|
|
|
العرب
ومستقبل الثقافات القومية
لماذا نحن
دائما فى الجانب الخطأ من معركة الحضارة ؟
—أو : لعنة الچيين المفقود !
( الجزء الرابع )
Arabs and the
Future of National Cultures
Why We’re Always
on the Wrong Side of the Battle of Civilization?
—Or: The Curse of the Lost Gene!
(Part IV)
| FIRST | PREVIOUS | PART IV | NEXT
| LATEST
|
الآن : العرب ومستقبل الثقافات
القومية لماذا نحن
دائما فى الجانب الخطأ من معركة الحضارة ؟ Arabs and the
Future of National Cultures Why We’re
Always on the Wrong Side of the الدراسة الرئيسة لصفحة الثقافة على هيئة ملف .pdf أنيق سهل التنزيل والطباعة … هذه
الدراسة التى تقع فى نحو 140 صفحة ( أو نحو 4 ميجا بايت ) ،
وكتبت ما بين أپريل 1992 ومايو 1996 ، هى أقدم ما عمم حصريا من خلال قسم
الرأى بالموقع ، وتمثل تلخيصا متكاملا لأغلب ما طرح فيه من أفكار جريئة
وصادمة على مدى قرابة عقد كامل . هذه
الدراسة التى ستضاف لكتاب ’ حضارة ما بعد الإنسان ‘ الأقدم الذى عمم
مستقلا مطبوعا سنة 1989 ، ويمثل أيضا حجر زاوية أساس لأفكار هذا
الموقع ، انضمت الآن تنزيل
كتاب ’ العرب ومستقبل الثقافات القومية ‘ هنا تنزيل
كتاب ’ حضارة ما بعد الإنسان ‘ هنا القائمة الكاملة للكتب والكتيبات المتاحة كملفات .pdf هنا |
NEW: [Last Minor or Link Updates: Sunday, January 30, 2011].
August
13-29, 2004: Cultural footnotes on the margin
of Athens Olympic Games! Also: The infiltration of a clear and present Islamic agenda in
the Olympic community is threatening to repeat the history: As the Christianity
ended the old Olympics the modern ones are about to be finished by Islam!
February
25, 2004: How to talk about Japanese without
mistakenly thinking that you glorify them? The Last Samurai and another bunch
of movies raise the question!
February 20, 2004: We’re not alone! Zeev Boim says Arabs have a ‘genetic defect!’
In Part III
August 18, 2003: Zayed Center closed. They should have listened from the start to our old Shut-up advice!
August
16, 2003: Where and why did Reda Helal
vanish?
August 15, 2003: Blackouts, American and Arab, what’s the difference?
December 12, 2002: A little apology for what so-called ‘racism.’ What about some scientific facts that everybody ignores?
October 11-16, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: U.S. decides to occupy Iraq and assign a new General MacArthur as a military ruler. BUT: Could it work in Egypt also?
In Part II
July 23, 2002: Masters of defeat gather to celebrate the most notorious disaster in the modern Arab history: Egypt’s July 23, 1952 ‘revolution’!
June
7, 2002: FIFA World Cup as a
demonstration of Man-Machine conflict. Also as a demonstration of Arab culture
illnesses!
May 5, 2002: VOA Arabic signing off, sorrowfully for the last time. A new broadcast launched!
April 6, 2002: A HISTORY MADE! First Human Cloning. Surprisingly, it’s an Arab cultural event than a scientific one!
March 18, 2002: Thatcher’s new book!
March 15, 2002: EgyptAir Flight 990 crash: All secrets revealed. It’s just an ‘internal affairs’ issue of the Islamic Brotherhood.
January 31, 2002: What’s ‘Right?’ A simple question has never been answered in the eternally left-wing Arabic language!
January 1, 2002: How to repair the image of Islam in the West? Here’s our advice: JUST SHUT UP!
November 30, 2001: The ‘Arab Street’ is dead silent. Why?
November
18, 2001: Arabic MTV. WHAT AN IDEA!
But, could it really work?
October 7, 2001: A whole new page on the concept of civilization and the misconceiving of clash of cultures as a clash of civilizations!
January 25, 2001: EgyptAir officially acknowledges liability for Flight 990 crash.
January
17, 2001: Arab unity accomplished at
last: Nabil Ali’s new book Arab Culture and the Information Age.
October 20, 2000: Hezbollah website ruined; some lessons obtained. Or may not?!
…
In Part I
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء 2 ، جزء 3 ) :
7 يناير 2004 : مررت هذا الأسبوع بقصة
عائلية جدا قريبة جدا ، لم تهدأ بعد لكنى بدأت أتأملها من منظور العقل
العربى ، فاكتشفت أنى أنفقت من عمرى مجهودا أكبر مما يجب فى فهم العقلية
العربية ، بينما هى كامنة هناك فى أصغر وأبسط المستويات ، وكأن
بالإمكان التوصل لكل شىء بمجرد تطبيق شعار تنظيم الأسرة الشهير ’ انظر حولك ! ‘ . فى وضع الفقر كان المتغلب على هذه الزوجة الإحساس
بالدونية ، ومن ثم قررت السفر لإحدى دول الخليج والعودة بثروة ( هذا
هو أول شبه بالأوضاع العربية ، ظهور الپترول ) . شجعها الزوج على
ذلك بافتراض أن استقلاليتها ستقوى من نفسيتها وتجعلها أكبر ثقة بالذات وبالغير
وانفتاحا على العالم . كان يفترض أن يتحقق الاستقرار الأسرى وسعادة
الأبناء ، لكن إذا بمرض جديد يحل بها ، هو هاجس أن الكل يطمع فى
أموالها ( وسواس أو پارانويا العرب أن لديهم كنوز
الأرض التى لا يمتلكها أحد وأنهم مستهدفون منهوبون ) . قررت أن لا
تنفق مليما واحدا من تلك الأموال ، وتصاعدت المبررات لدرجة أن وصلت لأنها
قررت حرمان الأبناء من كل شىء ، وأن تبقيها كلها من أجل احتمال إصابتها
يوما بمرض عضال ( نظرية المؤامرة
مرة أخرى . كل الطبيعة بل حتى ما وراء الطبيعة تستهدف العرب وأرض العرب
وثروة العرب ) . بدا الزوج يفكر فى الانفصال ولو مؤقتا ، كى
يهدئ تلك المخاوف . فهو فعلا وببساطة لا يريد تلك الأموال . فى
البداية تحدته أن يفعل ، فهى لم تتخيل قط أن سوف يستغنى على أموالها
( عرفات يستخدم مع باراك سياسة حافة
الهاوية معتقدا أن بأيديه أوراق ضغط جسيمة لا بد وأن يرضخ لها هذا الأخير فى
نهاية المطاف ) . حاول إفهامها أن السعادة والاستمتاع بالحياة مكاسب
ذات ثمن لا يقدر بالمال ، لكنها كانت كلها آذان صماء ( العرب حين
رفضوا على عروض السلام كان يغريهم
المكسب القريب التافه كالتشبث بقطعة أرض لا تساوى شيئا ، بينما يهملون
الخسارة البعيدة الجسيمة ) ، بل الواقع أن الإحساس بالدونية نحو من هو
أرقى وأكثر تقدما وعملية فى التفكير بدأ يتحول فعلا إلى كراهية وحقد يأكل الروح
لا علاج لهما ( الانتفاضة
الفلسطينية أكلت الأخضر واليابس فى المستقبليات الفلسطينية قبل أن تضر
بإسرائيل نفسها ) . أظهر الزوج صرامة أكبر نحو الانفصال فليس بيديه من
بديل أمام ذلك الجحيم اليومى . هذا لم يهدئ الهواجس بل قلب الحياة جحيما
أكبر . ظهرت هواجس أخرى على نحو أكثر تفاقما . إنه على علاقة بأخرى
( پارانويات العرب متنوعة ولا نهاية
لها ) . حزم الزوج أمره ، تركها تذهب بأموالها الطائلة واكتفى
بشقته التى بناها بعرقه وحده . الانفصال ( الجدار الأمنى العازل ) ،
لم يؤد لهدوء الأمور ، بل اعتبرت أنه قد طردها ، ورفعت القضايا تطالب
بنفقة وبتعويضات وتحاول الاستيلاء على ممتلكات شقته ( اللجوء الدائم للأمم
المتحدة ومحاكم بروكسل ومحكمة العدل الدولية …إلخ ) . أيضا هيجت
الجميع ضده ( تماما كما نهيج العالم على أى تحرك إسرائيلى كان فى أرض لبنان
أو ضد الفلسطينيين لأننا ببساطة نظل شهور نصم آذاننا عما يفعله هؤلاء ضد إسرائيل
الصابرة ، ونثور فقط حين تهم بالرد عليه ) . المشكلة أن معظم القوانين القائمة فى صف تلك الزوجة
( هذه تماما مثل قوانين منظمة الأمم المعدمة
اليالتية الاشتراكية المتحدة ) . الزوج ليس منغلقا ، بل فى
الواقع هو من نصيرى حقوق المرأة وتمكينها ومساواتها بالرجل ، لكن المشكلة
أن القوانين لا تنطلق من مبدأ كالمساواة إنما وضع قائم فى بلادنا المتخلفة يفترض
أنها مظلومة على طول الخط ، ولا تضع فى الاعتبار الحالة العكسية أبدا مهما
كانت نادرة . كتبت تلك القوانين لانتزاع أقصى حقوق ممكنة منها على حساب
الرجل ، وليس بناء على مبادئ عامة تنصف المظلوم سواء رجلا أو امرأة ،
كمبدأ تقاسم الثروة مناصفة المعمول به فى الغرب مثلا ( قوانين الأمم المتدة
تدعو لتصفية الاستعمار أيا ما كان إجرام أو تخلف الطرف الآخر ) . مع ذلك أشار عليه أصدقاؤه أن يلعب بنفس
اللعبة ، العدالة ليست غبية لهذه الدرجة ، وعليه أن يلجأ للقضاء
مطالبا بأن تعاونه فى مصروفات تعليم الأبناء الباهظة وما إليها ( أميركا
حين تلجأ للأمم المتحدة لاستصدار قرارات ، أو حين تراعى قواعد اتفاقيات
چينيڤ وما إليها ، فى حروبها فى أفغانستان أو العراق ، ولا تلجأ
للإبادة الكتلية مثلا ) . ربما يفعل هذا ، لكنى أشك أنه سوف يحقق
شيئا من هذا المسعى ، ولو جاءه العدل فسيجئ متأخرا جدا وبعد فوات
الأوان ، وفى كلماتنا العربية الدارجة العدالة البطيئة هى الظلم
عينه . محاولات الصلح كانت تعامل دوما على النحو
التالى : لو أبدى أية مرونة نحو أى عرض منها يفسر على الفور بأن الصفقة
خاسرة وتسحب العرض مفترضة أنها تستطيع الحصول على مزايا أكبر . ظل لسنوات
يقول لها الزواج والأسرة دونا عن مناشط الحياة الأخرى ، يعنيان أن تعطى كل
شىء وتأخذ كل شىء ، لكنها كانت ولا تزال تراهما كأى شىء آخر فى الدنيا
مسألة ’ فصال ‘ . هذه عادتها ، وبالمناسبة هى تفعل هذا
عندما تذهب لشراء أى شىء وتدخل فى مفاوضات طويلة مع البائع فإذا وافق تسحب
عرضها ! وطبعا هو عينه ما يفعله العرب منذ 1948 حيث يرفضون كل ما يعرض
عليهم بافتراض أن الطرف الآخر لا بد وأنه الرابح فى كل من هذه الصفقات ! بالمثل عادتها كانت أن تترجم كل خطوة يقترب بها
الزوج إليها أن المصلحة وليس الحب أو الطيبة أو رغبة حياة السكينة هى الدوافع
وراءها ، والآن تترجم قبوله لأى من عروض المصالحة بأنها دليل ضعف موقفه
وتتشدد أكثر . أيضا أليس هذا ما فعله العرب طوال الوقت مع كل مبادرات
السلام ؟ أما هكذا وقد تستمر الحياة جحيما حتى برغم
الانفصال ، فقد يبقى الخيار الوحيد أمامه بعد قليل هو قتلها ( خيار الإبادة المشار إليه والمسكوت عنه ) .
لكن هنا أيضا توجد مشكلة القانون ، فهو سوف يعاقب بشدة كما سيصبح مجرما فى
نظر كل الناس . هذا لن يكون قتلا إنما انتحارا ( اتفاقيات القانون
الدولى وچينيڤ وما إليها برداءتها وغباوتها التى لا تميز بين البناءين
والهدامين أو بين التقدم والتخلف ) . الآن فقط فهمت لماذا يحجم رئيس
الولايات المتحدة عن ضغط الزر . إنه خوفه من العقاب ، زائد أنه سيبرز
سفاحا مدانا فى نظر كل الدنيا . لكن مهلا ! يظل هناك فرق بين ذلك الزوج البائس المغلوب على أمره وبين
رئيس الولايات المتحدة . إن الأخير شخص ذو قدرة لا نهائية . عليه أن
يسمو يوما فوق كل القيم الغثة السائدة ، ويرتقى بمعايير التقدم فى هذا
الكوكب خطوة للأمام . سيكون فى وسعه إفعال قوى الطبيعة وقوانين العيش
للأصلح والانتخاب الطبيعى والانتخاب المحاكى للطبيعة . ستصبح الدنيا غير
الدنيا ، لن يعاقبه أحد ، بل سيتأملون نتائج فعلته الممثلة فى عالم
جديد مقدام . ستمضى برهة من الذهول لكن سيستوعبون فى النهاية الحكمة مما
حدث ، حين يرون أنهم باتوا يعيشون فى عالم أفضل بعد القضاء على كل
المتخلفين ، وأنهم لم يكونوا أولئك البؤساء الذين يستحقون العطف
والمساعدة ، بل أن التخلف ينطوى على قوة شر ودمار لا يمكن التعاطى
معها ، ويمكن فقط إبادتها . أخيرا نأتى لأطروحة الچيينات التقليدية . لن أفصح عن
ديانة هؤلاء الزوجين ، فقط أقول إن تلك الزوجة تنتمى قلبا وقالبا لفصيلة الچيينات الأرثوذوكسية‑الإسلامية ،
بينما الزوج سليل جد إنجليزى استقر فى صعيد مصر بعيد أن قدم فى القرن التاسع عشر
للاشتغال فى بناء قناطر أسيوط كمساح مدنى أو شىء كهذا ! نعم للأسف هى ‑كأى مشكلة أخرى فى الدنيا‑
مشكلة چيينية ، ولو كان ذاك الزوج كغيره فى بلادنا صاحب چيينات أرثوذوكسية‑إسلامية
نمطية ، وقمع زوجته من البداية وعاملها كما يفعل الجميع كبقية متاع
البيت ، ولا تعرف كلمة التحرر طريقها لقاموسه بأى معنى من المعانى ،
لما كان الآن واقعا فى كل تلك المشاكل ! اكتب رأيك هنا [ تحديث : 5 نوڤمبر 2004 : نهاية سعيدة ! اليوم عيد الميلاد التسعون لأب ذلك الزوج ، وطلبت منه زوجته
الذهاب للاحتفال به سويا . نيتها قوية للعودة إليه ، ستحاول كثيرا ألا
تغضبه ، وهو سيفعل أقصى ما عنده أيضا . ترى هل صلح العرب وإسرائيل
( أم مع التقدم نفسه ) قابل للتحقق على الأرض يوما ؟ هل سيدوم
طويلا ؟ بل هل أصلا سيدوم طويلا وفاق هذين الزوجين ؟ سننتظر
ونرى ! ] . [ تحديث : 9 فبراير 2005 :
حتى اللحظة لا تزال على ما يرام ، بل ربما تسير من أفضل لأفضل . إلى
هذين الصديقين الغارقين حاليا فى الحب ، نهدى ثيمة هذا العام الجديد بعنوان
In the Mood for Love . انظر هذا المدخل فى صفحة الجنس ، وجزء منه مواصلة لشأن ثقافى كنا
قد وعدنا به من قبل فى ذات تلك
الصفحة ، وهو أيهما أكثر قبحا فى عربستان ، قناة الجعيرة أم ما يجرى
فى الفراش العربى . كذلك استمع هنا
إلى لحن العام الجديد المختار لذات المناسبة ، ’ إيڤرجريين ‘
لباربرا سترايساند ! ] . 20 يناير 2004 : مناظرة برنامج الاتجاه
المعاكس اليوم
بين صادق جلال العظم والترابى ربما سيدخل التاريخ كنقطة تحول ، بالذات إن
لاحظنا أن شهرة الجزيرة فى سنواتها الأولى جاءت بالأخص من استضافتها غير
المسبوقة للعلمانيين ، ولجلال العظم تحديدا ( مثلا فى مواجهة مع الشيخ
القرضاوى ) ، ليقول كلاما علمانيا مطلق الصراحة فى رفض الدين ،
ذلك لأول مرة فى تاريخ شاشات التليڤزيون الناطقة بالعربية . طبعا ربما لن تستطيع احتمال غثاء أن يظل الترابى
يردد طوال الوقت أن الإسلام قلب السكون إلى ’ حركة ‘ فى كل مكان فى
العالم . هذه حجته الوحيدة ، صدق أو لا تصدق : السكون أصبح
الحركة ! هذا دون أن يناقش فحوى هذه الحركة التى هى كارثية بالكامل فى
الواقع ، أو يتحدث عن اوهام أو قلب للكلمات على طريقة محمد حسنين هيكل
التاريخية الشهيرة ( أو بالأحرى طريقة الإسلام الذى صنع المنتقم الجبار ثم
راح يدعوه الرحمن الرحيم ! ) ، ذلك مثل تسميته هذا التخلف متزايد
الإزمان بنهضة اقتصادية أو بتحرير للمرأة ( نعم نهضة وتحرير هذه
مصطلحاته ) . ربما نقطة الضعف الوحيدة فى مناظره والتى حاول الإمساك
بها أكثر من مرة ، وإن دون نجاح واضح ، هى تذكيره بكونه شيوعيا ومن ثم
مقارنة الحركة الإسلامية بالحركة الشيوعية . طبعا لو سألتنا رأينا لقلنا لك
كالعادة إنها مسألة
چيينات ، وكل تخلفنا شيوعيا أو عربجيا أو إسلاميا هو نتاج لتلك
الچيينات . مع ذلك أقول إنى سعدت بتلك الندوة أيما سعادة لسبب
ربما يكون غريبا ، هو نسبة ذلك التصويت على سؤال العنوان ’ هل وصل
الإسلاميون إلى طريق مسدود ؟ ‘ . من قالوا نعم 21 0/0
عبر الهاتف و28 0/0 عبر الإنترنيت . فى رأيى
المفاجأة الحقيقية للحلقة هى نتيجة هذا التصويت . هذه نسب كبيرة جدا
جدا . بصراحة كنت أتخيل أن من سيجيبون بلا 99 0/0 أو
أكثر . هذا معناه الناس بتفكر وما حدش يقدر يمنعها م
التفكير . لكن هل تفتكر فيه أمل حقيقى ، ولا هى أقلية أو انفعال مؤقت
والچيينات ستحسم كل شىء زى كل مرة ؟ اكتب رأيك هنا 20 فبراير 2004 : هأ ، لسنا وحدنا ! نائب وزير الدفاع الإسرائيلى يقول هو أيضا
أن لدى العرب خللا چيينيا ! الحقيقية جلية بحيث لا يخطئها إلا أعمى ،
