم برومانسية خرقاء فائقة
الخيابة لا تدركون ذلك . 3- نذكركم بأن
الاستحقاق القانونى هو إعدام كل شخص يثبت انتماؤه لجماعة الأخوان المسلمين وكل
ما على شاكلتها ، وليس منحهم الحصانة الپرلمانية . تلك ليست أحكاما
عرفية ولا قانون طوارئ ولا ظروف استثنائية ولا محاربة للإرهاب ولا غيره ،
فقط تفعيل لقانون العقوبات العادى جدا . 4 ( وهو
الأهم )- نذكركم بكم ظاهرت أميركا وخارجيتها واستخباراتها وشركاتها وكل من
فيها پينوتشيت وصبيته ، وبكم هى مستعدة فى كل وقت ‑لا سيما تحت حكم
الجمهوريين‑ لمظاهرة أية ديكتاتورية حضارية جادة فى أى مكان تتأكد فيه من
ميولها الحداثية والتنموية . … ما نقوله
هنا ، بل كل كلمة قلناها منذ عرفنا طريق الكتابة سواء فى الفن أو التقنية
أو الثقافة أو السياسة أو
أى شىء ، كلها كلام لا يجب أن يثير الاستغراب . إنه بالضبط نفس ما
يقوله الآخرون ، الفارق فقط هو التوقيت . نحن نقول ذات الأشياء لكن
فقط فى التوقيت الخاطى . نقولها قبل الموعد الصحيح بعشر سنوات ،
وغالبا ما يجلب لنا هذا معاناة طويلة طوال الوقت ، بينما قولها فى الوقت
الصحيح politically correct يمنحك عادة أكبر منابر الإعلام وأهم مواقع السلطة . ليس هذا هو
المهم ، وليس مهما حتى تعريف الفرق بين التقدم والتخلف بأنهما ليسا مرادفين
للصواب والخطأ ، بل كلاهما صواب ، والفارق فقط هو التوقيت . المهم هو ‑ومرة
أخرى : إلى الأمام وكفانا هزلا ! ] .
[ تحديث : 17 أپريل 2006 : لم
أتعود الحديث فيما يسمى الشأن القبطى ، ولا أنوى أن أغير هذا المبدأ
اليوم . شروطى لذلك قد تكون شكلية جدا ، ربما أتحدث فى شأن مسيحيى لو
أنهم شطبوا من قاموسهم كلمة ‘ أقباط ’ الانعزالية المهينة ،
وبدأوا يسمون أنفسهم بالمسيحيين ، يشعرون أنهم جزء من العالم
المتقدم ، العلمانى منه أو على الأقل المسيحى ، ويتبنون وظيفة أن
يكونوا وكلاء agents بالمعنى الكيميائى للكلمة ، وليس
بالضرورة بالمعنى الاستخباراتى ، للتقدم وللحضارة الغربية ، ويصبحون
قوة محركة لمسيرة لهذا البلد نحو التحديث المفقود . إنما نحن موقفنا بسيط
وواضح وحتى قد يوافقنا عليه الجميع ، هو أن ‘ الأقباط ’ هم فعلا
جزء من النسيج المصرى الأصيل الواحد ، بهم لهم ومنهم كل چييناته وكل
تخلفه ، وعقدتهم الوحيدة فى الحياة ، ليست حتى إغلاق كل تلك
العشوائيات المسماة مساجد ، إنما بناء المزيد من الكنائس ، وكأن
‘ المشرحة ناقصة قتلى ’ كما يقولون فى مصر ! إنه تقريبا نفس
موقفنا من مصر ككل ، طالما هى تسمى نفسها بالعربية وتعتتبر نفسها جزءا من
‘ النسيج ’ العربى ، فهى تزداد تخلفا بل وتقود العرب لحروب
وكوارث . لكنها لو عادت للأيام الخوالى ورأت فى نفسها أنها ليست عربية
وأنها أفضل معدنا ، فستشع عليهم تنويرا وحداثة وعلمانية . قبل ثلاثة أيام اندلعت أحداث
طائفية مخيفة فى مدينة الأسكندرية بدأت بهجوم شخص يحمل سيفا على عدة
كنائس ، حيث نجح فى قتل وإصابة عدد من المسيحيين . الشرطة وصفت هذا القاتل بالمتخلف عقليا ،
وكأن الدعاة التليڤزيونيين ممن يتحدثون عن إرضاع الكبير وعن جناح الذبابة
وعن عودة الخلافة ليسوا متخلفين عقليا . هناك
حوادث كثيرة من قبل لها أسماء معروفة مثل الكشح والعديسات ومحرم بك ، فيما
سمعت وفيما أذكر وربما أخطات ، لكنى لا أخطئ فى أنها كثيرة جدا . لم
يحدث فى مرة أن علقنا عليها ، ولن نعلق اليوم . فقط ما حدث هو الشىء
المعتاد ، قرأنا قليلا مما كتب ، وشاهدنا قليلا مما عرض ، وسمعنا
قليلا مما أذيع ، ولا نفكر أبدا أن نكتب . هذه المرة نكتب فقط لأن
شيئا واحد استوقفنا : حديث للمدعو الدكتور محمد عمارة للبى بى سى
اليوم . تحدث عن أن شنودة الثالث هو سبب التوتر الطائفى ، وطالب بعودة
الكنيسة لشعار الأيام الخوالى الجميلة اعط ما لقيصر لقيصر وما للرب للرب .
