|
|
|
العرب ومستقبل الثقافات القومية
لماذا نحن
دائما فى الجانب الخطأ من معركة الحضارة ؟
—أو : لعنة الچيين المفقود !
( الجزء الثالث )
Arabs and the
Future of National Cultures
Why We’re Always
on the Wrong Side of the Battle of Civilization?
—Or: The Curse of the Lost Gene!
(Part III)
| FIRST | PREVIOUS | PART III | NEXT
| LATEST
|
الآن : العرب ومستقبل
الثقافات القومية لماذا نحن
دائما فى الجانب الخطأ من معركة الحضارة ؟ Arabs and the
Future of National Cultures Why We’re
Always on the Wrong Side of the الدراسة الرئيسة لصفحة
الثقافة على هيئة ملف .pdf أنيق سهل التنزيل والطباعة … هذه الدراسة التى تقع فى نحو 140 صفحة ( أو
نحو 4 ميجا بايت ) ، وكتبت ما بين أپريل 1992 ومايو 1996 ، هى
أقدم ما عمم حصريا من خلال قسم الرأى بالموقع ، وتمثل تلخيصا متكاملا لأغلب
ما طرح فيه من أفكار جريئة وصادمة على مدى قرابة عقد كامل . هذه الدراسة التى ستضاف لكتاب ’ حضارة ما
بعد الإنسان ‘ الأقدم الذى عمم مستقلا مطبوعا سنة 1989 ، ويمثل أيضا
حجر زاوية أساس لأفكار هذا الموقع ، انضمت الآن تنزيل كتاب ’ العرب ومستقبل الثقافات
القومية ‘ هنا تنزيل كتاب ’ حضارة ما بعد
الإنسان ‘ هنا القائمة الكاملة للكتب والكتيبات المتاحة كملفات .pdf هنا |
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Thursday, September 20, 2012].
August 18, 2003: Zayed Center closed. They should have listened from the start to our old Shut-up advice!
August 16, 2003: Where and why did Reda Helal vanish?
August 15, 2003: Blackouts, American and Arab, what’s the difference?
December 12, 2002: A little apology for what so-called ‘racism.’ What about some scientific facts that everybody ignores?
October 11-16, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: U.S. decides to occupy Iraq and assign a new General MacArthur as a military ruler. BUT: Could it work in Egypt also?
In Part II
July 23, 2002: Masters of defeat gather to celebrate the most notorious disaster in the modern Arab history: Egypt’s July 23, 1952 ‘revolution’!
June 7, 2002: FIFA World Cup as a demonstration of Man-Machine conflict. Also as a demonstration of Arab culture illnesses!
May 5, 2002: VOA Arabic signing off, sorrowfully for the last time. A new broadcast launched!
April 6, 2002: A HISTORY MADE! First Human Cloning. Surprisingly, it’s an Arab cultural event than a scientific one!
March 18, 2002: Thatcher’s new book!
March 15, 2002: EgyptAir Flight 990 crash: All secrets revealed. It’s just an ‘internal affairs’ issue of the Islamic Brotherhood.
January 31, 2002: What’s ‘Right?’ A simple question has never been answered in the eternally left-wing Arabic language!
January 1, 2002: How to repair the image of Islam in the West? Here’s our advice: JUST SHUT UP!
November 30, 2001: The ‘Arab Street’ is dead silent. Why?
November 18, 2001: Arabic MTV. WHAT AN IDEA! But, could it really work?
October 7, 2001: A whole new page on the concept of civilization and the misconceiving of clash of cultures as a clash of civilizations!
January 25, 2001: EgyptAir officially acknowledges liability for Flight 990 crash.
January 17, 2001: Arab unity accomplished at last: Nabil Ali’s new book Arab Culture and the Information Age.
October 20, 2000: Hezbollah website ruined; some lessons obtained. Or may not?!
…
In Part I
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء 2 ) : 24 سپتمبر 2002 : ليس مدهشا بالمرة أنه عندما تقرر وزارة الثقافة المصرية إصدار جريدة أسبوعية أن تأتى بالشيوعيين من جريدة الأهالى وصحف اليسار المختلفة ( بالذات من يريدون منهم الخروج من دائرة الفقر ) ، وتعهد لهم بمثل هذه الجريدة . وهى كما تعلم اسمها القاهرة ، وتصدر منذ عامين ونصف . ففى الدراسة الرئيسة لهذه الصفحة قلنا قبل سنوات طويلة إن الطبقة الچيولوچية العميقة للعقلية المصرية هى عقلية يسارية بالغة التطرف ترفض الدارونية والسميثية وكل الرجس العظيم المسمى المنافسة . هذا مثلها مثل فرنسا ، ومثل قليل جدا من الشعوب بعد ذلك . وتحدثنا عن فكرة البعد الاجتماعى للإصلاح الاقتصادى ، وعن كون مصر أم كل كوارث الدنيا القديمة ، وفرنسا أم كل كوارثها الحديثة . مع ذلك كان صديقى مندهشا عندما أعطى لى صديق عدد اليوم من الجريدة ليقول لى اقرأ ما كتبه صلاح عيسى رئيس التحرير فى الصفحة الأخيرة ، وهو نقد ساخر للطريقة التى يحاول بها بعض العرب تبرئة أسامة بن لادن من أحداث سپتمبر ونسبتها للاستخبارات الأميركية والإسرائيلية أو لهما معا ، بينما بن لادن نفسه لا ينكرها إنما يؤيدها علنا ويسميها غزوة نيو يورك وواشينجتون التى حطمت ’ هُبل ‘ العصر . قبل أن أقول رأيى أو أفهم سبب اندهاشه وإصراره على قراءة المقال فورا ، قلب الصديق الجريدة ليرينى الصفحة الأولى ويشير لأحد العناوين الكبيرين أعلاها ، فإذا نصه ’ صحيفة إسرائيلية تتهم المخابرات الأميركية وبوش وشارون بالتخطيط لهجمات سپتمبر ‘ . بدورى لم أدع صديقى ينتظر رأيى ، وانطلقت فى
محاضرة مكررة ، عن أن ما فيش فى المثقفين العرب أصحاب المنابر
المطبوعة ، برمتهم وبلا استثناء يذكر ، أى حد فاهم أى حاجة فى أى
حاجة . وتحدثت ببعض العبارات المتقعرة عن مأزق وتناقضات اليسار ، وعن
عينه التى فى الجنة وعينه التى فى النار فيما يتعلق بالجماعات الإسلامية ،
وأن الجميع باتوا عصابة واحدة لا يجمعها سوى هاجس واحد هو العداء لأميركا
وإسرائيل ، وبعد القضاء على أميركا وإسرائيل وحل ’ التناقض
الرئيس ‘ ، سيجدون ’ ألف حلال ‘ يحل لهم ’ التناقض
الثانوى ‘ بين اليسار والإسلام . وأخيرا عرجت للحديث عن المهنية
الصحفية ، وماذا تريده بالضبط جريدة تضع أقوى مانشيت لها مناقضا فى المحتوى
لأقوى مقال لها فى نفس العدد ، أو قل السؤال الأدق هو كيف تدار مثل هذه
الجرائد ، أو قل وهو الأدق والأدق : هو فيه أى حد فاهم أى حاجة فى أى
حاجة ! بعد أن انصرف صديقى أخذت الورقة الخارجية
للجريدة ، وفردتها على اتساعها فبدا الموضوعان متجاورين بعضهما
البعض . سرحت قليلا لأتذكر أيام جريدة الوفد ’ اليمينية الليبرالية ‘ كما يسميها المثقفون
المصريين إيهاما لأنفسهم بأن ثم شىء نقيض لليسار اسمه يمين وليبرالية فى مصر
( هذا بينما يتبادل رئيسها ورئيس جريدة حزب التجمع اليسارية
’ الأهالى ‘ الكتابة على صفحات بعضهما البعض ، والأدهى أن لا تحس
بأى فرق ! ! ! ! ! ! ) . تذكرتها طوال الثمانينيات والتسعينيات كلما كثر الكلام عن خسائر
القطاع العمومى وعن الحاجة لخصخصة شركاته ، كنت تجد فى إحدى الصفحات هجوما
شرسا على القطاع العمومى ، ثم تقلب الصفحة لتجد هجوما شرسا أيضا على خصخصة
الشركات . الفارق فقط أنهم فى الوفد يضعون هذه المقالات خلف بعضها
البعض ، أما فى القاهرة ‘ لسان ‘ حال الشيوعية الثقافية الحكومية
فيضعونها أمام بعضها البعض . طريقة الوفد أفضل لأنها تجعلك تحتفظ بورقة
واحدة من الجريدة ، لا بورقتين متصلتين ! يبدو أن المشكلة ليست حكومة وأهالى حسب عنوان صفحة
جريدة اليسار الشهير ، إنما هى وفد وأهالى ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 8 أپريل 2004 : هل تعلم ما هو العنوان الرئيس ذو اللون الأحمر
لجريدة الوفد لن
نقول يا للهوان وما إلى ذلك ، لن نندب أو ننوح ، بل كما تعلم رأينا أن هذا طبيعى جدا . ما يسمى
ليبرالية سعد زغلول المزعومة ، ولا أفهم لماذا أسموها كذلك فى حينها ولم
يسموها بلشڤية ، هى بالضبط العكس 180 درجة من كل ما يمكن أن يسمى فى
الكتب ليبرالية . ليس غريبا بالمرة أنهم خصصوا الصفحة الأخيرة يوميا من
الجريدة لكتاب حزب اليسار وحتى من يزايدون على حزب اليسار . نعم ، لم
يعد حتى الأمر كما لاحظناه قبل سنوات هنا قصرا على استضافة رئيس تحرير الأهالى
مرة أسبوعيا ، بل أصبح يوميا وفى عين العدو سبعة كتاب شيوعيين متأصلين فى
الشيوعية ، مختلفين متنوعين على مدى الأسبوع . والخطوة التالية تخصيص
صفحة أخرى ( الأولى ربما ) لرموز الأخوان المسلمين ، أو حتى ‑وهو
غاية المنى ومنتهاه‑ تخصيصها لأعداء الماضى التاريخيين الأشهر :
الناصريون ! طبيعى
إذن أن لطالما رأينا هذا الشخص ‑سعد زغلول‑
كالمغتال رقم 1 لتجربة الليبرالية فى مصر ، تجربة أبناء غير مصر الأبرار
محمد على والخديوى إسماعيل ، ومن بعدهم حفنة أصغر مما تتخيل من الليبراليين
المصريين الحقيقيين ( قطعا ليسوا هؤلاء الباشوات المزيفين ) .
أما عبد الناصر الذى تلقى عادة جريمة القتل فى عنقه ، فلم يكن إلا صبى لحاد
القبور الأكبر ذاك وكانت مهمته فقط أن أوكل إليه ’ تغسيل ‘
الجثة . من هنا فالسؤال الحقيقى : إلى متى يظل رفاق الدرب الواحد على
عداواتهم ’ الثانوية ‘ التافهة . المفروض أن نرى سريعا جدا وحدة
خلفاء زغلول وناصر ، حتى يكتمل المشهد الوطنى الجليل ، ذلك بعد أن
اتحد كل منهما على حدة مع خلفاء البنا ولينين . إن العدو واحد :
أميركا وإسرائيل ، وبالفعل منذ فترة والوحدة الوطنية بدأت تتجلى فى أسمى
معانيها فى ملحمة مصرية تاريخية رائعة بهرت كل العالم وأذهلته بقدرات الشعب
المصرى الهائلة وبجذوره الضاربة فى أعماق الزمن ، ذلك من خلال اتحاد
اللونين الأحمر والأخضر على غلاف جريدة الوفد كل صباح ! إن
كل ما سمى بالحركة الوطنية ، هى آخر ما يمكن أن يوصف بالليبرالية أو حتى
بالوطنية ( لو أخذت كلمة وطنية بتعريفها الموضوعى لا العاطفى أو
التهييجى ، أى تعظيم الناتج الداجن للوطن كما نقول عادة ) . هى فقط شيفونية متعصبة
شاغلها الوحيد حقدها على الأجنبى ، واللعبة برمتها ذريعة لحكم
’ وطنى ‘ فاسد ينهب ثروات الشعب باسم الشعب لصالح أقلية بيروقراطية
انتهازية ، ولا شىء أكثر . هذا هو المشترك الوحيد الذى يوحد شعابها المختلفة ،
ويزيد توحدها يوما بعد يوم ، وعنوان الوفد الإسلامجى جدا اليوم خير
دليل ، وهذا هو أيضا ‑أى الفساد وصراع تقاسم كعكة فتات الثروة لبلد
بلا أجنبى ينميه‑ الشىء الوحيد الذى يفرقهم ! لا
نعترض على عنوان جريدة الفالوجة ، أقصد الوفد ، ولا يكاد يعنينا فى
شى . فكل العناوين تقريبا مثله . نعترض فقط على عدم تسمية الأشياء
بمسمياتها ، إن كان قد بقى للمسميات مسميات فى بالوظة السياسة المصرية ! ] . 16 أكتوبر 2002 : كل ما كتبناه وركزنا عليه حتى الآن على مدى سنوات
فى هذا الموقع ، هو كفاح لا يلين ضد ريچيمات الرفض العربية وما تمثله من
بلوى عاقت المنطقة عن التقدم . وضمنيا كان مفهوما أن مصر ليست من هذه
الريچيمات ، ومن ثم قد تبدو مشكلة التحديث فيها أهون للوهلة الأولى .
وأنه ربما كان وجود مثل هذه الريچيمات نفسها وإذكائها للصراع ضد أميركا وإسرائيل
شيئا جسيما جدا أمام الجميع ، هو الشىء الملح الذى يجب تخليص المنطقة منه
قبل التفكير فى أى شىء آخر . لا شعوريا هذا حجب عنا احتمالات التفكير تفصيلا
فيما قد يأتى بعد لمصر ، عندما تتطور كل الشعوب حولنا ، وهى شعوب
لديها بالفعل المقومات الجدية للتكيف مع العصر ومعطياته . هذا البلد على الأقل جدا تجاوز منذ موت عبد الناصر
غير المأسوف عليه ، مرحلة تلك العقول الحجرية التى لا تتطور أبدا لأمثال
صدام وبشار والخامنئى والقذافى …إلخ . الآن وقد بدأت أنوار الحرية والتقدم
تلوح لهذه الشعوب ، وبالذات من خلال عودة الاستعمار بصورته الكلاسية التى
ستعطى زخما هائلا للتحديث لا يمكن أن يتحقق تحت حكم أى قادة محليين ، بات
التفكير فى مصر ذات مذاق مختلف ، بل ومرير جدا . لهذا السبب تأخرت هذه
المقالة خمسة أيام ، ولم تلحق بالكلام السابق . من نافلة القول أيضا ، إن مصر هذه هى نفسها
التى حكمها يوما أنور السادات خارق الرؤى بكل المقاييس ، بما فى ذلك تنبؤه المذهل بمصير
الاتحاد السوڤييتى قبل سقوطه بعشرين عاما كاملة . هذا حين وجه له أول
لطمة من نوعها فى تاريخه ، تأتيه من العالم الثالث أو حتى من العالم
الأول ، ووقف لها هنرى كيسينچر نفسه مشدوها ، ألا وهى بالطبع الطرد
المهين للخبراء السوڤييت سنة 1971 . ثم هى نفسها التى حكمها حسنى مبارك برصانة
واقتدار ، لا سيما من خلال حكومة الدكتور عاطف صدقى التى أنشات البنية
التحتية للبلاد من الصفر ، وللدقة من تحت الصفر ، ثم من خلال حكومة الدكتور كمال الجنزورى ،
الخطوة المنطقية التالية التى طمحت لأن تدخلنا سباق الجلوبة ولو بخطى
وئيدة . لكن سرعان ما انهار كل شىء فجأة ولسبب غامض ، أو بالأحرى لسبب
غير ظاهر جدا ، سبب أقدم من كل هؤلاء بآلاف السنين ، سبب لا يملكون
حياله الكثير دون إرادة سياسية مرعبة القوة ، باختصار سبب چيولوچى ،
هو عينه ذلك الذى حاولنا كثيرا من قبل تحليله فى
عمومه وفى خصوصه ، وهو الذى نكتب
من أجله اليوم ثانية ، مع فارق أن المرارة باتت مضاعفة .
مشكلة مصر أعمق من أن يصلحها مستعمر . من يعرف
الشعوب العربية الأخرى ، ناهيك عن من احتك ببقية شعوب العالم الإسلامى
والثالث ( بزيارة منطقة الخليج مثلا ) ، يعرف تماما أن لا نظير
للشعب المصرى فى كل الأرض . كل الشعوب قابلة للإصلاح . كل الشعوب أقل
اتكالية وأكثر عملية واجتهادا . ليست المشكلة فى الوطنية بالمناسبة ،
إذا كنت تتوقع أننا سنفتح نيراننا عليها كالعادة . فالمصريون لا يمتدحون ولا
يحبون بلدهم فى كلامهم اليومى ، على وجه الإطلاق تقريبا ، نسوا هذا
بعد ناصر وما جره عليهم من وبال باسم الوطنجية والقومجية العربجية ( من
العروبة وليس العربة ) ، ذلك على العكس اليوم من السوريين مثلا .
أيضا هم تجاوزوا مرحلة الحديث بحماس عن حكامهم قدر ما يفعل السوريون أو
العراقيون مثلا ، أو من ثم التهليل مثلهم لمن ينقلب عليهم بذات الدرجة من
الحماس . أو كما علقت إحدى القارئات المثقفات نعم مشكلة مصر أعمق من أن يصلحها مستعمر ،
وطبعا المشكلة ليست عسكرية ولا أمنية . وأشك أن ثم شعب واحد فى العالم
الثالث يرغب فى محاربة الاستعمار مرتين ، بعد ما ناله من نوازل الجوع
والفشل بفضل ’ انتصاره ‘ فى المرة الأولى .
المشكلة تكمن هناك فى قاع الطبقة الچيينية المصرية
بمصطلحاتنا القديمة المعتادة ، والطبقة
الچيولوچية بمصطلحات الدكتور كيسينچر الأحدث لكن الأقوى ( هذا
فكر ، وما تشتريه منه يصبح ملكك وإن اخترعه غيرك ، وتعبير الطبقات
الچيولوچية للشعوب واحد من أجمل مقتنياتى من حانوت العم هنرى ، حتى لو كان
هو ’ الحلق العميق ‘ الذى أودى بالعظيم نيكسون كما تذهب بعض
النظريات ، التى لا يعرف أحد مدى صحتها على أية
حال ! ) . نعم ، المشكلة چيينية‑چيولوچية .