ولك على الأقل أن تقرأ تحليلنا المطول قبل عقد من الزمان فى الدراسة الرئيسة لصفحة الثقافة . مع ذلك نقول إن
العالم ليس بعد إلا فى بداية فهم أولية جدا للعقل العربى ، ناهيك عن فهم
العمق الچيينى لكل شىء فى الحياة البشرية . قبل نحو عامين سعدنا أيضا أيما
سعادة بإدخال هنرى كيسينچر لمصطلح الطبقات الچيولوچية للشعوب للغة الأدبيات
السياسية ، وتمثلناه على أنه يتحدث عن ذات الشىء الذى نسميه نحن العمق
الچيينى . الآن ينضم زئيف بويم بقوله إن قتل الفلسطينيين لليهود لا بد وأن
يعبر عن خلل چيينى genetic defect . هذا الحديث نقلته إذاعة إسرائيل من حفل
تخليد ذكرى الضحايا السبع والثلاثين لحافلة تل أبيب التى فجرت فى 11 مارس
1978 . بعد ساعات منه علق عليه يهئيل هازان عضو الليكود ( لاحظ ليس
عضو حزب يمينى حقيقى مما يسميه العرب يمينيا متطرفا ! ) قائلا إن بويم
محق تماما ، وإن قتل العرب لليهود لمئات السنين ( ربما أعصابه أقوى من
كثير منا على قراءة سيرة ابن هشام ! ) لا بد وأن يعنى أنه شىء يجرى فى
عروقهم وأنه چيينى ولا توجد طريقة أخرى للتفسير I think
(Zeef Boim) is absolutely right. For hundreds of years Arabs have been
slaughtering Jews ... they have it in their blood, this is genetic. There is
no other way to explain ( الاقتباسان لم يذيعا عالميا على نظاق واسع فيما يبدو ،
ومن ثم نشكر عرب
نيوز السعودية‑اللندنية على أن حفظتهما لنا ) . من هنا قلنا
إن الفهم ليس بعد إلا فى بدايته . هم يتحدثون عن القتل فقط وأحيانا عن الفلسطينيين فقط ،
بينما البنية الچيينية للعرب تعبر عن أشياء أوسع بكثير وأعمق بكثير ، وتشمل
كل مكونات الثقافة والسلوك والنظرة للعالم وللغير وللذات والمرأة والطفل
والعشيرة والدين …إلخ …إلخ ، ولن شئنا أن نستطرد لأعدنا كتابة كل موقعنا
هذا ، أو على الأقل الدراسة
القديمة المؤسسة لهذا المشار إليها . نعم ، العالم يحبو خطواته الأولى نحو
الفهم ، أو بلغة المصريين الجايات أكتر من الرايحات ! اكتب رأيك هنا
25 فبراير 2004 : إذا كان ’ اقتل بيلل ‘ فيلما لذيذا لا يثير من
الفكر الكثير ، ويمتع بالخصوص ذوى الثقافة السينمائية درجة ب ممن يولعون بڤيديوهات
المانجا والاستحراك التليڤزيونى الياپانية ، أو بالأخص جدا متوسطى
العمر منهم من أمثالنا ممن يعرفون من هو ذلك السونى شيبا الذى أعاده الفيلم من
النسيان وبعد أن اختفى من أفلام فنون القتال الياپانية نفسها منذ عقود ،
فإن ’ الساموراى الأخير ‘ الذى بدأ عرضه اليوم فى مصر ، هو على
العكس بالضبط : فيلم مستفز ، ومن الزاوية الفكرية تحديدا ! الياپان ‑وبالتحديد الساموراى‑ عادوا
بقوة هائلة ليضربوا الشاشات فى العام المنصرم 2003 . من الياپان نفسها
رأينا أسطورة الساموراى الضرير فى فيلم كيتانو فائق الإنتاج
’ زاتويتشى ‘ للمخرج القدير تاكيشى كيتانو الحائز عنه على جائزة
الإخراج فى ڤينيسيا ، وطاف معظم المهرجانات منذ ذلك الوقت ،
وأثار كلاما عن خبطة جماهيرية عالمية محتملة على غرار ’ النمر الرابض
التنين الخفى ‘ . والفيلم تاريخى عن محارب ساموراى أعمى يحمى قرية من
عصابة مسلحة بالسيوف . كيتانو يحيى أو ربما يتجاوز المعلم الياپانى الأكبر
أكيرا كوروساوا صاحب ’ الساموراى السبعة ‘
و’ كاجيموشا ‘ . الفيلم الأول تذكرنا به القصة ، والثانى
تذكرنا به ضخامة الإنتاج ، فالملابس وحدها فى ’ زاتويتشى ‘ تكلفت
ستة ملايين من الدولارات . وكايتانو الذى ولد سنة 1947 وبدأ حياته الفنية
كممثل كوميدى ، ’ ورث ‘ الان المكانة التى كان يحتلها الراحل
كوروساوا كأكبر شخصية فى السينما الياپانية ، وفى قول آخر أكبر شخصية فى
الثقافة الياپانية المعاصرة بكاملها . لم تختر الياپان هذا الفيلم لتشفعه للأوسكار
( ربما يحل دوره العام القادم ) إنما اختارت ’ ساموراى
الشفق ‘ من إخراج يوچى يامادا الذى اكتسح جوائز العام الماضى للأكاديمية
الياپانية فى مارس 2003 عن أفلام 2002 ، والمسمى حاليا لأوسكار اللغة
الأجنبية . والثيمة هى عينها التى أسسها الأستاذ الأكبر كوروساوا ميلودراما
أفول الساموراى . من الصفة الأخرى للپاسيفيكى ثمة ثلاثة أفلام على
الأقل كلها تنتمى للفئة الممتازة . بخلاف ’ الساموراى الأخير ‘
الضخم بتوم كروز ، وفيلم كوينتين تارانتينو ’ اقتل بيلل ‘
الهولليووديان الكبيران ، الثالث
مستقل لكن غير معدوم الشهرة بالمرة ، ، ألا وهو ’ فقد فى
الترجمة ‘ ثانى إخراج لصوفيا كوپولا ، أول مخرجة أميركية فى التاريخ
تسمى للأوسكار . …
الاستفزاز فى ’ الساموراى الأخير ‘ يأتى من
محاولته إعادة صياغة التاريخ ، ليأتى برؤية يسارية مفرطة الأيديولوچية
والقسرية تجب الحقائق الثابتة ، وفى ذات الوقت تثير رد فعل مختلط لدى
الياپانيين ، الأسوأ منه أنك تحزن لأن ما أعجب البعض منهم فيه ، هو
شىء يداعب الغزائز الرجعية الانفعالية فى الشعوب ، بينما يعتقد أنه يحترمها
ويتعاطف معها . القصة ضابط أميركى ساخط على بلاده بعد اشتراكه فى الحروب ضد
الهنود الحمر ، والصورة المحورية أنك ترفض ما عليه أميركا والياپان الآن من
حداثة ، لأنه بنى على إبادة الهنود الحمر والساموراى . بينما يميل الياپانيون الآن للنظر للساموراى كمجرد
قطاع طرق ، الفيلم يمجد عصرهم كعصر للشرف والنبالة ، ( للوهلة الأولى يسهل القول إن الياپانيين الخارجين
من علقات هولليوودية ساخنة فى السنوات الأخيرة من نوعية ’ جانج
هو ! ‘ 1985 و’ المطر الأسود ‘ 1989 و’ الشمس
الصاعدة ‘ 1993 ، والتى تصوب بالتحديد على رجال البيزنس المعاصرين رمز
حداثتها الكبار وتجعلهم مافيا فائقة الدموية ، لا بد وأن يرحبوا بمثل هذا
الفيلم . هذا ما حدث فعلا فى الأوساط الشبابية التى تدافعت لرؤيته ،
حيث عرض فى 536 شاشة . إن ما فعله الفيلم يشبه بالضبط
أن لو ذهبت لكمال أتاتورك ورحت تمتدح أمامه عظمة الإمپراطورية العثمانية متخيلا
أنه سيسعد لكونك تمتدح شيئا تركيا ، أو مثلا لو جئت لنجيب محفوظ ورحت تمتدح
له جمال الطربوش أو البرقع القديم لمجرد أنها أشياء مصرية اعتاد الكلام
فيها ، بينما هو يرى فيها رموزا لتخلف وجهل الماضى الذى طالما ناضل
ضده . …
هل تعلم ما هو الفيلم الذى يعجب الياپانيين حقا
ويثير الزهو فيهم ؟ إنه الفيلم الذى يقدمهم طوال الوقت كعصابات إجرامية أثيمة :
’ اقتل بيلل ‘ . إنه الفيلم الذى يقوم فى حد ذاته دليلا عمليا على أن
الثقافة الياپانية قد تغلغلت فى أعماق العالم بما فيه أميركا . وها هو واحد
من ألمع صناع السينما فيها ، يؤلف قصيدة حب وانبهار بأفلام فنون القتال
درجة ب وأفلام المانجا والاستحراك ، ويتذكر سونى تشيبا بينما الياپانيون
أنفسهم قد نسوه ، ويذكرك بأشياء أخرى كثيرة سواء قالها أو لم لم يقلها بدءا
من سيارات التويوتا ، مرورا بمطاعم السوشى التى باتت واسعة الانتشار فى
الغرب ، وانتهاء بالپوكيمون ! والمؤكد أن تارانتينو كان يشاهد أفلام سونى شيبا مثلنا فى دور
عرض الدرجة الثانية ، وسط تهليل خارق للجمهور متواضع الثقافة
والتعليم ، وهى تجربة لا يقدرها إلا من عاشها ( ربما نصارحك القول
إننا لم نتخيل يوما سونى شيبا ممثلا جيدا حقا ، وليس مجرد فنان قتال ،
إلا اليوم بين يدى تارانتينو فى دور صاحب مطعم السوشى أستاذ صنع السيوف
المعتزل ! أما عن ديڤيد
كارادين ، أو بيلل الذى لم نره بوجهه قط فى
الفيلم ، فالمؤكد أن تحيته الكبرى مدخرة بالكامل للجزء الثانى ،
ونتوقعها شيئا مهيبا بما يليق بصاحب مسلسل ’ كونج فو ‘ ونحو 150 فيلما
غيره ، ومن كان يوما رغم غربية الشديدة وانتمائه لعائلة فنية هولليوودية
عريقة ، الخليفة المختار لبرووس ليى فى تمثيل ’ الناى الصامت ‘ أحد
أفضل أحلام هذا الأخير ) . والمؤكد أيضا أن تارانتينو يشاهد سلاحف النينچا وكاپتن ماجد أو أيا ما كان كما يشاهده أطفالنا . والمؤكد أنه يستمتع شخصيا
بأفلام تحريك المانجا الأكثر استعقادا فنيا أو من حيث الثيمات ، التى تسبع الجمهور
الناضح بأفلام استحراك تغطى كل شىء بدءا من العنف حتى الپورنو ، وذهب لحد
أن صنع هو نفسه فيلما تسع دقائق منها داخل اقتل بيلل . الأدهى أنه لم ينس
حتى تحية أبناء عمومتهم صناع أفلام الكونج فو فى هونج كونج شركة الأخوة شاو ، التى
من المؤكد أنها المرة الوحيدة التى يستخدم شعارها السينمائى داخل فيلم أميركى
رئيس . أو بصراحة أكبر وضع تارانتينو لهذا الشعار فى اللقطة الأولى كما لو
أن فيلما قديما لبرووس ليى أو چاكى
شان مثلا هو الذى بدأ عرضه ، كان هولا أخذنا كما
قنبلة نووية لأيام الطفولة وسينمات الدرجة الثانية حين كانت أحلى الأفلام تفتتح
بهذا الشعار الذى يثير مجرد ظهوره صياحا مرعبا من الجميع ! التحيات للأجانب لا حصر لها ، نذكر منها زامفير وچيمس لاست الذى
جعل من مقطوعتهما ’ الراعى الوحيد ‘ العماد الموسيقى لفيلمه ،
فنانان أوروپيان بلسان غير إنجليزى ولم يسمع عنهما تقريبا من قبل أحد داخل
أميركا . وأخيرا بداهة كان لا بد وأن يذهب بكل التحية لصناع أعظم سينما
درجة ب إطلاقا فى التاريخ ، سينما الويسترن سپاجيتى ، شخوص وأجواء
سيرچيو ليونى ، وموسيقى تكاد تنطق بثيمات إينيو موريكونى له ، زائد طبعا
ملحمة أخرى لموريكونى ، هى ’ الموت يركب حصانا ‘ 1968 ،
فيلم ليى ڤان كلييف ، الذى لم يأخذ فقط أغنيته الأوپرالية
الرئيسة ، ولا فقط أسلوب مشاهد الفوتو‑مونتاچ حمراء اللون ،
التى كان يتذكر فيها البطل لحظات قتل أسرته طفلا كل مرة يصل فيها لأحد
القتلة ، ( تلك التى قلدت حرفيا عندنا فى نسخته المصرية فيلم ’ الأبطال ‘ ، أو
فى النسخة المتحررة بعض الشىء من خطه الدرامى والأقرب لأقتل بيلل ’ دائرة الانتقام ‘
لكن مثله غير المتحررة من هاجس الفوتو‑مونتاچ الأحمر الذى يبدو أنه سيعيش
للأبد هاجسا عند صناع السينما الحقيقيين ) ، بل يأخذ أيضا منه ‑أى
من الموت يركب حصانا‑ لحد ما القالب العام الرئيس لحبكته كأساس لأقتل
بيلل ، الانتقام كسلسلة من الفصول المستقلة المرقمة ، وإن جعله فرديا
وليس ببطلين متعارضى المصلحة وجعله بسبب الاعتداء على البطلة نفسها وليس
أسرتها ، ومن ثم ‑وهذا هو العظيم حقا‑ ينصبه الأب الروحى لكل
ضرب أفلام الانتقام ، الموضوع الذى ها هو يريد إحياءه من بين
الأموات ، لا لشىء إلا لأنه سحره هو شخصيا يوم كان طفلا
( بالمناسبة ، چون فيليپ لو كان اسمه بيلل فى
الفيلم ! ) ، أو ربما فقط نكاية فى النقاد الذين يرونه موضوعا
تافها وسيئا ، ولمزيد من نكئ جروحهم القديمة وإرباكهم وإذلالهم ، وهو
يعلم أنه من التميز بحيث لن يهاجموه أبدا مهما تردى فى ’ تفاهة ‘
الموضوعات ! إنه فى رأينا أجمل وأحدث فنان انضم لقائمة العظماء الضيقة التى
بدأت وكادت تنتهى بهيتشكوك وكووبريك ، بأن راح يلامس سينما ما بعد‑الإنسان ، يحيل الأفلام
للعبة عاطفية وذهنية الهدف منها الإثبات عمليا لضآلة ذلك الإنسان وتفاهته
اللصيقة بكونه بيولوچيا إنسانا . بالمناسبة أنت هنا تمس وترا جميلا عند
الياپانيين آباء مشروع الجيل الخامس
للحاسوب ، حتى وإن دون قصد ، أو حتى تأثيرا غير مباشر على عقولهم
الباطنة ! باختصار ، أنت لا يمكنك أن تمدح الياپانيين بل
تخجل تواضعهم بكلام أكثر من هذا وذاك . الياپانيون لا يتحدثون عن الغزو
الثقافى مثلنا نحن العرب أو مثل أبناء عمومتنا الفرنسيين ، بل أولا يحترمون
الثقافة الأنجلو احتراما غير مشروط ، وثانيا يسعون للإسهام فى الثقافة
العالمية قدر ما يستطيعون لكن بتواضع ودون صياح أو دعاية أو تهويل . وليس
غريبا أن تكون إنتاجاتهم الفيلمية والتليڤزيونية الرخيصة إنتاجيا لكن
الثمينة إبداعا وخيالا ، قد ألهبت خيال موهبة من وزن كوينتين
تارانتينو ، الذى يسخر بشدة منهم ظاهريا ، يحترمهم حتى النخاع فى
العمق . ( من ألعاب تارانتينو أن ذكرنا فى العناوين أن هذا فيلمه
الرابع ، ربما لأننا اعتدنا اعتبار الأفلام من تأليفه أفلامه له بحكم تمايز
أسلوبه الواضح عليها مثل ’ رومانس حقيقية ‘ و’ قتلة
بالفطرة ‘ و’ من الغسق حتى الفجر ‘ . هذه مداعبة للمخرجين
زملائه فيما فهمنا ، تقول إن أفلامه قبل هذا الفيلم هى فقط ’ كلاب
المستودع ‘ و’ قصص عجينية ‘ و’ چاكى
براون ‘ ! ) . … ’ فقد
فى الترجمة ‘ يقع بين هذا وذاك . هو سخرية
صارخة من الياپانيين ، تصل لحد الكليشيهات البالية عنهم مثل كونهم قصار
القامة ( انظر الصورة ) . لكن المؤكد أنه رغم التبسيط المفرط
والتنكيت باستهتار عليهم عن بعد ، هو فى ذات الوقت صادق كثيرا . هو
تجربة معاشة ليس لصوفيا كوپولا شخصيا وحدها ، بل لكل من زار الياپان .
هذه الهوة الثقافية والسلوكية لا تزال موجودة رغم كل التحديث . هى لا تقلل
من شأنه ، لكن الزائر الغربى يلحظ احترامهم وحبهم له ، لكن من خلال
تهذيب فائق ومسافة احترام كافية يضعونها بينهم وبينه . تواضعهم الدائم
يجعلهم لا يزالون ينظرون لفوق لما هو غربى ، دون أن يدروا أنهم هكذا يصنعون
فاصلا مسافة مع ضيف ربما يريد التعامل معهم ببساطة ومن موقع الند . النقد
اللاذع فى ’ فقد فى الترجمة ‘ هو تعبير عن أفكار متداولة جدا فى
المجتمع الياپانى نفسه . ولو قيلت واحد على الألف منها عنا نحن العرب لتوسمنا
فيها مؤامرة جسيمة من آل كوپولا الذين أفسدتهم هولليوود بأوسكاراتها . فى الياپان ، هذا النقد ‑رغم كل ما فيه
من كليشيهات ومبالغات زائفة‑ أو بالأحرى أى نقد ، هو من حيث الجوهر
رأى إيجابى جدا يستحق الترحيب ، لأنه قادم من شخص مهتم بك شغل نفسه وأعطى
وقته وجهده لمجرد التفكير فيك . حتى أشرار الياكوزا الشرهين للدماء فى
’ اقتل بيلل ‘ لا يثيرون اى حنق لديهم . إنهم يصنعون قصة
جيدة ، بأسلوب جيد كل شىء فيه كارتوونى حتى النخاع ( ناهيك عن كونه
مستقيا من أفلام الياپان ) ، ثم أن هؤلاء الأشرار موجودون كذلك بالضبط
فى الأفلام الياپانية ( تارانتينو لم يخترعهم ! ) . … الاهتمام بالجوهر هو الفارق بين
الياپانيين والعرب . لولا ذلك ما كانوا شعبا يقدم طوفانا من المنتجات
التقنية ( والثقافية أيضا طبقا لتارنتينو ) ، يفوق إتقان الغرب
وأميركا نفسها لها ، وأفلسوا فيها صناعات الصلب والسيارات والكاميرات
والإليكترونيات المنزلية وغيرها ، مبكرا جدا منذ الستينيات . بالضبط
حين كنا نحن مشغولين بإلقاء إسرائيل فى البحر ! للأسف هذه الصورة لا تزال غير
واضحة جدا لدى الكثيرين ، أو لا يزالوا يعمونها بأيديولوچياتهم السقيمة
التى ثبت فشلها . وإذا كان أشهر نجم سينمائى على وجه الأرض يقدم ما يدين به
إبادة الهنود الحمر والساموراى ، رغم علمه أن هاتين الإبادتين تحديدا صنعتا
لنا الدولتين رقم 1 و2 فى عالمنا المعاصر ، فكم من الزمن ستحتاجه أميركا
قبل أن تقتنع بحتمية إبادة العرب والمسلمين ؟ اكتب رأيك هنا
28 مايو 2004 : أحيانا يبدو
أن الكاتب سيد القمنى ينقل عنى ! ليس هذا كلامى لكنه أيضا ليس سبب الكتابة عنه
اليوم . قرأت اليوم معا مجموعة مقالاته فى مجلة روز اليوسف فى الأعداد
الأخيرة ، وهذا ما أفعله عادة ‑وإلا فيما ندر‑ مع الصحافة
المكتوبة بالعربية أن أقراها مجمعة فى وقت متأخر . لكن المؤكد أن قرار
قراءتها لا علاقة له بما تلقيت من رسائل ، ذلك أنى ببساطة أحرص منذ عقود
على قراءة كل كلمة يكتبها سيد القمنى . المهم أن فعلا كانت قراءتى له اليوم
مختلفة . على أنه لم يكن الانطباع الكبير اليوم هو ذلك التلاقى الفكرى
المدهش فيما لاحظه بعض زوار موقعى ، إنما أن ما قرأته كان ممتعا فعلا ،
أكثر من أية مرة سابقة . طبعا أوجه الشبة ضخمة بين ما كتب وما نكتب
نحن . وطبعا ما من شك من الناحية الموضوعية البحث أننا الأسبق بسنوات فى
كثير من هذا ، ما قد يقال اليوم
فى الصحافة والتليڤزيونات عن الدين ، ولم يكن يقال من قبل ، قيل
هنا منذ سنوات فى صفحات كالثقافة
والحضارة والعلمانية .
