|
|
|
الليبرالية والتطور
...أو كل الأشياء الجيدة التى تناقض
الديموقراطية وحقوق الإنسان !
( الجزء الثانى )
Liberalism and
Evolution
…or All the Good
Things That Contradict Democracy and Human Rights!
(Part II)
| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT | LATEST |
NEW:
[Last Minor or Link Updates: Tuesday, March 27, 2012].
October 7, 2003: Schwarzenegger’s sweeping gubernatorial victory as a great slap to the whole leftwing politics all over the world!
July 12, 2003: A great start for the ‘Brights’ movement. But, could a leftist ever be ‘bright’ for just being secular?
September 23, 2002: Right-wing defeated in German elections. Why?
In Part I
April 21, 2002: Though it was one of our simplest predictions for years and years, it’s still A HISTORY MADE, MADE AND MADE: Something ‘right’ in France for the first time in centuries!
March 1, 2002: The big lesson from the big master: THINK BIG! …Once again you should make a good guess!
January 30, 2002: The Fascists Are Coming! The Fascists Are Coming!
January 28, 2002: A Human Rights conference in Cairo. A joke or what?
January 1, 2001: Egypt puts safety belt on!
November 8, 2000: Thanks to democracy, Islamic butchers win 18 seats in the Egyptian Parliament. Also, what about the equally danger tolerance with other big mob ideologies?
October 26, 2000: General Pinochet —The Last of Great Builders, a new section dedicated to one of the greatest liberal reform endeavors in the Third World [partially in English].
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ) :
23 سپتمبر 2002 :
نتائج فجر
اليوم تشير لفوز اليسار بقيادة جيرهارد شرودر بفترة حكم جديدة فى
ألمانيا . رغم أن أسباب فشل اليمين كثيرة ، فإن الآفاق أمام فوز
اليسار هزيلة . أما عن أسباب فشل اليمين
فهى : - السبب الأول : أن اليمين أخذ بالخطوة
الانتهازية للغاية من شرودر بالمعارضة الصارخة لخطط أميركا لغزو العراق .
راح شتويبر المتقدم بفارق ضخم فى استبيانات الرأى ، يقدم رجلا ويؤخر أخرى
ما بين انتقاد هذه السياسة وبين مجاراتها . والصحيح كان إعلان تأييده
المطلق لأميركا وتحويل نوقف شرودر لفضيحة تاريخية ، بدلا من تركه يختطف
الانتخابات على هذا النحو المسف . - السبب الثانى : أرييل شارون : خطوة
حمقاء ما بعدها حمق انتقاد يورجين مولليمان نائب زعيم حزب الديموقراطيين الأحرار
العلنى - السبب الثالث : الصرامة القوة التشدد هى
مفاتيح اللعبة : لماذا لم يضرب شتويبر من البداية على قضية الهجرة
والمسلمين . عندما يقول فجأة قبل الانتخابات بثلاثة
أيام إنه سيطرد 4000 مسلم بمجرد توليه السلطة ، بدا انتهازيا ويحاول
اللعب بنفس طريقة اليسار ، ويحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد المباغتة
الديماجوجية لشرودر حول العراق . - السبب الرابع : نحن فى عصر الانتخابات التليڤزيونية ،
ولن ينجح قط شخص عمره 60 عاما ، ولا تقل لى أن كلينتون كان أكفأ من بوب
دول ، أو سياسات بلير أفضل من سياسات ميچورز . كل ما هناك أن الأخيرين
يبدون كهولا كئيبين وثقيلى الظل . اليمين طالما قرر الاستمرار فى لعبة
الانتخابات السقيمة ، هو فى حاجة لأمثال چورچ دبليو . بوش ونيتانياهو وكوئيزومى وأوريبى
والراحل فورتواين ، كلهم دون الخمسين
على الأكثر يفيضون حيوية وحماسا وإخلاصا ( وليس خفة ظل كما يحاول جويدو ڤيسترڤيله
زعيم الديموقراطيين الأحرار الشاب ) . لاحظ أن حتى الصفة الغالبة فى
أمثال شارون وبيرولسكونى هى الدينامية الزائدة التى
يبزون بها أى شاب ! - السبب الخامس ( والأهم ) : زوجة
شرودر أكثر جمالا وشبابا من زوجة شتويبر .
أما عن هزال الانتصار
اليسارى : 1- شرودر نفسه سيتحول عن سياسة فى معاداة
أميركا ، بل وسيرسل بالقوات للعراق ، والكل يعلم أنها كانت مناورة
انتخابية لا أكثر . 2- العالم سوف يشكره على أن أصبحت أميركا باتت ترتب
نفسها أكثر وأكثر على التحرك المنفرد . نأمل أن يحظى شرودر منها بما يستحق
من عقاب مناسب . 3- شرودر نفسه سيتحول جديا نحو اليمين ، تماما
كما فعل شيراك بعد زلزال لو پان ،
وتماما كحزب الكدح البريطانى بقيادة تونى بلير . إرهاصات السياسة
الاقتصادية نفسها تؤكد هذا بقوة . 4- العقاب حل بالفعل على وزيرة العدل هيرتا داوبلر‑جميلين
التى شبهت سياسات بوش بسيايات هتلر عشية
الانتخابات ، والمؤكد أن ستفقد حقيبتها الوزارية . 5- الأغلبية تافهة للغاية ، ومعظم مشاريع
القوانين سوف يجهض ، وكل التوقعات تشير لانتخابات مبكرة جديدة خلال عام على
الأكثر . باختصار : ألمانيا ليست فرنسا . اليسار ليس شيئا من
چييناتها . البلد الذى أنجب رجالا أشداء من طراز أوتو ڤون بسمارك [ تحديث : 23 مايو 2005 : هأ !
وصدقت النبوءة ! تراجع هائل لجماهيرية شرويدر من اللحظة الأولى لانتخابه
تقريبا ، وسرعان ما انكشفت الخديعة للشعب ، وأصبحت أحوال الاقتصاد
والبطالة مذرية ، وها هو اليوم
يخسر حتى أعرق معاقل الاشتراكيين إطلاقا ، ويقرر اليوم الدعوة لانتخابات
مبكرة ( كما توقعنا ! ) ، ويقرر هو شخصيا الاعتزال .
السؤال إلى متى سنظل فى هذه الدائرة الجهنمية ، تحريض وكذب يؤخر يضيع على
الشعوب وعلى الكوكب سنوات من عمره ، ثم حين تنفضح الأمور ، يطلون عليك
وبراءة الأطفال فى عينيهم قائلين : Sorry ، لقد كنا
مخطئين ، ويحصلون على معاش التقاعد ويقضون بقية حياتهم فى رفاهية أموال الضرائب ،
لا يسجنهم أحد ولا يعدمهم أحد . الديموقراطية باتت أضحوكة ،
يا سادة ، وحان الوقت لأن يقول أحد لهذا النظام البغيض الفاشل
كفى ! ] .
[ تحديث :
30 مايو 2005 : اختار تحالف المعارضة اليوم أنچيلا ميركل مرشحة
لليمين لمنصب المستشارية فى الانتخابات التى يتوقع لها أن تتم فى سپتمبر
القادم . الوصف الدارج هو مسز ثاتشر الجديدة . نأمل هذا ، وفقط
نقول إن مسز ثاتشر قيادة ورؤية وعزم ، واستعداد لتحدى الجميع دون أية
تراضيات أو حلول وسط . هذه النوعية هى بالضبط ما يحتاجه اليمين فى كل
العالم . كما تعلم آملنا الكثير مع مايكل
هاوارد فى بريطانيا ، لكن الانتقالة
المذهلة من تونى بلير بحزب الكدح يمينا أربكت ولا تزال تربك حزب
المحافظين ، بحيث يظهرون أحيانا كثيرة وأنهم على يساره . صياغة رؤية متكاملة وحقيقية تقود بريطانيا نحو يمين حقيقى شىء لم
يتبلور بعد . لحسن الحظ ليس هذا الوضع فى ألمانيا ، شرويدر يسارى
مفضوح وأثر سياساته الكارثى على الأرض واضح للجميع . أشياء كثيرة مثيرة للفضول فى شخصية
ميركل ، منها أنها قادمة من النصف الشرقى ، وكما تعلم كثير من عظماء
اليمين لم يولدوا أرستقراطيين ، ومنها أنها عالمة كيمياء كمومية قبل أن
تتجه للسياسة ، أيضا هى مفوهة جدا فيما يخص ضرورة التحالف مع أميركا .
( للمزيد عن شخصيتها اقرأ الپروفايل الذى رسمته لها
[ تحديث :
11 أكتوبر 2005 : فعلا نجحت ميركيل ، لكنه
النصر بطعم العلقم . اليوم
نجحت فى دخول موسوعة جينيس كأول زعيمة امرأة لألمانيا ، لكن لا شىء
أكثر . الفوز بالانتخابات قبل
ثلاثة اسابيع كان باهتا وغير حاسم بالمرة . والآن دخلت فى تحالف مع
شرويدر نفسه ، تاركة له كل الوزارات التى سيستمر فيها فى سياسات الطابونة
الخيرية الاجتماعية المعتادة ، ولم يترك لها سوى 1- وزارة الاقتصاد كى
تحاول تحسينه –إن استطاعت طبعا فى ظل هذا الوضع المضحك‑ ذلك كى يجبى هو من
الضرائب ما انسحب من بين يديه فى السنوات الأخيرة المنهارة بفضل سياساته
الاشتراكية ، 2- ترك لها بضعة السطور تلك فى موسوعة جينيس ! ستصبح أنچيلا ميركيل حاكما بلا
سلطة ، بل وستزين لفساد شرويدر وفساد حزبه . هل تعرف لماذا كل
ذلك ، بدءا من ذاك النصر المخجل حتى هذه الصفقة المخجلة ؟ لأنها ليست
قائدة حقيقية ، ولا حتى يمينية حقيقية . خضعت للابتزاز من الوهلة
الأولى ، وأعلنت أنها لن ترسل قوات للعراق ، عبرت بخجل أو لم تعبر
بالمرة عن فداحة الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة ، عبرت بخجل أو لم تعبر
أصلا عن موقفها من انضمام تركيا لأوروپا ، وهكذا . جعلها شرويدر ترقص
طوال الوقت على أنغامه ، وجعلها فى موقف الدفاع . إنها حتى كانت
تستخدم أغنية الرولينج ستونز ’ آنچى ‘ فرحة بأن ثمة أغنية شهيرة على
اسمها ، دون أن تلحظ أن الستونز أيقونة يسارية ورمز ربما الأكبر من نوعه
للثقافة المضادة . باختصار أرادت استرضاء الجميع فحصلت من الأصوات على أقل
مما توقع الجميع . سيدتى ، مع كل
الاحترام ، ها هى مأساة شتويبر تتكرر مرة أخرى ، وشرويدر الذى كان
الجميع قد اعتقد أنه انتهى للأبد ، يلعب بالبيضة والحجر من جديد بكم ،
ولا تستطيعون معه شيئا . هل تعرفين لماذا : لأنكم فى حقيقتكم لستم
قادة ، ولأنكم تريدون استرضاء الجميع . سيدتى : مارجاريت ثاتشر لم
تكن لتسترضى أحدا ، وقطعا ما كانت لترقص أبدا على أنغام ميك چاجر ،
حتى لو كان حائزا على وسام من الملكة ! ] .
5 نوڤمبر 2002 : ليس مجرد يوم
تاريخى . وليس حتى مجرد يوم تاريخى غير عادى . إنه عدة أيام تاريخية
فى يوم واحد . كلها فى صفحة سپتمپر ، وفى واحدة منها التى تخص
الانتخابات الأميركية ، نقول : أميركا تملك من القدرة والثقة ما يجعلها لا تضطر للجوء سياسيا
للعبة الدين . نبوءة ليست للمجرى الطويل
وحده ، بل نأمل أن نراها مترجمة على المجرى القصير ، تمزج ما بين
الليبرالية الاقتصادية الدارونية ، والليبرالية الاجتماعية ذات الأخلاق العلمانية ، فى عالم بعد‑إنسانى جديد مقدام . أو كما نقول دائما
أبدا : الليبرالية لا تتجزأ !
… فإلى هناك ! 5 ديسمبر 2002 : الأرض تشتعل من جديد تحت أقدام الرفيق شاڤيز . لا أحد يسأل نفسه ، لماذا يكون فى طليعة الثورة ضده العمال
ونقاباتهم أنفسهم . الشيوعية تعنى الفساد للقلة والفقر للجميع . لهذا
لا يطيقه أحد ، ويريد العمال أن يكونوا جزءا من دولة ذات حكومة صريحة
العمالة للإمپريالية والاستعمار الأميركى ، فهذا هو الطريق الوحيد للرخاء ،
كما علمنا القرن العشرين . على أية حال الموضوع بعد فى بدايته .
اليوم
هو رابع أيام اضراب ناجح وشامل لصناعة الپترول . لكن ثم فوارق عما حدث فى أپريل الماضى ، عندما أطيح
بشاڤيز بدعم أميركى من وراء الستار ، لكن ظلت السلطة ملقاة على
الأرض ، لم تجد يمينيا كفؤا يلتقطها ، إلى أن عاد شاڤيز
واغتصبها من جديد . أهم الفوارق أن ثم مظلة مشتركة لكل قوى المعارضة تسمى
التنسيقية الديموقراطية Democratic Coordinator . أيضا هناك شخصيتان
قياديتان بارزتان ، زعيم الشغيلة كارلوس أورتيجا ، وزعيم الرأسماليين
كارلوس فيرنانديز . المشكلة ليست فى الصراع بينهما . بالعكس ،
المشكلة أن أيهما لا يسعى للسلطة بالقدر الكافى . المرجح فقط أن أحدا لن
يتركب على الأقل حماقة المرة السابقة ، ولا يقوم بإعدام شاڤيز
وعصابته من اللحظة الأولى ! المطلوب الآن قيادة كبيرة واحدة مقدامة
ملهمة . نعم ، لا تزال مشكلة اليمين فى أماكن كثيرة من العالم ،
هو افتقاد القيادات الكاريزمية ، كما رأينا مثلا بانهيار حزب فورتواين بعد مصرعه ، أو كيف اختطف شرويدر السلطة من يمين يفوقه بمراحل فى استطلاعات الرأى
بلعبة ديماجوچية رخيصة . مع ذلك النماذج الناجحة لليمين الجديد لا نهاية لها ، ولا
تقتصر على أميركا وإسرائيل والياپان وكولومبيا
أو حتى فرنسا . لكن التفسير الذى
يريحنا ، أن 11 سپتمبر فاجأ اليمين وهو عار . الشعوب حين ضجت من
الغثاء اليسارى فجأة ، وتضرعت طالبة حكم اليمين بحزمه وصرامته ونزاهته وبعد
أفقه ، كى يحررها من الفساد والغزو الإسلامى والتدهور الاقتصادى ، لم
تجد يمنيين مؤهلين هناك . لقد استسلموا أو يأسوا أمام طول هيمنة طاغوت
اليسار على مقدرات الشعوب ، ولعل أقبح مثال على هذا حزب المحافظين
البريطانى . ربما يحتاج الأمر لبعض الوقت ، لا أكثر .
