|
|
|
الإبادة : هل لا يمكن تفاديها ? !
( الجزء الثالث )
Extermination,
Is It Inevitable?!
(Part III)
| FIRST | PREVIOUS | PART
III | NEXT
| LATEST
|
NEW: [Last Minor or Link Updates: Saturday, January 01, 2011].
April 10, 2002: PALESTINE LIBERATED!
April 4, 2002: LEBANON LIBERATED!
March 29, 2002: Full Israeli invasion. Is it at last a real war against Intifada and its lords? We just hope!
In Part II
March 14, 2002: Nuking Mecca. What an idea, but …!
In Part I
February 21, 2002: Sharon surrenders to Palestinian terrorism!
February 19, 2002: A generous initiative from Saudi
Crown Prince Abdullah. But could the Arab rejectionist front appreciate it!
December 20, 2001: A HISTORY MADE: Syria isolated absolutely alone in the Arab League!
December 12, 2001: Arafat days have been numbered.
November 20, 2001: The first evidence of the all-original 21st Century’s systemized extermination: Donald Rumsfeld orders ‘No Prisoners!’
September, October 2001: New Page to cover the tragic events which put world at
war, or almost!
April 18, 2001: Arab Analysts say Colin Powell forced Israel out of Gaza. We say the good general is just an outsider who knows nothing about the new U.S. strategy.
February 26, 2001: If you know a way other than the Neutron Bomb
that can stop Taliban from destroying Buddhas, please contact us. It’s URGENT!
February 16, 2001: Some good news: Egypt’s Foreign Affairs Mininster Amr Moussa dismissed... AT LAST!
December 28, 2000: Add the new year’s tune to your favorites: Middle East War Drums!
December 18, 2000: This separate page was launched to answer this: What’s best for reading the future: reading the present, reading the past or reading the future?!
December 4, 2000: Israel’s Mr. Deep Blue, aka Benjamin Netanyahu, to be or not to be [back]?
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء 2 ) :
29
مارس 2002 : أخيرا حزمت إسرائيل أمرها ، وقررت القضاء على الانتفاضة
وأمرائها ولورداتها وباروناتها وأباطرتها وبوتيكاتها وكل ما يخصها ،
بالطريقة الوحيدة الصحيحة : استخدام أقصى معايير القوة : الحرب الشاملة . نعم فجر اليوم استدعت إسرائيل قوات الاحتياط لأول
مرة منذ حرب لبنان . سجن عرفات فى مقره لحين قرار آخر . احتلال شامل
وطويل المجرى لكل المناطق الفلسطينية . اعتقال أو قتل كل قادة المنظمات
القومجية العربجية والشيوعجية والاسلامجية ، وحرماننا من متعة التطلع
لابتساماتهم البلهاء على شاشة تليڤزيون الجعيرة . كان من زمان يا أخ بوش ويا أخ شارون . هل كان
قتل العشرين إسرائيليا يحتفلون بالفصح فى فندق نيتانيا مساء أول أمس هو ما كنتم
تنتظرونه ؟ كل كان ضروريا موت هؤلاء كما كان ضروريا انهيار مركز التداول العالمى فى 11 سپتمبر الماضى ،
كى تفيقوا لحقيقة الأخطار التى تتهدد الحضارة الإنسانية من قوى التخلف الدينى
والقومى ؟ مستر بوش ، إن قتل أحمد ياسين أو مروان
البرغوثى ليس أقل أهمية من قتل صدام . لطالما قلنا إنها معركة واحدة لكل المتحضرين الحالمين بمستقبل
أفضل لشعوبهم ، فى نيو يورك كما فى دبى ، كما ملايين القاهرة
المكتظة ، كما كهول حوانيت غزة المتواضعة . المطلوب الآن أن تلقى
أميركا علنا وبكل ثقلها وراء هذه الحرب الحضارية . المطلوب من القادة العرب
التخلى عن الوجه المزدوج وإعلان ما فى مكونانتهم الحقيقية نحو التطرف
الفلسطينى ، ويبدأوا فى تجييش شعوبهم لدخول هذا العالم الجديد
الشجاع ، عالم بلا انتفاضة وبلا صدام وبلا بشار . فقط سباق على التنمية
والتقنية والرخاء . شارون وبن ألعيزر أسموها فى
مؤتمر صحفى فى الصباح الباكر ، حربا متدحرجة ، بمعنى ككرة الثلج
متصاعدة الحجم . هل هو تبرير لتقاعسه المتواصل المزمن ؟ هل سيصل
لمنتصف الطريق هذه المرة أيضا ؟ أيا كان ما سيفعل ، ما نعرفه أنها حرب
إبادة ما لم تفنى الحضارة التخلف فيها ، فسوف يفنيها هو . لا يوجد
منتصف طريق . كلمة قلناها ألف مرة منذ سپتمبر الماضى ، وألف مرة أخرى قبل سپتمبر الماضى . ويسعدنا كل
السعادة أن نكررها اليوم . يتبع … يتبع … يتبع … اكتب رأيك هنا [ تحديث : مساء : ربما لأول
مرة فى حياته ( أو على الأقل أول مرة فى مواجهة الصحافة ) ، يقول
كولين پاول كلمات لا تحاول استرضاء كل البشرية والكواكب المجاورة لها . حدد
على نحو قاطع أن عمليات إسرائيل الحالية هى حق مشروع للدفاع عن النفس ، وأن
لها سببا محددا هو الهجمات الإرهابية المتواصلة على المدنيين العزل . ممثل
أميركا فى منظمة الأمم الكاريكاتورية لوح باستخدام الڤيتو ضد أى قرار يدعو
لوقف العمليات ، دون تحديد صريح لمبرراتها وإدانة صريحة له ، أى للعنف
الفلسطينى . على صعيد العمليات أنجز الجيش
الإسرائيلى إحكام سيطرته على مقر عرفات . صحيح لم يقتحم بعد مجموعة الغرف
التى يجلس فيها ، لكنه قطع عنها المياه والهاتف والكهرباء ( اللازمة
لإعادة شحن الهواتف الخليوية ) . وطبعا إلى أن يخرج مساعدوه ويسلمون
أسلحتهم وأسلحته هو الشخصية ، ليدخل إليه الماء والطعام بعدها ،
ويعامل كأى سجين آخر فى العالم . من شديد الأسف
أن نجد أنفسنا نتحدث بمثل هذه الطريقة التى لم نتمناها ، أو حتى
نتوقعها ، عن شخص حاز على جائزة نوبل يوما ، وعلق عليه ‑بل
وأحبه‑ العالم المتحضر آمالا كبار . لكنها بالضبط إشكالية كل الزعماء
العرب الآن . خلقوا بأيديهم بعبعا اسمه الشارع العربى ، ثم راحوا
يرتعدون منه رغم أنه بعد وهم كامل ، ويمكن القضاء عليه وعلى كل تنظيماته
ومحرضيه فى وقت وجيز . بل ويمكن ‑وهو الأهم‑ انتزاع بقية الرأى
العمومى من اختطافهم له فى يوم واحد لو خرج فيه كل المسئولين والمفكرين
المتحضرين لأجهزة الإعلام ، لا ليتحدثوا بخطاب السلاميين السلبى
’ الواقعى ‘ عن جدوى الصراع وتوازنات القوى فيه ، بل بخطاب إيجابى
هجومى قوى عن وجود مشروعين لا مجال للتعايش بينهما ، واحد حضارى وآخر
رفضى ، وما يعنيه كلاهما بالنسبة التنمية والوضع الاقتصادى المتردى .
صدقونى ساعتها سيتحول اتجاه الكراهية 180 درجة فى 24 ساعة ! هذا الكلام ليس
ما قلته للسائقين كلما مررنا أمام إحدى الجامعات القاهرية فى الأيام
الأخيرة . هذا ما قالوه هم لى !
نعم ، أنور
السادات لا يزال حيا أكثر مما يتصور أى أحد . صدقنى أنا ولا تصدق التليڤزيون !
( ولا تنس أن فيلم العام الماضى ’ أيام السادات ‘ عن
حياته ، والوحيد فى السينما العربية الذى يظهر آرييل شارون على الشاشة وهو
فى مجد حكمه ، حقق 13 مليونا فى شباك التذاكر المصرى . أى عشرين ضعف
ما حققه الفيلم الأخير عن حياة جمال عبد الناصر قبله بثلاثة أعوام ، بل
وثلاثة أضعاف فيلم أحمد زكى نفسه ’ ناصر 56 ‘ سنة 1996 ) . ككل العملية نظيفة ، لم
تستخدم بها قوة مفرطة ، بل وصرع فيها ضابط شاب إسرائيلى . وفعلا لم
تشأ إسرائيل قتل عرفات على سبيل الخطأ كما كان يعتقد على نطاق واسع فى الصباح
( رغم أن هذا فى الواقع الحل المثالى لمشاكل كثيرة منها تنصيب بديل ماضى
العزم فى تعقب التنظيمات المسلحة ، والاسماء معروفة ولا داعى لتكرارها ) .
فقط الأمر متروك الآن للاستسلام الطوعى لمن بداخل الغرفة أو الغرفتين
الباقيتين . حاليا تتجه الأنظار لبيت لحم
ونابلس التى يعتقد أن سيحين دورها هذه الليلة ، فى الخطة الشاملة لاحتلال
طويل المجرى لكامل المناطق الفلسطينية ، حتى تتم تصفية جميع القوى الماضوية ‑وطنية وقومية وشيوعية
وإسلامية‑ فيها ، وتحرير الشعب الفلسطينى البسيط وكل الشعوب العربية
من هيمنتها . والمفهوم طبعا أن هذه الحرب لن تأتى بنتائج عسكرية فقط ،
بل بعد استكمال الاحتلال ستبدأ الإملاءات السياسية نظير الانسحاب ، وواهم
من يتوقع غير هذا . فكما فى أى حرب فى الدنيا يجب على المهزوم أن يسدد ثم
كل رصاصة سددت إلى صدره [ هذه فكرة بديهية جدا فى الواقع ، وعبرت عنها
لاحقا
( 6 أغسطس 2002 ) عبارة دونالد رامسفيلد التى باتت شهيرة ’ لا
يوجد شىء اسمه أراض محتلة . هذه حروب كسبتها إسرائيل وخسرها
العرب ‘ ] . لن تخرج إسرائيل إلا كما خرجت من لبنان : ضامنة أن لن تطلق عليها رصاصة
أخرى إلى الأبد . السلطة الفلسطينية الجديدة المعينة أميركيا
وإسرائيليا ، سوف يتم تشكيلها من الصفر ، نظيفة وخالية من شوائب ومثالب
أوسلو . سيكون واضحا للجميع فيها من البداية ، أن مهمتهم الأولى
والوحيدة هى حماية أمن إسرائيل بلا التفاف أو كرامة أو مواربة أو تحايل ،
أو حتى تفاوض . نعم ، نقول الوحيدة لأنه لن يعول ولن ينتظر منهم شيئا
يخص الشأن الاقتصادى ، وأن كل ما يمكن أن ينجز فيه سيكون بواسطة التشغيل
الإسرائيلى والمعونات الغربية . سؤال لكل
العصور : لماذا نحن فى حاجة دائما للجيشين الإسرائيلى والأميركى لتخليصنا
من الآفات التى تعيش فى وسطانينا ، ولا نفعل ذلك بأنفسنا ؟ كما قلنا :
سؤال لكل العصور ] . الحرب السادسة : اليوم التالى : 30 مارس
2002 : نعم تأكد اليوم : أصبح اسمها الحرب السادسة : تصريحات لا تحتمل اللبس من چورچ بوش دعما للعمليات . طلب فقط
شيئين من إسرائيل : الحفاظ على حياة عرفات ( ربما لا يزال البعض
يعتبره العنوان الذى يمكن الاتصال به بعد انتهاء العمليات وتصفية فتح وحماس
…إلخ ) ، وثانيا أن يدع دائما نافذة مفتوحة للسلام ( لا تشغل بالك
مستر بوش ، عندما تصفى جبهة الرفض العربية‑الإيرانية لن يكون هناك فى
الدنيا ما هو أكثر من نوافذ السلام . عليك فقط أن تدع شارون يؤدى فروضه المدرسية أولا ) . تأييد ما بعده
تأييد للعمليات حتى آخر مدى لها . لقد اقتنع چورچ بوش أخيرا أن تصفية الانتفاضة ليس
أقل أهمية من تصفية صدام . عقبال يوم يقتنع فيه أن تصفية بشار أهم من تصفية
كل هؤلاء جميعا . وتصفية خامنئى أهم من تصفية كل العرب .
نعم هكذا يكون الرد الصحيح على مطالبة العرب لتشينى بحل قضية فلسطين
أولا قبل ضرب العراق . لقد نفذت أميركا النصيحة العربية حرفيا : ضرب
فلسطين أولا قبل ضرب العراق . افهموها بقى ، وبلاش توجيه نصائح تانى
للأسود أو حتى للنمور النووية ! نعم الحرب السادسة . هل
تعرف ما هو الأكثر أهمية فى تزكية الولايات المتحدة للعمليات : أن لا منتصف
طريق ، وأن هذه ستكون فعلا الحرب السادسة ، وأن قوات الاحتياطى التى
استدعتها إسرائيل لن تعود لمنازلها قريبا . الواقع هذا الاحتياط هو المعيار الذى حدد أن إذا ما
كانت هذه مجرد حلقة أخرى من المناوشات التقليدية أم الحرب السادسة ، التى
تجئ بعد عشرين سنة بالضبط من الحرب الخامسة . ما رأيك ؟ أليست الحقيقة
أن العد ربما ينطوى على خطأ ؟ فبما أن مصر لم تكن طرفا فى هذين
الحربين ، فهى ليست الحرب السادسة بين إسرائيل والعرب ، والتسمية
الأدق أنها الحرب الثانية بين إسرائيل وجبهة الرفض العربى . أليس
كذلك ؟ رسميا اسمها Operation: Protective Wall . رأينا الشخصى
أنها ليست حربا ، بل فقط الجولة أو المعركة الثانية فيما أسميناه الحرب العظمى الأول ، حرب الحضارة ضد
التخلف ، تلك التى بدأت يوم 11 سپتمبر 2001 . أيا كانت التسمية ،
فإسرائيل انتصرت نصرا كاسحا فى جميع الحروب الخمسة السابقة ، بما فيها تلك
التى بدأت ’ بخضة يوم العيد ‘ ،
ولا شىء يحمل على الاعتقاد بأن شيئا مختلفا سيحدث هذه المرة . الجديد فقط
أن طال انتظارها عشرين عاما ، وليس السنوات العشر المعتادة . الجديد
أيضا أنها الحرب الأخيرة بلا جدال . طالما رامسفيلد فى الپنتاجون لا خوف
عليهم وهم لا يحزنون ، ولن تنته هذه إلا قبل إغلاق ملف الشرق الأوسط
نهائيا . هذه هى لحظة الحقيقة يا عرب يا أمجاد ، وهذا هو تحليلنا
المتواضع الذى بح صوت كل سطر فى هذا الموقع لسنوات ، منذ كانت به صفحة
واحدة اسمها الثقافة ، من التحذير من
قدومها . شىء آخر حدث قبيل خطاب بوش لا أعرف يهمك أم
لا ، لكنه حدث : قرار
تاريخى ( فعلا تاريخى هذه المرة ) لمجلس الأمن بموافقة كل الأعضاء
وإنسحاب سوريا من الجلسة . إدانة صريحة وحاسمة لأول مرة فى تاريخ المنظمة
حبيبة العرب للعنف الفلسطينى . وقف العنف
الفلسطينى أولا ثم دعوة إسرائيل للانسحاب ، هذا هو ترتيب القرار ،
ونعم دون تحديد موعد ما ، أى كما تشاء هى ، وعندما تفرغ تماما من
تصفية الارهاب الذى يدينه القرار . هذا ما كان واضحا ومفهوما لجميع
الأعضاء ، وقد رفضت أميركا بحسم الطلب السورى بتحديد موعد للانسحاب ،
وانضم لها فى ذلك كل الأعضاء . ملحوظة طريفة نختتم بها هذا
اليوم المصيرى : العدد النهائى لضحايا عملية
نيتانيا قبل أربعة أيام ، والتى فجرت الحرب السادسة هو 26 قتيل
إسرائيلى . ألا يذكرك هذا العدد بشىء . إنه
الحرب السادسة : اليوم الثالث : 31 مارس
2002 : عمليتان انتحاريتان فى قلب إسرائيل تجعل
قتلى إسرائيل فى الأربعة أيام أخيرة أكثر من 15 ضعف القتلى الفلسطينيين ( سؤال للتليڤزيونات العربية : تمهلوا
قليلا واسألوا أنفسكم من يذبح من ؟ أيضا تمهلوا قليلا فى التهليل لها لأنكم
عندما ينقلب السحر على الساحر ستحتاجون بعد قليل للقول إن هذه العمليات
الانتحارية ، كأى شىء آخر فى الكون ، هى من تدبير الموساد . إذا
كنتم لا زلتم تروجون لأن 11 سپتمبر نفسه ، ورغم اعتراف بن لادن به ،
هو من تدبير الموساد طبقا للحجة القائلة ابحث عن المستفيد ، فإن كل شىء
يمكن أن يحتمل ذات النظرية . نحن نرتكب الحماقات وحيث يستفيد اليهود منها
ويحولونها لصالحهم نقول إنها من تدبيرهم . دائما نحن المعتدون ودائما نحن
الخاسرون ، أو بلغة كرة القدم كل تلك الأهداف هائلة العدد التى أحرزت فى
مرمانا لم تكن سوى نتيجة هجمات مرتدة ! بل الواقع إن ما يثير الفضول حقا هو
لماذا لم نر يوما نظرية المؤامرة العربجية‑الإسلامجية العتيدة تقول عن
لاعبى الكرة لو تملكهم الحماس فى الهجوم ومنى مرماهم بأهداف مرتدة أنهم خونة
وعملاء للفريق الآخر ويشتغلون لحسابه ! ) . نقول هذا ليس لأننا نصور إسرائيل كملائكة ،
فهذه إهانة لهم . وليس لأننا مهتمون بمصداقيتكم ، فهى لم توجد قط
يوما . نقوله فقط لأننا قلقون على نفاذ ذخيرتكم اللغوية ، لأن المجزرة
الحقيقية لم تبدأ بعد . لا نقصد مجزرة الشواء النووى ، فعن هذه
حدث ولا حرج ، إنما نقصد فقط المجزرة ضد حماس وفتح والجهاد والشعبية .
لن يموت ستة كالذين أقمتم الدنيا وأقعدتموها من أجلهم اليومين الأخيرين ،
بل لن يموت حتى ستة آلاف ، إنما أضعافا مضاعفة . ( من بين
الاستهلاك المفرط للغة العودة لصورة جمع الجمع مرة أخرى ، حيث بدأوا
يستخدمون كلمة حشودات على وزن ضغوطات التى أشرنا لها سابقا ! ) . باختصار : الجعيرة والقنوات الطالبانية الأخرى
المنتشرة فى أغلب الدول العربية ، تقوم بشحن إعلامى يشبه بالضبط ما كان
يفعله جمال عبد الناصر من خلال صوت العرب . وجه الشبه الثانى أننا فى
طريقنا لكارثة مروعة أخرى !
شىء فكاهى آخر فى عمليات
الانتحار اليوم أن وجهت واحدة منها لمطعم مملوك لشخص عربى وكل المشتغلين به
عرب . هل تعرفون ما قاله حرفيا المدعو الرنتيسى لإذاعة بى بى سى
العربية : ’ هذا لا يمثل مشكلة شرعية لنا على الإطلاق . سوف
يبعثهم الله على نياتهم . ويكفيكم فخرا أن ضحى الشهيد بنفسه ! ‘
حلو الكلام ! موش كده ؟ ألا تذكركم حكاية البعث على النيات
بأحد ؟ ألا تذكركم بأيمن الظواهرى ومقتل الطفلة شيماء فى منشية
البكرى . على رأى عادل إمام : دول عصابة يا با . معلهش تانى يا
أم شيماء : ابنتك ستبعث على نياتها ! شىء فكاهى ثالث وإن لا يستحق الذكر حقا . حفنة
مما يسمى حركة السلام الأوروپية يتخطون الحصار الإسرائيلى ويدخلون لعرفات ،
ويعلنون أنهم سيموتون دونه . تخيل هذا ما آل إليه حال الشيوعية . من
قدرة نووية عظمى تملأ أسماع العالم وأچندته ، إلى مجرد أجساد تصنع درعا
بشريا لعرفات . يا سلام سلم : يا جثث العالم اتحدوا !