مرة أخرى لا يهمنا أن نبحث عن من سيس من ، وهل شنودة ‑شنكوتى الثالث
فى تسمية موقعنا المعتادة‑ هو
سبب التطرف الإسلامى أم القرآن ، هل ‘ سره باتع ’ فعلا ، أم
هو أتفه من أن يسبب أية فتنة أو أى شىء . ولا يهمنا أن نقلب الذاكرة حتى نتأكد
أن الأخوان خرجوا من السجون فى 1971 أى قبل شنودة بسنة وليس 1973 كما يقول
د . عمارة الأستاذ الجامعى البحاثة الكبير ، فنحن يكفينا بتذكر أن
الأخوان موجودون منذ 1928 ومحمد وسورة التوبة واضطهاد الأقباط وكل أعراق الأرض
موجودة منذ 1500 سنة . وحتى مع افتراض صحة زعم السيد عمارة عن جبروت
الشنكوتى ، لا يعنينا الجرى وراء محاولة البحث عن إبرة فى كومة قش ،
لنحدد حجم وموقع الأنشطة السياسية لبطريرك الأقباط ، كى نقارنه بالإسلام
السياسى وبالتنظيمات الإسلامية هائلة العد والعتاد عبر مصر والعالم ، التى
تدعو للحاكمية لله ولإحياء دولة الخلافة ، أقصد تدعو مثل د . عمارة
لأن نعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله . أيضا لن نخوض مجددا فى قصة الاعتدال
والمعتدلين المملة ، ونذكرك أن هذا المحرض الطائفى الصريح المرعب عمارة
هذا ، هو حسب الخريطة التى يتبناها الجميع ‘ أعدل من
الاعتدال ’ . هو حتى فيما نعلم ليس عضوا فى جماعة الأخوان ، بل
وحتى ليس ذا لحية ! ما استوقفنى شىء واحد فقط لا
غير : قوله إن الأقباط يملكون
60 0/0 من رساميل القطاع الخصوصى فى مصر ، والشباب
المسلم يشعر بالغضب ، وهو يرى أقرانه المسيحيين يحصلون بسهولة على وظائف
بينما هم يعانون البطالة والحرمان ( يقصد أيضا الحرمان الجنسى وعدم
الزواج ) ! كلام كثير يمكن أن يقال
هنا ، مضيف البرنامج ‘ نقطة حوار ’ شعر هو نفسه بالخجل من أن
ضيفه يتحدث عن المسلمين كشحاذين ، بل إن الكاهن الذى استضافته البى بى سى
فى ذات البرنامج رد عليه بأنه فخر للأقباط أن يستثمروا فى مصر لا أن يهربوا
بأموالهم منها كما يفعل البعض ، هذا حرفيا حسب قوله . المشكلة
الوحيدة ، والشىء الوحيد الذى كتبنا هذا المدخل من أجله ، أن لا المذيع ولا الكاهن فهما بالضبط ماذا قال
د . عمارة : يا جماعة ، الراجل بيتكلم فى تأميم ! الإسلام الأعدل
من الاعتدال ينتوى تأميم أموال الأقباط ، والحجة جاهزة ، ليس لأموال
المسيحيين فقط ، إنما غير المسيحيين أيضا ، فالكل بالتأكيد فاسد
ولص . إنها الحجة عينها التى استخدمها موسى يوم
سرق ذهب المصريين ، ومحمد يوم سرق قوافل قريش ، وحسن البنا يوم خدع
الإنجليز وحصل على تبرعاتهم ، وعرب فلسطين يوم قبضوا ثمن أراضيهم من اليهود
بيد تحمل غصن الزيتون وقتلوهم باليد الأخرى ، وليس أخيرا ولا آخرا استخدمها
جمال عبد الناصر يوم سرق القناة ، الحجة الأشهر جدا فى كل تاريخ العرق
السامى وما اخترعه من أديان ليبررها : إنها أموالنا ردت لنا . فقط الإسلام لا يسميها
تأميما ، إنما يسميها المال مال الله ، وذهب إليك عن طريق
الخطا ! هذه هى الأچندة
الإسلامية يا سادة ، الأچندة منذ جراد يثرب حتى چانچويد السودان .