لكن ثقوا أنها قضية محسومة ، قالتاريخ لن يرجع للوراء لأيام الثورة البلشڤية
والثورة الفرنسية أبدا . نعم ، التاريخ لن يعود للوراء لا لهما ولا
قبلهما ، فقط سيواصل مسيرته التى توقفت أكثر من قرنين بسببهما . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 10 ديسيمبر 2002 : اليوم
أعلن ثمانية من قضاة المحكمة العليا تعليق شغلهم . هذه طعنة كبيرة لشاڤيز
الذى حرص دوما على الهيمنة على هذه المحكمة . بالنسبة للإضراب لا يزال
متواصلا ، ويزيد نجاحا واليوم بالذات تخلى شاڤيز عن عنجهيته ،
وقبل المطلب الأولى للإضراب وهو إجراء استفتاء . مشكلته الوحيدة فى هذا أن
الوقت تأخر ، والمضروبون لم يعودوا يطالبون باستفتاء ، إنما يطالبون
بالاستقالة ! معلومات أخيرة : التكالب على
سحب الأموال من البنوك على أشده منذ
أمس . التكالب على تخزين الاحتياجات المنزلية على أشده أيضا .
أميركا بدأت ترحيل الرعايا اليوم ! ] . [ تحديث : 8 يونيو 2003 : هأ !
الرفيق شاڤير فيما نقلته الرويترز
عن مقابلة تليڤزيونية له ، أنه قال إنه قبيح الطلعة وفظ ومن أصول
هندية ، لكنه ليس شيوعيا ! موسم انتخابات صحيح ، لكن العب غيرها
يا صاحبى . لو أنت موش شيوعى قول لى مين هينتخبك بقى . إللى انتخبوك
انتخبوك علشان كده ، موش علشان جمالك إللى أنت أدرى واحد بيه . بعدين
بلاش الكلام الكتير فى حكاية الجمال دى ، لأنه بيفكر الناس على طول بمين هى
أشهر معارضة لك ! ] .
[ تحديث :
20 أغسطس 2003 : هأ ! الرفيق شاڤير لا
يزال كما الضبع متشبثا حتى الموت بفريسته المسماة السلطة . لن نتكلم فى
السياسة ، حاشا وكلا ، بل سنتحدث فى الخصائص الإنسانية . هذا درس
جديد فى تبلد الشعور لدى اليسار ، والذى يكاد يصل لدرجة التخلف
العقلى . 3.2 مليون توقيع تطالب بإعادة الانتخابات ، ومظاهرة اليوم
بمئات الآلاف ، لكن ودن من طين وودن من عجين . من أية طينة ومن أية
عجينة صنعتم أيها اليساريين ؟ من يملك إجابة يرسلها لى ، لأنى أحتاجها
فعلا ! ] . 9 يناير 2003 : الحقارة مكون أصيل فى اليسار ، ربما السبب هو الانتماء
الطبقى . إسرائيل ليست استثناء من هذا . لم تمض أسابيع على سرقة
اليسار الألمانى للانتخابات بحيلة رخيصة هى بث العداء لأميركا فى حربها ضد
العراق ، وفقط ليدهش العالم مساء
أمس من أن تصبح ألمانيا هى أول دولة فى العالم تقول إنها لن تطالب بقرار
جديد من مجلس الأمن للتفويض بشن حرب على العراق ( الكويت نفسها لم تقل هذا
صراحة بعد ! ) . نفس الانتهازية تتفاعل الآن على الساحة
الإسرائيلية ، وبنضالية يسارية شرسة تستحق الإعجاب . البداية جاءت مع
الأيام الأخيرة للعام المنصرم ، هذا بينما تشير جميع استطلاعات الرأى إلى
تفوق حاسم لليكود . دس اليسار بأنفه فى قضية حزبية
داخلية ليكودية محض ، ذلك من خلال دوائر القضاء العميلة له ، وأثار ما
أسماه فضيحة شراء الأصوات فى انتخابات هذا الحزب الأخيرة . رد شارون قبل عشرة
أيام بفصل مساعدته ناعومى بلومنتال حين رفضت التعاون مع الشرطة . يبدو
أنه أسقط فى يد اليسار ، فلجأوا لأحد المكاتب الداخلية لحزب العمل ،
والمسماة بالمحكمة العليا الإسرائيلية ، لتحكم اليوم
بأحقية اثنين من المرشحين العرب المناصرين للإرهاب ، هما عزمى بشارة وأحمد
الطيبى بالترشح للانتخابات ، هذا بدلا من أن تصدر عليهما حكما بالإعدام
للخيانة العظمى ، كما يحدث فى سائر دول العالم . بالأمس
بدأت اللعبة الكبرى : اتهام شارون نفسه بالفساد ، وأنه تلقى قرضا لدعم
حملته الانتخابية السابقة سنة 2001 من رجل بيزنس جنوب أفريقى . هذه الورقة
التى كتمها اليسار فى صدره عاما ونصف كاملة ، فى صبر يحسد عليه ،
دفعها الآن لدوائر القضاء العميلة آملا أن بهذه الطريقة سيصبح الرفيق عمرام
متسناع رئيسا للوزراء ، ولتذهب إسرائيل وكل المنطقة إن لم يكن كل
العالم ، لحجيم العصور الوسطى مجددا تحت حكم حماس والجهاد وعرفات ،
الذين أنتم عملاء لهم لا أكثر ( ربما الوحيد فى تاريخ اليسار الإسرائيلى فى
العقد الأخير الذى كان له قدر ما من عزة النفس الشخصية هو ايزاك رابين ، ما
عدا ذلك الكل عبيد وخدم منسحقون للتخلف والمتخلفين ! ) . حين ذهب
شارون للدفاع عن نفسه تليڤزيونيا على الهواء مساء
اليوم ، عاد عملاء اليسار فى القضاء ليستصدروا أمرا بقطع البث ،
ونفذ هذا فعلا خلال عشر دقائق فقط من بدايته ، هذا فى سابقة لم تحدث فى كل
التاريخ الإسرائيلى ، وربما تاريخ العالم . ومرة أخرى يدهشنا اليسار
بنضاليته وسرعة الحركة الحربائية عنده . إيماننا بالديموقراطية معدوم ، وأحد أسبابه
أنها قائمة على مثل هذه الأساليب اليسارية الرخيصة للعب بالرأى العمومى
وبانفعالات رجل الشارع . لكن هذه المرة نستبعد كلية أن تنجح اللعبة .
نعم ، ليس هذه المرة يا رفاق . لقد أخطأتم التوقيت وكشفتم
أنفسكم . من هنا نكاد نجزم بأن جماهيرية شارون سوف تشهق من جديد ،
واليسار سيهوى لقاع غير مسبوق ، فالحضارة كانت وستظل أغلى من كل
الألاعيب . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 13 يناير 2003 : شارون
يؤكد لسافاير
أنه سوف ينجح لا محالة ، واستطلاعات الرأى [ تحديث : 29 يناير 2003 : بل
جاءت النتيجة باهرة أكثر مما توقع أى أحد . أعظم انتصار لليكود ،
وأسوأ اندحار لليسار . النتائج
المبدئية تقول 37 مقعدا لليكود ، وحكومة يمينية مستقرة تماما فى
الكنيسيت ، مقابل 19 مقعدا لحزب الكدح ] . 14 فبراير
2003 : اليوم أعلن البيت الأبيض خطته الجديدة لأمن الإنترنيت ، تحت
عنوان ’ الخطة القومية لأمن الفضاء السيپرى ‘ . الخطة تعتمد على الحماية
الاختيارية التى تتولاها الشركات ، زائد إيكال مسئولية توعية المستخدم
لها ، مع التخلى عن التفكير السابق فى التدخل التشريعى . هذا فى
الواقع تطبيق حى لسياسة
الرئيس بوش الخاصة بالتقنية ، التى قد يفاجأ الكثيرون بأنها لا تحوى
كلمة واحدة عن الأخلاقيات أو القيود ، تلك التى صدرها بعبارة بليغة وحاسمة
معا تذكرنا بمقولات آباء الليبرالية العظام تقول : The
role of government is not to create wealth; the role of our government is to
create an environment in which the entrepreneur can flourish, in which minds
can expand, in which technologies can reach new frontiers. . تابع القصة فى
صفحة بعد‑الإنسان ،
وفيها نخلص إلى أن هكذا تكون الليبرالية الحقة . كما نردد من جديد نبوءتنا المتكررة ،
قاصدين تلك الأبعاد الثلاثة تحديدا ، الاقتصاد الحر والتقنية
والعلمانية : أميركا هى أكثر من يملك الثروة والثقة لقيادتنا نحو عالم ما
بعد‑الإنسان . والآن إلى هناك !
23 يناير 2003 : فضيحة چورچ
جاللواى ، بل كل يسار العالم ، باتت بجلاجل منذ الأمس
وتفاقمت على نحو مرعب اليوم
[ بل وحتى أصبحت أميركية ! ] . القصة بدأت قبل
أربع سنوات عندما ملأ جاللواى خطوط القمة فى الصحف ، بالأسلوب
الپروپاجاندى اليسارى الصاخب إياه ، بقصة فتاة عراقية تدعى مريم حمزة مصابة
باللوكيميا ، أخذها معه لعلاجها فى جلاسجو ، متهما الغرب ليس فقط
بعرقلة علاجها بسبب العقوبات الاقتصادية ، بل اتهمه بأنه السبب المباشر فى
اصابتها ، بسبب القذائف المطلية باليورانيوم المنضب
سنة 1991 . الشىء المخجل ليس حصول جاللواى على نصف مليون دولار
مرتب سنوى من الاستخبارات العراقية ، بل أن صدام أمر بوقف الدفع له فى سنة
2000 حسب صورة الوثيقة المجاورة . اليساريين بيبيعوا نفسهم رخيص ،
ورخيص قوى ، ولو كان جاللواى سألنى كنت هأقوله حكايات ناس كتير
’ أصحابنا ‘ مثقفين ومخرجين ومسرحيين وكتاب وحتى نجوم سينما ، كلهم قبضوا من صدام
والأسد والقذافى والمنظمة العرفاتية ، ونهايتهم كانت رمية الكلاب زى ما
بيقولوا عندنا ، وإن كان رأيى غير كده وإن دول هم إللى بيضحكوا على
دوكهم ، أو كله بيضحك على كله ، وكله على كله بيضحك على الشعب
الغلبان !
السؤال : ألم يحن الوقت لمستر بلير ،
لتطهير حزبه من الجناح اليسارى الديماجوجى الفاسد بل الخائن ، ليصبح حزبا
للوسط إن لم يكن لليمين يوما ، إن لم نجرؤ أيضا للمطالبة يوما برفع التسمية
الشيوعية ’ حزب الكدح ‘ عنه ؟ اكتب رأيك هنا [ تحديث : 27 أپريل 2003 : يبدو
أن وقوع التليجراف على أرشيف وزارة الخارجية العراقية شىء أعمق بكثير من مجرد
تحويل انتهازى شيوعى مثل جاللواى للمحاكمة كما
بات واضحا . التليجراف قالت اليوم
إنها أتت بالدليل على التعاون بين صدام وبن لادن ، وثمة وثائق عن تجهيزات
لزيارة للأخير للعراق فى عام 1998 . بن لادن ليس بالرأس التى
تستأهل . التليجراف وحتى قبل فضح جاللواى بأسبوع ،
كانت قد كشفت دور الاستخبارات الروسية فى التجسس على بن بلير شخصيا لحساب الرفيق
صدام . والآن
ها هى تكشف المزيد من خلال تجسسها على السفارات الأميركية فى أميركا
الجنوبية ، والتى علمت منها أن أميركا ستظل تصعد من الحرب النفسية لمدة
شهرين ، ذلك حتى يقع خلاف بين المفتشين والعراق ( ونعم النصيحة ،
تذكرنا بعبقرية نصائح الاستخبارات الروسية لعبد الناصر ! ) .
أيضا تقول الوثائق إنها أطلعته أيضا على أسرار بن لندن وتكويله لبيادقه فى
الشيشان ( ودى أنا موش فاهمها ، كانوا عاوزين من صدام يعمل إيه
بالظبط . يدعو الشيشانيين لفنادق الخمس نجوم عنده وبكده ترتاح روسيا من وجع
الدماغ ، ولا كانوا فاكرينه بيكره بن لادن بجد . حقيقى موش
فاهم . كنز الأرشيف طال أيضا
الاستخبارات الألمانية ، وإزاى راحت تتقرب وتعرض العون على صدام طيلة العام
الماضى . لما اتكلمنا عن الانتخابات الألمانية
وقعدنا نقول حقارة اليسار ، لم نكن نتصور أن الهر شرويدر حقير لهذه
الدرجة . كل الجلبة دى ‑صدق أو لا
تصدق‑ وراها شخص واحد فقط هو الصحفى ديڤيد هاريسون ، وهنا
بيحكى إزاى جاب كل ده . بصراحة ، بصراحة ، وما
تزعلش منى : ووترجيت بتاع الصحفيين الشيوعيين إياهم ، كانت لعب
عيال ! ] . [ تحديث : 28 أپريل 2003 : الفضيحة
إللى بجد بجد لسه ما جتش . تفتكر تخص مين ؟ رأس الأفعى فرنسا ،
ورأس رأس الأفعى چاك شيراك شخصيا . كنا فاكرين فرنسا تستميت لحماية صدام فى
مجلس الأمن ، وإن التمن المفروض معروف ، ولو أنت فاكر من
شهر كانت التليجراف نفسها كشفت عن صفقات فرنسا وألمانيا التجارية السرية
ببليون و700 مليون دولار مع صدام ، ودى حكاية ما لهاش دعوة بالأرشيفات
السرية . بس الموضوع يا ريت كده .
النهاردة تكشف قطاع تانى من أرشيف وزارة الخارجية العراقية ، وراه صحفى
تانى هو أليكس سپيليوس . الدپلوماسيين الفرنسيين ( وموش الاستخبارات
لاحظ ! ) ، كانوا على اتصال وثيق بالاستخبارات العراقية .