النكتة الثانية فى هذا ، أن كل مظاهرات العالم
فى أوروپا وأميركا الجنوبية وغرب آسيا وغيرها يستخدمون صور قديمة جدا لعرفات فى
شبابه . عارف ليه ؟ هى الموجودة فى أرشيفات الشيوعيين من أيام خطف
الطائرات . طبعا إللى بيتظاهروا وإللى جم لعرفات هم همه مجموعة الـ Airborne Communists إللى اتكلمنا عليهم قبل كده ،
إللى بيعملوا مظاهرات الجلوبة ، وإللى جم قبل كده لرام الله . بس تصدق
الصور دى حلوة ، بتفكرنا بالذى مضى ! بصراحة كان وسيم ونجم .
پوستر بصحييييح ، حتى جايز بعد كده يبطلوا يستخدموا صور جيڤارا إللى
زهقنا منها فى المظاهرات ! المشكلة الوحيدة أنهم ما يعرفوش دعنا من الفكاهات وما أكثرها اليوم ، وإلى
حديث الجد : اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلى قرر كالمتوقع المضى ‑بل
تسريع‑ فى العمليات بعد التأييد الكاسح لها من أميركا والمجتمع الدولى ،
سواء ممثلا فى مجلس الأمن ، أو فى التأييد العلنى أو الضمنى من كل العالم
شرقا وغربا ( اتركنا وتجول الآن قليلا فى الإنترنيت
لترى مدى فداحة ما نقول . حتى الحكام العرب لا يعنيهم سوى حياة عرفات لسبب
واحد فقط أنهم يخافون من بديل أكثر تطرفا ، ويحلمون بوأد الانتفاضة
وباروناتها فى غمضة عين ، وواقعيا لا تعارض العمليات فى الحقيقة سوى التليڤزيونات
العربية . حتى هذه بها بعض الأصوات العاقلة ككلام الدكتور مصطفى الفقى مساء
أمس للقناة الأولى المصرية إن الانتفاضة لن تنال أبدا من قوة إسرائيل ) .
مثل هذه النصيحة ( على استحيائها الشديد ) ، هى أقل ما يجب أن
يوجه للفلسطينيين ، لعلها تكون بداية التنوير لهم أنهم اختاروا الجانب
الخطأ من معركة الحضارة . بعد الاجتماع خرج آرييل
شارون ليؤكد طبعا أن هذه ليست إلا : الحرب ، وليعلن أن عرفات ليس
عدوا لإسرائيل فقط ، بل لكل العالم الحر .
افهموها بقى يا بتوع الإعلام
العربى . بعد أطنان الساعات التى أتحفتنا وأصدعتنا بها تليڤزيوناتكم
اليومين الماضيين ، وبعد هراء عرفات المطول أول أيام الغزو عن المسيحية
والمسيحيين ، شارون بكلمة واحدة يضع ’ العالم الحر ‘ فى
جيبه . فقط ببساطة وبكلمة لا يستغرق نطقها جزءا من ثانية ذكّر
الجميع : أنا منكم وأنتم منى . هذا هو تحليل المحتوى يا پروفيسورات
الإعلام الأمجاد ! أليست هذه تسميته عندكم ؟ كما قلنا من قبل ، مشكلة الإعلام العربى
ليست فيما يقوله ولا من يقوله ولا متى يقوله ولا أين يقوله ولا كيف يقوله .
مشكلته لا علاقة لها بالإعلام أصلا . مشكلته لا أكثر ولا أقل من أننا شعوب
متخلفة ، والعالم لا يحترم المتخلفين ولا يحبهم . اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم الرابع : 1 أپريل
2002 : اجتياح قلقيلية صباحا بستين دبابة وعشرات
الآليات . لا أحد يدرى لماذا طالت الاستعدادات حول بيت لحم
ونابلس هكذا ؟ هل فى الأمر مفاجأة ؟ هى تقريبا شغالة بالتخصص .
جايز هتخلص على الشيوعيين فى الأول ، وبعدين القوميين . علشان تتفرغ
للإسلاميين فى غزة على نار هادية بعد كده ! طبعا حزب الله سعيد
حاليا ، لكن لن يسكت عند هذه المرحلة الثالثة . وبنقول جايز . إعدام
ثمانية أفراد فى مبنى الأمن التابع للاستخبارات الفلسطينية فى طولكرم بتهمة
التخابر مع إسرائيل . تلثم شخصان من هذه الاستخبارات وأخليا المبنى
واستمتعا بالقتل . بالطبع لن تتحدث منظمات حقوق الإنسان عن المحاكمات
العادلة ، إلى آخر شعاراتهم الرنانة الجميلة . فكلهم منظمات شيوعية
نشأت إبان الحرب الباردة لمساندة ’ الرفاق ‘ الذين تلاحقهم
الحكومات . لكن الأمر لا يتطابق هذه المرة مع أچندتهم الشيوعية
التقليدية ، أو للدقة الشيوعية التى باتت تنظر بعين العطف والحنية
للإسلاميين والقوميين ، الرفاق الجدد لا سيما العرب منهم .
ببساطة : لن يتحرك أحد لأن القتلة هذه المرة ليسوا حكومة رأسمالية
إمپريالية أو عميلة للإمپريالية . [ تابع غدا قصة من ذبح من فى
الانتفاضات الفلسطينية ، وبعد غد حزمة
جديدة كاملة من صور الكيل بكيالين التى يعج بها السلوك العربى والفلسطينى .
أو طبعا تابع معالجتنا القديمة للموضوع منذ سنوات فيما ما أسموه مذبحة صابرا وشاتيلا ] . فكاهات اليوم كثيرة أيضا ،
ننتقى لك منها الأخ معمر رجع لأيام الطفولة فى المدرسة وعمل
مظاهرة لف بيها شوارع طرابلس . براڤو قذافى ، الديب جه من
ديله . أنا شفته لما جه . بس للأسف حكاية الطفولة دى بتفكرنى بمصطفى
حسين ورسومه إللى ريحتها وحشة فى جرنال الأخبار ! الأخ على عبد الله صالح مقموص . دخل حاجة
اسمها إضراب عن المكالمات . بالذات مكالمات الملك عبد الله والرئيس
مبارك . قال يعنى مكالماتهم له مقطعة بعضها ! بس بينى وبينك الإضراب
عن المكالمات اختراع جديد . متهيأ لى بتوع معسكر الأشعة إكس لازم يفكروا
فيه بدل الإضراب عن الطعام . برضه الأخ صالح بينسى هو كمان ، وإللى
أنا فاكره إن الرئيس مبارك مؤدب جدا فى كلامه عن كل الناس ، إلا فى حالة
الأخ صالح . أنا شخصيا ما أعرفش ليه ! ظهرا اجتياح طولكرم . مدينة رقم 3 . ليلا اجتياح بيت لحم . مدينة رقم 4 . تقدم مهم : إجهاض كل العمليات الانتحارية ، لم تفلت ولو واحدة .
أقصاها أن فجر واحد سيارته عند حاجز يفصل بين القدسين الشرقية والغربية .
مات هو وحده وأصيب الشرطى الذى ضبطه . مساء الخير يا بارونات
الانتفاضة ! آه ، لو سمعتم كلامى م الأول ، ما كنتوش تعبتم شارون
معاكم : الحل هو القوة ،
وإذا فشلت القوة فالحل المزيد من القوة !
مهم وعاجل : أخيرا
تحدث سيد العالم ‑أو أستاذ الكون إن أردت ترجمة
دقيقة لعبارة Master of the Universe‑ دونالد رامسفيلد . أخيرا هناك مسئول أميركى يعطى علنا
التشخيص الدقيق لحالة الشرق الأوسط ، التشخيص الذى حافظ عليه موقعنا فى كل
لحظة من عمره وعمر صاحبه ، وهو فى التحليل الأخير نفس تشخيص اليمين
الإسرائيلى ، بل والأحرى نفس تشخيص أنور السادات قبل ربع قرن . ونقول
علنا ، لأن هذا هو فكر رامسفيلد من قديم ، لكن لم يقله بهذا الوضوح
سوى اليوم ، ناهيك عن عبقرية التوقيت طبعا . التشخيص : المشكلة الحقيقية هى الثلاثى المرح سوريا العراق إيران . كلهم يدعم الإرهاب الفلسطينى‑اللبنانى ، وهم مبدأه
وغايته . سوريا تدعم حزب الله . العراق يرسل 10 أو 20 أو 30 ألف دولار
لأسرة كل منتحر . إيران تهرب السلاح للفلسطينيين . حرب للإرهاب على
الحضارة ، هذا ما قاله رامسفيلد ، أو بعبارته الوجيزة البليغة :
تمويل ثقافة القتل financing a culture of political
murder and suicide bombing . طب وبعدين يا
عم دونالد ؟ الدور دورك . لماذا لم تحدد موعدا لحفل الشواء
النووى ؟ حقا ، إنها دائرة جهنمية لن تنتهى
إلا بقطع الرءوس الثلاثة للأفعى . إحساسى الشخصى أن رقبة بشار هى التى
ستطير أولا لأنها أطول حبتين . بيقولوا أبوه حافظ كان معجب بكلمة عبد
الناصر ارفع رأسك يا أخى ، فكان بيشد رقبة ابنه كل يوم . صحيح ما حدش
يعرف طعم الزراف المشوى إيه ، لكن إيه المانع نجرب ! الملحوظة الظريفة إن عم دونالد كان منتعش جدا
النهاردة ، أكثر حتى من انتعاشه العادى . ليس السبب فقط هذا الانتصار
الجديد لما أسميناه منذ سپتمبر الرؤية
الرامسفيلدية‑الإسرائيلية للعالم ، إنما فيه سبب تانى .
القبض على الحرب السادسة : اليوم الخامس : 2 أپريل
2002 : استكمال اجتياح بيت لحم . اجتياح جنين ليلا . مدينة رقم 5 . كثر الكلام عن ترابط بين المسارين الفلسطينى
والعراقى . عادت الفكرة القديمة بتهجير فلسطينيى لبنان إلى العراق .
الجديد إضافة عرب 48 والضفة للفكرة . حلو الكلام ، لكن لا نعتقد أنه
سيكون السقف الأخير للاستسلام العربى . السقف يهوى فوق رءوسنا ، وبعيد
قليل سيسأل الإسرائيليون والأميركيون أنفسهم ما مبرر ترك غزة ؟ رغم صغر
المكان وازدحامه ، فهى أكبر مساحة بكثير من الكانتونات التى أعطيت للهنود
الحمر . هنشوف هترسى على إيه . عامة لو كنت ناسى أفكرك ، عنوان
الصفحة إللى انت بتقراها دى اسمه الإبادة ! كولين پاول بدا أكثر استئسادا اليوم ، ونصح
شارون بشىء أكثر تطرفا منه هو نفسه . شارون اشترط صباحا على الوسطاء
الأوروپيين المطالبين بمقابلة عرفات ، أن يهديهم تذكرة وحيدة الاتجاه
لعرفات إن أخذوه معهم . پاول قال إن هذا سيمنح عرفات حرية أوسع لممارسة
الأنشطة الارهابية مما لو استمر فى سجنه الحالى . هل رأيت تأييدا عالميا فى
تاريخ الحروب الإسرائيلية الستة أوسع من هذه المرة : حتى كولين پاول
يؤيدها ! أيضا أبو الهول البريطانى نطق . وزير الخارجية
چاك سترو دعا الشعب البريطانى لإبداء الدعم والمساندة للشعب الإسرائيلى الذى
يواجه الهجمات الانتحارية الإجرامية . إلغاء برنامج ’ رئيس التحرير ‘ فى التليڤزيون
المصرى خطوة مهمة وجريئة ، وإن فى إطار كبح محدود جدا حتى الآن للهراء الذى
يقدمه الإعلام المصرى فى الأيام الأخيرة ، وكأن مصر نفسها دخلت الحرب واحنا
موش عارفين . السؤال متى تم أصلا التصريح بمثل هذا البرنامج التحريضى
الوضيع الذى يقدمه قناة النيل للأخبار التى أعلنت دونا عن كل أجهزة الدولة المصرية الحرب على
إسرائيل ، تأتينا منها فكاهة جيدة اليوم . تذيع بلا انقطاع فاصل عن
الانتفاضات الفلسطينية . من كتبوه لم يقرأوه جيدا . انتفاضة 1920 قتلت
وجرحت 193 يهوديا مقابل 121 عربيا . انتفاضة أغسطس 1929 بسبب مظاهرات
اليهود عند الهيكل قتلت وجرحت 462 يهوديا مقابل 348 عربيا . أكتوبر 1923 فكاهات اليوم كثيرة أيضا وليس
هذه فقط ، لكن هناك واحدة لا تحتمل المنافسة : سلاح الپترول .
نحن نوافق على كل الآراء القائلة بأن الپترول سلاح خطير ، بل ويرقى لدرجة
سلاح الحياة والموت . ما نختلف عليه فقط هو سلاح من هو ؟ سيداتى سادتى ،
لو قررت إسرائيل أنها ليست فى حاجة للپترول والغاز المصريين ، كل ما سيحدث
أن ستزيد مصر جوعا على جوع . لن يبقى لنا ساعتها من مصدر للنقد الأجنبى سوى
المعونة الأميركية ، وطبعا ستقطع إذا قررنا نحن أو قررت إسرائيل ‑لا
فارق مهم فالنتيجة واحدة والطرف المضار الوحيد واحد فى الحالتين‑ قطع
العلاقات مع الطرف الآخر . ( تفاصيل صفقة الغاز غطيناها فى حينها فى
صفحة الجلوبة ، أيضا فى صفحة الثقافة عرضنا لكيف أن العلاقة الحالية بين 11
دولة عربية وإسرائيل لا تعدو أكثر من صدقات تدفع من طرف جانب واحد ) .
نعم پترولنا يقتل الفلسطينيين . هذا جيد ، بل وجيد لسببين : أنهم
متطرفون وأعداء تاريخيون لنا ، والسبب الثانى أن هذا أفضل من أن نموت جوعا
نحن .
بالمناسبة مبارك موش فاضى لكم ولا
لكلامكم الفارغ ولا لكل لعب العيال بتاعكم ، هو مشغول فى حاجة تانى أهم من
كل ده بكتير : عقد اتفاق أن لا يرحل الفلسطينيون لسيناء ، إنما فقط
لأماكن أخرى ! لو شفتم الأسبوع إللى فات حديثة مع المذيعة الحلوة بتاع الإل
بى سى ( حلوة بصحيييييح ، على رأى صلاح عبد الله ) ، تعرفوا
إن ده لب الموضوع . وإنه على العكس منكم كلكم ‑إللى رحتم القمة وإللى
ما رحتوش‑ فاهم الدنيا رايحة على فين . الاستثناء الوحيد هو الملك
عبد الله ، شريكنا فى الهم المشترك ، الهم الذى لم ولن يكون هناك هم
ولا شاغل ولا قضية سواه لمن يفهم ، ( وعلى رأى سعيد صالح ) فين
السؤال ؟ هو فيه غير سؤال واحد : إلى أين يتم ترحيل
الفلسطينيين ؟ هل تعتقدون أن هناك شيئا آخرا يناقش الآن وراء الستار ؟
هذا هو السؤال الوحيد الذى يدرسه الناس الجادون ، أما الباقون فلا هم لهم
إلا التحنجر قدام الكاميرات ( التحنجر ؟ … حلو الاشتقاق ؟ … موش
كده ؟ … أحلى هو ولا چيزيل خورى ؟ ) . [ خلال أيام فصلت من وظيفتها
بسبب هذا الحديث . إذا كان يوسف
وهبى قال شرف البنت زى سلاح الپترول ما يولعش غير مرة واحدة ، فنحن نود
التصحيح أنه لم يولع أبدا ، حتى فى تلك المرة نفسها . لم يتغير شىء من
قرارات أميركا ولا جسر أسلحتها الجوى لإسرائيل سنة 1973 قيد أنملة . الوحيد
الذى ارتج وجال مهرولا كالمذعور فى بلاد الپترول طالبا إياها وقف الحظر بأسرع
وقت ممكن ، هو رئيس الوزراء المصرى المرموق الدكتور مصطفى خليل ، ذلك
حتى ترفع إسرائيل حصار الجيش الثالث المحروم حتى من قطرة ماء للشرب . هذا الحظر أدى على المجرى الطويل
وطبقا لتوعد كيسينچر الشهير ، أن أصبح الپترول يملأ العالم وبرخص
التراب ، وأصبح اسمه فعلا التراب الأسود وليس الذهب الأسود . مع ذلك
لم تسألوا أنفسكم لماذا تفضل أميركا شراء معظم پترولها من السعودية تحديدا ولا
تشتريه من روسيا مثلا . الإجابة أنها تحب السعودية وتغدق عليها ،
وتكره روسيا وتحرمها من عطفها وحنانها . نعم هى مسألة تبدأ بالمصلحة وتنتهى
غرامية محضة . بالظبط زى الحاج متولى ،
لو كنتم تفقهون ! عندما تكره أميركا السعودية أو تكره السعودية
أميركا ، فإن أميركا ‑وليس السعودية‑ هى التى قد تلجأ لسلاح
الطلاق ‑أقصد سلاح الپترول‑ ساعتها . هذا اسمه العصمة بإيد
مين ، برضه لو كنتم تفقهون ! نحن حتى لم نعد نساوى الأرض التى
نقف عليها ( إذا كان رامسفيلد قال على افهموها بقى ! نحن شعوب
متخلفة لا تنتج شيئا . نعيش على بيع بعض الخامات للأثرياء . نأتى من
القرية للمدينة حاملين صفائح السمن ، ولو لم نجد فيها أثرياء لنبيع لهم
سنموت جوعا فى اليوم التالى . ولو وجدنا أثرياء لكن منعنا الحراس من دخول
المدينة فسنموت جوعا فى نفس اليوم . ولو وجدنا أثرياء ودخلنا لهم لكن لم
يعجبهم السمن أو اتضح أنهم بطلوا ياكلوا سمن لأنه مضر بالصحة ، فأملنا
الوحيد أن يعطونا صدقة ويصرفوننا . هذه هى فكاهة سلاح
الپترول . That's It! ،
لا أكثر ولا أقل ! اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم السادس : المدينة
السادسة : 3 أپريل 2002 : اجتياح نابلس
ليلا . مدينة رقم 6 والأكبر والأهم . اتضحت
استطرادا لكلامنا عن المعايير المزدوجة أو ما نسميه كعرب الكيل
بمكيالين ، قبل يومين بمناسبة الإعدامات بدون محاكمة التى يرتكبها
الفلسطينيون ، وأمس عن مذابح العرب التاريخية لليهود ، تخيل لو طلع
كام واحد حماسى أو جهادى ( نعم ، بيت لحم بها حماسيون وجهاديون ،
لا تختلف كثيرا عن نيو يورك ولندن وأم الفحم ، أو ربما الڤاتيكان ) ،
طلعوا لمنارة الكنيسة وبدأوا ضرب النار على الإسرائيليين . لو فجرت إسرائيل
المنارة ساعتها ، تفتكروا مين إللى هيدخل التاريخ كمدمر لهذا الأثر
التاريخى ؟ الظريف فى طالبان أنهم
فخورون بدخول التاريخ كمحطمى آثار ، لكن العرب هيهات يكونوا يوما صرحاء مع
أنفسهم . الكيل بمكيالين عادتنا ولا هنجيبها من برة
( نقصد كلا من قيامنا بالكيل بمكيالين وقيامنا باتهام الغير به كلاهما
معا . هما عادتان أصيلتان جدا فى عقليتنا الثقافية الپارانوية ،
وزهقنا من الكلام عنها فى صفحة الثقافة
الموكوسة ) . انقطع الحديث عن انتهاك الأماكن المقدسة لكن بدأ بدلا
منه الكلام عن سيارات الإسعاف . يقولون إنها طبقا للقانون الدولى يجب أن تكون حرة
الحركة . هذا صحيح ، لكن أين كان القانون الدولى عندما كان سيتخدمها
الحماسيون والجهاديون وغيرهم فى تهريب الأسلحة والمقاتلين . فاكر قبل كام
شهر لما قلنا الشريعة الإسلامية لا تعرف
چينيڤ . بيقولوا الصحافة ممنوعة من دخول مناطق القتال . هو ده
كمان موش كيل بمكيالين ولا إيه ؟ ولا انتم كنتم عاوزين الصحافة العالمية أو
حتى المحلية كانت تدخل زى ما هى عاوزة منطقة القنال قبل حرب أكتوبر ؟ لا يزال صوت المتحجرين المتحاجرين المتحنجرين عاليا
جدا فى تبرير العمليات الانتحارية ضد فتيات نوادى الديسكو ، ويجد للأسف
بحماقة بالغة صدى واسعا فى كل الإعلام العربى . هذا أيضا كيل بمكيالين . إذا كان لا يوجد فى المجتمع
الإسرائيلى من يمكن اعتباره مدنيا ، فماذا يمكن أن يقال عن المجتمع
الفلسطينى . العالم يعرف جيدا جدا جدا جدا
( صدقونى ! ) أن العكس هو الصحيح . وأطروحة استباحة
المدنيين لأنه لا يوجد مدنيون ، هى بالأحرى كما قلنا من قبل ، ترخيص بإبادة كل الشعب
الفلسطينى . الحكومة المصرية قطعت
’ الاتصالات الحكومية غير الدپلوماسية ‘ مع إسرائيل . فى حدود ما
يفهم حرفيا من هذا النص أن لا شىء يتغير عن الوضع الحالى . هذا ما قالته
أيضا الحكومة الإسرائيلية ، وكذا لم يعبر تعليق أميركا على القرار عن أى
غضب . أعتقد ‑وحتى يأتى ما ينفى هذا‑ أن القرار يتكلم عن
’ الاتصالات ‘ ، ولا علاقة له بأية اتفاقيات موقعة سياسية كانت
أو اقتصادية . أكيد هو رد فعل متعقل لا يجارى الهبل السائد فى التصريحات
التى تجارى هتافات المظاهرات ، لكنه تأكيدا ليس ما كنا نتمناه . ما
نتمناه بالضبط ‑وهذا كما قلت أول أيام الحرب أعلاه
ليس كلامى إنما كلام كل رب أسرة مصرى يعانى من التردى الاقتصادى للبلد‑ أن
يخرج الرئيس مبارك ليتحدث بصراحته المعهودة عن أوضاع الصراع الذى فرضته علينا
وعلى إسرائيل أچندة المتطرفين فى حماس وحزب الله …إلخ ( الانتحاريين لا
لشىء إلا لكونهم فاشلين ) ، بعد أن كنا قد دخلنا حقبة السلام والنمو
وكدنا ننساه . نريد منه أن يرسم لنا السيناريو الذى سيتلو قطع العلاقات كما
يطالب المزايدون عربا وإيرانيين ، هل ستركع إسرائيل وتستجدى العفو
والسماح ، أم ستعتبر هذا فعلا من أفعال الحرب وتضربنا أو تعيد احتلال سيناء
فى ست ساعات بحجة منع تهريب السلاح مثلا ، ونرجع نبكى ( ليس مطلوبا
منه بالضرورة أن يقول لنا ما سيحدث لو دخلنا الحرب ، لأنه قاله مرارا من
قبل ) . نريد منه أن يشرح لنا أن قوة إسرائيل ليست شيئا تافها أو
عابرا ، إنما نتاج فكر وعقلية وبناء طويل ، هى النقيض تماما مما نسير
فيه نحن الآن . نريد منه أن يقول لنا إن قرارنا ومستقبل شعوبنا البائسة لم
ولن يكون مختطفا للمتطرفين والمزايدين ، تمليه علينا أچندتهم الخرابية
السوداء . يعلنها من جديد انحيازا للتنمية وحربا على المتطرفين فى أى بلد
’ شقيق ‘ كانوا ، وأن حلفنا
الحقيقى هو العالم المتحضر الذى بعد سپتمبر 2001 قرر مرة واحدة وللأبد
القضاء جسديا على كل متخلفى وناشزى العالم . وليكررها بوضوح أن ليس حلفنا
هو هؤلاء المتخلفين ، بل حلفنا وبالدقة التامة ، هو أعداؤهم .