عندما أرادوا أن يعلموا جمال مبارك الحكم أرسلوا به للحزب الوطنى ( الاتحاد الاشتراكى
سابقا ) ، ليس كما قيل كى يبدأ السلم من أوله ، وليس كما قيل
خوفا مما قد يقال ، إنما فقط كى ينسوه كل ما تعلمه فى الخارج . أنا
شخصيا لم أتخيله سوى وزيرا للاقتصاد فى حكومة الدكتور
الجنزورى الإصلاحية ، يطبق ما فى عقله من علم طازج عصرى ، بدلا من
ذلك البليد المتكلس الجبان سليل الشيوعية المدعو يوسف بطرس غالى ، ثم ينطلق
بعدها لمسئوليات تنفيذية أكبر ( لا مسئوليات جماهيرية طبعا ، ما
تحتاجه مصر مديرون وقادة وفيرو العلم ماضيو العزم ، وقطعا ليس مزيدا من
الخطباء ! ) . ولاحظ أننى فى كل هذا لا أتحدث عن پينوتشيت فرعونى ، فالإصلاح الحقيقى
اليمينى الجذرى وهم مطلق فى أرض الكنانة . فقط أتحدث عن تونى بلير مصرى
يجمل وجهها اليسارى قليلا ويحد بعض الشىء من فشلها الاقتصادى الذريع
( مفهوم طبعا أن المسألة نسبية ، وفارق المقارنة شاسع بين
البلدين . وبينما يعد بلير بالنسبة لبريطانيا العظمى نكبة من جميع زوايا التقييم ، قد
يكون ولو نظريا طفرة ملفتة بالنسبة لمصر ) . هنا نعود للمربع رقم واحد ، مربع التخوفات
المضمنة فى كل ما قلناه فى الدراسة الرئيسة
لهذه الصفحة عن الشخصية المصرية ، نعود إليه بثعبانين وليس بثعبان
واحد ، وبلا أى سلم منظور للصعود من جديد : ثعبان چيولوچيا اليسار ،
وثعبان چيولوچيا الفهلوة .
چيولوچيا اليسار تتمثل فى مصر فى
توجهاتها اليسارية التى تجعلها أعظم ديموقراطية منذ فجر التاريخ وحتى آخر
الزمن . الشعب فى مصر لا يحتاج أصلا لإبداء رأيه ، لأن حكامه يسايرونه
على هواه على نحو مطلق . لا يضغطون عليه بأى ضغط من أى نوع . يتركونه
جثة تتعفن لسبعة آلاف سنة ، لا يفكرون فى إعادته للحياة ولا فى قتله .
المبدأ فى مهد الأديان أن يترك كل شىء ’ يموت ميتة ربنا ‘ ، وهى
للأسف ميتة لا تأتى أبدا . هذا لا يمكن أن تراه فى أى مكان فى العالم بما
فيه أعرق ما يسمى نفسه ديموقراطية . عندهم هناك دوما فجوة ملموسة بين
الحكومة والشعب الذى انتخب الحكومة ، فجوة بين ما يريده الاقتصاد
والعلم ، وبين ما يريده الشعب . أما چيولوچيا الفهلوة فهى تلك الموهبة
الفذة التى مكنت مصر على مدى سبعة ألاف سنة كاملة من التحايل على فكرة
الشغل ، ومكنت شعبا هو الأكسل فى تاريخ الأرض من تفادى الانقراض مهما تقلبت
به الظروف . الأبعد أن هذا الكسل الذى فرضته حياة انتظار الفيضان وانتظار
انحساره ، هى فى الحقيقة الطبقة الچيولوچية الأعمق وراء طبقتى الفهلوة
وتوطن اليسار فى الشخصية المصرية . الكسل فساد ، بل هو أشرس
أنواع الفساد ، ذلك أنه يتوطن فى الچيينات . آخر شىء يمكن أن توصف به
مصر فى أية لحظة أنها كيان اقتصادى كما بقية الأمم المنتجة . إنها فقط أعرق
وأضخم جمعية خيرية فى التاريخ ، بل وأكثرها نجاحا على وجه الإطلاق .
بين هذا وذاك امتزجت چيولوچيا اليسار بچيولوچيا الفهلوة لتخلق المنظومة الفريدة
المسماة چيولوچيا التخلف المزمن ، أو باختصار : عبقرية مصر ! كل هذا الكلام وذاك قلناه منذ سنوات طويلة فى صفحة الثقافة هذه ، وفى صفحة العلمانية ، وصفحة الصناعة …إلخ ، لكن طعمه اليوم بات أكثر
مرارة . حتى لو لم يأتنا تومى فرانكس على رأس ما يسمى بالجيش الأميركى
المركزى ، والمؤكد أنه شخص لا يفقه كثيرا أو قليلا فى الچيولوچيا
المصرية ، بل أتانا عليم خبير حقا بالشأن المصرى وسيكولوچياته ، وليكن
مثلا آرييل شارون أو بنيامين نيتانياهو ، فالنتيجة واحدة :
الفشل . كلام مكرر أيضا : مصر ليست فقط
مقبرة المستعمرين أو المستثمرين أو أى شىء من هذا القبيل . إنها لم تكن ولن
تكون إلا مقبرة المصريين ، يدفنون أنفسهم فيها أحياء ، لا يعود للحياة
وأيضا لا يموتون أبدا . چيولوچيا
التخلف فى مصر مصمتة الطبقات منيعة على أى تغيير .
لن يتم القضاء على الفهلوة والفهلوية أبدا . لن يتحول المصريون من الاحتيال
للشغل أبدا ( ليس كلامى ، إنما كلام الخليجيين عنا ، ومبررهم
لمنع استقدام الشغيلة المصريين ) .
ببساطة فى عدد
مايو 1999 من مجلة إمپاير السينمائية البريطانية ، والأشهر عالميا من بين
نظيراتها الشهرية المثيلة ، كان الموضوع الرئيس للغلاف بعنوان ’ برود ! —أشمخ 50 لحظة فى تاريخ الأفلام ‘ Cool! —The 50 Most Hippest Moments in
Movie History .
والمقصود ليس عامة اللحظات المجنونة جامحة الخيال ، بل تلك التى تعبر
تحديدا عن عظمة وجبروت شخصية أصحابها ، وكذا تلهب غرور وخيال فئة الجمهور
بارد الأعصاب قوى الشخصية الذى يشبه أو يتشبه بأولئك الأبطال ، المشاهد
’ الكوول ‘ بلغة الجيل المعاصر ، أو ’ يا واد يا
تقيل ‘ بلغة جيل سعاد حسنى ! اختيارات المجلة كانت بالفعل جميعا ملهمة
وملهمة ( بفتح وكسر الهاء ) . وسلطت البؤرة على لحظات نادرة
فريدة لا تتكرر من أفلام من شاكلة ’ دكتور نو ‘ و’ الأب
الروحى ‘ و’ الفك المفترس ‘ و’ حروب النجوم ‘
و’ نهاية العالم الآن ‘ و’ شحم ‘ و’ بليد رانر ‘
و’ المدمر 2 ‘ و’ غريزة قاعدية ‘ و’ 7 خطايا ‘ و’ المواجهة
الصعبة ‘ Face/Off ، وغيرها حتى خمسين فيلما . لكن هل
تعرف ما هى اللحظة التى أختيرت للمركز الأول ، أى الأبرد أعصابا أو الأشمخ
فى كل تاريخ السينما ؟
إنها اللحظة التى انتهت
بإطلاق إنديانا چونز الرصاص على الشخص المصرى فى فيلم ’ غزاة التابوت
المفقود ‘ 1981 . المشهد يبدأ بعالم الآثار الأميركى المغامر إنديانا
چونز يتجول فى شوارع قاهرة الثلاثينيات . حسب القصة جاء بحثا عن تابوت
العهد المفقود . يحيط به المصريون بجلابيبهم وعمائمهم الملفوفة
التقليدية . يتفرجون هم عليه ويسألهم هو بعض الأسئلة . ثم فجأة يمرق
وسط الجميع شخص شاهرا سيفه ، يقف أمام إنديانا چونز ، دون أن يكف عن
الزعيق بأعلى صوته ، ولا يكف عن التلويح بالسيف يمينا ويسارا أمام
وجهه ، منتظرا فيما يبدو أن ينهى أولا كل كلمات التهديد والوعيد حتى
آخرها ، قبل أن يقدم على طعنه بالسيف . لا ينطق إندى بأية كلمة ولا
يناقش شيئا . يبدو عليه السأم من جعجعة الرجل ، وفقط يخرج مسدسه بهدوء
ويقتله . يعيد مسدسة لجرابه بسرعة وينصرف بخطى ثابتة للأمام تاركا خلفه
بقية المصريين مذهولين ( لحظة نهاية المشهد التى تمثلها الصورة المجاورة ) . نحن أيضا أكثر سأما من أن نناقش شيئا .
سنتجاوز حتى عن كون هذا الشخص أميل للجعجعة العربية ، منه للفهلوة
المصرية . فى جميع الحالات هذه هى المسألة المصرية ، وآلاف الكتب لن
تلخصها كما لخصتها هذه اللقطة . صحيح أننا واثقون مليونا بالمائة ، أن
أولى الأمر العالمى لن يسمحوا مستقبلا باستمرار كيان فاشل اقتصاديا كمصر إلى ما
لا نهاية . لكننا لا نعرف بالضبط ماذا يتعين فعله . بصراحة لا تومى
فرانكس ولا بنيامين نيتانياهو يصلح لصنع شىء ما منا . ربما الوحيد المجدى
هو إنديانا چونز الذى لا يتسع وقته كثيرا أو حتى قليلا للمناقشة . فقط : يقتل ! اكتب رأيك هنا 12 ديسيمبر 2002 : مبادرة كولين پاول اليوم عن أتحدى أن مساء اليوم ستنهال عليك تصريحات المسئولين
والمثقفين والدهماء ، كلهم فى هبة رجل واحد ، تلوك علكتين لا ثالث
لهما : 1- لا نريد 29 مليون
دولار ، نريد فلسطين ( حتى نزيد مساحة وأعداد
وتكاتف التخلف والمتخلفين فى منطقتنا ) . 2- هذا تدخل فى الشئون الداخلية لدول مستقلة ذات سيادة ( كما أعطانا ذلك الحق قانون
يالتا مرة واحدة وللأبد ) . أما المناقشة بينى وبينك يا سيدى ، ولا أعتقد
أنك الآن من السذاجة كما الأيام الخوالى ،
بحيث لا تعرف ما سأقول ، فهى أن الديموقراطية لن تؤدى للتحديث ، إنما
ستؤدى لوصول الأخوان المسلمين للحكم . وبعد : أنا تعبت ! حتى النيو يورك تايمز
لم تكتب مدخلا خاصا بمبادرتك حتى أحيل القارئ له ، فقط اكتفت بإشارة عابرة
داخل قصة
عن جهود بوش‑شيراك لما يسمى بحل الصراع الإسرائيلى‑الفلسطينى .
اخترت هذا المدخل من الواشينجتون
پوست الشيوعيين بتوع الناس الغلابة . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 9 مايو 2003 : المبادرة
الأميركية التالية كانت جدية للغاية لدى المقارنة ، وجاءت من چورچ
دبليو . بوش هذه المرة : لإنشاء منطقة تداول حر بحلول عام 2013 ،
مع كل البلاد العربية التى تحقق حدا أدنى من الليبرالية الاقتصادية والعلمنة
الثقافية . التفاصيل فى صفحة الجلوبة ] . [ تحديث : 6 نوڤمبر 2003 : المبادرة الأميركية التالية عادت كلامية للغاية لدى المقارنة ،
وجاءت من چورچ دبليو . بوش هذه المرة بدورة الطاحونة التقليدية تغزلا فى
الإسلام . الموضوع إشاعة الديموقراطية فى العالم العربى . المناقشة بالأسفل ] . [ تحديث : 25 فبراير 2004 : المبادرة
الأميركية التالية تحمل عنوانا رنانا الشرق
الأوسط الأعظم Greater Middle East Initiative . المبادرة سربت قبل أسبوعين واليوم
نعلق عليها بمناسبة أول رد فعل رسمى عربى برفضها . اقرأ أيضا بصفحة الإبادة ] .
12 ديسيمبر 2002 : اليوم
قدمت مجلة النيو يورك تايمز عددها السنوى الثانى عما
اختارته كأهم أفكار العام ( تذكر أننا اخترنا للتعليق منها فى العام الماضى
تقنين فرنسا للحق فى عدم الولادة ) . الواقع أن معظم ما تقدمه المجلة أفكار ذكية تستحق
التعليق ، وبالفعل قد يحتاج الأمر للعرض والتعليق على أكثر من مجرد
واحدة . هذا ما سنفعله هنا مع أفكار العام الجديد . العدد الذى
اختارته المجلة أكثر قليلا من العام الماضى ، ويتخطى المائة بواحدة أو
اثنتين . الكثير من أفكار هذا العام كان مما غطيناه فى حينه
فى موقعنا . منذ هذا الدجاجة
العارية ، وإن كان مدخل المجلة
يتحدث أيضا عن بعض المترتبات التالية التى أثارت كثير من التخيلات والجدليات
الطريفة الفلسفية والجمالية وحتى القانونية ! أيضا تحدثنا عن راديو سوا ، ويسعدنا جدا اختيار المجلة
له . يحيون من كان الراديو من بنات أفكاره ، نورمان پاتيز رجل كرسى
شبكة ويستوود وان الراديوية . اكتشف من خلال زيارة للمنطقة أن أميركا تخسر
الأرضية الإعلامية ، وأن صوت أميركا أكثر تجهما من أن يستمع لها الشاباب
بالذات . هم فرحون لفكرة أن تتجاور چينيفر لوپيز مع هشام عباس . وأيضا
لاحظوا أن القصص القصيرة حول نجوم الغناء الغربى توحى ضمنا بأن هذه أشياء لا
يمكن أن تحدث إلا فى مجتمع حر . المدهش فقط أنهم لا يجادلون فى اتهام البعض
أنه راديو منحاز خبريا . أنا الذى أرى البى بى سى العربية ذات نبرة إسلامية
واضحة لا تخطئها الأذن ، لا بد أن أغتاظ أن يكون راديو سوا محايدا أكثر مما
يجب فيما يبث . ربما العيب فى ، لكن بينتهم الوحيدة على انحيازه أنه
لن يبث يوما دعاية لأسامة بن لادن ، كما فعل سلفه صوت أميركا . أيضا لم يفتنا رصد التحالف المسيحى‑الصهيونى
كنقطة تحول مفصلية فى التاريخ ، وإنطلاقة نحو إفعال شعار أن يا صفوة العالم اتحدوا . قلنا أن
كثيرا من الخطاب الدينى المسيحى التقليدى قد انتفى ، إن لم يكن قد بات أكثر
علمانية . وأنهم لم يعودوا يتحدثون عن المجئ الثانى وإيمان اليهود
بالمسيح ، إلى آخر هذا الهراء ، إنما يتحدثون عن أنهم وجدوا فى اليهود
’ حليفا للأمم الحرة ‘ ! وتحدثنا سياسيا ، وقلنا إن ما يعنى
هذا اليمين المسيحى بالمقام الأول هو القيام بتحول تاريخى لليهود وكل أنصار
إسرائيل من غير اليهود ، من اليسار الديموقراطى إلى اليمين الجمهورى .
مدخل المجلة
يضيف أشياء أكثر طرافة انتقاها من بعض خطب زعماء وزعيمات التيار المسيحى :
’ ’ نحن ‘ لن نتخلى عن الجولان أبدا …’ نحن ‘ لن نقسم
القدس ثانية أبدا ! ‘ . قبل سنوات قليلة كانت ’ نحن ‘
هذه لا يتلوها إلا ’ لن نبرئ اليهود من دم المسيح أبدا ‘ . للمرة
الأف : شكرا ، أسامة ! أخيرا هناك بالطبع السينما الرقمية ، وإفاضتنا فيها تغطى
كل ما يمكن أن جاء فى مدخل المجلة
المختصر . … من بين المائة فكرة أو نحوها
الأخرى نلفت نظرك لبعضها : - المصانع
المكلونة تشير لتجربة إنتل فى بناء المصانع على نحو يطابق المصانع الأكثر
غلة فى الرقائق ، على نحو بالغ المطابقة ، بما فيه لون دهانات الحوائط
وقفازات الشغيلة . هذه عودة لإحياء الماضى المجيد لهنرى فورد مؤسس التقييس standardization ، فى عصر باتت فيه الملابس الجاهزة نفسها مزببنة .
أيضا لم تنس القصة الإشارة لتجربة چاك ويلش رجل كرسى چنرال إليكتريك
الأسطورة ، فى نقل التجارب بين وحدات الشركة المختلفة . الجديد أن هذا
لا علاقة له بالمرة بالابتكار . لا تزال إنتل تشجع موظفيها على تقديم
الأفكار الجديدة ، فقط علهم يرونها مكلونة يوما عبر الجلوب ! - الكوندوم عالى
التحمل الذى يحوى مخدرا معتدلا يؤخر وصول الرجل للأورجازم فكرة طريفة ،
لكن الأطرف منه أن حاولت المجلة استطلاع رأى النساء فيه ! - تعليق الدى ڤى
دى الإفعله‑بنفسك ليس ستيڤين سپييلبيرج وحده صاحب الحق فى
التعليق خلال أقراص الدى ڤى دى . تقنيا أضبح بإمكانك أن تضيف شريطك
الخاص المستقل للتعليق على الأفلام ، وتدعو أصدقاءم ليشغلوه بالتوازى
متزامنا مع قرص الدى ڤى دى . مواقع كثيرة فى الإنترنيت تتيح تنزيل
مثل هذه التعليقات ، أكثرها من مهوسين بالأفلام ، وبعضها من
متخصصين ، لكن الآفاق تبدو غير محدودة ! - الأغانى
المهروسة عن فكرة مزج أزجال أغنية المتاحة مستقلة بصوت المعنى فى أقراص الڤينيل
للأغانى المفردة ، مع موسيقى أغنية أخرى ، والمتاحة بذات
الطريقة . فى ختام القصة يقترح الكاتب على المثليين جنسيا فكرة للانتقام من
إيمينيم ! - أخيرا هناك المدخل المؤثر ماذا كانوا
يفكرون لم يعلق على عرض الجاليرى الذى قدمته الفنانة اليوجوسلاڤية
مارينا أبراموڤيتش فى نيو يورك الشهر الماضى ، واعتبره من أفكار 2002 ،
إنما أفسح لها هى فرصة كتابة المدخل بنفسها . العرض ليس لوحة أو تمثال إنما
عرض حى بها نفسها ، كالأسلوب المتنامى فى معظم المعارض الفنية . حجرة
مرتفعة رفع منها الحائط الرابع ، لا يمكن الصعود إليها أو النزول منها لأن
السلم النقال مصنوع من سكاكين ضخمة . دلو ، دش ، وعاء
للماء . مارينا عارية بدون طعام لمدة 12 يوما . هذا هو العرض .