أمة الديموقراطية وحقوق الإنسان كانت تعرقل بكل ما أوتى لها من قوة تواجد أو
نشاط أى حد مناهض لصدام على الأراضى الفرنسية ، ومصدر مجهول ما اسمه
’ جنوب فرنسا ‘ قبض مكافأة من استخبارات صدام حوالى 400 ألف
دولار . هنا قصة
سپيليوس ووثائقه ، وهنا تحليل
باسم الجريدة يورط چاك شيراك شخصيا فى الفضيحة ، ويحاول إعادة قراءة
تاريخ تصرفات شيراك فى ضوء رسالة الشكر الحارة من صدام مكافأة له على جهوده
العظيمة . … لأ ،
ولسه ! ] . 5 يوليو
2003 : سمعت اليوم رأيا ‑أو جزءا من رأى‑ فى الديموقراطية
مثيرا للاهتمام من الدكتور سعد الدين
إبراهيم . جاء ذلك فى برنامج البى بى سى الحوارى
’ حديث الساعة ‘ ، من تقديم حسن أبو العلا ، هذا الذى كما
تعلم ، لا يسمح لأحد أيا من كان أن يكمل فكرته ، بسبب مشكلة بسيطة جدا
عنده ، أنه لا يستمع أصلا لما يقولونه [ للأمانة العلمية حدث لاحقا
استثناء واحد ، هو يوسف القرضاوى ، والسبب مفهوم أن هذا الأخير هو رئيسه المباشر ، رئيس
التنظيم العالمى للأخوان المسلمين الذى تتبعه البى بى سى العربية ‑ارجع
لمتابعتنا لسجل البى بى سى الأسود هنا ! ] . بدأ الأمر بطرح منطقى جميل من الدكتورة هالة مصطفى
أن لا ديموقراطية تأتى من الهواء ، ولا بد أولا من نخبة تقود الناس
وتنيرهم ، قبل أن تطلب منهم المشاركة برأيهم ( هى تقف وراءنا بخطوة واحدة فقط ، هى أن تلك النخبة غير
موجودة ولن توجد أبدا فى مجتمعاتنا . والأسباب
چيينية جدا للأسف ) . الديموقراطيون الرومانسيون ( فى قول آخر السذج ممن يشتغلون لحساب
ثيوقراطية الأخوان المسلمين دون أن يدروا ) ، من أمثال الدكتور
إبراهيم دخلوا ’ شمال ‘ كما يقال ضد هذا الرأى . حجته تبدو وجيهة
جدا للوهلة الأولى : أنا أحب مناقشة مثل هذا الكلام ، ذلك أننا
بنينا صفحة الليبرالية من بدايتها جدا
على فكرة الفجوة المعرفية بين عموم الشعب وبين مستوى العلوم والتقنيات فى
المجتمع المعطى . لكن من بين ما قلنا أنه فى تلك العصور أو حتى فى أميركا
المبكرة ، كانت المعرفة الوحيدة الرئيسة هى الزراعة . كل الشعب
يعرفها ، ومن ثم فإن فجوة المعرفة التقنية بين ملك إنجلترا وبين أصغر
فلاح ، لا تكاد تذكر ، أو على الأقل ليست حاسمة جدا فى صنع القرار
السياسى ، ولم يحدث قط أن استفتتهم أية مشاركة ديموقراطية فى شأن يفوق
معارفهم التقنية تلك . اليوم مجتمعاتنا العربية تحتشد بحاملى الدرجات
الجامعية لكنهم لا يفقهون شيئا فيما يجرى حقا فى المستوى العلمى والتقنى
للعالم ، والهوة هائلة بينهم وبين بقية هذا العالم ، الذى يجب أن
يضارعوه قبل أن يطالبوا بحكم أى أحد بما فيه أنفسهم . للحكم مقومات
معرفية ، هذه ضرورة فرضتها التقنية المتسارعة ، التى لم تعرفها أيام
الماجنا كارتا . وهؤلاء ’ المتعلمون ‘ بالذات هم من اختاروا جمال
عبد الناصر بنسبة 99.9 0/0 ، ولو النسبة مزورة فلنقل
إن النسبة الصحيحة هى 99 0/0 ، ولا يمكن للدكتور
إبراهيم أن ينفى أن هذه ديموقراطية حقيقية تبعا لأى تعريف . ليس معنى هذا بالطبع أننا ندعو لحكم
الفلاحين . بل العكس إطلاقا ، فهامش المعرفة مهما كان ضئيلا
جدا ، لا ينبغى أن يلغى مبدأ ديكتاتورية المعرفة الأرسطى الخالد ،
لحساب ديكتاتورية الجهل المسماة الديموقراطية . ذوى العلم هم من يجب أن
يحكموا فى كل العصور ، والملوك يجب أيضا أن يحكموا باعتبارهم رموزا لحكم
المعرفة الذى لا يخضع لأهواء صندوق الاقتراح الخشبى الوضيع . هذا كلام يسرى
على يونان أرسطو كما يسرى على إنجلترا الملك چون وعلى أميركا چورچ دبليو
بوش . أيضا لايجب أن ينسى الدكتور إبراهيم أن الملك چون هذا ليس منظرا
فيلسوفا كماركوس أوريليوس مثلا ، إنما أجبر جبرا على توقيع الماجنا كارتا
بعد ثورة البارونات . لعل هذا كان انتصارا مؤقتا لديكتاتورية المعرفة ممثلة
فى النبلاء ورعاياهم النابهين ، بل كان من الممكن أن تتوسع أيضا لتجعل حكم
الملوك يستوعب معارف الطبقة التى حرفتها العلوم والصناعة المسماة الطبقى
الوسطى ، لكنه يظل كارثة على المجرى الطويل ، لا تقل عن كارثة
أوريليوس على المجرى الأقل بعدا . المشكلة أن لم يحدث أبدا أن وضع أحد قط
خطا أحمر يوقف الدهماء والجهلة من أن يطالبوا هم أيضا بحقهم فى صنع
القرار ! السؤال دائما أبدا يا سادة ليس
الديموقراطية ، السؤال هو التحريض . قبل أن
تسألوا عن الديموقراطية اسألوا عنه . فى المجتمعات الغربية ينجح التحريض
جزئيا ، لكن غالبا ما يمكن تداركه ببعض الخسائر أو الفواقد ( لا
نبررها ولا نقرها وندعوهم لهجر تلك ديكتاتورية الجهل الخرقاء ) . أما
عندنا فلا ينجح سوى هذا التحريض ، ينطلق كما النار فى الهشيم ، ولا
يأتينا إلا بديكتاتوريات باسم الوطنية تارة والقومية تارة أخرى والإسلام تارة
ثالثة . المثير للشفقة فى نخبة عرب ما بعد الغزو الأميركى للعراق ، أن
الكل يتحدث عن الديموقراطية كغاية ، ناسين أنها لم تكن يوما إلا مجرد وسيلة
للرخاء الاقتصادى للمجتمع ( فقط تأملوا ما تدور حوله أية انتخابات ،
تجدون أنهم يتخانقون على الاقتصاد وليس حول مدى أهمية الانتخابات ) ،
أما الحريات الفردية الحقيقية كالحرية الجنسية وحرية الازدراء العلنى للأديان
وحرية تعاطى التبغ والخمر والعقاقير ، فلا يطالب بها قط هؤلاء
الديموقراطيون ، لا لشىء سوى أنهم لا يقصدون سوى أن يصل كل منهم للسلطة
بواسطة تلك الديموقراطية السياسية ، ثم يقيم مشروعه الديكتاتورى
الخاص . ثم فيم نتناقش أصلا ، ونحن أصحاب أطروحة أننا ، مصر بالذات ، مهد
الديموقراطية الأعظم فى هذا العالم ، وأصحاب نبوءة أننا مرقدها الأخير . كل
شىء عندنا يسير على هوى الشعوب ، لا شىء يسير على هوى العلم ! سيدى العرب مهد الديموقراطية ومرقدها ، ولا أفهم أية جنة يسعى لها الدكتور سعد الدين إبراهيم أكثر من
هذا ؟ [ سيدى ، بعد أيام من
كتابة هذا ، كتب ويلليام سافاير يقول إنه يزدرى كل الاقتراعات إلا تلك التى تدعم وجهة نظره . سافاير هذا أميركى يكتب عن أميركا وعنوانه هو النيو يورك
تايمز وشهرته هى الدفاع عن الحريات . لكن حجته وراء هذه العبارة المتغطرسة
جدا للوهلة الأولى ، هى كم هو قدر وجودة المعلومات الذى وصل لهؤلاء محل
الاقتراع . نستأذنك سيدى أن وضعنا هذا الاقتباس I
scorn all polls except those that support my views فى قمة هذه الصفحة ! ] 12 يوليو 2003 : لو حدث واتسعت موجة هذه
حركة العلمنة هذه كما هو مأمول ، فقد يذكر التاريخ هذا اليوم 12 يوليو 2003
فى صفحاته بحروف كبيرة . ما نقصده حركة أسمت نفسها اللامعين Brights . هم وغيرهم كثيرون موجودون من قبل ، لكن ما حدث اليوم أن عمم
الپروفيسور دانييل سى . دينيت مقالا فى النيو يورك تايمز بعنوان القماشة اللامعة ،
يحمل تنويعة صوتية على مصطلح القماشة الصائبة The Right
Stuff الذى
يقابل فى العربية عندنا كلمة المعدن الأصيل ، ذلك فى وصف الرجال الأقدار
المميزين . الحقيقة أن قبل نحو ثلاثة أسابيع كان پروفيسور ما
يسمى ’ الفهم الجماهيرى للعلم ‘ ريتشارد دوكينز صاحب الإعلان الأول
عن حركة ’ اللامعون ‘ وذلك على صفحات الجارديان
البريطانية ، وطبعا دكتور دوكينز أشهر من نار على علم منذ كتابة ’ الچيين الأنانى ‘
سنة 1976 ، والذى قلب فيه الأرنب ، جعل الجلد
للداخل والأحشاء للخارج ، نقصد قلب الفهم السائد ، وجعلنا مجرد مطايا
بليدة لچييناتنا التى هى الكائن الحى والمفكر الحقيقى . مقال
لدوكينز ، وفى الجارديان العلمانية ، وفى بريطانيا ، كلها تبدو
أمورا مألوفة . لكن مقال الپروفيسور دينيت أستاذ للفلسفة فى جامعة
تافتس ، فى التايمز النيو يوركية ، يبدو أمرا مختلفا كلية . مقال
بجريدة أميركية مرموقة وجيدة التعميم كهذه ، يعد تدشينا ضخما ومثاليا لهذه
الحركة الجديدة ، بعد أن ظلت الآراء العلمانية الأميركية منزوية وغير
صدامية على نحو عام . الرجلان يوصفان اللامع بأنه الشخص الذى لا يؤمن
بالخرافة أو بالرب أو أى من تلك الميتافيزيائيات . المصطلح ورغم الدلالة
الطبقية واضحة التعالى والعدوانية فيه ، يرجع لاثنين من علمانيى
سكرامنيتو ، هما پول
جايسرت ورفيقته ماينجا فوتريلل ، أسسوا مجموعات مشابهة من قبل ،
لكن استفزهم أن يسموا أنفسهم بالتسمية المعتادة godless ، التى وكأنها توحى
بأن الشخص ينقصه شيئا ما ، فراحوا يبحثون عن كلمة أكثر إيجابية . كلمة
لامع bright
تعنى مجازا خارق الذكاء ، ولا مفر من الانطباع بأن كل
المؤمنين هم على العكس ’ منطفئون ‘ أو dull وأيضا معناها المجازى
خارق الغباء . على أية حال جايسرت وفوتريلل لا يقولان هذا إنما يذكرون فى الموقع الرسمى للحركة الذى يديرانه
أنهما يقصدان بالكلمة معنى ’ منعش ‘ refreshing . ودكتور دوكينز
( مخترع مفهوم الميمات memes وخبيرها —لا تنس ! ) ، يتعمق
أكثر ليقول إنها تشبه أن يقول المثلى عن نفسه أنه gay بدلا من القول إنه homosexual ،
مما يخلق انطباعا أفضل وغير معقد من حيث ما يثيره من مدلولات ثقافية أو
فكرية ! ما هذا ؟ هل كل الحركة تدور حول الترويج
لاستخدام لغوى جديد ؟ أليس لدينا كلمات إيجابية تكفى لوصف من لا يؤمنون
بالخرافة ، حتى نخترع لهم كلمة لا صلة مباشرة تذكر لها بالموضوع ،
وتعطى معنيا هجوميا حتى ضد الآخرين ، مثل كلمة اللامعين ؟ أليس وضع
كبار المثقفين والمفكرين فى ذات وضعية المنبوذ التى عانى منها المثليون ستؤدى
للإقلال من شأنهم وليس العكس ؟ الواقع ليس بالضبط . هم يريدون أبعد من
هذا . هذه المرة يراد بالكلمة الجديدة أن تكون تصنيفا فضفاضا ، أو كما
يسمونها ’ مظلة ‘ ، تضم كل من النكرانيين الصرحاء atheists
واللا أدريين agnostics والمفكرين الأحرار freethinkers ومن لا توجه دينى
لهم ، واعتبارهم كلهم وعاء واحدا قاسمهم المشترك هو استنارة العقل .
هم ليسوا بالضرورة نكرانيين إيجابيين ، ولا يريدون تحويل كل مناقشة لجدل فى
تهافت الدين . فقط يطلبون أن يصبحوا محل اعتراف عمومى وقوة ذات وزن
سياسى ، حيث لا يجب ترك الساحة السياسية نهبا للتحريض باسم الدين . إذن الجديد وراء هذه الحركة تمييزا لها عن كل
الحركات العلمانية الأخرى ذات التاريخ والتراث العظيمين ، أن المحرك الرئيس
وراءها سياسى مباشر هذه المرة ، بل وربما لأول مرة . ويقول نحن قوة
لأننا كثرة ، بل وكثرة طليعية ، فمثلا الغالبية القائدة بين العلماء
هم لامعون . حتى كثير من رجال الدين يسميهم بلامعى الصوان closet brights ، بمعنى المستعدين للمجاهرة بعدم إيمانهم بالرب لو أتيحت
لهم الفرصة . ويروى تجربة شخصية حديثة له ، حين أعلن فى ختام محاضرة
له كزائر فى سياتل أنه لامع ، فإذا بكثير من الطلبة يلتفون حوله ويقولون له
لقد عبرت عما بداخلنا و’ حررتنا ‘ ، بمعنى أن المجاهرة
بالنكرانية مسألة بسيطة وسهلة ، أو كما نسميها عندنا ’ مثل شك
الدبوس ‘ . كل هذا بالطبع بصدد إثبات أن القطاع غير المؤمن بالخرافة
أكبر بكثير من تلك الـ 10 0/0 التى تقول بها استطلاعات
الرأى الأميركية .
كلام جميل ، كلام معقول ، ما أقدرش أقول
حاجة عنه ! فقط سؤال واحد : أية سياسة بالضبط ؟ لقد عانينا لقرون من العلمانية الإنسانية قدر
معاناتنا من الدين ، والمدهش ( ليس لنا أنما
للكثيرين ) أن نراهما قد توحدتا فى جبهة واحدة ضد قوى التقدم ( إليك
ما حدث بصدد حرب العراق من تشكيل جبهة رفض عالمية ، أو
ما حدث من جبهة ضد قرار لجنة
الاتصالات الفيدرالية لتوسيع ملكية المؤسسات الإعلامية الكبرى . وربما
القاسم المشترك بين الاثنين هو جنون الجميع من الجماهيرية الكاسحة التى حققتها
قناة فوكس الإخبارية . حتى قضية حقوق المثليين الأخيرة كانت على
نحو ما جزءا من أعادة رسم الخريطة الأيديولوچية هذا من خلال انقسام اليمين ما
بين تحررى يؤيدها ومحافظ أو دينى يعارضها ) . نعم ، اليوم المعضلة
الوحيدة التى تستحق الطرح هى الفصل بين العلمانية واليسار . ربما يندلع مثل
هذا الجدل لاحقا فى صفوف العلمانيين . صحيح ربما يتخلى بعض اليساريين عن
يساريتهم وينضمون لصفوفنا بعلمانيتهم فقط . لكن لا يجب التعويل على أن
اليسارى هو ’ لامع ‘ لمجرد أنه اكتشف عدم وجود إله . هذا شىء
تافه جدا ، والمفروض أن يتوصل له كل ذى عقل بسيط . بل الحقيقة أن
كثيرا من العلمانيين أغبياء ’ منطفئون ‘ لأنهم يؤمنون بخرافات أخرى
مثل الديموقراطية والإنسانية والمساواة …إلخ . هناك قضايا أهم من مجرد
الإيمان أو عدم الإيمان بالخرافة . ويجب على الجميع أن يعلم أن العلمانية
لا تعنى التقدمية بالضرورة ، وأن لا يمكن نزول المعترك السياسى بمثل هذا
الحزب الفضفاض ، دون حسم قضايا أساس مثل قضية اليمين واليسار ، حيث
الخلاف جذرى على ما يسمى الليبرالية الاقتصادية .