ينفخون ليلا نهارا فى الشعب الجاهل : أنجبوا ! أنجبوا ! فالرسول
سيباهى بكم يوم القيامة ! ثم حين يكتشفون أنهم حثالة أهل الأرض ، لا
يسألون لماذا نحن العرق الوحيد الذى يتكاثر ، بينما كل أعراق الدنيا تتناقص
عدديا وتفضل استخدام الحواسيب بدلا من البشر فى إنجاز البيزنس ، إنما
يبحثون عن أحد لديه ثروة ، ويقولون ببساطة : هذه أموالنا وسوف ترد لنا
بإذن الله ! … استطراد خاص بالاقتصاد الإسلامى : فى
الواقع كانت لنا مداخل مختلفة سابقة تحدثت عن الاقتصاد الإسلامى ، أولها فى
يوليو من العام الماضى ، تحدث عن إفلاس إنرون ووورلدكوم ، بسبب أن
قررت أميركا فى استثناء نادر سرعان ما تراجعت عنه ، قررت التقليل من حدة
الفصل الحديدية بين البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية ، حيث الخلط بين
الاثنين شىء محورى وأصيل جدا فى الاقتصاد الإسلامى . وكان ذلك المدخل
بمناسبة كلام عن الأمير الوليد بن طلال فى صفحة الصناعة ، ولأنه كان
أحد كبار المساهمين فى السيتى جروپ التى تسببت فيما حدث ، وربما كان ينظر
الرجل للأمر كشىء بديهى بحكم البيئة والثقافة التى أتى منها . ثم مرة أخرى
فى ذات تلك الصفحة تحدثنا الشهر الماضى ، عن الحملة الشرسة التى تشن فى
الإعلام على البنوك التجارية لا سيما فى فى المملكة السعودية ، وراحت
تحملها مسئولية إنهيار البورصات . لا أعتقد أن ثمة أفضل من أن نجمع هذه
وتلك ونصيغها هنا فى مدخل واحد متكامل ، بمناسبة النفحات المباركة التى أطل
علينا بها الدكتور عمارة اليوم !
فى مارس ( الماضى ) انهارت أسواق المال
الخليجية ، وكان من عميق الدلالة أن ترى بعض المحللين الماليين الجهابذة
يخرجون علينا من شاشات التليڤزيون ، ليصبوا جام غضبهم على البنوك ‑السعودية
منها بالذات‑ التى سيلت محافظ الأفراد عن طريق ما يسمى استدعاء الهامش أو
مكالمة الهامش ( هذا يشمل كل المحطات بما فيه للأسف قناة العربية التى نحترمها ونعلم قدر مهنيتها ،
لكن نجدها تفسح لهؤلاء مجالا هائلا ‑سواء بعلم أو بدون علم منها‑
بالدوافع والأچندات الخفية التى سنفصلها الآن ) . هؤلاء يطالبون
البنوك بتحمل الخسائر ، وبعض ذوى الكرم منهم يطالبونها يتحمل نصف خسائر
الأفراد ، وبعض ثالث خطا خطوة أكثر عملية وطالب الحكومة بفرض ضريبة على
البنوك وتعويض الخاسرين بها . ينسون أن أولا ليس البنك هو الذى ذهب
للمستثمر إنما الأخير هو الذى ذهب إليه . ثانيا القرار الاستثمارى الهامشى
هو قرار مطلق للعميل ، وليس قرار البنك ، فالبنك لا يقترح عليه أسهم
ولا شىء . ثالثا لو أردت للبنك أن يقترح عليك الاستثمار ويشاركك فى تحمل
المخاطرة ، فهو يعرض عليك ما يسمى وثائق صناديق الاستثمار ، لكن هذه
لا ترضيك أرباحها . رابعا لو ربح العميل الملايين فلن يطالبه أو يقاسمه
البنك فيها فى شىء . خامسا من يمكن أن يتهم بالجشع هو فقط المقترض لا
البنك . سادسا البنوك هذه لها أصحاب ولها رءوس أموال وترعى أسر وأطفال
وأيتام وكل حاجة ، وليس ذنبهم أنهم يشتغلون بالعلم لا بالدجل . سابعا
وليكن ، لنقل إن البنوك بنت دين كلب وبتنهب الناس ، الحل ليس بالضرائب
الشيوعية وتوزيع الفقر ، طالما الحال كذلك لماذا لا تكون أنت نفسك ابن دين