تقول إنها كانت عارية ومفتوحة للجميع طيلة ساعات الجاليرى التسع للجمهور
يوميا . اللحظة الوحيدة التى كنت أصبح فيها نفسى هى لحظة دس وجهى فى
المنشفة بعد الحمام . الصوم المسيحى البوذى الهندوسى ، أو أيا ما
كان ، ذلك الذى يفترض أن ينقى الجسد والعقل ، بعد آخر مضاف
للتجربة . والهدف كما يفهم من كلامها ، هو التعبير عن لأى درجة
الإنسان عرضة لبطش العالم المحيط به . تقول هذا ما حدث فى يوجوسلاڤيا ،
وأن ثم 11 سپتمبر كل يوم فى مكان ما من العالم ! اكتب رأيك هنا
12 ديسيمبر 2002 : يبدو
أن قدرنا سيظل مناقشة البديهيات طوال الوقت . كتبنا من قبل فى هذه الصفحة
نشرح ’ واحدة واحدة ‘ ماذا تعنيه كلمة اليمين . اليوم يبدو أننا فى
حاجة لشرح كلمة ’ عرقية ‘ racism ، أو عنصرية فى
الترجمة العربية الركيكة ، فأنا أعلم عنصر يعنى element . المناسبة تلك
الزوبعة التى تجتاح أميركا ضد السيناتور ترينت لوت المسمى رئيسا للأغلبية
الجمهورية فى السينيت الجديد . السبب أنه حيا أقدم سيناتور ستروم ثارموند
بمناسبة عيد ميلاده المائة ، بأن قال آنذاك ‑كما تقول الموسوعة البريطانية عن
ثارموند وحزبه‑ انشق هو ومجموعة من الأعضاء عن الحزب الديموقراطى حيث كان
انتماؤهم الطبيعى كجنوبيين ، وشكلوا ذلك الحزب الجديد . وكان نص إعلانه الحزب اختاروا ثارموند ‑وكان آنذاك حاكما لساوث
كارولاينا‑ مرشحا للرئاسة ضد الرئيس ترومان ، … الحفل كان يوم الجمعة الماضى ( 6 ديسيمبر )
فى البيت الأبيض نفسه ، وهى ذكرى ميلاد ثارموند المائة ، وأيضا أقرب
لحفل وداع شبه رسمى حيث ستنتهى مدته الشهر القادم بالاعتزال . احتشد الحفل
بالمفاجآت لإسعاد عضو الكونجرس الوحيد الذى بلغ عمر المئة فى تاريخ
الكونجرس ، وكذا الوحيد الذى ظل عضوا فيه لثمانية وأربعين سنة ، كانت
الدورة الأولى منها سنة 1933 . من تلك المفاجآت أن أعلنت ابنته أنها ستنجب
له قريبا حفيده الأول . فالمعروف عن ثارموند أنه زئر نساء ، ولم يتزوج
إلا مرة واحدة ، طبعا من ملكة جمال عمرها 22 عاما ، وهو فى ستينيات
عمره ، وأنجب منها هذه الابنة الوحيدة ، وكان فى الثامنة
والستين . زوجته التى ظهرت بجواره فى الحفل منفصلة عنه فى الواقع .
وكل هذا بالمناسبة ، يعطيك لمحة عن مدى هامشية ووقتية الميول التدينية التى
ظهرت مؤخرا فقط فى صفوف اليمين الأميركى . أيضا لاحظ أن ستروم هذا اسم
الغادة لأمه ، وكان اسمه بالميلاد چيمس ستروم ثارموند ، لكنه أسقط
الاسم الأول سنة 1951 . كسيناتور لم يكن ثارموند تشريعيا قديرا ، ورغم
كل خدمته المديدة هذه ، لم يحدث أن كان ثم قانون باسمه أبدا .
كسيناتور شهرته الأساس هى أرقامه القياسية تلك ، ويعد أقرب لرجل الخدمات
العمومية كاسح الجماهيرية منه كسيناتور . والنكتة الدارجة عنه ، أن أى
خريج من أى شىء فى كارولاينا الجنوبية كان يحصل على خطاب تزكية من
السيناتور . مع ذلك فهو صاحب إنجاز تاريخى حول مجرى كل التاريخ
الأميركى : انضمامه للحزب الجمهورى سنة 1964 . فعل هذا تأييدا للمرشح
الرئاسى بارى جولدووتر ، فى وقت كان يعد فيه رمزا للتصدى لحركة الحقوق
المدنية المتصاعدة ، ولغيرها من التغيرات التى أطلقها قبل أربع سنوات
انتخاب أول رئيس كاثوليكى لأميركا ، والوحيد حتى الآن چون فيتزچيرالد
كينيدى . أبسط ما يقال فى مغزى هذا الحدث ، أنه أبعد ما يكون عن انضمام
سيناتور للحزب الجمهورى ، بل انضمام الحزب الجمهورى لهذا السيناتور .
كل تراث لينكولن الممتد لقرن كامل عكسه هذا الرجل . بدلا من أن كان الجنوب
العدو رقم 1 للجمهوريين أصبح معقلهم الحصين الأساس ، وأقر ليندون چونسون
بالمستقبل سنة 1964 ، فى نفس أمسية توقيعه على قانون الحقوق المدنية ،
حيث قال لأحد
مساعديه المقربين وهو بيلل مويرز : ’ بيلل ، أعتقد أننا
سلمنا الجنوب للتو للحزب الجمهورى لفترة طويلة قادمة ‘ . وفعلا كان
هذا الميلاد الجديد للحزب بعد طول تردى . والفضل لقرار من شخص واحد كان
لاسمه جماهيرية كاسحة العابرة للولايات فى كل الجنوب . الوحيد الذى دخل
السينيت سنة 1945 … سارع لوت للاعتذار . قال إنه يؤيد فى حملة
ثارموند المقصودة مبادئ الحكومة الصغيرة والجيش القوى والاستقطاعات
الضريبة . لكن هذا لم يقنع أحدا ، وقال آل جور بالأمس عن
حق طبعا ’ الكل يعلم أن تلك الحملة كان محورها شىء واحد هو العزل
العرقى ، ولا يمكن أن يكون يقصد الدفاع القومى ‘ . بعض ذوى
الميول الديموقراطية كالمؤلف چوزيف كريسپينو
وصل لحد وصف العرقية بأنها ’ السر الصغير القذر الذى أخفاه الجمهوريون كل
تلك السنين ‘ . نعم ، هم محقون . تاريخ ثارموند ولوت معا
حافل بالمواقف المؤيدة للعزل العرقى . حتى چورچ دبليو . بوش نفسه الذى
أدان اليوم
كلام لوت ، لا يستطيع أن ينكر أن كان له هو نفسه تاريخ مع مؤسسات ورموز هذا
التيار ، بدءا من إلقائه المحاضرات أمام جامعة بوب چونز أشهر معاقل العزل
العرقى الحية إطلاقا إلى الآن ، والتى تطبقه عمليا بمنع التواعد الجنسى
العابر للأعراق بين طلابها . فى خلال حملته سنة 2000 ألقى بوب چونز النيو يورك تايمز قالت إن تصريحات لوت هذه ليست
تصريحات شاردة ، إنما تشكل ما أسمته نمطا pattern .
تذكر مثلا
خطواته الأولى فى سلك السياسة حين اشتغل مساعدا للنائب ويلليام كولمر ، أحد
أفصح أنصار العزل . وكيف أن لوت عاين بنفسه معاناة البيض عندما أجبرت
ميسيسيپى للتحول للا عزل . وتذكر أن تلقى موضب إحدى المجلات المناصرة للا
عزل رسالة غاضبة تقول ’ لا أتمنى أن تتلقى فقط فجوة فى بابك بل فى رأسك
الغبى ‘ . الرسالة كانت من مواطنة تدعى أيونا ، أم ترينت
لوت . أيضا تذكر حملته العنيدة لإعادة المواطنة
الأميركية ، تعنى ضمنا بالطبع رد الاعتبار ، لاسم چيفيرسون ديڤيز ، رئيس
الوحيد للولايات الكونفدرالية الأميركية Confederate
States of America ،
الدولة التى تأسست إبان الحرب الأهلية ، وانتهت بدحرها وسجن ديڤيز
واتهامه بالخيانة . وقد تلقى عن جهوده ميدالية چيفيرسون ديڤيز من
جمعية بنات الكونفدرالية المتحدات United Daughters of the
Confederacy . لوت كتب فى مجلة ’ الساوثيرن پارتيسان ‘
الفصلية الناطقة باسم مجلس المواطنين المحافظين Council of
Conservative Citizens ، وهو تجمع يناصر العزل بوضوح ، كتب إبان حملة إعادة
انتخاب ريجان إن روح ديڤيز تعيش من خلال منصة platform ( بمعنى البرنامج
الانتخابى ) للحزب الجمهورى سنة 1984 . وهى ملحوظات كان قد ألقى بها
أمام مؤتمر ’ أبناء الكونفدرالية المخضرمين ‘ Sons
of Confederate Veterans . أيضا خلال حفل إهداء مكتبة ديڤيز الرئاسية لبلدة
بوڤوار —ميسيسيپى موطن رأسه سنة 1998 ، قال لوت فى كلمته ’ أشعر
أحيانا أنى أقرب لچيفيرسون ديڤيز ، أكثر من أى إنسان آخر فى
أميركا ‘ . ( لمجرد العلم من الأسماء التى أجرت الساوثيرن
پارتيسان مقابلات مطولة معهم ، جون آشكروفت سكرتير العدل الحالى ،
ونيوت جينجريتش الناطق باسم المنزل الشهير السابق ، وقائمة طويلة من أعضاء
الكونجرس بمجلسيه ، منهم طبعا ثارموند ولوت . لكن موضب المجلة كريس
سولليڤان واسعة الانتشار ينفى فى ذات قصة النيو يورك تايمز هذه ، أن
يكون الإيمان بالكونفدرالية أو بما يسمى الجنوب القديم ، يمثلان تبنيا
تلقائيا للعرقية . نضيف نحن عليه ، لو كان الأمر كذلك لكان ’ ذهب مع الريح ‘ أسوأ
رواية عرقية وأسوأ فيلم عرقى فى التاريخ ، وليس أنجحها وأعظمها
جميعا . قلنا من قبل إن
اليمين رؤية شاملة للعالم بكل طبقاته ، وليس كاليسار يتبنى تبنيا أحاديا
لمصالح طبقة واحدة . وسنعود بعد قليل للحديث عن أن إقرار الفروق بين
البشر ، لا يعنى بالضرورة الكراهية أو حتى الاحتقار لهم . مما تذكره النيو يورك تايمز أيضا موقفه حين كان فى
مجلس جامعة الميسيسيپى فى أوائل الستينيات ، حيث رفض إدماج الأخوة
( ما يسمى بالأسرة الطلابية عندنا ) التى يرأسها ، واسمها سيجما
نوو ، مع بقية الأخوات ، لأنها إجرائية كانت ستسمح بأنشطة مشتركة مع
الطلاب السود . ونجح فعلا بالإبقاء عليها بيضاء خالصة . وتذكر أيضا أنه من
أنصار جامعة بوب چونز ، رغم أنها تقع كارولاينا الجنوبية ، وليس فى
ولايته ميسيسيپى . ووقف بقوة ضد حجب منع الإعانة الحكومية لها ، الأمر
الذى حسمته المحكمة العليا بأغلبية 8 ضد 1 آنذاك لصالح المنع . ولاية بوش
الحالية أعادته فى مارس الماضى كما أشرنا . شهادة لوت الودية أمام المحكمة
سنة 1981 قالت بالحرف الواحد ’ التمييز العرقى ليس دائما خرقا للسياسة
العمومية ‘ 'Racial
discrimination does not always violate public policy' ( ’ السياسة العمومية ‘ مصطلح
قانونى لعله يناظر الكلمة الفرنسية ’ مصلحة الدولة ‘ raison d'état ، لكن من منظور أميركى لا يحب الدولة
أصلا ! ) . وتذكر كذلك أنه
ألقى أكثر من مرة فى التسعينيات كلمات أمام مجلس المواطنين المحافظين
المذكور ، أبدى فيها آراء كونفيدرالية pro-Confederate قوية . ألقى واحدة
من أشد الخطب حماسة فى حملة رونالد ريجان فى بلدة چاكسون —ميسيسيپى فى 3 نوڤمبر
1980 ، قال فيها نفس الكلام بالحرف تقريبا ’ لو كنا قد انتخبنا ذلك
الرجل قبل ثلاثين عاما ، لما كانت عندنا الفوضى التى نعانيها
حاليا ‘ . المدهش states' rights هى كلمة السر المرادفة للعرقية فى أميركا .
ربما يصعب على أمثالنا ممن يؤمنون بالجلوبة ، وبحدة العالم فى كتلة
اقتصادية وسياسية واحدة ، مجاراة تفكرة التفتت هذه . لكن يجب هنا
ملاحظة عدة أمور . إن ما يسمى بحقوق الولايات يقصد به مباشرة التمسك بأصغر
حكومة فيدرالية ممكنة ، بل حكومة كونفدرالية ، ويحيل لأن أكبر مواجهة
تاريخية بينهما كانت تتعلق بتحرير العبيد ، وكان نتيجتها الحرب الأهلية
الوحيدة فى التاريخ الأميركى . أو ببساطة الدولة شىء مرفوض لأسباب كثيرة جدا ، واحد منها هو سهولة
سيطرة الدهماء عليها . من ناحية أخرى الدولة
المركزية فى أميركا تكاد تكون مرادفا تاريخيا للميول اليسارية ، وهذا أمر
يجب تقويمه ، وليس إلغاؤه . وما حدث هذا الأسبوع هو فى حد ذاته نوع من
آلية التقويم ورفع الوعى هذه . هذا وذاك يعطينا تبصرات جديدة فى خصوصية ما
يسمى بالديموقراطية فى أميركا ، وليس أول ولا أشهر التبصرات اقتباس أليكسيس
دو توكڤيل الذى ستجده تحت صورته فى الدراسة
الرئيسة لهذه الصفحة . … رغم كل شىء ، المدهش أن أحدا لا يخشى من تردى
جماهيرية الحزب الجمهورى بسبب تصريحات لوت . التحليلات
قالت إنه لا يحصل أصلا على أصوات السود ، وحتى لو حاول الرئيس بوش ذلك كما
يزمع فى الانتخابات القادمة . ما سيحدث فقط أن ستزيد جماهيريته بين
البيض ! …
من يؤمن أن كل البشر سواسية
كأسنان المشط أمام العم داروين ، لا يمكن أن يكون عرقيا . الفاشلون
والمتخلفون هم فقط العرقيون والحاقدون . إن لدينا
اليوم ، نحن من نسمى ظلما ’ بالعرقيين ‘ ، وكل جريرتنا
الإيمان بالعلم ومسيرة قطار الحضارة ، لدينا أسلحة معرفية جديدة ،
أقلها الحقائق الچيينية حديثة العهد . لا نستبق بالطبع ما سوف يثبته العلم
من ترابطات مذهلة من هذا النوع [ ما بات يسمى بالتصاحبات الچيينية gene associations ] ، لكن المؤكد حتى الآن أن الچيينات هى قدر الإنسان الوحيد الذى لا فكاك
منه . البيئة والتنشئة عامل مهم ، لكن فقط من أجل الوصول بك لسقفك
الچيينى ، ليس أكثر . نعم ، هى مهمة بل هى الشىء الوحيد الذى فى
يدنا الاشتغال عليه ، لكن من المستحيل أن تصنع التربية أينستاين
ثانى ، لأنها ببساطة لم تكن هى التى صنعت أينستاين الأول . اليسار يقول إن كل البشر أخوة ، وقبل كل مرة يتم الجملة فيها
يتلقى شخص أبيض طعنة فى الظهر ، تارة من اللص المحلى ، وتارة من روبرت
موجابى ، وتارة من أسامة بن لادن . هذا لم يعد وضعا مقبولا .
الموقف الصحيح وبهدوء تام هو كما يلى : 1- البشر غير متساوين ، ليسوا أخوة ، بل
هم متفاوتون لأبعد مدى . يقولون لك الظروف هى التى تصنع البشر ، وأن
مثلا الفقر هو الدافع للجريمة . ليس هناك هراء أكثر هراء من هذا . الأمور واضحة وضوحا لا يحتمل اللبس ، تحت نفس
الظروف تتصرف الأعراق المختلفة على نحو مختلف . مثلا تحت الفقر الشديد
العربى يبحث عن قافلة يسرقها ، الأسود يبحث عن أحد يقتله ، الأبيض
يبحث عن وظيفة أفضل ( للمزيد من الدقة العربى والأسود يفعلون هذه الأشياء
دون فقر ، والأبيض نادرا ما يفعلها مهما وصلت به درجة
الفاقة ! ) . طبعا هناك استثناءات دائما لكل حالة لكن هذه
القاعدة تمثل عادة ما لا يقل دوما عن 90 بالمائة من الإحصاءات . التفاوت
الچيينى بين الأعراق حقيقة علمية إحصائية اليوم ، حقيقة بيولوچية جزيئية فى
الغد القريب جدا . 2- الچيينات تتشابه فى الأعراق المتشابهة لدرجة
تجعل منها قدرا أو حتمية بيولوچية مؤسفين للإنسان الفرد ، والأسوأ أنها لا
تتغير بسهولة . إحصائيا ،
چيينات معينة تنتشر فى أعراق معينة ، ولأن الچيينات تنتقل فى
مجموعات ، لن يصعب مثلا إثبات لماذا يرتبط العنف بالسود ، أو الانفعال
بالعرب ، أو الغباء بالمسلمين ، ولماذا يكرهون المستقبل أو
يخافونه ، وهلم جرا . ( ارجع لصفحة ما بعد‑الإنسان المدخل الخاص بالچينوم البشرى ، ولكل كتاب حضارة ما بعد‑الإنسان ) . 3- التخلف
قدرة دمار كامنة رهيبة . وكما رأينا أحدث وأضخم كارثة يمر بها العالم الآن جاءت من عدم فهم كيف
تشتغل العقلية العربجية‑الإسلامجية . 4- لا
بد من التوجس الدائم تجاه ما يمكن أن يأتى به المتخلفون والفقراء . لا يمكن
قبول الفقر أو غير الفقر ، كذريعة للجريمة أو التكاسل ، أو بلغة ومنهج
الإسلام الاستحلال والاسترقاق . التعامل مع التخلف
لا يكون بالعطف أو الإشفاق أو التشجيع ، إنما بالحذر الشديد مما قد يأتى به
فجأة هذا الرعب الكامن ، وبالطبع بمكافحته بلا هوادة .