مقاله فى الجارديان
المشار إليه يقول فيه إنه يعيد التفكير الآن فى مبدأ التصويتة الواحدة للإنسان
الواحد ! زر موقع اللامعون
على الغشاء … اقرأ مقال دكتور
دوكينز فى الجارديان … أو مقال دكتور دينيت للنيو يورك
تايمز على ذات الموقع . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 19 أكتوبر 2003 :
المدهش أن حتى الآراء المحافظة جاءت أفضل كثير من المتوقع ، وأبدت قدرا
كبيرا من التفهم للحقائق الجديدة . Freethinker, secular humanist, godless, unbelief,
nonreligious, atheistic, skeptic, infidel, dissenter, pagan, doubter,
heathen. ناقشنا نحن أنفسنا مسألة التسميات فى أكثر من موقع
فى صفحات كالحضارة والعلمانية ،
ورفضنا من حيث المبدأ كل تسمية كان المتدينون هم السباقين لوضعها ، كالكفر
أو الإلحاد …إلخ ، كذلك رفضنا التسميات السالبة ، بمعنى نفيا لشىء
ما ، مثل atheism وهلم
جرا ، فأكثر ما قد يؤذى المرء أن يسمى
بالنفى سواء لشىء يحترمه أو لشىء يذريه ، أو كأن الدين هو الأصل ونحن رد
الفعل ، بينما التاريخ الطبيعى والأنثروپولوچيا يقولان عكس ذلك ! المهم أن الستراتيچية العامة
للكاتب كالين ميرفى ، هى تضبيب الفواصل بين العلمانية والتدين ، أو
بالاحرى اكتشاف قواسم مشتركة بينهما ، وهو موقف دفاعى لا يخلو من
دلالة . فى المقابل يعدد الكلمات المستخدمة ضد المتدينين ، فيجدها
جميعا هجومية وأشد قسوة : Zealot, dogmatist, Bible banger, Holy Roller, Bible
bigot, Jesus freak, Bible thumper, knee bender, Bible basher, glory roader,
Bible pounder, devil dodger, Holy Joe. بالمثل يرى أن مقابل القديسين
الدينيين هناك قديسين علمانيين مثل أبراهام لينكولن والمهاتما جاندى ومارتن لوثر
كينج وڤاكلاڤ هاڤيل ونيلسون مانديلا وبوب جيلدوف وبونو .
أيضا فى مقابل البحث الجنونى عن متعلقات المسيح ( يقصد الرداء الشهير وما
شابه ) ، أو قطعة من الصليب الأصلى أو حاجيات القديسين كأسنانهم
مثلا ، هناك الـ relics العلمانية أيضا ، ويدلف لكثير من الأمثلة
تبدأ بأزياء ماريلين مونرو ، يجمعها أنها كلها باهظة الأثمان للغاية حين
تباع فى المزادات . وأخيرا يرصد تشابه الأخلاقيات نفسها بين الطرفين ،
فكلاهما ذو رسالة ، وكلاهما يسعى للخير ومساعدة الآخرين …إلخ . ما يلفت النظر أنه على عكس المتوقع
أيضا هو يرى أن التحوير اللغوى المطلوب للحركة ممكن التحقيق . فعلى مدى
العقود الأخيرة القليلة ، ولعله يقصد بها ما بعد تغير التسميات الخاصة
بالسود وهى قصة طويلة قائمة بذاتها لا يشير لها رغم أنها الأشهر ، حدث كما
يقول أن : We have seen gay largely replace homosexual, and
Native American replace Indian. Underprivileged has supplanted poor people.
We no longer have housewives—we have homemakers. ربما لا تستطيع الخروج بفكرة محددة
من المقال . لكن ما هيمن ببالى أثناء قراءتى له أنه قد يكون أحد توابع
زلزال حلف اليمين المسيحى مع الصهيونية العالمية ، الذى تم رغم العلمانية
الصريحة لهذه الأخيرة ، ذلك الحلف الذى سبق وتحدثنا عنه .
فهنا يكمن أكبر تضبيب للفواصل بين الدين والعلمانية نشهده منذ ظهور الصهيونية
نفسها ، والتى بمعنى ما يمكن القول إنها ضببت الفواصل بين العلمانية
اليهودية والديانة اليهودية ، من خلال إعلاء معنى علمانى اسمه الشعب
اليهودى ! ] .
9 أغسطس 2003 : فى 18 يونيو الماضى بدأنا
مدخلا صغيرا اعتقدنا أن مكانه الطبيعى صفحة الجنس ، ذلك أن موضوعه هو
ببساطة الزواج المثلى . ما حدث أنه تدريجيا ورغما عنا تحول ذلك
المدخل ، من خلال المتابعات المتوالية ، لجسد يسجل أسبوعا بأسبوع عمق
التحولات التى يشهدها الآن معسكر اليمين الأميركى ، وكيف أنه يتحول بسرعة
مدهشة لصيغة قريبة جدا لما طالما نادت به هذه الصفحة من أنه يعنى الليبرالية
الاقتصادية والاجتماعية معا ، وأن لا يجب السماح لليسار باختطاف
الأخيرة ، وأقصى ما يمكن أن نسمح لهم باختطافه منا هو المتدينين ، وأن
كل ما هنالك أننا بصدد حقبة تحولات تاريخية حقيقية تزمع إصلاح كل ما أفسدته قرون
كاملة منذ الثورة الفرنسية حتى الآن .
صفحة الليبرالية نفسها هذه لم تكن إلا لتنتظر مثل
هذا اليوم لتدون من خلاله مثل تلك الوقائع التاريخية ، أو لتشهد مولد
مصطلحات مثل الـ Libertarian conservatives ، أو الـ Social conservatives ، لكن قل إنها أقدار موقعنا هذا أن تكون
صفحة الجنس هى الصفحة الأكثر حظا ( فى كل شىء ! ) . مع ذلك
الموضوع تجاوز حتى هذا ، أو أيضا قل إنه خرج من أيدينا . لم يعد
الكلام يخص الجنس وحده ، وأن من ثم نترك لصفحة الجنس ما نالته من حظوظ
وفيرة ، ونعود لقواعدنا هنا . [ بعد 24
ساعة من كتابة هذا الكلام ، … أيضا بعد أسبوع كانت وفرة الحديث
عن مصطلحى اليمين واليسار ملفتة ، بحكم ندرة استخدامهما أصلا فى الأدبيات
السياسية الأميركية ، بحيث حفزت چيفرى نانبيرج عالم اللغويات من ستانفورد
لكتابة هذا
البحث الممتع عن تاريخ استخدام كلمة يسار فى السياسة الأميركية
المعاصرة . الخلاصة أن باتت الكلمة مستخدمة كما فى أى مكان فى
العالم ، تهمة على الأرجح ، وأحيانا قليلة يتباهى بها أصحابها . …
الآن أصبح آرنولد شوارزينيجر قضية ساخنة هو
أيضا ، والسبب ليس المدمر 3 المحبط للغاية مقارنة بذروة سلفه العظيم قبل 12
عاما ، إنما أنه قد يصبح حاكما لكاليفورنيا بأچندة يمينية لكن بقيم تحرر
اجتماعى عالية . عندما نجح مواطنو كاليفورنيا فى جمع التوقيعات
الكافية لاستدعاء recall انتخابى جديد ضد الحاكم الديموقراطى جارى ديڤيز ،
برز اسم النجم السينمائى ( صاحب Total Recall أيضا ! )
كالمرشح المحتمل رقم 1 ، الذى سينزل باسم الحزب الجمهورى ، ومعه
مستشار اقتصادى هو وارين بافيت أشهر مستثمر فى العالم وثانى أغنى إنسان فيه
[ تأكد لاحقا
ولم يعد تكهنا ] . التكهنات تقول أنه سيفوز بقوة ، وسينضم لكوكبة
من غير مواليد أميركا وصلوا لشأو كبير فى دنيا السياسة ( فقط دون أن يحلموا
تحديدا بمنصب الرئيس المحظور عليهم حسب الدستور ) ، وطبعا ربما كان
أشهرهم هنرى كيسينچر ( النمساوى أيضا بالمناسبة ! ) .
انتخابات حاكم كاليفورنيا سيرك كبير دخله
المئات ، نعم بدون مبالغة . من مرشحيه غير التقليديين مثلا لارى فلينت
الشهير مؤسس ومعمم مجلة الپورنو الأولى والأشهر هسلر ، والذى صنع عنه فيلما
شهيرا People vs. Larry Flint سنة 1996 بطولة وودى هارليسون . حتى من
نجمات السباق اللاتى تستقطبن قرا غير قليل من الأضواء ممثلة الپورنو ميرى
كارى ، وشعارها All-Natural. Made in the البعض يلمح
لأن حسابات البيت الأبيض ربما ترى الأفضلية فى ترك الديموقراطى الفاشل ينجح مرة
أخرى ، لأن هذا سيخدم انتخابات 2004 ، لكن أولا الرأى السائد أن ذلك
مستحيل من وجهة نظر صندوق الاقتراع ، وأن ثانيا الصراع الحقيقى هو الصراع
داخل الحزب الجمهورى نفسه ، ذات الصراع الذى أفضنا فيه فى هذا المدخل منذ
بدايته : اليمين هو الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية معا ، ولا يجب
السماح لليسار باختطاف الأخيرة ، وأقصى شىء يمكن أن نسمح لهم باختطافه منا
هو المتدينين . شوارزينيجر نموذج آخر لهذا الذى يجب أن يسمى بحق
اليمين الجديد . النيو يورك تايمز أفاضت مساء اليوم
فى تجسيد طبيعة الصراع الداخلى فى الحزب الجمهورى ، بما يؤكد كل ما قلناه
عن عمق التحولات التى يشهدها معسكر اليمين ، وأننا بصدد حقبة تحولات
تاريخية حقيقية تزمع فى رأينا إصلاح كل ما أفسدته قرون كاملة منذ الثورة
الفرنسية حتى الآن ( عد لبداية المدخل ،
أو بالأحرى تابع كل صفحة الليبرالية ) . شوارزينيجر هذا أشهر جمهورى فى كاليفورنيا ،
لكن بعض الجمهوريين يكادون يرونه دخيلا على اليمين . فهو يؤمن بحق
الإجهاض ، وبحقوق المثليين ، وبتقييد حمل السلاح ، ويناهض برامج
الدعم الحكومى للمدارس ذات الانتماءات الدينية ، بل إن لديه بعضا من
التساهل فيما يخص قضية الهجرة ، وكذا كان ساخطا على الموقف الجمهورى من
مسائلة الرئيس كلينتون على أسس أخلاقية . اليمينى الحق لا يمكن إلا أن يقر
كل هذا ، أو فقط أقصى ما يمكن المرء أن يسأل هو من بالضبط يجب تقييد حملهم
للسلاح ، أو من بالضبط يجب السماح لهم بالهجرة . أما الحريات الشخصية
كحق الإجهاض والحريات الجنسية فهى حريات مطلقة لا يجب لأى أحد أن يكون له رأى
فيها عدا الشخص نفسه .
قد لا يكون لشوارزينيجر مجال لأن يكون رونالد ريجان
جديد ، الممثل‑الرئيس الذى بدأ حياته السياسية حاكما
لكاليفورنيا ، والذى طالما حاول بطل المدمر خلق التشابهات بين بعضهما
البعض ، لدرجة أن مول نحت تمثال لريجان فى متحفه يقوم شاهدا على تشابه
الملامح أيضا بينهما . مع ذلك لا نملك إلا أن نرحب بشوارزينيجر دما سياسيا
جديدا يؤمن بالليبرالية بكل اتساعها اقتصاديا كان واجتماعيا ، ولا نملك إلا
القول إننا بصدد صحوة كبيرة للعقل الغربى الذى اختطفه اليسار بشعاراته المضلله
لعقود وقرون . و… أن لا يصح إلا الصحيح أو كما تقال بالإنجليزية لا صواب
إلا الصوابRight Is Right ، ولو لها تفسير آخر فهو متروك لك ! أوه ! نسينا شيئا : چورچ بوش علق علنا
حين سئل عن رأيه فى آرنولد شوارزينجر قائلا : أعتقد أنه سيكون حاكما
جيدا ! اكتب رأيك هنا
[ تحديث :
7 أكتوبر 2003 : وفاز شوارزينيجر !
وللمهتمين على نحو خاص بصناعة
الترفيه ، فليس نجم ثلاثية ’ المدمر ‘ هو الوحيد من دنيا الفن
والثقافة على قائمة أعلى عشر حصيلات أصوات من بين الـ 135 اسما المتنافسة .
فهناك أيضا لارى فلينت معمم مجلة الپورنو هسلر والذى صنع عنه أوليڤر ستون الفيلم
الشهير ، وكذا نجمة أفلام الپورنو ميرى كارى . والمؤشرات حتى هذه اللحظة
تقول إنهما سيتجاوزان الـ 10 آلاف صوت ، وطبعا كلنا يعلم أن الأهم لكليهما
أن توزيع المجلة والأفلام قد شهق بحدة مؤخرا . فهل تصبح هسلر مرشحة لمنافسة
الپلاى بوى ، وكارى التى أثبتت أنها مرحة ومحبوبة حقا مرشحة لمنافسة چينا
چاميسون . لا أحد يعلم بعد ! بالمناسبة كارى ( التى ذهبت للكنيسة
اليوم لأول مرة منذ سنوات طويلة ، حيث تقع لجنتها الانتخابية ) ،
تبدو فائقة الإثارة وأجمل بكثير فى الأفلام عنها فى بعض الصور الفوتوجرافية
أثناء بدايات الحملة بالأخص ، ربما بسبب قلة خبرتها فى مواجهة الكاميرات
الصحفية ، أو لرغبتها فى أن تبدو أكثر ’ عادية ‘ .
( طبعا هذا لا ينفى أن كارى حبوبة فى كل الأحوال . صحيح أنها ليست ذات
شأن كممثلة پورنو ، حتى على عكس نجماته الحقيقيات بشرتها بها عيوب ،
لكن تظل لها خصوصيتها ، وأهمها أن لا تفارق الابتسامة وجهها الصبوح
أبدا ، حتى وهى فى ذروة محنة الفعل الجنسى . على الأقل أيضا كل الصور
المتداولة لها خلال الحملة هى مثيرة جنسيا ، والصور الجميلة منها وفيرة
بالطبع ونعتقد أن اخترنا لك منها بعضها حتى الآن ! ) .
المهم ، الرائع فى فوز
شوارزينيجر الليلة
أنه مكتسح ، ليس فقط ضد الحاكم الديموقراطى السابق جارى كولمان الذى صوتت
الأغلبية بوضوح لخروجه ، إنما لأن آرنى يتقدم المرشحين البدلاء مقتريا نحو
المليون الثالث ، وربما يصل للرابع . أما الأروع فهو ما يخص الحريات
الشخصية ، الزاوية التى أغرتنا بمتابعة هذه الحملة منذ بدايتها هنا .
طبعا غنى عن القول مبدئيا إن وجود أمثال فلينت وكارى وغيرهما أعطى الحملة مذاقا
وأجواء خاصة من الدفاع عن الحريات . لكن الأهم فيما يتعلق بشوارزينيجر
الفائز أن هذا الفوز الساحق جاء بالرغم من قصة
اللوس أنچليس تايمز التى جاءت فى توقيت حرج للغاية قبل الانتخابات ،
خمسة أيام فقط ، عن تحرشه القديم بعدد من النساء . وطبعا غنى عن القول
هذا هو أسلوب اليسار التقليدى الذى يدعى التحرر ويلعب على وتر الأخلاق وتلويث
السمعة وتهييج عواطف الناس والتركيز على أو حتى تلفيق الفضائح الشخصية ، أو
دائما كما يقال ’ طريقة إللى تكسب به العب به ‘ ، وطبعا هذا يمكن
أن يشمل كل شىء سوى شىء واحد ، هو وتر العقل والمنطق والنقاش العلمى
الموضوعى . [ بالنسبة للوس أنچليس تايمز نسينا القول أن عمت المظاهرات
المدينة بلافتات تدعو الناس لإلغاء اشتراكاتهم بها . كذلك لدينا هنا قصة فضيحة جديدة لها ، تختص هذه
المرة بتحالفها المباشر كإحدى منابر اليسار الغربى مع الإرهاب الإسلامى
العالمى ] .
الأخاذ بعد
هذا ، أن شوارزينيجر بدا الآن فى نظر الجميع الأكثر تحررا أخلاقيا ،
وفى ذات الوقت الأكثر التزاما أخلاقيا . فقد اعترف بوضوح بما بدر
منه ، واعتذر بثقة . الجميع اعتبر هذه أمورا شخصية . انقلب السحر
على الساحر ، وجاءت النتيجة باهرة فى صندوق الاقتراع .