وليقولها لنا بوضوح أن لا شىء من الحقوق والقرارات والأساليب القديمة بات ذا
قيمة اليوم . اليوم لا مجال للمماحكات أو التحايلات أو اللعب على
الحبال . اليوم المهم فقط المحتوى ، هل نحن متقدمون أو فى طريقنا
للتقدم ، أم نحن متخلفون ونرفض التقدم . وأن الفئة الأولى فقط هى التى
لها الحق فى الحياة كل الحياة ، وأن مصير الفئة الأخير أضحى معروفا قطعيا
ولا تسامح فيه منذ سپتمبر . نعم الأمر لا يحتاج لأكثر من خطاب واحد ،
والسوابق كثيرة ، وللرئيس المصرى احترام عجيب عند المصريين سواء أعجبك ما
يقول أو لم يعجبك . نعم ، إن مصداقيته أشبه بالسحر فى بلده بالذات فى
لحظات الشدة . تأكدوا بعدها أن ستسود السكينة الشارع المصرى ، وينتشل
من لوعته العاطفية الحالية . الجرذ السورى أبو رقبة طويلة الذى يقول عنه الغرب إنه يرتعد من قعقعة الدبابات ، ارتعد
فعلا وقرر سحب قواته من كل لبنان ، أو على الأقل من بيروت وكل ما هو جنوبى
بيروت . آدى ثوابت أبو الثوابت . أنا ما شفتش قلة أدب أكتر من
كده . سنين يقولوا لنا الوجود السورى مرتبط بالتهديدات الإسرائيلية
للبنان ، ولما تيجى التهديدات فعلا ينسحبوا ! نكتة أبيحة ، موش كده ؟ لكن زى كل يوم
عندنا نكت تانى مؤدبة … الشارع المصرى يمتلئ بعشرات
النكت التى تسخر من الانتفاضة ، والتى تنتشر كما النار فى الهشيم .
حتى من يتظاهرون يقولونها فى أوقات الراحة ! … واحد صعيدى راح يعمل عملية
استشهادية ، لما وصل إسرائيل طلع سكين وموت نفسه … شهيد من الأخوان الكبار
إياهم ، حطوه فى غرفة صغيرة فى الجنة ، زعق وطالب بحقه فى قصر وبنات
حور . قالوا له احمد ربك ، إحنا لسه مسكنين بتوع بدر إمبارح …
بيقولوا النكت هى العقل الباطن
للشعوب . الظاهر موش وحش قوى الشعب المصرى زى ما بيقول الموقع ده … كمان عنده نسخة تانى من
نكتة الأخوانجى الكبير تضع بدل كلمة بتوع بدر اسم أحد الأنبياء المشهورين .
وفيه نكت تانى عن عرفات إللى راحت منه الرعشة وعادت له قواه الجنسية بعد ما
استشهد ، والفرق بين بنات ألمانيا فى حجرتى رام الله وحجرة الجنة بعد ما
استشهدوا مع عرفات ، وكمان فيه كلام عن عدد الطيارات إللى طالب بيها عرفات
وعدد الطيارات إللى بيستخدمها ربنا … أكتر من كده لأ . هنرجع
للقباحة والكلام على أبو رقبة طويلة تانى … اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم السابع : 4 أپريل
2002 : تداعت المقاومة فى نابلس فجرا ،
وتركزت فقط فى قلبها القديم المسمى القصبة . لم يتبق من المدن الكبرى للضفة
سوى الخليل وأريحا ، ثم يحل دور قطاع غزة أى معركة حماس . ولا نعتقد
أنها ستكون بضراوة معارك الشيوعيين والقوميين فى الضفة ، بل ربما لا تكون
معركة أصلا . فالإسلاميون ليست لديهم ذرة الشرف الباقية عند الجثث
الشيوعية ، وليست لديهم هوجائية وتهور الثيران القومجية . هم لايعرفون
من الأصل شيئا اسمه المواجهة ، وتخصصهم فقط ‑وبحكم التراث القديم‑
القتل غيلة ، وبالذات كما قلنا ذات مرة
فتيات نوادى الرقص عاريات السيقان . اجتياح الخليل فى عز الظهر . مدينة رقم
7 . تتبقى أريحا وغزة . يبدو أن أسرائيل تسير بالأستيكة بالترتيب بدقة
تامة عكس الزمن عودة إلى أوسلو ، التى ‑لو كنت ناسى أفكرك‑
بدأت بغزة وأريحا ! قرار سعودى صارم وحازم للغاية بمنع
المظاهرات . عقبال الباقيين !
عاجل ومهم وعظيم : النصر لا يجلب إلا النصر : تحرير
لبنان : تكلمنا بالأمس عن
انصياع جرذ دمشق الألثغ بشار الأسد للأمر الإسرائيلى له بالانسحاب من
لبنان ، لكن لم نتخيل أن الأمر برمته من بدايته لنهايته هو مسألة
ساعات . تخيلنا أنه سيتم خلال أسبوع كما
قال بيان الجيش اللبنانى ، فإذا به انسحابا مذلا ومهينا لأبعد
الحدود ، بدأ قبل آخر ضوء ، وتم على عجل فى ساعات محدودة وتحت جنح
الظلام ، وفى حالة من الفوضى الكاملة ، سيظل أوتوستراد بيروت‑دمشق
شاهدا عليها حتى نهاية الأيام . جنح الظلام لم يدارى المهانة والذل ،
فاللبنانيون سواء المتحضرون الرافضون لاحتلال الهمج لبلادهم ، أو سواء حفنة
الإلهيين الهمج عملاء الهمج ، لم يخف عليهم مغزى ما حدث . وطبعا لم
يخف على أحد لماذا حدث فجأة ، وأنه تقرر فى لحظة بعد التهديدات شديدة
اللهجة التى وصلت للجرذ الدمشقى أبله الحسابات عديم الكرامة رغم رقبته الطويلة
المتطوحة . حتى فى هذا هو أبله الحسابات أيضا ، لأنه يعتقد أنه سينجو
هكذا من الشواء النووى ! فى كل الحالات لا منجاة كما قلنا ، لمن عادى القيم
الغربية الحضارية يوما . الانسحاب تم خلال انعقاد اجتماع لمجلس الوزراء
الأمنى المصغر الإسرائيلى ، قرر فى نهايته أن لا داعى للتصعيد ضد سوريا إلا
لو حدثت مناوشات جديدة من حزب الإلهيين ، وكأن الجرذ كان فى سباق مع الزمن
للانسحاب قبل انتهاء هذا الاجتماع . طبعا لا تزال الرحلة طويلة قبل
عودة لبنان كقوة متحضرة نشطة فى الاقتصاد الإقليمى والعالمى ، الخطوة
الأولى فيها إعادة ترتيب البيت ، ولا شك أن المجتمع الدولى المتحضر ،
وإسرائيل إلى القلب منه ، سوف يكون له الدور الحاسم فى تخليصه مما تبقى الآن
من فلول الظلام ، ممثلة فى حزب الله وعملاء سوريا ككل ، وإعادة أبناء
لبنان المخلصين الذين نفتهم القوى الهمجية للخارج . بركاتك يا شيخ بن
ألعيزر ، لولاك لاستمر بشار جاثما على لبنان العظيم قرنا آخرا . أو
كما نقول فى مصر : هو بق وبس . يوعظ ويخطط أمام القمة العربية بالساعات ،
وعندما تدور جنازير الدبابات يهرع لجحرة أسرع من الصواريخ إللى كان بيتكلم
عنها . كما نقول دوما : الحل هو القوة ، ولو فشلت القوة فالحل
المزيد من القوة . بمناسبة نكتة الفأر
والدبابة ، نهديك اليوم هذه النكتة من التايمز اللندنية . خريطة
ضخمة تبين قوات التسليح لدول المنطقة المختلفة . تخيل أن سوريا لديها
800 دبابة أكثر من إسرائيل ، و1200 لو أضفت دبابات لبنان إللى كانت
محتلاها ؟ لكن كما يقال عندنا فى مصر أيضا : العدد فى الليمون !
هل تذكر كم كانت نتيجة المعركة الجوية بين إسرائيل وسوريا فوق لبنان سنة
1982 ، كانت 79 / صفر . بالقياس نتيجة معركة الدبابات المشابهة
وطبقا لأرقام التايمز سوف تكون 5073 / صفر ! مساء : خطاب مفاجئ من
چورچ بوش ، يمنح فيه الفلسطينيين ربما آخر
فرصة للاستسلام المشرف . وصل فى حدة كلماته لحد اتهام عرفات بخيانة
شعبه ، وحدد بوضوح أن دخوله للأراضى الفلسطينية بعد أوسلو ، كان لهدف
أساسى واحد هو حماية أمن إسرائيل وتصفية الإرهاب الإسلامى . ودعا بوضوح كاف
الفلسطينيين لاختيار قيادة جديدة ، عرض عليهم مجددا المعونات الأميركية
الوافرة . الجديد العملى هو فقط أن قرر إرسال كولين پاول الأسبوع
القادم . من منظور فلسطينى الكلام عن عرفات خطير للغاية ، مع ذلك فأهم
ما فى خطاب بوش هو ما لا علاقة له بالفلسطينيين ، إنما تكراره لعبارة إما
أنتم مع الحضارة أو ضدها ( صياغة جديدة أفضل من مع الإرهاب أو ضده ،
اقترحناها فى حينها ، ربما يقرأ
موقعنا ! ) ، محددا أنه يرصد العراق وإيران وسوريا كدول داعمة
للإرهاب الفلسطينى ، وأفاض فى كيفية مساعدة كل منها له . الكلام واضح ومحدد جدا ،
والمطلوب من العرب الرد بنعم أو لا ، وليس بمحاضرة عن الاحتلال والمقاومة
المشروعة والتحرير الوطنى وشارل ديجول . عند بوش لا تفاوض ولا حيود ولا
استثناءات ولا سماحات ولا طرق للالتفاف عن هدف محدد للغاية هو وضع كل قادة
الأقصى وحماس والجهاد وحزب الله كهولا وشبابا فى السجن ، أو ترك شارون
يقتلهم . بالنسبة لإسرائيل ‑ونحن نكتب فور الخطاب وقبل أية ردود
أفعال‑ نعتقد لا جديد ولا مشكلة فيما قاله بوش ، فكل ما قاله عن
تينيت وميتشيل والمستوطنات …إلخ سبق ووافقت عليه . التوقيت جيد وليس
مبكرا ، ولا أعتقد أنه يمثل ضررا أو إحراجا لإسرائيل ، بل لا أكاد أشك
أنه نتيجة لتنسيق دقيق بين موفاز ورامسفيلد . پاول سيأتى بعد أربعة أيام
على الأقل ، هذا لو جاء فى مطلع الأسبوع بالضبط أى يوم الاثنين . هذه
الأيام الأربعة كافية جدا لاحتلال أريحا وغزة . بعدها ، وإلى أن يفهم
مساعدو عرفات المشهورين ببطء الفهم ، أن زعيمهم قد عزل ، وإلى أن
يفهموا أن أميركا ترى فيه نورييجا وليس مانديلا ، وإلى أن يفهموا أن هذا
عرض استسلام لا سلام ، وإلى أن يفهموا أن الاستسلام قبل الانسحاب وليس
العكس ، وإلى أن يفهموا أن أحدا لن يسمع منهم أسطوانة الشرعية الدولية و242
و338 وغيره مرة أخرى ( بوش استخدم تعبيرا دقيقا ومحسوبا جدا حول هذه
القرارات هو ’ الاتساق ‘ معها وليس تطبيقها ) ، وإلى أن
يفهموا أن كل شىء يدور فقط حول أمن إسرائيل ، وأخيرا إلى أن يفهموا أن كل
هذا ليس إلا العرض الأخير لهؤلاء المساعدين أنفسهم قبل فصلهم هم أيضا ، إلى
أن يفهموا كل هذا ستكون قد مرت أسابيع وأسابيع كافية للمشروع الشارونى لتهشيم
البنية التحتية للارهاب .
الشىء السئ الوحيد فى خطاب بوش أنه لا زال كما قبل أسبوع مضى لم يقرأ
المبادرة العربية ، ولا يزال يتورط فى تأييدها دون أن يقرأها ، ولا شك
واحد بالألف لدينا أنه حين يقرأها سيسحب تأييده لها فورا . ليس الأمر يتعلق
فقط بما يسميه العرب حق العودة ( ويفهمه العالم تعويضا لليهود العرب الذين
سلبوا وطردوا ، ويفهمه ترحيلا لعرب 1948 للدولة الفلسطينية الجديدة تطبيقا
لقرار التقسيم ، ويفهمه كما ينص قرار 242 عودة لحدود آمنة وليس لحدود
1967 ) ، بل بما ذكر شارون العالم به مؤخرا من كلمة أبا إيبان أن حدود
1967 هى ’ حدود أوشڤيتز ‘ ، وذلك من خلال مكالمته
التقليدية لسافاير
عند كل حدث ( الجزء الثانى من المكالمة اليوم أهم ما
فيه أنه نجح على ما يبدو فى إقناع بوش بإعطاء إسرائيل الكلمة الأخيرة فى تنسيق
الشرق الأوسط ، مثلا تقرير أولوية ضرب الانتفاضة أو ضرب العراق …إلخ ،
قائلا له ’ أنتم تأتون وتذهبون
ونحن الباقون فى المنطقة ‘ . المهم ثانيا فى
المكالمة ثانيا أنه يعد الفلسطينيين العاطلين بالسمن والعسل أو ما أسماه
’ خطة بوش‑شارون ‘ ، ذلك إذا استسلموا بالطبع . بل
يقول إن رؤيته لتشغيل العاطلين مشروع مشترك لكل من الإسرائيليين
والفلسطينيين . علق سافاير بأن طيبة شارون هذه هى الفرصة الأخيرة
للفلسطينيين فى دولة وفى رخاء . لاحظ طبعا سافاير وشارون عواجيز طيبين وإن
نيتانياهو إللى دارت عليه معظم المكالمة ، وإللى غالبا ها ييجى للحكم
بالكتير فى 28 أكتوبر 2003 ، موش طيب خالص ! أيوه كلنا بنحب نقول فرص
السلام أصبحت ’ عديدة ‘ جدا ، المشكلة فقط أن معنى عديدة أنها
قابلة للعد جدا أو معدودة جدا وليس متعددة جدا ، ذلك أننا نفضل استخدام
الكلمة حسب القواميس العربية التى يبدو أن حرص الإسرائيليين عليها أكثر من كل
العرب ، فالتحضر لا يتجزأ ، وكذلك العلم . أما فرص العرب فى
العيش survival
فهى ’ عديدة ‘ جدا جدا جدا على عهدة القاموس المحيط
ولسان العرب ولسان بنيامين نيتانياهو ! ) . هذا عن الشىء السئ فى خطاب بوش ، أما الشىء
المرح فهو ترسيخه لمبدأ حواجز الجيش الإسرائيلى من خلال مطالبته بعدم إهانة
الجمهور عندها !
عدا هذه وتلك هو خطاب محكم جدا وقوى جدا ، موجز
لكن مشروع شامل للحل ، والأهم أنه يذهب مباشرة للنقطة . هذا هو الموقف
الصحيح الذى طال انتظاره من القدرة العظمى ، الحزم الأميركى ( بما فيه البطش النووى ) يسهل
كثيرا على بقية العالم اتخاذ القرارات الصحيحة ،
أو كما قالت مارجاريت ثاتشر قبل
أسابيع قليلة : ’ إنهم
يكرهوننا ، نظامنا الدفاعى سوف يغير هذا ‘ .