كلب وتفتح بنك وتنهب الناس ، أليس هذا اقتصادا حرا وما حدش ضرب حد على إيده
وما حدش منع حد من حاجة ! إنها نفس قصة
شايلوك ، يقدم لك الخدمة بناء على طلبك الطوعى تماما وتقبل يديه
ساعتها ، ثم تنسى الجميل وتتهمه بالسادية والقتل والإجرام وتؤلب الدنيا
عليه حين يطالب بحقه . إنها ليست فقط نبرة اشتراكية بغيضة ، بل فى الواقع
هى أسوأ بكثير . إنها ببساطة عقلية العرق الساموى الإسلامية ، التى
ترى المال مال الله ومن حقك أن تسرقه من أى أحد ، والحجة جاهزة منذ موسى
سارق الذهب حتى محمد ناهب القوافل حتى حسن البنا الذى أسس كل شىء بأموال
الإنجليز حتى عبد الناصر لص القناة . الحجة بسيطة لحد الجمال : هذه
أموالنا وردت لنا ! بالقرب
من منزلى يوجد محل بقالة يملكه شيخ ملتحى يرتدى من الجلابيب أقصرها . أتخيل
أن كل يوم تذهب له أم أحمد زوجة البواب لتشترى طعاما لأبنائها ، وأنا أعلم
أن الأسعار عنده باهظة ، ولو ذهبت كما أذهب أنا للسوپرماركت الكبير فى
الطرف الأخرى من الميدان والذى يحمل اسما إنجليزيا ، لاشترت الأشياء بأسعار
أقل 20 بالمائة مثلا ، لكن ربما الخجل أو الرهبة هى ما يمنعها . يوما
ما فكرت هذه السيدة البسيطة فى شراء ثلاجة ، أخذت نصيحة سيدنا الشيخ ،
طبعا بصفته تاجرا لا بصفته شيخا ، فنهرها عن محال تبيع مثل هذه الأجهزة
بالتقسيط عن طريق قرض بنكى ، ونصحها بالذهاب لإحدى محال البيع بالتقسيط
التى تحمل كلمة إسلامى فى عنوانها ، ومرة أخرى تتكبد 20 بالمائة
إضافية . حين تسأل ذلك التاجر الملتحى لماذا يبيع علبة الجبن بسعر
مرتفع ، سيقول لك هذا بيع وشراء وقد أحل الله التجارة ، ولم أجبر أحدا
على الشراء . وحين تسأله عن قروض البنوك يصرخ بأعلى صوته ‘ العياذ
بالله ، هذا ربا والربا محرم ’ . تسأله ولماذا محرم ،
يتلعثم قليلا ثم يجيب ، لأنك تجبر طرفا ضعيفا محتاجا على دفع فائدة ،
والمفروض أن تقرضه بلا فوائد . تسأله وهل البنوك الإسلامية تقرض بلا
فوائد ، نعم لا تذكرون كلمة فائدة ولا كلمة بسيطة ولا كلمة مركبة ولا أرقام
لنسبة سنوية ، لكنكم فى الواقع تحسبونها سرا وتعطون فقط الرقم الإجمالى
للقرض ، يقول ولكنها لا تجبرك على الاقتراض . تقول وهل تجبرك البنوك العادية
على الاقتراض . ثم أليست السيدة التى تطعم أبناءها طرفا ضعيفا محتاجا
تضعونه تحت رحمة البيع والشراء اللذين أحلهما الله ؟ بالمثل ألا يمكن
اعتبار قروض البنوك سلعة كعلبة الجبن التى تتحكم فى ثمنها ما شئت ؟ هل
البنك هو الذى جاء للناس يجبرهم على الاقتراض ، أم هم فى سعيهم لامتلاك وسائل
الحياة الأفضل كمنزل جديد أو سيارة جديدة مثلا ، يوفرها لهم بالحق
والعدل ، وبتكلفة محددة سلفا لا مفاجآت فيها وأقل ما يمكن بفضل العلم
والالتزام والمنافسة والسمعة … إلخ ، وطبعا بدون أتاوات يافطة النهب
والسلب ، أقصد يافطة الإسلام وسماحته ؟ أنت تأخذ نقود الناس كى
تستثمرها لهم فى بنوك الإسلام أو شركات توظيف أمواله ، ثم تنام أو تفشل أو
لا تعرف المنافسة ، وببساطة بعدها تحمل هؤلاء النتيجة تحت اسم أن هذه هى
المرابحة التى أحلها الله ، أما تلك البنوك فهم مرابون يهود وكفرة .
ما المشكلة إذا كان الاقتصاد كله مبنى على ما يسمى بالإنجليزية نقود الناس
الآخرين other people’s money .