النتيجة هائلة
بمعنى الكلمة : اكتسح أصوات المرأة وهى تقليديا ملك للديموقراطيين
( ماريا شرايڤر كانت رائعة طوال الوقت ،
وكما نعلم جزء أساس من ليبرالية شوارزينيجر هى مباهاته الدائمة بالزواج من صحفية
من الحزب الديموقراطى ابنة أخت آل
كينيدى ! ) . اكتسح أصوات ذوى الأصول اللاتينية وهى تقليديا
ملك للديموقراطيين . اكتسح الكثير من أصوات السود ، وهى تقليديا ملك
للديموقراطيين ( للمزيد من القصص شاهد واستمع هنا ) .
اكتسح كاليفورنيا وهى تقليديا ملك للديموقراطيين ، ونحن نتحدث هنا عن سباق
الرئاسة والكونجرس القادمين ، ونتحدث عن ثورة ثاتشرية‑ريجانية جديدة
تملأ كل العالم ، وعادة ما تكون أكبر مؤشراتها انضمام كاليفورنيا
للركب .
هل تعلم ما هو
تفسير شوارزينيجر نفسه لأنه واجه بصدر مفتوح تهمة التهديد باغتصاب ست
نساء ، أو أنه كابن كونستابل نازى ، هو نفسه معجب بهتلر . نقلا
عن لسانه قال مستشاره السياسى مساء اليوم للنيو
يورك تايمز ، إنه ينظر للأمر كما ينظر لبناء الأجسام ، يجب أن تصل
لمرحلة الألم حتى تحصل على الجزل delight .
المؤكد أنه مقاتل من نوع نادر ، وهذا هو الذى أوصله أولا لإجماع نقاد الرياضة
على أنه صاحب أكمل جسد بشرى فى التاريخ ، أو صاحب الجسد الغائى ultimate body حسب كتاب جينيس للسجلات
العالمية . ثم بعدها أوصلته قتاليته الفذة تلك للنجاح تلو الآخر .
تقول الأسطورة
( نفس المصدر ، النيو يورك تايمز ) إنه قبل 35 سنة ، بينما
كان يجلس مع أصدقائه فى مطعم صغير فى سانتا مونيكا —كاليفورنيا ، راح يرسم
لهم خطته الأستاذية master plan للمستقبل : سيصبح بطلا رياضيا ، فنجما سينمائيا ،
ويمتلك الملايين ، فيتزوج امرأة بهية ، ثم يصبح سياسيا فائق
النفوذ . ما من أحد كان يعلم أنه عاش كل تلك العقود ، وداخله
عزم ، أو قل لو شئت ’ ألم ‘ ، أن الخطة لم تكتمل بعد .
الليلة فقط اكتملت !
التاريخ يعيد
نفسه . أمجاد 1980 تلوح من جديد ، ولسنا كل يوم نرى مقاتلين عظماء
يخرجون من بين الصفوف ليقودوا البشرية للمستقبل الأفضل ، وليسوا كما وفرة
ذوى الشعارات المنمقة المتقافزين حولنا طوال الوقت ، يقودونها
للخراب . إنها اليوم لطمة
ما بعدها لطمة لليسار ، والمدهش أنها انتصار فى ذات الوقت للقيم الليبرالية
فى معناها الكلى ، اقتصادية واجتماعية . والأهم أنها ليست إلا قمة جبل
الجليد الهائل من ضجر وسخط الناس ‑فقراء وأغنياء سواء بسواء‑ على
سياسات فساد وانتهازية القلة الفاشلة مع الموت لجميع الآخرين تلك المسماة
بالاشتراكية ، وعلى الميوعة فى مواجهة التخلف العالمى الخارجى ،
بالأخص العربى والإسلامى منه ، المعقل العالمى الحقيقى لڤيروس التزمت
الدينى والأخلاقى ، الذى تخيلنا أننا تخطيناه منذ قرون . هذا السخط
المزدوج ضد الاشتراكية والدين معا ، يملأ كل العالم ، وليس أكبر
اقتصاد فيه وحده ، كاليفورنيا . ( ربما فقط كلمة ميوعة ليست
دقيقة جدا ، فالعلاقة بين اليسار
الغربى بما فيه حتى الأميركى ، هى
علاقة تواطؤ ، إن لم نقل تحالف يستحيل فصمه ، مع
قوى التخلف والإرهاب العالمية ) . التحدى الذى
يضعه شوارزينيجر أمام مفهوم الليبرالية نفسه كبير ، لكن النجاح الذى حققه
يكمن فيه هو نفسه الحل أيضا . ليتخلى المحافظون عن محافظتهم فيما يخص
الحريات الشخصية ، كالإجهاض والمثلية الجنسية والهندسة الچيينية والعقاقير
…إلخ ، ليتخلوا عن أصوات المتدينيين ، وفقط يتحدثوا بلسان كامل
للحرية ، حرية الاقتصاد وحرية الفرد معا . ساعتها سيجدون الأصوات
تنهمر عليهم ، كما انهمرت على مستر أوليمپيا اليوم . … تهانينا
لصناعة الترفيه التى خرج منها آرنى ومن أحد منابرها اختار الإعلان المفاجئ لترشيحه ،
وها هى تسانده ليصنعا معا معنيا جديدا لكلمة ليبرالية ! … تهانينا
لآرنولد ! تهانينا لچورچ دبليو . بوش ! تهانينا للحضارة ! … وذكرى
واجبة لرونالد ريجان ! ] .
[ تحديث :
16 أكتوبر 2003 : اللقاء المنتظر بين الليبرالية
الاقتصادية والليبرالية الاجتماعية ، نقصد بين چورچ دبليو . بوش
وآرنولد شوارزينيجر ، تم اليوم
فى كاليفورنيا . لأننا فى عالم إعلامه يسارى بالكامل ، فالجملة
السابقة هى أفضل تحليل ممكن ، لأن كل ما سيمكنك قراءته سيتحدث عن أعداء
تقابلا ، أو يجزم بأن كليهما سيصاب بنكسة فى الانتخابات القادمة ،
وهكذا دواليك . نظام رفع الروح المعنوية للذات المهزومة شىء إحنا عارفينه
كويس عندنا إحنا العرب والفلسطينيين والصداميين والبشاريين …إلخ . هو هو
موجود عند بتوع الحزب الديموقراطى الأمريكان . كما أن الليبرالية لا
تتجزأ ، اليسار لا يتجزأ أيضا . نقصد السلوكيات لا تتجزأ ، وطبعا
نقصد كمان الناس لا تتجزأ ، بشار زى كلينتون ، كلهم حلف
واحد ! ] . Cover Story:
(Whole Year of
2004)
22 سپتمبر 2003 : صدق أو لا تصدق ! أخلص خلصاء أسامة بن لادن
يعلن ترشيح نفسه رئيسا للولايات المتحدة 2004 : الچنرال ويسلى كيه .
كلارك ! يوم 17 أعلن كلارك رسميا ترشيح نفسه . بعدها
بيومين ، أى قبل ثلاثة
أيام ، قال إنه كان سيصوت لصالح الحرب على العراق . شخصيا كان وقع
الخيار الكلاركى كوجه لليسار الأميركى ، مبهرا لى فى البداية . چنرال
اشتهر بحميته القتالية ، ويطيح بضربة واحدة بكل تحفظات الديموقراطيين على
الحرب ، يبدأ صفحة جديدة لهم على الطريقة البليرية فى القفز إلى يمين
الجميع ، ويلوح أنه قد يطور الحملة إلى مزاد فى دق طبول الحرب على ذات
الطريقة التى أنجحت الكاثوليكى چون كينيدى يوما ( هل تذكر خطاب تنصيبه الحماسى ضد السوڤييت
والڤييتناميين والكوبيين وكل الدنيا أيا من كانواLet
every nation know, whether it wishes us well or ill, that we shall pay any
price, bear any burden, meet any hardship, support any friend, oppose any foe
to assure the survival and the success of liberty. ؟ ) . ومن ثم ببعض الأكاذيب
والتضليلات على وتر البطالة ،
وتهييج أحقاد الفقراء ضد الأغنياء الذين لا يدفعون لهم بالقدر الكافى الأتاوة
المسماة بالضرائب ، يمكن أن يقهر بوش ، طالما أن موضوع العراق قد حيد
بكامله . لكن الحيرة والذهول لم يطل أمرهما ، والمفاجأة
‑أو بالأحرى اللا مفاجأة‑ التى قلبت كل ما ذهبت إليه من أفكار
وخيالات ، هى تراجعه رأسا على عقب فى اليوم
التالى مباشرة ، وفى أقل من 24 ساعة ، مستخدما الحيل اللفظية التى
لقنها إياه آل كلينتون ، كما يقول ويلليام سافاير فى عموده اليوم .
وسافاير فى تحليله الأخير لا يراوده أدنى شك فى جميع الأحوال ، إنه لن يكون
يوما أكثر من مخلب قط يعود بكلينتون وزوجته ، أو ربما بالأحرى هيلارى
وزوجها ، أو بالأحرى أكثر هيللارى وحدها فهى دائما أبدا كانت الكل فى
الكل ، للبيت الأبيض من جديد ، سواء وجدوا الفرصة سانحة فى
2004 ، أو تيقنوا من استحالة هزيمة بوش هذه المرة وزجوا به وأجلوها لأنفسهم
إلى 2008 .
إحساسى أو تحليلى الشخصى ، أن أصابع كلينتون‑هيلارى
ليست فى الألعاب اللفظية وحدها ، بل هى وراء ذلك التراجع نفسه . وأرى
أن هذا التراجع هو عينه المسمار الأول والأخير فى نعش ويسلى كلارك ، وهو
المقلب الذى شربه بسذاجة من أول لحظة من العصابة الكلينتونية المحنكة ( أو
من يسميهم سافاير فى ذات المقال ’ مافيا كلينتون‑جور ‘ ) .
إذا كان كلارك سلاميا لهذه الدرجة ، فهذا سوف يطرح على الفور التساؤلات عن
سر هوسه الحربى الهائل فى كوسوڤو أيام كان قائدا لحملة النيتو على
الصرب ، تلك التى لم يلجمها قليلا إلا حذر كلينتون النسبى بناء على نصائح
الپنتاجون . هذا هو إذن ويسلى
كيه . كلارك على حقيقته العارية ، ما علينا ! سواء كانت نظريتنا عن الخديعة
الكلينتونية صحيحة أم لا ، فإن أى إنسان عاقل ‑وطبعا مقال سافاير
نموذج قوى ومبكر جدا لهذا التحذير‑ يدرك أن اليسار لا يلعب بالعقل
والمنطق ، إنما فقط بالضرب تحت الحزام . من ثم نقول : احذروا كل
الحذر من لعبة شرويدرية أخرى ، قد تسرق انتخابات
أميركا 2004 !
وبعد ، وبالحدس وبالشواهد معا : هل تريد الحقيقة ؟ مع ذلك نقول إنها ربما انتوت
شيئا أكثر دهاء من هذا بكثير لسنة 2008 . غالبا تقلب المائدة على
الجميع . سوف تخون كل شىء وتقذف على الطريقة البليرية بالحزب الديموقراطى
إلى أقصى اليمين المعروف ، وستصبح ندا للخليفة المأمول لچورچ دبليو .
بوش . نعم ، هيللارى وحدها فى كفة وكل الباقين فى كفة . الفارق
بينها وبين كل الرموز الديموقراطيين الكاريكاتوريين الحاليين أنها الوحيدة التى
تعلم أن الحزب قد لا يصل للبيت الأبيض ثانية أبدا إن استمر على مبادئه اليسارية
الحالية التى عفا عليها الزمن . باختصار : نبوءتنا أنها تونى بلير
المرتقب ، والأيام بيننا !
كلام غريب . ربما ! لكن أنظر ما بين
أيدينا من حقائق . أولا ماذا عن
اللغط الكبير الذى يثيره الديموقراطيون طوال الوقت حول عجز الميزانية ،
يوحون ويصرحون أنها الجرثومة المسببة لكل متاعب الاقتصاد ، ويخرج علينا
كلينتون وجور كل عدة شهور يتباهون بأن عجز ميزانيتهم كان صفرا ؟ ما المشكلة
فى أن يكون فى الميزانية عجز أو حتى عجز هائل ؟ سعر الفائدة ثابت تقريبا
عند مستوى الصفر ، والنقود سترد كما هى دون زيادة تذكر . الفارق أنها
لن ترد من جبى ضرائب فاحشة تقتل الشركات كما فعل كلينتون وزوجته ونائبهما ،
إنما من تلك الضرائب البسيطة التى ستؤدى لانتعاش الشركات عما قريب . فقط
هذه خدعة يسارية صريحة باتت مكشوفة و’ الست ‘ أذكى من أن تلعبها مرة
أخرى . ثم ماذا عن الضرائب أصلا ؟
ألم يحن الوقت لنعيد ترسيخ المفهوم الأصلى للضرائب كما فرضته بلديات المجتمعات
الصناعية الحديثة الأولى . لا ضريبة إلا مقابل خدمة . الآن يكاد يعتقد
أغلب الناس أن الضريبة هى ضريبة يتوجب على الغنى دفعها للفقير ضريبة عن
غناه . أن تأخذ من الغنى لتعطى الفقير هذه جريمة سرقة لا تحتمل
التأويل . أنت تأخذ منه كى تنشىء مثلا تعليما عموميا يؤهل الفنيين اللازمين
لمصانعه . لو هو يدرب شغيلته بنفسه ، لا يجب أن تؤخذ منه أية
ضرائب . وهكذا . باختصار : مشاعر الرحمة والنبل نحو الفقراء يجب
أن تترجم لجمعيات خيرية ، لا إلى قوانين اقتصادية . الوعى بهذه الأمور وتلك يزداد يوما بعد يوم ،
وهذا هو أهم سبب يحعل ’ الست ‘ متأكدة أنها لن تدخل البيت الأبيض
ثانية أبدا على ذات الأچندة اليسارية التى دخلته بها فى المرة السابقة . … أخيرا : أقول لك حاجة فى ودنك : عارف مين
أحسن مرشح للحزب الديموقراطى 2004 ؟ ليبرمان اليهودى . شجاع طليق
اللسان حميم ومخلص لكل غباوات اليسار . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 9 ديسيمبر 2003 : بسرعة
تأكد الكثير من هذا ، بإعلان آل جور مساء اليوم
تأييده لحاكم ڤيرمونت السابق هاوارد ديين ، ذى السياسات اليسارية
الواضحة والمعارض للحرب ضد العراق ، مرشحا رئاسيا للديموقراطيين 2004 . إذن ، هيللارى لا تزال خارج
كل هذا الهراء ، والأرجح أنها ستظل كذلك ، أو كما قال ويلليام سافاير صباح اليوم
تحت عنوان صاعق Hillary, Congenital Hawk ، قال 2008 فرصتها
الأولى ، وأيضا الأخيرة ، ذلك أن قبل أن تدركها الشيخوخة وتصبح زبونة
مستديمة للتأمين الصحى الذى طالما دافعت عنه ! طبعا بتذكيره إيانا بحكاية
التأمين الصحى ، يبدو أن ثمة شيئا متناقضا فى نظريته ، فهى ‑أى
هيللارى‑ يسارية بالفطرة ، وصقرا بالخيانة ، وليس العكس .