5- الحضارة ، بحكم التعريف تقريبا ، تقوم
على التمايز الواضح بين صفوة وعموم ، بين عقل وعضلات ، بين رؤية
وانقياد . أيضا الاقتصاد النشط يقوم على تمايز طبقى جسيم بين ثروة كبيرة
مركزة ، وجمهور شبه معدوم الموارد . ديموقراطية القيادة ، أو
المساواة فى توزيع الثروة ، وضعيات تعادل ما يسمى فى الديناميات الحرارية ، الأنتروپى
القصوى ، أو موات النظام ( فكرة أسهبنا فيها
فى المدخل الرئيس لصفحة
الحضارة ) . 6- جميع
الحقائق الخمس السابقة ، حقائق علمية إحصائية أو تاريخية باردة ،
مجردة من كل مشاعر الحب والكره ، أو أيا ما كانت ، ومن كافة الأهواء
والانتماءات والتحيزات . ربما تقرف أنت أحيانا ، ربما تحتقر
أحيانا ، لكن لا يجب أبدا أن تكره أحدا ! …
بغض النظر عن أن ما فعله لينكولن ينتمى للثورة
الفرنسية الكارثية ، أكثر من انتمائه للقيم المؤسسة لأميركا وصانعة مجدها
البناء ، فإنه قد نقول إن العبودية
( ومن ثم مصادرة معظم الحراك الاجتماعى ) ربما كانت خطأ بالفعل ،
على الأقل
حين نقول هذا لا نقصد مصلحة هذا
الطرف أو ذاك ، إنما مصلحة الاثنين ، مصلحة المجتمع ، وقدراته
الاقتصادية والتقنية والتنافسية . أو على الأقل جدا من أجل الفهم الأفضل
لبعض الحقائق المجردة . نفس المجادلة يمكن إجراؤها بطريقة أخرى كالقول إنه
ما من شك أن توحيد أميركا كان خطوة تقدمية . أية عملقة هى مصلحة للتقنية
والاقتصاد والبناء الحضارى . لكن المؤكد أن كان لدى الجنوبيين قيم أفضل
كثيرا وما كان من الواجب اهدارها أبدا ( مرة أخرى هذا ما جعل ’ ذهب مع
الريح ‘ الكلاسية المحددة للثقافة الأميركية كلها ( وليس الجنوبية
فقط ! ) ) . بريطانيا وثورتها الصناعية تبنتا
إلغاء العبودية من كل العالم ، كجزء من تبنيها لتحرير كل شىء ، أو
بالأحرى تشيئ كل شىء . كل شىء أصبح قابلا للتقويم بالمال ، كل شىء
مأجور ولا شىء مجانى ، فلماذا يستثنى كدح الأفراد ؟ ربما كان ثمة منطق
مضاد أن ملكيتك للبشر هى تشيئ أيضا ، حيث لا تختلف ملكية شخص أدنى فى
القدرات عن ملكية حصان أو بقرة . بريطانيا رأت فى هذه العبودية دريفا
لمفهوم ريع الأرض ، وكلاهما موروث من عصر الإقطاع ، وكلاهما سيعيق
النهضة الصناعية وجلوبة الاقتصاد العالمى ، وأن هذه تحتاج لمفهوم جديد كامل
يؤدى تقويم كل شىء بالمال فيه طبقا لمفهوم القيمة المضافة ، يؤدى لتقويم
الاقتصاد تقويما سليما . وكان لها ما أرادت . والكارثة هى الارتقاء
بالفكرة لمستوى المبدأ والتقنين والتعميم ، أى دون تأطيرها التأطير
الصحيح ، وبالتالى نسيان لماذا نشأت أصلا ، كلها انقلبت نيرانا عكسية
هائلة على الحضارة الصناعية وكل من بعدها ، وكان النواة الأولى لأفكار
الجمهورية والديموقراطية والاشتراكية والشيوعية ( التى بتطرف فاحش مدت
الفكرة الأصلية على استقامتها ، ووصلت لحد اعتبار كدح الشغيلة هو القيمة
المضافة الوحيدة ! ) . لكن دعنا نكون أكثر صراحة ودقة من هذه وتلك : لتلغ العبودية ، لكن بشرط بديهى أن لا ننسى
قوانين الطبيعة . لا يمكن لأحد أن يتحمل ثمن عدم ضبط تلك الطبقات والأعراق
مثلا لمعدلات التكاثر فيها . ولا أحد يستطيع تحمل فشلها فى مجاراة فعالة
للنمو التقنى والحضارى لبقية المجتمع . الأميركيون لديهم عقدة ويتحاشون السؤال
الحقيقى : ما الفرق بين سودهم ومسلميهم الحاليين ، وبين الهنود الحمر
الذين سبق وأبادهم أجدادهم ؟ ببساطة هم يريدون نسيان هذه حتى لو كان الثمن
انتحارا جماعيا . الأمر ينطوى على نفاق وفصام مفجعين . لو تطور السود
أو غيرهم وباتوا جزءا من المجتمع الناجح ، صدقنى لن يزعل أحد . لكن
ماذا لو فشلوا وأصبحوا مرتعا للجريمة والإرهاب ونهب موارد الضمان الاجتماعى
وعرقلة النمو الاقتصادى . ألا يستحقون الإبادة كما كل الحالات الشبيهة
السابقة . إن لإلغاء العبودية شروطا وحدودا لم يحددها فقط داروين من
عندياته فى عموميات وقوانين مجردة ، بل هى نصوص عملية وواقعية فى الدستور
الأميركى وفى مبادئ التنافس والاقتصاد الحر . المشكلة أن العقلية الأميركية
المتناقضة لا تحتملها وتتهرب من فاتورتها الأخلاقية ، وتترك أقلية مثل
محرضى ما يسمى بالحقوق المدنية يختطفون كل المستقبل الأميركى ، والنتيجة لا
مفر : أن ستسقط طروادة أو روما من جديد !
تحرير
العبيد شىء رائع من حيث المبدأ ، وكان العظيم يوليوس قيصر أول من دعا إليه
والإمپراطورية البريطانية أول من فرضه ( حتى هيربرت سپينسر ‑ناهيك عن
تشارلز داروين‑ لم يعارضه ) ، لكن الفكرة فيه شىء آخر : أن
تلقى بهؤلاء العبيد إلى طاحونة السوق التنافسية الحرة ، تقول لهم لمرة
واحدة وأخيرة إن أحدا لم يعد يكفل لهم طعامهم ، فلينجو من ينجو ،
والأرجح أن سينقرضون جميعا . أما أن يتحولوا لعصابات جريمة منظمة وميليشيات
شوارع مسلحة وبلطجية نقابات وقوة سياسية تفرض قوانينا تميز لصالحهم وتجعل أصحاب
البلد ومؤسسيها مواطنين من الدرجة الثانية ، فهذا مما لم يخطر قط ببال أى
من أولئك القادة . المؤكد
أن يوم حرر لينكولن السود من عبودية البيض لم يكن يخطط لجعل البيض فى المقابل
عبيدا للسود ، كما نرى اليوم لما لهؤلاء من صوت عالى وديماجوجية وابتزاز
متواصل للعواطف وامتيازات قانونية تعليمية ونقابية وتوظيفية … إلخ ،
تكاد تجعل الإنسان الأبيض ضيفا على الأرض الأميركية . لا أحد ضد أن يصل
أسود أو مسلم أو أيا من كان لأرقى المراتب ، فقط على أن يكون ذلك من خلال
التنافس الفردى المحض الصريح المطلق بلا تنظيمات أو تلويبات أو صراخ إعلامى أو
تشريعات محابية . هذه هى المساواة كما نعرفها وكما نادى بها أرسطو :
المساواة للمتساوين ! … هكذا كانت الفكرة الأصلية وهى لا يجب أن تغيب
عنا أبدا إلى يوم ترث فيه الروبوتات الأرض ونرتاح فيه للأبد من مهازل العرق
البشرى ! … قلنا من قبل إن اليمين ليس حزبا لطبقة
ما . ليس كاليسار حزب للفقراء والطبقات العاملة ضد الباقين ، يتمنى لو
أمم كل ثروتهم وشنقهم ووزعها على أنصاره . اليمين رؤية للجميع ، لكل
الأعراق ولكل الطبقات . نظريته لن تشتغل لو قضى على الفقراء . نظريته
ترى لكل قدرات ووظيفة ، لا تريد له أن يهدرها ولا أن يتجاوزها .
اليسارى يكره ويحقد حقدا طبقيا . هذه هى وظيفته وميراثه .
اليمينى ، بل قل عامة الكبير او المتقدم ، لا يكره . أحيانا يحتقر .
ربما . لكن المهم أنه لا يكره ، بل ربما لا ينفعل أصلا . ما
نضيفه اليوم بناء على هذا أن طالما الكبير والمتقدم لا يكره ، فإنه لا يمكن
أن يتهم بالعرقية . العرقى الوحيد المحتمل هو الفقير والمتخلف . لكن
المدهش أن لا نسمع أبدا من يتهم الأسود أو المسلم بالعرقية حين يتطاول على
البيض ! الأبعد من هذا أن اليمين هو
المؤمن الحق بالحراك الطبقى . الفارق أن اليمين لا يطالب بالحراك الطبقى من
أجل عيون المساواة وإزالة الفوارق بين الطبقات ، فالمساواة الوحيدة التى
نفهمها ، المساواة للمتساوين كما يقول العم أرسطو ، سواسية أننا جميعا
سواسية كأسنان المشط أمام العم داروين ، لا فضل لأبيض على أسود أو لمسيحى
على مسلم إلا بالتقنية . المساواة التى يقصدها اليسار ، ليست أكثر من
الموات الأنتروپى وتوزيع الفقر على الجميع ، وتدهور الاقتصاد حتى يصل
لمستوى الصفر المطلق ، وفى النهاية يرث المتدينون الأرض ( وكأن السماء
لا تكفيهم ! ) . ما نسعى له هو العكس بالضبط . نسعى من خلال
حفز الحراك الطبقى الوصول باستقطاب الثروة أو استقطاب المخ‑العضلات ،
أو سمه ما شئت ، لحدودها القصوى . هكذا فقط يقهر الموات
والتحلل ، وتقوم الحضارات وتقوى من جديد . هكذا يحصل كل ذى حق على حقه
بآخر اتساع ممكن ، ذلك فقط بما يناسب چييناته ومجهوده ، لا أزيد ولا
أنقص .
المجتمع الذى لا يكفل هذا
يعد مجتمعا فاشلا ومهدرا للطاقات . فلينطلق شاب أسود أو مسلم لأعلى مستويات
السلطة . لا بأس إذا كان يستحق هذا ، لكن فقط من خلال معايير دارونية
صارمة للغاية لا تحابى ولا ترحم ، ولا حتى تشجع . إن ذلك الشاب لا
يحصل هكذا إلا على نفس ما حصل عليه ابن مجتمعه الأبيض الپروتستانتى ، الذى
لم ينجب له أبواه أية أخوة ، وأنفقوا مئات الآلاف من كدحهم على
تربيته . لكن أن تنهب أموال البنائين فى صورة ضرائب مخيفة ، فقط من
أجل صحة وتعليم ومعاشات أولئك الذين ينجبون بالزرافات ويلقون بالسلالة الوفيرة
للشوارع والسجون والمدارس المجانية ، فهذا هو الظلم عينه . المساواة
شر ، لكن العدالة خير . هل تسمى من يقولون مثل هذا الكلام
’ عرقيون ‘ ؟ لو الأمر كذلك لن نتردد فى القول إن العرقية هى
أعظم فكرة عرفتها البشرية . اسأل
ضميرك ، هل ينظر هؤلاء ’ العرقيون ‘ بذات درجة الازدراء للياپانيين
أو حتى الصينيين والهنود ، كما ينظرون للسود والمسلمين ؟ أليس العكس هو الصحيح ؟ أليسوا حتى أكثر استعدادا لقبول
اللاتين الكاثوليك أكثر بكثير من البيزنطيين الأرثوذوكس ؟ هل هذه انتقائية
أو عشوائية ، إنما خبرة حياة وطبائع وقدرات يعرفها ’ العرقى ‘
كما يعرفها المتسامح أو اليسارى ؟ أليس الفارق واضحا لكل عين ترى بين أعراق
مهذبة مجتهدة ماهرة ومبدعة ، وأعراق كسول عنيفة عالية الصوت ومتبجحة لا
تملك سوى الصوت العالى ؟ مرة أخرى ، الفارق الوحيد أن البعض لا يريد
إغماض عينيه عن الحقائق العلمية لمجرد اسم الأخوة الإنسانية . والمشكلة
الأزلية أن غالبية الناس عاطفيون أكثر مما يجب ، يريدون العيش فى
سلام ، يتمثلون الحياة كلها خيرا . وتكيفيا تعودوا تجاهل ما تراه أم
أعينهم ، ذلك إذا ما كان سيهدد توازنهم النفسى الهش .
حين يرى المرء عرقا متفوقا الخصائص
أفرزته أمنا الطبيعة بطريقة أو بأخرى ، فإن ولاءه للحضارة والتقدم ،
ناهيك عن قانون التطور الأسمى لهذه الأم نفسها ، يدعوه للحفاظ على نقائه كأحد
الإنجازات الكبيرة للتاريخ الطبيعى لكوكبنا ، وإحدى درر التاج فى ثروته
البيولوچية . والمنطقى فى هذه الحالة أن نعهد له بقيادة بقية الأعراق وكل
العالم ، مصلحة جماعية مشتركة لنا . أنت حين تجد تلميذا لامعا فى فصل
المدرسة ، تعهد له بقيادة الفصل ، ولا تجد من يعترض أو يحتج على
هذا . أما حين يتعلق الأمر
بالأعراق ينبرى الجميع للدعوة لتخالط mingle هذا العرق مع الأنساب الأخرى ، وصهر وتمييع كل مفردات
تميزه . لا نعلم لماذا دائما حين يتعلق الأمر بمصير العالم ككل ، لا
يبدى أى أحد أى اهتمام ؟ نعم ، وببساطة : لو أن
إلغاء العبودية قضية خلافية تحتمل النقاش فإن إلغاء العزل العرقى segregation غلطة هائلة لا تحتمل
أى تأويل . ربما ليس كفكرة فى حد ذاتها ، إنما لأنه لم يكن ليطبق إلا
بهذه الطريقة الهوجائية الغبية . إن العزل أو عدم العزل هما جزء من الحرية
ومن الحق الاجتماعى نفسيهما ، كلاهما بذات القدر من التساوى . لا أرى
أى مسوغ أخلاقى يحرم البيض من مواصلة ركوب الباصات أو تناول الطعام مع بعضهم
البعض فقط . السود بإمكانهم فعل ذات الشىء فى مجتمعاتهم ولن يمنعهم
أحد . إذن الفارق هو بين أن يكون التخالط أو الـ mingle حرا وطوعيا يقيمه من يشاء ويلفظه من
يشاء ، وبين أن يفرض فرضا بقوة القانون على الجميع . ما من شىء يمكن
أو يحق له أن ينتقص من حق الإنسان فى الخصوصية وفى اختيار الأصدقاء والرفاق وفى
كل الشأن الاجتماعى . تخيل قانونا يفرض الاختلاط بين ذوى الأديان فى دور
العبادة ، أو يفرض زواج نسبة معينة من المسيحيين من مسلمات أو العكس ،
وستجده لا يختلف كثيرا عن قوانين التخالط العرقية بين ذوى الألوان
المختلفة . الحرية هى
المسألة ، الملكية الخصوصية هى المسألة ، هما الضحية التى سفحت دماؤها
تحت سمع وبصر كل الدساتير والمبادئ ، حين تم إلغاء العزل العرقى
قسرا ، سواء فى أميركا ، سواء فى جنوب أفريقيا ، والتداعيات على
المجرى الطويل مروعة وواضحة لكل العيان . مع هذا
كل ما قلناه لا يعنى بالضرورة الحنين لماض قد ولى ، لا توجد أبعاد
عاطفية ، كلها أمور عقلية باردة ، إنما يعنى فقط أنها غلطة ، وأن
قد حان الوقت لتصحيحها . إن المجتمعات فى البيئة عالية التنافسية
الحالية ، لا تتوافر على ترف تدليل أفرادها باسم حقوق الإنسان والمساواة أو
أيا ماكان . وبالمناسبة نعيد التذكير أن لا الدستور الأميركى ولا أى من
الوثائق المؤسسة لأميركا تحوى كلمات كهذه ولا أى مشتقات منها بالمرة . هذه
بدع الثورة الفرنسية ، فالثورة البلشڤية ، فمنظمة الأمم المعدمة اليالتية الاشتراكية المتحدة
( المعروفة اختصارا باسم الأمم المتحدة ) . إن ما أثبته
السيناتور لوت هذا الأسبوع ، ليس فقط أنه أحد ’ محددات الحزب
الجمهورى ‘ ، أو أنه ’ نيوت الجديد ‘ ،
أن ما يسمى العرقية ، كامن فى أعماق الصفوة الأميركية ، ولا يمكن مهما
مر الزمن أن ينتزع منها . بالعكس ، الحقائق التى يأتينا بها كل صباح
جديد ، تدعونا للعودة لبعض أساسيات الحياة مم طال نسيانها . لن نكرر
كلام صفحة الليبرالية ، ومنه قول أرسطو عن الدهماء وكيف يجب أن
يحكموا ، إنما سوف نحيلك فقط لبعض الجمعيات والمجلات المعاصرة جدا كاسحة
الشهرة ( وإن ليس منها أشهرها جميعا الكو كلوكس كلان ! ) ،
لتعرف كيف أن جذوة الحضارة لا تزال متقدة ، وإن تحت عالم من رماد كثيف من
الغثاء اليسارى .