هذا ما يسميه البعض إملاءات ونسميه نحن قيادة . إذن من منظور المعتدلين العرب ، الخطاب جاء فى
وقته فيما أفهم ، بل قد لا أبالغ إن قلت إنه صنع من أجلهم هم أساسا ،
ومقصود جدا ذكر السادات وحسين ومبارك فيه . الآن على أولئك القادة تبنيه
بقوة أمام شعوبهم ، وحشدها وراء برنامجه الحضارى ، باعتباره خطابا
متوازنا لا يطلب أكثر مما تريده هذه الشعوب ، وهو القضاء على الإرهاب
والتطرف فى الصف العربى . مع ذلك سيبك من كل ده ، أنا عارف السؤال إللى
شاغلك دلوقت . تحب نجيب لك م الآخر ؟ لم يحدث قط لپاول أن نجح فى مهمة دپلوماسية واحدة فى
حياته ، هو يرسل فقط للتمهيد لوصول رامسفيلد . ببساطة : لم ولن
يحدث أى شىء يمكن أن يؤجل أو يلغى حفل الشواء النووى ! بالعكس ، ما أتصوره فى هذه
اللحظة ، أن سيجن جنون جبهة الرفض من خطاب بوش الذى قطع عليها كل
طريق ، وتنطلق فى هياج تتضرع معه لتسريع الضربة النووية ضدها . كلامنا
لم يتغير منذ سنوات منذ صفحة الثقافة : لا كلام عن أى شىء من أى نوع قبل تهشيم جبهة الرفض
العربى‑الإيرانى . اقرأ النص
الكامل لخطاب الرئيس بوش . ليلا : شارون يوافق على مقابلة زينى لعرفات . تعتقد أنها مفاجأة أن
تأتى بعد عزل بوش لعرفات . بالعكس ، هو يعلم ما سيقوله عرفات
لزينى . شارون ذكى جدا ، عاوز استقالة عرفات وليس فصله . عاوز
يؤكد لبوش إنه على حق فى فصل عرفات ، علشان كده سمح لزينى بالتحديد
بالمقابلة ، ورفضها للقادة الأوروپيين بجلالة قدرهم النهاردة نفسه .
كمان ما تنساش إن فيه لعبة تانى ملحوظة ع الماشى : الوفد الأوروپى رفيع رفيع رفيع المستوى ، خاڤيير
سولانا ، خوسيپ پيكيه ، ميجيل موراتينوس ( موش مهم وظايفهم
إيه ، أو سمهم إيه رأيك ؟ ندى هذا اليوم السابع جايزة أكثر
الأيام إثارة ؟ المفروض ربنا بيرتاح فى اليوم السابع … شارون لأ ! اكتب رأيك هنا
الحرب السادسة : اليوم الثامن : 5 أپريل
2002 : نكتة اليوم السلطة الفلسطينية تقبل خطاب
بوش بدون قيد أو شرط . من غير حلفان ، هم قالوا كده فعلا ! طب
كان إيه لزوم الضرب والدبابات والذى منه . ما كان م الأول . م
الثانى ، هذا غير صحيح . هم متقلبون وبمجرد أن يعقد الإسرائيليون
اجتماعا أو اثنين معهم ويعزموهم على ليمونادة ، سيتخيلون أنهم قوة وأن
إسرائيل تتنازل وتهرول وراءهم ، وإن الرأى العالمى انتصر وإن البطش
فشل ، إلى آخر أسطوانة الانتفاضة إللى أنت عارفها . وترجع ريما
لعادتها القديمة . هذا ليس مشروع نكتة أخرى بل مشروع حرب أخرى . نكتة الظهر من خطبة الجمعة للمدعو مرشد الثورة
الإيرانية . يطالب بقطع الپترول عن أميركا شهرا . بيفكرنى بربانى وعمامته ، عبيط موش فاهم أى حاجة فى
أى حاجة ، أو على رأى الشاويش عطيه ’ هو بعينه بغباوته ‘ .
الأمريكان موش محتاجين حتى يشغلوا ذاكرتهم جامد ويفتكروا وعد كيسينچر للعرب سنة
1973 ، إنه هيخليهم يشربوا بترولهم . عندهم كلمة شارون الشهيرة
الأسبوع ده عن عرفات : One Way Ticket! … أهلا وسهلا بمن يقطع
الپترول ، لكن أميركا لن تشتريه منه ثانية . ربما يقولها رامسفيلد
النهاردة فى مؤتمره الصحفى ، أو ربما ينتظر حتى يقطع العرب الپترول فعلا
ويقولها . أعتقد هو ممكن يفكر أكتر بالطريقة الثانية ! نكتة تانى اسمها مقاطعة السلع
الأميركية . بصراحة ما عندناش وقت نقول تانى وثالث ورابع وخامس ،
إننا ‑كل العرب على بعض‑ شعوب جعانة ما بتستهلكش أصلا أى سلع ،
أميركية أو غير أميركية . نصيحة : أى وقت تزهق فيه من نكت هذه الصفحة ، ارجع لصفحة الثقافة ، أول صفحة بها قضايا فكرية وسياسية فى هذا
الموقع ، وبدأت كتابتها من سنة 1992 .
صحيح موقعنا كله غم فى غم ، لكن ميزة الكلام فى الصفحة دى إنه قديم
جدا ، والواضح من إللى بيحصل إنه كهربا واترمت فى الأرض ومحدش بص فى
خلقته . سيبك من احصائيات الموقع إللى كل شهر تقول ملايين أو عشرات
الملايين من الصفحات بتتقرى ، أكيد فيه حاجة غلط فى البرنامج ، أو بس
علشان ياخدوا منا فلوس أكتر ! مثلا من كلماتنا الخالدة جدا فيها لدرجة أن
ولا واحد قرأها ، كلمة تقول لو
عرف الضعفاء بضعفهم لما نشبت الحروب أبدا . اليوم قررنا تعديلها إلى لو عرف
الأغبياء بغبائهم لما نشبت الحروب أبدا . اليوم نتحدث عن البسالة والصمود
البطولى والأسطورى فى جنين ونابلس ، وقهر وتركيع آلة الحرب
الإسرائيلية ، وسقوط أسطورة الجيش الذى لا يقهر ، والعزلة الدولية
لشارون ، وتداعى ائتلافه الحكومى ، إلى آخر إللى أنت عارفه .
بكره الصبح هننهزم ونشوف طوابير المستسلمين وهى ترسل بالآلاف لصحراء
النقب ، ونقلب الوش التانى للأسطوانة : جريمة ، مجزرة ،
مذبحة ، السفاح ، قوة غاشمة ، أسلحة أميركية ، مؤامرة
غربية ، صمت عالمى ، وفى ذروة هذا الوجه يأتى الفصل الخامس الرثائى من
الأوپرا : مواثيق ، قرارات ، شرعية دولية ، دور
أوروپى ، وساطة أميركية ، تحيز ، ظلم ، إلى آخر إللى أنت
عارفه برضه . لا يمكن تصور أن وجهى الأسطوانة يمكن أن يكونا يتحدثان عن نفس
المعركة أو نفس الواقعة . لكن الحقيقة أنهما وجهان لعملة واحدة ، هى
الانفعالية العربية . ليست الانفعالية فقط ، بل الانفعالية التى
تعمينا عن غبائنا فى ابتلاع أچندة المتطرفين وأحقادهم الدينية وهوس الثأر
المستحيل لهزائمهم التى لا ولن تنتهى ، ولا يفعلون بعنادهم هذا سوى زيادتها
عددا وتعميقها يأسا . من ثم نختار الانسياق وراءهم ، لا إلى معركة غير
متكافئة كما يقول السلاميون الكوپنهاجيون ، إنما وبمنتهى التحديد والصراحة
إلى الجانب الخطأ من المعركة . جانب التخلف والرجعية ومقاومة التقدم ،
الجانب الذى نجد كل العالم المؤثر يديننا ويقف ضدنا فيه . نعم هناك أطفال
فلسطينيون يسقطون ، بل ومن الجائز أن كان منهم نجيب محفوظ أو أحمد زويل
آخر ، لكن لا يمكن لوم إسرائيل ولو بنسبة واحد فى الألف . الملوم فقط
انفعاليتنا وغباؤنا وما اختارته أيدينا ! أنا آسف إنى كتبت هنا حاجة تنكد عليك . لكن لو
أنت زهقت من موود الضحك ، أو لو زهقت من موود الخطب ، أو لو زورك
وجعك ، أو لو عاوز تدخل موود الحداد زى بعض المذيعين والمذيعات ما عملوا
واتدروشوا ، عملت إللى علىّ ودليتك على المكان . من ده كتير
هناك . أوعدك ، كل النكد إللى انت موش لاقيه هنا فى كوميديا
الإبادة ، هتلاقيه هناك فى صفحة الثقافة وبئس
المصير . أكيد ! أعلن جيش الدفاع الإسرائيلى انتهاء الطور
الأولى ، وهى الاستيلاء على المدن قد تمت ( ربما يتركون أريحا الوادعة
عادة ، لكن غزة لا يمكن ) . بدأ الطور الثانى فعلا وهو تمشيط
القرى . الطور الثالث سيحتاح لشهرين ، وهو بناء خنادق وأسوار حول
التجمعات الفلسطينية على غرار ما تم للهنود الحمر . موفاز يقود الاستيلاء على مخيم جنين بنفسه . شوارع
المخيمات ضيقة لا تسمح بالدبابات ، والقصف بالطائرات أفضل . عندما
يموت مدنيون سيقال كالعادة إن إسرائيل بربرية ، ولن يقال إن مناضلينا
الأشاوس يحتمون بالنساء والأطفال كدروع بشرية . طب ما أنت عارف أهه ! الحلقة تضيق : مصرع شارون شخصيا فى الشمال فى كيريات شمونة ليمتع نفسه
بمعزوفة صواريخ حزب الله المهداة لفلسطينيى المخيمات ( هذا ما اهتدى إليه
ذكاء الجرذ السورى معتقدا أن رقبته الطويلة المتأرجحة فوق كتفيه سوف تنجو
هكذا ) . لا شك أن شارون منتعش للغاية ويستعيد الآن ذكريات أيام 1982
الخوالى . دى هتحلوّ كمان وكمان ! وأمجاد يا عرب أمجاد !
ملحوظة تخص البى
بى سى العربية : هنا لندن ! … نحن المجاهدون والمجاهدات قررنا دخول
الحرب رسميا ! الأسبوع إللى فات بعث مستمع مصرى يحتج على أنها
أصبحت بوقا للإرهابيين والإسلاميين . إللى عرفناه بعد الحذف اللازم ،
أنه يطالبهم بالالتزام بالترجمة الحرفية للنسخة الإنجليزية للإذاعة ،
والالتزام بالموقف البريطانى لا العربى . حلقة الأسبوع ده من نفس البرنامج
’ رأى المستمع ‘ الذى يقدمه حاليا لم ألتقط للأسف اسم هذا المستمع ، ربما به
خالد أو شىء من هذا القبيل ، وهو من أوجه له الكلام الآن . لو أنت
تقرأ موقعنا أرحب جدا بنص رسالتك الكاملة لهم . ثانيا : سيبك
منهم . أنا من سنين هنا وغير هنا ،
اتنبح صوتى معاهم ومع رؤسائهم الإنجليز ، هم ما لهمش أى كبير بما فيه جلالة
الملكة ، لا الأم ولا البنت . ببساطة ما يسمى التنظيم العالمى للأخوان
المسلمين ، كما سيطر برجاله على الجعيرة وقناة أبو ظبى وغيرهما ، سيطر
على البى بى سى العربية . الفارق فقط أنهم لا يحتاجون لدفع أى مليم هذه
المرة ، وكله على حساب جلالة الملكة ودافع الضرائب البريطانى
المخدوع . لا أنفى وجود ناس كتير محترمين لكن غالبيتهم خلف الستار أو استقالوا
مؤخرا . إنما المذيعين والمذيعات ‑المدعوات ناهد نجار والحاجة نجوى
الطامى مجرد مثال فى بحر ، وعن الرجال حدث ولا حرج‑ لا يسمحون للضيوف
الإسرائيليين بمجرد التنفس ، ولا يكفون هن وهم عن التنهد أمام الميكروفون
طوال الوقت منذ بداية الحرب . لا ينسون أبدا ولو على سبيل التغيير ،
لفظ كلمة ارهاب إلا مسبوقة بكلمة ’ ما يسمى ‘ ، بينما يستخدمون
كلمة شهداء بلا تحفظ حتى فى أقوال الصحافة البريطانية ! وطبعا لا يذيعون
إلا نشيد يتغنى لحزب البعث اسمه ’ دعاء الشرق ‘ طول الـ 24 ساعة ،
ولو مسموح لهم يذيعوا نشيد ’ الله أكبر ‘ لأذاعوه ورموا هذا .
ولو وجدوا أناشيد الأخوان لأذاعوها ورموا البكائيات الدينية بصوت رياض السنباطى
الذى لا يصلح إلا للجنازات ، ورموا ’ القلب يعشق كل جميل ‘ التى
نكاد نعتقد الآن أن أم كلثوم لم تغن غيرها ، ورموا طبعا ’ الصبر والإيمان
( يا ظالم لك يوم ) ‘ لعبد الوهاب ( هل سمعت بها من
قبل ؟ ! ) . حتى من يقدمون البرامج الاجتماعية والإنسانية
التى طالما أوهمتنا أنها تبث أفكارا تقدمية نقدية
ومتحررة ، انقلبوا لأجواء الحداد والتنعى ، ولم يفكر أحد منهم مثلا فى
تقديم مقابلات إنسانية مع أسر ضحايا عملية نيتانيا أو غيرها ، ولو على سبيل
بعض التوازن مع ما باتوا يتخصصون فيه من مآسى فلسطينية . ذكاء قادة التنظيم دلهم على أن الانتصار على
إسرائيل ، وإنفاذ أچندة تصفية تراث الأحقاد الدينية التى تتملكهم ولن تموت
أبدا إلا بموتهم ، يكون بالتسلل والاستيلاء على الإعلام العربى ،
واستخدامه فى تهييج الدهماء عليها . هذه يا صديقى مسألة لن تحل حلا
جزئيا ، إنما كل الأحوال ستنصلح مرة واحدة عندما تتداعى العصابة الإسلامية
مرة واحدة وفى كل العالم ، وهذا ليس بعيدا بالمرة . مسألة شهور على
الأكثر . نفس الكلام على رؤسائهم الإنجليز ، شوية شيوعيين مبسوطين من
إللى بيحصل ، وبقوا من الرخص بحيث يتحالفوا مع أى حد حتى لو أسامة بن
لادن ، وتأكد البى بى سى العالمية ليست أفضل كثيرا يا صديقى . وانتهاء
هذا ليس ببعيد أيضا وأرجوك أن تقرأ آخر ما
كتبنا عن مستقبل اليسار فى أوروپا . اكتب رأيك هنا
الحرب السادسة : اليوم
التاسع : 6 أپريل 2002 : صفحة الإبادة التى
تقرأها الآن بدأت قبل نحو سنة
ونصف بمناسبة تقرير للاستخبارات المركزية عن العالم سنة 2015 . اعترضنا
عليه بشدة فى حينه وقلنا إن من المستحيل أن يأتى عام 2015 دون أن يطرح العالم
خيار الإبادة المنظمة للعرب والمسلمين . لم نحتج لـ 15 عاما ولا حتى لـ 15
شهرا حتى أصبح العالم كله مقتنعا
بخيار إبادة كل الفاشلين اقتصاديا الرافضين للتقدم ، وفى طليعتهم بالطبع
العرب والمسلمين . بل الحقيقة أننا لم نجتح سوى لـ 15 يوما حتى تولى البيت
الأبيض والپنتاجون أناس يدركون
أن لا مفر من هذا الخيار إن آجلا أو عاجلا ، وعاجلا أفضل من آجلا . مع
ذلك الكلام كتير وبالكيلو شيل زى ما انت عاوز من هتافات وبيانات وقرارات من
المظاهرات والتليڤزيونات والاجتماعات ، ومن سيل الوعود من هنا ( أو بالأحرى رغم هذا ) نكتة كل
النكت والأوسع انتشارا من أى نكتة أخرى سابقة ، نهديها من باحات الجامعات
المصرية إلى اجتماع وزراء خارجية العرب اليوم : العرب عاوزين يحاربوا . بايخة ؟ موش كده ؟
روسيا نفسها ما عندهاش جيش يحارب … بتفكر فى المعونات بس … يا عم خلاص ! … Sorry! … ما تزعلش … حتى
الاجتماع هربت منه سوريا والعراق وكل الصراصير أم صوت عالى … ما فيش حرب ولا قطع
علاقات ولا أى حاجة … قلنا خلاص … هو الهزار حرام … بس ما تزقش … خلاص … ها نبطل
نقول نكت تانى … أيى يييى …
خلينا فى الجد . معركة مخيم جنين
و’ قصبة ‘ نابلس مستعرة . شىء مذهل أداء هذا الجيش خير جند
الأرض . تقريبا ولا غلطة . آلة عملاقة مع أداء كالساعة . انضباط
رهيب . اكتساب لخبرة العمليات السابقة بحيث نكاد نتخيل الاجتياح المؤقت
للمدن خلال الشهور الماضية كان مجرد
پروفة مقصودة . تكيف رائع مع التحديات الجديدة أو ما يسمى التهديدات اللا مماثلة التى أخذت
صورة جديدة تماما هى المتفجرين الانتحاريين . وفوق كل شىء ثقة بالنفس غير
عادية . بصراحة لا يكاد يقارن بما عرفناه فى 1973 أو 1982 ، رغم أننا
انبهرنا به أيضا فى حينه . نقول هذا لا لنغيظ بعضنا بعضا ، إنما لنكرر
للمرة الألف درسا قديما من صفحة الثقافة
العتيقة إياها ، لدرجة أن بات سخيفا ومملا إن لم يكن مثيرا للانقباض ونحن
فى خضم هزيمة سادسة لم يكن منها أى بد ، الا وهو أن أولا : التقنية هى اسم اللعبة ،
وثانيا : أننا لن نكتسب التقنية أبدا إلا لو تعرت نساؤنا . بلى ، للأسف نحن نحب دائما هذه الصياغة الصلفة ،
وإن كان طه حسين وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وكثيرون غيرهم ، كلهم قالها
بأسلوبه الخاص ، والتفاصيل فى الصفحة المذكورة . فالفكرة ببساطة أننا
لن نبدع أو نتخيل أو نبتكر أو نخترع ( وطبعا لن نحارب أو
ننتصر ) ، إلا لو أرضعنا أطفالنا مع حليب الأم ضرورة تكسير كل
المقدسات دينية كانت أو غير دينية . لولا اعتبارات المساحة أيضا لوضعنا ألف
صورة كالصور المجاورة التى بثتها وكالات الأنباء نتعلم ؟ برضه رجعنا للهزار ! موش عارف
ليه دايما الكلام يبتدى جد ويقلب هزار كل مرة ؟ هو فيه مهزلة ولا حاجة زى
كده بتحصل حوالينا وموش واخدين بالنا ؟ معلهش ، خلينا فى الجد
تانى . كولين پاول أعطى انطباعا قويا أنه لن يقابل عرفات . بوش أكد
تانى على عزل عرفات ، وخطا خطوة جديدة بقوله إن هناك قيادات كثيرة
صالحة . يعنى الموضوع بتفاصيله قتل بحثا ، ولم يتبق سوى إعلان أميركا اسم الرئيس الفلسطينى الجديد الذى
عينته . موش قلنا لكم من أول أيام صفحة الثقافة إللى موش عارف ليه اليومين دول
صعبان علىّ كل كلمة كتبتها فيها ، مرورا بكل صفحة سپتمبر ،
ولغاية الكلام إللى اتكتب أول امبارح
بس ، إن القانون الدولى
( إللى الموقع ده موش معترف بيه وغاوى يسميه قانون فاطمة أو قانون
يالتا ، حاجة زى كده ) فى حالة انصهار حاليا . هذا هو الوضع
المعتاد أثناء كل حرب كبرى ، وبعد حسم أميركا لحرب التاريخ العظمى الحالية
ضد التخلف ، سوف تجلس فى هدوء قريبا لكتابة الترتيب العالمى الجديد .