والأهم أنها انتهازية فى كل الأحوال ! [ پروفايل أحدث قليلا لها هنا ] . رغم لندنيتها ، التليجراف
كانت أكثر صراحة ودقة ، ورأت فى قرار جور قبلة الموت للحزب ، هذا
باختياره حمامة متطرفة فى هذا الوقت بالذات . أو بعبارة أخرى ،
الجريدة أرادت أن تعكس حقيقة أن الهزيمة الساحقة باتت تحصيل حاصل سواء اختار
الحزب ديين أو حتى اختار ’ الست ‘ شخصيا ! ] . 29 سپتمبر 2003 : أشياء مثيرة تحدث فى بر
مصر الآن . طبقا لما جاء بالأمس من وقائع اليوم الأخير
لمؤتمر الحزب الوطنى الديموقراطى ، فإن ما يسمى بالديموقراطية قد بات
’ فرخة بكشك ‘ فجأة . أتفه شىء لجنة
قانونية مصرية تعد تعديلات قانون الجنسية لتمنح المرأة حق توريث الجنسية
لأبنائها من أجنبى . دى كويسة ، بيقلدوا قوانين العراق الجديدة
( بس إللى موش فاهمه ‑فى حتة تانى‑ ليه
موش عاوزين كمان يقلدوا العراق فى قراراته
الاقتصادية ؟ ) . لكن لسه التقيل ورا زى ما بيقولوا .
ألغوا معظم الأحكام العسكرية ، والأهم بكتير أن الكل بات يضرب أخماسا فى
أسداس فيما تعنيه كلمة ’ القوى المستقلة ‘ فى كلمة
الرئيس مبارك أما بعيدا عن الأخماس والأسداس ، فإن ما هو
متحقق فعلا على أرض الواقع أن ألف شيخ مسجد متطرف انطلقوا اليوم
إلى الشوارع من خلف أسوار السجون ، على رأسهم الشيخ كرم زهدى شخصيا ،
والبند رقم 1 الذى يتباهون به فى سيرتهم الذاتية ( السى ڤى )
هو قدرتهم عالية الكفاءة على قتل رئيس الجمهورية ، ذلك بعد أن ضربت السلطة
بديموقراطيتها الجديدة عرض الحائط حتى بأحكام القضاء الصادرة ضدهم
[ والبداية كتابان طرحا فورا
فى الأسواق ’ بديموقراطية ‘ كاملة ، يجددان تذكير الجميع بأسس
فكر التطرف والكراهية ، ويعيدان نفس أجواء الأيام السوداء لإفراج السادات
عن الأخوان ] . لماذا يتحول الجيل الجديد فى
الحزب الوطنى للديموقراطية ؟ هل استرضاء لأميركا ، أم لإيمان حقيقى
وساذج بها . الإجابة : للاثنين معا ، استرضاء لأميركا حتى لا
تطيح بهم من الحكم ، والأسوأ منه اقتناعا بالساحرة المستديرة ، الديموقراطية .
المشكلة التى فاتتهم تماما أنهم ساروا 180 درجة عكس الاتجاه بالظبط ، وأن
أميركا حين تستخدم مع عالمنا العربى والإسلامى لفظة الديموقراطية
( تأدبا ! ) ، فإنها تعنى العلمنة ، ولا نريد أن
نتفلسف أكتر ونقول زى رضا هلال إنها
تعنى الليبرالية ، طبعا لأننا ما نسيناش إنه لما قال كده راح فى ستين داهية
تانى يوم ! يبدو أن كل شىء فى شباب الحزب
الوطنى مزدوج ، لذا فهم يرتكبون بما فعلوه خطأ مزدوجا أيضا . حتما سوف
يسلمون كل شىء للسفاحين المسلمين ، وكل شىء نقصد به رقابهم هم أنفسهم
أولا ، وأميركا ثانيا . هم يعتقدون بعنترية هائلة أن كرم زهدى لم يعد
يتلقى تعليماته من الله ، وأنه سيتلقاها من جمال مبارك من الآن فصاعدا
( ما قاله يا سيادنا ، الناس دى ما لهاش كبير .
افهموها بقى قبل ما يغتالوكم . علشان كده من غير المدهش ، وقد وصلت
الغيبوبة إلى هذه الدرجة ، أن المعارضة نفسها كانت الأكثر توجسا ،
وأكدت قبل غيرها كما قالت الشرق
الأوسط على أن لا يجب أن يسمح بإقامة الأحزاب على أساس دينى . بعد كل ده ،
20 أكتوبر 2003 : اليوم أعلن الجارديان لاحظت أولا
أن هذا النصر هو امتداد لسلسلة شبيهة من الاكتساحات اليمنية لأوروپا ( هل
تذكر متابعتنا لهذه المسيرة بل تنبؤنا بها من البداية فى مدخل ما بعد‑الفاشية ؟ ) ،
ثم راحت ثانيا
ترصد روود الأفعال ولاحظت حجم الصدمة من اكتساح الحزب للمناطق الناطقة بالفرنسية
والمحسوبة تقليديا على اليسار . أما البلوومبيرج
زفت القصة مفصلة بسياسات الحزب الفائز ، مشفوعا بخبر عن ارتفاع كبير فى سعر
الفرنك السويسرى فور إعلان النتائج ! كلمات الزلزال والعاصفة والانهيار الجليدى بدت
مألوفة جدا منذ ليلة
الأمس فى كل خطوط القمة فى الصحافة والإعلام . لكن ربما أفضل تفسير هو
ما نقلته البى بى سى
عن الپروفيسور توماس فلاينر ، يقول إن السويسريين لا يقيسون أنفسهم
بأحد ، إنما بما يجب أن يكونوا عليه . هذه النبرة الأرستقراطية هى
التى انتصرت اليوم للحزب الداعى لتطهير البلاد من المهاجرين ، لا سيما
العرب والمسلمين منهم ( يستخدم كلمة زنجى negro القديمة المهينة فى
ملصقات حملته الانتخابية الرسمية ) ، وقد أدانته فعلا الأمم المتحدة للتو لسياسته ضد
اللجوء السياسى ( نأمل أن تكون خطوته الأولى فى السلطة هى طرد منظمات الأمم
المتحدة من التربة السويسرية ) ، وطبعا فى نفس الوقت هو الحزب شديد
العداء للمؤامرة اليسارية العالمية المسماة الاتحاد
الأوروپى . إذن نجم النجوم اليوم هو البليونر رجل الصناعة
كريستوف بلوخ زعيم حزب الشعب ، وصاحب مؤسسة الكيماويات الپوليمرية العملاقة
إى إم إكس . وأحلى وصف محبب لقلبنا دائما وهو اليمين الثورى ( هل تذكر
قصتنا الشخصية جدا عن نجاح كوئيزومى ، هناك
ستجد كلاما كثيرا عن هذا المصطلح ) ، فقد سبقتنا إليه البى بى سى فعلا
اليوم بپروفايل
يصف بلوخ كبليونير ثائر ( من قبل كانت قد أسمته مستر نو ) .
ورصدت كفاحه عبر الاستفتاءات المتوالية ، نجحت كلها باستثناء آخر اثنين فقط
بهامش ضئيل : رفض عضوية الأمم المتحدة ( 1986 ) ، رفض تسريح
الجيش السويسرى ( 1989 ) ، زهقنا من متابعة انتصارات أحزاب الحضارة هنا
وهناك ، وكذا من تكرار القول فى كل مرة ، أن لا يصح إلا الصحيح !
اكتب رأيك هنا
30 أكتوبر 2003 : بالأمس
اتخذ أعضاء الپرلمان من حزب المحافطين قرارا بعزل الزعيم الحالى أيان دانكان
سميث ، لفشله فى استرجاع جماهيرية الحزب الواجبة ، ولأنه يفتقد مقومات
الزعامة ، التى هى شيئان : الرؤية والقدرة الكاريزمية على إقناع
الناس . بأسرع مما تخيل أحد ، وعلى نحو مفاجئ بالكامل
تقريبا وفى ساعات قليلة ، اتضح اليوم أن
كل الأعضاء شبه متفقين سلفا على الرئيس الجديد ، وأنه قد لا تكون هناك معارك
ضارية ولا يحزنون ، حتى 6 نوڤمبر موعد الترشيح و11 نوڤمبر موعد
الاختيار ، كما منانا بذلك الإعلام
اليسارى . إنه مايكل هاوارد وزير البيت فى حكومة الظل . بالمناسبة فيه وفيها كثير مما ندافع عنه محوريا هنا
وآخره قصة شوارزينيجر أعلاه ، عن الجمع بين
الليبرالية الاقتصادية والليبرالية الاجتماعية . فهو نفسه سبق له الطلاق
والزواج . أما ساندرا الفاتنة فقد كانت موديل قمة فى شبابها ، صورها
مشاهير الفوتوجرافيين لمجلات مثل ڤوج وهارپرز . وكانت صديقة مقربة
لأشهر نجوم الفن ، من بينهم فرانك سيناترا مثلا ، وككل كانت كل حياتها
مما يسمى بحياة النفاثات jet-set life . بل بلغت بها
الجرأة أن عادت للتمودل من جديد فى العقد الماضى وقد كانت حينئذ فى الخمسينيات
من عمرها . وهى عامة مشاغبة وطليقة اللسان على غير عادة زوجات السياسيين
المحافظين التقليديات . وهاوارد هو رابع زيجاتها من سنة 1975 وحتى
الآن ، ذلك بعد زواج من عازف پيانو واثنين من مديرى الإعلان كلهم
مشاهير . أما هذا الزواج بعيد المجرى من مايكل فقد بدأ بلقاء فى حفل راقص
للصليب الأحمر ، وأحبته بمجرد أن أهداها نسخة من رواية سكوت فيتزچيرالد
’ رقيق هو الليل ‘ . من ساعتها ولا يوجد من يفوق مايكل هاوارد
فصاحة أو حماسة فى الدفاع عن آرائه سواها ، وكثيرا ما جلب هذا المتاعب لها
أو لكليهما ! وبالمناسبة إحدى الكلنات المأثورة عن هاواد ، وأسخن منها
بكثير عن زوجته ، قوله إنه لا يعرف شيئا اسمه الانتهازية السياسية ،
ولا يعرف سوى أن يقول الحقيقة كما يراها . كلمات
تقليدية ربما يقولها كل الساسة ، لكن ما أوقع مايكل وساندرا نفسيهما فيه
المرة تلو المرة ، وحيث الأصداء واضحة من تراث سليطى اللسان الأشهر فى
التاريخ البريطانى تشرتشل‑ثاتشر ، فإن الأمر يوحى بأن ثمة شيئا وراء
الأكمة !
المؤكد أن هاوارد ولسانه السليط تحديدا يمثل
بالنسبة لليسار كل اليسار ، كابوس كل الكوابيس ( الميرور بالمناسبة
استذكرت تسمية اليسار القديمة له بدراكيولا ، ذلك على غلاف عدد اليوم
ولم تنس أن تضيف أنيابا إلى صورته وأنه يقود الموتى
الأحياء ، وكذا أسمته Vampire Mike فى العدد الذى يحمل
تاريخ الغد ،
وطبعا كلها ‑مثلها مثل وصف زميلة وزيرة الشهير له بأنه شىء ما من
الليل‑ تنويعات تتلاعب على أصوله الترانسلڤينية . أما
دنكان سميث فلم يمثل لها فى عدد الأمس
إلا سعيد الصحاف آخر ! ) . لذا بالمناسبة تركيزنا على ساندرا
مقصود ، وسبق ورأينا أعلاه كيف أن ستويبر خسر لا
لشىء إلا لأن زوجة شرويدر امرأة جذابة . أكثريتهم سيولعون به من
أجلها . هذه هى الطريقة التى يفكر به غالبية الناخبين شئنا أم أبينا ،
طالما طالبناهم باسم الديموقراطية إبداء الرأى فيما لا يفهمون ( كلام قديم ! ) . ذلك باختصار
أن مايكل‑ساندرا هما ذات التركيبة التى طالما نادت بها هذه الصفحة لسنوات . تركيبة الليبرالية التى لا
تتجزأ ، وها قد عادت لتشتغل مرة أخرى وتغزو رقعة جديدة من الجلوب .
ولا يكاد يراودنا شك أن النصر قادم ، فى بريطانيا كما فى كل مكان .
مع ذلك لا يسعنا إلا نقدم كل
الاحترام والتوقير للوزير الأول الحالى تونى بلير ، الذى لا يجب أن ننسى أن
الفضل فيما حدث اليوم يرجع له أولا وأخيرا . فقفزته الملهمة الكبيرة بحزب
الكدح يمينا ، ونقله من معسكر اليسار إلى معسكر الحضارة ، هى خطوة
هائلة صنعت التاريخ ربما لكل العالم ، وعلى الأقل هى التى أعطتتنا اليوم
زعيما لليمين تحوطه مثل هذه التوقعات الهائلة بمواقف جذرية تعيد عالمنا لأمجاد
أيام تشرتشل وثاتشر ، وتحيل الأرض جحيما مشتعلا تحت أقدام قوى التخلف فى
كافة أرجاء المعمورة . لكن طبعا مع كل هذا التوقير والاحترام لبلير ،
نحن مضطرين دوما للقول إن لكن بريطانيا العظمى أمة تستحق قيادة يمينية
حقيقية ، وليس شبه يمين مسخا شائها هجينا ، تطفر خارجا من اسطبل
اليسار . وإن فقط بقيادة تعيد أمجاد تشرتشل وثاتشر يمكن لبلد الثورة
الصناعية أن يستعيد مكانته كقائد حق فى مسيرة حضارة العالم . ( اقرأ مدخلنا المؤسس لصفحة الاقتصاد عما يسمى الطريق الثالث ) . سياسات مايكل هاوارد القوية تتلخص فى رفض جذرى لأى
انخراط فى المؤسسات الأوروپية . المزيد من تحرير الاقتصاد وتخفيض
الضرائب . ولنا طبعا أن نتوقع منه تأييدا وتحالفا أكبر مع الولايات المتحدة
فى سياستها الخارجية . والملفت أنه يرى كل العالم مسئولية بريطانية ،
أو بكلماته : We know that all our obligations begin within our
shores. They don’t end there. المدهش أن الذى فعل المهمة المستحيلة ( على
رأى توم كرووز ) ، فى توحيد الفصائل الكثيرة المتفارقة لحزب
المحافطين ، هو يهودى . وهذا سيجعله لو سارت الأمور على ما يرام ، أول رئيس
وزراء يهودى لبريطانيا ، فدزرائيللى للعلم والدقة ، ولد يهوديا لكنه
عمد فى صباه . أيضا هاواد ابن لأب مهاجر ترك ترانسلڤينيا —رومانيا مع
إندلاع الحرب العالمية الثانية ، بحثا عن الحرية فى إنجلترا ( اقرأ
هذه القصة عنه فى الجارديان .