وبما أن المال فى كل الأحوال هو مال الله ، فلا مشكلة أصلا أن تفلس أو أن
تتزوج عشرين امرأة بأموال الآخرين . …
فى الواقع علينا أن نتعمق أكثر ، كى نعرف كيف يصيغ العقل
العربى والمسلم من قديم الزمان ، نظرته التى تحدد أن هذا حرام وهذا
حلال . إنها ‑صدق أو لا تصدق‑ نفس قصة الكعكة فى يد اليتيم
التى لا يكف لعاب الجميع عن أن يسيل عليها . كل التاريخ السامى بالذات
الإسلامى منه ، هو تاريخ عين زائغة لا تكف عن التطلع لما فى يد
الغير ، ونهب ثرواتهم وعرقهم على الجاهز . إنها نفس الفكرة الرعوية
التقليدية منذ قتل قايين هابيل ودس يعقوب لعيسو وكفر يوسف الملكة ، مرورا
بإمپراطورية الإسلام التى أينما ذهبت السحابة سيعود لخزائن الخليفة
خراجها ، وحتى غزو الكويت وغارات الچانچويد . إن كل استثمار ينطوى على
مخاطر جسيمة . ولو أردت استثمارا مضمونا مائة بالمائة فلن يعطيك أحد أكثر
من 5 أو 7 0/0 فى السنة . المشكلة أن هذا محرم فى
الإسلام ويسمى ربا . النصب فقط هو ‘ الحلال ’ ، واسألوا
الريان والسعد وسوق المناخ وبناتها المسماة بالبنوك الإسلامية ! ناهيك عن أن كلنا يعلم لماذا أصلا حرم محمد الربا ،
حيث كان أحد طموحاته أو هواجسه الأساس ، سلب اليهود لقمة عيشهم وتركيعهم
وإذلالهم بأية طريق ممكنة ، لكن كما تعلم هيهات له ما أراد ، فقد
ازدهروا عالميا وصنعوا فى أمستردام القرن الرابع عشر أو ربما قبله ، ذلك
الاختراع المسمى البنوك ، ومولوا بالكامل تقريبا كلا من الثورة الصناعية
والكشوفات الجغرافية ، وكانوا من ثم إحدى القوى الإبداعية الدافعة
الكبرى ، أو قل القابلة ، وراء ولادة كل عالمنا الحديث وحضارته
المعاصرة ، بالإضافة بالطبع لأن بعد قليل تغلغلت تلك الفكرة ‑أى
البنوك التجارية‑ لتصل لكل قرية عبر الجلوب ، وساعتها بالطبع مات من
مات بغيظه وتململ من تململ فى قبره . ولا غرابة بعد ذلك أن تعلم أن
الهولنديين هم من أسسوا أول البنوك السعودية الحالية ، بل فى الواقع هذا
يضفى المزيد من التفسير على ذلك الحقد الساتيلايتى الأعمى على البنوك التجارية
لجزيرة العرب مؤخرا ! إنها نكتة يستلقى أى غربى على قفاه حين يسمعها ، أن ترفع
شركة إسمنت أو زراعة سعودية رأسمالها كى تستثمر ما جمعته من الـ other people’s money فى سوق الأسهم .
أما لو عرف أنها تستثمرها فى أسهم شركة إسمنت أو زراعة منافسة ، فهو لن
يضحك ولن يصرخ قائلا إنها جريمة ، فالأرجح أنه سيبهت ولن يقول شيئا على
الإطلاق . ما علينا ، ماذا يمكن أن نقول . هذا دين ، وفى
الأديان أنت لا تبحث عن عقل أو منطق للأشياء ، بل فقط تسأل عما قال الله
وقال الرسول . والله قال إنه أحل البيع والشراء ولم يقل أحل الإنتاج أو
الصناعة ، قال لا تغش الميزان ولم يقل لا تغش السلعة ، قال حرمت الربا
ولم يقل حرمت النصب . واسألوا رأى ابن العباس
فى هذه الكلمة سيئة السمعة ، الشغل ، كما ورد فى تفسير القرطبى لسورة
التوبة ، وستنفتح لك آفاق لن تتخيلها لعبارة ‘ عن يد وهم
صاغرون ’ ، وستفهم أن قل اعملوا معناها الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر ، والعلوم معناها علوم القرآن ، وهلم جرا . وأنها قطعا
ليست المصطلحات كما نفهمها ، وأن مشايخنا يتحدثون عن العمل وعن العلم
ويعرفون جيدا أنهم يعنون شيئا ونحن نفهم شيئا آخر ، وطبقا لرخصة التقية
( ومعناها الكذب عند الاستضعاف ) لا يصرحون أبدا بما يقصدون
( طبعا إلا حين يزول الاستضعاف ، تماما كحماس التى تتحدث عن الاحتلال
وتتركنا نفهم أنه احتلال 1967 ، لكنها فى الحقيقة تقصد شيئا
آخر ! ) . ثم طبعا لن تستغرب ثانية أبدا ‑بعد الاستنارة