إن ’ خمن من القادم للعشاء ‘ ليس إلا
فيلما . الواقع ليس مثاليا هكذا . بين ملايين السود قليلون جدا من يشبهون الصورة التى كان
يقدمها سيدنى پواتييه على الشاشة ، وسرعان ما اختفت لأسباب واضحة
للعيان . بين السود لا يبرز عادة إلا نجوم الغناء والكوميديا ، أو
طبعا الرياضيون ، والسبب بسيط . إنهم الأقرب للإنسان البدائى ،
الإنسان الحق ، شعارهم الأثير الشرق يعيش فى الماضى والغرب يعيش فى
المستقبل ونحن نعيش الحاضر . والغناء والأفلام عليها إثارة الانفعالات
الإنسانية البدائية فينا ، ونحبها من أجل هذا ، بينما حياتنا العملية
حياة أقرب للآلة ، وغير إنسانية بالمرة . بين ملايين المسلمين لم نسمع
إلا بواحد أو اثنين حصلوا على جائزة نوبل فى فروع العلم المختلفة ، بينما
هم بالمئات من الواسپ الأميركى ، أو الإنجليز أو اليهود . لا نقصد
الدين المشكلة إنما الچيينات ، فكل الفائزين سواسية دينيا ، وبديهى أن
لم ولن يحصل أى متدين على جائزة نوبل علمية أو حتى أدبية . مجالهم الوحيد
جائزة نوبل للسلام . نعم ، تلك كلها حقائق چيينية لا علاقة لها
بالتربية . الكلام ’ العرقى ‘ ستجده يسرى بدرجة أقل قليلا على
الأرثوذوكس ، وبدرجة أخرى أقل قليلا على الكاثوليك . أيضا ليس السبب
الدين الذى اخترت ، ذلك أن چييناتك هى التى اختارت لك دينك . هذا يبدو
غريبا على السمع ، لكنه الحقيقة . وفيه ضربنا
المثل قديما بارتداد الأرثوذوكس
بالغ السهولة الذى تم أفواجا للإسلام ، بينما لم ولن يحدث هذا قط مع
الكاثوليك أو الپروتستانت ، حتى على الصعيد الفردى جدا . وضربناه مؤخرا بالجحيم الذى ينشره الإسلاميون فى
كل العالم بما يثبت نظرية كيسينچر أن الطبقة الچيولوچية التحتية للشعوب لا تتغير
أبدا . …
الحقيقة أنه لا يوجد لدى المرء
قط ما يمكن أن اعترض به على اليساريين لو أن الاشتراكية تعطى نتائج اقتصادية
جيدة . لكن هذا مستحيل ، ليس تحليلا ولا تخمينا ، إنما حقائق
باردة تكررت المرة تلو الأخر فى نسق لا يتغير أبدا من الفشل . المرء لا
يملك إلا تمنى كل الخير لكل الأعراق والألوان والطبقات والشعوب ، وقطعا
سيسعده أيما سعادة لو أنها نجحت وازدهرت جميعا . لكن مرة أخرى هذا مستحيل
نراه يتكرر المرة تلو الأخرى ، غالبا بسبب معطيات چيينية قدرية لا فكاك
منها ، أو أيا ما كان السبب . من ثم لا مفر من الاحتكام دوما لقانون
الطبيعة الوحيد الأكثر عدلا ( من أحلام اليسار نفسه بالعدالة ) :
المنافسة التى لا ترحم . قد يقول قائل لكن نبرة الحديث التى توحى بالتفرقة
وأن البشر طبقات نبرة غير إيجابية وحتى غير مفيدة ، وبالفعل حذرنا البعض من
نبرة التعالى فى كتاباتنا أحيانا . نعم هذا نقد صحيح ، والمفروض أن
لهجة الكلام بالأسياد والعبيد شىء عتيق وعفا عليه الزمن ، على الأقل منذ
حررت الإمپراطورية البريطانية العالم والاقتصاد وكل شىء من كل هذا . ثم فى
النهاية أنت لا تملك عداوة لأى أحد ، وتتمنى الخير للجميع ، وهذه حقيقة .
مع ذلك نرد بالقول بأن ثمة مشكلة . الواقع أن الأمور اختلطت على نحو مروع بفضل قرون من الفكر
اليسارى والجمهورى اكتسحت العالم ، وحل محل لغة الأسياد والعبيد القديمة
لغة أسياد وعبيد جديدة . ماذا تفعل إذا كان العرب يتصورون أنهم أسياد وأفضل
من بقية العالم أكراد وأمازيغ وأفارقة وشيعة وربما حتى كل الآسيويين
والأوروپيين . تخيل ؟ العرب ! حثالة الأرض يتصورون هذا فى أنفسهم
( وعفوا لهذه الكلمة الطبقية مرة أخرى ، لأننا لا نراها طبقية أو
عرقية إنما مجرد توصيف علمى بارد لواقع إحصائى صارخ ، حتى فى رأى الأمم المتحدة
بتاعة الغلابة عدو الأغنياء ! ) . نعم ، للمرة الألف ما يهمنا هو شىء
واحد : المحتوى ! نحن نكتب فقط بهذا المنطق . فعلا هناك أسياد
وعبيد ، لكن ليس باللون ولا العرق ، حتى لو اتضح فى النهاية أنها
باللون وبالعرق أو ‑حسنا : بالچيينات . هذا منطق محايد وعلمى
وجاد ، وليس عرقية ولا تلاسن ولا إهانة !
نعم ، المهم أولا المحتوى . نحن نسأل أنفسنا هذا السؤال قبل أى
شىء . ماذا تفعل إذا وجدت الأكراد
مثلا قوم منفتحون للمستقبل يقيمون تحالفاتهم مع أميركا وإسرائيل ، بينما
العرب منغلقون على أشد الأفكار التى عفا عليها الزمن عفونة ويعادون كل قوى
التقدم فى العالم . ماذا تريد أن يكون موقفنا ؟ ودعك من الجدل حول
اللغة المستخدمة ، فهى فى النهاية شىء ثانوى ، والمهم ‑وعفوا
للتكرار !‑ المحتوى !
التوصيف بالطبقات ليس ضد
العلم ، وتحاشيه تأدبا ربما ليس ضد العلم أيضا ، لكن المهم فى خيارنا
لهذا أو ذلك طبيعة الآذان التى تسمعك . من ذلك نجد أنفسنا منساقين ردا على
الغثاء اليسارى والإنسانى السائد ، إن لم نقل على الهجمة المضادة ، أن
نلجأ للتوصيف بالطبقات ، وفى داخلنا أمل وإن كان ضعيفا ، أن يؤتى
كلامنا صدمة فى عقول متبلدة ، لعله يفيقها من دوامة التخدير التذاتى
الكلامى الذى تحياه ، ففى النهاية كل الشعوب لا ترقى إلا بعد أن تعى بذاتها
وبما عليه من تخلف . الأبعد ، وبما ينفى عنا
كل عرقية ، أنك لا تجدنا أبدا نبدى احتقارا لشعوب فقيرة ‑أو حتى
متخلفة‑ كثيرة جدا . أحوال الأكراد المذكورين مثلا ليست أفضل من كثير
من العرب من حيث التخلف والتقدم ، والقائمة لا تنتهى أقلها أننا نتكلم
باحترام شديد عن الصين والهند . لماذا
رغم تواضعها الطبقى ؟ لأنها أولا شعوب تعترف بوضعيتها الدونية . ثانيا
تكافح للخروج منها . العرب والمسلمون ككل لا يفعلون أى من الأمرين .
ولو لديك بديل عن تذكيرهم بدونيتهم نحن منفتحون إليه ، بشرط واحد لا
غير : ألا يكون كلاما جرب من قبل ولم يأت بأية نتائج !
كل الشعوب طيبة ، تحب العيش
فى سلام وتسعى للتنمية والرفاهية . نعم نعلم ذلك ، لكن يظل ثمة فارق
بين شعب وآخر من حيث مدى سهولة انقياده للتحريض . شعوبنا للأسف تجرف
بالكامل وبسرعة عجيبة من قبل المحرضين بالأخص الدينيين والقوميين . لا يمكن
أن تصدق أن الشعب المصرى الذى استقبل نيكسون أو استقبل السادات لدى عودته من
القدس بملايين خمسة على الأقل غمرت الشوارع وكان بالإجماع تقريبا يدين
الفلسطينيين والقذافى وكل جبهة الرفض يوما ، هو نفسه الشعب الذى يملأ
المساجد بملايين أكثر اليوم ويملأ محطات التليڤزيون بكلام غاضب لصالح
الانتفاضة وضد إسرائيل . رغم إيماننا أن الديموقراطية نظام فاشل ومنخفض
الكفاءة لكل الأمم ، لكن ثمة فارق بين شعوب يختطفها التحريض كلية وبأبخس
الأثمان وفى غمضة عين تقريبا ، وبين شعوب تعمل ولو قليلا من العقل فى
تصرفاتها . هذه أيضا مسألة چينية لا تتغير بسهولة ، وتضطرنا للقول إن
ثمة شعوب راقية وشعوب وضيعة . … وبعد ، القصة لم تكتمل فصولا
بعد ! … زر موقع مجلس المواطنين المحافظين Council of Conservative
Citizens . … زر موقع مجلة الساوثيرن پارتيسان Southern
Partisan ، وكذا
موجزا لمحتوياتها هنا
( وللمزيد من أدبيات الفكر الجنوبى زر موقع پوينت ساوث ) . … زر موقع جامعة بوب چونز Bob Jones University . … زر موقع أبناء الكونفدرالية المخضرمين Sons of Confederate
Veterans . … زر موقع بنات الكونفدرالية المتحدات United Daughters of the
Confederacy . … زر موقعا تذكاريا لتراث چيفيرسون ديڤيز
Jefferson
Davis رئيس الولايات
المتحدة الفيدرالية Confederate States of America . … للمزيد من مواقع المنظمات الجنوبية انظر
قائمة موقع معبد
الديموقراطية . [ تحديث : 14 ديسيمبر 2002 : أضعف ما يقال امتدادا للكلام عن أن الفقير والمتخلف هو
العنصرى ، هو ما اقتبسته النيو يورك
تايمز مساء اليوم ( التواريخ المطبوعة تواريخ الغد كالعادة ) عن
كهل فى التسعين من عمره من ولاية كارول التى نشأ بها لوت يقول ’ كنا فقراء . ونعم كنا عرقيون . كل الناس
عرقيون ، سودا أو بيضا . فقط هؤلاء هم البشر ‘ .
الشق الطريف فى ذات القصة المطولة للغاية المتجهمة للغاية هذه ، أن كهلا
آخرا يتذكر كيف كان لوت الذى درس القانون بعد ذلك ، صبيا سياسيا
بالفطرة ، و’ كان يصافح أيدى الجميع مثل بيلل كلينتون ‘ !
ماضى لوت لم يكن القصة الوحيدة للجريدة التى استرجعت الماضى فيها فى هذا
اليوم . هناك قصة أخرى
عن العرقية ككل تبدأ بعبارة ويلليام
فوكنر قالها عامة لكن ثم إجماع على كونها محددة للجنوب
أكثر من غيره ’ الماضى لا يموت أبدا .
إنه لا يصبح ماضيا أصلا ‘ ! وبها إشارة لأن
الحزب الديموقراطى هو آخر من يزايد ضد العرقية ، لأنه دائما أبدا وحتى
1948 ، كان صوت الجنوب المنادى بتفوق الرجل الأبيض . أيضا قصة ثالثة
تقدم سيناريو تخيلى عن ماذا لو نجح ثارموند سنة 1948 ، هذا كما تمنى لوت فى
كلمته التى أثارت الزوبعة . الأمر لم يكن ليبقى على الچنرال ماكآرثر قائدا
للجيش وحسب ، أو ليغير تاريخ الحرب الكورية وحدها ، بل كان سيغير كل
تاريخ العالم ] . [ تحديث : 21 ديسيمبر 2002 : اليوم
استقال لوت من ترشيح نفسه كمتحدث باسم السينيت . هل تريد المزيد من القراءات ،
اخترنا لك هذه الدراسة التاريخية من النيو يورك تايمز اليوم
بعنوان ’ نقطة أميركا العمياء على العرق ‘ . موضوعها هو ذلك
الزيف المنافق الذى تحدثنا عنه . تأتى ببعض الاحصائيات والدراسات التى تقول
إن مدن الساحل القديمة المعقل المزعوم لليبرالية الاجتماعية ( طبعا بالمعنى
اليسارى الشائع للكلمة ) ، وعلى رأسها نيو يورك تحديدا ، هى
عاصمة التمييز العرقى فى العالم ، وأبسط المظاهر استحالة اختلاط السكنى فى
ذات الحى ، وأن كما يقول المؤرخون چيم كرو ولد فى الشمال وليس الجنوب
( اسم شخصية الزنجى التى كانت أول مرة يمثل فيها أبيض دور زنجى وهو توماس
دارتماوث رايس ذلك سنة 1828 فى مسرحية غنائية فى لويزڤيل ‑كنتاكى ‑ هذه ليست كما يقول كل البيض
الأميركيين العرقية ماضى ، إنما الإحصاءات تقول عكس هذا بالضبط ، بل
أنها فى ازدياد مذهل التسارع : فى العام الدراسى 80-1981 كانت نسبة الأطفال
السود الملتحقين بمدارس للسود 63 0/0 . بعد 11 سنة
أصبحت 66 0/0 . بعد سبع سنوات أخرى فقط أى فى العام
الدراسى 98-1999 قفزت إلى 70 0/0 ! أيضا اخترنا لك قراءة هذه الدراسة
الإيتيمولوچية فى الأصول التاريخية للكلمات المتعلقة بالعرق ، وكتبها چيفرى
نانبيرج أيضا اليوم
فى النيو يورك تايمز ] . [ تحديث : 5 يونيو 2003 : استقال
اليوم
رأسا التوضيب فى النيو يورك تايمز ، الموضب التنفيذى هاويلل رينز والموضب
الإدارى چيرالد بويد ، أول أسود يحتل منصبا كهذا فى النيو يورك
تايمز . السبب قضية المراسل چايسون بلير الذى استمر يكتب قصصا غير دقيقة لعدة سنوات ،
بما يناقض المستوى الرفيع للجريدة . الموضب التنفيذى هاويلل رينز كان قد
برر موقفه قبيل
أسابيع بأنه إنسان أبيض من ألاباما وكان يود تشجيع هذا المراسل الأسود
الشاب . نقول بكل صدق إن المرء يفرح بلا شك
ومن أعماق قلبه لو رأى أسودا أو مسلما أو لاتينيا نابغة ( سمها أبوية أو
تعالى أو غطرسة ، سمها ما شئت ، فهذا ليس موضوعنا ) .
موضوعنا هو أن هذا شىء ، وأن ’ نفتحها ع البحرى ‘ ، كما
يقول المصريون شىء آخر . التفاوت الواضح فى المتوسط الچيينى بين الأعراق
شىء ، والمساواة المطلقة بينها التى ينادى بها اليسار شىء آخر . الأول
حقيقة علمية والثانى أيديولوچية مفروضة قسرا ، والحل فى الحالتين ليس إلا
إفعال التنافس الدارونى الحر والمطلق وليس أى شىء آخر … ’ ع
البحرى ‘ ! ما نتوقعه الآن هو نيو يورك تايمز
جديدة أكثر اتساقا مع نفسها ، مطهرة من ذوى الأيديولوچيات القسرية .
وهذا فى اعتقادنا ليس صراع يمين ويسار ، وليس خلافا مشروعا فى الرأى ،
إنما شرطا ومكونا أصيلا للرفعة المهنية الجديرة بأعظم جريدة فى
العالم ] . أخيرا ندعوك لقراءة هذه القائمة
لأخطاء المقرر الطاقمى staff reporter چايسون بلير ، التى
أعلنت لدى استقالته فى 10 مايو الماضى [ بعد اسبوع من كتابتنا هذه أضيفت
أيضا هذه
القائمة الإضافية ] . أغلبها مجرد تصرف طفيف فى المعانى نقلا عمن
قابلهم ، وفى بعض الحالات اقتباس عن مصادر قديمة دون الإشارة لها .
هذه الأخطاء جسيمة الاستثنائية التى يمكن أن تطيح بأعلى الرءوس فى النيو يورك
تايمز ، هى القاعدة عندنا فى الإعلام العربى ، الذى ربما لا أستثنى
منه سوى جريدة الشرق الأوسط
اللندنية ، ليس لعلمى الكافى بها ، إنما من الجائز لعدم علمى بما
يكفى ! ] .
[ تحديث :
23 يونيو 2003 : صدر اليوم
حكم المحكمة العليا الأميركية الذى طال انتظاره والخاص بما يسمى النشاط التقينى affirmative action ، وهى السياسة التى اتبعتها كلية القانون فى جامعة
ميتشيجان لتفضيل طلاب الأقلية السوداء فى الالتحاق بها ( ورفضت قبول سيدة
متفوقة فى درجاتها تدعى باربارا جراتر صاحبة هذه القضية ) . على الفور
أعلن الرئيس بوش ترحيبه بالحكم ، مؤكدا أن التنوع هو مصدر قوة
أميركا ، وما إلى ذلك . والكل يعلم أن الولاية الجمهورية لم تسع
بالقدر الكافى لمناهضة الجامعة أمام القضاء ، وكانت تريد هذا الحكم المختلط
الذى يسمح بالنشاط التيقنى لكن فى حدود ضيقة نسبيا ، وهذا تخفيف للمواقف الأصلية
للرئيس بوش التى اعتبر فيها هذا السلوك الجامعى غير دستورى . هل هى واحدة من توابع زلزال
ثارموند أعلاه ؟ ربما . المحافظون
غاضبون ؟ طبعا ! هم يقولون أن
الحكم لن تلتزم به الجامعات ، وستستخدمه كورقة توت تدارى بها نفس سلوكها
الحالى تحت مسميات أخرى . ربما لنا رأى آخر ! حكم المحكمة يؤسس لكسر
تلك القاعدة العميقة فى الدستور الأميركى لأن كل البشر سواسية إطلاقا ، وأن
القانون أعمى فيما يخص الأعراق . السند الذى اعتمد عليه هو صالح
المجتمع . هذا السند يمكن بالمثل ان يؤسس على المجرى الأبعد لكثير من
’ النشاط التيقنى ‘ مستقبلا ليس فى صالح الأقليات ، إنما لصالح
الأغلبية البيضاء ، وما أكثر الحالات التى يمكن تخيلها ، وتستند كلها
لصالح المجتمع . بعبارة سوقية نسبيا يمكن أن نصف ما حدث اليوم ، بأن
البادئ أظلم ، كما تقول الحكم المصرية ، التى تتحدث أيضا عن البيوت
الزجاجية وأشياء كثيرة بذات المعنى !