أيضا اقرأ قصة الإندپندانت
عن مختلف سياسات مايكل هاوارد وكيف أضفت اليهودية لمسة ليبرالية مختلطة
عليها . طبعا مع ملاحظة أن كلتيهما ‑وبالأكثر الأخيرة‑ جريدة
يسارية معادية للمحافظين ) . ( أيضا تخيل حجم محنة نظرية المؤامرة عندنا لو فاز هاوارد فى
بريطانيا ، ولو رشح ليبرمان نفسه كرئيس لأميركا وفاز . ساعتها ستصبح
قيادات بلاد الأنجلو‑يهود ،
أهم ثلاث دول تقود السياسة العالمية ، يهودية جميعا ( ناهيك عن خودوركوڤسكى
روسيا ! ) . ماذا سنفعل ساعتها ؟ هل سننقل اللوبى الموعود
إلى الياپان منعا من تكرار الكارثة هناك ؟ ) . مع ذلك يظل مايكل هاوارد فى الثانية والستين من
عمره ، وسواء أثبت أنه جدير بمقعد تشرتشل وثاتشر أم لا ، فإن ذلك يعنى
أن حزب المحافظين قد يحتاج سريعا لقيادة جيدة ، وربما قيادة شابة ( لا
تنس كلامنا أن اليسار هو المؤسسة
واليمين هو الثورة ) . هل تعرف ما هى الصفة التى يلصقها الجميع به فيما
قيل وكتب اليوم
وقبل ذلك : أنه خارق الذكاء . صفة غير مألوف أن تلصق بأحد ، فنحن
نفترض أن الكل أذكياء . ربما هو خارق فعلا ، بحيث استحق الوصف على هذا
النحو الملفت ، وليس لأن الذكاء صفة خاصة للمحامين عامة من أمثاله ،
أو لأن دنكان سميث غبى ! … اقرأ تحليل البى بى سى
الذى يرسم شخصية هاوارد ، كذلك الاقتباسات الشهيرة على لسانه ،
وأيضا پروفايل موسع لزوجته عالية الأسلوبية ساندرا من البى بى سى
أو من السكاى
نيوز . اكتب رأيك هنا
[ تحديث :
18 نوڤمبر 2003 : مايكل هاوارد يكشر عن
أنيابه مبكرا . قبل أيام قليلة اعترض على قرار أميركا المنفرد بتسليم
السلطة للعراقيين فى أول يوليو القادم . قال هذا قرار خطر ، وما كان
يجب اتخاذه دون التشاور معنا فى بريطانيا [ نكتب هذا بمناسبة زيارة بوش
لبريطانيا التى ستبدا مساء
اليوم ، زيارة الدولة الأولى من نوعها لرئيس أميركى ( ربما
إطلاقا ، فالأقاويل متضاربة ويقال أحيانا إن وودرو ويلسون زار بريطانيا
زيارة دولة بعيد الحرب العالمية الأولى سنة 1918 ، ذلك أنه نزل بالفعل ضيفا
على الملك چورچ الخامس مقيما بقصر باكينجهام طيلة فترة ما بعد الكريسماس ،
لكن فيما يبدو لم يكن اسمها رسميا زيارة دولة . على أية حال مقارنة بوش
بويلسون مكسب كبير للأول ، فويلسون طبعا الرمز الأكبر لسياسة خارجية
أميركية ذات مبادئ وأخلاقيات ، وهذا ما يقوله بوش عن نفسه الآن . للمزيد اقرأ هنا ) . كل التحليلات تركز على المظاهرات
المخطط لها ضد بوش ، وهل سيسخسر أم سيكسب من الزيارة . ما يشغلنا نحن
شىء آخر . نؤكد أن بوش ليس محور حسابات المكسب والخسارة . الاقتصاد يشهق وسيفوز بالانتخابات
نصرا ساحقا لا محالة ، لا سيما وأن الديموقراطيين لا يطرحون بديلا يخص
الحرب فى العراق . محور الحسابات هو تونى بلير .
ما نريد قوله إن المستفيد الأول من
هذه الزيارة هو بلير ، وتحديدا فى معركته القادمة ضد هاوارد . من
ناحية هذا دين واجب على چورچ دبليو . بوش تأديته لبلير بعد موقفه الشجاع
بجانب أميركا فى حربها على الإرهاب والتخلف العربيين‑الإسلاميين .
ومن ناحية هى زيارة مقررة سلفا منذ نحو عام ونصف ، والمفروض أن لم يكن أحد
يعرف ماذا سيجرى خلالها على الساحة الداخلية البريطانية . طبعا سنحظى فى نفس الوقت ببعض الخطابات التاريخية
اللائقة بمثل حدث الزيارة هذا ، أو على الأقل من قبيل التنافس مع خطاب بلير
التاريخى أمام الكونجرس قبل
أربعة شهور . لكن الأهم من كل شىء أن سيتعرف بوش على مايكل
هاوارد ، باعتباره رفيق درب السنوات القادمة كزعامة يمينية حقيقية ستفوز
بحكم بريطانيا عما قريب ] . [ تحديث : 28 نوڤمبر 2003 : هأ ! خلال أيام معدودات استعاد مايكل هاوارد الصدارة لحزب
المحافظين . كم هى سهلة حقا إزاحة بلير ، أو كأن بريطانيا كانت تنتظر فى
صمت مؤلم على أحر من النار ظهور زعيم يقود المحافطين ويقودهم . لو أجريت
الانتخابات اليوم فإن بريطانيا ستكون تحت رئاسة أول يهودى فى تاريخها . هذه
باختصار نتيجة استطلاح التليجراف اليوم ] . [ تحديث : 25 فبراير 2004 : ديڤيد
بلانكيت وزير الداخلية البريطانى طرح اليوم مشروع قانون
لمكافحة الإرهاب يبدو شديد الصرامة بالمعايير المألوفة فى الغرب ،
والمستهدفون طبعا هم العرب والمسلمون . خطوة جيدة بل وماسة لحماية أم
حضارتنا الصناعية من الغزو الهمجى الكاسح الحالى ، لكن سؤالنا يخص أين
اليمين من كل هذا . المفروض أن هذه هى أرضه وهو الحامى المخلص الأصيل لقيم
الحضارة . وتردد حزب المحافظين فى طرح ما هو واجب للحفاظ على المكتسبات الحضارية ،
خشية الاتهام بالعرقية أو الطبقية ، هو الذى يترك زمام المبادرة طول الوقت
فى يد اليسار المستعد للذهاب لأقصى اليمين لمجرد التشبث بالسلطة . شىء جيد
أن يندفع بلير بحزب الكدح من أقصى اليسار إلى يمين كل يمين ، لكن أين
اليمين الحقيقى الذى هو منظومة
فكرية متكاملة ومؤصلة تاريخيا ، وليس مجرد أحاييل سياسية يمليها مقتضى
الحال ، إن لم نقل تمليها الانتهازية . ما أردنا قوله إن اليسار ممسك فعلا
بزمام المبادرة وبغير قليل من فهم لما يجب فعله . والكرة الآن فى ملعب چون
هاوارد ، لطرح قفزة كبرى نحو اليمين الحقيقى ، مثلا بطرد كل العرب
والمسلمين وسحب جنسياتهم ، أو بتخفيض جذرى للضرائب ، أو بخصخصة البى بى سى ، أو مائة
تعديل ضرورى مهم آخر . طبعا لا نملى عليه أچندة معينة ، فهو أدرى منا
بها . لكنه لو لم يفعل فسيظل إلى ما لانهاية ظلا باهتا لألاعيب اليسار التى
لا تنتهى . أما لو كان لا يستطيع مثلا طرح طرد
العرب والمسلمين لأنه نفسه سليل أسرة يهودية مهاجرة ، رغم أن تلك باتت حاجة
ماسة ترقى لمستوى مسألة حياة أو موت ، أو تمسكا منه بقيم أرستقراطية قديمة
لم يعد يحتملها العصر الردئ ، أو رغم أن المقارنة غير واردة بين اليهود
والمسلمين لا حضاريا ولا من أى نوع ، فالأجدر بحزب المحافظين أن يبحث عن
زعيم جديد من الآن ! ] .
[ تحديث :
26 فبراير 2004 : السيدة الفاضلة كلير شورت قالت اليوم إنها
اطلعت على تفريغ لتسجيلات تجسست فيها الاستخبارات البريطانية على مكتب كوفى عنان
قبيل الحرب العراقية الأخيرة . من ساعتها وكورس اليسار يملأ الدنيا بتساؤل
مستنكر وجيه جدا : ما هو الخطر الذى يشكله كوفى عنان على الأمة
البريطانية . لن أناقش شيئا يقوله اليسار فكل كلامه مقدس ، لن أعظ عن
أهمية المعلومات ، ولن أقول إنها ذات أحاييل لعبة الانتخابات التى يمارسها
اليسار كل مرة ، ولن أسال ماذا فعلت السيدة شورت زعيمة الجناح الأكثر تطرفا
فى يساريته فى حزب الكدح حين عملت بالأمر خاصة وأنها صديقة حميمة للسيد
عنان ، ولن أقول إن اليسار هو الشيطان عينه يعظ أو أنه آخر من يتكلم عن
التجسس والتسجيلات ، ولن أقول حتى إن كلامها غير مسئول كما قال تونى بلير
فى تعليقه الفورى
عليها ، أو أى شىء من كل كلام الرجس الرجيم هذا . فقط أسال ،
وبمنتهى البراءة منى ، السيدة شورت وكل جوقة حكم اليسار الرشيد العادل رفيع
الأخلاقيات والمبادئ : لو تسلمتم السلطة صباح الغد فى بريطانيا ، هل
ستأمرون بوقف التجسس على كوفى عنان ، أم ستستمرون فيه ؟ ] .
[ تحديث :
29 أغسطس 2003 : عام مضى تقريبا ، والنتيجة
الكلية محبطة . بدلا من أن يصيغ مايكل هاوارد سياسة يمينية واضحة
المعالم ، تقوم على الاقتصاد الحر المطلق ، وعلى الحروب الاستباقية
الأسرع تماما من إيقاع بوش‑بلير الممل ، اتخذ من بلير موقفا أقرب
لموقف كيرى من بوش ، سعيا لاكتساب الجماهيرية فى وقت قصير . يعارض كل
شىء وأى شىء ، دون منهج أو فكر أو رؤية ( أيديولوچية لو
شئت ) ، حتى لو كان ذلك الشىء صوابا ، أو لو كانت معارضته
الوحيدة تأتى من يساره . هذا بصراحة جعل بلير ذاحب الاندفاعة الكبرى بحزب
الكدح يمينا يبدو أكبر وأكبر . وچورچ دبليو . بوش اتخذ خطوة جريئة
وغير متوقعه بالنأى عن نظيره الأيديولوچى المفترض فى بريطانيا ، ورفضه قبول
زيارته له فى البيت الأبيض . فالمسألة مسألة مبدأ ومواقف وليس كما عند
العرب صلة دم ( أيديولوچية ) تأتى قبل كل شىء ، حتى لو كان قريبك
هذا فاسدا أو منحرفا . الأمر تصاعد بعد أن كشفت عنه الصن بالأمس من تلاسن
صريح عبر الهاتف قبل شهور بين كارل روڤ ومايكل هاوارد ، وجاء رد
هاوارد اليوم ( اقرأ التليجراف
لكامل القصة ) أخرقا بأن صب جام غضبه على البيت الأبيض علنا ! … اليمين الحق مشروع حضارى
وقيادة ورؤية وليس ردود أفعال على موقف أى أحد آخر . حتى يتولد فى بريطانيا
يمين تشرتشلى‑ثاتشرى حقيقى مرة أخرى ، علينا أن نقول كل التحية لتونى بلير كخيار جدير بالاحترام لحد
كبير ، إنه ببساطة على يمين الجميع الآن ، تاركا إياهم يضربون أخماسا
فى أسداس ! ] . [ تحديث : 6 مايو 2005 : وفاز
تونى بلير اليوم
بفترة حكم ثالثة ، فى سابقة تاريخية لحزب الكدح . وفى المقابل أعلن
مايكل هاوارد نيته الاستقالة ، والبحث عن زعيم جديد شاب للمحافظين .
بلير يجنى ثمار الانتقالة المذهلة بحزب الكدح يمينا أربكت ولا تزال تربك حزب
المحافظين ، وهاوارد جنى ثمار تخبطه الذى جعله يظهر أحيانا كثيرة وكأنه على
يسار حزب الكدح ، أو مجرد معارض من أجل المعارضة ، حتى لو كانت
المعارضة من جهة اليسار . لا نملك سوى تقديم التهنئة ،
وهى تهنئة مستحقة ، ومما يجعلها من القلب أن السنوات تمر ولا يظهر بلير
تراجعا عن طفرته نحو اليمين بل يعززها يوما بعد يوم ، سواء فى السياسة
الجلوبية مع أميركا أو السياسة الأوروپية أو السياسة الداخلية أمنية
واقتصادية ، أو عامة على كل الأصعدة . وطبعا فى انتظار وليد جديد
للمحافظين يعين لليمين البريطانى وجهه الأصيل ، التشرتشلى الثاتشرى ،
فأنتم الملاك الحقيقيون لهذا التراث ، ويفترض أنكم المخلصون إليه الصادقون
على عهده ، وبصراحة عيب إللى بيعمله فيكم حزب أصله البلطجية بتوع
النقابات ! ] .
[ تحديث : 6 ديسيمبر 2005 : نعم ،
أخيرا
اختاروا شابا رئيسا لحزب المحافظين ، لكنه يسارى أكثر من اليسار ! لو
حدث وفاز هذا الديڤيد كاميرون برئاسة الوزارة ، لا تقولوا فاز
اليمين ، بل قولوا بريطانيا تتجه يسارا ! ] .
4 يناير 2004 : هأ ! هاوارد ديين أو
بالعربى Howard Religion ، أعلن توبته إلى الله ، وأصبح اسما
على مسمى . فى البوستون جلوب قال قبل
عشرة أيام فى يوم الكريسماس تحديدا إنه a committed
believer in Jesus Christ وأنه سيكثر من الكلام عن يسوع المسيح وعن الرب فى خطبه التى
سيلقيها فى الجنوب ( لكن سيظل محتفظا بوجهه الآخر العلمانى حين يخاطب نيو
هامپشاير . هذا كلامه العلنى هو نفسه وليس من
افتراضاتنا ! ) . القفشة أمسكتها عليه النيو يورك تايمز اليوم
وهى تنقل عنه قوله إنه يصلى يوميا ، ذلك حين نقلت عنه فى نفس الوقت قوله إن
السفر المفضل لديه فى العهد الجديد هو سفر أيوب ، وأنه عاد بعد ساعة
للصحفيين وصحح نفسه بأنه قصد العهد القديم ! أما النيو ريپابليك فقد كانت
أكثر إسهابا وذكرته هذا الأسبوع
( وأيضا من
قبل ) بقائمة طويلة من المواقف من ماضيه العلمانى شديد الحماس !
[ مساء أضاف سافاير مزيدا
من تفاصيل حواره الشهير عن سفر أيوب ، والذى اشتمل أيضا على تصحيح أنه ليس
سفرا مأساوى النهاية كما سبق وقال . لكنه فيما يخص هذا زاد الطين بلة بأن
راح يقارن نفسه بأيوب ، وكأنه يضع نفسه فى مكان الضحية من بطش قوى عظمى
غاشمة ، بما يهين الرب ويمجد چورچ دبليو . بوش فى ذات
الوقت ! ]
هل نحن غاضبون ؟ هل خسرت العلمانية بعضا من
رموزها ؟ هل نجدها فرصة لتسخيف الدين ؟ هل نجدها فرصة لتكرار كلام
مستهلك عن انتهازية اليسار ، أو عن أن بوش سيمرغ بديين ( أو أيا من
كان مرشح الجمهوريين ) البلاط فى الانتخابات القادمة ؟ كلا ، لا
أى شىء من هذا . نحن سعداء ! نعم ببساطة سعداء . هذه نبوءة قديمة
لنا . المتدينون مكانهم الطبيعى والتاريخى فى حجر اليسار ، واليسار
مكانه الطبيعى والتاريخى فى حجر الدين . هو حلف طبيعى وتاريخى لأعداء
المستقبل أعداء التقدم أعداء الدارونية أعداء التنافسية أعداء قوانين
الطبيعة .
بينما يتجه اليمين للعلمانية فيما
( أولا ) تنبأت به و( ثانيا ) رصدته هذه الصفحة منذ بدايتها تماما بعبارة ’ الليبرالية هى آدم سميث وليست بيلل كلينتون ،
واليمين هو تشارلز داروين وليس يسوع المسيح ! ‘ ، ها هو الجزء الثانى من النبوءة أو الدعوة ( سمها ما
شئت ) ، يتحقق بأسرع مما توقعنا ، ألا وهو أن كل ما سنخسره هو
حفنة من المتدينين يذهبون لصفوف اليسار ، وفى المقابل سنكسب كل فرد ممن
يؤمنون بالاقتصاد الحر وفى طليعتهم العلمانيون الحقيقيون ( يقولون إنه فى
إيطاليا يدخل اليساريون حاليا فى دين الله ‑الإسلام من غيره ؟‑
قصة الجلوب رصدت أيضا كيف دأب المرشح الديموقراطى
الآخر ريتشارد إيه . چيفارت على وصف شفاء ابنه بأنه عطية من الرب .