مثلا فى كوننا اليسارى نادرا ما أجد من يتحدث عن فرويد أو آدم
سميث كرموز للفكر ( أسماؤنا المفضلة والهمزات الموضوعة لهم هنا هى مجرد
أمثلة لكلامنا عنهم ) ، ولعلها أجمل مفاجأة فيما قرأت اليوم .
أيضا من النادر جدا أن تجد عندنا شخصا بمثل تبجيله للعلم والتقنية . مثلا
عنون مقاله فى 19 مارس 2004 ( تاريخ نهاية الأسبوع الخاص بالعدد ) والذى ورد به ذكر تلك الأسماء وأسماء أخرى كثيرة ’ متى ندرك أن
العلم هو البديل الصالح : مواجهة الأعداء بالدعاء ‘ . وطبعا هو
يكثر من استخدام كلمتى حداثة وحضارة ، وهذا شبه كبير آخر بينه
وبيننا ، والأكثر تحديدا أن قال مثلا يوم 30 أبريل ، أو لعله يقولها
من زمن ، إن الحداثة كل لا يتجزأ وليس بوسعنا انتقاء بعضها دون البعض
( هل تذكر كلامنا القديم جدا عن
مارجاريت مييد ’ الثقافة كاللغة ‘ وطه حسين ’ ما يحب وما
يعاب ‘ ) . ككل مقاله المذكور 30 أپريل هذا يعد قطعة أستاذية
مركزة وجميلة لأعلى نقاط فكره فى الفترة الأخيرة ، قررت على الفور أن أضعه
باعتزاز فوق هذا الكلام . أما إشارته لإديسون فى المقال المذكور أولا فلم
أتمثلها شبيهة لشىء كتبته أنا على كثرته ،
إنما ذكرتنى بنادرة قديمة عن أستاذ الهندسة وأحد رواد تدريسها عندنا د . حسن فهمى ( والد
فريدة ) ، قال فيها ذات يوم لطالب متدين وكان الحديث عن اكتشاف أو
اختراع الكهرباء ’ بقى فاكر أنك أنت يا معفن هتدخل الجنة وإديسون هيروح
النار ؟ ‘ . بالمثل القمنى من القلائل جدا ممن يجاهرون علنا مثلنا بحب نانسى عجرم وروبى أكثر من حب
الإسلام والمسيحية وكل الأديان وكل الآلهة ( مقال الأسبوع الماضى المنتهى
21 مايو ) . هو يحبهما لفتنتهما الأنثوية فى حد ذاتها ، وثانيا
لأنهما فجرتا حسب تعبيره شياطين الجنس داخل رموز الأخوان المسلمين فانطلقوا
كالمسعورين مطالبين برأسيهما فى مجلس الشعب المصرى كما فى كل مكان آخر !
بمناسبة الجنس مقاله يعتبر تعميقا لما أشرنا له نحن فى صفحة الجنس على نحو عابر عن ولع رموز الإسلام
الكبرى بالزواج من طفلات التاسعة ، بدءا من النبى صلى الله عليه وسلم شخصيا
حتى ما يشاع مؤخرا عن القرضاوى زيدوا النبى صلاة . ما يضيفه القمنى نقلا عن
فتاوى السلف الصالح ، أن لو كان ذلك مؤلما للطفلة فعليها هى البينة !
( أضعت ساعة حتى الآن فى محاولة كتابة مشهد سينمائى تشرح فيه طفلة للقاضى
كيف كانت تجربتها مع الألم . النتيجة أن لم أعرف كتابة سطر واحد . أو
للدقة كنت أعرف فقط الكلمة الأخيرة جدا للمشهد ، وهى رفض القاضى لطلب
الطفلة الطلاق ! ) . طبعا المقال ككل هو الثالث فى سلسلة مقالات
عن ’ التقية الرديئة ‘ و’ السنيور عاكف ( مرشد الأخوان
الجديد مهدى عاكف ) الذى يلاعبنا أين السنيورة الأمورة بين الثلاث
ورقات ‘ ، هذا لما سمى بمبادرة الأخوان فى قبول الديموقراطية
والإصلاح . ويرصد ( فى الجزء السابق عليه فى 14 مايو ) أنه
بكامله خطاب إنشائى هدفه الوصول للحكم بأى سبيل . مثلا ثمة لغو كثير عن
المرأة نصف المجتمع وبناء الإنسان والمرأة فى الجاهلية والجنة تحت أقدام الأمهات
…إلخ ، لكن كلها ‑كأى كلام ما عليهوش فلوس‑ بشرط أن لا يقارب
أحد المقدسات النصية الثلاثة : حق الرجل فى الزواج من أربع ، المرأة
لها نصف ميراث الذكر ، وشهادتها نصف شهادة حتى لو كانت أنبغ النوابغ .
إذا أضفت لها رابعهم كلبهم ، نقصد الحبس فى الحجاب والبيوت ومنه طبعا عدم
المساس بما لا يمكن تحت أى حال المساس به ، حق ضرب الزوجات ، نسأل
ماذا تبقى إذن من جنات لنصف المجتمع ؟ بالمثل يتوقف عند ذات الرطانة
الإنشائية فى كلامهم عن ’ الأقباط ‘ ، أخوة الوطن معتنقى الأديان
’ المعترف ‘ بها ، والذى يخفى تحته نصوص صارمة لا يملكون هم
انفسهم التسامح فيها حول الذمة والجزية والكفر والكفار ومواطنة الدرجة
الثانية . مثلا فى تلك الأدبيات القدسية ثم ثلاث حالات لإشكالية بناء
الكنائس : بلاد أحدثها المسلمون كالمعادى والعاشر من رمضان وحلوان وهذه لا
يجوز فيها إحداث كنيسة ( أنا شخصيا فى حدود علمى المتواضع ظللت دهورا أعتقد
أن المعادى التى كنت أسكن أحد أركانها يوما ‑والوحيدة الراقية فى تلك
الأمثلة الثلاث‑ هى بلاد ’ أحدثها ‘ يهود كالخواجة سوارس بتاع
الميدان ، تماما كما يقولون القمنى أيضا يتحدث ( 30 أپريل 2004 ) عن
أميركا كثلث اقتصاد العالم بعلمها وعرقها ’ وليس من الحيض الچيولوچى المسمى
بالپترول ‘ حسب تعبيره الداهية الملفت . هذه أيضا كانت قصة مطولة لنا . مقال 30 أپريل هذا كتب أصلا بمناسبة مصرع أحمد
ياسين والرنتيسى ، ولا أعتقد أن باستثناء موقعنا ، كان ثمة
أحد لم يشارك فى هذه المناحة سوى مقال سيد القمنى هذا ! أيضا هو يتحدث كثيرا عن الفراغ التاريخى الذى مكن
وحده المسلمين من غزو بقية العالم وليس لأى فضل خارق يميز شريعتهم أو عقيدتهم
( 7 مايو ) ، أو ’ فى زمن فراغ قوى دولى تاريخى كان له ظروفه التى لم
تتكرر ، ولن تتكرر ، تمكن عرب الجزيرة … من احتلال دول المحيط وتكوين
إمپراطورية أمكن لها أن تقوم بتطبيق منطق الجهاد الذى ينتهى إلى أحد
أمرين : الخلود فى جنة النعيم الفردوسية ، أو الحياة الرغيدة الثرية
بعد الفقر … وكان ممكنا أن نظل اليد الباطشة لكن صروف الأيام وتقلبات الزمن لا
تعرف ثباتا شرعيا … ومع الواقع المذرى ومع الاعتقاد الجهادى كان لا بد وأن
يظهر الإرهاب وهو سلاح الشعوب عندما تعانى المهامة والضعف والمذلة … ومن ثم
أصبح التصور الغيبى أن استعادة هذه الفريضة التى غابت كفيلة وحدها بعودة الله
لنصرة دينه وعباده الصالحين … دون أى اعتبار لمتغيرات الواقع الهائلة وموقع
المسلمين المتميز فى قاع هذا الزمان …وقد اسهم الفقه الإسلامى بدور عظيم فى ثبات
الإسلام والمسلمين عند درجة حضارية فارقة فى تخلفها ‘ ( 28 مايو ) . وكما تعلم هذه القصة ‑قصة
الفراغ العالمى فى عصور الظلام والظلام الذى غزا ظلاما أقل منه ظلاما لكنه لا
زال ظلاما‑ هى ملحمة مطولة أخرى لموقعنا عمرها قارب العشر سنوات . الأبعد أنه فى مقال
اليوم 28 مايو يركز على سبب أكثر تحديدا لدموية جيوش الإسلام غير المسبوقة فى
تاريخ الجيوش ، هو أن نبيه أعطى لكل فرد فيه ترخيصا إلهيا غير مشروط للنهب
والسلب واغتصاب النساء . ’ أحلت لنا الغنائم ولم تحل لأحد من
قبلنا ‘ و’ من قتل قتيلا فله سلبه ، ومن أسر أسيرا فهو
له ‘ . ويذكرنا القمنى ’ مضت فترة تصل إلى ثلاثة عشر عاما والنبى يدعو فى مكة مؤجلا
النعمة إلى يوم القيامة ، فلم يؤمن به سوى نفر يصل إلى السبعين ، لأن
تأجيل النعمة إلى ما بعد الموت لم يكن مغريا لجذب الأتباع للدين الجديد ‘ . أليس هذا جراد يثرب
الذى طالما تحدثنا عنه ؟ أيضا فيما قلنا عن المعايير المزدوجة لدى العرب ، قال
هو يوم 19 مارس 2004 ’ إذا ما تحدثنا عن الاحتلال عبر التاريخ لا يصح أن
نبكى على الأندلس التى تحررت ونجأر بالشكوى من احتلال أراضينا ، وندعو الله
ليل نهار ليمكننا من البلاد الأخرى ننهب الأموال ونسبى الذرارى والنساء وندخلها
تحت رايتنا . إذا ما تحدثنا عن الاحتلال فعلينا أن نعترف ببساطة أن خروج العرب
من جزيرتهم إلى دول الحضارات المحيطة بهم كان بشكل أو بآخر احتلالا لتلك البلاد
وغزوا استيطانيا بكل معنى الكلمة ‘ . والخلاصة ’ نحن أمة مهزومة
تحارب طواحين الهواء ، نرى القشة فى عيون الآخرين ولا نرى الخشبة فى
عيوننا ‘ . ( الأخيرة اقتباس عن يسوع يتناغم مع جو الإغاظة الشامل
لو شئت القول ! ) . عن العضو الكثر شهرة حاليا فى عشيرة species الجراد اليثربى والذى
يخطف الآن أضواء العالم كله بنجاح منقطع النظير ، ريچيم السودان
الإسلامى ، كتب فى 19 مارس عن اتفاقية السلام مع الجنوب والتى غالبا ستفضى
لانفصاله : ’ لم يقبلوا التخلى عن الحكم باسم الله …ورضوا أن يبيعوا
الوطن حتى لا يتخلوا عن السلطان ‘ . أنا لم أجد شيئا يقترب مما كتبته أنا شخصيا سوى كلام
القمنى هذا . كذا فى نفس يوم 19 مارس ذكرنا بقصة مروعة عن خالد
بن الوليد الذى قتل بدم بارد سبعين ألفا من الأسرى العراقيين فى يوم واحد ،
ولم يتوقف إلا حين أخبروه أن النهر بالفعل لم يعد يجرى لكثافة الدم ، وإلا
كان قد استمر حتى يحقق عهدا قطعه إلى الله ، بقتل كل من يمن عليهم به من
أسرى حتى يتوقف النهر عن الجريان ! طبعا هذا يصب فى كثير مما نكتب ،
ولعلنا من الأجدر بنا من الآن فصاعدا أن نستشهد بهذه القصة المخيفة فى بيان أن
هذه هى چينيڤ التى تعرفها الشريعة الإسلامية ( مصطلح قديم لنا ، وها قد تجدد مؤخرا بمناسبة قطع رءوس الرهائن
الأجانب فى العراق والسعودية ) . الأدهى منه أن عاد يوم 7 مايو
بمفاجأة أكبر . فقد كتب فى سياق كلامه عن عن الدموية المتأصلة فى التاريخ
الإسلامى ، أن كل الخلفاء الأربعة قد قتلوا . لكنه للأسف الشديد لم يفض
فى حيثيات نظرية أن أبا بكر نفسه قد اغتيل بالسم ! مقال 19 مارس المذكور جاء فى سياق أن قيل عنه أنه
يقارن پول بريمر بخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ، وانتهى لأن ’ إيمان
بعض المسلمين أن الصحابة أسياد لنا وهم نماذج وكواكب تقتدى بهم البشرية لا يلزم
بريمر بقبول قاعدتنا المعيارية ‘ . والخلاصة أن ’ يجب أن نتواضع
ونعرف قدر أنفسنا الحقيقى إزاء الأمم الأخرى ‘ . ألا يلامس هذا
مقولتنا الدائمة أننا أحط أمة
أخرجت للناس ؟ ثم ألا تعد نصرته لمشروع بريمر فى ’ العراق الجديد ‘
نأيا عن رطانات اليسار التقليدية الذى طالما تباهى باحتكاره للعلمانية وما هى
بأصيلة فيه ، وقربا لمواقفنا نحن عن الحل الإمپريالى لكل مشاكل
العالم . وعن الهوية كالعلة لا الدواء ( محور كل موقعنا ربما ) ، يقول مثلا فى
مقال 7 مايو ’ إذا كان الإصلاح [ سيتم ] بمقوماتنا الأساسية
الموجودة لدينا سلفا فلماذا نحتاج لإصلاح ؟ ! أليس السبب أن هذه
المقومات لم تكن يوما سببا فى إصلاح أى شأن . وإذا كانت هذه المقومات عن تاريخنا
هى الوحيد الثابت حتى اليوم ، فلماذا لم ينصلح شأننا ، بل وأصبحنا بين
الأمم شعوبها المريضة ومسخرة العالمين ؟ ! ‘ . ثم يواصل فى ذات المقال قائلا عن مشروع الإخوان
لإصلاح كل العالم برسالة الإسلام : ’ تأمل يا مؤمن ! الغريب والمثير للذراية والسخرية أن هذه
المقومات التى سنهدى بها البشرية لم تجعلنا بين الأمم المتحضرة السعيدة حتى
يمكننا إغواء العالم بها ، والأنكى أننا سنقوم بإنارة العالم بها !
هذا رغم أن العالم منور أحلى نور ، يعيش التقدم والتحضر والرقى والعلم
والحريات والإنتاج والتفوق ، بينما نحن بما لدينا من أنوار ، نصحو على
الإسلام وننام على الإسلام ونتجشأ بالإسلام ونتغوط بالإسلام وننكح بالإسلام
ونتحدث بالإسلام وندافع عن الإسلام . ورغم كل هذه المصابيح فإن تيار
الإنارة مقطوع عنها حتى أمسينا نعيش فى ظلام دامس . ولا تفهم كيف يتصور
الأعمى أن يقود المبصر ، أو من يعيش فى الظلام أن يكون قادرا على إضاءة
بلاد الآخرين ‘ . واو ! وعن أضحوكة موقعنا دائما أبدا ، ذلك الشىء
المسمى الثوابت ، يقول 14 مايو مواصلا
سلسلته عن مبادرة الأخوان ، ذلك كأنه ينقل مباشرة عنا ، وإن كانت الحقيقة أننا جميعا
ننقل عن رواد التفكير العلمى لألفيات سنين كاملة : ’ إن ثمة خللا أفضح فى فهمهم للعلم ، الذى لا
بد أن نأخذ بأسبابه فى ظل ثوابت هذا الدين الصحيح . بينما العلم لا يعرف
ثابتا خارجه ولا يستمد قوانينه من خارج العلم ، بل إنه ليس له ثوابت على
الإطلاق ، لأنه لو ثبت لكان شريكا لنا فى التخلف . إنه ينكر ثوابته
ويتجاوزها وينقدها كل يوم . لذلك هو علم ، ولذلك فالعلم وأصحابه
هناك ، ونحن وثوابتنا هنا ‘ . أضف لهذا
أيضا كلامه عن الياپان وأشياء أخرى كثيرة قريبة جدا من كلام صفحة الثقافة عندنا ، فى مناظرته
مؤخرا على قناة
الجزيرة التى اشتهرت جدا ، وكان بها رائعا نجما واثقا عالى المزاج ومتألقا ، ولا نأخذ عليه
شيئا ربما سوى أنه استدرج أحيانا للحجة الذرائعية وهى أن ضعف المسلمين هو ما يجب
يمنعهم من العدوانية تجاه الغرب . ربما لأنه يرى فيه منطقا بسيطا مباشرا
ويؤثر فى عموم الناس ، لكنه يظل مع ذلك سلاحا ذا حدين لأنه يؤكد لديهم أن
أميركا شر وعدوان وطغيان . ولعل كان من الواجب أن يركز فيما أتيح له من وقت
على أننا ضعفاء متأخرين تحديدا بسبب هذا الفكر وتلك الهوية لأنها من حيث كونها
دينا وعقيدة تحد الإبداع وتقدس المقدسات ، وألا يقول إن مشكلة الثوابت أنها
ليست ثوابت ولم يتفق عليها علماء الإسلام ، إنما إنها ثوابت كارثية فى كل
زمان ومكان وليس الآن فى أوان الضعف فقط . لذا فمثال الياپان الذى ضربه كان
من ثم أحد أعلى نقاطه فى الحوار ’ سألوا أنفسهم المنتصر انتصر
ليه ‘ ، كما نعلم وتعلم تأكيدا أن لديه فى هذا الصدد من المفحم الكثير
بالطبع مما نقرأه فى مقالاته وكتبه . ( منافسه فى المناظرة الإرهابى
المدعو كان أضحوكة طوال الوقت يتمسح فى كتابات بعض الأجانب والأجنبيات قرأها فى
جريدة الحياة ، ولا يدفع سوى بأن غيروا المناهج بس ما لكوش دعوة
بالدين ، وعزف على ذات النغمة عضو مجلس شعب مصرى لا يقل سذاجة قال إن
أميركا منعت تدريس الحصص العملية من مواد الفيزياء فى المدارس المصرية
( ؟ ؟ ) . طبعا هذا كلام لا يستحق الرد عليه ، فقط نرد
السؤال : لو كانت أميركا فعلت هذا فعلا لماذا وافقتموها عليه ، ثم
لماذا لا توافقونها أيضا حين تطلب إلغاء تدريس الدين . لكن للدقة كمال حبيب
محق فى نقطة واحدة ، هى أن ثقافة الكراهية موجودة فى كل الأديان . نعم
هذا صحيح ، بالذات أديان ما يسمى بالتوحيد بالذات اليهودية والإسلام قائمة
على الكراهية . السؤال ليس هنا . السؤال أنكم أنتم الوحيدون المتمسكون
بالدين حتى يومنا هذا . الكل سابوا يا عم كمال ( إن استلهمنا أسلوب
القمنى فى الحوار ! ) .