نعم ، لا
زلنا عن قولنا : ربما العبودية شر ( لأنها ضد مفهوم الاقتصاد الحر ) ،
لكن العزل العرقى خير شبه مطلق ! ] .
[ تحديث :
25 يونيو 2003 : ورحل اليوم
أحد الرموز الكبيرة للفصل العرقى ، حاكم چورچيا السابق فى الستينيات ليستر
مادوكس . الأيقونة التى اشتهر بها كانت عصى البلطات التى كان يبيعها فى المطعم
المملوك له ، عادة موقعة كأوتوجراف منه ، ويستخدمها أو يعلقها الجميع
كرمزا لحق الإنسان فى الخصوصية ، المفروض أنه محمى بكل الدساتير
والوثائق . أشهر كلماته عن العزل العرقى كحق بديهى وطبيعى للإنسان ،
تلك التى كتبها على النصب الذى أقامه أمام ذلك المطعم حين اضطر لبيعه ،
دونا عن الرضوخ لقوانين التخالط القسرى ، ينعى فيها ما أسماه death of private property rights in America ! ] . [ تحديث : 27 يونيو 2003 : بل
ورحل أيضا ستروم ثارموند نفسه بالأمس ، لكن بالمثل ليبقى اسمه خالدا فى
الدفاع عن العزل العرقى ، حين لا يكون للتخالط mingle فائدة من أى نوع .
لكنه رحل قطعا فى حلقه غصة . غصة من الرياء الذى يهيمن على معتقداتنا
الاجتماعية وحياتنا السياسية . نقول عكس ما نعتقد ، ونزايد على هذا
الذى لا نعتقد فيه . غصة من المجريات التى تلت كلمة السيناتور لوت فى عيد
ميلاد ثارموند المئة وحتى قانون النشاط التيقنى ، وما وقع بينهما من أمور
تابعناها أعلى هذا الكلام مباشرة . قد يظل ثارموند مادة للتحليل
المختلط ، وأبرزة أن كان رثاء النيو
يورك تايمز له مسهبا جميلا مؤثرا يبرز كل جوانب عظمته ، بينما المقال التوضيبى
باسم الجريدة نفسها يكاد يجرده من كل شىء . فقط نقول : فى النهاية لن
يصح إلا الصحيح ! ] . [ تحديث : 31 أكتوبر 2003 : النائب
بالپرلمان الألمانى مارتين هوهمان كان قد تحدث فى 3 أكتوبر عن اليهود
البلاشفة ، وبدأت تثير كلماته الزوابع الآن بأثر
رجعى نسبيا . بالرجوع لمقولتنا الثابتة يا صفوة العالم اتحدوا ، نجد
فلسفتها أنها تقسم العالم ما بين تقدم وتخلف ، وهو تصنيف عابر للقوميات
والأديان والطيقات وكل شىء ، بحيث يحدد فى النهاية الموقف من شىء محدد هو
قانون التطور ومن دفع حضارة الكوكب نحو مزيد الاستعقاد التقنى . الآن نائب
ألمانى يذكرنا بفئة محددة من اليهود ، هم البلاشفة المتوحشون . ليس
بوسع المرء أى دفاع عنهم ، وأيضا ليس بوسعه الدفاع عن النائب ، لسبب
واحد : التعميم . الواضح للأسف الشديد أنه أراد مهاجمة اليهود وليس
الماركسية‑اللينينية . [ فصل لاحقا
من عضوية الپرلمان بقرار من حزب الاتحاد الديموقراطى المسيحى الذى ينتمى
إليه ] . للمزيد ارجع لمتابعتنا المواصلة
لنمو اليمين العالمى فى صفحة الليبرالية ،
وبها بطبيعة الحال رصد لبعض مظاهر عدم النضج فى هذا التيار الوليد
نسبيا ] .
1 مايو 2003 : السعار الذى
أصاب القومجيين من أمثال عمرو موسى وجهاد الخازن بعد سقوط قلب العروبة النابض
صدام حسين ، وصل لأبعاد مرضية مخيفة ، ذلك بعد أن اختار محمد عبد
القادر الجاسم شيخ توضيب Editor-in-Chief الوطن الكويتية أن ينكأ كل جراحهم المفتوحة وبلا رحمة ، ذلك
بمقالين يطالب فيهما بجامعة عربية جديدة تضم دول مجلس التعاون الخليجى زائد
الدولتين صاحبتى العلاقة الرسمية مع إسرائيل فقط لا غير ، وبإشراف مباشر
على المنظمة الجديدة من قبل الولايات المتحدة .
قبل أسابيع قليلة كنا قد كتبنا فى صفحة
الجلوبة ، وفى ذروة معمعة الحرب ضد العراق وبمناسبة تصريح سليط من السيد
عمرو موسى ما نصه ’ المشكلة
دائما أبدا أن كان هناك دائما أبدا نوعان من العرب لا يلتقيان أبدا :
تنمويون وشعاراتيون ، پراجماتيون وأيديولوچيون ، عقلانيون
وانفعاليون ، جلوبيون وقوميون ، يمينيون ويساريون ، محافظون
وراديكاليون ، ملكيون وجمهوريون ، وجهاء وشحاذون ، اختر التقسيم
الذى يناسبك . أعتقد أن الحرب الحالية هى نصر عظيم للفئة الأولى ستقوى
شوكتها ، وربما ستؤدى لتأسيس جامعة عربية جديدة ، ليس بها سوريا
وليبيا ومن شابه ، هدفها دعم اندماج العالم العربى فى الإمپراطورية
الأميركية البازغة ، تحت قيادة إقليمية جديرة بالاحترام والتقدير هى
المعجزة الاقتصادية العلمية التقنية المسماة إسرائيل ، فهى كما قلنا قبل عقد أو عقود ، إنها البوابة
الوحيدة للوحدة العربية ، من خلال اتحاد كل منا على حدة معها ‘ . ساعتها لم نتخيل أن الأمور ستنفجر بمثل هذه
السرعة ، وفى صميم الفكرة كما طرحناها . قبل أسبوع كتب الجاسم تحت عنوان يفعلون
ما يفعل الجمل كلام كثير عن الذعر الذى أصاب السيد عمرو موسى مما دفعه لتعيين
كاتب مثل جهاد الخازن مستشارا للجامعة العربية . ويقول إن كليهما قد فقدت
أفكاره صلاحيتها منذ نصف قرن ، ويجترون الأفكار ’ كما يفعل
الجمل ‘ . وأن الجامعة العربية هى فكرة بريطانية حفز عليها ورعاها
أنتونى إيدن . وبعد أن يسرد تاريخ التكسب من فكرة القومية منذ جمال عبد
الناصر حتى الآن يخلص قائلا : ’ ثبت بشكل قاطع أن فكرة الوحدة العربية هي فكرة فاشلة نظريا
وعمليا ، وبالطبع فإن طبقة السياسيين والمثقفين والكتاب والصحافيين الذين
مارسوا كل أنواع الردح دفاعا عن تلك الفكرة يشعرون بالأسى والحزن ليس لضياع ما
يسمى بالأمة العربية وإنما لاكتشافهم المتأخر أنهم كانوا يركضون خلف سراب .
إن الغزو العراقى لدولة الكويت وحرب التحرير والحرب الأخيرة ضد النظام العراقى
وقبل ذلك سقوط الاتحاد السوفييتى وتبعاته وكذلك أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001
وما تبعها من تغييرات في السياسة الأميركية ، كل هذا يستدعى طرح أفكار
جديدة تعالج وضع الدول العربية ، وتضع فى الاعتبار الفشل المتراكم على مدى
خمسين عاما ، وهو فشل أثبت أن رابطة ’ العروبة ‘ ليست رابطة
سياسية ولا تصلح لصياغة أي مشروع سياسى . ولست أرى أي ’ كفر ‘ فى
فكرة إغلاق الجامعة العربية أو إنشاء منظومة جديدة حتى ولو برعاية أميركية شبيهة
بالرعاية البريطانية للجامعة العربية ‘ . رد فعل الإبل جاء مهتاجا جدا . كتب الخازن فى
الحياة ذات الكلام العتيق مرة
أخرى ، الخطاب القومى المغلف بنبرة ماركسية ( أو العكس عند النصف
الآخر من كتابها ) وهو ديدن الحياة فى اجتذاب المثقفين العرب . أقر
بأن الجامعة العربية فكرة بريطانية ، بينما هم الذين هوسونا طيلة حياتهم
بأن الاستعمار هو الذى قسمنا ، وبحكم الپارانويا لا يعلمون أنه فعل هذا لأن
هذه كانت الموضة عندهم فى أوروپا ، وكانت الدويلات القومية رمزا للحداثة
والتقدم على مدى قرنين سابقين ، وليس لأن الاستعمار يقوم على سياسة
’ فرق تسد ‘ كما علمونا فى المدارس . عدا هذا ، ليس لكلامه
فحوى محددة ، ولم يذكر حتى الجاسم بالاسم ، فقط هزار وتريقة غير
معهودة منه ولا تلائم شخصيته المتجهمة ، وهذا فى حد ذاته دليل على انفلات
الأعصاب بعد سقوط الأخ الرفيق صدام . فقط هناك كذبتان مكررتان : كذبة
الفضل التقليدية ، يقول الكويت تحررت من الاستعمار الإنجليزى ، والفضل
لحركة القومية العربية ، إن لم يكن لعبد الناصر شخصيا . هم ‑أى
القومجيين‑ يعتبرون أن الاستقلال فضل ، ولا يعرفون أن الشعوب تعتبره
الآن نكبة ، وجريمة ارتكبها المحرضون الوطنيون والقوميون فى حقهم كى يركبوا
فوق كرسى السلطة والنهب والفساد باسم المروق على الغرب . وكذبة الوصاية
التقليدية ، وهى أنه واثق أن الكويتيين يرفضون الاستعمار الأميركى .
هم ‑أى القومجيين‑ واثقون ثقة رائعة من أن كل الشعوب وراءهم ،
وكأنهم لا يرون صور الأحضان والرقص وتقبيل الأيدى التى استقبل بها العراقيون
المارينز الأميركيين ، ناهيك عن أنهم لا يعرف شيئا أصلا عن الكويتيين
وطريقة تفكيرهم .
أيها الرفيق الخازن أفق قليلا من
فضلك : الاستقلال لم يكن فضلا يوما ، ولم يعد إلا كارثة متواصلة
الفصول . هذا هو الموضوع المطروح للنقاش اليوم وليس سواه ! الاستعمار
أراد لنا أن نحاكى الدول القومية عنده ، لكن لم يخطر بباله أن التلميذ
سيتفوق على أستاذه وستصبح دولا عرقية شيفونية قمعية لكل ما هو غير عربى داخلها بدءا
من اليهود حتى الأكراد حتى الأمازيغ حتى مسيحيى ووثنيى جنوب السودان ( أو
بمصطلحات موقعنا الخاصة لا زلنا جراد يثرب لم
نتغير ! ) . وطبعا لم يخطر بباله أن تكون دولا معادية للتقدم
وللغرب الذى صنعها ، وهى التى كانت تريد بأى تريد الخلاص من تخلف الخلافة
الإسلامية العثمانية البائدة . وقطعا لم يكن فى أحلامه أو حتى كوابيسه أن
تتبنى الاشتراكية كمنهج اقتصادى يقودها هى نفسها للخراب اللا رجوعى . فقط
ما أجسم المسافة بين عقلية ، وكالعادة نقصد چيينات ، أوتو ڤون
بسمارك وميشيل ڤون عفلق . ببساطة : لقد أخطأ تى .
إى . لورانس العنوان ! لكن الجاسم فتح النيران مرة أخرى اليوم ، تحت
عنوان الخازن
وصحبه ، راح ينوه اليوم بأن القومية العربية لا تكلف من بنادون بها
شيئا ، إنما تحمل كل الفاتورة على السعودية والخليج . بعد ذلك نجد فى
كلامه صدى ما من وصفنا التقليدى للعروبة بالشيفونية والحقد والهزيمة :
’ إن القومية العربية وفق
المفهوم السائد منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر تقوم على أساس عرقى يراد توظيفه
سياسيا في إطار العلاقات العربية العربية وفى إطار العلاقات العربية
الدولية ، وقد أخفق هذا المفهوم في صياغة حد أدنى من التنسيق فوصلت
الخلافات العربية العربية الى حد القتال والغزو وقطع العلاقات وهي خلافات بين
حكومات لكن تم نشرها بين الشعوب ولا أظن أننى بحاجة الى سرد الأمثلة . ولم
تفلح ’ القومية العربية ‘ في تقديم عناصر تفوق ، بل استخدمت
الانظمة العربية القسر والإجبار والقمع أحيانا لضمان استمرارية القومية ،
بل إنه باسم القومية غزا صدام حسين الكويت وبسبب الحقد القومى هتف له بعض
العرب ! كما أن الأساس العرقى للقومية العربية لم يمنع ذبح الفلسطينيين فى
الأردن ، ولم يمنع السوريين من احتلال لبنان والهيمنة عليه ‘ . ويخلص لأن ’ القومية العربية قومية عرقية قائمة على جملة من الهزائم
العسكرية والانتكاسات السياسية وقمع الحريات ، ولا يسندها سوى نظرية
المؤامرة ‘ [ شرحها فى بى بى سى العربية فى
اليوم التالى الحقيقة لا نعرف بم نعلق ، سوى بأن الزلزال
قادم بل جاء بأسرع مما يتخيل أحد . ثانيا بأننا لا نتوسم أى مستقبل كما
كاتب الوطن الكويتية القدير الشجاع ، فضلا عن أن كلامه عن الديموقراطية
وحقوق الإنسان لا يزال كلاما مثقفاتيا ، لا نعتبره مستقبلا من الأصل ،
ولا حتى للسويد ، ناهيك عن تشيلى
( ولعلنا نحيله هكذا لقصة تجارب
النهضة على سبيل الحصر ، ليجد أن ليس فى أيها ذكر للديموقراطية أو حقوق
الإنسان ، إنما محوا كليا لها باسم الاقتصاد الحر والقيم
الدارونية ) . أستاذى الفضيل ، فى أفضل الأحوال ستكون عندنا
حفنة من الأصوات المستنيرة ، لكن قطعا ليس بوسعها تغيير چيينات بشرية طبعت
لقرون على الخرافة والكسل واستمراء التخلف . وليس من حل إلا حكم أميركى‑إسرائيلى
باطش يكاد يلامس حد الإبادة ، والتطهير الإثنى ، بإحضار صينيين وهنود
ليستعمروا هذه الأرض ، بعد إخراج معظم سكانها الأصليين من التاريخ
والجغرافيا معا . وكلمة معظم هذه تعنى أننا لا زلنا نملك بعض
التفاؤل !
[ تحديث : 28 مايو 2003 : هل
أحد أول مظاهر تبلور ملامح ما يمكن تسميته
بالجامعة العربية القادمة ، قمة شرم الشيخ التى ستعقد هذا الأسبوع ،
وأعلن عنها البيت الأبيض اليوم ؟
هذه القمة سيحضرها مع الرئيس بوش قادة السعودية ومصر والأردن والبحرين والمغرب
تحديدا ( نأمل أن ملك هذا الأخير قد شب أخيرا عن الطوق ، وتجاوز أيام
كان طالبا يلقى الحجارة على الدبابات الإسرائيلية أو يهين كولين پاول فى
بيته ! ) . باعتبار أن قطر والكويت سوف تنالان زيارة خاصة
منه . أو دعنا نكون أكثر صراحة فهذه قمة للدول التى تمنعت ضد حرب أميركا
على العراق ، ويؤمل أن تغير من طريقة تفكيرها ، ومن الطبيعى أن لا
داعى لأن تكون فيها الكويت وقطر . لقد انتهت أيام ما كان يسمى بالحوار مع
جبهة الرفض العربية‑الإيرانية ، وهذا وقت المجابهة والاستئصال ،
سقط صدام والدور على بشار والقذافى وخامنئى‑خاتمى وهلم جرا . وعلى
چورچ دبليو . بوش أن يكون واضحا : على مجتمعيه أن لا ينأوا فقط عن هذه
النظم ، وأن لا يتصرفوا فقط على نحو مغاير لتمنعهم العجيب السابق من الحرب
على العراق ، بل أن يكونوا إيجابيين جدا فى إسقاط النظم المتبقية بأنفسهم
وبجيوشهم لو شاءوا وبمساعدة أميركا لو شاءوا ! فقط بعد ذلك ، يمكن الحديث عن
جامعة عربية جديدة ، طبعا ذات أسس اقتصادية محضة . أو حتى يمكن الحديث
عن سلام مع إسرائيل ، فأنا أشك حقا أن هذه قمة لدعوة هؤلاء لتوقيع معاهدات
سلام مع إسرائيل ، ليس لأنها لو كانت كذلك لدعيت لها بالضرورة الكويت
وقطر ، إنما لأن وقت السلام لم يحن بعد ، وهذا ببساطة وقت
الحرب ! … أيضا اقرأ مدخلنا الخاص بمبادرة الرئيس
بوش لإنشاء منطقة تداول حر مع الدول العربية التنموية بحلول عام 2013 .
تابع ما كتبناه عن مشروع خارطة الطريق ، ووقائع مؤتمرى القمة المشار إليهما
فى شرم الشيخ والعقية تحت مسمى مشترك هو قمة البحر الأحمر ، ذلك فى صفحة الإبادة المختصة تقليديا
بصراع الشرق الأوسط الإسرائيلى العربى ] . [ تحديث : 2 يونيو 2003 : كلا ،
لم يشب عن الطوق . وما فعله اليوم يفوق كل خيالاتنا مجتمعة . ببساطة
لم يحضر . وبصراحة خيالى الواسع جدا لم يصل لحد تصور ورود أمر كهذا .