وطبعا دع جانبا حشد القساوسة والقسيسات من المرشحين ، وطبعا طبعا دع جانبا
صاحب الركن الخاص أخونا الأكبر چوزيف ليبرمان الذى يقدس يوم يهوه‑الرب
المسمى السبت اليهودى ولا يقوم فيه بأية دعاية انتخابية ! باختصار : أيا أهل اليسار : كلكم موصومون ، كان المتوقع منكم
أن تهاجموا تدين بوش فإذا بكم تزايدون عليه . حقا ، الدين للدهماء
فهنيئا لكم به . ما نريده شىء واحد فقط : ألا يفكر اليسار أبدا فى
وعظنا بالعلمانية مرة ثانية أبدا ! عامة بالنسبة
للسباق الديموقراطى الترجيح حتى الآن كبير لصالح ديين ، والواضح أن تحريضه
الطبقى الصارخ ونبرته العالية التى تبث مرارة الغضب والكراهية طوال الوقت ،
وبالذات مع الشباب عبر اكتشافه المذهل المسمى الإنترنيت ( على طريقة The Blair Witch Project ! ) ، تبدو
فعالة كثيرا حتى الآن ، وتجعل بقية المرشحين من حزبه فى موقف المدافعين
الأقزام ، ممن يتلجلجون وهم يحاول شرح سياسة غير مفهومة وغير جذابة اسمها
الطريق الثالث .
هذا هو ترجيحنا ، المؤكد منه شىء واحد أن
هزيمة المرشح الديموقراطى أيا من كان ستكون ساحقة ومهينة للغاية . والمؤكد
أيضا رأينا المعتاد ( جدا ) عن أن كلام اليسار الجميل عن
العدالة والمساواة وتوزيع الثروة لم يعد ينطلى على أحد بمن فيهم الفقراء أنفسهم .
عمليا وتاريخيا لم يعنى قط إلا توزيع الفقر على الجميع ، ونهب أقلية فاسدة
لفتات الثروة المتبقى فى ظل الريچيم الاشتراكى ، ناهيك عن أن أى دعم لو ذهب
للفقراء فعلا ، فإنه لا ينهض بهم إنما فقط يشجعهم على المزيد من
الإنجاب ، أى مفاقمة مشكلة الفقر . الكل يكاد يكون مؤمنا الآن بقوانين
المنافسة وأن ليمت من يمت ويعش من يعش ، لأنه ببساطة لا مجال بعد الآن
لسياسة الموات للجميع ، وقطعا لا يمثل هاوارد ديين أية فرصة جديدة لها
لإثبات نفسها وصلاحيتها ، تكون أفضل من تلك الفرصة التى منحت بكامل اتساعها
يوما لچوزيف ستالين !
هل تعرف ما هو الجزء المحبب إلى قلبنا أكثر من غيره
فى كل هذا ؟ إنه عبارة لچيين هاكمان فى الفيلم الجديد هيئة المحلفين
الهاربة Runaway Jury ، حيث يقول ’ لا أحب
المعمدانيين ، لا أحب الديموقراطيين ‘ . يقوم فى الفيلم بدور
مستشار باهظ الثمن لاختيار هيئات المحلفين يشتغل طبعا لحساب الجانب الخطأ من
العدالة ، وهو شركة لتصنيع الأسلحة ( ألا يذكرك هذا بتشارلتون هيستون نعم طبعا هو كذلك ، لكن العبارة لم تعجب
أكثرية النقاد وعلى رأسهم أشهر الأحياء منهم روچر
إيبرت الذى ورث كل حذلقة سلفه الأكثر شهرة پولين كايل . تساءلوا إذا
كان لا يحب المعمدانيين ولا يحب الديموقراطيين فمن يريد بالضبط هل يريد
’ جمهوريين علمانيين ‘ ؟ مرة أخرى نعم طبعا . هذا ما قصده
الفيلم بالضبط . من يمثل شركة بيزنس كبيرة تقع مصلحته الحقيقية مع
رأسماليين كبار يؤمنون بالاقتصاد الحر ، ولا يؤمنون بهراء الدين
( بالمناسبة هاوارد ديين اكتشف فجأة أيضا أن المسيح كان ضد الأغنياء ونصير
للفقراء وأنه من ثم أعظم يسارى فى التاريخ . كما أنه لاحظ أيضا بذكاء واضح
أن أكبر رموز اليمين الأميركى فى النصف الثانى من القرن العشرين ريتشارد نيكسون
ورونالد ريجان دائما ما تحاشيا الحديث العلنى فى أشياء تخص الدين بل كانوا
يتجاهلانه تماما —مرة أخرى ارجع لجديثه
مع الجلوب ) . المهم ، ما أربك النقاد هو أنهم لم يروا ما
رآه الفيلم من تحولات فى الخريطة السياسية ، وأن اليمين يتعلمن بأسرع مما
يتخيل أحد ، وأن اليسار يطلق العلمانية أيضا بأسرع مما يتوقع أحد .
ويرى من ثم أن موقف اليسار ‑ومنه طبعا صناع الفيلم‑ هو أن يجب أن
يوجهوا من الآن فصاعدا سهامهم للعلمانية وأن يدافعوا عن الدين . وهذا ما
فعله الفيلم بعبارته المربكة ‑لكن الملهمة حقا‑ التى وضعها على لسان
شخصيته الشريرة الرئيسة . اكتب رأيك هنا
[ تحديث :
20 يناير 2004 : هأ ! تمخض الجبل فولد
فأرا : خسر ديين أول انتخابات ، وهى انتخابات أيوا اليوم ،
هل تعرف ماذا كان رد فعل ديين على
فوز كيرى المتواضع البشوش وإدواردز الأرستقراطى الهادئ ( أو هكذا
يبدوان ) ؟ رفع صوته بالصراخ أعلى وأعلى ! ] . [ تحديث : 16 فبراير 2004 : آخر
أخبار الانتخابات : 1- چون كيرى داخل على فضيحة
جنسية . الخيانة ، النفاق ، الظهور بوجهين ، سمات يسارية
أصيلة . موش غريبة أو حتى موش مشكلة ، رغم أن عنوان التليجراف إمبارح
بيقول : كيرى فى خطر . 2- الأدهى النهارده
أن العرب بالذات الأثرياء والطبقة الوسطى منهم ، يجمعون الأموال لدعم حملة
بوش ، ويشكرون له حملته لاحتلال العراق . 3- برضه لسه الـ 200 أو الـ 300
مليون إلى هيجمعهم بوش ما ظهروش لغاية دلوقت ، ودول هيعملوا للانتخابات
منظر جامد قوى ! خليك معانا ! ] .
[ تحديث :
6 مارس 2004 : چون كيرى انتقد النهارده
عدم مساندة بوش لديكتاتور هيتى چان‑برتراند أريستيد مما أدى لسقوطه فى
ثورة شعبية الأسبوع
ده . بصراحة ، بصراحة ؟ شجاعة ! فعلا ! الأخ كيرى إللى مؤكد
رسمى خلاص أنه إللى هينافس بوش على الرئاسة بعد كام شهر ، بيدافع عن
الديكتاتورات اليساريين ، وموش خايف من إللى هيجرى له فى الانتخابات .
بصراحة ، بصراحة ، أنا توقعت من اليسار الأميركى أنه يكون أنذل من كده
بكتير .
الشىء الأروع من كده فى هذا أنه
يؤكد للمرة الألف جمال رؤية تقسيم العالم ليمين ويسار . فعلا إطار رؤية
مريح فعال وبيفسر تقريبا كل حاجة . جايز فيه بعض الحاجات إللى موش مفهومة
قوى زى الحلف الشيوعجى‑الإسلامجى‑العروبجى
العالمى ، إللى بيخليكم من وقت للتانى تستعجبوا إيه إللى جمع الشامى ع
المغربى . لكن التقسيم ظريف عامة ، والأظرف منه لو حكيناه بالتفصيل
وسمينا الاثنين حزب الحضارة والتقدم
والبناء والحرية والاقتصاد التنافسى ، ضد حزب الماضوية والتخلف والفقر
للجميع ومصادرة الحريات وعداوة النجاح . هل كان كيرى سينتقد كارتر على سقوط
شاه إيران إللى يعتبر حليف جدا جدا لأميركا ؟ أشك تماما . هل لو
نيكسون أو ريجان فى السلطة ساعتها سنة 1979 كانوا هيسمحوا بسقوط شاه
إيران ؟ أشك أكتر وأكتر . هذا يدلك على الحزبين المذكورين
أحزاب عابرة للقوميات وللقارات . كل يمين العالم ضد كل يسار العالم .
جلوباليزيشن يعنى ! المهم فى كل ده أن دعوتنا أن يا صفوة العالم اتحدوا تتحقق بقوة وسرعة
لا تقلان عن قوة وسرعة الحزب المضاد فى تحقيق شعار أن يا حثالة العالم اتحدوا ! نرجع للسؤال هو كيرى بيغامر بحاجة
زى كده ليه ؟ الإجابة إن الراجل عارف أنه موش هيفوز أبدا بالرئاسة ،
وإن قدامه كام شهر موش أكتر يحاول ينتزع فيهم لقب زعيم حثالة العالم ولو مؤقتا
من چاك شيراك ! … عزيزى القارئ : كل
أريستيد وأنت طيب ! ] .
23 فبراير 2004 : لأننا فى كون نقيض اسمه العالم العربى ،
فإن كل الأشياء الجيدة تأتى بنتائج سيئة . قرار إلغاء عقوبة الحبس للصحفيين فى مصر الذى اتخذ اليوم ،
معناه ببساطة رخصة مجانية للتشهير برجال البيزنس ، ولتفليس كل
الاقتصاد ، ولهروب كل المستثمرين . يا للمهزلة : الصحفيون يحصلون
على الحصانة ، بينما الأولى منهم بها ألف مرة رجال البيزنس الذين يطعمون كل
البشر ، يشردون بجرة قلم واحدة من أحد هؤلاء الفاسدين ! لا أعتقد أنه قرار جاء بإملاء من الرئيس الأميركى
كما يشيع بعض الصحفيين الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب ( أو ما
نسميه استمراء وضعية المعارضة أو الشكوى ) ،
إنما هو مبادرة ذاتية من مؤسسة الرئاسة
قصد بها التمهيد لزيارة مبارك الوشيكة لواشينجتون ، تعتقد أنها سوف تسعد
أميركا بها ، بزعم أن ها هى الحريات قد صارت أوسع فى مصر ، ومن عادة
رئيسنا يبقشش على أميركا كل شوية ، رد جميل يعنى ، شوف هم بيدونا
معونات قد إيه . بينما الحقيقة أن الحريات فى مصر أمة الفساد الأكبر عالميا
أوسع بكثير مما يجب ، وأن الحريات السياسية وحرية الصحافة بالذات ليست
سلاحا ضد الفساد ، بل هى ركن أركان هذا الفساد وعماده ، والورقة
السهلة فى لعبة الابتزاز والمزايدة المتبادلة بين الجميع . الكل يعلم أيضا
أن تلك الخطوة خدعة قصد بها التغرير بأميركا الساذجة وليس أكثر . والكل
يعلم أن القرار الصحيح فى حالتنا المصرية هو تشديد العقوبة لتصل للإعدام ،
وأن ما تقرر كان مجرد اقتناص لفرصة ذهبية لا تعوض لمزيد من تأكيد الوجه الشيوعى
لمصر الذى حرصت عليه مؤسسة الرئاسة وغير مؤسسة الرئاسة منذ فجر التاريخ
فيها ، وأنه ليست مكسبا لليبرالية بأى قدر من الأقدار أو بأى معنى من
المعانى .
الأدهى أن حتى ما سيؤدى له القرار من المزيد من
التشهير المجانى بالمسئولين الحكوميين الفاسدين لا قيمة له لأنه شىء قائم فعلا
على قدم وساق الآن فى حرب اقتسام كعكة الفساد المستعرة بين الحكومة والصحافة
المصرية . كل ما سيحدث هو تسهيل التشهير ببعض غير الفاسدين ممن لا يسهلون
للمعارضة أو الصحافة ما تبغيانه من فساد ومآرب شخصية . دون أن نقلل من شأن
هذا ، نقول إن هؤلاء ، بالذات حين تثبت براءتهم ، لن يفقدوا شيئا
ولا حتى مرتباتهم المتواضعة . فالمشكلة ليست فى التشهير بموظفى الحكومة
أصلا ، إنما فى أن بيزنسات
وأسواق أوراق مالية بالبلايين يمكن أن تنهار بمجرد إشاعة صحفية مغرضة ،
ويفلت الجانى بمجرد لوم إدارى أو تعويض ألف جنيه .
… إذن هى فاجعة فسادية جديدة تضاف إلى ما لدينا من
كوارث أصلا ، ولا نعدك بأن نعود لك حين تتوالى قصص هروب أو إفلاس ما تبقى
من البيزنس أو الاستثمار ، تحت معاول صحافة كراهية النجاح اليسارجية
العربجية الإسلامجية ، فالموضوع مقرف مقرف مقرف ! السؤال فقط ما هو موقف الحالمين من يسيرون على
الحبال ممن يسمون فى مصر زيفا بالليبراليين ، ويتحاشون دوما الإجابة على
السؤال ( ربما خوفا من أن يلحقهم نفس مصير رضا هلال ) : أيهما يأتى أولا
فى كوننا النقيض هذا : الحرية السياسية أم الحرية الاقتصادية ؟ طبعا
قوى التحريض الظلامية سعيدة جدا ‑وستظل سعيدة جدا‑ بهم ، لأنهم
سيأتون لها بحرية الانتخابات على طبق من ذهب ، وطالما هم خجلون فيما يخص
الحريات الاقتصادية ساكتون تماما فيما يخص الحريات الشخصية ! … تحديث عاجل ، نفس
اليوم ، ’ إكسترا ! ‘ بلغة بياعين الجرايد بتوع زمان ،
’ اقرأ الملحق ! ‘ يعنى : أما وقد علمت الآن بأن النقابة
تنوى التقدم بمشروع قانون يجعل الحد الأقصى للغرامة 10 آلاف جنيها ، إليكم
عرضى الخاص جدا ولفترة محدودة لكل رجال البيزنس فى بر مصر : أنا مستعد
لتشويه سمعة أى من خصومكم فى السوق مقابل 20 ألف جنيه للواحد . ولا تعتقد
أنى أبيع نفسى بثمن بخس . فخطة البيزنس التى وضعتها تضمن لى على الأقل دخلا
شهريا قدره مليون جنيه . موش كده وبس ده كمان أحلى ما فيها أنها خالصة
الضرائب . بل إنى سأكون حتى أخبث من الجميع وسوف استخدم أحيانا قضايا فساد
حقيقية وما أكثرها ، حتى أكتسب شهرة ومصداقية عند القراء وعند
القضاة ، وطبعا عند الزبائن الذين سيحفظون عن ظهر قلب رقم حسابى المصرفى فى
جزيرة … ، ولا بلاش دى أحسن . دارى على شمعتك زى ما بيقولوا ! أيضا على المحامين الراغبين فى
الدفاع عنى التقدم بعروضهم من الآن . إنها فرصة العمر لكن أنتم أيضا ! أنا حاطط إيدى على قلبى من حاجة
واحدة بس : إن يكون السر ورا القانون الجميل ده أن مسئول كبير قرر يبقى صحفى ! |
| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT
| LATEST
|