طبعا نحن تحدثنا مطولا وفى ألف مكان مختلفة عن شيفونية العرب التى لا
تقارن . فى مقاله اليوم يرصد أن الجمعيات التى تقدم الهبات والمعونات فى
العالم الإسلامى أكثرها مسيحى ، بينما ’ العالم الإسلامى يجمع حصيلة
أموال دائمة فى شكل تبرعات وهبات وأوقاف وصدقات وزكاة ، لكنها لا توزع إلا
على المسلمين وحدهم ( يضرب هذا مثالا للعقيدة المسماة الولاء والبراء التى بدأ
اليوم مناقشتها وسيستمر فى الأسابيع القادمة وهى محور كتاب أيمن الظواهرى الجديد
( اقرأ نص الكتاب على الغشاء هذه نسخة ، وهذه نسخة أخرى ، وهذه نسخة
ثالثة ) ، وكانت قد أثيرت معه فى مناظرة الجزيرة قبل ثلاثة
شهور ، وهنا أود أن أشكر أيمن الظواهرى من كل قلبى ، فقد أراحنا فى
مجرد كلمتين قصيرتين جدا من شروحنا المطولة التى استغرقت دهورا ، فى كون العقل العربى عقل
قبلى شوفينى متعصب كل من ليس على دينه هو عدو له . فقط أطمئنه أنى لن
استخدم الولاء والبراء كمدخل للهجوم على الإسلام . هذا ليس المنهج الذى
اعتدنا عليه ولن يكون ، الأديان شىء تافه ولا تمثل مشكلة فى حد
ذاتها ، إنما حسب منهجنا المشكلة ليست أن الولاء والبراء فى الإسلام ،
المشكلة أن الولاء والبراء فى چييناتنا ! ) . بكلمات أوضح مما عداها كان القمنى قد كتب فى مقال
30 أپريل شديد القوة ذاك ، يقول : ’ نحن قوم عنصريون حتى النخاع . نرى عنصرنا هو الأنقى
والأصفى والأرقى فى العالمين ، والآخرين هم زبد البحر . نحن قوم
طائفيون حتى الثمالة . ننتمى فقط لطائفتنا الدينية ، نواليها ولا
نوالى غيرها ، ونتبرأ من كل من ليس مسلما ونتخذه عدوا … نعلم أبناءنا
وجوب أن يكون المسلم مضمرا العداوة للكافرين مبغضا لهم حتى لو احتاج إليهم أو
كما قال الطبرى أن تظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمرون لهم العداوة ، أو
كما قال ابن تيمية لا يوجد مسلم مؤمن يواد كافرا فمن واد كافرا فليس
بمؤمن . نحن قوم لا نحترم قيمة العمل …ولا نحترم قيمة الوقت فننتظر مساعدة
الحجر وشجرة الغرقد [ شجرة كافرة توالى اليهود ] فى خمول … نحن
قوم لا نحترم العلم والعلماء … نعلم أولادنا فى المدارس احتقار العلم ورجاله
واحترام كل من احترف الاشتغال علينا بالدين . انظر النص القائل إن علماء
الحضارة المعاصرة وهم وإن كانوا أهل خبرة فى المخترعات والصناعات فهم جهال لا
يستحقون أن يوصفوا بالعلم لأن علمهم لم يتجاوز ظاهر الحياة الدنيا إنما يطلق لفظ
العالم على أهل معرفة الله وخشيته ( التوحيد - 3 ثانوى - 77 -
السعودية ) ‘ . هذه الفقرة بالذات ، زائد قبلها طبعا مناظرة
قناة الجزيرة المدوية ، حفزت بعض القراء أن أرسلوا يقولون لنا إنهم قرأوا
من ينقل حرفيا عن صفحة الثقافة عندنا .
بصدق أقول أن لم يكن هذا حافز الكتابة بالمرة عن مقالات القمنى . وما حدث
هو أنى أعجبت أيما إعجاب بمستوى طموح مقالاته فى الشهور الأخيرة ، جرأة
وتصويبا للب الداء أكثر من أى وقت مضى ، وحتى أيضا على صعيد الجراة اللفظية
( نضيف لكل ما سبق ’ هناك
مسلمون يعتقدون أنهم لم يوجدوا من أجل النص إنما من أجل أنفسهم ‘ —21 مايو ) . وإن كنت لا أعزى الفضل له فى هذه الأخيرة ‑الجرأة
اللفظية‑ إنما لـ 11 سپتمبر الذى جعل الكل عبر العالم أكثر جرأة ،
كما رصدنا ذات مرة ،
أما قبله فربما كانت هذه الجراة قصر على موقعنا وموقعنا فقط أو ربما فقط
خالص ! بالتأكيد نحن لسنا بصدد قضية حقوق نسخ هنا .
إطلاقا . نحن بصدد نفس الهم الأزلى ، وهو تخلفنا العربى المذرى .
لو القمنى أو غيره يكتب ما يشبه كلامنا نقلا عنا أو تأثرا بنا ، هذا مما
يثير سعادتنا . بذات القدر إن لم يكن أكثر يسعدنا أن يتضح أن من كتبوا
كلاما يشبه كلامنا لم يكونوا بالضرورة قد سمعوا منا . وسأقول ذات الكلام
حتى لو تحدث فى المرة القادمة عن الچيينات
العربية نفسها ، سواء هو أو غيره طالما لم يشر صراحة لى .
فالحقيقة البديهية ستظل عندى أن إعمال أدنى قدر من العقل والمنطق يمكن أن يوصل
أى أحد لنفس الاستنتاجات التى توصلنا لها . بالمناسبة القمنى أيضا قارب
كثيرا هذه النقطة حين قال 2 أبريل قاصدا التفاف الجميع حول الخرافة الدينية
’ حكوماتنا يا سادة ليست خائنة
بل ضعيفة . وهى ليست ضعيفة لسبب خفى أو لأنها تريد ذلك ، بل لأنها
تحكم شعوب هى الأضعف فى العالمين … اتفق الجميع على ترتيلة واحدة وخط نظرى
واحد هو خارج التاريخ منذ أزمان ، ترتيلة ترتلها الشعوب وتؤمن عليها
الحكومات بكلمة آمين … مخلصة لما تريده الشعوب ، حافظة لفكرها ومنهجها
وخطها النظرى الأزلى … الشعوب هى التى تقرر … ويوم تريد غير ذلك حقا سيتغير
كل شىء ‘ . أليس هذا بالضبط ما قلناه ألف مرة
بأكثر من زاوية : ’ مصر أعظم
ديموقراطية فى التاريخ ‘ ، ’ حكوماتنا
سيئة ، لأن شعوبنا أسوأ ، والأسوأ وأسوأ هو ما يسمى بالمعارضة
( التحريض ) ‘ ، ’ شعوبنا غبية وجاهلة وسعيدة بغبائها وجهلها ‘ .
مؤخرا لاحظنا أن مفكرا آخر ربما
أكثر انتماء للتيار الرئيس أو من داخل المؤسسة إن جاز القول ، هو الدكتور
وحيد عبد المجيد يتحدث عن الداء يكمن فى كون شعوبنا كسول بطبعها ( اربطه
بكلامنا القديم تماما أيضا عن انتظار
الفيضان وانتظار انحساره ) . هل نحن ‑فيما يبدو أو فيما
نأمل ونحلم‑ أمام بدايات صحوة ، سيفيق فيها مثقفونا من أسطورة الخيال
العلمى الردئ المسمى عبقرية مصر ( كما وصفنا كتاب جمال حمدان يوما ) ، ومن خرافة الهوية
الموسومة بخير أمة أخرجت للناس ، أم لا فائدة وعلينا أن نواصل وحدنا الحديث
فى الخطوة الوحيدة الباقية من التحليل : الچيينات
والإبادة ! بالتأكيد سيد القمنى باحث كبير متخصص فى
الإسلام ، وهذا طبعا مما لا نفكر أصلا فى منافسته فيه . وما يكتبه هو
لا نستطيع كتابته نحن ، وليس بالضرورة أن العكس صحيح . والعمق الذى
يتناول تلك الكارثة ( الإسلام ) به ، هو أيضا شىء لا نقوى عليه
بأية درجة من الدرجات . سيد القمنى مدرسة كبيرة متكاملة ، مفكر أصيل
الفكر والأفكار ، ولا يقلل من هذا بل يزيده شأنا أن يفتح عقله لكل أصحاب
الفكر عبر كل التاريخ ، يتعلم منهم ويأمل أن يثريهم ببعض اجتهاده ،
وهى كلها سمات كل باحث حقيقى عن الحقيقة . أضيف أن لكم ألهمتنا كتاباته لسنوات ،
منذ أولها ’ الحزب الهاشمى
وتأسيس الدولة الإسلامية ‘ ، هذا الذى اقترحت
على قراء الموقع بعيد 11 سپتمبر 2001
أن يكون رفيق قراءتهم فى تلك الليالى التى لن تنسى . ما لم أقله يومها أنى
أعلم على نحو شخصى ، أن ما قرأناه لم يكن النص الأصلى بالمرة ، بل هو
نص شديد شديد شديد التهذيب ، ساعده عليه بعض كلمة أخيرة تلهبها حرارة مقالاتك الأخيرة :
صديقى سيد القمنى ، صديقى وإن بالفكر وحده : أنا وملايين غيرى ،
بكل اللهفة ، فى انتظار كتابك القادم ! اكتب رأيك هنا
13-29 أغسطس 2004 : ملحوظات ثقافية
على هامش دفتر دورة أثينا الأوليمپية : اليوم صفر : 13 أغسطس
2004 : حفل
الافتتاح : سؤال : 4 محجبات فى حفل
الافتتاح نصفهن من مصر . فرضا عدد المحجبات ومشاريع المحجبات حول العالم
650 مليونا ، أعطين للعالم 4 مشاركات فى الدورة الأوليمپية . أية
جزيرة فى المحيط الهادى لا يزيد عدد إناثها عن 65 ألفا أعطت أكثر من 4
لاعبات . أترك لك بقية الحسابات ! الجزء الاستعراضى كان كثيفا فعلا فى عرض التاريخ
والحضارة اليونانيين ، ناهيك طبعا عن إبهاره الفائق . لكن مجرد أقامة
الدورات الأوليمپية يقصد به أن يذكرنا كل أربع سنوات أن اليونان هى أم حضارتنا المعاصرة ورائدة كل شىء فيها ،
ليس فى الفلسفة والفكر والعلوم والعقل فقط ، إنما فى البدن والقوة وتأليه
الجسد الإنسانى وإبداعاته . نعم كل شىء ، فاليونان الوثنية
( ولأنها وثنية ) هى التى حققت ذلك ، بينما أبلتنا وأبلت كل
العالم تلك ’ الحضارة ‘ الأخرى المجاورة فى مصر بالخرافة وأديان التوحيد
الثلاث ، وظلماتها وجرائمها الكبرى فى حق التاريخ الإنسانى . مبدئيا وإلى أن تبدأ الألعاب وتكسحنا إثارتها غدا ، ندعوك
لقراءة المزيد فى هذا على موقعنا عن كيف
اعتبرت المسيحية الألعاب الأوليمپية القديمة خطرا داهما ومحدقا وألغتها عن بكرة
أبيها فى أول فرصة سنحت لها ، أو المزيد حول
الفارق المطلق بين النور والطلام بين حضارتى اليونان ومصر القديمتين .
أعتقد أنك ساعتها قد تفكر فى مرتديات الحجاب الأربع اليوم تحت ضوء مختلف
جدا ! وبعد فقد مر الحفل الرائع بسلام ، بل حتى لم
يشعر أحد بإجراءات أمنية خاصة ، ويبدو أن الشركة الكاليفورنية المتخصصة فى
الأمن قد استحقت ما تقاضته من 325 مليون دولار ( حسب بعض التقديرات
إجمالى تكلفة الأمن بما فيها الـ 44 ألف جندى يونانى فربما وصلت لـ 1.5 بليون
دولار ، أما إجمالى تكلفة الألعاب فيتراوح ما بين 10-12 بليونا . قبل
أن تفغر فاهك من الأرقام ، إليك هذا الرقم الأخير : الصين رصدت 23
بليونا لألعاب 2008 ! ) . …
- اليوم الأول : 14 أغسطس : بمناسبة المحجبات ومن يحرضهن على الحجاب من الرجال ، يثرن الآن
يا ريت حد عندنا يكبر مخه شويه ، ويفكر هم
بيمارسوا الرياضة إزاى ، موش بيمارسوها لابسين إيه . إللى بيظهر أو
تظهر قدامنا مدلعة نفسها فى اللبس شوية ، دى غلبانة آخر غلب زى العبيد فى
التدريب وتشغيل المخ وأفناء كل حياتها فى رياضتها دى . والحاجتين بيكملوا
بعض ، ومن غير تحرر مفيش إبداع . لو عندنا واحد من ألف من جديتهم
وعرقهم فى أى حاجة ، شوف كنا هنكون إيه . وحياتك لو واحدة منقبة جابت
دهب هنقف لها احتراما ، لكن المشكلة إن ده موش ممكن يحصل أبدا ،
والأسباب كتيرة جدا ، موش وقت نقولها تانى
أو تالت ! [ اليوم الأول : بعد
قليل : هأ ! ملابس السباحة
كانت مفاجأة فعلا . قررت السباحات أن يكون كل
جانبى الجسم شفافين بالكامل ، فتحول المايوه الشرعى المحتشم الذى حلم به
أصحابنا أياهم إلى شىء أقرب لنوع من العرى الكامل ! هأ مرة
تانى ! ] . … سؤال آخر : المنتخب العراقى لكرة القدم يحقق
نتائج جيدة . مؤامرة طبعا ، لكن من أعطى التعليمات ، هل چورچ
دبليو . بوش أم الموساد ؟ … سؤال ثالث : أيضا بمناسبة المحجبات ، هل تعرف
ما هى اللعبة الأوليمپية المفاجأة ، التى اتضح أنها ذات الجماهيرية الأكثر
سحقا فى بلادنا العربية ، ولا يفوتها أى أحد ؟
إنها الكرة الطائرة على الشواطئ ! السبب طبعا البيكينيات الساخنة جدا سواء داخل الملعب
أو فى الاستعراضات خارجه بين الأشواط ،
كتبنا مرارا
ومرارا وتكرارا عن الجنس كمكون أساس فى كل فنون
الاستعراض ، وآخرها قنوات التليڤزيون
الإخبارية الجادة جدا بمذيعات عاريات ، ومنها طبعا الألعاب
الرياضية . ولا تنسى أن جهامة المسيحية هى التى ألغت الألعاب الأصلية
للعصور القديمة ( قصة أخرى كتبناها أيضا ) .
وإذا كانت بيكينيات بطلات كرة الشواطئ عزيزة نسبيا فالانتظار لن يطول قبل أن
تهمرنا ألعاب القوى بأطنان اللحم الرياضى المثير جدا . كل هذا ودع جانبا أن
الملاعب ليست كل شىء ، والفرجة على المدرجات الواقعة تحت تأثير حرارة الجو وثلوجة البيرة
معا ، هى فى حد ذاتها فرجة
جنسية وجمالية وثقافية أخرى قائمة بذاتها ! ( ضع
أيضا فى الاعتبار أن الألعاب تخضع تليڤزيونيا للمعايير الأميركية ،
بحكم كون أميركا أكبر زبون للبث التليڤزيونى لها . هذا يرغم موجهى
التليڤوين على الاحتشام نسبيا وهم يتجولون فى المدرجات . فكما تعلم
نحن الآن فى عصور ظلام ما بعد صدر
چانيت چاكسون العارى ! —حقوق الألعاب الأميركية ‑وحدها !‑
بيعت للإن بى سى مقابل 793 مليون دولار ، وهو رقم ارتفع فى الصفقة التى تمت
فى يونيو
قبل الماضى 2003 إلى 1181 مليونا لألعاب 2012
بالمناسبة أنا أتحدث عن الألعاب الأوليمپية كمتعة
جنسية لكلا الجنسين ، وليس لفرجة الرجال على أجساد النساء الفارهة التى
يتخيلونها تعصرهم وتفتك بهم فى الفراش ، أو المتعة برؤية كل تلك الاحتكاكات
أو القبلات أو الربت على المؤخرات بينهن بعضهن البعض أو من مدربيهن لهن .
بل أتساءل حتى عن كم هو عدد الرجال الذين يتحولون للمثلية الجنسية أو للثنائية
الجنسية مع كل دورة أوليمپية ، بعد فرجتهم لثلاثة أسابيع على كل هذا البهاء
والمجد للجسد الإنسانى الذكرى ؟ …
سؤال رابع ( اليوم هو اليوم
الرابع ) : أحمد بن حشر آل
مكتوم ، فاز بميدالية ذهبية للإمارات عن الرماية
على الفخ ( الطبق أو الحفرة بالترجمة الشائعة ) المزدوج ، وكان قد فقد البرونزية
قبلها بيوم فى مسابقة الفخ ( المفرد ) بفارق نقطة واحدة . هذا الرجل أمير بمعنى الكلمة ( طبعا معناها الإنجليزى
الفروسى الأنيق النبيل ، وليس معناها العربى المتخلف أى صاحب الأمر
والنهى ) ، ونهدى قناة الجعيرة ومن لف لفها سؤالا يقول من الذى أتى بالميداليات ’ الحكام
العرب ‘ أم الشعوب العربية ؟ نهديك بجوار هذا
صورة لشخصية أخرى ذات احترام كبير فى الغرب من الأسرة المالكة لإمارة دبى التى
ينتمى لها أحمد ، هى للشيخ محمد بن راشد ال مكتوم ولى العهد وزير
الدفاع ، لنقول إن التنور لا يتجزأ ، ونهضة دبى الاقتصادية والسياحية
التى تلاعب العالم بأعلى معاييره ، نتيجتها الطبيعية جدا ميداليات ذهبية فى
الدورات الأوليمپية . أما أحمد فهو ابن رئيس محاكم الإمارة ، واقرأ هنا
أجوبته على أسئلة الشرق الأوسط لتعرف كم قدر الهواية ورغبة الاستمتاع بالحياة
وصداقة الناس من مختلف البلاد هى من سمات شخصيته واهتماماتها الأصيلة . أما
سلوكياته فى الملعب ، حبه واحترامه لمدربه ولمنافسية ولبندقيته
وللعبته ، فقد وصلتك كلها من مشاهدة الألعاب . على الأقل الابتسامة
البشوش التى لا تكاد تفارق وجهه ( وهى بالمناسبة نادرة فى أبطال
الرماية ، فهم أصحاب الاكتئاب كله ، تراه على وجوههم لدرجة تشك أن
يقدر عليها أعتى ممثلى السينما أنفسهم ، ولا تنفرج أساريرهم إلا بإعلان
الفوز ! ) ، تلك الابتسامة تؤكد لك أنه لا يفكر كثيرا أن ثمة
مؤامرة كونية كانت تحاك ضده فى أثينا ، كما أحيكت لكل اللاعبين
العرب ، بظلم الحكام ، وظلم القرعة ، وظلم القرية
الأوليمپية ، وظلم المواصلات الأوليمپية ، وظلم الجو ، وظلم
الاضطرابات الشسمية واضطرابات مجرة درب التبانة ! …
سؤال خامس ( اليوم هو اليوم الخامس 18 أغسطس ) : هل يحترم الأبطال بعضهم البعض
حقا ، وهل يهنئون بعضهم البعض بصدق أم كمجرد روتين ؟
ربما تخرج بانطباع
تحيات أداء الواجب من ألعاب النزال كالملاكمة أو المصارعة ، بالذات لأنها
تحيات إجبارية وبالفعل لا ينظرون فى عيون بعضهم البعض حين يؤدونها ، لكن
مشاهد حمامات السباحة التى نراها هذه الأيام تقول إن القاعدة ( نعم
القاعدة ) هى العكس . لماذا تهتم بطلة أو بطل هولندا أو أستراليا
بالذهاب عبر الحمام لتهنئة المنافس الأميركى الفائز أو العكس بالعكس ؟ هنا
تتجسد فلسفة الألعاب ، إن لم تكن تكمن فلسفة الحياة الإنسانية نفسها .