وكما قلنا قبل سنوات طويلة فقد نضجت
الظروف لأن يتخذ صورة حكومة مركزية واحدة وجيش مركزى واحد كاملى
الصلاحيات ، هما بطبيعة الحال الولايات المتحدة .
( عن المظاهر المختلفة لانصهار القانون الدولى الحالى انظر صفحة الجلوبة ) . كل ده حصل ليلة إمبارح قبل استقبال بوش لبلير مساء
أمس وتكرر ثانية اليوم فى مؤتمرهما الصحفى المشترك ( هييييه ! أونكل تونى جه ! سيتم تفعيل
المسار العراقى ! الشواهد تتكاثف مرشحة إسرائيل لتولى منفردة حلحلة المسار
السورى ، السؤال فقط من ومتى سيتم تفعيل المسار الإيرانى ) . شطار الإعلام والسياسة عندنا يقولون بوش يدعو شارون
للإنسحاب الفورى . والصلف الشارونى يمرغ طلبات بوش فى الأرض ، إلى آخر
هذا الكلام الكبير . كلمة فورى إللى أنا أعرفها بالإنجليزى ما جاتش أبدا
على لسان بوش ولا قرار مجلس الأمن ولا أى حتة حتى روسيا أو أوروپا ، إلا
بخصوص حاجة واحدة : وقف الفلسطينيين لإطلاق النار . كل ما هنالك إن
لينا خمسين سنة حافظينها كده ’ الانسحاب الفورى وغير المشروط ‘ ! الأهم أن پاول سيغادر غدا الأحد مساء ويبدأ الرحلة
فعلا يوم الاثنين كما قلنا ، لكنه سيلف الكرة الأرضية أولا ( ربما
للتشاور حول اسم خليفة عرفات ) ، قبل أن يصل لإسرائيل يوم الجمعة على
الأرجح ، يعنى أسبوع فوق الأسبوع . مرة أخرى كل شىء مدروس كويس !
إسرائيل ، أميركا ،
أوروپا ، وحتى غالبية القيادات العربية ، وربما ياسر عرفات نفسه ‑صدقنى
أو ما تصدقنيش أنت حر ، يتوقون لأن تسفر هذه العمليات عن تصفية البنية
التحتية للانتفاضة ، والقضاء على جميع لورداتها مرة واحدة وللأبد .
الكل نفسه يصحى ما يلقاش ولا واحد شيوعى ولا قومجى ولا إسلامجى فى فلسطين ولا فى
كل عربستان . الكل عاوز استقرار وتنمية ، ومن يريد الانتفاضة هم فقط
من يستغلونها فى مناوشاتهم الرخيصة مع الغرب ، تحديدا حكام دمشق وبغداد
وطهران . وإللى بوش فاهمهم كويس قوى ، وقال لهم فى خطابه المشهور أول
إمبارح اهتموا شوية باقتصاد شعوبكم بدل دعم الانتفاضة . الشىء الوحيد إللى
ما يعرفهوش بوش ويعرفه رامسفيلد ، إنهم ما بيحرجوش أبدا ! مساء : إسرائيل تقصف مقر عرفات بالرشاشات الثقيلة ، وتصيب أربعة من
مرافقيه . موش قلنا لكم زيارة زينى إمبارح كانت زيارة استطلاعية .
طبعا أجهزة الرؤية الليلية شغالة تمام ، وما حدش هيروح دورة المياه
تانى . اكتب رأيك هنا
الحرب السادسة : اليوم العاشر : 7 أپريل
2002 : برضه أطنان من الصراخ والتليڤزيونات
والمظاهرات لا تجدى شيئا ، وشارون بكلمة تقال فى ربع ثانية يضع كل
’ العالم الحر ‘ فى جيبه مرة أخرى . رد على چورچ بوش فجرا ،
أنه لو يريد تسريع العملية فعلا ، فسوف يزيد عدد الضحايا المدنيين .
حد عنده اعتراض ؟ ! على الأقل الكلام كان فجرا كما
قلنا ، والديك كان قد صاح وسكت چورچ بوش عن الكلام المباح ! اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم الحادى عشر : 8
أپريل 2002 : شارون يعلن صباحا أمام الكنيسيت رفضه
لكل الوساطات والضغوط والمظاهرات والتليڤزيونات والذى منه ، ويؤكد
مواصلة الحرب حتى تتحقق كل أهدافها . بل وقرر التسريع فيها ( بما يعنى
ضمنا عدم الحرص كثيرا على المدنيين الذين يقاتل المسلحون من وسطهم ) .
معلهش يا عم آرييل هيقدروك ويشكروك بعدين ! ( هل تريد معرفة ما إذا
كانت قوة شارون أخلاقية أو غير أخلاقية ؟ كله موجود من سنين فى صفحة الثقافة ! ) . اقرأ نص
خطاب شارون . استدعاء المزيد من قوات الاحتياط وحشدها على الحدود
اللبنانية . ليلة أمس كان رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى قد أكد حق
حزب الله فى مهاجمة مزارع شبعا ، رغم تحذيرات أميركا وسكرتير عام الأمم
المتحدة القاطعة له طيلة اليوم ، بأنها داخل ما يسمى الخط الأزرق ،
وأن إسرائيل نفذت بالكامل قرار 425
( الشرعية الدولية إللى أنتوا بتحبوها ) ، ويجب نشر الجيش
اللبنانى فورا فى الجنوب . موقف سئ بل وشبه غير متوقع من شخصية تنموية
كالحريرى طالما ناضلت ضد حزب الله . نعم ، لا زالت أذناب الجرذ الألثغ
فى مواقع التأثير فى لبنان . ربما لم يعد يصدر الأوامر بعد انسحابه الجبان
قبل أربعة أيام أعلاه ، لكن الأچندة
التدميرية لهؤلاء الأذناب لا تزال كما هى ، ولا يزال القرار اللبنانى
مختطفا لهم . آمل فقط أن يكون شارون فاهم أن الحل فى قصف دمشق وليس
بيروت . هذه هى الرسالة الوحيدة التى ستفهم فورا فى كل من طهران
وبيروت .
ضم إيفى إيتام وديڤيد ليڤى
للوزارة ، التى اتسعت هكذا بضم هذين الحزبين اليمينيين . عارف الچنرال
إيتام ده مشهور بإيه ، غير اللحية الوسيمة . عاوز يرحل كل عرب الضفة
وغزة و1948 للأردن ، كل الثلاثة ملايين ونصف يعنى . هو بيسميهم
ضيوف ، بيقول قرأها فى كتب التاريخ . تاريخ عمر بن الخطاب ولا
مين ، أنا موش خبير فى كده زى ما أنت عارف . العراق أعلن قطع الپترول لمدة
شهر . عبد الله بشارة الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجى وأول من
تولى المنصب ، أعطى البى
بى سى العربية ردا فوريا بالغ الصرامة . قال إن حظر 1973 كان موقفا قوميا
تم عن اقتناع رغم ثمنه الباهظ . العراق هو الدولة الوحيدة التى رفضت
المشاركة فى حظر 1973 ، وأغرق الأسواق ومن ثم حساباته البنكية . ما
يفعله حاليا ليس إلا مزايدة إعلامية ولا تأثير فعلى لحظر الپترول سابقا ولا
لاحقا على القرار الأميركى أو غير الأميركى . أيادى دول الخليج على فلسطين
وكل قضايا العرب نظيفة ولا يزايد عليها أحد . پترول الخليج وديعة لكل الإنسانية ،
ومهما حدث سياسيا لن توثر يوما على هذه الشراكة العالمية فيه . الحل الوحيد
للقضية هو الحل الدپلوماسى ، وهو ممكن بشرط أن يكون واقعيا وليس خيالى
السقف . الملخص الذى نكتبه هنا ليس له قيمة تذكر ، كان
الواجب أن تسمعه بنفسك ، ونبرات الشيخ الواثقة القاطعة الصارمة والحاسمة شىء
مذهل . هل تصدق إن فيه عرب محترمين كده ؟ أنا شخصيا لغاية دلوقت لا
زلت مذهولا ! طبعا مجاهدى البى بى سى شعروا بغلطتهم على
الفور وأنهم تسرعوا فى الاختيار ، أو لعله بالصدفة كان أول من رد على
مكالمتهم ، ومن ثم لم يذعوا الحوار ثانية قط ، بينما كلام إرهابيى
نابلس وجنين يظل يكرر حتى مساء اليوم التالى . اكتب رأيك هنا
الحرب السادسة : اليوم الثانى عشر : 9
أپريل 2002 : جدو پيريس قلقان . بيقول بعد
انتهاء معركة جنين سيتهمنا العالم بارتكاب جرائم حرب . هو العالم بالنسبة
لك شوية الشيوعيين إللى زيك يا جدو . العالم سيقول إن ملحمة دارت انتهت
بسحق حفنة من أشد قوى الظلام عنادا وشراسة ودموية مما عرفها التاريخ .
الجهاديون ( أقصد تنظيم الجهاد وليس الكلمة بعمومها ) هم فقط
المستمرون فى القتال إلى اليوم ، بعد أن استسلم الجميع أو مات .
المتفجرات وفيرة كما هو واضح . صباحا فخخوا منزلا أسفر عن مصرع عشرة جنود
إسرائيليين لدى اقتحامهم له ، و13 ككل هو العدد حتى المساء . ثمن باهظ ،
لكن مع ذلك الواضح أن المعركة على وشك الانتهاء ، وأن مخيم جنين لن يقام
ثانية للأبد بتلك الأزقة الضيقة التى يبدو أنها صممت خصيصا لا بسبب لفق
وحده ، إنما من أجل حرب العصابات . الأمور حاليا فى طريقها
للحلحلة . الانسحاب تم من داخل قلقيلية وطولكرم إلى خارجهما . پاول فى
القاهرة اليوم ، وطبعا لن يلقى نفس استقبال الأمس قليل الذوق من ملك
المغرب . يقال إن هذا الآخير استنكر فى أول عبارة له فيه وجود پاول فى
المغرب لا القدس ( بالطبع ما كان محمد الخامس أو الحسن الثانى ليفعل شيئا
غرا كهذا قط . ترى هل پاول بدأ يدمن تلقى الاهانات من العرب مثل بلير ؟ أم أن الملوك لم يعودوا آلهة
يملكون الأرض ومن عليها ، إنما مجرد صبية تقود مظاهرات ، ضد من لا
أعرف ، هو فيه حاجة أعلى من الملوك ؟ ) . [ بعد نحو
عام وبعيد حرب العراق ، وفى مفاجأة أدهى أهان محمد السادس چورچ دبليو .
بوش نفسه ، اقرأ هنا ] . شارون سمح للرباعى أبو مازن - أبو العلاء - عريقات
- دحلان بمقابلة عرفات ، وهى ‑ربما باستثناء عريقات الذى ضم بحكم
تاريخه التفاوضى‑ هى الأسماء التى على العكس من الجميع بمن فيهم عرفات
نفسه ، لم تنجرف عاطفيا وراء التصعيد الذى أملته أچندة الإرهابيين ،
بل وآلت إلى الصمت معظم الوقت . حتى لو لم يقل ذلك علنا ، فهو ‑أى
شارون‑ لا يزال يعترف بعرفات . حتى لو كان المستقبل ينبئ بنوع من
قيادة أكثر جماعية للمعتدلين ‑الحازمين فى ذات الوقت‑ دورا أكبر
فيها ، فإنه فى الواقع لا أحد ضد عرفات ، لو قام بواجبه نحو الحضارة
والجماعة الإنسانية ، وتخليصها من جراثيم التخريب والإحقاد المهزومة .
المعطيات التى على الآن فرصة تاريخية للشعب الفلسطينى ، كى يقتلع مرة واحدة
وللأبد قوى الظلام والتطرف والماضوية ‑شيوعية وقومية وإسلامية‑ من
بين صفوفه ، مرة واحدة وللأبد . الثمن كان قاسيا ، فقط ما نأمله
أن تكون العقول القديمة قد استنارت بعض الشىء ، ووعت بعض حقائق عالمنا
الجديد الشجاع . لا تخف أيها الجد الطيب شيمون . فقط أدوا فروضكم المدرسية أولا ، وبعد أن تضع الأسلحة
أوزارها ، لن تكون هناك أكثر من نوافذ السلام ، ذلك كما سبق وقلنا فى
الأيام الأولى لهذه الحرب . كل ما حدث أن تمت تصفية أعداء الحضارة
والتقدم ، الذى هو أول شرط بديهى للسلام ، مع ذلك لم تعره اهتماما
يذكر طيلة حياتك السياسية . الصور المجاورة تناقلتها وكالات الأنباء من رام
الله أمس ، وهى فوق كل تعليق ، خاصة إذا وضعت فى الاعتبار أنه فى نفس
اليوم كانت موقعة جنين ونابلس تستعر لواحدة من أشرس ذراها . [ تحديث : اليوم التالى : پيريس
ينفى ما قاله
مصرع طالب مصرى فى مصادمات مع الشرطة
بالأسكندرية . يقال فيما يقال بين المثقفين المصريين ، إن هذا ليس وقت الديموقراطية إنما
وقت التحديث ، أو بعبارة أكثر صلفا ، هو ليس حتى وقت المناورات
السياسية إنما وقت استجداء الخبز . الحل الصحيح هو القمع من البداية ،
بمعنى الاستئصال الجذرى والكلى والجسدى لكل القوى الماضوية التى تشد المجتمع
للوراء ، سواء الشيوعى أو القومى أو الإسلامى منها . ساعتها سيشعر
النظام بالحرية وبالتخلص من كافة الأغلال التى تقيد قراراته وبرنامجه
للتحديث . هذا يشمل كل تلك القرارات التى تفرضها إملاءات الاقتناع
الذاتى ، أو إملاءات كتب الاقتصاد ، أو إملاءات السفارة
الأميركية ، وكلها إملاءات صائبة وعلمية وإيجابية ومطلوبة . بعيدا عن كل هذا وذاك ، حتى لو افترضنا
جدلا ، وهذا ما لم وما لن يحدث أبدا ، أن حققت تلك الدائرة السياسية
بعض المكاسب المساوماتية مع أميركا أو إسرائيل ، فما نجزم به أنها لا تكاد
تستشعر شيئا مما يجرى من عواقب وخيمة على الاقتصاد من جراء تلك المراوغات ،
سواء كخسائر مباشرة مع الغرب نفسه ، أو من خلال هروب الشركات أو عدم قدومها
تحت معاول دعوات المقاطعة مثلا . أو وهو الأعمق والأهم وإن لم يكن الأكثر
ظهورا ، أنه يكرس روح العداء للتقدم والمتقدمين ، ومن ثم يضاعف على
المجرى الأبعد ، صعوبة اندماج وتأقلم الأجيال الجديدة مع العالم الجديد
حولنا ، بينما فجوة التقنية تزيد بشراسة كل يوم بل وكل ساعة . نقول
هذا مع تكرار كل الحب والاحترام للشخصية التى نقصدها ، والذى لاح لنا يوم
تولت منصبها أنها تمثل طفرة فى الكفاءة ككثير من القيادات التى أجاد الرئيس
مبارك اختيارها ، إلى فقط ما قبل سنوات قليلة جدا ، عندما بدأ الزمام
يفلت بالذات فيما يخص الفريق الاقتصادى . ما أردنا قوله اليوم ‑آملين فقط أن لا يكون
دم شاب الأسكندرية القتيل قد ذهب هباء ، وتستمر الدائرة الجهنمية لخلق
البعبع ثم الارتعاد منه ، إن لم يكن موت فرانكنستاين بيد المسخ الذى خلقه‑
إن الاقتصاد يتداعى بسبب تصاعد الخيارات السياسية المعادية للتقدم
والمتقدمين ، بالذات منذ تولى نيتانياهو السلطة فى إسرائيل فى مايو
1996 ، بل وتحديدا من قبلها بأسابيع بإحجام مصر عن دخول الحلف الاسرائيلى‑التركى‑المصرى
المقترح ، وكان سؤال اليوم : ترى هل هى البوادر الأولى لمعركة غزة ؟ دخلات استكشافية فى بيت
حنون لأقصى الشمال أو غيرها ، لكن لا أحد يعرف كيف يفكر شارون وموفاز
بالنسبة لغزة بعد . هل سيتركون هذا القطاع الصغير عمدا كاختبار لجدية
السلطة الفلسطينية العائدة . هذا هو السؤال الوحيد المعلق بعد فى هذه
المرحلة من الحرب . أما أريحا مدينة الضفة الوحيدة التى لم تقتحم ،
فربما يكون الجميع قد قرر جعلها فيلاديلفيا فلسطينية ، فهى تاريخيا لا تكاد
تنتمى للضفة وعنفها ، بل أقرب لجزء من الأردن ونهره الهادئ القريب
منها . اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : اليوم
الثالث عشر ( ليس جمعة ، فقط أربعاء ! ) : 10 أپريل
2002 : أوه . الإجابة موجودة ! لقد بات
واضحا سريعا لماذا يترك شارون غزة حتى الآن . فعلا ، نحن لسنا
بذكائه ، أنا على الأقل . لقد تركها كى يعطى الفرصة لحماس كى تقوم
بعملية انتحارية فى باص فى حيفا اليوم أودت بحياة ثمانية على الأقل .
العمليات العسكرية التى تحاول الضغوط المختلفة خنقها ، وترك هذا البيزنس
غير مكتمل ، اتخذت هكذا دفعة عالمية فى الاتجاه المعاكس ما بعدها
دفعة . سلسلة واسعة النطاق من الإدانات من العالم المؤثر ( دايما تسألنى إيه المقصود بكلمة العالم
المؤثر . أحلف لك بإيه موش قصدى أى حاجة . قصدى فقط معناها إللى فى
القاموس ) . الإدانات الجديدة أعطت كارتا
أبيضا للچنرال شارون للمضى قدما فى العمليات ، وإضافة فصل جديد لسيرة
عبقريته العسكرية ، التى اعتادت أن تخطها كتب العسكرية بسطور من
الانبهار ، بل والدهشة أحيانا . ستستمر ، كما كرر ثانية اليوم فى
رسالة لبوش ، حتى التصفية النهائية للإرهاب الفلسطينى ، وتخليص
الحضارة ككل من شروره ، وأيضا ‑وهو ما لم يقله وإن أراد قوله‑
من أجل التفرغ معا من بعده للإرهاب غير الفلسطينى . [ تابع معزوفة الناس المؤثرين بمتابعة ما يجرى فى جلسات
الكونجرس . فى المساء أفردت النيو يورك تايمز مقالا
كاملا سيظهر فى عدد الغد ، يقدم انتقادات السيناتور تشارلز إى .
شومر ديموقراطى نيو يورك ، والذى كاد يصف فيها سياسة چورچ بوش المتذبذبة
والراضخة للعرب بأنها إنقلاب بزاوية 180 درجة يكاد يرقى لمستوى الخيانة لجميع
القيم الأميركية التحررية والحضارية . الكونجرس فى حالة انعقاد دائم ،
ولو ستخصص النيو يورك تايمز مقالا مستقلا لكلمة كل سيناتور وكل عضو نواب
( هذه ليست المرة الأولى ، وهنا
كمجرد عينة المقال الذى خصص قبل أسبوع لحديث النائب الجمهورى توم ديلاى بالغ
الشراسة ضد عرفات ) ، لن يكون بعيدا أبدا أن نرى القوات الأميركية
الخاصة تتعقب قادة حماس فى غزة قريبا ] .