كما تعلم أنا صنفته ناشزا ،
وكنت أتوقع منه تصرفا أخرقا بالتأكيد . لكن قطعا ليس هذا . المؤكد أن
أمير المؤمنين لم ينضج بعد حتى يجلس إلى مائدة أقوى رجل فى العالم ، بل لن
ينضج أبدا . وسيظل ما تبقى له من عمر يقود الانتفاضة وإلقاء الحجارة فى
خطبه أو فى أحلام يقظته . لكن السؤال الحق هو إلى متى تظل أميركا تتلقى
الإهانة تلو الأخرى منه ( بشار أيضا
محترف إهانة لكنها على الأقل تضعه على قائمة الأعداء ) . من يدخل الله
والرسول بين كل كلمة وكلمة فى خطبه ، لا يمكن أن ينحاز للحداثة يوما مهما
كان ، ولا يمكن أن يكون صديقا مزعوما لأميركا أو حتى ليهود بلده ،
يوما مهما كان . وافهموها بقى ! ] . 17 يونيو 2003 : بدأ هذا الشهر البث
التجريبى لمحطتى موسيقى على موجات الإف إم فى القاهرة . هما الأوليان قطاع
خصوصى منذ 70 سنة ، وتتميزان بلمسة عصرية وتحررية نسبيا ، أو ما يسمى
عندنا شبابية . كان لا بد أن نسجل هذا هنا فى صفحة الثقافة ، وها قد
سجلناه ، لكن التفاصيل الأوسع نسبيا كتبناها فى صفحة الجلوبة ، لأنها
جاءت فى سياق التعليق على حديث شخص آخر رهيب الجانب انتقد الإعلام المصرى بقسوة
على مسمع من كل العالم ، وما كان من الممكن تجاهله . هذا الشخص اسمه
نيوت جينجريتش . فإلى هناك !
15 أغسطس 2003 : 29 ساعة
فى الأسابيع الأخيرة طبعا نحن نتحدث عن السقوط الشامل للشبكة . هذا
يختلف عن الانقطاع المحلى العرضى . ذلك شاهدناه فى مصر مثلا قبل نحو عشر
سنوات ، وهو شىء فريد تماما من نوعه . تنسحب الأضواء من المصابيح
بتدريج بطئ يستغرق ثوان ملموسة ، وليس كالانقطاع المحلى الذى يحدث فى
لحظة . وطبعا خلق ذلك الانقطاع المريب من نوعه ، إحساسا مرعبا حقا فى
حينه ، بالذات لأن أحدا لم يمر بمثله من قبل .
لم تشهد أميركا فى كل تاريخها أية حوادث انقطاع
للقدرة بهذا الحجم ( 62 ألف ميجاوات واستمر لمدة أقصاها 44 ساعة إلى تمت
إعادة القدرة لكل المناطق ) . أضخم انقطاع سابق هو انقطاع نوڤمبر
1965 الشهير ، وكان فقط 20 ألف ميجاوات ولمدة أقصاها 13 ساعة ) .
أميركا غزت العراق ، ولم نكن لنحلم بشىء أكثر
مثالية للتحديث . القوة العظمى بكل حضارتها تأتى إلينا ، بدلا من أن
تراسلنا بمنتجاتها وأفكارها عن بعد . نظمنا لها ما يسمى بمقاومة
مسلحة . حين لم يعد الرصاص أو حتى الألغام أو القنابل أو القاذفات تقتل
الجنود الأميركيون عندما تطلق عليهم ( هل تذكر مقولة صفحة الثقافة ’ الحل هو التقنية ، وإن
فشلت التقنية فالحل المزيد من التقنية ‘ ؟ ) ، راحوا الآن
يقصفون يخربون أو يسرقون محطات الكهرباء وشبكات المياه وأنابيب الپترول ، أو
ما يسمى الأهداف الطرية soft targets . حتى الناس العاديين بسطاء
التفكير ، أصبحوا يصبون قسوة حياتهم على أول شماعة طرية تتلقى فى صمت مهذب
تقريعهم وغضبهم ودون أى بطش لأول مرة فى التاريخ العربى ، ألا وهى
الأميركيين والبريطانيين ، وكأن هؤلاء هم سبب تراثنا وحاضرنا الهائل من
التخلف والجوع والتخريب المجانى .
التقدم يحتاج دأب وصبر وتضحيات جسام ، كما
علمتنا كل شعوب الأرض متقدمة أو فى سبيلها للتقدم ، فما بالك لو كانت النية
أصلا غير موجودة عندنا . الكتابة
عندما توصلك لقناعة أن لا أمل ، وأن لم يتبق سوى خيار الإبادة ، لم تعد هى نفسها ذات معنى ،
وتحملنا جديا على التفكير بالتوقف ، مع كل الاحترام لمجموعة القراء
المخلصين وأفكارهم الممتعة ( بمالمناسبة والكلام يأتى بالضبط فى عمق الجرح
فى هذه اللحظة ، أحدهم كتب
يقول هل الهوية من الهاوية ، أم من الهوهوة مع كل الاحترام للكلاب ،
والكلام له . نعم يا صديقى ‑ولا يتملكنى الإ الانبهار بكيف خطرت مثل
هذه الفكرة ببالك‑ الهوية هى الهوهوة التى تقود
للهاوية ! ) . هل تعلم ما هو الدرس الوحيد الذى يمكن أن نستفيده
كعرب ومسلمين ، من إظلام شمال أميركا أمس واليوم ؟ سوف نرسل جماعاتنا
الإسلامية كى تتدرب على التصويب على أسلاك الجهد العالى فى بلاد الشمال الكافر . … أو هل لديك أفكار أفضل ؟ اكتب رأيك هنا
16 أغسطس 2003 : أين اختفى رضا هلال ؟ رغم
كل الغموض ، لا أعتقد أن الإجابة صعبة . هذا الكاتب الليبرالى هو واحد من حفنة تعد على
أصابع اليد الواحدة فى هذا البلد ، وكلهم تحديدا فى مبنى مؤسسة
الأهرام ، ممن يعلمون كيف يسير العالم حولنا . أقول يعلمون ولا أقول
بالضرورة أنى أقرهم على آرائهم ، التى لا تخلو من ميل للسلام والأسوا منه الميل
لليسار الإسرائيلى العقيم ، أو ميل
يوتوپى للديموقراطية وحقوق الإنسان ( للدقة مقال رضا هلال الأخير ليس
هكذا بالضبط [ يمكنك قراءته كاملا أسفل هذا مباشرة ] ) ، أو
غير ذلك من أمراض الثقافة العربية التقليدية ، والتى لا يمكن أن تتخلص كلية
من شوائبها اليسارية مهما بلغ شأو
العلم والفهم وتفتح العقل لدى البعض منها . لكن يظل أهم وأفضل شىء
فيهم ، وما يميزهم عن كل من عداهم فى مصر أو فى عالمنا العربى حتى ، أنهم
جميعا يعلمون أن التقنية
التى لا يتحدث عنها أحد ( ومن ثم الاقتصاد بالتبعية ) ، هى قبل
أى شىء آخر ، العامل الحاسم فى رسم المستقبليات الستراتيچية للعالم ،
وتحديد القدرة العظمى الحاكمة له ، وأنهم يرفضون مناطحة هذا قط . مع ذلك رضا هلال هذا فى كفة وبقية هؤلاء فى
كفة . إنه الوحيد الذى ليس فى مركز الدراسات الستراتيچية ، إنما فى
جريدة الأهرام نفسها . من هنا فهو الوحيد الذى يتمتع بالقدرة على إغاظة
خصومه الفكريين ، على نحو شبه يومى تقريبا ( دع جانبا الغيظ من أنهم
كانوا يصنفونه يساريا قبل قليل ، ثم أصبح أسرع الجميع تحولا عن ذاك الفكر
البائد ) . أعتز جدا بالمعرفة الشخصية برضا هلال ، وفى
آخر لقاء لنا كان يتصفح نسخة نهائية مما بدا لى دراسة أو فصلا من كتاب جديد فى
موضوعه الأثير والذى تعمق فيه كثيرا ، وهو مستقبل علاقة الولايات المتحدة
كإمپراطورية ببقية العالم . فإذا به يتركه ، كى يسألنى عن أفضل طريقة
لشراء أفلام الدى ڤى دى من الخارج عبر الإنترنيت ، ويشكو من أن
الرقابة أصبحت تفتش الآن فى هذه الطرود . ذلك فقط لأكتشف أن معلومات هذا
الأعزب عاشق الأفلام والثقافة والكتب ، والذى وجد ضالته فى
الإنترنيت ، وأصبح ينفق من خلالها كل ما يملك ، هى أفضل من معلوماتى
بكثير . أثناء حرب العراق لم أعرف ماذا أقول عندما علمت أن
رؤساء تحرير الصحف الأسبوعية الحنجورية ، واعفنى من ذكر الأسماء وستفهم
السبب لاحقا ، كانوا يتصلون بإبراهيم نافع مطالبين بإبعاد رضا هلال من
’ ديسك ‘ الأهرام . والسبب أنه جعل منها الصحيفة المصرية الوحيدة
التى لا تحرض ضد الغزو بنسبة 100 0/0 ، بل بنسبة 90 0/0
فقط ! المؤكد أنها كانت المرة الأولى فى تاريخ الصحافة فى العالم التى يحتج
فيها ملاك صحف ذات ’ شنة ورنة ‘ يعتقدون فيها أنهم يملكون
’ الشارع ‘ ومن عليه ، على كيف تدير صحيفة زميلة شئونها
الداخلية ، أو يعترضون على أنها لا تريد مشاركهم نجاحهم الباهر . لم
يقل لهم أحد أنتم ملاك صحف مثلنا بالضبط ، افعلوا ما شئتم فى صحفكم
الغراء ، واتركوا لنا الفشل . ولذا على أية حال انتهت الحرب ونسى
الموضوع بعد قليل ، أو اعتقدنا نحن كذلك . للأسف رضا هلال لم ينس . راعه أن يخرج رؤساء
التحرير ’ الأسبوعيين ‘ يحرضون ضد شعب العراق نفسه ورموزه ،
باعتباره خونة يستحقون القتل تماما كما الأميركيين والإنجليز ، فأعلن أنه
يملك قائمة بمن تلقوا من الصحفيين العرب أموالا من صدام حسين . لا مشكلة
كبيرة فى هذا ، فالكل يعلم أن 99 0/0 من صحافتنا
العربية غير الحكومية قائمة على الارتزاق من جبهة الرفض ، ليبيا أو سوريا
أو العراق أو منظمة التحرير فى أيام الحرير فى حرير ، أقصد التحرير فى
تحرير ، وهلم جرا . وأنه لو ضاق الصنبور هنا فإنه يمكن بسرعة فتحه
هناك . ( حتى مؤسسات الإعلام الحكومية وشبه الحكومية ، ترتشى
منهم بطرق غير مباشرة ، آخرها ما كشفته الصنداى تايمز فى 11 مايو
الماضى ، من ارتشاء شخصى لأحد قيادات قناة الجزيرة من الاستخبارات
العراقية ، وأدى تعميم القصة لعزله ) . لكن ماذا لو كان هذا صدام
الحسين هو القلعة الأخيرة للارتزاق ، وما بعده هو الجوع المشين ؟ هنا
تصبح القضية مسألة حياة أو موت . ولا مانع من الموت بشرف ولو مرة واحدة فى
العمر ، ولتكن المعركة معركة مبدأ ، فهى خسرانة خسرانة . كذلك
لسوء الحظ هم أول من يعلم أن من يحبون أميركا أو إسرائيل يحبونهما لوجه الله
والوطن والفكر ، ولا يدفع لهم أحد شيئا ، وإلا كانوا هم أول من هرول
( حتى رحلة على سالم الشهيرة لإسرائيل والتى نال عنها كل اللعنات ،
قام بها من جيبه الخصوصى ! ) . إذا أردتم أن تعرفوا أين رضا هلال ، المسألة
سهلة : خذوا هؤلاء الأسبوعيين ، ولا بأس إن أضفتم لهم مجلس النقابة
الجديد الناصرى الموقر ( تنظيم الضباط الأحرار الجديد ) الذى يذرف
دموع التماسيح الآن على رضا هلال ، خذوهم إلى جوانتانامو ، وضعوهم تحت
تأثير العقاقير المتطورة وأجهزة كشف الكذب . أجزم أن ساعتها واحدا على
الأقل ‑إن لم يكن أكثر‑ سوف يخبركم فى أى بئر من آبار الصعيد
الجوانى ، أو فى أية بقعة من قاع النيل ، يقع الحجر المربوطة إليه جثة
الراحل العظيم . الراحل الذى لم تشأ خستهم أن يقتلونه علنا كما فرج
فودة ، خشية أن يصبح شهيدا للرأى ومن ثم قد تنقلب العجلة ضدهم ! فقط نأمل أن تكون نظريتنا خاطئة ، وأنه يستجم
الآن فى أحد المصايف المصرية ( أو الإسرائيلية ) ، بعيدا عن كل
وجع الدماغ هذا . ولو اتضح أن المكروه قد وقع فعلا ، فآخر ما يتمناه
المرء أن يكون السبب هو السياسة ، بل واحدة من تلك الأقاويل الكثيرة عن
السلوكيات الخصوصية أو الغرامية له . والتى للأسف تبدو حتى الآن أقرب
للتشهير العمدى من هؤلاء ، منها لطبيعة الشخص . أو حتى لطبائع الأمور
فى الواقع القاهرى على نحو عام ، والذى نادرا جدا ما يصل لحد القتل لأسباب
كهذه ، ناهيك عن الاختطاف الأكثر صعوبة ومخاطرة وتعقيدا ، ناهيك عن أن
يكون قتلا أو اختطافا لشخص مشهور قد تقوم الدنيا ولا تقعد من أجله . اليوم نكتب فى اليوم الخامس بعد الاختفاء ،
ولا أعرف ماذا ستسفر عنه الأسابيع أو الأيام القادمة . ربما لا تسفر إلا عن
صمت مطبق ، وهو الخيار الأكثر رعبا وإيلاما . فاللوعة والجزع والحسرة
لا توصف من البطش غيلة بإنسان ، فقط لأن جريمته الوحيدة أنه يملك عقلا أفضل
ممن يحيطون به . وقد يريح تلك اللوعة قليلا أن يعرف المرء أن له فى حياته
مشاكل أخرى . لكنى فى جميع الأحوال لن أعجب إذا ما تطور أسلوب قتل
’ الخونة ‘ فى بغداد ، من القتل العلنى دون إعلان المسئولية
( وهذا جديد فى حد ذاته ) ، إلى الاختطاف والإخفاء التام
( وهذا فيما يبدو هو الأكثر جدة وفاعلية عند عصابة العروبة . أو للدقة
هذا الاختطاف أو الإعدام الصامت ليس جديدا كلية على إجرام العصابة القومجية
العربجية ، ويمكنكم أيضا بسهولة معرفة بأى بئر ليبى تقع الآن عظام الإمام
الصدر أم منصور الكيخيا ، أو هوية ملايين العظام القابعة منذ سنوات فى قاع
دجلة لو ذهبتم بالقذافى أو صدام لجوانتانامو ) . وطبعا ،
طبعا ، لن أعجب إذا ما خرج أحد علينا بنظرية أن الموساد قد اختطف رضا
هلال ، كى ’ يسيئ لسمعة مصر ‘ ! … عزيزى ، رضا هلال :
بالأمس تحديدا وأعلى هذا الكلام مباشرة ، كنت قد ألمحت لأن بات من واجب
المرء أن يتوقف عن الكتابة ، ولا يؤجل هذا القرار المحتوم إلا احترامنا
لحفنة قرائنا الجادين . مصر ، وتحديدا منذ سقوط صدام حسين ، تسير
من جديد فى خطى عائلة الأسد ، بانقياد أعمى لا يفوقه إلا عمى الغباء
نفسه . وها هو سيناريو الحماقة الناصرية يتكرر حرفيا مرة أخرى بدقة
بالغة ، مع فارق أن الإنقياد وراء ’ الشبل ‘ الصغير لن يقودنا
هذه المرة لهزيمة يونيو جديدة أو لضياع ثلث إراضينا مرة أخرى ، إنما حتما
لمحو مصر وشعبها من على الخريطة أصلا . نرى مصر تشجع ، إن لم يكن
توعز على ، عصيان الجامعة العربية على الحكم الجديد فى بغداد ، ومنها
قرارات ما يسمى لجنة المتابعة ، التى أعلنت عبر تبجحات
عمرو موسى المعتادة ، هذا الذى يتحدث دوما وكأنه يمن ويتفاوض أو بيده
أمر ونهى كل العالم ، ولا يريد أن يفهم أنه شخصية منعدمة الوجود
أصلا . ذات الحال مع صبيه أحمد ماهر الذى كلما ذكرنا شارون بأننا مجرد قطعة
خردة صدئة يسئ وجودها للمنطقة ، يخرج علينا بوابل من التصريحات النارية عن
دور وثقل مصر الإقليمى والدولى . طبعا لمصر دور وثقل إقليمى ودولى هو الصفر
المطلق ، واسألوا ثورة يوليو التى قضت على ريادة مصر الليبرالية التنويرية ،
حين كانت كتبها ومجلاتها وأفلامها أعظم وأحلى غزو ثقافى عرفه العرب وسعدوا
به ، وجاءت بدلا منها بريادة الخراب ( وطبعا دائما أبدا أقصد بالعرب
الخليج ، وليس جبهة الرفض ، الذين لا ينتمون أصلا للعشيرة البيولوچية
المسماة الإنسان العاقل ) . بوقاحة غريبة تتصل مصر أو الجامعة
( لا فرق ، فبشار هو الذى يحرك كل الناس ) ، بأعضاء مجلس
الحكم العراقى فرادى وليس بصفتهم [ بل ويريدون أن يكتبوا من القاهرة دستور
العراق ، فهم يجيدون وضع الشعارات العروبية والإسلامية فيها أكثر مما
استطاع الچنرال ماكآرثر فى دساتيره . أو كأن الشعب العراقى يمكن أن يفضل
يوما حكم عمرو موسى أو أحمد ماهر أو حتى أحمد شلبى ، على حكم پول بريمر . أنا ألوم مجلس الحكم
العراقى على أن فكر فى الحضور للقاهرة كى يطالب بمقعد العراق فى الجامعة ،
وذلك لسببين : الأول أن ليست هذه هى طريقة الحصول على المقعد ، بل أن
تعلنوا انسحابكم من الجامعة ، ساعتها كان سيهرع لكم عمرو موسى طالبا
التراجع ، وطبعا بعد أن يطلب تخصيص حراسة أميركية له خلال الرحلة كى تحميه
من فتك الشعب العراقى به . السبب الثانى أنكم لم تنسحبوا بجد من الجامعة
حتى الآن ! ] . والأسوأ أن باتت القاهرة الآن
قبلة لكل الجماعات العراقية المناهضة للعهد الجديد ، حيث صارت المقر الرسمى
لأركان حزب البعث العربى الاشتراكى العراقى الجديد ، والوكر رقم 1 للبعثيين
الجدد فى العالم ( أو هل حقا هناك فرق بين قدامى وجدد ، سوى اسم صدام
حسين ؟ ) ، وذلك بما يفوق حتى تبنى سوريا نفسها لإحيائهم .