مايكل فيلپس لا يرى فى أيان ثورب أو فى پيير ڤان دين هووجينباند عدوه أو
العكس . بل الواقع الأكثر ترجيحا ، بل هو الشىء الطبيعى ، أن كل
هؤلاء أصدقاء . اللاعبون أصدقاء والمدربون أصدقاء ، يلتقون فى البطولة
تلو الأخر ، ثم حين يفرغون يمضون لياليهم يسهرون سويا ، فالمدرب
الفائز بالميدالية الذهبية فى لعبة كذا لن يجد من هو أقرب إليه فى الفكر والاهتمامات
من المدرب الفائز بالميدالية الفضية ، وهكذا اللاعبين ، وهكذا نجوم
السينما وتجار الحاسوب والنجارين والسباكين وكل أحد . يتقاتلون على العقود
وعلى الميداليات فى الصباح لكنهم أصدقاء فى المساء . قد تقول إن هؤلاء
محترفون ويخلون من الانفعالات . جائز ، لكن هذا ليس كل شىء . ما
أردت قوله هنا دفعنى إليه فى الواقع ما أراه فى بلادنا أو فى شبابنا ، مما
يمكن تسميته حروبا صغيرة . الشاب يحارب أسرته ويحارب زملائه فى الدراسة أو
فى الشغل طوال الوقت ، ويعتقد أنه بهذا يبنى مستقبله أو يرتقى لمكانة أعلى
فى الحياة . هذه معارك تافهة سواء فاز فيها أو خسر ، او بالأحرى هى
شماعات يريد ألا يرى بها فشله الحقيقى ، لو حاول مقارنة نفسه بتلميذ من
مدارس أميركا أو الياپان أو الصين . ربما هذا جزء من عقليتنا ،
العقلية الاشتراكية التى علمتنا التقاتل على الفتات ( انظر هنا لو شئت بعض العكننة أو ربما تنسيك عكننة فرقنا
الجماعية ) ، أو العقلية العربية عقلية النهش والنهب الأصيلة منذ غزوة
بدر ( انظر هنا لو شئت المزيد من
العكننة ) ، أو سمها الولاء والبراء وإن على صعيد فردى حيث أنت ضد كل
العالم أو أنا وأخوى على ابن عمى ( انظر هذه ليس ببعيد إنما أعلاه مباشرة ، طبعا بهدف العككنة أيضا ) .
لكن شبابنا لا يسميها نهشا ولا براء . يسميها طموح ، وربما
خجلا ، أو ربما لأنه يعرف أنه يكذب ، تكون الكلمة السائدة هى
’ أنا طماع ‘ أو ’ أنا طماعة ‘ ، وإن قالها بفخر كى
يعطى أهمية لنفسه ولحياته . وباختصار نقول
إنها ما هى بطموح ambition إنما فقط
عدوانية aggression .
الفارق بين الاثنين أن فى الأول عدوك ليس الغير بالمرة . عدوك هو
نفسك . حين يحقق فيلپس ما يقهر به ثورپ ، لا ينظر إليه على أنه
عدو . إنما فقط ينظر لأنه لم يقم هو نفسه بالجهد الكافى ، وأن قدرة
الإنسان لا يزال أمامها طريق طويل فشل هو فى بلوغه بعد . الأرقام عدو
الاثنين . الطبيعة عدو الاثنين . الاثنان معركتهما واحدة ، هما
حليفان فيها لا خصمان . هذه شعوب تؤمن بالمنافسة ليس فقط لمصلحة
الفرد ، إنما لأنها تحقق صالح الجماعة ككل ( كلام آدم سميث ، موش
كده ؟ ) . لا پارانويا ولا ضغائن ، إنما قواعد لعبة ارتضاها الجميع ، ومن
أجلها يقف الجميع تحية لسفن الصين العملاقة وهى تمخر المحيطات حاملة السلع لأعتى
الدول دون أن يضربها أحد بالقنابل ، ومن أجلها يعبر بطل السباحة حارات
الحمام ليهنئ خصمه ، من القلب وبصدق ، لأنه يشعر فعلا بأنه هو الذى
انتصر حتى لو أخذ غيره الذهب . قواعد لعبة وضعتها أمنا الطبيعة ، ومن
يحولونها من لعبة إلى خناقة هم فقط من يرفضون قواعد هذه اللعبة ، هم فقط من
يضربون تحت الحزام لأنهم فشلوا فى اللعب فوق الحزام . لا پارانويا ولا
ضغائن ، إنما حقا السلام الذى تقام الألعاب تحت شعاره ، الكلمة التى
لا نكاد نتمثل عمقها ونعتبرها شعارا لا أكثر . سلام المنافسة ، سلام
الشرف ! الخلاصة :
الدنيا لعبة وليست خناقة ، وأنت لا تجاهد إلا نفسك ، وهذا هو الطموح
الحق . وهذا ما لا يفهمه صغارنا المشغولون بمعاركهم التافهة فيما بين بعضهم
البعض ، الخناق يحرمهم من متعة الحياة ، الخناق يأكل الروح ،
بينما المفروض أن ينكبوا على القراءة ، أو ‑حسنا !‑ على
ممارسة السباحة ! …
اليوم الخامس 18 أغسطس : حدث تاريخى بكل معنى الكلمة : أول ممارسة منذ
16 قرنا للألعاب على ستاد أوليمپيا القديم ، وأول ممارسة للنساء للرياضة
عليه على الإطلاق !
الحدث رمزى أكثر
منه أى شىء آخر . حتى رمى الجلة أصلها إنجليزى وليس يونانيا . وما
حسمها هو الاعتبارات العملية جدا ، فمدى الرمى فيها هو الأقصر بين كل
الرميات بما يناسب حجم الستاد الصغير كثيرا مقارنة بالاستادات المعاصرة ،
كما أن أخطار تهديد الموقع الأثرى من خلال هذه اللعبة تكاد تكون معدومة .
مع ذلك هناك شبه صاعق قد لا نقدره حق قدره مع الأوليمپيات الباكرة حين ولدت سنة
776 قحش ، وهو أنها كانت لقاء للرياضيين مكون من يوم واحد ! بالمثل مر هؤلاء
اللاعبون المحظوظون من تحت البوابة‑القوس تماما كما كان يحدث قبل 28
قرنا . الفارق
أنهم لم يكونوا عرايا كأسلافهم . كذلك هم اصطحبوا معهم النساء لاعبات ومشاهدات معا ، وكلا
الأمرين كان محظورا ( ومع ذلك رأت المسيحية فى الألعاب مجونا وثنيا
وألغتها ! ) . جلس الجمهور على الأرض الخضراء المائلة لأعلى كما
المدرجات ، ليشاهدوا الـ shot-put أو كما يسمونها عندنا رمى
الجلة ، التصفيات
فى الصباح والنهائيات عصرا . جلسوا بالضبط كأسلافهم ، وتحت نفس تحت
الشمس الحارقة ، يهللون ويصفقون لكل لعبة مثيرة . لا مأكولات عصرية ولا
إعلانات إليكترونية ولا غيرها من تقنيات ، إلا أبسط ما تحتاجه قوانين
اللعبة الرسمية ، حتى الميداليات ألغيت ولم توزع سوى أكاليل الغار
الزيتونية . أما الجمهور نفسه فيقدر بـ 15 ألف شخص ، حرص الكثيرون منه
على عيش اللحظة التى قد لا تتاح له فى حياته مرة أخرى ، فارتدى الملابس
القديمة ، أو تكلم باللغة القديمة ، أو كل ما نالته يداه من أجل
ذلك .
كما
اتخذت الأوليمپيات اسمها من هذا المكان ، جبال الأوليمپ ، وكما كانت
إعادة اكتشاف هذا المكان فى منتصف القرن الثامن عشر الإلهام الأساس وراء إعادة
بعث النبيل الفرنسى البارون پيير دو كوبيرتان للأوليمپيات ، فقد كان هذا
المكان تحديا أيضا ، واليوم فقط 18 أغسطس 2005 تحديدا ، حق بكل معنى
الكلمة شعار الدورة الحالية ، الأوليمپيات مرحبا فى وطنك ! Olympics, Welcome Home! ،
فهذه النقطة بالضبط وليس سواها فى كل البسيطة ، هى الموطن ، والعود
الذى حدث اليوم تاريخى بكل معنى الكلمة ، وجاء بعد غياب 16 قرنا
كاملة ، وحتى المرة الوحيدة التى أقيمت فيها الأوليمپيات الحديثة فى
اليونان فى دورتها الأولى سنة 1896 لم تذهب لزيارة المكان ! ( للمزيد اقرأ قصة النيو يورك
تايمز المفعمة بدفء التاريخ أمس ) . مع ذلك لا يخلو
الأمر من مفارقات . فمثلا رمى الجلة ليس لعبة أوليمپية قديمة أصلا ،
بل لعبة ذات جذور سيلتية ، ولو شئنا الحديث عن الأوليمپيات الأصلية جدا قبل
2800 سنة ، فغالبا لم تكن تعدو سباقا لترويض الجياد يشارك فيه الآباء
بجيادهم وأبناءهم ، وليس أكثر . والعامل الوحيد ففى اختيارها هو
اعتبار عملى بالكامل ، أنها لعبة تناسب مساحة المكان ، زائد أنها لن
تلحق به أضرارا ما . لقد
كانت الأوليمپيات القديمة رمزا نادرا من نوعه للسمو بما هو أرضى لمرتبة
القداسة ، وأن لا قداسة إلا فينا نحن . نعم هى كانت عبادة لزوس ،
وكان اللاعبون يقدمون فروض التبجيل لتمثاله زوس الرخامى الذهبى ، إحدى
عجائب الدنيا السبع . لكن مهلا أى نوع من العبادة كان ذلك حقا . دائما
أبدا الأرضى هو المقدس ، وهذا ما دارت حوله كل الميثولوچيا اليونانية
( للمزيد اقرأ صفحة العلمانية ) .
بهاء أجسادنا قداسة ، تستحق الحج المضنى إليها من كل فج عميق للاستمتاع
بسمو رؤيتها عارية فى كامل إشراقها وإبداعها . الجنس أيضا قداسة ،
وليس بالضرورة غريزة عمياء تقود للانحلال والهلاك والهمجية ، أو تحديدا هى
بالضرورة النقيض من العقل والتحكم . حين قال
معلمنا أرسطو إن ثمة شعوبا تعيش بالانفعال والعاطفة والغريزة ، وأسماها
شعوبا همجية ( كان يقصدنا نحن ) ، لم يكن يدعو للعفة ، ولم
يخطر بباله ازدراء الجنس ، إنما ببساطة انتقد افتقادنا نحن شرق الأوسطيين
لأحد مكونات القوة ، وهو العقل . فالحقيقة أن الشهوة ( وإلهها
إيروس ) فى الميثولوچيا اليونانية جزء أصيل من مفردات الحضارة ، هو
عينه مصدر قائم بذاته للقوة والازدهار والنماء .
هذه هى عبقرية الحضارة اليونانية ، تصالحها أو بالأحرى توحيدها
العظيم بين كافة قوى الطبيعة ، كل ما هو قوى مقدس ، كل ما هو طبيعى
مقدس ، كل ما هو تنافسى مقدس ، كل ما هو حر مقدس ، أو ‑بالاستعارة
عن داروين‑ كل ما هو تطورى مقدس ! عندنا
فى مصر كان ثمة إلها للخصوبة يدعى من ، لكن ما فائدة هذا فى عقلية غيبية
بالكامل لا هم لها سوى بناء المعابد والمقابر ولا يتملكها شىء قدر تملك هاجس
الحياة الأخرى لها . دائما
ما يقولون مصر أم الدنيا . الإجابة خطأ ، مصر أم الدين ، وأثينا
أم الدنيا ! ليس دليلا
أكثر درامية على هذا التضاد بين اليونان ومصر ، من تلك من النهاية
التراچيدية للأوليمپيات القديمة نفسها . لقد أقيمت لمدة 1200 سنة دون
انقطاع ، هذا إلى تمكنت عقيدة التوحيد المدعوة بالمسيحية ‑وكما تعلم
مصر أصل هرطقة التوحيد‑ على أوروپا ، فكان أول ما فعلته فكرة التوحيد
الظلامية أن أغلقت الدورات الأوليمپية ، لأنها دنيوية ومنحلة أكثر مما
يجب ، ومن ثم دشنت عصور الظلام ، أكثر حقب البشرية سوادا بفضل
المسيحية وفرخها الإجرامى المدعو الإسلام . هنا فقط
تحقق لمصر الدونية الظلامية الانتقام من أثينا العظيمة مهد كل النور . إغلاق
الأوليمپيات القديمة لم يكن إلا فصلا أو معركة فى حرب التاريخ الكبرى ، حرب
ظلام مصر على نور أثينا . ومن نافلة القول إن المعركة حسمت فيما بعد لصالح
التنوير والتقنية ، وبنى الإنجليز ( ورثة أثينا وقيمها الأصيلة
الحقيقيون ) حضارة الصناعة ، ومن ثم حضارة ما بعد‑الصناعة ،
ذلك بالتشارك مع اليهود ممن تخلصوا من داء السامية القديم ، ثم من بعد من
خلال أميركا الوريث اليافع لكل هذه القيم الخالدة . … للمزيد
اقرأ المدخل الأصلى لصفحة
الثقافة هذه ، وهذا الجزء من صفحة
العلمانية ، التى لعلها تصلح كلها للقراءة فى
هذه الأيام الجياشة [ ولاحقا هذا المدخل بمناسبة فيلم ’ الملك
آرثر ‘ عن علاقة العرق الأنجلى بالفكر اليونانى القديم ] . …
شكرا للجنة
الأوليمپية ، وشكرا لأثينا ، أن أتحتما لنا مثل لحظات التفكر الجميل
كهذه ، وما أكثرها . وبصراحة : أيا ما كان عدد المشاركين فى
أوليمپيات أثينا ، وأيا ما كان عدد الأرقام التى ستتحطم فيها ،
وكلاهما ليس قياسيا على الأرجح ، فسوف تظل هذه الدورة فى ذاكرة التاريخ
وذاكرة كل من حضرها وكل من تابعها ، شيئا خاصا جدا من نوعه . هذا ما أفلحت فيه
اللجنة المنظمة على كافة الأصعدة . فتحية مجددة لرئيستها چيانا
أنچيلوپوولووس‑داسكالاكى ( نعم ، عندنا تحية قديمة لها هنا ، بها صورة أخرى لها
مع رئيس الوزراء اليمينى الجديد ، لكن أولا قبيل انتخابه ، وثانيا
بدون زوجته الجميلة جدا كصورة مدرجات الكرة الطائرة هذه ! ) .
أيضا وبما أننا
بصدد ذكر من يجب ذكرهم من هذه الأوليمپيات موجه حفل الافتتاح المتواضع ‑الشخص
لا الحفل‑ ديميتريس پاپايانوو . بصراحة نأسف إن بدا الكلام عن الحجاب والتخلف هو الذى
أخذنا ، لكن الحقيقة أن الحفل الاستعراضى هو الذى أخذنا حقا ، وراح
يعتمل فى تفكيرنا فى الأيام السابقة ، لنكتشف أنه كان الشىء الأولى
بالمراجعة حقا قبل أية كلمة أخرى فى هذه الملحوظات . طبعا كتبنا انطباعات
عامة ، ووضعنا عدد من الصور اعتقدنا أنه سيتحدث عن نفسه ، وهو يتحدث
عن نفسه بالفعل ، لكن التحية والتقييم والتفصيل هى أقل واجب علينا نحو هذا
المشغولة الفنية الرفيعة . بالفعل ، كم كان حفل الافتتاح هذا ليس
مبهرا من حيث الاستعراض spectacular فقط ،
فهذا الجانب الأتفه إن جاز القول ، وموجود فى كل الأحداث المشابهة ،
ولعل دورة أتلانتا بمقدرة فنانى هولليوود وبرودواى هى التى وضعت القياسات
الجديدة للحدود الدنيا لها . إنما الأهم هو المحتوى ، حجم الثراء
الثقافى والذهنى والتاريخى المثير للفكر والملهب للخيال والتأمل ، فى ذاك
العرض الأثينى .
إنها قصة حضارة لا
كما ترويها كتب التاريخ ، ولا فقط كقصة مصاغة فى قالب فنى إيحائى ، بل
رؤية بمعنى الكلمة ، رؤية كاملة للتاريخ ، أشياء تولد من رحم
أشياء ، ومسيرة قطار لا تتوقف أبدا ، وتفاعل بين الإنسان والطبيعة حبا
وصراعا معا طوال الوقت ، وقصة لا نظير لها لإله للشهوة يدعى إيروس يصالح أو
قل يوحد بين الغريزة وبين السيطرة والقوة والعقل كالقيم العليا لكلمة
حضارة ، هذا إلخ … إلخ .
[ اقرأ عن مؤتمره
الصحفى اللاحق يوم 24 هنا .
ما أذهلنى فيه ، وأيضا أسعدنى أيما سعادة أنه قال إن الحفل كله مستوحى من
فيلم ’ 2001
—أوديسا الفضاء ‘ .
السينما هى ولعه الأكبر ، وهذا الفيلم هو فيلمه المفضل ( مثلى ومثل
كثيرين بالطبع —اقرأ مراجعتى
له ) ، إلا أنه بالفعل اشتغل على عقولنا الباطنة ، سواء فى
تخيل أجواء القرن الحادى والعشرين ، أو تلك الرحلة السيريالية الطويلة
التنويمية لحد ما لقطار الحضارة التاريخ ، أو فى ميلاد الراقص المعاصر كفرخ
يخرج من بيضة من قلب التمثال الأغريقى القديم فيما يشبه تتابع الختام فى
الفيلم . اعترف أنى لم أقم شخصيا بهذا الربط فى حينه ، رغم ولعى دوما
بمثل هذه الأشياء ( أو قل استعراض ثقافتى فيها ) ، لكنه ربط
موجود حقا ، بل وخلاق بكل معنى الكلمة ! الأدهى
أنه لم يتحدث عن هذا أو ذاك ، إنما تحدث فقط عن أشياء تقانية للغاية قد لا
يحسها إلا شخص عصامى مثله يسافر لپاريس لسبع ساعات فقط لزيارة متحف اللوڤر
والعودة ، كأن قال مثلا إن الأبعاد الفراغية التى أعطاها للتمائيل
اليونانية أخذها عن هذا الفيلم . الحديث
حافل بالمفاجآت ، كقوله أنه كثيرا ما عاش وحيدا وهذا علمه الرسم ، أو
خلق البشر طوال الوقت حسب قوله ، وطبعا كان من الممكن أن يصيغ هذا بطريقة
أخرى كأن يقول إن الحفل كان جهد رجل واحد لحد كبير ، وهى حقيقة . كلمة
متواضع التى يوصف بها رددناها أيضا دون أن ندرك مدى عمقها حقا ، وأقول
رددناها لأننا لحسن الحظ لم نحورها إلى مغمور . مرة أخيرة اقرا هذا الحديث
لتدهش من أنه لا يعتبر نفسه قد أنجز شيئا ! ] . ( وبالمناسبة
الأوليمپيات أو الألعاب الأوليمپية أو على الأقل الاسم العربى الدارج الدورة
الأوليمپية هو اسمها ، أما الأوليمپياد فتعنى فترة الأربع سنوات
الفاصلة . علمونا هذا ونحن صغار ، ولم ننسه ، فلماذا لا يستخدمه
أحد أو لا يعرفه أحد . لا أدرى ! ) . …
نهلة رمضان ( اليوم هو اليوم السابع 20 أغسطس ) بطلة رفع الأثقال
المصرية ليست محجبة لكن ليس هذا سبب تعاطفى معها ، وليس أن الاتحاد الذى
تنتمى إليه يديره غير مسلمين على امتداده التاريخى ، وليس حتى بسبب وجهها
الطفولى المحبب . أتعاطف معها لأنها وضعت فى ضغوط حقيرة كى تأتى لمصر
بميدالية بأى ثمن ، حتى لو كان الثمن أن تدمر مستقبلها الرياضى ، أو
أن تنتحر . المؤكد أنها لا هى ولا مدربها البلجارى المتفانى يوران إيڤانوڤ
أصحاب قرار الدخول لثقل ’ نطر ‘ clean and jerk 145 كيلو ، وقطعا ليسوا أصحاب القرار الأكثر حقارة بدخولها لثقل
147.5 وقد فشلت مرتين فى الثقل السابق . هذه قرارات سياسية ، إن لم
تكن قد جاءت من رئيس البعثة الذى رأيناه وحده يكلمها فى خلفية الملعب بينما انفض
عنها مدربها ، الوحيد على وجه الأرض المؤهل للحديث معها فى تلك اللحظات بل
من حقه حمايتها من سماع أى شىء آخر خلالها ، فقد جاءت تلك القرارات من جهات
سياسية عليا بالهاتف الخليوى من مصر ! هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التى تقحم فيها
الدول المتخلفة السياسة فى الدورة ، طبعا على الأقل بعد لاعبة فلسطين
الخرقاء الجوفاء القادمة من كوكب آخر التى راحت ترفع علامة النصر فى حفل
الافتتاح ، وكأنها تذكرهم بأوليمپياد ميونيخ 1972 وهم الجالسون مرتعدين من
احتمال هجمات إرهابية ، بينما بالمناسبة حفل الافتتاح هذا نفسه هو الذى شهد
الكوريتين تدخلان تحت علم واحد هو العلم الأوليمپى ! المهم ، اقرأ هنا
القائمة الكاملة للبعثة المصرية ، حيث دوما مصر منورة ببيروقراطييها ،
ليس بالكم فقط ، بل بالقرارات السياسية العليا أيضا . وكيف لا ومصر
بها أكبر حكومة فى العالم مكونة من 7 مليون فرد ، ليس لهم وظيفة أصلا سوى
الإفتاء فيما لا يفهمون ، وتنحية من يفهمون لما وراء الشمس ! [ ربما تفاصيل هذه النظرية
غير دقيقة ، لكنها الفكرة العامة لا تزال صحيحة . اليوم واليوم فقط
( 4 سپتمبر ) ، تكلم
المدرب إيڤانوڤ تفصيلا ، هذا لجريدة الأهرام .