سبع البرومبة خافيير سولانا ، المعروف أيضا
باسم منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروپى ، كان قد هدد ليلة أمس بفرض
عقوبات أوروپية على إسرائيل ، لكن ‑وعفوا للتشبيه الجنسى‑ كلام
الليل كما السمن ، يطلع عليه النهار يسيح . طار پاول له فى
مدريد ، وعقد اجتماعا رباعيا يضم مسئولى الاتحاد الأوروپى والأمم المتحدة
وروسيا ، وخرجوا ببيان ألقاه كوفى أنان باسم الأطراف الأربعة . دعوة
مشتركة للطرفين لوقف إطلاق النار ، مع ميل واضح لإلقاء اللوم على العنف
الفلسطينى ، وطبعا نفى قاطع لكل تفكير فى عقوبات على إسرائيل . الشىء الوحيد
الأشد لهجة هو إنذار حاسم للبنان أن ملف الحدود قد أغلق ، ولن يفتح إلا
برغبة مشتركة للطرفين فى التفاوض عليها يوما ، وأن أية طلقة فى أى مكان
شبعا أو غير شبعا ، هى انتهاك للشرعية الدولية ( استخدموا بالضبط
الكلمة التى يحبها العرب ) ، وتعد عدوانا على إسرائيل مدان
سلفا . ببساطة ، پاول ذهب
لمدريد للحصول على تفويض من كل هؤلاء الثلاثة الآخرين كثيرى الكلام ، بفض
أيديهم من الموضوع ، والاكتفاء بدور الإغاثة الإنسانية ، وترك كل ما
عدا ذلك لأميركا ، أو بمعنى أدق لشارون .
نعم ، زيارة ناجحة للغاية فوق المستوى المعتاد المتوقع من پاول ( ربما
لأن الأپاتشى هى التى كانت تتكلم لا هو ! ) ، وما شهدته مدريد
كان مظاهرة . وهى دى المظاهرات ولا بلاش ( أخ قذافى ، هل
تسمعنى ؟ ) . ما نريد فقط التعليق عليه هو كلمة رائجة فى معسكر
القادة التنمويين العرب ( المعروفين أيضا باسم المعتدلين ) ، بأن
العمليات الانتحارية رد فعل للقمع والاحتلال . هذه أكذوبة كبرى أخشى ما
أخشاه أنهم يصدقونها فعلا . العمليات الانتحارية كما نتذكر جميعا ‑أقصد
كما لا يتذكر أحد‑ كانت تتم أثناء الانتخابات الإسرائيلية لإسقاط
الحكومة ، ثم تزامنت مع قدوم كل مبعوث أميركى للسلام لإجهاض مهمته
سلفا . وتلك الضخمة التى فجرت الموقف من نيتانيا ، كانت ردا فوريا
ومباشرا ليس على أى شىء حدث فى الأسابيع السابقة ، والتى كانت إسرائيل
منضبطة للغاية فيها وتغاضت عن ثلاث عمليات بسبب وجود زينى ، إنما كانت فقط
ردا على مبادرة السلام للقمة العربية صبيحة يوم التفجير .
عاجل ومهم وعظيم : تحرير الضفة الغربية : ظهرا انتهت تماما المعارك فى مخيم جنين وفى وسط المدينة القديم
( القصبة ) فى نابلس . لم يتبق فى الأول سوى الجرافات لتكمل
تسويته بالأرض بما فى ذلك من رفضوا الاستسلام فى المهلة المحددة ، ومن
الثانية انسحبت القوات تماما . تداعت فلول القوى
الماضوية ، قتلت أو استسلمت . ويكاد يمكن
الجزم بأنه لم تتبق سوى معركة غزة الفاصلة مع منظمة حماس ، وهى بدورها
محسومة سلفا ، كما كل معارك التقدم والتخلف فى تاريخنا المعاصر .
بعدها سيغلق الملف الفلسطينى
للأبد ، ليبدأ تفعيل بقية المسارات ، اللبنانى‑السورى فالعراقى
فالإيرانى ، أو أيا ما كان الترتيب الذى ستطرحه الأيام . ذلك من أجل
إفعال إرادة الأسرة الدولية وشعوب المنطقة فى التخلص من ريچيمات جبهة الرفض
العربية‑الإيرانية ، أسوأ وصمة فى جبين الإنسانية ، منذ سقوط
ريچيم طالبان ، بل ومنذ ما قبل ظهوره بعقود .
إحساس عالمى واسع بالارتياح . آمال متصاعدة فى أن القرار الفلسطينى فى
طريقه الآن لتحرر حقيقى من اختطاف المتطرفين له ، هذا بعد أن تحررت فلسطين
ككل أو كادت منهم . فى تلك الأثناء بالضبط كان عرفات مجتمعا بمساعديه
الأكثر تعقلا ممن حددتهم إسرائيل بالأمس كما قلنا . والسبت ( بعد
ثلاثة أيام ) سيلتقى به پاول . الكل مستعد للقول مرحبا
بقيامة الرئيس عرفات من بين الأموات . وتاريخه يقول إنه أستاذ فى فنون
العيش survival ،
ومن ثم الأرجح أنه لن يفضل الاستمرار فى القبر ، سواء حيا أو سواء مؤثرا
اعتزال الحياة بعد ما حدث . كل ما عليه الآن أن يثبت للعالم أنه وعى الغلطة
الجسيمة التى لم تضر سوى بشعبه وبه هو شخصيا ، وبأنها غلطة لن تتكرر
أبدا . ساعتها ربما يغفر له التاريخ ، ويتذكر فقط جرأته قبل عقد مضى
فى قيادة أمة العرب خطوة جديدة نحو التفكير الواقعى المستقبلى والعقلانى . مرحبا بالشعب الفلسطينى
المحرر النبيل ، عضوا من جديد فى الأسرة الإنسانية التنموية المسالمة
الراقية والمتحضرة . لا شك أنها ستكون إجرائية طويلة وممتدة وشاقة ،
بل وتظللها آلام الماضى ، لكن ما من شك أن اليوم كان علامة فارقة
فيها ، أبعدت بدرجة كبيرة شبح العودة من جديد للمربع رقم واحد :
الإبادة . وشكر واجب ودين جسيم لقوات
جيش الدفاع الإسرائيلى ولقادته ولقادة بلاده الشجعان نافذى البصيرة ماضيى
العزم ، ولكل صوت شريف فى العالم ساند هذا الشعب المتحضر وتفهمه وقدر
تضحياته الزكية . شكر ودين أن أعطانا بارقة الأمل الجديدة هذه فى المستقبل
وفى عالمه النظيف الشجاع . شكر ودين لن يعطيه سوى التاريخ حقه عندما ينظر
إلينا أبناؤنا من عالمهم الجميل ، ليتذكروا قدر القبح الذى كنا نحيا فيه …
ينظرون إلينا من عالم لا يعرف الحدود ولا الأحقاد ولا الانفعالات ولا
الشعارات ، ويعرف فقط التكامل والسلام والعقل والتنافس الشريف على
الرخاء . اليوم فقط 10 أپريل
2002 ، وبعد ربع قرن كامل إلا من أسابيع قليلة من خطوة مصر العظيمة الأولى
نحو السلام ، وبعد عقد من الزمن بقليل من الدحر الجزئى لجريمة جبهة الرفض
الشهيرة بغزو الكويت ، تحققت الخطوة الكبيرة الأولى التى طال انتظارها أكثر
مما يجب ، فى بذر أركان الحلم القديم لكل قوى التنمية وازدهار الشعوب فى
المنطقة . وموقعنا هذا واحد ممن تشاركوا بتجرد كامل فى هذا الحلم ، من
خلال اجتهاده المتواضع على مدى سنوات ، فى
تشخيص وبلورة المشكلة والخطوة الأولى فى حلها : مشكلة أن المهم
المحتوى ، لا لف ولا مداورة ولا ضحك على ذقون العالم وذقون أنفسنا
قبلها . المهم المحتوى الذى هو ببساطة تامة هل أنت متقدم أم متخلف .
هل نريد التقدم ومن ثم نمحو كما فعلت كل الدنيا شرقا وغربا هويتنا وديننا وكل
الأذيال التى تجرنا للماضى ، أم نتمسك بالتخلف وانفعالات وولاءات وغرائز
الأهل والأرض والعرض المرفوضة من كل دنيانا المعاصرة . أما الخطوة الأولى
مطلقة الأولوية فهى أن لن يتحقق أى شىء من أى نوع قبل إسقاط جبهة الرفض العربية‑الإيرانية ،
العقبة الكأداء الكبرى أمام شعوبها وشعوبنا لدخول دنيا الأحلام تلك ! فقط لنقل وإن بلغة هذا الصباح
الجديد : إنها لثورة حتى النصر ! اكتب رأيك هنا
الحرب السادسة : اليوم
التالى للنهاية : 11 أپريل 2002 : وضعت الحرب
أوزارها ، أو معظمها على الأقل . وحان وقت استخلاص الدروس . ربما
لم تأتنا حرب تحرير فلسطين من الإرهاب الماضوى إلا بدرس واحد كبير . إنه أن
لا قيمة لشىء اسمه الرأى العمومى ، محليا كان أو عالميا . نعم لقد مات
رأى الشعب ( بل ورأى الحكام المعبرين عن الناس ! ) ، وانتصر
فقط من يملكون الحقيقة . هذه الحقيقة لا تزال عزيزة بعد ، وقليلون من
استوعبوها بعد 11 سپتمبر ، وأقل من استوعبونها بعد سقوط الاتحاد السوڤييتى .
حاليا تكاد تنحصر الحقيقة فى موقعين رئيسين فى كل الجلوب ، مكتب رئيس
الوزراء الإسرائيلى ، ومكتب سكرتير الدفاع الأميركى ، أو ما أسميناه مرارا من قبل انتصار الرؤية الرامسفيلدية‑الإسرائيلية
للعالم ، أو ما يسمى بالمصطلحات الأميركية رؤية المحافظين الجدد .
هؤلاء 1- من فهموا قبل غيرهم شكل الأشياء القادمة . 2- حزموا إرادتهم لوضع
العالم فى أفضل شكل ممكن ، وضد جميع الفرقاء وكل التحديات . بهذين معا ، الفهم
والإرادة ، استطاعت إسرائيل أن تواصل المعركة إلى النهاية ، وحتى
تحققت كل نتائجها المطلوبة ، ذلك دون إى اعتبار لمظاهرات ومقالات وتليڤزيونات
كل الدنيا . ببساطة كان أثر الضغط الشعبى العربى على حكامه يساوى
صفرا ، والضغط الشعبى والحكومى العربى على أوروپا يساوى صفرا ، والضغط
الشعبى والحكومى الأوروبى على أميركا يساوى صفرا ، والضغط الشعبى
الأميركى ، بل وضغط الكثير من دوائر حكومته أيضا ، على إسرائيل يساوى
صفرا ! امتلاك الحقيقة هذا ، هو الذى يعطى البطش
مشروعيته ( ناقشنا هذا كثيرا ومطولا ،
وقلنا إن مشروعية القوة تأتى بقدر اتساقها مع طبيعة المادة وقوانين
التطور ، ومن لعبها لصالح التقنية والاستعقاد ، لا البداءة
والماضوية ) . أيضا قلنا
إن الحزم هو الذى يشجع الآخرين على حزم قراراتهم . وتخيلوا حال الحكام
العرب المعتدلين لو لم يكن واضحا من اللحظة الأولى أن أميركا ‑الدوائر
المتنفذة فيها‑ تقف بالكامل وراء العمليات . وتخيلوا موقف أوروپا لو
لم يكن لدى أميركا ذات الحزم . بل وتخيلوا موقف الدوائر المتخبطة فى
الولاية الأميركية ، بما فيها سكرتارية الدولة ومؤسسة الرئاسة نفسها ،
لو لم يكن شارون ورامسفيلد بالغى الحزم على النحو الذى رأيناه . للأسف لا
نستطيع القول إن الحكام العرب والأوروپيين يمتلكون الحقيقة بعد ، لأنهم
كانوا سيتصرفون بإيجابية وحماس فى هذه الحالة ، لدعم تلك الحرب الحضارية
والمؤشرة لما سيكون عليه مستقبل العالم . لكنهم عامة تائهون لا يعرفون إلى
أين تذهب بوصلة المستقبل ، والحزم الشارونى‑الرامسفيلدى ، هو
الذى أنار لهم طريقهم بعض الشىء . ( عامة هذا ليس نفيا بل تأكيدا لأن معسكر الاستئصال يتزايد عالميا بسرعة مذهلة . نهديك مثالا مقال سافاير
الصارم جدا اليوم ، ربما أكثر من العادة ، ويشير مثلا لتصاعد بعض
الأصوات العربية الاستئصالية ، وكذا لأن لم تعد هناك خطوط حمراء فى سبيل
الاستئصال ، بما فيها ترك النظامين المصرى والأردنى يسقطان فى يد
المتطرفين ، إن لم يكن فى هذا بد وسينجم مؤقتا عن معركة أميركا وإسرائيل
التى لن تعرف الهوادة ولا الحلول الوسط ولا المساومات ضد الإرهاب .
وبالمناسبة يذكر أن معلوماته الداخلية تجزم أن لا خلاف بالمرة أو من أى نوع بين
بوش وشارون ، كما يسرب بعض رجال الولاية الأميركية من
الحمائميين ) .
الدرس الثانى لا جديد فيه ، وإن كان لا يقل أهمية . ألا وهو أن المشكلة القاعدية لهذا العالم هى الإنجاب الإسلامى . هذا هو العقبة التى تولد الفقر والفشل والحقد . وليس
الاحتلال ولا الظلم ولا نهب الثروات ولا أى شىء ، فكلها إن صحت تترتب على
التخلف الإسلامى لا أن تتسبب فيه . هذا ليس وقت الكم بل النوعية .
وعلى الحكومات العربية والإسلامية الملتزمة بأچندة التحديث المسارعة إلى سن
قوانين تجرم الإنجاب كليا ، أو شبه كلى ، وإلا ما هو التصور لكل هؤلاء
المواليد أفضل من تحزيم أنفسهم بالمتفجرات ، لا فى نيو يورك وواشينجتون ولا
فى مدن إسرائيل وحدها ، بل فى كل مكان يوجدون فيه فى الجلوب متقدما كان أو
حتى متخلف ، بما فيه زعماء بلادهم أنفسهم . ولا نريد أن نفيض كثيرا
هنا فى كلامنا القديم عن الإنجاب
الإسلامى الكثيف ، ومنه المقارنة المحزنة أن للبشر أسعار
متفاوتة وبين ما يتكلفه الطفل الفلسطينى وما يتكلفه حذاء الجندى الإسرائيلى
( لا تعليمه ولا تربيته ولا حتى بقية ملابسه ) . [ فى المساء يبدو أن سائق شاحنة غاز طبيعى قد
اقتحم بها عمدا سور ما يعتقد أنه أقدم معبد يهودى فى أفريقيا ، وأحد أكثرها
تفردا فى العالم فى جزيرة
جربا فى تونس مما أسفر عن انفجارها ومقتل عدد هائل من السياح الألمان
وغيرهم . وبعد 48 ساعة تحدث
الدرس الثالث قد يكون أكثر قاعدية من سابقيه بعض الشىء ، ويريد مد النتائج
تلك على استقامتها . ببساطة العمليات الانتحارية قد لا تكون شيئا طبيعيا
فقط ، بل ومؤشرا مستقبليا إيجابيا وحضارى . قبل نشوب الحرب بأسبوع
–تحديدا يوم 21 مارس‑ عممت وكالات الأنباء صورة لما تبقى من جثة انتحارى
فى وسط مدينة القدس ، وكان ما تبقى منها هو الرأس فقط ، وقد تحلق
حولها الشرطة الإسرائيلية . لكن لعل الصورة ليست مخيفة جدا للبعض ( أو
لعل هذا هو السبب الذى جعلنا لم نجد فيها ما يستحق التعليق فى
حينه ) . مثلا المشاهدين المحترفين لأفلام الرعب اعتادوا رؤية الأشلاء
أكثر من رؤية الأجساد الكاملة . أنا شخصيا قبل نحو 15 سنة وقعت أمامى حادثة
انزلاق شخص أمام شاحنة ضخمة ، فإذا بالعجلة الأمامية تمر فوق رأسه ،
فينطلق المخ كالقذيفة كتلة واحدة مسافة عشرة أمتار نحوى . مما زاد من وطأة
المشهد أن لم تكن الشاحنة مسرعة جدا ، وأن التسلسل بكامله كان أقرب للتصوير
البطئ أمامى ، والأسوا من كل هذا وذاك أن كل من حولى لم يروا شيئا مما
رأيت ، وفوجئوا فقط بالنتيجة النهائية ! ما علاقة هذا بالانتفاضة ؟ قد يقول قائل إن
أفلام الرعب أشياء يعرف الجميع أنها تخيلية تصرخ خلالها المراهقات ، ثم
ينساها الجميع أو يتباهون بصمودهم فيها . وقد يقول قائل إن روية تهشم دماغ
بشرية كما ثمرة البطيخ مشهد لا يحظى به إلا محظوظون قلائل . كذا فإن من
ينتحرون فى فلسطين يقول البعض إنهم مناضلون ، والبعض يقول إنهم
يائسون ، أو إنهم موعودون بالجنة ، أو بفلوس صدام ، أى أن
الدوافع فى جميع الأحوال قوية واستثنائية جدا . أما صورة كصورة انتحارى
القدس المذكورة ، وغيرها أطنان من المشاهد التى تسمى
’ الترسيمية ‘ graphic صحفية كانت أو تليڤزيونية ، فقد
اعتدنا أن نشاهدها يوميا ، لكن حياتنا الواقعية تظل بمنأى وتسير سالمة
مسالمة على نحو عام . وغالبا ما نعتبر أن أقصى مستوى للعنف فى حيواتنا لا يزيد عن السرقة والاغتصاب ،
وهى أيضا نادرة للغاية ، ودائما ما تحدث للآخرين ولا تقترب منا قط .
المشكلة أن كل هذا غير صحيح ، ونريد الدفع هنا بأننا جميعا
انتحاريون ، وإن اختلفت الدرجة ، والفضل لا بد أن نسنده لمن عودنا على
رؤية كل تلك الفظائع على مدار الساعة ، السى إن إن ، ثم ومن سار على
هديها ، ومن خلالها تسللت لعقولنا الباطنة دون أن نشعر فكرة أن الحياة لا
تساوى الشىء الكثير كما كان تفكير آبائنا وأجدادنا . ( ربما من المثير للفضول حقا أن السى إن إن التى تأسست سنة
1980 كانت من بنات أفكار عبقرية كثيرة لتيد تيرنر ، وهو ابن لمنتحر ،
وذو ميول انتحارية قوية هو نفسه ، لكن الجزء الأكثر غرابة فى القصة أن لم
نسمع عن أية محاولات انتحار له فى السنوات الأخيرة ، بل وتنازل عن شبقه
الوسواسى شبه المخبول بامتلاك إحدى الشبكات الثلاث الكبرى ، وقبل أن ينضم
بممتلكاته لتايم وارنر ، حيث يعلم الكل
هل تعلمون من هو المثل الأعلى لأغلب من يمكن أن
تعرفه من أولاد وبنات الجيل الجديد ؟ إنه كيرت كوبين نجم فريق نيرڤانا المنتحر ! كل الصغار اليوم لا يريدون أكثر من حياة قصيرة لكن
حافلة . حافلة بأى شىء وكل شىء ، ولو مرجعنا هو كوبين ، فسيكون
الجنس والهيروئين والغناء الصاخب هو جنة المشتهى . فى البداية كان هذا يثير
دهشتى بل وجزعى على تلك الكائنات البضة ، لكنى بدأت استوعبه تدريجيا .