الهائلة التى سيعطيها لك ابن العباس‑ لماذا كل شىء فى الاقتصاد الإسلامى
هو استثمار × استثمار ، بيع × بيع ، شراء × شراء ، فالمهم فقط أن
يكون حلال × حلال ، وأما أحله الله لا تقيده الحكومات ، حتى لو أدى
لإفلاس الملايين ونهب عرقهم حتى آخر قطرة ! البنوك تقرضكم نعم لكن أن تطالب بفلوسها لا ، تستولون
عليها نعم لكن تشترون أسهمها لا . أو بصراحة كده ، أنتم تهاجمون
البنوك لأنها علمانية ولا يجب أن توجد أصلا ، وشايفين أن من حقكم الاستيلاء
على كل ممتلكاتها باسم الاستحلال الشرعى لأموال ودماء المشركين أعداء الإسلام ! سواء تصدق أو لا تصدق ، هذا هو النقاش الحقيقى تحت السطح
فى كل ما تراه الآن من حوارات وآراء تحفل بها القنوات والبرامج الاقتصادية فى
إعلامنا العربى . ( نعود
هنا للكلام الأقدم عن الوليد بن طلال والسيتى جروپ وتضبيب المنطقة الفاصلة بين
البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية ، فنقول ما كنا قد رأيناه ملخصا كافيا
فى حينه ، واتضح أنه ما كان كذلك أبدا : ) الحقيقة
أن هذا الاقتصاد الإسلامى اقتصاد قذر
حتى النخاع ، وقذر هذه ليست سبابا إنما مصطلح علمى . فإذا كان يقول إن الربا خطيئة فواقع الحال يقول إن إلغاءه خطيئة
أكبر ، تفتح الباب لكل صنوف النصب وخداع البسطاء وسرقتهم ، ليس فقط
بمجرد جذبهم باسم الدين على حساب البنوك الأخرى ، إنما لأن الآلية نفسها
تسمح بآخر حدود يمكن تخيلها للفساد والإفساد . حين يتم تمويل زيادة رأس
المال عن طريق الاكتتابات أو عن طريق المشاركة أو المرابحة أو أيا ما كانت
التسمية ، مع البنوك المسماة
بالإسلامية ، أصبحت ثمة حلقة مفقودة بالكامل ، هى التمحيص العلمى فى
الجدوى الاقتصادية . هذا الدور تقوم به فقط البنوك التجارية ، التى
تحرص على ضمان عودة أموالها لها ، ولا يهمها كثيرا كنه الاستثمار
نفسه ، أو ‘ السمعة الرنانة ’ لنجومه المصطنعين عادة . إليك هذا المثال الصارخ : فى بلادنا حين يعلن عن طرح أولى أو
أى طرح من أى نوع لزيادة رأس المال ، تتكالب الدنيا عليه ، ويرتفع سهم
الشركة بحدة . بينما فى الأسواق الناضجة حين يحدث شىء كهذا ، أول ما
يفعله المستثمر صغيرا كان أو كبيرا أن يستريب بشدة ، ويكون أول سؤال يتبادر
لذهنه هو لماذا لم تذهب الشركة للبنوك للاقتراض ، وفى أغلب الحالات يتضح
أنها ذهبت فعلا ورفض طلبها ، وفى كل الأحوال يهبط سهم الشركة ( طبعا
لأن عائد الاستثمار مهما كان واعدا لن يأتى أبدا قبل سنوات ) . هذا هو
الفارق بين اقتصاد نظيف يدس العلم أنفه فى كل خطوة فيه مهما كانت صغيرة ،
وبين اقتصاد قذر قائم على الدعاية و‘ الثقة ’ وفوق كل شىء قائم على
‘ البركة ’ ! ما يجب تجريمه فى الحقيقة ليس الربا ، إنما اشتغال
البنوك التجارية بأى شىء آخر غير الربا ، أى الإقراض والاقتراض بأسعار
فائدة محددة سلفا ، ومقومة على أسس لا شبهة للاستثمار ولا للمرابحة
فيها . أما الاقتصاد الإسلامى فهو اقتصاد اخترعه وقننه شخص عاش فى بيئة
جزيرة العرب الرعوية البدائية قبل 14 قرنا ، وآخر ما يمكن أن يصلح له هو أن
تتسلل أفكاره للاقتصادات الحديثة المعاصرة التى تشتغل بناء على أسس مختلفة
جذريا . حتى السعودية نفسها التى تطبق الشريعة
الإسلامية فى كل كبيرة وصغيرة لا تكاد تطبقه ، إنما يهيمن على اقتصادها
البنوك التجارية العلمانية المسماة بالربوية . ولو أنها تركت الحبل للغارب
للاقتصاد الإسلامى أو ما يسمى بنظام المرابحة ، لما حصلت هى ولا غيرها إلا
على ما حصلنا عليه نحن فى مصر : الريان والسعد ( وطبعا سوق المناخ فى الكويت . ودع جانبا