كثير من النظريات سبق هذا ومنه إدعاءها هى ورئيس الاتحاد أن سبب الفشل هو
الإصابة . طبقا لإيڤانوڤ الذى كان صريحا جدا ومفصلا جدا فى هذا
الحوار ، المخطئ المباشر والوحيد هو نهلة رمضان نفسها ، جرت وراء
الإعلام الذى جعلها نجمة وأقنعها أنها بطلة العالم وأنها ملكة مصر
القادمة ، فلم تهتم بالتدريب ، وكانت تسهر لأوقات متأخرة تتكلم فى
الهاتف مع مصر … إلخ ، رغم تأكيدات إيڤانوڤ لها أنها لن
تفوز بأية ميداليات . قرارات أرقام الأوزان اتخذتها هى التى حسب وصفه ركبها
الغرور . ماذا حدث لبطلة كانت جادة ومجتهدة قبل أسابيع أو ربما
قليلة . لذا فالمجرم الحقيقى هو ’ الطريقة المصرية ‘ ، تدخل
من لا يفهم فى كل ما لا يفهم ، الحنجورية و’ وطننة ‘ كل شىء
وجعله قضية مصيرية تهم 70 مليون مصرى ، وأن بهذا الحماس وحده على طريقة
الجوهرى يمكن أن نقهر الدنيا ، وأن الذهب فى جيبها من تدريب ولا كلام
فاضى ، فقهرتنا ليس فقط الروسيات ، بل قهرتها وقهرت هؤلاء العملاقات
الروسيات فتاة تايلاندية متواضعة ، فالعلم لا يكيل بالباذنجان إلا فى
مصر . المهم عندهم الانتصارات الإعلامية ، والخطب الإنشائية
والمانشيتات الرنانة . هذه الفتاة الصغيرة وجدت نفسها فجأة محورا لاهتمام
كل هؤلاء النجوم من وجهة نظرها ، وكان لا بد أن ترضخ لضغوطهم ، فمن
ناحية لم تتدرب جيدا ومن ناحية أخرى جعلت الميدالية الذهبية هدفها وإلا لشىء
إطلاقا ، فقد وعدت هؤلاء بذلك ، أو حتى لم تعدهم ، إنما هم
توقعوه . كارثة طبعا . لكن هل تعلمت نهلة الدرس ؟ الصحافة هى
السلطة الوحيدة فى مصر ، ليس لأى أحد أية سلطة فى مصر إلا الصحفيين ،
يركع لهم كل من تتخيلهم ذوى سلطة أو نفوذ ، ولذا أولئك وحدهم هم منبع كل فساد
فى هذا البلد . كل ما عليها من الآن فصاعدا أن لا تعطى أذنها إلا لسلطة
واحدة ، لصوت واحد : صوت مدربها ، صوت طبيبها ، صوت
العلم ! ] . …
واو ! بيضاء من روسيا
البيضاء تعلن نفسها أسرع امرأة فى العالم !
حتى يومين مضيا لم تكن لوراين ويلليامز الأميركية السوداء المتربعة على عرش السرعة ، قد
سمعت أصلا باسم يوليا نسترينكو ، وحتى اليوم
( 21 أغسطس الثامن للألعاب ) لم تكن تتخيلها سوى مجرد منافسة جديدة
كسرت حاجز 11 ثانية . حققت نسترينكو 10.93 فى النهائى بفارق 0.03 أفضل من
ويلليامز ، وليس هناك سوء حظ للأخيرة فهذا أفضل أرقامها . هل تذكر كلامنا عن مواصفات جمال زميلات
لعب مجلة الپلاى بوى فى السنوات الأخيرة ، اللاتى صرن فى معيار الجمال الجديد أكثر ’ خنوثة ‘ more
androgynous .
بمعنى أن الصدر بات أنحف ، وكذا الردفان ، لكن الوسط أصبح أكثر
ثخانة ، بما يقترب بهن للخصائص الوسيطة مع الرجال .
هذا بالضبط كان انطباع اللحظة الأولى عندى لهذه
الدورة الأوليمپية . الغالبية فارهات الطول ، ليس بهن السمة
الأنثروپولوچية التقليدية لأنثى الإنسان وهى اتساع عظام الحوض استعدادا لحمل
الأطفال ، ومن ثم جاءت قدرتهن الضعيفة على الجرى السريع . ومن هنا
لتتنح حقا القصيرات متسعات الحوض من أمثال ويلليامز ، التى تصدرت وبنات
لونها وطولها وعرضها وبلدها الأميركيات هذا العرش لمدة عشرين عاما . فى
سباق السباعى الذى انتهى أيضا اليوم لم تكن مفاجأة تصدر السويدية الشقراء
كارولينا كليفت له دون منافسة ، لكن المفاجأة أن كل زميلاتها فيه ينتمين
لذات هيئتها القوقازية الفارهة . وطبعا كما تعلم الهيپتاثلون هو اللعبة
الأكثر تعبيرا عن الكمال الرياضى للمرأة ( أصل إذا كانت النساء المتصدرات الجدد
للألعاب بهذه الصفات الخنثوية الجديدة للجسد وللجمال الأنثوى ، فقد لا يمر وقت
طويل قبل أن يلغى من الألعاب ذاك التقسيم التاريخى التليد ما بين رجال
ونساء ، فالقدرات ستكون متساوية جدا بين الاثنين فى منافسات الأسرع ،
الأعلى ، الأقوى Olympic motto of
'Faster, Higher, Stronger' ! [ تحديث : 30 سپتمبر 2004 :
الموضوع بقى بجد ، وبيعملوا عليه بحوث علمية ! اليوم نقلت البى بى سى عن
بحث لجامعة أوكسفورد ، ما فحواه أن تسارع أداء العداءات النساء يرهص بأنه
فى أوليمپيات 2156 سوف تتساوى أرقام الرجال والنساء فى العدو . ما فهمته أنهم
قاسوا الزيادة قياسا خطيا ، بمعنى أنهم مدوا منحنى الخط المستقيم على
استقامته ليتقابل الخطان ‑الرجال والنساء‑ فى هذه السنة
المذكورة . ربما يكون المنحنى الخطى صحيحا ، لكن ربما أيضا لا يكون
علميا جدا مده على استقامته مستقبلا . هذا لعله رصد ظاهرى جدا وخارجى
جدا . وما أريد قوله أن هذا الحقل قد تحكمه الطفرات أكثر منه التقدم الخطى
الدءوب . فلو ظهرت أجساد نسائية مشابهة لأجساد الرجال خلال ربع قرن
مثلا ، فسوف نشهد طفرة كبيرة حينئذ ، ولو لم تظهر خلال قرنين فلو تكون
هناك تلك المنافسة . فقط كل ما نعلمه جميعا حتى اللحظة أن النساء يتقدمن فى
المضمار بخطى مذهلة ! ] . بمناسبة الجرى ، لدى سؤال تكنولوچى محض :
لماذا تقيسون دخول اللاعبين لخط النهاية بكاميرات وأشعة جانبية ؟ ما هى
الصعوبة فى أن ترسل تلك الأشعة من أعلى لأسفل أو العكس ، فلا يتداخل
اللاعبون ويخفون بعضهم البعض جزئيا عن الكاميرا ، ويكون فى النهاية للعامل
البشر دخل فى لأرقام والأحكام . طبعا ضمان جساءة rigidity الأرض تحت اللاعبين ليس مشكلة . يمكن أن تبنى حجرة خرسانية تحت
الأرض بها مجرد شق طولى بسيط من أعلى توضع بها الأجهزة وترسل أو تستقبل أشعتها
لعارضة كبيرة فوق رءوس اللاعبين ، ثم يغطى سقف هذه الحجرة بالضبط كما يغطى
بقية المضمار . من لديه معلومات أو أفكار أفضل فليوافنى بها ! … بمناسبة لا پارانويا ولا ضغائن ، التى تحدثنا
عنها قبل ثلاثة أيام ، زائد كلام اليوم عن البيض والسود ، نقول إن بالذات فى الألعاب دون عن أى شىء ربما ، لا
پارانويا ولا ضغائن فيما يخص الأعراق . البيض يعتقدون
عن حق وهذا واضح من أى نوع من الإحصائيات ، أنهم المبدعون وقادة
العالم ، والسود هم الأضعف ذهنية ومبادرة ( طبعا فى هذا يتفق البيض
والسود والإحصاءات ثلاثتهم معا على أن العرب لا مخ ولا عضلات . هذا ليس
موضوعنا ! ) . فى الألعاب تعلم البيض أن كثيرا ما يتوجب عليهم
الانحناء للسود احتراما وإعجابا ، على الأقل منذ ذلك اليوم الذى رفع فيه
أميركى أسود يدعى چيسى أوينز أربع ميداليات ذهبية فى وجه أدولف هتلر ، وأفسد عليه كل الخطط
والأحلام التى بناها على دورة برلين 1936 . باتوا يعترفون أنه وإن كان
السود وإن كانوا أقل ذهنيا وسلوكيا وحضاريا وانفعاليون لا يصلحون للحياة الحديثة
( إلا طبعا لو هناك بعض التطفرات mutations ) ، فإن تفاوت
الچيينات هذا يعنى فى نفس الوقت تفاوتا فى الاستعداد العضلى ، قد يجعل منهم
‑أى السود‑ أصحاب اليد العليا فى حالات كثيرة ( إلا طبعا لو
نجح البيض فى جعل الألعاب تفوفا علميا وذهنيا وأخفوا هذه المعرفة عن
السود ، وهو شىء ليس فى مصلحة أحد ، فى دنيا التنافس الشريف تلك التى
تدثنا عنها ، حيث لا پارانويا ولا ضغائن ! ) . ربما يريح من لديهم ضغينة ما نحو السود أيا كان
سببها ، سواء من داخلهم أو بسبب سلوكيات وتباجح السود أنفسهم أو مطالبتهم
بأكثر مما يستحقون …إلخ ، عليهم أن يتذكروا أن الكثير من الرياضات يحتاج
للانفعال والحماسة ، ولتهنأوا بالشطرنج وبعض الجمباز والرماية ،
ولتتركوا لأطفال شوارع هارليم وريو دى چانيرو سيئى الخلق والتعليم بطولات السلة
والقدم ( انظر كلامنا الكثير من
قبل عن كئوس العالم لكرة القدم ) . أيضا ربما لعلكم تجدون راحة
كذلك فى توهم أننا الطبيعيون أو الأسوياء ، وهؤلاء الرياضيين هائلى البنية
هم مجرد ’ عجبات ‘
freaks لا
أكثر ! ( الحقيقة أنى لا أومن جدا بهذه ، وحسب الفصول الأولى من كتاب حضارة
ما بعد‑الإنسان فإن أجسادنا خلقت أصلا للقنص ولم الثمار ولا تزال
كذلك ، ونحن أبناء المكاتب والسيارات والوجبات السريعة ننسى هذه الحقيقة .
وحتى لو كان أجدادنا
أقزاما نحيفة تعانى من شح الطعام ، فهؤلاء أبطال أثينا 2004 هم امتدادهم
الطبيعى وليس نحن ! ) . على فكرة
الأميركيون فى هذه الدورة ليس لديهم ترف إغاظة هتلر ولا غير هتلر . هم
ممنوعون من المبالغة فى الاحتفال كالجرى طويلا بالعلم الأميركى ، هذا طبقا
لتعليمات صريحة من اللجنة الأوليمپية للولايات المتحدة ، تحسبا للبيئة
المعادية ككل لأميركا التى يلعبون فيها . أنا لدى شعور شخصى أن هذا إن
سميناه خجلا ، منعكس أيضا على حماسهم وأدائهم ككل فى اللعب نفسه ،
وربما يسهم هذا فى خروجهم بنصيب من الميداليات أقل من الدورات السابقة . ما
رأيك ؟ …
- اليوم
التاسع هو الأحد .
والأحد يوم خاص جدا لأن الماراثون أطول السباقات
وأبوها جميعا يقام فيه ، ذلك لأهميته الخاصة ، أو ربما لمجرد أن
الشوارع تكون خاوية فى أيام الآحاد . اليوم للنساء والأحد القادم
للرجال . أيضا أقاموا اليوم مسابقة أخرى خاصة جدا هى أقصر السباقات ،
100 متر عدوا ، أو أسرع رجل فى العالم ، وإن كنت فى هذه غير متأكد أن
هذا موعده التقليدى ، وربما أذكر أنه كان يتوج به اليوم الأخير أو قبل
الأخير عادة . المهم هذا اليوم كان حافلا بالدراما ، وربما
هذه عادته لو أنك تذكر ( من برشلونة فيما أذكر أنا ) ، تلك
الياپانية التى تحاملت على نفسها لتكمل الماراثون للنهاية ، وانتظرها كل
الناس حتى وقت متأخر ليصفقوا لها بحرارة وهى تجر ساقيها نحو خط النهاية ،
وأصبحت هذه التى احتلت المركز الأخير رمزا وأسطورة ، وصاحبة مجد لم تنله
صاحبة الميدالية الذهبية نفسها .
يبدو أن مثل هذا اليوم التاسع موعود بالدراما
دوما . منذ الصباح مرت بنا على الأقل قصتان دراميتان جدا ( طبعا دع
جانبا قبل
أربعة أيام تلك الدراما المثيرة التى حسبنا طبعا أنها تتكرر ، لسقوط پول هام بطل الجمباز الأميركى
من على القنطرة vault ( أو
ما يسمى عندنا حصان القفز ) إلى تحت أقدام
الحكام ، وتراجعه من المركز الأول للمركز 12 ، ثم مواصلته اللعب حتى
فاز بالذهبية . والفكرة أو لعله الدرس المستفاد ، أو قل إن الدراما
الحقيقية ليست فى سقوطه رغم كونه بطلا للعالم ، إنما فيما حدث بعد ذلك .
المنافسون من الياپان وكوريا ارتكبوا هم أيضا أخطاء بعد قليل ، ثم عاد هو
نفسه ليقدم روتينا مذهلا فوق القضيب العالى high ba ، ويحقق لأميركا
أول ميدالية أوليمپية فى تاريخها لكل الأجهزة all-around للرجال . وطبعا ما كان ليغامر بهذا
النوع من استعراض العضلات الخارق إلا فى ظرف كهذا . وفعلا ذهب الذهب أو عاد
الذهب لمن كان مفترضا له أصلا ! ) . [ تخيل أنه فعلا فشل فى
الحصول على الذهبية المفردة الخاصة بهذا القضيب العالى حين أقيمت قرب ختام
المسابقات فى 23 أغسطس ! ] . الدراما الأولى ليوم الأحد الوسيط هذا ، هى
تداعى وانسحاب بطلة الماراثون المتوجة لأكثر من مرة الإنجليزية الجميلة پاولا رادكليف .
انهارت قبل ستة كيلومترات حين وجدت نفسها تتراجع للمركز الرابع ، وفازت
زميلتها الياپانية ميزوكى نيجوتشى . [ وفى الصباح التالى يحكى أن
المؤتمر الصحفى لرادكليف مشهدا مشهودا ، انهارت مرتين من النحيب
العميق ، وهى تروى كيف كان حلمها يتبخر شيئا فشيئا ] .
الدراما الثانية صنعها ماثيو إيمونز الرامى الأميركى
متعدد الميداليات فى هذه الدورة وغيرها . فى الرماية بالبندقية ثلاثية
الأوضاع من مسافة 50 مترا ، كان متصدرا بفارق ملموس ، وبات قاب قوسين
أو أدنى من ذهبية أخرى . أطلق طلقته العاشرة ، وانتظر النتيجة .
لم تظهر النتيجة . أخرج الطلقة الفارغة للحكم وقال له لقد أطلقت . على
نحو ملفت تجمع الحكام ذوى
السترات الحمراء ، وراحوا يتدارسون الأمر
طويلا ، وفى النهاية تقدم كبيرهم للميكروفون ليعلن بهدوء ’ سيداتى
سادتى ، لقد تم اعتبار نتيجة هذه الطلقة صفرا ‘ . أصبح إيمونز
الثامن أى الأخير . أما تفسير ما حدث فهو أنه ببساطة صوب على الهدف
الخطأ ، قال إن هذه ليست من عادته ، وأنه دوما ما ينظر بالتلسكوپ لرقم
الهدف أولا ثم ينخفض البندقية للتصويب ، لكن هذه المرة كان مشغولا بتهدئة
نفسه بحيث فاته هذا . تخيل خطأ لا يرتكبه أحد فى التدريب يقع فيه بطل
العالم فى طلقة الميدالية الذهبية . [ الفارق بينه
وبين رادكليف أنه لم ينهر أمام الصحفيين . قال إنه سيواصل الرماية من صباح
اليوم التالى ! ] . … يحيى السيد متعهد كرة اليد لدى التليڤزيون المصرى ، شخصية عجيبة
وتستحق وقفة . أيا كان الموقف كل كلامه أقرب لمندوبى المبيعات فقط لا
غير . أيضا كان الوضع هو يمتدح ما لا يمكن مدحه ، أو يبرر ويلتمس
الأعذار ما لا يمكن تبريره أو التماس الأعذار له . هو يجعل الهزائم
انتصارات ، ودائما ، دائما ، يجد ما يقوله . بغض النظر عن
أنه كإعلامى غير مجبر على أى من كل هذا ، هو يذكرنى بمحمود الجوهرى فى كرة
القدم ، يبيع لنا كلاما كثيرا لكن لا شىء على أرض الملعب ( حاليا هذا
الأخير يبيع الكلام لمنتخب الأردن وصحافة الأردن وشعب الأردن وللأسف أيضا ملك
الأردن ) . وبمناسبة الجوهرى أيضا هى نفس عقدة المدرب الأجنبى
عندنا ، وأيضا استشم رائحة مشابهة لجوهرى قادم لكرة اليد . السيناريو
لا يتغير أبدا . ما أن يأتى أحدهم وفى مخه بعض الكرة ويحقق نتائج ،
حتى ينط المدربون المحليون ليسرقوا جهده ، والحجة عادة هى عدم توافق
اللاعبين مع المدرب الأجنبى إن لم يكن تحريض هؤلاء لهم عمدا عليه ( بصراحة
أكبر ، علمنا إياها لاعب كرة القدم المصرى المسلم الأصيل حسام حسن ، لا يخلو
الأمر من بعد دينى ! ) . وبما أننا شعوب تعرف الانفعال ولا تعرف
العلم ، يأتى المدرب المصرى ’ ليبث الروح ‘ ، ذلك الشىء
السحرى الذى يأتينا بالكئوس والميداليات زرافا . ويبيع اللاعبين كما يبيع
الصحافة كلام فى كلام ، بينما مخه خاوى أصلا من الرياضة . أعتقد بعد
أن هزم المنتخب المصرى فى كل مباريات الدور الأول ( كل هذا الكلام كان عندى
منذ اليوم الأول لكنى أجلته لليوم الذى هو التاسع ، فقط كى أتأكد من هذه
الجملة ! ) ، هذا المنتخب مرشح لأن يدربه يحيى السيد ! أما مباريات الهوكى للفريق المصرى فلم يشاهدها
أحد ، ربما لأن أحدا لم يهتم أصلا بإذاعتها أو ربما حتى بتصويرها .