تأملها بنفسك ولن نقول لك إن البطالة تنتظر أمثال هؤلاء الصغار جيدى
التعليم : ما جدوى الكفاح الحثيث ؟ ثم نحو أى هدف هو ؟ الزواج
والإنجاب أشياء لم تعد على الأچندة البشرية ؟ الثراء وسيلة وليس
غاية ، والأسوا أن التعب من أجل المال يهدر كما ونوعا الوقت اللازم للتمتع
بالحياة . كن عمليا ولا تكذب على نفسك بالكلام القديم ، فالمتعة
الحقيقية فى المال الذى يأتى من الآباء أو من السرقة السهلة . أيضا كل شىء
بات سريعا ، فلماذا تكون الحياة نفسها بطيئة طويلة مملة لا تتحقق فيها
الأهداف بسرعة ؟ نعم ، الحياة ليست رخيصة عند الفلسطينى المعدم وحده ،
بل هذا الرخص سوف يضفى نفسه لا محالة ولا شعوريا على الإسرائيلى الثرى
أيضا . هذا أصبح يفكر ويحسب الأمور بطريقة مختلفة بعد أن صار يتوقع الموت
لنفسه أو لأسرته فى كل مرة يخرج فيها من منزله [ فى المرة
التالية ذبحهم الفلسطينيون فى أسرتهم وهم نيام ] . قس على هذا كل
أمة الأميركيين بعد 11 سپتمبر ، أو تهور الشباب الأوروپى فى الاعتداء على
المهاجرين ، وهلم جرا . حتى السياسيين ، بمعنى حتى لو أنت مفكر
أو قيادى مخضرم يفترض أنه محنك ومتزن ، موقفك أن تكره الإسلاميين وتكافح
ضدهم ، ثم ها أنت تراهم بهذه الدموية والوحشية ، وتعلم تمام العلم أن
الحياة لا تساوى شيئا لو حكموها هم ، ألا تصبح أنت نفسك أكثر ميلا للمخاطرة
والتحدى والمغامرة فأنت على الأرجح ميت ميت فى جميع الأحوال ؟ بعبارة وجيزة : يا عزيزى ، كلنا انتحاريون ! نعم ، كل هذا وإلى القلب
منه الانتحار ، هى أكثر الإشياء ’ إنسانية ‘ اليوم . وكيرت
كوبين قد يكون الإنسان الأخير ( مع الاعتذار لفوكوياما
كالعادة ) . نسبة فتيات الصف العاشر فى المدارس الأميركية ( ذوات
الأربعة عشر ربيعا فى العادة ، أو ما يسمى عندنا عمر الزهور ! )
ممن فكرن جديا فى الانتحار كانت 30.1 0/0 ، نصفهن
أقدمن بالفعل على محاولة انتحار واحدة على الأقل ، هذا ما تقوله أحدث إحصائية من نوعها من
سنة 1999 ، وهى طبعا إحصائية على الأحياء فقط من تلاميذ المدارس !
عالمنا بلغ من الاستعقاد والتقنية العالية بحيث لم يعد يريد بشرا أصلا ،
ببساطة ليس فقط لأنهم خلقوا للقنص وجمع الثمار ولم يعودوا قادرين على التكيف
معه ، إنما لأنه لم تعد لهم وظيفة فيه أصلا . إن الرقى المعرفى
والتقنى له يتضرع لنا طالبا إبادة كل الكربونيات التى تسير على ساقين ،
وإفساح المجال لسيليكونيات المستقبل لتبدأ عالمها الجديد المقدام !
هذا التعليق ( سواء ما يخص
صوت الشعوب أو إنجاب البشر أو انتفاء الوظيفة ) ، يمثل فى معظمه مجرد
حديث بحت ومحض ومألوف للغاية لنا ، فى حضارة ما
بعد‑الإنسان ، تلك التى تتشكل الآن وسط عالمنا الإنسانى البائد
هذا . لقد سقطت مرة أخرى الديموقراطية وحقوق الإنسان والتقدير المبالغ فيه
لقيمة الحياة البشرية ، وكل أنواع هذا الهراء ، ذلك لتنتصر الحقيقة
السيليكونية المجردة ، وتفرض أخلاقيات ما بعد‑الإنسان وأچندتها
وقراراتها بلا رحمة ولا تهاون ، وقطعا بلا عواطف . والسبب لا يحتاج
الإفاضة فيه ، وهو أن 1- الحسابات المطلوبة اليوم لاتخاذ أى قرار تقنى أو
جلوبى أو اقتصادى ‑أو ستراتيچى فى حالتنا هذه‑ هى من التعقيد بمكان
بحيث لم تعد حتى الغالبية الساحقة من أحنك حكام وخبراء العالم بقادرة على
رؤيتها . 2- أن الإنسان لم يعد هو محور تلك الحسابات ، بل التقنية
والجلوبة والاقتصاد والستراتيچية فى حد ذاتها ! بكلمة : فى هذه الحرب من
مات هو الإنسان ، ومن انتصر هو حضارة ما بعد‑الإنسان ! …والبقية تأتى …وربما بأسرع مما
يتخيل أحد ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 3 أكتوبر 2002 : للمزيد
عن موضوع الانتحار كظاهرة بعد‑إنسانية ، انظر المدخل الخاص عن تقرير
صدر اليوم عن منظمة الصحة العالمية عما أسمته الوقاية من العنف ، ذلك فى
صفحة ما بعد‑الإنسان ] . [ تحديث : 23 أپريل 2003 : متابعة
أخرى لموضوع الانتحار من خلال مراجعتنا لفيلم الساعات فى صفحة الفن الجماهيرى ] . الحرب السادسة : 12 أپريل 2002 : من
الجائز أن يكون عرفات قد اتخذ خيار الانتحار . هذا
هو البادى حتى اللحظة . المفهوم أن أحمد ماهر وزير الخارجية المصرى كان
الشخص الذى أوكل إليه العالم ، حمل الإنذار الأخير باسم شارون‑پاول‑مبارك‑عبد
الله لعرفات . والواضح أن الإنذار ينطوى على ضرورة قبول السلطة الفلسطينية
كحد أدنى يحظى بإجماع العالم المؤثر ، ما أصبح يسمى بمقترحات زينى .
وهى مقترحات أمنية أكثر إحكاما تحقق الدمج المطلوب والبديهى بين أجهزة الأمن
الإسرائيلية والفلسطينية ، وبالطبع مع منح الكلمة العليا فيها للطرف
الإسرائيلى الأكفأ . وأقلها مثلا الانصياع التام من السلطة الفلسطينية
لأوامر الاعتقال التى تصدرها الجهات الإسرائيلية . وكلها شروط بديهية لأى
فعل جاد من الطرفين لاجتثاث البنية التحتية للمنظمات الإرهابية
الفلسطينية ، وأيضا يجمع أولو الأمر العالمى على أنها تحقق مصلحة السلطة
الفلسطينية بقدر ما تحقق مصالح إسرائيل . بمجرد انتهاء اجتماع عرفات وأحمد ماهر صباحا ،
كان پاول يتحدث على الفور أولا عن مدلولات عملية انتحارية لفتاة من الجناح
المسلح لتنظيم فتح ارتكبت هجوما انتحاريا فى القدس ظهرا وشاهدها هو من
الجو . ويتحدث ثانيا عن وثائق موقعة بيد عرفات سلمت للولاية الأميركية يأمر
فيها بصرف أموال للمنتحرين من تنظيمه . وثالثا وهو الأهم ‑وإن لم يكن
مفاجأة لمن يتخيلون فيم تكبد أحمد ماهر كل المشقة أو ما أسمته مصر علنا
المهانة ، ويتخيلون لم تسمح إسرائيل له بأن يكون أول شخصية تقابله فى
محبسه ، وأنه ليس طبعا توصيل رسالة ’ تضامن ‘ فهذا هراء ،
إنما توصيل رسالة الإنذار بالصيغة الأخيرة المتفق عليها بعد الجدل المعتاد بالطبع‑
الأهم بعد ذلك أن يعلن پاول أيضا إلغاء اللقاء الموعود مع عرفات غدا
السبت ، ما لم تقع مستجدات مهمة . هذا الإلغاء هو تصريح أميركى بإعدام عرفات . اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : 13 أپريل 2002 : وافق پاول على لقاء عرفات غدا بدلا من الموعد الأصلى اليوم .
سكرتير الدولة الطيب اكتفى ببيان من عرفات يدين فيه عملية أمس فى القدس بنفس
القدر الذى يصف فيه العمليات الإسرائيلية بأنها إرهاب دولة . كل التحليلات
قالت إن البيان كان الأچندة الخفية لزيارة ماهر لعرفات . هذا خطأ ،
ولا تزال نظريتنا هى الأصح . فزيارة ماهر بدأ التخطيط لها قبل عملية القدس
بيوم كامل ، ولا شك أن أچندتها كانت تحمل شيئا أقوى ، وإلا ما سمحت
بها إسرائيل ، التى سخرت طبعا من بيان اليوم الذى لا يحمل أى جديد بل
ويواصل لهجة التحريض . على أية حال المهم الآن ليس كل هذا ، وليس أن
ماهر فشل ، وأن پاول مآله الفشل ، إذا كان هذا ما يزال يقوله عرفات
بعد كل ما حدث . إيه الهبل إللى إحنا فيه ده ؟ هو المهم عرفات بيقول
إيه فى التليڤزيون ولا بيقول إيه للبرغوثى ؟ بصراحة ، لن تقوم للعرب
قائمة ما لم يواجه الحكام شعوبهم صراحة بتخلفها ، وبأنهم اختاروا الجانب
الخطأ فى معركة الحضارة .
وبصراحة أكثر ، عادت ريما لعادتها
القديمة ، وكما كل حرب من الخمس
السابقات ، ينهزم العرب ولا يستسلمون . ولو وصل عدد الهزائم لمائة لا
يستسلمون وكأنها الشطارة عينها ، بينما كل البشر
فى كل التاريخ يستسلمون بمجرد التحقق من الهزيمة بل ويفرحون باستسلامهم
( هذه إشكالية ثقافية وقد ناقشناها غابرا وبتوسع فى صفحة الثقافة المنكوبة إياها ، وطبعا الاستثناء الوحيد هو أنور السادات الذى قرر
مسبقا : حرب واحدة أخرى ، هزيمة واحدة أخرى ، استسلام
مشرف ، هذا هو النصر عينه . وقد كان له ولشعبه ما أراد ! ) . الآن عدنا للمربع واحد من جديد ، لم تحرر
لبنان ، ولم تحرر فلسطين كما ابتهجنا أعلاه بكثير من السذاجة . عاد
الكلام المستهلك عن أن الاحتلال هو السبب ، والحق المشروع فى
المقاومة ، ولو تقدم الجدل قليلا فسيدخل فى منطقة أن من الصعب التحكم فيما
يفعله كل فلسطينى . للتذكرة فقط نقول إنه فى آخر مرة قال فيها عرفات ببساطة لا احد يستطيع تحريرك من نفسك ، لا
شارون ولا بوش . هم يستطيعون فقط إبادتك . لعل غلطتنا الكبيرة الوحيدة
فيما نكتب أننا نتعلق أحيانا بخيوط التمنى بأن سوف يتخلص العرب من طريقتهم فى
التفكير بعد هذه النازلة أو تلك ، بينما ننسى الحقائق الأكثر قاعدية ،
وأن العقلية العربجية لن تتغير أبدا . فقط ستهشم فى لحظة بحيث فقط لن يعود
لها أى وجود ، نعم ببساطة هكذا . ما سيحدث هو أن ستباد لبنان وسيباد
الفلسطينيون ، بل وسيباد كل المتخلفين وهم بالبلايين ، والسبب ببساطة
أنهم قطاع طرق الحضارة ، ليس لديهم سبب أصلا يحيون من أجله ، ولا يمكن
زرع هذا فيهم إذا كانت چييناتهم دينية وتقاوم النجاح بل تقاوم الحياة
نفسها . العرب ليسوا ياپانيين
أو صينيين أو هنودا حتى يغيروا هويتهم ومسيرتهم بخطبة إمپراطور أو بجرة قلم أو
بقناة تليڤزيون ، بل هم ببساطة شىء واحد لا يمكن تغييره :
عرب ! تلك كانت نبوءتنا الأصلية التى افتتحنا بها هذه الصفحة قبل عام
ونصف ، بل ودشناها فبل 13 عاما فى كتاب حضارة ما بعد‑الإنسان ، كانت
مبنية على معطيات بطريقة الـ Steady State Conditions أكثر رسوخا ودوامية وقاعدية ، وما كان يجب أن نحيد عنها
بهذه السهولة أبدا . اعذرنا إن كنا ننسى موضوع الچيينات ، ونمنى
أنفسنا بالآمال من حين لآخر ، ونعدك من الآن فصاعدنا أن لن يفرحنا قتل ألف
أو حتى مليون إرهابى ، ولن يحزننا خطاب مراوغ أخرق من عرفات أو غير
عرفات . للأسف ما علمتنا إياه خبرة الحياة فى هذه البلاد ، أن نعتصم
بأقصى درجات النبوءات تشاؤما ، وبعدها تأمل فقط أن لا يأتيك الواقع بما هو
أسوا مما وصل إليه خيالك . لكن كما تقول صفحة ما
بعد‑الإنسان ، عيب الإنسان النسيان ! اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : 14 أپريل 2002 : على غير عادته منذ يوم ميلاده ، خرج پاول من لقاء عرفات
متجهما . السبب أن عرفات رفض وقف إطلاق النار ، واشترط الإنسحاب
أولا . طبعا العم كولين البائس ظل بينه وبين نفسه يضرب أخماسا فى
أسداس ، وراح الرجل ينظر للحوائط ليتأكد أنه فعلا فى محبس عرفات ولس فى
غرفة عمليات موفاز ، ويعض أصابعه ليتأكد أنه يقظ وليس فى كابوس . إن
ما يفهمه أن العمليات العسكرية انتهت بهزيمة الفلسطينيين ، بينما عرفات
يحدثه كمن يحمل أكاليل الغار . وينسى أنهم يملأون العالم ضجيجا حول ما
يسمونه مذبحة مخيم جنين ( لا أحد يتكلم عن مصرع 23 جندى إسرائيلى ،
وكأنهم ماتوا من الخضة لمجرد رؤية الوجوه البريئة ’ للمدنيين العزل ‘
تتطلع إليهم من خلف النوافذ ) . ربما طرأ بذهنه أنها المرة الأولى فى تاريخ الحروب التى لا يطلب فيها
المهزوم وقف إطلاق النار . للدقة الهنود الحمر فقط
هم من كانوا يتصرفون على هذا النحو . طب وبعدين ؟ يدخل العرب الحروب
كى يهزموا ، ثم يطالبون بنفس ’ الثوابت ‘ و’ الحقوق ‘
و’ الشرعية الدولية ‘ ، التى هى قرارات جاءت نتاجا لحروب سابقة وهزائم
سابقة ، وليست موازين القوى الجديدة التى فرضتها هذه الحرب وهذه
الهزيمة . هناك شىء خطأ هنا . تلك هى چييناتهم ، وهذه الدوامة
السيريالية ستستمر إلى نهاية واحدة فقط هى الإبادة . هذه الحالة العرفاتية
ليست فصاما أو پارانويا أو هلاوس ، بل هى غير مثبتة أصلا فى الطب النفسى
فيما أعلم . هذا المرض يحمل اسما واحدا : العروبة !
واحد طيب تانى اسمه
آرييل شارون يدعو لمؤتمر سلام فى أميركا لا يحضره بشار ولا عرفات ، وتحضره
مصر والأردن والسعودية . طب إزاى ؟ شارون كما التلميذ الخيبان الذى لا ينجز فروضه
المنزلية ، ومع ذلك يفرح بأنه ذاهب للمدرسة .