الانهيار الشهير لبنك الائتمان والتجارة اللندنى ! ) . … ما قد نفيض فيه هنا أكثر من هذا قد يتحول ليصبح السخف
نفسه . لو سألت الأخوان عن شكل الاقتصاد الذى يريدونه ، سيعطونك كلا
الإجابتين معا ، الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية . حين تدخل معهم
فى الأرقام ، كم ستكون حصيلة زكاة الـ 2.5 0/0 ،
وكم هى فى المقابل ميزانية التعليم وحده أو الصحة وحدها ، ناهيك عن ميزانية
ما تسمونه العدالة الاجتماعية ، ساعتها ‑وإن كنت سعيد الحظ مثلى ولم
يقابل كلامك بالصمت الرهيب‑ فسوف تكتشف الحقيقة المذهلة : حقيقة أنهم
أناس لا يتعاملون مع الأرقام أصلا ، بل يكرهونها . والسبب غاية فى
البساطة والإقناع معا : أنها ‘ بتقل البركة ’ ! لذا لنوقف الكلام عند محصلة سهلة واضحة بسيطة إن لم نقل
بديهية وحسمتها كل الدنيا منذ قرون : الموقف الصحيح هو لا دين فى الاقتصاد
ولا اقتصاد فى الدين ! …
نترك قليلا محمد عمارة والاقتصادات
القذرة ، ونعود لنقول إن الحكومة
اتخذت إجراءات كثيرة وشجاعة فى الفترة الأخيرة ، اعتقالات متوالية فى صفوف
الأخوان ، بعض إصلاحات فى الإعلام ، حملات صحفية تكشف فضائح الأخوان
لا سيما بواسطة جريدة ومجلة روز اليوسف ، ملاحقة لقضاء مصر الشهير بالشامخ
الذى لم يعد يخفى كما سبق ونبهنا أنه مجرد أحد الأذرع الفرعية لمكتب الإرشاد
لجماعة الأخوان المسلمين ، رفض لاستقبال قادة حكومة فلسطين الحماسية
وإحالتهم دوما لمدير الاستخبارات عمر سليمان تذكيرا لهم أن كل الإسلاميين عبارة
عن ملف أمنى فى نظر مصر . لكن كل هذا تافه قليل ومحدود الأثر ، وما
نريده ، أقصد ما يمكن أن يحدث أثرا فعلا ، هو أشياء مرعبة ،
إجراءات لا تزال تفوق خيال الحكومة المصرية ، التى مهما قلنا فى حسن
نواياها ، فهى ليست أحسن من نوايا محمود عباس أبو مازن ،
وللأسف : ولا مصيرها سيكون أحسن من مصيره . هل تعلم ما هو
الجزء الأكثر إشراقا فى هذه القصة ؟ إنه الموقف الأميركى ! أميركا
التى كانت قبل قليل قد أقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل صرصور تافه مثل أيمن
هجايص ، لم تنطق كلمة واحدة الآن وهى ترى الحكومة المصرية تسحل السلطة
القضائية بكامل هيئتها فى الشوارع .
[ تحديث : 16
مايو 2006 : هأ ، وألف هأ ! 1- الهيئة القضائية تسحل فى شارع
فؤاد ( هذه المرة حرفيا وليس مجازا ، وحصلت كل أسبوع من تانى يوم ما
كتبنا فوق تقريبا وأحدثها كان المعركة الكبرى الخميس إللى فات 11
مايو ) ، 2- الناطق باسم البيت الأبيض يحذر مصر من ‘ زعل البتاع
إللى اسمه الكونجرس إللى للأسف لازم يمضى ع المعونة ’ ، 3- خلف
الأبواب الموصدة يحدث شىء ثالث تماما : شلة هيئة الحكم العليا الأميركية
( بوش شخصيا ، وتشينى الأكثر جبروتا منه ، وميس رايس ، مجلس
الأمن القومى ، كل واحد ، وهم نادرا ما يجتمعون مع أحد سويا
هكذا ، ويكفى عادة وجود أقلهم شأنا بمفرده لإنهاء كل الأمور مع أكبر زعماء
العالم ، وحتى فى 11 سپتمبر نفسه ما اجتمعوش كلهم كده ،
فاكر ؟ ! ) ، بيجتمعوا مع واحد جايز ما يخطرش ببالك
قوى . لن تصدق : مجتمعين مع مهندس قمع قوى التخلف والقهر والظلام
بالقوة ، الذى هو عينه ولهذا السبب مهندس المستقبل الوحيد المحتمل
لمصر : جمال مبارك ! تفتكر يعنى هيكونوا اتلموا كده
بربطة المعلم علشان يناقشوا إيه ؟ مستقبل مصر طبعا ( إلا لو كنت متخيل
أن مثلا قمة ديڤوس الاقتصادية العالمية فى شرم الشيخ بعد 4 أيام ، أو
عمل منطقة تداول حر مع مصر ، هى أهم من 11 سپتمبر ) ! ما هو
الشىء الوحيد الأهم من 11 سپتمبر ؟ إنه فقط من صنعوا 11 سپتمبر : مصر
المحروسة ، أو فى قول آخر مصر محمد عطا !