وأما أطرف الأشياء أن الكاميرا كانت تترك ما يجرى داخل ملعب كرة الماء أغلب
الوقت لتركز على المدير الفنى المصرى عادل شبانة وحركاته الانفعالية الكوميدية حقا على
جانب الحمام . الواضح أن موجهى التليڤزيون اليونانيين معجبون
به ، ويتسمون فيه ’ ككاراكتر ‘ وكصلعة جذابة أن يترك تدريب كرة
الماء ويصبح ممثلا ! ( للدقة هم معجبون أيضا باثنين كاراكتر
آخرين : مدرب الكرة الطائرة رجال الإيطالى الوسيم الشاب الذى يقف دائما على
خط الملعب بالضبط ولا يطرده أحد ، طبعا بسبب أناقة البذلة السموكنج السوداء
والقميص الحريرى الأبيض والحذاء فائق اللمعان هذا فوق الخط ، التى لا
يغيرها كلها أبدا وكأنه دائما ذاهب بعد المباراة مباشرة لحفل أوپرا
إيطالية . الثانى هو الكهل جدا شديد الانحناء مدرب كرة اليد نساء
الأوكرانى ، الذى لو احتضنته إحدى لاعباته فى نوبة فرح لتفتت عموده الفقرى
أشلاء . الفارق بين هذين الاثنين وبين عادل شبانة شيئان ، الأول أنهما
يلعبان على الذهب ، والثانى أنهما لا يصلحان جدا لأدوار
الكوميديا ! ) . [ فى اليوم الحادى عشر هزم
فريق كرة اليد حتى فى مباراة مركزى المؤخرة واحتل الذيل المطلق بجدارة ،
وإجمالا كل فرقنا الجماعية هزمت فى جميع مبارياتها وغالبا بفارق ساحق ، أو
بصفر من الأهداف ، وقطعا لم تفز أو تتعادل بمباراة واحدة ] .
متى يفهم هؤلاء أن مركزهم
الحقيقى فى هذه اللعبات الجماعية التى لا تتحدد بأرقام مطلقة إنما ببطولات
قارية ، هو أسوأ بكثير من المركز الثانى العشر الأخير إللى موش
عاجبهم . متى يفهمون أنهم يتأهلون فقط بالصوت العالى لما يسمى بالعالم
الثالث ، يتأهلون ببساطة لأنهم جزء من قارة الصفر المطلق فى كل شىء
أفريقيا ، ولأن العالم المخدوع تحكمه سياسيا كما رياضيا ، أيديولوچية
كاسحة اسمها ديكتاتورية الدهماء المعروفة أيضا باسم الديموقراطية . كل المطلوب
أن تنشىء دولة ( حجمها صفر واقتصادها صفر لا يهم ) ، باسم تصفية
الاستعمار ستعطيك الأمم المتحدة مقعدا كامل الأوصاف بالضبط كمقعدى أميركا
والياپان ( نصف اقتصاد العالم ) . وإن لم تستح فافعل ما
شئت . ستحصل أيضا على مقاعد كاملة الأوصاف فى اللجنة الأوليمپية وفى كل حتة
حتى منظمة التداول العالمية ، ثم بأغلبية أمثالك ستسيطر على كل المنظمات
وكل اللجان ، وستسير كل العالم على هواك ، بما فيه المجتهدين الجادين
المتقدمين ، تسيره حسب قوانينك وأچندتك وتخلفك . بسهولة مطلقة ستجد
نفسك صاحب الصوت الأعلى وستتكلم أعلى منهم بلسان العدالة والديموقراطية وربما
أيضا حقوق الإنسان ( قلنا إن لم تستح فافعل ما شئت ) ، وتأكد أن
أحدا لن يعارضك أبدا ، لأنهم ببساطة هم الذين اخترعوا تلك المصطلحات وهم
الذين قبلوا سلفا تعريف الديموقراطية بأنها التصويتات المتساوية للعقول غير
المتساوية . ( هذا القطاع من العكننة خصصنا لها
صفحة كاملة اسمها الليبرالية ) . كلام
نقوله رغما عنا ، لكنى أتمنى بصدق أن تكون مستمتعا مثلى بالألعاب وتنسى كل
عكننات تخلفنا . لكن للأسف أنت لن تهرب منه بمشاهدتها بل ستجده هناك
فيها ، يفرض نفسه عليك فرضا . …
فى بلد لا يجيد فيه أى أحد أى شىء حتى الكذب ،
يستحق معلقانا الشابان محسن نوح وهشام رشاد كثيرا من التحية . مبدئيا لا بد من تحية اللجنة المنظمة للدورة
وجهازها التليڤزيونى ، الذين أتوا بفكرة الملخص الذى يبث لكل العالم
على الهواء لمدة ثلاث ساعات يوميا مقسمة لفترتين . الجديد هو هذه المساحة
التى تبدو أنها أكبر ما يمكن أن يتاح لمواطن عادى عبر العالم له مشاغله اليومية
الكثيرة أن يشاهده . وأقصى شىء بعد ذلك أن تسعى وراء لعبتك المفضلة
لتتابعها على نحو خاص ( بالنسبة لى شخصيا تجذبنى كلية ألعاب الحقل والمضمار
أو ما يسمى عندنا ألعاب القوى ، وطبعا الجمباز بأنواعه ) . أما
قبل ذلك فقد كانت الملخصات فيما أذكر نصف ساعة مرة واحدة ليلا ، أى فى
الواقع نشرة أخبار وليس ملخصا . مع ذلك أنت لا تريد لأى تلك الملخصات أن
ينتهى أبدا . على الأقل لن تعترض لو جعلوها فى المرة القادمة ساعتين
وساعتين !
محسن نوح جاب كل الملاعب ، الواضح أنه يقضى عمره فيها ، ويعرف قواعد معظم اللعبات
ومصطلحاتها ورطاناتها ، ولديه حس اللاعب والملعب والمدرب والجمهور ،
والأهم منها طبعا أن يستطيع نقل كل هذا لنا ، وبفكاهة وطرافة أحيانا كثيرة
( ’ دى خناقة من إللى بيروحوا فيها القسم ‘ ، إحدى كلمات
كثيرة طريفة له ، ويقولها فى كرة الماء والملاكمة
مثلا ! ) . هشام رشاد
جاب كل الأوراق . لديه القدرة على غمرنا
بالمعلومات والأرقام دون توقف ، وهو يعلم أن لا شىء فى الدنيا أكثر إثارة
من المعلومات ، ويمارس هذا معنا وعلينا باستمتاع وتلذذ ( هذه قاعدة
عامة ، لكن فيما يخص الرياضة التى لا أعتبر نفسى منغمسا فيها ، أذكر
أنى وأنا طفل كنت أقرأ بالكامل ومرارا وتكرارا ، كل تلك الصفحات الكاملة من
جريدة الأهرام التى كان يملأها الراحل نجيب المستكاوى بالأرقام ، وكانت
متعة ما بعدها متعة ! ) .
هشام رشاد يعوض نقص جانب المعلومات العالمية هذا
عند زميله . لذا فالاثنان يكملان بعضهما البعض ، يضاف لهذا دائما
تهذيبهما الرفيع ، وأناقتهما ولباقتهما وذكائهما فى الكلام ومواجهة المواقف
المختلفة ، وحتى حين يستخدمان كلمات دارجة يستخدمانها بخفة ظل ومع وضعها
داخل أقواس . طبعا لا بد أيضا من تحية المدير الذى اختارهما . إذ يسهل
تخيل أنها كانت معركة دخلها كثير من القدامى المتربعين عنوة على كل المقاعد وكل
’ السفريات ‘ كما يسمونها عندنا ، ذلك لولا أن الفارق واضح
للغاية بين هذين الشابين وبين أى أحد آخر ، ونادرا طبعا ما تكون أفضل
العناصر فى بلادنا فى موقع آخر غير الصف الأخير جدا . إن كان لنا أن ننتقد شيئا فيهما ، فهو ذلك
الشىء الواضح جدا ، ثقافتهما العامة . هذه تكون مطلوبة فى مواقف
كثيرة ، وأحيانا كثيرة ما يدلى محسن نوح بالذات بمعلومات خطأ ( فرسان
المائدة المستديرة فرنسيون عنده مثلا ! ) . لكن نقص المعلومات
يصبح حاسما جدا فيما يخص نطق الأسماء ، ناهيك حين تكون تشتغل تحت ضغط وقت
هائل مثلهما لا يتيح لك ترف التفكير أو التذكر ، بل يجب أن تكون كل الأشياء
حاضرة . رغم جودة نطقهما للإنجليزية عامة كلغة ، إلا
أنهما كثيرا ما يخطئان فى أسماء الأشخاص حتى الإنجليزية والأميركية نفسها
( مثلا شون تصبح شاون ومايرز تصبح
هذه مشكلة أعرف مدى جسامتها من خلال تأليفى لكتب
دلائل الأفلام أو لكتب ( كتالوجات ) مهرجانات السينما . أحيانا
لا تستطيع تحديد النطق الصحيح لاسم شخص كندى مثلا دون أن تعرف إن كان ينتمى
للقسم الإنجليزى أو القسم الفرنسى من تلك البلاد ، أو على الأقل دون معرفة
واسعة بالأسماء الإنجليزية والأسماء الفرنسية ككل . والمتاهات لا نهاية
لها ، كعامل الخلفية الثقافية كأن تنطق الأسرة فى فيلم الأب الروحى اسمها كورليون ، بينما كل
الأغيار ينطقونه كورليونى ، أو حتى كعامل الزمن ، كأن كان يقول الأميركيون وارنر براذرس والآن
يقولون وورنر براذرس . لذا لا يوجد طريق سهل لأى من كل هذا ، الطريق الوحيد هو
الإلمام بكل شىء ، حيث للأسف لا توجد حتى حلول وسط ! لا أعرف كم أعطيهما من عشرة على
طريقة حكام الجمباز أو على طريقة الراحل نجيب المستكاوى ، بالذات ونحن فى
دورة أوليمپية لا ترحم ، وأتخيل طبعا ما يفعله المعلقون فى الإن بى سى أو
البى بى سى أو فى الياپان أو فى الصين . لكن المؤكد أنى أكرر التحية ،
فالاجتهاد والذوق هما أكثر عملتين نادرتين فى إعلامنا المصرى البدائى عديم
المهنية لدرجة الصفر المطلق ! على فكرة كثيرا ما يفسد ’ مخرج ‘ الرسالة
الأمر علينا ، إما بجعل إما صوتهما خافتا وإما صوت الخلفية خافتا .
دائما هذا ’ المخرج ‘ إما نائم وإما غير موجود أصلا وإما زعلان من
حاجة . غالبا السبب هذه كلها معا ، وربما ما خفى كان أعظم .
فهؤلاء ’ مخرجون ‘ كبار وعظام لا يشتغلون بطاقم أقل من ألف شخص زى
چيمس كاميرون ( سيبك أن ده لأداء أشغال يكفيها نصف شخص فى البلاد التى تسمى
نفسها متقدمة ) ، وأكيد هو زعلان لأن رئيسة القناة لم تضف فنى صوت
للسفرية المباركة . وإفساد الرسايل جايز يخلى رئيس التليڤزيون يطردها
هى ( قصدى يرقيها مستشارة ، ففى مصر ما حدش بيموت من الجوع زى ما حدش
بينطرد من وظيفته ) ، ويعينه هو بدالها ! [ الشىء الذى لم يعجبنى بالمرة ووصل لدرجة المذاق السيئ من
شخص هو على العكس مهذب جدا ، هو وصف هشام رشاد للبيسبول بأنها لعبة مملة لا
نستسيغها ولا نحبها عندنا وأنها لحسن الحظ لم ترد فى الملخصات . بغض النظر
عن هل هذا مجاراة لكراهية أميركا أم لا ، وبغض النظر عن مدلولات اللعبة
الروحانية الكبيرة التى تتجاوز بكثير مجرد كونها رياضة لنوع من العبادة والتأمل
الصوفى ناهيك عن الأبعاد القومية والتراثية ( هل تذكر أفلام كيڤين
كوستنر ؟ ) ، فالمؤكد شىء واحد ، أنه لو علم أنهم فى
أميركا يرجعونها لأصل فرعونى ، لما تردد لحظة فى وصفها بأنها مسلية جدا
نستسيغها جدا نحبها جدا ونريدها طوال الوقت فى الملخصات ، ولما ترددت
مراحيضنا الإعلامية لو لم يفعل ، فى طلب تحويله لمحكمة عسكرية بتهمة
الخيانة العظمى ! ] . …
اليوم الـ 13 ليس نحسا بالمرة بالنسبة
للمصريين : بدون أى ضجة أو تصريحات من أى حد قبل بدء المباريات فعلا ،
صدق أو لا تصدق : مصارع الجريكو‑رومانية كرم جابر يفوز لمصر بأول ذهبية منذ سنة 1948 ! سجل مصر مع الميداليات كان كما يلى ( كلهم فى
رفع الأثقال ما لم يذكر خلاف ذلك ) : بعبارة أخرى هذه أول ذهبية أوليمپية منذ الثورة
المباركة ومنذ أصبحنا جمهورية يحكمها الصياح والصوت العالى ، ولا تزال
طبعا . وعلى فكرة فيه حد تانى ما أخدش دهب من 1948 وأخد المرة دى : إسرائيل ، ما أخدتش
منذ إنشائها ، ولاعب شراع الميسترال جال فريدمان أصبح برضه بطل قومى
عنهم ! فى المصارعة التى فاز فيها كرم جابر كانت إذن آخر
ذهبية من 76 سنة . أما آخر فضية فكانت لعيد عثمان
( 1960 ) ، وآخر برونزية لعبد العال راشد
( 1952 ) . أما آخر ميدالية إطلاقا لمصر فهى فضية محمد رشوان فى
الچودو 1984 ، فى تلك المباراة الشهيرة التى رفض أن يلعب فيها على قدم خصمه
الياپانى المصابة . يعنى البطل بطل ، حقه الفضية ، أخد الفضية ،
وما رضيش يمد إيده ع الذهبية وكانت قدامه فعلا ، لأن الميدالية موش حتة
معدن مدورة ، إنما مستوى معين وجهد معين وقوة معين ، ولا يمكن تعرف
معناها إلا لو وصلت أو قربت لمستواها فعلا ، وعلشان كل ده هى وأخلاق معينة
وشرف معين . نفس الكلام عن كرم جابر . البطل بطل
( على فكرة برضة ترجمة تشامپ الصح هى نصير لأن بطل هى هيرو ) .
النصير نصير ، جهد وصمت ، جدية وتواضع ، حب واحترام
للجميع ، كاريزما وفوز واضح متوالى ، لا صدف سيئة ولا حسنة ،
وطبعا لا أعذار ولا تماحيك ، بيلعب ويكسب رياضة ، موش زى محمود
الجوهرى بيلعب ويكسب صحافة ، أو لو حصل وكسب ( قصدى تعادل ، يكون
بالتلزيق ، يعنى وقوف 11 لاعب على خط المرمى ) . كرم رايح لأن
عنده ستايل عاوز يعرضه ، لأن عنده شخصية ، لأنه مرح فرحان وعايز يفرح
الناس فى المدرجات أولا وفى بلده ثانيا [ حركة المصارعة التى أداها على
مدربه احتفالا بالفوز ، أعجبت موجهى تليڤزيون الدورة فوضعوها فى اللقطات
المختارة لبث ما قبل حفل الختام ، وطبعا لتعرض على جمهور الحفل أكثر من مرة
ربما . بالمناسبة كمان الصورة الأولى المحطوطة هنا بتاع الرمية الأخيرة
للمصارع التركى من فوقه ، بتلف كتير من ساعتها ع الإنترنيت . جايز بعض
البنات معجبات بحاجة معينة فيها ! الشىء الوحيد المؤسف فى كل هذا أن المدير
الفنى والذى يسمونه خبيرا أجنبيا غاص ولم يسمع عنه أحد ، طبعا بسبب
الپارانويا الشيفونية المصرية التقليدية ، رغم أن من المؤكد أنه العامل
الأول وراء نصر كرم جابر ، على الأقل وصوله لهذه النقطة الأخيرة من المستوى
بالذات . أنا شخصيا كنت أود معرفة شىء عن شخصه وتاريخه ، ولم أجده إلا
ربما لو قمت ببحث خاص ] . براڤو اتحاد المصارعة لأنه
كما يقال فى مصر ’ دارى على شمعته ‘ .