نشك أن ذكاء شارون يخيل له أن شيئا كهذا سوف ينجح ، لكن هذا لا ينفى أنه
جاد فيها ، وأنه لا يقصد مجرد فرقعة إعلامية . على أن ثم شىء جديد جدا مثيرا للفضول فى مبادرة شارون لم
تعرفه من قبل كل أفكار السلام فى الشرق الأوسط . إنه كونها مصاغة على طريقة
مؤتمرى پاريس ( 1919 ) ويالتا ( 1945 ) . تدعو الأطراف
المنتصرة وذات الشأن وتقصى المهزوم ، حيث يكتب أولئك ما يشاءون من اتفاقيات
سلام و’ قانون دولى ‘ …إلخ ، دون استشارة هذا الأخير ودون حضوره
أصلا . هذا افتقاد مروع لفهم العقلية
العربجية . عقلية كل ما يعنيها هو الكلام ، ولا تعترف بأية قيمة
للمعطيات التى على الأرض ، ولا ينغصها قدر قلامة ظفر لا الفقر ولا التخلف
ولا الاحتلال ولا الهوة العسكرية ولا التقنية ولا أى شىء ، فقط طالما بها
لسان فهى تستمر فى القتال إلى ما لا نهاية . سيدى
ليست بعيدة عنك تجربة حزب العمال
الكردستانى ، الذى ما أن ألقى القبض على قائده حتى
ألقى الجميع السلاح . هم شيوعيون عنيدون أغبياء ومتخلفون ، لكنهم مقاتلون
شرفاء أو بالأحرى مجرد بشر أسوياء ، تظل واردة لديهم فكرة الاستسلام لدى
الهزيمة حقنا لدماء شعبهم . عندنا نحن العرب لا يوجد سوى لوردات حرب
يقاتلون حتى فناء كامل شعوبهم باسم الثوابت ، والأصح باسم فتات السلطة الذى
يقبضون عليه . فى مقابل مثال عبد
الله أوچالان ، ليس بعيدا عن ذاكرتك سيدى خطب
السيد بشار الأسد أمام القمم العربية ، إنه يحل كل المشاكل بمجرد ألاعيب
كلامية . المهم هو أن توجد هناك التخريجات اللغوية اللازمة لتبرير واقع
الهزيمة وتبرير الاستمرار فيها ، فطالما هذه الأشياء مضبوطة لا يهم بالمرة
أى شىء آخر ، بما فيه الواقع الكارثى للهزيمة والاحتلال ، وما سيستجد
من هزائم واحتلالات تسببها من جديد هذه الغيبوبة اللغوية ، فقط كى تحلها من
جديد ، إلى ما لا نهاية فى هذه الدائرة الجهنمية . كل هذا قلناه مرارا ، وخلصنا فى كل مرة لنتيجة واحدة
مأساوية : العرب لا يستسلمون أبدا ، فقط يبادون ! يا عمو تأكد أنك لن تدخل التاريخ كصانع سلام إنما
كپلدوزر ( هذا طبعا إن فعلت حقا ما تستحق به هذا اللقب
الأخير ) . هذا قدرك ، وشروط السلام لم تنضج بعد . عليك
أولا تصفية عرفات وبشار وكل قوى الرفض العربى‑الإيرانى ، هذا هو الحد
الأدنى الذى ستنفتح بعده أبواب پاريس ويالتا لك أو لغيرك : أن تنجز فروضك
المنزلية أولا ! كولين پاول تبنى الفكرة فورا ، فإذا برد الفعل
الفلسطينى هياج مطلق : كيف لا
تعترف أميركا الديموقراطية بالرئيس المنتخب من الشعب الفلسطينى ؟ من غير شتيمة ولا سخرية ولا نورييجا ، نقول بمنتهى الأدب إن من
حق أية دولة أن تسحب اعترافها بأى ريچيم حكم لا يعجبها . هذه هى الشرعية
الدولية القديمة التى تحبونها . المشكلة فقط أنه إذا كانت هذه الدولة هى
أميركا فسحب الاعتراف يعنى حكما بالإعدام وسقوط الريچيم ، إن لم يكن فورا
فمن خلال تفاعل متسلسل تسحب بعده بقية الدول اعترافها به الواحدة تلو
الأخرى . هذه هى الشرعية الدولية
الجديدة التى لا تفهمونها ! تحليلنا القديم جدا
هذا ظهر له صدى ملموس فى تحليل أندرو
سولليڤان فى الصنداى تايمز اليوم ، وهذه عملة نادرة كنا نعتقد
أنها توجد فى تصريحات نيكسون وثاتشر فقط ، وسعادتنا كبيرة أن
نهديك اليوم هذا الصوت الجديد بهذه القوة وصفاء الرؤية ! المقال دفاع عن
سياسة چورچ بوش ، وعن لومه العلنى لإسرائيل على هامش خطاب يراه يشرع لها كل
الحقوق ، ودفاع عن رحلة پاول وجهود السلام الأميركية ، لكنه يضعها
جميعا فى سياقها الصحيح : السياق الرامسفيلدى ! المقال يسخر من كل ما يقال عن تخبط وتراجع فى
السياسة الأميركية نحو إسرائيل . وطبعا ينأى عن الكثير من التبسيطات التى
عمت الساحة مؤخرا عن أن تأييد شارون هو تجنبا للسبب الذى كلف والده كرسى الرئاسة
فى الانتخابات عندما اتخذ سكرتير دولته چيمس بيكر موقفا متشنجا من إسرائيل
باعتبارها تحظى بمساعدات أميركية دون أن تسمع الكلام فى الاستيطان وغيره
( هذا سبب صحيح لسقوط بوش الأب ، لكنه ليس بالمرة سبب سياسة بوش
الابن ) ، أو أن تأييد العرب هو حماية لبعض النظم من السقوط
…إلخ . ما يقوله سولليڤان إن أحدا من ولاية بوش لا تركبه الأوهام فى
نجاح مهمة پاول ، ذلك أن ’ فريق بوش أكثر ذكاء بمراحل من أن يتوهم
شيئا كهذا ‘ . يقول إن عرفات الرأس المدبر لكل عمليات القتل ،
جاء بخطاب يدين ’ بالعربية ‘ الإرهاب الإسرائيلى أكثر من إرهابه هو ،
وصور الأمر على أنه نصر لعظيم لپاول . هذا مقصود ، والهدف فى رأى
سولليڤان هو ’ الاستهلاك
الدولى ‘ international
consumption
( أحلى مصطلح فى المقال ، فحقا لم يعد فى عصر
الإنترنيت والساتيلايت ما يمكن تسميته بعد ’ الاستهلاك
المحلى ‘ ! ) . العكس هو الهدف طبقا لسولليڤان :
الهدف من المهمة هو فشلها . والمطلوب فقط من هذا ’ الذراع الدپلوماسى
للحرب ‘ أن يثبت للأوروپيين و’ الحلفاء ‘ العرب ، أن
المتطرفين العرب هم السبب فى إفشالها . وأنها جزء من خطة بعيدة النظر لضرب
كل ريچيمات الرفض العربى‑الإيرانى ، دون أن يلوم أحد ساعتها أميركا
على عدم بذل جهد فى المشكلة الفلسطينية . بل ويذهب سولليڤان لما هو أبعد ، قائلا
إن الهدف الإساسى للعمليات هو هدف
أميركى وليس إسرائيليا . أميركا تريد المقبوض عليهم والوثائق وكل شىء لتعرف
هى أولا طبيعة الروابط ما بين كل أطراف العصابة الإرهابية عالمية الاتساع :
القاعدة‑العراق‑إيران‑سوريا‑الفلسطينيين …إلخ ،
وثانيا لتقدم للعالم هذا الدليل . على أنه فى
المقابل لن يعد نجاح پاول هزيمة لأميركا ، لو حدث مثلا وأدرك فجأة
الفلسطينيون أن دماءهم ظلت لعقود بيادق فى يد الديكتاتوريين العرب فى لعبة شطرنج
الشرق الأوسط . ويقول هذا هو مكمن
الجمال فى ستراتيچية صقور الولاية الأميركية : النجاح أو الفشل يخدم دائما
حربهم بعيدة المجرى . ’ پاول هو الشرطى الطيب ، ورامسفيلد هو
الشرطى الشرير ، لكن أحدا لا يشك من منهما هو المأمور ‘ ! النتيجة الأخيرة التى خلص إليها تحليل سولليڤان
لا تختلف كثيرا عما ظللنا نحن نردده لسنوات :
لا سلام إسرائيلى‑عربى قبل سقوط ريچيمى بغداد وطهران ( الفارق فقط
أننا نضيف سوريا بل ونضعها كأولوية أولى ، والسبب أن الغرب يرى فيها مجرد
دولة ضعيفة عسكريا ، لكن من منظورنا الذى يدعى فهم العقلية العربية
المتمحورة اساسا حول الكلام ، حافظ وبشار هما بلا منازع أخطر من ألحق
الكوارث بكل العرب فى كل التاريخ ) . إلى أن يقوم رامسفيلد
بالمهمة ، طبقا لكلمة سولليڤان الختامية ’ سيظل العالم أرملة ترتدى الحداد ، وچورچ بوش
أستاذا للزخرفة master decorator ‘ ! ربما لم يصل تحليلنا أبدا
لافتراض هذا التناغم التام وتقسيم الأدوار فى الولاية الأميركية ، وملنا
دائما لتمثله كخلافات واجتهادات ما بين من يفهمون مثل رامسفيلد ومن لا يفهمون
مثل پاول ، ومن يحاولون الفهم مثل بوش ، مع ذلك نحن سعداء عامة بكل ما
كتب سولليڤان . شى واحد فقط لم يسعدنا : أن الزخرفة بحكم خبرتنا
لا تخدم الهدف الأساسى فيما نكتب ، وهو إصلاح العقلية العربية وتخليصها من
مرضها المزمن ، الذى أسميناه للتو العروبة . للأسف الغرب حين يحين
خيار الإبادة ، لن يفكر كثيرا فى كيف يمكن أن يجنبنا إياه ( اللهجة
الباردة التى يتحدث بها سولليڤان تخيفنا شخصيا ، رغم أننا أول من
تكلم عن حتمية إبادة العرب
والمسلمين ، بل وإبادة كل
البشرية ) . الأسوأ أنه يتكلم هكذا لسبب بسيط للغاية أنه لا يعرف
أصلا أية طريقة صحيحة أو غير صحيحة لإقناعنا . ولهذا بدوره سببه الوجيه
والبسيط أيضا أنه من شبه المستعصى على أحد فهم طبيعة العقلية العربجية ،
عقلية منح أكاليل الغار للمهزومين ! … اقرأ كامل مقال أندرو
سولليڤان … زر موقع أندرو
سولليڤان الذى يشبه موقعنا لحد كبير ، مع فارق تعدد الاهتمامات
نسبيا عندنا ، ذلك ما بات يسمى إعلاميا web logs أو blogs أو bloggers بمعنى أنه يكتب به عمود كل يوم بانتظام حول
موضوعات بعينها تهمه شخصيا ، ولا أكثر . بدأ ’ قرمة
الغشاء ‘ الخاصة به هذه منذ 31 ديسيمبر 2000 . وسوف تجد أنه ليس فقط
كاتبا ناضجا وعليما ، بل أيضا بارع وممتع . … لمحة عن قرمات الغشاء
( البلوجات ) :
كما تعلم نحن بدأنا كتابة الرأى على الغشاء منذ أن
رفعنا شعار Think
Internet! فى 2 ديسيمبر
1999 ! لم يكن كتاب كسولليڤان قد ظهروا على الغشاء بعد ، وربما
كان إلهامنا أكثر ، هو المواقع الكبيرة المخصصة لأصحاب الأعمدة شبه العلمية
مثل About.com . لم يكن هذا موقع رأى بالمعنى
المعاصر للكلمة ، لكنه للأمانة أوحى لنا بالفكرة ، فكرة موقع خالص
للرأى . وأيضا للدقة بدايتنا نفسها لم تكن موقعا للرأى شبه اليومى كما هو
حالنا الآن ، إنما دراسات مطولة ، تضاف لها ’ تحديثات ‘ من
حين لآخر . على الأقل حتى أواخر سنة 2001
كانت تسمية web logs والمواقع الشبيهة نفسها شيئا مغمورا ومتفرقا لحد أن لم يكن للمرء
ملاحظتها . أيضا لم تكن تعنى هذا الأسلوب بالضبط ، بل شىء أوسع كثيرا
من فكرة كاتب العمود المحترف أو المتخصص . مبدئيا كان يشار بها للكتاب
الذين يجمعون أهم أخبار اليوم ويضعونها فى صورة همزات ، بدون تعليق أو
بتعليق وجيز للغاية . لم يكن الحديث عن مواقع رأى خالصة أو شبه
خالصة ، كموقع سولليڤان أو كموقعنا ، أو حتى كـ About.com الأقرب للموقع
التعليمى أكثر منه موقعا لآراء شديدة الشخصية أو حتى تحليلية لهؤلاء
الكتاب . إنما كان الوصف منصبا بالأساس على تقنية حاسوبية ، نوع من
محركات البحث يمكنه توليد ما يمكن وصفه بـ news portal بطريقة
أوتوماتية ، بمجرد أن يصل نفسه بالإنترنيت ويشغل البرنامج ، فتتكون
صفحات حافلة بالروابط نعبر عن اهتماماته الشخصية ، حتى وإن لم يقرأها هو
نفسه لشهور أو حتى أبدا لو شاء ! الطفرة جاءت فى الشهور
الأخيرة من عام 2001 ، ليس فقط لسبب موضوعى هو أحداث سپتمبر ،
وحاجة الكثيرين للتعبير عن أنفسهم ، إنما لأن بدأت تظهر برامج تتيح تعميم
المداخل على نحو آلى ، ناهيك عن مجانيتها . ومن ثم انتفت الحاجة لتعلم
لغة البرمجة HTML ، أو حتى استخدام طريات توضيبها
التقليدية المكلفة مثل FrontPage وما شابه . بعد ذلك اكتسحت الأضواء مواقع
الرسامين ممن اعتادوا تقديم كاريكاتير جديد كل يوم ، أو ما إليه .
اليوم نسمع أن البلوجات أصبحت وسيلة المتخصصين فى التخاطب ، وقصة النيو
يورك المحال إليها ، تذكر أن 300 مهندس من أحد أقسام شركة سيسكو
( شركة صلائد الإنترنيت وأحد أضخم عشر شركات إطلاقا فى
العالم ) ، يستخدمونها فى مناقشة المشروعات التقنية للشركة التى
يشتغلون عليها . السبب واضح أنها أكثر دسما وتعمقا وأيضا تظل محفوظة على
الغشاء أو الشبكة الداخلية للشركة ويسهل الرجوع لها فى أى وقت ، ذلك من
تبادل البريد الإليكترونى أو الدردشة أو جماعات اليوزنيت أو ما شابه . إنها باختصار ليست دردشة ، إنما تأليف . بالطبع ثم فوارق أساسية عن كتاب الأعمدة
التقليدية . وتنبع بالطبع من خصائص الوسيط الذى هو الإنترنيت . فى
أغلب الحالات هو تأليف تحت التنمية إلى ما لا نهاية . كثيرون يبردون فصولا
من رواياتهم أو تمثيليات الشاشة ، وينتظرون الآراء والتعليقات .
الفارق الثانى يظل بالطبع يظل ضيق مساحات التعميم التقليدية ، أو قيودها
التوضيبية أو الرقابية . هذا هو أحد الدوافع الكبرى لانفجارة كبرى لكتاب
الرأى ، ويحصون الآن بمئات الآلاف أو ربما مليون كاتب ( بلوجى )
على الغشاء . صحيح أن الكثير منهم سطحى أو محدود الاهتمامات ، لكن
المؤكد أن بعضهم يحظى بالتدريج بثقة القارئ وأحيانا إدمانه لقراءته ، وتتسع
دائرة قرائه باضطراد . يمكنك قراءة بعض عن هذا التاريخ المبكر وكذا نشأة المصطلح بواسطة يون بارجر فى ديسيمبر 1997 وغيرها ، ذلك فى هذا المقال
الممتع لريبيكا بلض . [ المدهش أن بعد قليل وتحديدا
فى أواخر سنة 2002 ، … أيضا اقرأ هذا المقال التقنى المثير
عن الوقع الكبير للبلوجات مؤخرا على أداء أكبر محرك بحث للإنترنيت الجووجل ] .
الحرب السادسة : 15 أپريل 2002 : إسرائيل تعتقل المدعو مروان البرغوتى . الوظيفة : لورد
لوردات الانتفاضة . بس خلاص ! لا كلام للعالم اليوم إلا عن تلك الاحتفالية
الحاشدة أمام مبنى الكاپيتول . كل شيوعيى وإسلاميى العالم عملوا آلاف
المظاهرات عبر الجلوب والنتيجة الصفر المطلق كما قلنا قبل أربعة أيام
أعلاه . والآن من منظور ما نسميه العالم المؤثر :
مظاهرة واحدة تكفى ! دعك من الآلاف المؤلفة ( أكثر من مائة ألف فى
تقدير النيو
يورك تايمز ، تقول إنها الأكبر منذ تأسيس إسرائيل ) ، التى
جاءت من جميع الولايات تاركة أشغالها ، فاليوم هو الاثنين وهو تحدى ،
فقد كان بإمكانهم القيام بها أمس الأحد ، لكنهم نحوا الفكرة حتى لا يقال
أنهم يستجدون حضورا وفيرا . بل ودعك حتى من ذلك الإجماع الغريب على
الأطروحات الأكثر جذرية ضد العرب والفلسطينيين . المهم هل سيترجم كل هذا
سريعا لقوانين داخل المبنى الأبيض ذى القبة الضخمة القائم خلف المتحدثين ،
أم لا . الإجابة تأتى من مجرد إلقاء نظرة على أسماء المتحدثين ، لعلها
تعطيك تعريفا جديدا لكلمة العالم المؤثر ( كل واحد يعادل منفردا وزن كل
مظاهرات العالم فى الأسبوعين الماضيين ) : تقريبا كل الكونجرس
’ بربطة المعلم ‘ نواب وسيناتورات ، أغلبية وأقلية ، قادة
وأعضاء ، مؤيدون تقليديون لإسرائيل ومؤيدون جدد . جميع الجمعيات غير
الحكومية الأميركية الكبرى . رودولف چوليانى عمدة نيو يورك 11 سپتمبر
والرمز الأسطورة لكل إرادة القتال الحالية فى هذه الحرب
العظمى الأولى . حفنة من زعماء الأحزاب الإسرائيلية على رأسهم الفتى
الذهبى معبود الشباب عبر الجلوب بنيامين نيتانياهو ، أو فى تسميتنا الخاصة Mr. Deep Blue .
الفصل المثير فى الاستعراض
الممتد ، جاء عندما تكلم پول وولفوويتز اليهود الأميركيون يرون فى هذا التحشد rally كما أسماه الإعلام ‑فهو أكبر من مجرد مظاهرة‑ أشياء
مميزة من منظورهم ، أبرزها أنها جسرت لأول مرة فى التاريخ الأميركى على
الأقل ، جميع الفجوات الثقافية والاجتماعية بالغة التأصل بين اليهود
العلمانيين والمتدينين . يعنى ! حاجة موش لذيذة قوى ، نفضل عليها
أن يتخلص الشعب اليهودى من فلول التدين فيه ، لكن المهم فيها أن من غابوا
هم فقط ولأن الشىء بالشىء يذكر ، هذا تعليق أخير بمناسبة
حكاية العالم المؤثر ، هو كل ذلك الكلام عن جرائم الحرب . ستظلون تهيجون
العالم حول هذا الموضوع ، أمم متحدة وغيره ، إلى أن ينقلب فوق
رؤوسكم . صدقونى أنه ساعة
الجد ، لو عقدت أية محاكمات لجرائم الحرب فلن تكون إلا فى حق زعماء
الفلسطينيين أصحاب أسوأ جريمة حرب فى التاريخ ، قتل فتيات نوادى الديسكو
لمجرد أنهم فتيات نوادى الديسكو . أيها السادة
جهابذة مراحيضنا الإعلامية أنتم تريدون خلق سابقة فاحشة لا وجود لها فى
التاريخ ، هى محاكمة المنتصرين على انتصارهم ! اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : 16 أپريل 2002 : أمس واليوم تتصاعد العمليات فى محيط كنيسة المهد فى بيت لحم .
رافعة عملاقة تنزل بصندوق مصفح يتدلى وسط الكنيسة وبداخله قناص . أجهزة
صوتية تصدر صريرا طوال الوقت . مصدر للروائح الكريهة ، وإن لم نفهم
حقيقة هذا ( ربما مجرد إشاعة أخرى من تلك التى وجد الفلسطينيون أخيرا صيدا
سهلا لترويجها من خلاله ، أقصد طبعا قناة النيل للأخبار . لندن
والجعيرة بيحاربوا بدالهم بمزاجهم آه ، لكن يضحكوا عليهم لأ .
عادى ، هو ده مستوى الإعلام المصرى ، ولا هيشتريه ؟ ) .
قنابل مسيلة للدموع ، وبعض الاشتباكات المسلحة . إسرائيل زهقت وعاوزة
تنسحب . إيه الهم ده ؟ معقول يا ناس ؟ مفيش قنبلة غاز
منوم ، ولا حاجة زى كده . إيه يا عم دونالد ، وإيه يا تكنولوچى
إسرائيل ؟ صعبة دى ولا إيه ؟ ! على فكرة ، فيه موضوع نسيت أناقشه فى الأيام
إللى فاتت ، هو القول المتكرر إن التليڤزيونات تسجل المجازر .
هذه مناقشة إعلامية تقانية محضة ، وسافترض جدلا أن هناك مجازر فعلا ،
لنناقش كيف يجب على الكاميرا ان تسجلها . منازل مهدمة هى الصورة
المحورية . هذه لا تعنى مجازر إنما تعنى منازل مهدمة . اقتحام لأوكار
الإرهاب فى أزقة ضيقة كان لا بد من توسيعها ، أو إعادة بناءها على نحو أفخم
على حساب الاتحاد الأوروپى نصير فقراء العالم الوحيد منذ أن تيتموا برحيل
الاتحاد السوڤييتى . بعض الجثث الملفوفة . هذه لا تعنى مجازر
إنما تعنى جثثا ملفوفة . من أدراك أنهم مدنيون ، المعلومات تقول
باستثناء عدد يحسب على أصابع اليد الواحدة ، الكل مسلحون ومقاتلون .
الصحفيون يمنعون من المرور . هذا لا يعنى مجازر إنما صحفيين يمنعون من
المرور . هذا وضع طبيعى فى العمليات العسكرية ، بالذات إذا ما كان
هؤلاء الصحفيون غير محايدين ، وما قد يرونه يمثل معلومات ثمينة تمرر بسهولة
وعمد للطرف الآخر . نفس الكلام عن الأسعاف ، سجلهم سئ للغاية فى تهريب
المقاتلين والأسلحة والمتفجرات . [ بالعكس ، فى إحدى اللقطات على
شاشة النيل للأخبار نفسها ، وليس السى إن إن مثلا والعياذ بالله ،
شاهدت يوم 27 التالى ، خلال الأستاذ كولين پاول قرر العودة لأسرته غدا الأربعاء
بعد لقاء ثان وأخير مع كل من عرفات ومبارك . إذن لا شىء جديد ، الكل
ينتظر الحدث الكبير التالى . المسألة باتت مملة ، ولعل الواجب أن
نتوقف نحن أيضا عن هذه التغطية اليومية . اكتب رأيك هنا الحرب السادسة : 17 أپريل 2002 : تاريخ :
التطورات تتلاحق ضد ما يسمى جبهة الاعتدال العربى : على عكس ما خطط
بالأمس ، پاول سافر دون مقابلة الرئيس مبارك ، هذا بسبب اعتذار
الأخير . الرئيس بوش رد الصفعة بسرعة ، بأن أطلق بنفسه وللمرة الأولى
فى تاريخ السياسة الخارجية الأميركية ، تهديدا صريحا وصارما لما يسمى الدول
العربية المعتدلة ، مصر والسعودية والأردن ، والذين يعدون تقليديا من
أبرز أصدقاء أميركا فى المنطقة ، بضرورة أن تقف ضد الإرهاب الفلسطينى بوضوح
وعملية ودونما أدنى مراوغة . الأكثر إثارة أن على الفور رد الوزير المصرى
برفض صريح مفرط الاقتضاب والجفاء . هذه بلا شك لحظة الحقيقة التى طال
انتظارها لهذه الدول الثلاث ، بل مرحلة جديدة ككل فى النظرة الغربية تجاه
العرب والمسلمين ، يرتقى فيها الفكر الإبادى لمستوى لا يفرق كثيرا بين
المتطرفين والمعتدلين ، ويطلب شيئا واحدا فقط هو الانحياز الصريح والعملى
لصف الحضارة . تفاصيل هذا التطور النوعى الخطير كانت اللحظة المنطقية لبدء
الجزء الرابع من صفحة الإبادة هذه ، فتابعها هناك . … |
| FIRST
| PREVIOUS
| PART III | NEXT | LATEST |