بعبارة تانى ، هى دى الزيارة إللى قلنا عليها هنا من زمان قوى ( وطبعا
ما حدش كتير صدقنا ! ) ، أن مسألة الرئاسة فى مصر أتفه بكثير من
أن يحمل همها أحد أو أن يعدلوا لها دستور وكل الهيصة والزمبليطة دى ، وأنها
ببساطة تتسوى فى مكالمتين ، واحدة بين واشينجتون وتل أبيب ، والتانية
بين واحدة منهم والقاهرة . نؤكد مرة أخرى : الزيارة
سرية ، لكن إليك هنا
ما تسرب عنها اليوم للنيو يورك تايمز ، وللأسف ما هواش كتير . لكن
أكيد بعد كام يوم هيبان هم اتفقوا على إيه ؟ ضربة للأخوان وبس ، ولا
إجراءات تخص موقع جمال مبارك الرسمى ؟ [ د . نظيف أعطانا بعض
القرائن خلال أقل
من أسبوع فى حديث له للعربية ، قال فيه بالحرف إن مصر دولة
‘ علمانية ’ ، ولن يتم السماح للأخوان مرة أخرى بدخول الانتخابات .
مدهش ! ] . ألف شكر يا حماس
ويا جيش المهدى ويا كل صومالات العالم ، واتفرج يا سلام ع إللى هيحصل بعد
أيام ، وسلم لى على مكتب الإرشاد ! ] .
[ تحديث : 18 مايو 2006 : قبل
أسبوع بالضبط ، أى الخميس الماضى ، كانت المواجهات الكبيرة فى منطقة
وسط القاهرة . البورصة كانت ، ولأسباب لا مجال لذكرها ، تنبئ
بصعود قوى جدا مساء الأربعاء ، هذا بعد مسلسل طويل من الهبوط ، لكن ما
حدث أنها انتكست بشدة على نحو غير متوقع صباح الخميس . ولو بصيت ع
المنحنيات لا يمكن تشوف حاجة حصلت بالشكل ده فى أى مدى منظور ، صعود كبير
جدا ليوم واحد فقط ‑أو للدقة لساعة واحدة فقط‑ بين هبوطين كبيرين
ممتدين . فالبورصات حتى الناشئة منها ، لا تشتغل بهذه الطريقة أو لا
تتقلب فيها الأمزجة على هذا النحو الفجائى جدا أبدا . السبب على الأقل أن
السماسرة أنفسهم كان عليهم أن يمروا لمقرها عبر المئات من جنود الأمن وعبر
العشرات من المتظاهرين المصابين بالصرع أو السعار أو أيا ما كان . أمس أيضا كان الأربعاء ،
والساعة الأخيرة فى جلسة البورصة أيضا أنبأت بصعود قوى بعد أسبوع مرير من
الهبوط . اليوم كذلك موعد محاكمة القاضيين الإسلاميين ، وكمان الطعن
الأخير فى قضية أيمن هجايص ، وكمان نفس مئات العساكر وعشرات المصاريع
والمهاويس ، ونفس المكان إللى بيمر منه السماسرة رايحين شغلهم ، وطبعا
كمان نفس المستثمرين ‑مصريين وعرب وغربيين‑ بيشوفوا نفس الحاجات على
التليڤزيون زى الخميس إللى فات ، وعليهم فرضا أن يأخذوا نفس
القرارات ، لكن ما حدث أن البورصة صعدت بقوة . ما السبب ؟ لا شىء
استجد ، سوى التصريح العنيف جدا من حبيب العادلى بأنه سيواجه كل محاولة
للتظاهر بحسم وحزم وعزم ، وطبعا الموقف الأميركى واستقبالهم لجمال
مبارك . پينوتشيت كان
يأخذ المعارضين اليساريين بالهليكوپتر ويلقى بهم أحياء لأسماك القرش فى عمق
المحيط ، ولولا هذا لما أصبحت تشيلى معجزة اقتصادية ولباتت مجرد نسخة أخرى
من كوبا . لا أقول لكم ‑أيا حكومتنا الرشيدة‑ ماذا يجب أن
تفعلوا بالضبط ، لكن أقول إن جدية الاصلاح تقتضى أشياء هذا أقلها .
عدا ذلك فأنتم غير جادين أصلا ، وكل ما تفعلونه أنكم تستمرءون للأبد ألعاب
الكلام ‘ الدستورى ’ مع المعارضة . للمرة المليون العالم قال لنا
اليوم ، ورغم كل ما نسمعه عن هرب أموال الأخوان لا من البورصة فقط ،
بل بالدولرة إلى خارج البلاد مما قد يفسر بالفعل ارتفاع سعر الدولار فجأة ،
العالم يقول لنا : نصبوا پينوتشيتا
يحكم البلاد ويفرض الحريات فرضا على أعداء الحرية ، تأتيكم الاستثمارات
أفواجا مطمئنة . اقلبوها صومالا أو عراقا ديموقراطيا يرتع فيه أعداء
الحرية ، يحترق كل شىء ! ] . … |
| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT
| LATEST
|