وما عملش نفس غلطة رفع الأثقال ، إلى دخلوا الصحافة ، ومن وراها لازم
ييجى طبعا الوزراء وغير الوزراء ، والكل لازم يفتى أكيد علشان يحلل
مرتبه ، والبنت الغلبانة أم 19 سنة لا حول لها ولا قوة وسط سوق المزايدات
الجبار ده ، ولو قالوا لها ارفعى 200 كيلو كانت هتقول حاضر ! اتحاد الملاكمة عمل حاجة ’ أنقح ‘ أنه
قال إن مصارعيه جايز يوصلوا لدور الثمانية ، ودلوقت الملاكمة مرشحة أو
تقريبا ضمنت 3 ميداليات ! لو ضفت الواد بتاع التايكوندو ، يبقى خمسة
فى عين العدو . إللى هو مين العدو ده . ما أعرفش . هو لازم يكون
فيه عدو وخلاص . تابع إعلام مصر الأيام الجاية وهتعرف . جايز يطلع أى
حد ، جايز جال فريدمان ، جايز آل مكتوم ، جايز حد موش فى بال
حد . بس أكيد موش مايكل فيلپس أبو 8 ميداليات ! براڤو جميعا ، بس يا
ريت نتعلم الحاجات الصح من الإنجازات دى ، وإن كان العكس هو الأرجح ،
وكل الأبطال ’ التشامپس ‘ دول هيتدمروا بأسرع ما يمكن ! للأسف كل
الحاجات الصح هى إللى بتتعمل بمعزل عن ’ السيستم ‘ المصرى ،
وبمجرد دخولها فيه يبتدى العك ! …
لو أنت متعود على موقعنا فستعرف أن من مصطلحاتنا
المتكررة كثيرا كلمات مثل شرعية
الأصفار ومنظمة الأمم المعدمة اليالتية
الاشتراكية المتحدة ، وعالم
يدار من طيزه ، ووكثير مثلها كله يؤشر لهيمنة دول العالم الثالث على القرار
العالمى من خلال احتلالها مقاعد هائلة العدد فى كافة المنظمات المسماة
بالدولية . اللجنة الأوليمپية الدولية واحدة من هذه المنظمات ، بل
وجود 202 دولة أو شبه دولة فى هذه الأوليمپيات يؤشر لأنها فاقت الأمم المتحدة فى
شرعية الأصفار . ربما نقول هذه رياضة ومنافسة ودية ودعوة للسلام والتقارب
…إلخ ، لكن للأسف هذا ليس صحيحا بالمرة ، إنما هى طوال الوقت سياسة ×
سياسة = سياسة تربيع . لتسييس الدورات الأوليمپية تاريخ
طويل . ربما البداية فى عام ذروة المد
اليسارى ، الذى هو أيضا عام بداية انكساره ، 1968 ( تكلمنا عنه
مرارا فى صفحة الليبرالية ) . فى تلك
السنة كانت مظاهرات الطلبة فى پاريس ومصادمات شيكاجو الدامية وغيرها ذروة لمسلسل
تصاعدى من السنوات القليلة السابقة وكان أيضا احتلال الاتحاد السوڤييتى
لتشيكوسلوڤاكيا ، لكنه فى المقابل كان الكيل قد طفح بذاك المد
اليسارى الكاسح الذى بدأ بثورة أو هوجة الباستيل قبل مائتى عام ، وفى تلك
السنة عينها أغتيل كثير من رموز اليسار مثل مارتين لوثر كينج وروبرت كينيدى إما
لأن الكيل فاض وإما لأن اليسار وصل فى تطرفه لدرجة أن تقتل فصائله بعضها بعضا
بتهمة خيانة طبقة الپروليتاريا ، ولكن فى تلك السنة كذلك وقع الحدث الرمزى
الكبير والعلامة التاريخية الفارقة فى تحول العالم من اليسار لليمين ،
والمفاجئة لحد كبير وسط تلك المعمعة : انتخاب ريتشارد نيكسون ، وما
استتبعه كما نعلم من ثورة ثاتشرية‑ريجانية كاسحة ، ثم صحوة أميركية
وعالمية كبرى مضادة للتخلف والدين والشعبوية بأشكالها المختلفة بعد 11 سپتمبر 2001 . منذ تلك اللحظة
أصبحت الأوليمپيات مناسبة مغرية جدا للتظاهر السياسى . فى الدورة التالية
سنة فى 1972 فى ميونيخ اقتحم الفلسطينيون مقر البعثة الإسرائيلية فى القرية
الأوليمپية وقتلوا كل أعضائها ( اقرأ هذه القصة عندنا وشاهد لها صورة أيضا هنا ) . حين غزا
الاتحاد السوڤييتى أفجانستان قررت أميركا عدم الذهاب لدورة موسكو
1980 . فرد روسيا عليها بعدم حضور دورة لوس أنچليس 1984 ودون أى سبب إلا
الرد . وأخيرا وليس آخرا ها هى حاملة العلم الفلسطينى فى أثينا 2004 ترفع
بإصبعيها علامة الحرب فى حفل الافتتاح .
حين أشرنا لهذه الواقعة الأخيرة كشىء ناشز
واستثنائى ، كنا متفائلين أو ربما مخطئين . اليوم
( 19 أغسطس ، سادس يوم للألعاب ) أرسلت اللجنة الأوليمپية
الأميركية التى من الواضح سيطرة اليسار عليها ، ومن موقعهم فى أثينا حيث
يعترفون أو بالأحرى يزعمون بأنهم لم يشاهدوا ما يحتجون عليه ، وطبعا بإيعاز
من اللجنة الدولية الأكثر يسارية لأن موضوع الاحتجاج له عدة أسابيع فى العرض ولم
يسبق لهم الاعتراض ، اليوم أرسلوا خطاب احتجاج على استخدام الرئيس بوش فى أحد إعلاناته الانتخابية
لعبارة أن أضيفت خلال فترة ولايته دولتان حرتان للأوليمپياد . قالوا إن هذا خرق لحقوق استخدام علامة مسجلة ، بل قالوا
إنهم وحدهم أصحاب الحق فى استخدام كلمة ’ أوليمپيات ‘
( ! ! ! ) . طبعا لأنهم يساريون ولأن كل أصدقاءهم وحلفائهم من العالم الثالث أو بكتيره من الأممية الخامسة المسماة أوروپا
( مصطلح آخر لنا )
فهم يفهمون فى البيزنس . فالعلامة المسجلة التى لها حماية ليس كلمة
أوليمپيات إنما شكل الدوائر الخمس ، وإلا ألغيت كل الكتب والصحف والتليڤزيونات
والجامعات ومواقع الإنترنيت . الأدهى أن المحظور فيما يخص تلك العلامة ليس
أن تستخدم صورتها وتسميها باسمها وتكتب تحتها أنها ملك لفلان ، إنما أن
تنشئ لنفسك أو لشركتك علامة تشبهها ، كى تتكسب من هذا التشابه .
الأدهى وأدهى أن بوش لم يستخدم فى إعلانه العلامة الخماسية أصلا ، بينما لو
استخدمها لما كان عليه من حرج . لكنها كما قلنا سياسة × سياسة عالم ثالثية
شيوعية رخيصة لدنيا تدار بطيزها . الشىء الوحيد الذى لم يتطرق إليه أحد هو
المحتوى ( المهم المحتوى مصطلح آخر
لنا ) . الإعلان قال إن دولتين حرتين ستنضمان لأوليمپيات هذا
العام . فعلا أفجانستان كانت تحرمها الطالبان من ممارسة الرياضة ،
والعراق كانت عضويته معلقة فى اللجنة الأوليمپية الدولية . ما الخطأ فى هذا
أفيدونا أفادكم لينين وعمرو بن العاص !
بمناسبة الشعار وحقوق النسخ أنا معجب جدا بالعودة
لأكاليل الغار المصنوعة من أغصان الزيتون التى توضع على رءوس الفائزين ،
وكما تعلم كانت توضع على رءوس العائدين من الحروب منتصرين أو لأبطال الأوليمپيات
… إلخ
[ اقرأ لاحقا فى 28
أغسطس فى التليجراف القصة الطريفة لصراع قريتين كريتيتين على من تملك منهما
أقدم شجرة زيتون فى اليونان ، وقد تم التوصل لحل وسط أن يصنع من واحدة
أكليل غار بطلة الماراثون والتى ظفرت به نيجوتشى الياپانية كما تعلم ، ومن
الأخرى إكليل بطل الماراثون الذى سيتوج فى حفل الختام . هذا فقط للعلم بأن
ليست كل أكاليل الغار التى تراها هذه الأيام ذات قيمة متساوية !
وبعد ، هل من أحد لديه تقنية أشعة مقطعية لمعرفة عدد حلقات جذوع الأشجار
دون قطعها ؟ فليتقدم ! ] . ولا يقل عن هذا إعجابى بذلك الترسيم
( الجرافيك ) المعبر بالأزرق والأبيض والذى يطالعنا فى كل مكان ،
والذى لففت كل الموقع الرسمى للبطولة
لأعرف كلمة واحدة عنه أو عن صاحبه فلم أجد للأسف . كونى أحط صورة له هنا أنا
لم أخرق حقوق النسخ لأحد ، فهو حتى ليس صورة فوتوجرافية لها صاحب يبحث عن
أجره أو لا يزال يتمسك بحقوقة ولازم أدفع لوكالة صور أو كده ، بل هى پوستر
موزع للتعميم مجانا وللأبد ، فقط بالشروط العامة جدا التى تسرى على كل أصول
التعميم الإعلامى ، كأن لا أعدل فيه مثلا ، وكلمة © أو ® أو ™ المحطوطة جنبه تكفى
بالغرض . وفى البلاد المتقدمة لو موش موجودة أنا ملزم بكتابتها ، وفى
بلادنا لا يلزمك أحد بكتابتها لكن عليك احترام معناها طبعا وإنها موجودة حتى لو
لم تكتب . إمتى بقى أكون بأسرق : لو إعجابى
بالشعار خلانى مثلا أطبعه على فانلات وأبيعها ، أو خلانى أعمل مخصوص شركة
لزيت الزيتون وأحطه على القزايز ! ملحوظة أخرى : عن كتابة كلمة أثينا باليونانية
على الپوستر ،
فى نسخته الأكثر انتشارا ورسمية ، أقول إن لى رأيا سلبيا فى ذلك الاستخدام
المحدود جدا للغة اليونانية فى حفل الافتتاح أو نسبيا فى الدورة ككل ، حيث
هناك تحاش واضح لأى غلبة لها على الإنجليزية . أما إللى على الأقل درسوا
رياضيات أو هندسة زينا من غير ما يدرسوا لغة يونانية ، كان لهم متعة إضافية
فى حفل الافتتاح أنهم عارفين كل الحروف الأبجدية وفاهمين ترتيب الدول ويتوقعوا
أى دولة إمتى وهكذا ! ما زال من الواجب تذكيرنا أن اليونانية حتى اليوم
هى لغة العلم ، وأخصه العلوم الطبيعية . رموزه ألفا وبيتا وجاما ودلتا
A, B, C, D و a, b, c, d أو الأكثر ألفة Α,
Β,
Γ,
Δ و α, β, γ, δ ، هى التى أصبحت a, b, c, d وأصبحت أ ب جـ د . وكل ما حدث
الآن أن دخلت الدول المضمار الأوليمپى بالترتيب الأصلى للغة الحضارة ! [ موجهو حفل الختام تليڤزيونيا ،
استخدموا اليونانية بجانب الإنجليزية فى الفيلم التلخيصى السابق على
العرض . بأقول كده ليه ؟ لأن اليونانية القديمة هى أم اللغات
اللاتينية المعاصرة وخالة أو جدة لسائر اللغات الغربية الأخرى عامة . كثير
جدا من الكلمات يسهل نطقها وفهم معانيها لمن يعرف الإنجليزية أو غيرها
كثير ، وطبعا فى الفيلم ده اختاروا كلمات واضحة جدا بتشرح نفسها .
بكده صححوا غلطة كبيرة استمرت طوال الدورة ، ألا وهى إهدار المدلول الثقافى
الكبير لأن اليونان ، ليس بفلسفتها وعلمها فقط أم حضارتنا المعاصرة ،
إنما بلغتها أيضا . الموضوع ده كان غايظنى طوال الدورة ، وعلشان كده
انبسطت جدا جدا جدا ، طبعا لغاية ما ظهرت رانيا علوانى ودى قصة تانى مكتوبة
تحت ! ] . ملحوظة ثالثة قد تلوح ذات صلة بذاك الكلام فى السياسة ،
وإن كان الأرجح أنها لا ترتبط مباشرة بالمناخ المعادى لأميركا فى اليونان أو
وراء البحار عامة . الملخصات التليڤزيونية اليومية ، تخلو من
لعبتين بالتحديد كرة القاعدة
( بيسبول ) والكرة الطرية ( سوفتبول ) ،
بمناسبة الألعاب غير الجماهيرية إلا فى مناطق
بعينها ، كتير من المصريين فضلوا عايشين على وهم غمرنا بيه الإعلام
سنين ، أن لعبة البادمنتون badminton أو ما يسمى كرة الريشة ، هى من اختراع
واحد مصرى ، وأنه صاحب أول اتحاد قومى لها وهو مؤسس الاتحاد الدولى
…إلخ ، إلى أن اتضحت الخرافة للكثيرين مع تسليط الأضواء عليها كثيرا من
خلال الملخصات . وكلنا كنا مغفلين واتخدعنا ولا واحد فينا فكر يفتح
كتاب ، وطبعا ما كانش فيه إنترنيت أيامها . الأدق كمان من كل ما قيل
أن أصلها الحقيقى يونانى قديم ، أما الحديثة منها فقد اخترعت فى الهند فى
منتصف القرن التاسع عشر ، أو بالأحرى تناسخت من لعبة قديمة عندهم تدعى
پوونا ، ثم كما تعلم أصبحت البادمنتون لعبة أوليمپية منذ برشلونة
1992 . الشخص المصرى إياه ده جايز كان يعرف حد من الاتحادات بره ، أو
جايز ‑وهو الأرجح‑ أنه اخترع الجوودمنتون ! …
اليوم الأخير : 29 أغسطس : عودة
’ للعكننة ‘ : كما بدأنا بها ننتهى بها . لن نحدثك عن
الماراثون ولا الجمباز الإيقاعى ولا فنيات حفل الختام . قد لا نقاوم وضع
بعض الصور هنا أو هناك ، أما الكلام فكما بدأ الكلام بالحجاب سينتهى
بالحجاب ، لكن هذه المرة الأمور أخطر بمراحل .
محجبة أخرى فى حفل
الختام . إنها رانيا علوانى المصرية . الاعتراض هذه المرة ليس على الحجاب بل على أشياء
كثيرة وراء الحجاب . أولا ذات الاعتراض المكرر عندنا على شرعية
الأصفار . سبب ظهورها خلف رئيس اللجنة الأوليمپية وهو يلقى كلمته ، هى
أنها والآخرين مثلها قد انتخبوا فيما يسمى لجنة الرياضيين التابعة للجنة
الأوليمپية الدولية . ربما تبرر انتخاب هشام القروج ، هو أنه حاصل على ذهبيتين
لم يجمعهما أحد ( 1500 و5000 متر ) فى ذات الأوليمپيات منذ الفنلندى
بآڤو نورمى سنة 1924 ، وأنه من بلد عالم ثالث أى مكافح يحقق
الكثير ، زائد دراما أن حقق هاتين الميدالتين فيما أسمته النيو
يورك تايمز فداء أو كفارة لخذلانه بلاده وشعبه من قبل حسب قوله ، زائد
أن إنجازه هذا نال تغطية هائلة الحجم فى أعلى وأرقى المنابر الإعلامية عالميا
التى يعتبر ذكر كرم جابر أو حتى آل مكتوم فيها صفرا مطلقا . لكن ماذا عن
رانيا علوانى ، إنما لم تحصل فى كل تاريخها على ميدالية أوليمپية واحدة ولو
برونزية . لكن فى عالم يدار من
طيزه إن لم تحصل على ميداليات بالرياضة فلتحصل عليها بالانتخابات ، وما أكثر أصوات الأصفار فى المؤسسات الدولية ، تشد بعضها بعضا
كالبنيان المرصوص . والأدهى أن دوما الأفضل فى المؤخرة والقروج الأخير فى
الأصوات ! المشكلة أن الحجاب ليس مجرد زى
أو حرية شخصية ، بل هو رؤية للعالم وللذات وللغير ، وبرنامج كراهية
و’ ولاء وبراء ‘ شديد الأيديولوچية ، بمعنى أن لديها كل شىء
محسوم سلفا ، وقطعا هى لا تتسامح ولا تتهادن .
حتى تضع نفسك فى الصورة اقرأ تفاصيل هذه الانتخابات‑المهزلة
فى قصة قناة الجعيرة هنا والتى لم
تخف فيها الشيخة رانيا
أچندتها الدينية الصريحة فى مؤسسة تعلن ليلا نهارا أنها
تروج للتفاهم والتسامح والسلام لكل العالم . تقول فضيلتها بكل وضوح إنها
تشجع الرياضة لأن بعض الألعاب لا يتعارض مع الدين ، بما يعنى طبعا أن
الغالبية الكاسحة منها ضد الدين ( أما كيف اختيرت علوانى أصلا لعضوية
اللجنة ذاتها قبل عامين فسنتركها تحكى لك بنفسها كيف تم التلويب المصرى‑الأفريقى‑الإسلامى
المبروك المبارك هنا ) . قد نقول هذه مجرد فضيحة أخرى من فضائح الأصفار قامت
والقوالب نامت ، فضائح الأمم المتحدة وشبيهاتها ، وقد نقول إن لحسن
الحظ أن أحيانا نادرة حين ’ تتكلم النقود ‘ كما يقولون تخرس الأصفار ،
وإلا لكانت مصر البارعة جدا فى التلويب قد حصلت على كأس العالم لكرة القدم أيضا
( قصة طويلة مؤسفة أخرى تابعناها
بإسهاب ) . لكن الحقيقة أن ظهور رانيا علوانى فى حفل الختام يحمل
مدلولات أخطر بكثير مما قد يخطر ببال أحد !
طبعا لك أن تتخيل أن قرار ظهورها على الهواء
بحجابها على منصة الصدارة أمام بلايين المشاهدين ، هو أيضا قرار اتخذ
بالأغلبية ، أغلبية الأصفار ، فى منظمات التى لا صوت لأحد فيها إلا
للأصفار . للأسف أنا حتى أرى الأمور أسوأ من ذلك بكثير . ولك أن تبشر
قريبا بأن ستكون هناك كرة طائرة للشواطى بالنقاب والجلباب ، والخطة بسيطة
وسهلة : أن اجعلوا الملابس محتشمة حتى تمارسها بنات الإسلام . وحين
تصبح محتشمة ولا يمارسها أحد تتم المطالبة بمزيد من الاحتشام ، وهكذا حتى
نصل للنقاب أو الخيم الوهابية أو للشادور الطالبانى ، ثم للإلغاء التام فى
خاتمة المطاف . قد تقول هذه مبالغة ، لكن هذا بالضبط ما سمعته قبل عشر
سنوات فقط حين كنت أقول إن إعلامنا ومدارسنا وأجهزتنا الحكومية ستتأسلم عما
قريب ، ودون الحاجة لأية قرارات فوقية أو قوانين أو تعديلات دستورية .
وطبعا الكثيرون أعلم منى بأساليب التسلل الأخوانى للأجهزة . الآن أنا لا
أستبعد أن الحاجة رانيا بحكم التخصص ، هى التى كانت وراء الترويج
’ لمفاجأة ‘ مايوه السباحة الجديد ، لكن لسوء حظها أن كان الأمر
مفاجأة لها قبل أى أحد آخر ، لأن التصميمات جاءت أكثر عريا واقترابا من
عراقة وشموخ ووقار وكرامة التقاليد الأوليمپية القديمة كاحتفالية طقسية مقدسة كل
أربع سنوات بعظمة وبهاء وجلال الجسد الإنسانى ، ألا وهى طبعا التبارى فى
عرى تام . إن الشيخة رانيا علوانى كواحدة
من شهيرات العرب اللاتى تمت أسلمتهن من البيكينى إلى الخمار ، بظهورها
بأچندتها الإسلامية الصريحة المعادية للرياضة ضمن القيادات العليا للأسرة الأوليمپية
العالمية فى ختام دورة أثينا 2004 ، هو أكبر استعراض للقوة حتى اللحظة من
جانب التنظيم العالمى للأخوان المسلمين لمدى التغلغل الإسلامى فى اللجان
الأوليمپية الدولية . من قبل كان وجود رانيا علوانى ومثيلاتها حيى
خفى ، أما الآن فهو سافر ومتحدى . الدول الإسلامية تبلغ نحو 60 دولة
لها ستين صوتا كاملة الأوصاف ، والأسوأ أنهم يتكاثرون بمعدل دولة كل
أسبوع . ولن استغرب على وجه الإطلاق إن أعاد التاريخ نفسه ، وكما
ألغيت الأوليمپيات القديمة على يد المسيحية ، أن ستلغى الأوليمپيات الحديثة
برمتها قريبا على يد الإسلام ! ( ذلك القس الأيرلندى المهوس الذى أمسك
ببطل الماراثون البرازيلى لم يشأ إلا أن يذكرنا بالتاريخ الذى مضى ، والست
رانيا بعد سويعات قليلة لم تشأ إلا أن تتوعدنا بما هو آت ! ) . للأسف بهذه الصيحة history
repeated نقدم لك أسوأ ختام ممكن لدورة بدت لنا
على السطح عظيمة وممتعة ، لكن ما يعتمل تحت هذا السطح هو أكثر سوادا مما
يخطر بالعقول . أو فقط كاستطراد لما سبق وقلناه عن أن
’ السيستم ‘ المصرى سيكون بحلول 2008 قد استوعب كل حملة الميداليات
المصريين هؤلاء ، ولم يعودوا حملة لأى شىء ، نضيف : وتكون نهلة
رمضان قد تحجبت ! اكتب رأيك هنا |
| FIRST | PREVIOUS | PART IV | NEXT
| LATEST
|