سوريا التى لم تع مصر الدرس أبدا أنها تقف دوما عند حدود الكلام ولا تتخطاه
مطلقا للفعل ، هذا الذى توكله بنجاح ساحق فى كل مرة ، لمن هم أغبى
منها . وطبعا لا يملك أحد استبعاد أن من بين تلك العناصر التى استوطنت
القاهرة أخيرا ، فلول استخبارات صدامية ، أو ينفى أنها ربما شاركت
بخبراتها الهائلة هؤلاء الأسبوعيين التخطيط والتنفيذ لجريمة خطف رضا هلال . أيضا نرى قنواتنا الساتيلايتية
العامة والإخبارية تشارك فى التحريض ضد إسرائيل وضد قوات التحالف فى العراق بهمة
لا مثيل لها إلا فى قناة حزب الله ، وحتى مع افتقاد برقع المهنية
والذكاء ، الزائف المهلهل الذى لا يخفى شيئا ، لنظيراتها
’ المحترفات ‘ كالجعيرة وأبو ظبى . فى السودان باتت مصر تشجع علنا
وبكل ما أوتت من قوة ( توجد فى خيالها وحده طبعا ) ريچيم الإنقاذ
الإسلامى ، والذى وصل يوما لحد محاولة اغتيال الرئيس المصرى نفسه .
لكن ها هم أعداء الأمس قد باتوا حلفاء اليوم فى مواجهة الكابوس الأعظم ،
أفرقة وعلمنة وجلوبة ‑ومن ثم عصرنة‑ السودان . بعد كل هذا ليس مستغربا قط أن
ألغت أميركا هذا
الأسبوع تحديدا ، صديقى المأسوف على شبابه وشجاعته
ولمعان عقله : لقد حرموك من الموت بطلا . لكن هذا ليس بالصفقة الكبرى
كما يقولون بالإنجليزية . لا أبطال فى شعب سوف يباد كلية عما قريب ، ولن
تبقى منه أية ذكرى لأبطال أو غير أبطال . لا تغضب كثيرا ، فهذا ليس
زمن البطولات : هذا زمن الموت ! … فقط يكفى المرء أن يقضى
عمره نبيلا محترما فارسا فى نظر نفسه ! … … اقرأ خبر الاختفاء الذى وقع قبل خمسة أيام
( الاثنين 11 أغسطس 2003 ) ، كما أوردته الشرق
الأوسط ، البى
بى سى ، الجزيرة .
فى الأهرام الخبر وجيز ولا يستحق عناء الوصول له من خلال الإنترنيت ، فأنت
أدرى بأن الأهرام هو أسوأ موقع للتعامل معه على كامل الإنترنيت ، ونحتاج فى
كل مرة لفقرة كاملة لنشرح لك أين خبأوا هذا الخبر أو ذاك . إنه حتى لا يقول
إن السبب فى كونه موقع خفى أنك لم تطلب رقم التليفون الصحيح ! … أما طبعا الحياة ’ كلب ‘ العروبة النابض
فقد كفت ع الخبر ماجور ! اكتب رأيك هنا
[ تحديث :
28 أغسطس 2003 : علمنا اليوم عن تأسيس موقع
بعنوان RedaHelal.com ، أسسه صديق وتلميذ لرضا هلال هو
الصحفى المصرى الشاب سعيد سمير . رغم أن من الصعب بالنسبة لنا على
الأقل ، الأخذ على محمل الجد ما جاء فى البيان
الصحفى الرسمى لتأسيس الموقع الصادر بالأمس ، عن أنه يهدف لجمع الأدلة
والمعلومات وحل اللغز ، إلا أن الموقع
تأكيدا مبادرة وتضحية عظيمتين ، أملنا أن تسفرا عن موقع فريد ومعروف لتكريم
رضا هلال وكتاباته ، ويصبح ملتقيا لأحبائه وأصدقائه وقرائه . أبرز مقال لرضا هلال على الموقع
حتى الآن هو عموده الأخير ’ سياسة خارجية ‘ هذه الأفكار ليست غريبة بالطبع عن
زوار موقعنا ، حيث لدينا صفحة كاملة مكرسة لها منذ سنوات هى صفحة الليبرالية ، لكن لعل تعميمها فى جريدة تطبع
بالملايين ، ويقرأها الأسبوعيون وغيرهم من أنصاف الأميين ، كجريدة
الأهرام ، لهو حدث جلل ، بل بالأحرى جريمة كبرى تستأهل الاختطاف والقتل . أخيرا ومما أسعدنا من الموقع
الجديد أن اتضح أن مقالتنا أعلاه عن اختفاء رضا
هلال ، هى أول نظرية عن هذا الاختفاء ، ظهرت بعد خمسة أيام فقط
منه ، وأنها الوحيدة المتكاملة حتى الآن ، وأنها أصبحت أحد أنجح
صفحات الموقع الجديد قراءة ، وأول من استقطبت ردود الفعل فيه .
مرة أخرى ما نأمله شىء واحد ، هو أن تكون كلية نظرية خاطئة ! … زر الموقع الجديد RedaHelal.com … اقرأ من موقعنا كامل المقال
الأخير لرضا هلال : 1
- 2 - 3 - 4 ] . 18 أغسطس 2003 : هأ ! قررت دولة الإمارات أمس
إغلاق مركز زايد للتنسيق والمتابعة ! تعرض المركز فى الفترة الأخيرة لضغوط
أميركية وإسرائيلية هائلة ، كانت قد بدأت بها طالبة هارڤارد اليهودية
العلمانية ريتشيل فيش ووصلت ذروتها بمقالها فى الوول سترييت چورنال فى 6 يونيو
الماضى . القائمون على المركز استضافوا ( باسم العلم
وحرية البحث العلمى طبعا ! ) الصحفى الفرنسى الأضحوكة تايرى مايسان
( 8
أپريل 2002 ) ، ليكرر نظريته عن 11 سپتمبر كمؤامرة من الاستخبارات
الأميركية والصهيونية . واستضافوا الكاتب الأميركى المعادى لليهود ليندون
لاروش ( 2
يونيو 2002 ) ، ليقول بالتواطؤ من الداخل لإنجاح هجمات 11
سپتمبر ، والتفسير هيمنة اللوبى اليهودى على صناعة القرار الأميركى .
طبعا دع جانبا طابور من ينكرون الهولوكوست ، وهلم جرا ! أما حين يريدون ممارسة التقارب بين الأديان فإن
معناه عندهم أن يأتوا بالقس الفلسطينى الوطنجى العروبى المتطرف عطا لله حنا
( 19
يونيو 2002 ) ، وكلامه الذى لحد تأييد العمليات الانتحارية ،
معروف ولا يحتاج لتكرار ، سوى القول أن الكنيسة قد طردته بسببه . أما الباجثة السعودية د . أمية جلاهمة ،
فقصتها قصة . لا أدرى كيف واتت الشجاعة هذه المرأة ( 9
أبريل 2003 ) كى تتكلم عن التمييز ضد النسوة فى إسرائيل ( دعك عن
ترويجها لموضوع استخدام دماء غير اليهود فى الطعام ، فهو كارثة كبرى تولاها
أصحابها كما يجب التولى ) . بأى وجه تتحدث تلك القادمة من بلاد النقاب
وغير المرخص لها حتى بقيادة سيارة ، عن نساء يسرن بحرية تامة شبه عاريات فى
شوارع إسرائيل والعالم الغربى . سؤال يثير الشفقة والغثيان ، ولا يرقى
لمستوى البحث عن تحليل نفسى حتى . فقط نقول : إن لم تستح فافعل ما
شئت ! … السؤال : أين يكمن الخطأ ؟ الخطأ يكمن فى
أن الشيخ زايد الذى أراد مركزا للتسامح والتواصل والتنوير والتحديث ، عهد
به إلى الجامعة العربية قلعة الكراهية والشيفونية والظلام والفشل . نتكلم
فقط عن أناس أعماهم مرض الهزيمة ومعاداة التقدم والمتقدمين ، مناضلين
يعنى ، ولا نتكلم عن أن مركز الشيخ زايد كان لقمة طرية استرزقوا من ورائها
بالهبل ، واغترفوا مما شاءت لهم به أريحية الشيخ . واليوم وعلى الفور
فيما يبدو أنهم كانوا جاهزين له سلفا ، بدأت بوادر حملة ضخمة يشنونها ضد
الشيخ لإغلاقه المركز ، وكأن ليس من حقه أن يدفع فقط ، وليس من حقه أن
يمنع ماله عنهم وعن أچندتهم السوداء . أين يكمن الخطأ ؟ الإجابة الأصرح التى لا فكاك
منها : ألم نقل لكم أعلاه :
كل إناء ينضح بما فيه ، وحتى
تحسنوا صورة العروبة والإسلام فى الغرب : فقط اخرسوا ، إنه أفضل
شىء ! … اقرأ فى جريدة الشرق
الأوسط أو فى جريدة البوستون جلوب قصة
الطالبة اليهودية العلمانية ريتشيل فيش التى ألغت الصلوات المسيحية من
مدرستها ، وها هى تركع وتغلق مركز الشيخ زايد … اقرا المجموعة
الكاملة لتقارير ميمرى عن مركز الشيخ زايد للتنسيق والمتابعة ، أو هذا التقرير المجمع
… اقرأ تغطية تفصيلية متكاملة
عن فعاليات المركز فى موقع Students for an Ethical
Divinity School … اقرأ نص
تقرير Anti-Defamation League عن المركز
… اكتب رأيك هنا 6 نوڤمبر 2003 : مرة أخرى مبادرة أخرى تثير اللغط من چورچ دبليو .
بوش . اختار الرئيس الأميركى أن يسبق توقيعه اليوم
اللغط يأتى كالعادة من الجزء
الخاص بالكلام عن الإسلام ، وهو الجزء الذى لا يعجب أحدا ، ولا يفهم
أحد لماذا يصر على تكراره . امتداح الإسلام هذه المرة جاء من خلال عبارة إن
الإسلام لا يتعارض مع الديموقراطية . والأسوأ أنه
لا يمكن تأويله كمجرد مجاملة سياسية ككل مرة ، لأنه ألحقه بما يشبه الاتهام
بالعرقية للكثير من الأميركيين وكثير من أقطاب ولايته ، قائلا إنهم لو
أنكروا ذلك فإنهم يرتكبون خطأ التمييز والتحامل . نحن لا نفهم فى الإسلام
كثيرا ، لكن المؤكد أن لو قال چورچ دبليو . بوش إن الإسلام لا يتعارض
مع الديموقراطية ، ثم خرج علينا غدا أسامة بن لادن وقال العكس ، فإن
أحدا فى كل البسيطة ومنهم أنا لن يصدق الأول . ثانيا إن امتداح بوش الإسلام
يفسر عندنا بطريقة لا يفهمها هو . الكل يشعر بارتياح وأن الغمة انزاحت وليس
المطلوب عمل أى شىء آخر ، حتى لو جاء المديح وسط خطاب كله عبارة عن برنامج
شغل ( الأسوأ أنهم يبدأون الهجوم العكسى . فبمجرد انتهاء الخطاب كانت
السعودية ترحب به وفى نفس الوقت تعلن رفض أى تدخل خارجى فى شئونها ، بينما
لم تكن تقول هذا عندما كان التدخل صريحا ثقيلا قويا ) . ثالثا هذا يضر
بشدة بموقف أركان حربه ومثقفيه ومفكريه الأميركيين ممن يريدون أن يفهموا الناس
الأمور على نحو صحيح . من غير المفيد لأحد تزيين الإسلام ، ليس لأنه
سيئ أو جميل ، إنما لأنه بن لادن يختطف كل هذا فى غمضة عين ، والكل
يعلم كما أفضنا من قبل أنه
المرجعية الأعظم فيه منذ محمد بن عبد الله . الأصح هو المواجهة
الصريحة . وهى لا تعنى فقط تشريح الإسلام وقيمه البالية غير العصرية
ومستحيلة الإصلاح ، إنما أساسا بتحديد ما يقصده بوش بالديموقراطية . المؤكد أنه ( مثل رضا
هلال ) لا يقصد الانتخابات ، لكن ها هو صائب عريقات بسذاجته
واندفاعه المحببين دوما فسرها على هذا المعنى ، وطبعا لو فهمها الأخوان على
هذا النحو لهللوا لها كل التهليل ، لكنهم لم يفعلوا لأنهم أفضل ذكاء قليلا
من حكوماتنا . الانتخابات لا
تحتاج مائتى سنة كما قال بوش عن أميركا . البديهى جدا أنه يقصد التحديث
والاقتصاد الحر ، وجدا جدا يقصد العلمنة . لكن عدم قول الأشياء بطريقة
أقل من تكون فجة ومنفرة واستفزازية ، يؤدى لعدم فهمها أصلا عندنا نحن
العرب . وبعدين ؟ خطاب لا راح ولا جه . كلام فى
كلام يساوى كلام تربيع . زيه زى مبادرة
كولين پاول أم 29 مليون ، فاكرها زى اليومين دول السنة إللى
فاتت . ولا مبادرة بوش
الأكبر شوية بتاع منطقة التداول الحر 2013 بعديها بخمس شهور . برضه
وبعدين ، إيه الحل ؟ —ما أنت عارف الإجابة : شعوب متخلفة وسعيدة
بتخلفها ، ومفيش حل إلا النووى . وكتر المبادرات إللى ما لهاش لازمة
بيقول إن الأمريكان فاهمين كده هم كمان ! … اقرأ نص خطاب
الرئيس بوش … اقرأ نص الخطاب بالعربية
من موقع سكرتارية الدولة … اكتب رأيك هنا [ تحديث : 10 نوڤمبر 2003 : واو ! هناك من يرى خطاب بوش أدبية تاريخية عظمى ، تجمع معا
مكانة ثلاثة أدبيات سياسية هائلة : مبادئ وودرو ويلسون المنادية بعالم
تسوده الديموقراطية ‑1918 ، فرانكلين رووسڤيلت ينادى بالتمسك
بالأمل بعد پيرل هاربور ‑1941 ، رونالد ريجان يخبر الپرلمان
البريطانى ‑طبعا دون أن يأخد أحد كلامه على محمل الجد‑ أن نقطة تحول
توشك على الوقوع سوف تسقط معها الشيوعية ‑1982 . الشىء السيئ فى الأمر أن من كتب
هذا اليوم
هو أكثر كتابنا الأحياء تفضيلا ، ويلليام سافاير ! للأسف الشديد المشكلة لا تكمن فى المثاليات
ولا النوايا الحسنة ، إنما فى الطرف الآخر الذى سيرفض التحديث بأى
ثمن ، بما فى ذلك الإبادة . أستاذى الجليل ، ومع تقديرى لكل
كلامك ، لا تجبرنى على إعادة كلام طويل عريض
بدأته منذ من أكثر عشر سنوات ! ] . 7 نوڤمبر 2003 : ’ ضاعت فلوسك
يا صابر ‘ على رأى عم فريد شوقى فى فيلم
الأبطال . الساعدى القذافى ضبط أول
أمس متلبسا بتناول المنشطات ، موش هيلعب كورة تانى ، وضاعت كل
استثمارات أبيه فى نادى پيروچيا ، تلك التى أنفقها خصيصا بعد أن رفض فرانكو
سكوجليو ، المدرب الإيطالى ضمه للمنتخب القومى الليبى لأنه كما قال
عنه ’ إنه لا يصلح بالمرة لاعبا للكرة . إنه يفتقد أبسط
شيئين ، السرعة والتحمل ‘ . نحن لسنا ضد المنشطات . حتى اقرأ ما كتبناه عن كارل ليويس فى كتاب حضارة ما بعد‑الإنسان .
نحن ضد الضرب تحت الحزام . سيبك حتى من دى . اعتبرها موش مشكلة الأيام دى .
فقط نحن ضد الغباوة . المدربين والمعلقين صعقوا من نتيجة التحليل لسبب بالغ
البساطة كما
قالوا : لماذا يتناول لاعب لا يلعب المنشطات ؟ المرة الأولى فى
تاريخ كل الرياضات ربما التى يضبط فيها لاعب يتناول منشطات كى يجلس على دكة
الاحتياط ( المعلق والخبير الكروى ألدو بيسكاردى قال
’ هذا لغز أعقد من أى فيلم لألفريد هيتشكوك ‘ . بمناسبة الأفلام
هنحكى لك فيلم تالت : فى فيلم ’ إسماعيل يس فى نادى
پيروچيا ‘ ، كان الشاويش عطية مدرب الفريق يخبط رأسه طوال الوقت
محاولا تذكر أين رأى ذلك اللاعب من قبل ، إلى أن تذكر أنه كان قد درب أباه
من قبل على كيفية التنشين على الطائرات الورقية فى السماء ثم كان يجرى من ورائه
ويعطى مصروفه الكبير جدا الذى يشترى مائة طيارة للأولاد أصحابها ، وهذا
الابن صورة طبق الأصل منه فى تصرفاته . فى كل كان الشاويش يخبط فيها رأسه
كان يقول عبارة شهيرة يحفظها كل جمهور السينما المصرية : ’ هو بعينه
بغباوته ! ‘ . اكتب رأيك هنا |
| FIRST | PREVIOUS | PART III | NEXT
| LATEST
|